ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 30/08/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


في زحف ثقافة النهب

فهمي هويدي

هذه ظاهرة مؤرقة تحتاج إلى دراسة، ذلك أننا في هذا الزمن لم نعد نفاجأ بحوادث النهب التي يمارسها الكبار، لكن يبدو أن النموذج الذي قدموه، والانقلاب الذي حدث في منظومة القيم السائدة في مصر، فتح شهية فئات أخرى لممارسة النهب، وبعض هذه الفئات كانت أبعد ما تكون عن الشبهة. خذ مثلا هذا الخبر الغريب الذي نشرته صحيفة «الشروق» في 11 أغسطس الجاري، الذي تحدث عن قيام جهاز التفتيش القضائي بوزارة العدل باكتشاف تشكيل عصابي يقوده لواء شرطة سابق، ومعه عشرة آخرون احتالوا على القوانين التي تقيد بيع الأراضي للأجانب في سيناء، وباعوا نحو ألفي قطعة أرض وفيللات وشققا سكنية للإسرائيليين، وتبين أن اللواء السابق زار إسرائيل لترتيب عملية البيع التي ظلت مستمرة لمدة 4 سنوات.

خذ كذلك ما نشرته «الشروق» أيضا في العدد نفسه، عن اشتراك ثلاثة ضباط شرطة في كفر الشيخ، أحدهم معاون المباحث، مع أحد الأشخاص في تجارة الآثار، ثم اختلافهم معه حول حصيلة البيع، الأمر الذي تطور إلى اشتباك انتهى بإطلاق النار عليه وقتله.

خذ أيضا الخبر الأغرب الذي نشرته صحيفة «الدستور» في 18 يوليو الماضي، وذكر أن النيابة أمرت بحبس ضابط شرطة برتبة رائد يعمل حاليا رئيسا لقسم التحقيقات بقسم شرطة بولاق الدكرور في قلب القاهرة، بعد اتهامه بتزعم تشكيل عصابي كان يتولى اقتحام الشقق المفروشة وإيهام شاغليها بأنهم من رجال أمن الدولة، ثم الاستيلاء على بعض محتوياتها.

في الخبر أن التشكيل ضم ضابط شرطة مفصولا، ومسجلا خطرا، وميكانيكيا، وتبين في التحقيق أن الضابط ذهب بثيابه العسكرية إلى شقة بمنطقة الهرم تسكنها آسيوية، قيل لها إن أمن الدولة تشك في تعاملاتها المالية وعلاقتها بالإرهاب، وأثناء التفتيش استولوا على جهازي كمبيوتر وهاتفين محمولين وكاميرا ديجيتال و٢٨٠٠جنيه مصري إضافة إلى 287 دولارا.

وقد كرر الأربعة نفس العملية مع مصري عائد من الإمارات واستولوا منه على مبلغ 25 ألف درهم وبعض المصوغات، وذهبوا إلى شقة ليبي وأوهموه باستدعائه لأمن الدولة، لكنهم لم يجدوا لديه ما يمكن سرقته.

الأمر ليس مقصورا على ضباط الشرطة بطبيعة الحال. لأن «الأهرام» نشرت في 26 أغسطس الجاري أنه ألقى القبض على ثلاثة من مفتشي التموين في محافظة 6 أكتوبر. نظموا حملة وهمية لحسابهم الخاص على محلات البويات، لابتزاز أصحابها والحصول منهم على رشاوى، إذ كانوا يخبرونهم بأنهم موفدون من قبل وزارة التضامن الاجتماعي التي يعملون بها. في حين يدخلون إلى المحلات لتحرير المخالفات بها، يساومون أصحابها على مبالغ يدفعونها لغض الطرف عن تلك المخالفات، ويستولون عليها.

لا يقل عما سبق غرابة ذلك التقرير الذي نشرته «الشروق» في 11 يوليو الماضي عن المخالفات التي رصدتها الرقابة الإدارية في مديرية التربية والتعليم بمحافظة المنيا، فقد كشفت عن أن أجهزة التصوير والفيديو والتسجيل والحواسب والشاشات الحديثة معطلة وملقاة في المخازن، رغم أن قيمتها تجاوزت مليوني جنيه. في حين كان مدير الشؤون المالية بالمديرية يستأجر أجهزة من الخارج في المناسبات المختلفة ـ

تبين أيضا أن المسؤولين بإحدى المدارس الثانوية قاموا بتأجير ملعبها وناديها (الكافيتريا) للحزب الوطني دون أن يودعوا قيمة الإيجار في حساب المدرسة، وتبين كذلك أن الموظفين استولوا على 200 ألف جنيه كانت مخصصة لصيانة الأثاث وأن المدرسين الذين يعطون دروسا خصوصية للتلاميذ استخدموا مقار المدارس لحسابهم، مدعين أنها فصول للتقوية.. إلخ.

وجاء في «أهرام» 26 أغسطس الجاري أيضا أن محكمة جنايات القاهرة أيدت قرار النائب العام بالتحفظ على أملاك سبعة من أعضاء مجلس إدارة جمعية لتقسيم الأراضي، كانوا يتسلمون الأراضي من وزارة الزراعة، وبدلا من أن يقوموا بتوزيعها على المواطنين، فإنهم كانوا يبيعونها لأنفسهم، وقد بلغت قيمة ما تم الاستيلاء عليه 80 مليون جنيه.

إن ثقافة النهب يتسع نطاقها حينا بعد حين، ويبدو أن كثيرين لم يعودوا يتورعون عن الاستيلاء على كل ما طالته أيديهم، بالوسائل المشروعة أو غير المشروعة، لذلك أزعم أننا بصدد «ظاهرة» تحتاج إلى دراسة لتحديد مصادرها الحقيقية.

وإذا كنت قد استبقت وأشرت في البداية إلى الدور الذي لعبه نهب الكبار في إفساد المناخ العام وإلى إسهام انقلاب منظومة القيم في تشكيل الظاهرة، فأغلب الظن أن أهل الاختصاص يستطيعون تقديم تحليل أفضل وأعمق.

وأخشى ما أخشاه أن يقول قائل إن المشكلة في الكبار، ومن أراد أن يستأصلها فليتصدَّ لهم أولا، وهي ملاحظة محرجة، لأننا حينذاك سنقف مكتوفي الأيدي، وسنسكت عن الكلام المباح.

ــــــــــ

*المصدر : صحيفة الرؤية الكويتيه 29/8/2009

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ