ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين  20/10/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


هذه هي مصر

د. محمد عمارة

 كانت مصر ـ منذ فجر التاريخ الإنساني ـ منارة للتوحيد الديني.. وللمدينة والحضارة.. ففي بروعها ـ وعلى عهد آدم ـ عليه السلام ـ بعث الله نبيه ورسوله "إدريس" ـ عليه السلام ـ الذي كان ثالث الأنبياء ـ بعد آدم وشيث(1) ـ.. {واذْكُرْ فِي الكِتَابِ إدْرِيسَ إنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِياً . ورَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِياً} (مريم: 56 ـ 57)..

وكما أرسى إدريس ـ عليه السلام ـ قواعد التوحيد الديني، بمصر ـ منذ فجر التاريخ ـ كذلك أقام قواعد العلم والحكمة والمدنية والحضارة.. وبعبارة "ابن جلجل" (بعد 372 هـ ـ 982م) : "فلقد رسم تمدين المدن، وجمع له طالبي العلم بكل مدينة، فعرفهم السياسة المدنية، وقرر لهم قواعدها.. وعلّمهم العلوم. وهو أول من استخرج الحكمة، وعلم النجوم. فإن الله ،عز وجل، أفهمه أسرار الفلك وتركيبه، ونقط اجتماع الكواكب فيه، وأفهمه عدد السنين والحساب"(2)

فارتبط التوحيد بالمدنية والحكمة والحضارة في تاريخ مصر وتراثها منذ فجر التاريخ.

ـ وفي مصر، عاش عدد من الأنبياء والمرسلين، الذي جددوا عقيدة التوحيد في تاريخ المصريين القدماء..

ومن هؤلاء الأنبياء والمرسلين أبو الأنبياء إبراهيم الخليل ـ عليه السلام ـ الذي جاءها في عصر الهكسوس (1675 ـ 1580ق.م)..

وكذلك يوسف ـ عليه السلام ـ في عهد الأسرة الخامسة عشرة ـ التي بدأ حكمها سنة 1675 ق.م ـ وأبوه يعقوب، وبنوه ـ عليهم السلام ـ ..

كذلك، ولد ونشأ وبعث في مصر موسى ـ عليه السلام ـ وأخوه هارون ـ عليه السلام ـ (حوالي 1200 ق.م).. وعليه نزلت التوارة بلغة مصر ـ الهيروغليفة ـ قبل نشأة العبرة بقرون!..

وإلى مصر لجأن المسيح عيسى بن مريم ـ مع أمه ـ عليهما السلام ـ .. { وجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وأُمَّهُ آيَةً وآوَيْنَاهُمَا إلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ ومَعِينٍ} (المؤمنون: 50)

ـ وإذا كان الله ـ سبحانه وتعالى ـ لحكمة بالغة ـ قد وصف أول أنبياء مصر ـ إدريس ـ "بالصديق".. فكذلك كان الوصف لإبراهيم: { واذْكُرْ فِي الكِتَابِ إبْرَاهِيمَ إنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِياً} (مريم: 41) .. وليوسف { يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِيقُ} (يوسف: 46).. ولأم عيسى: { وأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ} (المائدة: 75)..

ـ ولقد ظل التوحيد ـ مع المدنية ـ يشعان على أرض مصر عبر تاريخها الطويل.. يتجددان فيها ليغالبا الوثنية والتخلف اللذين يأتيانها في ركاب الغزاة..

ففي ربوعها ارتفعت مناجاة "أمنحتب الثالث" (1397 ـ 1360 ق. م) لله الواحد الأحد:

"أيها الموجددون أن توجد.

مصوِّر دون أن تصوًّر.

هادي الملايين إلى السبل.

الخالد في آثاره اتلي لا يحيط بها حصر."

وفي ربوعها تجدد التوحيد مع "أمنحتب الرابع" (أخناتون) (1370 ـ 1349ق.م) الذي ناجى الواحد الأحد:

"أنت إله، يا أوحد، لا شبيه لك.

لقد خلقت الأرض حسبما تهوى، أنت وحدك.

خلقتها ولا شريك لك.

أنت خالق الجرثومة في المرأة.

والذي يذرأ من البذرة أناسًا.

وجاعل الولد يعيش في بطن أمه.

مهدئًا إياه حتى لا يبكي.

ومرضعًا إياه في الرحم.

وأنت معطي النفس حتى تحفظ الحياة على كل إنسان خلقته،

حينما ينزل من الرحم في يوم ولادته،

وأنت تفتح فمه دائمًا،

وتمنحه ضرويات الحياة".(3)

ـ وعبر هذا التاريخ المصري الطويل ـ تاريخ ـ التوحيد والمدنية ـ غالبت مصر العديد من التحديات:

غالبت بداوة الهكسوس.. ودمار الغزوة الفارسية التي قادها "قمبيز" (529 ـ 522ق.م).. والقهر الحضاري والديني والثقافي والسياسي الذي فرضه الغرب الإغريقي ـ الروماني ـ البيزنطي على الشرق، مدة عشرة قروة ـ من "الإسكندر الأكبر" (356 ـ 325 ق.م) ـ في القرن الرابع قبل الميلاد ـ إلى "هرقل" (610 ـ 641م) ـ في القرن السابع للميلاد ـ ..

 

ـ وعندما نجّس الرومان ـ إبان هذه الغزوة ـ التوحيد ـ الذي جدده المسيح ـ عليه السلام ـ .. رفعت مصر لواء النقاء لهذا التوحيد مع أسقف الإسكندرية "آريوس" (256 ـ 366م) ـ الذي أعلن:

"إن الله جوهر أزلي أحد، لم يلد ولم يولد، وكل ما سواه مخلوق، حتى "الكلمة" فإنها، كغيرها من المخلوقات، مخلوقة من لا شيء. وأن المسيح لم يكن قبل أن يولد.. وأن الله قد نجاه من الصلب ـ الذي وقع على الشبيه ـ .."

ولقد ظل هذا التوحيد يغالب شرك التثليث والوثنية حتى ظهر الإسلام، وجاءت الفتوحات الإسلامية (سنة 20 هـ ـ 640م) فحررت المظلومين من القهر الحضاري والديني الذي فرضه الغرب الروماني على الشرق لأكثر من عشرة قرون.

***

* ولقد شهد بهذا التحرير الإسلامي ـ للأوطان.. والضمائر .. والعقائد ـ كل الذين شهدون، ونعموا بآثاره في العدل والحرية والأمن والأمان.. وكل الذين درسوه، بحياد وإنصاف.. فكتب شاهد العيان، الأسقف الأرثوذكسي ـ أسقف "نقيوس" ـ "يوحنا النقيوسي" يقول:

"إن الله، الذي يصون الحق، لم يمهل العالم، وحكم على الظالمين، ولم يرحمهم لتجرئهم عليه، وردهم إلى أيدي الإسماعيليين ـ (العرب المسلمين..

ثم نهض المسلمون وحازوا كل مدينة مصر.. وكان هرقل حزينًا.. وبسبب هزيمة الروم الذين كانوا في مدينة مصر، وبأمر الله الذي يأخذ أرواح حكامهم.. مرض هرقل ومات..

وكان عمرو ـ (بن العاص) ـ يقوى كل يوم في عمله، ويأخذ الضرائب التي حددها، ولم يأخذ شيئًا من مال الكنائس، ولم يرتكب شيئًا ما، سلبًا أو نهبًا، وحافظ عليها طوال الأيام..

ودخل الأنبا "بنيامين" ـ بطريرك المصريين ـ مدينة الإسكندرية، بعد هربه من الروم في العام 13 ـ (أي العام الثالث عشر من تاريخ هروبه) ـ وسار إلى كنائسه، وزارها كلها، وكان كل الناس يقولون: هذا النفي، وانتصار الإسلام، كان بسبب ظلم هرقل الملك، وبسبب اضطهاد الأرثوذكسيين على يد البابا "كيرس" ـ (البطرك المعين من قبل الدولة الرومانية في مصر) ـ ..

وهلك الروم لهذا السبب، وساد المسلمون مصر..

وخطب الأنبا "بنيامين" ـ في دير "مقاريوس" ـ فقال:

"لقد وجدت في الإسكندرية زمن النجاة والطمأنينة اللتين كنت أنشدهما، بعد الاضطهاد والمظالم التي قام بتمثيلها الظلمة المارقون.."(4)

* ولقد جدد هذه الشهادة ـ بعد خمسة قرون من الفتح الإسلامي ـ الأسقف "ميخائيل الأكبر" Michael theElder (1126 ـ 1199م) بطريق أنطاكية اليعقوبي ـ فقال:

"إن إله الانتقام، الذي تفرد بالقوة والجبروت، والذي يذيل دولة البشر كما يشاء، فيؤتيها من يشاء.. لما رأى شرور الروم، الذين لجئوا إلى القوة، فنهبوا كنائسنا، وسلبوا أديارنا في كافة ممتلكاتهم، وأنزلوا بنا العقاب في غير رحمة ولا شفقة، أرسل أبناء إسماعيل من بلاد الجنوب ليخلصنا على أيديهم من قبضة الروم.. ولما أسلمت المدن للعرب، خصص هؤلاء لكل طائفة الكنائس التي وجدت في حوزتها.. ولم يكن كسبا هينا أن نتخلص من قسوة الروم وآذاهم وحنقهم وتحمسهم العنيف ضدنا، وأن نجد أنفسان في أمن وسلام.."(5)

***

* ومن علماء الغرب، الذين شهدوا لتحرير الفتوحات الإسلامية أوطان الشرق وضمائر شعوبه، العلامة سير توماس أرنولد (1864 ـ 1930م).. الذي قال:

"إنه من الحق أن نقول: إن غير المسلمين قد نعموا، بوجه الإجمالي، في ظل الحكم الإسلامي، بدرجة من التسامح لا نجد لها معادلاً في أوروبا قبل الأزمة الحديثة.

وإن دوام الطوائف المسيحية في وسط إسلامي يدل على أن الاضطهادات التي قاست منها بين الحين والآخر على أيدي المتزمتين والمتعصبين، كانت من صنع الظروف المحلية، أكثر مما كانت عاقبة مبادئ التعصب وعدم التسامح.."(6)

* والعالم الألماني الحجة "آدم متز" (1869 ـ 1917م) الذي قال:

"لقد كان النصارى هم الذين يحكمون بلاد الإسلام"!(7)

***

وكذلك، شهد على هذه الحقيقة، من نصارى مصر، في العصر الحديث:

ـ المؤرخ يعقوب نخلة روفيلة (1847 ـ 1905م) ـ صاحب كتاب (تاريخ الأمة القبطية) ـ الذي كتب يقول :

"ولما ثبت قدم العرب في مصر، شرع عمرو بن العاص في تطمين خواطر الأهلين واستمالة قلوبهم إليه، واكتساب ثقتهم به، وتقريب سراة القوم وعقلائهم منه، وإجابة طلباتهم.

وأول شيء فعله من هذا القبيل: استدعاء "بنيامين" البطريرك، الذي اختفى من أيام هرقل ملك الروم، فكتب أمانا وأرسله إلى جميع الجهات يدعو فيه البطريرك للحضور، فلا خوف عليه ولا تثريب، ولما حضر، وذهب لمقابلته ليشكره على هذا الصنيع، أكرمه، وأظهر له الولاء، وأقسم له بالأمان على نفسه وعلى رعيته، وعزل البطريرك الذي كان أقامه هرقل، ورد "بنيامين" إلى مركزه الأصلي معززًا مكرمًا..

وكان "بنيامين" موصوفًا بالعقل والمعرفة والحكمة، حتى سماه بعضهم "بالحكيم". وقيل إن عمرو لما تحقق ذلك منه، قربه إليه، وصار يدعوه في بعض الأوقات ويستشيره في الأحوال المهمة المتعلقة بالبلاد وخيرها. وقد حسب الأقباط هذا الالتفات منه عظيمة وفضلاً جزيلاً لعمرو.

واستعان عمرو في تنظيم البلاد بفضلاء القبط وعقلائهم على تنظيم حكومة عادلة تضمن راحة الأهالي، فقسم البلاد إلى أقسام يرأس كلاً منها حاكم قبطي ينظر في قضايا الناس ويحكم بينهم، ورتب مجالس ابتدائية واستئنافية مؤلفة من أعضاء ذوي نزاهة واستقامة، وعين نوابًا من القبط، ومنحهم حق التداخل في القضايا المختصة بالأقباط، والحكم فيها بمقتضى شرائعهم الدينية والأهلية، وكانوا بذلك في نوع من الحيرة والاستقلال المدني، وهي ميزة كانوا قد جردوا منها في أيام الدولة الرومانية..

وضرب ـ (عمرو بن العاص) ـ الخراج على البلاد بطريقة عادلة.. وجعله على أقساط، في آجل معينة، حتى لا يتضايق أهل البلاد..

وبالجملة، فإن القبط نالوا في أيام عمرو بن العاص راحة لم يروها من أزمان.."(8)

أي أن الفتح الإسلام ـ بهذه الشهادة ـ قد :

ـ حرر الأرض والوطن..

ـ وحرر الضمائر والعقائد.. وكان "إنقاذًا" و"خلاصًا" للنصرانية الشرقية..

ـ وحرر دور العبادة ـ الكنائس والأديرة ـ وردها إلى أصحابها..

ـ وحرر الإنسان ـ وأمن الهاربين..

ـ وأشرك أهل مصر في حكم البلاد، لأول مرة منذ عشرة قرون!..

* وكذلك، شهد المؤرخ النصراني المعاصر د. جاك تاجر (1918 ـ 1952م).. فقال:

"إن الأقباط قد استقبلوا العرب كمحررين، بعد أن ضمن لهم العرب، عند دخولهم مصر، الحرية الدينية، وخففوا عنهم الضرائب..

ولقد ساعدت الشريعة الإسلامية الأقباط على دخولهم الإسلام وإدماجهم في المجموعة الإسلامية، بفضل إعفائهم من الضرائب..

أما الذين ظلوا مخلصين للمسيحية، فقد يسر لهم العرب سبل كسب العيش.. إذ وكلوا لهم أمر الإشراف على دخل الدولة.."(9)

ذلك هو تاريخ مصر ـ في التوحيد.. والمدنية ـ

وتلك هي تقلباته بين قهر الغرب وتحرير الإسلام..

وهذه بعض شهادات العلماء الأعلام ـ من غير المسلمين ـ على التحرير الذي أنجزته فتوحات الإسلام..

***

ولأن الإسلام قد أحيا مصر ـ بعد قرون من الموات والقهر الحضاري والديني ـ فلقد تبوأت مصر مكان القيادة والإمامة والريادة في تاريخ الإسلام.. فخدمت علوم الحضارة الإسلامية في مختلف ميادين تلك العلوم.. وغدت "الكنانة" التي يرابط أهلها على ثغور الإسلام في مواجهة كل محاولات الغزو الغربي، التي استمرت جاهدة لإعادة اختطاف مصر والشرق من تحرير الإسلام..

ـ فمصر هي التي قادت التحرير من الغزوة الصليبية ـ التي دامت قرنين من الزمان (489 ـ 690هـ ـ 1096 ـ 1291م) ـ .. والتي مثلت أشهر ألوان الاستعمار الاستيطاني في التاريخ الوسيط..

ـ وهي التي كسرت شوكة الغزوة التترية (658 هـ ـ 1260م) التي هددت الحضارة والوجود الإسلامي..

ـ وهي التي تصدت للغزوة الصليبية الثانية ـ التي بدأت عقب إسقاط غرناطة (897هـ ـ 1492م).. حتى لقد ذهب جيشها فحارب البرتغاليين على شواطئ الهند سنة 910هـ 1504م ـ ..

ـ وهي التي ساعدت ودعمت ثورات التحرر الوطني ـ ضد الاستعمار الغربي (بآسيا وإفريقيا) ـ في العصر الحديث..

ـ وهي الصامدة ـ المتحينة للفرصة بإزاء الاستعمار الاستيطان الصهيوني على أرض فلسطين..

***

ولأن هذه هي مكانة مصر ـ في المواجهة التاريخية والحضارية بين الغرب والإسلام ـ استحقت أن تعقد لها في كتب التاريخ الإسلامي الأبواب التي تتحدث عن "فضائل مصر".. بل والكتب التي تؤلف تحت هذا العنوان(10)

وهي الكتب والفصول التي رصدت ما جاء، عن مصر في القرآن الكريم .. من مثل:

{ وأَوْحَيْنَا إلَى مُوسَى وأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً واجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً} (يونس: 87)

{ ادْخُلُوا مِصْرَ إن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} (يوسف: 99)..

{ اهْبِطُوا مِصْراً فَإنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ} (البقرة: 61)..

{ وجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وأُمَّهُ آيَةً وآوَيْنَاهُمَا إلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ ومَعِينٍ} (المؤمنون: 50)

{ وقَالَ الَذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ} (يوسف: 21)

{ودَخَلَ المَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ} (القصص: 15)

{ وجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَا المَدِينَةِ يَسْعَى} (القصص: 20)

{ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي} (الزخرف: 51)

{ كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وعُيُونٍ . وزُرُوعٍ ومَقَامٍ كَرِيمٍ. ونَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ} (الدخان: 25 ـ 27)..

وغيرها من عشرات الآيات القرآنية التي ورد فيها ذكر مصر بالقرآن الكريم..

* ومثل ما روي ـ في فضل مصر ـ عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ .. من مثل قوله:

ـ "ستفتح عليكم بعدي مصر، فاستوصوا بقبطها خيرًا، فإن لكم منهم صهرا وذمة" (راوه مسلم)

ـ "ستفتحون أرضا يذكر فيها القيراط، فاستوصوا بأهلها خيرًا، فإن لهم ذمة ورحمًا" (رواه مسلم)

ـ "إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا فيها جندا كثيفًا، فذلك الجند خير أجناد الأرض، لأنهم في رباط إلى يوم القيامة" (رواه عمر بن الخطاب وأخرجه المقريزي في [الخطط])..

*وإذا كان المسلمون قد فتحوا ـ وحرروا ـ الشام والعراق والخليج وفارس في عام واحد.. فلقد استغرق فتحهم ـ وتحريرهم ـ لمصر خمس سنوات!..

وفي تحريرها هذا شارك من صحابة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ والجيل الفريد الذين رباهم الرسول، وصنعهم على عينه ـ أكثر من مائة من خيار الصحابة.. منهم:

الزبير بن العوام (28ق.هـ ـ 36هـ ـ 596 ـ 656م)

والمقداد بن الأسود (37ق.هـ ـ 33هـ ـ 587 ـ 653م)

وعبادة بن الصامت (38ق.هـ ـ 34هـ ـ 586 ـ 654م)

وأبو الدرداء (32هـ 652م)

وفضالة بن عبيد (53هـ 673م)

وعقبة بن عامر (58هـ 678م)

وأبو ذر الغفاري (32هـ 652م)

ومحمية بن جزء الزبيدي (25هـ 645م)

ونبيه بن صواب ( )

ورافع بن مالك (3هـ 625م)

وربيعة بن شرحبيل بن حسنة ( )

وسعد بن أبي وقاص (23ق.هـ ـ 55هـ ـ 600 ـ 661م)

وعمرو بن علقمة ( )

وعبد الله بن عمرو بن العاص (7ق.هـ ـ 65هـ ـ 616 ـ 684م)

وعبد الله بن عمر بن الخطاب (10ق.هـ ـ 73هـ ـ 613ـ 692م)

وخارجة بن حذافة (40هـ 660م)

وعبد الله بن سعد بن أبي سرح (37هـ 657م)

وأبو رافع ـ مولى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ( )

ومحمد بن مسلمة (35ق.هـ ـ 43هـ ـ 589 ـ 663م)

ومسلمة بن مخلد (1ـ 62هـ ـ 622 ـ 682م)

وأبو أيوب الأنصاري (52هـ 672م)

ورويفع بن ثابت بن السكن الأنصاري (56هـ ـ 676م)

وهبيب بن مغفل ( )

وكعب بن ضنة ( )

ومعاوية بن حديج (52هـ 672م)

وعمار بن ياسر (57ق.هـ ـ 37هـ ـ 567ـ 657م)

وعمرو بن العاص (50ق.هـ ـ 43هـ ـ 574ـ 664م)

وأبو هريرة (21ق.هـ ـ 59هـ ـ 602 ـ 679م)

وغيرهم من صحابة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ..(11)

***

هذه هي مصر.. التي قال عنها قائد فتحها عمرو بن العاص: "إن ولايتها جامعة، تعدل الخلافة"

والتي جاء في المأثورات:

"من أرادها بسوء كبه الله على وجهه"

"ومن أراد أهلها بسوء صرعه الله"

والتي قال عنها سفيان بن عيينة (107 ـ 198هـ ـ 725ـ 814م):

"إنها كنانة الله، يحمل فيها خير سهامه"(12)

والتي صدّق التاريخ على معاني هذه الأحاديث والمأثورات التي قيلت فيها.. فكانت ـ عبر تاريخ الإسلام ـ مقبرة الغزاة والإمبراطوريات الاستعمارية.. لأن أهلها ـ كما قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ "في رباط إلى يوم القيامة"..

***

ولأن هذا هو تاريخ مصر ـ في التوحيد الديني.. وفي المدنية والحضارة ـ .. وتلك هي مكانتها في الإسلام.. وفي مواجهة التحديات الصليبية والصهيونية.. كان التآمر عليها..

ـ فالصليبيون اعتبروا السيطرة عليها الشرط الضروري لاحتلاهم للقدس الشريف!..

ـ وجمال الدين الأفغاني (1254 ـ 1314هـ ـ 1838 ـ 1897م) سماها : "بوابة الحرمين الشريفين"!..

ـ والمنظمة الصهيونية العالمية اعتبرت تفتيتها شرطًا لتفتيت كل وطن العروبة وعالم الإسلام، فقالت: "إذا تفتتت مصر تفتت الباقون"!..

ولتحقيق هذه المقاصد المعادية، أعلن الأعداء عليها الحرب.. لا بالغزو الخارجي فقط ـ فهي قد تمرست على مواجهته ـ وإنما ـ أيضًا ـ بغواية الأقليات فيها ـ وفي محيطها العربي والإسلامي ـ لتصبح بين "المطرقة" و"السندان".. مطرقة التحديات الخارجية.. وسندان زعزعة الاستقرار في جبهتها الوطنية الداخلية!..

ولكشف هذا المخطط ـ منذ مطلع عصرنا الحديث ـ نقدم هذه الدراسة التي تحملها صفحات هذا الكتاب..

سائلين المولى سبحانه وتعالى أن تكون "نداء" يوقظ الأمة، لترى حقائق هذا الكيد الماكر الذي يكيده الأعداء.. الداخليون والخارجيون ـ لمصر .. والعروبة .. والإسلام

القاهرة

رمضان سنة 1429هـ - سبتمبر سنة 2008م

الدكتور محمد عمارة

ــــــــــــــــ

* هوامش :

1ـ عبد الوهاب النجار (قصص الأنبياء) ص24 ـ طبعة دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

2ـ المصدر السابق ص 25و26 ـ نقلا عن (أخبار الحكماء) للقفطي, وانظر ـ كذلك ـ (طبقات الأطباء) لابن جلجل ص 5و6 ـ تحقيق: فؤاد سيد ـ طبعة القاهرة سنة 1955م.

3ـ د. عبد المنعم أبو بكر (أخناتون) طبعة القاهرة سنة 1961م.

4ـ (تاريخ مصر ليوحنا النقيوس: رؤية قبطية للفتح الإسلامي) ص 201و220 ـ ترجمة ودراسة" د. عمر صابر عبد الجليل. طبعة دار عين ـ القاهرة سنة 2000م.

5ـ سير. توماس ارنولد (الدعوة إلى الإسلام) ص 72و73 ـ ترجمة" د. حسن إبراهيم، د. عبد المجيد عابدين، إسماعيل النحراوي ـ طبعة القاهرة سنة 1970م.

6ـ المصدر السابق. ص 461و462.

7ـ آدم متز (الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري) جـ 1 ص105. ترجمة: د. محمد عبد الهادي أبو ريدة ـ طبعة بيروت سنة 1967م.

8ـ يعقوب نخلة (تاريخ الأمة القبطية) ص 54 ـ 57 ـ تقديم: د. جودت جبرة ـ طبعة مؤسسة مار مرقس لدراسة التاريخ ـ القاهرة سنة 2000م.

9ـ د. جاك تاجر (أقباط ومسلمون منذ الفتح العربي إلى عام 1922م) ص 309 و315 ـ طبعة الهيئات القبطية بالمهجر ـ مدينة جرسي ـ أمريكا ـ سنة 1984م.

10ـ انظر (فضائل مصر) لعمر بن محمد بن يوسف الكندي ـ تحقيق: إبراهيم أحمد العدوي، على محمد عمر ـ طبعة مكتبة وهبة ـ القاهرة سنة 1971م.. وكذلك ما كتبه المقريزي ـ في الخطط ـ وفي السيوطي ـ في حسن المحاضرة ـ وابن تغري بردي ـ في النجوم الزاهرة ـ والنويري ـ في نهاية الأرب ـ والقلقشندي ـ في صبح الأعشى ـ وابن سعيد ـ في المغرب ـ وابن ظهيرة ـ في محاسن مصر والقاهرةـ.. تحت عنوان "فضائل مصر"..

11ـ فضائل مصر ص 37 ـ 40.

12ـ المصدر السابق ص 45و46و49.

-------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ