ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 23/08/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


صــامدون

الغزّيّون.. وإبداعات في وجه الحصار

فاطمة يوسف/ غزة

لم يستطع الحصار الخانق الذي يرزح تحته سكان قطاع غزة قتل إرادتهم في الحياة، ورغم مرورهم بفصول صعبة من تشديد الخناق وصلت إلى حد منع إدخال المواد الأساسية إليهم، إلا أنهم أبدعوا في التغلب عليه بابتكارات أعطتهم القدرة على مواصلة الحياة برغم كل شيء.

«العـودة» تُلقي الضوء في هذا التقرير على إبداعات قام بها سكان القطاع للتغلب على النقص في المواد الأساسية، وخاصة الوقود..

تغلبنا على الحصار!

التقينا المواطن الغزي عادل أبو قينص الذي ابتكر موقداً لطهو الطعام مكوّناً من مواد بسيطة فقال لنا: «مرت علينا فترة لم يكن لدينا فيها غاز طهو أو حتى حطب لطهو الطعام.. فما كان أمامنا إلا البحث عن بديل».

ويضيف: «قمت بصناعة موقد لطهو الطعام مكون من تنك (خزان) الغاز الخاص بالثلاجات وقمت بتثبيت خرطوم بأسفله طوله 80 سم ولدفع السولار من التنك استخدمنا منفاخ دراجة هوائية».

وأردف قائلاً: «كنا نملأ الخزان بالمتوافر من الوقود سواء كان من السولار أو الكاز ونطهو عليه كل أنواع الطعام التي نريد وحتى الشاي والقهوة.. ولم نشعر بأن هناك شيئاً ينقصنا رغم الحصار!».

وأعرب عن اعتقاده بأن شعبنا نجح في تخطي مرحلة الحصار وتغلب عليها بإمكاناته البسيطة، قائلاً: «أي صعوبات تعترضنا يجب أن نكون أقوى منها حتى لا يجبرنا أحد على قبول إملاءاته علينا.. فطريقنا الوحيد هو الصبر على ما يعترضنا من عقبات».

تحقق الحلم!

وكما كان الحصار سبباً في دفع البعض إلى الإبداع للتغلب عليه، كان لدى البعض الآخر دافعاً لهم لإنجاز مشاريع كانوا قد بدأوا بها قبل الحصار لتفيدهم في أثنائه، ومن هؤلاء الأستاذ محمود شاهين الذي نجح في إضاءة منزله بالكامل بواسطة الطاقة الشمسية ليلاً ونهاراً.

التقينا شاهين (49 عاماً) الذي أخبرنا بأن هذا الحلم كان يراوده منذ كان في مرحلة دراسته الإعدادية رغبة منه في الاستغناء عن الكهرباء الإسرائيلية التي تتحكم فيها «إسرائيل» وتقوم بقطعها متى شاءت، وكان قد بدأ في هذا المشروع قبل الحصار لكنه لم يحصد ثماره إلا في الحصار حيث كان بيته يكون مضيئاً بالكامل وجميع الأجهزة الكهربائية تعمل بينما تغرق المنطقة حوله في الظلام نتيجة انقطاع الكهرباء.

وعن الآلية التي يقوم بها بإضاءة المنزل، قال شاهين: «صممت جهازاً مكوناً من ثلاث وحدات الأولى مهمتها توليد الطاقة حيث تقوم بتحويل ضوء الشمس بواسطة الخلايا الكهروضوئية إلى طاقة كهربائية، والثانية تقوم بتخزين هذه الطاقة في بطاريات لتكون صالحة للاستخدام عند غياب الشمس والثالثة مهمتها تحويل الكهرباء المخزنة إلى كهرباء صالحة للاستخدام المنزلي».

وأضاف: «في النهار أستخدم الجهاز للإضاءة بشكل مباشر، أما في الليل فنعتمد على الطاقة المخزنة في البطاريات.. خلال الحصار تمتعت بكهرباء مستمرة دون انقطاع»، مشيراً إلى أنه قام بتصنيع البطاريات والمحول بنفسه.

الفرن الشمسي.. وتحلية المياه

لم تتوقف الإبداعات عند هذا الحد، فلقد كان هناك عدد آخر من الإبداعات التي أنجزها الفلسطينيون خلال فترة الحصار تناولتها وسائل الإعلام بالتفصيل منها الفرن الشمسي الذي اخترعه المهندس خالد بشير (47 عاماً) قام بصنع جهاز طهو من الطين والتبن الجاف لمنع تسرب الحرارة خارجه، وسطحه مكون من الزجاج الحراري بالإضافة لوجود مرآة تعكس أشعة الشمس إلى داخله ويحتوي أيضاً على قرص كهربائي يستعان به في حال غياب الشمس حيث يواصل الجهاز عملية إنضاجه للطعام أوتوماتيكياً بواسطة الكهرباء عبر جهاز استشعار بسيط.

وأشار إلى أن من مميزاته أن الطعام لا يحترق بداخله حتى لو بقي فترة طويلة، بالإضافة إلى أن الطعام فيه له نكهة خاصة وهو ليس بحاجة للتحريك لأن الحرارة تغطيه من جميع الجوانب، لافتاً إلى أن مدة إنضاج الطعام فيه لا تختلف عنها في الفرن العادي.

ويقول بشير: «مع اشتداد الحصار اختفت المواد الخام اللازمة التي يمكن بواسطتها تصميم الهيكل العام للجهاز، الأمر الذي دفعني إلى استغلال الطبيعة فقمت بمزج الطين بالتبن الجاف الناعم للحصول على هيكل وجسم متين للجهاز، غير قابل للصدأ ومقاوم للصدمات ويحتفظ بالحرارة حسب المواصفات العالمية».

ولفت إلى أن عمل الجهاز سهل ولا يحتاج من ربة البيت إلا إلى فتح باب الجهاز ووضع ما تريد طبخه ومن ثم تغلقه لتعود بعد ساعتين لتجد الطعام جاهزاً، مشيراً إلى أن درجة الحرارة المتولدة تصل إلى نحو 140 درجة مئوية، ولا تترتب عليها خشية من احتراق الطعام أو حتى الانتظار لتحريكه.

ولم يكن الفرن الشمسي هو الاختراع الوحيد للمهندس بشير، فقد أنجز أيضاً جهازاً لتحلية المياه، وهو عبارة عن صندوق معزول بطول أربعة أمتار وعرض متر واحد ومائل باتجاه الشمس، ومغطى بزجاج، وتكون تعبئة الماء فيه بواسطة صنبور خلفي مرة كل أسبوع، ويتولد عنه يومياً نحو 28 لتراً من الماء المكرر.

يقول بشير: «يعتمد الجهاز في عمله على أشعة الشمس التي تخترق الزجاج العلوي وتسخن الماء إلى درجة حرارة التبخير، ومن ثم يصطدم البخار المتصاعد بالسطح الداخلي للزجاج، ما يؤدي إلى تكثّفه وتحوله من بخار إلى ماء مُسال يسقط على شكل قطرات في مجرى خاص، ثم بواسطة محبس يُحوِّل الماء المجمع إلى خزان ماء الشرب داخل المنزل».

وبتعميم هذا الاختراع يمكن التغلب على مشكلة عدم توافر السخانات الشمسية العادية بصورة كافية في غزة بسبب الحصار وارتفاع ثمنها.

سيارة بالكهرباء!

أما المهندس وسيم الخزندار فقد تغلب على مشكلة انقطاع الوقود في ظل الحصار بتحويل سيارته التي تعمل على البنزين إلى سيارة تعمل بالكهرباء مع الاستغناء الكامل عن استخدام الوقود أو أي نوع من الزيوت الخاصة بالسيارات، باستخدام البطاريات وبعض الأجهزة المساعدة التي تقوم بتحويل الكهرباء إلى حركة.

وقد وصف المهندس وسيم الخزندار في لقاءات سابقة معه هذا الاختراع بأنه صديق البيئة، موضحاً أن المحرك الجديد يعمل فقط على الكهرباء ويتم شحنه لمدة 6 ساعات ليعطي قدرة تشغيلية قادرة على تحريك السيارة مسافة 250 كلم وبسرعة تصل إلى 100 كيلو متر في الساعة.

أضاف الخزندار أن تكاليف المشروع «لا تتجاوز 4000 دولار» وهي كلفة منخفضة مقارنة بأيّ أجهزة أخرى يمكن أن تُستورد من الخارج، لأن البطاريات المستخدمة في المشروع يجري تصنيعها في غزة، وهناك بعض الأجهزة والمحركات الصغيرة المتوافرة بتكلفة غير مرتفعة، قائلاً: «ما دفعني لاختراع هذا المحرك الجديد هو حالة الحصار التي يشهدها قطاع غزة التي أدت إلى قطع كل إمدادت الوقود عنه».

غاز عضوي!

إلى جانب ذلك، تمكن باحث فلسطيني من استخراج غاز من المواد العضوية، عن طريق تخمير المادة العضوية «التي قد تكون مياه صرف صحي أو روث حيوانات أو بقايا المطبخ»، حيث تخلط هذه المواد بالماء وتعزل تماماً عن الهواء الخارجي لتتخمر في فترة زمنية تتراوح بين 10-14 يوماً، حيث تقوم البكتيريا غير الهوائية بإنتاج غاز الميثان.

وهذه الطريقة لها مزايا عديدة، فبالإضافة إلى كونها اقتصادية لقلة تكاليفها وبساطة عملية إنتاجها فهي أيضاً صديقة للبيئة، وتُعَدّ المادة العضوية بمعزل عن الهواء، ما يؤدي إلى توفير الأوكسجين والمحافظة على عدم تلوثه، وكذلك فإنها تقضي على البكتيريا والجراثيم الضارة؛ لأنها تموت في وضع التخمر، وبالإضافة إلى ذلك فإن بقايا عملية التخمر المترسبة تستخدم سماداً للنبات، فضلاً عن أنّ الغاز الناتج من عملية التخمر آمن للاستعمال البيتي.

وقود الزيت

وربما كانت المحطة الأكثر إبداعاً في تغلب الفلسطينيين على الحصار هي استبدال وقود السيارة بغاز قلي الطعام، فبعد أن انعدم وجود الوقود ومشتقات البترول بسبب الحصار ومنع تزويد سكان القطاع بالبترول ما أدى إلى شلل كبير في كل نواحي الحياة وتعطلت المركبات واستفحلت الأزمة إلى درجة الشلل التام في الحركة والسير، وبعد تحذيرات المختصين من مخاطر التلوث البيئي وانتشار أمراض سرطانية وخاصة في الجهاز التنفسي جراء استخدام السيرج وقوداً للسيارات، عمل الفنّيّون في غزة مع أصحاب ورش ميكانيك السيارات على التقليل من الأضرار الناجمة عن احتراق زيت القلي بدرجة كبيرة عبر اختراع فلتر خاص يُرَكّب في موتور السيارة.

شعب الإبداع والعناد

ليس هذا بالطبع كل ما أبدعه أهالي غزة لمواجهة الحصار، لكنها نماذج تدلّ على أن ما قاله أحد الكتّاب ذات مرّة: إن من أهمّ مشاكل بقاء «إسرائيل» هي أن قدرهم وضعهم في مواجهة «شعب لا يُقهر»..

ـــــــــ

المصدر : مجلة العودة 8/2009

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ