ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 21/02/2013


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

مقالات مختارة من الصحف العربية ليوم

20-02-2013

روزنامة خروج الأسد؟

راجح الخوري

2013-02-20

النهار

مضحك ان يعود الاخضر الابرهيمي الى البحث عن "معارضة مقبولة" يوافق النظام السوري على الحوار معها، ومبكٍ ان يعجز جون كيري اسبوعين عن الاتصال هاتفياً بسيرغي لافروف، الذي يبدو انه كان "ضائعاً" في ادغال افريقيا، بما يوحي ضمناً ان موسكو تستأسد على واشنطن في المسألة السورية بعدما تراجع باراك اوباما من شعار "الاسد يرحل غداً" الى سياسة "ترحيل النصرة اليوم"!

الجديد المفاجئ في موقف النظام ان المعارضين لم يعودوا "عصابات ارهابية يجب القضاء عليها"، فالوزيران علي حيدر وعمران الزعبي أعلنا صراحة الاستعداد للحوار مع "جميع اطياف المعارضة وحتى المسلحة منها التي لها كل الضمانات بعدم ملاحقتها"، لكن السؤال من سيقبل بالجلوس ليحاور الاسد فوق ركام سوريا وسبعين الف قتيل؟

قبل الحديث عن الجلوس والحوار لا مفر من الاتفاق على" ترتيب خروج الاسد"، الذي ابلغ الوفد الاردني انه باق ويريد خوض الانتخابات، لكن معاذ الخطيب يؤكد تكراراً "ان شروط الحوار تنحي الاسد وتشكيل حكومة انتقالية بضمانات دولية"، ولهذا ثمة ما يدفع الى الاعتقاد ان المفاوضات في موسكو خلال الايام المقبلة مع وليد المعلم والخطيب والابرهيمي ستتركز وبمواكبة اميركية، على محاولة ايجاد اتفاق ينهي الخلاف على روزنامة خروج الاسد!

لكنها ديبلوماسية السلحفاة تحاول ان تسابق كرة النار التي تدمر سوريا وتطلق اشارات تصاعدية مقلقة لا بل مخيفة، فلا شيء يوازي ضجيج المعارك الدموية بعد نحو عامين من المذابح سوى دوي التخوّف الاقليمي والدولي من ان تشعل الازمة المتمادية في النهاية، حرباً مذهبية كبيرة بين السنّة والشيعة تكون لها انعكاساتها السلبية العميقة على الاستقرار الاقليمي والتوازن الدولي، ذلك ان الانزلاق الايراني من دعم الاسد بالمال والسلاح والخبراء الى القتال معه ضد المعارضة على الجبهات وفي المتاريس، سيجلب "الجهاديين" الى الساحة ويؤجج الضغائن التي طالما عملت اسرائيل واميركا على اشعالها والتي اذا اندلعت لا سمح الله فستدمر المنطقة كلها!

في ضوء هذا ومن موقع المسؤولية السياسية والاخلاقية وعلى نطاق قومي واقليمي يبرز الصراخ السعودي المتصاعد وكان آخره تأكيد مجلس الوزراء اول من امس ضرورة واهمية توحيد الرؤية الدولية في التعامل مع الازمة السورية وضرورة نقل السلطة والوقف الفوري لسفك الدم والخروج بحل يحفظ أمن سوريا واستقرارها ووحدة ارضها وشعبها.

ولأن المأساة طالت وباتت تهدد الاقليم وليس هناك ما يوحي بجدية المجتمع الدولي في ايجاد حل لها، هل كثير ان يرى الامير سعود الفيصل مثلاً ان ما يحدث في سوريا هو وصمة عار تصيب النظام والعرب والعالم، وخصوصاً عندما لا يريد المجتمع الدولي ان يفعل شيئاً للحل ولا يسمح للسوريين بالدفاع عن انفسهم في مواجهة الصواريخ والطيران والقنابل البرميلية!

=======================

لماذا تعمّد "حزب الله" الصمت

حيال الأحداث في ريف القصير السورية؟

   ابراهيم بيرم

    2013-02-20

النهار

فيما كانت المجموعات السورية المعارضة تتحدث، ربما للمرة الأولى، السبت الماضي عن هجوم واسع النطاق شنه مقاتلون من "حزب الله" على عدد من قرى القصير في ريف حمص، انصرفت وكالات الأنباء العالمية ومحطات التلفزة، التي تتسقط دوماً كل ما له علاقة بالحزب، لتلقي الأضواء عليه نافخة فيه ليصير الخبر المحدود أصلاً، عبارة عن حملة عسكرية جرّدها الحزب لـ"تطهير ريف حمص" كله.

هكذا وعلى مدى يومي السبت والأحد لم تهدأ الاتصالات الهاتفية التي انهالت على مراكز الاعلام والقرار في "حزب الله" عسى ولعل تحظى بجواب حاسم جازم يؤكد أو ينفي الخبر الميداني، خصوصاً بعدما ذهب بعض المعلومات الى حد القول إن هناك أكثر من 25 قتيلاً من عناصر الحزب.

غير أن كل السائلين اصطدموا بصمت من جانب الحزب.

وبحسب المصادر العليمة فإن التطور الميداني الأخير في المنطقة التي صار يُطلق عليها مصطلح حوضي العاصي كان على الصورة الآتية:

لم يعد خافياً أن "حزب الله" ومعه الكثير من محطات التلفزة ووسائل اعلام أخرى، كشفت جميعاً عن واقع الحال في هذه المنطقة: مجموعة قرى سورية تعتبر امتداداً بشرياً وجغرافياً لمنطقة الهرمل، يقطنها لبنانيون (نحو 20 ألف لبناني) منذ أكثر من ثمانية عقود من الزمن وهؤلاء قرروا بعد التطورات الميدانية الأخيرة أن يدافعوا أن أنفسهم فشكلوا لجاناً مسلحة وبدأوا فعلاً صد هجمات المعارضين، على مدى أكثر من سنة ونصف سنة ونجحوا في الصمود والثبات على رغم الهجمات الشرسة للمعارضين.

وفي الأيام الثلاثة الأخيرة من الأسبوع الماضي، شعر عناصر هذه اللجان بأن المعارضين يعدّون لهجوم جديد على قراهم، فكان أن بادروا هم إلى شن هجمات باتجاه قرى وبلدات سورية ونجحوا في طرد المسلحين منها.

باختصار، نجح هؤلاء في فرض واقع ميداني جديد تزامن مع تقدم سجلته القوات النظامية السورية في داخل مدينة حمص ومحيطها، فما كان من المسلحين المعارضين إلا أن أطلقوا الصوت عالياً فكان الصدى والدوي عند الوسائط الإعلامية التي جعلت شغلها الشاغل مناهضة النظام في سوريا والتصويب على حلفائه.

إلى هنا تبقى الأمور في سياقها المألوف المعروف. ولكن عنصر المفاجأة تجسد أكثر ما يكون في تعمّد "حزب الله" سياسة الغموض حيال الحدث المتمحور حوله وتحلّيه بالصمت التام مما طرح سؤالاً عما إذا كان الحزب شاء إرسال رسالة جديدة لمن يعنيهم الأمر لا يفك مغاليقها إلا المعنيون بها.

وليس سراً أن الحزب امتهن دوماً أسلوب استقطاب الأضواء مع كل حدث يتصل به، إذ يترك حبل التكهنات والتحليلات على غاربه لفترة معينة قبل أن يقول كلمته الفصل التي تنفي أو تؤكد او تكشف المزيد من الوقائع والتفاصيل، وربما أبقى الأسئلة بلا إجابات لمدة طويلة.

لكن الأمر هذه المرة بدا عاجلاً ومتفجراً ويحتاج الى توضيح أو جواب سريع، ومع ذلك تحلى الحزب بالصمت.

المسألة ليست عجزاً عن رد اتهام مباشر أتاه هذه المرة من المعارضة السورية، واستغلها خير استغلال خصوم الحزب الكثر في الداخل اللبناني.

الجواب بالنسبة الى الحزب معروف، فقبل أشهر قليلة ثارت الزوبعة الإعلامية عينها إذ استغل خصوم الحزب تشييعه عدداً من عناصره ليجدوا في ذلك تعزيزاً لمنطقهم القائل بأن الحزب يتعمّد دعم النظام السوري.

حينها ترك الحزب الأمر يكتنفه الغموض الى أن ظهر أمينه العام السيد حسن نصرالله وقدّم شرحاً وافياً للواقع القائم في تلك القرى الواقعة تحت مرمى المعارضة السورية المسلحة فاضطرت الى ان تحمي نفسها بدعم من الحزب. وعليه لا يجد الحزب نفسه مضطراً مرة أخرى الى أن يقدم الرواية عينها، ويقول إن النظام في سوريا لا يحتاج الى أي دعم خارجي فهو كفيل بمواجهة خصومه.

ومع ذلك ثمة من يرى أن الحزب كان مضطراً الى التوضيح والرد خصوصاً أن الحملة المستجدة عليه أتت في أعقاب حملات أخرى بدءاً من قضية تفجير بلغاريا الى سواها من التطورات التي تصب في خانة واحدة، وهي أنه يجلب الى لبنان المزيد من المشاكل الداخلية والخارجية. وعليه فإن ثمة من يرى أن الحزب تعمّد هذه المرة سياسة الغموض البنّاء حيال الحدث السوري ولم يعد يكلّف نفسه عناء الافصاح عن مواقفه المعروفة والتي أعلنها مراراً بشأن الأزمة المستمرة في الساحة السورية.

لكن الصمت هذه المرة موقف ورسالة في يقين الكثيرين، وخصوصاً أن المسألة في حوض العاصي لم تعد دفاعاً عن النفس إذ تحولت إلى هجمات واقتحامات وتوسيع لدائرة الاشتباك.

بطبيعة الحال قد لا تُحدِث التطورات والوقائع الميدانية الأخيرة تحوّلاً استراتيجياً عميقاً في مسار الأوضاع المعقّدة والصعبة، لكن الثابت لأي قارئ أن الحزب يريد أن يرسم لمن يعنيهم الأمر خطوطاً حمراً خصوصاً انهم عمدوا في الآونة الأخيرة الى تجاوز الكثير من الخطوط الحمر معه.

=======================

حجاج العباءة الأردنية الى دمشق

د. خليل قطاطو

2013-02-19

القدس العربي

قامت مجموعة من الشخصيات الأردنية (محامون، أطباء، مهندسون و....ونقابيون) بزيارة دمشق وألقوا على كتفي الرئيس ( حتى ألآن) السوري بعباءة أردنية تعبيرا رمزيا عن الدعم للنظام ضد ما يسمونه المؤامرة البترودولارية والتكفيرية . ثم صدر بيان من مجموعة كبيرة من أبناء الكرك تأييدا لأولئك الذين قاموا برحلة الحج تلك الى دمشق، وكرروا نفس المقطوعة أياها عن المؤامرة .اعترضت النقابات ألأردنية بشدة مشيرة الى أن هؤلاء لا يمثلون الشعب الاردني . طالب النقابيون بفصل هؤلاء ووصل الحد الى تكفيرهم.

لفهم ما حدث، لا بد أن نعود الى الوراء، الى حقبة الستينات والسبعينات والثمانينات من القرن الماضي حيث درس الالاف من الأردنيين (والفلسطينيين) في الجامعات العراقية والسورية (مجانا) على نفقة الحزبين البعثيين في بغداد ودمشق، وليس سرا أن غالبية هؤلاء تشربوا مباديء حزب البعث (امة عربية واحدة ذات رسالة خالدة) و (وحدة، حرية،اشتراكية) ومعظمهم جندوا بسهولة (كرفاق) في حزب البعث . لم يقتصر ألأمر عند هذا الحد، بل أصبح الكثير من هؤلاء أصحاب جاه ونفوذ في الأردن الى درجة أنه كان من المستحيل على أي طالب أردني أن ينال مقعدا في الجامعات العراقية والسورية (حتى لو كان معدله في الثانوية العامة يتخطى التسعين) دون توصية خاصة من كبار البعثيين في البلد، وليس بعيدا أنهم تلقوا رواتب بانتظام كرفاق في الحزب.

كان البعثيون يرفعون شعارات الحرية ولكنها حرية من نوع خاص جدا، اذ انه لك مطلق الحرية في انتقاد وشتم الأمبريالية والاستعمار والرجعية، ولكن البعث مقدس، وأذا صدف أن صدر عنك أي نقد له ولو كان خفيا (أو حتى مزحا) فلن يكون مصيرك ألا الزنازين بتهمة خيانة الوطن (وألأمة) أو التغييب من نوع خرج ولم يعد.

هولاء أنفسهم الذين أيدوا صــــدام حسين أيضا، كبطل قومي وعـــــربي . فاتهم جزئية صغيرة جدا، التفــــريق بين صدام حسين والعــراق والعراقيين (أو بشار وسوريا والسوريين ) وأنه لفرق لو تعلمون عظيم. ان تحب وطنا، هي عاطفة نبيلة، تستحق التضحية والشهادة، ولكن أن تؤله دكتاتورا وتبرر له حرق بلده وقتل الشعب، فهذه سذاجة فكرية وسياسية فجة.

على أن من حجوا الى دمشق، وللتاريخ، لم يكونوا كلهم بعثيون، ففيهم شيوعيون، نعم (لا تستغربوا) فما زال هناك شيوعيون عرب حتى بعد سقوط الأتحاد السوفييتي في مطلع التسعينات من القرن المنصرم، وهؤلاء يا سادة يؤمنون بالحرية (تماما مثل البعث ) والعدالة، ولا تنظر بعيدا لتتجلى لك أسمى أيات العدالة التي يغدقها بشار الاسد على شعبه، عدالة من نوع خاص،لا يفرق بين غني وفقير، وطاعن في السن وطفل، ذكر أو أنثى، فلاح أو بدوي أو حضري، في القتل، فبراميل المتفجرات التي تلقيها طائراته (الروسية) على المخابز ومحطات البنزين ومحطات توليد الكهرباء والمساجد والمدارس والمنازل توزع العدالة على الجميع.

الحجاج الذين أموا دمشق من كل حدب وصوب من ( ألأردن) دثروا الرئيس السوري، ونصبوه زعيما للأمة (كما نصبوا صدام من قبل) وكان ألاجدر بضمائرهم أن تدثر عشرات الألاف من اللاجئين السوريين( بالبطانيات) لو اتجهوا شرقا الى المفرق(مخيم الزعتري) بدلا من شمالا الى الرمثا فدرعا فدمشق حيث شدوا الرحال.

معظم الشعب الاردني ضمائرهم حية، وذممهم نظيفة، لا تجرهم مصالحهم الشخصية الى اتخاذ الموقف السياسي والأخلاقي الخطأ، لذا فإن الحجاج الى دمشق لا يمثلون الا فئة صغيرة جدا من الأردنيين، يعرفهم الجميع ويعرف انتماءاتهم ومصالحهم ودوافعهم. ان من يقتل تسعين ألفا من شعبه، ويشرد ستة ملايين ( بين نازح ولاجيء)، ويعتقل ربع مليون لا يمكن أن يكون بطلا قوميا، بأي مقياس، حتى لو غطيتم كتفيه، الهالكتين، بألف عباءة وعباءة

بعد سقوط الأسد ترى هل سيبقى بعثيون قدامى كما الشيوعيون ؟ أم سيكون هذا نهاية اليسار العربي وانتشار اليمين الاسلامي ؟أم سنشهد اسلاما سياسيا ثائرا (يساريا) ؟ مجرد اسئلة، والجواب عليها ليس سهلا ولكنه موضوع اخر.

 

=======================

مبادرة الخطيب وشبيحة الأسد

ياسر أبو هلالة

الغد الاردنية

20-2-2013

عندما انتُخب الشيخ أحمد معاذ الخطيب رئيسا للائتلاف الوطني في الدوحة، اعتبره شبيحة النظام السوري عنوانا لمؤامرة كونية تقودها قطر. وتعرض كغيره من قادة المعارضة إلى حملات التشنيع، والتشويه والافتراء، ومنها مقابلة الصحافة الإسرائيلية وقوله إنه لا توجد مشكلة مع إسرائيل. تلك الحملة، وفي إطار تذاكي النظام وحلفائه، تحولت بين عشية وضحاها إلى حملة حفاوة بالشيخ، باعتباره صوت العقل الذي يدعو إلى الحل السياسي، في مقابل المتطرفين من أتباع المحور التركي-السعودي-القطري.

يجهل هؤلاء أو يتجاهلون الشيخ الخطيب؛ فهو وكثير من العلماء تمكنوا من ملء الفراغ الذي تركه تغييب التيار الإسلامي المنظم الذي عبرت عنه جماعة الإخوان المسلمين. وهذا المشروع بني على أرضية صلبة، تمتد في سلسلة طويلة من العلماء والشهداء لم تنقطع إلى اليوم. ولعل ما يلخص شخصية الخطيب تلك الأنشودة التي سمعته يرددها: "ماض وأعرف ما دربي وما هدفي.. والموت يرقص لي في كل منعطف/ وحياتنا أنشودة صيغت على لحن الكفاح..".

فعلى لحن الكفاح مضت حياة السوريين في مواجهة نظام الأسرة والطائفة والحزب الواحد؛ سواء كان كفاحا سلميا أم عسكريا. وطلبة الشيخ هم من الجيل السوري الجديد، سواء ممن حشدوا في الساحات سلما، أو حملوا السلاح في مواجهة النظام.

يتحرك الشيخ في ظل ضغط تنوء به الجبال، بين عذابات السوريين وبين خذلان العالم. ومن الأمثلة على ذلك واحد من طلابه فقد عقله بعد تعذيب وحشي؛ إذ كان يلقى بين الدماء والجثث المتحللة. وفي مقابل منع السلاح عن الثوار بحجج سخيفة، لا تتوقف إيران وروسيا عن دعم النظام. وقدم الخطيب مبادرة في محاولة لكسر الجمود الراهن؛ فلا الثورة مسموح لها أن تنتصر عسكريا في ظل منع السلاح، ولا النظام قادر على سحقها. والحل السياسي الذي قدمه هو خامس مبادرة تقدمها المعارضة، وكلها تجمع على رحيل السفاح بشار.

بإمكان من لم يفهموا مبادرة الخطيب؛ سواء من محبي الثورة أم من شبيحة النظام، أن يقرأوا صفحة الشيخ على "فيسبوك" حيث يقول قبل عشرة أيام: "لا أثق بنظام يقتل ويسجن شعبه، ويعتدي على الأطفال، ويقصف المخابز والجامعات والمساجد...

"رغم ذلك أجد أن من الواجب الوطني والأخلاقي أن نتفاوض من أجل رحيل النظام توفيراً للمزيد من الدماء والخراب.

"رغم سنتين من القتل المتوحش ما يزال النظام يحاول كسب الوقت في حوار عقيم -ويا للأسف- طرفاه هما النظام والنظام وحده".

وحول ما طرحه عن إطلاق المعتقلين الذين يزيدون على المئة ألف يوضح: "يتعامل النظام مع إطلاق سراح المعتقلين، وخصوصاً النساء، بشكل غير إنساني بالمرة. ورغم أن المبادرة تعمدت عدم التطرق إلى أي أمر عسكري أو سياسي لتوجد أرضية تفاوضية مشتركة، ومن خلال أبسط المطالب الإنسانية؛ وهي إطلاق سراح المعتقلين، وتجديد جوازات المواطنين، إلا أن النظام وجّه صفعة قاسية إلى الكرامة البشرية عندما تجاوز كل الاعتبارات الأخلاقية والوطنية".

وردا على التشكيك في أعداد المعتقلين يقول: "أقترح على النظام -ما دام لا يثق بما يسمعه- أن يقدِّم هو إلى المجتمع الدولي كشفاً بأسماء الشهداء والمشردين والسجناء من الرجال والنساء والأطفال".

ويبقى السؤال المركزي هو ما يطرحه الشيخ: "هل يقبل النظام التفاوض على رحيله مع أقل الدماء والدمار؟".

قد يساعدنا الشبيحة القريبون من النظام في الإجابة!

=======================

 لهذا ظهرت «النّصرة»!

صالح القلاب

الرأي الاردنية

20-2-2013

كثر الحديث أخيراً عن «جبهة النصرة» وإستجابة للقرار الأميركي بإعتبار أن هذه الجبهة تنظيم إرهابي يشكل نسخة عن «القاعدة» فإن هناك من ذهب بعيداً في الإتهامات وان هناك من قال ولا يزال يقول أن هذه المنظمة هي إختراع جديد من إختراعات المخابرات السورية كـ»فتح الإسلام» وكالعديد من التنظيمات الوهمية التي زرعتها وللأغراض المعروفة في الساحة الفلسطينية سابقاً ولاحقاً وفي كل المراحل.

ربما أن الأميركيين وغيرهم ،من الذين يرون هذا الرأي، قد ذهبوا بعيداً عندما أعتبروا أن جبهة النصرة إمتداد لـ»القاعدة» وأصدروا بحقها حكماً بإعتبارها تنظيماً إرهابياً إستناداً لتقارير أجهزتها الإستخبارية والحقيقة أن بعض أعضاء هذا التنظيم كانوا مقاتلين في أفغانستان وفي العراق وفي الشيشان والحقيقة أيضاً أنَّ بعض المتطوعين من سلفيي بعض الدول العربية والإسلامية قد إلتحقوا به لاحقاً.. وهذا أمرٌ عادي في ظل طبيعة الصراع المحتدم الآن في سوريا والمتواصل منذ نحو عامين والذي من غير الممكن إنكار أنه إتخذ طابعاً طائفياً مقيتاً وبخاصة في الآونة الأخيرة.

إن من المفترض أنه معروف ،وهذا بالإمكان إثباته بالأدلة القاطعة، أن «النصرة» لم تتشكل في الخارج وانها لم تُدخل إلى سوريا جاهزة للقتال على الفور فتاسيسها كان في الرابع والعشرين من يناير (كانون الثاني) 2012 وفي مدينة حمص عندما كانت هذه المدينة في ذروة الحصار الذي فرضه عليها نظام بشار الأسد وجيشه ومغاويره وشبيحته وبمشاركة طائفية ومذهبية من قبل مقاتلي حزب الله اللبناني ومقاتلي فيلق القدس التابع لحراس الثورة الإيرانية.

لم يُثبت الأميركيون أن «جبهة النصرة» جزءٌ من «القاعدة» ولا نسخة عنها والثابت أن الذين أسسوها جميعهم سوريون وبدون أي مشاركة من قبل وافدين من الخارج وأغلب الظن أن الولايات المتحدة قد ألصقت تهمة الإرهاب بهذا التنظيم ،الذي لا شك في أنه يتلقى تبرعات ذات طابع إسلامي من الخارج وأن بعض مقاتليه إمَّا كانوا في أفغانستان أو في العراق او في الشيشان، من قبيل إيجاد مبرر «مقبول» لكل هذه المواقف الأميركية تجاه الأزمة السورية التي أقل ما يمكن أن يقال فيها أنها «مائعة» وأنها لا تمثل رسالة الشعب الأميركي الإنسانية الخالدة.

ويقيناً لو أن الولايات المتحدة لم تحاصر الجيش السوري الحر بمنعه من التسلُّح ولم تفرض على الأوروبيين وبعض العرب إتخاذ هذا الموقف نفسه فلما كانت هناك «جبهة نصرة» ولكان هذا الجيش يمسك بكل مقاليد الأمور بقوة ولما سمح بأي بروز «إرهابي» على الساحة السورية ولفعل ما كانت فعلته الثورة الجزائرية التي إضطرت لمنع التعددية التنظيمية وهي في ذروة صدامها مع المستعمرين الفرنسيين حفاظاً على وحدة قرارها وتحاشياً لأي إختراقات غير منضبطة كتلك التي عانت منها الثورة الفلسطينية والتي لا تزال تعاني منها حتى الآن.

أما عندما يُحاصَرُ الجيش السوري الحر كل هذا الحصار وعندما تتلقى المعارضة السورية وعوداً سخيَّة لم يتحقق أي شيء منها وعلى الإطلاق وعندما يرتكب نظام بشار الأسد كل هذه المجازر ضد الشعب السوري وبدافع طائفي وعندما تتدخل إيران طائفياً كل هذا التدخل السافر في الشؤون السورية ثم وعندما يدخل حزب الله المعركة ومنذ الأيام الأولى بكل ثقله وبدوافع طائفية.. ثم وعندما تتجاوز أعداد القتلى على أيدي هؤلاء جميعاً التسعين ألفاً وعندما تصل أعداد اللاجئين والمهجرين والجرحى والمفقودين والمعتقلين إلى أرقام فلكية فإنه أمرٌ طبيعي أن تظهر «جبهة النصرة» هذه وأنه أمرٌ طبيعي أن يأتي متطوعون وبأفق إسلامي من الخارج.. وأنه من غير المستبعد أن تَدْخُل «القاعدة» نفسها وبكل إرهابها على الخط إذا بقيت الأمور في سوريا تسير في هذا الإتجاه الذي تسير فيه وإذا إستمرت المذابح الدامية التي يقوم بها هذا النظام ضد «شعبه» وبدافع طائفي أصبح واضحاً ولا يمكن إنكاره.

=======================

 تحقيق

 تاريخ النشر :٢٠ فبراير ٢٠١٣

طفله الخليفة

اخبار الخليج

لجان التحقيق التي تشكلها الأمم المتحدة بشأن سوريا تساوي بين الضحية والجلاد، فقبل فترة قالت إحدى لجان التحقيق لديها انها توصلت إلى ان ما يحدث في سوريا هو حرب طائفية، وهو اتهام باطل لا ندري كيف توصلت إليه لجان الأمم المتحدة وتاريخ الثورة السورية معروف، ومعروف كيف بدأت بمطالبها البسيطة وكيف تمت مواجهة هذه المطالب بالاعتقالات والذبح والتشويه وبتر أعضاء الأطفال وأصابعهم، كل هذا والعالم صامت والأمم المتحدة صامتة والدول الكبرى صامتة، حتى بدأ المتظاهرون السلميون يحاولون البحث عن سلاح لحماية أنفسهم، عندها بدأ الحديث عن ان الحرب طائفية وان كلا من الجانبين يرتكبون جرائم الحرب، جاعلة من يملك الصواريخ والطائرات الحربية والقنابل بكل أنواعها والأسلحة المحرمة متساويا مع من لا يملك إلا البندقية ليدافع عن نفسه وعن أهله، واليوم في تقريرهم الأخير يقولون ان جميع الأطراف قد غدت أكثر استهتارا بالأرواح البشرية.

أي أطراف أكثر استهتارا بالأرواح البشرية؟ من الذي يطلق الصواريخ أرض أرض على البلدات بدون تمييز؟ ومن الذي يشعل الحرائق في بيوت المدنيين؟ ومن الذي يقصف المخابز مع سبق الإصرار والترصد؟ أليس النظام السوري؟!.. ولماذا تحاول الأمم المتحدة ان تُـجـمّـل وجهه القبيح بأن تساويه بطلاب الحرية والكرامة والعدالة؟ وهل تفعل ذلك لتبرر عجزها عن مساعدة المدنيين أم محافظتها على السلم الدولي وهو الهدف الأول من وجودها الذي لم يعد له داع أم ماذا؟!

======================

إلی متی تدافع إيران عن الأسد؟

صادق زيبا كلام *

الأربعاء ٢٠ فبراير ٢٠١٣

الحياة

أثارت تصريحات السيد مهدي طائب التي اعتبر فيها الهجوم علی سورية هجوماً علی محافظة خوزستان علامات استفهام. فمن أين لدولة خارجية ان تتبوأ هذه المكانة في ايران؟ وهل يجوز القول إن اهمية هذا البلد تضاهي اهمية محافظة ايرانية؟ وهل اعلنت الدول الغربية الهجوم علی سورية ليدلي السيد طائب بمثل هذا التصريح؟ وعلی خلاف ما يعلنه الاصوليون في ايران، لم تعلن الدول الغربية ولا حلف «الناتو» الحرب علی سورية.

فما يشاع في ايران ضعيف الصلة بالواقع. وتعارض هذه الدول انشاء منطقة حظر جوي، وترفض الولايات المتحدة تزويد المعارضة السورية المسلحة صواريخ مضادة للطائرات، علی رغم دعوات بعض الدول الاقليمية المعارضة للنظام السوري. والجيش السوري استخدم كل انواع الطيران الحربي ضد المواقع المحررة، وأعاق تقدم القوات المعارضة. وتتبجح واشنطن بعدم تجهيز المعارضة بالمضادات الجوية متذرعة بالخوف من وقوعها في يد المتطرفين من فصائل المعارضة الذين يسيطرون علی بعض المناطق السورية. ويخشى ان تستخدم هذه الفصائل تلك الأسلحة ضد الطيران المدني في اوروبا والولايات المتحدة وأفريقيا. لذا، وتيرة تقدم قوات المعارضة بطيئة. فمواقعها تحت رحمة الطيران الحكومي، ولكن، لن تبقى الأمور على هذه الحال وستتمكن المعارضة، عاجلاً ام اجلاً، من الحصول علی المضادات الجوية فتتقدم بسرعة اكبر نحو أهدافها.

والنقطة الأخری التي يلتزم بها السيد طائب ورفاقه في ايران هي اعتبار سورية جزءاً من جبهة المقاومة في المنطقة الی جانب ايران و «حزب الله» وحركة «حماس». وحري بنا ألاّ نغفل أن «حماس» وغيرها من الحركات الفلسطينية انسحبت من المعادلة السورية وانحازت الى المعارضة. فـ «حماس» هي حركة الاسلاميين و «الاخوان المسلمين». ولا يسعها، تالياً، ان تقدم نظام بشار الأسد العلماني علی «الاخوان المسلمين» في سورية ومصر والدول الأخرى العربية. وحبذا لو يطلعنا الأصوليون الإيرانيون على لائحة بأعمال مقاومة النظام السوري إسرائيل منذ حرب رمضان (تشرين الأول- اكتوبر) 1973، وقبل كل هذا، يجب ان نتذكر ايضاً ان العلويين الذين يحكمون سورية منذ 50 سنة لا يشكلون اكثر من 12 في المئة من الشعب السوري وتعداده 22 مليون نسمة! ويسيطر هؤلاء علی الاجهزة العسكرية والامنية والاجهزة التنفيذية والديبلوماسية والاقتصادية منذ عقود. ومدعاة اسف ان يضحّي السيد طائب ومن يشاطره الرأي في إيران، بمصالح ايران البعيدة الأمد في العالم العربي والشرق الأوسط لحساب مصالح آنية بعيدة من الواقع. وعوض مؤازرة الشعب السوري، وقفت ايران الی جانب روسيا والصين ومليوني علوي. وموقفها لن يثمر غير تعاظم العداء بين الشيعة والعرب السنّة.

* محلّل، عن «قانون» الايرانية، 16/2/2013، إعداد محمد صالح صدقيان

=======================

«جبهة النصرة» وتركيا

جيهان شيليك *

الأربعاء ٢٠ فبراير ٢٠١٣

الحياة

الغموض يلف الانفجار الأخير على الحدود السورية – التركية. فعدوى الحرب الأهلية السورية تنتقل إلى خارج الحدود، وتبرز شوائب استراتيجية تركيا الداعمة للتمرد المسلح في سورية. فالهجوم على المعبر الحدودي الواقع في يد المعارضة السورية والمشرّع أمام «المساعدات الإنسانية» فحسب، على زعم تركيا، أودى بحياة 15 شخصاً. ومحافظة هاتاي تحتضن عدداً كبيراً من مخيمات النازحين السوريين التي تحولت ملاذاً آمناً للثوار. وإلى وقت قريب، درجت السلطات التركية على تحميل دمشق مسؤولية حوادث مماثلة، لكنها اليوم لم تفعل، بل التزمت الصمت.

وسارع زعماء الثوار إلى القول إن الهجوم يستهدفهم وإنه من جرائم النظام. والصمت التركي يوجه أصابع الاتهام إلى طرف آخر عنيف: «جبهة النصرة «المتحدرة من «القاعدة». ولم تخف «النصرة» أن إطالة النزاع مع دمشق تصب في مصلحتها، في وقت تسعى إلى تصفية الثوار العلمانيين. وفي وقت أول، تحالفت «النصرة» مع عدو خصمها، أي مع الثوار المنشقين عن جيش الأسد العلماني. لذا، تطلق صفة العلمانيين على المنشقين. وتدور الاشتباكات أخيراً بين «النصرة» والثوار، وتتوالى فصول الخطف والاغتيالات بين الجانبين.

وبحسب الصحافة العربية، تنظم «النصرة» تظاهرات مناوئة للمجلس الوطني السوري و «الجيش الحر» في معقلها بشمال سورية، وهي دخلت في مواجهات مع الأقليات مثل الدروز، وشنت هجمات على قرى مؤيدة للمعارضة لدعمها الثوار «الفاسدين والعلمانيين». ومقاتلو «النصرة» أشداء وهم أكثر تنظيماً وخبرة من الثوار. بدأوا يشعرون بالعزلة إثر انفتاح المعارضة السورية على الحوار مع دمشق. فالمعارضة أخفقت في استمالة دعم المعسكر الدولي المعادي للأسد جراء العقبات الناجمة عن النزاع الروسي – الأميركي حول الأزمة السورية. وبدأ قادة المعارضة يميلون إلى «الاعتدال»، وبدا أن المعسكر المعادي للأسد، وعلى رأسه أميركا، يدعم مثل هذا الانعطاف وراء الأبواب المغلقة.

ويبدو أن «النصرة» تخشى «الخيانة» والعزلة، شأن الحكومة التركية التي سعت إلى إطاحة الأسد ودعمت المعارضة. وهي اليوم تشهد تغيير أصحاب القضية المشتركة استراتيجيتهم، والتزام المفاوضات. ولا يخفى دعم أنقرة السياسي للمجلس الوطني السوري، لكن علاقاتها بـ «النصرة» غامضة. وصرح مسؤولو «النصرة» إلى وسائل إعلام تركية بأنهم يتلقون أموالاً من مصادر «مجهولة» في تركيا. لكن حكومة أنقرة لم تخرج عن صمتها. والهجوم على المعبر الحدودي السوري – التركي هو ربما رد «النصرة» على قطع تركيا الأموال عنها اثر تصريحاتها الأخيرة. وإذا تواصلت مساعي الحوار بين دمشق والمجلس الوطني السوري، تهددت «النصرة» أمن الثوار والنظام السوري وتركيا. وواجهت أنقرة خطر العزلة لأنها تغرد خارج السرب، أي لم تتراجع عن طلب إسقاط الأسد.

* معـــلّـق، عن «حرييات» التــركـــية، 16/2/2013، إعدادمنالنحاس

=======================

لمن يطرق باب السياسة؟!

أكرم البني *

الأربعاء ٢٠ فبراير ٢٠١٣

الحياة

يصح القول إن تصريح رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية حول استعداده للتفاوض مع مسؤولين في السلطة، لم يكن سوى بداية الغيث لمقترحات سياسية ومبادرات بدأت في صياغتها أطراف متعددة من المعارضة للاستثمار في حالة الاستعصاء العسكري القائمة في البلاد وكسر العنف المزمن وحقن الدماء، وآخرها المحددات الثمانية للحل السياسي في سورية التي أصدرها الائتلاف الوطني نفسه، ودعا فيها للحوار مع شخصيات في الســلطة والدولة تنتمي لحزب البعث ولم تتلوث أياديهم بالدماء. وإذا كان من المتفق عليه أن النظام سيستخف بهذه الدعوات ويهملها، عندها يستحق السؤال: لمن تصاغ هذه المبادرات اذاً، ولمن يطرق باب السياسة؟!

بديهي أن يجد البعض أن مثل هذه الاجتهادات تقدم فائدة كبيرة للسلطة وتمنحها مزيداً من الفرص للتوغل في العنف وتسعير حربها وإظهار نفسها كطرف قوي أمام معارضة تستجدي، لكن ثمة من يجدها على العكس نقطة قوة للمعارضة تدل على امتلاكها زمام المبادرة الذي فقده نظام معزول ومنهك اقتصادياً، وبات كمن يدافع عن آخر معاقله وعن أرض يخسر مع كل يوم يمر مساحات إضافية منها، فأن تطرح مثل هذه الاجتهادات اليوم غيرها في الأمس، وأن تستند إلى مستجدات تحققت على الأرض خلال ما يقارب العامين من عمر الثورة غير أن تستند إلى النوايا والرغبات وإلى رهانات كانت غالباً تقارب ما حصل في ليبيا واليمن.

وثمة من يعول على هذه المبادرات في تخفيف حدة الاندفاع نحو العسكرة وإعادة الوجه السياسي والشعبي للثورة، وقد صار جل أخبارها يتعلق بما يمارَس من قصف وتدمير وبهجمات المعارضة المسلحة وما تحققه من تقدم، وأيضاً في تخفيف الاصطفافات العصبية والانقسامات الحادة التي دفعت إليها ممارسات النظام الاستفزازية والمفرطة في العنف، ومحاصرة التطرف والجماعات المسلحة التي ركبت موجة الثورة وبدأت تضع أجندتها الخاصة موضع التنفيذ، لتكف عن استعراض القوة والتباهي بمنطق الغلبة والانتقام والتحشيد الطائفي، وتالياً للمساعدة في وقف تمدد العنف وكي لا يتحول في حد ذاته من وسيلة إلى غاية، بما في ذلك تعرية دعاته ومن تصح تسميتهم بأمراء الحرب، إنْ داخل السلطة أو خارجها، الذين صارت مصالحهم ترتبط عضوياً مع استمرار الصراع وتفاقم الأوضاع، ربطاً بالرهان على خلق فرصة لعودة القوى المعنية بالانضباط العام والحفاظ على أرواح الناس وممتلكاتهم لأداء دورها الطبيعي في محاصرة الفلتان الأمني الذي صار الشغل الشاغل، بدل تسخيرها كأدوات في الحرب المستعرة، والأهم لإعادة الاعتبار لدور الناس في الحياة والمشاركة وفي تقرير مصيرهم بأنفسهم، وهي إحدى القيم الأساسية التي نهضت الثورة من أجلها.

يرى آخرون أن طرْق باب السياسة يمنع جعل الثورة طائفية وتحويلها صراعاً بين مجموعات متطرفة ومتخلفة ونظام يحمي الأقليات، كما من شأنه أن يشجع أطرافاً على إحداث تبدلات في مواقفها، حيث إنه من الصعب على أي كان تجاهل مثل هذه المبادرات السياسية مع هذا الاحتدام غير المسبوق للصراع وانسداد آفاقه، فثمة من يراهن عليها في تشجيع الخائفين من البديل وطمأنة الأقليات الدينية والإثنية وقطاع من الفئات الوسطى والمثقفين والمبدعين يضيرهم استمرار العنف وتسييد قادته على أرواحهم وممتلكاتهم، وثمة من يتوقع أن تترك أثراً على مواقف المتصلين بالنظام وقاعدته الاجتماعية وسلوكياتهم، بحيث تدفع بعضهم نحو مواقف أكثر صدقية وجدية في مواجهة التعبئة الطائفية وضد التفكيك الممنهج لمفهوم الوطن والمواطن، وبالتالي ضد العدمية وتحويل الصراع بين أبناء البلد الواحد إلى صراع وجودي كما يريده النظام، إما نحن أو هم، وإما قاتل أو مقتول. ويخلص هؤلاء إلى أن لا مجال لتفعيل دور الناس والكتل الاجتماعية السلبية والمترددة أو الضائعة من دون مناخ سياسي يضع الصراع السوري ومشروع التغيير على سكة تُشعر الجميع بأدوارهم وبإمكانية المشاركة فيه وتقرير مساره.

وهناك من يعتبر هذه المبادرات صرخة احتجاج وغضب ضد تخاذل أممي مشين، أو لإحراج المجتمع الدولي وإزالة ذرائعه، عساه يتجاوز عجزه عن اتخاذ قرار حاسم يعالج الحالة السورية، وربما لإحراج حلفاء النظام وتوظيف حالة التعب والاستنزاف التي باتوا يعانون منها، عساها تشكل حافزاً لوقف العنف والمهل، وللبحث عن بدائل سياسية يمكن أن تتفهم بعض مصالحهم ودورهم الإقليمي.

وأخيراً، ثمة من يجد في مثل هذا التحرك السياسي جهداً جريئاً ضد تحويل الثورة إلى حالة إنسانية لا سياسية، تُختزل مطالبها بمعالجة هموم المنكوبين والمشردين وأسر الضحايا، وبتأمين مستلزمات العيش، من خبز ودواء وغاز وكهرباء. نعم، ثمة حاجة لاعتراض المسار المؤلم والمأسوي لعموم السوريين، الذين باتوا يعانون الأمرّين وخصوصاً مَن دمرت بيوتهم وفرص عملهم وباتوا تحت وطأة حاجة وعوز شديدين. وثمة جهد خاص وملحّ يجب أن يوجَّه لأولئك المهاجرين إلى بلدان الجوار ويعيشون شروط حياة بائسة تزداد بؤساً مع ازدياد أعدادهم، لكن من دون إغفال الهدف الأساس من قيام الثورة، والذي يصعب تحقيقه إذا لم يمنح هؤلاء الفرصة لممارسة دورهم السياسي.

واليوم يذهب الكثير من السوريين إلى حد الاعتراف بأن مقترحات المعارضة واجتهاداتها السياسية، وأياً تكن التحفظات والاعتراضات عليها، كشفت عن وجه وطني عريض، وأظهرت حسها العالي بالمسؤولية في الحفاظ على وحدة المجتمع والدولة، وعبرهما إنجاز مشروع التغيير الجذري وتحقيق الأهداف القصوى للثورة في الحرية والديموقراطية والدولة المدنية، بينما يدل المشهد المتمم على أنانية سلطوية مفرطة لا يهمها سوى الاستمرار في الحكم والحفاظ على المكاسب والامتيازات وعلى استرخاء دولي مخزٍ استهتر بدماء السوريين وتضحياتهم واستخف بما خلفه الفتك والتنكيل من دمار وخراب، ولا يغير هذه الحقيقة الإدانات الصاخبة للعنف المفرط، أو زيادة حجم المعونات المخصصة للاجئين السوريين، لأنها أشبه برفع عتب يخفي العجز الدولي عن أداء واجبه السياسي والإنساني.

* كاتب سوري

=======================

سورية: مفاوضات وهمية لحلول مستحيلة

غازي دحمان *

الأربعاء ٢٠ فبراير ٢٠١٣

الحياة

على زخم المبادرات التي يطرحها رئيس الإئتلاف الوطني معاذ الخطيب، وحالة التفاؤل التي تشيعها التصريحات الأميركية والروسية عن ضرورة البحث عن مخرج سلمي لحل الأزمة السورية، ثمة مساحة هائلة من التضليل السياسي تتخلق على هامش الأزمة، تشبه تماماً حالة إطلاق القنابل الدخانية لإبعاد التركيز عن منطقة الحدث الحقيقية.

تستدعي الواقعية السياسية، قبل الخوض في آليات الحل وطرق ووسائل تنفيذه، وتحديد أماكن التفاوض، تفحُّص البيئة التفاوضية ذاتها، ومواقف الأطراف المختلفة وتطلعاتها وأهدافها، لمعرفة إمكانية تحقق هذا الأمر.

على المستوى الداخلي، تتميز أوضاع الأطراف في هذه المرحلة بالتكتل حول شروطها التي باتت أسيرة لها، حتى يمكن وصفها بأنها شروط حياتها، ومشكلة هذه الشروط انها مترابطة ببعضها ترابطاً عضوياً ولا يمكن فصم أي منها عن الآخر، فشرط المعارضة تنحي الأسد لا يوجد له معادل في داخل النظام، لعدم توافر قوى حاملة لهذا وداعمة له، فضلاً عن قدرتها ورغبتها في تحقيق هذا الشرط، فالنظام متماسك، وهذه حقيقة لا يمكن المراهنة على عكسها، وقد فشلت كل الجهود لخلق تيارات داخله، وفي ظل هذه الحالة يصعب تصور أن يقوم النظام بالتفاوض على رحيله أو محاكمته.

أما من المعارضة فإن الأمر يبدو أكثر تعقيداً، ذلك ان هامش مناوراتها يبدو ضعيفاً، ولا هامش صلاحيات لديها، وتبدو طرفاً وكيلاً إذ أن أي خروج عن النص ولو بقصد المناورة يمكن ان يؤدي إلى فرطها نهائياً.

على المستوى الدولي، ثمة حقائق مهمة، ولم تعد خافية على أحد، لا تساعد في دفع العملية التفاوضية، منها عدم تأثر الولايات المتحدة الاميركية بالأزمة السورية وشبكة مصالحها لم تتأثر بعد، ومن المقدر أن لا تتأثر في المستقبل القريب، ذلك ان ترتيباتها اللوجستية تتيح لها حماية مصالحها، كما أن تقديراتها المستقبلية بخصوص الأزمة تأتي في مصلحة أهدافها.

أما روسيا وإيران، فإن حجم استثماراتهما كبيرة في الأزمة جراء دعمهما للنظام، وما زالت سياستهما تجاه الأزمة يتم بناؤها على أساس أنها ورقة مفتاحية للكثير من الملفات المتراكمة مع الغرب، وتعتقدان ان النظام ما زالت لديه القدرة على الصمود وتعملان على تزخيم هذا الصمود لفتح ملفات التفاوض الجدي.

إذاً، لماذا طرح هذه المسألة في هذا الوقت؟ تشير مختلف المعطيات المتوافرة الى قناعة مختلف أطراف الأزمة الداخلية والخارجية بصوابية مواقفها، وكل طرف يعتقد ان ثمة فرصة لتطوير هذه المواقف والإنتقال بها إلى مجال التطبيق العملي بعد حوالى عام ونصف عام على القتال العسكري على الأرض.

ويمثل التفاوض في هذه الحالة جزءاً من عملية سبر المواقف أو عملية استكشاف التوجهات والقدرات والإمكانات، فضلاً عن طبيعة رهانات كل طرف للسير في مواقفه، ولعلّ الرئيس الأميركي كان الأكثر وضوحاً بهذا الخصوص عندما سأل، في معرض حديثه الصحافي في 28 الشهر الماضي «في وضع كوضع سورية هل يمكن للتدخل ان يحدث اي فارق؟»، وأكد أنه يأخذ في الاعتبار ليس القدرات الاميركية بل حدودها ايضاً.

إذاً وحدها طاولة المفاوضات من شأنها ان تزود صناع القرار بمعطيات حقيقية عن قدرة الأطراف وحقيقة رهاناتها، غير أن التفاوض في هذه الحالة لن يكون سوى جولة جديدة الهدف منها إعادة تفعيل وبلورة التصورات عن جولة الصراع المقبلة وبهذا الخصوص، يهم أميركا فحص مدى التورط الروسي والإيراني في الوضع السوري، ويهمها أكثر إستمرار إغراق الروس في هذا المستنقع مقابل توسيع إستراتيجيتها في المحيط الهادي.

وبموازنة الفرص والمخاطر، تبدو فرص أميركا أكبر في حين ان روسيا لن تحصد منافع إستراتيجية كبيرة من الملف السوري ما دامت أهدافها دفاعية بحتة تنحصر في الدفاع ضد تمدد الربيع العربي ومنعه من الوصول إلى تخومها ومناطق وجودها وليس نفوذها، وهي في ظل ذلك لن يكون لديها ترف بناء إستراتيجية معادية لأميركا، وفي هذه الحالة فإن روسيا وبفعل ضغط الواقع على تخومها ترى في التفاوض فرصة بالمعنى الإستراتيجي للولوج إلى عالم التفاوض من موقع تكون فيه هي الطرف الذي يحصل على المكاسب، لتعديل المسار التفاوضي الخاسر مع اميركا في السنوات الأخيرة.

إيران من جهتها تعمل على تثمير خياراتها وبلورتها، ويعطيها التفاوض فرصة لاستكمال إحداث الترتيبات التي تقوم بها في المقلب السوري، وتجهيزها للميليشيات التي تقوم بإعدادها بالإتفاق مع النظام السوري و «حزب الله» لضمان إستمرار وجودها المستقبلي في سورية، مهما تكن طبيعة وتوجهات النظام الذي يحكمها مستقبلاً.

لا يختلف الأمر كثيراً بالنسبة الى أطراف الأزمة الداخلية فإذا كان التفاوض يمثل فرصة للمعارضة يكرسها طرفاً معترفاً به من قبل دول العالم والقوى الفاعلة فيه، ويخفف عنها الضغوط ويعطيها فرصة للظهور بمظهر القوى السياسية البراغماتية القادرة على التعامل مع القضية وفق قواعد وأصول سياسية، فإن التفاوض من شأنه أن يمنح النظام فرصة لموازنة خياراته التي صار أغلبها باتجاه الكيان العلوي، في ظل خسارته المتزايدة للجغرافية السورية، وصعوبة، إن لم يكن إستحالة، قدرته على إدارة البلاد إقتصادياً في ظل أزمة موارد خانقة باتت تحيط به من كل القطاعات.

والحال، فإن ظروف البيئة الدولية وتعقيداتها المحيطة بالأزمة السورية، غير جاهزة في هذه الآونة لإنتاج حلول سياسية، كما أن دعاوى التفاوض والحوار لا تنتج بالضرورة الحلول، ومثال الأزمة اللبنانية ما زال حاضراً في الذاكرة، وجولات التفاوض والتفاهم كانت تنهار لعدم تحقق شروطها الداخلية والدولية.

=======================

عصابات تحت الطلب!

ميشيل كيلو

الشرق الاوسط

20-2-2013

ليس هذا نصا مسرحيا، إنه قطعة من واقع الحياة في سوريا، حيث تركب أجهزة القمع الصور التي يريد «السيد الرئيس»، منسقها الأعلى، أن يكون الواقع عليها، بالطريقة التي تركب بها فصول مسرحية مترابطة الحلقات متماسكة الأجزاء.

عندما يقول المنسق الأمني الأكبر، رئيس الجمهورية العربية السورية، إن البلاد تتعرض لمؤامرة إسلامية، يصير كل خصم للنظام إسلاميا ومتآمرا. وحين تكون الخصومة مع الفلسطينيين، يصير كل سوري معارض أو متذمر فلسطينيا أو عميلا لمنظمة التحرير. وعندما ينقلب النظام على حليف من حلفائه، يصير هذا الحليف هدف سياط «الأمن» لانتزاع اعترافات من أعضائه تجعله متعاملا مع عدو أو عميلا له. بما أن المنسق الأعلى اتهم عصابات مسلحة بالاختباء وراء الثورة السورية، فقد صار من واجب الأجهزة القمعية إيراد أدلة قاطعة على صحة الاتهام، بانتزاع اعترافات من المعتقلين تكتب بالنيابة عنهم وتوقع بالنيابة عنهم إن ماتوا تحت التعذيب، يقرون فيها أنهم من «العصابة»، وأنهم ألقي القبض عليهم والسلاح بيدهم، وأنهم لم يتعرضوا لأي تعذيب أو معاملة عنيفة.

روى سجين خرج من أحد أفرع مخابرات القوى الجوية كيف كانت هذه تؤسس العصابات المسلحة من المعتقلين، على نحو ربما كان شبيها بالنص التالي:

* المحقق: شو اسمك وله؟

- المعتقل: جميل سيدي.

* المحقق: أنت جميل ولك قرد، ولك كلب وابن كلب. قول 100 مرة: أنا حقير وبشع.

- المعتقل: ليش سيدي أنا شو عامل؟

صرخات تقطع الحوار وضربات سياط تنهال من جلادين يقفون وراء المعتقل وأمامه، بينما بدأ يصرخ: أنا حقير وبشع وابن كلب.

* المحقق: إلى أي عصابة مسلحة بتنتمي وله؟

- المعتقل: يا سيدي أنا جابوني من فراشي وكيلك الله، وبعدين روحوا اسألوا جيراني والمختار إذا بحياتي آذيت حدا أو زعلت حدا مني. يا سيدي دخيلك أي عصابة وأي سلاح؟

* المحقق: عم تنكر يا ابن الكلب، عنا عشرين اعتراف عليك.

ينظر إلى أحد العناصر فيبدأ هذا الحديث عن الخلية المسلحة التي تضمهما، يقول هذا وهو يشارك في ضربه مع بقية العناصر. في هذه الأثناء، يكرر المحقق جملة واحد قصيرة، تقول له: «قر واعترف وإلا والله باقوصك بها الفرد اللي بيدي»، وهو يقول هذا بينما ينقره بالمسدس على رأسه أو يضغط بفوهته على صدغه.

بعد ساعات من التعذيب المصحوب بكلمات توهمه بأن المسألة شكلية وأنه سيذهب إلى بيته بعد أن يظهر على شاشة التلفاز لتقديم الأدلة على وجود العصابة ودوره فيها، وأن اعترافاته ستكون خدمة للوطن تحتسب له:

* المحقق: أي هيك هاه، ليش ما اعترفت من الأول، ما كان اكرملك واشرفلك لو اعترفت ووفرت علينا التعب؟.. شو انت ظانن انو ما عنا غيرك لحتى تضيع وقتنا؟.. أي سيدي: مين عطاك المصاري لتقتل الأبرياء من النساء والأطفال؟

- المعتقل: يا سيدي، والله ما حدا.

تنهال عليه السياط، فيقول: «يا سيدي شو بدكن اقول؟»..

* المحقق: قول الشيخ إبراهيم عطاني بارودة وخمسين ألف ليرة وأمرني أقتل جيراني وأخطف أولادهم وبناتهم.

- المعتقل: نعم سيدي صحيح، الشيخ إبراهيم عطاني المصاري.

* المحقق: بأي جامع عطاك البارودة؟

- المعتقل: أي بارودة سيدي؟

* المحقق: ولك حمار بدك ترجع تعذبنا، البارودة والخمسين ألف.

- المعتقل: الجامع اللي بدكن ياه سيدي، انت حدد لي الجامع، انت بتعرف شو صار وأنا والله ما باعرف، كأني نسيان يا سيدي. عم شو إني حمار وبانسى.

* المحقق: نسيت يا كر شو صار معك.. نسيت جامع الرحمة؟

- المعتقل: نعم سيدي، جامع الرحمة.

* المحقق: راح نجيب بقية أفراد العصابة، اللي انت رئيسها.

- المعتقل: شو يا سيدي، أنا صرت رئيس عصابة؟

* المحقق: للتلفزيون ولك حمار، للتلفزيون.

أصوات قتل وضرب وتلقين الاعتراف ذاته لمجموعة من الأشخاص تستمر طيلة ساعات، حيث كان بين المعتقلين شاب عذبوه لفترة طويلة ثم قرروا استبدال معتقل آخر به، لأنه ظل يؤكد وهو تحت التعذيب أنه يفضل الموت على الاعتراف بالانتماء إلى عصابة مسلحة تقتل المواطنين، وأقر بلغة متحدية أن له دورا في تنظيم المظاهرات ضد النظام.

* المحقق: سنجري الآن تجربة أخيرة لنرى إن كنتم حفظتم ما قلناه لكم أم لا. يا ويلكم إذا نسيتوا. أنت، ماذا كان دورك في العصابة؟

- المعتقل: كنت مكلفا بخطف الأطفال والنساء وقتل الأبرياء وإثارة النعرات الطائفية، سيدي.

* المحقق: من كلفك وكم دفع لك؟

- المعتقل: الشيخ، اللهم صلي على محمد، والله نسيت اسمه. شو كان اسمه سيدي؟

* المحقق: بدك تعذبنا؟.. الشيخ إبراهيم ولك جحش. إن شا الله بكرة بدك تنسى اسمو ع التلفزيون، والله لأقبرك حي إن نسيت اسمو وفضحتنا، فهمت ولك كر؟

- المعتقل: فهمت سيدي، فهمت.

* المحقق: وقديش كان المبلغ؟

- المعتقل: خمسين ألف سيدي.

* المحقق وهو يصفعه: انت صرت رئيس العصابة ولك حمار، ما بيصير تاخد مثل غيرك. انت قبضت خمس وسبعين ألف، فهمت وله؟ يعني بدك تفضحنا ع التلفزيون وتخلي الناس تشك بأنها قصة مركبة ومفبركة؟

- المعتقل: صحيح سيدي صحيح، تذكرت.. خمسة وسبعين ألف.

بعد أيام، أذيع خلال نشرة أخبار تلفازية البيان التالي: «تم فجر اليوم إعدام أفراد عصابة مسلحة اعترفت طواعية وعلى شاشات التلفاز بقتل الأطفال واختطاف النساء، مقابل مبلغ تافه قدمه لها شيخ مسجد الرحمة، الذي لم يرحم أطفال ونساء المواطنين. بوجود هؤلاء المجرمين القتلة يكون عندنا دليل آخر على جرائم العصابات المسلحة، التي يتصدى لها أبطالنا في الأمن والجيش بروح مفعمة بالتضحية والفداء، ولا هم لهم غير حماية المواطنين واستقلال وسيادة الوطن»!

=======================

لا يكفي إسقاط الأسد والقذافي

عبدالرحمن الراشد

الشرق الاوسط

20-2-2013

مر على العالم الكثير من الحكام السيئين، وتمر هذه الأيام ذكرى الثورة على واحد من أكثرهم سوءا معمر القذافي، الذي خلف وراءه مناطق مدمرة في أنحاء العالم، لا ليبيا وحدها. وذكراه يفترض أن تلقن المجتمع الدولي درسا مهما، أن القادة السيئين لا يصيبون بلدانهم بالضرر وحسب، بل هم مصدر أذى للعالم كله. كان هناك صدام حسين، ارتكب الكثير من المآسي، ولا يزال في عالمنا الرئيس السوري بشار الأسد، كما يجب ألا ننسى نظام طهران الذي بدد مقدرات بلاده وخرب العالم منذ هيمنته على الثورة الإيرانية.

الآن المنطقة تتشكل بأنظمة جديدة تتنازعها قوى داخلية، ومن الطبيعي أن نقلق حول الاتجاهات التي ستكون عليها، والمؤسسات التي ستبنيها، والأفكار التي ستزرعها. فهل سيخلف القذافي قذافي آخر، وهل ستدار سوريا بجماعة أو رئيس كما أدارها الأسد الأب ثم ابنه، والسؤال نفسه يمكن أن يقال عن مستقبل إيران التي ستلحق بهم حتما في السنين القليلة المقبلة.

كل هذه النماذج الراحلة كانت مسؤولة عن نتيجتين مروعتين، إفقار بلدانها وتخريب المنطقة وتهديد العالم.

القذافي لأربعين عاما قام بتمويل الفوضى في كل مكان، ووصلت شروره إلى الفلبين وآيرلندا، وإيطاليا وإسبانيا، وقام بتدمير دولة تشاد من أجل إسقاط نظامها، وكان وراء زرع الفوضى وتمويلها بالمال والسلاح في غرب السودان وجنوبه لعقود، وقام بتمويل أطراف في الحرب الأهلية في لبنان، وفي السنين العشر الأخيرة قام بتمويل الحوثيين اليمنيين وقوى قبلية يمنية ضد السعودية. وفي نفس السنين ترك ليبيا بلدا خرابا بلا تنمية ولا أمل لأهلها في المستقبل!

وهذا ما فعله صدام على نطاق أضيق ومركز، كبر جيشه وقواته الأمنية، ودخل لعشر سنين في حرب مع جارته إيران، ثم الكويت.

أما الأسد الأب فقد أشغل لبنان طوال سنين حكمه بالنزاعات، مول ودرب الجماعات المسلحة ضد تركيا، والعراق، والخليج. وسار على دربه ابنه بشار، فالتصق بإيران وتحول إلى مقاول حروب الإرهاب والطائفية في العراق لعشر سنين مضت بهدف السيطرة على العراق، كما فعل في لبنان.

وكل الثلاثة تبادلوا أدوارا في تخريب القضية الفلسطينية، وشق الصف الفلسطيني، واستئجار جماعات مسلحة بقيادة أمثال أبو نضال وأحمد جبريل، باسم فلسطين دمر الثلاثة القضية الفلسطينية وقادوا العالم العربي نحو الخراب.

الآن عتاة التخريب زالوا، والأخير أي الأسد، على وشك أن يرحل مهما طالت المعركة. العالم العربي يتغير، ولا ندري إلى متى وكيف سينتهي عليه، وأملنا ألا يرث الليبيون «قذافي آخر» والعراقيون «صداما جديدا»، مع أن مظاهر الحكم تنذر بذلك، ولا أن تلد سوريا نظاما حديديا متوحشا مثل الأسد.

النظام الديمقراطي الذي تقول هذه الدول الجديدة إنها تريد تبنيه يقوم على الاحتكام للناس، ولو سألنا الليبيين، أو العراقيين، أو السوريين، لما وجدنا الأغلبية ترضى بعودة تلك العهود السيئة، والسنوات العجاف، وكذلك المجتمع الدولي. لهذا فإن مسؤولية الجميع دفع المجتمعات التي ثارت على أنظمتها وأسقطتها، باتجاه حكم مدني يؤمن بالمشاركة السياسية ويستجيب لطموحات مواطنيها. فصدام والقذافي والأسد، عدا عن نزعتي الشر وجنون العظمة، أيضا يعتمدون سياسة التخريب الخارجي لإلهاء مجتمعاتهم باختراع أعداء خارج الحدود، أو بطولات مزورة. وبناء مؤسسات تحترم رغبة شعوبها لن يتم بيسر، وهنا يأتي دور المجتمع الدولي في الأخذ بأيدي هذه المجتمعات الثائرة ومساعدتها في الانتقال بدل التفرج عليها.

وجود أنظمة تحترم مواطنيها، وتحترم القوانين الدولية، هو في صالح كل العالم وليس في صالح الليبيين أو العراقيين أو السوريين فقط، فالتخلص من نظام هتلر في عام 1945 أوقف جرائمه، ولكن، وهو الأهم، إصرار المنتصرين على بناء مؤسسات ديمقراطية في ألمانيا واليابان حقق الهدوء والسلام والرخاء للقارة الأوروبية والعالم، وبالتالي فإن إسقاط الأنظمة السيئة لن يكون كافيا لمنع تكرار الأربعين سنة السيئة للعالم، بل المساهمة في دعم المجتمعات على بناء نظم تلتزم بالقانون داخليا وخارجيا سيكرر في هذه الدول التجربة الأوروبية الغربية بأبعادها المختلفة.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ