ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 15/06/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


دلالة وتحديات قانون الاعتراف بيهودية "إسرائيل"

عوني فرسخ

أقر الكنيست يوم الثلاثاء 26 مايو/ أيار الماضي بأكثرية 47 نائباً ومعارضة 34، القراءة الأولية لمشروع قانون الاعتراف بيهودية "إسرائيل". وينص القانون على أن أي تعبير عن معارضة يهودية الدولة من شأنه أن يؤدي إلى كراهية أو تحقير أو الحنث بالولاء للدولة ومؤسساتها يعتبر مخالفة جنائية يعاقب عليها بالسجن لمدة عام. وقد عارض القانون نواب الكتلة العربية وحزب ميرتس، فيما انسحب نواب حزب العمل قبل التصويت عليه. وفي معارضته أوضح النائب جمال زحالقة أن القانون عنصري ينسف أبسط مبادئ الحقوق الديمقراطية، ويؤدي إلى سجن كل من يطالب بالديمقراطية الحقيقية، بمن فيهم المحاضرون الجامعيون والمفكرون والسياسيون العرب واليهود الذين يطرحون مشاريع بديلة مثل دولة لكل المواطنين ودولة ثنائية القومية.

 

ومشروع القانون وإن صدر عن الكنيست "الإسرائيلي" بتأييد حكومة نتنياهو وأحزاب اليمين الصهيونية، إلا أنه في الواقع العملي ليس سوى الترجمة الصهيونية للدعوات الأمريكية والأوروبية التي توالت خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة المطالبة بالاعتراف ب"إسرائيل" ك"دولة يهودية". وهي الدعوات التي لم تكن قد لقيت من أركان النظام الإقليمي العربي، وبالذات الأنظمة الملتزمة بالسلام خياراً استراتيجياً، الرفض الحاسم درءاً لتداعياتها الخطيرة على الحقوق الوطنية الفلسطينية المشروعة. وعليه يغدو مبرراً التساؤل عما إذا وجدت زمرة غلاة العنصريين الصهاينة بقيادة الثنائي نتنياهو ليبرمان في الدعوات الأمريكية والأوروبية والسكوت الرسمي العربي عليها ضوءاً أخضر للتقدم بمشروع القانون العنصري وتأييده؟

 

ثم إن هذا القانون، وتلك الدعوات إلى يهودية الدولة، تطرح على الباحث سؤالاً: لماذا الآن تطرح الدعوة وتجرى صياغتها في قانون؟ والثابت أن هرتزل بدأ نشاطه الصهيوني بإصداره كتيب "دولة اليهود" سنة 1896، الذي عقد المؤتمر الصهيوني الأول على أساسه في السنة التالية في مدينة بازل السويسرية. وقد تضمن برنامج بازل قراراً بالعمل على "إنشاء مؤسسات يهودية تمثل جهود اليهود وتربطها وتجمعها من أجل إنشاء الدولة العبرية". ومع ذلك فإن البيان الذي أصدره "مجلس الدولة المؤقت" يوم السبت 14/5/1948 بإعلان قيام "إسرائيل" لم ينص على اعتبارها "دولة يهودية"، بل أعلن محافظتها على المساواة التامة في الحقوق الاجتماعية والسياسية لجميع سكانها من دون تفرقة في الدين أو العرق أو الجنس.

 

وليس ينكر أن خلال سنوات 1948 -1966 أخضع المواطنون العرب لحكم عسكري تكاملت فيه أنظمة الطوارئ "الإسرائيلية" مع قانون الدفاع البريطاني لعام 1945، بما يناقض أبسط المبادئ الأساسية للقانون والعدالة والحق. إذ كان من صلاحيات الحاكم العسكري بموجب القرارات (109 -111) نفي المواطن العربي من قريته، ومثوله أمام الشرطة في أي وقت وأي مكان، وإرغامه على الإقامة الجبرية في بيته، وتوقيفه قيد الاعتقال الإداري لفترة غير محدودة، وإحالته إلى المحكمة العسكرية من دون أن يكون له حق الاعتراض، فيما كان لضباط الحكم العسكري صلاحيات واسعة لفرض الغرامات والعقوبات، حتى من دون محاكمة. غير أنه برغم قساوة ذلك النظام العنصري كانت "الاعتبارات الأمنية" ما يحتج به الحكام العسكريون. ولم يكن للمساس بيهودية الدولة أي فكر في تلك الإجراءات المتعسفة، ذلك بأنه لم يجر بداية نعت "إسرائيل" بالدولة اليهودية حرصاً من بن غوريون وأركان حزب العمل على إعطائها صورة الدولة الديمقراطية. فضلاً عن أنهم ظنوا بأن المواطنين العرب سينخرطون في حياة الدولة، ويصبحون مخلصين لها، كما عبّر عن ذلك مسؤول الكيرين كايمت، "يوسف فايتس" لدى مناقشة القيادة الصهيونية موضوع الأقلية العربية غداة قيام "إسرائيل".

 

وهكذا يتضح أن فكرة "الدولة اليهودية" تقع في صلب الاستراتيجية الصهيونية، غير أن شعور بن غوريون والقادة الأوائل بالثقة بالحاضر وتفاؤلهم بالمستقبل، وما كان عليه واقع الأقلية العربية غداة قيام "إسرائيل"، جعلهم يعطون الأولوية للمظهر الديمقراطي على الجوهر العنصري، وعلى ذلك غُيب الإعلان عن "يهودية الدولة". غير أن جملة المتغيرات والمستجدات في ميزان القوى بحيث لم يعد مختلاً لصالح التحالف الامبريالي الصهيوني، كما كانت عليه الحال سنة 1948، وبخاصة التحولات في واقع المواطنين العرب في الأرض المحتلة من حيث الوعي والفاعلية والكثافة السكانية، فضلاً عن افتقاد "إسرائيل" قوة الردع وسقوط أساطير التفوق الصهيوني المدعى بها، وغلبة القلق على الحاضر والشعور بانسداد آفاق المستقبل المتعاظمين في أوساط التجمع الاستيطاني الصهيوني، كل ذلك متفاعلاً استدعى الفكرة المتأصلة في فكر القيادات الصهيونية ورعاتها على جانبي الأطلسي. وبالتالي فالدعوات الأمريكية والأوروبية، كما القانون "الإسرائيلي"، ليست إلا من بعض تداعيات المأزق التاريخي الذي يعانيه التحالف الإمبريالي الصهيوني.

 

غير أن القانون العنصري، وإن عبّر صدوره عن أزمة الكيان ومأزق رعاته، إلا أن السكوت عليه يتضمن إقراراً ضمنياً بالإجراءات المعتمد تنفيذها عند وضعه موضع التنفيذ. والتي بدأت مؤشراتها مبكراً، إذ في أعقاب جلسة الكنيست، وفي مواجهة اتهام النائب جمال زحالقة حكومة نتنياهو بالعنصرية لإصدار هكذا قانون، صرخ في وجهه النائب الصهيوني "اريه الداد" قائلاً: "إذا لم يعجبك الوضع اخرج وهاجر". وبالتالي فالتهجير القسري "الترانسفير" غدا سيفاً مسلطاً على رقاب المليون ونصف المليون مواطن عربي فلسطيني، أصحاب الوجود الطبيعي والتاريخي في أرض آبائهم وأجدادهم، فضلاً عن أن "يهودية" الدولة ستشكل عقبة إضافية أمام عودة ستة ملايين لاجئ فلسطيني واستردادهم عقاراتهم المغتصبة، والتعويض عليهم بموجب القرار 194 الذي والت الجمعية العامة للأمم المتحدة تأكيده بحيث اكتسب قوة القانون الدولي العام.

ـــــــــ

المصدر : صحيفة الخليج الإماراتية – 12/6/2009

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ