ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 03/03/2013


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

مقالات مختارة من الصحف العربية ليوم

02-03-2013

سيناريوات الحرب والسلام بين واشنطن وموسكو وطهران

سليم نصار *

السبت ٢ مارس ٢٠١٣

الحياة

كانت المسألة السورية هي الموضوع المهيمن على جميع المحادثات التي أجراها وزير الخارجية الأميركي جون كيري قبل اجتماعه بنظيره الروسي سيرغي لافروف وبعده.

ومع أن لقاءهما في برلين لم يكن أكثر من تمهيد لمؤتمر روما، إلا أن حديثهما المطوَّل أمّن لهما فرصة المصارحة وتبديد الهواجس والشكوك.

الوزير كيري طمأن الوزير لافروف إلى رفض الرئيس باراك أوباما تسليح المعارضة السورية. وكرر أمامه ما أعلنته واشنطن من أن قرار الرئيس جاء مخالفاً لموقف وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون وزملائها: وزير الدفاع ليون بانيتا وقائد القوات المسلحة الجنرال مارتن دمبسي ومدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أيه) ديفيد بترايوس. وكان هؤلاء قد تقدموا باقتراح يقضي بتوفير أسلحة للمعارضة السورية، والسماح للمقاتلين بفترة تدريب على أرض الولايات المتحدة.

لناطق باسم البيت الأبيض جاي كارني نقل عن الرئيس أوباما رفضه لاقتراح معاونيه، ومعارضته تسليح جماعة الائتلاف السوري برئاسة معاذ الخطيب. كذلك كرر أمام الإعلاميين تأكيد الرئيس على ضرورة إيجاد معالجة ديبلوماسية تنهي مخاطر العنف والعنف المضاد.

ويبدو أن الوزير كيري حرص في اجتماع برلين على نقل وجهة نظر الرئيس إلى الصحف الأوروبية، كجواب على زعم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن الربيع العربي هو صنيعة الاستخبارات الأميركية (سي آي أيه). وبحسب رؤياه، فان بلاده تضررت اقتصادياً من ثورات بلدان عربية صديقة لم تستفد من تفكك أنظمتها سوى إسرائيل والتيارات الشعبية المتطرفة.

انطلاقاً من هذه القناعة، يرى بوتين أن علاقته الوثيقة مع النظام السوري، الذي سلحته موسكو ورعته مدة أربعين سنة، تفرض عليه عدم السماح للدول الغربية بأن تنفرد بحل الأزمة السورية. وهو يرى أن هذا التفرد سينعكس بشكل سلبي على الدور الذي يعده لبلاده في عهده. أي دور مواجهة جدار الأطلسي في منطقة أوروبا الشرقية سابقاً... ودور البقاء في قاعدة طرطوس البحرية كونها القاعدة الوحيدة لروسيا على المتوسط... ودور المستفيد من بيع الأسلحة للدول المعادية للغرب مثل سورية وإيران.

مطلع هذه السنة، بدأ الحديث عن احتمال استخدام أسلحة كيماوية من قِبل قوات بشار الأسد الذي تحاصره المعارضة. وذكِر في حينه أن قوات تركية - أوروبية قد تتدخل عسكرياً لمنع نظام الأسد من الإقدام على هذه العملية.

وفجأة، أعلنت روسيا عن القيام بمناورة عسكرية مشتركة مع سورية، بدأت في 22 كانون الثاني (يناير) واستمرت حتى آخر الشهر. ووصفت موسكو تلك المناورة بأنها الأضخم منذ انهيار الاتحاد السوفياتي. كذلك وصلت السفن المشاركة من ثلاثة مواقع بحرية مختلفة: البحر الأسود وبحر البلطيق والمحيط الشمالي. واشتركت في هذه العملية 23 سفينة حربية تحمل وحدات صاروخية تساندها غواصتان إحداهما نووية والأخرى على الديزل، إضافة إلى سفينتَيْ الإنزال الكبيرتين «فيلتشينكوف» و «ازوف.» وقد أشرف على تلك المناورة رئيس الأركان الذي اهتم بإخراج 77 موظفاً من الممثلية الروسية في حلب، حيث نقِلوا بسبب الوضع الأمني إلى بلادهم عبر لبنان.

وصرح رئيس الأركان في حينه أن الهدف من حشد تلك القوة البحرية في شرق المتوسط يعود إلى الأهمية الجيو-سياسية التي توليها روسيا إلى ميناء طرطوس، حيث قاعدة الإمدادات لكل الأسطول.

ويرى المراقبون أن المناورة الضخمة التي قامت بها روسيا كانت تحمل أكثر من تهديد لتركيا. خصوصاً بعدما تبين لها أن أنقرة تستعد لوراثة نظام آل الأسد، وأن الصواريخ التي نشرها الأطلسي على حدودها الشرقية لم تكن أكثر من وسائل ردع تُستخدم عند الحاجة.

في هذا السياق، يمكن الاستنتاج أن القوة الحربية الروسية وظفت لتحقيق هدفين: الأول – حث الولايات المتحدة على التفاهم معها حول موضوع التسوية في سورية. شرط أن تدفع واشنطن الثمن قبول مشاركة بوتين في الحل الذي يحمله أوباما أثناء زيارته المرتقبة للمنطقة.

ثانياً – في حال فشلت التسوية المطلوبة مع الغرب، أو رفضت المعارضة السورية قبول الحل الذي يبرئ بشار الأسد بعد سقوط أكثر من سبعين ألف قتيل وتدمير أهم المدن... ففي نية بوتين خلق الظروف الملائمة لتسهيل انتقال الأسد إلى المنطقة العلوية من خلال حماية خط الشاطئ وتأمين الردع ضد أي تدخل خارجي. وربما تخوف الرئيس الروسي من هذا المحظور بعدما نقلت دمشق السلاح الكيماوي إلى المنطقة العلوية.

في طريق عودته من زيارة دولة الإمارات، صرح رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، بأن بلاده لن تسمح بإنشاء كيان انفصالي شمال سورية. وأعرب كذلك عن تخوفه من انتقال النموذج العراقي المفكك إلى سورية بحيث تصله العدوى عبر فسيفساء الأعراق التي يتألف منها المجتمع التركي.

في مناسبة سابقة أعرب الرئيس بوتين عن مخاوفه من دخول سورية في حرب أهلية طائفية لا تنتهي. وكان ذلك عقب صدور تقرير لجنة تابعة للأمم المتحدة، يتحدث بالوقائع عن توتر طائفي بين السنة والشيعة، وعن هلع مجموعات تواجه خطر إجبارها على الخروج من البلاد أو التعرض للقتل. وأدلى بوتين بذلك التصريح بعدما اكتشف أن أحد عشر مواطناً من الشيشان قد قتِلوا وهم يحاربون إلى جانب «الجيش السوري الحر». لذلك توقع أن تمتد ذراع الأصوليين من سورية الجديدة للعبث في أمن روسيا، كما تفعل المعارضة الشيشانية.

بدوره دعا الوزير لافروف إلى ضرورة تنشيط الوسائل الديبلوماسية، لأن سورية – بحسب وصفه – تقف عند منعطف خطير، ربما يؤدي العنف المتواصل إلى تقسيمها. وكان من نتيجة ذلك التصعيد أن استجاب الوزير وليد المعلم لوساطته بإعلان قبول الحوار مع المعارضة حتى المسلحة منها. كما استجاب معاذ الخطيب، رئيس الائتلاف السوري المعارض، إلى طلب الوزير كيري بحضور مؤتمر روما.

على الطرف الآخر، قادت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون محادثات ناجحة في كازاخستان مع سعيد جليلي، أمين عام مجلس الأمن القومي الإيراني. وعرضت، أثناء المحادثات، تخفيف العقوبات على إيران مقابل وقف تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المئة في منشأة «فردو» المحصّنة.

وبما أن الهدف الأساسي من زيارة الرئيس أوباما للمنطقة هو البحث عن تسوية مقبولة مع إيران تقنع نتانياهو بوقف الاستنفار العسكري، فقد تلقف جون كيري حصيلة المحادثات ليصفها بأنها «مفيدة كونها تمهد لإرساء الثقة».

اين يصب هذا التفاؤل؟

ذكرت صحيفة «لو فيغارو» الفرنسية أن المفاوضات السرية الأميركية – الإيرانية قطعت شوطاً طويلاً. ومن شروطها وقف التخصيب عند عتبة 20 في المئة مقابل تخفيف العقوبات، ومواصلة تخصيب اليورانيوم للمنشأة المدنية في مقابل الرضوخ لمراقبة دولية.

وترى الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إسرائيل تعطي حزيران (يونيو) كمهلة نهائية للحل. والسبب أن هذا التوقيت يسجل بلوغ إيران عتبة التخصيب الذري العالي الذي يخولها حيازة قنبلة نووية.

ويظهر في الأفق السياسي حالياً أكثر من سيناريو: الأول - يقول أن سقوط بشار الأسد يقوّض نفوذ إيران في لبنان، ويخلق أثراً سلبياً على «حماس» في غزة، ويوجه ضربة قاسية إلى سعي طهران لإقصاء مصر وتركيا عن قيادة المنطقة. لذلك يبدو أن انتهاء الحرب الأهلية السورية لصالح الثوار، وحلفائهم الأميركيين، يمثل فرصة مفصلية خطيرة في الشرق الأوسط.

ثانياً – لهذا السبب وسواه ستقرر إيران استباق الضربة الإسرائيلية – الأميركية بتوجيه ضربة استباقية إلى إسرائيل. ولكن في حال استولى الإسلام السياسي على سورية، فان ذلك يمهد لسقوط المالكي في العراق، حيث لطهران النفوذ البالغ.

تؤكد الصحف الألمانية أن الصفقة الأميركية – الروسية قد ظهرت نتائجها الإيجابية عبر البيان الذي صدر عن جون كيري إثر المحادثات التي أجراها مع المعارضة السورية وممثلي دول أوروبية وعربية. وقال كيري أن بلاده تعتزم لأول مرة تقديم مساعدات غير فتاكة تشمل إمدادات غذائية وطبية لمقاتلي المعارضة السورية. وأعرب عن سروره عندما قال أن الولايات المتحدة ستقدم للائتلاف السوري المعارض أكثر من 60 مليون دولار لمساعدته على تثبيت الأمن. وهذا الرقم أقل من ثمن طائرة حربية. ومثل هذا البيان التخديري يؤكد نجاح الصفقة التي أبرمها كيري مع نظيره لافروف في برلين. كما يؤكد تحليل الصحف الأميركية التي ذكرت بأن الوزيرة هيلاري كلينتون لم تكن مريضة، ولكن الرئيس أوباما أقالها مع رفاقها الأربعة لأنهم طالبوا بضرورة تسليح مقاتلي الائتلاف الوطني السوري. وقد اصطدم هذا الطلب مع الموقف المهادن الذي اتخذه أوباما خلال ولايته الثانية. ومعنى هذا أن بشار الأسد سيُكمل مدة ولايته حتى سنة 2014. عندها تكون المعارضة قد أكملت حربها ضده بواسطة دول الاتحاد الأوروبي المؤيدة لتسليحها.

ولكن، هل يُعقل أن تُقدِم أوروبا على مخالفة حليفتها الكبرى الولايات المتحدة؟

هذا ما فعله الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند عندما بلغه أن مالي ستسقط وأن «القاعدة» في طريقها لتطويق أوروبا. ولما اتصل بواشنطن حذره أوباما من خطورة التورط في الرمال الأفريقية المتحركة. ولما اتصل ببوتين، الذي أدرك على الفور خطورة الموقف، سأله ما إذا كان بحاجة إلى طائرات لنقل الجنود الفرنسيين إلى الجبهة.

وهذا برهان عملي على انشغال الرئيس الأميركي بمشاكله الداخلية المتفاقمة، وبإصراره على تقطيع السنوات الأربعة مع زوجته ميشال المهيأة لوراثته في مقعد الكونغرس.

السؤال الآن يتعلق بمصير الرئيس الأسد، الذي أبلغ الوفد الأردني الذي زاره بأنه قد يمارس مهنته كطبيب عيون في حال اضطرته الظروف إلى التقاعد من العمل السياسي. ومعنى هذا أنه يتوقع حدوث أمر مجهول ربما يفرضه عامل الزمن. وهو قطعاً يعرف حكاية الحاخام اليهودي والكونت الروسي.

تقول الحكاية أن روسياً ثرياً وقف يستعرض رحيل حاخام مع عائلته من المزرعة التي اشتغل فيها قبل صدور القرار القيصري بإخراج كل اليهود من روسيا. ولما دنا الحاخام من الكونت، سأله ما إذا كان كلبه يتكلم الروسية؟

وسأله الكونت باستهجان: وهل الكلاب تتكلم؟

وهزّ الحاخام رأسه وقال: خلال خمس سنوات، لقنت كلبي اللغة العبرية.

عندئذ استبقاه الكونت مع عائلته، شرط أن يلقن كلبه فن التكلم بالروسية خلال خمس سنوات... وإلا.

وعاد الحاخام مسروراً ليُكمل مع عائلته الحياة التي ألِفها. ولكنه فوجئ بابنه يسأله بارتباك: ماذا تفعل إذا لم يتكلم كلب الكونت؟

ورد عليه بلهجة الواثق: يا بني... بعد خمس سنوات قد يموت الكلب. وقد أموت أنا. أو قد يموت الكونت!

=====================

صيف إيراني حار!

فايز سارة *

السبت ٢ مارس ٢٠١٣

الحياة

هل تستعد إيران لصيف حار قادم، أم إنها ستواجه ما يحمله لها من تحديات على الطريقة التقليدية والسائدة في سياسة طهران منذ وصول محمود احمدي نجاد الى سدة السلطة قبل نحو ثماني سنوات، وهي الطريقة الاقرب الى السياسة الشعبوية الديماغوجية؟ مثل هذا السؤال يشغل بال كثيرين من متابعي الشأن الايراني والمهتمين بأوضاع ايران ودورها في المنطقة، كما انه يشغل بصورة بديهية الايرانيين من مختلف الاتجاهات بعد ان وضعتهم سياسة نجاد امام حائط مسدود، وقد وجدت في معظم الاوقات تأييداً ومباركة من جانب علي خامنئي مرشد الثورة الايرانية.

ان تحديات الصيف الايراني المقبل كثيرة ومتعددة، لكن ابرزها في الداخل الانتخابات الرئاسية، والتي ستكون محور نزاع بين ثلاثة اتجاهات متصادمة، اولها تيار محافظ كبير لكنه منقسم على نفسه، والثاني تيار اصلاحي ضعيف وتحت القبضة البوليسية للتيار المحافظ، والثالث تيار وسطي يطرح نفسه بديلاً لما يراه في التيارين الآخرين من عجز في القدرة على ادارة شؤون ايران واخراجها مما آل اليه وضعها من صعوبات نتيجة عجز السياسات التي جرى تطبيقها في العقدين الماضيين، تبادل فيهما الاصلاحيون والمحافظون السلطة من محمد خاتمي الى احمدي نجاد.

وعلى رغم اهمية التفاصيل المحيطة بالانتخابات، التي يجري الاشتغال عليها من جانب الأطراف المختلفة وتأثيرها على احتمالات الصيف المقبل، فان ثمة معطيات اخرى في واقع ايران على الصعيدين الداخلي والخارجي، ستلعب دورها في صيف ايران المقبل، ولعل الاهم في المعطيات الداخلية هو تصاعد الصراعات السياسية في البلاد، وهي صراعات لا تقتصر على تناقضات النظام مع معارضيه ومنهم «جبهة المشاركة الإسلامية» و «منظمة مجاهدي الثورة الإسلامية»، أبرز حزبين إصلاحيين في البلاد، بل تمتد داخل النظام وتركبيته على نحو ما تبدو مواقف رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام في إيران هاشمي رفسنجاني الرئيس الايراني الاسبق وآخرين غيره بينهم سكرتير مجلس تشخيص مصلحة النظام محسن رضائي، وهو قائد سابق للحرس الثوري، كما انه احد تعبيرات التيار الثالث بعيداً عن المحافظين والاصلاحيين.

وللوضع الاقتصادي في تردياته وتدهوره تأثيره القوي على الصيف المقبل. وخلافاً لما يفترض ان يكون عليه حال بلد يملك ثروة نفطية وعائدات ضخمة، فان ايران تعاني من صعوبات اقتصادية جدية ناتجة من الخيارات والسياسات التي يتبناها النظام وحكومة نجاد، والتي تستهلك الجزء الاكبر من عائدات ايران ومواردها في ثلاثة خطوط ذات استهلاكية عالية للمال، اولها المشروع النووي، والثاني رفع وتعزيز القدرات العسكرية، والثالث مساعدات تقدم الى حلفاء النظام ومنهم سورية والى ادواته من جماعات عسكرية وامنية وسياسية، لا تعد في الخارج، وقد زاد على ما تقدم تعرض ايران الى عقوبات دولية خسرت نتيجتها نصف عائداتها بسبب تلك السياسية، لا سيما مشروعها النووي مما خلق زيادة في المشاكل والصعوبات الاقتصادية، كان من نتائجها نقص في موجودات النقد الاجنبي وانخفاض شديد في قيمة العملة الايرانية، حيث وصلت في وقت سابق من العام الى اقل من نصف قيمتها خلال شهر واحد، وهذا بين مؤشرات تردي الاوضاع الاجتماعية والمعاشية، والتي تبدو مؤشراتها الأوضح في تزايد البطالة والفقر الذي يؤشر لحالته قول نجاد مؤخراً أن ثلاثمئة إيراني يهيمنون على ستين في المئة من ثروات البلاد، فيما يعيش عشرا ملايين الايرانيين على اربعين في المئة.

وباستثاء ما ستفرزه تطورات المعطيات الداخلية وتداعياتها السلبية، فإن للمعطيات الخارجية أثر مهم على صيف ايران المقبل. ذلك ان استمرار سياسة التحدي والعنجهية والتدخلات في المستويين الاقليمي والدولي ستعزز التحالف ضد ايران وسياساتها، التي وان استفادت في تمرير الوقت من اختلافات تكتيكية في الحلف الدولي – الاقليمي المناهض لها، فإن الاختلافات لن تستمر، فيما عنجهية طهران تتزايد حيال الدول المحيطة عبر تدخلات فجة في سورية والعراق ولبنان، وتهديدات متواصلة لبلدان الخليج وضغوطات على تركيا بالتزامن مع استعراضات للقوة العسكرية الايرانية في منطقة الخليج، والتي شهدت في الفترة الاخيرة عدداً من اهم المناورات العسكرية. وهو ما يترافق مع تحرك ادوات ايران في المنطقة، وارسالها تهديدات ضد بلدان وشعوب المنطقة على نحو ما تظهره التهديدات التي اطلقها «حزب الله» في العراق لكل البلدان المجاورة للعراق وبينها السعودية والكويت.

ان تدخلات ايران في العراق وسورية والدعم الذي تقدمه للنظام في دمشق يمثل احد ابرز تحديات ايران الاقليمية، حيث بات حضور ايران وموقفها يصطدم بالارادة الشعبية في البلدين، ويهدد نفوذ ايران ووجودها بصورة حاسمة في سورية، وبصورة جزئية على الأقل في العراق وسط تصاعد الاعتراض الشعبي العربي لسياسة طهران الاستفزازية عبر القوة من جهة ومن خلال تسعير الصراعات المذهبية من جهة ثانية. صيف ايران المقبل لن يكون حاراً بفعل الاوضاع الداخلية واحتمالاتها فقط، بل نتيجة عوامل ومعطيات خارجية، يمكن ان تتداخل فيها الضغوطات السياسية والاقتصادية، وقد تكون في سياقها ضغوط عسكرية تطاول ايران بصورة مباشرة، وتمتد الى حلفائها، وتضرب بعض ادواتها في المنطقة وربما في خارجها ايضاً، وهو وضع يجعل نظام ايران على حافة الهاوية، ان لم يسقط في عمقها!

=====================

روسيا من أفغانستان إلى سوريا

طارق الحميد

الشرق الاوسط

2-3-2013

أصدرت الخارجية الروسية بيانا اتهمت فيه الإدارة الأميركية بدعم من سمتهم «المتطرفين» بسوريا، وأدانت كذلك قرارات مؤتمر أصدقاء الشعب السوري بروما، كما شن السفير الروسي لدى الأمم المتحدة هجوما مماثلا على قرارات روما، والموقف الأميركي.

روسيا، وعلى لسان سفيرها لدى الأمم المتحدة، ترى أن أميركا «تختار أن لا تلطخ أيديها من خلال إمداد الجماعات المسلحة بالأسلحة مباشرة؛ لأن من بينهم إرهابيين وغيرهم من الأشخاص الذين تفضل الولايات المتحدة عدم الارتباط معهم»، مضيفا: «ولكن وفي الوقت ذاته فإنهم يعطون إشارات الموافقة لمن يقدمون المساعدة العسكرية المباشرة للجماعات المسلحة المتمردة»! والحقيقة أن هذا الموقف الروسي، وعلى لسان كبار مسؤولي الخارجية، يقول لنا إن موسكو هي نفسها موسكو التي احتلت أفغانستان ذات يوم، وهو ما نجم عنه صعود المد «الجهادي» لدحر ذلك العدوان، ونتج عنه ما نتج من أخطاء نعيش نتائجها حتى اليوم، وكان السبب الرئيسي فيها هو الاحتلال السوفياتي لأفغانستان.

اليوم المشهد هو نفسه، ولكن بتفاصيل مختلفة؛ حيث تقف موسكو ما بعد الاتحاد السوفياتي، وكأن التاريخ لم يعلمها دروسا، مع نظام مجرم قتل للآن ما لا يقل عن تسعين ألف سوري بسلاح روسي، وكل ذنب الشعب السوري أنه أراد التخلص من أحد أسوأ الأنظمة الإرهابية التي عرفتها منطقتنا على الإطلاق، وخطورة الموقف الروسي أنه يريد تصوير الموقف الدولي، ومنه الأميركي، وكذلك العربي، وتحديدا السعودي والخليجي، على أنه مشابه للموقف الذي اتخذ في أفغانستان إبان الاحتلال السوفياتي، وهذا أمر مجاف للواقع، بل إن العكس هو الصحيح، حيث من الواضح أن الجميع تعلم دروس الماضي، ومساعدة الثورة السورية اليوم هي من أجل ضمان عدم تكرار تجربة أفغانستان، وبالتالي صعود المد الأصولي.

سوريا ليست أفغانستان، بكل تأكيد، لكن تأخير الحلول الناجعة فيها سيجعلها أسوأ من أفغانستان، وليس بسبب موقف الخليجيين، أو الغرب، بل بسبب جرائم بشار الأسد، والدعم الروسي والإيراني بالطبع، وهذا ما لا يفهمه التاجر الروسي. الأسد هو من يلعب بورقة الطائفية، وأنصاره هم حلفاء، وعملاء، إيران. والأسد هو عميد الجماعات الإرهابية في المنطقة، وبدعم وتخطيط إيراني، بل إن الأسد فعل ما لم يفعله نظام صدام حسين، ولكن باحتراف إجرامي ظلل كثيرا من الدول، ومنهم العرب والغرب، وطوال السنوات العشر الماضية، وأكثر.

ومن هنا فإن من يمهد الأرضية الصالحة للتطرف في سوريا ليس العرب، أو الغرب، بل إنه من يمد الأسد بالسلاح، ويبرر جرائمه، ويدافع عنها، ويعرّض أمن المنطقة كلها للخطر، وهذا ما تفعله روسيا بشكل واضح، ومنذ عامين هما عمر الثورة السورية، حيث تعطل كل الحلول السياسية، وتدفع الأمور بسوريا لتكون أسوأ من أيام الاحتلال السوفياتي لأفغانستان، وهذا ما يحاول العقلاء تجنبه الآن. فهل تستوعب موسكو، ولو لمرة واحدة، أنها دائما ما تقف بالجانب الخاطئ، وأنها أبرز راع للطغاة، وأحد أهم أسباب انتشار التطرف؟

=====================

صواريخ الجولان الباليستية تدمر حلب

جمال قارصلي

الشرق الاوسط

2-3-2013

ما نعيشه الآن من أحداث أليمة في سوريا لم يكتبه التاريخ من قبل، ولن نجد حالة مشابهة له ولو دققنا في أعتم وأظلم طيات التاريخ وصفحاته. لم يكتب التاريخ من قبل عن حاكم دمر بلده وقتل «شعبه» بواسطة صواريخ باليستية، وأسقط عليهم ولمدة أشهر طويلة قنابل عنقودية وفراغية وما يسمى بالبرميلية، مدعيا أنه يحارب عصابات إرهابية وجهاديين أجانب. ما يتم الآن في سوريا هو تدمير عشوائي بامتياز للوطن والمواطن.. تدمير يفتك بالحجر والبشر.. طائرات حربية ترمي حمم نيرانها على مدن سورية مكتظة بالسكان الآمنين والمشغولين بكسب لقمة عيشهم اليومية، وهي غير مكترثة على رأس من ستسقط هذه الويلات والمصائب. إضافة إلى ذلك يطلق الجيش النظامي السوري صواريخ الجولان الباليستية من أقصى جنوب البلاد إلى أقصى شمالها خاصة على مدينة حلب وريفها، وأثناء سقوطها لا تفرق بين معارض وموال، أو ثائر وشبيح، أو حي شعبي وثكنة عسكرية.

في الآونة الأخيرة وصل بنا الحال إلى وضع يدعو للشفقة، وأصبحنا نشعر بنوع من السعادة عندما نفيق باكرا ونطمئن إلى أن أهلنا بخير، وأنه لا أحد في الليلة الماضية من أقاربنا أو أصدقائنا أو أحبتنا قد قُتل أو دُمر بيته أو كان ضحية أحد أعمال «النظام» الوحشية.

بهذا العمل الشنيع سيدخل بشار الأسد التاريخ كمجرم حرب ضد «شعبه» والإنسانية. سيدخل التاريخ من بابه المظلم الداكن.. باب سلكه قبله أشخاص قد تشمئز النفوس عند ذكر أسمائها، مثل نيرون روما، وهتلر وموسوليني وفرانكو وكثيرين آخرين في المقابر، ومنهم من أبت شعوبهم أن تكون لهم قبور على أراضيها.

رغم كل هذه الأنواع من العنف التي يستخدمها الرئيس السوري ضد «شعبه» لا يزال كثير من الناس يبررون مواقفهم المناصرة له، ويتذرعون تارة بالمقاومة وتارة بالمؤامرة وتارة بالتطرف الإسلامي وتارة أخرى بالمصالح الاستراتيجية. ما يحصل في العالم الآن هو حقا مؤامرة كونية ولكن ليس على «النظام» بل على الثورة السورية. هل يستطيع أحد أن يفهم موقف الرئيس الأميركي، باراك أوباما، مما يحصل في سوريا؟ هنالك علامات استفهام كثيرة وكبيرة حول تقاعسه باتجاه ما يقوم به نظام سوريا وزبانيته. هل يستطيع أحد أن يفهم لماذا حصل هذا الانقلاب الفظيع في الموقف الفرنسي في الأسابيع القليلة الماضية باتجاه الثورة السورية؟ أو ما هي أسباب التقارب الروسي - الأردني في الآونة الأخيرة؟ أو لماذا تترك الثورة السورية يتيمة بهذا الشكل؟

لو قارنا ما يحصل في سوريا الآن وما حصل في عام 1991 عندما أطلق العراق بعض الصواريخ الباليستية على إسرائيل: في ذلك التاريخ سارع كثير من السياسيين في العالم لمساندة هذا الكيان والوقوف إلى جانبه، وكان على رأسهم وزير الدفاع الألماني آنذاك (غيرهارد شتولتنبرغ) الذي قدم شيكا للحكومة الإسرائيلية بمبلغ قدره 800 مليون مارك كتعويض عن الخسائر التي أصابت إسرائيل من هذا القصف، وكانت ذريعة الحكومة الألمانية لهذا الدعم هي أن شركة ألمانية كانت قد أسهمت في تطوير هذه النوعية من الصاروخ. هذا الكرم الحاتمي الذي قدمته الحكومة الألمانية لإسرائيل لم يفهمه كثير من الألمان آنذاك، لأنه كان معروفا بأن هذا القصف قد سبب، إلى جانب بعض الأضرار المادية، موت رجل واحد فقط وهو الذي مات بسكتة قلبية أصابته على أثر سقوط صاروخ «سكود» ليس بعيدا عنه.

لآن تسقط على الشعب السوري كل يوم عشرات الصواريخ الباليستية (سكود - الجولان) تاركة خلفها الكثير من الدمار والمئات من الضحايا الأبرياء، وعلى الرغم من ذلك لا يزال الكثير من ساسة العالم ينظرون إلى ما يحصل في سوريا بنوع من اللامبالاة واللامسؤولية، ولم يحسموا أمرهم بعد في هذه القضية. التاريخ علمنا بأن للبشر قيم (أثمان) مختلفة، فمنهم الغالي ومنهم الرخيص. الذين ماتوا بسبب عملية إسقاط الطائرة الأميركية «لوكربي» كان تعويض (دية) كل واحد منهم ثلاثة ملايين دولار.. أما في المقابل فكان ثمن (دية) المواطن العراقي أو الأفغاني الذي تقتله القوات الأميركية وعلى أرضه مائتي دولار فقط. هذا يعني أن قيمة الإنسان «المتحضر» تعادل 15000 ضعف الإنسان «غير المتحضر». وقياسا على هذا المبدأ بات واضحا أن ثمن المواطن السوري الآن أصبح رخيصا جدا في بورصة أوباما وميركل وهولاند وغيرهم من الذين يدعون حرصهم على كرامة الإنسان .. حتى لفظهم لكلمات مثل: «أوقف قتل الأبرياء»، أو «ارحل»، أصبح يكلفهم كثيرا، وكأن ذلك فوق قيمة المواطن السوري.

الدم السوري ليس رخيصا، وثوار سوريا الأبطال يدفعون بدمائهم الزكية الطاهرة ثمن الحرية والكرامة، ولا يهمهم ما يقوله هؤلاء الزعماء، ولن يتراجعوا عن هدفهم ولو تآمر الكون كله عليهم، لأنهم على يقين تام من أن التاريخ في القريب العاجل سيكتب: مع بداية الثورة السورية تغيرت خريطة العالم وبزغ فجر إنسانية جديد!

=====================

حوار سري أميركي ـ سوري!

عماد الدين اديب

الشرق الاوسط

2-3-2013

في لقاء سري «افتراضي» بين مسؤول أمني سوري يمثل نظام الرئيس بشار الأسد مع مسؤول أمني أميركي يمثل مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، دار هذا اللقاء المتخيل بفندق كبير في عاصمة أوروبية. وهذا الحوار الوهمي هو محاولة لتخيل مواقف الطرفين:

السوري: أريد أن أعرف لماذا دعوتني إلى هذا الحوار؟

الأميركي: نحن دائما نحب أن يتوفر لدينا أكبر قدر من المعلومات المدققة قبيل اتخاذ أي قرار كبير.

السوري: وأي قرار كبير تنوون اتخاذه؟

الأميركي: نحن لم نجمع المعلومات بعد حتى نتخذ القرار.

السوري: وماذا تريد أن تعرف مني؟

الأميركي: نحن نريد الإجابة عن الأسئلة التالية:

1 - هل يرغب الرئيس بشار في تسوية سياسية؟

2 - ما هو حجم تماسك القوى العسكرية المؤيدة للرئيس؟ 3

- ما هي حقيقة موقف الطائفة العلوية من سياسات الرئيس؟ السوري: أنت تريد خلاصة الخلاصة، وهذه أسئلة تتعلق بأمن النظام، وأي إجابة مني لك تعتبر تقديم معلومات ذات خطورة تتصل بشؤون أمن الدولة العليا.

الأميركي: أنت ضابط أمن وموضع ثقة ولم تعد هناك أسرار عليا للدولة بما فيها القوة النووية، والأسلحة البيولوجية!

السوري (مترددا): الرئيس يسعى لتسوية سياسية تؤدي إلى استمراره لكنه لن يترك الحكم!

الأميركي: والطائفة العلوية والجيش؟

السوري: الطائفة تسيطر على أهم مفاصل الجيش، وحتى الآن فإن أقطاب الطائفة يرون أن بقاء الرئيس ونظامه هو خير ضمان للحفاظ على أمن النظام. الأميركي: إذن نحن أمام استمرار للقتال والعمليات العسكرية من الطرفين.

السوري: هذه حرب سوف ينتصر فيها النظام!

الأميركي: ما هي مبرراتك؟

السوري: لأننا نؤمن بأن القادم أسوأ، وأن هذا النظام الذي لا يعجبكم قابل للتعاون والتفاهم دائما في الأمور والأوقات الصعبة مثل غزو إسرائيل للبنان، وغزو صدام للكويت، وعقب 11 سبتمبر (أيلول)، أما التيارات الدينية المتطرفة فإنها سوف تدمر المصالح الأميركية تدميرا! الأميركي: ولكن هل يمكن للرئيس أن يجهز تماما على تلك التيارات ويحسم المعركة عسكريا؟ السوري: لن يتمكن أي طرف من حسم الموقف عسكريا، ولكن من مصلحتكم دعم الحوار بين تيارات المعارضة وتيارات حزب البعث حتى لا تقعوا في تكرار خطأ اجتثاث جذور البعث كما حدث في العراق.

الأميركي: هل يمكن أن تتخيل أن الرئيس يطلب من أي دولة صديقة حق اللجوء السياسي؟

السوري: آخر من سيغادر سوريا سيكون الرئيس!

انتهى الحوار الغريب العجيب!

=====================

المتحدثون العمي الصم عن مآسي السوريين

كلمة اليوم السعودي

2-3-2013

يملأ المتحدثون والمحللون الفضاء الإعلامي ضجيجا حول وجود مسلحين في سوريا ويصمون نشاطهم بالارهاب.

ولكن المحللين والمتحدثين لا يرون جرائم نظام الأسد ورعاته في طهران وموسكو، وتعمى أعينهم عن المجارز الجماعية والتطهير العرقي الذي تمارسه ميليشيات الأسد وطهران في سوريا وتنظيف قرى عديدة وأحياء من سكانها إما قتلا أو اختطافا واعتقالا وتهجيرا لسكانها في تطبيق وحشي لبرنامج التطهير العرقي والطائفي بدعم من موسكو وبحمايتها.

وتصب القوى الغربية العظمى في المسألة السورية كميات كثيفة من النفاق والرياء، فهي قد تخلت عن شعارات حقوق الإنسان ومحاربة الإرهاب في القضية السورية، مثلما تخلت عنها في القضية الفلسطينية، ما يعني أن إسرائيل تتحالف مع طهران وتمنع أية مساعدة دولية للشعب السوري وانقاذه من حرب الإبادة في وطنه. كما تمنع، كما يبدو، أية خطوة عملية ضد الآلة العسكرية الوحشية لنظام الأسد، وأية خطوة دولية لمنع تدفق الأسلحة الفتاكة على نظام الأسد من قبل طهران وموسكو، وأية خطوة دولية لمنع إيران من إرسال فرق الحرس الثوري الإيرانية واللبنانية والعراقية إلى سوريا لمساندة نظام الأسد. إذ تؤكد المعارضة السورية أنها رصدت اتصالات بين فرق الحرس الثوري في سوريا، كما أسرت أفرادا تابعين للحرس الإيراني.   وهذه الفرق الإيرانية تدير جيش الأسد وتهاجم مناطق مدنية. ما يعني أن المناطق التي لا تزال تحت سيطرة نظام الأسد تخضع لإحتلال أجنبي إيراني.

وتحارب المعارضة السورية على جبهتين، جبهة عسكرية داخلية في مواجهة قوى أسدية وميليشيات إيرانية، وجبهة خارجية هي تحالف إيراني روسي يمارس كافة فنون السمسرة والترغيب والترهيب والمراوغات في المجتمع الدولي.

وقد طالب رئيس الائتلاف الوطني السوري الشيخ معاذ الخطيب، المجتمع الدولي، منع طهران وموسكو من تزويد نظام الأسد بالأسلحة الفتاكة، إن كان هذا المجتمع يمنع تزويد السوريين بالسلاح ويمتنع عن القيام بمهمة أخلاقية لإنقاذ شعب أعزل يتعرض لهجمة وحشية بكافة أنواع الأسلحة بدءا بالدبابات والصواريخ والمروحيات والمقاتلات وأخيرا بصواريخ سكود العشوائية المدمرة لمساحات واسعة من المدن ولا تميز بين مواقع عسكرية أو منازل مدنية.

وواضح أن طهران وموسكو نصحتا نظام الأسد باستخدام صواريخ سكود بعد أن تأكدتا من تقاعس المجتمع الدولي وعجزه عن انقاذ السوريين، بإرادة روسية إيرانية إسرائيلية.

=====================

روسيا تعيد الحرب الباردة إلى الشرق الأوسط

عبدالعزيز بن عثمان بن صقر

عكاظ

2-3-2013

بعد اختفاء الاتحاد السوفيتي، وحلف وارسو، وهدم سور برلين، تفاءلت دول العالم بانتهاء الحرب الباردة، وزوال الاستقطاب الدولي الذي انقسم معه العالم إلى كلتين أو قوتين عظميين ومن يدور في فلكهما، وتوقع كثير من المحللين انتهاء زمن صراع النفوذ الذي كانت منطقة الشرق الأوسط في مقدمة ضحاياه، وجاء هذا التفاؤل بعد الموقف الروسي من حرب تحرير الكويت، فقد انحازت موسكو آنذاك لقيم العالم الحر، إلا أن موقف موسكو من الأزمة السورية، ومن الملف النووي الإيراني يؤكد بوضوح أن روسيا تسعى إلى استعادة طموحات الاتحاد السوفيتي، وتريد تحقيق الحلم القديم المعروف بـ ( الوصول إلى المياه الدافئة ) خاصة بعد تغير موازين القوى، وغياب مبدأ كارتر، وتغير استراتيجية واشنطن بعد العثرات التي اصطدمت بها في العراق وأفغانستان، وأخيرا تغير ثوابتها في الشرق الأوسط بعد ثورات الربيع العربي سواء بإرادتها، أو بمشاركتها، أو مجبرة على ذلك .

المحادثات التي جرت نهاية الأسبوع الماضي في برلين بين وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ونظيره الروسي لافروف وما تمخض عنها من فشل حول الأزمة السورية، وما كشفته من تأييد موسكو لنظام الأسد، بل اعتبار المقاومة السورية متطرفة، وطالب لافروف واشنطن بالضغط على المعارضة السورية لتجاوز تنحي الأسد واعتبار بقاءه في السلطة ضرورة، مع عدم تقديم أي حلول على الأرض باستثناء اجترار المطالب بالحوار مع نظام يمارس القتل كل لحظة ضد شعب فقد أكثر من 70 ألف قتيل، وتهجر منه أكثر من مليون لاجئ.

الموقف الروسي يزداد دعما لنظام الأسد، وللنظام الحاكم في طهران دون مراعاة لمعاناة الشعوب، أو قيم الحرية والعدالة، ولا يعنيه القتل والتشريد، في وقت انحسرت فيه الاستراتيجية الأمريكية فيما عدا حماية إسرائيل، وتأمين مصالح واشنطن في الشرق الأوسط بمهادنة روسيا، وإبرام صفقات سرية مع إيران، وإغراق شعوب المنطقة العربية بالفوضى تحت غطاء الربيع العربي. ما يتطلب ضرورة أن تسعى دول المنطقة إلى إعادة تقييم الموقف الراهن إقليميا ودوليا قبل فوات الأوان .

*رئيس مركز الخليج للأبحاث

=====================

هل بشار وزير داخلية للعراق؟!!

يوسف الكويليت

الرياض

2-3-2013

    نوري المالكي رئيس وزراء العراق صرح في الأيام الماضية، أن سقوط نظام بشار الأسد سوف يفجر حرباً أهلية في كل من العراق ولبنان، ومثل هذا الاعتراف يجعلنا نشك أن المالكي يحكم كل العراق، بل من كان يسيطر على أمنها بشار وحده، لكن العالم لا يعرف أن له وظيفتين؛ رئيساً لسوريا ووزير داخلية في العراق، لكن ماذا لو سقط نظام الملالي في إيران، هل يعني ذلك أن الكارثة ستكون أكبر على نظام المالكي، وشعوره بأن سوريا مفتاح الأمان لبلده، أن الحزام الذي كان يحيط به من الجهتين الإيرانية والسورية هو من جعله يحكم العراق لكن بمبدأ سيادة الأقلية الشيعية مع كل من السنة العربية وسنة الأكراد وبقية الفصائل الأخرى القومية والدينية صاحبة الأكثرية المطلقة..

صدام حسين لا خلاف على أنه دكتاتور أدار العراق بالقبضة الحديدية، لكنه لم يكن طائفياً حيث في حكومته وزير خارجية مسيحي يقبع في سجن بغداد، وهناك شيعة وأكراد وسنة وغيرهم، عكس المالكي الذي يحكم بمليشيا واحدة وعدة فصائل تسانده من نفس المذهب، ويكفي أن يفخر الشعب العراقي أن شيعته من العرب، هم من هزموا جيش الخميني وجرعوه السم، وهو ما يثبت أن النظام القائم بدأ يفقد شرعيته حتى لو ادعى أنه جاء باقتراع حر تحت حراب المحتل الأمريكي الذي خطط ومرر من يحكم ويسيطر ويرهن العراق إلى إيران، والدليل أن اعتصامات الأنبار وغيرها واستمرار المظاهرات، نتيجة طبيعية لعجز المالكي تشكيل حكومة وحدة وطنية، وعدم فرض الفريق الواحد يهيمن على الجيش وقوات الأمن وسط انفجارات عجزت السلطة إيقافها، حتى أن هناك من يتهم الحكومة بتدبيرها والتخطيط لها لجعل العراق في حالة عدم استقرار..

الوضع السياسي هناك لا يتسم بالواقعية، أي أن الارتهان لعلاقات مطلقة مع إيران ودون الحساب للجيران العرب، والانتقال من عداء النظام السوري إلى التحالف المذهبي وهو الذي يرتكز في سلطته لحزب البعث الذي تطارده العراق خلق تخبطاً أضر بالعراق، والذي هو صاحب الحاجة لإعادة بناء الثقة مع الدول العربية، وخاصة الخليجية للاستفادة من تدفق الاستثمارات في إعادة بناء العراق لأن بنية النظام جعل العروبة كابوساً، وهذا أمر غير صحيح لأن بناء العراق الحديث جاء على يد السنة العرب ودون تمييز بين الأعراق والطوائف، إلاّ ما خلقته الأزمات التي بدأت مع عبدالكريم قاسم في نزاعه مع الأكراد، بينما من أعطاهم الحكم الذاتي صدام حسين وحده..

رهبة النظام من تداعيات ما يجري في سوريا تنبني على أن الحكم الطائفي لا يمكن أن يستمر وإلاّ معنى ذلك تجزئة العراق إلى دويلات وهو ما تسعى إليه إيران وإسرائيل ويعمل من أجله الحكم الراهن..

=====================

سوريا.. والأمل المغيّب

رأي البيان

التاريخ: 02 مارس 2013

أخطر ما تمر به الأزمة السورية في الوقت الراهن بالتزامن مع تصاعد حدة أعمال العنف يوماً تلو الآخر، هو غياب حل قريب يلوح في الأفق لوقف إراقة الدماء، والتي تسال كل يوم بالعشرات والمئات أمام أعين المجتمع الدولي، الذي لا شك أنه يتحمل مسؤولية تاريخية إزاء ما يجري في هذا البلد العربي الشقيق.

ومع إشراقة كل يوم يتحول الإنسان السوري إلى مجرد رقم، فنجد إحصائية القتل تتصدر معظم الصحف، من دون وجود أفق قريب لحل هذه الأزمة التي يخشى أن تمتد لظاها، ليس لدول مجاورة فحسب بل للمنطقة بأسرها.

وأزمة النظام السوري أنه يراهن على الحل الأمني الذي لن يجدي نفعاً أمام إصرار شعب كامل على نيل حريته، أسوة بباقي شعوب العالم. وتزيد من حدة الأزمة التصريحات التي تؤكد الرهان على الحل الأمني مهما كلف من ثمن، أو بمعنى آخر؛ سياسة الأرض المحروقة التي ينتهجها النظام، الذي لم يدرك بعد دروس الماضي ولا حتى دروس الوقت الراهن ومصائر الدكتاتوريين.

إن المجتمع الدولي مطالب بممارسة دور ضاغط أكبر على النظام وحلفائه، وعلى مجلس الأمن الدولي وهيئة الأمم المتحدة وكل المؤسسات الدولية، لعب دور أكبر واستخدام كافة سبل الضغط من أجل وقف إراقة الدماء في سوريا، والبحث عن مخرج لهذه الأزمة المتصاعدة التي حولت المدن السورية إلى أشباح.

كما أن الجامعة العربية مطالبة ببذل المزيد من الجهد للخروج من نفق الأزمة السورية المظلم، وبذل كل الجهود الممكنة لوقف آلة القتل والدمار التي أتت على الأخضر واليابس.

إن استمرار العنف الدائر في سوريا خطر لا يهدد سوريا فحسب، بل يمثل عاصفة ربما تأتي على المنطقة بأسرها، وقد امتدت لظاها فعلاً إلى لبنان الذي يشهد صدامات واشتباكات متقطعة حصدت عشرات الأرواح، وإلى غير لبنان بأشكال ومستويات مختلفة.

إن النظام السوري وحلفاءه وكافة القوى العالمية والعربية، مطالبة بمواقف جادة من أجل وقف نزيف الدم السوري، والعمل لإنهاء هذه الأزمة الطاحنة التي تمثل «تسونامي» لا أحد يعرف ما مصير تداعياته، على المنطقة كلها، وربما على الأمن والاستقرار العالميين.

=====================

المشكلة في موسكو وليست في دمشق

 الوطن السعودية

التاريخ: 02 مارس 2013

 يأتي قرار الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، أول من أمس، بعد انتهاء مؤتمر أصدقاء سورية في روما بدعم المعارضة السورية بمساعدات عسكرية "غير مميتة"، وكذلك بإمدادات غذائية وطبية، ليشكل رداً على التعنت الروسي في الوقوف إلى جانب النظام وبالتالي تمديد الأزمة من غير مبالاة بما ينتج عنها يوميا من ضحايا مدنيين أبرياء بنيران النظام.

فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكد أول من أمس أيضا بالتزامن مع ختام مؤتمر أصدقاء سورية للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند خلال اجتماعهما في موسكو "أنه من المستحيل التوصل إلى تسوية للأزمة السورية من دون روسيا"، مما يعني أن المجتمع الدولي عليه أن يرضي روسيا أولا قبل النقاش حول إنهاء الأزمة المدمرة في سورية.

واقع الحال على الأرض يشير إلى أن نتائج مؤتمر روما ولقاء موسكو لم يغيرا شيئا، فالنظام ما زال يدمر ويفتك بالبشر، والمعارضة المسلحة تقاوم وتحاول السيطرة على مواقع تابعة للنظام، واقترابها من معاقل النظام بقصف أماكن لتمركز قواته على جبل قاسيون يوضح أن النظام بات في مأزق متصاعد على المستوى العسكري داخليا، والتحركات السياسية التي تسارعت على المستوى الدولي تشير إلى أن هناك من يريد إنقاذ ما يمكن إنقاذه من بقايا النظام الذي يفقد المناطق واحدة تلو الأخرى، وهو بالكاد يدير المناطق التي ما زالت تحت سيطرته.

مقترح الرئيس الفرنسي هولاند بأن "إجراء حوار سياسي أكثر انفتاحا بشأن سورية هو السبيل الوحيد للخروج من الجمود حول الأزمة"، و"الحاجة لشركاء جدد لإجراء محادثات تستهدف إنهاء هذه الأزمة" يوضح أن هناك كثيرا من الأمور العالقة التي تصطدم بما يعطل مساراتها، بدليل أن الرئيس الروسي بوتين وعد هولاند بدراسة مقترحه، ليظهر كمن يدير الأزمة ويتحكم بالنظام السوري ويسيره ويقرر باسمه، مما يؤكد أن المشكلة الحقيقية في موسكو قبل أن تكون في دمشق حيث النظام السوري يدير معركة ضد شعبه، وما تأمر به روسيا تنفذه دمشق، ورسالة موسكو للعالم تقول: أي مبادرة لحل الأزمة يجب أن تمر عبر موسكو، ولا خيارات أخرى.

=====================

مطلوب أفعال لا أقوال

الراية القطرية

التاريخ: 02 مارس 2013

الجميع يتحدّث عن ضرورة حلّ الأزمة السورية التي وصفها وزير الخارجية السعودي بأنها أصبحت أزمة عالمية ولكن رغم ذلك فإن الأوضاع تزداد سوءًا والنظام يُحاول شراء الوقت لتنفيذ مخططاته فيما يُعاني الشعب السوري ويلات الحرب من قتل وتدمير ونزوح ولجوء ولذلك فإن المطلوب من المجتمع الدولي الذي بدأ يتحرّك، أفعال وليس أقوالاً وإن ذلك مرهون بتحرّك دولي عاجل خاصّة بعدما وضع المجتمع الدولي قضيّة دعم الشعب السوري في الاتجاه الصحيح من خلال لجنة أصدقاء سوريا التي أنهت أعمالها قبل يومين بالعاصمة الإيطالية روما.

إن التحذير الذي أطلقه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في جنيف من أن الحلّ العسكري بسوريا سيقود إلى تفكّكها ينبغي ألاّ يُؤثر على الدعم العربي وأصدقاء سوريا على الثوار في توفير الإمكانات التي التزموا بها باعتبار أن القضيّة ليست في الحل العسكري أو السياسي وإنما في تعنّت النظام الذي رفض كل الحلول السياسيّة وتمسّك بالحلّ العسكري ما وضع الشعب السوري أمام خيار واحد لا بديل له وهو حمل السلاح في مواجهة الإبادة من نظام لا يرحم ولا يُريد لشعبه أن يعيش بحرية.

من المهم أن يُدرك المجتمع الدولي أن أزمة سوريا هي صنيعة النظام وأن الحوار لحلها لن يتمّ إلاّ بالضغط عليه وإرغامه على وقف جميع عمليّات القتل والتدمير والإبادة التي ظلّ يُمارسها على مدى أكثر من 18 شهرًا ضدّ شعبه ولذلك فإن المطلوب أوّلاً توحيد إرادة المجتمع الدولي للضغط على النظام لوقف حرب الإبادة ومن ثمّ إرغامه على ترك السلطة وتمكين المعارضة السورية بجميع أطيافها من تحديد مستقبل الوطن .

من المؤسف أن يتحوّل مجلس الأمن إلى الشاهد الصامت كما وصفه الأمين العام للأمم المتحدة بالقضيّة السوريّة وهو يُدرك حجم الجرائم المفزعة التي ارتكبها النظام ضدّ شعبه، فمن المؤكّد أن مثل هذا الموقف يمثل عارًا للمجتمع الدولي فليس من المقبول أن يستمع المجلس في كل مرّة إلى تقارير مبعوثين دوليين حول الأزمة ولا يتحرّك وهو يُدرك حجم المأساة التي تفاقمت بسبب تقاعس المجلس وفشله في الوفاء بالتزاماته تجاه مأساة الشعب السوري.

إن دعم الشعب السوري عسكريًّا أصبح واجبًا دوليًّا وينبغي على العرب القيام به قبل أن يُدخل الأسد سوريا في حرب أهليّة طائفيّة ولذك فإن المطلوب تحويل نتائج اجتماعات روما والذي اتفق جميع المشاركين فيه على توفير وسائل الدعم العسكري للثوار من أجل حماية الشعب السوري إلى أفعال وليس أقوالاً، فالمعركة السورية أصبحت معركة عالمية وإن التحرّك يجب أن يكون جماعيًّا وإن اجتماع روما وضع إطارًا للتحرّك الجماعي من أجل إنقاذ الشعب السوري من الإبادة وذلك مرهون أيضًا بتوحيد رؤى المعارضة بجميع أطيافها وتسريع تكوين حكومة انتقاليّة لإدارة المناطق المحرّرة.

=====================

ضاع الوطن .. متى يستيقظ السوريون ؟

سهيل حداد

2013-03-01

القدس العربي

استغلت الدول العالمية الفاعلة على الساحة الدولية حاجة الشعب السوري وتوقه إلى الحرية والكرامة وتطلعاته إلى بناء دولة ديمقراطية حرة كريمة ، يشارك فيها الجميع على قدر واحد من المواطنة والمساواة ، حملت هذه الدول راية حقوق الشعب السوري ورفعت أجمل الشعارات في الوقوف إلى جانبه ودعمه حتى تحقيق أهدافه المنشودة ، وأطلقت أعنف التصريحات والتهديدات ضد النظام السوري محددة له الخطوط الحمراء التي لا يمكن التساهل في تجاوزها.

دفعت هذه الدول المؤثرة سياسياً وعسكرياً واقتصادياً أذرعها الإقليمية الفاسدة في المنطقة للتحرك في الساحة السورية بكل اتجاه ، لتؤكد دعمها المطلق في دعم الثورة السورية حتى إسقاط النظام الحاكم في دمشق ، فتحت الفضاء اللامحدود بدون محرمات لتحرف بوصلة الثورة السورية عن أهدافها السلمية والنبيلة ، ولتدعم أجندة النظام السوري في دفع الثورة إلى الكفاح المسلح .

إن هذه الدول الإقليمية المرتبطة بأشكال مختلفة مع النظام العالمي الموروث من الحقبة الاستعمارية ، عملت على تنفيذ الأجندة المحددة لها وتناوب الأدوار فيما بينها بشكل مباشر أحياناً وغير مباشر أحياناً أخرى ، منها في العلن ومنها الأخر في الخفاء ، حيث سخرت بشكل غير مسبوق يدعو إلى التساؤل والاستغراب ، كل طاقاتها وقدراتها المالية وإمكانياتها الإعلامية الموجهة تحت ذريعة نصرة الشعب السوري ودعمه في تحقيق أهدافه .

أطلقت التحذيرات والتهديدات في الاجتماعات والمؤتمرات والندوات في مختلف المحافل الدولية ضد النظام السوري ، إلا أن ورقة التوت سقطت الواحدة تلو الأخرى أمام مسمع ومرأى دول وشعوب العالم جميعاً ، لتؤكد تواطؤا دولياً قذراً بحق الشعب السوري المسكين الذي وقع بين مطرقة النظام وحلفائه وسندان تخاذل دول أصدقاء الشعب السوري.

من يستطيع أن يقتنع أو يقنع الآخرين بأن الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها تقف إلى جانب حرية الشعب السوري وتحقيق دولته الديمقراطية المنشودة ..؟!

من يستطيع أن يقتنع أيضاً بأن الدول الإقليمية في المنطقة والتابعة إلى السيد الأمريكي تنشد مصلحة السوريين على حساب مصالحها الوطنية والقومية وعلاقاتها مع الولايا ت المتحدة الأمريكية ؟!.

ـ كيف تضع المعارضة السورية كافة أوراقها في السلة الأمريكية خلال الفترة السابقة ؟.

نحن لا نشكك في وطنية المعارضة السورية على الإطلاق ، بل ونرفض سياسة الاتهامات والتخوين بشكل مطلق ، ولكن اللعب بين الكبار يحتاج إلى التركيز والتوازن والانتباه وأخذ الحيطة لما يحدث في الغرف المغلقة ، لأن الإفرازات و النتائج المحتملة غير قابلة للمساومات والمراهنات ، لأن الخسارة كبيرة ولا يمكن تعويضها عندما تخسر الوطن يضيع كل شيء ، ولعل صرخة الشيخ أحمد معاذ الخطيب رئيس الائتلاف الوطني عبرت وبقوة عما يدور في بعض الأذهان والجوار.

نحن لا نشكك أبداً بأحقية الثورة السورية وقيامها ضد نظام الظلم والقهر بكل الأبعاد والمقاييس ، وضرورة تحقيق أهدافها في بناء وطن تسوده المحبة والإخاء ، وطن يرسخ مبادئ المساواة والعدالة والمواطنة بين جميع أبنائه ، نحن لا نشكك أبداً في ضرورة انطلاقة الثورة وشوق الثوار إلى الحرية والخلاص وتعطشهم إلى الحياة الحرة الكريمة ، ولا نريد أن نلقي التهم على المؤامرات الخارجية فقط ، دون النظر إلى مساهمة ومشاركة معظم أطراف الصراع في مأساة الشعب السوري ومعاناته وحاجته إلى دوره الحضاري والريادي في المنطقة.

ـ طالما تغنى النظام وحزب البعث في سورية بانجازاتهم في حفظ الأمن والاستقرار وتوفير الأمان وحماية الدولة وقيادة المجتمع ضد كل المخططات الغربية الرامية إلى النيل من مواقف سورية الوطنية والقومية على حساب التطور والتقدم والإصلاح والازدهار والرخاء ، الذرائع والشعارات التي رفعها النظام لسنوات طويلة في أحقيته بالبقاء والاستئثار في السلطة ، هاهي تسقط وتنهار مدوية ، ونتائج هذا السقوط لا يحتمل أي مبررات مهما كانت الأعذار التي يحاول النظام وأبواقه الاختباء وراءها .

إن النظام الذي فشل في حماية الوطن والشعب وتوفير المتطلبات الأساسية اللازمة للمواطن السوري ، والنظام الذي يستخدم الطائرات العسكرية الحربية والقنابل الفوسفورية المحرمة وصواريخ سكود المدمرة في صراعه مع خصومه من أبناء الوطن في المناطق الآهلة في السكان ، والنظام الذي لا يمكنه حماية مواطنيه من التشرد واللجوء إلى المخيمات في العراء ، والنظام الذي لا يستطيع أن يحمي اقتصاد الوطن من الفساد وتدمير البنى التحية للدولة والمجتمع ، ولا يمكنه استيعاب متطلبات واحتياجات شعبه ويدفعه إلى الثورة قسراً ، والنظام الذي لا يرى المخاطر الخارجية والمخططات التي تحاك ضد وطنه وشعبه وإيجاد الحلول والمخارج لتجنبها ، والنظام الذي يستمد بقائه من روسيا وإيران وليس من الشعب السوري لا يملك المبررات القانونية و الأخلاقية ولا يستحق البقاء في السلطة ولا يمكن له أن يحمل مجدداً بشائر مستقبل بناء سورية المنشودة.

لقد وقع الشعب السوري المسكين فريسة بين فكي نظام قمعي وقاتل ودول متخاذلة ومتواطئة لا تريد للثورة السورية أن تنتصر وتحقق أهدافها المنشودة ، تحاول إطالة عمر الصراع حتى تتعقد المعطيات الداخلية والخارجية أكثر ، بحيث يضيع معها صفاء ونقاء ومشروعية الثورة السورية ، مناورات عقيمة ومبادرات وشروط سديمية تدور في فلك غشاوة المجهول، والثورة والشعب السوري ساحة للتجربة والاختبار .. وضحية لتأمر النظام السوري وحلفائه من جهة ، ولدول العالم المتخاذلة بحقه من جهة ثانية .

ضاعت الأمة العربية وسقطت في الهاوية .. هذه هي الحقيقة التي لا يريد البعض سماعها أو التسليم بها ، من يقرأ المعطيات الحالية يدرك جيداً ما يخبئه المستقبل من هول المصيبة وأبعادها و حجم الكارثة الوطنية والإنسانية القادمة . الأمة العربية في غرفة الإنعاش تنتظر الأخر القادم من بلاد العم سام ليرسم لها نفرة الأثداء ومعالم شخصيتها البديلة وتحديد هويتها الثقافية والفكرية القادمة ودورها الإقليمي الجديد .. فهل يستيقظ العرب و السوريون على صوت العقل والحكمة لإنقاذ أمتهم و وطنهم قبل إصدار شهادة الوفاة .

 

' كاتب وباحث سوري مقيم في ألمانيا

=====================

اصدقاء سورية ام اصدقاء اسرائيل؟

عبد الباري عطوان

2013-03-01

القدس العربي

لم يكن مفاجئا ان يرفع متظاهرون في حي العسالي جنوب دمشق وبلدة معربة في درعا موطن الشرارة الاولى للثورة السورية لافتات تقول 'انتهت كذبة اصدقاء الشعب السوري.. كش ملك' او 'اصدقاء الشعب السوري يجتمعون فقط لكي يحددوا مكان وزمان المؤتمر الذي يليه'.

حالة الغضب هذه سببها قرار الاجتماع الاخير لأصدقاء الشعب السوري في روما بتخصيص مبلغ مقداره 60 مليون دولار لمساعدة المعارضة السورية المسلحة، وتزويدها بأسلحة غير فتاكة.

خيبة امل هؤلاء الغاضبين في الداخل السوري مفهومة، ومطالبتهم الشيخ معاذ الخطيب بمقاطعة هذه الاجتماعات مفهومة ايضا، فإذا كانت اولوية هؤلاء التصدي للطائرات وصواريخ سكود التي تقصف مدنهم واحياءهم وحماية ارواحهم، فإن اولوية اصدقاء سورية، والغربيين منهم على وجه الخصوص، هي حماية اسرائيل وأمنها ومستوطنيها.

ان تقديم امريكا ستين مليون دولار كمساعدات للائتلاف الوطني السوري والمعارضة بشكل عام هو ابشع انواع الاحتقار والاهانة، وما كان على السيد الخطيب ان يقبل بها، وان يردها غير شاكر لمانحيها تفضلهم على السوريين.

امريكا وروسيا تختلفان على كل شيء فيما يتعلق بالملف السوري، ولكنهما تتفقان بقوة على هدف واحد، وعدو واحد، هو الجماعات الاسلامية الجهادية، وجبهة النصرة على وجه الخصوص، وهي الجماعات التي يتسع نفوذها على الارض، وتسيطر على المدن الواحدة تلو الاخرى، وتملأ الفراغ الناجم عن انسحاب او هزيمة القوات النظامية.

تختلفان على بقاء الاسد او اختفائه، على صلاحيات الحكومة الانتقالية ورأسها واعضائها، تختلفان على التسليح ونوعية الاسلحة، ولكنهما تتفقان على ان النصرة واخواتها هي الخطر الاكبر، سواء اثناء وجود النظام او بعد سقوطه.

فليس صدفة ان تعتقل قوات الامن التركية خلية من احد عشر شخصا قالت انها تنتمي الى تنظيم القاعدة، وكانت تخطط لشن هجمات على السفارات الامريكية والاوروبية في انقرة واسطنبول، وهي اي تركيا، التي سمحت بمرور مئات المجاهدين العرب عبر اراضيها لقتال النظام الديكتاتوري في دمشق.

مؤتمر اصدقاء سورية في روما اطلق شرارة الحرب لتصفية الجماعات الجهادية، وبموافقة روسية وايرانية ايضا، وان كانت الدولتان الاخيرتان لم تشاركا في اعماله، والحال نفسه ينطبق على النظام السوري الذي ظلّ يكرر دائما انه يواجه مؤامرة خارجية ويحارب جماعات ارهابية.

' ' '

ليس صدفة ان يتزامن انعقاد هذا المؤتمر في روما مع الكشف عن تدريب قوات سورية في قواعد عسكرية اردنية لمنع الاسلاميين من الوصول الى الحكم في سورية، ولمنع استيلاء هؤلاء على الاسلحة الكيماوية التي في حوزة النظام واستخدامها ضد اسرائيل في مرحلة لاحقة، تماما مثلما حدث في افغانستان والعراق وليبيا (اقتحام القنصلية الامريكية في بنغازي وقتل السفير وثلاثة دبلوماسيين)، حسب تحليلات الصحف الامريكية.

هناك تطابق غريب بين طريقة تدريب هؤلاء السوريين ونظرائهم في اجهزة امن السلطة الفلسطينية، فالمدربون امريكيون، وقواعد التدريب واحدة (الاردن) وطريقة اختيار هؤلاء تتبع المعايير نفسها، فقد اكدت صحيفة 'التايمز' البريطانية ان هؤلاء يتم انتقاؤهم بعناية فائقة، وبعد تمحيص امني مكثف للتأكد من خلفياتهم 'المعتدلة'، اي ان يكونوا غير اسلاميين متطرفين، ومستعدين لتنفيذ الأوامر حرفيا.

امريكا مترددة في تزويد الجيش السوري الحرّ بالاسلحة الحديثة والفتاكة، لانها لا تريد التورط في حرب، مباشرة او غير مباشرة في سورية اولا، وحتى لا تقع هذه الاسلحة في ايدي الجماعات الاسلامية الجهادية (النصرة، الفاروق، صقور الشام، احرار الشام، لواء الحق، الطليعة الاسلامية، حركة الفجر الاسلامية).

هذا التردد جعل الادارة الامريكية اقرب الى الموقف السوري الايراني من موقف الائتلاف السوري المعارض وداعميه في دول الخليج والسعودية وقطر على وجه الخصوص، وهذا ما يفسر الضغوط المكثفة التي تُمارس حاليا على الشيخ الخطيب رئيس الائتلاف للجلوس الى طاولة المفاوضات مع ممثلي النظام السوري، للتوصل الى حل سياسي في ظل استمرار النظام ورأسه لمرحلة انتقالية يتبلور طول مدتها او قصرها في الحوار المرتقب.

 

' ' '

الشيخ الخطيب الغى اجتماعا لائتلافه كان مقررا في اسطنبول الجمعة لتشكيل حكومة موازية في المناطق 'المحررة'، بطلب من مؤتمر روما، فكيف يشكل حكومة ثورة في الوقت الذي تتواصل فيه المساعي من اجل تشكيل حكومة ائتلافية انتقالية؟

امام امريكا خياران: الاول ان تظل سورية تحت حكم اوتوقراطي قمعي،والثاني نظام جهادي اسلامي يريد اقامة دولة اسلامية كخطوة اولى لقيام دولة الخلافة الاسلامية.

امريكا لا تريد ايا من الخيارين، وتفضل خيارا ثالثا، اي نظاما ديمقراطيا معتدلا لا يشكل خطرا على الامن الاسرائيلي، ويشكل درعا لدول الخليج في مواجهة ايران وطموحاتها السياسية والعسكرية في الهيمنة على هذه المنطقة. وقد يكون هذا الخيار صعب المنال.

باختصار شديد يمكن القول ان قواعد اللعبة تتغير بسرعة في سورية وحولها، وكذلك اولويات الاطراف المشاركة فيها، والعنوان الرئيسي الذي يتقدم على غيره من العناوين هو مستقبل اسرائيل وليس مستقبل سورية، ولهذا يبدو غضب الداخل السوري على امريكا ومؤتمر اصدقاء سورية مبررا، وان كان غضبا عفويا صادقا لا يرتكز على فهم لقواعد اللعبة ونوايا بعض لاعبيها الخبيثة.

الشعب السوري دفع ويدفع ثمن هذه اللعبة من دماء ابنائه وارواحهم، ونحن هنا لا نريد تكرار تحديد المسؤولية واتهام النظام مثل الببغاوات مثلما فعلنا طوال العامين الماضيين من عمر الأزمة، فهذا تحصيل حاصل، وانما نريد الحديث عما يُطبخ لسورية والمنطقة بأسرها من طبخات مسمومة.

=====================

المعركة بين الجيش الحر وجبهة النصرة مؤجلة لما بعد الأسد

الدستور

2-3-2-013

يكتسب المقاتلون الاسلاميون دورا متناميا في شرق سوريا مدفوعين بدعم لوجستي ومالي، ما يثير حفيظة قادة في الجيش السوري الحر، من دون ان يؤثر ذلك على التعاون بين الطرفين في قتال القوات النظامية.

ويقول احد قادة الجيش الحر في دير الزور، مقدما نفسه باسم عبد السلام طبسه، ان هؤلاء المقاتلين “يتلقون المال من الخارج ويحظون باسلحة افضل نوعية لقتال النظام. هذا ما يجعل منهم المقاتلين الافضل، ونحن علينا الاعتماد عليهم لاسقاط (الرئيس السوري بشار) الاسد”.

وشهدت هذه المدينة التي ما زالت خاضعة لسيطرة النظام لكن تشهد معارك منذ اشهر، تظاهرة في الفترة الاخيرة، تقدم المشاركين فيها نحو 12 مقاتلا ملثما بلباس اسود، ولفوا رؤوسهم بعصبة “لا اله الا الله”، وحملوا اسلحة رشاشة منها بندقية “ام 16” اميركية مزودة بمنظار.

ويتهم نظام الرئيس السوري بشار الاسد المملكة العربية السعودية وقطر بتمويل هذه المجموعات الاسلامية وتقديم الدعم اللوجستي والمالي لها.من جهتها، اعلنت الولايات المتحدة الخميس خلال مؤتمر “اصدقاء الشعب السوري” في روما، تقديم مساعدات اضافية بقيمة 60 مليون دولار للمعارضة السورية، لا تشمل “اسلحة قاتلة”.

وبحسب طبسه الذي يقود كتيبة “احفاد محمد”، فان عدد المقاتلين الاسلاميين “قليل، لكنهم يحظون بدعم مادي ولوجستي لن نحصل عليه ابدا”. ويوضح ان عدد هؤلاء لا يتجاوز 200 مقاتل من بين ألف يواجهون القوات النظامية في مدينة دير الزور.

ويؤكد ان “كل القادمين الى سوريا لقتال الاسد مرحب بهم .. لكن الاجانب الذي يأتون للانضمام الى جبهة النصرة هم متطرفون يفسرون الدين الاسلامي بطريقة خاطئة”.

وكانت هذه الجبهة غير معروفة قبل بدء النزاع السوري قبل نحو عامين، لكنها اكتسبت دورا ميدانيا متناميا وتبنت عددا من التفجيرات ، واستهدفت غالبيتها مراكز امنية وعسكرية.

وادرجت الولايات المتحدة جبهة النصرة على لائحة المنظمات الارهابية، قائلة انها على ارتباط بتنظيم “القاعدة” في العراق.واضافة الى جبهة النصرة، ثمة مجموعات اخرى ذات توجه اسلامي. فيوم الاثنين، واحتفاء بتوسعة مجموعتهم من “كتيبة” الى “لواء”، قام مقاتلون ينتمون الى مجموعة “حمزة ابن عبد المطلب” الاسلامية بعرض في شوارع دير الزور. وقال متحدث باسم المجموعة “نريد ان تصبح سوريا دولة اسلامية بعد سقوط الاسد”.

لكن هذه الفكرة تثير امتعاض العديد من قادة الجيش الحر. وبحسب احد هؤلاء الذي قدم نفسه باسم ابو عمار “سنحاول ترحيل كل من... يهدفون بشكل اوحد الى اقامة دولة اسلامية في سوريا”.

يضيف “يريد الجيش الحر في سوريا اسلاما معتدلا كذاك القائم في تركيا، بعيدا من التطرف الموجود في دول مثل السعودية وباكستان وافغانستان”.

من جهته، يقول طبسه ان “بعض المخاوف بدات تساورنا من جبهة النصرة والمجموعات الاسلامية الاخرى، لانها صاحبة اهداف مختلفة عن تلك التي نصبو اليها”.

ويشرح “نحن نخوض ثورة، وهم يأتون بحثا عن الجهاد والشهادة”. يضيف “نقاتل من اجل التخلص من ديكتاتور، لا من اجل ان نسمح لغرباء بان يفرضوا انفسهم علينا من جديد”.

ويبدي طبسه خشيته من “ان تستولي النصرة على البلاد عند سقوط الاسد. نأمل في ان يذهبوا للبحث عن الجهاد في بلد آخر، والا اخشى ان نضطر يوما ما لارغامهم على الرحيل”.

وتركز جبهة النصرة الفعالة تمويلا وتنظيما، هجماتها على مواقع ذات اهمية استراتيجية ومنها حقول النفط والغاز، كما تعمد الى تجنيد عناصر محليين وتغريهم برواتب شهرية، وهو ما لا قدرة للجيش الحر على القيام به.

ويقول ابو عمار ان “الجهاديين الأتين من الخارج قدموا من اجل الاستشهاد، لكن السوريين (الذين ينضمون لهذه المجموعات) يقومون بذلك من اجل المال، لان للعديد منهم عائلات يريدون اعالتها”.

ويؤكد طبسه ان “الجهاد شرف”، لكن “التطرف لا يمكن ان ينتصر في سوريا لان الناس يحلمون بالحرية، وليس الخضوع لديكتاتورية شيخ”.

=====================

سوريا على عتبات «حرب أهلية ثانية» * عريب الرنتاوي

الدستور

2-3-2013

دخلت معادلة “تغيير موازين القوى” على قاموس “أصدقاء سوريا”، بعد أن ظلت تنحية النظام وإسقاطه، هي مبتدأ الجملة الغربية وخبرها..ما يعني أن الحوار الذي تجمع مختلف القوى الدولية والإقليمية على ضرورة إنطلاقه قريباً، سيصبح نوعاً من “التفاوض بالنار”، فالمتفاوضون الفعليون هم الفاعلون في ميادين القتال، وليس السياسيون وخبراء التفاوض في الغرف المغلقة.

السوريون إذن، على موعد مع جولات جديدة من القتل والتدمير، قد تسير (وقد لا تسير) جنباً إلى جنب مع جولات أكثر دموية وأشد سخونة في ميادين القتال وجبهاته، ما ينذر بإستطالة أمد الأزمة وانفتاحها على أكثر السيناريوهات “كابوسية” بالنسبة لسوريا والمنطقة.

حتى الآن، لا يبدو أن ثمة جديد في مواقف ومقررات “أصدقاء سوريا”، سوى المزيد من ضخ المال والسلاح والعتاد و”الوسائل غير الفتّاكة”، سواء بصورة مباشرة، ومن أموال دافعي الضرائب الأمريكيين والأوروبيين، أم بصورة غير مباشرة، من خلال إعطاء الأوامر، وأحياناً الاكتفاء بالضوء الأخضر، لعواصم الرمل والملح، لتقوم بالمهمة نيابة عن الجميع.

لكن الجديد هذه المرة، هو التحضير لمرحلة جديدة في الحرب الأهلية السورية التي اشتعلت منذ عامين..فبعد أن أزهقت الحرب الأولى حيوات عشرات ألوف السوريين، وشردت ما يقرب من خمسة ملايين سوري، وأحالت المدن السورية إلى ما يشبه “مدن الحرب العالمية الثانية”، يبدو أن التخطيط “الإقليمي / الدولي” قد دخل طوراً جديداً من أطوار التحضير لمرحلة ثانية من الحرب الأهلية، أو ما يمكن تسميته بـ”الحرب الأهلية الثانية”، ولكنها هذه المرة بين السوريين العلمانيين والإسلاميين المعتدلين من جهة، وجبهة النصرة والسلفية الجهادية والتيارات الأكثر تشدداً من الإخوان من جهة أخرى.

الحرب الأهلية الأولى، أنهكت نظام الأسد، الذي نظرت إليه قوى إقليمية ودولية، بوصفه “نظاماً مارقاً”، وعضواً فاعلاً في محور طهران وهلالها الشيعي، فوجب العمل على إسقاطه بشتى السبل والوسائل، ولقد كان لهم ما أرادوا، فالنظام إن لم يسقط هذه السنة، فلن يبقى في موقعه في السنة المقبلة..وفي مطلق الأحوال، فإنه سيظل حتى إشعار آخر (بفرض بقائه المديد)، نظاماً هشاً ضعياً، لا حول له ولا قوة، عبئاً على حلفائه لا ذخراً لهم.

أما الحرب الأهلية الثانية، فمطلوب منها القضاء على “جبهة النصرة” و”السلفية الجهادية”، وكل الأسماء والمسميات التي تنتهي عند القاعدة..هؤلاء الذين تقاطروا زرافات ووحدانا إلى سوريا، بعد أن باتت أرض الحشد والرباط والجهاد، وبدعم وتشجيع وتسهيل وتمويل وتسليح من دول المحور ذاته، من خصوم النظام السوري، جاء دورهم اليوم ليصعدوا إلى “المقصلة”، ولقد كان تجميعهم في الأصل، “مؤامرة” عليهم..أولا بهدف استخدام “بأسهم الشديد” لتكسير رأس وأذرع وأقدام النظام السوري..وثانياً، من أجل الاستدارة عليهم، فتكون بذلك حلقة جديدة وكبرى في مسلسل الحرب على الإرهاب، قد أنجزت أغراضها.

استراتيجية تغيير موازين القوى التي باتت لها الأولوية في حسابات المحور المدعوم من واشنطن ولندن وباريس، ليس المقصود بها تعزيز مكانة ونفوذ قوى المعارضة العلمانية والإسلامية المعتدلة في مواجهة النظام فحسب، بل وفي مواجهة جبهة النصرة كذلك..أما ترتيب الأولويات، فهو كما كان عليه الحال من قبل، ضرب النظام بالنصرة، وضرب النصرة بالعلمانيين، فيتحقق ضرب عصفورين بحجر واحد.

الحرب الأهلية الثانية، لن تكون نزهة قصيرة أبداً، بل قد تتعدى مخاطرها وتداعياتها وانعكاساتها، ما ترتب على الحرب الأهلية الأولى..فالنصرة في سوريا، وامتداداتها وتحالفاتها، ليست مجرد مجموعة من “الخلايا النائمة”، إنها بمثابة “طالبان” في مرحلة صعودها، حين قضت على الأخضر واليابس من معارضات أفغانستان وحركاتها الجهادية والسياسية..ولقد اقتضى الأمر، حرباً كونية على أفغانستان، من أجل استئصال شأفة طالبان، ومن دون جدوى..والنصرة في سوريا، تجذّر نفوذها، وتعززت قواها العسكرية وشبكاتها الاجتماعية، والأرجح أن حرباً من طراز “داحس والغبراء” هو ما ينتظر الحرب الأهلية الثانية في سوريا.

بعض دول الإقليم والغرب، يسعده أن يخوض الآخرون الحرب ضد الإرهاب نيابة عنه، ويسره أكثر أن يهزم “نظاماً مارقاً” و”تنظيماً إرهابياً” من دون أن يريق قطرة دم واحدة من دماء جنوده..وربما هذا ما يميز إدارة أوباما عن إدارتي بوش الأب والإبن..إدارتا بوش الأب والإبن، خاضتا حربين كونيتين مكلفتين (مال ورجال)، لتأتي نتائجها لصالح إيران بالكامل، ومن دون أن تذرف طهران حبة دمع أو تنزف قطرة دم..اليوم، اختلفت الصورة، إيران تنزف في سوريا، وسوريا تنزف من دماء أبنائها، والمنطقة تنزلق إلى المجهول، من دون أن ينزف الآخرون قطرة دم أو دمع واحدة، أقله في المدى المنظور.

=====================

عن النبيذ والفودكا... والدم!

 راجح الخوري

2013-03-02

النهار

بين روما وموسكو كانت الصورة اول من امس متناقضة جداً. في الاولى شهدنا ما يمكن اعتباره بداية تحول دولي هدفه كما قال جون كيري "العمل لدفع الاسد الى تغيير موقفه"، اما في الثانية فقد شهدنا ما يمكن اعتباره نوعاً من الرقص السمج على قبور السوريين!

 حقق مؤتمر "اصدقاء سوريا" في العاصمة الايطالية بعض التقدم في مستوى الإلتزام الدولي حيال الازمة السورية، فكان كما وصفه الامير سعود الفيصل، جيداً وصريحاً وفيه وضوح وشفافية بعدما ركز على تقديم الامكانات للشعب السوري ليدافع عن نفسه، وخصوصاً انه "لم يعد من المقبول السكوت عن قصف الابرياء بصواريخ "سكود" وان الجميع اتفقوا على اهمية وضرورة تغيير الموقف لتحرير السوريين من الظلم الذي يعيشون فيه".

في موسكو تعمّد فلاديمير بوتين خلال لقائه مع فرنسوا هولاند، الغمز من قناة اجتماع روما الذي لم تحضره موسكو، عندما قال مازحاً: "يبدو لي ان من المستحيل البحث عن حل للأزمة السورية من خلال زجاجة نبيذ جيد فقط، انها تحتاج الى زجاجة فودكا... يجب التفكير في ذلك"، بمعنى ان روسيا ستستمر في قطع الطريق على رؤية "أصدقاء سوريا" لحل الازمة وهو ما جعل هولاند يرد قائلاً: "بل يمكن بحثها مع زجاجة بورتو"!

لست ادري لماذا استحضر بوتين النبيذ والفودكا الى مائدة الموت والاشلاء والمآسي، التي تتوزع فيها كؤوس دماء السوريين منذ عامين، فالحديث على رغم رمزيته السياسية بدا فعلاً نوعاً من الرقص السمج على القبور، لكن الترجمة العملية لهذا الكلام يمكن فهمها من خلال الرد الروسي الفوري على بيان روما الذي وعد بمزيد من الدعم السياسي والمادي الى "الإئتلاف الممثل الشرعي الوحيد للشعب السوري بهدف التأكيد على ضرورة تغيير موازين القوى على الارض"، وذلك عندما تعمّد مستشار الامن القومي الروسي نيقولاي باتروشيف التأكيد ان روسيا ستبقى ملتزمة تنفيذ صفقات الاسلحة المعقودة مع سوريا!

وعندما يصرخ معاذ الخطيب، اذا كنتم لا تريدون تسليح المعارضة باسلحة نوعية اوقفوا على الاقل امداد النظام بهذه الاسلحة التي تأتيه تحت عنوان "عقود قديمة"، ويكون الجواب الروسي ان تنفيذ العقود سيستمر، ليس من الواضح ماذا سيفعل المجتمعون في روما كي "يغيّروا موازين القوى على الارض عبر تمكين الشعب السوري ودعم القيادة العسكرية للجيش السوري الحر في جهودها الرامية الى مساعدة السوريين في الدفاع عن انفسهم "!

اما عندما يهاجم جون كيري ايران و"حزب الله" قائلاً: "لا يمكننا المراهنة على ترك سوريا تدمر من قبل مستبدين فاسدين او تخطف من قبل متشددين" فان هذا الكلام يحتاج الى ترجمة ميدانية اكثر وضوحاً... مفهوم؟!

=====================

وجبات كيري وفودكا بوتين

 سميح صعب

2013-03-02

النهار

تبدو التقديمات الجديدة التي اعلن عنها وزير الخارجية الاميركي جون كيري في مؤتمر "اصدقاء الشعب السوري" في روما قبل يومين متواضعة من حيث الشكل، وجبات طعام ومعدات غير "قاتلة" لا تصل الى مستوى الاسلحة الهجومية المتعارف عليها او تحقق مطالب فصائل المعارضة السورية التي تريد أسلحة تحقق بها تفوقاً على اسلحة الجيش السوري من اجل حسم المعركة سريعاً. 

لكن اعلان كيري حمل ما هو اهم بكثير من نوعية المساعدة التي ستقدمها اميركا الى مقاتلي المعارضة السورية. وتكمن الاهمية في ان هذه المرة الاولى تقول اميركا انها ستقدم المساعدات المتواضعة في نظر البعض مباشرة الى عناصر منتقاة في "الجيش السوري الحر" وقت تراهن ادارة الرئيس باراك اوباما على ان هذه العناصر المنتقاة هي التي ستقع على عاتقها مهمتان اساسيتان هما مقاتلة حكومة الرئيس بشار الاسد الى حين اسقاطها والثانية التصدي للتنظيمات الاسلامية المتشددة مثل "جبهة النصرة" التي تعتبر النسخة السورية من تنظيم "القاعدة" في العراق. 

ويمثل هذا تغييراً مهماً في السياسة الاميركية المعتمدة منذ بدء الازمة السورية. ومتى قام الاتصال المباشر بين واشنطن وبعض عناصر "الجيش السوري الحر"، فإن ذلك سيؤدي حكماً كما تدل السوابق الى ارسال مستشارين عسكريين في المرحلة التالية، بحيث لا يقتصر الامر على وجبات الطعام الجاهزة او السترات الواقية من الرصاص او عربات مصفحة للحماية من هجمات الجيش النظامي، وبعد المستشارين ستأتي عمليات التدريب على استخدام الاسلحة الاميركية، ومن ثم توفير أنواه محددة من هذه الأسلحة قبل ان تحصل تلك العناصر على انواع متطورة تحقق لها التفوق على القوات السورية. 

في رأي راسمي السياسة الاميركية اليوم، ان التدخل البطيء للولايات المتحدة عسكرياً في سوريا والمتزامن ايضاً مع دور عسكري تدريجي للاتحاد الاوروبي، من شأنه ان يخدم الغاية النهائية للغرب ألا وهي اسقاط النظام السوري بأي صورة من الصور ولو استغرق الامر وقتاً اطول مما كان معتقداً، وحتى لو دمرت كل البنى التحتية للدولة السورية وما تبقى من مؤسساتها وشرد المزيد من السوريين الى الخارج، ولو اتخذت الاحداث منحى طائفياً ولو تزايدت احتمالات انتقال الشرارة الى العراق ولبنان، وحتى لو كانت سوريا مهددة بان تُحكم بعد النظام الحالي بواسطة ميليشيات متناحرة اقواها تلك التي ترفع لواء التشدد الديني والمذهبي. 

هنا يصير الكلام عن الحل السياسي، مجرد شعار يخفي وراءه عملية تسلح واسعة فضحتها الصحف الاميركية وتخطت بذلك تحفظات كيري الذي ربما أتاه الجواب من فلاديمير بوتين بان الحل في سوريا مستحيل من دون زجاجة فودكا روسية.

=====================

حزب الله في الثورة السورية

منار الرشواني

الغد الاردنية

2-3-2013

حتماً ليس من مصلحة للثوار السوريين، على اختلاف فصائلهم المسلحة خصوصاً، في الانزلاق إلى مواجهة عسكرية مع حزب الله الذي يضاهي، إن لم يفق، جيوش بعض دول المنطقة تسليحاً وتدريباً. لكن، هل ثمة مصلحة للحزب في التورط في الثورة السورية علناً إلى جانب جيش نظام بشار الأسد؟

هناك ما يقرب من الإجماع بين المحللين والباحثين، عرباً وغربيين، على غياب هذه المصلحة لحزب الله، وعلى المستويات كافة؛ داخلياً لبنانياً، كما إقليمياً على صعيد المواجهة مع إسرائيل تحديداً. فلماذا، إذن، قرر الحزب التورط، أو الإعلان عن تورطه، في الثورة السورية إلى جانب نظام الأسد، وعلى لسان أمين عام الحزب حسن نصرالله، أكثر من مرة، وإن تذرع بمقولة دفاع أعضاء الحزب عن أنفسهم على الحدود السورية-اللبنانية؟

التفسير الوحيد والمنطقي، هو أن مثل هذا التورط ليس إلا تنفيذاً لأوامر قائد الحزب الأعلى، الولي الفقيه علي خامنئي؛ أي خدمة للمصالح الإيرانية فقط، وعلى حساب المصالح اللبنانية التي يفترض نظرياً أن يأخذها حزب الله وحدها بعين الاعتبار في كل قراراته، لاسيما عندما تكون بحجم تأييد مذابح ضد مدنيين عزل من قبل حاكم فاقد للشرعية.

لكن، إذا كان حزب الله متورطا ربما منذ البدايات الأولى للثورة إلى جانب جيش الأسد، وبدون إحداث فرق ينقذ النظام في دمشق، فإن مصلحة إيرانية تتبدى فعلياً في الإعلان تحديداً عن هذا التورط. إذ يمثل هذا الإعلان رسالة إلى القوى الدولية التي باتت تمسك اليوم بمآلات الثورة السورية، وتالياً نظام الأسد الحليف لطهران.

فحوى هذه الرسالة أنه لا يمكن تجاهل مصالح إيران في سورية وغيرها، وإلا كانت العاقبة حرباً أهلية طائفية عابرة لحدود الدول العربية، تفجرها وتغذيها إيران. وبناء على ذلك، فإن مثل هذا التهديد الإيراني لا يمكن افتراض اقتصاره على سورية ولبنان فقط؛ بل استناداً إلى هذه السياسة-الاستراتيجية الإيرانية، لا بد من توقع تهديد مماثل في البحرين، عبر إساءة استغلال مطالب المواطنين البحرينيين الشيعة؛ وكذلك في العراق الذي تتمتع إيران باليد الطولى في مؤسسات مفصلية فيه. كما يمكن أن يضاف إلى ذلك احتمالية افتعال أزمات وقلاقل في المنطقة الشرقية في السعودية، ناهيك عن الدور الإيراني المتصاعد في اليمن عبر الحوثيين.

في هذا السياق، وبما يعزز النتيجة السابقة، تبرز التصريحات التي أطلقها مناصرو الأسد في بغداد المتحالفون مع طهران، وبالتزامن مع خطاب نصرالله الأخير. فمثل هذه التصريحات تبدو في الحقيقة أقرب إلى التهديد منها إلى التحذير من حرب أهلية طائفية عابرة للحدود بعد رحيل بشار الأسد عن سورية.

وبعيداً عن تصريحات الأتباع والحلفاء وقبلها، فإن طهران ذاتها كشفت عن سياستها التدميرية الطائفية في العالم العربي، خدمة للمصالح القومية الإيرانية الخاصة جداً، عبر مطالبتها إدراج الوضع في البحرين وسورية على جدول أعمال مفاوضاتها مع القوى الدولية بشأن برنامجها النووي!

هكذا، يغدو واضحاً تماماً كيف أصبح استمرار نظام بشار الأسد تهديداً إقليمياً شاملاً، إلا بالنسبة لإيران التي تستفيد مما يلحقه من موت بالسوريين، ودمار بوطنهم. فهل ما يزال بالإمكان استئصال أصل الداء قبل استفحاله؟

manar.rachwani@alghad.jo

 

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ