ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 24/05/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


"اتفاق الدوحة" اللبناني في السياق الإقليمي

معهد الشرق العربي في لندن 22/5/2008

تمهيد:

وقعت الأطراف اللبنانية في العاصمة القطرية يوم الأربعاء 21 أيار/ مايو 2008 اتفاقاً حمل اسم "اتفاق الدوحة"، توج خمسة أيام من المفاوضات الصعبة التي بدأت يوم الجمعة الماضي، تحت رعاية لجنة وزارية عربية يرأسها رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني.

ويُفترض أن ينهي الاتفاق أزمة سياسية مستحكمة في لبنان مستمرة منذ أكثر من 18 شهراً، تخللتها أحداث كثيرة، مثل حرب تموز/ يوليو 2006 بين إسرائيل و"حزب الله"، وانسحاب القوى الشيعية من حكومة رئيس الوزراء فؤاد السنيورة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2006، وبقاء البلاد بلا رئيس منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق إميل لحود في تشرين الثاني/ نوفمبر 2007، وتعطيل المجلس النيابي الذي رفض رئيسه نبيه بري دعوته إلى الانعقاد لغير انتخاب رئيس للجمهورية لشهور طويلة، فضلاً عن الاعتصام الدائم للمعارضة في وسط بيروت، واجتياح عناصر "حزب الله" المسلحين قبل حوالي أسبوعين العاصمة بيروت، وحصول اشتباكات دامية محدودة أثارت مخاوف من فتنة مذهبية، واحتمالات اندلاع حرب أهلية جديدة.

يراجع هذا التقرير بنود "اتفاق الدوحة" ويلقي الضوء على أهميته في السياق الإقليمي، وآثاره سورياً وعربياً، واحتمالات المستقبل القريب.

 

أ - مضمون الاتفاق:

تم توقيع "اتفاق الدوحة" بمشاركة وضمانات عربية. وأبرز النقاط التي اتفقت عليها الموالاة والمعارضة في لبنان هي:

1) الرئاسة: "أن يدعو رئيس مجلس النواب البرلمان اللبناني للانعقاد طبقاً للقواعد المتبعة خلال 24 ساعة لانتخاب المرشح التوافقي العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية".

2) حكومة الوحدة الوطنية: "تشكيل حكومة وحدة وطنية من 30 وزيراً، توزع على أساس: 16 وزيراً للأغلبية، 11 للمعارضة، 3 للرئيس، وتتعهد كافة الأطراف بمقتضى هذا الاتفاق بعدم الاستقالة أو إعاقة عمل الحكومة"، وبذلك تكون الأكثرية النيابية حصلت على النصف + واحد، وحصلت المعارضة على الثلث + واحد.

3) قانون الانتخاب: "اعتماد القضاء طبقاً لقانون 1960 كدائرة انتخابية في لبنان"، ومناقشة البرلمان "البنود الاصلاحية" الواردة في اقتراح القانون الذي أعدته اللجنة الوطنية برئاسة الوزير السابق فؤاد بطرس.

4) سلاح "حزب الله": "تعهد الأطراف حظر اللجوء إلى استخدام السلاح أو العنف أو الاحتكام إليه فيما قد يطرأ من خلافات أياً كانت هذه الخلافات وتحت أي ظرف كان (..) وحصر السلطة الأمنية والعسكرية على اللبنانيين والمقيمين بيد الدولة بما يشكل ضمانة لاستمرار صيغة العيش المشترك والسلم الأهلي"، و"تطبيق القانون واحترام سيادة الدولة في كافة المناطق اللبنانية".

5) الحوار الوطني: "يتم استئناف هذا الحوار برئاسة رئيس الجمهورية فور انتخابه وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية وبمشاركة الجامعة العربية وبما يعزز ثقة اللبنانيين".

6) التصعيد السياسي: أشار الاتفاق إلى أن القيادات السياسية "أعادت تأكيد الالتزام بوقف استخدام لغة التخوين أو التحريض السياسي أو المذهبي على الفور".

 

ب - مواقف الأطراف اللبنانية:

أبرز المواقف التي عبرت عنها الأطراف اللبنانية من الاتفاق هي:

العماد ميشال سليمان (قائد الجيش، والمرشح التوافقي لرئاسة الجمهورية - محايد): قال لوكالة فرانس برس والابتسامة تعلو وجهه "أنا مسرور جداً"، وتوقع خلال استقباله عدداً من المهنئين ألا يتم انتخابه رئيساً توافقياً قبل عطلة نهاية الأسبوع.

فؤاد السنيورة رئيس الوزراء (من الموالاة): أشاد في كلمته في المؤتمر الصحفي الذي أعلنت خلاله بنود الاتفاق به، واعتبر حوار الدوحة "خطوة أساسية هامة على طريق التعامل فيما بيننا لمعالجة المشكلات خصوصاً بسط سيادة الدولة على كامل أراضيها"، واصفاً الاتفاق بأنه "اتفاق استثنائي في مرحلة استثنائية اقتضتها ظروف استثنائية". وقال "ما جرى أمر كبير نستخلص منه دروساً وعبراً أهمها نبذ العنف (..) وأن لا نحتكم إطلاقاً إلى السلاح لحل الخلافات السياسية وإنما نحلها بالحوار بشكل حضاري وديموقراطي"، و"نعود لنتمسك باتفاق الطائف كناظم للعلاقات اللبنانية" داعيا إلى تعزيز العلاقات مع سوريا "بناء على المصالح المشتركة"، و"نريد ان تسهم الجامعة العربية في تصويبها".

وقال "لا مستقبل إلا بوحدتنا الوطنية التي تحمينا وتمكننا من مواجهة إسرائيل ولا طريق اخر لضمان استمرار صيغتنا الفريدة"، ودعا إلى تعزيز الجيش والقوى الأمنية "ليكونوا مجهزين ومدربين لحماية الوطن وحماية الأمن لدى اللبنانيين"، وختم بقوله "هذه وصيتنا لا تخوين لا شيطنة نحن نعيش سوية وسنظل".

سعد الحريري زعيم تيار المستقبل (من الموالاة): قال "لقد فتح هذا الاتفاق صفحة جديدة يجب أن تبدأ بالمصالحة"، ولكنه استدرك بأن "الجراح عميقة ونأمل بأن تندمل" في إشارة إلى الاحداث التي وقعت في بيروت عندم سيطرت المعارضة عسكرياً على غرب العاصمة.

العماد ميشال عون زعيم التيار الوطني الحر (من المعارضة): قال في تصريح صحافي "إنها مناسبة سعيدة لكل اللبنانيين والمنتصر هو لبنان وجميع الأطراف الذين عملوا على التوصل إلى هذا الاتفاق"، وتابع "هنيئاً للبنانيين. لم نخيب آمالهم، كانوا يطالبوننا بالاتفاق وقد حققناه". وعلق على المناقشات حول تقسيم الدوائر الانتخابية في بيروت بالقول "لقد أخذنا هواجس الطرف الآخر بعين الاعتبار والطرف الآخر أخذ هواجسنا بعين الاعتبار". علماً أنه كان اتهم الموالاة قبل يوم واحد بأنها "تريد أن تخرب البلد من أجل مقعد انتخابي".

المرجع الشيعي محمد حسين فضل الله (محسوب على المعارضة): قال إن "التسوية التي خرجت بعملية قيصرية لم تكن لتتم لولا تضافر الكثير من العوامل الخارجية والداخلية"، وقد "شكلت منطلقا للخروج إلى فضاء سياسي جديد نأمل ان يطل على مرحلة اكثر رحابة، سواء على مستوى الخطاب السياسي او على مستوى الحركة والموقف". وشدد على أن "التجربة التي عاشها اللبنانيون في السنوات الاخيرة افسحت في المجال لكثير من العناصر الخارجية ان تدخل على خط حركتهم الداخلية لتعطل امكانات الحل".

سمير جعجع رئيس الهيئة التنفيذية لحزب القوات اللبنانية (من الموالاة): وصف الاتفاق بأنه "نقطة انطلاق جيدة، ونأمل أن يكون جميع الفرقاء جاهزين لتحمل المسؤولية". وعلق على ما إذا كان هناك من رابح وخاسر "إن أي تسوية لا تجسد أحلام الجميع".

نبيه بري رئيس مجلس النواب اللبناني (رئيس حركة أمل - من المعارضة): أعلن رفع اعتصام المعارضة المستمر منذ نهاية عام 2006 في وسط بيروت والهادف إلى إسقاط حكومة فؤاد السنيورة. كما حدد يوم الأحد 25 أيار/ مايو 2008 موعدا لانتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيساً للبنان، في بيان صادر عن البرلمان الخميس.

 

3 - المواقف الإقليمية والدولية:

أبرز المواقف الإقليمية والدولية من الاتفاق جاءت على النحو التالي:

قطر: عبر أميرها الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني عن تفاؤله بنجاح الاتفاق السياسي، وقال "أطمئن شعب لبنان الذي خرج مخاطباً زعماءه أن لا تعودوا بدون اتفاق. أقول له لقد اتفقوا وهم على طريق العودة لبدء يوم جديد نرجوه صاف وسالم"، وأكد ان لقاء الدوحة الذي استمر خمسة ايام "نجح لان الاطراف جميعا تحملوا مسؤولياتهم بشجاعة واتخذوا مواقف تعلو على المشاعر"، وقال "وسعنا الحوار مدركين ان حلا واحدا يجنب لبنان الفتنة والفوضى ويخرجه من دائرة الصدام الدموي إلى ساحة التوافق الرحبة بين اهله".

جامعة الدول العربية: قال أمينها العام عمرو موسى "أؤكد أننا وصلنا إلى صيغة لا غالب ولا مغلوب"، موضحاً "أثبتنا أن الصيغة اللبنانية التاريخية، لا غالب ولا مغلوب، هي الصيغة الوحيدة التي يمكن أن تصل بنا إلى بر الأمان"، واعتبر أن يوم الاتفاق "هو يوم تاريخي بدون شك، يوم صلح الدوحة، يوم وقع فيه الكل وتراضى فيه الجميع على وثيقة تعيد اطلاق لبنان".

السعودية: أيدت الاتفاق ودعمته، وقال سفيرها في لبنان عبد العزيز خوجة (الموجود حالياً في الرياض إذ غادر لبنان خلال المواجهات المسلحة الأخيرة بين أنصار المعارضة والأكثرية) "إن السعودية تعلن تأييدها ودعمها للاتفاق بين اللبنانيين في الدوحة"، موضحاً أن "المملكة كما هو معروف دائما تقف مع وحدة لبنان واستقراره وسيادته"، وقال "من المعروف أيضاً أن المملكة ومصر هما اللتان دعتا إلى اجتماع الجامعة العربية لبحث الاحداث الاخيرة في لبنان وتم تشكيل اللجنة العربية في الاجتماع" الذي انعقد في القاهرة، وأضاف "نحن سعداء بان تتكلل جهود اللجنة وجهود امير قطر بهذا النجاح ونرجو ان يكون هذا الاتفاق تتويجا للسلم الاهلي في لبنان ونأمل ان يتم تطبيقه فورا حتى يستعيد لبنان عافيته". وأكد خوجة انه سيعود "قريبا إلى لبنان".

سورية: اتصل رئيسها بشار الأسد بأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وهنأه بالاتفاق. كما قال وزير خارجيتها وليد المعلم إن بلاده تدعم الاتفاق، موضحاً لوكالة فرانس برس "نحن في سورية نشيد بجهود اللجنة العربية ونؤكد أهمية التوافق الذي توصل إليه الأشقاء في لبنان"، و"نأمل ان يكون هذا التفاهم مدخلاً لحل الازمة السياسية في لبنان، وسورية تدعم كل ما يتوافق عليه الأشقاء في لبنان لان امن واستقرار لبنان هام وحيوي بالنسبة لامن واستقرار سورية". وأعرب عن اعتقاده بأن اتفاق الدوحة "سيقلب صفحة الماضي وسينظر إلى مصالح لبنان أولاً بعيداً عن تراشق الاتهامات وعلى قاعدة لا غالب ولا مغلوب والغالب الوحيد هو لبنان".

وكانت صحف سورية أثنت في الأيام الأخيرة على الجهود القطرية، معرّضة بالدور السعودي في الأزمة اللبنانية.

إيران: أعلن الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية محمد علي حسيني، أن إيران "ترحب إيران باتفاق الاطراف اللبنانيين على حل الأزمة السياسية في البلاد وتهنئ الأطراف اللبنانيين، واللجنة الوزارية في الجامعة العربية وحكومة قطر"، و"تتمنى الجمهورية الإسلامية في إيران ان يؤدي اتفاق الدوحة (..) إلى مستقبل باهر ومزدهر للشعب للبناني ويشكل مرحلة اولى لتحرير الاراضي اللبنانية المحتلة" من إسرائيل.

مصر: رحبت بالاتفاق ودعت إلى تطبيقه "بإخلاص". وقال وزير خارجيتها أحمد أبو الغيط إن "الاتفاق ينهي ازمة معقدة كادت تعصف باستقرار لبنان لولا حكمة بعض السياسيين اللبنانيين وسرعة التدخل العربي لاحتواء الموقف"، وإن "مصر تشعر بالارتياح بشكل خاص لما تضمنه اتفاق الدوحة بشان تعهد جميع الاطراف اللبنانية بعدم اللجوء مجددا إلى استخدام السلاح لحسم اي نزاعات او تحقيق مكاسب سياسية".

الأردن: رحب بالاتفاق "التاريخي" معرباً عن الأمل في أن "يترجم هذا الاتفاق على أرض الواقع". وعبر ناصر جودة وزير الدولة لشؤون الاعلام والاتصال ووزير الخارجية بالوكالة في بيان عن "أمل الاردن بأن يترجم هذا الاتفاق على أرض الواقع وبالسرعة الممكنة للخروج من المأزق السياسي الذي عاشه لبنان في الاونة الاخيرة ولما فيه من خير للبنان وللشعب اللبناني الشقيق".

حركتا حماس والجهاد الإسلامي: رحبتا بالاتفاق ودعتا الأطراف العربية إلى التدخل لحل الأزمة الداخلية في فلسطين. وقال المتحدث باسم حماس فوزي برهوم في بيان صحافي "تبارك حركة حماس الاتفاق الذي تم بين الاطراف اللبنانية في الدوحة، كما وتثمن الحركة حرص جميع الاطراف اللبنانية وقيادات الشعب اللبناني على المصالح العليا لشعبهم المتمثلة في حالة التوافق الوطني بين جميع مكونات الشعب اللبناني وقياداته"، وطالب "بدور عربي فاعل يجمع كافة الاطراف الفلسطينية من اجل اعادة توحيد الصف الفلسطيني وترتيب بيته الداخلي لمواجهة كافة التحديات التي باتت تعصف بالقضية الفلسطينية".

أما القيادي في حركة الجهاد الاسلامي في فلسطين خالد البطش فرحب في بيان "بالتوافق الوطني واتفاق المصالحة اللبنانية"، واعتبر أن "هذا الاتفاق إنجاز أبعد لبنان عن مخاطر الصراع الداخلي وحفظ للشعب اللبناني الشقيق وحدته ومقاومته الباسلة تأكيدا على ان الشعوب العربية لا تقبل القسمة ولن تسمح بتمرير مشاريع التبعية للغير وان بامكاننا رسم مستقبل شعوبنا المسلمة والحفاظ على مصالحها الحيوية". ودعا "الأطراف العربية التي شاركت في حل الازمة اللبنانية الداخلية إلى العمل الفوري لحل الازمة الداخلية في فلسطين التي ادت إلى الانقسام الذي تعاني منه ساحتنا الداخلية وقضيتنا الوطنية والاسلامية العادلة".

مجلس التعاون الخليجي: قال أمينه العام عبد الرحمن العطية "إن المجلس يدعم ويؤيد اتفاق الدوحة بين اللبنانيين والانجاز التاريخي الذي تحقق بهذا الاتفاق"، وإن "دول المجلس تعتبر الاتفاق نجاحا للبنانيين وتاكيداً على السلم الأهلي ليفتحوا صفحة جديدة من التفاهم السياسي وليعيدوا للبنان مكانته في العالم العربي".

منظمة المؤتمر الإسلامي: هنأ أمينها العام أكمل الدين إحسان أوغلي اللبنانيين بالاتفاق، معرباً في بيان عن "عميق ارتياحه وابتهاجه" لهذا الانجاز.

الولايات المتحدة: أشادت بالاتفاق، وقال مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد ولش في مؤتمر صحافي "أن يكون هذا الاتفاق قد تم التوصل إليه في الدوحة فهو حقاً تطور مرحب به"، وأضاف "هذا تقدم ايجابي وضروري لتحقيق اهداف مبادرة الجامعة العربية من اجل لبنان"، مشدداً على أن الاتفاق يجب أن يوضع الآن موضع التنفيذ "بمجمله" ولا سيما في بنوده المتعلقة بالأمن، ولكنه اعتبر هذا الاتفاق "لا يمثل نهاية الأزمة" اللبنانية، إذ يجب أن يُطبق. ووجه تحية إلى الجامعة العربية وخص بالذكر قطر التي قام مسؤولوها "بعمل ممتاز في ظروف صعبة للغاية للتوصل إلى هذا الاتفاق".

الاتحاد الأوروبي: قال الممثل الاعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا "أدعو كل الاطراف الى بذل كل ما وسعهم من اجل تطبيق كل بنود اتفاق الدوحة، بدءاً بانتخاب الرئيس في اسرع وقت ممكن، بنية حسنة وبكل شفافية"، ورحب "بحرارة" بالاتفاق، وهنأ القادة اللبنانيين على "هذا القرار الشجاع الذي يفترض أن يسمح بالانتهاء من الأزمة السياسية".

فرنسا: اعتبر رئيسها نيكولا ساركوزي الاتفاق "نجاحاً كبيراً للبنان ولجميع اللبنانيين"، وأشاد "بجهود جميع الذين اسهموا في التوصل إلى هذه النتيجة مما يفتح الطريق امام ترسيخ السلم الاهلي والعودة إلى عمل المؤسسات اللبنانية بشكل طبيعي"، وأكد "ان فرنسا التي بذلت كثيرا من الجهود في اطار السعي إلى ايجاد حل للازمة اللبنانية لم تكف عن دعم العملية التي سمحت بالتوصل إلى هذا الاتفاق". ورأى أن الاتفاق يجب "تنفيذه بالكامل لضمان نجاحه ووضع اسس مصالحة وطنية حقيقية. ان الحوار الذي بدأ في الدوحة ينبغي مواصلته في لبنان"، و"أن فرنسا الصديقة للبنان والمتضامنة مع جميع اللبنانيين، تقف اكثر من اي وقت مضى إلى جانبهم في المرحلة الجديدة التي بدأت. كما تبقى اكثر من اي وقت مضى ملتزمة من اجل وحدة لبنان واستقراره وسيادته واستقلاله".

 

4 - الجدول الزمني لتطبيق الاتفاق:

رفع اعتصام المعارضة: تم رفع الاعتصام يوم توقيع الاتفاق (الثلاثاء 21 أيار/ مايو 2008)، بعدما أعلن بري من الدوحة إنهاءه، وبالفعل أُزيلت الخيام من وسط بيروت الذي احتلته منذ نهاية عام 2006.

انتخاب الرئيس: دعا رئيس مجلس النواب إلى جلسة للمجلس يوم الأحد 25 أيار/ مايو 2008 لانتخاب المرشح التوافقي العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية.

حكومة الوحدة الوطنية: بعد انتخاب الرئيس، تبدأ المشاورات لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية التي حصلت المعارضة على الثلث المعطل فيها، بينما احتفظت الأكثرية بالأغلبية المطلقة، ولم يُعلَن سقف زمني لهذه العملية.

قانون الانتخاب: حسب الاتفاق فإن قانون الانتخاب سيُعدَّل (في مجلس النواب) على أساس القضاء مع تقسيمات جديدة في بيروت، إلا أنه لم يُعلَن سقف زمني للتعديل.

سلاح "حزب الله" والحوار الوطني: يُستأنَف الحوار الوطني اللبناني برعاية رئيس الجمهورية الجديد، ومن المفترض أن يعالج الحوار مسألة سلاح "حزب الله"، التي تعتبر الأكثرية اتفاق الدوحة أشار إليه عند الحديث عن بسط سيادة الدولة وحصر السلاح بها. وليس هناك سقف زمني للحوار.

 

5 - السياق الإقليمي والدولي للاتفاق:

حققت قطر انتصاراً دبلوماسياً برعاية اتفاق شامل لوضع حد للأزمة السياسية اللبنانية المستعصية منذ شهور طويلة. ويُعتقد أنها نجحت لأن الأطراف المعنية بالوضع اللبناني إقليمياً ودولياً أرادت نزع فتيل الانفجار في لبنان، عبر وسيط مقبول من الجميع، ولا سيما من إيران وسورية اللتين أرادتا نزع الملف من يد السعودية، بينما لم ترَ الأخيرة مانعاً من لعب قطر دور الوسيط مع تحسن العلاقات السعودية القطرية مؤخراً، بل إن أمير قطر زار الدمام (شمال شرق السعودية) لحضور قمة خليجية تشاورية قبل يوم واحد من توقيع الاتفاق في الدوحة، حيث حصل على دعم السعودية المطلوب، فضلاً عن المشاورات المستمرة بين الدوحة وكل من دمشق وطهران طوال أيام التفاوض الخمسة بين الفرقاء اللبنانيين.

وقطر التي تؤكد تفهمها لموقف إيران في ملفها النووي وتسعى دائماً باتجاه تقريب إيران من مجلس التعاون الخليجي، والتي تتمتع بعلاقات جيدة جداً مع سورية، تعتبر في الوقت نفسه حليفاً استراتيجياً للولايات المتحدة وتؤوي على أرضها مقراً للقيادة العسكرية الأمريكية الوسطى.

إيرانياً فإن الاتفاق يأتي كدفعة أولى على الحساب في عملية التفاوض من أجل الدور الإقليمي، ففي اليوم نفسه الذي شهد توقيع الاتفاق، أعلنت طهران استعدادها للتفاوض مع الدول الكبرى وصولاً إلى حل بشأن برنامجها النووي.

أما سورية فتحاول الاستفادة من دورها المفترض مع المعارضة اللبنانية في "تسهيل" الاتفاق، لتحقيق اختراق في طوق العزلة الإقليمية والدولية، بدأت معالمة بالإعلان السوري - الإسرائيلي يوم توقيع اتفاق الدوحة عن مفاوضات غير مباشرة تجري في تركيا بوساطة الأخيرة. وإسرائيل من طرفها لا تمانع تقديم طوق نجاة للنظام السوري من خلال مفاوضات كهذه، بل وإعلان عن احتمال الانسحاب من الجولان السوري المحتل، في الوقت الذي أرادت فيه الولايات المتحدة تحقيق الاختراق على الجبهة الفلسطينية - الإسرائيلية. ولا يبدو توقيع اتفاق سوري إسرائيلي قريب المنال بعد، ولكن المفاوضات تحقق للطرفين السوري والإسرائيلي أهدافاً قصيرة المدى، فإسرائيل تريد التهرب من الاستحقاق الفلسطيني الذي ضغطت الإدارة الأمريكية من أجله بقوة في الشهور الأخيرة، ودمشق تعتقد أن إسرائيل هي نافذتها إلى اتفاق جديد مع الولايات المتحدة على دورها الإقليمي.

تركيا من جهتها لم تبدُ معنية باتفاق الدوحة، قدر اهتمامها بالملف السوري - الإسرائيلي، الذي تكرس من خلاله الحكومة التركية دورها إقليمياً كقوة لا تستطيع الولايات المتحدة التخلي عنها، لقدرتها على التأثير على الطرفين.

في المقابل، منحت باقي القوى الإقليمية والدولية، ولا سيما السعودية ومصر وفرنسا والولايات المتحدة، فرصة للاتفاق في لبنان، تفادياً للانفجار، ولكن موقفها بدا وكأنها لا تمانع حصول إيران وسورية على فرصة أخرى.

ولذلك يرى المحللون أن اتفاق الدوحة بين الموالاة المدعومة من الغرب والمعارضة التي تساندها سورية وإيران يؤشر إلى "تفاهم" بين الدول الداعمة لكل طرف، لكنه يكرس انقسام المجتمع اللبناني رغم الهدنة الحالية بين مكوناته.

وقد يكون الاتفاق جزءاً من "سلة" إقليمية، لكن ملامح الحل لم تكتمل. والتزامن بين الاتفاق والإعلان عن المحادثات السورية الإسرائيلية، والاتفاق على دخول الجيش العراقي إلى مدينة الصدر دون مواجهات على الرغم من تركز ثقل ميليشيا جيش المهدي فيها، ليس "مصادفة".

يكرس الاتفاق وضع لبنان في نظر القوى الإقليمية والدولية ساحة للتفاوض فيما بينها، سلماً وحرباً. ولكن لهذا آثاراً سلبية على الوضع اللبناني الداخلي. فالميزان يبدو مائلاً قليلاً لصالح المعارضة التي حصلت على الثلث المعطل، وحصلت على رئيس لم ينحَز ضدها في معركة بيروت الأخيرة التي التزم فيها الجيش الحياد، وفي الوقت نفسه تم الاتفاق على تعديل قانون الانتخاب. أما الموالاة، فإنها حصلت على تعهدات - هي محل تساؤل - بعدم اللجوء إلى السلاح، وكذلك فإنها حصلت على رئيس قد تكون نجحت في كسبه على حساب المعارضة في الشهور القليلة الماضية، ولكنها خسرت معركة "الثلث المعطل" مع المعارضة التي ذهبت إلى الدوحة مصرّة على ترجمة ما حققته على الأرض من حسم عسكري مؤقت، إلى مكاسب سياسية. كما أن الاتفاق في الوقت الحاضر، قد يكون فيه إنقاذ لحزب الله الذي ستزداد خسارته مع مرور الوقت إن لم يكن قادراً على استخدام سلاحه من جديد في المعادلة الداخلية. إلا أن الموالاة أعطت الحل السياسي فرصة لتفادي المزيد من الجمود والدماء، وقبلت في سبيل ذلك بنص عام بشأن السلاح وسلطة الدولة، يمكن لكل طرف أن يفسره كما يشاء.

تطبيق الاتفاق في لبنان سيبقى مرهوناً في المدى المنظور بالتقدم في الملفات الإقليمية. فإذا سارت الأمور على المسار الإيراني، ومن خلفه السوري، بما يرضي طهران ودمشق، تسير الأمور في لبنان بسلاسة. أما الجمود الإقليمي، فيمكن أن ينعكس مباشرة على الوضع اللبناني، إذ تضم المعارضة العماد ميشال عون الذي يعتبر نفسه أحق بالرئاسة، و"حزب الله" المقرب من إيران، وكلاهما مستعد لتعطيل الحل إذا حانت اللحظة التي تسمح فيها الظروف الإقليمية بذلك.

يمكن للأزمة السياسية أن تندلع من جديد، بمجرد التنازع على توزيع الحقائب السيادية والبيان الوزاري لحكومة الوحدة الوطنية، ومن خلال الجدل حول سلاح "حزب الله". وليس معروفاً حتى الآن كيف ستكون مهمة رئيس الجمهورية القادم الذي سيكون عليه التعامل مع ملف "الدولة والمقاومة" من موقع سياسي، مختلف عن الموقع العسكري الذي شغله حتى الآن.

 

6- اتفاق الدوحة والوضع السوري:

الهدنة التي يطرحها اتفاق الدوحة في الإقليم، تساعد النظام السوري في كسب الوقت، لتحسين مواقعه التفاوضية. ومن جديد، ينجح النظام في اللعب على تناقضات السياسة الدولية، من خلال إظهاره رغبة في السير الحذر على الممشى الضيق للحلول السياسية في المنطقة، ولكن مع التلويح بالقدرة على التخريب، التي هي ورقته التفاوضية الأهم.

ليست دول المنطقة في وارد التهدئة مع دمشق الآن. وما جرى في الأيام القليلة الماضية يحمل بذور خلافات مستقبلية. وقد استخدمت سورية الاتفاق الأخير ضد من تعتبرهم خصومها من خلال الاحتفاء المبالَغ به لتوقيعه، بل و"تسهيل" التوصل إليه في قطر، كرد على مواقف السعودية السلبية منها، ولهذا آثار قد تظهر في وقت لاحق.

إذا سارت الأمور في لبنان كما هو مرسوم، فسيكون لاتفاق الدوحة أثر داعمٌ للنظام السوري. وحتى تتغير المعادلة الإقليمية، فإن الضغط الخارجي على النظام ستخف وطأته (حتى لو كان من المبكر الحديث عن رفعه). وفي ظل تأثر مشروع التغيير في سورية بالتجاذبات الإقليمية، فإن المعارضة السورية تجد نفسها مرة أخرى أمام تحدي المعادلة الداخلية، ومدى قدرتها على التحريك الداخلي خلال وقت قصير، لتحقيق التغيير السياسي المنشود.

 


ملحق:

نبذة عن المرشح التوافقي للرئاسة في لبنان العماد ميشال سليمان

 

نجح العماد ميشال سليمان الذي نص اتفاق الدوحة الاربعاء على انتخابه رئيسا توافقيا للجمهورية خلال ايام، في الحفاظ على وحدة المؤسسة العسكرية رغم احتدام الصراع السياسي في البلاد وما رافق ذلك من تداعيات امنية.

وكان سليمان (59 عاما) عين قائدا للجيش عام 1998 عندما كان لبنان يخضع للنفوذ السوري.

ورغم ان البعض اتهمه بانه مدعوم من دمشق، تمكن خلال الاعوام العشرة التي تولى فيها قيادة الجيش من البقاء على الحياد وسط الانقسام اللبناني الحاد، وخصوصا مع تفاقم ازمة الاستحقاق الرئاسي.

لكن الجيش لم ينج من الانتقاد خلال المواجهات التي اندلعت بين مناصري المعارضة والاكثرية بين السابع والخامس عشر من ايار/ مايو، وذلك ردا على قرارين للحكومة اعتبرا "مساسا بسلاح المقاومة" ووصفهما الامين العام لحزب الله حسن نصرالله بانهما "بمثابة اعلان حرب".

ودافع سليمان عن موقف الجيش مؤكدا ان دوره يكمن في البقاء على الحياد وعدم التحول إلى طرف في النزاع السياسي.

وقال خلال تفقده وحدات الجيش في جنوب لبنان نهاية الاسبوع الفائت ان "توريط الجيش في النزاعات الداخلية يخدم مصالح إسرائيل".

واتى الاتفاق على انتخابه اثر مفاوضات شاقة في الدوحة بين الغالبية المناهضة لسوريا والمدعومة من الغرب والمعارضة القريبة من دمشق وطهران برعاية الجامعة العربية، وذلك لاحتواء ازمة سياسية حادة شهدها لبنان وبلغت ذروتها في شغور مقعد الرئاسة الاولى في تشرين الثاني/ نوفمبر الفائت مع انتهاء ولاية الرئيس السابق اميل لحود.

وبقي سليمان محايدا خلال الازمة الرئاسية ولم يعلن ترشيحه، وظل يحض السياسيين على حل خلافاتهم مناشدا اياهم ان "يعودوا جميعا إلى تطبيق اتفاق الطائف نصا وروحا ويقدموا التنازلات المتبادلة حتى نتمكن جميعا من العبور إلى بر الامان".

وقال سليمان يومها في حديث إلى وكالة فرانس برس "الجيش حياتي، انا متمسك به وارفض ان اراه منقسما".

واكد انه يؤيد قيام علاقات حسن جوار مع سوريا رافضا اتهامه بانه يخضع للنفوذ السوري.

واضاف "علينا الا نوجه الاتهامات إلى سوريا بل ان نقيم معها علاقات متوازنة كبلدين سيدين".

ورغم كونه مارونيا، وهي الطائفة التي ينتمي اليها عادة الرئيس اللبناني، شدد سليمان على رفضه زج الدين في الشؤون السياسية.

وقال ان "التربية المسيحية الفعلية تعلم المرء ان يحترم الوطن والديموقراطية والحرية وكل الديانات".

واكتسب قائد الجيش احترام اللبنانيين على اختلاف طوائفهم وانتماءاتهم قبل عامين حين بادر إلى حماية التظاهرات التي شهدها وسط بيروت اثر اغتيال رئيس الوزراء الاسبق رفيق الحريري في شباط/ فبراير 2005.

يومها، رفض سليمان قمع المشاركين في التحركات الشعبية التي عجلت في انسحاب الجيش السوري من لبنان تطبيقا للقرار الدولي 1559 الصادر في ايلول/ سبتمبر 2004.

واتهمت سلسلة تقارير اصدرتها لجنة التحقيق الدولية الاجهزة الامنية السورية بالضلوع في اغتيال الحريري، الامر الذي نفته دمشق.

وشهد لبنان احداثا عدة منذ اغتيال الحريري عززت موقع سليمان، وخصوصا انتشار الجيش في صيف 2006 على الحدود مع إسرائيل في مناطق غاب عنها ثلاثة عقود، ثم خوضه معركة شرسة ضد متطرفين ارهابيين في شمال لبنان وانتصاره عليهم في ايلول/ سبتمبر الفائت.

وفي كانون الثاني/ يناير الماضي، فرض الجيش ايضا حظرا للتجول لانهاء مواجهات سنية شيعية في بيروت اسفرت عن اربعة قتلى و152 جريحا.

يتحدر سليمان من بلدة عمشيت الساحلية (شمال) وانضم إلى الجيش عام 1967 سائرا على خطى والده الذي كان عنصرا في قوى الامن الداخلي.

وقال "حلمت دائما بان اصبح مهندسا لكن الوضع الاجتماعي لعائلتي لم يسعفني فعملت بنصيحة والدي وانضممت إلى الجيش"، مضيفا "لست نادما على هذا القرار رغم ان الطريق لم يكن سهلا".

تخرج من المدرسة الحربية عام 1970 وتدرج في الرتب العسكرية حتى عين قائدا للجيش في كانون الاول/ ديسمبر 1998.

عاش الحرب الاهلية اللبنانية بين 1975 و1990 ولم يحضر ولادة ابنته العام 1975 بسبب المعارك.

وقال لفرانس برس "رأيتها لاحقا وكان عمرها 22 يوما".

وقائد الجيش الذي سيصبح الرئيس الثاني عشر للجمهورية اللبنانية متأهل من وفاء سليمان وله منها ثلاثة ابناء.

يحمل اجازة في العلوم السياسية والادارية من الجامعة اللبنانية، ويهوى السباحة والمشي وكرة المضرب.

(المصدر: فرانس برس)

-------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ