ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 20/02/2013


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

مقالات مختارة من الصحف العربية ليوم

19-02-2013

اللوبي الموالي للأسد في روسيا.. شرطي الشرق الاوسط

أنور أغايف

2013-02-18

القدس العربي

أصبحت روسيا اليوم إحدى الدول القليلة التي تكون فيها لوبي موالي للأسد وهو لوبي نشيط جداً ومؤثر. ويحبون في روسيا التأكيد قولاً وكتابة على وجود تأثير غير عادي للأطراف التي تدعم المعارضة السورية بدءاً من السلفيين والأخوان المسلمين ودول الخليج وانتهاءً بواشنطن وباريس. ولكن الحقيقة هي أن فضاءنا الاعلامي والسياسي، وعلى مستوى الخبراء، نلحظ موالاة غير مسبوقة للنظام السوري. ويمثل اللوبي الأسدي في روسيا شخصيات مختلفة ذوو خلفيات وأجندات مختلفة يجمعهم السعي للدفاع عن الرئيس السوري وحاشيته.

وعلينا الإشارة هنا إلى أن دمشق لا تبخل في دعم عملها في روسيا. وقد نجحت في تجميع جماعات ذات ألوان مختلفة. ومن ضمنها شخصيات مؤثرة جداً إلى جانب أشخاص هامشيين ووصوليين. ويتبلور انطباع بأنه يتم توحيد كل من يستطيع أن يصب الماء في طاحونة النظام السوري المتهاوي.

ويمكننا تقسيم اللوبي الأسدي في روسيا إلى المجموعات التالية:

المتقاعدون ذوي الميول الوطنية من مؤسسة الأمن الروسية (الكي جي بي والاستخبارات الخارجية) ومن وزارة الخارجية الروسية الذين عملوا في سوريا لمدد طويلة وكانت لهم علاقات متينة مع ممثلي السلطة في دمشق والذين بذلوا جهوداً كبيرة من أجل توطيد البنية التحتية السياسية والعسكرية. ويعتبر الدفاع عن الأسد اليوم بالنسبة لهم ليس مهماً بحد ذاته. فذلك هو جزء من حربهم الشخصية الكبيرة مع الغرب وأمريكا وغورباتشوف ويلتسين وكل من هدم الاتحاد السوفييتي الذي اعتبروه وطنهم المثالي ودولتهم التي بنوها طيلة حياتهم.

وهؤلاء الناس يظنون من كل قلبهم بأن سورية الأسدية هي قلعة المجابهة مع الغرب واسرائيل وبأن المعارضة ما هي إلا شلة مأجورين للأجانب وهم عصابات وإرهابيين. وبذلك فهم يتعاملون ليس مع سورية الحقيقية وإنما مع صورتها التي شكلوها في مخيلتهم والتي أحبوها واحترموها.

ونقول بأن 'معاداة الأسد لأمريكا' تتحدث عنها سنوات طويلة من التعاون مع وكالة الاستخبارات الأمريكية (السي إي إي) في اختطاف الناس في كل العالم. ويتحدث الشارع العربي الآن عن أن الغرب لا يتسرع في التدخل في سوريا وإنما يقتصر على النشاط الدبلوماسي. وذلك يتناقض بشكل صارخ مع ما يحدث في مالي حيث تم التدخل الغربي خلال أسابيع. ويتحدث الشارع العربي عن العلاقات السرية الطويلة بين دمشق وتل أبيب وعن بيع مرتفعات الجولان لإسرائيل على أعتاب حرب حزيران 1967، وعن الحدود الهشة مع إسرائيل وعن التعاون الثابت مع أجهزة استخباراتها وكأنها تتعامل مع دولة جارة وذلك لمحاربة الثوار والمقاومين.

ومن المفارقات أن هجوم الطيران الاسرائيلي الأخير على مواقع سورية فُسِّر أيضاً لصالح الأسد. لأن النظام حاول استثمار هذا الاعتداء ليبرئ نفسه في أعين السوريين من قصة تعاونه مع تل أبيب. ولم يؤثرهذا الحادث على ازدياد التذمر من النظام.

وفي حقيقة الأمر فإن المسألة أعقد مما يتصور الوطنيون الروس. ولكن اقناعهم أمر في غاية الصعوبة. وكأن القضية أصبحت شخصية وعاطفية وليست سياسية. فكم يصعب على هؤلاء أن يروا سوريا وهي تخرج من فلك روسيا، بعد أن قدموا لها كل ما يستطيعون.

العلماء. ومعظمهم من المستشرقين والمستعربين والمختصين في الشؤون الإسلامية وخبراء سياسيين من مختلف المشارب يقومون بخدمة الأسد بالطرق المتاحة. ولن نذكر هنا الأسماء التي يمكن لمن يشاء أن يجدها في صفحات الانترنت المتعلقة بسورية وفي وسائل الإعلام الروسية. فمنهم من يقوم بهذه المهمة بنية صادقة وبقناعة بأن النظام الحالي على حق والمعارضة على خطأ، ومنهم من ينفذ أجندة مرسومة وآخرين يريدون إيصال رسالة لدمشق بأنهم يرغبون في التعاون معه. ومن خلال متابعة طبيعة مداخلات هؤلاء جميعاً يمكننا ببساطة أن نعرف الدوافع وراء كل متحدث.

ممثلو الكنيسة. الكنيسة الارثوذكسية الروسية لا تتدخل مباشرة في الوضع السوري ولكنها تعبر عن قلقها على مصير المسيحيين والأماكن المسيحية المقدسة. إلا أن بعض العاملين في الكنيسة من العلمانيين مثل رومان سيلانتيف المعروف بنشاطه الموجه الذي ينشر التخوف من الإسلام، ايضاً انخرط في اللوبي الأسدي.

إن سيلانتيف، الذي عمل طيلة حياته من أجل منع تلقي المسلمين الروس تعليمهم الديني خارج روسيا وحارب دعوة مدرسي العلوم الفقهية من الأجانب إلى روسيا بحجة أن ذلك هو السبب في كل مصائب روسيا المتعلقة بالإسلام، قد أجرى منذ فترة قريبة استثناءً لسورية الأسدية. فقد أفصح مراراً عن تأييده للنظام السوري الحالي وشن هجوماً قوياً على المعارضة متهماً إياها بالإرهاب والتطرف وغيره.

لوبي التخويف من الإسلام. تقوم شخصيات عرفت بنشاطها ضد خطط معاداة الإسلام (ومنهم العاملون في المعهد الروسي للدراسات الاستراتيجية مثل رئيس سليمانوف ويانا أميلينا وغيرهما) بعمل منظم في الدفاع عن الأسد.

بعض المسؤولين في منظمات إسلامية. مثل رئيس المفتيين في مدينة بيرم المكروه محمدغالي حسين وصديقه المقرب فريد سليمان الذي يسمي نفسه رئيساً لمجلس العلماء في المعهد الروسي للدراسات الاستراتيجية، حيث قاما بزيارة سورية بدعوة من السلطات السورية ويستقبلون باستمرار ويرافقون الوفود الرسمية السورية بما فيها مرافقة البطريرك كيريل كممثلين عن مسلمي روسيا.

الجماعات اليسارية والقومية والوطنية. يعتقد هؤلاء بأن دعم الأسد هو نوع من مقاومة الامبريالية والغرب وأمريكا وغيرهم. وبناء على مبادرة منهم تأسست 'لجنة التضامن مع شعبي ليبيا وسوريا' (في الحقيقة هي لجنة تضامن مع القذافي والأسد). وترأس هذه اللجنة رئيس حزب الشعب الروسي الرئيس السابق للجامعة الحكومية الروسية للتجارة سيرغي بابورين (خطاباته تذكرنا بخطابات البعثيين). ومن أعضاء تلك اللجنة الكاتب نيكولاي سولوغوبوفسكي والناشطة اليسارية داريا ميتينا (وهي من ألد أعداء المعارضة السورية) ونواب مجلس الدوما الروسي أوليغ شيين والكسي كورنيينكو والرئيس المناوب لاتحاد كتاب روسيا سيرغي كوتكالو وغيرهم من الشخصيات الاجتماعية.

وتقيم السطات السورية عالياً موقف هؤلاء وتقوم بدعوتهم إلى سوريا وتحتفي بهم كتعبير عن شكرها. وبعض هؤلاء يعمل علنا مع النظام السوري. ومنهم السيد مرات موسين وهو شخصية علمية واجتماعية مقربة من بابورين وصديق لسيلانتييف. وتملأ صفحات الانترنت أشرطة الفيديو التي يصورها موسين أثناء مرافقته لقوات الجيش الأسدي. ويروج موسين لأفكار تقول بأن ما يحدث في سوريا يشكل 'تحدياً كبيراً لحضارتنا المسيحية'.

وبالمناسبة فإن المواطن الروسي سيرغي بيريجنوي الذي جرح مؤخراً في المعارك في سوريا كان قد حضر برفقة موسين لقضاء عطلته السنوية في سوريا وللعمل كصحفي مستقل. وقد حازت قصصه عن الحرب على جائزة وهو الآن يعمل قاضياً ونائب رئيس محكمة التحكيم في مدينة بيلوغورودسكي.

وتنشط كذلك بعض وكالات الأنباء وتصوير الفيديو ضعيفة الاحتراف (للغرابة فإن بعضها مسجل في جمهورية أبخازيا) وهم جميعاً ينقلون صورة الوضع في سوريا من وجهة نظر النظام. ويقف وراء هؤلاء ممثلو ما يسمى بالجماعات الوطنية.

اللوبي الشيعي الموالي لإيران. وانخرط في حملة دعم الأسد كل الموالين لإيران في روسيا والتي تعتبر أكبر حليف للنظام السوري. ومنهم حيدر جمال رئيس اللجنة الإسلامية الروسية الذي صرح يوماً بأن اسقاط الفئة الحاكمة في سوريا وتلاحم العالم السني سينذر بالحرب على روسيا.

مجموعات رجال الأعمال وغيرهم من المتنفعين من الصلات الخاصة مع سوريا.

وغالباً ما تتقاطع هذه المجموعات فيما بينها. وقد نشاهد ضمنها نفس الشخصيات. وهم يشاركون كل يوم في وسائل الإعلام وفي الطاولات المستديرة ويكتبون مقالات تحليلية ويدعمون النظام من خلال قنواتهم الشخصية.

ويقول الكاتب والمحلل السياسي رينات محمدوف 'إن أهداف ممثلي المجموعات المختلفة المؤيدة للأسد يمكن أن تكون مختلفة ولكنها 'ويا للعجب' تصب كلها في مصلحة اسرائيل'. ويضيف محمدوف بأن دعم الأسد سيكلف روسيا غالياً لأنها أصبحت في نظر العالم الإسلامي قوة مجابهة له. ويشير محمدوف إلى أن 'الأمر ليس كذلك. لكن الشارع العربي بدأ يستقبل روسيا على هذه الصورة السلبية تماماً'. ويؤكد محمدوف 'إذا اتخذت مؤسسات السياسة الخارجية الروسية استراتيجية رجعية مفادها أن 'روسيا هي شرطي الشرق الأوسط'، أي إذا ركزت جهودها على قمع وإدانة الربيع العربي الثوري، وهذا ما يدعو إليه أنصار اللوبي الأسدي في روسيا، فإننا سنصل إلى نتيجة وحيدة وهي أن الشريك الوحيد الباقي لروسيا في الشرق الأوسط هو اسرائيل وهو المطلوب على ما يبدو'.

 

' محلل سياسي روسي

ترجمة د. محمود الحمزة

=======================

قناعات الأسد وأحلام الإبراهيمي

الياس حرفوش

الثلاثاء ١٩ فبراير ٢٠١٣

الحياة

يحاول المبعوث الدولي - العربي إلى سورية الأخضر الإبراهيمي إبقاء وساطته على قيد الحياة بكل الوسائل. مع أن الإبراهيمي ذكي بما فيه الكفاية كي يستنتج من لقائه الأخير في دمشق مع الرئيس بشار الأسد أن هذا النظام لن يسمح بنجاح أي وساطة لإنهاء الأزمة في بلده إلا إذا أعلنت المعارضة هزيمتها أمامه، واعترف العالم بحقه في البقاء في السلطة، على رغم الدمار والخراب والقتل الذي حل بسورية.

فقد كان الكلام الذي سمعه الإبراهيمي من الأسد في ذلك اللقاء، رداً على السؤال عن دور الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، كافياً ليقتنع أن أي حل سياسي أو تسوية بين النظام والمعارضة لن تتوفر له أية فرصة للنجاح، ما لم يستسلم المعارضون لشروط رأس النظام ولقناعاته بأنهم مجموعة من الخونة والإرهابيين، أو إذا تمكنت آلته العسكرية العنيفة من القضاء عليهم، كما تحاول أن تفعل.

فالرئيس السوري، على ما تنقل وسائل الإعلام الحليفة لنظامه، لا يزال على يقين أنه مقتنع بحتمية انتصاره وبقدرة نظامه على البقاء وعلى كسب الحرب التي يخوضها مع المعارضة. وبديهي أنه في ظل قناعة كهذه لدى رأس النظام، من الصعب الحديث عن وساطة أو تسوية تفترض من حيث تعريفها أن يلتقي الطرفان عند نقطة في وسط الخلاف القائم بينهما.

آخر محاولات الإبراهيمي لإبقاء مهمته على قيد الحياة كان الاستنجاد بما سمي مبادرة رئيس «الائتلاف» السوري الشيخ معاذ الخطيب. فقد اعتبر الإبراهيمي أن هذه المبادرة أحيت الأمل بالتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية. وفاته أمران في إطار استنجاده بهذه المبادرة: الأول أن أركان «الائتلاف» و «المجلس الوطني» رفضوا أي دور للرئيس السوري في الحل، بعد الدماء التي سالت في سورية والتي يحمّلونه المسؤولية عنها. والثاني، وهو الأهم، أن النظام نفسه تجاهل مبادرة الخطيب تجاهلاً كاملاً، ورد عليها وزير الإعلام عمران الزعبي بأن أي تفاوض يجب أن يتم تحت سقف النظام وعلى الأرض السورية، كما اعتبر الزعبي أن حديث المعارضة عن رغبتها في الحوار هو حديث كاذب، لأنها تتحدث عن حوار وفق شروطها، ومن يريد الحوار لا يضع شروطاً، كما يقول.

كيف يمكن في ظل مواقف كهذه، يعرفها الإبراهيمي جيداً، أن يجعل السوريين يحلمون بإمكان الوصول إلى مخرج لأزمتهم من خلال حل سياسي، وانطلاقاً من مفاوضات يكون أساسها المبادرة التي أطلقها معاذ الخطيب، على أن تعقد هذه المفاوضات في أحد مراكز الأمم المتحدة، أي خارج سورية؟

ثم كيف يمكن تشكيل الوفد «المقبول» من الحكومة السورية للتفاوض، ومن هي الشخصيات التي «يقبلها» النظام لتنضم إلى هذا الوفد؟ لقد أكدت المعارضة بوضوح أنها لا تقبل التفاوض مع أي مسؤول سوري «تلطخت يداه بدماء السوريين». والحقيقة التي يجب أن تقال، والتي يعرفها الأخضر الإبراهيمي من خلال تعاطيه المزمن مع هذا النظام، منذ وساطته في الأزمة اللبنانية، أن المسؤولين الذين توجّه إليهم المعارضة هذه التهم، هم الوحيدون القادرون على اتخاذ أي قرار حاسم بشأن إطفاء النار المشتعلة في سورية، وأي محاولة للالتفاف على هؤلاء من خلال تسمية وجوه أخرى للتفاوض معها، كفاروق الشرع أو سواه، سيقابلها النظام بالسخرية من مطلقيها كما من هؤلاء الأشخاص، الذين يعرف الجميع اليوم أن مساحة سلطتهم وسيطرتهم في سورية لا تتجاوز عتبة بيتهم.

ربما كان من حق الابراهيمي أن يدافع عن وظيفته وأن يتمسك بها، وقد تكون له ظروفه الخاصة التي تدفعه إلى ذلك. غير أن الهدف من هذا الكلام هو دعوة الإبراهيمي إلى عدم إحياء آمال بإمكان حل سياسي مع النظام السوري. فالحقيقة الواقعية هي أن أي حل للأزمة السورية لن يكون إلا عن طريق انتصار تحققه المعارضة على الأرض، وهي مهمة صعبة وطويلة، نظراً إلى ضعف المعارضة وقدرة النظام الهائلة على البطش، أو عن طريق استعادة النظام سيطرته القمعية على كل الأرض السورية، وهو انتصار ستكون كلفته الواضحة خراب ما تبقى من مدن سورية ومعالمها وموت آلاف أخرى كثيرة من أبنائها.

=======================

«طبخة» التسوية السورية قد لا تكون لذيذة المذاق

اياد ابو شقرا

الشرق الاوسط

19-2-2013

عندما طرح أحمد معاذ الخطيب، رئيس الائتلاف الوطني السوري، مبادرته السلمية المثيرة للجدل - في حينه - التي شملت الحوار مع ممثلي نظام الرئيس بشار الأسد، فإنه «غلّف» صدمة جاهزية المعارضة للتحاور مع نظام قتل من شعبه عشرات الألوف بشرطين مُسبقَين: الأول أن تكون نهاية النظام منطلق أي حوار، والثاني أن يُجرى الحوار مع ممثلين للسلطة الحاكمة «لم تتلطخ أيديهم بالدم».

من الناحية المنطقية بدا الشرطان أشبه ما يكون بحفظ خط الرجعة ليس إلا. فمن ناحية، سيكون من السذاجة انتظار نظام يقاتل بالدموية التي رأينا على امتداد سنتين وقد وافق، هكذا فجأة، على «انتحار» رسمي وبطريقة سلمية. ومن ناحية ثانية، فإن القاصي والداني يعرفان جيدا طبيعة السلطة المطبقة على سوريا منذ خريف 1970، وبناء عليه، فأولئك «الذين لم تتلطّخ أيديهم بالدم» أصلا أشخاص لا يربطون ولا يحلّون، أما الذين يمكن أن يتكلموا حقا باسم النظام فهم متورطون بالدم بطريقة أو بأخرى.

خلال ساعات من إعلان مبادرة الخطيب، تطايرت ردات الفعل من هنا وهناك. بعضهم هاجمها، والبعض الآخر تحفظ عن ذلك مفضلا استجلاء الموقف. وهناك من رأى فيها «بالون اختبار» متعمدا، وبعكسهم، اعتبر عدد من المراقبين أن قلة خبرة الخطيب في دهاليز السياسة دفعته إلى ما دفعته إليه. وحقا ما أن جاء سلبيا أول رد على المبادرة من صحيفة سورية «شبه رسمية»، سارع مَن لام قلة الخبرة إلى اعتبار أن المبادرة انتهت ودُفنت. غير أن الخطيب عاد وتجاوز مرور المهلة التي أعطاها، وتخلّى عن شروط أساسية كان اشترطها هو على النظام، كالإفراج عن السجينات وإجراء المفاوضات خارج الأراضي السورية، ومجددا وجد «مخرجا» معنويا للتخلي.

عند هذه النقطة، أي عند إطلاق مبادرة ثانية معدّلة أقل راديكالية وحزما، بدا واضحا أن وراء الأكمة ما وراءها. واتضح أن في الأمر حقا «بالون اختبار»، وهذا البالون.. ليس الخطيب بالضرورة هو الذي أطلقه.

وبعدها.. خلال الأسبوع الماضي، تسرّبت تقارير عن طبخة تسوية تتضمن إعادة بنية الدولة السورية، بما في ذلك إنشاء مجلس شيوخ، نُفيت شكليا من دون تناول جوهرها. وجاء خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما عن «حالة الاتحاد» لافتا فيما ذهب إليه في الشأن السوري، ثم زكّى توجه واشنطن - الذي أضحى مكشوفا الآن - كلام وزير الخارجية الجديد جون كيري. فالرئيس أوباما، الذي رفض أخيرا توصيات من أركان في إدارته بدعم المعارضة السورية بالسلاح، أكد أنه ليس في وارد المواجهة، بل لقد برر خياره بالقول بما معناه إن تزويد المعارضة بالسلاح يهدّد إسرائيل.

في هذه الأثناء، وردت تقارير من واشنطن مفادها أن الوزير كيري يؤمن بأن موسكو هي مفتاح الحل في سوريا، وأنه يراهن على نجاح موسكو بإقناع الرئيس السوري بالتنحي لضمان بقاء بنية الدولة - أو ما تبقى منها - بما في ذلك جماعات من المحسوبين عليه. وهذا يعني التفاهم على المحافظة على مصالح روسيا في سوريا بعد إزالة عنصر «شخصنة» النظام، ومسألة تمذهبه.

ثم، بالتوازي مع الانفتاح الأميركي على دور روسي في التسوية، تزايدت في العواصم الغربية، وعلى رأسها واشنطن، التقارير عن «الدور البارز» الذي تلعبه الجماعات المقاتلة التكفيرية والجهادية في الثورة السورية، ما يشكل مبررا مقنعا للإحجام عن تزويد «الجيش السوري الحر» ومن خلفه فصائل المعارضة المعتدلة بالسلاح.

أمام كل هذا، أين نحن الآن؟

من الصعب جدا تصور التوصل إلى صفقة أميركية - روسية حول سوريا بمعزل عن إيران وإسرائيل. والاستنتاج المنطقي يقول إن عواصم القرار الدولي الكبرى، بما فيها نيويورك حيث مقر الأمم المتحدة ومطبخ سياساتها ومبادراتها التوسطية، تدرك تماما أن اللعبة تجاوزت الآن شخص بشار الأسد، وتجاوزت نظام حكمه، وفق التعريف الضيق لكلمة نظام.

أكثر من هذا، بعد سنوات من التفاوض العبثي، ما عاد أحد لديه الحد الأدنى من الفطنة يشك لحظة واحدة في أن لا مانع أبدا للمجتمع الدولي، وعلى رأسه الولايات المتحدة، من التعايش مع إيران نووية.

نحن الآن، حقا، بصدد تحديد حدود مناطق النفوذ والتبعية بين إيران وإسرائيل في الشرق الأدنى. وهذا على الرغم من أنه بجانب الرسائل السياسية التي تتجسّد بين الحين والآخر في تصريحات ومبادرات ولقاءات، توجّه رسائل أخرى أكثر عنفا، على غرار القصف الإسرائيلي لما قيل إنه قافلة أسلحة مرسلة إلى «حزب الله»، أو قتل الجنرال حسن شاطري مسؤول «الحرس الثوري الإيراني» البارز في لبنان داخل الأراضي السورية.

وبناء عليه، فالصورة العامة، ما لم يثبت عكس ذلك، توحي بأن سوريا بوجود الأسد أو من دون الأسد ستبقى مع لبنان «محمية إيرانية» بموافقة إسرائيلية - أميركية - روسية. وهذا مع العلم أن اللاعب الرئيس - بل الحاكم الفعلي - في سوريا، واستطرادا، في لبنان، لم يعد الأسد منذ وقت غير قصير.

لعبة المبادرات السياسية، التي هي من إنتاج مطابخ التفاوض الدولي، غدت مع الأسف في ظل السقف المفروض على تسليح المعارضة السورية أكبر بكثير من مطامح الشعب السوري. لكن الوقت حان ربما لكي يدرك السوريون اليوم ما سبق أن أدركه بعض العراقيين واللبنانيين والفلسطينيين من قبلهم؛ أنهم لاعبون صغار في ملعب كبير.

=======================

الأسد مربوط بأوباما!

طارق الحميد

الشرق الاوسط

19-2-2013

نقلت صحيفة «السفير» اللبنانية عن سياسيين لبنانيين التقوا بشار الأسد أنه «على يقين» بأنه قادر على النصر، وأنه يقول: «أين كنا وأين أصبحنا، ونحن على يقين بأن الغد لنا.. سوريا تمتلك إرادة الانتصار على المؤامرة»! هنا قد يقول قائل: هل هذا معقول؟

الإجابة بسيطة وهي أن حديث الأسد متوقع، لكن انتصاره وهم. ولفهم تصريحات الأسد، لا بد أن نعي أن الطاغية لا يحلل ما يدور في سوريا وفق معطيات ما يجري على الأرض، بل إنه يقرأ كل صباح، أو كل دقيقة، ما يصدر عن البيت الأبيض، وكل ما يقوله، وما لا يقوله، الرئيس أوباما. فتركيز الأسد منصب فقط على ما إذا كان أوباما يريد التحرك فعليا تجاه الأزمة السورية أو لا، وعدا عن ذلك فإن الأسد لا يكترث بما يدور حوله حتى والجيش الحر يسقط مطاراته الواحد تلو الآخر، والمعارك تدور في دمشق. بل إن الأسد لا يكترث حتى بقول الإيرانيين إن سوريا هي المحافظة الـ35 لهم، وإنها أهم من إقليم خوزستان بالنسبة لإيران، هذا كله لا يهم الأسد، فالأهم بالنسبة له هو ما يقوله ويفعله أوباما المتردد حيال ما يجب فعله في سوريا.

الأسد سيشعر بالراحة، مثلا، عندما يقرأ أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري «تمكن أخيرا» من التحدث يوم الأحد الماضي لنظيره الروسي لافروف، بل قيل إن كيري لم ينجح في الاتصال بلافروف في غمرة أزمة التجربة النووية الأخيرة لكوريا الشمالية. وهذا ليس كل شيء، فالخارجية الأميركية قالت إن كيري ولافروف تباحثا هاتفيا لمدة نصف ساعة وتناولا الوضع في سوريا و«اتفقا أيضا على مراجعة جدول مواعيدهما لتحديد لقاء جديد بينهما خلال الأسابيع المقبلة»!

وعليه، فإذا كان وزير الخارجية الأميركي لا يجد الوقت للتحدث لوزير الخارجية الروسي، وسيقومان بمراجعة جدول أعمالهما للتواصل حول سوريا فمن الطبيعي أن يقول الأسد إنه «على يقين» من النصر، لأنه لا يخشى إلا من موقف أميركي جاد يقلب المعادلة، وما دام أنه لا موقف إلى الآن فإن الأسد يشعر بالراحة. فما الذي سيشغل رجلا قتل 90 ألف سوري حتى الآن، والإيرانيون يتولون تأمين نظامه بقوات قوامها 60 ألف مقاتل؟

ومن هنا فإن القراءة الطبيعية للتصريحات المنسوبة للأسد تقول إنه ليس واهما ومنفصلا عن الواقع وحسب، بل هو رجل متعلق بقشة أوباما. ولذلك، فلن يكترث الأسد إطلاقا بالواقع، فما يهمه هو ما يقوله ويفعله أوباما.. وهذا يشير إلى مدى إحباط الأسد من ناحية، كما يشير إلى أنه بات مربوطا بتحركات أوباما! وعليه فإن الأسد لا يرى خطورة ما دام أوباما لا يتحرك، على الرغم من أن الأحداث على الأرض تقول إن الثوار يتقدمون بينما أصبح الأسد بمثابة المندوب السامي الإيراني في سوريا.

فهل تعي إدارة أوباما ذلك؟ وهل هناك من هو قادر، دبلوماسيا، على توضيح ذلك للرئيس الأميركي؟

=======================

عمق جديد للأزمة السورية

السعودية اليوم

19-2-2013

في كل يوم تغوص سوريا في عمق جديد للأزمة، في ظل إحجام دولي عن وقف الجرائم التي يرتكبها نظام الأسد وقوى رعاته.

وقد تطورت الأوضاع تطوراً خطيراً بتبادل الخطف بين القرى، في وقت تصر فيه الشبكة الإيرانية في بلاد الشام على معاندة الأمر الواقع الذي يؤكد أن الشعب السوري في طريقه للتحرر الكلي من اضطهاد هذه الشبكة وسيادتها، وفي وقت يحاول رعاة النظام انعاشه بجعل وكلاء طهران في بيروت يدلون بأحاديث على لسان الأسد، كنوع من البروبجندا لصمود النظام وأجنحته، لكن الرسالة الحقيقية يطلقها الثوار على الأرض في حلب، حيث يستولون كل يوم على مواقع جديدة ومطارات جديدة وطائرات وأسلحة ودبابات، والضربات الموجعة التي يتلقاها النظام اضطرت حزب الله اللبناني إلى الدخول علناً في حرب مع الجيش الحر داخل الأراضي السورية لمساندة ميلشيات النظام المتهالكة قرب حمص،

وواضح أن فنون الخصومة تتدهور بين النظام ومعارضيه إلى درجة اللجوء إلى خطف مدنيين ونساء، وهذا يعني أن الانتقام يأخذ خطاً آخر أكثر خطورة ويكسر حتى أخلاقيات الحرب والموت، وحاول النظام منذ الأيام الأولى للثورة السورية أن يوجه الأحداث باتجاه مواجهة طائفية بين السنة والعلويين، لأن ذلك هو المبرر الوحيد الذي يجعل منه ممثلا لفريق سوري، ويبدو ان هذا الاتجاه كان تخطيطاً إيرانياً قد حظي بمباركة روسية، لأن طهران لا يهمها أن يحترق كل السوريين إن فقدت نفوذها ورجالها وتمويلاتها الطائلة في بلاد الشام، ومنذ أن بدأت فرق ميلشيات «الشبيحة» التابعة للنظام السوري وحزب الله عمليات تصفية وخطف أشخاص، كانت تحاول جر السوريين إلى مرحلة أخرى أكثر تجذيراً للعداء والمواجهات، ما يمهد لتحويل سوريا إلى بلاد مستباحة في حال سقوط النظام، وبدء مرحلة الكانتونات والإمارات القروية التي تتعدد ولاءاتها ما قد يسمح لطهران بالحفاظ على مراكز نفوذ،

وحتى الآن تظهر الثورة السورية تصميماً على تطهير سوريا من كل بقايا النظام، وإفشال كل مخططاته ومخططات رعاته، بحرص المعارضة السورية على أن تكون تمثيلاً للتنوع السوري بكل طوائفه وأعراقه واتجاهاته، وتحرص المعارضة أيضاً على تحصين فصائلها المقاتلة في الداخل من المخططات الجهنمية للنظام ورعاته،

 ويبدو أن الثورة السورية تدرك أن النظام ورعاته يسعون لزرع الفتنة داخل الثورة السورية، وتشويه إنجازاتها بافتعال تصفيات وعمليات خطف مدنيين وتلبيسها لفصائل الثورة وبث الفرقة والعداء في صفوفها، ومن ذلك الضجيج الذي يثيره النظام ورعاته حول وجود متشددين يبالغون في تصوير خطورتهم، في محاولة لمنع الدول العربية والقوى الكبرى من دعم الثورة.

=======================

 علي الرز / «نصرة» الأسد اللبنانية

الرأي العام

19-2-2013

... وبما ان الإعلام السوري الرسمي أسخف من السخافة ويستحيل أن تقوم له قائمة، وبما انه أضرّ ببشار الأسد وكان من أفضل أسلحة المعارضة ضدّ النظام، وبما ان الشخصيات التي يستضيفها هذا الإعلام صارت بديلة للفنانين الكوميديين السوريين، وما أكثر من باع ضميره للشيطان بينهم... كان لابد من الاستعانة بالإعلام اللبناني الحليف لمواكبة المجزرة الدموية المتصاعدة ضد الشعب السوري بـ «مجزرة» إعلامية قوامها التركيز على «جبهة النصرة» وإغفال أيّ عمل وحشي من قبل النظام.

من مراكز «الحوار» في واشنطن إلى صحف بيروت مروراً بمراسلين في أوروبا واستعانة ببعض «الأصدقاء» في صحف غربية... ثمة مَن أطلق رصاصة البدء لتعزف الأوركسترا سيمفونية واحدة: ركِّزوا على معارضين بعيْنهم لأنهم يهاجمون النظام لا الرئيس وينتقدون المتطرفين والجهاديين أكثر من الجيش والشبيحة. أبرِزوا تقارير الخلافات بين بعض أهالي القرى والبلدات الخاضعة لسيطرة المعارضين وبين المقاتلين الغرباء من جبهة النصرة. أُكتُبوا عن المحاكمات الشرعية التي حصلت وعن هيئات الأمر بالمعروف التي انتشرت. أكثِروا من تخويف الأقليات من القادم واستخدِموا كل خباثة الخبثاء للقول إن النظام «ارتكب أخطاء» لكن النظام الذي سيخلفه سيحكمه أبوعبيدة وأبوقتادة وأبومصعب وأبوقحافة تحت عباءة الظواهري، وسيفرض الجزية على المسيحيين ويسحل الشيعة ويحرق العلويين. تفنَّنوا في إشاعة أن الجيش السوري حسم المعركة وهو يطهّر بعض الجيوب. أَنهِكوا معنويات الثوار والثورة بتكبير التباينات بين أطراف المعارضة من جهة وإشاعة أخبار عن اختراقات النظام لهيئات الثورة على الأرض وعن طلبات بالجملة يرسلها معارضون للتحاور والتفاوض والمسامحة.

أليس هذا ما نقرأه ونسمعه يومياً؟

السوريون بالفطرة ضد «النصرة»، وهذه الجبهة لم تكن خيار الثورة السورية...

كانت خيار بشار الأسد منذ اليوم الأول لخروج الناشطين السوريين المسالمين العزل بالورود في دمشق وحمص. تذكّروا عندما ذُبح غياث مطر وحمزة الخطيب وإبراهيم القاشوش، كيف عرض وليد المعلم الفيديو - الفضيحة لمتطرفين إرهابيين تبيّن أنه يعود لجريمة حصلت في لبنان. بل تذكّروا المقابلة الشهيرة للأسد في «وول ستريت جورنال» قبل الثورة. يومها قال ما معناه إن الربيع في بلاده مستبعد لأن البديل هو التطرف فالمجتمع «أصبح أكثر انغلاقاً بسبب تزايد انغلاق العقول ما قاد إلى التطرف».

ولم تكن عناصر التطرف و«الجهاد» والطائفية أسلحة الثوار الذين هتفوا «الشعب السوري واحد»... كانت أسلحة النظام منذ اليوم الأول حيث ردّ على المسيرات السلمية بإذلال الشبيحة للمتظاهرين والقفز فوق ظهورهم أمام وسائل الإعلام شاتمين أصولهم وفصولهم ودينهم ومذهبهم. كانت أسلحة النظام الذي أكمل المشهد بسلسلة مجازر متعمدة لمناطق ومجموعات بعيْنها.

ووسط تجاهل الولايات المتحدة لنداءات السوريين رغم أن أوباما قال للرئيس حسني مبارك «الآن يعني الامس»، ونظراً لغياب الدعم الفعلي للمعارضة، ووجود دعم غير محدود للأسد من إيران وحزب الله وروسيا والصين، وبعدما صارت المجازر سنّة النظام الوحيدة في التعامل مع شعبه وبعدما فتح الأسد الأبواب والساحات لمقاتلين إيرانيين ولبنانيين... دخلت «النصرة» كما دخل غيرها لكن إعلام «جبهة نصرة الأسد» اللبنانية التي تضمّ سياسيين وصحافيين لم يعد يرى في المشهد السوري سوى نظام علماني حديث ممانع يحمي الأقليات ويتصدى لتنظيم «القاعدة».

رغم التقدم الذي تحرزه على الأرض مع القوى الثورية الأخرى، إلا أن «النصرة» هي النصرة. ليست بحاجة إلى مَن يكتب يومياً عن أدبياتها وثقافتها ومفرداتها وسلوك أفرادها وعقيدتهم، وهي لا تخفي ذلك أو تنفيه. إنما المشكلة الحقيقية هي التي لا يراها إعلام «جبهة نصرة الأسد اللبنانية»، فهنا لا مجازر تحصل، ولا قصف للطوابير المنتظرة عند المخابز، ولا ديكتاتور متوحشاً أباح قتل وذبح وسحل واعتقال كل مَن تجرأ ورفض منطق «المزرعة» والعبودية، ولا أطفال يؤخذون من منازلهم ويعودون بلا أحشاء، ولا نساء يُغتصبن أمام أهلهن لاذلالهم ومعاقبتهم على كلمة «حرية»، ولا نظام يحاور معارضيه بالتفجير ويفجّر محاوريه، ولا طائرات تسوي أبنية بمن فيها بالأرض، ولا أحياء تختفي من الخريطة... باختصار، لا توجد ثورة بل هناك من جهة نظام علماني رئيسه شاب يعشق الحياة بكل جوانبها ويغازل عبر الإنترنت، وسيدة أولى ترتدي أحذية مرصعة بالماس مصنوعة خصيصاً لها من دار كريستيان لو بوتان، وحافظ الحفيد المغرم بأفلام وقصص هاري بوتر... ومن جهة أخرى «جبهة النصرة» الإرهابية التي تريد تحويل سورية إلى تورا بورا.

هنيئاً لبعض الإعلاميين اللبنانيين مشاركتهم في المجزرة، وهنيئاً للدول الكبرى التي لم تنصر الثورة السورية وتركتها لـ «النصرة»، وهنيئاً للبيت الأبيض على نصرة القوى «العلمانية والمدنية والليبرالية» مثل الحرس الثوري الإيراني و«حزب الله» و«الجهاد الإسلامي»... لبشار الأسد.

=======================

رأي الراية... تحقيق دولي بجرائم الحرب في سوريا

الراية

19-2-2013

تؤكد دعوة لجنة التحقيق المستقلة لدى الأمم المتحدة لتدخل المحكمة الجنائية الدولية لإطلاق تحقيق حول جرائم الحرب التي تقع في سوريا حجم الكارثة الكبيرة التي حاقت بسوريا ودوامة العنف التي دخلت فيها بسبب إصرار النظام السوري على رفض المطالب الشعبية بالحرية والتغيير واعتماده الحل العسكري في مواجهة الثورة.

لقد آن الأوان بعد نحو عامين من العنف والقتل وسفك الدماء أن تتخذ المجموعة الدولية ومجلس الأمن الدولي قرارا بإحالة هذا الملف إلى القضاء الدولي والمحكمة الجنائية الدولية للحيلولة دون تواصل سفك دماء أبناء الشعب السوري ودون استمرار تدمير البلاد.

الفشل الدولي في توفير الحماية للشعب السوري الذي يتعرض للقتل يوميا ويتعرض للقصف بالطائرات والأسلحة الثقيلة وحتى بالصواريخ أرسل رسالة خطأ للنظام السوري من أنه يمكن أن ينجو من العقاب وأن هناك فسحة من الوقت لإخماد الثورة السورية بواسطة السلاح، وهو ما فاقم من الأوضاع الإنسانية وتسبب بكارثة مريعة لحقت بملايين السوريين سواء من ظلوا في بلادهم أو لجَؤوا إلى دول الجوار.

إن تأكيد اللجنة الدولية أنها تمتلك معلومات عن هويات المنفذين الرفيعي المستوى لهذه الجرائم وعن هوية الذين يرتكبونها تشكل تحذيرا شديدا لهم للتوقف عن مجازرهم لأن العدالة الدولية ستلاحقهم في وقت ما وسيدفعون ثمن ما ارتكبت أيديهم من جرائم بحق الشعب السوري.

إن آثار النزاع والعنف الذي يجري في سوريا بسبب فشل المجتمع الدولي في الارتقاء لمسؤولياته الأخلاقية وانحياز أطراف فيه لمصالحهم على حساب المبادئ والقيم يمكن أن تمتد لأجيال وتقوض الأمن في كل منطقة الشرق الأوسط.

لقد كشف التقرير الذي استند إلى شهادات نحو 450 من الضحايا اللاجئين أن وضع حقوق الإنسان في سوريا واصل التدهور وأن النزاع أصبح طائفيا بشكل متزايد مع مسار أكثر تطرفا وذي طابع عسكري أكثر للعمليات وأنه يجري ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وأعمال قتل وتعذيب واغتصاب و اختفاء قسري لعدد من الأشخاص وأعمال أخرى غير إنسانية.

إن إطلاق تحقيق دولي حول جرائم الحرب التي تقع في سوريا سيرسل رسالة واضحة إلى النظام السوري أن المجتمع الدولي لن يقف مكتوف الأيدي أمام المأساة التي تجري فصولها يوميا ويذهب ضحيتها النساء والأطفال والشيوخ والتي لم تترك آثارها فقط على السكان المدنيين وإنما تقضي أيضا على كل الهيكلية الاجتماعية المعقدة للبلاد، وتعرض الأجيال المستقبلية للخطر وتهدد السلام والأمن في كل المنطقة.

فاتفاق المجتمع الدولي على إطلاق الآلية القضائية الدولية بعد تسلمه تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة التي تحتوي على لائحة سرية بأسماء المسؤولين عن الفظاعات التي ارتكبت في سوريا هو الأسلوب الصحيح للضغط من أجل إيقاف أعمال العنف والقتل وجرائم الحرب وبالتالي تصدي مجلس الأمن الدولي لمهمته الأساس بوقف ومنع كل ما يمس الأمن والسلم والعدالة في العالم.

=======================

 أمريكا تتحالف مع حزب الله في سوريا

سمير الحجاوي

الشرق

19-2-2013

الثورة السورية أنتجت حالة غريبة من التحالفات العجيبة، مثل تحالف العلمانيين ورجال الدين، وتحالف اليسار والقوميين مع العسكر، لكن أغرب هذه التحالفات هو تحالف الولايات المتحدة الأمريكية مع حزب الله رغم العداء الظاهر بينهما.

هل هذا الكلام واقعي أم مجرد ضرب من الخيال؟ وهل يمكن لأمريكا أن تتحالف مع منظمة تصنفها "إرهابية "؟ أم أن الحديث عن التحالف بين حزب الله وأمريكا شكل من أشكال الدعاية المغرضة و"البروباجندا" السوداء التي تهدف بالدرجة الأولى إلى تشويه صورة حزب الله اللبناني أمام الرأي العام العربي والإسلامي؟

الحديث عن التحالف بين حزب الله وواشنطن واقعي وفعلي في سوريا، فالطرفان يتفقان على أمرين رئيسيين، الأول: عدم انتصار الثورة السورية، والثاني: محاربة جبهة النصرة الإسلامية، فأمريكا أدرجت جبهة النصرة على قوائم المنظمات الإرهابية، في حين يحارب مقاتلون من حزب الله الجبهة على الأرض السورية بالسلاح.

هذا التلاقي الأمريكي مع حزب الله، لا يعني بالضرورة اتفاقا عقائديا أو قيميا، ولكنه تقاطع في المصالح بين الطرفين في مواجهة " العدو الإسلامي الموحد"، فجبهة النصرة تتوفر فيها كل مواصفات "العدو الكامل" بالنسبة لأمريكا وحزب الله، وكما التقت المصالح الأمريكية مع إيران في العداء لصدام حسين في العراق وحركة طالبان في أفغانستان، مما خلق حالة من التحالف "الأمريكي- الإيراني" ضد صدام حسين وطالبان، وهو ما تفاخر به نائب الرئيس الإيراني الأسبق محمد علي أبطحي بقوله: " لولا المساعدة التي قدمتها إيران لأمريكا ما سقط صدام وطالبان بهذه السهولة"، تلتقي المصالح الأمريكية الإيرانية وحزب الله في سوريا ويتكرر نفس التحالف ضد الثورة السورية، بحجة التهديد الذي تشكله "جبهة النصرة" ضد الطرفين، ومجهول مرحلة ما بعد الأسد.

أمريكا وإيران وروسيا وحزب الله يتفقون على عدم "انهيار الوضع" في سوريا وعدم تسليم سوريا للثوار الذين ينتمون إلى "الأغلبية السنية"، ورغم وجود تباينات بين هذه الأطراف حول مصير بشار الأسد، بين من يرى أن وجوده عقبة في تحقيق المصالح المرجوة والمنتظرة مثل واشنطن، ومن يرى أن رحيله قد يشكل تهديدا على مصالحه بالكلية مثل إيران وحزب الله، ومن لا يتشبث بالأسد ويعتبره ورقة تفاوضية جيدة لإحراز المزيد من المكاسب مثل روسيا.

هذه الأطراف تستخدم كل الوسائل التي تراها مناسبة من أجل تحقيق مصالحها، فروسيا تزود نظام الأسد الإرهابي بالسلاح والخبراء وإيران وحزب الله ونوري المالكي يزودونه بالمقاتلين، في حين تلعب واشنطن سياسيا مباشرة أو من خلال وكلائها في المنطقة أو في الداخل السوري.

هذا التحالف الكبير والواسع ضد الثورة السورية الذي يختبئ خلف شعار "التصدي لجبهة النصرة"، يشكل خطرا وجوديا على الثورة السورية ومستقبل الشعب السوري وحقه في تقرير مصيره، فجبهة النصرة لا تشكل سوى جزئية صغيرة من المشهد السوري العام، ولا يتجاوز عدد عناصرها في سوريا 5000 مقاتل في أحسن الأحوال، وهم يبلون بلاء حسنا في قتالهم ضد الآلة العسكرية الإجرامية الإرهابية لكتائب الأسد وشبيحته وهم ينأون بأنفسهم عن المشاكل الداخلية بين بعض قوى المعارضة السورية ولا يدخلون طرفا فيها، ويشكلون رأس حربة في مواجهة قوات الأسد في بعض المناطق خاصة في شمال سوريا، بالإضافة إلى تمتعهم بحاضنة شعبية صديقة، وهي الحاضنة الضرورية للثورة ولحرب العصابات. وبالتالي فإن عملية "شيطنة" جبهة النصرة وتصويرها على أنها حركة "إرهابية أصولية تكفيرية متطرفة" مصيرها الفشل، فحتى الناشطين السوريين المسيحيين من وزن ميشيل كيلو وجورج صبرا وغيرهما دافعوا عن مقاتلي جبهة النصرة بوصفهم ثوارا يدافعون عن الشعب السوري.

يعمق التحالف غير المعلن بين حزب الله وأمريكا ضد الثورة السورية من أزمة حزب الله الشيعي اللبناني ويدفعه إلى المزيد من الخسارات الإستراتيجية الكبيرة، وهي أسرع خسارة تمنى بها حركة عربية "مقاومة" في التاريخ الحديث، ووصلت هذه الخسارة إلى درجة العدائية من قبل الرأي العام العربي والإسلامي ضد حزب الله وتورطه في الحرب ضد الشعب السوري ودعم نظام إرهابي مجرم سفك دماء 100 ألف سوري بريء خلال عامين فقط.

أمريكا بدورها تخسر كثيرا، فهي تواصل السقوط في مستنقع الكذب والنفاق والاحتيال السياسي واللعب على أكثر من حبل، وهي ستخسر في سوريا كما خسرت في العراق وأفغانستان، وإذا كانت الخسارة التي منيت بها في العراق وأفغانستان عسكرية واقتصادية فإن خسارتها في سوريا ستكون سياسية فادحة، إضافة طبعا إلى السقوط الأخلاقي والقيمي وتداعي دعواتها للدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، وهي التي ترفع لواء هذه الدعوات وتستخدمها لاستغلال وابتزاز الدول الأخرى.

تحالف حزب الله مع أمريكا ضد الثورة السورية ستكون له تداعيات كبيرة في المستقبل القريب قد يكون من بينها انتقال الحرب في سوريا إلى لبنان، فتدخل حزب الله العسكري في سوريا قد يدفع أطرافا سورية، من بينها جبهة النصرة بالطبع، إلى محاولة نقل المعركة إلى العمق اللبناني، وهو احتمال بدأت تتحدث عنه وسائل الإعلام اللبنانية، بل وبعض أركان حزب الله ووسائل إعلامه.

=======================

السياسة بين الخطاب الإسلامي والمكيافيللي في سورية والعالم!

خالد هنداوي

الشرق

19-2-2013

لعل المأزق الحقيقي الذي يحشرنا في زاوية الوادي السحيق ونحن نريد أن نجد أنفسنا لنعثر على حل ناجع للقضية السورية اليوم هو ما نحسه ببصائرنا قبل أن نراه بأبصارنا أن كل شأن لا يبنى على الفهم سيكون طريقا للجهل والضياع والحيرة، وإذا أمعنا النظر في الفقه السياسي الذي يدعي امتلاكه من يزعمون أنهم ساسة متعمقون في الحكومة السورية وطبعا في طليعتهم فخامة الرئيس الجزار، وأن معظم من يتصدرون لهذه السياسة من الجوار الإقليمي القريب أو الدولي البعيد وكأنهم لم يتعلموا في مدرسة ابتدائية مبادئ علم السياسة وقتها إذا اعتبرنا أنها من حيث اللغة هي القيام على الشيء بما يصلحه كما في لسان العرب 6/107 أو أنها ما يدل على التدبير والإصلاح والتربية، وهي قريبة في الاصطلاح من هذا المعنى كما يشير أبو البقاء في كلياته 3/31 من أنها استصلاح الخلق بإرشادهم إلى الطريق المنجي وتدبير أمورهم المدنية باعتبارها فرعا من الحكمة العملية وهي بذلك تعمل على حراسة الدين وسياسة الدنيا كما في كتابي "نصيحة الملوك" ص:51 و"كشاف اصطلاحات الفنون" 1/386 ومن هنا كان فهم الخطاب الإسلامي في أول نص للسياسة وتعلقها بالحكم كما أورد أبو جعفر الطبري في "تاريخ الرسل والملوك" 5/68 قول عمرو بن العاص لأبي موسى الأشعري في وصف معاوية رضي الله عنهم إني وجدته حسن السياسة حسن التدبير، وقد أكد الخطاب الإسلامي أن الغرض من تلك السياسة هو المحافظة على مقصود الشرع، أي أنه المصلحة الحقيقية المعتبرة لا الوهمية القائمة على الهوى إذ هو الغرض من السياسة وهذا ما أكده ابن عابدين في حاشيته 4/15 وأنه مدار الشرع بعد الإيمان على حسم مواد الفساد لبقاء العالم، ولقد ظهر في الخطاب الإسلامي أن السياسة قسمان: سياسة عادلة تظهر الحق وتدفع المظالم، وسياسة ظالمة تعمل على نشر الشر وتنصر الجور وأنه بسبب القسم الأول ينتشر الأمن والأمان وتنمو ثروة الاقتصاد، أما بسبب الثاني فإنه يضطرب حبل الأمن ويتدهور الاقتصاد، ولذلك فإن هذا الخطاب الإسلامي يؤكد أن مما يجب أن يعتقده المسلم هو نصب الإمام الذي عليه أن يقوم بحراسة الدين وسياسة أمور الأمة بالرشد وأن هذا هو فرض بالإجماع، مستعملا الحكمة في ذلك إن اقتضت الشدة مرة أو اللين مرة أخرى، مع الاعتماد على الشرع والعقل الذي هو أصله والابتعاد عن الهوى والرأي الفاسد كما أكد ابن القيم في "إعلام الموقعين: 4/372، ومع اتخاذ المرونة التي تراعي التوسع في فهم النص جسما وروحا خدمة لمصالح العباد كما أكد القرافي المالكي، وهنا بهذه المثابة يكون للإمام حق الطاعة والنصرة على الشعب ما دام ملتزما بالفرائض مؤديا حقوق الأمة، محافظا على خزينة الدولة، محاسبا ومعاقبا كل مسيء بما يستحقه، مستخدما الجيش أولا وأخيرا للجهاد ضد الأعداء والدفاع عن البلاد وليس مخربا لها قاتلا أهلها كما كان حال حافظ الأسد وبشار اليوم ومن أشبههما من الطغاة الفراعنة القدماء والجدد كمبارك والقذافي وصالح وزين العابدين وغيرهم.

وإذ جاء تعريف السياسة في المفهوم المعاصر أنها اسم للأحكام والتصرفات التي تدير شؤون الأمة في حكومتها وتشريعها وقضائها وجميع سلطاتها التنفيذية والإدارية وعلاقاتها الخارجية مع الأمم والدول فإن الخطاب الإسلامي يهضم ذلك ويدعو إليه دعما للتعاون الإنساني القائم على التضامن والأمن والسلم الدوليين [يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا...] (الحجرات:13) أي لتتعاونوا وهنا يقول أبو الحسن الماوردي في كتابه أدب الدنيا والدين ص:221 إن اختلاف الدين يدعو إلى التعاون أي في الدنيا أما في الآخرة فكما يقول تعالى [لكم دينكم ولي دين] (سورة الكافرون: 6) فانظر إلى هذا الفهم والشفافية منذ قرون عديدة خلت!

وتعليقا على هذا فإننا نرى أن الفقه السياسي في الخطاب الإسلامي كان له دور بارز في التاريخ قديما وحديثا ونذكر على سبيل المثال أن محمد بن الحسن الشيباني 189هـ هو صاحب السير الصغير والكبير كان رائدا قبل غيره في هذا المجال حتى إنه تأسست في "غوتنجن" بألمانيا جمعية باسم الشيباني للحقوق الدولية ضمت علماء القانون الدولي وعرفت بالشيباني وجهوده، كما أن مجلة المجمع العلمي العربي في دمشق في إحدى أعدادها عام 1943م ذكرت بيانا شمل أكثر من خمسين كتابا ألفه العلماء في السياسة، وتضم مكتبة الآستانة للمخطوطات فيها مائة مخطوط في علم السياسة كما جاء في تحقيق كتاب "سلوك الممالك" 1/60 ونقله صاحب كتاب "الأخلاق السياسية" زكريا النداف ص:98 وكذلك فإنه غير خاف على القارئ المتابع العديد من الكتب المهمة في السياسة كالأحكام السلطانية للماوردي 450هـ والإمامة لأبي عبدالله محمد القلعي و782 هـ والسياسة الشرعية لابن تيمية في القرن نفسه على أن بعض الباحثين أحصى مئات الكتب والبحوث المعاصرة في هذا المجال ذكر النداف في كتابه السابق ص103 منها ثمانية عشر سفرا مهما، ولعل ما سقناه حول تعليق الخطاب الإسلامي على فهم السياسة هو الذي يضعنا على السكة السليمة لقطار الحياة والتعامل مع البشر أيا كانوا فيه، وهذا ما يفسر لنا أيضا انتشار العدل والنصر والخير في المعظم الغالب من تاريخنا وتراثنا العريق وأصوله إلى أقاصي الدنيا.

وأما ما نراه من الكراهية المرة لكثير من البشر للسياسات الحديثة والمعاصرة فإنما سبب ذلك أنها تتكلم وتكتب بلغة غير التي تنفذها على واقع الحياة، وأنها مازالت تأخذ بالسياسة المكيافيلية التي لا تنظر إلا إلى القوة بوجهيها المادي والمعنوي وبوجه نفعي محدود، كما يؤكد مكيافيللي ضرورة استخدام الدين والأخلاق لدعم هذه القوة التي يجب أن يتمتع بها الحاكم ناصحا له أن الأخلاق لا ترتبط بالسياسة وهنا أتذكر أنه في بدء الثورة السورية سلميا قد جاء مندوب من وزارة الخارجية السورية وقابل أحد العلماء الذين يقفون معها ضد حكم الأسد الظالم في بلد آخر، وصارحه بأننا في الحكومة السورية وبأمر بشار بل وأبيه من قبله قد عملنا على تحييد المؤسسة الدينية إلى طرفنا، وأوقفنا العلماء عند حدودهم بالترغيب تارة وبالترهيب أخرى، فماذا تفعل أنت والشيخ القرضاوي ومن معكما أمام جهودنا الجبارة في دعم حكم الأسد، وحذره وتوعد. وهنا أيضا عرفت سفاهة المقولة التي ذكرها الجزار في أحد مقالاته أننا لا نعاني من اصطدام بين حكومة وشعب وإنما من أزمة أخلاقية، وهكذا أصبح هذا السياسي معلما في الأخلاق كما يبدو له! ويجب ألا ننسى أن حكام المجتمع الدولي بغالبيتهم ينهجون المسلك نفسه وإن كان الجزار كأداة بلغ الزبا وتفوق عليهم وهل مواقف أمريكا وأوروبا وروسيا وإيران والصين ومن تبعها إلا دائرة في هذه المصالح المتعددة متبعة مكيافيللي في كتابه الأمير ص 35 و183 وأن الأفضل للحاكم أن يخافه الناس على أن يحبوه، أي مهما قمع وقتل ظلما، وليس هناك طريقة أفضل للحاكم من النفاق علما أن هذه الأفعال وللخيبة إنما تجري باسم الديمقراطية وحقوق الإنسان وصون الوطن من الأعداء، ختاما أقول: إن هذا هو الذي رمى إليه الشيخ محمد عبده عندما كره السياسة بهذه المثابة فقال في كتابه "الإسلام والنصرانية والعلم والمدنية" ص 101 إن السياسة تضطهد الفكر والدين أعوذ بالله منها ومن ساس ويسوس وسائس وهي سبب جمود المسلمين لأنها أطفأت نور الإسلام وهي الشجرة الملعونة في القرآن لأنها تمشي في عبادة الهوى وخطوات الشياطين. نعم هي هكذا إن كانت كذلك، أما في الخطاب الإسلامي الحي فإنها عبادة، ولذلك كان حسن البنا يقول: إذا قيل لكم سياسة فقولوا هذا إسلام ولا نعرف هذه الأقسام، ولذا فإن معضلتنا مع اللانظام السوري الذي يدعمه معظم المجتمع الدولي المصلحي بالفهم الأخير ويضع الحجج والذرائع من جبهة النصرة والجهاديين الأجانب.. تحتاج إلى تشكيل العقل والفهم من جديد فإن هؤلاء جميعا يعملون على ألا يكون للخطاب الإسلامي الإنساني وجود في سورية خصوصا في عالم لا تسود فيه إلا شريعة الغاب على وجه العموم.

=======================

د. أحمد يوسف أحمد

سوريا: جدل العنف والتسوية

تاريخ النشر: الثلاثاء 19 فبراير 2013

الاتحاد

فاجأ معاذ الخطيب رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض كافة المعنيين بالشأن السوري والمتابعين لتطوراته بمبادرته التي انطلقت من إمكانية الحوار مع النظام السوري شريطة الإفراج عن مئة وستين ألفاً يحتجزهم في سجونه، وتجديد جوازات سفر السوريين المقيمين في الخارج، ولاحقاً أضاف الخطيب ما يُعد شرطاً ثالثاً وهو أن يكون الحوار مع فاروق الشرع نائب الرئيس السوري الذي لا يعرف عنه أحد شيئاً في الوقت الراهن. وثمة ملاحظات أساسية ترد على هذه المبادرة منذ الوهلة الأولى: الملاحظة الأولى أنها يمكن أن تكشف عن قدر كبير من عدم الإلمام بالسياسة وقوانينها إن كان القصد منها حقاً هو التوصل إلى تسوية مع النظام، فليس بعد هذا القدر من العنف والدماء والدمار والتشريد يمكن التوصل إلى مثل هذه التسوية. غير أن هذه المبادرة قد يكون المقصود بها تقوية المعارضة وشق صفوف النظام على أساس إثبات مرونة الأولى وإرباك النخبة الحاكمة في سوريا في وقت أزمة ضاغطة يمكن أن تمثل لها مبادرة الخطيب حبل نجاة. ولكن مبادرة كهذه بالمقابل يمكن أن تؤدي إلى بلبلة في أوساط الائتلاف الوطني المعارض الذي يرأسه الخطيب نفسه، بل وداخل صفوف المعارضة ككل، وهو ما يبدو أنه قد حدث بالفعل بدليل حرص الائتلاف في الاجتماع الذي عقده في الرابع عشر من هذا الشهر بمدينة القاهرة على أن يؤكد أن مبادرة الخطيب قد انتهت مع تبرير هذا الموقف بما لا يمثل إحراجاً لرئيسه، وذلك بالقول إن انتهاء المبادرة مرده أن النظام السوري لم يستجب لها. ومن ناحية أخرى اتفق الائتلاف في الاجتماع ذاته على رفع توصية إلى هيئته العامة في اجتماعها المقبل بالقاهرة يوم عشرين فبراير الجاري بتشكيل حكومة انتقالية من المعارضة في الداخل والخارج. والمعضلة الآن أن مبادرة الخطيب على رغم كل التطورات السابقة ما زالت تمثل مرجعية أساسية لدى الجامعة العربية والأمم المتحدة التي لا يخفي أمينها العام تأييده المبادرة وترحيبه بها كأساس للانطلاق نحو تسوية، وهو بالتقريب موقف مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية الأخضر الإبراهيمي.

وعلى الجانب الآخر يتواصل القتال الشرس في الحرب الأهلية السورية، ووفقاً لمفوضية حقوق الإنسان بالأمم المتحدة فإن عدد قتلى الحرب السورية منذ بدايتها حتى الآن قد بلغ قرابة سبعين ألفاً، بل إن هذه الحرب بدأت تكتسب أبعاداً جديدة بالغة الخطورة حيث أضيف إلى طابعها السياسي العسكري الأمني طابع مجتمعي طائفي وبغيض، ففي بداية هذا الأسبوع بلغ عدد المختطَفين على أساس طائفي من الجانبين ما يزيد على ثلاثمائة، كما أن عدداً غير مسبوق من النساء والأطفال كان من بين هؤلاء المخطوفين. وفي هذا الإطار التصاعدي بدأ الحديث مجدداً عن تسليح المعارضة السورية وخاصة أن الحظر الذي فرضه الاتحاد الأوروبي على هذا التسليح ينتهي بنهاية هذا الشهر، ومن الواضح أن ثمة انقساماً في هذا الصدد بين دول أوروبية أساسية، ففرنسا وإيطاليا وبريطانيا تؤيد رفع الحظر فيما تعترض على ذلك كل من ألمانيا والسويد، ومع هذا يلاحظ أن الدول التي تؤيد رفع حظر إمداد المعارضة السورية بالسلاح إنما تفعل ذلك لهدف سياسي وهو تقوية هذه المعارضة بحيث تكون قادرة على فرض وجهة نظرها في أي جهود قادمة للتسوية، ويتسق هذا مع ما صرحت به مصادر فرنسية بأن فرنسا وإن كانت تؤيد رفع الحظر عن توريد السلاح للمعارضة فهي لا تفعل ذلك لأنها تعتقد بإمكان أن يكون هناك حل عسكري للأزمة ولكن لتقوية فرص الحل السياسي. ومن ناحية ثانية صرح جون كيري وزير خارجية الولايات المتحدة بأن سياسة أوباما حيال سوريا "تنطلق من تفضيله الحل السياسي عبر التفاوض" بما يؤدي إلى رحيل الأسد، وهو موقف تنطبق عليه الملاحظات ذاتها التي سبقت الإشارة إليها في هذا المقال بخصوص ما تكشف عنه سياسات كهذه من عدم إلمام بالسياسة وقوانينها، اللهم إلا إذا كان الغرض من هذه السياسة هو تفادي الحرج الذي تجد القوى الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة نفسها فيه نتيجة عجزها الواضح عن التأثير في مجريات الأمور في سوريا.

ومن الواضح أن القوى الكبرى ذات المصالح في الشرق الأوسط عامة وفي سوريا خاصة تواجه الآن معضلة حقيقية من منظور قدرتها على التأثير في التطورات السورية، ففي البدء نظرت جميع هذه القوى باستخفاف إلى ما يجري في سوريا، واعتبرته فرصة للخلاص من نظام كان يمثل عقبة إزاء تنفيذ مخططاتها في المنطقة وللقيام بدور محوري في إعادة تشكيل النظام السياسي السوري بما يحفظ مصالحها ويعززها. وهكذا راحت هذه القوى تؤيد بدرجات وأنماط مختلفة الثورة على نظام الأسد، وتتخيل أن هذه الثورة سرعان ما ستنجح في تحقيق أهدافها أو على الأقل هدفها الرئيس أسوة بما حدث في تونس ومصر، وبعدها تتفرغ للحصاد، غير أن النظام السوري أبدى تصميماً لا يلين وقدرة واضحة على التصدي لمعارضيه، بالإضافة إلى ما تبين من أن معارضي النظام تغلب بين صفوفهم العناصر المتشددة، وهو آخر ما كانت تلك القوى تفكر فيه: أي أن تستبدل بنظام الأسد نظاماً أصولياً قد لا يكون لها سابق معرفة بقواه وقياداته الرئيسة، وزاد من هذه الورطة أن مسيحيي سوريا خاصة والمنطقة عامة أخذوا ينظرون بقدر واضح من الوجل لاحتمال سيطرة الأصوليين على الحكم فيها، وذلك كما اتضح بجلاء أثناء تنصيب بطريرك الروم الأرثوذوكس الجديد في سوريا بحضور الكاردينال بشارة الراعي بطريرك المسيحيين الموارنة في لبنان حيث كانت نغمة تأييد النظام عالية وكذلك التحذير من نزعات أصولية لا تمت إلى الدين بصلة. وهكذا غلَّت تطورات الوضع في سوريا أيادي القوى الكبرى عن التدخل الفاعل فيما يجري والتأثير فيه، وعاد نموذج "الإقليمي والعالمي" يطل برأسه من جديد، بمعنى أنه على رغم الفارق الواضح في ميزان القوى المادية بين القوى الإقليمية والعالمية فإن الأولى تبدو أحياناً أكثر قدرة على الفعل والتأثير في المواقف التي تنشأ في محيطها الإقليمي لأنها تعمل في إطار قيود أقل وطأة، وهكذا ربما تكون قوة إقليمية كتركيا أكثر قدرة على التأثير من دول كالولايات المتحدة وفرنسا.

تواجه سوريا إذن مصيراً غامضاً، فالحرب الأهلية مستمرة فيها دون أن نكون أكثر قدرة على التنبؤ بمجرياتها كما كان الأمر في السابق، وإذا كانت المعارضة تحقق إنجازات لاشك فيها إلا أن أحداً لا يستطيع أن يفهم الموقف العسكري بدقة الآن وخاصة أن الإعلام يركز على هذه الإنجازات أكثر مما يركز على علامات صمود النظام، بل إن هذه الحرب كما رأينا تكتسب شيئاً فشيئاً أبعاداً طائفية بغيضة، كما أن قوى المعارضة المسلحة تكشف بالتدريج عن نزعات أصولية متطرفة يمكن أن تحدث استقطاباً حاداً إذا وصلت إلى الحكم، ناهيك عن أعباء إعادة إعمار ما دمرته الحرب وبناء الاقتصاد السوري المخرب من جرائها، فهل يكون مصير سوريا مثل مصير رأس تمثال أبي العلاء المعري شاعر الفلاسفة وفيلسوف الشعراء التي قطعها الأصوليون في بلده "معرة النعمان" في إشارة لا تخطئها عين إلى الجهل بالدين والتاريخ والسياسة معاً؟

=======================

 عباءة ليست منا

حازم مبيضين

الرأي الاردنية

19-2-2013

أثارت زيارة مجموعة من المؤيدين للنظام السوري إلى دمشق، وإهدائهم عباءة للرئيس الأسد، باعتبار أنها من الشعب الأردني،استنكار العديد من الشخصيات السياسية والنقابية، التي استكثرت على هؤلاء التحدث باسم الشعب الأردني، دون أي تخويل، ودون امتلاكهم الحد الأدنى من القواعد الشعبية، التي تمنحهم هذا الحق، خصوصاً وأن موقف الجماهير الأردنية مما يجري في البلد الشقيق معروفة ومعلنة وشديدة الوضوح، وهو موقف اتسم بتأييد معارضي الرئيس السوري، بغض النظر عن هوية هؤلاء المعارضين، والأنكى أن بعض وسائل الإعلام حسبت زائري العاصمة السورية على القوى القومية واليسارية، وهي قوى لم تتفق على دعم الأسد، مع وجوب ملاحظة حجم تأثير هذه القوى في الشارع الأردني، وهو تأثير محدود، تؤشر عليه نتائج أي انتخابات، سواء كانت نيابية أو بلدية أو نقابية.

متزعم الوفد الزائر قال، وقد انبهر بحفاوة الاستقبال إن الأهل في الأردن حملوه هذه العباءة، وأنطقها لتقول للرئيس بشار أنت الرائد، ونحن نقف من خلفك، وعلى يمينك ويسارك، وبحضورك وبغيابك، أنت الذي دوماً حاضر في عقولنا وضمائرنا ووجداننا، ووصف الأسد بأنه زعيم الأمة في بلاد الشام، وهذا كلام كبير نستكثر على رئيس دولة منتخب ديمقراطياً الجهر به، فكيف إن كان المتحدث لايحمل أي صفة لتمثيل حتى النقابة التي ينتمي إليها، وكيف إن كان الوفد يضم شخصيات، وإن احترمناها بصفتها الشخصية، فليس باعتبارها ممثلة لأي فئة من الشعب الأردني، ونحترم حقها بتأييد الأسد، لكننا لم نمنحها حق التحدث نيابة عنا، وفيهم من يعرف ذلك، ويعترف به، منكراً أن الوفد تحدث باسم الأردنيين، مشيراً إلى أن «تقديم العباءة» هو لرمزيتها العروبية، وليس الأردنية بشكل خاص.

الزيارة كما تبين لاحقاً، جاءت استجابة لدعوة من القصر الرئاسي السوري لمجموعة من المؤيدين، كانوا زاروا السفير السوري في عمان، وألبسوه عباءة كالتي ألقوها على كتفي الأسد، كتعبير رمزي عن مبايعة عميد القوم، باعتبار أن الأسد عندهم هو عميد هذه الأمة، في حين اعتبر الرافضون للزيارة، أن العباءة المهداة للأسد ملطخة بدماء الشهداء السوريين، والمؤكد أن ليس للأردنيين علاقة بها، وفي حين يتحجج الزائرون بأن سوريا تتعرض لمؤامرة كونية إمبريالية لتفتيتها، فإن السؤال مشروع عن مسؤولية النظام الحاكم عن المشاركة في هذا التآمر، ومسؤوليته عن الانقسام الطائفي والمذهبي، الذي ضرب السوريين وعن تدمير المجتمع المدني والنقابات والأحزاب السياسية، وباختصار، إعادة سوريا إلى زمن الطوائف والمذاهب والعشائر.

خلاصة القول إن الوفد الزائر لدمشق لم يكن يمثل غير نفسه، وهو لم يكن مخولاً التحدث باسم الأردنيين أو العرب، وأن العباءة التي أهديت للأسد لم تكن أردنية، وأغلب الظن أن الوفد وجدها جاهزة عند وصوله إلى فندق الشام ذو الخمسة نجوم، حيث تمت استضافته، وأنها اشتريت من سوق متفرع عن سوق الحميدية، وأن ثمنها دفع بالليرة السورية، حتى وإن فقدت الكثير من قيمتها وقوتها الشرائية، ولأننا نعرف أن كل العباءات الموجودة في السوق الأردنية، مستوردة من العراق أو سوريا أو السعودية، لسبب بسيط هو عدم وجود مصنع للعبي في الأردن، وإذا كانت العباءة اكتسبت عند الأردنيين رمزها الإيجابي، فإنها لم تكرس يوماً لدعم قائد للأمة، ولنتذكر كم عباءة أهديت لصدام حسين، من قبل وفود زعمت تمثيلها للأردنيين.

=======================

تناقض عراقي داخلي يحسمه مصير الأسد!

 سركيس نعوم

2013-02-19

النهار

يعرف الاميركيون إن ما يجري في العراق يؤثر في سوريا، وإن ما يجري في سوريا يؤثر في العراق. وتنبع معرفتهم من واقع جغرافي هو تجاور البلدين، ومن واقع سياسي هو تنافسهما منذ تأسيس دولتيهما. انطلاقاً من ذلك يحاول باحثون في واشنطن متخصصون بالعراق ومحيطه استشراف تأثيرات الازمة – الحرب السورية على أوضاعه وتركيبته السياسية ومواقف مكوناته، بل على الحكم الجديد الذي تمارسه غالبية ابنائه، وهي شيعية، منذ إطاحة الاميركيين نظام الراحل صدام حسين.

الى ماذا توصّل هؤلاء في استشرافهم؟

توصلوا الى إقتناع بأن السنّة والشيعة العراقيين يختلفون في فهمهم حتى التناقض للصراع المحتدم في سوريا. فالشيعة يعتبرونه مخيفاً وتطوراً سلبياً. وتوصلوا الى إقتناع آخر بأن الدول السنّية الرئيسية مثل السعودية وقطر والامارات العربية المتحدة وتركيا لن تحتمل إدارة حكومة يترأسها الشيعي نوري المالكي ولن تتساهل معها على المدى البعيد. وتوصلوا الى إقتناع ثالث بأن السيطرة الجديدة للشيعة العراقيين على السلطة وبسبب احساسهم بالاستهداف التاريخي لهم، تجعلهم يعتبرون الأزمة السورية بداية لارتداد سنّي انتقامي. وهذا امر يقلقهم لأنه ربما يهدد بسقوط بغدادهم مستقبلاً. هذه الاقتناعات الثلاثة يلفت الباحثون الاميركيون انفسهم، دفعت المالكي الى محاولة البحث عن حل تفاوضي للصراع في سوريا. ودفعته ايضاً الى السماح لايران الاسلامية بإرسال المساعدات الى الاسد عبر العراق. ودفعته اخيراً الى التساهل مع الميليشيات الشيعية المدعومة من ايران مثل "عصائب اهل الحق" وذلك بتسهيل عبور عناصر منها الى سوريا لمساعدة نظامها.

اما الأقلية السنّية العربية في العراق فإنها ترى الصراع في سوريا من منظور مختلف تماماً عن المنظور الشيعي. فالسياسيون السنّة والمجموعات السنّية المقاتلة اعتبروا المالكي دمية ايرانية مهمتها اقصاؤهم عن مؤسسات الدولة. وقد أتت الثورة السورية والتجاوب الاقليمي معها لكي تجعلهم يرون ضوءاً في نهاية النفق الطويل المظلم الذي هم فيه. ويرون في الوقت نفسه الاشارة الاولى لمبادرة الدول السنّية الى التحرك جدياً لإضعاف النفوذ المتزايد لايران. هذه "المشاعر" ساهمت في اعطاء الاحتجاجات السنّية الاخيرة في العراق زخماً كبيراً. والحرب في سوريا اعطت المحافظات السنّية العراقية (الانبار ونينوى وصلاح الدين) الامل ان في إمكانها تحقيق الوحدة طبعاً بعد توافر دعم دولة سنّية قوية. وبدا أن بعض المشاركين في الاحتجاجات المذكورة يعوِّل على دعم تركيا جراء رفعهم صور رئيس وزرائها.

هذه المواقف المتناقضة ستدفع العراق تدريجاً الى ذروة الاختلاف عندما ينهار نظام الاسد. وعندها سيشعر المالكي والشيعة العراقيون بضغط وبقلق غير مسبوقين في حين ان "إخوانهم" السنّة سيشعرون بالانتصار والقوة. كما انهم سيصبحون معرّضين للخطأ في الحسابات. وفي جو كهذا ترتفع وإلى حد كبير نسبة إقدام الحكومة العراقية (المالكي الآن) على استعمال القوة وإن شديدة لإعادة النظام إلى البلاد.

ماذا عن اكراد العراق عند الباحثين الاميركيين انفسهم؟

سواء بقي نظام الاسد او سقط، وأياً تكن الجهة التي سيميل اليها اكراد سوريا، فإن حدود اقليم كردستان في العراق ستبقى منطقة مهمة جداً. ذلك ان مرحلة ما بعد النظام المذكور ربما تعزّز فرص تنويع "الاقليم" اماكن تصدير نفطه وغازه، وخصوصاً إذا قامت علاقة جيدة بينه وبين اكراد سوريا والنظام الجديد فيها. وإذا لم يحصل هذا الامر فان علاقة الاقليم مع بغداد ستعود أو ستبقى إشكالية مهمة.

كيف يجب ان تتصرف اميركا في ضوء الواقع العراقي المفصّل أعلاه؟

يجيب الباحثون انفسهم ان على ادارتها ان تبذل جهوداً مع الحكومة العراقية ومعارضيها، وأن تُحضِّر معهم مسبقاً طريقة لادارة الأزمة في بلادهم في وقت تكون سوريا هي موقع الاهتمام الاول. كما عليها ان توفّر لهم ما يطمئنهم ويبعدهم عن الذعر وعن تصور المؤامرات عليهم في كل مكان. والإدارة تستطيع استغلال سقوط الاسد لتخيير المالكي بين ان يجعل مستقبل العراق مع اميركا والعالم العربي أو أن يبقيه مع نادي ايران المتسارع ضعفه و"وكلائها". علماً ان ذلك قد يدفعه الى الاقتراب من طهران أكثر، وخصوصاً إذا كان عاجزاً عن الابتعاد عنها أو خائفاً من ذلك.

=======================

سوريا والحرب الشيعية - السنّية

 راجح الخوري

2013-02-19

النهار

قبل شهرين ونيف، تحديداً في 10 كانون الاول الماضي، نشرت صحيفة "تايمز" مقالاً خلاصته ان سوريا قد تصبح منطلقاً لحرب كبيرة مدمرة وشاملة تقع بين السنة والشيعة يمكن ان تتحول حرباً عالمية!

لا ينطوي هذا التحليل على اي مبالغة، تكفي مراقبة الانزلاق الايراني المتزايد الى الرمال الدموية المتحركة في سوريا لكي يدرك المرء ان المقال المذكور الذي كتبه السياسي البريطاني البارون بادي اشداون، الذي سبق له ان عيّن ممثلاً لشؤون البوسنة والهرسك، يشكل تأكيداً للرؤية الاستباقية المتصاعدة السوداء، التي بدأت تفاصيلها اليومية ترسم بالفعل معالم حرب مذهبية بغيضة مدمرة وطويلة، وخصوصاً في ظل التحول في خلفيات الصراع السوري، الذي بدأ بين الطغيان والحرية ويكاد الآن يصبح بين المذهبين الشيعي والسني وذلك لأسباب ثلاثة:

اولاً العجز العربي عن الحل والتغاضي الاميركي الغربي عن دعم الثوار خصوصاً بعد النتائج المفاجئة التي افرزها "الربيع العربي" في تونس وليبيا ومصر، ثانياً الانحياز الروسي - الصيني الى النظام وتعطيل مجلس الامن، ثالثاً وهو الاخطر الانزلاق الايراني الى القتال ميدانياً الى جانب النظام، وهو ايضاً ما ينزلق اليه اكثر "حزب الله" الذي يتبع ولاية الفقيه، بما قد يجعل من سوريا في النهاية ساحة صراع تستجلب عناصر الحماسة والتطرف السني من العراق وغيره لمواجهة وحشية النظام وعناصر التطرف الشيعي الايراني!

لم يكن حسن شاطري وهو احد كبار جنرالات فيلق القدس اول ايراني يقتل في سوريا، وفي حين يرتفع عدد القتلى من عناصر "حزب الله" الذين باتوا يقاتلون علناً وجهاراً الى جانب النظام، تصدر تصريحات مهدي طائب وهو رجل دين مقرب من المرشد علي خامنئي ويتولى المسؤولية عن الحرب الناعمة ضد ايران، لتوحي بأن ايران تخوض في سوريا حرب حياة او موت:

"لو خسرنا سوريا لا يمكن ان نحتفظ بطهران، ولكن لو خسرنا خوزستان [وهو اقليم الأهواز ذو الغالبية العربية] فيمكن ان نستعيدها ما دمنا نحتفظ بسوريا. سوريا هي المحافظة الايرانية رقم 35 [هكذا تحدث صدّام حسين عن الكويت] انها محافظة استراتيجية لنا، ولهذا اقترحت الحكومة الايرانية انشاء قوات تعبئة لحرب المدن تتسلم حرب الشوارع من الجيش السوري".

التورط الايراني السافر في سوريا يأتي بعد سلسلة طويلة من التدخلات في عدد من دول الخليج العربي من السعودية الى البحرين الى الكويت والامارات واليمن وحروب الحوثيين وبعد تاريخ طويل من التهديدات وادعاء حق السيطرة على الاقليم والاندفاع للعب دور محوري فيه وهو ما شكل تسميماً للاجواء وتخريباً للعلاقات بين المسلمين، وما يشكل الآن استقطاباً للتطرف السني لمواجهة الشيعة في "المحافظة رقم 35"... فيا غيرة اهل الدين!

=======================

"الحزب" يستدرج دماء سوريا إلى لبنان

 علي حماده

2013-02-19

النهار

يوما بعد يوم يتكشف حجم تورط "حزب الله" في الصراع الدائر في سوريا، وانغماسه الكبير في حرب النظام ضد الشعب السوري، وانزلاقه المتعاظم في العمليات العسكرية في محيط مدينة حمص وريف دمشق، وصولا الى المناطق الجنوبية في محاذاة درعا. ويوما بعد يوم تعود الى لبنان جثث مقاتلين من الحزب المذكور لتدفن تارة تحت جنح الظلام من دون تبيان الاسباب الحقيقية التي ادت الى الوفاة، وطورا تحت شعار "الاستشهاد خلال اداء الواجب الجهادي". وفي احيان كثيرة تتوارد انباء مصدرها اهالي المناطق الحدودية مع سوريا لجهة البقاع الشمالي، تفيد بأن مدفعية الحزب تتدخل دوريا من داخل الاراضي اللبنانية في المعارك الدائرة حول قرى حمص المحيطة بمدينة القصير المحاصرة من قوات النظام، والتي يشترك فيها "حزب الله". اما عن التعاون الامني والمخابراتي الذي يتم في جانب منه اقحام الاجهزة الرسمية اللبناني فحدث ولا حرج.

ماذا يعني هذا الامر؟ بكل بساطة ان الايرانيين من خلال ذراعهم العسكرية في لبنان ( حزب الله) يقاتلون على الارض السورية في محاولة لمنع سقوط النظام. هذا امر في غاية الخطورة، لان عواقبه لا تقتصر على الايرانيين، بل تصيب لبنان مباشرة وتجعل من فريق يمثل الجهة الوازنة الاساسية في الحكومة الحالية، فريقا متورطا في قتل السوريين، وخوض حروب على ارض غير لبنانية. فأين هي معزوفة "النأي بالنفس" التي صرع الرئيس ميقاتي الناس بها؟

وعليه، لا بد لنا من وقفة جدية مع "حزب الله" ومع الفريق السياسي الحامي لمعادلة الحكومة الحالية، لسؤاله عن موقفه الصريح من هذه المقامرة بالاستقرار اللبناني الداخلي والخارجي. ما هو موقف رئيس الجمهورية؟ وما هو موقف رئيس الحكومة؟ والى متى دفن الرؤوس في الرمال وتجاهل هذا التورط العظيم الخطورة، ليس فقط على "حزب الله"، ونحن آخر من يهتم بمصيره كذراع ايرانية في لبنان، بل على لبنان، ولا سيما البيئة التي يمسك الحزب بقرارها.

لا بد من موقف على مستوى خطورة التورط الدموي لهذا الحزب الذي يبني يوما بعد يوم جدرانا من الاحقاد بين الشعب السوري وبيئة لبنانية يوهمها بانه يحفظ مصالحها ويعززها بسياساته. لا بد من كلام صريح لرئيس الجمهورية، ولا بد من موقف مغاير لخطاب التكاذب الذي يبرع فيه رئيس الحكومة ويهدد به بالاستقالة ما لم يتوقف التورط فورا. وعندما نعني التورط، فإننا نعني كل اشكال التورط، بدءا من العسكري والامني، وصولا الى الاقتصادي والمالي والتمويني.

ان النتيجة الحتمية لتورط "حزب الله" الجهنمي في قتل السوريين، ستكون باستحضار الصراع الى قلب لبنان مع ما يمكن ان يطول دماء لبنانيين ابرياء من جرائم "حزب الله" المتمادية.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ