ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت  28/02/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


ذكرى حسن البنا... لماذا اغتيل؟

بقلم : عصام العريان*

مرت بنا الذكرى الستّون لاستشهاد الإمام المجدِّد حسن البنا، في مؤامرة اغتيال دبّرها القصر الملكي ونفّذتها حكومة الأقلية السعدية بزعامة إبراهيم عبد الهادي باشا، مستخدمةً الأدوات الحكومية من ضباط وجنود، فى حادثة يقل وقوعها في التاريخ، عندما تتحول الحكومات إلى عصابات إجرامية، وهي التي تملك سلطة القانون وتحتكر العنف والقوة.

كانت الجريمة بدافع الانتقام لاغتيال النقراشي باشا على يد شاب من الإخوان اعترف بانتمائه، بعدما أصدر البنا بياناً واضحاً يدين فيه اغتيال النقراشي بقوة وتحت عنوان «ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين»، ممّا يدلل على أنه لم يكن يعلم بتدبير الجهاز السري لجريمة اغتيال النقراشي ردّاً على قراره حلّ الإخوان بأمر عسكري، ومصادرة أموالهم وممتلكاتهم، وإغلاق مقارّ شُعبهم، ووقف نشاطهم، واعتقال الآلاف منهم، ومن بينهم مجاهدون اعتُقلوا على أرض فلسطين، بعدما أبلوا بلاءً حسناً ضد العصابات الصهيونية... أيام كانت عصابات، وقبل أن تتحوّل إلى دولة مدجّجة بالأسلحة النووية وترسانة زرعت الرعب فى قلوب العرب، حتى أصبح خوفهم من مجرد احتمال حرب معها، يثير الشفقة ويحتاج إلى عزيمة قوية لهزم ذلك الخوف المريع، كما كان يقول روزفلت، الرئيس الأميركي الذي جاء بعد الكساد العظيم في ثلاثينيات القرن الماضي، ليقول للأميركيين إنّ أكثر ما يجب أن نخافه، هو الخوف نفسه، وهو ما يجب علينا هزمه.

في الحقيقة، لم يكن حسن البنا ولا الإخوان المسلمون، يهدّدون النظام الملكي في شيء، ولم يكونوا بعدُ منافساً قوياً يخشاه حزب الوفد ولا أحزاب الأقلية. فلماذا اغتيل إذن؟ ولماذا كان الحل الأول للإخوان بقرار عسكري في ظل أحكام عرفية؟ الجواب الذي يتبادر فوراً إلى الأذهان، هو الدور المهمّ الذي قام به الإخوان فى قضية فلسطين وقام به شخصياً حسن البنا.

اهتم البنا منذ بداية الدعوة بقضية فلسطين. وفي عام 1930، أرسل مذكرة إلى المؤتمر المنعقد بشأن فلسطين، وضع فيها تصوراً شاملاً فى محاور خمسة، وفي أعوام 1935، 1936، 1937، ايّد البنا والإخوان ثورة القسّام وجمعوا التبرعات للمجاهدين فى فلسطين، في الوقت الذي صرح فيه محمد محمود باشا، زعيم حزب الأحرار الدستوري، ورئيس وزراء مصر المعروف بصاحب القبضة الحديدية، بأنه رئيس وزراء مصر لا رئيس وزراء فلسطين، غاسلاً يده من أي اهتمام بأمن مصر القومي بصورته الشاملة. وعارض البنا فكرة القتال المستعجل الانفعالي دون إعداد في فلسطين عام 1937، التي طرحها المتحمسون من شباب الإخوان الذين انفصلوا بعد ذلك عن الجماعة ليؤسسوا «جماعة شباب محمد».

وعندما نضجت الظروف وظهرت المؤامرة جلية، كان قرار الإخوان بالجهاد على أرض فلسطين فى إطار واسع بالتنسيق مع الجامعة العربية، وبقيادة مشتركة مع المفتي المجاهد أمين الحسيني، وأول أمين عام للجامعة العربية، عبد الرحمن عزام باشا.

أدرك البنا أبعاد المؤامرة على العالم الإسلامي، وقد عاصر منذ تفتّحت مداركه، خطة إلغاء الخلافة الإسلامية العثمانية، ثم إلغاء السلطنة وفرض العلمانية الأتاتوركية على تركيا، وتمزيق التركة العثمانية (أو ما كان يسمى «تركة الرجل المريض») إلى دويلات وطنية صغيرة يرسم حدودها رجال الإمبراطورية البريطانية ومعهم الفرنسيون، وبمراقبة أميركية ــ روسية ــ ألمانية عن بُعد.

وأدرك البنا أن فلسطين ليست قضية تخص الفلسطينيين فقط، وأن زرع دولة يهودية عنصرية فى أرض فلسطين، هو العائق الأكبر أمام نهضة حقيقية، وخاصة إذا كانت على أسس إٍسلامية، وأنها مشروع استعماري وظيفي ترعاه الدول الكبرى لتحقيق أهدافها الاستعمارية. ولذلك، كان اجتماع سفراء الدول الكبرى فى «فايد» عام 1948، عندما ظهرت بطولات الإخوان فى فلسطين، ليقرروا حلهم ومنع نشاطهم. وكان التنفيذ على يد النقراشي، رغم تأييد الإخوان له فى مهمته من أجل الاستقلال والمطالب الوطنية أمام مجلس الأمن، قبل ذلك بعام تقريباً، عندما عرض القضية الوطنية بعدما فشلت المفاوضات مع الاحتلال البريطاني، وأوفد البنا وقتها الشاب مصطفى مؤمن، ليتسلق الحواجز ويخطب فى مجلس الأمن يؤيد مطالب النقراشي، في الوقت الذي أعلن فيه حزب الأغلبية (الوفد)، أن النقراشي يمثل حكومة أقلية لا تحظى بتأييد غالبية الشعب المصري اتساقاً مع شعار الوفد القديم، العجيب، «الاحتلال على يد سعد ولا الاستقلال على يد عدلي»!

كان البنّا والإخوان وفكرتهم ومشروعهم الإسلامي، خطراً على المشروع الغربي الاستعماري لا خطراً على المشروع الوطني النهضوي. فقد أعلن مشروعاً للنهضة على قواعد الإسلام يكفل لمصر مكانة ودوراً قيادياً في الوطن العربي والعالم الإسلامي. بل أعلن مشروعاً إسلامياً إنسانياً ربانياً يحقق للعالم كله الأمن والاستقرار في ظل العدل والمساواة بين البشر. لذلك كانت فلسطين هى سبب اغتياله ويحق لنا أن نعلن أنه «شهيد فلسطين».

ـــــــــــــ

* قيادي في «الإخوان المسلمين» في مصر

ـــــــ

المصدر : الديوان 27-2-2009

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ