ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 01/09/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


فرحة ما تمت

فهمي هويدي

هذه ومضة فرح لاحت في الأفق لعدة ساعات ثم ما لبثت أن تبددت. فقد أعلن في بيروت يوم 18/ 8 الحالي عن توقيع وثيقة تفاهم بين حزب الله ومجموعة تمثل السلفيين. وذلك حدث مفاجئ وكبير بكل المعايير، لبنانيا وعربيا واسلاميا. ذلك أن المتابع لنشاطات الحزب وتحركاته، كان يمكن ان يتوقع منه اي شيء إلا هذه الخطوة بالذات.

فتفاهمهم مع الموارنة والدروز والقوميين السوريين والشيوعيين وأهل السنة، وكل ما يخطر على بالك من اصحاب الملل والنحل، كل ذلك محتمل ولا مفاجأة فيه. ولكن ان يتفقوا مع السلفيين، فذلك يمكن ان ينضاف الى عجائب الدنيا وغرائبها. وهذا الكلام ينطبق بدوره على السلفيين، الذين كان آخر ما يتوقعه المرء منهم ان يوقعوا وثيقة تفاهم مع الشيعة المنخرطين في حزب الله.

هذا الكلام يدركه جيدا كل من اقترب من دائرة الخلاف بين الشيعة والسلفيين، حيث يعرف ان التفاهم بين الشيعة وأهل السنة ممكن، وبين الاخيرين من لا يجد غضاضة في ابرام ذلك التفاهم، الذي كان ولا يزال هدف الدعوة الى التقريب بين المذاهب التي انطلقت في مصر في اربعينيات القرن الماضي، وخلالها صدرت فتوى الشيخ شلتوت الشهيرة التي اعترفت بالمذهب الشيعي الجعفري (نسبة الى الامام جعفر الصادق) واعتبرته من المذاهب التي يجوز التعبد بها شرعا، الأمر الذي تزامن مع دراسة المذهب الشيعي في الازهر، في اطار دراسة الفقه المقارن. لكن التفاهم الشيعي- السني اذا كان ممكنا، فإنه يصبح مستحيلا مع السلفيين الذين لديهم تحفظات كثيرة على الشيعة، وأغلبهم يخرجونهم من الملة، ويعتبرونهم اهل بدع ينكرون المعلوم من الدين بالضرورة. لكنهم جميعا يعتبرون انه لا مجال للوصول الى صيغة للتفاهم او التعايش مع الشيعة.

ما يبعث على الدهشة في الحدث اللبناني ان وثيقة التفاهم التي اعلنت صدرت في مناخ عام يخيم عليه الشقاق والتوتر بين الشيعة والسنة، بعدما نجحت حملات الدس والوقيعة في تحويل الصراع السياسي المحتدم هناك الى صراع مذهبي، في بعض اوجهه على الاقل.

وحين طلبت مني احدى الاذاعات تعليقا على الموضوع، قلت ان الذين أصدروا وثيقة التفاهم لم يوقعوها كشيعة او سلفيين، وانما كوطنيين لبنانيين ارتأوا انها تشكل ضرورة لترسيخ مفهوم التعدد والحرص على العيش المشترك.

قلت ايضا ان هذه الروح الوفاقية تعبر عن نضج في الوعي السياسي نفتقده في ساحات اخرى في العالم العربي، خصوصا في الانظمة الموالية للسياسة الاميركية التي تراهن على تفجير الصراع المذهبي في المنطقة، الذي حقق نجاحا نسبيا في العراق، ورغم أن مساعي الوفاق لها تجلياتها التي تتحرك ببطء في الكويت والبحرين، وهو امر جدير بالتسجيل والترحيب -إلا أنه لم يصل بعد الى حد اثبات هذا الموقف في وثيقة معلنة وبنود محددة.

لقد تضمنت وثيقة التفاهم التي أعلنت في مؤتمر صحافي في بيروت حضره ممثلو الطرفين ثماني نقاط تم التوافق عليها، أبرزها ما يلي:

التأكيد على حرمة الدم المسلم، وإدانة اي اعتداء من مجموعة مسلمة على اخرى

- الامتناع عن التحريض وتهييج الصدام بما يؤجج نار الفتنة بين الطرفين

- الوقوف في وجه المشروع الاميركي-الصهيوني الأكثر حرصا على إثارة الفتنة والمراهنة على التجزئة والتفتيت

- السعي بكل السبل الى القضاء على الفكر التكفيري الذي يتبناه البعض على الجانبين

- تشكيل لجنة تضم علماء يمثلون الطرفين للبحث في المسائل الخلافية بينهما والحيلولة دون انتقالها الى الشارع

- والاعتراف بحق كل طرف في أن يمارس حرية اعتقاده من دون ان يكون لأي منهما أن يفرض رأيه على الآخر.

هذا التفاهم أزعج دوائر الغلاة بين السلفيين والمعبَّئين من اهل السنة ضد الشيعة، والمراهنين على تأجيج الفتنة واستمرار الشقاق، فمارسوا ضغوطا قوية على المجموعة السلفية التي وقعت على الوثيقة (جمعية الإيمان والعدل والإحسان)، أثمرت اعلانا عن تجميد الوثيقة «حتى يتم جمع شمل اهل السنة ويتسع التشاور حول مضمونها، بما يعيد الصفاء الى الساحة اللبنانية السنية»، كما قيل في بيان صدر بهذا الخصوص. وبهذا الاعلان اجهض الاتفاق، وهدأت نفوس المراهنين على الفرقة والتشتت، حيث اطمأنوا الى ان مخططاتهم مستمرة من دون أي عوائق.

ـــــــــــ

المصدر : الدستور المصرية 27/8/2008

-------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ