ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 29/01/2013


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

مقالات مختارة من الصحف العربية ليوم

28-01-2013

روسيا وإيران شركاء في مأساة اللاجئين

طاهر العدوان

الرأي الاردنية

28-1-2013

خلال الأسابيع الاخيرة تدفق عشرات الآلاف من اللاجئين السوريين عبر الحدود وفي الاسبوع الماضي وصل عددهم خلال ٣٦ ساعة الى ١١ الف لاجئ، جاء ذلك في الوقت الذي كانت فيه وكالات الانباء العالمية مشغولة فقط بوصول طائرتين روسيتين الى بيروت لإجلاء عدد من الرعايا الروس في سوريا.

النزوح الجماعي من اللاجئين السوريين مرشح للتصاعد في الأسابيع والأشهر القادمة وقد تصل الاعداد الى مئات الالاف وذلك لأسباب متعددة منها: إغلاق الاسد، في خطابه الاخير، الباب امام المقترحات العربية والدولية بشأن المرحلة الانتقالية وإصراره ان تكون تلك المرحلة تحت سلطته وبوجوده على رأس السلطة وهو امر لم يعد مقبولا ولا منطقيا بعد ان أوغل بالحل الأمني الوحشي وارتفع رقم الضحايا الى ٦٠ ألفا.

لقد وصلت الجهود الدولية من خلال الاخضر الإبراهيمي وشركاء اتفاق جنيف الى طريق مسدود بسبب الدعم الروسي القوي لخطط الاسد الامنية في البقاء، هذا من جانب، وبسبب التخلي الامريكي عن الملف السوري بحجج « وجود جبهة النصرة الاسلامية « في صفوف الثوار ولأسباب اخرى باتت معروفة.

ومن الأسباب التي ترشح حصول تدفقات كبيرة من اللاجئين السوريين عبر حدودنا هو اعتماد الاسد سياسة الارض المحروقة التي بدأ بتنفيذها في داريا وضواحي دمشق وفي محافظتي حمص ودرعا باستخدام كافة انواع الاسلحة التدميرية ضد المناطق السكنية، ويرافق هذا التحول الخطير الاعلان رسميا عن بدء عمل المليشيات الطائفية في مناطق حمص حيث التداخل السكاني كبير بين الموالين للنظام وبين الثائرين عليه.

سياسة الارض المحروقة التي ينفذها الاسد تجعل الموقفين الروسي والإيراني في عين الخندق الذي يقاتل منه النظام، والتصريحات الصادرة عن لاريجاني ولافروف عن دعم رأس النظام امنيا وسياسيا توسع من دائرة شركاء الخارج في حرب الداخل السورية. فالسلاح الروسي والإيراني لا يسفك الدم السوري فقط انما يخلق ازمة إنسانية كبيرة بدأت تتجسد بهذا العدد الهائل من اللاجئين خلال الساعات والأيام الاخيرة.

عندما تعلن طهران بان الاسد خط احمر وكذلك تفعل موسكو فان هذه ليست مجرد كلمات بمضمون سياسي انما هي مشفوعة بعملية تدمير وقتل واسعة يقوم بها النظام للحفاظ على بقائه فيما يتحمل الاردن ولبنان وتركيا اعباء كارثة إنسانية بكل ما تعني الكلمة، وهذا ما يصل بالأزمة السورية الى مرحلة اعتبارها ازمة انسانية كارثية تشارك في صنعها دولة اقليمية هي ايران ودولة كبرى هي روسيا، بما يتطلب تحركا فوريا وجادا من الجامعة العربية ومجلس الأمن لتحمل مسؤولياتهما إزاء الموقفين الروسي والإيراني المعطلين الرئيسيين لتنفيذ خطة الانتقال بالوضع السوري الى مرحلة انتقالية بحكومة محايدة كاملة الصلاحيات تجلب السلام لسوريا على اساس خيار ديموقراطي حر للشعب.

========================

لبنانيون يعْبرون الحدود لمساعدة الثوار

حرب سوريا... في شارع ٍبطرابلس!

تاريخ النشر: الإثنين 28 يناير 2013

باباك ديهغانبيشه

سوزان هايدموس

بيروت

الاتحاد

يقول مسؤولون أمنيون لبنانيون رفيعو المستوى إن مقاتلين سنة لبنانيين أخذوا يتقاطرون على سوريا بأعداد أكبر خلال الأشهر الأخيرة، من أجل الانضمام إلى المتطرفين الإسلاميين الذين يحاربون الحكومة السورية. ويُعتبر الدور التصعيدي الذي يلعبه المقاتلون اللبنانيون في النزاع، نتيجةً مباشرةً لتوطيد العلاقات بين المتطرفين الدينيين السنّة على جانبي الحدود، لكنه يثير مخاوف في لبنان بشأن تجدد التوترات الطائفية.

ويشير المسؤولون الأمنيون اللبنانيون إلى أنه في مقدمة التحالف السني المتزايد توجد «جبهة النصرة»، وهي مجموعة متشددة يُعتقد أن لها علاقات بتنظيم «القاعدة» وتعتبرها الولايات المتحدة منظمة إرهابية أجنبية. وقد أقام مقاتلو «جبهة النصرة» علاقات مع خلايا متطرفة توجد مقار معظمها خارج طرابلس، التي تعد ثاني أكبر مدينة في لبنان، والتي لطالما شكلت مرتعاً لبعض حركات التطرف السنية.

وفي هذا السياق، قال مسؤول أمني لبناني طلب عدم الكشف عن هويته لأنه لم يؤذن له بالتحدث بشكل رسمي: «إن علاقة قوية تربط بين قيادة جبهة النصرة في سوريا والمتطرفين السنة في طرابلس».

ويشار هنا إلى أن العديد من السنة اللبنانيين يدعمون المعارضة في سوريا بقوة، في حين يدعم الشيعة اللبنانيون بشكل رئيسي حكومة الأسد التي يقودها العلويون. غير أن مجموعات متشددة شيعية في لبنان، مثل «حزب الله»، الذي يعتبر أقوى مجموعة سياسية وعسكرية في البلاد، قامت هي أيضاً بإرسال مقاتلين إلى سوريا خلال الأشهر الأخيرة.

وفي هذا الإطار، يقول هلال خشان، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية في بيروت: «إن السنة في لبنان، سواء كانوا متطرفين أم لا، وسواء كانوا متدينين أم لا، ينحازون بقوة إلى جانب الانتفاضة السورية».

وإلى ذلك، تلعب الانقسامات حول سوريا داخل لبنان دوراً في توسيع الاشتباكات الطائفية بين المقاتلين السنة والشيعة في طرابلس، وكذلك في العاصمة بيروت. وعلى سبيل المثال، فقد توفي خلال العام الماضي وحده 70 شخصاً على الأقل في مثل هذه الاشتباكات.

ويقول مسؤولون أمنيون لبنانيون إن أوضح مثال على ازدياد وتوطد العلاقات بين المقاتلين السنة في لبنان ونظرائهم في سوريا، هو ما حدث في أواخر نوفمبر الماضي، عندما عبرت مجموعة تتألف من 22 متطوعاً متعاطفاً مع المعارضة السورية الحدود من شمال لبنان إلى سوريا. وقد كانت أغلبية المجموعة تتألف من شبان لبنانيين، وإن كان من بينهم أيضاً بعض الفلسطينيين والسوريين الذين يعيشون في لبنان، كما يقول المسؤولون.

وبعد تقدمها لبضعة كيلومترات في الجانب الآخر من الحدود، وقعت المجموعة في كمين نصبته لها قوات الأمن السورية بالقرب من بلدة تلكلخ وتعرضت لوابل من إطلاق النار، حسب المسؤولين الأمنيين اللبنانيين الرفيعين الذين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم لأنه لم يؤذن لهم بالتحدث بشكل رسمي، فقُتل تسعة عشر رجلا، ونشرت صور فيديو على الإنترنت بعد وقت قصير على الهجوم، يظهر فيها مسلحون وهم يرفسون ويلعنون جثث المقاتلين.

غير أن موت أولئك المقاتلين تسبب في أيام من الاشتباكات بين المقاتلين السنة والعلويين في طرابلس في أوائل ديسمبر، ما أدى إلى سقوط 12 قتيلا وعشرات الجرحى.

ويقول المسؤولون اللبنانيون إن ذلك الحدث جاء عقب عدة أشهر كان يدعو خلالها زعماء سنة متطرفون في طرابلس أتباعهم إلى زيادة الدعم لنظرائهم على الجانب الآخر من الحدود.

وفي هذا السياق، تم تشكيل مجموعات صغيرة في شمال لبنان من أجل تسهيل نقل الأسلحة والذخيرة والمعدات اللوجستية، إضافة إلى المقاتلين، عبر الحدود إلى سوريا، بمساعدة من المهربين. وكانت هذه المجموعات تتواصل في البداية مع نظيرتها السورية بواسطة الهواتف المحمولة، غير أنها ما لبثت أن تحولت إلى استعمال وسائل اتصال أكثر تطوراً وأماناً، مثل الهواتف العاملة بواسطة الأقمار الصناعية.

ومن جانبهم، يقول زعماء دينيون سنة في طرابلس إن العلاقات بين المقاتلين في سوريا ولبنان مبالغ فيها، وإن المعارضة السورية لا تحتاج إلى مساعدة مقاتلين لبنانيين.

وفي هذا الإطار، يقول الشيخ سالم الرفاعي، رجل الدين السني: «إننا نقول لهم ألا يذهبوا إلى سوريا، لأنهم ليسوا في حاجة إليهم هناك». مضيفاً: «ثم إنهم لا يعرفون الطبيعة الجغرافية للمنطقة، وسيحتاجون إلى الطعام والمأوى، وهو ما سيشكل عبئاً على المعارضة في سوريا».

ومع ذلك، يُظهر سكان طرابلس علناً دعمهم للثوار السوريين، حيث ترفرف أعلام المعارضة على الأسطح، وتنتشر الجداريات التي تدعو إلى خلع الأسد.

أما النقطة الساخنة الرئيسية بالنسبة للأطراف التي تدعم وتعارض الأسد في المدينة، فهي شارع سوريا، وهو شارع مزدحم تفصل متاجره وبناياته التي تحمل آثار الرصاص وإطلاق النار بابَ التبانة، وهو حي أغلبية سكانه من السنة، وجبل محسن، وهو حي تقطنه أغلبية علوية.

الجيش اللبناني قام بوضع ناقلات جند مدرعة على بعد كل بضعة مبان على طول الشارع واستطاع حفظ السلام خلال الأسابيع الأخيرة. لكن الاضطرابات اندلعت في أماكن أخرى من المدينة.

ويقول المسؤول الأمنـي اللبنانـي الرفيـع عن الوضع في طرابلس: «لقد أثبت المتطرفون أنهم هم الذين يسيطرون على الوضع، لأن كثيرين يدعمونهم»، مضيفاً: «والحكومة لا تستطيع إيقافهم».

ينشر بترتيب خاص مع خدمة

«واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»

========================

التعايش مع البركان

غسان شربل

الإثنين ٢٨ يناير ٢٠١٣

الحياة

لا شيء يوحي أن البركان السوري يتجه نحو الخمود. مؤشرات كثيرة توحي أننا لم نشهد بعد الفصول الأشد بطشاً وهولاً. يقذف البركان السوري يومياً حممه في الداخل وعلى أطرافه. يقذف يومياً نحو 150 جثة وآلاف الفارين إلى الدول المجاورة. يطحن يومياً عائلات وأحياء وقرى. يلحق خسائر إضافية بالاقتصاد والبنية التحتية ويضاعف عدد السوريين المقيمين تحت خط الفقر، فضلاً عن خط الرعب. يبث البركان السوري يومياً مشاعر تعزز روح المواجهة بين الطوائف والمذاهب وتعزز أيضاً مشاعر الطلاق والحديث عن الخرائط الصغيرة.

تطرح المأساة السورية على من يتابعها سلسلة من الأسئلة الصعبة والشائكة. هل صحيح مثلاً أن روسيا هي الداعم الأول للنظام السوري أم أن إيران هي اللاعب الأول في سورية؟ صحيح أن روسيا حمت النظام من صدور قرار دولي يدينه أو يجيز التدخل ضده، لكن روسيا تستطيع في النهاية العيش من دون سورية ومن دون القاعدة البحرية في طرطوس. يمكن الذهاب أبعد. تستطيع روسيا أن تخسر في سورية من دون أن تكون هذه الخسارة مدمرة لها أو قاتلة. ربما تستطيع الحصول على مقابلٍ ما إذا وافقت على الخسارة على الملعب السوري. في انتظار ذلك، تتعايش روسيا مع البركان وتمده بمقومات الاستمرار وترى فيه استنزافاً للراغبين في إسقاط النظام السوري في الداخل والخارج.

في المقابل، لا تبدو إيران قادرة على احتمال الخسارة في سورية. اتخذ النزاع الدائر في سورية موقعه الرئيسي على خط النزاع السني-الشيعي في المنطقة. خسارة الحلقة السورية تعني أن إيران خسرت معركة الدور الكبير إقليمياً. خسارة سورية تقلص حجم المكاسب الإيرانية في العراق. تقلص أيضاً حجم المكاسب الإيرانية في لبنان. هذه الخسائر ستبعث برسالة مفادها أن ايران ناءت تحت أعباء حلمها الإقليمي كما سقط الاتحاد السوفياتي ضحية التزاماته الخارجية الباهظة. لهذا، تبدو إيران كأنها تدافع في سورية عن صورتها وتحالفاتها ومصالحها في معركة حياة أو موت، ذلك أن التواصل بين حلقات هلال الممانعة هو برنامجها الكبير، وهو أكثر أهمية وحيوية من البرنامج النووي القابل للتأجيل أو التجميد. وإذا كان لا يكفي أن تبرم أميركا صفقة مع روسيا، فهل ظروف الصفقة مع إيران ناضجة؟ وهل الولايات المتحدة مستعدة لمكافأة ايران؟ وكيف؟ وأين؟ وهل الظروف الإيرانية الداخلية مهيأة لصفقة من هذا النوع؟... لا شيء يوحي ان الصفقة سهلة أو ممكنة في المستقبل القريب. لإيران مصلحة حيوية في منع سقوط النظام. إنها تدافع عن نفسها وبرنامجها على أرض سورية. لهذا لن تبخل بما يضمن استمرار البركان.

في موازاة المشهد الخارجي، يبدو المشهد الداخلي قاتماً هو الآخر. لا شيء يوحي بقدرة النظام السوري على إعادة فرض سلطته على كامل الأراضي السورية. لا شيء في المقابل يوحي بأن المعارضة قادرة بوضعها الحالي على حسم الصراع عسكرياً. وفي الوقت نفسه، يصعب تصور حوار تحت قبعة النظام بعد كل الخسائر التي وقعت. وهكذا تكتمل حلقات المشهد: سورية مرشحة لمزيد من العيش داخل حمم البركان. والدول المجاورة محكومة بالتعايش مع استمرار البركان. إنها معركة استنزاف طويلة ومدمرة. عودة النظام إلى ما كان عليه قبل 22 شهراً ليست واردة. الدول المتحمسة لإسقاطه لا تريد ايضاً رؤية سورية في قبضة الفوضى الدامية ورؤية «القاعدة» تتحصن في مدنها أو قراها. وثمة من لا يرى ضيراً في استنزاف النظام وحلفائه واستنزاف المقاتلين الجوالين أيضاً. لا الحل الداخلي وارد ولا إطفاء البركان من الخارج متيسر. إننا في خضمّ حرب الاستنزاف. إننا في مرحلة التعايش مع البركان. لا بد من قبور جديدة في الداخل. ولا بد من خيام جديدة في الخارج. يمكن قواعد اللعبة هذه أن تتغير إذا سقطت أسلحة كيماوية في أيدي متطرفين أو انهمرت صواريخ على إسرائيل.

========================

سورية... ومحاكمة العروبة النائمة!

جميل الذيابي

الإثنين ٢٨ يناير ٢٠١٣

الحياة

«اللي مطاوعها زلمتها بتدير القمر بإصبعها». هذا ما قلته بيني وبين نفسي عندما قرأت خبراً عن عزم أميركا وروسيا عقد قمة قريبة لبحث «مبادئ الحل» في شأن الأزمة السورية. ربما هذا المثل «الشامي» هو ما ينطبق على الموقفين الروسي والأميركي وهما «يجتران» مجدداً رغبتهما في إيجاد حل للأزمة السورية بعد مرور عامين من المماطلات والتسويف، حتى قتل نظام بشار الأسد نحو 65 ألفاً من الأبرياء!

ومما يزيد السخط أيضاً «هزالة» التصريحات الأخيرة للسيناتور الأميركي جون كيري المرشح لتولي حقيبة الخارجية خلفاً لهيلاري كلينتون بقوله: «لقد اتخذ الأسد قرارات خاطئة وغير مبررة، وعليه الرحيل، وأن على بلاده أن تغيّر في حسابات الأسد لتمهّد للمرحلة الانتقالية»!

ما قيمة مثل هذه التصريحات الفاشلة «الباعثة» على التشاؤم، بعد أن أحرق نظام الأسد الأخضر واليابس ونحر الأطفال واغتال العباد ودمّر البلاد!

كان ينتظر من «مستر كيري»، وهو يستعد لتولي مهمته إعلان موقف صلب، والتصريح بأنه سيعرض على أوباما أهمية وضع الملف السوري على رأس أولوياته الخارجية حتى إنهائه، لكنه سيبدأ المهمة من الصفر، ففضل إخبارنا وكأننا لا نعلم أن قرارات الأسد «خاطئة وغير مبررة؟» فعلاً «اللي اختشوا ماتوا»!

واشنطن وموسكو، لا تزالان تناوران، إحداهما «تثبت» والأخرى «تشوت» في الجمجمة العربية. واشنطن لم تتحرك جدياً لمساعدة السوريين، بل تعتبر غير بعيدة من الموقف الروسي ربما لحماية إسرائيل.

لماذا لا تسمح أميركا بدعم المعارضة، والدفع نحو تسليحها، وزيادة الضغط على موسكو لتغيير مسارها ومواجهة قراراتها وفضح السلاح الروسي المرسل إلى نظام الأسد، ليدمّر سورية، ويعربد ويقتل ويغتال أهلها على مرأى ومسمع من العالم كله؟

الشعوب العربية مصابة بالإحباط من واشنطن، وبالقهر من موسكو، ومصابة بالإحباط والقهر من الحكومات العربية حتى المولودة من رحم «الربيع العربي»، حتى أصبحت تصفها بالجثث الهامدة.

منذ اندلاع الثورة السورية والأنظمة العربية تكرر الخطاب السياسي نفسه المرتكز على لغة الإدانة والاستنكار في ما أصبح أشبه باسترخاص الدماء السورية الزكية!

شخصياً، أتمنى محاكمة كل من قَبِلَ بالمهمة في سورية، وهو لم يفعل شيئاً للشعب، بل ساعد النظام المجرم على كسب الوقت لتصفية المعارضين ونحر الأطفال وقصف المدن وهدم المنازل على رؤوس أهلها، ثم يعود ليصرّح من إحدى العواصم بأنه لم يتمكّن من التوصل إلى تسوية سلمية.

المبعوث الدولي - العربي الأخضر الإبراهيمي قَبِلَ منذ البداية بمهمة فاشلة على رغم التحذيرات الكثيرة، وذهب إلى دمشق وهو يعرف استحالة المهمة، وأن الفشل حليفه طالما أنه يتفاوض مع نظام قاتل، لكنه أصرَّ على تسجيل نفسه في القائمة السوداء، حتى أنه لم يكلف نفسه زيارة مخيمات اللاجئين والنازحين.

كل التوقعات لا تزال محبطة ومنخفضة جداً في شأن جلسة مجلس الأمن المقررة في 29 الجاري، ومن غير المنتظر أن يقدم الإبراهيمي أي اختراق أو مفاجأة، وليس من حل لمحاصرة النظام إلا بدعم الثوار بالمال والسلاح سراً وعلانية. رضي الغرب أم لم يرضَ!

السياسة الروسية كريهة الطعم واللون والرائحة، بإصرارها على استعداء واستفزاز كل العرب، وعبر مزايداتها النتنة في الملف السوري، وكأنها تريد الانتقام أو الثأر لنفسها من العرب، يساعدها في ذلك وَهَنُ وضعف الحكومات العربية.

لا شك في أن «دببة» الكرملين وجدوا فراغات سياسية وفرصاً عدة ساعدتهم على المناورة، واستغلال الأوضاع في سورية بشكل سياسي خبيث، في مقابل تراخي البيت الأبيض، أو بالأصح ضعف قرارات إدارة أوباما، وتآكل دور بلاده خارجياً، ما مكّن الروس من استخدام «الفيتو» بالتزامن مع دعم نظام الأسد بالسلاح والخبراء العسكريين والاستخباراتيين.

صنعت روسيا لها عداوات كبيرة في الشارع العربي «المحتقن» ضدها، وهذا خطأ استراتيجي ستدفع ثمنه، في ظل تزايد الوعي الشعبي العربي.

لا شك في أن الثورة السورية تواجهها معوقات داخلية وخارجية، بينها ضعف القرار العربي، وتذبذب الموقف التركي، في مقابل وقوف إيران مع النظام وإمداده بالمال والسلاح وعناصر «الباسيج»، والدفع بـ«حزب الله» للمشاركة في عمليات نوعية داخل سورية، تستهدف الثوار.

كما أن من الواضح أن أميركا ليست راغبة ولا متعجلة في تغيير نظام الأسد ووقف حمام الدم، وتميل إلى ما تقوم به روسيا باعتباره الأسلم لحماية إسرائيل.

الأكيد أن من يتحكم بـ«الضبة والمفتاح» في الموضوع السوري قوى خارجية تتوزع الأدوار بين موسكو وطهران وبكين وواشنطن، فيما يجلس العرب على مقاعد المشاهدين المهزومين المكلومين، يشاهدون كيف تجري عمليات القتل، وكيف تجمع أشلاء الأبرياء وكيف يدفن الموتى، وليس لديهم سوى عبارات الأسف والإدانة والاستنكار، أليست العروبة نائمة وترفض اليقظة؟!

========================

«العقبة» السورية بين المعارضة وحسابات الخارج

جورج سمعان

الإثنين ٢٨ يناير ٢٠١٣

الحياة

لم يعد كافياً أن تعيد المعارضة السورية النظر في حساباتها وشبكة علاقاتها. عليها أن تعيد صياغة برنامج جديد جذري يعتمد على الداخل، في ضوء شبكة المصالح الدولية والإقليمية التي دفعت ثورتها إلى «العقبة». من السهل توجيه اللوم إلى أطيافها السياسية وقواها العـسـكرية داخل الحدود وخارجها، ولكن من الظلم تحميلها جُلَّ ما آلت إليه الأوضاع، كما من السهل توجيه اللوم إلى «أصدقائها» في الغرب والإقليم. ولكن لا تصح المبالغة هنا أيضاً، فلهؤلاء حسابات ومصالح لا يمكن القفز فوقها وتجاوزها، وهم غلّبوها ويغلّبونها على الاعتبارات الأخلاقية، التي تحتم على الجميع بذل المستحيل لوقف حمام الدم في سورية وآلة التدمير للحجر والبشر.

وفي ظل غياب أي مؤشرات إلى قرب الحسم العسكري أو قرب التسوية أو الحل السياسي، ليس أمام المعارضة سوى العودة إلى الداخل السوري للاعتماد على قواه السياسية والعسكرية من أجل تعديل ميزان القوى وفرض الحل الذي يرغب فيه السوريون. لم يعد يفيد «الائتلاف الوطني» انتظار «الترياق من العراق» كما يقال، ولا من أميركا وأوروبا وتركيا وبعض العرب شرطاً لقيام الحكومة الموقتة. منذ قيام «المجلس الوطني» دارت فيه خلافات لا طائل منها، وجُلُّها تمحور حول التدخل الخارجي، وخرجت قوى من المجلس لمعارضتها دعوة بعض أطرافه إلى مثل هذا التدخل، على غرار ما حصل في العراق. وتناثرت مكونات المعارضة طويلاً حيال قضية لم تكن واردة أصلاً، فلا تركيا -التي رفعت الصوت عالياً منذ بداية الحراك مهدِّدةً ومنذرة- كانت مستعدة لأي تدخل، وحتى عندما اعتدي على حدودها لم تجد ذلك ذريعة لنوع من أنواع الانخراط الميداني، بل رأت في ذلك فرصة لاستدعاء العون وصواريخ «باتريوت» من حلف «الناتو»! ولا الأردن -الذي أيد مطلب تنحي الرئيس بشار الأسد- فتح حدوده لغير اللاجئين، بل امتنع عن أي دعم بالسلاح أو تسهيل مروره، في الوقت الذي ينظر إلى ما يعتمل في ساحته من حراك.

أما الإدارة الأميركية، التي يسهل اليوم توجيه اللوم إليها بالانكفاء والاكتفاء بالوقوف خلف مجلس الأمن المنقسم، أو خلف المبعوث الأممي-العربي، فلم تكن في وارد أي تدخل، فهي تأخرت منذ البداية حتى في مطالبة الأسد بالتنحي، وفي ذهنها ما حل بالعراق وأفغانستان، اللذين يعيشان لحظات العودة إلى نقطة البداية، إلى لغة السلاح والاحتراب. ومثل أميركا أوروبا المترددة، التي لم تكن كذلك أبداً عندما ضربتها الحماسة والحمية لتغيير النظام في ليبيا، لأسباب يتعلق بعضها بالثروة النفطية لهذا البلد وبعضها الآخر بمسائل أمنية، حيث إن جماهيرية القذافي كانت تشكل بوابة لسيل من المهاجرين غير الشرعيين وشبكات التهريب إلى جنوب أوروبا وغربها. ولا شك في أن كلاًّ من واشنطن وشركائها يسكنه اليوم هاجس انتشار السلاح من ترسانة العقيد الراحل في شمال أفريقيا والصحراء الغربية، ولا يجد بعضهم مفراً من السير في أعقاب فرنسا إلى مالي، إلى حرب قد لا تكون نزهة بقدر ما يمكن أن تتحول إلى «أفغانستان» ثانية! هذا من دون الحديث عما يحدث في مصر، حيث لم يُحْسِن النظام الجديد، نظام «الإخوان»، سوى إعادة إشعال الثورة، ما يهدد بانهيار اقتصادي وأمني في بلاد لا يخفى مدى تداعيات أوضاعها على كل العالم العربي، فضلاً عن أفريقيا الشمالية والقرن الأفريقي... وإسرائيل. ومن دون الحديث عن تعثر «السياسة» في تونس، والتهديدات بتقسيم اليمن، الذي يتخبط في السير نحو مؤتمر الحوار الموعود... حتى وإن انتقل إليه مجلس الأمن بقده وقضيضه!

ضاع جهد كبير في الصراع بين دعاة التدخل ومناهضيه، وهو لم يكن ينتظر إشارة مرور من المعارضة السورية، يعني أن خيار العون الخارجي، على رغم حيويته وضرورته لمواجهة آلة النظام وأدواته وترسانته والدعم الذي يتلقاه من روسيا وإيران وحلفائها في لبنان أو العراق، قد لا يتوافر في المدى المنظور، فخيار كهذا يعود إلى اللاعبين الخارجـيين وحدهم، وتـحكمه حـساباتهم، التي تتـعدى ظروف الأزمة الـسورية والشـعارات «الأخلاقية»! لذلك، على المعارضة السورية بجناحيها السياسي والعسكري، أن تعيد ترتيب بيتها الداخلي وتنظم قواها الذاتية بدل انتظار الغوث الذي قد يتأخر.

لا يكفي أن تعزو المعارضة قوة النظام إلى الدعم الذي يتلقاه من حلفائه بالسلاح والمال، بل يجب أن تلتفت إلى قوى كثيرة في الداخل لا تزال تمده بأسباب الثبات والصمود كما تمد خصومه بأسباب التردد والانتظار، ففي مقابل نجاحه في عسكرة الحراك، لم تنجح المعارضة في بناء جسم عسكري واحد بمرجعية واحدة، وهو ما سهَّل للنظام النجاح في استدعاء جموع المجاهدين الإسلاميين إلى الداخل السوري، حيث دفعت أعلامُ هؤلاء وشعاراتُهم وبعضُ عملياتهم مكوناتٍ شعبيةً كثيرة إلى مزيد من الالتصاق بالنظام، مثلما رفعت وتيرة مخاوف «أصدقاء» الثورة من مستقبل سورية والمجهول الآتي في «اليوم التالي» لسقوط النظام، وهو ما سهل للنظام أيضاً تحييد الأكراد إلى حد كبير انتهى بزجهم في معارك مع مجموعات كان يفترض ألا تنصرف إلى معارك جانبية.

ليس هناك ما يبـرر غياب علاقة استراتيجية واضحة للمعارضة مع الأكراد، الذين يشعرون اليوم بأنهم انتَزَعوا للمرة الأولى قرار إدارة مناطقهم بأيديهم، على رغم الخلافات التي تعصف بين أحزابهم وفرقهم والتباينات في أجنداتهم. يجدر بالائتلاف أن يتفهم أولاً مـشكلة الـكرد، ليكـون قـادراً على إعادة ترميم الجسور معهم. كانت أدبيات البعث منذ الخمسينات تنادي بـ «تعريب» مناطقهم لطمس هويتهم القومية، وهم عانوا الكثير من التمييز العنصري، على رغم أن منهم من وصل إلى سدة الرئاسة في دمشق! وحتَّمَ صراع «البعثَيْن»، خصوصاً في ظل صدام حسين، أن يحظى أكراد سورية ببعض الرعاية والتفهم، ليس بهدف استجابة مطالبهم والاعتراف بهويتهم، بقدر ما كان الهدف استخدامهم أداة من أدوات الصراع مع بغداد، الأمر الذي كان يثير حفيظة العشائر العربية التي تستوطن الجزيرة والمناطق المشتركة مع الكرد. وانقلب الوضع بعد الغزو الأميركي للعراق، خصوصاً إثر أحداث آذار (مارس) 2004 في القامشلي ودير الزور، فلم يكتف النظام بشن حملاته عليهم، بل حاول إثارة مشكلاتهم القديمة مع العشائر.

ولا تكفي طمأنة الأكراد وحدهم إلى المستقبل، فهناك مكونات أخرى من الأقليات بدأ ينالها من انفلات الأرض وتعدد مشارب المسلحين وشعاراتهم ما يدفعها أكثر إلى حضن النظام وعباءته. ولا يكفي اتهام الغرب، الذي تقلقه ظاهرة الجهاديين ويتذرع بهم للقعود عن مد المعارضة بالسلاح والاكتفاء بالقليل من المال، بل لا يجدر الدفاع عن هؤلاء وإن كانوا جزءاً من الكتلة المقاتلة، لأنهم سيشكلون عبئاً على أي حكم أو بديل قادم. ومن مسؤولية «الائتلاف» إيجاد صيغة تحدُّ من تحول الساحة السورية مقصداً لحركات الجهاد العالمي، لعله بهذا يستعجل تبدل الموقف الدولي فيدفعه إلى الانخراط من أجل التغيير المنشود، أي أن أمامه مهمة تحويل أهل الثورة في الداخل والخارج جسماً واحداً ومرجعية واحدة فعلاً، لا قولاً وبياناً.

ثمة مشكلات كثيرة أخرى يجب أن تتصدى لها المعارضة، التي ستجد نفسها قريباً أمام خيارات صعبة، فالولايات المتحدة التي فضلت حتى الآن خيار المراقبة من بُعد في انتظار توافر الظروف لعقد صفقة مزدوجة مع موسكو وطهران، تستعد لحوار على طريق مثل هذه الصفقة، ويكفي ما قدمه أركان إدارة الرئيس باراك أوباما من مواقف حيال التعامل مع الجمهورية الإسلامية وتعزيز التعاون والحوار مع روسيا، بل تكفي موجة التشاؤم التي ينشرها بعض أكثر المتحمسين لدعم الثورة السورية باستبعادهم موجة التغيير المنشود في سورية، وطي صفحة التعويل على الحسم العسكري.

قد لا تطول الأزمة أكثر مما طالت حتى الآن، فالذين انكفأوا عن تأييد الثورة والذين لا يزالون يتمسكون بالنظام يدركون جيداً أن ثمة نهاية لهذه المأساة. إن مزيداً من العنف على الأرض يعني تحول سورية ساحةً من الفوضى الشاملة تفيض على الجيران، فهكذا ساحة بدأت في العراق ولبنان وقريباً ستصل إلى تركيا والأردن، كما ستتحول مرتعاً لكل أنواع الجهاديين، وستكون خسارة واشنطن عندها -بالتأكيد- أكبر بكثير من خسائر الانتظار الذي حكم موقفها حتى الآن، كما أن خسارة روسيا وإيران ستكون أكثر فداحة، لأن التغيير الآتي أياً كان شكله، سيطيح كل ما زرعتاه وبنتاه.

في ضوء هذه الحقائق، سيجد حلفاء النظام في دمشق وخصومه أنفسهم محكومين بالتحرك أملاً بالحفاظ على مصالح وعلاقات يمكن إنقاذها قبل فوات الأوان، أو على الأقل الحد من خسائرها. والأهم من ذلك، أن المعارضة السورية ستجد نفسها أمام خيارات صعبة، وربما مؤلمة ومكلفة للحد من الخسائر والحفاظ على البقية الباقية من سورية.

 

========================

أزمة اللاجئين السوريين.. إلى أين؟

المصدر: صحيفة نيويورك تايمز الأميركية

التاريخ: 28 يناير 2013

البيان

قتل أكثر من 60 ألف مدني سوري بريء، في محاولة يائسة من الرئيس السوري بشار الأسد للاحتفاظ بالسلطة في سوريا. ولقد أجبرت كذلك أعداداً هائلة من السوريين على التنقل داخل البلاد، أو الفرار عبر الحدود، خلال عامين ساد فيهما الإرهاب، ليخلق كارثةً تهدد بزعزعة استقرار المنطقة.. ويقع على كاهل المجتمع الدولي التزام بفعل المزيد لتخفيف المعاناة.

وحالياً، قامت الأمم المتحدة بتسجيل حوالي 650 ألف سوري كلاجئين، أو هم في انتظار التسجيل، مع زيادة بحوالي 100 ألف لاجئ في شهر ديسمبر الماضي وحده. ويتضمن ذلك حوالي 155 ألف لاجئ في تركيا، و148 ألف لاجئ في لبنان، و142 ألف لاجئ في الأردن، و73 ألف لاجئ في العراق، و14 ألف لاجئ في مصر. ولم يتم تسجيل ألوف أخرى من اللاجئين، وقد يصل المجموع إلى المليون في هذا العام.

وقد فر العديد من السوريين بسبب عمليات القصف بواسطة قوات الجيش، وآخرون بسبب العنف الجنسي. وحدد اللاجئون الاغتصاب على أنه «سبب رئيس» للفرار، بما في ذلك عمليات الاغتصاب الجماعي أمام أفراد الأسرة، وفقاً للجنة الإنقاذ الدولية.

لا يزال النساء والأطفال يواجهون الاعتداء الجنسي وغيره من أعمال العنف في المخيمات، مع نقص العناية الطبية والاستشارة لمساعدتهم على الشفاء. وقد فتحت الدول المجاورة الحدود، وأقامت المخيمات والعيادات والمدارس، إلا أن الحاجة تفوق استيعاب أي حكومة مضيفة، وقد أصبح الوضع أسوأ بحلول فصل الشتاء القاسي.

ومما زاد الأمور تعقيداً، أن الغالبية العظمى من اللاجئين لم تستقر في المخيمات، بل في القرى والمدن. وتم إيواء القليل منهم من قبل العائلات، لكن أغلبهم يعيش في «ظروف بائسة»، متكدسين في غرف صغيرة مستأجرة وشقق متهالكة. وتقول لجنة الإنقاذ الدولية، إن معظم المساعدات الدولية يذهب إلى المخيمات.

إن المهمة الأساسية التي تواجه المجتمع الدولي، تتمثل في مساعدة الدول التي رحبت باللاجئين، والتي تواجه، حالياً، ضغوطاً سياسية واقتصادية نتيجة لذلك. وليس من مصلحة أحد رؤية هذه الدول وقد تزعزع استقرارها، من خلال هذه الحالة الإنسانية الطارئة.

وقد طلبت وكالة اللاجئين مليار دولار من المجتمع الدولي لتلبية احتياجات اللاجئين، و500 مليون دولار إضافية لمساعدة السوريين داخل البلاد، وكانت التعهدات بطيئة في تلبيتها.

لقد أصبحت الولايات المتحدة والدول الـ 27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، أكبر جهتين مانحتين حتى الآن، وذلك بتبرع واشنطن بحوالي 210 ملايين دولار، وتبرع الاتحاد الأوروبي بحوالي 477 مليون دولار. وبلغ مجموع تبرعات دول الخليج، التي لها مصلحة مباشرة في استقرار المنطقة، حوالي 155 مليوناً.

وكذلك ينبغي على روسيا والصين فعل المزيد، وهما اللتان مكنتا الرئيس الأسد في حربه الوحشية، لكنهما لم تفعلا إلا القليل لمساعدة ضحاياه.

========================

أميركا لن تعطي "عدوَّها" انتصارات!

سركيس نعوم

2013-01-28

النهار

في موضوع الجمهورية الاسلامية الايرانية واميركا وتأثير ذلك في الازمة – الحرب السورية يقول المتابعون انفسهم لأوضاع سوريا وللمواقف الدولية منها ان المعلومات المتداولة عنها فيها الكثير من التناقض، فضلاً عن ان بعضها ينبع من تمنيات. فهناك من يؤكد ان الصفقة بين طهران وواشنطن حول القضايا الخلافية بينهما صارت شبه مكتملة وان الاجتماعات بينهما مستمرة فضلاً عن التشاور عبر الوسطاء. وهناك قسم آخر منها يؤكد ان روسيا نجحت في اقناع الاميركيين والايرانيين بتفاهم يقضي بتجميد ايران مشروعها النووي في مقابل قبول اميركا تسوية للازمة – الحرب في سوريا تشمل رئيسها وبعضاً من نظامه. ويشير الى ان ذلك لا بد ان يلاحظه العالم بعد قمة روسية – اميركية مرتقبة خلال اسابيع. ومن شأن صفقة كهذه اطلاق حوار جدي بين طرفيها يتناول خلافاتهما وطرق حلها.

طبعاً شدد المتابعون أنفسهم في "الموقف" يوم السبت الماضي على عدم جدية المعلومات المذكورة اعلاه. وهم يشددون مرة ثانية اليوم على ان كل ما بين اميركا وايران حتى الآن، ليس اكثر من تفاهمات محدودة قد تسهل التوصل الى اتفاق لاحقاً. منها مثلاً عدم تجاوز أي منهما الخطوط الحمر للأخرى في العراق. وهذا ليس تفاهماً استراتيجياً او دائماً. اما "اخبار" تجميد المشروع النووي الايراني في مقابل تسوية لسوريا تشمل الاسد فلا يصدقها المتابعون اياهم. فأميركا لا تثق بايران كي تُصدّق انها ستجمد فعلاً هذا المشروع الى ان تنجز اتفاقاً معها حوله او الى ان يتعذر اتفاق كهذا. وايران لا تثق باميركا، وتعتبرها منذ نشوء النظام الاسلامي فيها عدواً لها وللمسلمين والمستضعفين في كل العالم، وتتمسك بدورها دولة اقليمية (وربما دولية) عظمى يحق لها ممارسة دور اساسي ومهم في الشرق الأوسط كما في مناطق اخرى من العالم.

ويُلخِّص هؤلاء انعدام الثقة بين الدولتين بالقول ان ايران تخشى دائماً ان تتشدد اميركا بعد بدء الحوار معها بحيث تطرح شروطاً جديدة صعبة التنفيذ الأمر الذي يؤذيها اذا استمرت فيه أو اذا انسحبت منه، وذلك جراء ميل المجتمع الدولي بغالبيته الى الموقف الاميركي منها. ويُلخِّصونه ايضاً بقول مماثل عن ايران وعن صعوبة التفاوض معها وعن اصناف الشروط والمطالب التي ستحملها الى اي حوار، الأمر الذي يلغي وجود اي سقف أو أي قعر لمطالبها. علماً ان المتابعين يعرفون وطبعاً الدول المعنية كلها ان ايران لا تزال متمسكة بمشروعها الاقليمي وبتشعباته التي قد تمتد الى مناطق عدة من العالم الاسلامي وجواره غير الاسلامي، وانها لا تزال تدافع عنه حيث هو مهدد جدياً اي في المنطقة التي هي بمثابة القلب له، وتحديداً في سوريا واستطراداً لبنان "حزب الله". وهذا يعني انها ستحاول منع سقوطه او انهياره بكل امكاناتها، واذا عجزت عن ذلك فإنها ستفعل المستحيل لجعل سقوطه جزئياً اي لابقائه قائماً في "مربع فئوي" له اتصال مع البحر أي مع روسيا ومع البر العراقي والايراني. لا بل انها بدأت التحضير فعلاً لهذا الاحتمال على الارض، علماً انه قد يستغرق وقتا طويلاً يُقاس ربما بسنوات. ذلك انها لا تحب التّعرض لمفاجآت غير سارة. وهذا موقف لا يؤشر على الاطلاق الى رغبة في تسوية مع اميركا تؤمن مصالح الجميع، بل الى استمرار ايران في السعي الى تسوية مع اميركا تكرس"انتصارها" في المنطقة وإن على نحو غير مباشر.

وهذا أمر ترفضه اميركا وتتحسب له، وخصوصاً بعد اعتبار كثيرين فيها انها تعرضت لخديعة ايرانية نفذها عراقيون ظن مسؤولون في واشنطن انهم لها، وان هدفهم إنقاذ بلادهم من نظام صدام حسين وبناء دولة مدنية. وجوهر الخديعة كان ان ايران ارادت التخلص من صدام وقوة العراق من دون ان تدفع مقابلاً لاميركا وذلك بإيهامها انها تقوم بذلك بقرار ذاتي منها سيفيدها اولاً، وهي تقرر لاحقاً هوية المستفيدين الآخرين. الى ذلك كله يدعو المتابعون انفسهم كل المتعلقين بحبال التسوية التي تشمل نظام سوريا أو رئيسها الى قراءة الشهادة الخطية لوزير الخارجية الاميركية المعين جون كيري التي ارسلها الى الكونغرس أخيراً قبل جلسة الاستماع اليه تهميداً لتثبيت تعيينه او لرفضه. اذ انها تضمنت تكرار رفض بقائه ونظامه.

واذا كانت أميركا مرتبكة اليوم بسبب خوف من تنامي التكفيريين في اوساط الثوار، فان ذلك لن يدفعها الى مساومة تحقق انتصارات مجّانية بلا مقابل لخصمها الروسي ولـ"عدوّها" الايراني. علماً ان ذلك لا يعني ان الآخرين اي ايران وروسيا غير مرتبكتين.

========================

أبرهة الأسد!

معنى الأحداث

عادل السلمي

المدينة

الإثنين 28/01/2013

لم أشك لحظة في صدقية ما ذكره مسؤول التجنيد السابق للجيش السوري في القنصلية السورية في جدة عماد معين الحراكي في تصريحاته لصحيفة "الحياة" في عددها الصادر أمس الأول السبت، والتي كشف فيها عن مخطط للحكومة السورية؛ لتنفيذ عملية تفجير في مكة المكرمة يوم وقوف الحجاج على صعيد عرفات في موسم الحج الماضي.

ما ذكره الحراكي ليس مستغرباً على نظام الرئيس السوري بشار الأسد الذي قتلت قواته منذ مارس2011م، أكثر من 60 ألف شخص من شعبه الذي يطالب بحقوقه المشروعة في الحياة الحرة والعيش الكريم.

التخطيط والعمل لمثل هذه الأعمال الإجرامية التي تتنافى مع الحد الأدنى من المشاعر الإنسانية، والقيم الأخلاقية، والوازع الديني في مناسبة لها قدسيتها وسموها عند سائر المسلمين في كافة أرجاء المعمورة هو بلا شك جريمة الجرائم، لكن يمكن لأي دهشة أو استغراب أن يزولا على الفور إذا ما عرفنا أن هذا النظام الذي لا يضع أي اعتبار للدين والأخلاق والقيم الإنسانية يتلقى الدعم والمساندة في كل ما يمارسه من جرائم ومذابح وانتهاك لحقوق الإنسان ضد شعبه من حليفه الإيراني الذي يمتلك هو الآخر سجلاً حافلاً وسوابق خطيرة في هذا النوع من الجرائم، وهو ما اتضح بشكل سافر في تصريحات علي أكبر ولايتي مستشار شؤون السياسة الخارجية للمرشد الأعلى في إيران آية الله علي خامنئني التي أدلى بها مؤخرًا لوكالة أخبار "مهر" الإيرانية أن أي هجوم عسكري على سوريا سيكون بمثابة هجوم على إيران التي سبق وأن حاولت تفجير المسجد الحرام وعدد من المواقع الهامة في مكة المكرمة في موسم حج العام 1986م، بيد أن الجهات الأمنية السعودية أحبطت المخطط الإيراني في حينه. كما لا يمكن للمرء أن يستغرب ما ذكره الحراكي في تصريحاته لصحيفة "الحياة" بأنه تلقى تهديدات من جانب نائب القنصل العام السوري السابق شوقي الشماط، بعد كشفه للمخطط، خاصة وأنني قد التقيت الشماط في مناسبتين، ووجدته شخصية متعجرفة تتسم بالغموض، والانطباع الوحيد الذي تركه في نفسي أنه يأنف عن التجاوب معنا كصحافيين في طلب إجراء أي حوار أو تصريح.

الأسد وبتخطيطه إحداث تفجيرات في يوم عرفة في موسم الحج الماضي، لا يختلف كثيرًا عن أبرهة الأشرم (الحبشي) الذي قدم وجنوده الذين يمتطون ظهور الفيلة إلى مكة؛ لهدم الكعبة، قبل أن يفاجؤوا بطيور أرسلها الله يحمل كل واحد منها ثلاثة أحجار صغيرة بمقدار الحمصة، أحدها في منقاره والحجران الآخران بقدميه، ليأمر عز وجل كل طير بقتل3 جنود، فهلك أفراد جيش أبرهة عن بكرة أبيهم ولم يسلم منهم سوى شخص واحد عاد مسرعًا إلى اليمن ليخبرهم عمّا حلّ بالجيش من الهلاك والدمار، ألم يقرأ الأسد عن قصة أبرهة؟.. ألم يتعلم من الدروس والعبر التي تضمنتها القصة؟ أم أن دورانه في فلك إيران أنساه مقولة ظلت تقترن دومًا بهذه القصة: "للبيت رب يحميه"؟!.

========================

تصحيح المسار على جبهة الربيع السوري

باسل أبو حمدة

2013-01-27

القدس العربي

يشي المسار التصاعدي عملياتيا وزمنيا وجغرافيا وديمغرافيا لمجريات أحداث التغيير في سوريا إلى أن النظام هناك هو الأكثر قدرة على قراءة الحالة من بين جميع القوى المشاركة في السعي إلى رسم معالم عملية سياسية وربما جيوسياسية كبرى جديدة آخذة في التشكل انطلاقا من البلد العربي الخامس في نادي الربيع العربي، فما تراه غالبية القوى المعارضة له استعصاء سياسيا يحول دون استكمال تشكل عناصر منظومة سياسية جديدة في سوريا، ينظر إليه النظام بوصفه تقدما مضطردا تحرزه استراتيجيته وتكتيكاته على المستويات كافة السياسية والعسكرية والأمنية بعد أن تمكن من جر قوى المعارضة إلى مربع العمل العسكري وإضفاء الطابع المسلح على ثورة وجدت نفسها بعد سنتين تقريبا من انطلاق شرارتها الأولى بين مطرقة تحالف عضوي إقليمي وعالمي مساند بقوة للنظام وسندان تخلي ما يسمى المجتمع الدولي عن الوقوف إلى جانب شعوب المنطقة التواقة إلى تغيير أنظمتها السياسية المهترئة، وفي مقدمتها الشعب السوري.

من أهم الاختراقات التي تمكن النظام من تحقيقها في النسيج الثوري الذي يطرح نفسه بديلا له نجاحه في خلق عناصر طارئة على المشهد ومشوشة له على رأسها تحييد مكونات رئيسية من المجتمع السوري وربما دفعها للوقوف في وجه مسعى التغيير خوفا على مصالح فئوية لطالما شكلت العامل الأساسي في تمرير سياسات كبرى غريبة عن الواقع ومعادية له تتغذى على مخلفات الرسم الجائر والملغم للخارطة السياسية للمنطقة إثر إنتهاء الحرب العالمية الأولى، حيث لا يختلف إثنان على أن أي محاولة تغيير معالم ذلك الرسم الحقير ستسير بالضرورة في حقل من الألغام العرقية والطائفية والمذهبية والجهوية، التي لها أول ولا يعرف لها آخر في معين لا ينضب أبدا ولا تتوانى الأنظمة فاقدة الشرعية وقوى الاستعمار على مختلف اشكالها عن الغرف منه كلما إقتضت الحاجة إلى ذلك.

هذا المشهد القاتم بسرمدتيه وثباته لحقب ممتدة زمانيا ومكانيا يفضي، إذا ما تم إدارجه في سياق مجريات الأحداث في سوريا، إلى استنتاج وحيد يشي بأن أداة التغيير المنشود تبدو متواضعة أمام حجم التحديات التي تمكن النظام من فرضها حتى الآن ليس فقط من خلال محاولاته البائسة لشيطنة قوى المعارضة أو إطالة عمره في سدة الحكم فحسب، وإنما من خلال قدرته على استنباط أساليب وأدوات جديدة عسكرية وأمنية وتعبوية من شأنها إرجاء لحظة خلاص الشعب السوري إلى اشعار آخر ومن أبرزها استحداث تشكيلات ميليشياوية تذكر بطبيعتها بتجارب كبرى خاضتها شعوب أخرى حول العالم اكتوت بلهيب حروب أهلية لم تبق ولم تذر مثل الحرب الأهلية الاسبانية التي اشعلها نظام على فاشيته إلا أنه كان يحظى بدعم حزب له امتداداته العريضة في المجتمع، فبينما تمثلت الذراع العسكرية والأمنية الضاربة للجنرال فرانكو بقوات الكتائب في الحالة الاسبانية، يعمد النظام الفاشي في الحالة السورية إلى إنشاء قوى ميليشياوية مماثلة تتمثل بما يعرف باللجان الشعبية وبالتشكيل الجديد الذي أعلن عن انشائه أخيرا والذي أطلق عليه اسم جيش الدفاع الوطني، ومن المعروف أن هذا النوع من التشكيلات ينضوي تحت راية القوات شبه العسكرية، التي عادة ما يناط بها تلك المهام القذرة الخارجة عن أي عرف أو قانون.

في المقابل، أدت مجموعة من العوامل الإقليمية والدولية، على رأسها متطلبات تأمين الدولة العبرية والبلدان العربية من هبوب رياح التغيير في المنطقة، إلى إخفاق الربيع السوري في الاستفادة من الامتدادات والارتدات الطبيعية لظاهرة الربيع العربي بوصفه حاضنة موضوعية للتغيير في بلدان المنطقة، لا بل إن هذه الحاضنة شكلت عبئا على الثورة السورية عندما تداركت القوى المهيمنة في المنطقة والعالم الموقف الذي من شأنه، لو ترك على حاله يعمل ضمن آلياته الداخلية، أن يقلب المـــــوازين كلها ويعيد المنطقة إلى الوقوف على قديميها بدل بقـــــائها واقفة على رأسها طوال العــــقود المضنية الطويلة الماضية التي أعقبت رسم الخارطة الســـياسية المعتمة للمنطقة، حيث بدت قوى التغيير السورية ، مخطأة أو واهمة على أقل تقدير، في عجالة من أمرها في مسألة اسقاط النظام، وانشغلت بالدرجة الأساسية في محاولة الإجابة على سؤال: ما العمل في اليوم التالي الذي يلي يوم الخلاص، معتبرة أن سقوط النظام قــــادم لا محالة، وهذا أمر مؤكد بعد أن بات طرفا الصراع يخــــوضان حرب وجود لا رجعة عنها، لكن الفخ الذي وقعت فيه هـــذه القوى هو عدم صياغة أداة التغيير على مقاس التحديات الحقيقية التي يتعين عليها تذليلها واحدة تلو الأخرى للخروج من النفق المظلم التي وجدت نفسها والمجتمع الذي تمثلة غارقة فيه.

نظام منغمس حتى النخاع في تنفيذ سياساته الاجرامية متماديا في القتل والتنكيل والتدمير والتهجير حتى لو أدى ذلك إلى إبادة نصف الشعب السوري، وكان له ذلك، وقوى معارضة تحلم بالتغيير وتفكر فيه برومانسية مراهق متوسدة رياحه من خارج الظاهرة، لذلك يمكن وسم استراتيجية النظام بالواقعية بينما تبقى نظيراتها في الجانب النقيض تحلق في فضاء من الأوهام التي تتعزز مع كل يوم يمضي من عمر الثورة.

لذلك لا تبدو الدعوة إلى إعادة قراءة المشهد برمته ملحة فحسب، بل إنها ترقى إلى مصاف الضرورات الكبرى التي لا غنى عنها إذا أريد لعجلة التغيير أن تمضي قدما نحو هدفها المنشود، الذي يشكل إسقاط النظام فيها حجر الزاوية والخلفية والمنطلق عل ذلك يبين معالم الطريق الشائك والطويل ويوضح المسار الذي يتعين على الثورة السورية أن تسلكه بأقل الخسائر، والذي بات جليا أنه خرج عن مسار الربيع العربي التقليدي، الأمر الذي يتطلب تغيرات دراماتيكية على مستوى الأداة أيضا وكذلك على مستوى نسج خارطة القوى المشاركة في عملية التغيير والقوى الحليفة لها فيما يقود إلى رسم خارطة معسكر الأعداء ومعسكر الأصدقاء بعيدا عن الإيحاءات القادمة من كل حدب وصوب والتي لا تعكس ولا تعبر إلى عن مصالح وتطلعات أصحابها، فقد صدق رأس النظام الفاشي في سوريا عندما قال إن الوضع في سوريا مختلف عن بقية الأوضاع في البلدان العربية التي نعمت بمخرجات ربيع عربي يبدو أنه لم يعد له تأثير يذكر خارج الحدود القطرية لكل بلد من بلدانه، لكن ليس على قاعدة الالتفات إلى الداخل والداخل فقط والانغلاق عليه بالمعنى الشوفوني للكلمة مثلما باتت تتطرح بعض القوى السياسية السورية المعارضة شعار 'سوريا أولا وأخيرا'، وإنما على سبيل توسع الرؤية واستقراء الواقع بصورة دقيقة لا أكثر ولا أقل.

هي دعوة، إذا، لتصحيح المسار بشكل جذري قبل فوات الأوان، لكنها دعوة مصحوبة أيضا بتحذير شديد اللهجة من مغبة الوقوع في مزيد من الفخاخ التي لا يتوقف النظام عن زرعها في درب ثورة شاقة وصعبة ومحفوفة بالمخاطر، لا بل الكثير منها، ليس لعيب فيها وإنما لأنها وريثة نظام له ضلع في أي ملف من ملفات المنطقة الشائكة والتي منها تنطلق كل الحسابات المعادية لهذه الثورة اليتيمة والصديقة لها على حد سواء.

' كاتب فلسطيني

========================

كي لا يتم اغلاق الحدود في وجه السوريين * ماهر ابو طير

الدستور

28-1-2013

عشرات الاف السوريين عبروا الى الاردن خلال الايام القليلة الماضية،والواضح ان الازمة السورية تتفاقم انسانيا،يوما بعد يوم،وكل التوقعات تتحدث عن موجات لجوء اضافية خلال الفترة المقبلة.

عدد السوريين في الاردن يتجاوزالثلاثمائة الف سوري،في المخيمات والمدن،والسيارات السورية في كل مكان،والعمالة المصرية والاردنية يتم استبدالها بعمالة سورية،وزيادة عدد السوريين في الاردن لم تعد زيادة يمكن عزلها عن حياة الناس،بل باتت واضحة في كل مكان.

هناك نفاق دولي كبيرازاء السوريين،فالمجتمع الدولي لا يأبه بهجرة السوريين،بل يريد ان يواصلوا اللجوء من اجل اسقاط النظام،وخلق تعبيرات انسانية جارحة عند كل الحدود السورية مع دول الجوار،وبالمقابل يتصرف المجتمع الدولي ببخل شديد،ازاء السوريين،فلا تتم مساعدتهم كما يجب،ويتم الطلب من دول فقيرة كما الاردن ان تحمل هذا الهم،تحت وطأة الاتهام بعدم الانسانية.

اللاجئون السوريون في الاردن يواجهون ظروفا مأساوية،لان من يشجعهم على اللجوء،بشكل غير مباشرهي الدعوات الدولية المبطنة للهروب من الوضع الدموي في سورية،فوق ما يفعله النظام بطبيعة الحال،وكل ما يحصل عليه السوريون خيمة او كرفانات وعشرات «الحرامات» التي يتم التبرع بها حتى غرقت الخيم بهذه العطايا،التي تزيد من شعور اللاجئ بالعزلة والضعف.

لا ينكر احد وجود مساعدات عربية ودولية،طبيا وغذائيا وماليا،الا انها مساعدات قليلة جدا،ولا يحصل عليها الا من كانوا في المخيمات،والتعقيد في القصة يتعلق بوجود الاهل من سورية في كل المدن والقرى،وهؤلاء بحاجة الى دعم كبير.

برغم ثراء العالم وثراء العرب،الا ان السوريين اللاجئين اليوم تتم معاقبتهم مرتين،الاولى على يد الفوضى في سورية،والثانية على يد العرب والمجتمع الدولي،وكأنها لعنة حلت على السوريين.

حتى لا يتم اغلاق الحدود في وجه السوريين،وهو قرار لا يرحب به احد،فعلى العالم والعرب ان يتحركوا لمساعدة الدول التي تستضيف اللاجئين،بدلا من هذا التنقيط على هذه الدول،ومساعدة الدول هنا ليست صدقة،وليست تكسبا من جانب هذه الدول،ولكنها استحقاق للشعب السوري في ظل محنته الكبيرة.

بغير ذلك ستبقى حياة السوريين عذابا في عذاب،وهكذا فقد ثبت ان كل قصة اللجوء كانت خدعة رخيصة،جرت السوريين الى ما هو أسوأ،خوفا من الدم والقتل،فيما التلاوم اليوم،يتنزل على المستضيفين الذين بالكاد يؤمنون حاجات مواطنيهم،فكيف سيقدرون في ظل هذا الشح ان يخففوا الاحمال الثقيلة عن اللاجئ السوري.

فرق كبير بين اعادة الحياة للاجئ السوري،وبين تثبيته في صورة اللاجئ المدمر.

========================

عبء اللجوء السوري * عريب الرنتاوي

الدستور

28-1-2013

معدلات النزوح السوري إلى الأردن في تزايد مستمر، ما يقرب من 4 – 5 آلاف لاجئ سوري، يعبرون الحدود يومياً، وفي ظروف مناخية وأمنية بالغة الخطورة والصعوبة..وإذا ما استمر الحال على هذا المنوال، فما هي سوى أسابيع أو أشهر قليلة، حتى تجتاز أعداد اللاجئين حاجز النصف مليون..هذا أمر مقلق، ويرقى إلى مستوى التهديد الاقتصادي والامني، والمؤسف أن الدولة قد تجد نفسها مضطرة لاتخاذ ما لا ترغب به من قرارات، وتحاول تفاديه وإرجائه: إغلاق الحدود.

برغم الأنباء عن قسوة الأحوال الإنسانية في «مخيم الزعتري» والمصاعب الجمّة التي تواجهها العائلات السورية اللاجئة في الأردن، كما في لبنان وتركيا، إلا أن سيل اللاجئين ما زال يتدفق، بل ويرتفع منسوبه على وقع المعارك الضارية في الضواحي الجنوبية لدمشق ومحافظة درعا وريفها..ما يعني أن «ما رمى هؤلاء على المر، هو الأمر منه»..هم يخاطرون بعبور الحدود إلى المجهول، وهو أمر لا يفعله سوى يائس، يخوض آخر معارك صراع البقاء.

ليس من السهل أخلاقياً وسياسياً على صانع القرار في الأردن، اتخاذ قرار بغلق الحدود..ونحن لا نشجع على ذلك بالطبع، ولا نستعجله من باب أولى، ولقد سبق للأردن أن استضاف مئات ألوف اللاجئين العراقيين، إلى أن أمكن لهم العودة لديارهم بعد سنوات من النفي القسري..لكن أعباء الاستضافة وتحدياتها وأكلافها، باتت تفوق قدرات الأردن على الاحتمال، فهل يتحرك العرب لمد يد العون للاجئين السوريين والدول المضيفة لهم؟.

الأزمة السورية ليست مرشحة للحل أو بلوغ نهاية المطاف في المدى المرئي...سيرغي لافروف يتحدث عن عامين على الأقل قبل أن ينضج الحل..لوران فابيوس تحدث عن تبدل الأولويات وتراجع القضية السورية على سلمها..وليد جنبلاط بدأ بالاستعداد لاستدارة جديدة، وهو الخبير في قراءات اتجاهات هبوب الريح الدولية..الذي قضوا أسابيع وأشهر في عدّ أيام الأسد الأخيرة، تعبوا من العدّ، وباتوا أكثر تشاؤماً مما كانوا عليه من قبل..الأزمة ستطول وتستطيل، والمعاناة الإنسانية ستتفاقم، والعبء الإنساني والأمني والأخلاقي على الأردن، سيزداد ثقلاً وكثافة.والحقيقة أننا نستغرب مواقف دول عربية مجاورة، لا يتوقف إعلامها عن «الجهر والجأر» بالمعاناة الإنسانية للسوريين، بل ولا يكف عن الدعوة للحسم والعسكرة والتدخل، تحت شعار نصرة الشعب الشقيق..هؤلاء لا نراهم في ميادين الإغاثة والعون الإنساني..نرى فقط الخيام و»البطانيات» التي تحمل شعاراتهم وأعلام ودولهم...لما لا تقدم هذه الدول على فتح حدودها للاجئين السوريين..لماذا لا تستضيفهم على أراضيها..بل ولماذا تتشدد في شروط دخول السوريين من غير اللاجئين إلى مدنها وعواصمها.

في اليونان، البعيدة عن سوريا، قال لي دبلوماسي وخبير، أن هناك ما يقرب من 25 – 30 ألف لاجئ سوري يقيمون على الأرض اليونانية، ومن دون ضجيج أو توظيف إعلاميين..السعودية وقطر، أكثر دولتين عربيتين متحمستين لـ»نصرة» الشعب الشقيق، أقرب إليه بحسابات الجغرافيا واللغة والدين والتراث من اليونان، لماذا لا نرى معسكرات الإيواء تنتشر في هذه الدول..ومن قال أن «القروش القليلة» التي ترسل للاجئين، يمكن أن تكون بديلاً مقعناً عن قيام هذه الدول بدورها القومي والأخلاقي؟

مؤتمر الأمم المتحدة الخاص بدعم اللاجئين السوريين المقرر غداً وبعد غد في الكويت، يجب أن يتوقف أمام هذه المأساة المرشحة للتفاقم والاستطالة لسنوات قادمة..والقرارات المنتظرة يجب أن تتعدى رصد أموال فلكية على الورق، نعرف تمام المعرفة، ومن تجاربنا السابقة مع مؤتمرات من هذا النوع، أنها لن تصل أبداً، أو أن نزرها اليسير هو ما يصل فعلاً..ويجب التفكير بتوزيع عبء اللجوء السوري على الأقطار، فلا يجوز لمعادلة تقسيم العمل بين الدول العربية أن تستمر على هذا النحو: دول تكتفي بدفع دراهم معدودات، وأخرى عليها أن تكتوي بنار الأزمات وتداعياتها..هذه المعادلة يجب أن تدفن في الكويت، مرة وإلى الأبد، فمن أراد أن يتزعم العالمين العربي والإسلامي، عليه أن يكون شريكاً في المغارم أيضاً، وليس في المغانم فقط.

التاريخ : 28-01-2013

========================

رأي الدستور تشخيص ملكي دقيق للأزمة السورية

الدستور

28-1-2013

قدّم جلالة الملك عبدالله الثاني تشخيصاً دقيقاً للأزمة السورية، واضعاً يده على كامل عناصرها، ومحذراً في الوقت نفسه من خطورة التقسيم واقامة دويلات طائفية تعتبر بمثابة الكارثة على المنطقة كلها.

جلالته وهو يستحضر المشهد المأساوي للقطر الشقيق في حوارية ضمن فعاليات منتدى دافوس أدارها الاعلامي في شبكة “C.N.N” فريد زكريا، استبعد سقوط نظام بشار الأسد قريباً، كما يروج البعض، “وان أي شخص يقول ان النظام لديه أسابيع فقط للرحيل، لا يعرف حقيقة الوضع على الأرض”. مضيفاً “بأن النظام لا يزال لديه القدرة على البقاء خلال النصف الأول من العام الحالي 2013”.

ومن هنا دعا جلالة الملك الى خطة انتقالية وشاملة تضمن حقيقة وحدة القطر الشقيق شعباً وأرضاً، داعياً الى الحفاظ على وحدة الجيش السوري بصفته الضامن لوحدة سوريا، وان حل هذا الجيش يعني انتشار الفوضى.

وفي ذات السياق وقف جلالته مطولاً حول مكونات المجتمع السوري، وبين عدم حسم المسيحيين والدروز موقفهم بعد، بسبب دخول المتطرفين والقاعدة الى ساحة المعركة “فالقاعدة موجودة في سوريا منذ سنة تقريباً، وهم يحصلون على تموين عسكري وتمويل من بعض الأطراف للاسف - وهي مجموعة يجب مواجهتها”.

ويستمر جلالة الملك في استعراض خطورة وجود هذه العناصر المتطرفة، مؤكداً بأن رحيل النظام لن يعني الاستقرار، وان تأمين الحدود سيحتاج سنتين أو ثلاث سنوات لمنعهم من اختراقها، ومن ثم العمل على تطهير المنطقة من وجودهم.

ومن هنا، فالأردن يؤمن بالمعارضة التي ترى ان الشعب السوري كله سيتشارك في صناعة مستقبل سوريا، بما فيه الأقليات والعلويون، وهذا هو سبب استضافة الأردن لرئيس الوزراء السوري السابق رياض حجاب الذي يؤمن بمستقبل جامع للكل، وللأقليات المسيحية والعلويين، حيث تشكل كل فئة لبنة في بناء مستقبل سوريا.

جلالة الملك وهو يستنهض المجتمع الدولي لانقاذ الشعب الشقيق دعا الى تكثيف وتسريع المساعدات الانسانية للدول المضيفة للاجئين وخاصة للأردن، اذ بلغ عدد اللاجئين السوريين حوالي “300” ألف لاجىء، بلغت كلفة تأمين المستلزمات الضرورية لهم اكثر من 600 مليون دولار، مما أرهق موازنة الدولة، ويفرض على المجتمع الدولي ان يسارع في تقديم المساعدات النقدية، لتمكينه من القيام بواجباته الانسانية، وخاصة في هذا الشتاء القارص.

مجمل القول : حرص جلالة الملك ان يضع العالم كله وعبر فضائية “C.N.N” الاميركية في صورة الازمة السورية، وتداعياتها الخطيرة على المنطقة وعلى العالم كله، مشيراً الى ان استمرار الأزمة يعمق من انهيار الدولة، وان لا بديل عن الحل السياسي، ومن خلال مرحلة انتقالية وشاملة تضمن وحدة سوريا أرضاً وشعباً، محذراً في الوقت نفسه من وجود المتطرفين في سوريا، وتداعيات وجودهم الخطر على المنطقة كلها، فهم السبب الرئيس في تردد المسيحيين والعلويين من حسم موقفهم، داعياً المجتمع الدولي الى تطوير وتسريع مساعداته للاجئين والدول المضيفة.

جلالته شخّص الحقائق وأسقط الأوهام.

========================

خطأ إخوان مصر درس لإسلاميي سوريا

حمد الماجد

الشرق الاوسط

28-1-2013

أثبتت الأحداث الدامية في الثلاثة أيام الماضية في مصر، التي واكبت الذكرى الثانية للثورة المصرية، صدق فرضية خطأ الإسلاميين في الاستعجال في حكم مصر بعد الثورة، وقد قلت بعيد نجاح الثورة المصرية في الإطاحة بنظام حسني مبارك إن حكم الدول بعيد سقوط الأنظمة الشمولية الديكتاتورية ينطبق عليه المثل المعروف «لا تكن رأسا فتكثر فيه الآفات»، ففساد الأنظمة الديكتاتورية مثل السوس الذي ينخر بعمق شديد؛ لا تنفع معه الحشوات ولا المسكنات، ويحتاج إلى عشرات السنين لترميم خرابهم الكبير.

ثم إن الشعوب التي رزحت تحت نير الاستبداد والظلم والسرقات عشرات السنين، مهما بلغ وعيها السياسي، تستعجل بشدة قطف ثمرات ثورتها على الأنظمة الديكتاتورية، فتتوقع من الزعيم الجديد أن يطعمها من جوع ويأمنها من خوف، فإن لم يتحقق هذان العنصران، فلن تستقر الأمور حتى لو حكمها من يقرب في نظافته طهر الملائكة. لقد ارتفعت الأسعار في «عهد الرئيس مرسي»، وانخفضت العملة المصرية لمستويات قياسية، ووصلت صناعة السياحة إلى أقل معدلاتها، وهربت رؤوس أموال إلى الخارج، ورأس المال جبان، وما زالت الهشاشة الأمنية هي السائدة، ولا هيبة حقيقية للأمن.

أنا أدرك أنه من المبكر الحكم للرئيس مرسي أو عليه، وأفهم أن هذه محصلة طبيعية ونتيجة منطقية لأي مرحلة تعقب ثورة، بل لا أبالغ إذا قلت إن هذه الظواهر المرضية ستبرز للسطح في هذه الفترة، حتى ولو حكم مصر «أشطر» الزعماء وأشدهم حنكة وأكثرهم دراية بأصول الحكم.

لقد تعمدت ربط الهشاشة الأمنية وارتفاع الأسعار وتردي العملة بـ«عهد الرئيس مرسي»؛ ليس لأن هذه قناعتي، بل لأن هذا بالتحديد هو تفكير رجل الشارع الذي يترك التنظير للساسة ومحللي الأخبار السياسية ويبحث عن أمنه وتنميته ورغيف خبزه، ولن يتفهم أبدا أن يعمد الرئيس، ولأسباب اقتصادية مبررة، إلى أن يرفع السلع الضرورية، حتى لو كان أنموذجا تاريخيا في النزاهة والتقشف، ولو سكن العشوائيات وركب الدراجة الهوائية وأكل الطعام ومشي في الأسواق، وهذا ما حدث بالفعل حين قرر الرئيس مرسي رفع الأسعار ثم تراجع عن ذلك في اليوم التالي.

كان الأولى بالإخوان المسلمين التريث وعدم السيطرة على أغلبية مقاعد البرلمان (كان هذا قرارهم الصائب قبل الانتخابات التشريعية السابقة ثم تراجعوا عنه)، وكان الأولى أن لا يكون الرئيس منهم، على الأقل في الانتخابات الرئاسية الأولى؛ فمجهر العالم كله مسلط على أول تجربة إسلامية ديمقراطية في هذا البلد المحوري والمؤثر، وفشلهم سيكون كارثيا، وهذا بالتحديد ما استشرفته حركة النهضة في تونس حين شكلت تحالفا مع قوى وطنية منافسة، وعهدت برئاسة الدولة للمرزوقي الشخصية الوطنية التي لا تنتمي إلى فصيل إسلامي، أما في الحالة المصرية فقد بدا المشهد منقسما بين إسلاميين يحكمون وليبراليين يعارضون، فحدثت فجوة وجفوة قادتا البلاد إلى هذا المأزق السياسي الخطير، مع إيماني الكامل بأن الأحزاب الليبرالية قادت معارضة فاشلة لا تبعث على الاحترام عالميا، ولا عند رجل الشارع المصري.

ثم إن الأنظمة الفاسدة، وإن سقط رأسها بسهولة، ليس من السهل اقتلاع جذورها العميقة الضاربة في أعماق جل المؤسسات، فكان من الدهاء لو ترك الإسلاميون المصريون لغيرهم أن يكونوا جرافة تتلقى الكدمات والصدمات والجروح، لتكون الفترة الثانية مواتية لمنافسة خصومهم على رئاسة الدولة ومقاعد البرلمان، وفي مناخ أكثر ملاءمة.

والسؤال المطروح هنا: لماذا استخدمت «لو» وقد طارت طيور «الإخوان» المصريين بأرزاقها السياسية، وابنهم له مُلك مصر، وبطريقة الانتخاب النزيه؟ وهل تنفع تخطئة أمر قضى وانتهى؟ الجواب: نعم، فهذه سوريا مقبلة على مرحلة ما بعد الأسد، وهي أشد خطورة وأكثر تعقيدا من فترة ما بعد مبارك؛ فيتعين على الإسلاميين في سوريا أن يتعلموا من درس «الإخوان» في مصر، فالعاقل هو الذي لا يلدغ من جحر الثورات مرتين.

========================

دور إسرائيل في سوريا!

عبد الرحمن الراشد

الشرق الاوسط

28-1-2013

الحرب في سوريا هم إسرائيلي أيضا، وقد لا تقل نتائجها خطرا عليها من حرب أكتوبر 1973. سقوط نظام بشار الأسد قد يغير الخريطة، وربما يهدد توازن القوى القائم منذ فك الارتباط الذي وقعه الرئيس حافظ الأسد وإسرائيل برعاية هنري كيسنجر في تلك الحرب. فسوريا هي الدولة الكبرى الثانية على حدودها بعد مصر، وعلى الرغم من هدوء الجولان فإن سوريا الوحيدة التي لم توقع اتفاق سلام، على اعتبار أن لبنان كان جزءا من القرار السوري، والوحيدة المسلحة حتى أذنيها بأسلحة كيماوية وبيولوجية.

مر أول عام من الثورة، والإسرائيليون لم يصدقوا احتمالية انهيار نظام الأسدي الحديدي، لكنهم منذ مطلع العام الماضي صاروا يؤمنون أن الأسد ساقط لا محالة. وبسقوط الأسد سيخسر الإسرائيليون «عدوا عاقلا»، وحارسا أمينا لكن بقدر خوفهم من سقوطه بقدر تزايد شهيتهم في التأثير على النتيجة النهائية.

بسقوط الأسد، إسرائيل تخشى من المجهول، ومن المؤكد أنها من أكثر الأطراف رصدا لما يجري كل يوم على جبهات الحرب عند الجارة. وقلق إسرائيل مبرر ومتوقع، إلا إذا تمادت وسعت أو ساعدت في إعادة رسم الخريطة السورية. ولا أظن أني على خطأ إذا قلت إن إسرائيل تشجع فكرة إقامة الدولة العلوية التي يجهز لها الأسد على ساحل البحر المتوسط، وغيرها من دويلات. وهي لا تبالي بقيام حرب أهلية في الداخل السوري إن لم تكن تشجعها، والحرب بين الإخوة السوريين متوقعة لو حاول الأسد الانفصال بجزء من البلاد. ولإسرائيل دائما مصالح في أن ينشغل جيرانها العرب بالحروب الأهلية بينهم، ومن صالحها تفكيك سوريا إلى دويلات كردية وعلوية ومسيحية ودرزية وسنية. لكن ألا تخاف إسرائيل من وجود «القاعدة» في سوريا المنهارة؟ الفكرة مخيفة و«القاعدة» بعبع للغرب لكن ليس لإسرائيل، فالتنظيم يتحاشى مواجهة الإسرائيليين، على الرغم من كثرة أدبياته المعادية لليهود. وإسرائيل تعرف أنه لا حزب الله ولا «القاعدة» ولا حماس، ولا من سبقها من الفصائل الفلسطينية الحمراء مثل أبو نضال والجبهة الشعبية كانت تهدد أمنها، كلها كانت فقط مصدر إزعاج، فميزان القوى لصالحها دائما، وتكسب الحرب في الأخير. أيضا إسرائيل حصنت نفسها ببناء حدود منيعة، بنت جدارا طويلا فصل الضفة وستبني آخر مع مصر، وستشيد «جدار إسرائيل العظيم» إلى الجولان بجدار يفصلها عن سوريا.

لم يصدر عن تل أبيب أي معلومات أو تلميحات حول دورها في سوريا لكننا نعرف أن هذه أخطر حرب على حدودها وتمس أمنها مباشرة ولا يمكن ألا يكون لها دور. القليل قيل، الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريس بعد عودته من روسيا في مرة سابقة قال، إنهم ضد التدخل العسكري الأجنبي لكنهم يؤيدون فكرة إرسال قوات عربية إلى هناك لفرض السلام! طبعا بيريس يعرف أن التدخل الدولي يكفيه أسبوع لإسقاط نظام الأسد أما التدخل العربي فسيطيل الحرب سنوات. وهي الفكرة السخيفة التي دعت إليها الجامعة العربية دون أن تقول كيف سترسل قوات عربية ومن هي هذه القوات؟

وأتصور أن إسرائيل أثرت في رؤية الغرب، وكذلك روسيا، حيال التعامل مع الأحداث في سوريا، والأغلب أنها خلف تراجع اهتمامهم وتهديداتهم لنظام الأسد. الإسرائيليون يرون احتمالات أربعة لنهاية التراجيديا السورية؛ الأول، سقوط النظام وقيام نظام بديل منهك من المعارضة على دولة مدمرة وأرض محروقة. الثاني، سقوط النظام مع استمرار الحرب الأهلية من دون حكومة مركزية قوية كما حدث في الصومال. الثالث، فرار الأسد وعصابته إلى الساحل، والإعلان عن انفصالهم وإقامة دولة علوية، وبالتالي استمرار المعارك بين السوريين. الاحتمال الأخير والضعيف بقاء الوضع كما هو، الأسد في دمشق والمعارضة تقاتله، وتبقى الحرب كرا وفرا لزمن طويل.

كل هذه الاحتمالات تخدم إسرائيل، أما الخيار الذي لا يناسبها كان التدخل الدولي قبل عام أو أكثر وإسقاط النظام وإقامة نظام سوري جديد مدعوم دوليا على أسس ديمقراطية. تعرف أن هذا سيجعل سوريا جارة أقوى، سكانها أكبر ثلاث مرات من إسرائيل، وبنظام شعبي حقيقي.

========================

حذار من تحويل المسألة السورية إلى مسألة لاجئين!

وليد جداع

المشرف على الحركة الدستورية السورية.

28/1/2013

خاص بالحركة الدستورية

منذ عام 1946 ، قبيل النكبة العربية الكبرى في فلسطين، المتمثلة بتأسيس الدولة الإسرائيلية وإعلانها إلى الوجودفي أيار (ابريل) 1948، استطاعت العصابات الإرهابية الصهيونية، إبعاد 711,000 فلسطيني من فلسطين إلى الدول العربية المجاورة. وقد توزع هؤلاء على هذه الدول، ممنين النفس بأنها محنة عابرة زائلة، وأن العرب سيعيدون الحق إلى نصابه قريبا جدا ، وأنهم إلى بلادهم عائدون. وكما نعرف جميعا، فقد تحول هؤلاء الفلسطينيون إلى لاجئين دائمين في الدول العربية المجاورة، وإلى أقطار الأرض كلها فيما بعد، وأنشئت من أجلهم وكالة دولية خاصة تابعة للأمم المتحدة، هي وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين وتأهيلهم، المعروفة ب (الأونروا) .ويعيش قسم من هؤلاء الإخوة الفلسطينيين في مخيمات حتى الآن، ويقدم لهم العالم مساعدات شبه دائمة، فكأنها رواتب تجمع من جميع دول العالم ، مساعدة لهم وعونا...وقد بلغ عدد هؤلاء قرابة خمسة ملايين فلسطسيني اليوم. وهم ما فتئوا ينادون بحق العودة إلى ديارهم التي سرقت منهم عنوة، وترفض إسرائيل ذلك بطبيعة الحال.

يلفتنا طبعا طريقة التهجير الصهيونية، ويلفتنا كذلك هذا الرقم 711,000...إنه مشابه تماما لعدد النازحين السوريين من بلادهم إلى الأقطار العربية المجاورة وتركية اليوم! غير أن ما يختلف عن طريقة التهجير الصهيونية ، ليس فقط أن تهجير السوريين يتم بأيد سورية مجرمة، بل طريقة التهجير السورية التي هي أقسى وأعتى وأشد فتكا وإجراما من الطريقة الصهيونية! إن الصهاينة احتاجوا إلى سنتين من الترويع والإرهاب ، ومن ثم إلى حرب عسكرية مباشرة ليصل عدد اللاجئين إلى سبعمئة ألف . وهاهو الأسد يعيد المسيرة الصهيونية نفسها، بل يضيف إليها مزيدا من الوحشية ، تتمثل في قصف السوريين المدنيين بالطائرات والحمم وبراميل النار، وصواريخ سكود والدبابات والمدافع الثقيلة ، مما لم يفعله الصهيونيون أنفسهم. وزاد الأسد على الإسرائيليين أنه شرد السوريين في بلادهم نفسها أيضا ليصل مجموع المشردين داخل سورية وخارجها خلال عام ونصف ، إلى قرابة خمسة ملايين. وهو ما يكافئ عدد الفلسطينيين اللاجئين، بعد ستين عاما من النكبة!

هذه المقاربة التاريخية والمقارنة بين تهجير السوريين من بلادهم ، على يد عصابات الأسد، وتهجير الفلسطينيين على يد العصابات الصهيونية ، تهدف بالأساس إلى التحذير من أن تتحول القضية السورية فيما بعد، وبشكل تدريجي وربما مقصود ، إلى مسألة إنسانية ليس إلا، وتنسى على ضوئها المسألة الأساسية الجوهرية ، وهي أنها مسألة نضال شعب ثائر ضد نظام حكم إجرامي دكتاتوري قاتل. وهو ما لفت الانتباه إليه بشكل منصف السيد جون غينغ، مدير العمليات في مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة الذي قال إن الأزمة في سورية سياسية أساسا وليست إنسانية. والأمر نفسه أشار إليه أمين عام الأمم المتحدة في وقت سابق.

والمخيف في الأمر أن بعض الذين يدعمون الأسد بالمال والسلاح ويشتركون معه في قتل الشعب السوري، بدأوا في الحديث عن الجانب الإنساني في المسألة مؤخرا، وكأنه الموضوع الأهم، محاولين الابتعاد عن المأساة السياسية المتمثلة في نظام دكتاتوري جائر. ولعل أبرز هؤلاء الرئيس الروسي السيد بوتين الذي أعلن استعداد بلاده لاستضافة مؤتمر دولي عن اللاجئين السوريين، أثناء استقباله الرئيس اللبناني في موسكو. والحقيقة فإن الجانب الإنساني هو آخر ما يكترث به السيد بوتين لأن يديه والغتان مباشرة في الدم السوري، عبر الأسلحة الفتاكة التي تقتل الشعب السوري كل يوم. إن السيد بوتين شريك للأسد في قتل أطفال سورية ونسائها ورجالها، عبر هذا التأييد المطلق للسفاح الأسد. ولا نظن أنه بهذه الدعوة إلى استضافة مؤتمر دولي عن اللاجئين السوريين في العالم، يريد أكثر من إظهار وجه إنساني لموسكو، إن لم نتحدث عن رغبة ما في (التسول) على أكتاف معاناة الشعب السوري! إن الطريق الحقيقي للتعاطف مع اللاجئين السوريين هو كف القتل والأذى عنهم ، عبر وقف دعم نظام القتل والإرهاب في دمشق.

ولابد من اقتراحات عملية واقعية ، لمنع تحول قضية اللاجئين السوريين إلى (بازار إنساني) أولا ، ومسألة لاجئين كذلك. . إن نضال الشعب السوري وانتصاره هو الطريقة الأقصر دون شك لحل المسألة السورية من جذورها، الأمر الذي يتضمن حل مشكلة اللاجئين ضمنا. ولذا فإن البحث عن كل ما يزيد من قوة هذا الشعب ويمكنه من الانتصار ، ضرورة قصوى، ولابد من السعي الحثيث بهذا الاتجاه. ولئن أخذ نضال الشعب السوري صيغته العسكرية نهائيا اليوم، فإن السبيل لحل مشكلات هذا الشعب، هو الدعم العسكري المباشر له.

ولعل هناك أمرا يمكن البحث فيه ضمن فعاليات المعارضة السورية السياسية والعسكرية، وهو حث أبناء الشعب السوري على إيجاد بدائل آمنة داخل سورية، للهروب من جحيم الأسد. ونقترح هنا الاستفادة من منطقة الساحل السوري الآمنة نسبيا لتحويل جزء من اللجوء السوري إليها. إن تحويل قسم من اللاجئين شمال سورية إلى منطقة الساحل السوري، قد يشكل بديلا نسبيا عن اللجوء إلى تركية أو العراق مثلا! ولهذا الاتجاه جانبه العملي لأنه يشرك جموع الشعب السوري في احتضان أخواته وإخوانه من جحيم القتل ومرارة الهجرة خارج الوطن. ويقضي على المزاعم بشان وقوف جزء من الشعب السوري مع النظام! إن أهلنا في الساحل قد قاموا بواجبهم دون شك في إيواء قسم من أبناء وطنهم، لكن الظروف الأليمة الحالية تقتضي منهم مزيدا من التعاون والإيواء والمساندة.

إن ثورة الشعب السوري ثورة حرية وكرامة واستقلال جديد، وإن الجانب الإنساني فيها مجرد وجه للمأساة التي تنفذها زمرة القتلة في دمشق. وإن التعاطف الحقيقي مع الشعب السوري ، يتمثل أساسا في دعم نضال الشعب السوري من أجل تحقيق اهدافه الإنسانية والوطنية النبيلة.

==============================

الأسد هو إيران ولكن!

طارق الحميد

الشرق الاوسط

28-1-2013

من الطبيعي أن يقول علي أكبر ولايتي مستشار شؤون السياسة الخارجية للمرشد الأعلى الإيراني، إن أي هجوم عسكري على سوريا سيكون بمثابة هجوم على إيران، لكن لماذا الآن وليس قبل ستة أشهر، أو عام، أو حتى قبل مؤتمر جنيف، وكل المؤتمرات الأخرى الخاصة بالأزمة السورية؟ فلا أحد يتحدث الآن عن تدخل خارجي بسوريا، ولا نرى استعدادات حقيقية لذلك، بل إن الجميع «يتوسل» بضرورة دعم الثوار بالأسلحة، وخصوصا أن المعارك تدور في أحياء دمشق ضد الطاغية، فما الذي يجعل مستشار المرشد الإيراني يتهدد، ويتوعد، ويقول إن «لسوريا دورا أساسيا للغاية ورئيسيا في المنطقة فيما يتعلق بتعزيز سياسات المقاومة الثابتة... ولهذا السبب فإن أي هجوم على سوريا سيعد هجوما على إيران وحلفائها»؟ أعتقد أنه لنستطيع فهم هذا التصريح فلا بد من قراءة تصريحات ولايتي بالكامل، وهو ما لم تفعله جل وسائل الإعلام العربية التي نقلت الخبر للأسف، فولايتي يقول أيضا إن أي تغيير سياسي في دمشق يجب أن يتم عن طريق انتخابات جديدة لا عن طريق توجيه خارجي!

ومن هنا نستطيع أن نفهم أن حديث المستشار الإيراني ليس بتهديد بقدر ما أنه تفاوض، وإرسال رسائل للغرب، ومعهم الروس، بأنه من غير المقبول خروج الأسد وفق الطريقة التي يطالب بها الثوار، والمجتمع الدولي، بألا يكون للأسد أي دور في المرحلة الانتقالية المقبلة. فما يريد أن يقوله ولايتي إن خروج الأسد يجب أن يكون وفق ترتيبات لا تمس مصالح إيران وحلفائها، وبالطبع فإن المطالبة بانتخابات بوجود الأسد تعني أنه سيكون بمقدور طاغية دمشق، وبالطبع إيران، ضمان تثبيت مصالحهم في المرحلة المقبلة. أما قول ولايتي إن الهجوم على سوريا هو هجوم على إيران وحلفائها، فما هو إلا بمثابة رسالة واضحة أن طهران وأتباعها لن يدعوا مرحلة ما بعد الأسد تمر بسلام طالما ليس لهم يد فيها، وبالطبع يتضح ذلك أكثر في حال تذكرنا أن إيران تمر الآن بمفاوضات وشد وجذب مع المجتمع الدولي حول الملف النووي، ولذا فإن طهران تحاول الآن تعزيز موقفها التفاوضي.

هذه هي القراءة الواقعية لتصريحات ولايتي، وخصوصا أن إيران لا تتوانى عن دعم الأسد، منذ اندلاع الثورة التي تكلف الطاغية مليار دولار شهريا تقوم طهران بدفعها، هذا فضلا عن إمداده بالسلاح والرجال، فما الذي تغير اليوم لتصعّد إيران؟ بالطبع لا شيء إلا أن الأسد يترنح والمعارك تدور بمحيط العاصمة، والثوار يقومون بتحقيق انتصارات حقيقية على الأرض رغم نقص التسليح والتمويل.

وعليه، فإن الواضح الآن أن إيران استشعرت خطورة «المخاض» الروسي حول الأزمة السورية، وطبيعة مجريات الأمور على الأرض، وبدء أوباما لولايته الثانية رسميا، والموقف العربي المتصاعد بالمطالبة بضرورة رحيل الأسد، مما دفع إيران لتذكير الآخرين بأنه يجب أن يكون لها دور في مرحلة ما بعد الأسد. هذه هي الحكاية بكل بساطة.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ