ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين  03/11/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


معتدلون ومتطرفون

فهمي هويدي

بح صوتي طوال العقدين الأخيرين وأنا أحاول إقناع المهتمين بموضوع التطرف والارهاب بمسألتين. الأولى ان الناس لا يولدون متطرفين او ارهابيين، ولكنهم يصبحون كذلك بفعل عوامل اجتماعية واقتصادية وسياسية معينة. الثانية ان التطرف والارهاب ليسا مقصورين على الافراد والجماعات، ولكن هناك انظمة ومؤسسات رسمية تمارس التطرف والارهاب ايضا وعلينا اذا كنا جادين في مواجهة الظاهرة ان نتصدى لها في مختلف مصادرها ومضامينها.

أعدت هذا الكلام على مسامع باحث جاء الى القاهرة من بروكسل موفدا من احدى الجامعات ليدرس ظاهرة التطرف والارهاب في مصر وبعض الاقطار العربية الاخرى ولاحظت ان الرجل متأثر بالتعبئة الاعلامية بأكثر من تأثره بالدراسات والقرارات التي وقع عليها.

اذ بدا من اسئلته وتعليقاته ان الصورة النمطية للارهابي او المتطرف التي روج لها الاعلام مسيطرة على ادراكه الى حد كبير. فهو يتجه ببصره دائماً الى الجماعات والمنظمات الاهلية، معتبرا ان كل متدين مشروع متطرف او ارهابي، وان اللحية والعمامة والجلباب الأبيض هي من العلامات المميزة للمتطرف، وأبدى اهتمامه بما قلته عن ان هناك انظمة متطرفة، وان سياساتها تسهم الى حد كبير في تفريخ سلوكيات التطرف او الارهاب لدى الناس.

كانت زيارته هي الأولى لمصر، ولذلك وجدت نفسي مضطرا الى ان اشرح له خلفيات كثيرة، منبها الى ان الظاهرة انحسرت في مصر الى حد كبير، وان قدومه لدراستها في الوقت الراهن ينطبق عليه المثل اللبناني الذي يتحدث عن رجل قرر ان يؤدي فريضة الحج في حين بدأ الناس يعودون منه.

قلت له ان ثمة فرقا بين التطرف والارهاب. فالاول وقوف في الطرف وانحياز الى الاشد والأكثر عسرا في التعاليم، وهو اختيار ينحاز اليه المرء فيلزم نفسه به، وقد يلزم محيطه العائلي ايضا. اما الارهاب فهو يمثل مرحلة ابعد كثيراً واخطر وذلك ان الفرد في هذه الحالة يتجاوز محيطه الخاص الى العام، ثم انه في تجاوزه ذاك يلجأ الى العنف في محاولة فرض تشدده او مشروعه على الآخرين.

اضفت ان التطرف يصبح خياراً مطروحا حين تنغلق ابواب الاعتدال وان الارهاب يبرز كخيار في الأفق حين تنسد ابواب التغيير السلمي، وفي الحالتين تبرز البنية الثقافية والسياسية كعنصر مهم ومؤثر الى حد كبير في الجنوح نحو التطرف او الارهاب. الدليل على ذلك ان تيارات التطرف والارهاب تنخر في المجتمعات التي ترفرف عليها رايات الحرية والتسامح بحيث تصبح شذوذا واستثناء على القاعدة. في حين تنمو وتزدهر في المجتمعات التي تعاني من القهر والقمع. وفي التجربة المصرية فإن جماعات التكفير والتغيير بالعنف ولدت داخل السجون، وكانت من اصداء سياسة القهر وعمليات التعذيب التي طالت الناشطين.

لفت نظر صاحبنا الى اننا في مصر نعيش وضعا تراجعت فيه جماعات التطرف والارهاب، في حين ظلت السلطة مصرة على موقفها المتشدد الذي يتجلى في لجوئها الى القمع وممارسة العنف في التعامل مع الناشطين، وكثيرة هي المرات التي يحاول فيها الناشطون التعبير عن آرائهم بالتظاهر او الاعتصام او المشاركة في الانتخابات في ظل القانون ومن خلال القنوات الشرعية. ولكن هذه المحاولات لا تقابل من جانب الاجهزة الامنية الا بأساليب البطش التي تتراوح بين الاعتداء بالضرب والاعتقال والمحاكمة. وهو ما يضعنا امام مشهد يمارس فيه الناشطون اعتدالا يلتزمون فيه بحدود القانون، في حين تمارس اجهزة الأمن تطرفا وارهابا يعتدي على القانون وينتهك أبسط حقوق الانسان.

ــــــــــــــ

المصدر : الدستور المصرية 24 أكتوبر 2008

-------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ