ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 29/11/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

مقالات مختارة من الصحف العربية ليوم

28-11-2012

محاولة لإعادة الاعتبار لشعار الحرية

مازن كم الماز

2012-11-27

القدس العربي

أحيانا يكاد المرء ينسى وسط الخضم المتلاطم لهذا الصخب، المفيد مع ذلك، وحتى الجميل، نكاد ننسى لماذا قام السوريون بثورتهم. وسط هذا التخوين ووسط عبارات التكفير الدينية والعلمانية يجد المرء نفسه بينما يحاول أن يفكر ويقول رأيه بشيء من الحرية وقد شل عقله أو لسانه بسبب نوبة رهاب مشابه لرهابه المرضي القديم من رجل المخابرات. إن التخوين أو التكفير هو وسيلة إرهاب فكري وعقلي قبل أي شيء وهو اللغة الوحيدة التي تتقنها الديكتاتوريات والقوى السلطوية الشمولية، الشيء الوحيد الذي يحد من تأثيره المدمر على حرية التفكير والتعبير عند السوريين اليوم هو أن الجميع يمارسه على قدم المساواة ودون أن يدعمه إرهاب جسدي موازي. الغريب في الموضوع أن القوى التي تدبر في وضح النهار لسلب السوريين حريتهم إذا نجحت في الاستيلاء على ثورتهم هي التي تتمتع بأكبر قدر من الوقاحة في تكفير كل من يعترض على دعواتها العلنية الصريحة لفرض نير استبدادها على السوريين وتعتبر كل شكوى أو تردد أو نقد لمحاولتها هذه في أن تأخذ مكان النظام في استعباد السوريين 'خيانة' أو 'كفر' ليس فقط بمقدسها بل بالثورة نفسها، طعنة موجهة للثورة.

يجد البعض اليوم صعوبة بالغة حتى في لفظ كلمة الحرية. تماما كما كان عليه الحال في أيام الصمت المرة، ذلك الليل الطويل الذي فرضته الديكتاتورية على عقولنا وأجسادنا وأرواحنا طوال عقود. الحرية التي كان يفترض أن تكون أساس حياتنا القادمة بعد إسقاط النظام، التي مات من أجلها وعذب الآلاف، يحاول البعض أن يجعلها مرة أخرى كلمة سرية مطاردة، مجرد هرطقة. لا يجب هنا تبسيط المسائل واتهام الإسلاميين، رغم أن هذا الاتهام قد يكون مبررا فعلا، بأنهم وحدهم من يمارس عملية الترهيب هذه بشكل منهجي كمقدمة غالبا لسرقة الثورة من أصحابها. الحقيقة أنه لا يمكن اليوم التمييز بين خطابات أغلب علمانيي وإسلاميي المعارضة السورية كما يصفون أنفسهم إلا بشخوصهم، فممارسة العنف والإرهاب الفكري والروحي هي سمة مميزة لأغلب القيادات السياسية للمعارضة، وإلى حد ما أيضا لمن يمارس الفعل الثقافي وإن على استحياء أكبر .. بالنسبة للإسلاميين الموضوع 'بسيط' جدا، إنهم تجسيد المقدس على الأرض وهذا التماهي المزعوم بالمقدس يكفي لكي يتوجوا أنفسهم آلهة فعليين على هذه الأرض. بالمقابل أثبت علمانيو المعارضة أيضا أنه لا مشكلة لديهم لا في الخطابات الطائفية التي أتقنوها ومارسوها برطانة لا تقل عن الشيخ العرعور ولا في رفعهم الشعار الستاليني الناصري القديم والقمعي لأي حس نقدي وبالتالي لأي محاولة للتفكير المستقل 'لا صوت يعلو على صوت المعركة' أو في ممارساتهم الترهيبية الأخرى أو غير ذلك من نتاج وعيهم الشمولي. النخبة السورية العلمانية المعارضة لا تمانع اليوم، إن كان ذلك ضروريا، في تحول سوريا إلى دولة تقوم على محاصصات طائفية أو مناطقية، المهم أن تحكم هي تلك الدولة أو تشارك في حكمها. إنها براغماتية لدرجة أن تتبنى خطابا طائفيا لا يتمايز عن الإسلاميين إلا في عباراته الأكثر تهذيبا، رغم أنه يجب أن نعترف أيضا أنها قد تكون صادقة في خطابها الطائفي ولا تراه فقط كتكتيك شعبوي ضروري عابر. نحن مضطرون هنا لأن نميز بين موقف هذه النخب وبين موقف الشارع السني الثائر تحديدا، لأن قسما كبيرا من السنة أبناء حلب ودمشق حذرين من الثورة بنفس درجة حذر أكثرية الأقليات الطائفية منها. تعرض الشارع السني الثائر لعنف همجي واستثنائي منذ بداية الثورة عمل من خلاله النظام جاهدا على استدراجه إلى حرب أهلية مفتوحة قد يرى فيها طوق نجاته من مصيره على يد الثورة. حتى الملائكة لا يمكنها أن تتحمل كم الموت والإذلال الذي مارسه النظام، في كثير من الأحيان من خلال فقراء علويين ضد الفقراء المنتفضين من السنة. لكن إذا كان التطييف بما في ذلك العنف الطائفي رد فعل أكثر من منطقي من جانب الشارع الثائر السني تحديدا، فإن النخبة العلمانية المعارضة، التي تتشكل أساسا من كل الطوائف والأديان بنسب متقاربة إلى حد ما، والتي يفترض أنها لم تعرف يوما لا منطق المحاصصة الطائفية أو حتى المنطق الطائفي نفسه كضد لمفاهيمها اليسارية والقومية سابقا والليبرالية حاليا، والتي لم يقتل أولادها أو يسحلوا أو تغتصب بناتها أو تهدم بيوتها، لا يمكنها أن تختبئ وراء قمع النظام وعنفه الطائفي لتبرر تطييفها هي. لقد تحولت النخبة لأسباب نفعية أو بسبب قصور في فهمها للعلمنة، تحولت من الإيمان بالقومية كدين إلى الإيمان بالدين، أو الطائفة، كقومية. لكن يبدو أيضا أنه يجب أن نلتمس شيئا من العذر مع ذلك للجميع، فالفصام الإنساني الذي تنتجه المعاناة الإنسانية والتناقضات المستعصية في الأنظمة الشمولية والمجتمعات الطبقية المحصنة بمؤسسات قمعية عميقة الأثر بحيث أنها ما تزال صامدة وناجحة رغم آلاف السنين من عمر البشرية ونضالاتها المستمرة، هذا الفصام يصيب الجميع، وأصعب أعراضه هو أننا لا ندركه بسهولة. احتاجت البشرية إلى آلاف السنين لتدرك خطأ اعتقادها بدوران الشمس حول الأرض وإلى محارق وأضاحي بشرية أيضا، لكننا بفضل تلك الكتب المحترقة وذلك الدم واللحم المشوي نتمتع بحياة أفضل نسبيا من أسلافنا. الغريب هنا أن النظام البعثي ثم الأسدي أعاد إنتاج الطائفية وكل أشكال التمييز بين البشر على أساس انتماءاتهم الموروثة بينما كان يدعي إنتاج دولة وطنية جامعة، كان هذا ضروريا لحكمه. اليوم أيضا يمارس علمانيو المعارضة نفس الشيء: يتحدثون عن هوية وطنية جامعة لكنهم بخطابهم الطائفي الصريح أو المبطن، يشاركون بإعادة إنتاج كل ما هو طائفي وغيره من أشكال التمييز بين البشر حسب انتماءاتهم الموروثة كضرورة أيضا للوصول أو المشاركة في السلطة. إننا نبقى في نفس الدائرة الجهنمية المغلقة التي تعود بنا إلى نقطة الصفر دائما. ربما لأننا كعلمانيين لم نختر بعد أن نطلق العنان لعقولنا ووعينا لنفكر بحرية، أو بسخف أو رهافة أو استمتاع، لكي نكتشف أن شمسنا أيضا لا تدور حول أرضنا، وربما لأننا لسنا مستعدين لكي نتسلق المقاصل والمحارق في سبيل ذلك. دائما يبقى الخيار الآخر أفضل: أن تحكم، وتفشل، وتنجو، بينما يعاني أو يموت الآخرون من أن نموت وينجو الآخرون، وربما أن يعيشوا بحرية.

كاتب سوري

================

أنقرة ورهاناتها السورية: إضعاف المالكي أمام أربيل

السفير

28-11-2012

محمد نور الدين

«لم يكن ينقص تركيا سوى أن تنفجر في العراق». بهذه الكلمات عنون الكاتب التركي سامي كوهين مقالته في «ميللييت» حول الأزمة العراقية بين بغداد وأربيل.

فالنزاع بين الحكومة المركزية في بغداد و«حكومة» إقليم كردستان، والذي يكاد يصل إلى مرحلة الحرب، يعني أنقرة مباشرة، فالبوابة البرية الوحيدة المفتوحة أمام تركيا مع جار لها هي منطقة إقليم كردستان وتحديدا بوابة الخابور. وأنقرة طرف في الصراع الداخلي في العراق من خلال تقاربها مع إقليم كردستان بموازاة معاداتها لحكومة نوري المالكي.

وهذا العداء ليس جديدا أو مرتبطا فقط بالأزمة السورية، بل يعود إلى مرحلة الانتخابات الرئاسية والنيابية العراقية قبل سنتين، حيث سعت حكومة رجب طيب أردوغان إلى منع وصول جلال الطالباني إلى الرئاسة ونوري المالكي إلى رئاسة الحكومة، ووقفت داعمة للجبهة التي يرأسها إياد علاوي وضمت «الحزب الإسلامي» بقيادة طارق الهاشمي.

ولا شك بأن محاولة أنقرة استمالة أكراد العراق على حساب الحكومة المركزية كان له وقع سيئ في بغداد، خصوصا مع توقيع اتفاقيات نفط بين أنقرة واربيل مباشرة من دون المرور ببغداد، وهو ما يتعارض مع القوانين العراقية. وتعاظم التوتر بين أنقرة وبغداد مع الدخول غير الرسمي لوزير الخارجية التركية أحمد داود أوغلو، من دون إذن بغداد، إلى كركوك. وأضاف الموقف العراقي المؤيد للنظام السوري، الذي تسعى أنقرة إلى إطاحته، سببا إضافيا لملف سميك من نقاط الاختلاف بين بغداد وأنقرة لم يخل من وقت لآخر من تراشق حاد بالكلمات تجاوز الخطوط الحمر بين المالكي وأردوغان.

لذلك فإن أنقرة معنية مباشرة بالصراع الداخلي في العراق، نظرا لتأثير نتائجه على دور تركيا هناك صعودا أو هبوطا. إذ ان أي انكسار لحكومة المالكي سيعتبر انتصارا لحكومة أردوغان والعكس صحيح.

ويرى سامي كوهين أن أخطر ما تواجهه تركيا أن تنفجر هذه الأزمة في توقيت لا تستطيع أنقرة المساعدة على إخماده. ويقول إن أنقرة في وضع منحاز لطرف دون آخر، وفي حال اندلاع القتال ستكون تركيا الأكثر تأثرا به. ويعتبر أن ما تملكه تركيا الآن، بعد انهيار دورها الوسيط في المشكلات الإقليمية، ليس أكثر من التمني بعدم انفجار الوضع في العراق.

وفي صحيفة «حرييت» كتب حسين يايمان إن مخاطر اندلاع حرب في العراق يهدد وحدة العراق ووحدة الشرق الأوسط. وتساءل «عما إذا كان النزاع هو حول النفط أم على استقلال كردستان، إذ ان الاتفاقات التي يعقدها إقليم كردستان مع تركيا وغيرها حول تصدير النفط واستخراجه والتعاون الاقتصادي من دون بغداد يثير لدى بغداد مخاوف من أن تكون هذه خطوات نحو الاستقلال الكردي الكامل».

ويرى الكاتب تناقضا بين دعوة الحكومة التركية إلى وحدة العراق واختيارها طرفا واحدا للتعامل معه، هو الأكراد، بما يرسّخ أن الموقف التركي يساعد على تقسيم العراق لا العكس.

ويقول إن «خلاف تركيا مع سوريا وإيران وروسيا يجعل من اتفاقها مع أكراد العراق استراتيجيا على المدى البعيد، وهو ما يجعل أنقرة تقف إلى جانب أربيل في هذا الصراع، وتتهم حكومة المالكي بأنها تعمل على مذهبته. وهكذا تبدو الصراعات الإقليمية في الشرق الأوسط مثل لعبة الدومينو، حجارتها متداخلة بعضها مع بعض. الجميع يلعب في كل الساحات حيث تؤثر التطورات في إحداها على الأخرى. وما تأمله تركيا أن يكون إضعاف المالكي خطوة على طريق إسقاط النظام في سوريا. فهل تنجح أنقرة في رهانها الجديد في العراق أم تسقط مجددا في خطأ الحسابات».

=================

أحداث المنطقة وأسئلة بحاجة لأجوبة

باسم الجسر

الشرق الاوسط

28-11-2012

من كان قادرا على تحليل منطقي للأحداث التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط، والتوصل إلى تحديد الكاسبين والخاسرين من جرائها، أو إلى أين ستقود المنطقة.. فليرفع إصبعه؟! وإلا فليطرح الأسئلة التي سنطرحها في هذا المقال، مع إقرارنا سلفا بصعوبة الجواب عليها.

سؤال على ماذا يدل أو يخفي هذا التعاون بين الرئيسين، الأميركي والمصري، في تحقيق الهدنة بين إسرائيل وحماس على جبهة غزة؟ هل كانت أسبابه اقتصادية (قرض البنك الدولي) أم لتخليص حماس من سوريا وإيران؟ أم ترجمة لتسليم واشنطن بالتعامل مع الإسلاميين؟

سؤال آخر عن حقيقة موقف إيران من حماس؟ هل ستواصل دعمها لها أم تتوقف عنه بعد أن توفر لحماس داعمون آخرون؟ وحقيقة موقف حماس من الثورة السورية، بعد احتضان مصر وقطر لها؟

وسؤال عن هذا الدعم السياسي العلني المفاجئ للنظام السوري من قبل الحكومة العراقية؟ وأسئلة أخرى حول ذهاب رئيس السلطة الفلسطينية إلى الأمم المتحدة قبل المصالحة مع حماس (إذا تمت)؟ ولماذا لم يقتنع بنصيحة الرئيس الأميركي، الذي يراهن البعض على أنه في ولايته الثانية، سوف يلقي بكل وزنه لتحقيق السلام وقيام دولة فلسطينية؟ ثم لماذا تحرك إسلاميو الأردن وقامت المظاهرات الضخمة فيه وتجدد الحديث عن حل القضية الفلسطينية مع الأردن أو على حسابه؟ ولماذا تراجع الاهتمام الدولي بالثورة السورية، قبل وبعد أحداث غزة؟ وأين صارت المشكلة النووية الإيرانية، والتهديد الإسرائيلي بقصف المفاعل الإيرانية؟

عشرات الأسئلة التي لا تتوفر أجوبة واضحة أو حاسمة عليها. لا عند المراقبين والمحللين فحسب، بل عند أصحاب الشأن والقرار. ابتداء بالبيت الأبيض وانتهاء بحماس وفتح، مرورا بالعواصم الأوروبية التي تلاعبت بمصائر شعوب الشرق الأوسط والعرب والمسلمين، قرونا، والتي باتت، اليوم، تتعاطف مع بعض قضاياهم العادلة، دون التجرؤ على إغضاب إسرائيل وأنصارها القابضين على زمام المال والإعلام في الغرب؟

إنها أسئلة قديمة ومتجددة. حاولت الأجيال العربية المتعاقبة الإجابة عليها، بالانقلابات والثورات وتجارب الاتحادات، وبتبني أيديولوجيات قومية واشتراكية ودينية، وصولا إلى الربيع العربي الأخير الذي رفع فوقه علمان: علم الإسلام وعلم الديمقراطية. وماذا كانت حصيلة عامين تقريبا من هذه الثورات التي اعتبرها البعض في مستوى الثورات الكبرى في تاريخ البشرية؟ هل هو ما نراه في مصر وفي تونس وفي سوريا والأردن وغيرها، من مجابهات واصطدامات بين الديمقراطيين والإسلاميين، وما لا تبشر بأي خير، بل تحمل الشعوب على الندم على الاستقرار الذي كانت تنعم به قبل الربيع العربي.

من الواضح أن كسر هذه الحلقة المفرغة يحتاج إلى حدث ضخم: خارجي، أو إقليمي كقيام الدولة الفلسطينية الممهد لتحقيق السلام بين إسرائيل والعرب، بضغط الولايات المتحدة والدول الكبرى على إسرائيل. أو بتغيير النظام الحاكم في إيران أو تغيير هذا النظام لسياسته الإقليمية. أو بقيام حلف تركي – مصري – سعودي – خليجي - أردني، بوجه طموحات إيران ومشاريعها الإقليمية. أم بسقوط النظام السوري؟ أم بقيام ديمقراطيات عربية على أنقاض الأنظمة الديكتاتورية التي أسقطها الربيع العربي؟

كل هذه الخطوات لا تصب في مصلحة إسرائيل وستعمل على منعها أو إحباطها، كما فعلت سابقا ولا تزال. وهي تملك أكثر من سلاح حربي وسياسي وإعلامي ومخابراتي، لإجهاض أي خطوة أو محاولة تراها مهددة لمصلحتها الراهنة والمستقبلية. وأهم سلاح لديها هو تحريكها لكل التناقضات والرواسب الخلافية في الواقع الثقافي والاجتماعي والمذهبي العربي والإسلامي، فتتمزق الأمتان العربية والإسلامية أكثر فأكثر إلى دويلات طائفية ومذهبية وعرقية متناحرة وملتهبة بنزاعاتها بدلا من توحيد صفوفها لمقاومة التحدي الإسرائيلي واستعادة الحقوق الفلسطينية والعربية. والنهوض بشعوبها إلى مصاف الأمم المتقدمة والمشاركة في بناء حضارة القرن الحادي والعشرين.

إن من يتأمل في المشهد العربي والإسلامي الراهن، وعلى الأخص في ما يجري في سوريا والأردن ومصر وتونس ولبنان أيضا، لا يسعه سوى الإمساك بقلبه هلعا مما يخبئه الغد القريب. أي ثورات جديدة ونزاعات طائفية ومذهبية. أي تفكك بعض الدول إلى دويلات. أي تحول الشرق الأوسط برمته إلى «رجل مريض»، كما كان يطلق عليه من وصف في القرن التاسع عشر.

ومما يزيد «حالة المريض» خطورة هو أن الحرب الباردة الجديدة بين الغرب الأميركي - الأوروبي والشرق الروسي - الصيني، تكبل أيدي هذه العواصم وتعطل أي مبادرة دولية لحل المشاكل والأزمات التي يتخبط فيها الشرق الأوسط، وأن سياسة الرئيس أوباما الخارجية تستبعد أي تدخل عسكري في هذه المنطقة من العالم، بعد ما أدى إليه تدخلها في العراق وأفغانستان من نتائج لا تتفق مع أهدافها أي مقاومة الإرهاب وتحقيق الديمقراطية واحتواء مشاريعها الهمايونية. وإيران ودمشق وموسكو تعرف ذلك وتراهن على التناقضات لزيادة المشاكل تعقيدا، وحلها صعب.

منذ شهر كانت مهمة الأخضر الإبراهيمي وأخبار الثورة في سوريا تحتل صدارة الأخبار في وسائل الإعلام. واختفت اليوم. لماذا؟ سؤال آخر يضاف إلى الأسئلة المطروحة في مقدمة المقال. ولعله الأكثر أهمية.

=================

الثورة السورية بخير

طارق الحميد

الشرق الاوسط

28-11-2012

انشغل الإعلام العربي، وكثير من الناس، على مدى خمسة عشر يوما، أقل أو أكثر، عن تفاصيل أحداث الثورة السورية، وكان ذلك الانشغال محصورا بين حرب الأيام الثمانية بغزة، ثم قرارات الرئيس المصري الانقلابية، ولكن رغم ذلك فإن الثورة السورية بخير، وتسير في الطريق الصحيح الذي سينتهي قريبا بإسقاط طاغية دمشق.

الثورة السورية بخير لعدة أسباب، أهمها، أن السوريين تأكدوا أن الممانعة والمقاومة ليست كذبة أسدية وحسب، بل وكذبة حماس، وحزب الله، وإيران، فحرب الثمانية أيام في غزة أظهرت أن حماس ليست إلا طالبة حكم، حيث تريد اليوم إقرار مبدأ «السلام مقابل الحكم» وليس السلام مقابل الأرض. فكل هم خالد مشعل أن يكون بديلا لمحمود عباس، وهذا ما تقوله تصريحات مشعل نفسه، والأكثر وضوحا منها تصريحات الزهار التي قال فيها إنه لو زار عباس غزة فسيتم اعتقاله. وهذا يكشف حجم الصراع داخل حماس نفسها، وتلك قصة أخرى، ولكنها تذكير لمن يقفزون على الحقائق. والثورة السورية بخير لأن السوريين تأكدوا أن حماس وحزب الله، مهما قالوا، فإنهم حلفاء إيران التي تدعم بشار الأسد بالأسلحة والأموال لقتلهم يوميا، خصوصا أن عدد القتلى السوريين قد وصل الأربعين ألفا.

والثورة السورية بخير لأن الأسد لم يستطع استغلال فترة انشغال الإعلام، والعالم، وكثير من العرب، بحرب الأيام الثمانية بغزة، أو القرارات الانقلابية بمصر، بل إن الثوار السوريين واصلوا الزحف نحو دمشق، وبات الأسد محاصرا أكثر من أي وقت مضى، ولم تستطع إيران، أو روسيا، ومعهم حزب الله، تغيير المعادلة على الأرض، بل إن السوريين، وبسواعدهم ودمائهم، يخوضون المعركة، ويتقدمون يوما وراء آخر لمحاصرة قصر الطاغية، وها هي المواقع الحيوية لقوات الأسد تسقط بيدهم موقعا تلو آخر، ومنجزهم السياسي يتقدم أيضا يوما بعد يوم، في العالم العربي، وأوروبا، بينما رموز النظام الأسدي، من فاروق الشرع، ووليد المعلم، وبثينة شعبان، تلوذ بالصمت بارتباك واضح.

والثورة السورية بخير أيضا لأنها ستصل إلى هدفها وقد انكشفت كل الأوراق في المنطقة، حيث انقلب السحر على الساحر.. انفضح الإخوان في مصر وتونس، وبانت عواقب الإقصاء في العراق الذي حاول نوري المالكي هو الآخر استغلال الانشغال العربي بغزة ومصر للانقضاض على الأكراد. فقد اتضح للسوريين أن لا مجال للإقصاء، ولا مكان لسيطرة اللون الواحد، والحزب الواحد، سواء كانوا من الإخوان المسلمين، أو العسكر، أو فصيل تابع لهذا أو ذاك، فإما أن يسقط السوريون الأسد وينضموا لركب المناكفين، والمتأخرين، العرب، أو أنهم يبدأون من حيث انتهى الآخرون في دول الربيع العربي، وقبله العراق. فالكرة الآن في ملعب القوى الثورية السورية، فلا عذر لهم، حيث ليس بإمكانهم التعذر الآن بنقص الخبرة، أو قلة التجربة، فكل شيء حولهم في العالم العربي يقول لهم كونوا أفضل، واعتبروا من غيركم، خصوصا أن اللعب الآن على المكشوف، بمعنى أن يكون الدستور أولا، ولا إقصاء. ولذلك فإن الثورة السورية بخير، وكل ما تنتظره الآن هو إسقاط الطاغية بشار الأسد، وهو أمر اقترب أكثر من أي وقت مضى.

=================

خطة الإبراهيمي.. لإنقاذ من؟

عبدالرحمن الراشد

الشرق الاوسط

28-11-2012

لا نعرف ماذا يطبخ المندوب الأممي الأخضر الإبراهيمي من أجل وقف الحرب في سوريا، فهو الشخص الوحيد الذي يمثل الأمل الأخير لإنهاء القتل والتدمير، ومكلف بحل أهم قضية تشغل منطقة الشرق الأوسط، ولنتائجها آثار إلى ما وراء عوالمنا.

في ظل صمته، والفراغ المعلوماتي، من الطبيعي أن نقلق مما ينسب إليه، رغم أنه كذب الروايات المنسوبة إليه في كل مرة. هذه المرة يروى أنه يدور في العواصم المعنية في سبيل تسويق مشروع جديد، فيه يتخلى بشار الأسد عن الحكم بعد أكثر من عام، وتخلفه في الحكم القوى المختلفة بالتنافس في انتخابات تحت إشراف دولي.

وبسبب التكتم الإبراهيمي المستمر، نحن مضطرون لأن نعتبره أحد الحلول المحتملة، خاصة أنه يحمل بصماته، حيث عرفنا أسلوبه التصالحي الذي يبحث عن حل وسط مقبول للأطراف كلها. هنا لا بد أن نتساءل: هل فكرة استقالة الأسد وإجراء الانتخابات مخرج جيد للأزمة، أم أنها مشروع أزمة يعقد القضية ولا يحلها؟

في رأيي طرح كهذا فاشل ومحكوم عليه بالرفض مسبقا، أولا لأنه غير قابل للتطبيق، والأخطر أنه سيقود سوريا إلى حرب أهلية أوسع. سوريا ليست لبنان، ولا أفغانستان، البلدين اللذين عمل فيهما الإبراهيمي مشاريع سلام تشاركية. في سوريا ثورة بين القصر والشارع، وليست صراعا بين قوى محلية كما كان الحال في لبنان وأفغانستان. لهذا على الإبراهيمي ألا يكون حصانا يركبه الأسد والإيرانيون للقفز فوق رؤوس الثوار، وإيصال الثورة السورية إلى معادلة اشتباك متعددة الأطراف تعطي الأسد الفرصة لأن يكون طرفا في الحل بعد أن كان سبب المشكلة. هذه ثورة شعبية عارمة ضد النظام الذي حاربها، وهو يخسر أمامها ميدانيا. اليوم، هزم الثوار قوات النظام في ريف دمشق، وبالتالي لا يعقل، ولن يقبلوا، منح الأسد فرصة البقاء إلى عام 2014. فالعام الإضافي الهدية سيعني المزيد من الدماء والدمار وتخريب البلاد إلى الأبد. وإذا كان الإبراهيمي يظن أنه قادر على حماية النظام إلى نهاية العام المقبل فهو واهم، نظام الأسد في غرفة الإنعاش ويستحيل إعادته إلى الحياة سياسيا.

إن كان الإبراهيمي يريد إنقاذ سوريا فعليه أن يقنع الأسد، أو إقناع الروس على الأقل، بأن يحمل الرئيس الغارق حتى ركبتيه في الدم حقيبة سفر واحدة ويرحل من الحكم سريعا. الثمن أن يغادر عاجلا، ويسلم السلطة للمعارضة مقابل حقن الدماء، حل مؤقت لن يصبح متاحا عندما يطوق الثوار قصور السلطة في دمشق. الآن، يستطيع تقديم مشروع نقل الحكم للمعارضة الحقيقية، وليست المعارضة المزورة التي أوفدها النظام قبل أيام لعقد مؤتمر في إيران. الحل خروج عاجل للأسد، ونقل السلطة إلى المعارضة السورية، ربما برعاية دولية حتى إجراء انتخابات حرة يختار السوريون من يريدونه رئيسا.

نعرف أن الإبراهيمي سيرد ساخرا، إذا كانت الأمور بهذه السهولة فأنتم لا تحتاجون إلي! نقول إن السوريين ليسوا في حاجة إليه أن يطرح مشروعا سياسيا يطيل الأزمة، ويضفي شرعية على ما تبقى من زمن في رئاسة الأسد، ثم يودع المجرم بحفاوة. لن يغفر أحد للإبراهيمي أي حل مثل هذا، مهما كانت الصعوبات التي تواجهه في ابتداع وسيلة لإطفاء النار المشتعلة. إذا كان الموفد الأممي عاجزا عن التوصل للحل الذي يرضي الشعب السوري، وعاجزا عن رؤية الجرائم التي يرتكبها الأسد كل يوم، وعاجزا عن أن يحث أعضاء مجلس الأمن على وقف الإبادة التي يرتكبها النظام في واضحة النهار، إذن عليه أن يعود إلى بيته ولا يكون شريكا في التغطية على ما يحدث. نحن نعرف ونقدر تحذيراته المتكررة بأن حريق الأزمة السورية سيصل إلى بقية الدول في المنطقة ما لم يتعاونوا معه على حل ما، نحن نقول له ليس صحيحا أن دول المنطقة هي وراء ثورة السوريين، ولا تملك سلطة على وقفها، فعلا لن يمكن لأحد أن يملي على الثوار ما لا يريدونه وهم الآن قريبون من الانتصار أكثر من أي وقت مضى.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ