ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 24/01/2013


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

مقالات مختارة من الصحف العربية ليوم

23-01-2013

جبهة النصرة وتضخم الأنا الجهادية

ملاذ الزعبي *

الأربعاء ٢٣ يناير ٢٠١٣

الحياة

فرزت الحرب الأفغانية عدداً من الحركات الجهادية التي شكلها من عرفوا لاحقاً بالأفغان العرب، كما أدى الانتصار على إحدى القوتين العظميين آنذاك إلى حصول ما يشبه «تضخم أنا قتالية» لدى هذه الجماعات، فظن قادتها ومنظروها ومنتسبوها أنهم قادرون على كسب أي معركة يخوضونها، سواء كانت في مواجهة نظام شمولي أو حكم عسكري أو حتى قوى عظمى وتحالفات دولية.

تجاهل قادة الجهاد الجدد عوامل رئيسة ساعدت على هزيمة السوفيات، أبرزها الدعم المتفاوت في حجمه وأشكاله الذي كان يتدفق على المجاهدين الأفغان من قوى عالمية وإقليمية، إضافة إلى الوضع المزري الذي كانت تعيشه الإمبراطورية الشيوعية في عقدها الأخير، لا بد من الإشارة إلى الأمد الطويل للحرب التي استمرت حوالى عشر سنوات.

هكذا، خاض الكثير من الحركات الجهادية معارك خاسرة منذ مطلع التسعينات وحتى اليوم، في الجزائر والشيشان والبوسنة وكشمير والعراق والفيليبين وفي أفغانستان نفسها مرة أخرى، وتلك الحركات تبدو على استعداد لخوض معركة جديدة في مالي، الانتصارات التي حققتها هذه الجماعات في جولات قصيرة وسيطرتها على مناطق لفترات متفاوتة لا تعني أبداً أنها قادرة على فرض سيطرة طويلة الأمد.

يزداد الحديث هذا أهمية في الشأن السوري، خصوصاً بعد رحيل النظام الحالي، البلد الذي كان عدد متطوعيه في الحرب الأفغانية محدوداً مقارنة بمحيطه العربي، أصبح اليوم معنياً أكثر من غيره بالحركات الجهادية، مع القوة المتزايدة لجبهة النصرة، إحدى القوى الرئيسة المقاتلة للنظام.

قد يبدو مفيداً مقارنة الحال السورية اليوم بنظيرتها العراقية قبل سنوات، تلك التي تسيّد المشهد فيها «تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين» الذي تحول إلى «دولة العراق الإسلامية»، سحب التنظيم الجهادي البساط من تحت قوى أخرى كانت تقاتل القوات الأميركية، ضمت عسكريين من الجيش العراقي المنحل وبعثيين وأفراداً من العشائر، وعلى رغمــ أنه تمكــــن من إيلام الأمــيركيين إلا أنه انتهى منبوذاً حتى مـــــن حاضنته الشعبية المفترضة في مناطق العرب السنّة بينما تم اغتيال معظم قادته، لكن الثمن الذي دفعه العراق كان كبيراً.

الإشارات الصادرة عن جبهة النصرة حتى الآن، تدل على أنها ستسير في هذا الاتجاه، وسيكون قادتها على خطأ إذا اعتقدوا أنهم قادرون على ملء الفراغ الذي سينجم عن رحيل النظام الحالي. المجتمع الدولي أولاً، وشرائح واسعة من المجتمع السوري ثانياً، لن تقبل بذلك.

سيكون مهماً تحديد الدور الذي تسعى جبهة النصرة لأن تشغله في سورية المستقبل، منذ مرحلة مبكرة، وقد يوفر هذا على السوريين، وعلى غير السوريين ربما، بل وربما على عناصر في الجبهة نفسها، المزيد من المآسي.

========================

لبنان وكارثة النزوح السوري

رندة تقي الدين

الأربعاء ٢٣ يناير ٢٠١٣

الحياة

منذ عقود الحرب الأهلية يعاني لبنان من النظام السوري وممارساته. فقد تمكن النظام السوري بفضل عدم وطنية جزء من الطبقة السياسية اللبنانية من دفع الانقسام والفساد والطائفية والقتل والتفجير وذلك طيلة الاحتلال السوري للبنان. وقد خرج الجيش السوري من لبنان بعد انتفاضة لبنان الحقيقية اثر جريمة اغتيال رفيق الحريري التي تلتها سلسلة الجرائم لشهداء ثورة لبنان على الاحتلال السوري، من سمير قصير إلى جبران تويني وجورج حاوي وبيار الجميل واللائحة طويلة. واليوم وجيش النظام السوري يقتل ويقمع شعبه هناك معضلة جديدة أمام لبنان: نزوح سوري ضخم تجاوز وفق الإحصاءات الرسمية مئتي ألف نازح ويقدر أن أربعمئة ألف سوري دخلوا إلى لبنان فارين من القتال والقصف الوحشي.

لا شك أنه كما فتحت أبواب سورية أمام اللبنانيين في عام ٢٠٠٦ خلال الهجوم الإسرائيلي الوحشي فعلى لبنان مسؤولية إنسانية لاستقبال اللاجئين من الضرب والقصف السوري. إنما المشكلة ضخمة من كل جوانبها. فالحكومة اللبنانية مقصرة على جميع الأصعدة بالنسبة إلى الشعب اللبناني إن كان على صعيد تأمين الكهرباء أو فرص العمل أو الأجور المطلوبة لعيش كريم. والبؤس في لبنان منتشر. كم هي العائلات التي ليس لديها القدرة على شراء مولد كهرباء أو ضمان الطب لأولادها وشيوخها؟ وعقدة بعض الوزراء في الحكومة جعلتهم يرفضون تنظيم الخيم لاستقبال اللاجئين لمدة معينة حتى عودتهم إلى بلدهم لأنهم مهووسون بمخيمات فلسطينية في البلد وبالخوف من التوطين. إلا أن اللاجئ السوري ليس مثل الفلسطيني لأن النظام السوري لن يستمر وسورية بلد واعد وغني قد يستعيد عافيته بعد سقوط نظامه. ولكن الحكومة عادت ووافقت على بعض الخيم وهي هبات وصلت من بعض الدول منها السعودية والنروج. ولكن الأمور في لبنان معطلة لدرجة أن بعض النافذين قالوا لـ «الحياة» إنهم يحاولون إخراج خيم للاجئين السوريين وصلت منذ تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي إلى المرفأ وبقيت فيه حتى اليوم. فلا شك أن وضع اللاجئين كارثي وقد زارت «الحياة» مخيماً في البقاع باسم مركز استقبال وهو تقدمة سعودية في مرج فيه حوالى ١٨ عائلة تعيش داخل خيم في البرد القارص في الشتاء، وحسب رئيس بلدية المرج عماد شموري تأتي العائلات التي ليس لديها أماكن تسكن فيها فيتم تأمين الحرامات والصوبيا والطعام والكهرباء لهم حتى يتمكنوا من تأمين أنفسهم في مكان آخر. ويقول شموري إنهم يغادرون المركز الذي هو عبارة عن مخيم (ولكنه يتعمد عدم تسميته كذلك) ليبحثوا عن مكان يقيمون فيه. وطلب مواطن سوري من رئيس البلدية مساعدته على إيجاد عمل خلال زيارة «الحياة» للمركز. فالمعضلة أن كثافة هذا النزوح غير المنظم على طريقة ما يحدث في تركيا والأردن تدفع النازحين إلى التوجه إلى بيروت والمدن اللبنانية بحثاً عن عمل وبعضهم يتعاطى التسول. وكثيراً ما تسمع مواطنين لبنانيين يعانون من أن العمال السوريين ينافسون اللبانيين لأن كلفتهم أقل. فأينما كان في لبنان في الأفران والإعمار والحدائق كثر عدد العمال السوريين الذين كانوا موجودين في لبنان قبل الحرب في سورية. والبعض في لبنان يدعي أن هناك مخططاً وأن نزوح مئات الألوف إلى المدن كارثة لأن هنالك مشاكل اجتماعية كبرى من سرقات إلى جرائم وغيرها نتيجة نزوح اللاجئين السوريين. ولا شك أن هنالك مبالغة في الموضوع على رغم أن المعضلة للبنان واقع والعطل السياسي في الحكومة وعدم توفير أدنى الاحتياجات للبنانيين يزيد قلق الشعب اللبناني الذي عانى الكثير من النظام السوري وتبعاته في لبنان.

فالمطلوب خطة عربية واسعة ومنظمة لمساعدة اللاجئين السوريين ومساعدة لبنان بشكل مباشر وليس عن طريق حكومة معطلة تختلف وتوقف وتماطل في المساعدات. ومؤتمر مانحي الكويت ينبغي أن يسرع في ذلك لأن الأوضاع لا تحتمل كما هي. فبكل الأحوال لبنان عانى من النظام السوري والمطلوب أيضاً مساعدات غربية ملحة وتنسيق بين الغرب والعرب كي تصل المساعدات بسرعة ومباشرة عبر هيئة إغاثة تكون فاعلة ومستقلة عن التعطيل والفساد وذلك لمساعدة لبنان على تحمل أعباء النزوح والكارثة السورية ولمساعدة اللاجئين السوريين وإخراجهم من أوضاع إنسانية متدهورة.

========================

درب الآلام السورية طويل

مارك لينش *

الأربعاء ٢٣ يناير ٢٠١٣

الحياة

ليست حوادث سورية كارثة إنسانية تعتصر القلب وتقض المضاجع فحسب، بل هي كذلك من أكثر القضايا تعقيداً وتبدو كأنها عصية على التحليل والفهم الاستراتيجيين. وسعت إدارة أوباما إلى إدراك أبعاد هذه القضية.

والحق يقال، ليس رفض التدخل العسكري في سورية وراء إخفاق القيادة الأميركية في تذليل الأزمة السورية. فإخفاقها يعود إلى عجزها عن التوصل إلى حل سياسي يحول دون انزلاق البلد إلى ساحة حرب بالوكالة بين دول الجوار، وهو انزلاق لم يخف على أحد أنه وشيك. ودوران سورية في دوامة الكارثة في الأشهر الستة الماضية أثبت أن التحذير من تسليح المعارضة كان في محله. فهو (التسليح) يوسع النزاع ويفاقم دمويته وتطرفه، ويسلم دفة السلطة إلى المسلحين بدلاً من الناشطين السلميين. والكارثة هذه تظهر أن كوفي أنان ومؤيديه أصابوا حين دعوا إلى تغليب العملية السياسية على العملية العسكرية، والحفاظ على مؤسسات الدولة لتفادي الفوضى. ولم تجاف الصواب مناشدة أنان مؤيدي الأسد في الخارج دعم المسار السلمي، لكن مبادرة أنان فشلت. وتبددت مذذاك الظروف التي كانت لتحتضن الحل السلمي: فمؤسسات الدولة السورية انهارت، ورجحت كفة المعارضة المسلحة على كفة حركة المعارضة السلمية. ولم يعد أحد ينتظر إجماع مجلس الأمن على قرار «سوري». وتثير الأسف دعوة الأخضر الإبراهيمي، خليفة أنان، إلى حل سلمي في غياب شروطه.

مرد مآل الأمور إلى هذه الحال الرهيبة والأليمة هو انتخاب نظام الأسد نهجَ القتل لمواجهة الأزمة، عوض التزام خطوات سياسية سلمية. ووجهت سهام النقد إلى التلويح بمثول الأسد وأمثاله من الرؤساء الدمويين أمام القضاء الدولي، وقيل أن سيف اقتصاص العدالة الدولية منه قد يحمله على القتال إلى آخر رمق. لذا، سقط من التداول الادعاء الدولي على الأسد إفساحاً للمجال أمامه للتراجع وإيجاد مخرج للأزمة. لكن الرئيس السوري اختار مواصلة القتال، وشأن غيري من المراقبين، أسأتُ تقويم قوة النظام وعزمه على ذبح شعبه تمسكاً بمقاليد السلطة، وتوقعتُ أن تتصدع صفوفه، وأن ينشق كثر من أعوان الأسد، وهذا ما لم يحصل، لكن سقوط النظام آت لا محالة.

ولكن هل فوتت أميركا فرصة الحل؟ يرى مؤيدو التدخل العسكري أن الولايات المتحدة كان في مقدورها قبل أشهر التدخل عسكرياً والحؤول، تالياً، دون تفاقم الأمور. وهذا قول يتسم بالخفة والتلفظ به يسير، ولكنه يجافي الواقع. ففي العام الماضي، بحثت الإدارة الأميركية والمراقبون في واشنطن في الاحتمالات العسكرية المتاحة في سورية: فرض منطقة حظر جوي، وإنشاء مناطق آمنة، وحملة قصف جوي، وتسليح المعارضة. ولم يخلص الباحثون إلى أن مثل هذه الإجراءات يساهم في تسريع وتيرة طي الأزمة وإنهاء النزاع. وكان تدخل أميركا عسكرياً ليفاقم الأمور.

والطاعنون في مقاربة الإدارة الأميركية، أمثال السيناتور جون ماكين، يزعمون أن كل ما حذر منه معارضو التدخل، أي عسكرة النزاع وسقوط عشرات آلاف القتلى وتسلل مقاتلي «القاعدة» إلى صفوف المعارضين، صار أمراً واقعاً. وزعمهم لا يجافي الصواب، لكنه يغفل أن القوات الأميركية لا تتخبط في مستنقع على الطراز العراقي، ولا تواصل الانزلاق إلى هاوية التدخل الشامل على وقع فشل عسكري تلو الآخر. وهذا من حسن حظ الأميركيين وتعاسة حال السوريين.

النقاش حول تسليح المعارضة خَفَت، وطواه سياق الحوادث. وعارضت الولايات المتحدة تسليح المعارضة لتفادي خسارة واشنطن الخيار الديبلوماسي والمساهمة في تعزيز قوة أمراء الحرب المحليين وفي تأجيج نيران الحرب الأهلية الدموية. لكن دولاً عربية لم تحتذِ بواشنطن، ولم تمتنع عن تسليح المعارضة وتمويلها. واليوم جعبة المجموعات المسلحة مليئة بالعتاد الحربي، والنتائج السلبية صارت بارزة. واليوم، لم يعد إلقاء أميركا دلوها في مد السوريين بالسلاح ليُساهم إسهاماً كبيراً في قلب موازين القوى، ويقال إنها خسرت دالتها على المعارضة السورية لامتناعها عن تسليحها، وأن «جبهة النصرة» والإسلاميين المتطرفين ملأوا الفراغ الذي أبت واشنطن شغله.

لم يكن حمل المعارضين السوريين أسلحة أميركية ليحول دون إقبال «القاعدة» وأخواتها على إعلان «الجهاد» في الساحة السورية «الجذابة» التي تتآكلها الحرب الأهلية. فالانعطاف في مسيرة المعارضة السورية من المسار السلمي إلى المسار العسكري واندلاع الحرب الأهلية هما العاملان اللذان استقطبا «القاعدة» إلى الأرض السورية.

خلاصة القول إن الحل الديبلوماسي للأزمة كان ممكناً قبل سنة، وبات اليوم في طي النسيان، ولا أرى أن ثمة فائدة ترتجى من مواصلة المساعي الديبلوماسية. والسلاح يتدفق على قوات المعارضة، على رغم الرفض الأميركي، واقتراح التدخل العسكري سقط من دائرة النقاش.

والجواب عن سؤال «ما العمل في سورية» عسير، والرد الوحيد هو أن ذات اليد قصيرة. ولا يسع المجتمع الدولي غير تخفيف نتائج الحرب الوخيمة، ودعم منظمات المعارضة السياسية الطرية العود والإعداد لجبه اضطرابات مرحلة ما بعد الأسد. فعلى سبيل المثل «الائتلاف الوطني السوري» هو ثمرة المساعي الدولية والأميركية لجمع المعارضة في إطار تمثيلي جامع. ووجهت الدعوة إلى الائتلاف للسعي إلى إظهار سيطرته السياسية، ولو كانت صورية، على الجماعات المسلحة وترشيد تدفق السلاح وضبطه. وثمة مساع لا يستهان بها لإعداد التكنوقراط السوريين ومؤسسات المعارضة لمرحلة ما بعد انهيار الأسد.

ولا شك في أن الحاجة ماسة لمساعدة اللاجئين السوريين، لكن ذلك لن يداوي علة المشكلة بل أعراضها. وتبدو فكرة تشكيل حكومة انتقالية معقولة. وفات أوان ملاحقة الأسد وأعوانه أمام القضاء الدولي. وحري بالولايات المتحدة حمل الدول العربية على العزوف عن تمويل مجموعات متنافسة تخدم كل منها مصالح الممولين المختلفة والمتناقضة، وحضها على تنسيق المساعي الإقليمية والدولية الرامية إلى الحؤول دون مواصلة اللاعبين الخارجيين التدخل في سورية لخدمة أهدافهم المتضاربة.

والإعداد لإرساء الاستقرار في مرحلة ما بعد الأسد واجب ملِحّ. فانهيار نظامه بين ليلة وضحاها يخلف فراغاً سياسياً وأمنياً ستتهافت المجموعات المسلحة على ملئه. والتفاؤل عسير أمام هول الأزمة السورية، وسير الحياة العادية لن يعود إلى مجاريه. فغياب عشرات الآلاف ماثل وجرح لن يندمل، والكوارث ألمّت بالعائلات وشتتتها ودمرت بنية الجماعات. وإذا بقيت الأمور على هذا المنوال، يتوقع أن يدوم النزاع في سورية في السنوات المقبلة، من دون أن يبدّل سقوط الأسد في الأمر شيئاً.

========================

«أربح الحرب إذا دمرت دمشق»

الشرق الاوسط

عبدالرحمن الراشد

23-1-2013

ما دار في آخر اجتماع للأخضر الإبراهيمي، الموفد الدولي، مع الرئيس السوري بشار الأسد، كما روته جريدة «الشرق الأوسط» أمس، يستحق التوقف عنده. فقد قال الأول للثاني: «أنت لن تستطيع الاستمرار في السلطة، بخلاف المعارضة القادرة على الانتصار.. ولكن الثمن سيكون تدمير دمشق». ورد الأسد عليه: «أنا أستطيع أن أربح الحرب إذا دمرت دمشق».

فعلا هذا مشروع الأسد، تدمير دمشق، وتدمير سوريا، وتدمير المنطقة. لقد جربها في العراق، وفعلها في غزة من قبل، واستمر يفعلها في لبنان. وهنا أستعير بعضا مما رواه الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك في مذكراته «الزمن الرئاسي»، حول كيف دارت الأحداث مع الراحل رفيق الحريري وبشار الأسد.

كتب شيراك عن ليلة العشاء مع الرئيس حينها جورج بوش الابن، يقول «يبدو أن بوش لا يعرف جيدا هذا البلد (لبنان)»، فشرحت له أهمية دعم لبنان، واستعادة استقلاله من سوريا أو حزب الله، وقلت له إن هناك انتخابات رئاسية ستجرى في لبنان في أكتوبر (تشرين الأول)، وإن هذه الانتخابات يجب أن تشكل مناسبة لانطلاقة جديدة إذا لم يكن رئيس الجمهورية اللبنانية - كالعادة - مفروضا من دمشق.

خلال صيف 2004، وبينما كان الفرنسيون مع الأميركيين يعملون على صياغة مشروع قرار يطالب بإجراء انتخابات حرة، وبانسحاب غير مشروط للقوات السورية، حصل ما توقعنا، اتفق الأسد وحليفه إميل لحود على تعديل الدستور بطريقة تسمح له بإعادة انتخابه، والتجديد ثلاث سنوات لولايته. الحريري الذي كان لا يزال رئيسا للوزراء سارع للتنديد بها، فاستدعاه الأسد إلى دمشق في 26 أغسطس (آب)، وقال له: اعتبر لحود ممثلي الشخصي في بيروت، ومعارضته تعني معارضتي.

وهدد الرئيس السوري الحريري ووليد جنبلاط «بالثأر جسديا». إذا ما أصرا على رفض لحود والدستور الجديد، وقال الأسد للحريري وهو يصرخ: «إذا أرادوا إخراجي من لبنان فإنني سأكسر لبنان على رأسك، وإما أن تنفذ ما أقوله لك وإلا فسنطالك أنت وعائلتك أينما كنتم».

ويستطرد شيراك روايته: «قبل ظهر الرابع عشر من فبراير (شباط) كنت أعقد اجتماعا في قصر الإليزيه عندما أُعلمت أن الحريري استهدف بانفجار في بيروت، وكنت قد حذرته من قبل «ليس لدي معلومات محددة» قلت له قبل أسبوعين من اغتياله عندما زار باريس: «ولكن عليك توخي الحيطة. إنهم مجرمون لا يتورعون عن شيء».

نحن أمام مجرم حقيقي تعمد قتل عشرات الآلاف، ليس لأنهم جزء من مواجهات الحرب، بل لأنه يؤمن بأن القتل والتدمير وسيلتان للسيطرة، وهذا ما يفعله كل يوم وسيفعله في المنطقة، لو دام حكمه عاما كاملا أو أكثر.

========================

فشل أوباما في سوريا

ريتشارد كوهين

الشرق الاوسط

23-1-2013

هناك نوعان من الحروب، كما قيل لنا؛ حروب بالاختيار وحروب تفرضها الضرورة، فالنوع الأول هو الذي يجب تجنبه، أما الثاني فيكون رغما عنا. وقد كانت الحرب العالمية الثانية حربا ضرورية، في حين لم تكن حرب فيتنام كذلك. وكانت حرب العراق حرب اختيار (وضربا من الحماقة أيضا)، ولكن حرب أفغانستان لم تكن كذلك، على الرغم من أنها قد تكون حرب اختيار الآن. ويمكن أن تتغير الحروب بمرور الوقت، مثل الحرب السورية التي تحولت من حرب اختيار إلى حرب ضرورة لم يختر الرئيس أوباما الاشتراك فيها. ويظهر عدد الضحايا الهائل أنه كان مخطئا في ذلك.

لقد لقي أكثر من 60 ألف شخص حتفهم في تلك الحرب، ومعظمهم من المدنيين، علاوة على هروب ما يقدر بنحو 650 ألف لاجئ عبر الحدود السورية المختلفة، ويعيشون الآن في ظروف مأساوية وتجمدوا بسبب الأمطار الغزيرة التي تهطل على البحر الأبيض المتوسط في فصل الشتاء، كما قتل عدد هائل من الأطفال وسيلحق بهم آخرون.

وتهدد هذه الحرب بزعزعة استقرار المنطقة برمتها؛ فالأكراد في شمال سوريا لا يهدأون، كما أن الفلسطينيين اللاجئين في سوريا من وطنهم الأصلي، قد باتوا لاجئين مرة أخرى في الأردن، ويعج لبنان بالسوريين النازحين من المسلمين مثلهم، ولكنهم من طائفة أخرى. وتبدو التركيبة العرقية لهذا البلد (خليط غير مستقر من السنة والشيعة والمسيحيين والدروز) هشة بشكل كبير. وبات جميع اللبنانيين لديهم عقلية تركز على تعداد الطوائف في البلاد: هل جماعتهم في زيادة أم نقصان، وماذا يعني ذلك؟

وماذا عن بشار الأسد، هذا الابن غير المثير للإعجاب لأب مثير للإعجاب بشكل كبير؟ هل سيبحث عن منفى له في العاصمة الروسية موسكو، ليقيم مع جيرارد دوبارديو الذي تتسم أخلاقة بالسوقية؟ أعتقد أن هذا غير مرجح، وسوف يتقهقر الأسد إلى المعقل العلوي وسوف تستمر المذابح، وستكون هناك شلالات دماء واحدا تلو الآخر، وستتم تصفية حسابات الماضي القريب والماضي البعيد، وسيكون المنطق السائد في المستقبل هو: اقتل قبل أن يتم قتلك، في شكل من أشكال التحوط.

إنني أتحدث عن مأساة يصعب وصفها؛ عن أطفال رضع يموتون من الدوسنتاريا (الزحار) وعجائز يخطون آخر خطواتهم الضعيفة.. إنني أتحدث عن الوحشية التي دائما ما تطل علينا برأسها القبيح في الحروب الأهلية، وأتحدث، أخيرا، عن كارثة كان يمكن تجنبها. وكان يمكن لقوة قليلة من حلف شمال الأطلسي، أو بالأحرى الولايات المتحدة، أن تضع حد لما يحدث في وقت مبكر. ولم يكن فرض منطقة حظر الطيران، كما حدث في ليبيا، سيجبر الطائرات والمروحيات السورية على البقاء على الأرض فقط، ولكنه أيضا كان سيقنع الأجهزة الحربية الاستخباراتية بأن الأسد سوف يسقط لا محالة وأن نتيجة الصراع قد باتت محسومة. وفي ذلك الوقت، كان هناك بعض الأماكن التي كان يستطيع الذهاب إليها.

ومع ذلك، كان البيت الأبيض مصمما على التردد، وكانت هناك حملة الانتخابات الرئاسية، ولم يكن هناك وقت للمغامرات الخارجية. كان العراق في طريقه إلى الخمود، وأفغانستان أيضا لو كان هناك بعض الحظ. ولم يكن للولايات المتحدة ناقة ولا جمل في الحرب السورية، علاوة على أن واشنطن - في اعتراف بعدم الكفاءة - كانت غير قادرة على معرفة الغث من السمين، وانتظرت حتى تتضح الأمور. والآن، بات الأشرار (الجهاديون وغيرهم) أكثر تحكما في الأمور، كما خسر المعتدلون، كما هو الوضع عادة، أمام المتطرفين.

وفي وقت لاحق، أصبحت هذه الحرب ضرورية، كما كان من الضروري تجنب حدوث كارثة إقليمية، وانتشار المزيد من أعمال العنف إلى لبنان والعراق.. كان من الضروري تجنب وقوع كارثة إنسانية؛ والمعاناة الكبيرة التي كان يمكن تجنبها أو التخفيف من وطأتها على الأقل.. كان لا بد من اتخاذ موقف ضد البربرية لأن هذا يعد التزاما أساسيا، أليس كذلك؟ كان من الضروري التدخل لأنه كان يمكننا القيام بذلك بتكلفة قليلة للغاية. قد لا يكون لقيامك بما تستطيع وقتما تستطيع وقع المبادئ السياسية التي وضعها مترنيش، ولكن ذلك قد يكون له قوة المنطق. يعد التدخل الآن شيئا مقنعا وقابلا للتطبيق، لا سيما أننا نتحدث ببساطة عن إنقاذ أرواح البشر.

كان ذلك ضروريا، في النهاية، لأنه يجب أن تتم مساءلة بلطجية هذا العالم من قبل المجتمع الدولي. يجب عدم السكوت عن القصف العشوائي للمدن والبلدات السورية، كما يجب ألا يتم السكوت عن استهداف الصحافيين. الشعب في أي بلد ليس متاعا يتم التعامل معه بأي شكل من الأشكال التي تريدها حكومته. وينبغي أن يهيمن الشعور بالالتزام الأخلاقي على السياسة الخارجية الأميركية ويكون محور الفترة الرئاسية الثانية للرئيس أوباما.

في الحقيقة، لم تعد الحرب السورية مسألة اختيار، ولكنها تحولت إلى حرب تفرضها الضرورة.

========================

ليس دفاعا عن «والي السوريين» بل عن العلاقات!

الشرق الاوسط

سمير صالحة

23-1-2013

لوحة قيل إنها رفعت كانت كافية لإثارة كل هذا الغضب في وجه تركيا وحكومة رجب طيب أردوغان، وهي عكست حقيقة عدم تجاوز العلاقات التركية العربية جروح الماضي ورواسبه وفشلها في مسح السلبيات وتبني المسار الجديد على الرغم من كل ما قيل عن تحسن كبير وجهود بذلت في الأعوام الأخيرة لفتح هذه الصفحة البيضاء.

المعلومة الإخبارية تقول إن الوالي التركي المعين في غازي عنتاب لمتابعة شؤون اللاجئين السوريين وضع على مكتبه لوحة تحمل عبارة «والي السوريين» لكننا لم نتحرك بعد للتأكد من مدى صحة هذا الخبر.

العبارة جاءت قاسية، وسبب ذلك ليس فقط احتمال أن يقدم أحدهم على ارتكاب هذا الخطأ بل «إشادة» المجلس الوطني السوري بهذه الخطوة دون أن يقال لنا إذا ما كانت هذه الإشادة هي بقرار تعيين «وال للسوريين» أو نتيجة تكليف الرجل بمهام الإشراف على شؤون اللاجئين السوريين في المدن التركية أولا وتجاهل ما قد تتسبب به هذه العبارة من ردود فعل سلبية ثانيا.

وحدث الأسوأ طبعا فسرعان ما تحولت المسألة إلى فرصة لإعلان الحرب على أنقرة وحكومتها وإطلاق العنان للأقلام والمخيلات والعودة للأرشيف الذي يذكر بجمال باشا وتعليق المشانق.

خبر قصير أولا، ثم حديث مع الوالي سئل خلاله عن أسباب الجدل الدائر حول طبيعة مهمته، لكنه لم يخطر على البال أن ندقق في المسألة التي كانت كافية لإثارة غضب البعض وشحذ الأقلام والرجوع إلى الدفاتر القديمة: هل اليافطة موجودة أم لا؟ هل هو خطأ غير مقصود؟ هل بالغ البعض في تحريك المخيلات؟ لا أجوبة.

كلنا يعرف أن مسألة رفع يافطة من هذا النوع لن يتحمل مسؤوليتها الوالي دلماز وحده بل ستكون سببا للإطاحة بكل ما بنته حكومة العدالة والتنمية في السنوات الأخيرة على طريق تحسين العلاقات مع العالم العربي.

بعض ما كتب وقيل في الأخبار والتعليقات والتحليلات السياسية لأبرز الكتاب العرب:

تركيا العثمانية تعين واليا على السوريين

مولانا فيصل يلماظ

هذه هي سياسة أردوغان السورية

علاقة استتباع تقود إلى تنصيب وال على السوريين

عملية تندرج في إطار استعادة دور السلطنة العثمانية

ليتحول الخبر في النهاية إلى قرار تركي بتعيين هذا الوالي على المناطق السورية الخارجة عن سيطرة النظام ويكون الرد أننا لن نسمح بتحقيق هذا الوهم وتتريك المنطقة وأن المؤامرة التركية ستسقط في النهاية.

بحثنا أولا عن اسم فيصل يلماز المعتمد في الأخبار وقارناه بأرشيف التعيينات الأخيرة لرئاسة الوزراء ووزارة الداخلية ففوجئنا أنه الوالي ويسل دلماز الذي نتابعه جيدا بحكم وجودنا في مدينة واحدة فهو الوالي المكلف بتنسيق شؤون اللاجئين السوريين في المناطق والمدن الحدودية التركية وإقامته هي في عنتاب وأنه عميد كلية القانون في المدينة نفسها منذ عامين تقريبا.

ثم عثرنا على قرار التعيين فكان يتحدث عن الأحداث المؤلمة التي تشهدها سوريا، وعن ضرورة توفير الدعم للاجئين السوريين الوافدين من هناك، وعن تنظيم شؤون دخول وخروج السوريين إلى ومن الأراضي التركية، وعن توفير الدعم المعيشي والحياتي للسوريين الموجودين في المناطق الحدودية بين البلدين.

لم نجد في القرار طبعا عبارة والي السوريين، لكن فرصة العودة إلى الوراء ولت وتقدمت مقولة الفرمان الممهور بختم أردوغان الذي ألبسه البعض ثياب السلاطين ولفتهم.

وال عين بصفة مؤقتة بمهمة ظرفية واضحة محددة منذ أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي، وها نحن وبعد أشهر من التعيين وجملة تفجر غضب الشارع العربي ننشر توضيحا له أن مهمته في الداخل السوري تقتصر على تنسيق المساعدات المرسلة إلى هناك ويطلب منا تجاهل كل كتابات الإهانة والتجريح.

أسبوع كامل والكثير من وسائل الإعلام والتحليلات تتحدث عن هذا الوالي وغايات تعيينه «التوسعية الاستعمارية» التي تحضر لسايكس بيكو جديد بطابع عثماني هذه المرة. لكن أحدا لم يتحدث عن الجهود التي يبذلها دلماز في مثل هذه الظروف الصعبة التي تمر بها سوريا والشعب السوري للتخفيف من معاناة اللاجئين إلى الأراضي التركية والنازحين داخل الأراضي السورية عبر الإشراف على جيش من الخبراء والموظفين والمتطوعين للمساهمة في حملات تقديم المساعدات المعيشية والحياتية والتعليمية للمحتاجين إليها. المسألة تحولت إلى «جيش انكشاري تركي» يريد الهيمنة على سوريا ومقدراتها.

بعض ما جاء على لسانه بتاريخ التاسع من الشهر الماضي في الإعلام التركي: لقد تجاوز عدد اللاجئين السوريين المائة ألف، تحركنا بشكل أوسع للتعامل مع المسألة ببعدها الإنساني بتعليمات وتوجيهات من رئيس الوزراء رفعنا عدد الخيام والمخيمات والبيوت المؤقتة لتوفير احتياجات اللاجئين إلى الأراضي التركية ريثما تنتهي محنتهم ويعودون إلى بلادهم.

في الوقت الذي كانت فيه الكتابات تتواصل حول والي السوريين كان الجنود الأتراك في جنوب لبنان يواصلون تقديم الخدمات لسكان المناطق هناك تحت شعار حماية وحدة وأمن واستقرار هذا البلد في أعقاب أكثر من عدوان إسرائيلي تم على مرأى ومسمع قيادات سورية كانت تمثل النظام السوري هناك وطبعا نحن هنا لن ندخل في توصيفات مهامها أو طبيعتها أو الصفات والألقاب.

الجميع في المنطقة يجلس على أعصابه فوق بركان البارود هذا. ربما أبسط ما يمكن أن يفعله البعض هو ترجمة ونشر قرار تعيين الوالي دلماز في المواقع والأماكن التي حولوها إلى حصن للدفاع عن هجوم واستعداد لمواجهة لن يحدثا أصلا.

هكذا تركنا اليوم في الموقف الصعب أنقرة لا ترد على ما قيل تتجاهل أو تتغاضى أو ربما هي لا تتابع فنظهر نحن بمظهر من يحارب نيابة عن العدالة والتنمية.

=====================

الأخبار العاجلة السورية

كرم يوسف

2013-01-22

القدس العربي

لايمكن مطلقاً لأي متابع للثورة السورية وإن كان من أبنائها أن يكون قادراً على جمع عدد المرات التي خرجت فيها الأخبار العاجلة عن هذا البلد منذ بداية ثورته، فكثيراً ما امتلأ الشريط الأخباري للقنوات المناصرة للثورة أو للأسد بالأخبار العاجلة والتي عادة يتقاسمها اللونان الأبيض والأحمر، للفت أنظار المشاهد إلى حدث بارز، وسرقة عنينية عن الشاشة لذلك الخبر العاجل عن الدم السوري، لا شك لذلك اللونين علاقة كبيرة بمايجري على الأرض في سوريا فهناك أحمر يسرق الحياة وأبيض قليل تنتهي بعد قراءته آخر ذكرى لأشخاص على هذه الأرض.

ربما في بداية الثورة كان يحظى كثيرون بأن الأرقام لاتخونهم حيث كان من الممكن أن يعرف أي شخص أن قريبه ذاك ضمن عدد الشهداء الذين يتحدث عنهم الشريط الإخباري العاجل لخمسة أو ستة من الشهداء، حتى أنه في بداية الثورة كنا نرى اسماء الكثير من الشهداء ترد في الأخبار، أما حين حصدت مجازرة نظام الأسد أكثر من 250 شخصا في مجزرة واحدة كما في دير بعلبة بحمص، أو مئة شخص كما في مجزرة فرن حلفايا بريف حماه، فبات من الصعب أن يعرف إنسان أن قريبه ذاك ضمن قافلة الشهداء أو لا، لأن كثيرين منهم يبقون تحت الأنقاض، ومجهولي المصير تحتها لحين العثور عليهم.

لعل عيون كل الثوار السوريين المتابعين لتلك الأخبار العاجلة كانت ولاتزال تحلم بخبر عاجل وحيد يتحدث عن الإطاحة بنظام الأسد سواء أكان ذلك بضربة جوية غربية فقد الأمل منها، أو تصفيته من قبل حاشيته المقربة، أو من قبل الجيش الحر، وقد يعذر كل من سئم ذلك الشريط الإخباري العاجل عن متابعته بعدم قراءته أو عدم الإكتراث له فكثيرون ماعاد يشدهم لون الشريط الإخباري لأنه لا يتحدث مطلقاً عما يريدون، بل لاتزال تكتب حروف كلمات الشريط الإخباري العاجل الذي لا يهدأ منذ واحد وعشرين شهراً من أرقام للشهداء والمدن المقصوفة والصفقات السياسية التي تعقد على حساب السوريين في حرب بالوكالة يخوضها السوريون نيابة عن قوى كبرى ماعادت تريدهم أبناءً لوطن مرتاح البال، بل أبناء لوطن لا يستيقظ من المجازر لعقود كثيرة على أقل تقدير.

كل تلك الأخبار العاجلة المشبعة بالموت والمجازر قادت كثيرين من أبناء الثورة حتى ضمن سوريا إلى إطلاق صفحات عبر شبكات التواصل الاجتماعي تخفف شيئاً من عبء تلك الأخبار بتناول جوانب ساخرة من الثورة ساعية بذلك إلى إعادة الحياة في روح من يتصفحونها، وعلى الأرض أيضاً يعد أبناء سوريا الثائرون مشاهد ساخرة عن حياتهم ضمن القصف في محاولة للتغلب على قذائف الطائرات التي أخطأت ولاتزال تخطئ الطريق إليهم إلى حين آخر.

وفي مقابل ذلك وفي تحد للشريط الإخباري العاجل المنتظر الذي يتحدث عن إسقاط حكم طاغية دمشق، رُفعت لافتات ساخرة كثيرة في مختلف أرجاء جغرافية سوريا تتناول العالم من أقصاه إلى أقصاه بالتهكم والإزدراء ويحلم من خططوها إلى أن يوصلوا بكتاباتهم على تلك اللافتات للعالم بأسره أنهم يجيدون كل معادلات السياسة ومايعد لوطنهم. ومما يفعله السوريون أيضاً في انتظار ذلك الشريط الإخباري العاجل الرسم بما تبقى لديهم من أقلام صور ساخرة لساسة العالم ومايطبخ في مطابخ السياسة لوطنهم، أو رسوم كاريكاتورية ساخرة للسوريين وهم يتحدون القصف والمجازر.

لا شك أن كثيراً من القنوات ماعادت تعتبر مقتل 20 سورياً أو أربعين في قصف ما، أو قصف مدينة واحدة، ومجزرة واحدة شيئاً يستحق أن يكون خبراً عاجلاً، ودون أدنى شك سيأتي في النهاية ذلك الشريط الإخباري العاجل والذي ينتظره ثوار سوريا منذ تاريخ 15-3-2011 طارقاً كل أبواب العالم وصانعاً معادلات كثيرة تقسم قبلها وبعدها أحداث العالم.

========================

النموذج السعودي في رعاية اللاجئين

صوت

محمد علي الزهراني

الأربعاء 23/01/2013

المدينة

قدمت المملكة في معالجة قضية اللاجئين السوريين نموذجا يحتذى للعالم في إدارة الأزمات التى أصبحت صناعة نوعية وعلما قائما بذاته، يقوم على المرونة والتحرك السريع وحرفية العنصر البشري المؤهل لاتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب. لم تعتمد المملكة في مقاربتها لهذه الأزمة الإنسانية الممتدة منذ عامين على إرسال المال فقط ونفض يدها من المشكلة كما يفعل البعض، وإنما حرصت على التواجد الميداني بمشروعات نوعية تراعي النواحي النفسية والاجتماعية والاقتصادية والتعليمية للاجئين، مستندة على الخبرات المتراكمة من حملاتها الإغاثية السابقة التي شملت دولا عدة طوال السنوات الماضية. وكان من اللافت في استراتيجية المعالجة الآتي:

* أن الحملة السعودية لنصرة الأشقاء في سوريا جاءت نتاج تلاحم شعبي حكومي، حيث بلغ حجم التبرعات النقدية والعينية للحملة حوالى 677 مليون ريال.

* الحرص على تقديم الدعم عينيًا ومباشرة إلى اللاجئين من خلال مشروعات نوعية مثل المخابز والمستشفيات والعيادات الطبية المتنقلة بالإضافة إلى الوجبات الجاهزة.

* مرونة التحرك لمواكبة الاحتياجات الملحة للاجئين، ففي أثناء موجة البرد القارس مؤخرًا حرصت الحملة على تغيير بوصلتها لتوفير البطانيات والمعاطف بصورة عاجلة، وهو الأمر الذى كان له أثره الكبير في نفوس اللاجئين.

* شمولية الدعم السعودي لللاجئين، رغم ما يستلزمه ذلك من تنسيق كبير مع المنظمات الأممية والدول المختلفة والعمل في بيئة إنسانية صعبة، حيث لم يقتصر الدعم على اللاجئين في الأردن فقط، وإنما امتد ليشمل لبنان وتركيا أيضًا.

* يشارك في تنفيذ الحملة السعودية نخبة من أبناء الوطن المؤهلين، والذين درسوا بعناية احتياجات الأسرة بداية من نوعية الغذاء والاحتياج الصحي للأطفال من الحليب والعصيرات وحتى المنظفات ومساحيق غسيل المنازل.

وإزاء هذه الإدارة النوعية لم يكن مستغربًا أن تتولى المملكة إنشاء وتجهيز مدينة متكاملة للاجئين في الأردن تضم 2500 وحدة على أفضل مستوى، تجمع بين الجودة والسرعة في الإنجاز مما كان له أكبر الأثر في تخفيف معاناة المقيمين في المخيمات. وإذا كان الشيء بالشيء يذكر وجب علينا في الختام توجيه الشكر والتقدير لخادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد وسمو وزير الداخلية المشرف على الحملة الذين يقفون بعزم لا يلين لدعم هذه "الكتيبة السعودية" التي تعمل على رعاية اللاجئين السوريين في كل مكان. والأمل أن يستمر العطاء بسخاء من أبناء هذا الوطن المعطاء لمساعدة الأشقاء المنكوبين تحت المظلة الرسمية التي تنظم هذه الحملة وتديرها باحترافية واقتدار.

========================

لا خسارة شاملة لبشار الأسد ونظامه؟

سركيس نعوم

2013-01-23

النهار

تداولت الأوساط السياسية ثم الاعلامية أخيراً اخباراً، أو "معلومات" وتحليلات، تنطوي على تفاؤل بمستقبل النظام السوري ورئيسه بشار الأسد وذلك بعد اشهر طويلة من القلق عليهما بسبب عجزهما عن قمع الثوار وعن استعادة "الجغرافيا" التي استولوا عليها وكذلك بسبب تمسك المجتمع الدولي باستثناء روسيا والصين، والمجتمع الاقليمي باستثناء ايران، والعالم العربي باستثناء الجزائر، بضرورة تنحي الأسد كي تصبح التسوية السياسية بين السوريين معقولة.

ماذا تناولت الاخبار و"المعلومات" والتحليلات المشار اليها؟

ركزت اولاً على استمرار ميزان القوى عسكرياً "طابشاً" في مصلحة نظام الأسد. فقواته النظامية لا تزال جاهزة للقتال، وترسانته العسكرية لا تزال متفوقة على ترسانة الثوار وقد تبقى كذلك طويلاً. وقواته غير النظامية باتت اكثر تدريباً وتنظيماً وقدرة على تنفيذ أعمال عسكرية مهمة مع استمرارها في مهماتها الأساسية. فضلاً عن ان عشرات الآلاف من الموالين للنظام، وقد تكون غالبيتهم من "عصبيته الفئوية"، انضموا الى قواته المقاتلة، في حين أن الثوار بدأوا يعانون جراء عدم حصولهم على الأسلحة التي تمكّنهم إما من حسم المعركة مع النظام لمصلحتهم، وإما من تسديد ضربات موجعة وقاتلة اليه.

وركزت ثانياً على التزام روسيا، ومعها الصين وإن بدرجة أقل، الدفاع عن نظام الأسد في المحافل الدولية وتزويده الأسلحة والذخائر التي يحتاج اليها، ومساعدته في تدبير الأموال التي بدأت تشح لديه، وبذلها الجهود الضرورية لجعله طرفاً في أي تفاهم دولي يؤدي الى تسوية للحرب في سوريا اذا كان تعذّر عليها تمكينه من الانتصار.

وركزت ثالثاً على قمة مرتقبة خلال اسابيع او اشهر قليلة في رأي اصحابها ومروّجيها بين الرئيس الاميركي المجدَّدة ولايته باراك اوباما والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، معتبرة انها ستنتهي باتفاقهما على قضايا خلافية عدة في مقدمها وضع سوريا، وذلك بعدما بدأ "الانتشار الارهابي الاسلامي" في أوساط الثوار السوريين. وهذا أمر يرفضه الرئيسان المذكوران معاً.

وركزت رابعاً على التزام الجمهورية الاسلامية الايرانية تقديم كل شيء لنظام الأسد بغية الصمود اذا كان انتصاره متعذراً، أو بغية جعل سقوطه وانهياره جزئياً. ويعني ذلك ان المسؤولين في طهران لن يكتفوا بالتمسك بالأسد حتى سقوطه. لكنهم سيمنعونه من السقوط الكلّي سواء بقيت معه روسيا أو تركته من اجل اتفاق مصالح مع اميركا. واذا عجزوا عن ذلك بسبب تقدم الثوار ونمو ترسانتهم العسكرية وحصولهم على الخبرة والتدريب اللازمين، فانهم سيدعمون تحوّله "الى المربع الجغرافي" لطائفته بعد توسيعه لكي يتصل مع لبنان من جهة البقاع الشمالي، ولكي يتصل مع ايران عبر العراق من جهة حمص. ونجاحهم في ذلك يعني امرين: أولاً، استمرار وجودهم (ومعهم موسكو ربما وبدرجة اقل الصين) في قلب الشرق الأوسط وعلى حدود اسرائيل اي في سوريا ولبنان. وثانياً، الحاجة اليهم للتوصل الى حل لأزمة الحرب السورية بل للوضع الاقليمي المتفجر كله. وركزت الأخبار و"المعلومات" والتحليلات نفسها خامساً على نجاح مسعى توفيقي تقوم به موسكو بين واشنطن وطهران يتناول قضايا خلافية عدة بين العاصمتين الأخيرتين ابرزها على الاطلاق الآن الملف النووي الايراني، وفي هذا المجال يقول مروّجو الأخبار و"المعلومات" والتحليلات اياها ان اتفاقاً أو بالأحرى شبه اتفاق تم التوصل اليه حول الملف النووي. وهو يقضي بتجميد ايران الاسلامية الموضوع النووي أو بالأحرى النشاط النووي، وهذا أمر يريح اميركا، في مقابل اعتبار الرئيس السوري بشار الأسد الذي هو، ومنذ نيف و22 شهراً، جزءاً من المشكلة بل المفجّر لها، جزءاً من الحل او من التسوية عند البدء في البحث في أي منهما سواء بين السوريين انفسهم او مع المجتمع العربي والاقليمي والدولي. وهذا أمر يريح ايران ومعها روسيا".

هل الاخبار و"المعلومات" والتحليلات المفصّلة أعلاه صحيحة أم هي جزء من "بروباغندا" (دعاية صارخة)، رمتها جهات سورية أو حليفة لسوريا في سوق التداول السياسي والاعلامي في لبنان، وذلك بغية استنهاض همم حلفائها من اللبنانيين، ودفعهم الى التمسك باقتناعاتهم وسياساتهم في المواجهة الشرسة وإن سياسية حتى الآن التي يخوضون مع اخصامهم السياسيين كي لا نقول اعداءهم؟

========================

توصيف أولي لسلطة آل الأسد وتفاعلاتها

د. عبدالله تركماني()

الماضي

23-1-2013

دخلت سوريا، مع استلام حافظ الأسد السلطة عام 1970، مرحلة جديدة تعزَّز فيها الطابع الأمني - المركزي - الأوامري للسلطة، وعندما جاء الوريث بشار الأسد أطلق في عام 2000 وعوداً بالإصلاح، فساهم ذلك في ولادة حراك سياسي ومدني، وجدل ثقافي ثري، أدى إلى صدور "بيان الـ99" مثقفاً، الذي ركّز على المطالبة بالتحول الديمقراطي، عبر إلغاء حالة الطوارئ، وإطلاق سراح معتقلي الرأي والضمير، وإطلاق الحريات العامة، وصولاً إلى الإصلاح السياسي المنشود. كما توصل هؤلاء المثقفون النقديون إلى تشكيل "لجان إحياء المجتمع المدني"، التي أصدرت "الوثيقة الأساسية" في 9 كانون الثاني (يناير) 2001، المعروفة اختصاراً "بيان الألف". إلا أنّ سلطة آل الأسد أغلقت الباب أمام التحول الديمقراطي باسترجاعها للطرق الأمنية المعتادة.

وفي واقع الأمر "سوريا الأسد" هي البلد الذي لا شريك للأسد فيه، اسمها المتداول ذاته ينفي الشراكة. في سوريا هذه خدم وأتباع، ولكن ليس فيها شركاء وخصوم وأنداد. هذا نابع من صميم تكوين "سوريا الأسد"، و"دستورها" العميق، وليس أمراً عارضاً نشأ مع انطلاق الثورة في 15 مارس/آذار 2011. وما كان لبشار الأسد أن يرث أباه في حكم "الجمهورية" لولا أنّ الوالد حافظ الأسد كان ثابر على قطع أي رأس سياسي مستقل في البلد، إن بالقتل أو السجن أو النفي، أو الترويض والاستتباع والإفساد. النظام الأسدي ليس مبنياً على إنكار القيمة الإنسانية للمعارضين، بل لعموم السوريين. السوريون واحد من اثنين في عُرفه: موالٍ خادم لا قيمة لحياته، أو معارض لا قيمة لحياته أيضاً.

إنّ سلطة آل الأسد صارت بنية مغلقة وصلبة وخرجت من كونها نظاماً سياسياً لديه مرونة التفاوض أو يعمل بوظائف النظام السياسي عموماً، وهو ما يفسر حقيقة أنها تكرست كنخبة أقلوية وأنها تخوض حرباً مصيرية، ولم يعد يهمها غير الحفاظ على وضعيتها كجماعة حاكمة أو الحصول على حصة من سوريا المستقبل، ووفق هذا السياق فإنّ تنحي بشار الأسد عن السلطة يصبح لا معنى له سوى إعلان الجماعة الحاكمة الهزيمة في المعركة وليس محاولة علاج الأزمة أو البحث عن مخارج لها.

وهكذا، فإنّ إشكالية الدولة وأسئلتها من بين أكثر الإشكاليات تعقيداً والتباساً في الخطاب السياسي السوري، فمنذ سنة 1963 هي دولة القهر والتغلُّب، حيث العلاقة بين الحاكم والشعب علاقة تسلط واستئثار وهيمنة. مما جعل أزمة الدولة السورية تكمن في استمرارية الممارسات السلطوية الاستبدادية وغياب الحكم الرشيد طوال ما يقرب من خمسين سنة، حيث لم تدرك سلطة الدولة التلازم الضروري بين الحرية والعقلانية والتنمية، وأحالتها إلى خلفية اهتماماتها.

وبعدما تماهت الدولة مع السلطة وحزب البعث الحاكم والزعيم الواحد الأحد، منذ انقلاب حافظ الأسد على رفاقه في عام 1970، فإنّ التمييز بين الدولة وسلطتها وغيرها من الأجهزة المندرجة في إطارها أمر في غاية الأهمية لفهم مضمون الدولة وتمثلها من جهة، ولترشيد الفعل السياسي والمدني من جهة أخرى.

بل أنّ سلطة آل الأسد حوّلت الدولة من فضاء عام لكل مواطنيها إلى فضاء خاص لأهل الولاء، حيث سلطة الدولة لا تستند إلى شرعية دستورية، وغير خاضعة لأية مؤسسات رقابية حقيقية، بل بوجود مراتبية تلعب فيها الأجهزة الأمنية الدور الأهم في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، تقرّب أهل الولاء وتنفّر أهل الكفاءة. وعلى امتداد العقود الأربعة الماضية هيمن نمط من الأجهزة الأخطبوطية على مجمل نواحي الحياة السورية، بحيث تم ابتلاع كل المظاهر الأولية لوجود المجتمع المدني السوري. بل أنّ المجتمع السياسي نفسه لم ينجُ من سيطرة هذه الأجهزة، حيث "قُضمت" الدولة وأُرغمت على إخلاء الساحة للسلطة الأمنية.

وهكذا تجمعت لدى أغلبية الشعب السوري مؤشرات تظهر أنّ هذا النظام بات محنطاً وعصياً على الإصلاح، لأسباب عديدة منها الخلل العميق في تركيبته الداخلية نفسها، وطريقة فهمه لدوره وموقعه من الدولة السورية، ولطبيعة الهياكل التي أنشأها انسجاماً مع تلك التركيبة وهذا الفهم. فقد ثار السوريون، منذ 15 مارس/آذار 2011، في وجه الدولة الأمنية التي استبدت في كل مجالات عيشهم، وقرروا أنه لا بد من التغيير على كل المستويات الوطنية، في ظل علاقة قائمة على القناعة والثقة والتفاعل الحر، علاقة مقننة في إطار عقد اجتماعي جديد يوفّر الشفافية والمؤسسية والقانون.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ