ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين  09/03/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


كلام في الأفق الوطني:

ما بعد غزة لن يكون استمراراً لما قبلها

زهير سالم: ( كلنا شركاء ) 6/2/2009

مايزال حديث عيني الطفل الفلسطيني المنطفئتين بالسلاح الفسفوري تروي لنا، بالسند العالي كما يقال، حديث الغد الذي يمكن أن يكون.

حديث تينك العينين لا يكذب، وهو ليس (تخاريف) كما يقول الإخوة الفلسطينيون. وهو ليس حديث خرافة كما تقول العرب. من حديث أكثر من أخ فلسطيني أنهم كانوا عندما يسمعون عن المشروع الصهيوني قبل الثامنة والأربعين يقول أحدهم للآخر (لا تصدق ما لا يمكن أن يكون، أن يكون) ولكن هذا الذي تصورناه، ولا أقول تصوروه، لا يمكن أن يكون قد كان، وضاعت فلسطين، وأخرج أهلها منها، وقامت دولة إسرائيل، وها هي الأسلحة المحرمة دولياً تطفئ أعين أطفالنا هناك.

 

وحديث العينين المطفئتين في غزة يقول: ترقبوا غداً، فربما تطفئ أعين كثيرة في كل مدينة وقرية من مدنكم وقراكم في دمشق وحلب في السويداء وطرطوس وسلمية والقامشلي وعين العرب وعفرين ومرمريتا..

أما أنا كاتب هذا المقال، فأصدق حديث تينك العينين وأعتبر نداءهما نداء النذير العريان، فليس عبثاً امتلكت دولة العدوان المستودعات العامرة بالأسلحة النووية والبيولوجية والكيميائية. وعيون الأطفال المطفئة في غزة تقول إنه يمكن في أي لحظة، ولأتفه سبب، أن تنطفئ ملايين العيون في مدننا وقرانا، وسيجد المجرمون والقتلة دائماً في هذا العالم من يصفق لهم في نادٍ مثل نادي دافوس، ومن يعتذر لهم بأنهم كانوا إنما يدافعون عن أنفسهم كما دافعت الولايات المتحدة عن نفسها في أفغانستان والعراق أو في هيروشيما وناغازاكي من قبل.

الجديد الواقع بعد غزة..

أولاًـ رواية العيون المطفئة تلك بدلالاتها وأبعادها.

ثانياًـ إمكانية المواجهة بالصبر الإيجابي المقاوم. الدرس المستفاد من تجربة حزب الله في لبنان، وتجربة المقاومة في فلسطين.

ثالثاًـ والحقيقة الثالثة تؤكد أن المواجهة المفروضة علينا، بيقين وبلا شك، إن كانت ستكلفنا اليوم مليون شهيد أو مليون طفل أو مليون عين.. فإنها ستكلفنا غداً عشرة ملايين.. فهذا الزمن ليس لصالحنا، وليس من العدالة ولا المروءة أن نترك كل هذا التهديد وهذا الخوف لجيل يلينا.

أما ما يقتضيه سياق غزة، فهو..

إسقاط جميع الثنائيات على المستوى الإسلامي والعربي والوطني. والتوقف عن افتعال أسباب الصراع وخنادقه وأطره.

وليس من حق فريق في سياق الموقف هذا أن يتتبع نوايا الآخرين وأن يفسر مواقفهم بأبجديات ما قبل غزة ونحوه وصرفه واشتقاقاته.

ليس من حق أي فريق في سياق ما بعد غزة أن يدعي أنه امتلك قبلها الحقيقة المطلقة والصواب المحض، وأن على الذين يحبون الله والإسلام والعروبة والوطن أن يصطفوا خلفه، وأن يصفقوا له. ففي سياق ما بعد غزة.. لم تعد لغة التصفيق مقبولة. وفي سياق ما بعد غزة لا يجوز أن ننشغل بأن يظهر أحدنا للآخر (الجذع) أو (القذاة) التي في عينيه.

سياق ما بعد غزة يقتضي تغييراً في عالم النفس.. يخرجها من إحن التاريخ وإن كانت مؤلمة، وإن كان خطبها فادحاً. فالقادم الذي تنذر به أعين الأطفال المطفأة في غزة سيكون أعظم من كل الذي كان.

ويقتضي تغييراً في قوانين العقل، فعقلنا بعد غزة يجب أن يكون غيره قبلها. أن نغير قواعد التفكير القائم على الضمائر المنفصلة. وأن يبعث فينا الشعور بالخطر القلق الباعث على العزيمة الذي يجعل يومنا أفضل من أمسنا وغدنا أفضل من يومنا.

ويقتضي تلاحماً يبادر إليه الأقدر عليه، ويسعى إليه ،بطمأنينة، القادرون على الرؤية الاستراتيجية المستقبلية ليبنوا مشروعهم الإصلاحي عليه.

يقتضي سياق ما بعد غزة، الخروج من شرانق الذات الضيقة بأقانيمها وتعلاتها إلى فضاء الذات الجامعة وبذل الجهد على محورين: حماية الذات، فالخطر داهم. وتحقيقها، فالتخلف قد نخر كل شيء.

ما بعد غزة يقتضي وقفة من الفرد والجماعة والمجتمع وصاحب السلطان؛ وقفة يتساءل صاحبها كيف يمكن أن أؤدي الأمانة في واقع أنا القائم على الثغرة فيه. ويا ضيعة من يضيع ثغرته،وثكلته أمته من لم يتبينها.

احتكار الصواب، والأنانية، والادعاء، والاستلحاق، والاستلاب، والاستبداد (والفرد يستبد كما يستبد صاحب السلطان) والفساد.. كل تلك معالم ما قبل غزة.. التي ذوبتها حرارة الجهاد.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ