ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت  04/04/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


فعلاً مقال جميل ومؤثر ولكن سامي لن يرد والطفل كريم لم ينشأ على الكذب ففي أرض غزة يعرف كريم وإخوانه أنه لا يجوز لهم أن ينتظروا أحدا وإنما نشيدهم اليوم: حجر...حجر – مركز الشرق العربي

لن تستطيعوا مصادرة حناجر الأطفال

سليمان حداد

هتف لي صديقي المغترب السوري /ج-ق/ من ألمانيا ليخبرني عن المسيرة الكبرى التي أقيمت في مدينة ديسلدورف منذ فترة لنصرة غزة تحت عنوان «صراخ الأطفال»

 

وأخبرني عن هذه المسيرة وعن العاطفة الجياشة التي رافقتها ولاسيما أن معظمها كان من الأطفال والنساء والشيوخ، وقال لي إن أجمل ما في المسيرة كان رسالة الطفل كريم من غزة إلى أخيه الطفل سامي في ألمانيا المرفقة، وأضاف: «شدني هذا التطابق في الأسماء ودفعني لأن أهتف لك لأني أعرف أن حفيديك أسماهما كريم وسامي، وتصورتك الجد الذي استشهد في غزة وبكاء كريم في رسالته (لافأل)، ما دفعني أن أهتف إليك».‏

 

أشعرتني هذه المكالمة بحزن عميق وكأنه ينقل لي عتاب الأحفاد على الأجداد، وشعرت بنفس اللحظة أن العدو كان يتمنى لو يستطيع مصادرة أوتار حناجر أولئك الأطفال والنساء والشيوخ.‏

 

وبدأ بقراءة الرسالة «من كريم إلى سامي» ولم يستطع أن يكمل قراءتها، حيث جهش بالبكاء وأقفل الهاتف، ثم ما لبث أن أرسل الرسالة وأخبرني أن الحدث الأبرز في هذه المسيرة كان قراءة هذه الرسالة من قبل طفلة ألمانية جعلت المسيرة كلها تبكي.‏

 

وقال لي: «أرجوك يا أخي أبو الريم أن تنشر هذه الرسالة».‏

 

وها أنا اليوم أنشرها وكأنها فعلاً تتحدث بشعوري، وبتطابق الأسماء والأفكار وبلغة حفيدي كريم وسامي مع تحياتي لك أيها الأخ الصادق المخلص /ج-ق/ وتحياتي لجميع أفراد جاليتنا السورية في ألمانيا التي هي عنوان الوفاء والمحبة والتمسك بتراب الوطن.‏

 

نص الرسالة:‏

 

رسالة كريم من غزة إلى سامي في ألمانيا‏

 

أخي سامي.. أكتب إليك من غزة وهل تعلم أين تقع غزة؟ غزة تقع في فلسطين بالقرب من المكان الذي ولد فيه السيد المسيح، ولذلك تسمى بلدنا هذه بالأرض المقدسة..‏

 

معلمتي التي أحبها كانت تقول لنا دائماً يجب عليكم أن لا تنسوا بأنه هنا ولد رسول المحبة والسلام، ولكن للأسف ومنذ أشهر طويلة ونحن نعيش تحت الحصار ولا نستطيع أن نغادر هذا المعتقل المفروض علينا ولا يحق لأصدقائنا وأقاربنا أن يزورونا هنا.‏

 

هل تعلم يا سامي.. في المدة الأخيرة أصبح الجوع عندنا في كل مكان، الحوانيت في معتقلنا فارغة من كل أنواع البضائع، لا الخبز، ولا الجبنة، ولا السكاكر، ولا الحلويات، وكذلك الشوكولاتة لم أرها منذ أشهر طويلة.‏

 

والبرد عندنا الآن قارس جداً فلذلك حتى وأنا في البيت ألبس أكثر ملابسي لأنه لا يوجد لدينا شيء نتدفأ عليه ومن شدة البرد فأنا أبرد حتى في الفراش الكهرباء مقطوعة لدينا منذ أسابيع ولهذا ليلنا مظلم دائماً والماء التي نشربها غير نقية.‏

 

آهٍ... يا سامي... منذ شهرين وأنا حزين جداً على صديقي علي وهو أعز صديق عندي قد مات. وهل تعلم لماذا مات؟ مات لأنه لم يستطع الحصول على الدواء اللازم، ولأن أكثر الأدوية لدينا مفقودة، وبسبب فقدانها يموت كثير من المرضى عندنا... وهل تعلم بأنني لا أستطيع أن أنام لأن دويّ القنابل التي تهطل باستمرار علينا عالٍ جداً وأنا في حالة خوف دائمة وحتى أصبحت أخاف من النوم لأنني كلما أنام أرى أحلاماً مزعجة جداً، أرى الجثث والدماء والأشلاء والقنابل الحارقة.‏

 

عزيزي سامي.. لقد سمعت بأن (بابا نويل) يجلب الهدايا الجميلة لكل أطفال العالم في عيد الميلاد.. لماذا لا يزور أطفال فلسطين... ربما لا يعرف أين تقع فلسطين؟ كم تمنيت لو زارنا مرة واحدة وجلب لأطفال غزة الألعاب الجميلة ليدخل السرور إلى قلوبهم، ولكن عوضاً عن ذلك جلبت لنا إسرائيل الدمار والصواريخ والقنابل.‏

 

ربما لو جاء (بابا نويل) إلى غزة لهربت الطائرات والدبابات والصواريخ خوفاً منه ولكنه وللأسف لم يأتِ أرجوك إذا رأيته فأخبره أن أطفال غزة ينتظرونه.‏

 

سامي... هل تعلم بأنه في رأس السنة قد ملأت المفرقعات والصواريخ النارية سماء غزة من كل جانب.. أضاءت البحر والسماء والأرض بألوان مختلفة وأكثرها كان إشعاعاً هي القنابل الفوسفورية، وفي نفس اليوم أصيب بيتنا بصاروخين وكذلك جرح جدي الذي أحبه جداً، وكانت جراحه كبيرة ولم نستطع أن نسعفه بسيارتنا لأنها فارغة من البنزين، وكذلك لم نستطع أن نتصل بالإسعاف لأن كل شبكات الاتصال كانت مدمرة، وهكذا مات جدي وهكذا مات كثير من المصابين بهذه الطريقة وهكذا عشنا ليلة رأس السنة... بالظلام وصوت الطائرات والصواريخ والقنابل التي دمرت كل شيء.‏

 

سامي.. منذ يوم عيد الميلاد ونحن أطفال غزة لا نستطيع أن نخرج من البيت أو نلعب في الشارع لأن الجنود الإسرائيليين يطلقون النار علينا وأنا لا أعلم لماذا يقتلون حتى الأطفال الصغار؟ وأنا لا أعلم منذ متى كان الأطفال خطراً على الجنود وهكذا مات كثير من أطفال غزة، لقد علمونا أن الأطفال هم مستقبل البلاد وكيف سيكون مستقبل الأرض المقدسة بدون أطفال..‏

 

أخي سامي... إن أطفال فلسطين مثل أطفال العالم في كل مكان، فهم يحبون الضحك واللعب والمدرسة، هل هذا هو ذنبنا بأننا ولدنا في غزة؟ أنت ذو حظ سعيد يا سامي لأنك ولدت في ألمانيا.. أرجو أن تساعدني يا سامي.. اصرخ معي يا سامي بأعلى صوتك عسى أن يرد عليك أحد لأن صراخنا وبكاءنا واستنجادنا في غزة لا يسمعه أحد، العالم يشاهدنا على التلفاز كيف نموت.. وكيف نتألم.. وكيف نتعذب جوعاً ومرضاً وموتاً.. ولا مجيب لصراخنا.. لا تتركونا وحدنا يا سامي نصرخ حتى الموت..‏

أخوك كريم‏

غزة/ فلسطين‏

10/1/2009‏

ــــــــــــ

المصدر : الثورة 23-3-2009م

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ