ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 31/08/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


مخيم اليرموك.. بين المدنية ومتطلبات المخيم

أحمد مصطفى الباش/ دمشق

حين تعلم أن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) لا تعترف بمخيم اليرموك على أنه مخيم قد تستغرب ذلك! سبب هذا الاستغراب، هو أن مخيم اليرموك أكبر مخيم للاجئين الفلسطينيين في الداخل والخارج. والأونروا نفسها تقوم بتقديم أكبر الخدمات للمخيم في إطار عملها. ولعل الواقع التعليمي فقط يدلّ على ذلك، فهي تدير 28 مدرسة في هذا المخيم.

يتميز اليرموك عن غيره من المخيمات الفلسطينية بسرعة الحركة التأثر والتأثير. وذلك لعدة عوامل، أهمها: المكان والزمان والواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي وفوق كل هذا الإنسان. فالإنسان في هذا المخيم، يعتبر الأكثر انفتاحاً من غيره على الآخر ولهذا الانفتاح أسبابه.

وفي تفاصيل الحديث عن المخيم، قد نتعرف إلى تلك الأسباب.

 

الموقع: يقع مخيم اليرموك على مسافة 8 كم من مركز العاصمة السورية دمشق، ويعتبر المخيم ضمن الحدود الجغرافية للمدينة.

يشبه مخيم اليرموك في الشكل المثلث رأسه بداية المخيم وقاعدته نهاية التوسع العمراني الحديث. أما حدود المخيم القديم الذي استأجرت أرضه الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين، فهي من الشمال (حي الميدان) ومن الغرب أراضي منطقة (القدم) وإلى الجنوب مدينة (الحجر الأسود) وأراضي قرية (يلدا)، أما من الغرب فمنطقة حي التضامن الذي يعتبر جزء منه تابعاً لبلدية المخيم. ويتبع المخيم القديم. بعض الأحياء الملحقة كامتداد له، وهي (حي التقدم، وحي الثامن من آذار، وحي العروبة).

 

التسمية: يقال إن الذي أطلق عليه اسم اليرموك هو الحاج أمين الحسيني أثناء زيارة قام بها للمخيم في بداية إنشائه. وذلك حسب مصادر بعض أبناء المخيم. والتسمية جاءت تيمناً بمعركة اليرموك الشهيرة، لعل ذلك يعطي للمخيم نصيباً من اسمه.

 

النشأة: أنشئ المخيم بين عامي 1954-1955 حين قامت الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب التابعة حينها لوزارة الداخلية باستئجار أرض من الملاّكين السوريين (آل الحكيم) تابعة لمنطقة شاغور بساتين، فوزعت الأراضي على اللاجئين الفلسطينيين القادمين من الأحياء الدمشقية خاصة (حي الأمين – الأليانس)، ودفعت وكالة الغوث أثناءها مبلغ (300 ل. س) للعائلة الواحدة كمساعدةً عاجلة للبناء.

 

المساحة: يقع المخيم على مساحة تُقدَّر بـ 2,110,000 متر مربع. وتزداد هذه المساحة بسرعة نتيجة التوسع العمراني المستمر.

 

عدد السكان: إن إجمالي عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين بتاريخ 30 حزيران (يونيو) 2002 بلغ 112,550 نسمة، علماً بأن عدد اللاجئين غير المسجلين يقدر بعشرات الآلاف جاء معظمهم خلال مسيرة العمل الوطني الفلسطيني منذ عام 1965 من الأردن ولبنان والضفة الغربية وقطاع غزة ونتيجة الحروب العربية مع الكيان الصهيوني. الأوساط الفلسطينية في المخيم تقدر عدد سكان مخيم اليرموك من اللاجئين الفلسطينيين بـ 220,000 لاجئ. وبذلك يكون مخيم اليرموك أكبر المخيمات الفلسطينية على الإطلاق بعدد السكان في الداخل والخارج.

 

الكثافة السكانية: نظراً لضيق المساحة وكثرة اللاجئين، فإن الكثافة السكانية في مخيم اليرموك عالية جداً حيث تناهز عشرة أشخاص في المتر المربع الواحد.

 

الفئة العمرية: المجتمع الفلسطيني في الغالب مجتمع فتي، وهذا ينطبق حكماً على هذا المخيم. وللدلالة على ذلك فإن نسبة كبار السن من شهود النكبة (فوق 60 سنة) فيه لا تتجاوز 7%.

 

الجذور الفلسطينية لأهل المخيم: ينحدر أبناء مخيم اليرموك من الجليل والمدن الساحلية ومنطقة بحيرة طبرية وسهل الحولة، وغالبيتهم من حيفا ويافا وعكا والناصرة وصفد وطبرية وقراها، مع وجود بعض العائلات من قطاع غزة واللّد والرملة والخليل والقدس، ويتجمعون في بيوت متقاربة، وهو من أسباب إطلاق أسماء قراهم على أحياء المخيم مثل (حارة الجاعونة وحارة الطيرة وحارة صفورية.. إلخ).

 

التطور العمراني للمخيم: لم ينشأ مخيم اليرموك عام النكبة (1948)، وبالتالي لم يعش سكانه في الخيام. بل أنشئت المنازل من اللبن أحياناً وفي غالبيتها من البلوك، وإن اختلفت الأسقف، فمنها ما كان من الخشب، ومنها ما كان من الإسمنت المسلح. ولكن سرعان ما تطور وأصبح كله من الإسمنت المسلح، خاصة مع بداية السبعينيات من القرن الماضي. ومع وجود مجلس محلي (البلدية) حدد البنيان والرخص التي تسمح بإقامة عدة طبقات، وقد سرّع ذلك عاملان: الأول تلك الموجات الكبيرة التي وفدت إلى المخيم في فترات متعاقبة ليس بينها فاصل زمني كبير. والثاني حجم العائلة الفلسطينية التي احتاجت إلى التوسع العمراني العمودي ليتيح للأولاد مساكن جديدة تتسعهم.

 

البنى التحتية للمخيم: يُعدّ المخيم من المخيمات التي تكاملت فيها كل الخدمات الأساسية من صرف صحي إلى المياه والطرقات والكهرباء والهاتف والمدارس والمستشفيات ودور الحضانة والروضات وغير ذالك من الخدمات الأخرى.

إن أكثر ما يعانيه سكان المخيم هو عدم وجود متنفس لهم، أي الحدائق العامة، وهذا بسبب التوسع العمراني غير المرخص، الذي لم يأخذ بالحسبان مثل هذه القضايا، ومن المعاناة المعضلة في المخيم اكتظاظ المقبرتين في المخيم، وللآن لا حل سوى الدفن في القبر الواحد أكثر من جثمان (بعد دفن الأول بسنوات).

 

الناحية الاقتصادية: هناك داخل المخيم شارعان رئيسيان (شارع فلسطين وشارع اليرموك)، وشوارع فرعية هامة (شارع لوبية)، تمتلئ بالمحالّ التجارية وتزدحم بسيارات الأجرة والحافلات الصغيرة. وهذا ساعد على وجود أعمال داخل المخيم كالمحالّ التجارية والمطاعم، إضافة إلى المستشفيات والمعاهد التعليمية. ويعمل العديد من اللاجئين في اليرموك أطباء ومهندسين وموظفين مدنيين. ويعمل آخرون عمالةً مؤقتة وباعة متجولين. وبشكل عام، تبدو ظروف المعيشة في اليرموك أفضل بكثير من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين الأخرى في سورية والبلاد العربية.

 

الناحية الصحية والأمراض المزمنة في المخيم: يوجد في مخيم اليرموك أربعة مستشفيات وثلاثة مراكز طبية تابعة لوكالة الغوث، إضافة إلى العديد من المستوصفات والمئات من العيادات الطبية. أما الأمراض التي يعانيها أبناء المخيم بشكل عام فهي الضغط الشرياني والسكري والسرطانات التي انتشرت كثيراً في الآونة الأخيرة.

 

واقع التعليم في مخيم اليرموك: تدير الأونروا في مخيم اليرموك 28 مدرسة: 20 مدرسة ابتدائية (6-12 سنة)، منها عشر للبنين (8869 تلميذاً) وعشر للبنات (7729 تلميذة)؛ وثماني مدارس إعدادية (12-15 سنة)، أربع للبنين (3887 تلميذ) وأربع للبنات (4020 تلميذة) إضافة إلى ثانويتين حكوميتين واحدة للبنين وأخرى للبنات، وهما لا تكفيان لسدّ حاجة المخيم، ما يضطر المئات من أبنائه للتسجيل في مدارس تقع خارج المخيم، وخاصة ذات الاختصاصات الأخرى (الشرعية والفنية والتجارية وغيرها).

إن ما يعانيه سكان المخيم من الناحية التعليمية هو اكتظاظ الصفوف في المدارس، حيث يصل عدد طلاب في الصف الواحد أحياناً إلى 50 طالباً. وهذا ما يؤثر على مدى استيعاب الطلاب وعلى أداء المعلم، ما يدفع الطلاب إلى المعاهد الخاصة التي يكتظ بها المخيم والتي ترهق الأهالي بأعباء مالية إضافية.

 

لجان التنمية الاجتماعية في المخيم: في المخيم لجنة تنمية تابعة للهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين، لكن هذه اللجنة لا يكاد ابن المخيم يشعر بحركتها على الأرض، وذلك لوجود فصائل العمل الوطني الفلسطيني كافة والمؤسسات واللجان الأهلية المتعددة الاختصاصات، إضافة إلى الجمعيات والمركز الاجتماعية والتراثية في المخيم وفاعليتها على الأرض بكثافة واسعة.

 

(الأونروا) في مخيم اليرموك: رغم عدم اعتراف الأونروا بمخيم اليرموك الذي أخذ طابع المدينة المنفتحة، إلا أنها تقدم الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية، وترعى الأونروا مركزين لبرامج المرأة التي تقدم الأنشطة التي ترتقي بالمرأة، إضافة إلى الروضتين في هذين المركزين، فعملها متكامل إلا من خدمات البنى التحتية للمخيم، وهذا ما يميز المخيمات المعترف بها عن غير المعترف بها.

 

دور الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين: للهيئة دور هام في هذا المخيم، ومن أهمه المجلس البلدي ولجنة التنمية والسجلات المدنية ورعاية النشاطات السياسية والثقافية والاجتماعية والأهلية، وذلك لارتباط الهيئة بوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وبوزارات أخرى في الجمهورية العربية السورية، وبوصفها الراعي الأول للاجئين الفلسطينيين في سورية.

 

الحراك الثقافي والسياسي: بوصفه التجمع الأكبر للاجئين الفلسطينيين في الساحة السورية، فإنه شكل ويشكل الثقل الأكبر في العمل الثقافي والسياسي الفلسطيني في الساحة السورية. فوجود الفصائل كافة بدون استثناء وأكثر من عشرين لجنة تعنى بحق العودة، والعديد من المؤسسات الثقافية والاجتماعية، ووجود مركز ثقافي في المخيم، كل ذلك عكس حالة ثقافية وسياسية نشطة، وخاصة إذا ما ألمّ بالشعب الفلسطيني حدث ما (وما أكثرها من أحداث!).

المركز الثقافي العربي في المخيم، من أنشط المراكز الثقافية في سورية، ولا يكاد يخلو يوم من دون نشاط ما فيه، بل قد يجتمع في اليوم نفسه أكثر من نشاط ثقافي أو فني أو سياسي.

ومع تداخل السياسي بالثقافي في هذا المخيم لا بد أن نستذكر صوراً لا يمكن أن تُمحى، صور مواكب الشهداء التي ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بالمخيم والتي شارك فيها أبناء المخيمات كافة، والشعب السوري الشقيق، والتي وصلت إلى نصف مليون شخص، من المشيعين، وخاصة تشييع الشهداء القادة وتشييع جثامين تبادل الأسرىالتي كان لها الأثر الكبير في إحياء المخيم من جديد كلما كانت تخبو نيرانه.

إن الحديث عن مخيم بهذا الحجم وهذه الفاعلية وهذا التاريخ المعمد بآلاف الشهداء وبعشرات القادة الذين خرجوا من هذا المخيم يصعب أن نلخصه في صفحات، لكن هذه الأسطر هي للتذكير فقط، وهي لإعطاء صورة مبسطة صغيرة عن مخيم يقدم كل يوم صورة جديدة عن مدى تأثره وتأثيره في الأحداث التي تلم بالشعب الفلسطيني عبر مسيرته الطويلة.

ـــــ

المصدر : مجلة العودة 8/2009

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ