ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد  15/02/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


تساؤلات في زمن الفتنة!

د.سعيد حارب*

«أيها الجيش الإسرائيلي عليكم بالإرهابيين الفلسطينيين المؤتمرين بأوامر الإرهاب البعثي الفارسي لاحقوا متمردي (حركة حماس!) ومعتوهيها والحمقى من قادتها والمتهورين من زعمائها المتسترين بالدين والمتاجرين به واسحقوهم وأبيدوهم ولقنوهم درساً لن ينسوه إلى الأبد كما لقنتم (حزب الله!) الإرهابي المهزوم عام (2006) درساً قاسياً أثخنتموهم، وخلصوا قطاع غزة من سطوة (حركة حماس!) الإرهابية هؤلاء هم الفلسطينيون أينما حلوا حل معهم الإرهاب والإفساد والقلاقل والفتن والغدر واللؤم ونكران الجميل، لقد جبل كثير من القادة الفلسطينيين على الغدر والخيانة ونقض العهود والإساءة لمن أحسن إليهم ونكران الجميل، وما تتعرض له يوميا هذه القيادات على أيدي الجيش الإسرائيلي هو جزاؤهم».

لم أصدق نظري وأنا أقرأ هذه الكلمات لكاتب ينتمي لدولة خليجية عربية مسلمة، فأعدت قراءة النص مرات عدة، و تأكدت منه حين رجعت إلى النص الأصلي المنشور في إحدى الصحف الخليجية يوم 28 ديسمبر الماضي أي في اليوم الثاني من مذبحة غزة تحت عنوان «جزاء قيادات الغدر والخيانة»، لكن تعجبي زال حين رجعت إلى موقع وزارة الخارجية «الإسرائيلية» باللغة العربية -يمكن للقارئ العزيز أن يدخل إلى هذه الموقع ليتعرف على (نخبة) من الكتاب العرب الذين يعاد نشر مقالتهم على هذا الموقع ويسأل بعد ذلك عن سبب هذا النشر؟!- وقد رأيت بعض مقالات هذا الكاتب يعاد نشرها على صفحات هذا الموقع وكان من بينها مقال بعنوان «يا ليتني كنت جنديا «إسرائيليا»!

أعلم أن بعض العرب يكره حركة حماس أو الفلسطينيين عامة، لكن أحدا لم يكن يتصور أن يتمنى عربي مسلم يحمل اسم «عبدالله» أن يكون جنديا في «إسرائيل»! ويدعو إلى إبادة الفلسطينيين ويصفهم بالغدر والخيانة! ولنا أن نسأل: ما حكم القانون والعرف والأخلاق وكل القيم الإنسانية عن تعامل مواطن في دولة مع دولة أخرى مازالت في حالة عداء مع دولته؟ هل يجوز له أن يتعامل معها؟ أو يدعو للانضمام إلى جيشها؟ أو مساندتها في أعمالها الإرهابية؟ وما الرأي إذا تم احتلال دولة هذا الكاتب سواء كان المحتل «إسرائيليا» أم عربيا، هل يمكن له أن يدعو لانضمام أحد لجيش هذه الدولة المحتلة لأرضه؟

كاتب آخر لم يجد عنوانا لمقاله سوى «حماس.. يخربون بيوتهم بأيديهم» وكل مسلم يعلم أن هذه الآية لم تنزل في «حماس» وإنما نزلت في يهود «بني قريظة» الذين خانوا الرسول صلى الله عليه وسلم وتآمروا عليه مع المشركين، وحين تم إجلاؤهم بسبب خيانتهم أنزل الله سبحانه وتعالى هذه الآية في شأنهم، لكن الكاتب «قلب المفاهيم» وجعل «حماس» في منزلة اليهود الذين يخربون بيوتهم بأيديهم!

إن من حق أي كاتب أن يعبر عن رأيه وليس مطلوب منه أن يكون مؤيدا لأحد لكن هناك فرق بين حرية الرأي والتحريض على القتل. إن أي قانون في الدنيا يمنع التحريض على قتل الآخرين بل ربما عده من المشاركين في الجريمة، فما بالنا بالتحريض على قتل شعب أعزل يدافع عن وجوده وبقائه وأرضه وهي حقوق أقرتها جميع الشرائع السماوية والقوانين الوضعية؟!

هذه تساؤلات لا يمكن أن نجدها إلا في زمن الفتنة واختلال البوصلة لبعض أبناء هذه الأمة المنكوبة بهؤلاء الأبناء قبل نكبتها بعدوها.

أما التساؤل الثاني الذي برز في زمن الفتنة التي نعيشها فهو عن حكم المسيرات والتجمعات والتظاهرات التي تتم في بعض الدول العربية والإسلامية لمساندة ضحايا العدوان «الإسرائيلي» على غزة، إذ يمكن أن نتصور أن يتم منع هذه الأعمال لأسباب أمنية أو سياسية أو خوفا من استغلالها لأعمال الشغب والتخريب، أما ما لا يمكن أن نتصوره أن يخرج علينا عدد من المشايخ ويتصدروا صفحات الصحف وشبكات الإنترنت والفضائيات والإذاعات محذرين ومنذرين من إقامة المسيرات المساندة لغزة لأن هذه المسيرات تصد عن ذكر الله! إن من يسمع هذه الفتاوى يعتقد أن من لم يشارك في هذه المسيرات سيكون «عاكفا» في المساجد أو متفرغا لذكر الله! ويبقى السؤال المشروع: ماذا عن التجمعات والمسيرات التي تتم في المناسبات الوطنية أو الرياضية أو لمساندة القرارات والأعمال التي يأمر بها «ولي الأمر»، هل هي جائزة أم أنها تصد عن ذكر الله!

وماذا عن وسائل الإعلام التي تقدم كل ما ينتجه الغرب والشرق من مسابقات الرقص إلى مشاهد العلاقات المحرمة ومواخير الليل وغيرها مما تقدمه هذه الوسائل وينفق عليها من أموال «المسلمين»، هل هي مما يصد عن ذكر الله؟ أم أنها «مما عمت به البلوى ويمكن السكوت عنه»؟!

ولم يصمت هؤلاء «الفقهاء» عن كل هذا الذي «يصد عن ذكر» ولا يتحركون إلا عند المصائب؟!

وماذا عن التجمعات والمسيرات دفاعا عن الرسول صلى الله عليه وسلم كما حدث في جريمة الرسوم الكاريكاتورية الدنماركية، هل هي الأخرى تصد عن ذكر الله، أم أنها دفاع عن رسوله؟

أما السبب الثاني لعدم جواز المسيرات المساندة لغزة -كما يراه هؤلاء الفقهاء- فهو «الاختلاط الذي يقع بين النساء والرجال»، ولنا أن نسأل: ماذا لو تم الفصل بين الجنسين، فهل المسيرات جائزة أم محرمة؟ وما عن الاختلاط في الأسواق والجامعات وأماكن العمل والسينما والمقاهي والملاعب وغيرها من الأماكن العامة، هل هي جائزة أم أن التحريم مقصور على المسيرات المساندة لغزة؟!

أما السبب الثالث الذي ذهب إليه هؤلاء «الفقهاء» للتحريم فهو أن المسيرات «إنما هي تشبه بالمشركين وهي ليست من أفعال أهل الإسلام!». ولنا أن نسأل مرة أخرى ماذا عن حالات التشبه الأخرى بالمشركين في المأكل والمشرب والسكن والعادات ومشاهدة التلفزيون وركوب الطائرات واستخدام الهواتف والسفر وغيرها من الصور، هل هي من التشبه بالمشركين أم أنها من أفعال أهل الإسلام؟

كنا نظن بهؤلاء أن يقولوا كلمة الحق «في الرخاء والشدة» أما أن يكونوا «فقهاء» تحت الطلب «فهذا يفقدهم احترامهم ومكانتهم التي يجب أن يكونوا في منزلتها.

لقد أثبتت المذبحة في غزة أن بعضنا لا يعيش الأحداث أو هو لا يريد أن يعيشها، كما أثبتت أن الانفصام ليس بين الشعوب وبعض أنظمتها فقط بل بينها وبين بعض «نخبها المثقفة» التي تعيش في عالمها ولا تريد أن يزعجها أحد، ولذلك انفضت هذه الشعوب عن هذه النخب وصنعت لها زعاماتها ونخبها وقادتها وفقهائها، لأنها لا تريد نخبا من «الفخار» سريعا ما تنكسر!

ــــــــــ

*كاتب إماراتي

drhareb@gmail.com

ـــــــــــ

العرب القطرية - 2009-01-12

http://www.alarab.com.qa/details.php?docId=69024&issueNo=385&secId=15

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ