ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 05/08/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


من واقع الحياة.. كيف تسترد المرأة حقوقها؟

نجلاء محفوظ

إسلام أون لاين

مر واحد وثلاثون عامًا على التحاقي بالعمل الاجتماعي، حيث بدأته وأنا ابنة السابعة عشرة فعملت بالصحافة، وشاركت بإيجابية في العديد من الأنشطة الثقافية والاجتماعية، وأصبحت مستشارة اجتماعية في العديد من المواقع والهيئات، وأصدرت كتبًا عديدة تهتم غالبيتها بالنساء والبنات، وتحترم معاناتهن، وتأخذ بأيديهن برفق بالغ وحب شديد واحترام هائل وتعاطف واعٍ نحو أحقية المرأة في الفوز بحياة رائعة تنعم فيها بكل حقوقها، وتتنفس الاعتزاز بنفسها، ولا تدفع فواتير الألم (المنهكة) والتي تسرق منها سلامها النفسي وصحتها الجسدية، بل وجمالها أيضًا.

وتأكدت عبر رحلتي الطويلة أن المرأة المسلمة (مستهدفة) منذ سنوات وتضاعف هذا الاستهداف مؤخرًا؛ لسرقة أعمارها ولحرمانها من الاستمتاع بمباهج الحياة و(إقحامها) في معارك (ضارية) تستنزف منها طاقاتها وتجعلها (حبيسة) الإحساس بالاضطهاد.

والمؤكد أن أبشع إحساس في الكون هو إحساس المرء بأنه ضحية لظروف تقهره؛ لأن هذا يسلبه تنفس الحياة (بكرامة) ويحرمه من تحسين ظروفه قدر الاستطاعة، ويحرمه الإحساس بالرضا، وبدونه يتسرب (السخط) إلى نفس الإنسان، فيخسر صحيًّا ونفسيًّا ويرشحه للشقاء الديني أيضًا.

تواجه المسلمة حاليًّا أشد أنواع الفتن قسوة على مر العصور، ولكنني أثق برحمة ربي بنا، ثم أُلِحّ بالدعاء حتى يحمينا عز وجل من فكَّي الحصار الضاري الذي يريدون إلقاءنا فيه، أي الشعور بالاضطهاد أو التضليل أو ربما الغواية إذا أردنا المزيد من الدقة.

 

أخطاء الإسلاميين!

وأتذكر عندما رشحت نفسي لانتخابات اتحاد الكلية، حيث (نهرني) زميل إسلامي، وقال لي تراجعي فقد لعن الله قومًا ولّوا عليهم امرأة، فأخبرته أن هذا لا ينطبق على الانتخابات، وأضفت: ألا تذكر أن السيدة عائشة رضي الله عنها كانت تجلس للفتوى ويسمع عنها الصحابة، فرد عليّ محتدا: ولكنك لست السيدة عائشة، فقلت بهدوء: وأنت أيضًا لست من الصحابة.

وشعرت بالمأزق لكثرة أصوات الإسلاميين، ولكنني توجهت لزميلاتي وأخبرتهن أنني رشحت نفسي وهذا ليس مخالفًا للشرع، وأخبرتهن أن الله عز وجل كرّم بني آدم ولم يجعل لأحد سلطة عليهم سوى طاعة أمر الخالق، وأن عليهن التأكد من عدم مخالفتي لشرع الله في ذلك، ثم اختيار ما تمليه عليهن إرادتهن الحرة دون الخضوع لإملاءات مسبقة عليهن..

وأثلجت النتيجة صدري فقد فزت بأعداد جيدة من أصواتهن باحترامهن ومخاطبة (عقولهن).

وللأمانة فقد جمعني العمل بعد ذلك مع هذا الزميل، ولاحظت أنه تغير كثيرًا وتخلص من تشدده السابق، بل وطلب مشاركتي في بعض الأمور.

وهو ما يؤكد أن معظم الإسلاميين قد يفتقدون إلى (الرفق) في التعامل مع النساء، وربما (يتوهمون) أن في هذا وأدًا للشبهات، وحَريّ بهم مراجعة أنفسهم في ذلك.

وأيضًا لا أعفي أمهات هؤلاء الرجال وزوجاتهم من ضرورة توعيتهم بذلك، وألا يعتمدوا على جودة بضاعتهم فقط، ولكن يهتمون بحسن العرض في وقت تنافس فيه الكثيرون لاستمالة المرأة لإيذائها بإيهامها أن دينها لا يمنحها حقوقها، وأنها بحاجة لإحداث تعديلات على دينها لتسعد.

والتقيت نهاية التسعينيات مع أهم ناشطة يسارية مصرية، وأسرّت لي بعد جلسة حميمة طويلة بأمر طلبت مني ألا أقوم بنشره، رحمها الله.

قالت بمرارة بالغة: أصارحك بأنني اكتشفت متأخرًا للغاية -مع الأسف- أن نظرة معظم اليساريين للمرأة سيئة ومهينة للغاية فهم يختزلونها في وعاء عقلي لترديد أفكارهم، ووعاء جسدي لإشباع رغباتهم دون أي احترام لإنسانيتها، ويقبلون لها ما يرفضونه لزوجاتهم أو لبناتهم.

وهذا ما أعلنته مؤخرًا ناشطة يسارية شابة بصراخ مؤلم من نفس الشكوى، واتفقت معها بعض من تعاملن مع من يسمون أنفسهم بالليبراليين الجدد والذين يملئون الدنيا ضجيجًا بالتباكي على حقوق المسلمة.

 

لا للاختراق!

وتنبهت مؤخرًا إلى اختراق بعض الأفكار المؤذية للمرأة للخطاب الإسلامي مما أثار (فزعي)، مثل ورود كلمة المجتمع الذكوري على لسان الداعيات بعد أن اقتصر على النساء العلمانيات، فالمجتمع الإسلامي لا يفرق بين المرأة والرجل فهما يتعاونان ولا يتصارعان.

وقالت لي داعية ردًّا على أن بعض الرجال يتعرضون للظلم حاليًّا من الزوجات: (أحسن خليهم يذوقوا الظلم).

ونحن نحترم النساء ونرفض أن يعشن لا ظالمات ولا مظلومات، ثم أي عطاء عاطفي أو مادي يمكن أن تظفر به المرأة الظالمة.. ألا تحرض زوجها على إيذائها؟!.

وأتذكر لقائي بداعية إسلامي بريطاني تكلم معي بألم بالغ عن اجتماعه بالكثير من الداعيات (وفطن) إلى أن حديثهن عن الدعوة (نسويًّا) وليس دينيًّا، ونبّه إلى خطورته على الأسرة المسلمة.

ودعيت إلى بلد عربي لحضور ندوة تنظمها الأمم المتحدة للتوعية بضرورة (التعاطف) مع مرضى الإيدز.

ودهشت من مبدأ التعاطف مع مرضى الإيدز (خاصة)، وليس مرضى السرطان مثلاً، فالمنطق أن نقوم بالوقاية من المرض وليس بالتعاطف مع المريض.

وذهبت لأقرأ ما بين السطور، ولاحظت الحرص على إثارة فزع الحاضرات بالتأثير النفسي والعاطفي بصورة مبالغ فيها؛ حتى إن بعضهن أجهشن بالبكاء وإحداهن تعرضت للإغماء، وكنا جميعًا من القائدات الدينيات في معظم البلاد الإسلامية.

ونبَّهونا إلى حتمية استخدام الواقي الذكري للحماية من الإيدز وسط تزايد نسبة (العنوسة)، وأن هذا أفضل من الكبت الجنسي الذي يعرّض الجميع للمخاطر النفسية والجسدية، كما ناشدوا الحاضرات منع تعدد الزوجات حتى لا يكون (فرصة) لنقل الإيدز من الرجل المصاب به إلى زوجاته، كما طالبوا بمنع الختان حتى لا يكون وسيلة للإصابة بالإيدز، بينما كان بالإمكان المطالبة بأدوات صحية كما طالبوا بالعازل الطبي.

وأتذكر أن داعية سودانية انفعلت ردًّا على كل هذه الاختراقات للداعيات، وللأسف فإن الغالبية منهن اعترضن عليها (بشدة) بعد تعرضهن لهذا الضغط المتواصل.

وسألتني إحدى المنظمات للندوة عن مدى التأثير (العاطفي) لهذه الجلسات، وتأكدت أنهن يردن (استخدام) الداعيات المسلمات (كوسيلة) لترويج أفكارهن، بعد فشل نسوة حقوق المرأة لما يرددونه من أفكار علمانية (تكرهها) وترفضها المسلمة السويّة.

لذا قرروا (اختراق) المسلمة من خلال القيادات الدينية المختلفة. وللأسف طالبت أستاذة بالأزهر بضرورة تقييد حق الزوج في الطلاق على إحدى الفضائيات، ثم أشارت للحضور بالتصفيق لها.

وأتساءل: هل تسعد أي امرأة مسلمة بتقييد حق ابنها في تطليق زوجته؟ ولماذا لا ندرب بناتنا على حسن اختيار الزوج واحتوائه بذكاء؟ وأي سعادة يمكن أن تحظى بها زوجة تعلم أن زوجها يعيش معها مضطرًّا؟.. أليس من الأفضل إغلاق الأبواب المؤدية للطلاق؟.

لا أنكر أن هناك بعض الظلم الذي تتعرض له المسلمة، ولكن منبعه ليس الشرع، ولكن التقاليد التي لا نعفي أنفسنا كنساء منها فنحن اللاتي نربي الرجال.

والمؤكد أن القوانين لا تصنع السعادة، ولكنها تؤجج العداء، وأن المودة الصافية ونعومة وذكاء وأنوثة المرأة هي التي تفتح أمامها أبوب الخير الديني والدنيوي في زواجها.

 

مصلحة الغرب

لا بد أن تتوقف أي عاقلة عند (مصلحة) الغرب -الذي يسرق ثرواتنا -ويعادينا في تمويل جمعيات للمطالبة بحقوق المسلمات، بينما يبخل بأي أموال لإقامة مشاريع للمرأة المعيلة، ولإعانة شبابنا على مواجهة البطالة، مما يقلل من ظاهرة العنوسة المخيفة.

ونتوقف عند الحملات حول منع تعدد الزوجات باعتباره اعتداء على كرامة المرأة، وتناسي أن هناك الملايين من النساء (ترحبن) بذلك، بل وتخططن لذلك (للخلاص) من العنوسة أو بعد الطلاق أو الترمل.

مع أن المسلمة بإمكانها اشتراط ألا يتزوج عليها زوجها.

وأيضا (إيهام) المرأة بأن للرجل حقوقًا تفوقها وبضرورة مناطحته، ووصل الأمر إلى فراش الزوجية، وكأنهن يردن نزع حياء المسلمة، وتناسوا أن الرجل يزهد جسديًّا في زوجته التي لا تشعره برجولته.

وتناسين أن الرحمن وضع أسسًا للحياة الزوجية، وأن عليهن اكتساب فضيلة الجرأة بالقول إنهن (اخترن) الابتعاد عن الإسلام بدلاً من القول بأن هناك (شبهات) تحوم حول حقوق المسلمة.

فالمسلم الحق -ذكرًا وأنثى- هو الذي يسلم أموره إلى الرحمن، ويستمتع بالتأدب التام ويدرك أنه عز وجل (وحده) الذي يصنع لنا كل ما يفيدنا في ديننا ودنيانا، ويثق ويطمئن تمامًا بعدم وجود أي خلل في شرع الرحمن، وأن أخطاء البعض في التطبيق لا يمكن أن تمس بأي حال من الأحوال (نزاهة) القوانين الإلهية.

وأتساءل: ولماذا لا يتم إلغاء قوانين المرور؛ لأن هناك من يقوم يوميًّا بمخالفتها أو يسعى لتغييرها.

لماذا لا نتنفس كمسلمات (الكرامة) وبأننا لسنا أشياء يحركها الآخرون وفقًا لمصالحهم أو (لأخطائهم)، وأن نمتلك "الريموت كنترول" لإدارة تصرفاتنا مع الأزواج، ليس بالندية والصراعات فقد اختبرناها كثيرًا وتضررت منها المرأة وحدها، حيث امتلك معظم الأزواج المناعة ضد تمرد الزوجات، بل ووجد معظمهم في ذلك ذريعة للخيانة أو لتعدد الزوجات والذي تضاعف مؤخرًا.

ولن تهنأ المسلمة كما أدعو من صميم قلبي إلا إذا توقفت عن ظلم نفسها، وتعاملت مع زوجها كما تحب أن يتعامل زوج ابنتها مع ابنتها، وحتى تربي ابنها على معاملة زوجته كما تتمنى أن يعاملها زوجها، وتدفع ابنها لاحترام أخته، أن يتوقف عن العنف ضد النساء، وأقصد من تأخرن سواء في الزواج أم الإنجاب وأحيانًا من تنجب البنات فقط، فضلاً عن المطلقات والأرامل.

لماذا لا نساعد بعضنا البعض على الفوز بأفضل ما يمكننا من الحياة، ونوصي بعضنا بالخير في معاملة الأزواج والأبناء، فنربح السعادة في الدين والدنيا، ونحرضهم على تحسين التعامل معنا بلطف وبذكاء، ونتذكر أننا نكره من الرجال العنف والحديث بلغة الحقوق، ونعتبره إهانة لأنوثتنا ولمشاعرنا ، فكيف نتوقع منهم قبول لغة التحدي التي تستفزهم وتحرضهم بالرد بما هو أقسى، مما يعرض المسلمة لفواتير باهظة من الألم الذي أقسم بربي أنه أوجعني كثيرًا عبر معايشتي الحميمة لمعاناة بنات جنسي.

لماذا نتذكر حسن معاملة الرسول -صلى الله عليه وسلم- لزوجاته، (ونتعمد) تجاهل جهادهن معه وتحمل قسوة الحياة، حيث كان البيت النبوي تمر عليه الأشهر بدون أن يُطهى فيه طعام.

لذا أدعو كل مسلمة إلى استدعاء (ذكائها) فورًا؛ لتصنع لنفسها حياة أفضل، وتوقف نزيف الخسائر الفادحة؛ لأنها تستحق حياة أفضل.

 

أخيرًا..

أعلن أنني أتنفس (العزة)؛ لأنني امرأة مسلمة وأرفض لي وللمسلمات العيش في سجن الضحية، ولا أتنازل (أبدًا) عن أي حق من حقوقي، ولا أقبل بذلك (مطلقًا)، سواء في حياتي الشخصية أم المهنية؛ لأنني أطمئن إلى أن ربي كرَّمني وأعطاني ما يرضيني، ولن أتنازع مع الرجل المسلم في صلاحياته حتى لا نتطاحن ونتمزق سويًّا ويسعد أعداؤنا.

وأذكّر نفسي والجميع بأن الصعود يحتاج إلى مجهود لتحقيقه، بينما الهبوط لا يحتاج إلا للاستسلام وأن نتائجه سريعة، فقد بدأ الغرب بدعاوى المساواة ولم يحصل حتى الآن على المساواة في الأجر وهو ما ننعم به، وانتهى بهم إلى (امتهان) المرأة، فطالب وزير العدل البريطاني مؤخرًا بضرورة إلغاء كلمة "العاهرة"-لأنها تحمل تمييزًا ضد المرأة -واستبدال أنها "امرأة تقوم بتقديم خدمات جنسية بشكل منتظم" بها.

-------------------

*كاتبة وفنانة تشكيلية، ومستشارة في القسم الاجتماعي بشبكة "إسلام أون لاين.نت"، ورئيسة القسم الأدبي المناوبة بجريدة الأهرام المصرية.

ــــــــ

منقول عن موقع أمهات بلا حدود 3/8/2009

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ