ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 20/12/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

مقالات مختارة من الصحف العربية ليوم

19-12-2012

السياسة الروسية في الأزمة السورية

د.خالد الحروب

تاريخ النشر: الأربعاء 19 ديسمبر 2012

الاتحاد

هناك لغز سياسي راهن جوهره السؤال التالي: كيف يفكر الروس، ولماذا يعملون ضد مصالحهم في المنطقة؟ ولماذا وقفوا هذا الموقف المحير إزاء «الربيع العربي»، ثم أيدوا النظام الأسدي بكل طاقتهم وحتى لحظة سقوطه الأخيرة القادمة؟

هذا الطور دخلته السياسة الروسية الشرق أوسطية بدءاً من النُذر الأولى لـ«الربيع العربي» في تونس ثم مصر. في هذين البلدين قامت ثورتان شعبيتان ضد نظامي حكم مواليين للولايات المتحدة، البلد الذي تخوض روسيا ضده حرباً باردة جديدة، وتحاول كبح جماح نفوذه في مناطق العالم، والاصطدام معه في سياسات متنافسة هنا، أو الوصول معه إلى سياسات مقايضة هناك. في سياق كهذا كان من المتوقع أن تقفز السياسة الروسية مباشرة لتأييد الثورتين التونسية والمصرية، وتكون النصير الأول لهما على أمل أن تؤسس لموقع نفوذ جديد على حساب الولايات المتحدة التي تخسر حليفين مهمين في آن معاً، بدل أن تقوم بذلك، وفقاً لألف باء سياسات التنافس الدولي والإقليمي، تجمد الدب الروسي، واكتفى بدور المراقب، في ما الولايات المتحدة تسارع في تبديل سياستها التحالفية مع نظامي بن علي ومبارك مائة وثمانين درجة وتتخلى عنهما في ظرف أسابيع قليلة. استطاعت واشنطن عبر سياستها المرنة أن تنتقل من مربع القول بأن النظامين المذكورين يتمتعان بالاستقرار والسيطرة على الأمور إلى القول بأن عليهما أن يرحلا . كل ذلك، مرة أخرى، في ظرف قياسي من الزمن. في تلك الأثناء، لم يسمع أحد عن شيء اسمه روسيا! كانت «تراقب الوضع» عن كثب. نجحت الثورتان التونسية والمصرية ثم الليبية بعدهما ونتجت أوضاع ما بعد الثورات مع قوى سياسية كانت حتى الأمس القريب من ألد أعداء الولايات المتحدة. لكن واشنطن بدلت نظرتها حتى للإسلاميين وقبلت بهم في الحكم وتعاملت معهم. وروسيا «تراقب عن كثب».

وعندما قررت موسكو أخيراً أن تنشط في «الربيع العربي» دعمت الطرف الخطأ، وراهنت على الحصان الخاسر منذ اللحظة الأولى، واصطفت على جانب أكثر الأنظمة ديكتاتورية، وكراهة ألا وهو نظام الأسد. ورغم كل المؤشرات التي دلت ولا تزال تدل على الشعب السوري قد دخل معركة حياة أو موت ضد النظام المُستبد بما يعني أن نهاية النظام آتية لا محالة، وموسكو تعتبر أن المعركة معركتها، هي وليست معركة النظام. اضطّرت موسكو مناصرتها لنظام الأسد في سياق صراع القوة العالمي الذي تخوضه مع واشنطن، ولإثبات أن لها قولًا وسطوة في الأجندة العالمية، وليكن الشعب السوري هو من يتحمل، وليسقط عشرات الألوف منه. لكن بالتوازي مع هذه العنجهية فإن هذا المنطق ظل يولد جوانب مثيرة. فالموقف الروسي المؤيد للنظام ضد «التدخل الخارجي» قدم ذريعة للغرب والولايات المتحدة التي لم تفكر أصلاً بالتدخل العسكري ولا هي أيدته. بمعنى آخر، اتصف الموقف الغربي والأميركي بخذلان الثورة السورية والتفرج على بطش النظام المتصاعد بسبب حساباته المعقدة (من سيخلف الأسد، وانعكاسات ذلك على أمن إسرائيل، وسوى ذلك)، لكن الموقف الروسي قدم الغطاء الجوي لذلك الموقف، حيث أصبحت موسكو هي العقبة الظاهرية التي تمنع الغرب من تأييد الثورة السورية والتدخل الفعلي لنصرتها.

هذه الأيام تتواتر الأخبار عن المواقف الروسية الجديدة التي تقول إن النظام في سوريا يتداعى بما يشير إلى تخلي موسكو عن حليفها المُخيب للآمال، وهي مواقف لا تزال مترددة، يصرح بها بعض أركان السياسة الروسية، في ما ينكرها البعض الآخر. لا نعرف مغزى إطلاق التصريح ثم نفيه ولا نعرف إن كان لدى موسكو الوقت الكافي لمثل هذا التلاعب والمهاترة. لكننا نعرف الآن، وبشكل مدهش، أن السياسة الروسية دخلت طوراً طويلاً من الحماقة صار يعز عليها أن تخرج منه، وذلك منذ أن أسرفت في تسطير سياسة مؤيدة لنظام الأسد، وقد كانت سياسة معروفة النهاية ومعروفة الخسائر منذ البداية. ونعرف الآن أن الدعم الروسي-الإيراني المتواصل للنظام لم يؤد إلا إلى تواصل الثورة السورية وتصميمها على الخلاص من النظام، واعتبارها ذلك الخيار الوحيد الذي أمامها. كيف استبد العناد في القرار الروسي رغم وضوح عناصر الصراع ومستقبلاته، ولماذا يقبل الروس خسران الشعب السوري كله والرهان على عصابة مصيرها السقوط، ويقبلون بالتوازي تأكيد وتعميق تلك الخسائر الاستراتيجية الروسية المستقبلية؟

هناك بالطبع سلسلة طويلة من الإجابات تبدأ بقصة «الخداع» الذي اكتشفته روسيا في السياسة الغربية عندما تحالفت معها ضد القذافي، ولا تنتهي بالتقديرات الاستراتيجية التي تتسع لتشمل الضغط على واشنطن في مسائل إقامة شبكات الدرع الصاروخية في الجوار الروسي، إلى محاولة المحافظة على سوريا كمحطة تمر فيها أنابيب الغاز والنفط الروسي (عبر إيران والعراق) وبالتالي تقصير المسافات الطويلة عبر المضايق البحرية الأخرى. عناصر الإجابات تلك صحيحة بالتأكيد لكن جمعها إلى بعضها البعض لا يقود إلى بناء استراتيجية وسياسة مقنعة تقف إلى جانب النظام المكروه من شعبه. كل التحليلات التي تفسر موقف موسكو انطلاقاً من المصالح الروسية الحيوية في سوريا لا تقدم لنا سوى نصف الصورة. سبب ذلك واضح وهو أن أبجديات السياسة البراجماتية والمصلحية والتي لا تحتاج إلى عبقرية تحليلية تقول إن المحافظة على تلك المصالح الحيوية تستدعي المراهنة على «الحصان الرابح».

في سياق تاريخي اعرض ما سوف يرصد مؤرخو السياسة الروسية موقفها من «الربيع العربي» ومن الثورة السورية على وجه التحديد إلى جانب سجل عريض من السياسات والمواقف التاريخية التي كانت تأتي بعكس ما تستهدفه، حيث الوقوف في الجانب الخطأ من التاريخ. روسيا القيصرية (في عهد بوتين) الحائرة والقلقة والمتوترة، وهي خصائص تنتج سياسات خاطئة، تعيد إنتاج الحيرة والتوتر السوفييتي في أكثر من مرحلة وحقبة تاريخية. في عشرينيات وثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي وعندما كانت حركات التحرر الوطني في آسيا وأفريقيا تخوض حروباً طاحنة ضد الاستعمار الأوروبي، البريطاني والفرنسي والإيطالي والبرتغالي والبلجيكي، وقفت موسكو تتفرج! كانت حركات التحرر الوطني في أمس الحاجة إلى حليف دولي يقف إلى جانبها، لكن موسكو كانت ترى أن المعركة الحقيقية ضد الإمبريالية يجب أن يتم خوضها في داخل المتروبول الأوروبي وتقودها الطبقة العاملة ضد الرأسمالية المحلية التي إنْ انهارت فإن الإمبريالية والاستعمار الخارجي سوف ينهاران. كانت نتيجة ذلك الموقف، الذي تبدل ببطء لاحقاً، إن حركات تحرر كثيرة اضطرت إلى الوصول إلى صفقات مع المستعمر لا تلبي كل الطموحات الوطنية.

=================

بعضها يستخدم الأموال لحشد الأنصار

التيارات الإسلامية السورية... وخطر استغلال المساعدات

تاريخ النشر: الأربعاء 19 ديسمبر 2012

توم بيتر

الاتحاد

حلب، سوريا

حفاظاً على استمرار نشاط منظمته الخيرية في حلب التي تضاعفت فيها كلفة الإمدادات الغذائية مرتين ثم ثلاث مرات خلال الأشهر الأخيرة، يجب على أبو أحمد أن يسرع في إيجاد التمويل من مجموعة من المانحين تشمل الجميع، من مغتربين سوريين أغنياء إلى منظمات خيرية في أوروبا.

وعلى هذه الخلفية، وافق أبو أحمد بحذر عندما جاءه مقاتلون من «جبهة النصرة» وعرضوا عليه المساعدة والمساهمة في جهود الإغاثة التي يشرف عليها. والجدير بالذكر في هذا الإطار أن «جبهة النصرة»، وهي واحدة من المجموعات الكثيرة التي تقاتل نظام بشار، تعتبر منظمة إسلامية متشددة صنفت رسمياً منظمة إرهابية من قبل وزارة الخارجية الأميركية الأسبوع الماضي وينظر إليها بنوع من الارتياب من قبل العديد من السوريين.

ويقول أبو أحمد: «قبل أن ألتقي بهم كنت أعتقد أنهم قساة وأنه ليس من السهل التعامل معهم؛ ولكن بعد أن عملت معهم وجدت أن هناك أشياء أخرى»، مضيفاً أن المجموعة منظمة بشكل أفضل مقارنة مع بعض المنظمات الخيرية المحترفة التي سبق أن عمل معها. وتابع يقول: «لا أعتقد أن «جبهة النصرة» ستكون سيئة، ولكنني أعتقد أن كلا من وسائل الإعلام الداخلية والدولية عملت على تشويه صورتها».

عبر أرجاء حلب، جعل تقدم الثوار الكثير من السكان الآن لا يتحدثون عما إن كان بشار سيسقط، وإنما متى. وقد دفعت الثقة بأن مستقبلا جديداً بات في المتناول العديدَ من المجموعات التي سترغب في حصة لها في سوريا ما بعد الأسد إلى التنافس على النفوذ والتأثير؛ وقد أضحت المساعدات الإنسانية واحدة من وسائلها المفضلة للوصول إلى ناخبيهم المقبلين. غير أنه من بين أولئك الذين لديهم المال هناك مجموعات جهادية مثل «جبهة النصرة»، التي تقول وزارة الخارجية الأميركية إن لها صلات مع تنظيم «القاعدة في بلاد الرافدين».

وتعليقاً على هذا الموضوع، يقول أيوب أبو خيل، وهو معلم: «إن كل منظمة تقدم الإغاثة للسوريين لديها أجندتها الخاصة»، مضيفاً «فهناك شروط عندما تأخذ المساعدة. إن ذلك أشبه بالترويج والتسويق لهذه المنظمات. أما المساعدات الصادقة الوحيدة، فهي التي تأتي من الجيران الذين يساعدون جيرانهم».

ويقول خليل إن المجموعات الإسلامية حاولت في أحيان كثيرة الاتصال به لتعرض عليه المساعدة والمساهمة في النهوض بالأعباء المادية للطلبة والمدرسة التي يشتغل فيها مقابل السماح للمجموعة الإسلامية بإملاء منهاجها التعليمي. والجدير بالذكر أن النزاع السوري حصد أرواح أكثر من 40 ألف شخص، وقد كان معظم العنف عشوائياً وأثبت أنه رادع حقيقي لعدد من منظمات المساعدة الدولية غير المستعدة لمواجهة خطر العمل داخل سوريا في الوقت الراهن.

وعلى الرغم من أن العديد من المنظمات تقدم المساعدة بشكل من الأشكال، إلا أن سوريين خارج مخيمات اللاجئين بالقرب من الحدود يقولون إن وجود المساعدات الدولية منعدم تقريباً.

ووسط هذا الفراغ، صعد عدد من المجموعات إلى الواجهة من أجل توفير المساعدات، تدفعها إلى ذلك مصالح ميكيافيلية أكثر منها خيرية؛ حيث باتت المجموعات المتطرفة من كلا جانبي الطيف السياسي تستعمل المساعدات الآن من أجل جذب الأنصار.

غير أن عدداً من السوريين يقولون إن المجموعات الإسلامية المحافظة كانت من بين الأكثر نشاطاً في هذا الباب؛ بل إن «جبهة النصرة» تذهب إلى حد وضع مطويات وأقراص تحوي معلومات في بعض من حزم المساعدات التي تقوم بتوزيعها.

وفي هذا السياق، يقول أبو علي، وهو ناشط منخرط في جهود إغاثة على مستوى القواعد الشعبية: «بعض الناس يقفون في الوسط سياسياً لأنهم لم يحسموا أمرهم بعد؛ غير أنه عندما يحصلون على الكثير من المساعدات من مجموعة متطرفة ما، فإنهم يذهبون مع تلك المجموعة»، مضيفاً «إن الناس الذين لديهم أجندات هم متطرفون. ولا يهم ما إن كانوا من اليسار أو اليمين. إنهم متطرفون؛ وعندما تُطعم شخصاً ما، فإنك تمتلكه».

وعلى الرغم من هذه المخاوف، إلا أن عدداً من السوريين يقولون إن خلافاتهم في الوقت الراهن إيديولوجية فقط، ولا تواجه خطر خلق توتر خطير بعد.

وإذا تعدت «جبهة النصرة» أو أي مجموعة أخرى الحدود في سوريا ما بعد مرحلة الأسد، فإن السكان المحليين يقولون إن انتفاضتهم التي بدأت قبل 21 شهراً جعلتهم مجهزين ومستعدين للتعاطي مع هذه المشكلة.

ويقول أبو معين، وهو محام منخرط في جهود الإغاثة على مستوى القواعد الشعبية في الحي الذي يعيش فيه: «إن هذا وضع مؤقت فقط. وأعتقد أن الشعب الذي يسقط الأسد سيكون قادراً على إسقاط أي شخص يتسبب في مشاكل في المستقبل».

ينشر بترتيب خاص مع خدمة

«كريستيان ساينس مونيتور»

=================

تصريحات الشرع : ابتعاد عن الأسد أم مدخل لتطبيق النموذج اليمني

طاهر العدوان

الرأي الاردنية

19-12-2012

فاجأ نائب الرئيس السوري فاروق الشرع الجميع بتصريحاته التي حملت الاعتراف بعجز النظام في حسم الوضع عسكريا ضد الثوار السوريين ، واقتراحه بتشكيل حكومة وطنية بصلاحيات واسعة .

ومثل هذا الاعتراف كان قد صدر عن الحليف الروسي عندما اعلن احد مساعدي لافروف ان الاسد يفقد السيطرة على مناطق كثيرة في سوريا . ومثل هذا التغير يمكن إرجاعه الى الضغوط الكبيرة التي بات النظام يتعرض لها على الارض نتيجة التقدم الذي يحرزه الجيش الحر في مختلف المناطق من حلب الى دمشق ، وايضا بفعل الضغوط الدولية التي تنتج عن اعتراف ١٣٨ دولة ( مؤتمر أصدقاء سوريا ) الذي عقد مؤخراً في مراكش المغربية .

 تصريحات الشرع تطرح التساؤل حول موقف الاسد منها ، هل الشرع قال ما قال ليرسخ الرأي الذي يتردد منذ عدة اشهر بانه يعارض سياسات النظام في التعامل مع الثورة وانه كان سينشق عنه لو أتيحت له الفرصة ؟ ام ان الشرع يعبر في تصريحاته عن تحول كبير في مواقف رئيسه ، وان كل ما قاله هو امر يقترحه الرئيس نفسه ، ويقبل به بعد ان تأكد له بان استمرار تمسكه بالحل الأمني ليس في صالحه ، وبان التطورات على الارض وفي الساحة الدولية تسير الى رسم نتيجة الصراع لغير صالحه آجلا ام عاجلا .

 ردود الفعل الامريكية والدولية رغم ندرتها لا تعني تجاهل ما يطرحه الشرع ، فالمتحدثة باسم الخارجية الامريكية عقبت على الشرع بتأكيد ان واشنطن منفتحة نحو اي خيار تفاوضي لانتقال السلطة في سوريا ، فيما ذكرت بعض الأوساط ان المبعوث الدولي الاخضر الإبراهيمي يستعد لزيارة دمشق ليبحث مع الاسد مسألة تشكيل الحكومة الانتقالية ، ومن غير المستبعد ان تكون هذه الخطوة محاولة أمريكية - روسية - دولية لتطبيق نموذج الحل اليمني على الصراع في سوريا بحيث يلعب الشرع نفس الدور الذي قام به نائب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي ( الرئيس الحالي ) في إدارة المرحلة الانتقالية .

 النموذج اليمني يلقى معارضة قوية من الائتلاف الوطني المعارض ومن أطراف اخرى من المعارضة السورية خاصة بعد ما تسرب من أنباء عن اجتماعات جنيف ، بين الأمريكيين والروس والتي شارك فيها الإبراهيمي ، و عن وجود خطة لتشكيل قوة دولية مكونة من ثلاثة آلاف عنصر تساعد الحكومة الانتقالية على الفصل بين القوات وتثبيت وقف اطلاق النار . غير ان تعقيب الخارجية الامريكية على تصريحات الشرع يؤكد بان القرار النهائي في مسألة التفاوض والحل الانتقالي يبقى في يد الولايات المتحدة وروسيا الا اذا تسارعت التطورات العسكرية على الارض لصالح الجيش الحر خاصة في دمشق .

=================

فانتازيا فصل السوري عن الفلسطيني أو العكس

باسل أبو حمدة

2012-12-18

القدس العربي

كلما طالت الآلة الحربية للنظام السوري أحد مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في سوريا وفتكت بأبنائها، تعالت الأصوات المنددة والمستنكرة بهذا العمل المدان بحال طبيعته وكثرت حوله التحليلات والقراءات غير الضرورية في معظمها، خاصة تلك التي ما فتئت تؤكد وتعيد التأكيد مرارا وتكرارا على حيادية الفلسطينيين فـــي الشتات وبعدهم عن أي حراك اجتماعي أو سياسي في محيط باتوا يشكلون جزءا لا يتجزأ منه بحكم عوامل جغرافية وديموغـــرافية موضوعية لا دخل فيها لإرادتهم التي لطالما عبروا عنها والمتــــمثلة في رغبتهم الجامحة في ممارسة حقهم في العودة إلى بيوتهم وأراضيهم التي هجروا منها عنوة على أيدي العصابات الصهيونية عامي 1948 و1967.

في ظل هذا التشابك والتداخل الاجتماعيين والاقتصاديين والنفسيين وغيرهما الكثير، تبدو الدعوة إلى النأي بالنفس ضربا من الفانتازيا العبثية التي لا طائل منها، حيث اثبتت تجارب هؤلاء الفلسطينيين المنكوبين أنهم قابعون في عين أي عاصفة تهب على المنطقة وأنهم دائما يدفعون ثمن صراعات تنشب في ديار مضيفيهم من الأشقاء العرب بغض النظر عما يتخذون من مواقف حيال تلك الصراعات وبعيدا عن مدى انخراطهم فيها من عدمه، حصل ذلك في غير بلد عربي وفي أزمان متباعدة وكانوا جزءا من تلك الصراعات في كل الظروف والأحوال ليس لأنهم فلسطينيون ولا مستضعفون، ولكن لأن العدالة التي تتمتع بها قضيتهم لا تختلف بأي حال من الاحوال عن عدالة قضايا الشعوب المستضيفة لهم، فضلا عن أن الأنظمة التي تحكم تلك الشعوب بالحديد والنار لا توفر لا الأخضر ولا اليابس، كما يقال، فتستعدي كل من لا يقف إلى جانبها، على قاعدة من ليس معي فهو ضدي.

على ضوء ذلك، يمكن القول إنه إذا كان للشعب السوري، على سبيل المثال، سبب للتمرد على النظام السوري، فإن للاجئين الفلسطينيين ألف سبب لأن ينحو نحو أشقائهم السوريين ويقومون على نظام لطالما حاول الاستحواذ على القضية الفلسطينية واستخدامها كورقة سياسية في معاركه الداخلية والاقليمية والدولية على السواء، مشكلا بذلك عقبة في وجه تطورها من خلال العديد من الوسائل الدنيئة على رأسها محاربة منظمة التحرير الفلسطينية وشق فصائلها وانشاء فصائل موازية لها موالية له وزج مناضليها في المعتقلات والمتاجرة في قضيتها على كل المستويات، ما يعني أن عبارات من نوع 'النأي بالنفس' والاقحام'، التي باتت تستخدم على نطاق واسع كلما وجه النظام السوري ضربة جديدة لأبناء المخيمات الفلسطينية في سوريا، تندرج ضمن المشهد العبثي الذي تعيشه المنطقة برمتها.

عندما نقول المنطقة، فإن ذلك يحيلنا بالضرورة إلى مشهد الحراك السياسي الاجتماعي في بلد عربي آخر مثل الأردن، على سبيل المثال، حيث يتبادر للذهن سؤال تلقائي من نوع: هل يمكن الطلب من الفلسطينيين الذين هجروا بدورهم عنوة أيضا إلى الضفة الشرقية من نهر الأردن أن ينأوا بأنفسهم عن ذلك الحراك؟ ثم ما هي الفوارق الحقيقية التي تفصل بين أوضاع الفلسطينيين في دول الشتات؟

وهل يمكن حصرها في الأوراق الثبوتية والصفات الرسمية التي يحملونها والتي تجاوزها الواقع بقوة شديدة منذ زمن؟ ذلك الواقع الذي يشي بأنه عدا صفة اللاجئ التي يحملها الفلسطيني الذي يعيش في سوريا أو لبنان أو مصر أو العراق، لا فرق بينه وبين الفلسطيني الذي يعيش في الأردن عندما يتعلق الأمر بالظروف الجغرافية والديموغرافية والاجتماعية بأبعادها الزمنية التي طالت واستطالت إلى حد كبير بحيث بات الفلسطيني في أي من هـــــذه البلـــدان يشكل جزءا من النسيج الاجتماعي العام للمجتمع لا يمكن فصله بأوراق رسمية باهتة اللون أو صفات ظهرت نتيجة ظروف سياسية يعرفها الجميع.

قصة الاقحام واهية في منطلقاتها ومآلاتها وهي خطأ استراتيجي كبير وتجاوز للواقع الجغرافي والديموغرافي وهي في الحالة السورية تشكل أنموذجا مصغرا لحكاية التدخل الخارجي متمثلا بتدخل أطراف اقليمية ودولية ودولية في الشأن السوري نفسه وعلى رأسها روسيا وإيران، بينما تمثل فصائل فلسطينية مثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـ القيادة العامة وفتح' الانتفاضة' والصاعقة ،إذا كانت لا تزال موجودة، أداة التدخل السوري في الشأن الفلسطيني من خلال استحداث ميليشيات مسلحة تعرف باللجان الشعبية وظيفتها القيام بأدوار تعجز آلة قمع النظام عن القيام بها داخل المخيمات الفلسطينية.

أما قصة الانصهار، فلا تدعمها وقائع الديموغرافيا القائمة على الأرض داخل البلد الواحد فحسب، بل تعززها كذلك مجموعة لا متناهية من العوامل الموضوعية التاريخية والسياسية والعقائدية واللغوية والنفسية، التي جمعت على مدى آلاف السنين بين المكونات السكانية في المنطقة العربية ، ولا داعي أن نذكر هنا بأنه قبل بضع عقود من الزمن لم يعرف سكان المنطقة حدودا تفصل بينهم لا سياسية ولا جغرافية ولا غير ذلك من عوامل فرقة طارئة عليها وجدت بفعل تدخل خارجي من نوع آخر وعلى نطاق كارثي أوسع لا تزال الشعوب العربية تدفع ثمنا باهظا لها في مشهد يحيلنا إلى نوع من 'هويات قاتلة' التسمك بها لن يفضي فقط إلى ترسيخ حالة التجزئة والتقسيم بين شعوب المنطقة فحسب، بل سيمتد إلى مكونات كل شعب على حدا أيضا، خاصة وأن هذه العملية ليست طبيعية لا في منشأها ولا في نتائجها، بل ناجمة عن فعل وإرادة سياسيين بامتياز تحققا بتقاسم تركة إمبراطورية بائدة حكمت المنطقة طوال أربعة قرون من الزمن.

وبينما تتفن بعض الأنظمة في إنزال ما تعتبره عقابا يستحقه اللاجئون الفلسطينيون لأنهم لم يقفوا إلى جانب سياساتها وممارساتها القمعية، تأتي ممارســــات القيادة المتنفذة في منظمة التحرير الفلسطينية لتزيد الطين بلة حين تكتفي بتصريحاتها 'الاستشراقية' المــــنددة بالمجازر التي ترتكب بحق من يفترض أنها تمثلهم والتي تدعو الفلسطينيين إلى النأي بأنفسهم عن الصراعات الداخلية للدول المضـــيفة لهم من دون أن تقدم لهم بدائل يتمكنون من خلالها من ممارسة حقهم الانساني في الدفاع عن أنفسهم، ذلك أنها ترفـــع بذلك، من حيث تدري أو لا تدري، الغطــــاء السياسي عنهم، خاصة عندما تشمل تلك التصريحات التخلي عن حق العودة أو عندما تنحي هذا الحق من أجندة عملها ومفاوضاتها وتسوياتها التي لم تجلب للشعب الفلسطيني إلا الويلات، مثلما تتركهم لمصيرهم وترميهم في أتون صراعات لا حول لهم فيها ولا قوة، بعد أن استحلت هذه القيادة السلطة وباتت أقرب بطبيعتها السياسية وأدوات عملها من تلك الأنظمة القامعة لشعوبها وللاجئين الفلسطينيين في آن.

أما السؤال الكبير، الذي يطرح نفسه، في هذه الحالة، فهو: ما الذي تعنيه التقسيمات السياسية والإدارية عندما تكون حياة الانسان، أي انسان، لخطر الهلاك؟.

 

' كاتب فلسطيني

=================

الأسد وروسيا..الواقع والتمنيات

خيرالله خيرالله

المستقبل

19-12-2012

أخذت روسيا علماً بسقوط النظام السوري واعلنت ذلك بحياء وحذر عن طريق نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف. يبدو أن العالم كلّه يدرك ان النظام في حكم المنتهي باستثناء بشّار الاسد الذي يعيش في عالمه الخاص، الذي لا علاقة له بما يدور حقيقة في العالم وداخل سوريا نفسها.

سيعتبر الاسد الابن النفي الصادر عن وزارة الخارجية لكلام بوغدانوف دليلاً على تراجع موسكو، في حين أن الكلام والنفي اقرب الى تحذير آخر موجه الى الرئيس السوري. فحوى التحذير أنه لم يعد مستبعدا دخول الكرملين يوماً في مفاوضات تتناول الوضع السوري في مرحلة ما بعد سقوط النظام. والواقع أن هذه المفاوضات بدأت بالفعل بين الروس من جهة وكلّ من الاميركيين والاتراك من جهة اخرى...

قبل صدور النفي، رجّح نائب وزير الخارجية الروسي انتصار المعارضة السورية ممثّلة بـ"الجيش الحرّ" مشيراً الى ان النظام يفقد السيطرة اكثر فاكثر على الارض. كان كلامه منطقياً، خصوصا بعدما اقترب الثوار من مطار دمشق وباتوا يهددون العاصمة نفسها، بما في ذلك الاحياء الراقية التي يقيم فيها اهل النظام...

لم تمض ساعات على توزيع كلام بوغدانوف، حتّى صدر نفي له عن وزارة الخارجية الروسية. أكّد النفي أن موقف موسكو من النظام السوري "لم يتغيّر ولن يتغيّر".

لماذا هذا الامعان الروسي في تضليل الاسد الابن. اليس في موسكو عاقل يدرك ان مثل هذا النفي سيجعل بشّار الاسد يتمسّك اكثر فاكثر بالحل العسكري من منطلق أنّه لم يستطع يوماً التمييز بين الواقع والتمنيات؟

يتمثّل الواقع في ما ورد على لسان بوغدانوف، في حين أن التمنيات تتمثل في أن موقف موسكو "لم يتغيّر ولن يتغيّر" على الرغم من التطورات التي تشهدها الارض السورية. وهذا يعني في طبيعة الحال أنّ لا تراجع روسيا عن الموقف المتذبذب الذي يدفع بشّار الاسد الى مزيد من العنف، في المواجهة مع الشعب السوري، من منطلق أن لديه غطاءً روسياً ودعماً ايرانياً لا حدود له...

كيف يمكن لموسكو التمسّك بموقفها من النظام السوري على الرغم من أن الوضع يتغيّر على الارض باعتراف نائب وزير الخارجية؟ لا جواب واضحاً عن هذا السؤال. كلّ ما يمكن قوله إن الموقف الروسي محيّر الى حدّ كبير ولا يمكن ادراجه الاّ في سياق المواقف المتخذة منذ قيام دولة اسرائيل في العام 1948. كان الاتحاد السوفياتي من بين اوائل الذين اعترفوا بتلك الدولة. جاء اعترافه بها قبل الولايات المتحدة. هذه حقيقة. بعد ذلك، لم يتردد الاتحاد السوفياتي في بيع العرب الاوهام. لم يصدر عنه يوماً اي موقف حازم من ارتكابات الانظمة العربية، بما في ذلك تلك التي طاولت الشيوعيين العرب الذين كانوا من ضحايا السياسة السوفياتية في المنطقة.

ابان الحرب الباردة، كان العداء للولايات المتحدة يتحكّم بالسياسة السوفياتية. بقي جمال عبدالناصر "بطلاً قومياً" و"مناضلاً" يقف في وجه الامبريالية على الرغم من ذبحه الشيوعيين العرب من الوريد الى الوريد...او تذويبهم بالاسيد، كما حصل مع القائد الشيوعي اللبناني فرج الله الحلو. اوقف الحلو في سوريا في فترة الوحدة المصرية السورية التي استمرّت بين 1958 و1961. الى الان لم يظهر له اثر من ايّ نوع كان.

لم يصدر عن الاتحاد السوفياتي اي موقف له قيمة تذكر، في ما يتعلّق بالشرق الاوسط والعرب، في اي يوم من الايام. كلّ ما صدر هو شعارت لا قيمة لها على ارض الواقع وكأنّ بيع السلاح الى مصر وسوريا والعراق وليبيا والسودان والجزائر واليمن اهمّ بكثير من دمّ الشيوعيين العرب وحقوق الانسان والحرية والعدالة والشعارات الاخرى التي كان يتشدّق بها الرفاق في موسكو.

انهار الاتحاد السوفياتي وقامت روسيا الاتحادية. لم يتغيّر شيء في موسكو. لم يصدر يوماً موقف من نظام ديكتاتوري ما بسبب حقوق الانسان او الديموقراطية، حتى عندما كان الامر يتعلّق بمناضل يساري او حزب صدّق في يوم من الايّام أن هناك مبادئ مشتركة تؤمن بها موسكو.

ما يفعله العرب حالياً هو عين الصواب. اتخذوا في اجتماع مراكش موقفاً مؤيداً للشعب السوري وداعماً له. انّهم يدركون أن لا امل بروسيا، مثلما أنه لم يكن هناك أي امل بالاتحاد السوفياتي الذي شارك، عن طريق النظام السوري، في توريط العرب، على رأسهم مصر والاردن، في حرب 1967 من دون أن يرفّ له جفن. لو اتكل انور السادات على نصائح ولم يطرد الخبراء السوفيات من مصر في العام 1972، لما كانت حرب تشرين 1973 ولكانت سيناء لا تزال الى الان محتلة، كما حال الجولان!

لا قيمة للموقف الروسي الاّ أذا اخذنا في الاعتبار ما يتعرّض له الشعب السوري على يد نظام امتهن الارهاب والابتزاز داخل سوريا وخارجها. كلّ ما يمكن أن يؤدي اليه الموقف الروسي هو اطالة عذابات سوريا والسوريين والمساهمة في تفكيك هذا البلد العربي المهمّ. ففي كلّ يوم يمرّ نرى مجموعات متطرفة، خصوصا في منطقة حلب، تلعب دوراً اكبر في السيطرة على مناطق سورية معيّنة تنفيذاً لاجندة لا تصبّ بالضرورة في مصلحة سوريا والسوريين والدولة المركزية.

هل تفكيك سوريا هدف روسي او هدف روسي- ايراني؟ مثل هذا السؤال مشروع في ضوء اصرار موسكو وطهران على اطالة عمر النظام السوري مع ما ينطوي عليه ذلك من اخطار مرتبطة بتقوية التيارات الدينية المتطرفة التي لا هدف لها سوى اخذ المجتمع السوري وسوريا الى مكان آخر لا علاقة له لا بالمؤسسات الديموقراطية ولا بحقوق الانسان....او بما هو حضاري في هذا العالم

=================

ما «المبتكر» في المبادرة التركية؟! * عريب الرنتاوي

الدستور

19-12-2012

لا أدري ما هو الجديد “المبتكر” في المبادرة التي سلمها رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أثناء زيارة الأخير لأنقرة..صحيفة “راديكال” التي كشفت عن مضمون المبادرة قالت أن بوتين وصفها بـ”المبتكرة”، وأنها تنص على تنحي الأسد خلال الأشهر الثلاث الأولى من السنة المقبلة (2013)، على أن يتولى “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة”، تشكيل حكومة جديدة وإدارة المرحلة الانتقالية.

الكشف عن “المبادرة التركية”، غير المبتكرة، تزامن عن تجديد إيران لمبادراتها ذات النقاط الست لحل الأزمة السورية سياسياً، وهي مبادرة تخلو من أي حديث عن مصير الأسد السياسي والشخصي..تتحدث عن وقف العنف ورقابة دولية وإجراءات بناء ثقة ولجنة مصالحة تمهد لحكومة انتقال، تشرف على إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية..كلام قديم لم يفلح من قبل، لا في وقف العنف ولا في حل المشكلة سياسياً.

والراهن أن ثمة “زحمة” في المبادرات التي تنشد حلاً سياسياً للأزمة السورية..فقبل يومين، كان فاروق الشرع يدلي بتفاصيل مبادرة من موقعه، تلتقي وتفترق عن بعض ما هو مطروح من مبادرات..فيما الأخضر الإبراهيمي يعاود جولاته الواسعة على عواصم القرار الإقليمي والدولي، لتسويق “آخر طبعة” من مبادرته، المبنية على “جنيف 2” أو “جنيف +”..أما على الأرض، فالأزمة تزداد تعقيداً، وشلال الدم ما زال يتدفق بغزارة.

مع اقتراب لحظة الحقيقة والاستحقاق في الأزمة السورية، تبدو مختلف الأطراف، معنية بحل مشكلاتها في سوريا ومعها، وليس بحل المشكلة ذاتها، وبما يحفظ سوريا وينفع السوريين جميعاً..إيران بمبادرتها، تسعى في إدراك ما يمكن تداركه من مصالح وحلفاء وقواعد ارتكاز لها في دمشق...تركيا تريد لـ”الانتقال السياسي” في سوريا، أن يصبّ الحب صافياً في طاحونة مصالحها ونفوذها ودورها الإقليميين..إيران مدعومة بحلف “متواضع” يتشكل من نصف العراق ونصف لبنان وما تبقى من النظام السوري، فيما تركيا تستند إلى “هلال سنيّ / إخواني”، تدعمه قطر ومصر (مرسي)، وبعض الأوساط الغربية.

بالعودة إلى المبادرة التركية، يتضح أن أنقرة تريد أن “تمرر” اليوم، ما عجز المجلس الوطني السوري عن تمريره قبل سنة، عندما أقر في القاهرة وثائق تُعطيه والجيش الحر، “وكالة حصرية” في إدارة مرحلة الانتقال..المجلس الوطني غاب (بقرار أمريكي) عن موقع الصدارة في المعارضة السورية، لكنه ما زال لاعباً مهماً في أوساطها..سيما بعد أن نجحت قطر وتركيا في الالتفاف على الدعوة الأمريكية لتوسيع إطار المعارضة وإعادة هيكلتها...ما فعلته “الدوحة” وبدعم من أنقرة، أنها أبقت على الإخوان المسلمين في موقع مهمين على المجلس الوطني، وجعلت من المجلس الوطني قوة “حاسمة” في إطار الائتلاف الجديد، تماماً مثلما هو حال “الشركات القابضة” التي تمسك إحداها بدفة الإدارة والسيطرة على جملة واسعة من الشركات، بمجرد امتلاكها قسطاً كافياً من الأسهم...هنا تتعاظم الفائدة والسيطرة والقدرة على التحكم.

لم تأت المبادرة التركية “المبتكرة” على ذكر “من لم تتلوث أيديهم بالدماء من أركان النظام ومؤسساته”، أخرجت كل النظام من معادلة الحل...وهي تجاهلت قوى وازنة في المعارضة السورية التي تتوافق مع “المواصفات والمقاييس” التركية: هيئة التنسيق، المنبر الديمقراطي، تيار بناء الدولة، المجلس الوطني الكردي، ومئات الشخصيات والجماعات والمجموعات والحراكات والتنسيقيات والكتائب التي ظلت خارج الائتلاف.

نحن إذن، أمام مشروع هيمنة تركي “مبتكر” على “سوريا ما بعد الأسد”، قناته الرئيسة وأداته الفاعلة “الإخوان المسلمون.

بعد كل “الانزلاقات” في المواقف والسياسات والتحالفات التي اتخذتها تركيا وأقدمت عليها، أصبحت أنقرة، كطهران، طرفاً ليس ذي صدقية عند مختلف الفرقاء في الأزمة السورية، وهنا لا أقصد بالفرقاء “النظام وحده، بل وأطياف واسعة من الشعب والمعارضة السورية..وفي أحسن الأحوال، فإن تركيا يمكن، بل ويجب أن تكون جزءاً من آليات الحل السياسي في سوريا، ولكنها بالتأكيد ليست الطرف المناسب لإطلاق المبادرات، دع عنك المبادرات التي يمكن أن تمتلك أقداماً تسير عليها.

ومثلما فقدت طهران قدرتها على لعب دور “تجسيري” في الأزمة السورية، بفعل انحيازها الكامل للنظام، فإن أنقرة بدورها، فقدت هذا الدور، بفعل انحيازها التام، لفريق من المعارضة، وعدائها الواضح لقطاعات من الشعب السوري، وهو عداء لم تفلح التصريحات “الأخوية” في تبديده، بدلالة ما نسمعه ونقرأه عن قادة وممثلي هذه المكونات السورية، وبخاصة الأكراد والعلويين.

في حمأة السباق المحموم بين الحرب والدبلوماسية، والتنافس المحتدم بين “المبادرات” المتطايرة من كل حدب وصوب، يبدو الأمل معلقاً فقط، على توافق روسي - أمريكي، يعمل الأخضر الإبراهيمي على “تظهيره” في مبادرة ممهورة بخاتم مجلس الأمن الدولي..وهي وإن كانت لا تمتلك الكثير من الفرص والآمال بسبب إصرار النظام والمعارضة على خيار “الحسم العسكري”، إلا أنها المبادرة الوحيدة التي يمكن أن تحدث فرقاً.

التاريخ : 19-12-2012

=================

عن الصفقة الأميركية - الروسية حول سورية!

أكرم البني *

الأربعاء ١٩ ديسمبر ٢٠١٢

الحياة

إذا صح ما رشح من اجتماع كلينتون ولافروف مع الإبراهيمي وحصول صفقة ما لإخراج الوضع السوري مما هو فيه ووضعه على سكة الحل السياسي، فالسؤال الذي يُطرح على الفور هو: ما دوافع الطرفين اليوم لعقد هذه الصفقة؟ وما هي فرص نجاحها؟!

يمكن التوقف عند ثلاثة مستجدات تُظهر تقارب موقفي موسكو وواشنطن من الحالة السورية أوجدها الاستعصاء القائم وتفاقم حالة الخراب السياسي والاقتصادي:

أولاً- تنامي الحرج الأخلاقي لدى الطرفين من التوغل المفزع في الفتك والتنكيل وما يخلفه من مشاهد للضحايا والدمار وأعداد ما فتئت تزداد من المشردين والمنكوبين، زادته إشارات متعددة عن إمكان استخدام السلاح الكيماوي، وربما تخوف البيت الأبيض والكرملين من أن نظام على شاكلة النظام السوري وصل ظهره إلى الحائط ويخوض معركته كمعركة حياة أو موت، لن يتوانى عن الدفع بكل ما يملك من وسائل القتل والتدمير لإحداث تغيير في توازن قوى ما فتئ يميل لصالح المعارضة، والدليل ازدراؤه بكل الدعوات لوقف العنف المفرط، وآخرها المطالبة الروسية الصريحة بوقف استخدام الطائرات الحربية في قصف المدن والبلدات المتمردة، وسخريته من التحذير الأميركي بأن السلاح الكيماوي خط أحمر.

وما يعطي الحرج الأخلاقي قيمة مضافة، أن واشنطن فقدت بعد الانتخابات الرئاسية أهم ذريعة لتبرير سلبيتها، وباتت قيادتها تقف وجهاً لوجه أمام تحدي حماية المدنيين، وأمام مسؤوليتها الإنسانية كدولة عظمى تجاه ما يحصل في سورية، في حين أن موسكو، التي عقدت العزم على دعم النظام بكل الوسائل ومنحته المهل والفرص، بدأت تدرك عمق مأزقها، وكم يضر بمصالحها وسمعتها في الأوساط العالمية والعربية استمرار تغطيتها ما تقوم به آلة قمع منفلتة من عقالها وعاجزة في آن عن قهر الحراك الشعبي أو محاصرته.

ثانياً- مخاوفهما المشتركة من البديل، في ضوء المبالغات الإعلامية عن قوة التنظيمات الجهادية المؤثرة في الحراك الشعبي، وتحسبهما من طابع السلطة المقبلة وحدود الاستقرار المرافق في حال كان وزن الجماعات الإسلامية وتأثيرها فيها كبيراً، خاصة على حقوق الأقليات في سورية. والأمر لا يتعلق فقط بالخوف على ثقافة هذه الأقليات ونمط عيشها، بل بالأعباء التي قد تُفرض على المجتمع الدولي في حال ازدادت حالات النزوح والهجرة. ومما زاد الصورة قتامةً، السلوكُ الأناني والاستئثاري للإخوان المسلمين في مصر، وتداعيات أحداث بنغازي بعد مقتل السفير الأميركي، وتكرار مظاهر التضييق على بعض الأقليات وتواتر استغاثاتها لتوفير حماية مسبقة لأبنائها وحقوقها وممتلكاتها.

ثالثاً، تنامي القلق الأميركي والروسي من احتمال انزلاق الأوضاع في سورية إلى حرب أهلية واسعة، وتأثير ذلك على استقرار المنطقة، وبأن الأسلم لهما التشارك في تفكيك متأنٍّ للصراع السوري ومحاصرة احتمال تصديره إلى بلدان الجوار، خاصة إلى لبنان وتركيا والعراق.

ففي منطقة كالمشرق العربي، متداخلة بشرياً وديموغرافياً، وفي ساحة كسورية، تحتل موقعاً استراتيجياً وتتشابك سياسياً مع عدد من الملفات الحساسة، يجب توقُّع الأسوأ من حربها الأهلية، وبأن يتصاعد العنف ويمتد، وتتورط فيه المجتمعات المتجاورة أكثر فأكثر، ويتخذ أشكالاً طائفية أو إثنية على نحو متزايد، ما قد يفتح الباب لإعادة رسم التموضعات الاجتماعية والسياسية، وإلحاق أفدح الأضرار بالأمن الإسرائيلي وبالاستراتيجيات الإقليمية والدولية ذات العلاقة.

لكن العقدة الرئيسة أمام نجاح صفقة «واشنطن-موسكو» في إدارة الحالة السورية سياسياً، تكمن في مواقف الأطراف الداخلية المعنية بالتنفيذ، حيث يقف عائقاً عنادُ النظام ورفضه المزمن للحلول والمبادرات السياسية، وإصراره على العنف المفرط كخيار وحيد، ربما لإدراكه بأن السير في طريق المعالجة السياسية سوف يضعه في موقع لا يحسد عليه ويضطره لتقديم تنازلات يعتبرها حلقات مترابطة، ما إن يبدأ بترك الأولى حتى تكر السبحة. وقد يزيد الأمر تعقيداً احتمال استقوائه بموقف طهران في حال عارضت صفقة لا تلبي طموحها ولا تساعدها على تخفيف حدة أزمتها المتفاقمة مع الغرب والحصار السياسي والاقتصادي المطبق عليها، وتالياً انتزاع اعتراف أميركي بدور إقليمي طالما سعت إليه. وبرغم ذلك، ليس مفاجئاً أن يبدي النظام بعض المرونة وقبولاً شكلياً بالصفقة، كي لا يثير امتعاض أكبر حلفائه ويزيد من عزلته، مراهناً على رفض المعارضة لها، وعلى توظيف ما يمتلكه من خبرات لتمييع ما يعرض عليه وإفراغه من محتواه، بإغراقه في التفاصيل والتفسيرات، والغرض دائماً كسب الوقت والرهان على مزيد من التوغل في العنف لتغيير المشهد وتحسين موقعه التفاوضي.

وفي المقابل، يصعب على المعارضة السورية، ولو شكلاً، قبول صفقة دعم حكومة انتقالية ذات صلاحيات واسعة يقودها أحد رموز المعارضة، كما يشاع، ما دامت لا تشترط إزاحة رموز النظام ومحاسبة المرتكبين، وسوف يتأتى الرفض الأشد من الجماعات السياسية والعسكرية المتواجدة على الأرض، صاحبة القرار الحاسم في التعاطي مع أي مبادرة سياسية.

لكن تبقى هذه الجماعات محكومة بضرورة التنسيق مع الغطاء السياسي الذي يوفره الائتلاف الوطني، كما أنها تبقى محكومة بمصادر الدعم المادي واللوجستي، وتالياً بمزاج شعبي يكابد ويميل نحو أولوية وقف العنف ومنع الانزلاق إلى حرب أهلية تزيد من الخراب، تدعمه مواقف أبناء الطبقة الوسطى والتجار وشرائح من الأقليات، وهؤلاء لا يريدون رؤية بلدهم محطماً أو مقسماً إلى كانتونات طائفية يعادي بعضها بعضاً، وغالباً ما يجاهرون برغبتهم في حصول انتقال سلمي للسلطة يرعاه المجتمع الدولي.

والحال أن إصرار الشعب على حقوقه واستبساله في الدفاع عنها وما يقدمه من تضحيات، تبقى المحركَ الأساسي للمتغيرات السياسية التي تحصل، بما في ذلك إجبار الطرفين الأكثر تأثيراً في الوضع السوري على إيجاد نوع من التفاهم يقيهما الانجرار إلى معركة كسر عظم، وربما إلى استخدام نفوذهما لإجبار الأطراف المتصارعة على تقديم التنازلات والقبول بشروط ما كانوا ليقبلوا بها ابتداءً.

 * كاتب سوري

=================

بالون اختبار... ووهم

عبدالله إسكندر

الأربعاء ١٩ ديسمبر ٢٠١٢

الحياة

الحرب في سورية وصلت إلى قلب العاصمة دمشق. لم تعد المواجهة بين المعارضة والنظام تقتصر على عمليات موضعية ودهم واعتقال وزرع عبوات. لقد باتت جبهة قتال فعلي دفع النظام فيها سلاح الجو بعد المدفعية الثقيلة. كان مثل هذا التطور حصل في المدن الكبرى الأخرى، خصوصاً في حلب وحمص ودرعا ودير الزور وغيرها الكثير من البلدات والقرى. لكن أن تبدأ قذائف المورتر بالسقوط في محيط القصر الرئاسي حيث من المفترض أن يكون الرئيس بشار الأسد يقود المعركة، يعني أن سورية تدخل في المربع الأخير قبل سقوط النظام. وإن كان بعض من قادة هذا النظام يشيعون أجواء انتصارهم القريب، ويردد صدى هذه الإشاعة حلفاؤهم، خصوصاً في إيران، وأنصارهم في جبهة الممانعة.

ترداد مثل هذه الإشاعة لا يعني أن قادة النظام السوري لا يعرفون ما يجري على الأرض، ولا يدركون معنى الحركة الديبلوماسية المتزايدة، أو لا يستخلصون دروس بدء المفاوضات الأميركية - الروسية. إنهم يعرفون كل ذلك.

على المستوى السياسي السوري، تمكنت جماعات المعارضة من الوصول إلى صيغة ائتلافية باتت تتمتع بصدقية ورصيد لم يتحققا سابقاً لأي طرف سوري معارض. وشكل مؤتمر مراكش علامة بارزة لجهة الاعتراف الدولي، وقبله العربي، بالائتلاف كممثل للشعب السوري، مع ما يعنيه ذلك من تحوله إلى طرف يمكنه أن يفاوض باسم هذا الشعب.

على المستوى العسكري وعلى رغم الجدل الذي أثير حول وجود جماعات وصفت بالمتطرفة والإرهابية، تمكن «الجيش الحر» من إيجاد صيغة توحيدية لكتائبه، وبات المعبر الأكثر صدقية عن قيادة العمليات الحربية ضد النظام، وبات ينظر إليه أيضاً كالطرف الذي ستوكل إليه مهمة الحفاظ على السلم الأهلي، بعد انهيار النظام.

هكذا تأتي التطورات الميدانية الجديدة التي تجلي نفوذ النظام أكثر فأكثر عن مساحات متزايدة من البلاد، وصولاً إلى العاصمة ومطارها، لتدعم وضعاً جديداً للمعارضة يوفر لها الصفة الشرعية كبديل جاهز من النظام.

وفي الغضون، تنشط الحركة السياسية بين الأطراف الدوليين والإقليميين، لكنها هذه المرة تستند إلى ما أنجزته المعارضة في السياسة وعلى الأرض. أي إلى وقائع جديدة تفرض نفسها حتى على روسيا وديبلوماسيتها التي بدأت تتحدث بصيغة جديدة، وإن ملتبسة، عن طبيعة الأزمة وكيفية حلها. كما فرضت هذه الوقائع نفسها على الحليف الإيراني وأنصاره، بما جعله يكثر من الحديث عن مبادرات وحتى عن مرحلة انتقالية.

ليست هذه المعطيات بعيدة عن حسابات النظام السوري، ومطبخ القرار فيه. وفي هذا الإطار يمكن وضع الحديث الذي أدلى به نائب الرئيس فاروق الشرع لصحيفة «الأخبار» اللبنانية ورد وزير الخارجية وليد المعلم على استنكارات الغارات الجوية النظامية على مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في دمشق.

فظروف الحديث الصحافي للشرع وتوقيته والمكان الذي نشر فيه، كل ذلك يشير إلى أنه ينطوي على سعي لملاقاة بعض أفكار المبادرات التي يروج لها حلفاء النظام. سواء مباشرة مثل الحال مع المبادرة الإيرانية الأخيرة أو مداورة مثل الحجج التي يقدمها الروس في مفاوضاتهم. والأفكار التي عبر عنها الشرع يمكن أن تجد صدى ما لها لو أنها كانت مبادرة واضحة من النظام قبل التطورات السياسية والميدانية الداخلية المشار إليها سابقاً. أما اليوم فلا تشكل، استناداً إلى دور قائلها وفعاليته في صنع القرار، أكثر من بالون اختبار أراد به النظام توفير وسائل لحلفائه للمفاوضة باسمه، في إطار سياسته تقطيع الوقت ريثما يحقق وهم الحسم العسكري.

هذا الوهم الذي كرره المعلم في تبرير استهداف اللاجئين الفلسطينيين في مخيم اليرموك بالغارات الجوية. إذ ربط رأس الديبلوماسية السورية قصف المخيم بعدم انخراط الفلسطينيين في المعركة إلى جانب النظام ضد «الإرهابيين» في المخيم. أي أن كل من لا ينخرط في المعركة إلى جانب النظام يمكنه أن يتوقع الغارات الجوية، سواء في مخيم للاجئين أو في أي مكان آخر. لكن المعلم الذي حاول أيضاً أن يلقي على العالم مسؤولية هذا القصف الجوي، لأنه لم يعد اللاجئين إلى ديارهم فبقوا في اليرموك حيث أصبحوا هدفاً مشروعاً للغارات.

في أي حال، تمكن «الجيش الحر» من طرد النظام من المخيم على رغم الغارات الجوية. ما يعني أن الانتصار عبر الغارات من الأوهام التي لا يزال النظام يتمسك بها.

=================

إضاءة أخرى للواقع السوري

المصدر: صحيفة غارديان البريطانية

التاريخ: 19 ديسمبر 2012

البيان

تخبرنا الصور المعبرة الملتقطة مؤخرا، بالكثير عن أزمة الجوع المرعبة الآخذة في التكشف الآن في سوريا التي مزقتها الحرب، إذ تمثل وجوه الأطفال وهم يقدمون أطباقهم الفارغة للحصول على بعض الطعام الموزع من قبل إحدى المنظمات غير الحكومية التركية، في مخيم للاجئين الداخليين بالقرب من مدينة أعزاز في شمالي سوريا، حزما من الألم واليأس تخترق ضباب الأخبار لتفصح عن الحقيقة الإنسانية المباشرة، والقائلة إن السوريين على حافة المجاعة.

وتعد تلك الصور جميلة على نحو بالغ القسوة، فهل ينبعث الضوء الذي ينير هذه الوجوه البائسة من توهج وردي آت من شعلة نار أو مصابيح أمامية لشاحنة ما؟ أم أن المصور هو الذي أضافه؟

إن طريقة إبراز تلك الإضاءة الغامضة لعيون خائفة وتعبيرات توسلية من ظلام محيط، تعتبر فنية بلا شك. وهي أشبه بمشهد على ضوء الشموع، أبدعه الفنان جوزيف رايت من ديربي أو الفنان جورج دي لا تور. أما طريقة مد الأطفال أياديهم وتلويحهم بأطباقهم اللامعة، فتملك القوة الإيمائية الدراماتيكية التي تميز لوحات كارافاجيو.

إلا أن هذا الطابع الفني لا يضيف إلى واقع الصور إلا مزيدا من القسوة، فهي صور تعمق جماليتها فظاعة الخبر الذي توصله. وتوثق هذه الصور المؤثرة بوحشية، فصلا مشؤوما جديدا يتكشف بسرعة في الحرب بين الرئيس السوري بشار الأسد وشعبه، حيث أعلنت الأمم المتحدة أخيرا أنه قد تم تسجيل ما يزيد على نصف مليون لاجئ سوري بشكل رسمي، ولكن يبدو أن الأمم المتحدة لم تحصل على الإحصاءات الدقيقة بعد. وفي تلك الأثناء، فإن المساعدات الغربية لا ترى ببساطة في سوريا.

لقد وقع الملايين في مختلف أرجاء سوريا، في براثن الجوع الشديد، ليس عرضا، وإنما بقصد، مع استهداف قوات الأسد للمخابز، إذ يشكل الخبز جزءا أساسيا من النظام الغذائي المتبع من قبل معظم السوريين. وفي الوقت نفسه، وبعيدا عن حقائق الأمم المتحدة وأرقامها، فإن دولة كاملة تسير على طريق وعرة، في ظل قصف يدمر المنازل، ويرغم الناس على معايشة أقسى ظروف الإقامة المؤقتة، فيما تتلاشى فرص العمل، وترتفع الأسعار، وتلوح المجاعة في الأفق.

وبطريقة ما، فقد خدرت أهوال سوريا الاهتمام الدولي، إذ إنها تحولت إلى قصة أشد إيلاما وإثارة للقلق من أن يدرجها أحد في ذلك المنظور الصارخ والبسيط والأيديولوجي، الذي يبدو ضروريا لدفع المتظاهرين إلى الشوارع، أو رسائل العظماء والشرفاء إلى أوراق الصحف وقد تم تحويلها إلى همهمة بائسة في خلفية الأخبار اليومية. غير أن هذه الصور تستحق أن ترى بأعين جديدة؛ أعين مذهولة.

فلدينا هنا ضحايا تعرضوا للخيانة والحرمان والحيرة، في ظل حرب تدخل الآن أقسى مراحلها. انظروا في أعينهم؛ هل يمكننا حقا أن نقف جانبا وندع سوريا تجوع إلى جانب نزيفها؟

=================

ماذا يعني حديث الشرع في هذا التوقيت؟

الوطن السعودية

التاريخ: 19 ديسمبر 2012

بعد أن طال صمت نائب الرئيس السوري فاروق الشرع، وبعد عامين من اندلاع الثورة السورية، نطق أخيرا في حديثه إلى صحيفة الأخبار اللبنانية المؤيدة لإيران وسورية.

الشرع قال أشياء كأنها رأيه هو، وهي إلى المنطق أقرب، لكنه مزجها بما ينقضها مما يحمل بصمة الرئيس بشار الأسد، فقد أكد على أن الرئيس "يرغب في حسم الوضع عسكريا في سورية قبل أي حوار، غير أنه حكم بأن طرفي الصراع العسكري عاجزان عن حسمه عسكريا، حين قال: "ليس في إمكان كل المعارضات حسم المعركة عسكريا، كما أن ما تقوم به قوات الأمن ووحدات الجيش لن يحقق حسما"، وهذا يعني وجود اختلاف واضح بينه والأسد حول الخيار العسكري؛ إذ يرى الشرع عدم جدواه، فيما ينقل عن الأسد إصراره عليه وقناعته بنجاعته، قبل أي حوار.

تناقضات الشرع تشي بأنه مدفوع إلى إيصال رسالة مفادها: سنواصل القتل والتدمير الممنهج، والصراع في سورية حرب لا تستدعي محاكمة أحد أو عقابه، لأنها معركة عسكرية بين طرفين متناظرين. وهو بهذا يتجاهل الضحايا الأبرياء من المدنيين الذين يضحي بهم النظام من خلال رهانات عبثية على الحسم.

تصريحات الشرع، تؤكد اقتراب السقوط، وأن حديثه ـ بعد صمت طويل ـ ليس إلا ترويجا لتلاعبات النظام، ومحاولاته ادعاء البحث عن حل، وتمثيل دور الضحية لمؤامرة دولية ذات أطراف عديدة، وهو الخطاب الإعلامي الذي يتكئ عليه الخطاب الإعلامي السوري، منذ سلمية الثورة، حتى تحويلها إلى دموية على أيدي عساكر أمن النظام وجيشه.

جميع المراوغات الإعلامية والدبلوماسية التي يمارسها النظام السوري تأتي متأخرة، بل ومتأخرة جدا، وبعد أن تكون العودة إلى الوراء مستحيلة؛ ذلك أن الحوار غير ممكن بعد كل هذه الدماء، وكل هذا الدمار، وكلها تبحث عن أطواق لنجاة النظام، أو الاستمرار في محاولات الحسم على الأرض، وهو ما يبدو أن الرجل الثاني في النظام قد فقد الأمل.

يبقى سؤال جوهري هو: لماذا جاءت تصريحات الشرع بعد فترة من اقتراح تركيا اسمه لتولي الفترة الانتقالية في سورية؟ وهل يريد الشرع تهيئة ذاته لتكون امتدادا للنظام، ليبقى النظام؟

=================

تصريحات بعد فوات الأوان

الراية القطرية

التاريخ: 19 ديسمبر 2012

 تؤشر تصريحات نائب الرئيس السوري فاروق الشرع التي أدلى بها لصحيفة لبنانية على "عدم قدرة أي من نظام الرئيس بشار الأسد أو معارضيه على حسم الأمور عسكريا في النزاع المستمر منذ 21 شهرا" على حجم المأزق الذي يعيش فيه النظام السوري بعد أن وصلت الحرب إلى العاصمة دمشق في الأسابيع الأخيرة وهي التي ظلت في منأى عن الأحداث طوال شهور الثورة السورية إلا ما ندر.

أهمية تصريحات الشرع المختفي عن الأضواء منذ شهر يوليو من العام الماضي أنها تأتي من شخصية من صلب النظام السوري وتكشف عن وجود اختلاف في وجهات النظر بين الشرع والقيادة السورية التي اختارت استخدام الحل الأمني في التعامل مع الثورة السورية ومطالب الشعب السوري بالحرية والتغيير.

إن من أهم ما صرح به الشرع لصحيفة الأخبار اللبنانية المؤيدة للنظام السوري "أن كل يوم يمر يبتعد الحل عسكريا وسياسيا ونحن يجب أن نكون في موقع الدفاع عن وجود سوريا، ولسنا في معركة وجود لفرد أو نظام" وهو ما يمكن أن يفهم أنه دعوة للرئيس السوري لإعادة النظر في طريقة التعامل مع الأحداث في سوريا ووقف الحل الأمني المتبع لأن بقاء سوريا ووجودها أهم من بقاء النظام أو الرئيس نفسه.

لقد توارى نائب الرئيس السوري عن الأنظار منذ أشهر عديدة بعد أن فشلت جهوده في إطلاق حوار وطني شامل وإنجاز مصالحة وطنية نتيجة إصرار النظام السوري على استخدام القتل والعنف في مواجهة الشعب السوري وهو ما جرّ على البلاد مآسِيَ كان من الممكن تجنبها لو استجاب النظام لصوت العقل والحكمة.

إن تصريحات الشرع تمثل جرس إنذار أخير للنظام السوري لعله يثوب إلى رشده فيعلن وقف إطلاق النار ووقف إراقة دماء الشعب السوري والاستجابة لمطالب الثورة السورية العادلة التي ضحى من أجلها عشرات الآلاف من السوريين بأرواحهم.

كل المؤشرات تدل على أن النظام يعيش في ربع الساعة الأخيرة وأن أقرب حلفائه إليه "روسيا" باتت تتوقع نهايته القريبة بعد أن أوشك على خسارة المعركة في وجه الثوار السوريين لأن دروس التاريخ تعلم الجميع أن إرادة الشعوب هي المنتصرة وهي الغالبة دائما وإن أعتى الأنظمة الاستبدادية وأقواها عسكريا لا يمكن أن تنتصر على شعب قرر أن ينال حريته وكرامته ويسترد مصيره وقراره.

لقد سقط النظام بالفعل في اللحظة التي أنكر فيها حق الشعب السوري بالحرية والتغيير وسقط أيضا في اللحظة التي استخدم فيها الطائرات الحربية والأسلحة الثقيلة لقتل شعبه وبالتالي تكون تصريحات الشرع أو صرخته قد جاءت بعد فوات الأوان.

=================

آخر أيام الأسد؟!

راجح الخوري

2012-12-19

النهار

كثرت المبادرات، وزيادة في التوضيح يمكن القول "كثرت السكاكين"، بمعنى ان سقوط النظام السوري بات وشيكاً على ما توحي عملية التسابق المثيرة هذه الايام، على اقتراح مبادرات للتسوية تجمع كلها تقريباً على محاولة رسم خريطة طريق لسوريا بعد سقوط النظام وغياب بشار الاسد!

تحدثت الاخبار عن "جنيف - 2" وهو عبارة عن اتفاق من خمس نقاط امكن التوصل اليه بين اميركا وروسيا وحمله الاخضر الابرهيمي الى الجامعة العربية والى دمشق (نشرت هذه الزاوية نصه امس) ويقوم على حل او يقترح "نقطة وسط" تحدد موعد إزاحة الاسد بعد ثلاثة اشهر اي في نهاية آذار المقبل، بعدما كانت واشنطن خلال مؤتمر جنيف الاول تصرّ على رحيله الفوري بينما اصرّت موسكو على ان يبقى لإكمال ولايته في سنة 2014.

وتحدثت الاخبار عن مبادرة تركية لانتقال السلطة في سوريا خلال الاشهر الثلاثة الاولى من سنة 2013 بحيث يتنحى الاسد ليتسلم "الائتلاف الوطني" السلطة تمهيداً لإجراء انتخابات عامة. وبحسب صحيفة "راديكال" عرض رجب طيب اردوغان المبادرة على فلاديمير بوتين الذي وصفها بانها "مبتكرة" وقيل ان السعودية وقطر ومصر والامم المتحدة على علم بما تتضمنه من "افكار جديدة"!

لا أدري ما هو وجه "الابتكار" فيها ولا ما هي هذه "الافكار الجديدة" ما دام المطلوب اساساً هو إسقاط النظام وإزاحة الاسد، لكن كان من المثير فعلاً ان يجمع المحللون في انقرة على ان فكرة المبادرة هي روسية لكنها أعلنت بلسان تركي، بما يساعد موسكو على النزول من سقوفها العالية في دعم الاسد، الذي عليه الآن ان يفهم جيداً الرسالة الروسية التي تصله بالتقسيط منذ تصريح ميخائيل بوغدانوف.

وتحدثت الاخبار عن مبادرة ايرانية من ست نقاط تبدو عكس السير، بمعنى انها تقوم على منطق عفا الله عما مضى من قتل وتدمير وتهجير وتعالوا الى حوار وطني وحكومة انتقالية، وهو ما كان الاسد يعرضه قبل عام ونيف. هنا يتضح ان للايرانيين سكاكينهم ايضاً ويعرفون ان من يحضر السوق يبيع ويشتري ولا يريدون ان يغيبوا عن بورصة سقوط الاسد وقيام النظام الجديد!

ولأن نظام الاسد يعرف انه بات على الحافة وامام سكاكين تشحذ اكثر مما هو امام مبادرات تقترح، وخصوصاً بعد الاستعدادات الدولية للانقضاض عليه اذا حاول استعمال الاسلحة الكيميائية، تمّ استحضار فاروق الشرع من الاستيداع قبل يومين ودُفع الى اقتراح ما سمّاه "التسوية التاريخية" التي بدت محاولة تشبه المبادرة الايرانية وتهدف الى تجنّب حتمية تجرّع الاسد كأس السقوط المريرة!

ولأن كثرة المبادرات مثل كثرة السكاكين، يمكن القول انها آخر ايام الاسد.

=================

الشرع يريد حلاً... ونصرالله يريد تأزيماً

عبد الوهاب بدرخان

2012-12-19

النهار

مع التهديدات الأخيرة التي أطلقها الأمين العام لـ"حزب الله" يكون لبنان قد ارتبط نهائيا بالأزمة السورية، ويكون بالتالي قد دخل دائرة الخطر الفعلي. السؤال الذي يطرح نفسه: أين السيد حسن نصرالله من التوجه الرئيسي المعلن للدولة اللبنانية، بل أين هو من بقية اللبنانيين؟ لكن يبدو ان هذا غير مهم لديه، فاللعبة الاقليمية بلغت مرحلة حرجة، ولم يعد ممكنا الاكتفاء بالتحرك في المنطقة الرمادية. وطالما ان ايران اعلنت انها لن تسمح بسقوط النظام السوري فليس متوقعا من نصرالله و"حزب الله" اي نأي بالنفس، بل العكس تماماً، أي التورط الكامل واقحام النفس.

إذاً، ولمن لا تزال لديه أوهام، كان نصرالله يقول مساء الأحد: باي باي لـ"اعلان بعبدا" ولكل الدعوات الى التحييد وحتى للانخراط المحدود والمكتوم في جرائم النظام السوري. فالأزمة شارفت على نهاية مرحلة مهمة ولا بد ان يتقرر فيها مصير النظام، لكن لتبدأ مرحلة اكثر خطرا بعد سقوط النظام. ايران و"حزب الله" معنيان بما قبل وما بعد، بمساعدة النظام على الصمود وخوض المساومة التي يحلم بها، ثم بسيناريو الفوضى الذي خطط له النظام ليتمكن إما من ترحيل رؤوسه او الانكفاء الى"الكيان العلوي" على الساحل، او الاثنين معا، فضلا عن انهما (ايران والحزب) يعتبران نفسيهما معنيين بترتيب الاتصال بين لبنان وذاك الكيان الذي يراه الايرانيون تعويضا او "جائزة ترضية" بعد خسارة سوريا.

حرص نصرالله على تبشير المعارضة السورية بأنها "لن تنتصر"، وعلى طمأنة من يراهن على ان هذه المعارضة ستحسم الموقف بأن تقديراته "خاطئة جدا جدا جدا". وحدها تقديراته هو صحيحة وصائبة، خصوصا بمقياس التاريخ، والاخص بمقاييس المستقبل. والصواب عنده ان تتلوث "المقاومة" في استدراج حرب اهلية تلي حرب المعارضة والنظام في سوريا، وان يتوج امجاده بالمساهمة في مشاريع تفتيت سوريا، وان يمهد لمرحلة تصعيد الترهيب في لبنان. هذه لحظة حاسمة لحلفاء "حزب الله" اللبنانيين، ايا يكن انتماؤهم الطائفي، فإما انهم ينتمون الى هذا البلد ويضعون خطا احمر أمام "حليفهم"، وإما ان يكون هذا الحليف قد صادرهم وصادر ارادتهم نهائيا والى غير رجعة.

ليست صدفة ان يصدر كلام نصرالله ونائب الرئيس السوري فاروق الشرع في وقت واحد، وان يكونا منسجمين ومكملا احدهما الآخر. اذ كان الشرع اكثر هدوءا وعقلانية بل اكثر حرصا على ترويج دعوته الى الحوار، خلافا للهجة نصرالله المنفرة والكفيلة بتطفيش المحاورين إن وجدوا اصلا. قد يلتقي الشرع ونصرالله على جوهر الخطاب الذي لا يزال يدعو الى حل سياسي برعاية النظام، لكن السوري بدا هنا راغبا فعلا في حل وإن كان صعبا ومعقدا، اما اللبناني – الايراني فبدا واضحا ان خياره الوحيد هو التصعيد والتأزيم.

 

=================

مذبحة صبرا.. وشاتيلا تتكرر في مخيم اليرموك!

يوسف الكويليت

الرياض

19-12-2012

    جيلُ ما بعد الاستعمار الفرنسي لسورية من قيادات وأحزابٍ، وكامل الشعب هم من ساند وحارب واستضاف الشعب الفلسطيني وسنّ القوانين بكامل حقوقه أسوة بالشعب السوري، لكن المزايدة على القضية بدأت مع نظام الأسد الذي أُجبر على الحرب ضد إسرائيل خوفاً من استفزاز الشعب، وفي ظله احتُل الجولان، وقيل عن تواطؤ واتهامات للأسد الأب، لكن ما يُضحك أن كل إصلاح وعمل سياسي يتوجه للمواطن السوري، كان يصطدم بأن الدولة في حالة حرب ومواجهة، وخرجوا علينا بشعار المقاومة والممانعة في حين لم ترد السلطة على تدمير نواة المفاعل النووي الذي ضربته إسرائيل، وعلى تدمير منصات الصواريخ السورية في البقاع اللبناني، وحتى جبهة الجولان، وبدون توقيع سلام مع إسرائيل، لم تشهد إطلاق رصاصة من دولة الممانعة..

احتضنت حكومة الأسد حماس باتفاق مع إيران، واستطاعت أن تضعها على تقاطع مع السلطة الفلسطينية، إلى حد المناوشات وسجن أعضاء من الطرفين، لكن حماس في سورية ظلت صوتاً بلا فعل بحيث لم يسمح لها بممارسة أي نشاط عسكري ضد إسرائيل بل مجرد رافعة شعارات، لكنها في السنوات الأخيرة شعرت أنها جزء من النظام الذي يريد تحويلها إلى لعبة في يده، ومع انفجار الثورة خرجت بأعضائها إلى قطر..

حالياً تجري حرب مدمرة في مخيم اليرموك الفلسطيني، دمر مسجد آوى الهاربين من القصف ليموتوا داخله بعمل مشابه لما تقوم به إسرائيل، فقط لأن انحياز المخيم للثوار ومناصرة الجيش الحر، اقتضى هروب أحمد جبريل المعروف بولائه للنظام من الجبهة الشعبية - القيادة العامة، ثم لأن المخيم نقطة الهجوم الاستراتيجي على وسط دمشق، لكن الكذبة الكبرى فشلت أن تصدق، فالفلسطيني الذي من أجله قال النظام إنه في حالة حرب مع إسرائيل يهاجم المخيم ويقتل ساكنيه، وبالتالي فالاعتبارات القديمة لم تعد تنطلي على نظام يريد أن يحمي محيط قصره، والتضحية ليس بالشعب السوري، لكن من ادعى أنهم في حمايته..

الشعب الفلسطيني استنكر بكل فصائله ما يجري في مخيم اليرموك، والحكومة الفلسطينية هددت برفع الملف إلى مجلس الأمن ما يؤكد عري حكومة الأسد، وبالتأكيد فإن التضامن الفلسطيني مع السوري المناهض للنظام هو الإدراك المشترك أنهما في خندق واحد، وأن الأسد وجبريل وبعض جبهته ممن زايدوا على فلسطين اتضح وجههم الحقيقي، خاصة وأن الوعي عند المواطن الفلسطيني، وكذلك السوري يفوقان ما كانت تخادع به سلطة دمشق..

إسرائيل مسرورة بما يجري في المخيم، لأن ذبح أي فلسطيني بدءاً من الأرض المحتلة، ومروراً بالأردن ثم لبنان وأخيراً بسورية، يجعلها تحاول توظيف آلة دعايتها بأن الفلسطيني محارَب بين أبناء عمومته، فكيف تستطيع ضمان ولائه وهو الذي يعلن تدميرها؟

ومثل هذه الذرائع تقنع الشعوب التي لا تدري بأسباب الصراع ومنشئه وتطوره، لكن الأسد يحاول تقليد إسرائيل بمذبحة صبرا وشاتيلا داخل مخيم اليرموك وبلا وازع أخلاقي..

وبسقوط النظام سوف تتكشف حقائق خطيرة، سواء التعامل مع إسرائيل، أو لعبة الورقة الفلسطينية واتخاذها هدفاً باطنياً لمؤامرة مشتركة ضدهم مع العدو، فحساب الزمن كبير ولا غطاء على الحقائق الواضحة..

=================

سوريا: تقييم نتائج اجتماع مراكش

مارك بيريني

الشرق الاوسط

19-12-2012

احتضنت العاصمة المغربية مراكش الاجتماع الذي جرى بين «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» و«مجموعة أصدقاء سوريا» يوم 12 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وهو الاجتماع الذي حصل على إشادة المجتمع الدولي وبعض الانتقادات من جانب روسيا. ورغم أن هذا الاجتماع كان بمثابة النجاح الدبلوماسي الكبير للائتلاف الوطني، حيث اعترفت به 100 دولة كممثل شرعي ووحيد للشعب السوري، فإن الكثير من الأسئلة تظل من دون إجابات، مما يزيد من شكوكنا في الخطوات التالية التي ستقوم بها قيادة الائتلاف. ساعد الاجتماع على توضيح أبعاد الوضع في سوريا ورسم مخططات لمسار البلاد المستقبلي، في الوقت الذي يشهد فيه الموقف الروسي بعض التغييرات.

ورغم تركيز غالبية التقارير الصحافية على المناقشات التي جرت حول تزويد الثوار السوريين بالأسلحة، فإن الاجتماع تطرق أيضا إلى أمور مثل: «جبهة النصرة»، واستخدام الأسلحة الكيماوية وغيرها من الموضوعات المهمة.

ومن وجهة نظر مستقبلية، تشكل نتائج اجتماع مراكش المسودة الحقيقة الأولى للإطار السياسي والتنفيذي للحكومة السورية الحرة في المستقبل.

ومن اللافت للنظر أن البنود الـ43 المتضمنة في البيان الختامي للاجتماع تشكل المكون الرئيسي للديمقراطية السورية المستقبلية، حيث إنها تنص على وحدة البلاد، وسلامة أراضيها، وحل سياسي للصراع السوري ينبع من داخل سوريا وليس من خارجها، ومشاركة جميع مكونات الشعب السوري في العملية الديمقراطية، فضلا عن الالتزام باحترام حقوق الإنسان، والاعتراف بشرعية «الائتلاف الوطني السوري».

تحدد هذه النصوص المبادئ التنفيذية للعدالة الانتقالية، وتوصيل المساعدات الإنسانية للمجتمعات المحلية من دون تمييز، وجهود إعادة الإعمار (من خلال صندوق للمانحين)، وهي النقاط التي ستتولاها السلطة الانتقالية المستقبلية في البلاد.

ولكننا لا بد أن ننتظر لنرى مدى القبول الذي ستتمكن قيادة «الائتلاف الوطني السوري» من حشده - سواء داخل مكونات الائتلاف ذاته أو من الجيش السوري الحر - على هذا الإطار الواسع، حيث إن هذا الأمر يعد اختبارا حاسما لها.

ثمة أمر آخر شديد الأهمية حدث خارج اجتماع مراكش، ألا وهو تطور الموقف الروسي. فمن دون الإفراط في التفاؤل، يبدو الآن أن القوى الغربية، وروسيا، تتفق على ثلاثة عناصر على الأقل حول الصراع السوري: ألا وهي عدم وجود مجال للحل العسكري في سوريا، وأن الحل السياسي يجب أن ينبع من داخل سوريا، فضلا عن أن لجوء نظام الأسد لاستخدام الأسلحة الكيماوية سيكون أمرا غير مقبول تماما. لقد أكد كلا الطرفين بوضوح هذا الأمر خلال الأيام القليلة الماضية، فضلا عن أن الأميرال جيمس ستافريديس، القائد الأعلى لقوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) في أوروبا، التي يعود إليها القرار النهائي في مسألة استخدام صواريخ باتريوت، كان واضحا للغاية في هذا الصدد في تدوينته التي نشرها في تاريخ 14 ديسمبر.

وفي الوقت عينه، يتلاشى الدعم الروسي لنظام بشار الأسد في سوريا في الوقت الحالي. فرغم نفي ذلك الأمر بصورة جزئية في وقت لاحق، فإن ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي، قد قال يوم 13 ديسمبر الحالي: «لا يمكن استبعاد انتصار المعارضة السورية»، فضلا عن أن الأمين العام لحلف الناتو قد أدلى بتصريح مماثل. من الجدير بالذكر أيضا أن قناة «آر تي» الروسية قد نشرت يوم 11 ديسمبر مقابلة أجرتها صحيفة برازيلية مع الرئيس الإكوادوري، عرض فيها منح الأسد حق اللجوء السياسي لبلاده، إذا طلب الأسد ذلك.

ثمة عقبة وحيدة متبقية، ألا وهي إصرار موسكو على ضرورة إجراء المفاوضات مع النظام السوري من دون المطالبة برحيل الأسد عن سوريا. ولكن، هناك سؤال بسيط يطرح نفسه الآن: ماذا تبقى ليتم التفاوض عليه مع رئيس تقوم قواته بقصف المدنيين المصطفين في طوابير الحصول على الخبز بصورة عشوائية، واستخدام الصواريخ الباليستية ضد المقاتلين على الأرض، وتعذيب الأطفال، وإطلاق النار على عائلات بأكملها في منازلها؟ لن يقبل أبدا أي من زعماء الثوار بالتفاوض مع الأسد، كما أكد معاذ الخطيب بشكل واضح للغاية في اجتماع مراكش. يجب أن نتذكر أن مشاركة عناصر النظام السابق في المرحلة الانتقالية في تونس ومصر جاءت فقط بعد رحيل زعيمي البلدين عن السلطة. إن تكرار هذه العملية في سوريا سيتضمن تحديد عناصر النظام السابق الذين لم تلطخ أيديهم بدماء السوريين والذين لم يشاركوا في القرارات العسكرية التي يتخذها النظام.

وأخيرا، ينبغي التشديد على التصرفات غير المتكافئة من جانب روسيا والقوى الغربية، حيث إن الأخيرة لم تقبل بعد تزويد الثوار بالسلاح، بينما لا تزال الأولى تزود نظام الأسد بالسلاح بصورة يومية. وكلما أسرعت موسكو في إدراك أن نظام الأسد ليس له أي مستقبل على الإطلاق سوى في المحكمة الجنائية الدولية، كان هذا أفضل. إن موقف روسيا من الصراع الدائر في سوريا ليس هو الأمر الوحيد الذي يقع على المحك في موسكو، ولكن صورتها أمام البلدان العربية العالم أجمع أمر آخر جدير بالاهتمام.

* سفير سابق للاتحاد الأوروبي والباحث الحالي في مركز كارنيغي أوروبا ومؤسسة «المجتمع المفتوح»

* بالاتفاق مع صحيفة «حرييت ديلي نيوز» التركية

=============================

«الربيع العربي» على «طريق دمشق»

الدكتور خطار أبو دياب

جريدة الجمهورية

يَروي قاموس الكتاب المقدس (سفر الأعمال) عن النداء الذي حصل على طريق دمشق، وأسفر عن تحول شاول مضطهد المسيحية إلى القديس بولس رسول الأمم.

 

وكما كان في الماضي لأرض الشام نصيب كبير في انتشار المسيحية والإسلام لاحقاً، يمكن للتحول المنتظر في سوريا أن يؤثّر إيجاباً أو سلباً على مستقبل "الربيع العربي"، إذ إنه يمكن أن يغيّر وجه المشرق أو يمسّ التوازنات الإقليمية الدقيقة الممتدة نحو مصر وشبه الجزيرة العربية والخليج والجوار الروسي.

 

مع تفاقم الوضع في سوريا وانتكاسات المراحل الانتقالية من تونس إلى مصر مروراً بليبيا واليمن، استعجل البعض الاستنتاج بأنّ "الربيع العربي" توقف عند أبواب دمشق، وسيستمر تحطيم الدول المركزية وسيكون التفتّت سيد الموقف، إضافة إلى مخاطر امتداد النزاع السنّي ـ الشيعي وآثاره السلبية على وحدة المجتمعات وعلى كل إعادة ترتيب للبيت العربي المشترك.

 

وهذه النظرة السلبية تتقاطع مع الذين يتكلمون عن "الشتاء الإسلامي" في توصيف للحراك المنطلق من سيدي بوزيد في كانون الأول 2010، في إنكار لكل إيجابيات التحولات الحاصلة.

 

بيد أنّ المقاربة الواقعية تدفعنا للمقارنة مع تعبير "ربيع الشعوب" الذي أُطلق على الثورات الأوروبية في العام 1848، وهذا الربيع لم تكن نتائجه آنية وتلقائية، بل سرعان ما انتكس في العام 1849.

 

لكن كانت لهذه الثورات إنجازاتها، فهي كانت علامة فارقة في التاريخ الأوروبي. صحيح أنها كانت معركة خاسرة في البداية إلا أنّها لم تكن نهاية الحرب. فهي كانت رسالة واضحة بأنّ التغيير قادم ولو بعد حين.

 

في عودة إلى التاريخ العربي المعاصر، لا شك أنّ العام 2011 هو عام العرب بامتياز. إنه اختزل مائة عام من ناحية الفعل وترك البصمات على لوحة التاريخ الإنساني المعاصر.

 

بعد القرن العشرين وخيباته، بدأ العقد الثاني من القرن الحالي ليدشن زمن الحالات الثورية التي ترمز عند البعض إلى اليقظة، وعند البعض الآخر إلى حركة انعتاق وتحرر، والجميع يجادل حول ما يسمى الربيع العربي، والأهم كان الخروج من حال الجمود والانحطاط، وتسجيل الشباب العربي نجاحات في بدايات صنع واقع جديد.

 

يختلف البعض على توصيف الحالات الثورية (لأن الثورة يخطط لها حزب أو جماعة مثل حال الثورتين البولشيفية أو الإيرانية) ولكن العناصر المشتركة هي الآتية:

 

- إنها انتفاضات غير إيديولوجية ومطالبها في الكرامة والحرية والعدالة تقربها من أطروحات الثورة الفرنسية، أي أن لها علاقة بالقيم العالمية وحقوق الإنسان، وتتصل بترقية الفرد وتركيب عقد اجتماعي جديد.

 

ـ إنها صناعة محلية وغير مستوردة، ولا يعني تأثير الإنترنت ووسائل الاتصال الحديثة ومواكبة الغرب أنها نتاج غربي وأميركي.

 

- إنها ثورات غير حزبية وغير دينية، ولو أنّ ابرز القوى المنظمة أي القوى الإسلامية التحقت بها وتسعى إلى السيطرة عليها.

 

ـ إنها ثورة الجيل الشاب (18 - 35 سنة) الذي يأبى أن يرضى بالذل الذي عاناه الجيل الذي سبقه.

 

ـ إنها حركات مناقبية وأخلاقية ضد الفساد ونهب المال العام، وضد فشل دول الاستقلال؟

 

- إنها أيضاً حركة تحرر وطني بمعنى سعيها إلى نزع الاستعمار الثقافي. (التحدي المباشر يكمن في تحرير الذهنيات وبناء نموذج حداثي ملائم، والتحدي الأكبر يبقى في بناء تكامل اقتصادي عربي لا بد منه لتحصين الوضع العربي الجديد).

 

ـ إنها في نهاية المطاف تهدف إلى إعادة العالم العربي إلى خريطة القوى الفاعلة. بيد أنّ البعض يراهن عليها كصحوة إسلامية من اجل بلورة ميزان قوى جديد مع الغرب. وفي هذه النظرة الاختزالية ما يرد على تبسيط آخر يتصور أن هذه الحركات ليس لها بعد قومي أو إنها غير معنية بالسياسة الخارجية.

 

بعد هذه البدايات المبشرة انطلقت قوى الثورة المضادة لتمنع تمدّدها، ورأى البعض في تصرف الإسلاميين مسعى مباشر إلى مصادرة الثورات أو تحريف مسارها. بيد أنّ هذه المبالغة في التجاذب بين التيارين الإسلامي والمدني ستكون افضل وصفة لضرب المراحل الانتقالية.

 

من الناحية المثالية، من الأفضل أن يكون هناك مواثيق شرف وعهود تحدد الثوابت من اجل عدم الوقوع في شرك الاستبداد بوجوه جديدة. وهذا يتطلب المزيد من الحوار والواقعية في فهم طبيعة المجتمعات والتدرج في إتقان التمرين الديموقراطي.

 

مع اقتراب نهاية العام الثاني من المخاض الكبير، يبدو أنّ ياسمين دمشق سيزهر بشكل آخر في هذا الربيع ليحاكي ياسمين تونس، أي أنّ الانتصار المرتقب للحراك الثوري في سوريا سيؤكد أنّ درب التغيير لا عودة عنه وطريق دمشق ستكون أيضاً فأل خير لكل الإقليم.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ