ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 23/06/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


بين كرة القدم والسياسة

فهمي هويدي

منتشيا بأداء المنتخب المصري لكرة القدم أمام فريق البرازيل وفوزه على إيطاليا تساءلت: لماذا حظوظنا في كرة القدم أفضل منها بكثير في السياسة؟ لا تقل لي إننا جيدون في اللعب وفاشلون في السياسة، لأنه لكي تنجح ينبغي أن تكون جادا في الحالتين، وحين حاولت أن أبحث عن إجابة للسؤال وجدت أن ثمة فروقا مهمة بين الكرة والسياسة أجملها فيما يلي:

- في كرة القدم ينبغي أن يكون اللاعب موهوبا، وذلك في بلادنا ليس شرطا في السياسي، الذي تتدخل في اختياره عوامل أخرى مختلفة، عائلية أو مالية أو علاقات شخصية، وقد تكتشف في السياسي موهبة يوما ما، لكن ذلك يظل مزية لاحقة تبرز بمحض الصدفة، وإذا لم تتحقق تلك الصدفة، فإن ذلك لا يؤثر على مكانته أو استمراره.

- الأصل في لاعب كرة القدم أن يتم اختياره بعد أن يقطع شوطا طويلا في الملعب يثبت فيه جدارته، ومن ثم يتدرج في مستوى الفرق حتى يفرض نفسه على الصف الأول، أما الأصل في السياسي عندنا فإنه يحتل مكانته إذا حالفه الحظ وخدمته الصدف السعيدة. إن شئت فقل إن اللاعب لابد أن يكون له تاريخ في الملعب، أما السياسي فلا يهم أن يكون له تاريخ، وفي أحسن فروضه فقد يكون له تاريخ في موقع آخر، وفي كل الأحوال فإنه يظل واثقا في أنه في موقعه يصنع التاريخ ويكتبه.

- اللعبة في كرة القدم لها قواعد وقوانين وخطط ينبغي أن يلتزم الفريق بها حتى يضمن الفوز، أما السياسة عندنا فهي بلا قواعد أصلا، وكثيرا ما يكون مزاج السلطان هو الفيصل في أمور كثيرة، ثم لا تنس أنه سيد قراره، بمعنى أنه من يضع القواعد والقوانين التي تناسبه

- في الكرة لابد من وجود مدرب، وهناك تدريبات يومية، ولا عذر لأحد إذا تخلف عن التدريب ما لم تكن هناك ضرورة قصوى، والمدرب هو الذي يضع اللاعب المناسب في المكان المناسب، أما في السياسة فالأمر مختلف تماما، إذ لا حاجة إلى مدرب أو تدريب، لأن الإرادة السلطانية كفيلة بكل شيء، فهي التي تحدد خطة «اللعب» وتوزيع المهام على اللاعبين، أما تحديد المناسب وغير المناسب فهو يتم من خلال انطباعات ذاتية أولا وأمنية ثانيا.

- في الكرة لا مكان لواسطة أو وراثة أو أي اعتبار آخر غير الكفاءة، في حين أن هذه المعايير المستبعدة في الرياضة أصبحت هي الأصل في السياسة، لذلك فإن أي موهوب يمكن أن يكون لاعبا كبيرا، لكن ذلك ليس حاصلا في السياسة المحصورة في شرائح بذاتها.

في الكرة والرياضة عموما يتم اللعب على المكشوف، والجمهور هو الحكم والفوز يقاس بتحقيق الأهداف، التي يراها الناس بأعينهم. أما السياسة عندنا فهي تنتمي إلى عالم الأسرار والألغاز، وأهم قراراتها تطبخ في الظلام، والجمهور يتلقى ولا يشاهد، ولا رأي له فيما يحدث، أما الفوز فوسائل الإعلام هي التي تعلنه وتسجله وتصر عليه، حتى إذا لم ير الناس له أثرا.

- ليس هناك لاعب إلى الأبد في كرة القدم أو الرياضة عموما، وكل لاعب لابد أن يعتزل يوما ما. إذا لم يتخير هو موعد اعتزاله، فإن الجمهور قادر على أن يفرض عليه ذلك. أما في السياسة، فالقائم على الأمر يصر على أن يشغل موقعه حتى آخر نفس، وعزرائيل وحده هو الذي يمكن أن يجبره على الاعتزال.

- في كرة القدم استمرار المدرب في موقعه مرهون بقدرته على الإنجاز، وفشله يفقده منصبه وإنهاء عقده، أما في السياسة فالفشل لا يرتب أي مسؤولية أو حساب وإذا كان الطالب يتعرض للفصل إذا تكرر رسوبه في الامتحان، إلا أن تكرار الرسوب في السياسة لا يرتب هذه النتيجة بالضرورة، لأن العبرة في السياسة ليست بالإنجاز أو القدرة، لكنها بقوة السند.

- في كرة القدم يقتصر دور الأمن على حراسة الملعب، أما في السياسة فالأمن هو الحكم، وأحيانا يكون وحده الذي يلعب، والله أعلم.

ـــــــــــ

صحيفة الرؤية الكويتيه 22/6/2009

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ