ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 29/11/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


في الأوهام الطهرانية للمعارضة السورية:

وهم فاعلية التغيير من الداخل

(3/3)

خلف علي الخلف

Khalaf88@hotmail.com

يصرُّ أغلب أطياف المعارضة السورية على «السلمي‏»‏ كطريق وحيد للتغيير ينشدونه في سوريا. وهو خيار أصبح راسخاً ولاخلاف عليه، ولم يكن تكريسه نتاج ضمور القدرة على الخيار ‏«‏العنفي‏»‏ لدى أطياف المعارضة فقط، بل لأن الغالبية أصبحت تؤمن بـ‏«‏السلمي‏»‏،لأسباب متعددة المشارب. وإذا كانت «السلمي‏»‏ تخص خيار المعارضة نفسها، فإن خيار « العسكري‏»‏ عندما يحل بديلاً عن العنفي لا يلاقي نفس الإجماع سواء إعلامياً أو حتى ضمنياً. والعسكري هنا هو التغيير من الخارج كما حدث في العراق. لكن هذا الخيار أيضا فقد أغلب الذين تحمسوا له في فترة من الفترات أو دعوا له أو على الأقل تمنوه، لأن «الكارثة العراقية‏»‏ بعد سقوط نظام صدام جعلت المراهنة على التغيير الخارجي أمراً غير مقبول بالمقايسة. إذ أن ما حدث في العراق جعل المنطقة برمتها تعود إلى الوراء وجعل الكثيرين يجاهرون بأن القبول بنار الديكتاتوريات أرحم من جنة الديموقراطية «الأمريكية‏»‏ الموعودة. إنها عودة للمربع «الصفري‏»‏ السابق لسقوط صدام، عودة مدعومة بوقائع تجري أمام أعين الجميع. فقد كان المربع فيما قبل سقوط صدام ملخصاً بـ «لا لصدام، لا لأي تدخل خارجي‏»‏ وإذا كان هذا المربع السكوني قد وجد من ينتقده قبل سقوط صدام ويعلو بصوته مفنداً إياه وواصفاً له بأنه قبول باستمرار هذا النظام «كمثال صارخ للدكتاتوريات‏»‏ ولا يقدم شيئا آخر لاستحالة التغيير من الداخل، لأن النظام استولى على كل مفاصل الحياة وجعل التغيير ضمن هذه المعادلة أمراً مستحيلاً، فإنه لا يجد الآن من يفنده بناءا على ما حصل لاحقاً في العراق.

لقد تحولت مقولة التغيير «من الداخل‏»‏ إلى ركن أساسي لدى أطياف المعارضة السورية سواء الداخلية أو حتى الخارجية، وأصبح الخروج عليها أمراً أكثر صعوبة، في ظل الوقائع الماثلة. فقد تلقى المراهنون على التغيير «من الخارج‏»‏ أو بدعم منه صفعة قوية من المثال العراقي. وهذه «الصفعة‏»‏ لا تقتصر على من كان ينادي به من السوريين بل إنها كانت أيضاً للقوى التي يُراهن عليها في إجراء هذا التغيير وهي هنا أمريكا فقط لا غير.

إذ أن كل الدلائل تشير إلى أن لا أحد سوى أمريكا لديه رغبة في تغيير النظام السوري(اعلاميا على الاقل) بما في ذلك إسرائيل. بل إن كثيرين يعتقدون أن إسرائيل هي من حمى هذا النظام لفترات طويلة ومديدة من اليد الأمريكية! فهي تفضل نظاما مستقراً معروفاً لديها بمحافظته على أمن حدودها، من نظام آخر قادم قد يجد نفسه منساقا إلى إعادة شعارات التحرير واستعادة الأرض بالقوة في محاولة لاكتساب شرعية وطنية كما فعلت كل الانقلابات العسكرية في سوريا قبل أن تهدأ بشكل نهائي بعد انقلاب الأسد (الأب) وسحقه لكافة القوى السياسية على الأرض، وامتداداتها داخل المؤسسة العسكرية. وكما كل الشعارات التي رفعتها « الأحزاب‏»‏ السورية المعارضة في فترة من الفترات، فقد كان ولا زال الكثير من المعارضين السوريين يعيرون النظام بصمته اتجاه إسرائيل، وبعدم قدرته على تحرير الجولان!. لا شك فإن هذا الموقف الإعلامي هو أحد أدوات استدراج عطف الشارع في «حرب‏»‏ المعارضة مع النظام.

وإذ لايمكن لأحد أن يعارض رغبة المعارضين السوريين في التغيير الداخلي يمكن لنا مناقشة مدى إمكانية ذلك من خلال المؤشرات التالية:

- يستولى النظام على كافة مفاصل العمل في الشارع السوري ولا يسمح لأحد بالاقتراب منها أو التوغل فيها فلا تستطيع المعارضة الداخلية من تجميع أكثر من بضع عشرات أو مئات لأي احتجاج تدعو له وهذا حصل في لحظات بدت فيها اليد الأمنية متراخية قليلا أمام ترك «ساحة‏»‏ للمعارضين لتنظم بعض هذه الاحتجاجات

- عدم قدرة المعارضة السورية على تشكيل «حركية‏»‏ مؤثرة أو فاعلة ضمن الشارع السوري، بل وحتى لدى النخب المتعلمة أو حتى المثقفة. إذ ليس هناك مشروع وطني يمكن الإجماع عليه خارج حسابات المحاصصة لقوى خائرة التمثيل على الأرض وتجتر تاريخاً سابقاً يثقل العمل السياسي (وحتى المدني) في الشارع السوري

- الرهاب الأمني الذي ما زال يسكن نفوس الناس منذ بطش النظام العنيف بكل مكونات المجتمع والتي كان لها موقفا محتجا أو معارضاً، سلمياً أو مسلحاً. وتالياً شل قدرتهم ليس على الحركة فحسب بل على التفكير فيها.

- انتماء شخوص المعارضة السورية (الداخلية) إلى فكر قومي أو يساري؛ وهذ عدا عن كونه يحيل في الغالب الى تمثلهم «رطانات‏»‏، فإنه يجعلهم بعيدون عن الشارع السوري في قراءة له الان لأن وعيه الجمعي أصبح دينيا في العموم.

- ضعف قدرة وخطورة عمل الإخوان المسلمين في الداخل السوري في ظل بقاء القانون 49 الذي يحكم بالإعدام على كل من ينتمي للجماعة وهي عبر طبيعة تكوينها الأكثر قدرة على الحشد فيما لو أتيح لها النشاط الداخلي

- ضعف خيار «دفع ثمن الحرية‏»‏ لدى «المشتغلين بالسياسة‏»‏ في سوريا لأسباب عديدة ليس أقلها البطش الذي لا حد له للنظام لأي فاعل سياسي مؤثر. بل يبدو أن هذا الخيار تراجع عن العقود الماضية بعد أن أمضى بعض السوريين المشتغلين بالسياسة وبعض السياسيين ما يقارب العقدين في سجون النظام، في ظل عدم وجود آلية تكافلية تضمن على الأقل عائلة من سيختار هذا الخيار

- ضعف خيار التغيير في هرم السلطة أو انعدامه سواء كان ذلك بانقلاب أبيض أو غيره من التغييرات «الانقلابية‏»‏ داخل هرم السلطة

- لم يصل الناس في سوريا إلى وضع اقتصادي كارثي «ولن يصلوا‏»‏ يسبب احتجاج جماعي منفلت وغير منظم تستطيع بعض الأحزاب ركوبه، كما أن كل اطياف المعارضة تغيب المسألة المطلبية والمعاشية للناس من خطابها الاعلامي! الذي ترتكز دعواه الاساسية في التغييرعلى: الديمقراطية، حقوق الانسان، تداول السلطة،... ولازالت هذه المفاهيم لا تشكل استقطابا (شعبياً) حولها

- عدم تبني القوى الدولية المؤثرة، بشكل واضح لخيارات المعارضة في «التغيير‏»‏ بل لازالت كل الدول تأمل أن ينسجم النظام مع الوضع الدولي ويغير نفسه وهي تعني تغيير ارتباطاته الخارجية مع إهمال الداخل السوري.

وفق هذه المؤشرات هل لأحد من المعارضة السورية في الداخل والخارج أن يدلنا على آليات التغيير السلمي من الداخل دون أن يستخدم الشعارات، والجمل الفضفاضة، وكلام لا مصب له. إذ أن هدف هذه الورقة محدد وهو الدخول في منطقة إجرائية، والنظر الى امكانيات التغيير ضمن الواقع المتاح الماثل، دون الدخول في التنظير العمومي. نتمنى بالطبع أن يكون لدى المعارضة السورية الداخلية والخارجية ما تقوله وما تفعله في سبيل التغيير السلمي الديموقراطي «ومن الداخل‏»‏ غير ترقب إحالات المحكمة الدولية في جريمة اغتيال الحريري

 

ملاحظة: كتبت هذه الورقة بأجزائها الثلاث في صيف 2006. لم أنشرها حينها بسبب خوفي من السلطات الأمنية ولاعلاقة لعدم نشرها بأي شيء خارج هذا. وكنت قد «أرسلتها» لبعض الاصدقاء طالبا الرأي فكانت نصيحتهم عدم النشر. لم أجر أي تغييرات جوهرية عليها، وهذا يدل على أن الزمن السوري سرمدي؛ ما نقوله فيه يصلح الى الابد. كما أنها تتوجهه للمعارضين السوريين بحثاً عن منطقة فاعلية «وطنية». كما أعتبرها مجرد رأي، لا أتمسك به في حال اقتنعت بخطله.

إيلاف 21/11/2007

-------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ