ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين  26/01/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


من غرائب كوكبنا

فهمي هويدي

لا أعرف كم عدد المصريين أو العرب الذين شاهدوا صورة الرؤساء الأميركيين الخمسة وهم يتضاحكون بعد مأدبة العشاء التي أقيمت لهم في واشنطون. لكني لست أشك في أن أي مواطن وقعت عينه على الصورة لابد أن يكون قد شعر بالغيرة والحسد.

من جانبي احتفظت بالصورة ووضعتها تحت لوح الزجاج الذي يغطي قرص مكتبي، وصرت أتطلع إليها بين الحين والآخر غير مصدق أن هناك بلدا فوق كوكبنا الأرض يمكن أن يجتمع فيه خمسة رؤساء في صورة واحدة. هونت من الأمر بعدما تذكرت أن الرئيس مبارك كان قد ظهر قبل أيام وسط جمع من الرؤساء والملوك في قمة الكويت، كما ظهر وسط عدد آخر من رؤساء الدول والحكومات الأوروبية في قمة شرم الشيخ، لكنني انتبهت إلى أن هؤلاء وهؤلاء رؤساء لدول اخرى، وانه من الجيد ان يتم اللقاء مع رؤساء آخرين حتى إذا كانوا في قمة «تشاورية »، وهو ما يمكن ان يفعله أي رئيس، لكن التحدي الحقيقي ان يقف الرئيس بين رؤساء سابقين من أبناء بلده.

وحين خطر لي ذلك الخاطر واسترحت اليه، ساورني بعض القلق من الصياغة، ووجدت انه من الأحكم والأضمن أن اضيف إلى كونهم رؤساء سابقين من البلد ذاته شرطا يقضي بضرورة أن يكونوا من الأحياء. تغاضيت عن العدد، مقتنعا بأن المطالب بتوفير اربعة رؤساء سابقين مع الرئيس الجديد تعد نوعا من التعجيز الذي يستدعي شرطا مستحيلا، لأن أي مواطن في مصر مثلا سيعتبره مطلبا لا يخلو من تنطع وسخافة، ذلك ان صاحبنا هذا ان كان في «عرض » رئيس سابق واحد على قيد الحياة، فلا ينبغي لعاقل ان يشتط ويحلم بأربعة رؤساء دفعة واحدة واحياء أيضاً.

لست واثقا من ان كل واحد من الرؤساء الأميركيين قد عاد إلى بيته سليما معافى، ولم يتعرض لأي طارئ في الطريق، لأنني اتصور انه لابد أن يكون احدهم قد أصابته «عين » واحد من المغتاظين الحاسدين في بلادنا، ورغم ان وكالات الانباء لم تنقل شيئا من ذلك القبيل الا انني واثق من ان سهم العيون الحاسدة يمكن أن يقطع المسافات ويخترق الحجب، لذلك لن أستغرب ان تنزل بأي واحد منهم نازلة في أي وقت وهو ما يمكن أن يثبت ان بلادنا مازالت قادرة على الإنجاز فاذا كانوا هم تفوقوا علينا في الحركة والفعل فبوسعنا ان نتفوق عليهم ونغلبهم في القر والحسد، كل هذا ونحن قاعدون.

ما استفزني ورفع من درجة الغيرة عندي انني كلما نظرت إلى الصورة وجدتهم يبادلونني النظرات بابتسامات عريضة. وخيل إلي أن ابتساماتهم تتحول بمضي الوقت إلى ضحكات مجلجلة، حتى خطر لي انهم يعايرونني ويقصدون اغاظتي شخصياً  وكدت ألمح واحدا منهم وهو يحاول إخراج لسانه لي، ولم أستبعدها من الرئيس بوش الخارج لتوه من البيت الأبيض باعتباره اكثرهم خفة وبلاهة.

احد الاسئلة التي تلح عليّ كلما نظرت إلى الصورة ما يلي: كيف تأتى لهم ان يبقوا على اربعة رؤساء سابقين احياء؟ وجدت ردا سريعا خلاصته ان الناس هناك هم الذين يختارون رؤساءهم وان لكل واحد منهم أجل في مكتبه لا يستطيع ان يتجاوزه، أما عندنا فالأقدار هي التي تختار الرؤساء، وهي التي تأتي بهم وهي التي تصرفهم، والناس لا شأن لهم بالموضوع، لأن المشيئة لا راد لها ولا تعقيب عليها. وغاية ما هو مسموح للناس لا أن تتغير الاقدار والمشيئة، وانما أن يسألوا الله اللطف

فيهما. وبناء على ذلك التحليل اقتنعت بأن الرؤساء في الولايات المتحدة حين ينتخبون فإن الواحد منهم يقطع من ولايته إلى واشنطون تذكرة ذهاب وعودة، أما عندنا فإذا ما ابتسم الحظ للموعود بالمشيئة فإنه يقطع تذكرة للذهاب فقط.

ــــــــــ

المصدر : مدونة فهمي هويدي 23/1/2009

http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2009/01/blog-post_23.html

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ