ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت  27/12/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


عام الحذاء

فهمي هويدي

كان الخبر الأول ان شاباً عراقياً خلع حذاءه وقذفه صوب الرئيس بوش فأصابه في وجهه، هكذا قال متحدث من بغداد في اتصال هاتفي تلقاه صديق عراقي من أركان الناشطين في مقاومة الاحتلال، كان جالسا معنا في بهو أحد فنادق اسطنبول، لاحظنا ان صاحبنا انفرجت أساريره فجأة وفتح فمه من الدهشة، ثم نقل إلينا الخبر وهو يكاد يرقص طرباً، قبل ان ينهي كلامه كان قد تلقى اتصالا ثانياً من بغداد أيضاً زف إليه الخبر ذاته، ولكن بتفاصيل اخرى تحدثت عن فردتي الحذاء اللتين استهدفتا الرئيس الأميركي، ولم تصبه اي منهما. ألجمت المفاجأة ألسنتنا وصرنا نتبادل النظرات غير مصدقين ان ذلك حدث فعلا، ولم نتأكد من صحة الخبر إلا عندما تلقى صاحبنا 12 اتصالاً خلال ربع ساعة كانت كلها تبدأ وتنتهي بالتهنئة والتبريك. لم يعد هناك شك في ان ما فعله الشاب منتظر الزيدي أثلج صدور الاغلبية الساحقة على الأقل في العالمين العربي والاسلامي، اذ رغم ان رمي الرئيس الاميركي بالحذاء لم يغير شيئاً من الواقع الحاصل على الأرض الا انه بدا تنفيسا عما يكنه العرب والمسلمون من بغض للرجل، وبالنسبة للعراقيين خاصة فإنه بدا ثأراً لكرامتهم التي اهدرت وكبريائهم الذي داست عليه أحذية المحتلين طوال خمس سنوات، حتى بدا الرئيس بوش رمزا لقهرهم وإذلالهم.

 

من جانبي اعتبرها عملية استشهادية، لان ذلك الفتى الشجاع اقدم على فعلته وهو يعلم جيدا انه في أجواء العراق الراهنة، فإنه اذا لم يقتل فسوف يعذب وتسحق عظامه، ومن اراد ان يعرف حقا صدى العملية سيجد على المدونات ومواقع الانترنت ورسائل الهواتف الجوالة ما يثبت ان الاستفتاء العشوائي حولها اكد ان ثمة تأييدا كاسحاً لتصرف منتظر الزيدي، الامر الذي يرشحه بجدارة ليكون رجل عام 2008، ويدخله التاريخ، هو وذلك «الحذاء الذهبي» الذي اوصل الرسالة المدوية الى الرئيس بوش في نهاية عهده. فكان «السلاح» المناسب، الذي وجه الى الرجل المناسب الذي يستحقه، في المكان المناسب (في بغداد وبعد توقيع الاتفاقية الأمنية)، والوقت المناسب الذي اختتم به الرئيس بوش عهده. ورغم ان الحذاء لم يصب وجه الرئيس الاميركي، الا ان ذلك ايضا كان مناسباً، من وجهة نظر شاعر عراقي انفعل بالمشهد، فأرسل إلى صديقنا الذي أشرت اليه أبياتا من الشعر بعد ساعات من العملية ذكر فيها ان الحذاء هو الذي رفض ان يصافح وجه بوش وقال:

تنـــزَّه ان يصــافحك الحذاء

فمـال بـه  عـن الدنـس الفداء

تفـجر غيـظ «منتظر» فأمسـى

تفــور بـه  عــزته الدمـاء

حذاؤيـك يا ابن دجلة حين يعلـو

فمـن خـذلوا قضـيتك الفـداء

الى جانب التأييد فقد تحول المشهد الى مادة للسخرية في انحاء العالم، ووجدت ان ثلاثة مواقع على الانترنت صممت لعبا لاختبار القدرة على احكام تصويب الحذاء بحيث «يلطم» وجه الرئيس بوش. احد هذه المواقع صمم لعبة لاختبار كفاءة الشخص في التصويب واعطاها اسما سخر فيه من عنوان الخطة التي استخدمت في غزو العراق ولجأ في ذلك الى التلاعب بمفردات اللغة الانجليزية وبدلا من كلمة «شوك» بمعنى الصدمة فإن مبتكر اللعبة استخدم كلمة «سوك» بمعنى الجورب، ولأن الخطة حملت اسم «الصدمة والرعب» فإن اللعبة سميت «الجورب والرعب». وقد دهشت حين وجدت انه خلال الساعات الثماني والاربعين التالية للحدث فإن ثلاثة ملايين شخص دخلوا على الموقع ونجحوا في ايصال الحذاء إلى هدفه!

 

لقد درج العرب على ان يسموا الأعوام بأهم حدث وقع فيها، فعرفوا في تاريخهم عام الفيل (حين هاجم أبرهة الحبشي الكعبة بالأفيال)، وعام الفجّار (معركة وقعت في الجاهلية)، وعام الهجرة، وعام الرمادة (المجاعة)، وعام الجماعة، وفي العصر الحديث تحدث الادباء عن عام الكف (الذي صفع فيه شاب محمد المويلحي بك صاحب جريدة «مصباح الشرق» وألف الشاعر أحمد شوقي 7 مقاطع في الحدث)، وعرفنا عام المعاهدة (مع الانجليز)، وعام الثورة، وعام الجلاء، وعام النكسة، وسنة الحسم والعبور. لذلك اقترح الدكتور جابر قميحة استاذ الادب الحديث بجامعة عين شمس ان نطلق على سنة 2008 التي نحن بصددها «عام الحذاء»، وعلمت منه ان ثمة ديوان شعر سيصدر بهذا العنوان.

غدا لنا كلام آخر في الموضوع.

ـــــــــــــ

المصدر : الدستور المصريه 18/12/2008

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ