ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 21/11/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

مقالات مختارة من الصحف العربية ليوم

20-11-2012

المعارضة... قضية وإشكاليات

تاريخ النشر: الثلاثاء 20 نوفمبر 2012

د. طيب تيزيني

الاتحاد

تتسع دائرة الخلافات التي أفصحت عن نفسها في إطار المعارضة السورية في الحالين الجيوسياسيين الاثنين، الداخلي والخارجي، وهي ظاهرة محتملة دائماً في تاريخ المعارضات، عموماً وإجمالاً، بل أكثر من ذلك تمثل المعارضة في الحقل السياسي حاجة وضرورة لاكتشاف ما لا يتضح وما لا يُفصح عن نفسه بسهولة في قضية ما، فـ"الحقيقة" مفتوحة ومتحركة وذات أوجه متعددة، ولذلك فهي نسبية، بمقتضى هذا البُعد المعرفي، وإذا كان هذا البُعد المعرفي لا يظهر غالباً إلا متلبساً بمواقف أيديولوجية، فإن هذا الأمر يغدو أكثر تركيباً، مما يضعنا أمام ضرورة الاحتكام إلى الممارسة التاريخية المركبة، بوصفها صيغة من صيغ المعيارية الكبرى لصدقية أفكارنا وما يكمن وراءها أو أمامها من مصالح أيديولوجية بالمعنى الواسع، ومن شأن هذا أن يشدد على مفهوم التعددية بوصفه مدخلاً منهجياً إلى "الحقيقة".

هكذا تظهر "المعارضة" أمراً طبيعياً لابد من الإقرار به كي لا يُفصح عن نفسه بكيفية غير مباشرة وقابلة للكبت أو للف والدوران، ونلاحظ أن ذلك يصبح أكثر تعقيداً أو إشكالاً في الحالة التي نحن الآن بصددها، تعني المعارضة السياسية التي ظهرت في سوريا في سباق انتفاضة جاءت بعد أربعين عاماً ونيف من هيمنة نظام أمني شمولي، أما على رأس هذا الأخير، فقد وقف حزب يقبض بيد فولاذية على رباعية السلطة، والثروة والإعلام والمرجعية المجتمعية التاريخية المتمثلة في طُغم أمنية تقود "الدولة والمجتمع"، وعلى هذا المدى الطويل حقق النظام الأمني المذكور هدفين اثنين، تمثل أولهما في أن هذا الأخير أسقط السياسة من المجتمع السوري وأحلّ محلها كل ما يتصل بالحراك المجتمعي الباحث عن سبل لتجديد المجتمع وتحديثه وتطويره، أما ذلك فقد ظهر في الرياضة العابثة، واللهاث وراء خدمة الأجهزة الأمنية، والمنظمات الوهمية، خصوصاً منها ما سُمي بـ"الجبهة الوطنية التقدمية"، وبعض المنظمات التي تضبط الأطفال والشباب والطلاب من نمط "الطلائع - طلائع البعث" واتحادات الطلبة والفلاحين والعمال ... إلخ. لكن الهدف الثاني ظهر بقوة ووضوح في ضبطه إمكانات حرية التعبير بمختلف صيغها الحقيقية ضبطاً حديدياً وعبر تدخل فاحش في كل شؤون المجتمع السوري.

نعم لقد سقط المجتمع السوري في قبضة الاستبداد والفساد والإفساد، خصوصاً أن هذا المجتمع راح يعيش حالة من تجفيف احتمالات التغيير والتقدم الديمقراطي، لقد "نسي" الناس الحوار وأصول الاختلاف والنقد الشفاف، وهكذا كذلك أصبح شأن الأحزاب "التاريخية" مثل الشيوعي والبعثي والإسلامي والليبرالي وغير ذلك، حدث ذلك تطويعاً وتعوداً، وانفتحت أبواب محتملة للتخالف والحوار مع ثورة الشباب (هذه الثورة التي تحتاج الكثير من البحث والدرس)، لكن المرحلة الأولى من المذكورة، أي منذ سنة وعشرة أشهر، كانت عامرة بالقلق والشك والخوف، هل سقط الخوف من المخابرات؟ كان هذا سؤالاً كبيراً وصل إلى التجرؤ على الإجابة بـ"نعم".

وفي هذه الأجواء التي استمرت بصيغة حرب عسكرية تدميرية، لجأ إليها النظام الأمني ضد الشعب السوري المنتفض، أخذت المعارضات تنشأ في وجهه، مع العلم أن أشكالاً من "المعارضة" أنتجها النظام نفسه خِلسة، لتخلق عوائق أمام الصيغ الشعبية الشبابية من المعارضة، مما أنتج اضطراباً في اللوحة الخاصة بالمعارضات السورية.

بناء على ذلك قد نضبط ما حدث ويحدث في حقل تلك المعارضات على النحو التالي، أولاً: جاءت هذه الأخيرة وظهرت كأنها دون نسب تاريخي سابق (وهذا ينبغي البحث فيه تاريخاً وبنية، كما سيكون الحال كذلك بالنسبة لأسئلة أخرى). ثانياً: قدرة النظام في البدء على خلط الحابل بالنابل فيما يتصل بالمفاهيم والإشكاليات مثل الانتفاضة والثورة والإصلاح من طرف والمؤامرة الكونية على سوريا وحرب السلفيين من طرف آخر. ثالثاً: تحديد أسئلة ثلاثة تتعلق بكل أشكال التغيير السيوسيوتاريخي، وهي: مَن هو الحامل الاجتماعي لما يحدث في سوريا؟ ومَن هو الحامل السياسي لما نحن بصدده؟ وأخيراً مَن هو الحامل الثقافي لذلك كله؟ رابعاً: معاناة المعارضة الوطنية الديمقراطية من أمراض الأنانية والسطحية وافتقاد الرؤية لدى بعض ممثليها... والآن نواجه حالة نسبية من التحوّل الإيجابي في تشكيل المعارضة الوطنية في الخارج، وعلينا انتظار ما سيجّد.

=================

الائتلاف الوطني وضرورة اليقظة أمام مخاطر السيناريوهات الثلاث

د. سمير التقي

2012-11-19

القدس العربي

لم تعد سورية في خطر وحسب، بل صار الخطر وجودياً كما لم يكن. فبشار الأسد حاول طوال حكمه إثبات أنه أفضل الحلول السيئة، واستمر خلال الثورة كذلك، وهو في مواجهة هذا النمط المجيد الجديد من الثورة الذي ابتدعه شباب وأبطال الحراك الثوري بما هو نقيض تاريخي أرقى للنظام وبما هو نتاج عقل وأداة أكثر تحضراً وتطوراً اجتماعياً وسياسياً من مجمل منظومة النظام، فإن بشار أراد أن يفرض على الثورة من خلال عنفه البربري العاري، وحله الأمني الأخرق، أن تتحول ارتداداً إلى الوراء لتصبح مسخاً متخلفاً من طينته وجنسه.

وبحله الأمني ومنطقه الملتوي حاول بشار شرذمة المعارضة الخارجية، كي تصبح الثورة عنفاً عارياً بربرياً وعصابة بل بندقية بلا عقل، وكائناً أحمق عنيفاً جاهلاً يمضي بلا أي هدف سياسي.

لكن الثورة السورية المجيدة أثبتت أنها تجاوزت سن الطفولة السياسية، وأنتجت بديلها التاريخي المجيد. فلقد فعلها السوريون متفردين، دون انتظار هاتف من أحد ولا صفقات الدولية وإذ يقتات شعبنا اليوم بالفتات ويقسم رغيفه مشتركاً فإن على القوى الدولية أن تستنتج باكراً أن شعبنا لم ولن ينحني لبشار، ولا لأي غاصب غاشم آخر.

لن نقبل إلا أن تكون الثورة ناجزة بإسقاط كامل للنظام بكل رموزه وأدواته، ولن نقبل إلا الاستقلال كاملاً، كما لم نقبل سابقاً بالاستقلال إلا ناجزاً شامخاً عام 1936.

نعم، تقف سورية الآن على أعتاب مخاطر سياسية داهمة ومصيرية. فلقد نجح بشار جزئياً في أن يولد نقيضاً له من جنسه من خلال استشراء التطرف، ومع ذلك فإن السؤال الراهن لم يعد حول مصير سلطة بشار؟ فهو إلى مزبلة التاريخ قريباً لا محالة، بل أصبح السؤال كيف يمكن إنقاذ البلاد من براثن هذا الوحش قبل أن تنهار كل مكاسب وقيم الاستقلال، وكل ما أسسته سورية عبر تاريخها؟.

إن الثورة ليست مجرد شطب لتاريخ ماضٍ، بل هي بناء على أفضل ما أنتجه عقل وفكر وعرَق شعبنا على مدى العقود. فكيف يمكن أن نرضى بأن نخرج بسورية بربع 'حرية' تفتقد لأمجد ما انجزه شعبنا، ألا وهو استقلال الوطن وسيادته.

سورية كانت وستبقى أرض للعروبة والوطنية والتعدد، وإلا ما كنّا جديرين بدماء الثوار. سورية اليوم أمام مخاطر التقسيم والانكشاف التام على القوى الاقليمية الطامعة بمختلف راياتها. ولئن كانت الحرب الأهلية لم تصبح حقيقة عامة بعد، فإنها بلا شك وشيكة، مروعة وفادحة.

ثمة مخاطر ومطامع حقيقية اقليمية ودولية تحاول إعادة هيكلة منطقة سايكس بيكو، وتقطيعها عبر مشاريع تبدأ من فريد زكريا ولا ينتهي عند بريماكوف. فهذا يريد ممراً إلى البحر، وذاك يحاول قطع الطريق عليه واستعادة احلامه الماضية، وفي حين يلهث البعض وراء هذه القوة أو تلك، فإننا نؤكد هنا أن الغرب والشرق على حد سواء لن يتدخل إلا ليقصف بيوتنا وقرانا بحجة تواجد عناصر القاعدة فيها، وكل من يعتقد أن الغرب سيتدخل مباشرة في الصراع لإنقاذنا واهمٌ ومخدوع، ومنطق النصائح والسياسات التي يخرج بها السيد فورد إلى إدارته تذكرنا بالمنطق الاغترابي الكارثي لبرامرتز في العراق. وعلى الثورة ألا تشتري السمك في الماء أبداً، وهذا شاهدٌ آخر على سذاجة وهم التدخل الغربي.

والله لو أن بعض هذه القوى الخارجية سعت فعلاً لتمكيننا من إسقاط النظام وفتح طريق الحرية أمام سورية المستقبل، لاطمأنينا (مؤقتا وجزئياً). لكن العديد من المؤشرات والدلائل تثير خشيتنا وجل ما نخشاه هو صفقة تذهب فيها سورية من يدنا، وتبقي أدوات النظام. فبعد أن شبعنا خطوطاً من كل الألوان، وشربنا كل المقالب التي حرمنا فيها من حقنا في الدفاع عن النفس لن نقبل بأقل من سيادة الثورة. لا حاجة بنا للاستجداء وكل من يدعي ان الغرب لا يأبه لمصائر الوضع في المنطقة يعلم ان الغرب والشرق بات بعد الربيع العربي قلقاً على كل البنى الاستراتيجية التي أسس لها ويخطط لها لاحقاً في المنطقة. نعم سنفاوض ونتفهم ونتبادل المصالح لكن سيادتنا واستقلالنا الناجز وحماية الثورة من اي صفقات تحت الطاولة تجريها هذه القوة الاقليمية أو الدولية أمر لا مساومة عليه. إننا لا ندعو هنا للارتداد نحو سياسة انعزالية او مغامرة بل يجب عمل كل شيء على المستوى الدولي لاختصار درب العذابات المروع الذي سقط فيه شعبنا تحت براثن وحش دمشق ومن الطبيعي والمفهوم ان تؤخذ هنا التحالفات الدولية بعين الاعتبار وأن يجري جهد دبلوماسي وسياسي مضن من اجل التوفيق بين رؤية الثورة لسورية الجديدة ولسيادتها ومصالحها من جهة وبين المصالح الإقليمية المتقاطعة في منطقتنا من جهة أخرى. نحن إذاً امام ثلاثة سيناريوهات مترابطة بتسلسل زمني. أولها أن يغيب بشار الأسد، وينهار نظامه خلال أسابيع أو شهور قليلة مقبلة. في هذه الحالة ينبغي على قوى الثورة أن تكون جاهزة للتشارك مع كل القوى الخيرة وكل فئات الشعب السوري وما تبقى من مؤسسات الدولة لرسم طريق المرحلة الانتقالية. هنا ينبغي على قوى الثورة الأصيلة أن تكف عن القبول بالسير وراء الشعبوية والطفولة السياسية، بل أن تــــقولها وتثبتها الآن بصراحة: إنها ستدافع عن أهلنا من العلويين والمسيحيين والدروز والأكراد، وغيرهم من إخوتنا في الوطن بنفس روح التضحية والتصميم والقناعة التي تقاتل فيـــها النظام الطائفي، الذي نطــــمح لإسقاطه وتفكيك مكوناته. لامجال للالتباس هنا هذه هي النزاهة والقيادة السياسية المطلوبة من أجل سورية المستقبل، ونحن لن نسير خلف أية عفوية عبيطة همجية جنونية تستكمل حريق البلاد. ولا مجال إلا للقول أيضاً أن الثورة ستقتص بسلطة التشريع والقانون من كل من تلوثت أيديهم بدماء السوريين الأبرياء أياً كانوا.

هذه ثورتنا، وهي لن تقبل بأقل من وطن جديد بعيد عن كل ما يمت لطائفية بشار والمطامع الإقليمية والدولية. ولدينا هنا بضعة أسابيع قبل أن يفرض سقوط الشمال من قبضة النظام واقعاً جديداً يحتم على قوى الثورة السورية احباط محاول النظام الاستئثار بدمشق وقطع الطريق على بشار من أن يكون أفضل الحلول الكارثية لسورية.

وإلا فإننا سنمضي نحو السيناريو الثاني: يعلم بشار أن لا أم المعارك في حلب ولا في أختها دير الزور مكتوب لها اية ثمرة، فإن فشلت المعارضة السياسة في توحيد قواها وتأمين الأساس السياسي كشرط لإطلاق التفاعل التسلسلي لمرحلة ما بعد بشار، فإن تفكك الدولة من جهة وتقدم الثوار عبر انتصاراتهم العظيمة في الشمال رغم بدائية وسائلهم من جهة أخرى، سيؤدي إلى أن يسير بشار في السيناريو الذي يعمل عليه منذ الآن، ألا وهو: الاحتفاظ بما تبقى من دمشق سانداً ظهره غرباً إلى حليفه عبر الحدود اللبنانية، آملاً أن يتمكن، عبر سلسلة من المذابح، من تأمين شبه كيان، ليكون مجرد جنرال حرب على رأس شقفة من سورية، عله يكون جزءاً من حل إقليمي ما في المستقبل. وإلا فما معنى تهديد لافروف وفورد بتقسيم سورية؟ .

لكن ماذا لو استمر توازن الضعف القائم بين الثورة وقوى الثورة ولم يتمكن بشار من حرف الصراع في هذا الاتجاه رغم سقوط الشمال؟ وطالما أن بابا نويل التدخل الأجنبي لن يأتي فإننا سننحدر نحو السيناريو الثالث: إذ لا يبقى أمام بشار إلا دفع البلاد نحو حرب أهلية شاملة ومفتوحة.

فأمام سيناريوهات التقسيم أو الحرب الطائفية البغيضة أو مخاطر اختطاف الثورة وتدجينها عبر صفقات او أجندات إقليمية، فان السيناريو الآمن الوحيد هو سيناريو الوحدة والتصميم على السير بالثورة إلى النهاية. العامل الحاسم في قطع الطريق على أي من هذه السناريوهات هو مدى قدرة قوى الثورة والشعب على قطع الطريق سواء على ألاعيب النظام أو على القوى الخارجية المتربصة. إنها الوحدة ثم الوحدة ثم الوحدة.

كان تشكيل الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية انجازاً وطنياً كبيراً. وبغض النظر عن حيثياته وكواليسه المعروفة جاء تشكيل الائتلاف نجاحاً لكل مخلص لقضية الوطن السوري الحر الكريم. إنها محاولة جدية لإنتاج عقل جماعي يكون الأداة السياسية القادرة على قهر هذا الديناصور الذي أنشب أظافره في لحم أطفالنا وتاريخنا ومجتمعنا، وكل ما أنتجه شعبنا منذ الاستقلال. لقد أطلق تشكيل الائتلاف تداعيات مهمة لمصلحة الثورة، وكان انتخاب الشيخ معاذ الخطيب، هذه الشخصية الوطنية المرموقة، خياراً صحيحاً تماماً، ولسنا هنا في معرض مدح الشيخ، لكنه بكل ما يتمتع به من مناقب يشكل عاملاً حكيماً موحداً من جهة، وضمانة مهمة لدرء مخاطر الطريق. وسيلتف لاشك عندي ان الشعب السوري سيلتف بقوة حول الائتلاف تدعيماً وتعزيزاً عبر المزيد من الوحدة.

لكن التجربة علمتنا أن التحديات قد تكون أكبر منّا جميعاً. فالثورة لن تمحض مصيرها على عماها لأي كان سوى لروحها الحرة التي لن تقبل إلا بالخلاص التام من كل أمراض وبقايا المرحلة السابقة.

الطريق لا تزال محفوفة بالمخاطر والمنزلقات. ومن يعرف تاريخ سورية الوطني يدرك أن القضية الوطنية فيها كانت وستبقى أهم الأقانيم التي تحدد الوعي السياسي والاجتماعي للشعب السوري. إن يقظة الشعب ستبقى تترقب كل خطوة سيخطيها الائتلاف، ونحن نثق أن الائتلاف لن يقبل إلحاق الثورة بأية أجندة غير الأجندة الوطنية الموحدة الجامعة للشعب السوري الحر بكل مكوناته وطوائفه، ومن هذا المنطلق، وبغض النظر عما يحتاجه الائتلاف من مأسسة وتطوير لأدواته السياسية والتنظيمية، فإن ثورتنا وائتلافنا الوطني يحتاجان إلى الحذر والتنبه الشديد من تلك الصفقات التي قد تدبّر من وراء ظهر الثورة. نحن لا نقصد توتير ولا تعقيد علاقاتنا في هذه المرحلة مع أي من الأطراف الدولية، لكن عيوننا ستبقى مفتوحة. فسورية كانت منذ أربعة آلاف عام العقدة الاقليمية الأهم، وكي تبقى كذلك فإنه ينبغي لنا، نحن السوريين، أن نكون جديرين بها.

' كاتب سوري - رئيس مركز الشرق للأبحاث - دبي

=================

من حلب الى غزة

الياس خوري

2012-11-19

القدس العربي

لا ادري ما هي فلسفة الأسماء التي تطلقها اسرائيل على حروبها؟ هل هناك جهاز خاص بانتقاء الأسماء، ام ان المسألة محض مصادفات؟ من 'عناقيد الغضب' في لبنان الى 'عمود سحاب' في غزة الى آخره... يبدو ان هناك اصرارا على مزج الخيال المُحبَط بالجنوح الدموي، وان 'جيش الدفاع'، يسعى دائما الى تغليف الجريمة بالأدب!

في حرب تموز 2006 نسي القادة الاسرائيليون اطلاق اسم على حربهم، لأنهم اعتقدوا انها ستكون نزهة طائرات فوق لبنان، لكنهم تداركوا الخطأ في حربهم على غزة 2008-2009، فاختاروا اسما رديئا ينم عن فقر في الخيال. فكانت 'الرصاص المصبوب' كارثة سياسية واخلاقية على اسرائيل، واليوم تحترق غزة تحت اسم شاعري 'عمود عنان'، كأن السحاب وهو يتعومد يغطي النار بماء الكلام!

بصرف النظر عن الإسم الذي يسعى الى اخفاء المسمى فإن اسرائيل دخلت عشية انتخاباتها في حرب هي اشبه باستطلاع بالنار للمتغيرات التي تحيط بها، بهدف وضع حدود مبكرة لأثر الثورات العربية على الصراع في فلسطين.

التزامن بين اشتعال الجنوب الفلسطيني في غزة مع اشتعال الشمال السوري، يشير الى ان مصير المشرق العربي يتحدد في القوس الذي ترسمه بلاد الشام وهي تنفض عنها الاستبداد في سورية، ويتشكل على ايقاع موازين قوى جديد بدأت ترتسم اولى ملامحه في مصر.

من السابق لأوانه الخلوص الى استنتاجات سريعة، لكن القراءة الأولى لحرب 'عمود سحاب' تشير الى ان طرفي الصراع يسعيان الى رسم قواعد اللعبة من جديد:

الاسرائيليون يريدون افهام المصريين والاسلام السياسي الصاعد ان القواعد الصـــــارمة التي ارتسمت في كامب دايفيد لا يمكن تغييرها. وحماس ومعها التيار الاسلامي يريــدان فرض قواعد جديدة، تبدأ برفض الوضع الراهن الذي يعني تعفنا فلسطينيا وعربيا شاملا، وتمتد لتشمل اعادة رسم ملامح التوازنات الفلسطينية الداخلية، واستعادة مصر لقرار الحرب والسلم.

من هنا تتخذ حرب غزة مسارات متعددة، مفاوضات بدأت منذ اليوم الأول يقودها المصريون، وتلويح باجتياح بري تلجأ اليه اسرائيل من اجل ايصال الحرب الى ذروة تعتقد ان مصر بقيادتها الاخوانية لا تستطيع تحمّل نتائجها.

اهمية المواجهة الراهنة في رسم مستقبل المنطقة عبر عنها وصول رئيس الوزراء التركي الى القاهرة، واعلانه عن اهمية التحالف المصري-التركي، واصراره وعلى الانخراط التركي الذي لا يزال غامض الملامح.

نجحت المقاومة، عبر صمودها وقدرتها على الردع، في فرض اجندة جديدة مؤهلة لقلب مفهوم محور الاعتدال الذي صاغته مرحلة حسني مبارك في تحالفها مع العربية السعودية، والذي سعى الى تهميش الصراع العربي- الاسرائيلي واستبداله بأولوية الصراع ضد ايران، ما اطلق يد اسرائيل بشكل مطلق في فلسطين، ودمّر قدرة العالم العربي على الامساك بمصيره، وقام عمليا بتلزيم القضية الفلسطينية لما اطلق عليه اسم محور الممانعة.

مهما كانت نتائج الحرب، فانها لن تنقذ اسرائيل من ورطتها الاحتلالية، وستكشف ان فائض القوة الصهيوني لا يستطيع تحقيق انتصار على شعب قرر ان يقاوم.

ما علاقة الشمال السوري المنتفض ضد الاستبداد بما يجري في الجنوب الفلسطيني؟

بالطبع هناك علاقة وجدانية بين الدم الفسطيني والدم السوري، من مخيم اليرموك الى مخيمات غزة. لكن هناك ايضا ما هو اكثر من ذلك، فاستعادة السوريين لحريتهم سوف تعني ان استمرار هدوء الاحتلال في الجولان لن يعود ممكنا، وان تحرير الجولان هو جزء من معركة الفلسطينيين والسوريين ضد الاجتلال.

مرة اخرى نكتشف صحة المقولة التي اقترحتها الثورة الفلسطينية عند انطلاقتها عام 1965، ففلسطين هي البوصلة العربية، وحرية المجتمعات العربية هي الطريق الى فلسطين.

لا اريد ان اوهم نفسي بأن المعادلة العربية الجديدة ارتسمت، فالمشرق العربي لا يزال في بداية مسار جديد بدأته الثورات العربية، ودونه معوقات كبرى. لكنني لا اريد ايضا ان اقلل من اهمية الاشارات التي ترسلها مواجهات غزة اليوم، والتي تقول ان صفحة جديدة من الصراع مع الاحتلال باتت ممكنة، وهي صفحة لا علاقة لها بزمن العتمة الذي صنعته اوهام التسوية مع محتل لا يرتوي من دماء ضحاياه.

هذه الصفحة الجديدة لن تتبلور ملامحها الا بعد سقوط الاستبداد في سورية، ورسو الثورة المصرية على معادلة سياسية متوازنة داخليا، عندها يمكن ان يتشكل مركز عربي جديد يستعيد القيادة ويضعها حيث يجب ان تكون، ويعلن ان العالم العربي يستطيع ان يستعيد قراره.

بلاد الشام هي مسرح هذه الحرب، وفيها سترتسم ملامح المرحلة.

والشعبان الفلسطيني والسوري هما ضحاياها وابطالها.

في غزة تبرز الحاجة الى افق فلسطيني جديد يتجاوز الوهم الذي اعقب اوسلو والوهن الذي جاء بعد هزيمة الانتفاضة الثانية، والخراب الذي حلّ بعد الانقسام الفلسطيني. وفي سورية يتبلور احساس بأن على الثورة ان تقبض على زمام مصيرها، كي تعجّل في سقوط النظام، وتخفف من آثار الدمار التي خلفتها آلة القتل الأسدية.

الآن تعود الأمور الى نصابها، فالمحتل يستفيد من المستبد الذي لا همّ له سوى الاحتفاظ بسلطته، والمستبد يستفيد من المحتل كي ييبرر قمعه بضرورات المواجهة مع العدو.

قناعان يسقطان معا في الجنوب والشمال.

الاسرائيليون لم يتعـــــلموا شيئا من حروبهم السابقة، وسيجدون انفسهم مرة جديدة عاجزين عن شراء امن احتلالهم بالدم.

المهم ان يعي الفلسطينيون درس غزة الجديد، وتحصل معجزة الوحدة التي بات غيابها فضيحة سياسية، وتستفيق حركة فتح من سباتها السلطوي قبل فوات الاوان.

اما المستبد فإنه مهما قتل ودمر ذاهب الى السقوط مخلفا وراءه ذاكرة العار والجريمة.

 

=================

الائتلاف السوري الجديد وتغيّر موازين القوى

عمر كوش

المستقبل

20-11-2012

بيّنت تجربة تناثر تشكيلات المعارضة السورية أن المشكلة ليست خلافات سياسية بين تيارات وقوى، بل تفشي أمراض متعددة الأبعاد، عملت على تثبيط فاعلية أطرها وهيئاتها ومجالسها، وبدلاً من أن تشكل داعماً حقيقياً للثورة صارت عالة عليها، حيث لم تقدم لها الدعم الكافي، فضلاً عن عدم تمكنها من قيادة الثورة الشعبية الواضحة الأهداف. واكتفت قيادات المعارضة بترديد مطالب الناس، وما تصدح به حناجر المتظاهرين من شعارات المتظاهرين، الأمر الذي بيّن انقطاعها العملي عن وقائع الثورة ومسارها وتحولاتها.

وقد بذلت مساع عديدة مع "المجلس الوطني السوري"، كي يضم مجموعات المعارضة الأخرى، لكنه فشل في ذلك، بالرغم من عقد عدة اجتماعات لقوى المعارضة السورية، أهمها كان مؤتمر القاهرة، الذي عقد في الثاني والثالث من تموز / يوليو 2012، وصدرت عنه وثائق هامة.

ومع توالي جهود جمع قوى المعارضة في هيئة أو ائتلاف جديد، برزت مبادرة رياض سيف، التي عرفت باسم "المبادرة الوطنية السورية"، ولاقت قبولاً ودعماً قوياً لدى قوى دولية وإقليمية وعربية، حيث اجتمع في لقاء تشاوري بالعاصمة القطرية الدوحة، في الثامن من تشرين الثاني / نوفمبر 2012، ممثلون عن غالبية قوى وهيئات المعارضة السياسية السورية، إلى جانب شخصيات مستقلة، وممثلون عن قوى الحراك والمجالس المحلية للمحافظات السورية. وبعد ثلاثة أيام من الشد والجذب والنقاشات والاجتماعات، اتفق المجتمعون على تشكيل "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية"، الذي يعتبر تحولاً في مسار المعارضة السورية، وتغيراً في موازين القوى، سيؤثر بلا شك بشكل كبير على مسار الأزمة السورية، وقد يسرع الوصول إلى نهايتها.

ويبدو أن عناصر عديدة، تقف وراء مسعى قوى المجتمع الدولي الفاعلة في الملف السوري لتجميع المعارضة تحت مظلة واحدة، أهمها، الخشية من الفراغ الذي قد يحدثه سقوط مفاجئ ووشيك للنظام السوري، بناء على التقدم الواضح للجيش السوري الحر والتشكيلات العسكرية الأخرى، وعلى حالة الانهاك التي بات يعاني منها الجيش السوري، بعد اقحامه في معارك الشوارع والأحياء والبلدات السورية، وحدوث انشقاقات متتالية ومتسارعة في تركيبته. إضافة إلى اقتراب النظام من حالة الإفلاس الاقتصادي وتناقص الموارد المالية، التي يعوض جزءا منها الدعم الإيراني، ودعم أطراف في الحكومة العراقية وقوى أخرى داخلية وخارجية. وهناك التخوف من تنامي قوة بعض التشكيلات المسلحة المتطرفة، ومن امتداد الأزمة السورية إلى دول الجوار، وخاصة إلى لبنان والعراق، حيث يحاول النظام السوري جاهداً تصدير أزمته إلى الخارج. يشهد على ذلك التوتر والمناوشات التي تشهدها الحدود التركية السورية، وكذلك الحدود الأردنية، إلى جانب التوتر والاحتقان الذي تعرفه الساحة اللبنانية، خاصة بعد انكشاف ملف التفجيرات الذي اتهم فيه الوزير اللبناني الأسبق ميشال سماحة، وتبعها عملية اغتيال رئيس شعبة المعلومات في الاستخبارات اللبنانية، حيث مازالت تبعات عملية الاغتيال تتفاعل في ثنايا توظيفات الطائفية السياسية في لبنان.

وقد عنى فوز باراك أوباما بولاية رئاسية ثانية، انتهاء ساسة الولايات المتحدة من حساباتهم الانتخابية، والالتفات إلى الملفات الدولية، وبالتالي إعطاء الملف السوري المزيد من الاهتمام. وهو أمر يعيه الأوروبيون جيداً، حيث أعلنت بريطانيا، خلال زيارة رئيس وزرائها ديفيد كاميرون لمخيم الزعتري في الأردن في 7 تشرين الثاني الجاري، أنها ستفتح خط اتصال مباشر مع المعارضة المسلحة في سوريا، بعد أن كانت تقصر اتصالاتها على القادة السياسيين، ثم جاءت تصريحات رئيس أركان الجيش البريطاني، الجنرال "ديفد ريتشاردز"، عن إمكانية نشر قوات بريطانية حول الحدود السورية. إضافة إلى تصريحات، "أندرس فوغ راسموسن"، الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، عن استعداد الحلف لحماية تركيا من أي خطر ناجم عن الصراع في سوريا، وتأكيده عن وجود خطط جاهزة في هذا الصدد.

ومع الإعلان عن التشكيل الجديد للمعارضة السورية، بدأ ينال الاعتراف الدولي، بالتزامن مع صدور بيانات التأييد والدعم داخل سوريا، من مختلف التنسيقيات والمجالس المحلية، المدنية والثورية، في المحافظات والبلدات السوية، ومن قوى المعارضة العسكرية، الأمر الذي يعني بداية عملية إعادة ترتيب موازين القوى لمختلف القوى الفاعلة في الثورة السورية.

والناظر في خارطة القوى والشخصيات المشاركة، يجد أنها شاملة لمختلف القوى الفاعلة في الثورة السورية. وهو أمر لم يتحقق من قبل في أي تشكيل سياسي للثورة السورية، والأهم هو أن قادة الائتلاف هم من نتاج الثورة في الداخل السوري، وساهموا في حراكها على الأرض، وتعرضوا للسجن والملاحقة، واضطروا إلى مغادرة بلدهم.

ويمكن القول إن المبادرة الوطنية السورية، التي تمخض عنها تشكيل الائتلاف، نشأت بناء على حاجة داخلية سورية، ولم تك وليدة ساسة الولايات المتحدة أو فرنسا أو تركيا أو قطر وسواها، أي صنعها سوريون، مع عدم التنكر للجهود الكبيرة التي بذلها المسؤولون في دولة قطر، وبعض سفراء دول أصدقاء الشعب السوري في العمل على تقريب وجهات النظر.

وكان رياض سيف المبادر الذي حملها، وأخذ على عاتقه مهمة جمع التأييد الدولي والإقليمي لها، والأهم هو تمكنه من جمع مختلف أطياف المعارضة لمأسسة المبادرة وجعلها صناعة سورية بامتياز. وقد عمل معه ناشطون ومعارضون، خلال الأشهر الثلاثة المنصرفة، كي يجدوا سبيلاً لإطلاقها، فبحثوا في ممكنات نجاحها، وفي حصولها على الدعم، الداخلي والخارجي، اللازمين لإنجاحها.

=================

المساعدات الإنسانية الأميركية للشعب السوري

آن ريتشارد * ونانسي ليندبرغ **

الثلاثاء ٢٠ نوفمبر ٢٠١٢

الحياة

يواجه السوريون في الوقت الحاضر خياراً مريراً: إما ترك بيوتهم والهرب من عنف نظام الاسد، او البقاء على امل تجنب البطش بهم وبعائلاتهم. وفي العشرين شهراً الاخيرة اضطر نحو 400 الف رجل وامرأة وطفل الى اتخاذ القرار الصعب بمغادرة سورية الى أمان وحماية الدول المجاورة. وهناك على الاقل 2.5 مليون شخص في حاجة ملحة للمعونات الانسانية، وهي حاجات آخذة في الازدياد. وتقف الولايات المتحدة وراء جهود لايصال هذا الدعم الحيوي لهم جميعاً.

الولايات المتحدة بنت العديد من الشراكات عبر عقود مع منظمات دولية غير حكومية لديها معرفة عميقة وخبرة وطرق لايصال الدعم بسرعة في الوقت والمكان اللذين تكون فيهما الحاجة ملحة. وهؤلاء الشركاء يشملون برنامج الغذاء العالمي، واللجنة الدولية للصليب الاحمر، ومنظمة اليونيسيف، والمفوض الاعلى لشؤون اللاجئين التابع للامم المتحدة واخرين. وبالتنسيق مع الجهات المانحة الاخرى من المجتمع الدولي، وارسال دعمنا عبر قنوات المنظمات الدولية، تحقق مساعداتنا الانسانية الهدف المرجو منها. ويتم ايصال الدعم الذي نقدمه عبر خبراء محترفين يحترمون الثقافات المحلية، فيما يحاولون جهدهم تقديم افضل ممارسة مع الالتزام بالمعايير الدولية.

وتقود الولايات المتحدة جهود توفير المساعدات الانسانية، التي تقدر قيمتها حتى الآن بحوالى 200 مليون دولار، في سورية والبلدان المجاورة. وتعمل الولايات المتحدة من خلال المنظمات الدولية. ويعد وجودها في خلفية الجهود امراً مقصوداً ومؤثراً.

فالولايات المتحدة تهتم بأن ألاّ يعتبر نظام الاسد او المعارضة ان المساعدات الانسانية هي اداة سياسية او هدف عسكري. وفيما يمكن زيادة الوعي ببرنامج المساعدات الاميركية من طريق وضع علامات تسويقية على هذه المساعدات، فإن هذا من شأنه ان يعرّض حياة هؤلاء الذين يتلقون الدعم أو يتطوعون لتوزيعه الى الخطر. فنظام الاسد يستهدف الذين يبحثون عن الدعم، ولقي خمسة من متطوعي الهلال الاحمر السوري وخمسة من موظفي الامم المتحدة حتفهم اثناء تأدية واجبهم الانساني.

ان المساعدات الانسانية الاميركية بالاضافة الى الخبرة الفنية والدعم الديبلوماسي كانت عوامل اساسية في توفير الدعم الغذائي والعناية الطبية واللوازم المنزلية لهؤلاء الذين فقدوا كل شيء. وسوف يساهم الدعم الاميركي في دخول الاطفال الى المدارس وتوفير التدفئة للعائلات خلال فصل الشتاء المقبل. وتساهم الولايات المتحدة ايضاً في حملة تطعيم لحماية اكثر من مليون طفل سوري من الحصبة والعديد من الامراض الاخرى التي يمكن تجنبها.

وساهم الدعم الاميركي حتى الآن في مساعدة اكثر من مليون شخص داخل سورية ومئات الآلاف الذين نزحوا الى تركيا ولبنان والاردن والعراق. وتنقذ هذه المساعدات حياة هؤلاء وتمنحهم الامل، الى أن يتمكن السوريون، بمساعدة المجتمع الدولي، من الوصول الى حل سياسي يوفر لهم الامن والسلام الذي يريدونه ويستحقونه.

وفي هذا الوقت المأسوي، لا يقف الشعب السوري وحده. فعملية امداد المساعدات الانسانية اثناء النزاعات القائمة هي عملية معقدة وشديدة الخطورة. ومع ذلك تبقى الولايات المتحدة ملتزمة بتوفير الدعم الانساني طالما هناك حاجة له. وفيما يظل التزامنا بالشعب السوري راسخاً، فإن السلام وحده هو الكفيل بإنهاء هذه الحاجات الانسانية. وقد حان الوقت للنظام لكي يتوقف عن التضحية بمواطنيه، فالسوريون جميعاً يستحقون حق العودة الى بيوتهم واستئناف إعادة البناء.

* مساعدة وزيرة الخارجية الاميركية

** مساعدة ادارية في وكالة الامم المتحدة للتنمية الدولية

 

==================

سياسة الولايات المتحدة تجاه سورية بين الأمس واليوم

ناصر الرباط *

الثلاثاء ٢٠ نوفمبر ٢٠١٢

الحياة

ما أشبه اليوم بالبارحة أو ما أبعده عنه؟

جاء الرئيس الأميركي وودرو ويلسون إلى مؤتمر الصلح في فرساي في فرنسا عام ١٩١٩ بعد الحرب الكبرى، تسبقه سمعته المثالية التي أسست لها مبادئه الأربعة عشر والتي حاول فيها رسم خريطة العالم بعد الحرب على أسس ليبرالية تضمنت حرية تقرير المصير لكل الشعوب. وقد تفاجأ ويلسون بالمخططات الأوروبية لاقتسام المناطق غير التركية من الدولة العثمانية (بشكل خاص سورية والعراق) وحاول مقاومتها. فاقترح تشكيل لجنة تقصي حقائق تذهب إلى الولايات العثمانية المحررة لتستطلع أراء السكان في ما يريدونه من مستقبل حكمهم. وبعد مماطلة مديدة من بريطانيا وفرنسا، اللتين كانتا قد اتفقتا على اقتسام الولايات العربية قبل المؤتمر، شكل ويلسون لجنة أميركية، عرفت بلجنة كينغ - كراين (King-Crane Commission) كانت مهمتها استطلاع آراء السكان وتقديم تقرير للمؤتمر. قضت اللجنة ستة أسابيع بين حزيران (يونيو) وتموز (يوليو) ١٩١٩ جالت فيها في مختلف المدن السورية والفلسطينية، وقدمت تقريراً خلصت فيه إلى أن الأكثرية المطلقة تطالب بدولة سورية مستقلة استقلالاً كاملاً، وترفض فكرة إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين. أعلنت اللجنة أيضاً أن السكان الذين قابلتهم، وجلهم طبعاً من الأعيان، فضلوا في حال كان عليهم القبول بقوة منتدبة أن تكون هذه السلطة أميركية، بما أن الرأي السائد كان أن الولايات المتحدة دولة غير-استعمارية وتحترم الحريات على عكس فرنسا وبريطانيا. ولكن التقرير جاء متأخراً لكي يغير مقررات التقسيم والانتداب التي اعتمدها مؤتمر الصلح والمؤتمرات التي تلته. واحتلت فرنسا سورية وقسمتها لدويلات صغيرة، وأسست دولة لبنان الكبير، وسلخت لواء الاسكندرون وأعطته لتركيا. أما تقرير كينغ - كراين فقبع في الأدراج عدة سنوات ولم ينشر إلا عام ١٩٢٢ بعد أن مرر مجلسا النواب والشيوخ قراراً يحبذ إنشاء وطن قومي لليهود على أساس وعد بلفور، على رغم أن التقرير عارض قيام هذه الدولة على أسس أخلاقية.

عام ١٩٤٧ كانت الدولة السورية الحديثة الولادة تنعم بنظام برلماني مقبول وإن كانت السيطرة فيه لطبقة ملاك الأراضي. لم تر الولايات المتحدة في ذلك النظام حليفاً مضموناً في صراعها الكوني مع الاتحاد السوفياتي. وكانت كذلك متوجسة من النزعة القومية في سورية التي قاومت نشوء دولة يهودية في فلسطين. وعليه تشكلت مجموعة من مقرري السياسة الأميركيين مكونة من فئتين، صقور الواقعية السياسية وحمائم التغيير الديموقراطي، كانت مهمتها العمل على تغيير نظام الحكم في سورية لتحقيق هدفين: تمثيل أوسع للطبقات المتوسطة والفقيرة وانتظام أوضح في سلك الدول المناهضة للشيوعية.

جربت الولايات المتحدة الطريق الديموقراطي عبر تنظيم حملة انتخابية واسعة في الانتخابات السورية عام ١٩٤٧ مولتها وزارة الخارجية وشركات النفط، ولكنها لم تحسم أمرها فيمن ستدعمه من المرشحين مما أدى إلى فشل المشروع. قرر الأميركيون بعد فشلهم أن الحل الأمثل للتأثير في السياسة السورية ولحقن الدولة بجرعة أكبر من الديموقراطية يكمن في دعم انقلاب عسكري. وهو ما فعلوه. وجاء حسني الزعيم إلى الحكم بعد انقلاب آذار (مارس) ١٩٤٩. ولكنه سرعان ما قتل في انقلاب عليه بعد بضعة أشهر. وكرت سبحة الانقلابات العسكرية التي مولتها مختلف أجهزة الاستخبارات الأجنبية والعربية والتي جلبت إلى الحكم سلسلة من الزعماء العسكريين واحداً تلو الآخر، تجاوز كل منهم سابقه في تفننه بدفع أيديولوجية منقوصة من قومية سورية إلى قومية عربية إلى اشتراكية متشددة ثم اشتراكية/رأسمالية. كان حافظ الأسد آخر هؤلاء الجنرالات الذي استلم الحكم بعد «حركته التصحيحية» عام ١٩٧٠، والذي تمكن بفضل دهائه السياسي والأمني والطائفي من البقاء رئيساً لثلاثين سنة معتمداً في ذلك على قمع شديد لأي بادرة معارضة وتعظيم سافر للذات واعتماد أساسي على ولاء قبلي طائفي وأسري.

عام ٢٠١١ بدأت الثورة السورية ضد النظام الأسدي القمعي والطائفي الذي أصبح الآن نظام متوارثاً. جابه النظام الحراك السلمي بالقتل والاعتقال والتخوين، وتدهورت الأمور إلى صراع مرير بين ثائرين مسلحين تسليحاً خفيفاً ونظام لا يتورع عن استخدام أكثر الأسلحة تدميراً في قصف المناطق السكانية للقضاء على الثوار. دانت الولايات المتحدة وغيرها من الدول الغربية عنف النظام وطالبت بتنحي الأسد الابن. ولكنها امتنعت عن اتخاذ أي خطوات عملية لتعجيل سقوط النظام، وعللت ذلك بشتى الأعذار.

أما الآن وقد انتخب الرئيس باراك أوباما لولاية ثانية، فالبعض يتوقع تغييراً جذرياً في السياسة الأميركية تجاه الثورة السورية مثل دعمها بالسلاح أو بالحظر الجوي، ولو أن إمكانية التدخل العسكري المباشر ما زالت بعيدة. أما البعض الآخر فهو ما زال يرى بأن السياسة التي انتهجها أوباما ستستمر للأسباب نفسها مثل التوازن الجيوسياسي، أو العامل الإسرائيلي المسيطر على السياسة الأميركية، أو خطر أسلمة الثورة والخوف من وقوع الأسلحة في الأيدي الخطأ. وتبقى غالبية المعلقين على توجسهم من الولايات المتحدة، ولو أنهم يقرون أيضاً بأن الحل الوحيد للاستعصاء في سورية يكمن في تدخل أميركي هناك، أو على رأي المثل الشامي «عيني فيه وتفو عليه».

اليوم، أصبح للمعارضة السورية ائتلاف موحد يمثل طيفاً واسعاً من الشعب السوري. وهو قد بدأ بمحاولة الحصول على اعتراف الجامعة العربية المترددة كعادتها، ولو أني أظن أن عينه على البيت الأبيض فعلاً. وهو في ذلك محق. ومع أني لست في موقع يسمح لي بأن أخمن أي نهج ستنتهجه الولايات المتحدة في تعاملها مع سورية ولكني آمل أن يقرأ ائتلافنا الموحد تاريخ العلاقات مع الولايات المتحدة ويستقرئ منه سبلاً أفضل للتعامل مع هذه الدولة العظمى التي تنازع سياستها العالمية منذ فترة طويلة تياران: الأول طوبوي يرى أن الحرية والديموقراطية على الطريقة الأميركية يؤمنان أفضل سبيل لازدهار الشعوب، والثاني توسعي يرى أن مصالح الولايات المتحدة الإمبريالية تعلو على أي اعتبار آخر.

====================

الموقف الروسي والخطوات القادمة في سورية

الوطن السعودية

20-11-2012

أكدت روسيا في اجتماعها مع دول الخليج عزمها على الاستمرار في موقفها الداعم للنظام السوري. ولذلك، فإنه لا داعي لإطالة أمد الجدل حول الموضوع، بل يجب على المجتمع الدولي تجاوز معارضة روسيا، وتحمل مسؤولياته لحماية الشعب السوري

في مساء الأربعاء الماضي (14 نوفمبر) عُقد في مقر الأمانة العامة لمجلس التعاون، اجتماع بين وزراء خارجية دول مجلس التعاون، ووزير خارجية روسيا لمناقشة الأزمة في سورية، وهو الاجتماع الثاني بين الجانبين لمناقشة الأزمة خلال أقل من شهرين، حيث عُقد الاجتماع السابق في نيويورك في 27 سبتمبر.

وباعتبار اجتماع الأربعاء قد عُقد بناء على طلب روسيا، فقد أمل البعض أن لديها شيئا جديدا ترغب في طرحه، ولهذا فقد كان من المفاجئ أنها ردّدت مواقفها السابقة، دون تغيير يُذكر.

وكانت روسيا ومجلس التعاون قد اتفقا على الدخول في حوار إستراتيجي في نوفمبر 2011، أملا في تأسيس تعاون إستراتيجي بينهما في جميع المجالات: في السياسة والاقتصاد والثقافة وغيرها. ولكن الموقف الروسي تجاه الأزمة السورية، الذي جاء مناقضا لإجماع السوريين (عدا نظام الأسد) وللإجماع العربي والإسلامي والدولي، جعل من الصعب ترجمة ذلك الاتفاق على أرض الواقع. وبدلاً من ذلك، تركزت اتصالات الجانبين على مناقشة الأزمة في سورية.

وكانت روسيا تقول: إنها تتفهم مطالب الشعب السوري، وتتعاطف مع الظروف الإنسانية التي أصبح يعيشها، ولكنها تعارض تغيير النظام. وفي اجتماع الرياض، قالت: إنها لا تعترض على تغيير النظام في حد ذاته، ولكنها لا تريد أن تكون طرفا في ذلك. وهو تطور طفيف في الموقف الروسي في الاتجاه الصحيح.

ولكن روسيا، بتعطيلها دور مجلس الأمن، في الحقيقة تطيل أمد النظام السوري، وتحميه من الضغط الدولي، وباستمرار تسليحه تمكنه من استمرار حربه ضد المدنيين. وبدون الدعم الروسي، ربما كان النظام أكثر ميلا للتفاوض مع المعارضة.

لماذا تقف روسيا هذا الموقف المتشدد؟

في اجتماع الأربعاء في الرياض، قال سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسي، إن موقف روسيا ليس مدفوعا باهتمامات اقتصادية أو عسكرية أو إستراتيجية. وأضاف أن الاتحاد السوفييتي كانت له مصالح إستراتيجية في سورية في الماضي، بخلاف روسيا اليوم.

وبذلك جعل لافروف فهم موقف روسيا أكثر صعوبة. ويقول الروس: إن دعمهم للنظام السوري نابع من احترامهم للقانون الدولي الذي يمنع التدخل، ويحترم سيادة الدول داخل حدودها. ولكنهم لا يستطيعون أن يفسّروا كيف سعت روسيا إلى تعطيل آليات القانون الدولي لمعالجة الوضع في سورية، باستخدامهم حق النقض في مجلس الأمن، أو تلويحهم باستخدامه، كل مرة حاول المجلس وقف العُنف، وتصويتهم ضد كل قرار أصدرته منظمات الأمم المتحدة المختلفة، بأغلبية ساحقة من الدول الأعضاء فيها.

فالقانون الدولي في مفهومه الحقيقي تجسيد لإرادة المجتمع الدولي، الذي أكد بوضوح في تلك القرارات إدانته لما يرتكبه النظام السوري من مذابح وانتهاكات واضحة للقانون الدولي. فخلال هذا العام تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارين (في فبراير وأغسطس 2012)، أدانا انتهاكات سورية لحقوق الإنسان، واستخدام القوة المفرطة ضد المدنيين. وحظي كل من القرارين بأغلبية كبيرة من الدول تجاوزت (130) دولة في كلتا الحالتين، ولم يعارضه سوى (12) دولة، مثل روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية.

وقد قامت منظمات الأمم المتحدة، ومنظمات عالمية أخرى لحقوق الإنسان، بتوثيق تلك الانتهاكات، بما في ذلك قتل المدنيين بالجملة، والإعدامات الجماعية والاغتصاب والتعذيب، حيث قُتل من بداية الأزمة في مارس 2011 إلى 15 نوفمبر 2012، نحو (41,500) من المدنيين، وشُرّد نحو مليونين ونصف، داخل سورية وخارجها، وهدمت قرى وأحياء بأكملها، بعد مهاجمتها بالطائرات والدبابات والأسلحة الثقيلة، الروسية الصنع.

وبناء على ذلك، فقد أصدر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة سبعة قرارات حتى الآن، تدين الحكومة السورية بانتهاك القانون الدولي، وتطلب منها التوقف عن اعتداءاتها على المدنيين. ولكن روسيا صوتت ضد كل واحد من هذه القرارات السبعة.

فمن الواضح إذًا أن روسيا خارج الإجماع الدولي، المبني على القانون الدولي، الرافض لانتهاكات حقوق الإنسان وللجرائم ضد الإنسانية. والأسوأ من ذلك أن انتهاكات سورية للقانون الدولي وحقوق الإنسان تتم بأسلحة قدمتها روسيا للحكومة السورية، ولم تبذل حتى الآن أي جهد ملموس لمنع الحكومة من استخدامها ضد المدنيين.

وقد أكدت روسيا يوم الأربعاء أنها ستستمر في موقفها المتفرد تجاه النظام السوري، وفي منع التحرك الدولي من خلال الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة ومجلس الأمن، حيث تملك حق النقض.

وبذلك يكون اجتماع الأربعاء قد بَيَّن الموقف الروسي بوضوح، ووضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته، حيث لم يعد ثمة حاجة لإطالة الجدل حول الخطوات القادمة التي يجب القيام بها. فعلى المجتمع الدولي أن يكون مستعدا لتجاوز معارضة روسيا، واتخاذ خطوات سريعة وحاسمة.

وهذه الخطوات التي تصبح كل يوم أكثر إلحاحا، يمكن أن تُتخذ خارج إطار مجلس الأمن، الذي شلته روسيا، وهناك سوابق عدة في هذا الشأن. ولكن ذلك لا يجعلها خارج نطاق القانون الدولي، الذي يُتيح التدخل لحماية المدنيين، ويجعله واجبا في بعض الحالات، حينما تكون ثمة أدلة وقرائن واضحة على ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، أو انتهاكات جسيمة لقوانين الحرب.

ويجب أن تشمل تلك الخطوات، جميع الإجراءات الضرورية لحماية السوريين من بطش النظام، بما في ذلك الممرات والمناطق الآمنة، وإنشاء مناطق يُحظر فيها الطيران واستخدام الأسلحة الثقيلة. والخطوة الأولى يجب أن تكون الاعتراف بـ "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة في سورية"، باعتباره الممثل الشرعي الوحيد للشعب السوري، بكل ما يعنيه ذلك الاعتراف من دلالات.

عبدالعزيز حمد العويشق 

=====================

دروس من حرب البلقان لسوريا

المصدر: صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأميركية

التاريخ: 20 نوفمبر 2012

البيان

تشير أحدث التقديرات إلى أن عدد قتلى الصراع في سوريا تجاوز 36 ألف قتيل، فضلاً عن مليون شخص من المشردين داخلياً، وفرار مئات الآلاف إلى الدول المجاورة.

وتواصل الاقتتال يعود في جزء كبير إلى الجمود الذي يهيمن على مواقف روسيا والصين وأميركا في الأمم المتحدة بشأن التدخل، وإصرار طرفي الصراع في سوريا، السلطة والمعارضة، على القضاء على الآخر وتدميره.

وأعربت كل من بريطانيا وفرنسا عن التزامهما بتقديم الدعم المتزايد للمعارضة السورية، مؤكدتين التحول في نهجهما تجاه هذا الصراع. وأعلنت دول مجلس التعاون الخليجي الاعتراف الرسمي بالائتلاف الوطني السوري.

لقد استغرقت جهود إنهاء الحرب في البوسنة وقتاً طويلاً، وتضررت بشدة بسبب المصالح الداخلية والخارجية المتداخلة، لدرجة أن القتال استمر لسنوات وأسفر عن قتل 100 ألف شخص. وفي ظل التجاهل السافر للجهود الدولية لوقف العنف، جرى حصار سراييفو ومذبحة سربرنيتشا اللذين كانا جريمتي حرب من بين جرائم حرب عدة أخرى.

وفي نهاية المطاف، وبعد غارات جوية مكثفة شنتها قوات حلف «الناتو» والمدفعية التابعة للأمم المتحدة وتسليح القوات البوسنية والكرواتية، تمكنت قوات حفظ السلام الدولية من الفصل بين المتقاتلين.

جاء سلام من نوع ما، بعد مؤتمر نهائي عقد في دايتون بولاية أوهايو الأميركية عام 1995. ومع ذلك، فإن المرارة التي زرعتها سنوات من الاعتداءات القاتلة، حالت دون تحقيق المصالحة، لكن على الأقل فإن التدخل الخارجي أوقف القتل.

وكان من أهم العوامل في حسابات الصرب والبوسنيين والكروات، رغبتهم في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

كانت كوسوفو، في نواح كثيرة، تكراراً للحرب في البوسنة، مع تأخر التدخل الخارجي، بعد أن قتل الآلاف وفر مئات الآلاف. وبعد فشل وقف إطلاق النار عام 1998، رفضت الحكومة الصربية أحكام اتفاقات رامبوييه التي دعت إلى استعادة الحكم الذاتي لكوسوفو ونشر قوة من حلف «الناتو» لحفظ السلام.

ورداً على الرفض الصربي، قصف الحلف صربيا لمدة ثلاثة أشهر، وفي يونيو من ذلك العام، انسحبت القوات الصربية من كوسوفو.

كما هي الحال مع النزاع السابق في البوسنة، فإن الكراهية المتأججة بسبب القتل والاختلافات العرقية والدينية، لا تزال تحول دون المصالحة بين الصرب والكوسوفيين. ومع ذلك، فإن إغراء الحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي، ألقى بثقله على عقول أبناء كوسوفو والصرب، وساعد على إقناع كلا الجانبين بوقف القتل.

الدروس المستفادة من البلقان، تتمثل هذه الدروس في التالي:

لن يتوقف القتل دون تدخل خارجي، فالقسوة تتسارع ويتم تقويض القيود الأخلاقية والقانونية.

عقد اتفاق بين القوى الخارجية الرئيسية أمر بالغ الأهمية، والاعتراف بدور كل منها أمر بالغ الأهمية.

المصالحة عمل عقود من الزمن، ولكن عيوبها ليست حجة للانتظار.

وقف القتل تدعمه حوافز مالية واجتماعية قوية (مثل عضوية الاتحاد الأوروبي)، بغض النظر عن الخلافات بين الأطراف المتحاربة.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ