ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 09/12/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

مقالات مختارة من الصحف العربية ليوم

08-12-2012

الطريق إلى الثورة

مازن كم الماز

2012-12-07

القدس العربي

عندما هزم عبد الناصر ونظيره السوري حافظ الاسد في ما سمي يومها بنكسة يونيو حزيران كان على جيل الشباب، خاصة الطلاب، أن يحاول فهم سبب الهزيمة .. يومها أطلق يوسف شاهين عصفوره، محاولا هو أيضا أن يفهم كيف أدى الفساد والاستبداد الذي ارتبطا معا وتطورا معا نتيجة للحكم المطلق العسكري، وكيف انتهيا إلى الهزيمة .. أطلق شباب الجامعات المصرية يومها العنان لمظاهراته وهتافاته بالحرية والصمود، مخترقا أحد أهم محرمات النظام الناصري، لكن هذه الجرأة المفاجئة التي انتابت الشباب بطلابهم وعمالهم تركت أيضا أثرها العميق على النخبة الحاكمة .. بينما اختار قسم من النظام المضي في حرب الاستنزاف بكل آلامها وخسائرها وانتصاراتها، 'تعلم' قسم آخر من الحكام العسكر هو أيضا درسه من الهزيمة، بعد سنوات سيقوم هؤلاء بنقل البندقية إلى الكتف الآخر وبإعلان نهاية الحروب في المنطقة، حروبه هو، وسيتصالح مع خصمه السابق، الخارجي طبعا.. في نهاية الثمانينيات تكرر المشهد بتفاصيل مختلفة، الأنظمة التي اعتبرت نفسها 'اشتراكية' لعقود، وهي تترنح تحت انتفاضات شعوبها وتسقط بالجملة. جزء من البيروقراطية الحاكمة يغير 'قناعاته' أيضا بين ليلة وضحاها ويصبح جزءا من الأنظمة الجديدة أو، كما في روسيا وعدد من دول الاتحاد السوفياتي السابق، سيبقى هو الحاكم الفعلي لكن بمبررات إيديولوجية 'جديدة'، وطنية أو ليبرالية أو نيوليبرالية هذه المرة ..

يومها صمدت الأنظمة العربية المشابهة، لأسباب مختلفة، عقد حافظ الأسد 'مساومة تاريخية' مع الأمريكان، شارك بموجبها بتغطية حرب الخليج الأولى التي مثلت الإعلان الفعلي عن النظام العالمي الجديد مقابل حكم مطلق في لبنان، تركت القوات الأمريكية الظافرة في حرب الخليج حرس صدام الجمهوري وقوات نخبته تنسحب سليمة بينما ذبح آلاف الجنود العراقيين وهم ينسحبون على غير هدى من الكويت، ومن ثم اكتفت بالتفرج على قواته هذه وهي تسحق انتفاضة 1991 في جنوب وشمال العراق .. فقط بعد أن أكملت تلك القوات سحق الانتفاضة باستخدام المدفعية والدبابات والمروحيات ستفرض أمريكا منطقة حظر جوي في الشمال ثم ستضيف إليها منطقة حظر أخرى في الجنوب، إضافة إلى حصار اقتصادي مؤلم دفع ثمنه الباهظ جدا الشعب العراقي، سيمنح المنتصرون في حرب الخليج الأولى صدام حسين 12 عاما أخرى مؤلمة على عرش العراق .. كانت هذه الأنظمة تتحول بسرعة الآن إلى أنظمة عائلية، وأخذت تستخدم السياسات النيوليبرالية لكي تنقل ملكية الكثير من مؤسسات الدولة، التي كانت خاضعة لها (أي للبيروقراطية الحاكمة) لكن بشكل غير مباشر من خلال سيطرة الأخيرة المطلقة على جهاز الدولة، إلى 'رجال أعمال' مرتبطين مباشرة بها (رامي مخلوف، طريف الأخرس، أحمد عز، هشام طلعت مصطفى، آل الطرابلسي زوجة الرئيس التونسي، الخ) أي إلى ملكيتها المباشرة .. وبدأت هذه الأنظمة عملية إعادة توزيع متسارعة للدخل الوطني، كان هدفها الأساسي الانقضاض على الحصة الكبيرة نسبيا للكادحين من الموازنة العامة التي كانت تخصص لتغطية تكاليف عمالة كبيرة نسبيا تابعة 'للقطاع العام الحكومي' ولتغطية نفقات منظومتي تعليم ورعاية صحية شعبيتين كانتا رغم مستواهما الضعيف توفران هذه الخدمات بشكل ما لغالبية الناس ..

ستؤدي سيطرة رجال الأعمال الجدد وخصخصة البلاد عمليا لصالح رأس البيروقراطية الحاكمة بالضرورة إلى إنتاج 'جيل ضائع'، وجد نفسه دون عمل، دون تعليم لائق، بكلمة، دون أمل، دون مستقبل .. منذ الأيام الأولى لظهور الستالينية، عملت البيروقراطية الحاكمة على تفسير الصراع على الشكل التالي : إما هي أو الإمبريالية أو العدو الوطني أو الطبقي في الداخل .. زعمت أنه ليس للناس أي خيار آخر سوى الاستسلام لطغيانها ولاستغلالها، وأن مقاومتها تعني بكل بساطة الخيانة، أي الوقوف مع العدو القومي أو الطبقي أو الوطني .. قامت الستالينية، وأشكالها العربية والعالم ثالثية، على القمع الوحشي للجماهير تحديدا، على دولة بوليسية حقيقية، لكن أيضا على حكمة أساسية هي تحريم أي نقد وتجريمه، فهي لم تتسامح أبدا أبدا مع أي شكل من أشكال المقاومة الشعبية أو التنظيم الشعبي المستقل عنها، كانت القاعدة الرئيسية للحياة في هذه المجتمعات هي أن على كل شيء أن يمر من خلال أجهزة 'أمنها' وأن يبقــــى دائما تـــحت رقابة هذه الأجهزة التي تغلغلت في بنية المجتـــمع كالأخطبوط بل كالسرطان .. هذه الطبيعة القمعية التي بدت مستقرة إلى ما لا نهاية والهدوء الظاهري في الداخل دفع البيروقراطية الدولتية الأمنية العسكرية الحاكمة لأن تتصرف بكل شيء بدرجة عالية من الثقة بقدرتها على مواصلة وتوسيع نهبها وقمعها دون ظهور أية مقاومة جدية لها، سادة كل المنافذ على الناس ...

تمتع ريف دمشق مثلا بنهضة عمرانية بدأت في الثمانينيات ترافقت مع اتساع دمشق نفسها وهجرة قسم من أهلها إلى تلك الضواحي، سرعان ما ارتفعت الأبنية الإسمنتية مكان الحقول الزراعية ذات الدخل السنوي المتواضع وارتفعت معها أسعار الأراضي والبيوت هناك وشهدت المنطقة تحسنا ماديا مهما (حدث مثل هذا في مناطق أخرى كدرعا مثلا لسبب مختلف هو وجود عدد كبير من سكان المنطقة ممن يعملون في الخليج)، لكن البيروقراطية الحاكمة التي رصدت هذا التحسن في الوضع المادي والمعاشي لأصحاب تلك المناطق أرسلت إلى هناك مجموعة من أفسد موظفيها بغرض أساسي، هو محاولة تحويل القسم الأكبر من مكاسب هذا الوضع المعاشي الجديد إلى رصيد الحكام والمالكين الفعليين للبلاد، قام هؤلاء بفرض أشكال غريبة عجيبة من الضرائب المحلية بقصد نهب السكان المحليين وفي النهاية سيجبر الفساد المنفلت الناس هناك على العودة بمستواهم المعاشي لعقود إلى الوراء وسيقوم هؤلاء الموظفون الفاسدون المرتبطون بأعلى هرم السلطة في كثير من الأحيان بالاستيلاء على ممتلكات الناس هناك بأشكال مختلفة وبطريقة مستفزة جدا، كان الغضب يتزايد ولو أنه بقي تحت الرماد، حتى قام شاب تونسي بإحراق نفسه فانفجر كل شيء.

 

' كاتب سوري

=================

عبد الرحمن الكواكبي وتشريح آليات الاستبداد

شمس الدين الكيلاني

المستقبل

8-12-2012

انتسب الكواكبي (1854/1902) إلى تيار الإصلاحية الإسلامية تلك.أكد، أكثر من أي مفكر فيها، على أن الاستبداد هو رافعة التأخر العربي - الإسلامي. وأن علاج هذا الأمر وما يستتبعه، هو مفتاح لتقدم العرب والمسلمين. أتى كتابه (طباع الاستبداد )كصرخة مدوية في فضاء الاستبداد المديد الذي رقد طويلاً في دنيا العرب .لذا لم يحتمل معانيه وقوة حجته المستبدون، فدفع الكواكبي حياته في ظل السلطان عبدالحميد مسموماً جزاء في زمن عبد الحميد،كما فوجئ الأديب زكريا تامر بالعزل فوراً من رئاسة تحرير مجلة المعرفة السورية، ومن بعدها صار مهاجراً، لأنه تجرأ على وضع مقطعٍ من كتاب طبائع الاستبداد في مقدمة المجلة في عام 1980.

وإذا كان كتابه "طبائع الاستبداد" قد تمركز على نقد استبداد الحكومات الإسلامية بدلالة مشهد السلطة العثمانية المتعثرة، فإن كتابه (أم القرى) صب نقده على العلاقات القائمة بين الأمم الإسلامية، لحساب تصور آخر، مقابل، يقوم على استرجاع دور العرب الريادي في ترتيب البيت الإسلامي، وفي تقدمه، إلا أن كلا من الكتابين يكمل الآخر ويتشابك معه.

فيحيلنا منطق "طبائع الاستبداد" إلى الدعوة للرجوع إلى الإسلام في نقاوته الأولى، الإسلام القائم على الحكمة والعزم، والمحكم لقواعد الحرية السياسية، التي تتوسط الديمقراطية والارستقراطية،كما ظهر في حكومة الخلفاء الراشدين ، ثم ما لبث هذا الطراز النبوي أن أخذ بالتناقص" وصارت الأمة تبكيه، وسيدوم بكاؤها إذا لم تنته إلى تعويضه بطراز شوري وهو ما اهتدى إليه الغرب".

هكذا، يحيلنا الكواكبي إلى وعي ضرورة إحياء الاجتماع الإسلامي على نحو جديد، يعتمد على قيادة العرب له، وهو موضوع (أم القرى) الذي لم يخف فيه اعتقاده بأن من واجب العرب أن يقوموا بالدور الرئيسي للنهضة .ويجمع المؤتمرون على إعادة مركز الثقل إلى العرب، وذلك بتنصيب خليفة عربي من نسب قرشي، يختاره ممثلون عن الأمة، وتكون له سلطة دينية على المسلمين،بجانب السلطات المدنية للدول القائمة ،ففصل بذلك بين السلطتين الدينية والزمنية.

وجمع الكواكبي في خطابه بين إعلاء الدور الريادي للعرب ، وبين إعلاء القيم الدستورية والشورى. فتفرد بين مفكري النهضة والإصلاح الديني بتشديده على مخاطر الاستبداد وعلى ضرورة الحياة الدستورية الشورية لخروج العرب من دائرة الانحطاط. لذا. خصّص كتابه "طبائع الاستبداد" على موضوع واحد وحسب، هو الاستبداد، معترفاً بأن فكره قد استقر "بعد بحث ثلاثين عاماً على أن أصل الانحطاط هو الاستبداد السياسي، ودواؤه هو الشورية الدستورية".

وعرَّف علم السياسة بأنه "إدارة الشؤون المشتركة بمقتضى الحكمة" يقابله تعريفه للاستبداد، بأنه "التصرف بالشؤون المشتركة بمقتضى الهدى"، ودرس (الاستبداد) للتعرف على سبيله وأغراضه، وسيره وعلائمه، ودواؤه. وشرح بأن تعريف الاستبداد في اللغة: (غرور المرء برأيه). أما في الإصلاح السياسي، فهو "تصريف فرد أو جمع في حقوق قوم بالمشيئة ". وتوصف الحكومة بالاستبداد "عندما تتصرف في شؤون الرعية كما تشاء بلا خشية حساب" .أما مصدر الاستبداد، من الناحية التاريخية ،فهو "غفلة الأمة وتقاعسها عن محاسبة الحاكم " .

ويتجلى الاستبداد في جملة الظواهر لا تقتصر على الناحية السياسية، وأول ضحايا الاستبداد بعد أن ضرب في الفرد صدقه مع نفسه، هو الدين، وذلك لإفساده لأهم متمميه: الأخلاق، تاركاً قسمها الثاني: العبادات لأنها تلائمه في الأكثر. فيحول الأديان إلى مجرد عبادات لا تفيد في تطهير النفوس. فالانحراف السياسي يقود إلى الانحراف الديني، وهو ما يظهر في انتشار البدع، التي شوهت الإيمان والأديان. علماً، أن الإسلام مثل كافة الأديان، يقوم على كلمة "لا إله إلا الله". معنى ذلك أن الإنسان لا يعبد سوى الصانع الأعظم. وينزع القداسة عن كل سلطة أخرى: دينية أو حاكمة. وبحدوث التشاكل بين الاستبداد السياسي والاستبداد الديني، يتبادل المستبد والمنافقون من رجال الدين أوصاف التقديس والتجميل على حساب الناس. فيتساءل الكواكبي مستنكراً: من يدري من أين جاء فقهاء الاستبداد بتقديس الحكام وتنزيلهم من المسؤولية حتى أوجبوا لهم الحمد إذا عدلوا، والصبر عليهم إذا ظلموا؟

ثم يضرب الاستبداد السلوك الأخلاقي فيضعفه ويفسده، فبعد أن أفقد في الفرد ثقته بذاته وقاده إلى الإحساس بالصغار ،سهّل على المستبد أن يدفع الفرد أيضاً ليتبنى أحكامه عنه: تصغيره لقدراته، واعتناق قيم الرضوخ للاستبداد. فيسهل عليه الانقياد الأعمى مثل الهوام تترامى على النار، حيث يتحول الناس إلى أنانيين فاقدي العزم خالين من الشرف والناموس.

ولا يتوقف خطر الاستبداد، عند الكواكبي، على حاضر الأمة فحسب، بل يتعداه لينال مستقبلها، عندما يُميت فيها إرادة الرقي والتقدم التي من مظاهرها الترقي في الجسم: صحة وتلذذاً. والترقي بالعلم والمال، وفي النفس بالخصال والمفاخر. و بالعائلة استئناساً وتعاوناً، وبالعشيرة عند الطوارئ ، والترقي بالإنسانية، وهذا منتهى الرقي. إذ إن الاستبداد "يقلب السير من الترقي إلى الانحطاط، ومن التقدم إلى التأخر، ومن النماء إلى الفناء حتى يبلغ بالأمة حطة العجماوات، فلا يهمها غير حفظ حياتها الحيوانية فقط".

هكذا يقدم لنا الكواكبي لوحة قائمة على الاجتماع السياسي العربي الذي يحكم الاستبداد، ويرهن رقيه وتقدمه باستلهام الحرية والشورى، ولقد أطلق صرخته المدوية في وجه قومه، منذ قرن قائلاً: يا قوم هداكم الله، إلى من هذا الشقاء المديد، والناس في نعيم مقيم، وعز كريم، أفلا تنظرون؟ ما هذا التأخر، وقد سبقتكم الأقوام ألوف المراحل، حتى صار ما بعد ورائكم أماماً،أفلا تتبعون؟".

=================

غموض "الكيماوي" السوري

منار الرشواني

الغد الاردنية

8-12-2012

ثمة ما يدعو إلى الارتياب المشروع تماماً في توقيت تصاعد الحديث عن استعداد بشار الأسد لاستخدام مخزونه من الأسلحة الكيماوية ضد الثوارالسوريين. أحد المبررات المحقة لهذا الارتياب هو نشر مقابلة العميد المنشق مناف طلاس مع صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية تحت عنوان "الأسد مستعد لاستخدام الغاز السام"، في ذات اليوم (وهو 2 كانون الأول (ديسمبر) الحالي) الذي نشر فيه الصحفيان ديفيد سانغر وإيريك شميت تقريرهما على موقع "نيويورك تايمز" الأميركية عن "تحريك سورية أسلحتها الكيماوية" (فيما ظهر التقرير في نسخة الصحيفة الورقية في اليوم التالي)، مع أن من البدهي أن المقابلة أجريت قبل أيام من تاريخ نشرها. بعد ذلك مباشرة، بدأت تتكاثر التقارير الصحفية التي يستند كل منها إلى مصادره الأميركية الرسمية الخاصة؛ دبلوماسية واستخباراتية، والمؤكدة لذات الخوف والتهديد (على سبيل المثال، تقرير مجلة "ذي أتلانتك" الأميركية، وتقرير مجلة "وايارد" الأميركية أيضاً، في 3 كانون الأول).

هنا يبدو الاستنتاج الأبسط والأكثر إغراء هو أن حرب تضليل إعلامية أميركية قد بدأت تمهيداً لتدخل عسكري غربي مباشر في سورية، وبما يذكر مباشرة بذات عملية التعبئة الإعلامية ضد أسلحة صدام حسين للدمار الشامل، التي بررت غزو العراق ولم يتم العثور عليها أبداً.

لكن في المقابل، يبدو صحيحاً أيضاً، بل ومرجحاً، ما يذهب إليه "بول وليامز" و"جيه. تريفور أولبريك" و"جوناثان ووربويز" في مقالهم المنشور على موقع مجلة "فورين بوليسي" الأميركية، يوم الأربعاء الماضي، بأن رد فعل الإدارة الأميركية على مزاعم استعداد نظام الأسد لاستخدام السلاح الكيماوي ضد الثوار، إنما كان مزيداً من الطمأنة للأسد بعدم وجود نية للتدخل العسكري المباشر طالما أن قتل السوريين يتم بأسلحة تقليدية؛ أي أن استخدام السلاح الكيماوي، وليس عدد القتلى على يد النظام والذين زادوا على الأربعين ألفاً، هو فقط ما سيفتح المجال لتدخل عسكري غربي مباشر.

يضاف إلى ذلك، وبما يمنح مصداقية فعلاً لاستعداد نظام الأسد لاستخدام السلاح الكيماوي ضد الشعب السوري، وصول الحرب بين النظام والثوار إلى مطار دمشق الدولي، وبما يفترض أن يمهد لـ"معركة دمشق" الحاسمة التي يتم الحديث عنها علانية منذ فترة ليست بالقصيرة. وليكون التلويح بالأسلحة غير التقليدية تعبيراً عن موقف اليائس الذي لم يعد لديه ما يخسره.

لكن، هل ما يزال نظام الأسد يملك فعلاً زمام أمره، حتى للإقدام على خيار شمشون "عليّ وعلى أعدائي"؟

هنا يبدو ضرورياً استحضار روسيا في المشهد، باعتبارها المقرر النهائي الآن لمصير الأسد. وبدلاً من الحديث عن مؤامرة أميركية-غربية للتدخل العسكري المباشر بذريعة الأسلحة التقليدية، لم لا يكون صحيحاً أيضاً افتراض مؤامرة روسية لابتزاز الغرب بسلاح الأسد الكيماوي بعد أن تأكد سقوطه مع وصول المعركة إلى قلب دمشق؟ ألا يمكن في هذا السياق قراءة عودة الدور الروسي النشط عبر "المحادثات البناءة" المفاجئة بين وزير الخارجية سيرغي لافروف ونظيرته الأميركية هيلاري كلينتون، يوم الخميس الماضي؟

في النهاية، فإن كل السيناريوهات والفرضيات تحتمل الصحة طالما أن الروس والأميركيين يلتقون على مبدأ أن "السياسة لا تعرف الأخلاق". وبالتالي، فلا قيمة لكل الدم السوري المسفوح، إلا ورقة مفاوضات لا مانع حتى من تعظيمها.

manar.rachwani@alghad.jo

=================

بشار وخيار شمشون والعالم المشغول بالكيماوي!! * ياسر الزعاترة

الدستور

8-12-2012

طوال الأسبوع الماضي لم نسمع غير جدل الأسلحة الكيماوية في سوريا، حتى أن الغضب الذي رشح عن جهاد مقدسي، أحد أهم أبواق النظام (انشق وقالوا أقيل) قد جرى تفسيره بإشارته إلى وجود تلك الأسلحة في تصريح له قبل شهور قليلة، لكأن الكيان الصهيوني كان في حاجة إلى إشارة من هذا النوع كي يعلم بامتلاك النظام لتلك الأسلحة!!

لم تبق دولة غربية، وصولا إلى مسؤولي الاتحاد الأوروبي، وتبعا لذلك مسؤولي الأمم المتحدة إلا وحذر النظام من استخدام تلك الأسلحة، وشملت الزفة مسؤولين من روسيا أكدوا أنهم تلقوا تأكيدات من النظام بأنه لن يستخدمها.

كنا إذا أمام زفة نفاق دولي غير مسبوقة، ظاهرها الحرص على أرواح السوريين من الأسلحة الكيماوية، وباطنها تصويب الأنظار إلى تلك الأسلحة الكيماوية كي لا تقع في “أيدٍ غير أمينة” قد تستخدمها ضد الكيان الصهيوني، وقد رأينا أفواجا من المخبرين والخبراء (دعك من طائرات التجسس) يتدفقون إلى الحدود السورية لمراقبة حركة النظام السوري على هذا الصعيد. نقول نفاقا دوليا لأن ما فعله النظام بالشعب السوري طيلة 20 شهرا لا يقل سوءا عن استخدام الأسلحة الكيماوية، فقد دمر البلد من أقصاه إلى أقصاه وقتل 40 ألفا من السوريين، إلى جانب مئات الآلاف من الجرحى والمعتقلين، وأكثر من ذلك من المشردين.

يحدث ذلك بعدما بات الجميع على قناعة بأن النظام يتداعى يوما إثر آخر، وأن سيطرته على الأرض تتقلص بشكل سريع، حتى أن مطار دمشق لم يعد آمنا لهبوط الطائرات، فيما يفكر النظام في فتح مطار زراعي في محافظة اللاذقية، الأمر الذي استدعى بالضرورة السيناريو (ب) كما صاغه العقل الإيراني ممثلا في الدولية العلوية.

الروس وهم حلفاء بشار تحدثوا صراحة عن رجل فقد الأمل في النجاة أو الهرب، ما يشير إلى ميله إلى خيار شمشمون (تدمير البلد على رؤوس من فيه)، وقد ذهب محلل روسي إلى أن فرصته في الفرار لم تعد متوفرة لأن القادة العلويين (27 ألف ضابط) في الجيش، بحسب صحيفة الغارديان البريطانية لن يسمحوا له بذلك، هم الذين يحيطون به بعد أن فرَّ معظم الضباط السنة، باستثناء قلة قليلة (1400) من أصل (4000) يبدو أنهم يتواجدون في الثكنات ولا دور لهم عمليا في القتال.

في هذه الأجواء، مال الروس إلى تقديم تنازلات سياسية تمثلت في إجراء حوار في دبلن مع واشنطن بحضور الأخضر الإبراهيمي من أجل البحث عن مخرج، لكنهم عادوا وقالوا على لسان رئيس الكتلة البرلمانية لحزب بوتين في الدوما إن قدرتهم على التأثير في قرارات بشار باتت محدودة، الأمر الذي يعني أن طهران، وربما القلة التي تحيط به هي الأكثر تأثيرا في قراره.

ويبدو أن هدف لقاء الروس والأمريكان هو الحديث عن اليوم التالي، أكثر من الحديث عن سيناريو حل سياسي، وإن لم يغيبوا هذا الاحتمال في حال تمكن النظام من الصمود لأسابيع أخرى تكفي للبحث عن مخرج، والواضح أن واشنطن لا تريد للقوى الإسلامية ذات الحضور الكبير في الثورة، على الأرض وبين أعضاء الائتلاف الوطني وقيادة الخارج، لا تريد لهم أن يتحكموا بالوضع الجديد، وفي هذا السياق جاءت خطوة وضع جبهة النصرة في قائمة الإرهاب، مع أن الأمر يتجاوزها كما يبدو إلى عموم الإسلاميين.

حراك سياسي وعسكري محموم من الصعب الجزم بطبيعة نهايته بشكل واضح، لاسيما أن خيار شمشون يمكن أن ينطبق على تصعيد التدمير واللجوء إلى خيار الدويلة العلوية، رغم أملها المعدوم بالبقاء، أو تصعيده أكثر فأكثر بحثا عن مخرج سياسي يرتبه الروس مع الغرب إذا تمكنوا من ذلك.

سيعتمد ذلك كله على تمدد الثوار على الأرض، ومن ثم قدرتهم على استباق أي حل سياسي بإسقاط النظام، مع ما يترتب عليه من فوضى لاحقة لا بد من التفكير بكيفية ضبطها بسرعة، ومن ضمن ذلك الحفاظ على السلاح الكيماوي الذي هو ملك الشعب السوري أيضا، وكذلك حال سائر المؤسسات والأسلحة والممتلكات.

الأسوأ أن تصعيد حالة الفوضى سيكون خيارا مناسبا لأركان النظام حتى لو أيقنوا بسقوطه، ربما لأنهم يعتقدون أن ذلك قد يخفف الضغط عليهم، كما سيكون في صالح إيران التي تريد مزيدا من الفوضى كي يُدمَّر البلد ويغدو عاجزا عن التأثير على منجزاتها في العراق ولبنان.

ما يجري جرائم بشعة يتواطأ على تنفيذها النظام المجرم وشبيحته، ومن يلتفون حوله من العسكر والأمنيين، وكذلك روسيا وإيران، بل وأيضا الغرب الذي لا يعنيه سوى السلاح الكيماوي لأجل الكيان الصهيوني. ولا بد تبعا لذلك من حراك تركي عربي يحول دون المزيد من القتل والتدمير، ويؤمِّن انتقالا للسلطة يصب في صالح الشعب السوري.

إنهم لا يريدون لهذه الثورة النبيلة أن تقطف ثمار انتصارها على نحو معقول، بل يريدون لها أن ترث بلد مدمرا تسوده الفوضى، لكن السوريين سيتمكنون من لملمة جراحهم والنهوض من جديد رغم بشاعة المؤامرة.

التاريخ : 08-12-2012

=================

تطهير المعارضة السورية

مصطفى زين

السبت ٨ ديسمبر ٢٠١٢

الحياة

خضع المعارضون السوريون، قبل البدء بعملية التدمير المنهجية للدولة والمجتمع، لاختبارات أميركية وأوروبية كثيرة، اضطلعت بها مراكز أبحاث وأجهزة استخبارات، لمعرفة قدرة هذا أو ذاك على مواجهة النظام، ومدى تأثيره في محيطه، وكيف يمكن دفعه إلى مزيد من التصلب، وما مدى الإفادة منه في زعزعة الوضع. واقتصرت الاختبارات على مجموعة من المثقفين وزعماء الأحزاب والطوائف. وهذا أمر طبيعي تلجأ إليه الدول الكبرى، تمهيداً لرسم سياساتها.

في المقابل، كان النظام يُخضع معارضيه لعملية تدجين، مستخدماً أساليبه المعروفة في القمع والسجن والنفي، غير مبال بتأثير ذلك في سمعته الدولية والمحلية.

نتذكر في هذا الإطار ربيع دمشق، وسجن مثقفين معارضين وردود الفعل على اعتقالهم، وحملات التضامن معهم، ونتذكر أيضاً أن النظام حاول فتح حوار مع بعضهم وفشل، لأنه لم يكن صادقاً في مسعاه، ولم يكن مستعداً لتلبية أبسط ما يطالبون به، فخضع سلوكه هو أيضاً للدراسة، وكتبت آلاف الدراسات والأبحاث، بعضها صادق وجادّ وكثيرها مجرد ادعاءات، إما معه أو ضده.

الآن، أصبحت الإختبارات عملية، ولم يعد سراً أن «كتائب» من الاستخبارات والوحدات الخاصة انتشرت في محيط سورية وداخلها، من تركيا إلى لبنان والأردن والعراق، والمهمة واحدة: تقويم الأداء العسكري والسياسي للمعارضة المسلحة، تمهيداً لاختيار ما يناسب خطط ما بعد سقوط النظام، أو تحضيراً للحوار معه، بعدما حُجِّم تأثيره في الداخل والخارج، وبعدما أصبحت سورية، نظاماً وأحزاباً وجماعات دينية وعرقية، تدور في فلك هذه الدولة أو تلك، خصوصاً أنها فقدت غطاءها الجامع، أي العروبة، التي أضحت عبئاً على «الربيع العربي» وتحالفاته، من تونس إلى مصر.

خلصت الاستخبارات إلى أن فشل «المجلس الوطني» في مهمته تجلى في عدم قدرته على أن يكون له حضور فاعل على الأرض، وفي عدم رضوخ الجماعات المسلحة لأي من قراراته، وفي الفوضى المالية والتسليحية في صفوف المعارضين، لذا نعته وزيرة الخارجية الأميركية، واستبدل بـ «الائتلاف الوطني»، الذي خضع منذ إنشائه لاختبارات كثيرة لم ينجح في أي منها. لم يستطع توحيد المسلحين تحت قيادة واحدة، ولم تتوافق مكوناته على برنامج سياسي يرضي رعاته، ويشكل خريطة لإعادة توحيد السوريين.

والواقع أن فشل التجربتين، «المجلس» و»الائتلاف»، يعكس الواقع على الأرض، فـ «الجهاديون» يسعون إلى القضاء على أي طائفة أو جهة تخالف شرعهم، والإخوان المسلمون يقاتلون لإلحاق سورية بربيعهم، و»الجيش الحر» مكون من شراذم المنشقين والمدنيين ولا هدف له سوى إسقاط النظام، فضلاً عن أنه لا يتبع جهة محددة، فضباطه يتلقون المساعدات المالية والعسكرية بناء على «بلاء» كل منهم في القتال، فيلجأون إلى تدمير كل ما يقع في طريقهم لإثبات جدارتهم أمام الممولين.

بعد فشل كل هذه الاختبارات، تدخلت الولايات المتحدة في محاولة لوضع حد للفوضى، تمهيداً لاعتماد قيادة قادرة على جمع شتات المسلحين، وبدأت الضغط على كل الجهات لتطهير صفوفها من أعدائها، فوضعت «جبهة النصرة» على قائمة الإرهاب، وقد تضع جماعات أخرى على هذه القائمة لحرمانها من المساعدات المالية والعسكرية، فعملية التطهير مستمرة في صفوف الحلفاء، والحروب مستمرة، وتدمير سورية مستمر.

=================

استباحة الطبقة الوسطى في سورية

طلال المَيْهَني *

السبت ٨ ديسمبر ٢٠١٢

الحياة

لا تحظى الطبقة الوسطى بقسط وافر من القراءة المتأنية ضمن المشهد السوري. والمقصود بالطبقة الوسطى، في هذا المقال، هي تلك التي تتصف بموقع اجتماعي/اقتصادي يضم خليطاً من الموظفين، والمعلّمين، والعمّال المَهَرَة، والتجّار والحرفيين، والصناعيين الصغار والصاعدين تحت مسمى البرجوازية الصغيرة في التجمعات المدينية.

ومع أن هذه الطبقة كانتْ تاريخياً ذات طابع تقليدي ومحافظ سياسياً، إلا أن تأثيرات الانفتاح الثقافي المتسارع، ووجود هامش معقول لحرية السوق السورية حتى أواخر الخمسينيات، كانت تبشّر بمستقبل واعد لأن تتحول هذه الطبقة إلى حامل حقيقي لنهضة حداثية شاملة. لكن شكّل مجيء دولة الوحدة كردّ على المد الشيوعي، وما حملته من إرث ناصري، ومشاريع أيديولوجية حالمة، ضربةً مؤلمةً للنضج التدريجي لهذه الطبقة. بدأ ذلك بمصادرة حقوق الملكية الفردية بطريقة تَعَسّفية عبر التأميم والإصلاح الزراعي (أثر أساساً على البرجوازية الكبيرة). وتلا ذلك فترة أكثر راديكالية وَسَمَت الستينات مع صعود الجناح البعثي لصلاح جديد الذي اتّبع سياسةً تأميميةً قاسية، وحصر العمل النقابي والحزبي في قوالب مستنسخة عن الحزب الحاكم الأوحد، مع تغييرات اجتماعية كانت صادمةً في حينها بالنسبة لبعض الشرائح المحافظة.

أدى تحطيم البرجوازية الكبيرة إلى توجّس البرجوازية الصغيرة، وتشكيل رضّ عميق في الثقة بين السلطة كمفهوم مجرّد وبين المجتمع بمكوناته المختلفة. وترافق ذلك مع ظهور القطاع العام الذي حمل في جعْبته بذور تنكسّه في غياب التنافسية، وصادر السوق لحساب السلطة التي تماهَتْ بدورها مع الدولة وقامتْ بتغييبها بشكل مشوّه. وأثّر ذلك على نوعية المنْتَج الذي بدأ بالانحدار على كل المستويات، وسيطر الخوف من إمكانية المصادرة وفق «قوانين اعتباطية» تصدرها سلطة فَرَضَتْ نفسها عنفياً فوق القوانين.

ولو عدْنا إلى ما قبل البعث وتمعّنا في بنية الطبقة الوسطى وامتداداتها لوجدنا حالةً من الانشطار السياسي والجغرافي. كان هذا جليّاً مثلاً في التفاف البرجوازية الحلبية حول حزب الشعب، مقابل التفاف نظيرتها الدمشقية حول الحزب الوطني. وقد شكّل هذا الانشطار ثنائيةً قطبيةً وَسَمَتْ المشهد السوري لعقود. وفي مرحلة ما بعد قدوم البعث، ترسّخ هذا الانشطار وازداد عمقاً ليأخذ شكل التشظي، مما ولّد انقطاعاً في نسيج هذه الطبقة التي تَمَوْضَعَتْ شظاياها بشكل كانتوني ومبَعْثَر، عوضاً عن تواصلها المتجانس على امتداد الوطن، وترافق ذلك مع تجاوز الروابط الأهلية وعدم تعويضها بقيم مدنية، مما قد يفسر الخوف واللاتجانس في ارتكاسها تجاه أي تغيير (في دمشق وحلب).

سعى حافظ الأسد إلى استمالة الطبقة الوسطى بخاصة في دمشق، في حين حاول ابنه التقرب منها في حلب كتعويض عن إهمال مزمن في عهد الأسد الأب. ومع بتر العمل النقابي والحزبي بعد تجميده إيديولوجياً، وكبْت الحريات، ومصادرة السوق، نجح النظام في خلق تحالف مبَطن مستند إلى مصالح مشتركة مع الطبقة الوسطى الضعيفة أصلاً، مما منحها فرصة النجاة من الفناء والتهميش الكامل، ووفّر لها فرصة البقاء والاستمرار في مستوىً شبه مقبول (نسبياً). لكن بقيت الثقة مفقودةً، فالتحالف المبَطن لم يعدو كونه تقارباً مصْلحياً حَذِراً في ظل وضع هش وغير سليم تعاقدياً، دون أن يضمن الديمومة.

وبرزتْ، في عهد الأسد الابن، طبقة برجوازية طفَيْلِية وحوتِيّة، لا ترتبط ببقايا البرجوازية التقليدية، حيث ضمّتْ تشكيلةً جديدةً من المتسلقين الذين استفادوا من الفساد المستشري والقوانين المثقوبة والمفَصّلة على المقاس. مع الإشارة إلى أن علاقة هؤلاء مع السلطة تتجاوز التحالف المبَطن لتغدو علاقةً عضويةً ذات أساس وجودي ومتَمَاه ومعتمد، منشأً وتوسعاً، على وجود السلطة.

كان لكل هذه العوامل المذكورة انعكاسات خطيرة على الطبقة الوسطى بصيغتها البرجوازية الصغيرة الحرة، حيث أعاقت نضجها، وبَتَرَتْ اهتمامها بالشأن العام (والسياسة خصوصاً)، وجعلتها تستثني نفسها تلقائياً من أي تغيير يصيب البلاد، منطلقةً من قاعدة الحفاظ على مصالحها الآنية والمكافِئة للبقاء على قيد الحياة، ومستندةً إلى تجربة تاريخية قاسية لا تودّ تكرارها. ومن الناحية العملية يبدو أن النأي عن الشأن العام كان شرطاً ضمنياً للسماح لهذه الطبقة بالاستمرار. هذا الانكفاء الشامل شلّ الاهتمام بما هو خارج حدود الشأن الخاص، وعزّز الأنانية والانتهازية ذات التركيز المفْرِط على الذات، على حساب رابطة المواطنة التي تم حصرها في شعارات مجوّفة، وجعل جزءاً مهماً من هذه الطبقة مكوّناً رئيسياً للشريحة الصامتة في المشهد السوري الحالي.

ومع تهميش شرائح واسعة في المجتمع، خاصةً الشرائح التي لم تهتم السلطة بعقد (أو الاستمرار بعقد) تحالفات مبَطنة أو ظاهرية معها (لغياب المصلحة من وجهة نظر السلطة)، نما سخط ترافق مع تقلص الطبقة الوسطى وسيرها نحو اضمحلال تدريجي، وجعل ذلك من التغيير في سورية قضيةً مرتبطةً بشكل رئيسي بالطبقات المهمشة أو النخبة المثقفة (إنْ وجِدت)، دون أن يكون للطبقة الوسطى دور نَشِط يتناسب مع كفاءتها وموقعها كونها هشّة ورهينة للاستقرار الكاذب الذي يشيعه المستبد، مما أظهر اصطفافها السياسي في حلّة رمادية.

التغيير البنّاء والإيجابي في سورية صعب وبطيء ومشروط بتذليل الكثير من العقبات، ومنها تحرير الطبقة الوسطى، التي استبيحتْ تاريخياً، وتحويلها من طبقة منكسرة منكمشة عاجزة عن الفعل، ومكتفية بأخذ دور المتفرج المتألم على وطن يغرق، إلى طبقة مستنيرة وفاعلة في تحقيق التغيير، وفي الحفاظ عليه وحمايته بعد تحقيقه. وفي رأيي فالطبقة الوسطى الحرة هي الأمثل لقيادة أو توجيه أي تغيير بأقل الخسائر، مع تقليل جرعة الألم، وتحقيق السلم الأهلي، والحفاظ على هياكل الدولة في الحاضر، والارتقاء بها في المستقبل. ولعل ضعف الطبقة الوسطى في سورية، وغيابها عن المشهد، كان أحد العوامل الكثيرة التي تضافرتْ لتنتج ما آل إليه الوضع السوري. 

 

=================

من أحاديث مع البطريرك هزيم: كلنا في السجن

ميشيل كيلو

السفير

8-12-2012

والآن، وقد غاب غبطته والتحق بالرفيق الأعلى، يصير بالإمكان الحديث عنه من زاوية ليست معروفة تتصل بآرائه وخبراته السياسية حول شؤون مختلفة أهمها النظام السوري.

كانت المرة الاولى التي زرته فيها بطلب من الصديق الراحل أديب غنم، الذي حدثني عن خطورة ما يجري في البوسنة والهرسك من مذابح منظمة ضد المسلمين، واقترح زيارة أقوم بها الى البطريرك لمطالبته بأخذ موقف مما يجري هناك، سيحتسب للكنيسة وللمسيحيين العرب، اليوم وفي مقبلات الأيام. هاتفت مكتبه طالباً موعداً لزيارة، فحدد لي سكرتيره موعداً فورياً، بعد أن غاب عني لدقيقة، لكنني شكرته واقترحت موعداً في اليوم التالي. تلك كانت لفتة كريمة منه، شجعتني على الحديث معه بصراحة حول ما اقترح الصديق الراحل قوله له. في اليوم التالي، كان بانتظاري في مكتب متواضع. صافحته من دون أن أقبل يده، وبدأت بعد كلمات الترحيب أتحدث عما أتيت من أجله. تركني اتحدث لدقائق ثم قال فجأة: هذه من مخلفات الجرائم التي ارتكبتها الشيوعية في كل مكان. قلت إنني لا أفهم مناسبة هذا التعليق واقترحت عليه مقارنة جرائم الشيوعية بالجرائم التي ارتكبتها المذاهب المسيحية ضد بعضها البعض وضد البشرية جمعاء، فرفع يديه عن حضنه وقال مبتسماً وكأنه يستسلم: أنا لا ادخل في حوار أعرف أنني سأخسره. هذه الجملة كانت كافية لتغيير أجواء الحديث، ولجعله ودياً وعطوفاً. وبعد أن طلب لي فنجان قهوة آخر فهمت منه أنه يعطيني وقتاً مفتوحاً للزيارة. اتفقنا يومها أن يزور بيروت ويقيم وليمة لرجال دين مسيحيين ومسلمين من مختلف المذاهب، وأن يلقي كلمة يحدد فيها موقف الكنيسة من جرائم البوسنة والهرسك ضد المسلمين. وهكذا كان، فقد قام غبطته بالفعل بزيارة إلى بيروت وألقى في وليمة حضرها عشرات رجال الدين كلمة ناصعة ميّزها ذلك البيان العربي الذي كان يتقنه ويتفرّد فيه. قبل أن أنسى، في نهاية الزيارة، ودّعني غبطته عند باب المريمية وهو يقول لي: تعال لزيارتي كلما كان لديك وقت. عندئذ، قبلت يده وأنا أودعه.

بعد شهرين جئت لزيارته بموعد. كان بانتظاري عند أسفل سلم الطابق الثاني في مقره الداخلي، وعندما صافحته وهممت بتقبيل يده سحبها، ثم وضع ذراعه تحت إبطي واستعان بي خلال صعود الدرج في الطريق إلى غرفته، حيث جلسنا بمفردنا وتحدثنا خلال نيف وساعتين عن شتى الشؤون، بما في ذلك وضع سوريا. كنت أتحدث وكان يستمع، وحين كنت أتوقف كان يدلي بتعليقات ذكية ودقيقة، من دون أن يناقشني في ما كنت أقول. في النهاية، قال لي وهو يودعني: الحزب الواحد موت أكيد والقائد الواحد كارثة مقيمة. ثم أردف: يبدو انك لم تسمع بما جرى معي قبل أيام، فقد جاء شخص إليّ وقال: يريد المعلم أن يراك، سألته من هو المعلم، فأجاب بلغة استنكارية: هو رئيس فرع الأمن السياسي. قلت: يا بني، أنا رئيس الكنيسة ولا أقبل أن أرى غير رئيس الدولة. قل لمعلمك إنني لن أراه إلا وأصفاده في يدي. توقف عن الكلام قبل أن يقول بصوت هامس: كان الله في عون الشعب!

منذ ذلك التاريخ، دأبت على زيارته مرة كل شهر. كانت أحاديثنا تأخذ طابعاً عاماً بعد كلام سريع عن السياسة أخبره فيه ببعض المعلومات ووجهات النظر. ذات يوم، سألته عن دوره السياسي في استقلال سوريا والقضية الفلسطينية، فقال بكل بساطة: أنا اعتبر نفسي فلسطينياً، لأن الفلسطيني هو مسيح عصرنا الذي يجب أن نؤمن به وبقضيته، والذي لا يحق لنا إيمانياً وأخلاقياً وإنسانياً التخلي عنه وعنها. عرجت على سر ثقافته العامة المتنوعة والواسعة، فابتسم بخجل وأخبرني أنه دكتور في الرياضيات والفلسفة، فضلاً عن اللاهوت، ثم اضاف بتواضع: لكن الحياة هي مدرستنا الكبرى، ومن يفتح عينيه يتعلم.

بعد دخولي السجن، طالب الرئيس بإخلاء سبيلي فقال له بجلافة: هذا متآمر ولا يجوز لغبطتك معرفته أو المطالبة بحريته. حين زارته زوجتي بعد أيام بطلب منه كان حزيناً ويائساً وودّعها بالقول: اخبري الأستاذ انه ليس وحده في السجن، فنحن سنبقى جميعنا سجناء إلى أن ننال حريتنا.

عندما خرجت من السجن زرته، فرحّب بي بصوت مرتفع وسُرّ برؤيتي وفرح، وفي ختام الزيارة طلب مني ان ازوره بانتظام، وودعني بعد استقبال قصير عند باب المريمية، وهو يعبر بصوت جهير عن غبطته بحريتي المستعادة.

رحم الله الرجل الكبير، صاحب القلب الواسع والنظرة الإنسانية الشاملة، الذي كان الأسد الأب قد طلب منه العام 1980 رسالة ضد «عصابة الاخوان»، فقال له: لن تجد في كنيستنا من يقبل أن يرسل لك رسالة كهذه، ليس لأننا مع «الاخوان»، بل لأن إرسالها سيلغي ميثاق العيش المشترك بيننا وبين إخوتنا المسلمين، القائم منذ الف وخمسمئة عام ونيف. لن تصلك هذه الرسالة حتى إن علقت مشانقنا.

كم ستفتقدك المسيحية يا صاحب الغبطة؟ وكم سأفتقدك شخصياً وأتذكر لقاءاتنا التي رسخت في ذاكرتي وداخل روحي، التي أحبتك؟

بعد البطريرك هزيم، ثمة مشكلتان تواجهان كنيستنا الأرثوذكسية، هما: تقدم مطارنتنا في السن، ووجود ثلاثة قائمين بأعمال البطريريكية هم لوقا الخوري وموسى الخوري وغطاس هزيم، مدير البلمند وابن شقيق الراحل الكبير. هاتان المشكلتان تنضويان في إطار مشكلة أكبر لا علاقة للكنيسة بها، لكنها تنعكس عليها كما تنعكس على كل شيء عندنا، هي معضلة سوريا الراهنة، التي طرحت وتطرح تحديات مصيرية بكل معنى الكلمة على الكنيسة، وتسببت في شروخ عميقة داخل صفوف أرثوذكس سوريا، الذين يمثلون أغلبية المسيحيين السوريين، واعتبرت كنيستهم على مر التاريخ الأقرب إلى الشعب بفئاته كافة، وبالتالي إلى مواطنيه المسلمين، الذين لطالما رأتهم في ضوء هويتهم القومية كعرب، وتاريخهم كمسيحيين سابقين اعتبرت نفسها مسؤولة أيضاً عنهم. انقسم المسيحيون حول المجريات السورية واتخذت كنيستهم الارثوذكسية مواقف رخوة او مؤيدة من بطش النظام بالشعب، فبدت غريبة عن تاريخ ذكرت نموذجاً عنه هو رد البطريريك هزيم على الاسد الاب. ومع ان شيئاً من التصحيح وقع في الآونة الاخيرة من خلال بيان البلمند، الذي ذكر المسيحيين ببعض أسس علاقتهم مع أخوتهم المسلمين، وأكدوا على حقيقة انهم يشكلون معهم شعباً واحداً فلا بد ان يظل موحداً، فإن موقف الكنيسة أثار المخاوف من نتائجه الكارثية، التي ستشكل منعطفاً غير مسبوق في صلاتهم مع مواطنيهم المسلمين، وستضع حدا لتاريخ طويل من الشراكة والتسامح والعيش الواحد، وستمزق الأواصر الداخلية للمسيحيين، بعد ان تعاطف قسم واسع منهم مع ثورة الشعب وانحاز إليها وتبنى مطالبها.

في هذه الظروف، غاب البطريرك هزيم، تاركا وراءه اسئلة خطيرة وجماعة مسيحية منقسمة على نفسها، يقتلها الخوف من صعود تطرف مذهبي وعنيف يهدد بطي صفحة الإسلام المتسامح وفتح صفحة جديدة على المسلمين أنفسهم، ويخشون ان يكون قسم كبير منهم بين ضحاياه، بينما ينتشر القتل ويعم وينضم فريق من الشباب المسيحي المتحمس للنظام او المغرر به إلى شبيحته بينما يغرق بدماء شعبه، التي توشك أن تكتم انفاسه وتخنقه، ولا يعرف أحد بدقة الى اين تمضي البلاد، وما مصير السوريات والسوريين بعده، في ظل التدخلات الدولية في شؤون سوريا، المفتوحة على جميع الاحتمالات، السيئة منها قبل الجيدة.

ماذا ستفعل الكنيسة الارثوذكسية في أجواء متأزمة داخلها وخارجها؟ هل ستواصل انحيازها إلى النظام، الذي سيكون مؤكداً في حال تم إطلاق يد لوقا وموسى الخوري في شؤونها وسمح لهما بتولي أمورها خلال الفترة التي تفصلنا عن انتخاب بطريرك جديد، علماً بأنهما على صلة بالمخابرات المعروفين وبمخابرات دولة أجنبية أيضاً؟ وماذا سيجري في حال تم انتخاب لوقا بطريركاً جديداً، علماً بأن من المؤكد انه سيقف إلى جانب الأسد، وموقف لوقا سيلحق ضرراً لا يمكن إصلاحه بالكنيسة والمسيحيين؟ أم أن المطارنة سيقفون ضد الخوري، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، ولو لبعض الوقت، ريثما يكون هناك، بعد رحيل النظام، عمل إصلاحي جدي يخرج الكنيسة من مأزقها المخيف، ويتجاوز في أهميته وخطورته الموقف من النظام، الذي ليس غير عرض وحسب من أعراض أزمتها العميقة التي تعصف بها منذ زمن طويل، ونجح البطريرك هزيم في التغطية عليها وفي جعل الكنيسة تتعايش معها، بقوة شخصيته وعلمه، وقدرته على جسر الهوة بين الكنيسة والشعب؟

لا شك عندي في أن صعود لوقا إلى السدة البطريركية سيطلق ثورة مسيحية ضده في الكنيسة، تشبه ثورة الشعب ضد النظام، ما دام من غير المعقول أن يوالي نظاماً آيلاً للسقوط وان يبقى على موقفه الموالي له بعد سقوطه، علماً بأن اختياره سيستفز كتلاً مسيحية كبيرة وسيدفع بها إلى الانخراط في الثورة الوطنية الجامعة. بينما لن يعني صعود غيره شيئاً غير كسب بعض الوقت بانتظار تغير الظروف السياسية في البلاد، وخلق شروط ضرورية للإصلاح المطلوب.

ماذا ستختار كنيسة لم يعد أحد قادراً على منعها من مغادرة موقعها الراهن الخطير؟ هل تختار شخصاً يتخطاه الزمن والواقع، أم تختار الخروج من حال وضعها لفترة غير قصيرة على هامش حياة الشعب، وجعلها تساير وتخدم نظاماً معادياً له ولرسالتها؟ ماذا سيختار المسيحيون من الآن فصاعداً: الغرق مع نظام الشبيحة، ام النجاة والتجدد مع الشعب الذاهب بتصميم لن يُكسَر إلى مستقبله وحريته؟

 

كاتب سياسي ـ سوريا

=================

"للإخوان" دور في مصر وسوريا أياً تكن "الصِيَغ"!

سركيس نعوم

2012-12-08

النهار

 أجاب "الاخواني" المصري الكبير نفسه عن سؤال: ما هي اسباب رفض السعودية اللجنة الرباعية التي اقترحها الرئيس محمد مرسي لمعالجة الأزمة السورية؟ قال: "لأنها لا تريد ان تستعيد مصر دورها العربي والاسلامي. ولأنها تعرف أن ايران تسعى لاستمالة مصر "الإخوانية" الرئاسة بغية إضعافها، وتالياً منعها من الاستمرار في قيادة المواجهة العربية – الايرانية، وفي رفض هيمنة ايران القومية والمذهبية على المنطقة العربية. علماً ان ما يزيد السعودية اصراراً على رفض "اللجنة" هو  احتمال "وقوع" مصر في قبضة "الاخوان المسلمين". فالمملكة تقود الآن العرب وخصوصاً في سوريا ولبنان والعراق واليمن في حربهم ضد ايران، وعودة مصر الى دورها الرائد لا تفرحها. علماً ان اوضاعها الداخلية صعبة، فالعائلة المالكة أو الحاكم منها هَرِم. وفيها تيارات دينية اسلامية عدة خرجت من رحم الوهابية. وكلُّها تؤمن بالعنف والتكفير وتمارس التطرف والراديكالية. فضلاً عن ان السعودية لا تحب "الاخوان المسلمين"، وهذا امر معروف. ايران والسعودية تنفقان اموالاً في مصر لتأليب شعبها على "الاخوان". انسحبت السعودية من "اللجنة الرباعية" بعد اول اجتماع لها. فسألناها عندها: هل ان ما تقومون به في سوريا ولسوريا افضل من الذي نريد ان نفعله معكم ومع ايران وتركيا فيها ولها؟ وقلنا لها: ان ما تفعلينه يؤدي الى تدمير سوريا وقتل الناس واستبداد الحاكم. كما انه يفتح ابواب سوريا على مستقبل غامض". أعدت "الاخواني" الكبير الى مصر، فقلت له ان تحالفكم مع السلفيين يثير شكوك اسلاميين معتدلين كما مواطنين مسلمين لكن مؤمنين بدولة مدنية ديموقراطية. وقلت ايضاً ان مصر هي مهد الحضارة والفن والابداع، ولا اقصد بذلك الابتذال والاباحية، وسألت: هل تنكر ان المواطن المصري الصعيدي، كما أي مواطن مصري، لا "يفرح" بالرقص الشرقي في الأفراح أو بمظاهر اخرى من الحياة الحديثة؟ وهل خوف الناس على نمط حياتهم وحرياتهم من مسيحيي مصر ومن مسلميها غير الاسلاميين في محله؟ اجاب عن ذلك كله قال: "نحن اكدنا، ولا نزال نؤكد اننا مع دولة مدنية ديموقراطية، وسنثبت التزامنا هذا التأكيد. وانفتاحنا على السلفيين لم يكن من اجل استعمالهم لتخويف من ليس معنا او لاقناعه بأننا افضل لهم من هؤلاء. بل كان بسبب اقترابهم منا في قضايا عدة. هذا امر في مصلحة الدولة المدنية الديموقراطية، وفي مصلحة إضعاف التطرف التكفيري الذي تغذيه جهات عدة "خارجية منظورة وغير منظورة، والذي قد يوقع البلاد في فتنة داخلية كبيرة لا نريدها. لن نؤسس ديكتاتورية في اثناء حكمنا مصر بواسطة الانتخاب وخصوصاً اذا فزنا في الانتخابات التشريعية المقبلة بنسبة مهمة من المقاعد، ولن ننشئ دولة دينية، ولن نغير في نمط حياة المصريين. وسنحرص على تداول السلطة في المواعيد الدستورية، وإن أبعدنا عن الحكم وأوصل اليه جهات مصرية اخرى لها سياسات ومواقف مخالفة لنا. لكن ذلك كله طبعاً لا يعني اننا سنسمح بالاباحية في مصر، فهذا امر لا يقبله شعبها على اختلافاته الحادة".

"حزب العدالة والتنمية" الاسلامي الحاكم تركيا "اخواني" على الاقل في جذوره. وانتم "اخوان" بدأتم تصلون الى السلطة في مصر. تجربتهم الاسلامية، حداثوية وديموقراطية مئة في المئة. يتمنى الغرب، المُعترِف بأن المنطقة العربية المسلمة تسير نحو الاسلامية ان تكون انظمتها مشابهة كثيراً للنظام الاسلامي التركي. فهل ستتأثرون في مصر بتجربة تركيا؟ ام انكم وسائر "اخوانكم" العرب ستعيدون "اخوان" تركيا الى "الوراء"؟ وعذراً لهذا التعبير. اجاب: "لتركيا تجربتها الخاصة وتاريخها. فما فعله اتاتورك من علمانية في الداخل و"تغريبه" تركيا لم يلغ الدين الاسلامي لكنه ساهم في تحديثها سياسياً واقتصادياً وفي تقريبها من مرتبة الدول المتقدمة. وأرسى اسس قبول الآخر المُختلِف (اسلامي او علماني). وذلك من اسس الديموقراطية. هذه التجربة لم يمر بها العرب لكننا اي مصر وتركيا نتأثر ببعضنا وذلك لا بد ان يفيد مستقبلا".

ماذا كان حصل لو فاز منافس مرسي في الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية احمد شفيق؟ سألت. اجاب: "كانوا اعادونا الى السجون. على كل اي صيغة انتخابية في مصر ستعطي "الاخوان" 30 الى 40 في المئة. وذلك يمكِّنهم من ممارسة دورهم سواء في الحكم او في المعارضة. وفي سوريا وبعد نجاح الثورة فيها سيكون لـ "الاخوان" دور في اي صيغة تُعتمد".

هل ما تشهده مصر منذ يوم الجمعة الأسبق (30/ 11/ 2012) مُقنِع ويتوافق مع ما قاله "الاخواني" الكبير في الحلقات الأربع الاخيرة؟

=================

أميركا عازمة على إنهاء الأزمة السورية

وتطرح على روسيا حلاً من ثلاثة خيارات

اميل خوري

2012-12-08

النهار

في معلومات لمصادر ديبلوماسية أن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما عازمة في ولايته الجديدة على إنهاء الأزمة السورية بشتى الوسائل المتاحة بالتنسيق والتعاون مع الحلفاء لأن استمرارها بات يشكل خطراً على الوضع كلاً في المنطقة سياسياً وأمنياً واقتصادياً خصوصا مع ازدياد عدد النازحين وتأمين المساعدات الكافية لهم.

لذلك فإن الولايات المتحدة الاميركية تحاول إقناع روسيا بالقبول بحل سياسي يبدأ بتأليف حكومة سورية انتقالية تنتقل إليها كل الصلاحيات، على أن يبحث في وضع الرئيس بشار الأسد الذي لم يعد في إمكان روسيا الرهان على بقائه أو على إجراء الإصلاحات المطلوبة وهو لا يزال في السلطة خصوصاً بعد التقدّم الذي أحرزته المعارضة على الأرض، وأن روسيا نفسها باتت في هذا الاتجاه، إلا أن الخلاف لا يزال على النظام البديل والحكم البديل. فموسكو حريصة على أن يقوم نظام يحمي الاقليات وحكم معتدل تطمئن اليه، وان يتم الاتفاق على ذلك من ضمن الحلول المقترحة للأزمة السورية وأن يكون جزءا منها إذ يخشى إذا ما تأجل هذا الاتفاق إلى ما بعد سقوط النظام ان تحصل خلافات داخل صفوف المعارضة وحتى داخل الائتلاف المعارض الذي تشكل اخيراً، فيفيد الاسلاميون الاصوليون من هذه الخلافات ويكون لهم الحكم، وان ما يحصل في مصر وتونس وليبيا خير دليل على ذلك.

وإذا كانت الولايات المتحدة متفقة مع روسيا على هذا الرأي من حيث المبدأ، إلا أن الخلاف بينهما لا يزال على التفاصيل التي تتناول تسمية رئيس الحكومة الانتقالية والوزراء والخطوط العريضة للدستور الجديد والقانون الذي ستجرى على أساسه الانتخابات التي ينبثق منها مجلس نيابي يمثل إرادة الشعب تمثيلاً صحيحاً وينتخب رئيساً للجمهورية ويشكل حكومة تؤسس لسلطة جديدة في سوريا.

وفي المعلومات أيضاً أن الولايات المتحدة في ولاية الرئيس أوباما الثانية تعد العدة لمواجهة شتى الاحتمالات في التصدي للأزمة السورية وتخيّر روسيا بين الحلول الآتية:

أولاً: حل سياسي يبدأ بتشكيل حكومة انتقالية تنتقل إليها كل الصلاحيات وينتهي مع تشكيلها حكم الرئيس الاسد ونظامه ويصير اتفاق على ان يكون خروجه من سوريا مشرفاً الى المكان الذي يريد.

ثانياً: أن يبدأ الدعم العسكري غير المباشر للمعارضة السورية وذلك بتزويدها أسلحة متطورة تمكنها من حسم المعركة.

ثالثاً: اتخاذ الاجراءات العسكرية الضرورية ولا سيما في دول الجوار وتركيا تحديداً تحسباً للتداعيات عند سقوط النظام إذا ما تدخلت أي دولة حليفة له مثل إيران لتشعل حرباً واسعة في المنطقة، وما نصب صواريخ "باتريوت" في تركيا سوى بداية لتنفيذ هذه الاجراءات.

وتعتقد مصادر ديبلوماسية ان لا مصلحة لروسيا ولا حتى لإيران في تدويل عسكرة الازمة السورية لأن ذلك لن يكون في مصلحة أحد وخصوصاً سوريا التي ستتعرض للدمار والخراب الواسعين من دون إنقاذ النظام الذاهب نحو السقوط بفعل المواجهة العسكرية الداخلية وحدها.

والسؤال المطروح هو: أي موقف سيكون لروسيا أولاً وإيران ثانياً من هذه الحلول بعدما بات للأزمة السورية تداعيات سياسية وأمنية واقتصادية على دول الجوار إذا ما طالت، ويكون الاسلاميون الاصوليون هم المستفيدون من إطالتها على حساب المعتدلين، وهو ما يثير ليس قلق روسيا وحدها بل دول الغرب أيضاً وأنظمة الاعتدال في المنطقة. فهل يتم التوصل إلى اتفاق مع روسيا على حل سياسي قريب للأزمة السورية، أم أن عدم التوصل اليه قد يفرض على الولايات المتحدة وحلفائها حلاً آخر؟

=================

"حزب الله" بعد ان يخسر سوريا

علي حماده

2012-12-08

النهار

كل العواصم العربية والاجنبية المعنية بالازمة السورية تتعامل مع نظام الرئيس بشار الاسد على اساس انه شارف السقوط. وللمرة الاولى ثمة تقديرات استخبارية غربية جدية تتحدث عن اسابيع تفصلنا عن النهاية، فضلا عن تسريبات مصدرها الحكومة الروسية تفيد بأن موسكو لا تتمسك ببقاء الاسد او النظام بل انها تفرمل المسار الانحداري وتهتم بما بعد الاسد في اطار الاستراتيجية الاوسع لروسيا الاتحادية وموقعها في المنطقة.

ومن دلالات النهاية المتفق عليها ان الحرب انتقلت الى الدائرة الاضيق حول مدينة دمشق، حيث صار القتال يدور على مسافات قريبة جدا من القصر الجمهوري الرابض فوق جبل قاسيون. وقد يكون توالي سقوط عدد كبير من القواعد العسكرية والمطارات وتعطيل مطار دمشق الدولي دلالة اضافية على ان النظام بعدما فقد المبادرة في الاطراف والارياف وعلى النقاط الحدودية مع تركيا والعراق والاردن، يفقد اليوم المبادرة في قلب المركز، ويقاتل عند الخطوط الخلفية. وعلى رغم كثرة السيناريوات التي تتحدث عن خطة انكفائية للنظام الى منطقة الساحل ذات الثقل الديموغرافي العلوي، تبقى العاصمة دمشق مركز الشرعية والمؤسسات الحكومية التي يستحيل على الاسد ان يحملها معه وهو يغادر الى آخر معاقله. هذا ان غادر حيا.

بناء على ما تقدم، لا يمكن "حزب الله" ان يكون غريبا عما يحدث في سوريا، وهو اكثر من يدرك حراجة وضع النظام في دمشق، واكثر المدركين لمحدودية قدراته على مساعدة النظام بكفاءة مع الانقلاب الواضح في موازين القوى على امتداد البلاد. والحال ان ثمة فارقا مهولا بين ان تكون للحزب سوريا حليفة وحامية وحاضنة، وبين ان تكون معادية ليس في السياسة فحسب بل على اسس ثأرية، ومذهبية شديدة الحدة.

صحيح ان "حزب الله" سيبقى بعد انهيار النظام في سوريا المُمسك الاساس بالجمهور الشيعي في لبنان، ولكن ثقله الكبير محليا يتجه نحو ضمور، بمعنى ان موازين القوى بصرف النظر عن القوة العسكرية المحدودة الفاعلية داخليا ستتغير حكما. من هذا المنطلق ستتلاشى قدرة الحزب على مواصلة فرض حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، ومعها قدرته على فرض السلاح وسيلة للاحتكام في الخلافات السياسية الداخلية، واخيرا قدرته على اشعال حرب لمصلحة الاجندة الايرانية في ظل بلوغ الاحتقان الداخلي حدودا قصوى. ولذا فإن "حزب الله" مدعو الى المسارعة لعقد تسوية سياسية داخلية مع القوى الاساسية المناهضة له، بهدف حماية البلاد من تداعيات انهيار النظام في سوريا، ولحماية البقية الباقية من مشروعه، وقد شارف النهاية ايضا مع تبدل المشهد العربي. واول التسوية القبول بالتخلي عن الحكومة، والبحث عن صفقة مع القوى الاستقلالية الممثلة لما يفوق نصف الشعب اللبناني. وبغير ذلك لن يستقيم الوضع في لبنان ولن يسلم "حزب الله" من آثار انهيار النظام السوري الدراماتيكية.

=================

زيارة اللاجئين لن تحل الأزمة السورية

2012-12-08 12:00 AM

الوطن السعودية

تأتي زيارة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أمس إلى مخيم "الزعتري" بالأردن في وقت يواجه فيه اللاجئون السوريون ظروف حياة صعبة مع دخول موسم البرد وابتعادهم عن وطنهم، وحاجتهم لكثير من متطلبات العيش الكريم، فقد نزحوا مرغمين من ديارهم بحثا عن الأمان بعد أن أحرقت قوات النظام السوري الأخضر واليابس وهدمت الأبنية ودمرت مدنا بأكملها تقريبا.

وعلى الرغم من تعاطف الأمين العام للأمم المتحدة مع اللاجئين وبقية الشعب في كلمته التي ألقاها ظهر أمس في المخيم؛ إلا أنه يدرك أنهم ليسوا بحاجة إلى التعاطف بقدر ما يحلمون بتوقف الحرب وعودة البلاد إلى ما هو أفضل من وضعها السابق من حيث الأمان والاستقرار بعد زوال النظام. فـ"بان كي مون" يدرك مثل قادة الدول الكبرى أن رحيل بشار الأسد يعني نهاية الأزمة وبداية مرحلة استعادة التوازن لسورية. وأي خيار غير ذلك لن يكون حلا من خلال المؤشرات على أرض الواقع منذ وجّه "الأسد" نيران أسلحة قواته العسكرية إلى شعبه، إذ بدأ بالرصاص الحي، وتصاعدت الأمور لتصل إلى قصف الأحياء بالصواريخ من الطائرات المقاتلة.

يعرف بان كي مون أن زيارته الأخرى إلى اللاجئين السوريين في تركيا، لا تختلف في نتيجتها عن زيارته أمس للاجئين في الأردن وعن كل الزيارات التي قام بها مسؤولون كبار من دول كثيرة ومن الهيئات التابعة للأمم المتحدة. فالنظام متعنّت في موقفه بعد إغلاقه الطرق أمام كل الحلول السلمية والسياسية، وتلاعبه بالمبادرات العربية والدولية مستغلا إياها لكسب الوقت كي يقمع ثورة شعبه.

وإذا توجهنا إلى لاجئي الداخل وجدنا معاناتهم تماثل، بل تفوق، معاناة لاجئي الخارج، فمن في الداخل يتعرضون للأذى والقتل من قوات النظام من غير رحمة متى ما سنحت الفرصة، ولا تصل إليهم المعونات الدولية إلا ما ندر في بعض المناطق القريبة من الحدود. ويعيشون بالإمكانات الذاتية للأماكن التي نزحوا إليها. ومثل لاجئي الخارج كل أملهم أن يستقر وطنهم. وهذا الاستقرار لن يحصل إلا برحيل النظام، والرحيل مرهون بتقدم أكثر للثوار، أو توقف دعم بعض القوى الكبرى للنظام السوري، واتخاذ قرار دولي حاسم.

=================

الجدل البيزنطي

حسين العودات

التاريخ: 08 ديسمبر 2012

البيان

بقيت المعارضة السورية منذ بدء الانتفاضة حتى الآن تناور وتداور وتختلف حول وحدتها وبرنامجها وقيادتها، كما اختلف أهل القسطنطينية حول جنس الملائكة إن كانوا ذكوراً أم إناثاً، وكادت تقوم بينهم حرب أهلية، مما سهل للقائد التركي محمد الفاتح احتلالها وإسقاط الإمبراطورية البيزنطية، ومنذ ذلك الوقت ذهب مثلاً القول (بالجدل البيزنطي). ويبدو أن المعارضة السورية تعيد الكرة بشكل مختلف وبما يتناسب مع ظروف العصر، وقد أدى اختلافها إلى تنحيتها جانباً وسلبها أي قدرة حقيقية على التأثير في الأزمة السورية وفي مستقبل النظام السوري، رغم محاولة هذه المعارضة أن تتحول من المجلس الوطني السوري إلى هيئة ائتلاف قوى المعارضة والثورة.

تشكل المجلس الوطني في الشهر التاسع من عام 2011 خلال أيام، وكان عبارة عن تجمع شخصيات وطنية سورية تعيش في المهجر متحالفة مع بعض التنظيمات السياسية الأخرى، وعلى التحديد مع الإخوان المسلمين وإعلان دمشق، وكان تشكيله المتسرع رداً على تشكيل هيئة التنسيق الوطنية التي كانت قد شُكلت في الداخل السوري قبل شهرين من ذلك التاريخ.

ولم تُتح الفرصة للمجلس الوطني بسبب استعجال تشكيله، لإعداد برنامج شامل يسير في هديه، فتبنى موضوعاً واحداً وحيداً كبرنامج هو الدعوة للتدخل العسكري الأجنبي لإسقاط النظام الاستبدادي السوري، دون أن يهتم بإعطاء الأولوية لوحدة المعارضة مع الحراك الشعبي، وبوضع برنامج نضالي داخلي من شأنه تفكيك النظام السياسي و إسقاطه.

ودون حتى أن يأخذ في اعتباره أن التدخل العسكري الأجنبي ليس قراراً يتخذه هو وإنما تتخذه دول لها مصالحها وحساباتها واستراتيجياتها، واستمر المجلس الوطني مصراً على تحقيق هذا الهدف وبيع الوهم للشعب السوري دون امتلاك شروطه الموضوعية، واعتقَد أنه هدف في متناول اليد وأن التدخل العسكري قادم، وسيـأتي فرسان المجلس الوطني في إثره على أحصنة بيضاء ليحكموا سوريا، ولذلك رفضوا واقعياً مباشرة أو مداورة، أي وحدة للمعارضة السورية، ليستأثروا هم وحدهم بوراثة النظام.

ومن أجل تحقيق هذا الهدف تنازلوا كثيراً لدول أخرى، وأذعنوا لمطالبها، ونقلوا حل الأزمة السورية إلى الخارج، وأشغلوا أنفسهم بالسفر والمؤتمرات والتصريحات التلفزيونية الاستعراضية والنارية، واعتقدوا أن هذا الحراك يحل المشكلة ويسقط النظام ، ولكن قيادة المجلس الوطني ما لبثت أن أدركت أن المسألة أكثر تعقيداً مما تظن وأن الفجوة ازدادت بين المجلس وبين أطراف المعارضة الأخرى وبينه وبين الحراك الشعبي ثم بينه وبين المعارضة المسلحة، وبقي وحيداً في ميدانه، مرتهناً لمن يقدم له المساعدات.

 حتى أعلنت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية بنفسها فشله، وبدأ المجلس يتصدع ويتفكك وكاد أن يتلاشى، إلى أن اضطر لإعادة هيكلته أمام انعقاد مؤتمر هيئة الائتلاف الصاعدة والمدعومة من الدول نفسها التي كانت تدعمه، وقبل بالترضية بأن يكون ثلث أعضاء الجمعية العمومية للائتلاف من بين أعضائه.

جاء الائتلاف الذي عُقد في الدوحة، وريثاً للمجلس الوطني ويبدو أنه بدأ يسير في الخط نفسه الذي سار عليه المجلس الوطني، أي أنه لم يهتم كثيراً حتى الآن في برنامجه بوحدة فصائل المعارضة ولم يشر إليها، وأخذ ينادي بطلب الدعم العسكري الأجنبي، وتجاهل وضع برنامج سياسي شامل متعدد الجوانب لحل الأزمة السورية، كما تجاهل إقامة علاقات جدية مع الحراك الشعبي، ومع فصائل المعارضة الأخرى، وخاصة المعارضة المسلحة. وهكذا يكاد يقع في أخطاء المجلس الوطني، كما سار الخطوة الأولى في التحول إلى هيئة بيروقراطية، يهتم أولاً بتشكيل اللجان، وبعقد المؤتمرات وإطلاق التصريحات النارية دون تأثير جدي في الأزمة السورية.

وهكذا، وأمام أخطاء المعارضة الداخلية والخارجية وعجزها عن وضع برنامج نضالي وممارسته، تحول حل الأزمة السورية إلى يد القوى المسلحة المتصارعة، أعني الجيش السوري من جانب والمعارضة المسلحة من جانب آخر، وتهمش دور القيادة السياسية للنظام من جهة وقيادة المعارضة السياسية من جهة أخرى، فما زالت المعارضة تبحث عن جنس الملائكة ونُحيت جانباً، دون أن يبقى لها أهمية جدية في حل الأزمة، وتكاد تفقد دورها الذي لا غنى عنه.

إن حل الأزمة السورية المستعصية يتوقف الآن على الحسم العسكري كما يبدو، وقد أصبح الحسم الآن حكراً للصراع العسكري، وإذا ما انتصرت المعارضة المسلحة (ولاشك عندي بأنها ستنتصر) فهي التي ستحدد طبيعة المرحلة الانتقالية وحيثياتها وإجراءاتها، والمراحل التي ستمر بها وطبيعة النظام السياسي المقبل وهيكليته، وكل ما يتعلق بسورية في المرحلة المقبلة، وليس المعارضة السياسية هي التي ستقرر ذلك، ولعل القول بغير هذا هو حراثة في البحر، ولغو لا يؤدي إلى أي قرار.

لعل المفارقة أن سورية تمر بأصعب أزمة في تاريخها، وفصائل المعارضة السورية التي ناضلت عشرات السنين ضد هذا النظام الاستبدادي القمعي، والتي اكتسبت خبرات هامة من خلال نضالها، لم تستطع حتى الآن، أن توحد جهودها، وتقرر برنامجاً موحداً شاملاً لمواجهة هذا النظام، ومازالت تتناقش في تحديد جنس الملائكة، أعني تتجادل في شروط وحدتها أو توحيد جهودها، لتصد عن الشعب السوري غائلة الاستبداد والقمع والقهر والتدمير، ومازالت تنتظر الخارج كي يقرر مستقبل الشعب السوري، بدلاً من أن تعتمد على إمكانيات شعبها بالدرجة الأولى ، فلن يكون الدعم الخارجي سوى عامل مساعد فقط .

=================

كيماوي الأسد

عامر أرناؤوط

عكاظ

8-12-2012

أثارت ردود فعل الخارجية السورية النافية عزمها استخدام الأسلحة الكيميائية ضد شعبها حملة غربية ــ عربية متواصلة ومركزة حذرت من خطر انتقال واستخدام هذه الأسلحة بفعل تصدع وتداعي النظام هناك. هذه الردود النافية تحمل تأكيدات قطعية بوجود هذا الخطر الداهم المحتمل، وتزيد من فرص التصعيد الإقليمي والدولي باعتبار أنها تقوض الأمن فيه، وتشكّل خطرا استراتيجيا على دول المحيط السوري سواء القريب جغرافيا من مناطق تخزين هذه الأسلحة، أو الذي يمكن أن يكون عرضة لمرماها بفعل ضعف الدولة السورية، وتفسخها وانحلال قدرتها على الإمساك بمساحة الوطن السوري.طبعا هذا التصعيد الإعلامي غير المسبوق مهد موضوعيا لنشر صواريخ الباتريوت على الحدود التركية ــ السورية، ويمكن أن يشكل مادة إجماع دولي قد يخترق هذه المرة الفيتو الروسي ــ الصيني انطلاقا من قناعة ربما أصبحت لدى روسيا والصين أن النظام السوري فقد قدرته على الحكم، وبات قاب قوسين أو أدنى من الانهيار، فهل يمكن أن يفعلها بشار الأسد كما فعلها علي المجيد في العراق؟ ليتحول بشار بعدها إلى بشار « كيماوي الأسد» أم أن هذه الأسلحة خرجت أساسا من سيطرته وربما تتحضر بفعل التفاهم الروسي ــ الأمريكي للدخول ولو خارج القرارات الدولية لحماية بلده أولا، وتجنيب المنطقة ويلات استخدام متهور محتمل. فإن كان الاستخدام أمرا واردا في أي لحظة فأعتقد أن اللعبة اقتربت من خط النهاية، وأن الأسد الذي يسمع عقارب ساعة النهاية تضج بها أذناه ربما يفاجأ بمقرب منه يتركه لكن هذه المرة ليس بهدوء جهاد المقدسي إنما بصخب يطيح برأسه محققا العدالة للسوريين، ومنتصرا للآلاف من المظلومين هناك فالعدل يقول: القاتل يقتل ولو بعد حين.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ