ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 23/04/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


المواطنة في المجتمع المسلم ..

 رؤية من الإخوان المسلمين

بقلم - د. عبد المنعم أبو الفتوح*

 يبدو مفهوم المواطنة كأحد الموضوعات المفتوحة دائما على الجدل والنقاش المتجدد كونه جزء من (الأزمة السياسية الكبرى) التي يعيشها العالم الإسلامي منذ خروج الاستعمار وقيام الدولة القطرية، تلك الأزمة التى تتمثل فى غياب مفاهيم التعددية السياسيةوالثقافيه،وتبادل السلطة، والمراقبة التشريعية وحق مساءلة الحاكم وعزله.

و ينبغي هنا ان نشير إلى أن هذه الأزمة لا تتصل بمواقف واختيارات الحركه الإسلامية بقدر ما تتصل بأزمة الأمة كلها..وزادها تأزما الحكم العسكري الذى أسس لمفاهيم الشمولية والمركزية والتفرد بالقراروحصارالجماهير فى متطلبات المعيشة اليومية .

المواطنة..التعريف والمفهوم

تعرف (المواطنة)بأنها :علاقة اجتماعية تقوم بين الفرد وبين الدولة ومن خلال هذه العلاقة يقدم الطرف الأول الولاء والانتماء ويتولى الطرف الثاني الامن والحمايه على كل المستويات الاقتصادية والاجتماعية والاستراتيجيه.. واهم ما يميز هذه العلاقة هى المساواة التامة أمام (القانون).

 معروف ان مفهوم المواطنة من المفاهيم الحديثة التى صاحبت قيام (الدولة القومية) فى أوروبا خلال عمليات تاريخية واجتماعية وسياسية تم فيها الانتقال من( الحق الإلهي) للحاكم إلى حق المواطن ومن هيمنة الكهنوت إلى اداره الدولة.

وكان ذلك تعبيرعن رغبه قويه للتخلص من طغيان السلطة الدينية وتجاوزات الكنيسة الكاثوليكية الغربية ولذلك نجد أن أهم ما يميز الدولة القومية فى أوروبا هو مبدأ الفصل بين الدين والدولة ورفض تدخل المؤسسات الدينية في كل ماله صلة بالعلاقة بين المواطن والدولة .. وهو الأمر المناقض تماما  للحالة الإسلامية تاريخيا وفكريا، بل إن حضور المؤسسة الدينية فى العلاقة بين الفرد والسلطة كان دائما لصالح الفرد فى كبح جماح السلطة والحد من نفوذها وسطوتها، ناهيك عن خلو الإسلام من اى واسطة بين الإنسان والخالق سبحانه .

مفهوم المواطنة هو جزء من الفهم الشامل لصوره(الدولة الحديثة) دوله القانون...، وتكوينها الديمقراطي الذى يتسم بالحضور الكامل للفرد في الحياة العامة والمشاركة في تكوين القرارات والتشريعات والقوانين عبر آليات ووسائل متفق عليها.وترتب لحقوق وواجبات متبادلة داخل إطار المواطنة بين الفرد والدولة. لا شك ان الدول والمجتمعات القائمة في حيز جغرافي واحدا(الدولة القطرية)أصبحت اليوم  من حقائق الحياه فى العصر الحديث.

فالأوطان اليوم كيانات دستورية وقانونية والعلاقة بين أبناء الأوطان تدور على حقوق وواجبات المواطنة بصرف النظرعن الديانة والعرق. فاغلب الأوطان الآن تتسم بالتعدد العرقى والعقائدي إلا أن الرابطة التى تربط هؤلاء جميعا وتحتضنهم وتوفر لهم الحياة الكريمة هى رابطه المواطنة، مجتمعات كثيره أقامت أمنها واستقرارها السياسي والاجتماعي على قاعدة هذا النظام الذى نعتقد أنه من اصلح الانظمه حتى وقتنا هذا.

وبه يمكن ان تنتظم العلاقة بين أفراد وجماعات بينهم مكونات إنسانية متعددة ويجمعهم الوطن الواحد وتربطهم رابطه المساواة التامة في الحقوق والواجبات.

المواطنة وواقع الأمة الإسلامية

وهذا هو ما نؤمن به ونعتقده وندعو إليه... ذلك أن المواطنة أصبحت جزء متصل بالواقع الدستوري والقانوني والسياسي للأمة الإسلامية الموزعة في أوطان متعددة. وهذا لا يناقض بأي حال من الأحوال الانتماء إلى الامه الاسلاميه ..فإصلاح الجزء مقدمة لإصلاح الكل كما يقال.

 وكما ذكر فضيلة الشيخ محمد ابو زهره فإن الإنسان في حياته ينتمي إلى دوائر إنسانية متعددة تتكامل ولا تتناقض.والانتماء الوطني هو أحد هذه الدوائر وليس هناك ثمة تعارض بينه وبين غيره من دوائر الانتماء ، والتوفيق بين الانتماءات من محبة الأسرة والعائلة ثم الجماعة ثم الوطن ثم الجماعة الكبرى في الإسلام ..لا تلغي فيه الدرجة العليا ما دونها ولكن المنهي عنه التعصب والطائفية التي تؤدي إلى الفرقة والانقسام وتحرض على الظلم.

خاصة فى ظل الظروف السياسية والثقافية والاجتماعية التي تعيشها المجتمعات الإسلامية اليوم وهى ظروف حساسة وصعبة..كما أن المخاطر التي تواجهها مرتبطة بدرجه كبيره باستقرارها ووحدتها الداخلية وتماسكها الاجتماعي .

لهذا فنحن أحوج ما نكون الان لكل الجهود التي تقوى من تماسكنا الداخلي واستقرارنا السياسي... وهو ما لن يحدث إلا باستقرار مفهوم (المواطنة والحرية فى دوله القانون..) هذا المفهوم أصبح الآن بمثاب فرض عين كما يقول علماء الأصول.

حقوق أساسية للمواطنة

وتبقى قيم (العدالة والمساواة والكرامة) والتى حق إنساني أصيل يتصل بكون الإنسان إنسانا ولا يتوقف على ديانته وعرقه - وهذا هو ما نفهمه من الاسلام العظيم-..تبقى هذه القيم الركائز الأساسية التى ينهض عليها مفهوم المواطنة كما ينبغي أن يكون. ولاعلاقه له بأغلبية أو أقلية.. وفى غياب هذه الحقوق الأساسية  فإن أي حديث حول(المواطنة) لا معنى له ولا قيمة.

(العدالة والمساواة والكرامة) ليست مجرد شعارات فى الفراغ ولكنها تتمثل فى مجموعه حقوق أساسيه باتت مثل الماء والهواء فى المجتمعات المتقدمة وهى:

-الحق في الأمن الاقتصادى والاجتماعى والنفسي.

-الحق فى العدالة والمثول أمام القاضي الطبيعي وسيادة القانون دون اى تخصيص اواستثناء.

-الحق في التعليم الأساسي دون اى اعتبار للمستوى الاجتماعى او المادي، والحق فى الوصول الى التعليم الجامعي العالي بغض النظر عن اى شيء إلا القدرة التعليمية والذهنية .

-الحق في الرعاية الصحية  الكامله من خلال تأمين صحي عام وخاص تحت اشراف ورقابه الدولة من خلال نظام جودة ينص عليه القانون سواء كانت علاجية أو وقائية.

-الحق فى الحصول على دخل كافي لحياة كريمة بحسب الخبرة والكفاءة والدرجة العلمية.

-الحق في الاعتقاد وبناء دور العبادة وأداء العبادات الدينية علنا، فحرية الاعتقاد هي حق إنساني أصيل وأي حرمان من هذا الحق هو عدوان وبغى.

-الحق في اختيار الحكام وتغييرهم سلميا ودوريا واختيار النواب في مجلس رقابي وتشريعي يراقب السلطة التنفيذية ويسقطها اذا فشلت في أداء واجبتها.

-الحق فى تولى الوظائف العامة وفق معيار الكفاءة أواختيار الشعب....

كل هذه الحقوق مكتملة غير منقوصة تتحقق بها المواطنة كما ينشدها الإخوان المسلمون، وهوما ينبغى أن تركزعليه كل القوى الاجتماعية والسياسية ولا يجب قصر مفهوم المواطنة على تطبيقاته فى مجال الديانة والاعتقاد فقط رغم أهميته.

هذه الحقوق الاساسيه للمواطنة تحتاج بالأساس إلى اراده شعبيه قويه تفرض على الحاكم ما تراه من صميم حقوقها..كما تحتاج إلى نخبة سياسية وفكرية قادرة على التضحية من اجل تأكيد هذه الحقوق وتحويلها إلى حق أصيل لا يمس تحت اى دعاوى أو ادعاءات.. نخبه تتصل بالناس وضروراتهم أكثر مما تتصل بالسلطة وضروراتها..وما ابعد الفارق بين الحالين.

غير المسلمين في المجتمعات ذات الاغلبيه الاسلاميه

من المهم  فى هذا السياق ان نتحدث عن وضع غير المسلمين فى المجتمع المسلم الذى يتمتع أفراده بالمواطنة الكاملة. وان نجلى الرؤية الاسلاميه الصحيحة _ كما نراها_ لهذا الجانب من جوانب تحققها على الوجه الأتم .

ينص القرآن الكريم على حرية المشيئة والإرادة في اختيارات الإنسان لموقفه من مسألة الإيمان والكفر:  ( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) [الكهف: 29] وتوضح النصوص القرانية بوضوح كامل أنه: (لا إكراه في الدين) وأنه(ولو شاء ربّك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً،أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين) [يونس: 99].

وتذكر الآيات الكريمة عن التواصل الاجتماعي الطبيعي بين المسلمين وغير المسلمين- الكتابيين - في المجتمع الواحد..(وطعام الذين أوتوا الكتاب حلٌّ لكم وطعامكم حلٌّ لهم..) [المائدة: 5].  وكذلك الزواج والمعاملات الكاملة في سياق الحياة الطبيعية، والإسلام يرفض المزايدة التى تخل بأوامره وأحكامه، وبالتالي فإن رؤية الاسلاميين تنتسب إلى الإسلام ومصادره وعلى رأس ذلك كتاب الله تعالى والسنة الصحيحة.

وأعتبرالإمام(حسن البنا)أن في فهم الآية الكريمة(قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم)[البقرة: 136] ما يجعل أبناء الوطن الواحد مسلمين ومسيحيين ويهود في حالة وحدة متصلة وأن الإسلام أكسب هذه الوحدة صفة القداسة الدينية. ويؤكد رحمه الله أننا مع إخواننا الأقباط_فى مصر_نعتبر أنفسنا عرباً حيث أننا جميعا نتكلم اللغة العربية ونتعامل بها وما دمنا عرباً، فمن الطبيعي أن نتحاكم إلى قانون عربي لا إلى قانون غربي متنوع المصادر فرنسي وبلجيكي في إشاره منه إلى دعوة الجماعة إلى تطبيق قوانين الشريعة الاسلامية.

وفى إجابه له على سؤال حول الجزية قال أنها اليوم أصبحت غير ذات موضوع ما دام كل المواطنين ينخرطون في الخدمة العسكرية ويدافعون عن الوطن سواء بسواء .

في مارس 2004 أصدرت جماعة الإخوان المسلمين مبادرة للإصلاح السياسي أوضحت فيها أن أقباط مصر جزء أصيل من المجتمع المصري، وهم شركاء الوطن والمصير مكفولة لهم كل الحرية في الاعتقاد والعبادة، وأن من صميم أهدافهم الحرص على روح الاخوة التى ظلت تربط على مدى القرون بين أبناء مصر أجمعين مسلمين وأقباط لتمكين الأمة من العمل المتكامل لبناء مستقبلها وحمايتها من كل أشكال الفرقة.

ويفهم من هذا الكلام الواضح أن المواطنة هى مدارالحقوق والواجبات في المجتمع المصري واستبعاد مفهوم أهل الذمة تماماً وأن استعماله في المصادر الشرعية هو توصيف وليس تعريف.

وفى دراسة موجزه اصدرتها تحت عنوان(المفهوم الاسلامى للإصلاح الشامل)ذكرت أن المواطنة في الدولة المدنية التى ينشدها تيارالإسلام الإصلاحي هي أساس الوجود في المجتمع داخل إطار ديمقراطى وكل من رضى بهذا الإطار يكون على قدم المساواة مع الآخرين بكل اتجاهاتهم الفكرية والسياسية ..وأن المساواة السياسية والقانونية الكاملة بين كل فئات المجتمع وطوائفه هى أساس الوجود في المجتمع مع وضع كل الضمانات لحماية هذه المساواة من أي انحراف سياسي أو مذهبي.

ــــــــــــ

*عضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين.

موقع اسلام أون لاين بتاريخ 13-4-2008

-------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ