ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 23/02/2013


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

مقالات مختارة من الصحف العربية ليوم

22-02-2013

أوباما «الايراني»

حسان حيدر

الخميس ٢١ فبراير ٢٠١٣

الحياة

الأميركيون يأخذون وقتهم. ليسوا مستعجلين. ووزير خارجيتهم الجديد الذي يملك «أفكاراً» لإقناع الأسد بالتنحي، سيبدأ قريباً جولة في أوروبا والشرق الأوسط هدفها الأول «الاستماع» إلى وجهات النظر حول سورية. وكأن عامين مرا على بدء انتفاضة السوريين لم يكفيا كيري لتكوين فكرة عن هذا «الملف». وكأن ما يقارب 90 ألف قتيل سقطوا في حرب نظام دمشق على شعبه لم يقنعوا الوزير المحنك بأن السوريين لا يملكون ترف الانتظار. أما دعوات واشنطن إلى رحيل الرئيس السوري فتحولت إلى تصريحات خجولة عن «حتمية التغيير» وعن «التنسيق مع الشركاء الدوليين» لإيجاد «حل ديبلوماسي».

لكن «الشركاء»، أي الروس، وشركاء الشركاء، أي الإيرانيين، يضحكون جهاراً وليس في السر، وهم يستمعون إلى التبريرات الأميركية لمنع وصول السلاح إلى المعارضة، وإلى تبني واشنطن «قلقهم» من تزايد «المتشددين» في صفوف الثوار، فيما هم يمدون جيش الأسد بما يحتاجه للمضي في «الخيار الأمني»، ويساعدونه مع «حزب الله» في تشكيل ميليشيا علوية لـ «منع سقوط طهران بعد دمشق».

وتنضم إسرائيل إلى موجة «القلق» هذه، فما أن ينكشف أمر الهجوم الذي يشنه «حزب الله» بآلاف من مقاتليه في داخل الأراضي السورية، حتى تنبري للتغطية عليه، ويرفع قادتها العسكريون عقيرتهم بالتحذير من «خطورة» الحزب على أمن الدولة العبرية، ومخاطر حصوله على أسلحة غير تقليدية، وضرورة ضمه إلى «لائحة الإرهاب» الأوروبية، وكل ذلك في إطار «تلاقي المصالح» في الدفاع عن نظام ارتضى الشعارات بديلاً من تحرير أرضه.

ويندرج الموقف الأميركي من الوضع في سورية في إطار أوسع هو الموقف من إيران. وحتى الآن، وعلى العكس من خطبه وجمله الرنانة، فإن معظم مواقف وسياسات باراك أوباما في المنطقة خلال ولايته الأولى وفي بدايات ولايته الثانية، خدمت وتخدم بصورة مباشرة أو غير مباشرة سعي الإيرانيين الذي لا يكل إلى مد نفوذهم في العالمين العربي والإسلامي، وتعزيز قوة حلفائهم فيهما، بدءاً من التخلي لهم عن العراق، ومروراً بتمديد الوقت لطهران لإنجاز حلمها النووي، ووصولاً إلى الدعوة لفتح حوار ثنائي مباشر يعرف أي مبتدئ في السياسة أنه يعني الاعتراف المسبق المتبادل بمصالح كل طرف فيه، بما يعنيه ذلك من تكريس «حق» إيران في التدخل في شؤون دول الجوار، مثلما هو حاصل في سورية ولبنان والبحرين واليمن ومصر.

وفي مقابل هذا التراخي في وجه طهران، لا تملك إدارة أوباما سوى وعود مبهمة ومجربة عن سعيها إلى «الضغط» على إسرائيل لإنجاز تسوية في الملف الفلسطيني. وهي وعود تتكرر للمرة الألف، وتعرف إسرائيل، فيما لو صحت، كيف تستوعبها وتلتف عليها، حتى بات قبولها بالدولة الفلسطينية أكثر بعداً مما كان عليه قبل «الضغوط» الأميركية، لا سيما أنها ماضية بدأب في فرض واقع استيطاني – جغرافي لن يسهل تغييره.

والخلاصة أن أوباما يخوض في سياسته الإيرانية، وبالتالي السورية، مخاطرة لن تكون نتائجها في أي حال لمصلحة الأميركيين ولا منطقة الشرق الأوسط. فطهران لن تتراجع طوعاً عن سياستها النووية وتدخلاتها لزعزعة استقرار دول الجوار طالما تشعر بأن هدف واشنطن من العقوبات الاقتصادية هو فقط إضعاف موقفها في المفاوضات المباشرة، وليس إجبارها على تغيير هذه السياسات. أما «الشراكة الدولية» التي يبدي الأميركيون حرصاً عليها، فرهن بموازين القوى على الأرض وليست من ثوابت الآخرين، فيما السوريون يدفعون الثمن من دمائهم.

=====================

أهمية العدالة الانتقالية في سياق الثورة السورية

رضوان زيادة *

الخميس ٢١ فبراير ٢٠١٣

الحياة

انطلقت الثورة السورية من أجل تحقيق حلم لطالما حلم السوريون به، إنه حلم الحرية في بساطتها، بيد أن ثمنها بالنسبة إليهم كان وما زال غالياً. كنا نعتقد أن أنظمة كالخمير الحمر في كمبوديا والنظام النازي في ألمانيا والفاشي في إيطاليا وبينوشيه في تشيلي، كنا نعتقد أن أنظمة من هذا النوع قد انقرضت، وكنا نظن - وبعض الظن إثم - أن المجتمع الدولي تطور لدرجة لن يسمح معها بظهور نظام شبيه بتلك الأنظمة في زماننا وعصرنا.

بيد أن ما تشهده سورية اليوم ويعيشه السوريون في كل لحظة يبدد كل ذلك ويجعلها مجرد أكاذيب. بعد جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي جرت في يوغوسلافيا السابقة تطور النظام الدولي باتجاه ما يعرف بحماية المدنيين ومنع وقوع جرائم الإبادة قبل معالجة آثارها أو محاولة تجنبها قبل التعامل مع نتائجها بعد وقوعها، فتأسست محكمة الجنايات الدولية في عام ٢٠٠٢ وأقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة ما بات يعرف بمبدأ حماية المدنيين في عام ٢٠٠٥ متجاوزة المبدأ التقليدي في حماية سيادة الدول وإدراكاً أنه عندما ترتكب الأنظمة جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية فإنها تفقد سيادتها ويصبح لزاماً على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته في اتخاذ كل التدابير الضرورية من أجل حماية المدنيين ومنع وقوع الجرائم بحقهم.

للأسف فإن ما يجري في سورية قصة مختلفة، إذ ترك المجتمع الدولي السوريين كي يعيشوا الألم وحدهم، يقتلون يومياً بأنواع مختلفة من الأسلحة لا قبل لهم بها، فالقصف الجوي بالطائرات الحربية المقاتلة حصد أرواح أكثر من ٢٠ ألف مدنياً إلى الآن، واليوم بدأ الأسد في تكثيف استخدام الصواريخ الباليستية البعيدة المدى والتي تصنف ضمن أسلحة الدمار الشامل ضد المناطق التي خرجت عن سيطرته، غير عابئ بعدد الأرواح التي يمكن أن تحصدها هذه الصواريخ وغير مكترث لحجم الدمار الذي يمكن أن تخلفه في المناطق السكنية والبنى التحتية، هذا فضلاً عن ترسانة كاملة من الأسلحة المحرمة دولياً والتي استخدمت وتستخدم يومياً بحق الشعب السوري من القنابل العنقودية والفراغية إلى الألغام الفردية والبحرية وغيرها. وبالتأكيد لم يكن الأسد ليتجرأ على استخدام كل هذه الترسانة لولا أنه لقي لا مبالاة تامة من المجتمع الدولي ومراوغة وكذباً في تغيير ألوان الخطوط الخضر والحمر، وعليه إذا ما قرر المجتمع الدولي أن يستمر في لامبالاته والأسد في جنونه في استخدام كل الترسانة العسكرية والصاروخية ضد شعبه ستكون سورية حينها قد أصبحت الجحيم بعينه.

بدأ المسؤولون الغربيون والإعلام الغربي بوصف ما يجري في سورية على أنه حرب أهلية، وعلى رغم قناعتنا التامة ببعد هذا المصطلح تماماً عما يجري داخل الأراضي السورية إذ إنها ثورة شعبية ضد نظام استبدادي، إلا أننا إذا قمنا بمقارنة بسيطة لعدد الضحايا مع عددها في بلدان أخرى عاشت ظروفاً من الحرب الأهلية كالبيرو على سبيل المثال التي امتد فيها الصراع المسلح بين «الدرب المضيء» المدعومة من الأرياف وبين الأجهزة الأمنية الحكومية التي قررت القضاء على الإرهاب بما أسمته إرهاب البيئة الحاضنة فقد امتد الصراع لمدة عشرين عاماً من عام ١٩٨٠ وحتى عام ٢٠٠٠ وكان عدد الضحايا أكثر من ٧٠ ألفاً وفقاً لتقرير لجنة الحقيقة والمصالحة النهائي، إذا قمنا بهذه المقارنة لوجدنا أنه في أقل من عامين بلغ عدد الضحايا في سورية أكثر من ٦٠ ألفاً أكثر من ٩٠ في المئة منهم من المدنيين، وكانت المفوضة السامية لحقوق الإنسان ذكرت في إيجازها في مجلس الأمن أن عدد الضحايا ارتفع من ألف شهرياً مع بداية الثورة بسبب استخدام الأجهزة الأمنية المكثف لإطلاق النار على المتظاهرين السلميين إلى خمسة آلاف شهرياً بسبب استخدام النظام السوري المكثف لسلاح الطيران والأسلحة الثقيلة كراجمات الصواريخ والقنابل الفراغية والعنقودية.

كل ذلك ينقلنا إلى القول أنه إذا ما سمح للأسد بالاستمرار في حربه ضد الشعب السوري فإن عدد الضحايا سيكون مرشحاً إلى أن يبلغ أكثر من ١٥٠ ألفاً بسبب التزايد الملحوظ للعنف والارتفاع الكبير في عدد المختفين قسرياً والمعتقلين الذين هم عرضة للوفاة تحت التعذيب الشديد كما نشهد على حالات مماثلة يومياً ومنذ بداية الثورة، إذ لم تكف آلة التعذيب عن حصد ضحاياها بشكل يومي في مؤشر على مدى وحشية الأجهزة الأمنية السورية واستخفافها الكامل بأرواح السوريين.

هذا يعني أنه لا إمكانية لبدء عملية حقيقية من العدالة الانتقالية في سورية إذا لم تترافق مع انتهاء كامل للعنف ولآلة الدمار اليومية وبدء نوع من الاستقرار السياسي يتيح بدء عملية الانتقال السياسي نحو التعددية والديموقراطية والمصالحة بين السوريين ونهاية نظام الأسد الدكتاتوري، فكما علمتنا كل تجارب العدالة الانتقالية عبر العالم فهي مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بمسار الانتقال السياسي كما أنها تعتمد بشكل رئيسي على توافر الإرادة السياسية والرؤية لدى كل اللاعبين والقوى السياسية على الأرض، وشعورها أولاً بأن الاستقرار الأمني والسياسي يتطلب إطلاق عملية العدالة الانتقالية التي يشعر الضحايا معها أن المسؤولين عن ارتكاب الجرائم بحق أبنائهم وبناتهم سيمثلون أمام العدالة وأن زمن الإفلات من العقاب والمحاسبة انتهى، ويشعر السوريون كلهم من دون استثناء أن هناك مساراً للمصالحة الوطنية يشترك فيه كل ممثليهم وقواهم بهدف ضمان التعددية الكافية والصدقية الضرورية.

لا يمكن أحداً أن يتحدث باسم الضحايا أو أن ينطق اسمهم، وقضية العدالة بالنسبة إليهم لا تسامح معها ولا التفاف أو تهاون فيها، وإذا أخذنا في الاعتبار الانهيار الكامل لمؤسسات الدولة السورية كمؤسسات ذات صدقية في عيون المواطنين السوريين ندرك حجم الأذى الفادح الذي لحق بالجهاز القضائي وبدوره في الحياة العامة في سورية. ومعنا اليوم عدد كبير من القضاة الذين أتوا من سورية ومارسوا عملهم حتى وقت قريب قبل انشقاقهم وتأسيسهم لما يسمى مجلس القضاء السوري الحر، وعليه فلن يكون النظام القضائي معداً أو مهيأ أو حتى قادراً على إطلاق عملية المحاسبة الضرورية التي ينشدها أهل الضحايا، وإذا أخذنا في الاعتبار الانقسام المجتمعي الحاصل في سورية اليوم بسبب الموقف من الأسد وميليشياته وتصعيد الأسد عبر التخويف أو تحريض المكونات المجتمعية السورية ضد بعضها بعضاً وآخرها تأسيس ما أطلق عليه «جيش الدفاع الوطني» الذي هو عملياً مأسسة حكومية لمليشيات الشبيحة شبه النظامية التي تدخل في إطار القانون ما يمكن تسميته بالمرتزقة إذ إن تشكيلتها ليست سورية خالصة كما تؤكد شهادات العيان والتقارير الصحافية المتزايدة وهي ستمثل تهديداً متزايداً للاستقرار ولبدء أية عملية للمحاسبة والعدالة. وهنا يأتي خيار اللجوء إلى ما يسمى العدالة الدولية، فجرائم الأسد في الحرب وجرائمه ضد الإنسانية تدخل بكل تأكيد في اختصاص محكمة الجنايات الدولية، ولكن وبسبب الموقف الروسي في مجلس الأمن الذي يمنع إحالة الجرائم المرتكبة في سورية إلى هذه المحكمة فإن أية حكومة مستقبلية تشكلها المعارضة أو تتشكل بعد سقوط نظام الأسد يمكن لها أن تصادق على اتفاق روما الأساسي الذي أنشئت بموجبه محكمة الجنايات الدولية وعندها يمكن للمدعي العام أن يفتح تحقيقاً في تلك الجرائم.

إن مسار العدالة الدولية ليس بالتأكيد خياراً مثالياً إذ يتصف بالبطء الشديد في وقت يحتاج الضحايا فيه إلى التأكد من أن حقهم لن يضيع ولن يتم تجاهله في أي تسويات سياسية، لكن خيار العدالة الدولية في مجتمعات منقسمة يبقى الخيار الأفضل إذ سيرسل الرسالة إلى كل السوريين أن الانتقام ليس هو الهدف كما أنه يطمئنهم إلى أن أشد معايير العدالة والشفافية الدولية سيجري ضمانها ولن يكون الهدف استهداف طائفة بعينها أو محاسبتها وإنما تأسيس مسار للعدالة يضمن تأسيس سورية المستقبل على أسس صحيحة، وفي الوقت نفسه فإن ذلك يعطي ثقة أكبر من المجتمع الدولي بالنظام الجديد والتزامه بالعدالة والمصالحة ولا مكان لسياسات الثأر أو الانتقام ضمن برنامجه، فالسوريون سيحتاجون إلى المجتمع الدولي الذي خذلهم لإعمار بلدهم وبناء مؤسساتهم المستقبلية بكل الأحوال وبناء الثقة فيه مسألة في غاية الأهمية، لكن عليهم أن يدركوا أيضاً أن هناك حدوداً للمساعدة يمكن أن يقدمها المجتمع الدولي وأن عليهم في النهاية الاعتماد على أنفسهم في بناء ديموقراطيتهم في المستقبل.

وبهدف إطلاق مسار العدالة الانتقالية في سورية تأسست اللجنة الوطنية التحضيرية للعدالة الانتقالية بعد مؤتمر «ضمانات العدالة للضحايا والمحاسبة لمرتكبي الجرائم: مسار العدالة الانتقالية في سورية» الذي نظمه المركز السوري للدراسات السياسية والاستراتيجية في إسطنبول من 26-27 كانون الثاني (يناير) الماضي، وشارك في هذا المؤتمر عدد كبير من ممثلي القوى السياسية وجمعيات ومنظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان والقضاة والمحامين الذي سيكون الاعتماد عليهم كبيراً في المرحلة المستقبلية، كما شهد المؤتمر تأسيس جمعية مدنية لعائلات شهداء الثورة بحضور ممثلي عائلات أبرز شهداء الثورة السورية الذين صنعوا بنضالهم وشهادتهم حلم السوريين الكبير في التحرر من نظام عائلة الأسد الجاثم على صدر السوريين لأكثر من أربعين عاماً، وستضع اللجنة الوطنية التحضرية للعدالة الانتقالية في سورية على عاتقها البرامج والتصورات والسياسات الضرورية الخاصة بالعدالة الانتقالية في المرحلة المستقبلية.

=====================

أميركا سلمت مفاتيح الأزمة السورية إلى الروس!

هدى الحسيني

الشرق الاوسط

21-2-2013

لا ترغب إيران بحرب إقليمية. لديها انتخابات رئاسية في شهر يونيو (حزيران)، ووضعها الاقتصادي منهار، والريال الإيراني مستمر في الهبوط، مما اضطر الدولة إلى نشر سيارات الشرطة في شوارع طهران، وقطع أصابع السارقين على الملأ.

إسرائيل رغم اعتراف وزير دفاعها إيهود باراك بأنها تقف وراء الغارة الجوية على سوريا قبل ثلاثة أسابيع ليست في وارد تأجيج حرب إقليمية. هي أبلغت واشنطن وموسكو، قبل الضربة، عن عزمها، وأبلغتهما وعواصم أخرى أنها ليست بصدد حرب موسعة، وإن كانت تلقت من واشنطن الضوء الأخضر لعمليات أخرى اضطرارية.

تركيا مصابة بخيبة أمل وتحاول الانصراف إلى إيجاد حل ما للمسألة الكردية.

مباشرة بعد فوز باراك أوباما في الانتخابات في السادس من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، طلب رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان موعدا للقاء أوباما، وحتى الآن يتهرب البيت الأبيض من تحديد موعد، والسبب أن أردوغان سيأتي ليبحث الوضع السوري، وضرورة إنهاء الأزمة السورية عسكريا، وهذا ما لا تريده واشنطن، وقد أبلغت ذلك إلى عدد من العواصم الأوروبية.

موسكو تبحث عن حل، توصلت مع واشنطن إلى توافق بتسليمها الملف السوري حسب ما ورد في تقرير «مؤسسة القرن المقبل». موسكو تريد إشراك إيران في «صفقة الحل»، وتريد أيضا إشراك السعودية ومصر ولبنان والأردن، شرط أن يبقى المفتاح بيدها.

قطر قلقة لخروج هيلاري كلينتون من وزارة الخارجية ومجيء جون كيري. الأولى كان يمكن إقناعها بحل عسكري، أما كيري فإنه على اتصال دائم بوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (آخر اتصال مساء الأحد الماضي) من أجل ضرورة وقف العنف والبدء في الحوار بين الحكومة والمعارضة في سوريا.

كل الأطراف المعنية بالأزمة السورية تشيد بمبادرة معاذ الخطيب رئيس الائتلاف السوري المعارض. وعندما التقى علي أكبر صالحي وزير الخارجية الإيراني معاذ الخطيب أبلغه أن إيران تضمن كل ما سيتم التوصل إليه على طاولة المفاوضات.

عندما انتهى من معركة دمشق التي ساعدت موسكو في إجهاض هجوم الثوار عليها في الأسابيع الماضية، نقل عن الرئيس السوري بشار الأسد أنه شدد على ضرورة إجراء الحوار.

وحسب معلومات موثوقة جدا، فإن رئيس الوزراء السوري وائل الحلقي الذي زار طهران الشهر الماضي (17 إلى 19) في إطار التنسيق السوري الإيراني تحضيرا لمؤتمر الحوار الوطني السوري، نقل معه إلى طهران «ضمانات خطية» من بشار الأسد شخصيا تؤكد التزامه بكل قرارات الحوار الوطني. كان ذلك بناء على طلب من إيران بأنها تريد تقديم ضمانات مؤكدة لأطراف المعارضة خلال حوارها معهم، بما فيها ضمانات بالعفو العام عن كل قوى المعارضة التي تقبل بالحوار الوطني، وبالأخص الجيش السوري الحر.

وحسب المعلومات الموثوقة فإنه بالرغم من أن سعيد جليلي أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني أعلن في مؤتمر صحافي أن زيارته إلى دمشق في الثاني من الشهر الجاري، ولقاءه الرئيس السوري جاءت لدعم إيران الكامل لسوريا ونظامها، إلا أن السبب الحقيقي للزيارة كان لنقل مضمون المباحثات التي أجرتها إيران في طهران مع ممثلين عن الجيش السوري الحر، وممثلين عن جبهة الإنقاذ: مجموعة معاذ الخطيب (وجهت له واشنطن الدعوة لزيارتها). وأبلغ جليلي الطرف السوري تحقيق تقدم في مسار المشاركة في الحوار الوطني السوري، وأن وجهات نظر تلك الأطراف صارت أكثر واقعية فيما يتعلق بصلاحيات الحكومة الانتقالية، أو مستقبل الأسد بعد 2014. وتضيف المصادر أن إيران تبحث عن التوازن ما بين التزاماتها الاستراتيجية مع النظام القائم، وما بين التعامل الواقعي مع التطورات، خصوصا جماعات المعارضة السلمية، ذلك أن القلق الإيراني أصبح قلقا إقليميا من فراغ السلطة، وغياب البديل، وفشل الحل العسكري من قبل طرفي الصراع.

وحسب ما ورد في تقرير «مؤسسة القرن المقبل» حول الموقف الإيراني، فإن الغرب يعيد أخطاء أفغانستان. إنهم يبحثون المشكلة وإحدى العينين مغلقة. الغرب يركز على التخلص من بشار الأسد من دون التفكير بما سيأتي بعد ذلك. وبنظر إيران ستجري انتخابات رئاسية في سوريا عام 2014: «قبل ذلك لن نقبل بإقالة الأسد»!

هذه الجولة توحي بتطور بطيء في الموقف الإيراني من ناحية عدم الإصرار على بقاء الأسد بالذات.

الدول المجاورة لسوريا: لبنان، الأردن وإسرائيل، قلقة من أن تجد تصريحات الجبهات الإسلامية، من «النصرة» إلى «الحق»، إلى «جند الإسلام».. إلخ؛ آذانا صاغية لدى مجتمعات تئن من الأوجاع الاقتصادية والبطالة والضياع، وكذلك التحريض المذهبي.

أما في إسرائيل فالخوف من أن تتوحد لاحقا سوريا الإسلامية مع لبنان إسلامي وأردن كذلك، ويشكلون دولة ضاغطة على حدود إسرائيل. هي قد تجد ذريعة لإشعال فتنة داخلية سنية - شيعية، لكن دولة إسلامية تبقى بعبعا؛ لذلك من أجل تسهيل المفاوضات لانتقال سلمي، يتوقع بعض السوريين أن توافق إسرائيل على العودة إلى طاولة المفاوضات السورية من أجل إعادة الجولان، إنما من دون بحيرة طبرية لتضمن السلام والاستقرار.

أما عن المشروع الذي يتم تسويقه الآن، فحسب تقرير «مؤسسة القرن المقبل»، فإن لافروف قال للأميركيين: «اطردوا جبهة النصرة من سوريا، عندها سنقوم بتغيير موقفنا. وحتى تفعلوا ذلك، لماذا تطلبون منا أن نوجه ركلة للأسد؟»!

إذن.. المشروع يقضي بأن تنسحب أميركا من مقعد القيادة لصالح الروس. هؤلاء بدورهم سيقنعون الأسد بأنه من أجل الأمة السورية، يجب أن يوافق على الوقوف جانبا والسماح بالانتقال إلى حكومة جديدة في سوريا. الإطار الزمني لهذا لانتقال واضح، حتى سنة واحدة، الوقت الذي سيتم فيه تشكيل حكومة مؤقتة يسلم الأسد السلطة لها (أي مع موعد انتهاء فترة رئاسته).

تفيد إحدى الخطط الموضوعة بأن الحكومة المؤقتة المؤلفة من 100 عضو تعين لجنة دستورية لوضع دستور يعرض على الاستفتاء قبل الانتخابات. طبعا الشيطان يبقى في التفاصيل. المهم أن الحكم السوري وافق على هذا الاقتراح أو أجبر على الموافقة.

هذا يعني أن طاولة المفاوضات إذا عقدت ستستمر حتى شهر مايو (أيار) أو يونيو المقبل للخروج باتفاق. وكان وزير الخارجية السوري وليد المعلم قال في 19 من الشهر الماضي إنه خلال ثلاثة أشهر سيعقد مؤتمر الحوار الوطني وسيتفق المجتمعون على جدول أعمال، وسينتخبون هيئة أو لجنة لقيادة الحوار.

فترة رئاسة الأسد تنتهي في مايو 2014، وقد تبدأ الفترة الانتقالية في شهر مايو المقبل.

الكلام يوحي وكأن معارضة الخارج متفقة فيما بينها، ولا خلافات تشل تحركاتها، وكأن هذه المعارضة متفقة تماما مع مقاتلي الداخل من لجان تنسيقية ومجموعات إسلامية!

في مؤتمره الصحافي الذي عقده مع وزير خارجية الأردن ناصر جودة في الثالث عشر من الجاري، دعا جون كيري إلى المفاوضات كمخرج لتخفيف العنف، معترفا بأن الأمر ليس سهلا؛ لأن هناك الكثير من القوى على الأرض إنما «انهيار الدولة خطر على الجميع».

خلال لقائه مع أحد الوفود العربية مؤخرا، قال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند: «فعلنا كل ما نستطيع لإسقاط الأسد لكننا فشلنا. لذلك قررنا أن نترك كل الأطراف تتصارع حتى تتهاوى».

لكن، ماذا إذا تهاوت الدولة السورية قبل أن تتهاوى الأطراف!

=====================

منع السلاح عن «الجيش الحر» سبب ظهور «النصرة»

صالح القلاب

الشرق الاوسط

21-2-2013

بعد القرار الأميركي، المستهجن والمستغرب، باعتبار «جبهة النصرة لأهل بلاد الشام» تنظيما إرهابيا مثله مثل «القاعدة»، بات كثيرون، ومن بين هؤلاء معظم دول الاتحاد الأوروبي وبعض الدول العربية، ينظرون إلى المعارضة السورية، خاصة الجناح العسكري منها، من هذه الزاوية، والهدف بالطبع هو اعتبار أن هذا يشكل ذريعة كافية لتبرير مواقفهم المخزية بالاستنكاف عن دعم الجيش السوري الحر ومده بالأسلحة والذخائر وتمكينه من الدفاع عن شعبه ضد نظام دموي وقاتل استباح دماء السوريين وهتك أعراضهم واعتدى على حرماتهم ودمر مدنهم وقراهم وشرد الملايين منهم إنْ داخل بلدهم وإنْ خارجها في الدول البعيدة والمجاورة.

حتى الآن لم يستطع الأميركيون إثبات أن «جبهة النصرة» جزء من تنظيم «القاعدة»، الذي لا نقاش ولا جدال في أنه قاتل وإرهابي، وحقيقة، فإنهم اتخذوا قرارهم هذا آنف الذكر لتبرير ميوعة مواقفهم المتراجعة تجاه الأزمة السورية التي بسبب التدخل الروسي والإيراني السافر والغاشم قد تحولت إلى صراع إقليمي ودولي، ولإيجاد أعذار لامتناعهم عن دعم الجيش السوري الحر واعتراض أي محاولات لمده بالسلاح والذخائر إنْ من قبل الأوروبيين وإنْ من قبل بعض الدول العربية.

لم تعلن هذه «الجبهة» عن نفسها إلا من خلال البيان الأول الذي أصدرته في 24/1/2012 وذلك مع أن هناك ما يشير إلى أن تشكيلها يعود إلى أواخر عام 2011، والثابت والمؤكد أن كل المشكلين لها هم من السوريين الذين يُقال إن بعضهم من الذين قاتلوا سابقا في أفغانستان والعراق والشيشان. والمعروف أن «النصرة» قد أنشئت في مدينة حمص في الفترة التي كانت تتعرض فيها لحصار جيش النظام وهجماته وقصفه المتواصل، وإلى إغارات «الشبيحة» الطائفيين الذين كانت تشاركهم في هذه الجرائم التي ارتكبوها وما زالوا يرتكبونها مجموعات من حزب الله اللبناني، وهذه مسألة غدت مؤكدة وهي ليست بحاجة لا إلى براهين ولا إلى مزيد من الأدلة.

ولعل ما فات على الاستخبارات الأميركية التي ربطت في تقاريرها بين «جبهة النصرة» وتنظيم «القاعدة» في العراق، أن نظام بشار الأسد قد بادر ومنذ لحظة انطلاق الشرارة الأولى لهذه الثورة إلى الادعاء بأن وراء حتى حادثة أطفال درعا الشهيرة في 18/3/2011 جهات وتنظيمات إرهابية، وأنه بقي يتمسك بهذا العذر الأقبح من ألف ذنب على مدى الأشهر الستة اللاحقة التي لم تشهد، من قبل المعارضة، إطلاق ولا رصاصة واحدة، والتي كانت المطالب الإصلاحية خلالها تتخذ طابع المظاهرات الشعبية السلمية.

كان بشار الأسد بحاجة إلى ظهور بعض التنظيمات المتطرفة على خط المعارضة السورية، خاصة بعد الإعلان عن إنشاء الجيش السوري الحر وانخراطه في العمل العسكري ضد جيش النظام ومخابراته وشبيحته وأجهزته الأمنية، والمعروف أن مخابرات هذا النظام ذات باع طويل في هذا المجال إنْ لجهة استخدام «القاعدة» في العراق وحتى فترة قريبة، وإنْ لجهة اختراع تنظيمات ومنظمات إرهابية مثل «فتح الإسلام» وتكليفها بعمليات إرهابية ذات أبعاد سياسية.

وبالتأكيد، فإن هذا لا يعني إطلاقا أن «جبهة النصرة» هي اختراع جديد من اختراعات المخابرات السورية المشهورة بطول الباع في هذا المجال، ولكنه يعني أن نظام بشار الأسد قد تقصد القيام ببعض البشاعات المرعبة ضد أطفال الشعب السوري وضد الحرائر السوريات لخلق بيئة ملائمة لظهور تنظيمات متطرفة وعلى أساس أن العنف يولد العنف وأن الحرب الطائفية تستدرج ردا طائفيا. وهذا هو ما حصل وأدى إلى ظهور هذه الجبهة التي لا بد من التأكيد على أنها تحظى بتعاطف غير رسمي في العديد من الدول العربية انطلاقا من القناعة بأنها تدافع عن الإسلام والمسلمين ضد الاستهداف المذهبي إنْ من قبل هذا النظام وجيشه وشبيحته وإنْ من قبل حزب الله اللبناني وفيلق القدس التابع لحرس الثورة الإيرانية.

إن أجواء العنف الطائفي والمذهبي التي خلقها هذا النظام وتقصد إشاعتها والتي استهدفت المسلمين السنة تحديدا، هي التي أدت إلى ظهور «جبهة النصرة»، وهي التي استقطبت بعض المتطوعين من الخارج. لكن أن يقال إن المخابرات السورية هي التي «اخترعت» هذه الجبهة، فهذا غير صحيح على الإطلاق، وهذا يعتبر تجنيا على الحقيقة. والحقيقة هي أن مجريات الأحداث منذ حادثة درعا المعروفة في 18/3/2011 هي التي أدت إلى بروز هذه المنظمة العُنْفية المتشددة، وهي التي ستؤدي إلى بروز العديد من التنظيمات المماثلة إذا بقيت الأمور تسير في هذا الاتجاه الذي تسير فيه الآن، وإذا بقي الأميركيون وغيرهم يتخذون هذه المواقف المائعة غير المبررة، وإذا بقي الجيش السوري الحر من دون دعم ولا تسليح، وإذا بقيت المعارضة تُعامَلُ بكل هذه الأساليب الملتوية.

عندما يواصل نظام بشار حربه الطائفية بكل هذا التدمير والعنف وكل هذه الاعتداءات المتواصلة على أبناء الشعب السوري وعلى أطفالهم وأعراضهم، وعندما تصل أعداد القتلى إلى أكثر من مائة ألف قتيل، وكل هذا بالإضافة إلى المهجرين قسرا وإلى الجرحى والمعتقلين والمفقودين، وعندما تتدخل إيران بكل هذا التدخل المذهبي السافر في الشؤون الداخلية السورية، ثم وعندما يعلن الإيرانيون أن سوريا هي المحافظة الإيرانية الـ35، وعندما يعلنون عن تشكيل جيش متطوعين إيرانيين قوامه 60 ألفا للقتال دفاعا عن هذا النظام، وأيضا عندما يكون هناك كل هذا التدخل الروسي.. فلماذا إذن يكون هناك استغراب لظهور ليس «جبهة نصرة» واحدة؛ وإنما ألف «جبهة نصرة».

إن أي إنسان لديه ولو الحد الأدنى من الشرف والكرامة، لا يمكن أن يسكت عن هتك عرضه وذبح أبنائه والتمثيل بأجسادهم أمامه وعلى أساس طائفي ومن منطلقات مذهبية حتى وإن كان علمانيا أو شيوعيا، وإنه لا بد من أن يتحول إلى انتحاري ويبحث حتى تنظيم إرهابي يثأر من خلاله لكرامته.. وحقيقة، فإن هذا هو ما حدث بالنسبة لظهور «جبهة النصرة» وما حدث بالنسبة لانضمام بعض السوريين إلى هذه الجبهة، خاصة أن الجيش السوري الحر يعاني من كل هذا الحصار المضروب عليه من قبل الولايات المتحدة أولا، ومن قبل معظم دول الاتحاد الأوروبي وبعض الدول العربية «الشقيقة»!

لو أن الولايات المتحدة لم تتخذ هذا الموقف المائع المتراجع المثير للكثير من الأسئلة والتساؤلات، ولو أنها لم تمنع التسليح عن الجيش الحر، فيقينا لن تكون هناك لا «جبهة النصرة» ولا غير «جبهة النصرة».. أما عندما يكون كل هذا العنف الذي يمارسه جيش بشار الأسد، وكل هذه الحرب الطائفية، وكل هذا التدخل المذهبي من قبل إيران وحزب الله، وعندما يصبح سيرغي لافروف هو وزير خارجية سوريا وهو وزير دفاعها، فلماذا لا تظهر هذه الجبهة؟ ولماذا لا نتوقع عنفا مضادا أشد عنفا من عنف «القاعدة» و«طالبان»؟

وهنا، فإنه لا بد من تحميل الأميركيين مسؤولية كل هذا الذي يجري، والذي سيجري أخطر منه إذا لم يتم وضع حد لهذه المواقف والسياسات الأميركية المائعة، وإذا لم يطرأ موقف جدي من قبل الأوروبيين وبعض العرب تجاه الأزمة السورية التي إن هي لم تعالج المعالجة العاجلة الصحيحة، فإنها ستتحول إلى زلزال ستطال ارتداداته كل دول هذه المنطقة وأيضا كل الدول التي تعتقد أنها في مأمن وبعيدة.

=====================

في سورية.. كلّ يناور الآخر!

يوسف الكويليت

الرياض

21-2-2013

    بالحوار لم تحل قضايا عربية عديدة، سواء أكانت مع أطراف داخلية، أم خارجية، إلا باختلال ميزان القوة مع الدولة الأجنبية، كانتصار في حرب، أو ضغط سياسي يصاحبه ضغط اقتصادي بما في ذلك التدخل العسكري كما جرى في أكثر من بلد في المشرق أو المغرب العربيين..

آخر مطالب اللقاءات والحوارات الجادة، جرت بين المعارضة السورية، والحكومة، لكنها لا تزال تدور في الفراغ، رغم أن مشروع معاذ الخطيب كان جريئاً وصريحاً أحرج النظام، لكن عودة القبول المعلنة من مسؤول محسوب على السلطة فتحت النوافذ مع المعارضة وحتى العسكرية منها، لكن لا تبدو أنها تطور جديد، بل هي مناورة لكسب الوقت، ثم إن الإصرار على أن يكون الحوار في المناطق التي يسيطر عليها النظام، يبعد المسافة بين الطرفين، لأن الضمانات بحماية أعضاء المعارضة مستحيلة أمام دولة بلا مصداقية، وإذا كان الأمر جاداً، فهناك أكثر من دولة قابلة لاستضافة كل الأطراف بما فيها روسيا التي طالما حاولت أن تكون وسيطاً عندما التقت أكثر من عنصر..

المشكلة ليست في المشاريع المطروحة، وإنما هل بقدرة النظام الموافقة على شروط المعارضة والتي جاء في بندها الأول رحيل الأسد، حتى يتحرر المفاوضون من سلطته؟ وهو ما يبدو مستحيلاً، لأنه حارب من أجل بقائه، ولايمكن تغيير الواقع الثابت، والأمر الآخر أن تحول لهجة النظام من اعتبار المعارضة إرهابية، إلى محاولة اللقاء بها يثبت أن الورطة التي يعيشها الأسد الابن، أخذت مسار الحصار عليه وإبقائه داخل دمشق فقط، واستشعار الخطر ربما يكون الدافع للخروج ولو بنصف انتصار من أي حل يتوافق مع طرفيْ الصراع، وبحضور دولي قد يختاره مجلس الأمن مع إشراك الجامعة العربية في حال الوصول إلى اتفاق جديد..

الموقف الدولي مازال يزايد على الدماء السورية، ودمار بنيتها الأساسية، فأوروبا وأمريكا غير راغبتين في تسليح المعارضة، خوفاً من أن توجه تلك الأسلحة إلى إسرائيل إذا ما نشأت دولة يقودها إسلاميون متشددون، فيما رأى البعض من داخل تلك الدول أن عدم تسليحها، وإطالة أمد النزاع العسكري يكسبان تلك الجماعات الإسلامية فرصاً للتفوق على المعتدلين، والذين لا يزالون يرون بناء دولة سوريةٍ بلا طوائف، وتتمتع بدستور وقانون تشارك فيه كل الأطياف، وهو ما يفرض تسليحها، لأن نظام الأسد، وبدعم عسكري ومادي من روسيا وإيران يعقّد مهمة المعارضة، ويطيل أمد الحرب..

أمريكا لا تزال مع وضد تسليح المعارضة ربما نتيجة حسابات تختلف عن أوروبا، فهي لا تريد مواجهة روسيا، ولو بحرب بالنيابة، بل الاستمرار باستنزافها وتعرية مواقفها، لكنها، بنفس الوقت تفترض مساعدة الجيش الحر من باب تعديل الموازين وانتزاع تنازلات من روسيا والأسد معاً، وهي سياسة لا تزال في حال مراجعة، وقطعاً المشورة الأساسية تبقى مع إسرائيل، والتي تعتبر طرفاً فيما ستؤول إليه الأمور..

الاحتمالات بنجاح حوار سوري - سوري مشكوك فيها لأنه يفتقد الثقة بين الأطراف، وما لم تتغير المعادلة على الأرض لصالح المعارضة فإن كل الأمور ستجرى عكس الرغبات والآمال..

=====================

رأي الراية... مساندة قطرية دائمة للشعب السوري

الراية

21-2-2013

تأتي توجيهات سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني نائب الأمير ولي العهد بتقديم مساهمة مالية بقيمة 100 مليون دولار أمريكي للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية "وحدة تنسيق الدعم الإنساني"، في وقت تزايدت فيه معاناة الشعب السوري بسبب عمليات القتل والتهجير التي يتعرّض لها على أيدي النظام، حيث ارتفعت أعداد الضحايا لتصل إلى أكثر من 70 ألف قتيل معظمهم من المدنيين فضلاً عن الآلاف من الجرحى والمصابين الذين يحتاجون إلى مساعدات طبيّة عاجلة إضافة إلى تزايد أعداد النازحين من مدنهم وبلداتهم بسبب القصف الجوي، حيث قاربت أعدادهم المليوني نازح فيما وصلت أعداد اللاجئين إلى دول الجوار نحو نصف مليون لاجئ. حيث أكّدت تقارير مستقلة لمنظمات إنسانية اغاثية أن ما يقارب أربعة ملايين سوري تضرّروا بصورة مباشرة نتيجة الحرب التي يخوضها النظام ضد شعبه وأنهم يحتاجون إلى مساعدات إنسانية غذائية وطبية عاجلة لإنقاذ حياتهم.

المساهمة القطرية الجديدة تأتي في إطار المعونات الإنسانية التي تقدمها دولة قطر للشعب السوري في محنته الراهنة، وتهدف إلى وصول المساعدات الطارئة إلى جميع المحتاجين لها بحيادية وبدون أي تمييز عبر التنسيق مع كافة الشبكات الإنسانية العاملة في المجال الإنساني لصالح الشعب السوري، حيث بلغ ما قدمته دولة قطر منذ بداية الأحداث الدامية التي تشهدها سوريا من مساعدات إغاثية وإنسانية أكثر من نصف مليار دولار قدّمت للمتضرّرين من الأحداث في المدن والبلدات السورية وفي مخيمات اللجوء في لبنان والأردن وتركيا.

المبادرة الكريمة لسمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني تؤكّد حرص القيادة في قطر على التخفيف من معاناة الأشقاء في سوريا وعلى استمرار تحمل دولة قطر حكومة وشعبًا لمسؤوليتها الإنسانية والأخوية تجاه الشعب السوري الشقيق، ومؤازرته حتى يحصل على حقوقه في الحرية والكرامة، ويتجاوز محنته المستمرة منذ ما يقارب السنتين.

إن دولة قطر تؤكّد من خلال هذا الدعم الإنساني استمرارها في مساندة الأشقاء السوريين، وأنها ستواصل الالتزام بالوقوف إلى جانب الشعب السوري وتقديم كافة أنواع الدعم اللازم له لتحقيق كامل مطالبه المشروعة.

إن الدعم القطري المتواصل يُشكل دعوة إلى الحكومات والشعوب العربية وإلى المجتمع الدولي لتضافر الجهود من أجل نجدة الشعب السوري الشقيق الذي يستحق من أشقائه ومن المجتمع الدولي الوقوف إلى جانبه في هذه المحنة التي ستنجلي قريبًا بنيل الشعب السوري حقوقه ومطالبه العادلة.

=====================

النزال مع إسرائيل في سوريا

سمير الحجاوي

    أخر مشاركة: 21/02/2013

الشرق

"الحقيقة وبكل أمانة نحن مع دعم المعارضة بكل ما تحتاجه حتى ولو احتاجت للسلاح للدفاع عن النفس، ولإنهاء هذه الأزمة، لأنه واضح أنه دوليا الآن لا يوجد هناك رأي واضح حول هذا الموضوع، فمن الأولى أن ندعم هذا الشعب".. هذه هي خلاصة رأي رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني حول الطريقة المثلى لوضع حد لحمام الدم في سوريا، والمجازر التي يرتكبها نظام الأسد الإرهابي،

هذه المقاربة القطرية التي لا يستمع لها العالم جديا تتقاطع مع رؤى مماثلة داخل إدارة أوباما يمثلها الجنرال مارتن ديمبسي، رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة ووزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون ووزير الدفاع ليون بانيتا والمدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ديفيد بترايوس، فهؤلاء القادة الأربعة الكبار في الإدارة الأمريكية يؤيدون تسليح الثوار السوريين للإطاحة بالنظام الإجرامي في دمشق، وقد اعتبروا أن المساعدة في إنهاء الحرب في سوريا تصب في المصلحة الأمريكية، وتحول دون انهيار الدولة السورية وانزلاقها إلى مصاف الدول الفاشلة.

السؤال المنطقي الذي يحتاج إلى إجابة هو: كيف يفشل كبار قيادات الإدارات السياسية والعسكرية والاستخباراتية في إدارة أوباما في دفع الحكومة الأمريكية إلى تبني قرار يجمعون عليه لتسليح الثوار السوريين؟

الإجابة بسيطة: ابحث عن إسرائيل واللوبي اليهودي، فليس هناك من قوة في أمريكا تستطيع أن تفشل إجماع 4 قيادات محورية في الحكومة الأمريكية إلا إسرائيل وأذرعتها هناك، فإسرائيل لعبت بتغيير وجهة إدارة أوباما من خلال أدواتها الفاعلة في واشنطن، وهو ما عبر عنه سفير "إسرائيل" الأسبق في واشنطن "زلمان شوفال"، الذي يُعد أحد أقرب المقربين من "نيتيناهو"، وتربطه علاقات قوية مع المنظمات اليهودية الأمريكية والأغلبية الجمهورية في الكونغرس بقوله: "إن إسرائيل والغرب هما الخاسر الأكبر من غياب الأسد"، وطالب إدارة أوباما بعدم السماح بسقوط نظام الأسد، وحذر من أن الغرب سيخيب ظنه في الجماعات التي ستخلف الأسد في الحكم، وقال: "تبين بشكل لا يقبل التأويل أن القذافي كان صادقاً عندما قال إنه هو الذي كان يمنع "الإسلاميين المتطرفين" من ضرب أوروبا، بدليل أنه بسقوط القذافي تحولت ليبيا إلى ساحة انطلاق للجماعات الإسلامية، ويجزم أن ما حدث في ليبيا سيحدث أفظع منه في سوريا". ولا بد من التذكير بالتقرير الذي نشرته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية العام الماضي بعنوان "الأسد ملك إسرائيل" والذي أشارت فيه إلى أن "حالة من القلق تنتاب الأوساط الإسرائيلية من احتمال سقوط نظام بشار الأسد في دمشق، وأن الكثيرين في تل أبيب يصلون من قلوبهم للرب بأن يحفظ سلامة النظام السوري الذي لم يحارب إسرائيل منذ عام 1973 رغم "شعاراته" المستمرة وعدائه الظاهر لها".

بل ذهب الجنرال "شلومو غازيت"، القائد الأسبق لشعبة الاستخبارات العسكرية أبعد عندما رأى أنه تتوجب على "إسرائيل" المساعدة على نقل السلاح السوري إلى "حزب الله"، وعدم السماح بسقوطه في أيدي الجماعات الإسلامية، لأن هذه الأسلحة "أكثر أمنا" في أيدي عناصر حزب الله.

كل هذه التوجهات الإسرائيلية يمكن ربطها مع الوثيقة الجديدة التي سربها موقع "ويكيليكس" والتي تكشف أن "أمريكا قدمت دعمًا ماليًّا لنظام بشار الأسد بقيمة خمسة مليارات دولار لمواجهة المعارضة"، وهذا ليس غريبا إذا أعدنا إلى الأذهان كيف كانت الإدارة الأمريكية تخطط لنظام القذافي للحيلولة دون سقوطه، وهو ما كشفته الوثائق التي استولى عليها الثوار الليبيون من مقر مخابرات القذافي في طرابلس.

ومن هنا فإن الجهود الإسرائيلية لمنع سقوط نظام الأسد "حقيقة" وليست ضربا من الخيال أو "نظرية مؤامرة"، وهذا ما يعقد الجهود العربية والدولية لوقف مسلسل القتل الدامي بحق الشعب السوري.

وهذا ما تؤكده جريدة نيويورك تايمز الأمريكية التي نقلت عن مسؤولين في البيت الأبيض رفض أوباما لخطة أعدتها وكالة المخابرات ووزارة الخارجية الأمريكيتان لتسليح الثوار السوريين العام الماضي، خوفا من وصول الأسلحة إلى "مقاتلين متشددين يواجهون نظام الرئيس السوري بشار الأسد"، وأن عدم تزويد المعارضة السورية بالأسلحة ناجم عن التردد والخشية من وصولها إلى أياد غير موثوقة، وخشية استخدامها بالتالي ضد مصالح إسرائيلية وأمريكية.

الأمريكيون والأوروبيون يلعبون بالدم السوري ويشاركون بقتل الشعب السوري تماما كما تفعل روسيا والصين وإيران وحزب الله، وهذا ما دفع رئيس الوزراء القطري إلى انتقاد الموقف الأوروبي من حظر تسليح الثوار السوريين ووصفه بأنه "قرار غير صائب" يدفع إلى إطالة أمد الأزمة التي يدفع الشعب ثمنها، وأعاد للتذكير بأن نظام الأسد يشتري الوقت ويسوف، وطالب بنقل السلطة في سوريا "لأن الشعب قال كلمته، ودفع ثمناً كبيراً جداً من دمائه"، ووجه سهام نقده إلى المجتمع الدولي متسائلا: ألا يستحق الشعب السوري تدخل مجلس الأمن أو تدخل دول كبيرة تدعي أو تقول إنها تدعم الشعب السوري". وهذا بالضبط ما دفعه إلى اتخاذ موقف حاسم: "نحن مع دعم المعارضة بكل ما تحتاجه حتى ولو احتاجت للسلاح للدفاع عن النفس"، وهو موقف ينبغي العمل على حشد الرأي العام العربي والعالمي لصالحه، خاصة في الولايات المتحدة، وتحشيد حكومات العالم للدفاع عن حقوق الإنسان في سوريا وحماية الشعب السوري من حرب الإبادة الأسدية، وهو ما يضع قطر في مواجهة المشروع الإسرائيلي لمنع سقوط الأسد ونظامه.

قطر أقدر على الانتصار في هذه المنازلة لمساعدة الشعب السوري على الخروج من محنته، لأن الرأي العام والقوى الفاعلة في أمريكا وإدارة أوباما مع التوجه القطري، وهذا يتطلب بناء لوبي قطري في مواجهة اللوبي الإسرائيلي في أمريكا واستخدام الآلة الإعلامية بشكل فاعل والتحالف مع كل القوى الأمريكية والأوروبية التي تدعم حق الشعب السوري في الانعتاق من ظلم واستبداد ودكتاتورية نظام الأسد، لكن من المهم مراقبة إسرائيل جيدا، فهي تجيد اللعب، تجيد الضرب تحت الحزام، خاصة وأن لها "حلفاء عرب" في الرؤية والهدف، وهؤلاء لا يمكن التقليل من أذاهم.

=====================

خطة "كيري"... وتعقيدات الأزمة السورية

تاريخ النشر: الخميس 21 فبراير 2013

ترودي روبن

الاتحاد

اللهم أعن جون كيري! فقد أعلن وزير الخارجية الأميركي الجديد عن عزمه إطلاق مبادرة جديدة تهدف إلى إنهاء حكم الرئيس السوري.

في الربيع الماضي، بدا أن "كيري" حينها يدرك ما هو مطلوب لكسر حالة الجمود المميت. ولكن مقاربته الحالية، ونفور البيت الأبيض الشديد من أي تدخل أميركي حقيقي في سوريا، يعني أن "كيري" سينكب على مهمة مستحيلة. اللهم إلا إذا استطاع الوزير إقناع الرئيس بتغيير رأيه.

وقبل أن أتطرق لمقاربة "كيري"، دعوني أذكِّر قرائي: لماذا يعتبر هذا الأمر مهماً، ذلك أنه رغم توقعات البيت الأبيض الأولى بسقوط الأسد، فإن الصراع السوري عالق اليوم في حالة جمود دموي مات فيها أكثر من 70 ألف شخص في وقت مازال يتعرض فيه البلد للتدمير حالياً. اللهم إلا إذا تم تبني مقاربة جديدة، فالأرجح أن أياً من الجانبين لن ينتصر في المستقبل القريب.

و"النتيجة الأرجح"، حسب عمار العزم، الناشط الداهية في المعارضة السورية "هي انهيار الدولة وتفتتها" وإمكانية حدوث إبادة جماعية طائفية. كما أن تأثير ذلك يمكن أن يطال تركيا ولبنان والعراق والأردن وإسرائيل. وعلاوة على ذلك، فمن شأن دولة سورية فاشلة أن توفر فراغاً في السلطة، يمكن أن يسعى "جهاديون" خارجيون لسده، ما سيسمح لهم بدفع الإسلاميين المحليين إلى التشدد والحصول على أسلحة خطيرة من ترسانة النظام المستولى عليها. والحال أنه عندما تنهار دولة ما – مثلما بتنا نعرف من تجربة العراق - فإنه يكون من الصعب بمكان إعادة الإعمار.

ولنعد الآن إلى "كيري"، فهذا الأخير يدرك هذا الخطر، وقد حذر الأسبوع الماضي من "انهيار" للدولة السورية. كما يدرك أيضاً لماذا لن يتزحزح الأسد عن موقفه. ذلك أنه "يعتقد أنه بصدد الفوز والمعارضة بصدد الخسارة"، كما قال في جلسة تثبيته في الكونجرس، مضيفاً "علينا أن نغيِّر حسابات بشار".

وبالفعل، فالأسد، المدعوم والمسلح من قبل روسيا وإيران، والمدرك لحقيقة أن واشنطن لن تسلم للثوار أسلحة مضادة للدبابات ومضادة للطائرات، يبدو واثقاً بأن نظامه يستطيع الصمود والنجاة في القتال. وكذلك تعتقد موسكو أيضاً.

ذلك أنه إذا كان الثوار قد تمكنوا من السيطرة على بعض المناطق الريفية، فإن أي مدينة لم تسقط بعد حتى الآن. وفي هذا الصدد، يقول العزم: "إن بشار يعتقد أنه في حاجة فقط إلى الصمود في وجه العاصفة"، مضيفاً: "وهو ليس مخطئاً في ذلك بالضرورة".

"كيري" يعتقد أنه يستطيع تغيير "تصور (الأسد) الحالي"، الأمر الذي سيسهل مفاوضات بينه وبين الثوار يمكن أن تعرض على الرئيس منفى مريحاً وحماية لطائفته العلوية (الشيعية). كما يأمل "كيري" أيضاً أن يجد مزيداً من "الأرضية المشتركة" بخصوص سوريا مع موسكو، رغم فشل جهود الإدارة في الماضي.

والحال أنه ليست ثمة أي مؤشرات على أن موسكو ستستجيب، فبعد ثلاثة أيام على قيام "كيري" باتصال هاتفي مع وزير الخارجية الروسي يوم الثلاثاء الماضي، فإنه لم يتلق أي رد على تلك المكالمة إلى اليوم. والأسبوع الماضي أيضاً، رفض نظام الأسد عرض زعيم المعارضة معاذ الخطيب للانخراط في مفاوضات. وبالتالي، من الواضح أن الأسد لا يشعر بحاجة إلى التوافق حتى الآن.

وعليه، فكيف يمكن تغيير "حسابات" الأسد؟ عزم يقول: "حتى يقبل النظام بالتفاوض، عليك أن تضعفه". إنه يعتقد أنه سيتعين على الولايات المتحدة أن توفر دعماً واضحاً أكثر للمعارضة السورية، ومن ذلك إرسال أموال إلى معارضة مدنية جديدة وأسلحة إلى مجلس عسكري معارض جديد غير جهادي.

ومثلما بتنا نعرف الآن، فإن وزيرة الخارجية الأميركية السابقة، ومدير وكالة الاستخبارات المركزية أوصيا الصيف الماضي بمخطط للتدقيق مع بعض مجموعات الثوار والمقاتلين وتدريبهم، حيث كانت الوكالة تعتقد على ما يبدو أن لديها معرفة كافية بشأن الزعماء الثوار لاتخاذ مثل هذه الخطوة. ويشار هنا إلى أن كلا من وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان المشتركة دعما مخطط كلينتون- بترايوس.

غير أن أوباما رفض توجه فريقه للأمن القومي، ذلك أنه منذ إعادة انتخابه، أوضح جيداً رفضه لبحث أي تدخل أعمق في سوريا، في ما عدا زيادة المساعدات الإنسانية.

ومع ذلك، فإن "كيري" ينكب على مهمته، بواسطة أدوات قليلة لتجنب دولة سورية فاشلة.

والواقع أن النشطاء السوريين سبق لهم أن اقترحوا مراراً وتكراراً مخططات لتحديد زعماء المعارضة العسكرية المعتدلين والتدقيق معهم، ومراقبة توزيع الأسلحة المضادة للدبابات والمضادة للطائرات. وهذا من شأنه أن يوازن الأسلحة الكثيرة التي تتدفق على المجموعات "الجهادية"، والتي تقويها لتزعم القتال، كما يمكنه أن يقوي المعارضة ويمكنها من كسر حالة الجمود العسكرية.

في الربيع الماضي، تحدث "كيري" عن تسليح الثوار. واليوم، وبدلا من رسم استراتيجية جديدة، يبدو أنه ماض نحو تكرار جهود (فاشلة) سابقة، حيث يدعو موسكو إلى مساعدته على إقناع الأسد باختيار المنفى. وفي غضون ذلك، تقوم طائرات النظام بدك المدن والبلدات وتحويلها إلى دمار، وأخذت الدولة السورية تنهار بسرعة. وبالتالي، فكلما طال أمد ذلك، كلما ازدادت النتيجة سوءاً.

الأسبوع الماضي، قال رئيس هيئة الأركان للصحفيين على متن طائرة نقل عسكرية عائدة من كابول: "لم تتم إزالة أية خيارات من على الطاولة بشكل كلي". غير أنه ليست ثمة أي مؤشرات على أن أوباما سيعيد بحث خيار كسر حالة الجمود العسكري السوري، وهذا يعني أن الأسد سيتشبث بموقفه ويتخذ وضع الاحتماء بينما تنهار سوريا.

=====================

 أوهام الكبار في سوريا

طاهر العدوان

الرأي الاردنية

21-2-2013

اقصد بالكبار كلا من امريكا وروسيا والاتحاد الاوروبي فهؤلاء الأطراف هم من يمسك بأوراق الازمة السورية ، وهم المسؤولون بدرجات متفاوته عن إطالة عمر الازمة ودخولها مرحلة الاستعصاء على اي حل غير ميداني . ورغم الانقسام الظاهر بين روسيا من جهة وبين الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي من جهة اخري حول سوريا الا ان ما يجمع بينهما من مواقف مشتركة اكبر بكثير مما يظهر من خلافات .

١- روسيا ضد مساعدة الثورة السورية عسكريا وضد تزويدها بالسلاح وهذا هو ما عليه الموقف الامريكي - الاوروبي . ٢- روسيا تساند بشار ضد الحركات الاسلامية التي ظهرت في اطار الثورة كجزء من معركتها المستمرة في الشيشان وأمريكا وأوروبا ضد هذه الحركات كاستمرار للحرب على الإرهاب . ٣- روسيا تؤيد مفاوضات بين النظام وبين ائتلاف المعارضة ( بدون شرط إزاحة الاسد) وامريكا وأوروبا مع هذه المفاوضات لكن بدون الاسد .

الفرق بين الطرفين روسيا من جهة وبين امريكا وأوروبا ان الاولى تساند موقف النظام والأسد بقوتها السياسية والمالية مع تزويده بكل ما يطلب من سلاح فيما تقتصر المساندة من ( أنصار سوريا ) على البيانات والوعود والمساعدات المالية للاجئين وهذا خلق واقعا للازمة يرجح استمرار المعركة العسكرية بين الثورة والنظام حتى نهاياتها المحتومة ويحول دعوات التفاوض والبحث عن حلول ، التي يعمل عليها الكبار ، الى مجرد وهم .

الكبار في سوريا يحاولون اجتراح حل يبقي النظام بعد ان ربطوا مستقبل الدولة السورية بوجوده ، موسكو تريد النظام مع الاسد وأمريكا تريده بدون الاسد وما يجمع موسكو وواشنطن هو العداء لجبهة النصرة وغيرها من الجماعات الاسلامية في سوريا . غير ان الشعب السوري لا يشاطرهما مثل هذا الحل لأنه لا يرى في « النصرة « الا جزءا صغيرا من حجم ثورته ولأن مثل هذا الحل فيه استهتار بأرواح ٦٠ الفا من أبنائه ودعوة للتسليم بالعبودية لنظام متوحش . ومنذ البداية عندما كانت الثورة سلمية رفع السوريون شعار إسقاط النظام وليس إصلاحه .

امريكا وأوروبا تكرران اليوم في سوريا أخطاءهما في العراق عندما سلماه لاتباع ايران بحجة التصدي للقاعدة فاستوطن فيه الارهاب وتجذرت الطائفية بكل فتنها البغيضة . سوريا اليوم تجر الى ما هو عليه حال العراق منذ احتلال بغداد ، صراع طوائف وميدان توسع للنفوذ الإيراني . ان الدعم المباشر وغير المباشر لنظام الاسد يخدم جبهة النصرة ولن يضعفها ، وسيقوي الجيش الحر . لان السوريين في النهاية لن يقبلوا بحلول تجترحها أوهام الكبار انما بحل لا مكان فيه لنظام ولغ بدمائهم وأملاكهم وأعراضهم . لقد وصلت الثورة السورية إلى مرحلة اللاعودة فالحقائق والوقائع الدامية لا تسمح بمفاوضات تمنح بشار الاسد ونظامه شرعية البقاء .

=====================

 مع الأسد .. ضد الأسد؟ من يمثل موقف الشعب الأردني؟

المحامي محمد الصبيحي

الرأي الاردنية

21-2-2013

قال 176 أردنيا في بيان لهم إن ( غالبية الشعب الاردني تقف ضد الثورة في سوريا وتساند النظام السوري في حربه ضد الجماعات الارهابية ) وقبلها بأيام قابل وفد يضم أشخاصا لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة الرئيس بشار الاسد حاملين اليه عباءة أردنية وأبلغوا سيادته أن الشعب الاردني يقف معه في حربه ضد ( الارهاب) .

لا نريد هنا أن نستنكر رأي وموقف أفراد أو سياسيين فحرية التعبير عن الرأي حق مكفول بالدستور وفي حدود القانون , ولكننا نريد أن نتساءل عما اذا كان من حق هؤلاء نسبة موقفهم الى أنه موقف غالبية الشعب الاردني أو ما اذا كان من حق أي فرد أو مجموعة أفراد ليست لهم صفة رسمية أو تمثيلية ابلاغ رئيس دولة أخرى بأن الشعب الاردني يقف معه في مواجهة المعارضة في بلده , وفي نفس الوقت يقف هؤلاء ضد التدخل في الشؤون الداخلية لتلك الدولة , وهم في الواقع يتدخلون مع النظام ضد فئة من شعبه في شأن معارضة أو ثورة محلية ( سمها ما شئت ) .

انهم يسمون موقفهم بأنه ( موقف قومي ) أما موقف المؤيدين للثورة فانه ( موقف أرهابي ) أو موقف تآمري , وهكذا يحددون المعايير من طرف واحد وعلى أساسها يجري تصنيف مواقف الاخرين ( مع الاسد .. موقف قومي ثوري ) و ( ضد الاسد .. موقف تكفيري إرهابي .. تآمري أمريكي ) وبناء عليه لاتوجد معارضة وطنية في سورية فقط هناك نظام قومي عربي صامد بل هو آخر قلاع الصمود العربي في مواجهة الامبريالية الامريكية والصهيونية العالمية , وهناك قوى ارهابية تخريبية تآمرية !! .

وهنا نعيد التساؤل عن الاساس الذي يبني عليه أولئك السادة الزعم بأن غالبية الشعب الاردني ضد الثورة السورية ؟؟ هل أجرت جهة ما استطلاع رأي عام ؟؟ هل جرى استفتاء بالخصوص ؟؟ هل أصدر مجلس الامة الاردني بصفته التمثيلية بيانا بالخصوص ؟؟ , واذا كان هناك من استطاع جمع تواقيع ( 176 ) مواطنا ولم يحصل على توقيع حزب سياسي واحد أو منظمة مجتمع مدني واحدة فما سيكون موقفه لو جمع مؤيدو الثورة السورية غدا الاف التواقيع التي تضم أحزابا ومؤسسات مجتمع محلي ؟؟ .

واذا كانت الشمس لا تغطى بغربال فان الحقيقة التي نعرفها جميعا أن القوى الاسلامية في الاردن تقف بالاجماع مع الثورة ضد نظام الاسد وتستطيع في يوم واحد جمع تواقيع عشرات الالاف , ومع ذلك فلن تستطيع أن تقول للأسد أو للثوار إن الشعب الاردني مع هذا أو ذاك .

ومن هنا فان محاولة حشر الشعب الاردني في سلة النظام السوري لن تفسر الا أنها محاولة بائسة لبيع موقف سياسي لا يستند الى أساس واقعي , أو هي في أحسن الاحوال مظاهرة أعلامية باهتة لن يخدع ضجيجها أحدا ولن يغير من الواقع شيئا .

ومن الناحية السياسية والتكتيكية فان مثل هذه المحاولات اذا كانت تستهدف زحزحة الموقف الرسمي الاردني وجره الى الانحياز للنظام السوري فانها تسعى الى جر الاردن الى ساحة صراع دموي شرس وتفتح الباب لتدخل قوى إقليمية أخرى غالبيتها معادية لنظام الاسد وتفضل رحيله , وبالتالي فان تلك التحركات الاعلامية السياسية تشكل سلاحا ذا حدين حتى لو كان ظاهرها التضامن مع الرئيس الاسد ونظامه .

الموقف الرسمي الاردني ما زال حتى الان حكيما ومتزنا يقرأ تطور الاحداث بعناية ويتجه الى معالجة الظروف الانسانية للشعب السوري دون الانحياز ميدانيا الى هذا الطرف أو ذاك من منطلق الحرص على ابعاد القوى الاقليمية عن التدخل المباشر في سوريا ومن منطلق المصلحة الوطنية للدولة الاردنية بانتظار ما ستؤول اليه موازين القوى على الارض السورية وخارجها وما سيكون عليه الموقف الدولي في الامم المتحدة وبغير ذلك فاننا نجيز غدا لغيرنا التدخل في شؤوننا الداخلية .

أيها السادة أتركوا العباءة الاردنية جانبا فلن نغطي بها الا أبناء الشعب السوري الذين جاءوا الينا يطلبون الامن والحماية فوق ترابنا الاردني الطهور .

=====================

حزب الله ينجر الى الحرب علنا

رأي القدس

2013-02-20

القدس العربي

بعد عامين تقريبا من اندلاع شرارتها الاولى في مدينة درعا الجنوبية، بدأت الازمة السورية تفيض بقوة الى دول الجوار، ولبنان الحلقة الاضعف فيها على وجه الخصوص.

بالامس ذكرت وكالة الاناضول التركية الرسمية ان حزب الله اللبناني اعلن التعبئة في صفوف عناصره في ثماني قرى حدودية متداخلة بين لبنان وسورية بعد هجوم شنته 'جبهة النصرة' على دورية للحزب، مما ادى الى سقوط قتلى من بين عناصر هذه الدورية وفي بلدة 'زيتا' على وجه الخصوص.

الكتائب الجهادية الاسلامية التي تقاتل لاسقاط النظام في سورية اتهمت حزب الله اكثر من مرة بارسال مقاتلين لمساعدة قوات النظام في محاولاته اخماد الثورة لكن السيد حسن نصر الله زعيم الحزب نفى في كل خطاباته التلفزيونية الاخيرة اي تورط في الازمة السورية.

السيد ناصر قنديل النائب اللبناني السابق قال على مدونته الشخصية ان استعدادات تجري في صفوف المقاومة الاسلامية اللبنانية لارسال مقاتلين الى سورية، ولم يستبعد ان يتم التطبيق العملي لهذه الخطوة في الايام القريبة.

حزب الله رد على الاتهامات بوجود مقاتلين تابعين له في المناطق السورية الحدودية مع لبنان ان اهالي هذه المناطق الشيعية يدافعون عن انفسهم جراء مهاجمة مقاتلي المعارضة السورية لقراهم.

من الواضح ان حزب الله ينزلق بشكل متسارع الى المستنقع الدموي للازمة السورية، بعد عامين من محاولاته الدؤوبة، في العلن على الاقل، لتجنب ذلك.

امتداد الازمة السورية الى لبنان يعني تفجير هذا البلد واغراقه في حرب اهلية ربما تستمر لعقود، لان حالة الاستقطاب الطائفي السني الشيعي تبلغ ذروتها هذه الايام، وتعمل على تأجيجها قنوات تلفزيونية في الجانبين.

حزب الله حقق انجازات كبيرة على صعيد مواجهة العدوان الاسرائيلي المتكرر على لبنان، ونجح في اجبار الاسرائيليين على الانسحاب من الاراضي اللبنانية عام 2000 من جانب واحد، كما تصدى لعدوانهم عام 2006 بشجاعة لاكثر من اربعة وثلاثين يوما.

السيد حسن نصر الله زعيم الحزب ظل دائما يكرر بان سلاح الحزب هو لمواجهة الاسرائيليين فقط، والدفاع عن لبنان، لكن من الواضح ان هذه المقولة تواجه تحديا كبيرا هذه الايام.

السيد سليم ادريس رئيس هيئة الاركان في الجيش السوري الحر هدد بالامس بقصف مواقع لحزب الله داخل الاراضي اللبنانية كرد على قصف الحزب مواقع للمقاتلين المعارضين السوريين داخل الحدود السورية.

لبنان ينزلق بسرعة الى مستنقع الازمة السورية الدموي، ويبدو ان كل محاولات جيشه حماية حدوده، ومنع التسلل اليها على الحدود من الجانبين تترنح.

الجوار السوري كله بات مهددا بالانفجار والدخول في حرب اهلية طائفية، اليوم لبنان وغدا العراق، وبعد غد تركيا، والاردن لن يكون بعيدا، ودول الخليج العربي كذلك. انه سيناريو مرعب بكل المقاييس.

=====================

قطار الحل السياسي ينطلق نحو السورية والركاب يتموضعون

د. رياض العيسمي

2013-02-20

القدس العربي

'سنستمربالضغط على النظام السوري الذي يقتل شعبه، وسنزيد من دعمنا للمعارضة السورية التي تمثل إرادة الشعب'. كانت هذه هي الجملة اليتيمة بخصوص الأزمة السورية التي تضمنها خطاب 'حالة الإتحاد' السنوي للرئيس الإمريكي باراك أوباما. هذا وبالرغم من أن هذه الجملة كانت مُقتضبة ولا تخرج عن سياق الموقف الأمريكي المعروف، إلا أنه يُستشفُ منها الجدية هذه المرة. حيث أنها تختلف عن النبرة الخطابية التي كان يرددها الرئيس أوباما في الماضي للإستهلاك الإعلامي: 'بأن الأسد قد فقد شرعيته في الحكم وعليه أن يتنحى'، أوعما كانت تكرره وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون: 'بأن أيام الأسد باتت معدودة'. لقد جاءت جملة أوباما عن الوضع السوري ضمن سياق حديثه عن العلاقات الخارجية والوضع في الشرق الأوسط. حيث أكد الرئيس أوباما مرة أخرى بأنه يرفض مبدأ الحروب والعسكرة. وأن عقيدته هذه لا تقتصرعلى إنهاء الحرب في إفغانستان بعد العراق، بل ترفض التدخل العسكري بشكل عام. وهذا ما طرحه سابقا في خطاب القسم الذي أداه لدورة رئاسية ثانية في شهر ينايرالماضي. أما حقيقة توجههه بخصوص عدم تزويد المعارضة السورية بأسلحة نوعية كشف عنه مؤخراً ليون بانيتا وزير الدفاع في شهادته أمام الكونغرس الأمريكي. حيث أكد بأن الرئيس أوباما كان قد رفض مقترحا الصيف الماضي قُدم له من قبل هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية السابقة وديفيد بترايوس رئيس (السي أي آيه) في حينها وأيده هو والجنرال مارتن ديمبسي رئيس هيئة الأركان العامة. ويتلخص المقترح بتحديد فئات المعارضة المقاتلة في سورية، الغير جهادية والغير مرتبطة بتنظيم القاعدة كجبهة النصرة، ودعمها بالأسلحة النوعية وتدريبها.

لذا جاءت تصريحات الشيخ معاذ الخطيب رئيس إئتلاف قوى الثورة والمعارضة السورية حول إمكانية التفاوض مع النظام في الوقت الذي بات فيه من المؤكد بأن الرئيس أوباما لن يتخذ قراراً لا بالتدخل العسكري المباشر في سوريا، ولا السماح بتزويد الثوار بالأسلحة النوعية. وأيضا بعد التأكد من إقتراب الموقف الأمريكي من الموقفين الروسي والصيني بإعتماد الحل السياسي للأزمة السورية. والحل السياسي يعني الحوار مع الطرف الآخر، أي مع النظام. وكذلك تأتي تصريحات الخطيب في وقت دخل فيه الإئتلاف وضعا حرجا نتيجة الأزمة المالية التي نجمت عن نكث الدول المانحة بوعودها. وأيضا جراء الإنحسار السياسي الناجم عن تراجع موقف الولايات المتحدة، والذي تبعه بطبيعة الحال تراجع في إندفاع الدول الأوربية، وفي مقدمتها فرنسا وبريطانيا. وكذلك تأتي هذه التصريحات في الوقت الذي ما يزال فيه شلال الدم يتدفق غزيراً في سورية. حيث تُقدرالعديد من المصادر بأن أرواح السوريين التي أُزهقت منذ بدء الثورة تزيد عن المائة ألف. ومؤشرعداد الموت اليومي في تسارع مستمر، وكذلك هوعداد اللاجئين الذين يتقاطرون إلى دول الجوار، ومثله النازحين داخل الوطن. هذا غيرالمعتقلين والمفقودين الذين توقف عدادهم عن العمل. إضافةً إلى الدمار الماحق الذي يحل بالبلاد، والتشوه النفسي والجسدي الذي يلحق بالعباد. لابد وإن كل هذه الظروف كانت من ضمن ما دفع بالشيخ الخطيب للإطلاق دعوته للحوار المشروط مع النظام. إلا أن تصريحاته هذه كانت قد فاجأت الكثيرين من أطياف المعارضة بما فيهم أعضاء في الإئتلاف الذي يرأسه. وكذلك داخل المجلس الوطني الذي يمثل أكثر من ثلث الإئتلاف. كما وسادت موجة عارمة من الجدل واللغط حول شرعية و دوافع هذه التصريحات.

من حيث المبدأ، لا نعتقد بأن أية مبادرة سياسية تقود إلى سقوط النظام تتعارض مع مبادئ الثورة. بل بالعكس تحقق هدفها الأساسي (إسقاط النظام)، وتلتقي مع أول شعار رفعته (الشعب يريد إسقاط النظام)، وتعيدها إلى جوهر إنطلاقتها (السِلمية). إذن ليس هناك أي ضير في أي حوار يحقن دماء السوريين وفي نفس الوقت يحقق هدف الثورة الأساسي. وكون الإئتلاف يُعتبر بمثابة الذراع السياسي للثورة، فمهمته تكمن في ممارسة الفعل السياسي في الخارج الذي من شأنه أن يعزز فعل الثوارعلى الأرض. لهذا نعتقد بأن الدعوة إلى الحوار قد حققت حتى اللحظة عدداً من الأهداف السياسية، التي كانت المعارضة والثورة السورية بحاجة لتحقيقها. حيث أنها وبالدرجة الأولى أحرجت النظام ووضعته على المحك. فهو الذي لم يتوقف يوما عن إطلاق دعوات الحوارالوهمية التي لا يمكن أن تتم إلا بشروطه ولا تخدم غير بقائه في السلطة. وأيضا تهدف إلى تصوير الثوار وكأنهم كما يوصفهم 'عصابات مسلحة' لا تؤمن بمنطق الحوار. كما وحركت المياه الراكدة في 'مستنقع' القرارالدولي، وأعادت بالإئتلاف بشكل خاص والثورة السورية بشكل عام إلى واجهة الحدث بعد فترة من التراجع والإنحسار. وكذلك بنت الدعوة المشروطة للحوار برحيل الأسد جسوراً مع المعارضة في الداخل، وبالتحديد مع هيئة التنسيق وفعاليات الثورة الأخرى التي يتجاوب موقفها مع هذا التوجه. وهذا ما قد يمهد الطريق أمام وحدة المعارضة السورية، والتي لم يعد مناصاً منها بعد اليوم. كما وهيأت المعارضة السورية بأن تكون طرفاً فاعلاً في الحل السياسي، الذي يعتقد أغلب المراقبين بأنه أصبح وشيكاً، بدلاً من أن تكون طرفاً ضعيفا فيه تُفرَضُ عليه الحلول.

لقد أطلقت الدعوة للحوارسلسلة من الأفعال وردود الأفعال المكثفة والحثيثة على كافة الأصعدة المحلية والعربية والدولية. فبعد تصريحاته بقبول الحوار، دُعيَّ السيد معاذ الخطيب إلى مؤتمر ميونيخ للأمن في ألمانيا، والذي لاتحضره عادةً إلا الشخصيات الحكومية الرفيعة من رؤساء ونواب رؤساء ووزراء خارجية ومعنيون بالأمن. وأجتمع على هامش المؤتمر مع من تملك دولهم مفاتيح الحل للأزمة السورية. حيث إلتقى مع جوزيف بايدن نائب الرئيس الأمريكي، وسيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي، وعلي أكبر صالحي وزير خارجية أيران. كما وأجتمع مع الأخضر الإبرهيمي المبعوث الدولي والعربي، الذي توجه مباشرة بعد ميونيخ للقاء نبيل العربي أمين عام الجامعة العربية في القاهرة. وبدوره دعا العربي إلى القاهرة رياض حجاب رئيس وزراء سوريا المنشق للتباحث. وفي نهاية الإجتماع طالب حجاب بمقعد سوريا في الجامعة العربية. قطر تُسارع إلى تسليم مقر السفارة السورية في الدوحة للإئتلاف بعدإعتماد سفير له.

وفي الولايات المتحدة يتم الإعلان عن إمكانية فتح مكتبين للإئتلاف، واحد في واشنطن والآخر في نيويرك. المرشد الأعلى في إيران، علي خامنئي، يرفض فجأة أي دعوة للحوارالمنفرد مع الولايات المتحدة حول ملف إيران النووي في الوقت الذي كانت فيه إيران تكرر الدعوة إلى هكذا حوار. ويتبع تصريح المرشد الأعلى مقترح من إيران بوضع البحرين وسوريا على جدول أعمال ال 5 + 1 المقرر عقده في كازخستان في 26 الشهر الجاري لمناقشة ملف إيران النووي. الرئيس أوباما في خطاب 'حالة الإتحاد' يجدد إمكانية حل مشكلة ملف إيران النووي بالتفاوض. معاذ الخطيب يُدعى لزيارة الولايات المتحدة وروسيا. وأيضا من المتوقع أن يزور وليد المعلم وزير الخارجية السوري موسكو هذا الشهر. كما وأعلن عن زيارة للملك عبدالله الثاني ملك الأردن لروسيا. جون كيري وزير خارجية الولايات المتحدة الجديد سيقوم بزيارة شرق أوسطية. وكان قد صرح مؤخرا بأنه سيناقش مع الدول التي سيزورها مقاربات لحل الأزمة السورية تتركز على الحل السياسي، وإقناع الأسد بأن إنتصاره بات مستحيلا وأن رحيله لامفر منه. كما وكان له إجتماع مع بان كي مون أمين عام الأمم المتحدة.

ناقش معه إمكانية إستصدار قرار من مجلس الأمن تحت الفصل السادس لوقف العنف في سوريا وإرسال قوات حفظ سلام، وتطبيق حل سياسي. الإئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية يعقد إجتماعا مطولا في القاهرة يناقش فيه مبادرة الخطيب وآفاق العمل المستقبلية. الأخضر الإبراهيمي يُعلن من القاهرة بأن مبادرة الشيخ معاذ الخطيب ماتزال قائمة، ويقترح أحد مقرات الأمم المتحدة لبدء الحوار. الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي يُعلن عن سفر وفد من الجامعة العربية مؤلف من ثلاثة وزراء خارجية عرب (مصر، الكويت، لبنان) إلى موسكو للتباحث. الرئيس أوباما سيحمل معه حصيلة ما ستتمخض عنه كل النشاطات والفعاليات بخصوص الأزمة السورية إلى إسرائيل التي سيزوها في الإسبوع الثالث من الشهر القادم، والتي ستكون الأزمة السورية حاضرة بقوه على جدول إجتماعه مع نتنياهو. يأتي كل هذا الزخم الدولي في الوقت الذي مايزال النظام السوري يصعد من حملاته العسكرية محاولا تحقيق مكاسب على الأرض وإستعادة مناطق إستراتيجية كان قد خسرها. وفي الوقت ذاته يستولي الثوارعلى مواقع إستراتيجية جديدة ويغنمون أسلحة نوعية، ويُحرزون تقدما حثيثا على إمتداد الأرضي السورية، ويُطبقون تدريجيا على دمشق المدينة.

ما يمكن إستنتاجه من كل هذه التحركات، بأن قطار الحل السياسي للأزمة السورية قد إنطلق بالفعل، وبدأ ركابه (الأطراف المعنية) يتموضعون إستعداداً للرحلة. أما السؤال المهم هو: هل يمكن لإئتلاف قوى الثورة والمعارضة السورية أن يحجز للثورة والشعب السوري مكانا في عربة القيادة؟ لأنه ليس من المهم معرفة المحطة التي ينطلق منها القطار، بل المحطة التي سيصل إليها. لاشك بأن مهمة الإئتلاف ستكون صعبة وشاقة، وتحتاج إلى حنكة سياسة كبيرة وخبرة تفاوضية بارعة. فالسياسة والتفاوض هما علم وفن، وكلاهما يحتاج إلى المعرفة والتجربة لتحقيق الأهداف المرجوة منه. إلا أن التجربة المريرة مع النظام السوري علمت الجميع بأنه لا يوجد حوار أو أي حل سياسي يمكن أن يكون مجدياً معه في أي حال، إلا إذا إقترن بعاملين أساسيين: العامل الأول يتمثل بالقوة العسكرية. فالنظام السوري لن يفاوض على رحيله إلا إذا أدرك بأنه سيسقط، والأسد لن يستسلم إلا إذا تأكد من حتمية موته. إذن لا بد من زيادة دعم الثوار بكل الوسائل بما يوسع نفوذهم على الأرض إلى حدٍ يجعل النظام يرضخ للأمرالواقع مُرغماً. أما العامل الثاني فيتمثل بالمرجعية الدولية. حيث أن النظام لن يُطبقَ أي حل سياسي يمكن أن يقود إلى رحيله إن لم يكن بقرار مُلزم من مجلس الأمن الدولي (يوافق عليه الأعضاء الخمسة بما فيهم روسيا والصين)، ويستند إلى آليات وجداول زمنية محددة (تضعها وتشرف عليها الولايات المتحدة بمساعدة فرنسا وبريطانيا وتباركها روسيا والصين)، ويوفرأدوات تنفيذ فاعلة (تفرضها روسيا وإيران). فتجربة مصطفى الدابي وجامعة الدول العربية مازالت ماثلة أمامنا، وكذلك تجربة كوفي عنان والأمم المتحدة.

كما ولم يعد خافياً على أحد بأن الأزمة السورية لم تعد أزمة محلية فحسب، بل إقليمة ودولية. وإن كل الأطراف فيها تحرص على تحقيق مصالحها أكثر من حرصها على مصلحة الشعب السوري، الذي تُرك لعامين يعيش مآساة إنسانية غيرمسبوقة دون أن يهب لنجدته أحد. والآن بدأت جميع هذه الأطراف تحجز لنفسها مقاعداً على طاولةِ حوارٍتَعمدتْ بدمه. والكل يحاول أن يحقق إختراقا ما على حسابه كي يُحسّنَ من شروط تفاوضه، بما فيهم الأسد نفسه، الذي بات الجميع مقتنعا بضرورة رحيله وإن إختلفوا على كيفية الرحيل وثمنه. أما قوة التفاوض الحقيقية التي يمكن أن تمتلكها المعارضة السورية في أي حل سياسي تكمن بوحدتها وإلتزامها بثوابت الثورة وتمسكها بعزيمة الثوارالتي كانت من أهم الأسباب التي فرضت هذا الحوار، وجعلت كافة الأطراف المعنية تتسابق للمشاركة فيه. أما الحل السياسي الذي يمكن أن يقبل به كل الشعب السوري في النهاية هو الذي يضمن له أن تكون سورية واحدة موحدة أرضا وشعبا، ووطنا لكل السوريين. ويؤسس لدولة مدنية تعددية تعتمد الشفافية والتداول السلمي للسلطة. وأن يكون كل مواطنيها متساوون تحت سلطة القانون.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ