ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 14/02/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


أربعة سيناريوهات للعلاقة بين

حماس ومصر وإسرائيل بعد خرق الحصار

أزمة رفح.. مصر وحماس 3- إسرائيل صفر!

محمد جمال عرفة

لأن البحر أمامهم والاحتلال الإسرائيلي وراءهم، وليس لهم من منفذ آمن سوى الجنوب حيث الحدود المصرية، فقد كان من الطبيعي أن يتجه فلسطينيو غزة شطر الحدود المصرية، منفذا وحيدا لهم على العالم في ظل الحصار. ومنذ الانسحاب الإسرائيلي من غزة عام 2005 وحصار المدينة عقب سيطرة حماس عليها منذ قرابة سبعة أشهر، واحتمالات اجتياحهم للحدود في ظل الرفض المصري لفتحها، كان هذا التوجه أمرًا واردًا، ليس بغرض الصدام مع مصر، وإنما لأن مصر هي الجانب الأكثر أمنا لهم.

أما وقد حدث الاقتحام وتدفّق قرابة نصف سكان غزة (700 ألف من مليون ونصف) على مدينتي العريش ورفح المصريتين بعد نسف 4 كيلومترات من الحدود (12 كم)، فقد نشأت عدة إشكاليات وقضايا جديدة حول مستقبل هذه الحدود، والعلاقة بين مصر وحماس مستقبلا، وبينهما وبين كل من تل أبيب وواشنطن، والأهم مستقبل قطاع غزة نفسه، وهل يصبح تابعا لمصر كما كان قبل احتلال 67، وهو ما تريده إسرائيل حاليا لتصدير أزمات غزة لمصر؟ أم يستمر إغلاق الحدود ثم هدمها بالجحافل البشرية في غزة إلى ما لا نهاية؟.

الظاهر حتى الآن أنّ الكاسب الأكبر من اقتحام الحدود هو حركة حماس التي تحكم قطاع غزة والتي نجحت في هزيمة الحصار الإسرائيلي ثلاث مرات: (الأولى) بتمرير حجاج غزة ذهابا وإيابا، و(الثاني) باقتحام الحدود المصرية، و(الثالثة) بوضع تل أبيب وأمريكا ومن يعاونوهما من الأطراف العربية الرافضة لحكم حماس في وضع حرج، وتوسيع خيارات الفلسطينيين التفاوضية بعدما كانت قاصرة على الحصار والتنازلات. بعبارة أخرى أفقدت حماس تل أبيب سلاح الردع المتمثل في الحصار، وهو ما اعترف به "داني إيالون" سفير إسرائيل السابق لدى الولايات المتحدة بقوله: "إن إسرائيل دخلت مصيدة حماس، وما حدث كان فشلا كبيرا وكارثة.. فقدنا الردع للمرة المقبلة"!.

والأهم بالنسبة لحماس الآن أنها نجحت في تحويل الحصار ومحاولات خنقها بغلق المعابر لمكسب باستغلال الأزمة على الحدود المصرية في الضغط على الجميع من أجل التوصل إلى اتفاق يجعل لها رأيا في كيفية تسيير عمل معبر رفح في المستقبل، بل وأعطت باقي المدن الفلسطينية في الضفة الغربية "براءة اختراع" الغزو البشري للحدود والحواجز العسكرية الإسرائيلية (600 حاجز في الضفة) وتدميرها ووقف الحصار بالسيول البشرية!.

والظاهر أيضا أن القاهرة -التي خسرت هيبتها في بداية الأزمة برفض فتح الحدود كي لا تدفع ثمنا باهظا للضغوط الإسرائيلية والأمريكية في وقت هي محاصرة بالفعل (بملفي حقوق الإنسان الأوروبي والمعونات الأمريكية)- نجحت في تحويل الخسارة السريعة إلى مكسب دائم كبير بقبول الأمر الواقع –برغم الغضب الظاهر على حماس- والموافقة على تدفق الفلسطينيين دون تدخل الأمن المصري ضدهم كما فعل في اليوم السابق للاجتياح، بل ووضعت الكرة في الملعب الإسرائيلي والأمريكي لحل المشكلة، وإلا ستظل الحدود مفتوحة، ما يعني إفشال الخطط الإسرائيلية والأمريكية لإجبار حماس على التسليم أو التنازل عبر حصارها في غزة.

أي أن القاهرة سعت لتعزيز الهدف الأول الذي أحرزته حماس باجتياح المعبر إلى ثلاثة أهداف مصرية في الملعب الإسرائيلي:

- (الأول) الرد على التجاهل الإسرائيلي لطلب مبارك من أولمرت وباراك برفع الحصار، بصفعة السماح للفلسطينيين ليس فقط بعبور معبر رفح، وإنما البقاء عدة أيام والتجول في مدن سيناء وجعل الحصار كأن لم يكن ما يعني إفشال معادلة (فك الحصار = وقف الصواريخ).

- (الثاني) إبلاغ إسرائيل وأمريكا عمليا أن في يد مصر ورقة هامة تتمثل في إفشال خطط الحصار الإسرائيلية والأمريكية على حماس، ومن ثمّ الردّ على الهدف الإسرائيلي المبكر السابق في مرمى مصر، وهو القرار التحريضي من الكونجرس ضد مصر في ديسمبر الماضي، والذي صدر بدعم اللوبي الصهيوني ونتج عنه تقليص المعونة بمقدار 100 مليون دولار.

- أما الهدف (الثالث) الذي أحرزته مصر في المرمى الإسرائيلي فهو أن القاهرة باتت أكثر قدرة –بفضل هدم الفلسطينيين للجدار الحدودي- على فرض شروطها لتعديل معاهدة كامب ديفيد بما يسمح لها بزيادة قواتها في سيناء بعدما ظهر بجلاء عدم قدرة القوات الضئيلة على الحدود على صد 700 ألف فلسطيني زحفوا علي مصر.

والأهم، أن القاهرة سعت للاستفادة من هذا الظهور بهذه الصورة التي ساعدت بها الفلسطينيين في تلميع صورة النظام أمام معارضيه بالداخل والخارج وتحقيق مكاسب قومية هامة بالظهور كمن يتصدى للحصار الصهيوني والأمريكي، ومن ثم التخفيف من حدة الاحتقان الداخلي الذي أوشك على الانفجار نتيجة ظروف الغلاء الفاحش والبطالة المتفشية والفساد.

والملفت هنا أن الموقف الإسرائيلي –وبالتبعية الأمريكي– أُخذ على حين غرة ولم يتوقع هذا الاجتياح الكبير لنصف سكان غزة للحدود المصرية، ولم يتوقع –وهو الأهم– الموقف المصري المتسامح، ولكنه سعى بدوره للاستفادة من الوضع الجديد تارة بمحاولة تصدير الأزمة –أزمة قطاع غزة- ككل لمصر، ونفض يده كقوة احتلال من المدينة كمحاولة خبيثة لنقل أزمات القطاع لمصر، وتعطيل فكرة إنشاء دولة فلسطينية مستقلة تضمّ الضفة وغزة، أي إعادة الوضع ضمنيا لما كان عام 1967 حينما كانت مصر تحكم قطاع غزة والأردن الضفة الغربية، مع فارق السعي لابتلاع الجزء الأكبر من الضفة وضمه للدولة العبرية وترك "إقطاعية" الضفة المتبقية ليحكمها الرئيس الفلسطيني بحماية إسرائيلية على غرار إمارة مونت كارلو وفرنسا.

سيناريوهات ما بعد اقتحام الحدود

ولأن السيناريوهات القديمة لوضع غزة اختلطت وتغيرت وأصبحت هناك معطيات جديدة، أبرزها قدرة حماس على إفشال الحصار مع استمرارها في ضرب الصواريخ المزعجة للمستوطنات، وقدرتها على إرباك الحدود المصرية الفلسطينية، فمن الطبيعي أن تكون هناك سيناريوهات أخرى جديدة متوقعة، ومن الضروري محاولة استكشاف هذه السيناريوهات المحتملة، وتحليلها خصوصًا فيما يخص العلاقات بين مصر وحماس، على النحو التالي:

السيناريو الأول: بقاء الوضع على ما هو عليه وغلق الحدود بعد فترة سماح، مع تغييرات طفيفة باتفاق مع حماس على السماح بإدخال معونات وموادّ إغاثة عبر المعبر كل فترة زمنية؛ لأن اختراق حدود مصر لن ينهي معاناة غزة، حيث سيظل منع النفط والوقود مؤثرًا في شلل الحياة هناك، وستستمر الغارات الإسرائيلية المميتة، ولكن هذا لن يمنع هطول صواريخ المقاومة على إسرائيل ولن يحل المشكلة.

السيناريو الثاني: قبول مصر السيطرة على قطاع غزة سواء قسرا بحكم الأمر الواقع لو استمر الحصار وبضغوط إسرائيلية وأمريكية، أو طوعا عبر اتفاق مؤقت مع تل أبيب والسلطة الفلسطينية علما أن السلطة أعلنت رفضها لذلك، ولكن هذا السيناريو يضرّ مصر كما يضرّ تل أبيب، لأن حماس والمقاومة ستسبب صداعا لمصر وتل أبيب ولن تتوقف الصواريخ التي تنهال على مدن إسرائيلية بل قد تزيد وتتطور (بفعل الانفتاح على سيناء والحصول على تقنية أفضل)، ولن تستطيع إسرائيل هنا ضرب غزة التي تديرها مصر أو تستطيع القاهرة منع حماس بالقوة، وإلا دخلت في صدام كبير مع فصائل المقاومة وحلت محل إسرائيل في مطاردتها، وهو سيناريو غير متصور!.

السيناريو الثالث: أن يكون ما جرى على الحدود حافزًا أكبر لتسريع القاهرة مصالحة سريعة بين حماس وفتح عبر ضغوط عليهما، بحيث تجري انتخابات فلسطينية جديدة وتعود الوحدة للفصائل الفلسطينية تمهيدًا لبدء مفاوضات سلام جديدة وعودة السلطة للسيطرة علي المعابر بالتوافق مع حماس، وهو ما تسعى إليه بالفعل القاهرة من خلال دعوتها فتح وحماس لمباحثات منفصلة بالقاهرة بدءا من يوم الأربعاء 29 يناير.

السيناريو الرابع: أن ترفض حماس المحاولات المصرية لغلق الحدود مرة أخرى وأن تحرص الفصائل الفلسطينية على استمرار فتحها بشكل مستمر مع التعهد بتنظيم أو تقنين عمليات الدخول والخروج للفلسطينيين من غزة لمصر، وهو سيناريو يبدو أن حماس بدأت تردّ به على السيناريو الأول.. بالاستمرار في فتح ثغرات أخرى في الجدار الحدودي، وتسوية الجدار بالأرض عبر البلدوزرات لتثبيت فتح الحدود، والسعي لخلق معادلة جديدة فيما يخص المعبر تقوم على اعتبار حماس طرفا في إدارته وليس فقط مصر أو إسرائيل.

خطة فصل غزة

لم يكن ما قاله "ماتان فيلناي" نائب وزير الدفاع الإسرائيلي لراديو الجيش الإسرائيلي من إن "إسرائيل تريد أن تقطع صلاتها تمامًا مع غزة من خلال تسليم مسئولية إمدادات الكهرباء والماء والدواء لجهات أخرى"، في إشارة ضمنية إلى مصر، وزعمه أنه "عندما تكون غزة مفتوحة على الجانب الآخر فإننا نفقد المسئولية عنها، لذا نريد الانفصال عنها"، سوى محاولة إسرائيلية أخيرة لتحويل هزيمة فشل الحصار لنصر.

فالتلويح الإسرائيلي بإسناد مهمة إمداد قطاع غزة بالكهرباء والماء والدواء لمصر، هو سيناريو إسرائيلي قديم طرح منذ الانسحاب من غزة، وهدفه هو إلحاق تبعية غزة الأمنية والاقتصادية إلى مصر، وتوريط مصر في تحمل تبعات القطاع المنوطة بإسرائيل باعتبارها دولة احتلال.

بعبارة أخرى يسعى الإسرائيليون لنقل ملف حماس لمصر، بغرض تفجير صراع بين القاهرة وحماس، وتوريط القاهرة في مشاكل غزة، والأهم تفتيت الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتكريس الانفصال بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وبالتالي تدمير القضية الفلسطينية وفكرة إنشاء دولة فلسطينية موحدة.

وليس بعيدًا عن ذلك الهدف الخبيث، ذلك التحريض الإسرائيلي المتتالي ضد مصر تارة بمزاعم أن حماس احتلت سيناء وأنها نشرت قواتها هناك، وتارة أخرى بمزاعم أن حماس نقلت سلاحا وإرهابيين لغزة، وثالثة بمزاعم أن حماس ستساعد الإرهابيين في سيناء، ما يعني زعزعة استقرار مصر، ولم ينسوا ضمن هذا السيناريو الخبيث أن يرفعوا درجة الاستعداد الأمني للدرجة القصوى ويحذروا السياح الإسرائيليين في سيناء من اعتداءات قادمة(!)، ما قد يثير الهواجس بشأن احتمالات أن تقف أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية وراء أي عملية إرهابية في سيناء في هذا التوقيت لتستهدف تفجير العلاقة بين حماس والنظام في مصر!.

ربما لهذا رفض وزير الخارجية أحمد أبو الغيط التعليق على تصريحات المسئولين الإسرائيليين عن تحميل مصر مسئولية قطاع غزة، كما رفضتها السلطة الفلسطينية بتأكيد رئيس دائرة شئون المفاوضات الفلسطينية الدكتور صائب عريقات الرفض الفلسطيني المطلق للطرح الإسرائيلي بتسليم مصر المسئولية عن قطاع غزة، واستبعد السفير محمد صبيح الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية قبول مصر بتسلم المهام الإنسانية في قطاع غزة؛ لأن هذا فيه نفض يد إسرائيل من المسئوليات المنوطة بها كدولة احتلال.

الخطورة مع ذلك ستبقى هي أن يسعى الإسرائيليون والأمريكان لتكثيف الضغوط على النظام المصري عبر الملفات الداخلية (حقوق الإنسان – التوريث وغيرها) لتحويل هذا الانتصار بإجهاض الحصار إلى "علاقات عامة" بلا مضمون إستراتيجي، وتحويل الكرم المصري مع الفلسطينيين لصدام بمعاودة إغلاق الحدود والتشدد في منع العبور.

وهو ما قصده قول البريجادير جنرال المتقاعد شالوم هاراري من معهد مكافحة الإرهاب في هرتزليا بالقرب من تل أبيب، حينما قال: إن "انتصار حماس في غزة سيقتصر على "العلاقات العامة" لكن الوضع سيشكل الآن ضغوطا أكبر على مصر للعمل لصالح إسرائيل"!.

ولهذا يحتاج القرار المصري باستمرار فتح الحدود أو عدم تحويله لورقة مضادة للمصالح المصرية، لمساندة عربية سريعة وقرارات رسمية للجامعة العربية والزعماء العرب بحيث يكون قرار فتح الحدود عربيا، ويخفف الضغوط على مصر.

اسلام اون لاين 28/1/2008

-------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ