ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 27/12/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

مقالات مختارة من الصحف العربية ليوم

26-12-2012

نظام الأسد والخطوط الحمراء

المصدر: صحيفة جابان تايمز اليابانية

التاريخ: 26 ديسمبر 2012

البيان

تمثل الخطوط الحمراء موضع إشكال في الدبلوماسية، ففي حين أنها تلزم للإشارة إلى العزم، فإنها يمكن أن تثير المشكلات أيضا. و"غالبا ما تتحول الخطوط الحمراء إلى سجاد أحمر"، مظهرة أن ما تفعله الحكومات لتحدي خصومها واختبار مصداقيتهم، يتحول إشارة إلى المدى الذي يمكنها بلوغه دون تحفيز أي رد.

غير أنه في بعض الحالات، لا يمكن أن يكون هناك مجال للشك. واحتمال استخدام سوريا للأسلحة الكيميائية هو حالة من تلك الحالات، إذ ينبغي للعالم أن يوضح أن اتخاذ حكومة دمشق لخطوة من هذا القبيل، سيطلق ردا قويا متعدد الأطراف، فبعض الخطوط لا يجب تجاوزها.

وفي الأسابيع الأخيرة، صعدت الولايات المتحدة الاهتمام الدولي باحتمال استخدام سوريا للأسلحة الكيميائية، حيث قال وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا إن المعلومات الاستخبارية "تثير مخاوف جدية من أن هذه الخطوة هي قيد الدراسة".

وينفي المسؤولون السوريون أي إجراء أو نية من ذلك القبيل، إذ قال نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد إن حكومته لن تستخدم الأسلحة الكيميائية ضد شعبها في الحرب الأهلية السورية، "فسوريا دولة مسؤولة". ولكن لسوء الحظ بالنسبة لمصداقية المقداد، فإن سوريا هي دولة من ست دول لم توقع على اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية. ويعتقد الخبراء أن دمشق لديها مئات الأطنان من الأسلحة الكيميائية والمواد ذات الصلة، بما في ذلك غاز السارين وغاز الخردل وغاز الأعصاب "في إكس".

وهنالك خطران يرتبطان بتلك الترسانة، أولهما يتمثل في التهديد الواضح بأن الحكومة السورية قد تستخدمها، رغم أن مثل هذه الخطوة ستشكل انتهاكا واضحا لقاعدة قوية تحظر استخدام أسلحة الدمار الشامل. وللأسف، فإن هذه القاعدة، التي تعكس اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية وتحافظ عليها في الوقت ذاته، انتهكت، إذ استخدمت الأسلحة الكيميائية خلال الحرب بين إيران والعراق.

ويتمثل الخطر الثاني في احتمال نشر تلك الأسلحة، ومن ثم وقوعها في أيدي الإرهابيين عرضا أو عمدا. ومن شأن علاقات سوريا الوثيقة بمنظمات مثل "حزب الله" وغيره من الجماعات المسلحة في المنطقة، أن تسهل نقل هذه الأسلحة أو سرقتها، في حالة الفوضى التي يحتمل أن تصاحب المرحلة النهائية من الحرب الأهلية.

وتعتبر خيارات التعامل مع هذا التهديد محدودة، فمن الصعب مهاجمة مخزونات الأسلحة الكيميائية، نظرا لأن مواقعها مجهولة، وأن قصفها قد ينشر الغازات الخطيرة متسببا في الخسائر نفسها التي تهدف مثل هذه الهجمات إلى تجنبها.

ومحاولة الاستيلاء على تلك الأسلحة لا تقل صعوبة، وذلك مجددا لأن مواقعها غير معروفة، ولأن التقديرات تشير إلى أن عملية العثور على ترسانة بذلك الحجم وتأمينها، ستحتاج إلى نحو 75 ألف جندي (ويقال إن أميركا نشرت قواتها في الدول القريبة من سوريا استعدادا لهذا الاحتمال، ولتدريب قوات أخرى للمساعدة).

=================

سورية.. الحسم للقوة فقط..

يوسف الكويليت

الرياض

26-12-2012

    الأخضر الإبراهيمي لا شك في خلقه وثقافته وتميزه الدبلوماسي على المستوى العالمي، لكنه أساء لتاريخه بقبوله مهمة ليس في إمكاناته القدرة على حلها، وقد سبقه «عنان» الهروب من الاستمرار بالمشكل السوري، وتعيينه بديلاً عنه، ما جعله مجرد حامل بريد لآراء وأفكار القوى الكبرى، والذي قد لا يعلم حتى ما هو داخل مظروف تلك الرسائل المتبادلة..

المهمة كانت ولا تزال فوق طاقته، لأن الرفض يأتي من النظام والذي يأتمر بما تمليه روسيا وإيران، ويتكئ على دعمهما، وهما في المجمل السياسي ترفضان مشروع السلام ورحيل الأسد، لأنه الضمانة الوحيدة لوجودهما في المنطقة، وعلى نفس الطريق فإن المعارضة تعتبره شخصاً منحازاً للأسد، وضد الشعب السوري ما خفّض نسبة الرضا عنه من طرفيْ العلاقة والخصومة، وطالما المشروعات ساقطة بفعل الرفض المسبق لها، وعدم جدية الدول الكبرى بما يرقى بالعملية المدعومة والناجحة، فقد كان الفشل هو العامل الحاسم..

سورية وشعبها الذي يخوض معركة تحرره من دكتاتورية عرقية وطائفية يذكّرنا بنضال الشعب الفيتنامي الذي حارب عدة جيوش في سبيل تحرره، وسورية المؤلم فيها أنها تقاتل حكومة بنت سلطتها على مبادئ الفصل التام بينها وبين القوى الاجتماعية الوطنية، واحتكار الامتيازات والهيمنة على العصب الأمني والعسكري بواسطة أبناء الأسرة والطائفة..

فإذا كانت دمشق هي أول من أعلن مذياعها الانقلاب الأول عربياً، فهي خاضت تجارب الحروب ضد الاستعمار الفرنسي، ثم نكبة حرب ١٩٤٨م وما تلاها، وحاولت أن تكون أول دولة عربية تؤسس لوحدة عربية مع مصر كنواة لوحدة أشمل، لكن ذلك كله جاء ضمن سياسات خاطئة وعاطفية، وقد قرأ الأسد الأب كل العوامل، قبل انقلابه وكيف يحكم شعباً عجزت كل الحكومات عن السيطرة عليه..

فقد بدأ بتصفية أو عزل المناوئين حتى من طائفته مثل صلاح جديد صاحب النزعة الماركسية، وتقريب بعض وجوه السنة كغطاء بأنه زعيم وطن لجميع السوريين وكان تكتيكه ناجحاً، لأن السوريين مهدوا له الطريق بالملل من الانقلابات وتعدد الأحزاب، وهذا ما يسّر له بناء دولة تقوم على الولاء الطائفي وأخذ الشعب بقوة السلاح مع دبلوماسية خارجية راعت كيف تحصل على التأييد من الخصوم والأصدقاء..

الابن لم يحسن سياسة والده، لكنه فوجئ بأن نظامه غير مرغوب فيه من قبل شرائح شعبية كبيرة، ولذلك استهان ببدايات الثورة معتقداً أنها مجرد فصيل من المتمردين يمكن احتواؤه بالقوة، أو طرح بعض الإصلاحات الشكلية، لكن تطور الأحداث فرض إيقاعاً آخر، فهو استمر في استخدام آلته العسكرية بسياسة الأرض المحروقة، لكنه لم يدرك أن طول المعركة غيّر المعادلات فصار الشعب والجيش، وقوى كانت تساند النظام، هي من تقرر المستقبل وبقوة السلاح أيضاً، وعملياً فسواء جاء الأخضر أو غيره فالموضوع متعلق بمن لديه القدرة على الصمود، وبالتأكيد فالكفة تبقى لصالح الأكثرية الوطنية ضد الأقلية الحاكمة..

=================

لا تنقذوا سورية... إنقذوا انفسكم

عبدالله إسكندر

الأربعاء ٢٦ ديسمبر ٢٠١٢

الحياة

لا مؤشرات الى ان الحرب السورية تتجه الى اي تسوية من اي نوع كان. رغم كل ما استخدمت فيها من اسلحة، وصولا الى ما تردد عن قنابل غاز، ورغم كل الجهود السياسية التي ما تزال تتعثر على اعتاب مهمة الاخضر الابراهيمي.

وغياب التسوية في ذاته يعني ان سورية مهددة بالدمار الشامل، حجرا وبشرا، بنى تحتية واقتصاد، مؤسسات ادارية وعسكرية. ولا مبالغة ان مشاهد من حمص وحماة وادلب ودير الزور ودرعا، وحتى في العاصمة، تناظر ما نراه من الصومال حيث تحول بلد باكمله الى ركام وشعبه الى مشردين.

وهذا ما ينتظر سورية، مع مرور كل ساعة من الوقت. ففي كل ساعة يقتل تدمر عشرات الابنية ويقتل عشرات الاشخاص ويهجر المئات من منازلهم. ومع مرور الايام باتت الحصيلة مروعة على المستوى الانساني والعمراني.

لكن سورية ليست الصومال. سورية كانت ولا تزال القلب النابض لحضارة المنطقة. وعمرانها كان الدليل على ما انجبته هذه المنطقة من رقي وتقدم. وشعبها كان الدليل على قدرة هذه المنطقة على التعايش والمواطنية. كل هذا مهدد اليوم بالصوملة.

قد نجد تبريرات للموقف اللامبالي للعرب من الصومال. فهو بلد طرفي وغير مؤثر في المنطقة، والاثار السلبية لتدميره وتشريد اهله انحصرت في القرن الافريقي ولم تمس المنطقة العرب، باستثناء اليمن الذي نزح اليه لاجئون صوماليون.

وعلى ذكر اليمن الذي عانى بدوره ازمة خطيرة لا يزال يبحث عن كيفية الخروج منها، يمكن ان نلاحظ ان حدا ادنى من الضغط والتدخل من مجلس التعاون الخليجي اقنع المجتمع الدولي بان يفرض على الرئيس السابق علي عبدالله صالح التنازل وتسهيل التسوية. اي ان تحركا عربيا يمكن ان تكون له انعكاسات على المواقف الدولية وعلى تسهيل الحلول.

المبررات التي جعلت العرب يبتعدون عن الصومال لا يمكن احضارها في الحالة السورية. واذا كان بعض العرب غير مهتم بسورية الوطن، كما اهملوا يوما لبنان الدولة وتركوه نهشا للاقتتال، فان من مصلحة العرب ان يهتموا بالآثار الناتجة عن المآل السوري، لانها ستنعكس مباشرة على دولهم ومصالحهم. والتدخل العربي في الشأن السوري لم يعد تدخلا في شأن داخلي لدولة مستقلة، انما بات ضرورة للدفاع عن المصالح الوطنية لكل دولة في المنطقة.

سورية تواجه، في ظل غياب الحل السريع، اسوأ السيناريوات. دمار كامل وشامل ولجوء اهلها الى الجوار الذي يعاني ما يعانيه من ضائقة ومعضلات، هذا الدمار الذي يفرخ كل اشكال الشلل الاجتماعي والتطرف الايديولوجي والتشدد الديني، ما سينعكس وبالا على الجوار العربي. او سينعزل الحكم السوري الحالي في منطقة ذات غالبية طائفية، ما يجعل البلاد في طور يدخل تعديلا جيو استراتيجية على منطقة تعاني من الهشاشة الشيء الكثير، ولن تتأخر بذور مماثلة في اكثر من بلد عربي في البزوغ.

لذلك لم يعد مفهوما ان يقتصر سلوك العرب وجامعتهم على تلمس كلمة ملتبسة من موسكو، علها تحرك حلا دوليا مبهما او توافقا اميركيا - روسيا على اقتسام المصالح. كما لم يعد مفهوما ان يقتصر السلوك العربي على دعوات الى مؤتمرات لمساعدة الشعب السوري او ارسال شاحنات الى هذا المخيم او ذاك للاجئين السوريين. فكل ذلك ليس اكثر من مخدر لضمير، ولا يتصدى لعمق الازمة ولضرورة محاصرتها وايجاد الحل السريع لها.

ليس من الواضح تماما ان قيمة الوطن السوري، بحضارته وتجربته وثقافته، مسألة تشغل كثيرا بال العرب. فالتجارب الكثيرة اظهرت ان مثل هذا الاعتبار ليس اساسيا، وتجربة العرب مع لبنان خير مثال على ذلك، لقد تدمرت هذه التجربة من دون ان تلقي وزرا عليهم. اما سورية فشأن آخر، فدمارها المستمر سيكون وبالا عليهم جميعا. وهم، إن لم يكونوا يرغبون في انقاذ التجربة السورية والوطن السوري، فعلى الاقل ان يعملوا على انقاذ انفسهم من ويلات تدميرها.

 

=================

الحرب السنّية ـ الشيعية في سورية

سيريل تاونسند *

الأربعاء ٢٦ ديسمبر ٢٠١٢

الحياة

يطلّ جبل قاسيون الذي بُني عليه قصر بشار الأسد، على مناظر خلابة لمدينة دمشق القديمة. غير أنّ هذا المنظر تشوّه اليوم جرّاء أعمدة الدخان المتصاعدة من قذائف المدفعية والنيران. وتبعد المعارضة السورية المسلحة بضعة كيلومترات عن وسط العاصمة فيما يعدّ الاستيلاء على مطار دمشق الدولي هدفاً واضحاً بالنسبة إليها. سحب الجيش السوري قوات من منطقة هضبة الجولان الحساسة في الصيف الماضي كي تساعد في القتال في دمشق.

تتخبّط سورية بمعاناتها ولا يسعنا حتى تخيّل الرعب والمعاناة التي يعيشها شعبها البالغ عدده 22 مليون نسمة مع تدمير مدارسه وشركاته والمباني العامة ومع اكتظاظ المستشفيات التي تفتقر إلى الإمدادات الطبية. وبلغ عدد اللاجئين السوريين في الدول المجاورة نحو نصف مليون نسمة علماً أنّ هذا العدد لا يزال يرتفع بمعدّل 3 آلاف شخص يومياً وفق الأمم المتحدّة. كما قتل نحو 40 ألف سوري.

تابع الرئيس الأسد دراسته الطبية في مدينة لندن فيما ترعرعت زوجته أسماء في غرب المدينة. وتشعر بريطانيا بخيبة أمل كبيرة لأنّ الأسد أخفق على هذا النحو. فقد تجاهل برنامج التغيير في سورية ومن الممكن أن يكون حالياً أسير المتطرفين في النظام الذي لم يعد قادراً على قيادة شعبه وبات عاجزاً ربما عن الفرار من شعبه. ووعد ذات مرة أن «يعيش ويموت» في سورية وفي حال لم يرحل عن دمشق قريباً مع عائلته ويبحث عن ملاذ آمن في الخارج، قد يتمّ قتله في العاصمة.

لا بدّ أنّ الرئيس الأسد تفاجأ بأنّ النضال من أجل الإصلاح السياسي في سورية الهادف إلى السماح للشعب السوري بإدارة بلده وليس زمرة صغيرة تنتمي إلى مجموعة أقلية نصّبت نفسها، تحوّل إلى نزاع واسع النطاق وسريع الانتشار بين السنّة والشيعة من أجل الهيمنة في الشرق الأوسط. وفي حال تمّت الإطاحة بالرئيس الأسد غداً، من المرجّح أن يستمر القتال في هذا الإطار الأكبر. فمن الذي سيطفئ حينها هذا الحريق الهائل؟

اعتبر البعض أنّ الحرب الحالية الدائرة في سورية بدأت تبلغ مراحلها الأخيرة. ومن المبكر الحديث عن ذلك إلا أنّ القوى التي تنوي الإطاحة بنظام الأسد قد أحرزت تقدماً كبيراً. فقد تمّ الاستيلاء أخيراً على ثكنات عسكرية مهمّة غرب حلب فيما لم تعد معظم مناطق الشمال في يد الجيش السوري. وكان الثوّار يعزّزون مخازنهم من الأسلحة والذخائر ونجحوا في إسقاط مروحية واحدة على الأقل للحكومة بواسطة الصواريخ المضادة للطائرات. كما تحوّل مجرى الأمور لمصلحة الثوّار. وبوسعنا التساؤل ما إذا كان نظام الأسد المدعوم من إيران سيكون موجوداً في هذا الوقت من السنة المقبلة.

وعبّرت واشنطن ولندن علناً عن قلقهما حيال إمكان استخدام سورية الأسلحة الكيماوية. ونُقل عن العميل السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية بوب باير قوله إنّ «رأساً حربياً واحداً محملاً بغاز سارين السام، لو تمّت تعبئته في قذيفة بحجم 122 مليمتر وأُلقي في منطقة مأهولة مثل حلب أو حمص، يمكن أن يقتل 18 ألف شخص». ويكمن هدف استخدام هذا النوع من الأسلحة في وقف تقدّم الثوّار كي يتمكّن النظام من البقاء. ومع افتراض أنّ استخدام الأسلحة الكيماوية ممكن إلا أنّ من غير المرجّح حصوله. فمن الممكن أن تحاول الولايات المتحدة و/أو إسرائيل تحييد ذخائر سورية الكيماوية والبيولوجية من خلال الهجمات الجوية، إلا أنّ ذلك قد يؤدي إلى قتل عدد كبير من الأشخاص وإلى الاضرار بالبيئة.

أما المشكلة الجدية الأخرى التي تواجهها واشنطن ولندن فهي المجموعة الإسلامية «جبهة النصرة» التي تعمل ضمن الثورة السورية. فقد انضم محاربو المجموعة إلى القتال في بداية هذه السنة علماً أنّهم مدرّبون بشكل جيّد ومنضبطون ومتمرّسون في القتال لا سيّما أنّهم حاربوا الأميركيين في العراق. كما أنهم شنّوا هجمات شجاعة ضد قواعد للجيش السوري. لكن، يُقال إن لهم ارتباطات بتنظيم «القاعدة» وأنهم لا يبالون بحقوق الإنسان. وترغب واشنطن في تهميش المجموعة خوفاً من الأهداف التي قد تكون وضعتها نصب عينيها على المدى الطويل في سورية. وتبدو لندن متحفظة على قرار مماثل.

انضمت الأمم المتحدّة إلى المملكة المتحدّة وفرنسا وتركيا ودول الخليج واعترفت بالائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية. ونشأ هذا الائتلاف في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي من أجل توفير تمثيل أفضل للشعب السوري وكي يكون بمثابة نواة للحكومة المقبلة. كما أنّه يحظى بمجلس عسكري لضبط القتال وبجهاز قضائي ليعمل في الأراضي التي وقعت تحت سيطرة الثوّار. إلا أنّه لا يزال يفتقر إلى الصدقية فيما يعتبره عدد كبير من الأشخاص موالياً للغرب.

إنها أيام صعبة ومروّعة بالنسبة إلى السوريين. حتى أنّ النظام أطلق صواريخ «سكود» ضد شعبه. وفي حلب، يتضوّر السكان جوعاً. وكلّ ذلك يحصل في دولة عربية مهمة تحظى بتاريخ عريق.

 

=================

عن الأكراد و «الجيش الحُر»

دارا عبدالله *

الأربعاء ٢٦ ديسمبر ٢٠١٢

الحياة

أربعةُ أسباب رئيسيَّة تجعل دخولَ المقاتلين المسلَّحين إلى المناطق ذات الغالبيَّة الكرديَّة في سورية، أمراً بالغ الخطورة على العلاقة الكرديَّة - العربيَّة خصوصاً، ومعكوسَ الفائدة على الحراك الاحتجاجي السوري عموماً:

أوّلاً: بسبب تعذُّر تبلور هويَّة وطنيَّة سوريَّة جامعة مُتعالية على الانتماءات الأصليَّة، بالإضافة إلى نسيجٍ مجتمعي مرضوضٍ عموديَّاً، فإنَّ المقاومة الشعبيَّة في الوضعيَّة السوريَّة لم تستطع أن تشكّل صيغة وطنيَّة مُشتركة، إذْ كانت محليَّة موضعيَّة المَنشأ، ومتلوِّنة بثقافة المنطقة التي انطلقت منها، كما أنَّها تفعَّلت نتيجة التبدُّلات السياسيَّة والاقتصاديَّة والاجتماعيَّة والنفسيَّة والمذهبيَّة ضمن البيئة التي تتعرَّض للعُنف، سواء أكان هذا العنف ماديَّاً مُجرَّداً أم ثأريَّاً مُشخصَناً، وبالتالي لا تستطيع أن تنقُل مقاومة مُسلَّحة من بيئة تجاوزت الظروف اللازمة لالتجاء الناس الى التسلُّح، إلى بيئةٍ لم تمرّ بعد في تلك الظروف نفسها.

ثمَّة وضعٌ مُركَّبٌ يؤدي إلى التسلُّح وليس العكس (بخلاف المناطق السوريّة الأخرى حصلَ انتعاشٌ اقتصاديّ في المناطق الكرديَّة بسبب التفجُّر العمراني والنزوح الأهلي من مناطق منكوبة كدير الزور وحمص، وهذا بالتأكيد سيؤثّر في السلوك السياسي).

إذا كانَت قيمُ السلميّة صعبة التطبيق من فوق على جماعةٍ أهليَّة تكوَّنت آليَّات ذاتيَّة خاصَّة بها، نتيجةَ تعرُّضها لعنف مجنون، فإن قيم التسلح أيضاً صعبة التطبيق على جماعة أهليّة أخرى لم تتعرض للكميّة نفسها من العنف (بنوعيه المادّي والرمزي) وما زالت تشهد تظاهرات سلميَّة.

ثانياً: اصطِباغ الصُّلب الأيديولوجي للمقاتلين المسلَّحين الذين دخلوا رأس العين بلون سُنّي راديكالي طاغ، وتفسيرهم الصراع في سورية بمنظورٍ طائفيّ فئويّ ضيِّق، كـ «جبهة النصرة» الذي هو تنظيم عدميّ طهرانيّ إسلامي، ينزعُ الثقة الإيجابيّة عن كلّ الوجود، ويفسِّر الصراع بأنَّه سنّي - علويّ، وهذا لا يناسب المزاج الكردي العام ذا التديُّن الشعبي التقليدي البسيط والتوجُّه العلماني الواضح.

الطاقة الاعتراضيَّة الكرديّة ضدَّ النظام السوري ليست مذهبيَّة المنشأ، بل كون النظام السوري مستبداً وشوفينياً ويحتكر السلطة والثروة والفضاء العام.

ثالثاً: تراكبُ الصراع (جيش حر - حزب العُمَّال الكردستاني) على التوتر الكردي - العربي اللامرئي والكامن. والمسألة الكرديّة او العلاقة العربية - الكردية لا تقلُّ خطورةً عن المسألة الطائفيّة في سورية، وهي ليست علاقة ودّ وعشق كما تدّعي الأدبيَّات التي تفتخرُ بـ «الوطنيَّة السوريَّة المُنجزة» ليلَ نهار. ثمة أزمة لا ثقة أهليّة واقعيَّة بين الأكراد والعرب، ولا تحلُّ بالابتسامات الصفراء والخطابات البلاغيَّة، وأوّلُ خطوةٍ لحلّ الإشكالات إخراجها الى العلن.

رابعاً: الحساسيَّة الكرديَّة التاريخيَّة العامَّة تجاه التدخُّل التركي، الحاضن الإقليمي الأساسي للمعارضة السوريّة السياسيّة والمقاتلين المسلحين الميدانيين، وهذه الحساسيَّة الحادّة لا تقتصر على حزب العمال الكردستاني فقط كما يذكر بعض المحلّلين، بل هي مغروسةٌ في الوجدان الشعبي الكردي لأسباب تاريخيَّة لا تستطيع هذه السطور ذكرها كلها، وكلَّما ازداد التدخُّل التركي في الشأن الداخلي السوري، زاد الالتفافُ الأهلي الكردي حول حزب العمال الكردستاني وكسبَ سلاحهم شرعيَّة أكبَر.

وأخيراً، لا بدَّ من القول إنَّ كلّ سببٍ يؤدّي إلى نتيجة وذلك في كلِّ الظواهر، الكونيَّة الطبيعيَّة والبشريَّة المجتمعيَّة، وتكونُ النتيجة مرتبطة بالسبب إلى حدِّ معيَّن، حتى تتشكَّل داخلَ تلك النتيجة نفسها، آليَّات وميكانيزمات ذاتيَّة خاصَّة بها، مُستقلّة تماماً عن السبب الذي فرزها. هنا تنفَكُّ النتيجة عن السبب، وتصبح تلك النتيجة سبباً لنتيجةٍ أخرى، وهكذا إلى ما لا نهاية، فإذا كانَ الفقرُ يؤدِّي إلى الجريمة، فمعالجةُ الفقر لا تؤدِّي بالضرورة إلى القضاء على الجريمة في المجتمع. من هنا تكمن الخطورة الحقيقية في إلقاء كامل اللوم على النظام السوري عند قيام المقاتلين المسلّحين بانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، فرصف الأوصاف ضد النظام مريحٌ ومطمئن ويعفينا من مسؤوليَّة النقد المستمر الذي هو وحدَه كفيلٌ بتشكيل غريزةٍ أخلاقيَّة داخل وعي تلك الكتائب تمنعهم من الارتكاب.

 

* كاتب سوري

=================

الإعلام الروسي منحاز مع السلطة في سورية وضدها في إسرائيل

رائد جبر

الأربعاء ٢٦ ديسمبر ٢٠١٢

الحياة

في تقرير نشرته أخيراً وكالة أنباء «نوفوستي» الروسية، حول حصاد العام 2012. شغلت الأوضاع الساخنة في العالم العربي ثلاثة من أصل عشرة أحداث دولية كبرى ميزت العام، وأثارت اهتماما قوياً شغل تغطيات وسائل الإعلام الروسية. وجاء الحدث السوري في المقدمة، تليه أحداث مصر التي تناولتها صحيفة «كومرسانت» الواسعة الانتشار وعنونت «الثورة المصرية تأكل الإخوان المسلمين». أما الحدث الثالث، فكان حصول فلسطين على اعتراف كدولة بصفة مراقب في الأمم المتحدة. في الشؤون الأخرى، بدا واضحاً أن الصحافة الروسية، واصلت في 2012 الانشغال بأمور وثيقة الصلة بمصالح روسيا. فتصدر فوز المعارضة الجورجية على الرئيس ميخائيل ساكاشفيلي، العدو اللدود للروس، لائحة اهتمامات الصحف.

وكان ظهور جيل جديد من القادة الصينيين من الأحداث التي خصتها كبرى الصحف بمساحات واسعة تناولت بالتحليل أثر الحدث الصيني في مصالح روسيا من جهة وفي الوضعين الإقليمي والدولي من جهة أخرى. ونالت منطقة الاتحاد الأوروبي والاضطرابات السياسية والاقتصادية فيها شطراً كبيراً من التغطيات.

وبعيداً من وجهة نظر الوكالة الحكومية يلاحظ المتتبع لتوجهات الصحافة الروسية أن الوجهة الأساسية الغالبة رصدت تطور الوضع الداخلي، خصوصاً مع عودة سيد الكرملين فلاديمير بوتين إلى الكرسي الرئاسي على وقع تصاعد نشاط المعارضة وزيادة الاحتقان من سياساته الداخلية.

واللافت أن المشهد الصحافي الروسي شهد تحولات مهمة في 2012: في سابقة من نوعها في السنوات الـ12 الأخيرة تصدر خطاب المعارضة صفحات كبرى وسائل الإعلام، وظهرت في الخطاب الصحافي آثار الانقسام الواضحة في المجتمع الروسي. ونازع الصحافة إلى محاكاة أحوال المجتمع خالفَ التوقعات، في وقت تعود ملكية غالبية وسائل الإعلام في روسيا إلى الحكومة أو شركات كبرى موالية لها مثل عملاق الغاز الطبيعي «غاز بروم».

وقد يكون هذا الوضع وراء سن قوانين قبل شهور فرضت قيوداً إضافية على عمل الصحافة، في بلد ما زال يتربع في مكانة متقدمة على لائحة «أعداء الصحافة» التي تصدرها دورياً منظمة «مراسلون بلا حدود»، فـ «خرجت الصحافة التي ترعرعت في كنف السلطة عن طوعها»، كما كتبت صحيفة «نوفايا غازييتا» في تعليق قبل أسابيع ، وهي الصحيفة الوحيدة التي تجاهر السلطة العداء، وتخصص الجزء الأعظم من تغطياتها لشؤون انتهاكات حقوق الإنسان وقضايا الفساد في روسيا.

لكن زعم خروج الإعلام الروسي على السلطة تشوبه مبالغة عندما يرتبط الأمر بتناول شؤون دولية ينزلها الروس مكانة «مصالح روسيا العليا والحيوية» أو هذا على الأقل ما ظهر في التغطيات المتعلقة بالشأن السوري خصوصاً وملفات «الربيع العربي» على وجه العموم: كاد الخطاب السياسي الرسمي وخطاب وسائل الإعلام أن يكونا متطابقين. ولم يعد مستهجناً أن تطغى مصطلحات مستمدة حرفياً من تغطيات قناة «دنيا» السورية على الخطاب الإعلامي لمؤسسات إعلامية روسية كبرى.

فـ «الإرهابيون» و «الجماعات المسلحة» التي تسعى إلى تنفيذ أجندات أجنبية، و «خطر دخول سورية والمنطقة كلها في نفق العنف والإرهاب» و «المسلحون الآتون من ليبيا وأفغانستان والشيشان» و «حتمية انتصار الجيش السوري على إرهابيي «القاعدة» ومن يساعدهم» كلها عناوين شغلت حيزاً بارزاً في تغطيات الحدث السوري، إلى جانب تأكيد قدرة «القوة العسكرية في سورية» على «التصدي لأي هجوم خارجي»، كما عنونت جريدة «نيزافيسيمايا غازييتا» قبل أسابيع.

وذهبت «كوميرسانت» إلى أن «مقاتلي القاعدة في سورية يهددون باستهداف الروس والأوكرانيين» من غير أن توضح أسباب «حشر» الأوكرانيين مع الروس، في وقت يدور الكلام على أن الروس والإيرانيين هم من الأهداف «المشروعة» للمعارضة.

ووسع وسائل الإعلام قول ما «لا يمكن المؤسسة الديبلوماسية أن تجاهر به»، كما قال لـ «الحياة» مصدر في وكالة أنباء كبرى، فثمة «توجيهات» من «مصادر عليا» بتحويل بعض التغطيات للتركيز على دور بلدان معينة في الأزمة. وهكذا برزت تغطيات عن الأوضاع الداخلية في تركيا ودول خليجية.

وحرصت التغطيات الصحافية على إبراز صحة «مخاوف» الكرملين من «أسلمة المنطقة»، حتى من خلال متابعة تحرّك المعارضة في مصر. فعنونت «نيزافيسمايا غازييتا» : «علم القاعدة يرفرف فوق مصر»!

لكن ما يصح في التغطيات المتعلقة بالحدث العربي لا يصح في الخطاب الإعلامي عند تناول الأحداث في إسرائيل. واجتمع أبرز حدثين في تشرين الثاني (نوفمبر) بداية بالحرب على غزة، وصولاً إلى الاعتراف الأممي بدولة فلسطينية. في الحالين، عاد الخطاب الإعلامي الروسي إلى «قواعده» الأصلية.

ولا يخفى أن الشطر الأكبر من وسائل الإعلام في روسيا تمسك بمقاليده غالبية موالية للدولة العبرية. ونفوذ السلطة في هذا الملف ضئيل، وخالفت التغطيات الصحافية الموقف الرسمي الروسي، وطعنت في موافقة الكرملين على «دعم كيان إرهابي يهدد الشعب اليهودي» كما قالت مقدمة مشهورة لبرنامج واسع الانتشار في محطة «أن تي في» الموالية للكرملين.

وفي الحرب على غزة، واصلت الصحافة الروسية تسليط الضوء على «الهجمات الفلسطينية على البلدات الإسرائيلية» و«مقتل أبرياء بسبب صواريخ الإرهاب».

اللافت أن المؤسسات الإعلامية الروسية الناطقة بالعربية، والتي يفترض أنها موجهة إلى المتلقي العربي، لم تشكل استثناء في هذا المجال، وأبرزت قناة «روسيا اليوم» العنوان التالي: المدن الإسرائيلية تتعرض لوابل من الصواريخ وتل أبيب ترد بقصف مواقع «حماس» في غزة»! ولا يقتصر الأمر على طريقة نقل حدث «ساخن» مالت خلاله الصحافة الروسية إلى الجانب الإسرائيلي، بل توالت سياسة الاجتزاء والتبرير، وحتى التحريض أحياناً، التي تهدف كما قال مكسيم شيفتشينكو، وهو من الصحافيين البارزين الذين يعارضون هذا الخط، إلى «استكمال عملية غسل دماغ المواطن الروسي». وهكذا، أثناء تغطية عن لقاء للمصالحة الفلسطينية في القاهرة، أبرزت واحدة من كبرى الصحف عنوان: «حماس تستعد لهجوم واسع على الضفة الغربية».

وبدا أن الخطاب الإعلامي الروسي انشغل بأوضاع الشـرق الأوســط، ولكن شـابَهُ التناقـض، فهو تناغم مع الخطاب الرسمي في سورية وخالفه في الموضوع الإسـرائيلي– الفـلسـطيني. وبين الحدثين نضال من أجل حرية الكلمة، وتجربة صحافية مازالت بعد عقدين على انعتاقها من التجربة السوفياتية، طرية العود.

 =================

د.خالص جلبي

الثورة السورية: الآثار والمصير

تاريخ النشر: الأربعاء 26 ديسمبر 2012

الاتحاد

في المقالات السابقة حول الثورة السورية، ذكرنا مجموعة من الآثار السلبية والإيجابية لهذه الثورة، ولخصناها في 12 عنصراً سلبياً يقابلها 12 عنصراً إيجابياً. وهنا نركز على عناصر جديدة نختتم بها البحث في هذا الموضوع.

1-شوق الأمة إلى العدل: والعدل كم قابل للزيادة باضطراد، وعليه فإننا لا نريد دولة «إسلامية» بل دولة عدل. فلم يظلم الناس في التاريخ بأشد من ظلمات الدولة الدينية. وقد بقيت محاكم التفتيش تعمل بكامل الطاقة 520 سنة يُبعث خلالها الناس إلى المحارق، ويزعم فولتير حرق عشرة ملايين امرأة بتهمة السحر، مما دفع البابا يوحنا البولوني الأسبق لوصفها بـ«الجستابو» والـ«كي جي بي»، حيث دعا للنزول إلى أقبية الفاتيكان لتحري الحقائق في حركة نقد ذاتية غير معهودة.

2 ـ الاستقلال الفعلي: رغم أن سوريا نالت استقلالها رسمياً عام 1945، فالمشكلة هي في الفارق بين الاحتلال الأجنبي الذي يحرض على المقاومة، وبين الاستبداد الذي ابتلينا به مع عائلة الأسد. الفرق بين الاحتلال الخارجي والاستبداد الداخلي يشبه الفرق بين الالتهاب والسرطان في أربع؛ في البدء والمظهر والألم والعلاج... فالالتهاب سريع البداية واضح محمر مؤلم وينتهي بسرعة وبعلاج متوافر. أما السرطان فهو خفي البدء خفي المظهر غامض التطور غير مؤلم وإذا كشف متأخراً استحال علاجه. النظام البعثي سرطان رهيب، ولذا كانت عملية استئصاله نازفة جداً.

3 ـ إعادة بناء الدولة والمجتمع والأفكار: إننا أمام عملية تبديل دم ثقافي كاملة كما في أمراض الأجنة. الثورة أفرزت الناس والأولويات والأفكار. «البعث» كان قد اغتصب الدولة وارتهن الأمة. والآن تجد الثورة أمامها الكثير من العمل لإعادة ترميم الدولة وإصلاح المجتمع وولادة الإنسان الجديد المعافى من الأمراض والانحرافات والأمراض الأخلاقية. إنه عصر ولادة الإنسان والكف عن استيلاد فصيلة السنوريات وأخذ الحق بالذراع خارج دولة القانون. إنها نهاية دولة المخابرات والتقارير السرية والأحكام العرفية... أو هكذا نأمل.

4 ـ الثورة الأممية: ما يحدث في سوريا تشارك فيه روسيا والصين واليابان، أي أكثر من ربع الجنس البشري. الروس يقتلوننا بالرصاص والمدفع وطائرات الميج. ولذا فانتصار الثورة في سوريا سيقلب الأوضاع في روسيا وسيزيد مخاوفها من «الصحوة» في جمهوريات آسيا الوسطى الإسلامية، خاصة أن هناك من أبناء الشيشان من يقاتل في صفوف الثورة السورية معتبرينها ثورتهم وكفاحهم ضد القيصر الروسي.

5 ـ انتشار الثورة: وسيكون هذا خلال السنوات العشر القادمة، حيث يتوقع أن تصل آثارها إلى أبواب موسكو وول ستريت، لأنها ظاهرة إنسانية نادرة ينتصر فيها شعب على أعتى الديكتاتوريات، وفي ظل سكوت مريب للعالم على المذبحة العارمة.

6 ـ عودة العرب إلى مسرح التاريخ: وسيكون ذلك خلال خمسين سنة القادمة؛ فالثورة موجات والبدايات غير النهايات. ومن المهم أن نعلم أن الحركات الإسلامية لم تعد «إخوان مسلمون» و«حزب تحرير» وصوفية وسلفية، بل هناك الاتجاه المعتدل والمنفتح على الغرب، لذلك نتساءل: هل ستدخل المنطقة الحداثة وعصر التنوير، أم تنكب على وجهها إلى نظام «طالبان» وملالي إيران، أم تحتذي النموذج التركي أو الماليزي؟

التاريخ عنده الخبر اليقين... «قل كل متربص فتربصوا فستعلمون من أصحاب الصراط السوي ومن اهتدى».

=================

سوريا: كيف فكر النظام؟

ميشيل كيلو

الشرق الاوسط

26-12-2012

قدم الأسد الابن، مباشرة بعد بداية الحدث السوري، رؤية النظام لما يجري، فإذا هو «حراك شعبي يتبنى مطالب حركات الربيع العربي المشروعة ليغطي مؤامرة تنفذها (عصابات إسلامية مسلحة) موجهة ضد آخر حصن للممانعة العربية، الذي لا يوجد أي سبب سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي يبرر القيام بثورة عليه أو ضده».

بقول آخر: إنه شعب سوريا، الذي يقدم مطالب تبدو ظاهريا محقة، لكن هدفه المضمر والحقيقي هو التغطية على مؤامرة تنفذها عصابات إسلامية، لصالح القوى التي تريد إنهاء دور النظام المقاوم، وهي بالتأكيد قوى إمبريالية وصهيونية.

لو أنك سألت أي مسؤول أمني سوري يوم 14 مارس (آذار) 2011 عن الإسلاميين في سوريا، لرد عليك دون أدنى شك بجواب من اثنين: إما أنهم ليسوا موجودين في بلادنا، أو أنهم مزق صغيرة ومتناثرة وخفية، لكنها تحت عين الأجهزة التي تخترقها، أو التي صنعتها وأطلقتها في المجتمع لصيد المتطرفين بواسطتها. ولختم كلامه بقول مطمئن: لا تقلق، كل شيء تحت السيطرة. ولو أنك سألت المسؤول ذاته بعد خطاب الأسد بيوم، لأجابك: العصابات الإسلامية في كل مكان، والشعب الغافل يغطي المؤامرة بشعارات براقة تتحدث عن الحرية والديمقراطية والعدالة والمساواة.

رغم الدلالات الهائلة الأهمية لهذا التناقض الفاضح، فإن أحدا من أهل السلطة لم يترك منصبه طائعا أو مرغما، بل استمر من كانوا ينكرون وجود أي مجموعة إسلامية مسلحة أو غير مسلحة في «سوريا الأسد، سوريا الأمن والأمان»، كما كانوا يسمونها، على رأس عملهم، واكتفوا بتحويل رؤوس حرابهم القاتلة نحو الشعب، الذي انقلب بقدرة قادر من شعب موالٍ ومحب ومخلص وأسدي إلى شعب متآمر أو مغرر به، وفي الحالتين إما أن يبقى خاضعا لسادته أو أنه يستحق القتل.

هذه الرؤية وقفت وراء المأساة القاتلة التي تعيشها سوريا منذ قرابة عامين، وراح ضحيتها ما يقرب من مليون سوري قتلوا أو جرحوا أو فقدوا أو اعتقلوا ولوحقوا وعذبوا... إلخ.. فضلا عن ملايين المهجرين والمشردين، الذين امتلأت بهم أرض سوريا والبلدان المجاورة، وتحولوا من سادة مضيافين في وطنهم إلى لاجئين تقول إحصاءات دولية إن مليونا منهم سيتعرضون للجوع خلال هذا الشتاء. في هذه الرؤية هناك مؤامرة من طابقين تنفذها جهتان متداخلتان: طابق يتحرك فيه شعب يقدم مطالب سلمية تبدو عادلة ومشروعة، وطابق تحتله عصابات إسلامية خفية تقوم بالعمل المسلح، ليتكامل نشاطهما ويؤدي في النهاية إلى تحقيق المطلوب: إسقاط النظام، الذي ليست لديه مشكلة مع شعبه، وليست لديه أزمة، لكن شعبه ثار عليه لأنه متورط مع الأعداء والأجانب، من دون أن يكون هناك مبرر داخلي أو وطني مشروع يسوّغ مواقفه.

بهذه النظرة، التي لا يوجد فيها ما هو صحيح، تم رسم استراتيجية مواجهة تتجاهل مشكلات سوريا الحقيقية وتعقد حلولها وتجعلها خارجية وعنيفة، إقليمية ودولية ومسلحة، وتدفع إلى العنف والسلاح بين الطوائف والكتل البشرية المتعايشة، وتصر على إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل ثورة 15 مارس من العام الماضي، ولو كان الثمن تدمير البلاد وإبادة العباد.

هل كانت هذه الاستراتيجية من صنع قلة أرغمت أهل النظام على تنفيذها، رغم ما حملته من وحشية تجافي أي وعي أو شعور وطني ويصعب تصديق مفرداتها؟ هناك من يعتقد ذلك. وهناك من يرفضه ويتساءل باستهجان: كيف يقبل قادة الأجهزة الأمنية والجيش، الذين يفوق عدد سنوات خدمتهم وعملهم في الحقل العام عمر الأسد الابن، استراتيجية النظام وينفذونها، مع أن «الرئيس» لا يمتلك قدرات متميزة وخبرات واسعة، ودأب على معاملة من حوله من أهل السلطة، خاصة من ورثهم عن أبيه، بتعال واحتقار، ولم يخفِ يوما ازدراءه لهم واستخفافه بمؤهلاتهم وأدوارهم، واعتبرهم مجرد خدم لا أهمية لآرائهم ومواقفهم؟ وإذا كان هؤلاء قد قبلوا ما اختاره في بداية الأزمة بداعي وحدة السلطة، فما الذي يجبرهم على قبوله حتى اليوم، بعد أن تبين فشله وكانت نتيجته الوحيدة تهديد وجوده، وانحساره عن مناطق واسعة من سوريا، وإخفاق حله الأمني الذي صار عسكريا فحربيا فإباديا، من دون حدوث أي تغيير على أرض الواقع يرد الشعب إلى بيت الطاعة ويكسر شوكة مقاومته؟

مهما كانت الإجابة عن هذين الموضوعين المهمين، فإنه يبقى هناك سؤال ثالث محير هو: إذا كانت نخبة متمرسة في الحكم قد قبلت بشار الأسد باعتباره رجلا لا خبرة عنده، لا يمس وجوده في كرسي الرئاسة بتوازناتها، وتفتقر إلى بديل عنه يضمن استمرار النظام، فما الذي جعلها تواصل السير وراءه في أزمة فائقة الخطورة أدارها كهاوٍ لا يفقه شيئا في الشأن العام، لم يكن مؤهلا أصلا لتولي السلطة أو لفهم الملفات المعقدة التي تركها له أب أوصل السياسة السورية إلى ذروة لم تبلغها قبله، مما جعل مصير السلطة فاجعا بصورة خاصة، بالنظر إلى المكان الشاهق الذي أسقطها ابنه منه وهو يجرها معه إلى هاوية الفشل والسقوط الأكيد؟

قديما، قال أحد المفكرين السياسيين: عندما تنتهي أيام سلطة أو طبقة ما، فإنها تعجز عن فهم الواقع. بدا عجز النظام عن فهم الواقع جليا في كل ما قاله وفعله، وبان بصورة خاصة في رؤيته للحدث السوري، التي كانت خاطئة من ألفها إلى يائها، بنيت عليها استراتيجية خاطئة تبين خطؤها من ألفها إلى يائها، أدت إلى تدمير سوريا دولة ومجتمعا، وها هي تدمر السلطة نفسها، مع كل قنبلة مدفع تلقيها على مواطنات ومواطني بلاد لم تكن يوما أهلا لحكمها!

=================

حقيقة الموقف الروسي والأمريكي من سورية... بين الطبع والتطبع!

د. خالد حسن هنداوي

عضو رابطة العلماء السوريين

24 ديسمبر 2012

هل بات الموقف الروسي في مقام التحول اليوم عما كان عليه الأمس إزاء المشهد السوري أم أن المناورة أخذت تختمر أكثر لتجد روسيا مخرجا مناسبا لمواقفها السابقة مبررا لما قد يجد من تطورات بعد لقاء وزير خارجيتها سيرغي لافروف مع هيلاري كلينتون في دبلن مؤخرا ولقناعة روسيا أن الفيلم السوري في حلبة الصراع أوشك على النهاية بعد تحقيق الجيش الحر انتصارات حقيقية نوعية على الأرض وخصوصا في العاصمة دمشق بل حول القصر الجمهوري والمطار الدولي، وكذلك ما يجري في حلب وحماة من مكاسب وتحرير حقيقي لبلدات وكتائب وأفواج ومطارات لم يستطع الجيش الأسدي أن يستردها مكتفيا ببعض القصف الخائب عليها حقدا وغيظا، وقد عزز هذا الأمر تصريحات الرئيس الروسي بوتين في رسالته السنوية أمام المشرعين الروس من أن بلاده تشهد مرحلة انعطاف خطيرة داخل الفلك الدولي الجديد الذي كثرت فيه المتغيرات والهزات السياسية الشاملة، ويفهم من كلامه هذا فيما يتعلق بسياسته الخارجية في الشرق الأوسط وخصوصا بالنسبة لسورية أن احتضانه المؤيد للنظام السوري في المحافل الدولية ومجلس الأمن يمكن أن ينعكس في شكل سلبي على مستقبل العلاقات مع دول المنطقة، وذلك بالرغم من أن بوتين مقتنع تماما أن المنفعة الاقتصادية المتأتية من سورية والمكاسب الاستراتيجية التي وفرتها لأسطوله سورية لن يتنازل عنها كونها أمنت له موقعا جغرافيا متقدما على البحر الأبيض المتوسط وهذا ما يجعله من الناحية العسكرية شريكا مع الولايات المتحدة في إيجاد تسوية للقضية الفلسطينية من جهة ولمستقبل سورية من جهة أخرى، وإن بوتين ليرى أن دخول روسيا في تسوية سورية بالاتفاق مع أمريكا والغرب وهي بهذه القوة والامتيازات أقوى من تخليها عن نظام الأسد مع قبولها بالبديل وفقدانها مكاسبها ولذا لابد أن تناور وتقايض على تقاطع يضمن لها عدم خسارتها ويوفر الموقف المبرر الذي يعترف به الغرب وأمريكا ليصار إلى حل مناسب للأزمة السورية، ومع هذه المواقف التي عبر عنها وزير الخارجية الروسي بقوله: إن روسيا لم ولن تغير اتجاهها من النظام السوري يظهر إحكام المناورة إذ إن روسيا باتت مقتنعة أكثر من أي وقت مضى أنه لابد من تعديل بوصلتها نحو الملف السوري بعد أن تيقنت أن سقوط الأسد بات قريبا جدا، ولابد لها أن تحفظ ماء وجهها وبشكل مبرر، ولكن غاية ما تصر عليه في طلبها كان متمثلا بقول بوتين لرئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان إنه يحذر من احتمال منح الإخوان المسلمين دورا مركزيا في النظام البديل لنظام البعث العلماني خصوصا بعد ظهور مجاهدين من القوقاز تطوعوا للقتال إلى جانب الجيش الحر خائفا من تجدد القتال ضد قواته في الشيشان مؤكدا أن الصين تشاركه هذه المخاوف- طبعا لأنها تابعة لروسيا في موقفها- محذرا أن امتداد الاسلام السياسي إلى دول البلقان وآسيا يشكل خطرا على تلك الدولتين الكبيرتين، أقول نعم وبهذه الحجة تذهب روسيا والصين إلى قبر الديموقراطية في سورية ودون أي حق للشعب السوري أن يقرر مصيره بيده، إن التحرك الحالي لإيفاد الأخضر الإبراهيمي إلى دمشق من جديد وعرض خطة متفق عليها بين أمريكا وروسيا على جزار دمشق لإنشاء حكومة انتقالية على أن يبقى هو في السلطة حتى انتهاء ولايته ولا يترشح لانتخابات جديدة إنما هي خطة فاشلة أساسا لأنها لا تراعي تطلعات الشعب المنتصر على جلاديه وخاصة بعد الصولات الأخيرة للجيش الحر التي أفقدت النظام الأسدي سيطرته وهيمنت على العديد من مراكز قواه بقوة واستمساك، إن الموقف الروسي مضطر اليوم أن يسير في اتجاه لن يكون مضمونا ولكنه يجعله متذرعا أنه عمل جهده لإيقاف الحرب والرغبة في الانتقال السلمي للسلطة وهو يعلم من جهة أخرى أن الأسد لن يقبل بهذه الخطة أو هم أمروه ألا يقبل بها وادعوا غير ذلك، وعلى كل حال فإنهم يشعرون حقيقة أنهم هم في أزمة ولم يحسنوا تصور المعركة بين الظالم والمظلوم وكانوا دوما مساندين للأول ولا بأس بالاشتراك مع الغرب وأمريكا لإخراجهم بشكل ما من ورطتهم وإن اختلفوا في الرؤية، ولعل ما أكده نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف أن المعارضة تسيطر على الأرض ولم يستبعد سقوطا وشيكا للنظام أوقع من تصريحات لافروف أو لعله تقاسم أدوار بينهما فمن غير المعقول أن يصرح النائب شيئا لا يطلع عليه الوزير وإلا فهذا مما لا يليق دبلوماسيا وسياسيا واستراتيجيا، سيما أن لافروف أكد مؤخرا أنه لا يريد أن يكون ساعي بريد لإقناع الأسد بالتنحي عن السلطة وأن على من يعارضونه من الدول أن يقنعوه بذلك، وهي حيلة لا تخفي أنه غير راسخ في موقفه السابق من عدم قبول مجرد الكلام عن تنحي الأسد، إن القارئ المتجرد المنصف المتابع يقتنع جازما أن روسيا في موقفها الإجرامي اللاأخلاقي ومداورتها ومناورتها ومؤامرتها على الشعب السوري وإصرارها على سحق الأحرار وخصوصا أهل السنة وعدم رفع أية راية لهم في سورية بعد عائلة الأسد العلوية أو لعدم وصول الإسلاميين إلى السلطة أمام العلمانيين والطائفيين القتلة، إنما تمتد في لعبتها النارية على حساب دمائنا، وإن أمريكا والغرب معها لفي موقف سيئ مقارب حيث التذرع السابق بعدم تغيير النظام حفاظا على الأقليات في زمان ظلم الأكثريات من جهة ولعدم وصول الاسلاميين أو حتى العلمانيين أو المستقلين إلى السلطة  من جهة أخرى حماية لإسرائيل التي لم تهنأ ولم تهدأ كما كانت وتكون مع الأسد الأب والابن، إن الشرق والغرب متآمرون على الشعب السوري وثورته اليتيمة وحتى العرب والمسلمون الذين لم يقدموا حتى اليوم عشر ما يطلب منهم لنصرة أهلهم في سورية, وإن التاريخ لن يرحم أحدا في مقابل ما يقدم لنظام القتل الذي يسرح ويمرح فيه الجزار بشار كما يحلو لطبيعته المريضة الحاقدة، ولولا هذا التآمر العالمي ما كان له أن يفعل تلك المذابح المروعة على مدى عشرين شهرا والهولوكوست الفظيع الذي رأينا أمس حريقه المروع في مجزرة مدينة حلفايا بريف حماة بعد قصف الناس المتجمهرين ببارود الطيران أمام المخبز حيث قتل على الأقل أربعمائة شهيد عدا الجرحى في مشاهد مؤلمة للغاية من تقطيع للأوصال وحرق للرؤوس كما قصف المشفى الميداني في قرية اللطامنة بريف حماة كذلك واستشهد عشرات الجرحى... فإلى متى ترتوي إيران المجرمة الأولى مع الأسد وروسيا الدموية الدائمة إلى الأبد وأمريكا المنافقة المخادعة من دمائنا؟! لكن لا ريب أن الشعب السوري الصامد الحر والجيش السوري المقاتل الحر وحده بمعونة الله والتحدي الأسطوري البطل سيقربون فهم المعادلة التي بدأت تظهر ليهزم الجمع ويولون الدبر ويسألون متى هو؟ قل عسى أن يكون قريبا، وتلك سنة الله في الظالمين.

===========================

الحرب التي ربحها الأسد

سنمير عطا الله

الشرق الاوسط

26-12-2012

لقد ربح الرئيس بشار الأسد جزءا من حرب المؤامرة الكونية عليه، والتي بدأت في درعا عام 2011.. فقد قال إن الأزمة سوف تمتد آثارها إلى المنطقة، وهذا واضح: تركيا ولبنان والأردن، غارقة في فيضان اللاجئين السوريين. وعلى الصعيد الكوني مجلس الأمن مشلول. وروسيا مصابة بما يعرف في علم النفس بانفصام الشخصية: لافروف ينفي في المساء ما قاله بوتين في الصباح. والصين أصيبت بـ«التوحد»: لا كلمة في الصباح ولا في المساء ولا بعد الظهر. وأميركا ملهية بتبديل الحرس في الخارجية.

الجزء الذي لم يربحه الأسد في الحرب هو مطار دمشق. ومدينة حلب. وأمان سوريا. ورغيف السوريين الذين انتخبوه وهو في الرابعة والثلاثين، مدنيا برتبة رئيس للجمهورية العربية السورية، وعسكريا برتبة فريق في الجيش العربي السوري.

حتى الآن النظام باق لكن ماذا بقي من سوريا؟! ووحدة الجيش صامدة لكن قوته تخرج كل يوم خاسرة من امتحان جديد. ولم يعلن الاقتصاد السوري انهياره بعد لكن الدمار الذي حل بالبلاد هدم اقتصادها إلى عقود. وباستثناء حركة المواجهات العسكرية ومجازر الأفران، كل شيء آخر متوقف في سوريا.

وصول الأخضر الإبراهيمي عن طريق بيروت، علامة سيئة. جرت العادة لسنوات طويلة أن يأتي الزوار إلى دمشق ثم يسمح لهم بالسفر إلى بيروت. نقل وزير الداخلية السوري للعلاج في بيروت علامة غير حسنة. هذا يعني أن بعض جهات الحرب الكونية في وضع متأزم.

المؤتمر الصحافي الذي عقده وزير الإعلام السوري، كان علامة أخرى. عدد الصحافيين الحاضرين كان محليا جدا وكئيبا. والمؤتمر كان خطابيا لا إخباريا. وخيل إلى الناس بادئ الأمر أنه سوف يسهب في شرح مهمة الإبراهيمي، لكنه اكتفى بالقول إنه لا يدري عن زيارته، مع أن تلفزيون «المنار» كان قد أعلن موعد وصول الإبراهيمي قبل يوم. والافتراض المنطقي أن «المنار» علم بالموعد من دمشق لا من المبعوث الدولي. كان أداء المؤتمر - وليس الوزير - معاكسا للهدف منه. بدأ النظام يربح معركة روسيا بينما المهم معركة دمشق. ويكرر رفض الضغوط الخارجية مع أن المسألة الكبرى صارت حول المطار. وحرص على استقبال الإبراهيمي بقصف طابور الخبز في حلب، وكأنه يريد تبديد المهمة قبل بدئها. كل شيء بدا قديما في دمشق، كأنما درعا لم تكن: الخطاب السياسي والأداء السياسي والمظاهر «البايتة». لكن سوريا كانت تبدو من الخارج بعيدة جدا عن الصور المتجمدة واللغة المستنسخة. كانت تبدو محزنة في كل شيء.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ