ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 23/08/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


تغيير بسيط 
في عنوان الحقيقة

فهمي هويدي

أخطأ جماعة حزب الوسط ثلاث مرات،

مرة لأنهم أرادوا أن يشكلوا حزبا مدنيا،

والمرة الثانية لأنهم أرادوه بمرجعية وسطية إسلامية،

والمرة الثالثة لأنهم ظنوا أن قرار مفوضي مجلس الدولة بتميز برنامجهم عن غيره من الأحزاب يعني أنهم حصلوا على ضوء أخضر يضمن لهم الانتقال من الحظر إلى الإباحة.

لا أعرف إلى أي مدى فوجئوا بقرار عدم التصريح لهم للمرة الرابعة بإقامة الحزب، لكن الذي أعرفه أن الوضع الراهن في مصر لا يريد حزبا حقيقيا، ولكنه يفضل هياكل كاريكاتورية شبيهة بالأحزاب الــ 24 المتوافرة لدينا، وهي التي تتمتع بـ«مرونة» تسمح لها بأن تتحول عند اللزوم إلى أجنحة مساعدة للحزب الوطني الحاكم، ثم إن حكاية الوسطية الإسلامية باتت تثير حساسية لدى أجهزة الأمن، لأن انتشار تلك الدعوة سواء من خلال الحزب أو غيره من شأنه أن يغلق دكاكين كبرى تعيش على التطرف الذي أصبح المبرر الوحيد لوجودها.

وإذا طويت صفحته فإن تلك الجهات ستصبح بلا عمل، وأشخاصا كثيرين سيبحثون عن مورد رزق آخر، هذا إذا لم يعثروا على «فزاعة» أخرى تثير قلق النظام وتقتضي الاستنفار المستمر.

أما إحسان الظن بقرار هيئة مفوضي مجلس الدولة وتوهم أن إنصافه لبرنامج الحزب يشكل وثيقة يمكن أن تحسم مصيره وتؤدي إلى إجازته، فهو تعبير عن براءة مفرطة، ودليل على أن بين الراغبين في الاشتغال بالسياسة أناسا لم يستوعبوا بعد قواعد اللعبة السياسية في مصر المحروسة. ولديهم قدر من حسن النية جعلهم يصدقون بعض الأقوال الشائعة التي تدعي مثلا أن حكم القضاء هو عنوان الحقيقة، وهذه الأخيرة من بين المقولات التي رددها أهل «السلف» من رجال القانون يوما ما، ممن يدركون أن الدنيا اختلفت وأن «العنوان» فقط هو الذي تغير، فانتقل من القضاء إلى الأمن والذين قرأوا كتابات جورج أورويل الأديب البريطاني أقدر على استيعاب هذا التحول لأنه في إحدى رواياته وصف وزارة الداخلية والأمن بأنها وزارة الحقيقة.

حتى بعض القضاة عندنا لايزالون يعيشون في ظل ذلك الوهم، فقد قرأت في جريدة «الشروق» (عدد 6-8) أن محكمة القضاء الإداري بالفيوم أمرت باعادة مدرس إلى عمله، وإلغاء قرار وزير التعليم بفصله بناء على تعليمات أمنية، بدعوى أن المدرس منضم إلى جماعة الإخوان،

وجاء الحكم الذي أصدره المستشار محمد حسين خالد أن المدرس (جمعة أحمد) فوجئ بصدور قرار يمنعه من التوقيع ومن دخول المدرسة التي يعمل بها، حتى لا يختلط بالتلاميذ بدعوى (الحفاظ على الأمن العام)، وهو ما اعتبرته المحكمة عاريا عن الشرعية، فقضت بأن فصل المدرس من عمله إجراء غير قانوني، لأنه استند إلى تحريات جهات الأمن التي جاءت للتعبير عن هوى شخصي، في حين أنه ليس في نصوص القانون، ما يتطلب أخذ موافقة الجهات الأمنية لتعيين المواطنين في الوظائف الحكومية.

لا تسأل عن مصير الحكم، في ظل أجواء الحرية الراهنة التي تتيح للقضاء، كما تتيح للصحافة، أن يقول ما يشاء كما أن للأمن أن يفعل ما يشاء.

هذا الكلام ليس فيه أي مزح أو مبالغة، آية ذلك أن مجلس الدولة أصدر حكما منذ شهرين بالإفراج عن 13 شخصا من الإخوان، بعد أن قضوا ثلاثة أرباع المدة (كل واحد كان عليه حكم بالسجن لمدة 3 سنوات)، ورغم أن أحكام مجلس الدولة طبقا للقانون نافذة المفعول وواجبة النفاذ ولا يوقف تنفيذها أي إشكال، فإن الداخلية رفضت إطلاق سراحهم، واحتالت لعدم تنفيذ الحكم، فقدمت بالمخالفة للقانون استشكالا أمام محكمة غير مختصة لمعارضة خروجهم، ولعدم اختصاص المحكمة، فإن نظر القضية تأجل، وبقي الجميع في السجن لم يغادروه.

تحدي الأحكام القضائية بلغ ذروته حين قررت محكمة جنايات القاهرة هذا الأسبوع إطلاق سراح معتقلين من سراي المحكمة في مقدمتهم الدكتور محمود حسين الأستاذ بكلية الهندسة، وهو ما كان يعني أنه لا توجد بحقهم أي شبهة إدانة، والأمر الذي فاجأ الأجهزة الأمنية التي لم تكترث بالحكم، ولم تأبه به فحملت المجموعة إلى سجن طرة، فيما يعد «اختطافا» لأنهم كان ينبغي أن يعودوا إلى بيوتهم مباشرة.

هؤلاء جميعا كانوا بدورهم دعاة الإسلام الوسطي، لذلك فلم يفاجئني قرار لجنة شؤون الأحزاب رفض طلب إنشاء حزب الوسط، لأن المفاجأة الحقيقية أن وكيل مؤسسيه المهندس أبوالعلا ماضي استدعي لحضور اجتماع اللجنة، ولم يستدع إلى نيابة أمن الدولة، ثم عاد إلى بيته ولم يلحق بسابقيه إلى سجن طرة، وهي مكرمة لم يقدرها الرجل، الذي سمعته محتجا في بعض الفضائيات، في حين كان ينبغي عليه أن يبعث إلى «جماعتنا» ببرقية شكر. وربما كان ذلك خطأ رابعا أرجو ألا يحاسب عليه!

ــــــــ

المصدر : صحيفة الرؤية الكويتيه 20/8/2009

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ