ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 14/11/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

مقالات مختارة من الصحف العربية ليوم

13-11-2012

المهمة الأصعب للمعارضة السورية

عكاظ

13-11-2012

• انتهت مجموعات المعارضة السورية بعد جهود ذاتية وضغوط خارجية من تشكيل «الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية» ليكون المظلة الشاملة لتلك القوى.. وأبرز ما تم الاتفاق عليه هو : عدم الدخول في أي حوارات مع نظام بشار وتوحيد المجالس العسكرية الثورية ووضعها تحت مظلة مجلس عسكري أعلى والالتزام بالمضي في وسائل إسقاط النظام وتفكيك أجهزته الأمنية، والعمل على تشكيل حكومة مؤقتة بعد الحصول على الاعتراف الدولي بمشروعية الائتلاف وتمثيله للسوريين.

• لا شك أن الاتفاق يعد خطوة مهمة تضع القضية السورية في محطة جديدة تقوي الجهود الداعمة وتنفي حجة عدم وجود رأي موحد.. وهذا هو التحدي الأكبر أمام المجلس في هذه المرحلة.. فالقضية، رغم أنها قضية شعب رفض الظلم ويريد التخلص من نظام متجبر يستخدم آلة البطش لإسكات خصومه، إلا أنها قضية ملتبسة بقضايا إقليمية ودولية مختلفة الحسابات، وكل طرف يريد توظيفها لصالحه.. ومن هنا تصبح المهمة الأصعب أمام الائتلاف هي الثبات على الوحدة، وتنقية أعمال المقاومة من الاختلاط بأي عناصر تفسد مشروعية المقاومة المسلحة ضد النظام.

• الائتلاف سيحقق الأهداف المهمة بقدرته على الاستمرار موحد الرأي والإرادة والاستمرار في فتح الباب لمن يريد الانضمام والاحتفاظ بثقة الجبهة الداخلية، إلى جانب ذلك إقناع الخارج بأنه حركة وطنية تمهد لسوريا الديمقراطية المدركة لموقعها وتأثيرها الإقليمي والدولي وعدم إفساح المجال إلى أي نشاط ينحرف بهذا التوجه.

• المهمة ليست سهلة لكن تجربة الثورة السورية وإنجازات أبنائها وروحهم الوطنية وفهمهم للواقع كلها أسباب موضوعية تسهم في جعل المهمة ممكنة رغم التحديات التي تواجهها.

====================

النظام الأسدي واستراتيجية الخراب

 تحليل د. محمد الدندل

عكاظ

13-11-2012

دمر الأسد كافة المدن السورية، لتبدو سوريا الآن في أسوأ حالاتها منذ بداية تأسيسها، بل لم يمر على هذه الدولة من دمرها عبر التاريخ كما فعل بشار الأسد، وفي كل يوم يسأل السوريون ويقولون، من سيعيد بيوتنا، إن هذا السؤال البسيط تجده على لسان كل سوري. لكن المثير في الأمر أن الأسد يمعن في الدماء لا من أجل كسب المعركة، وإنما من أجل الدمار، معتمدا استراتيجية الخراب.

مع مطلع كل شمس يطلع علينا الأسد بإبداع جديد من إبداعات ذهنية التدمير والقسوة لديه، تلك الذهنية التي أعماها الصلف وعشق السلطة لدرجة لم يعرفها بشر إلا فيما ندر، فقد شهدنا كل أنواع التنكيل والقتل للسوريين المطالبين بحققوقهم المشروعة بالحرية والكرامة، منذ اليوم الأول للثورة السورية، وكلما ازداد إصرار السوريين على مطالبهم الحقّة، ازداد النظام الأسدي وحشية، ومع مرور الوقت وبسبب العجز الدولي والعربي، ازدادت جرأة الأسد في استخدام كل أنواع السلاح لديه عدى السلاح الكيماوي، والذي كان هو الخط الأحمر الوحيد لسيد العالم الحر السيد أوباما، مما يعني ضمنا تشجيع النظام على استخدام ما تبقى له من ترسانته الحربية بعد استثناء السلاح الكيماوي طبعا، ونتيجة للاستخدام المفرط إلى درجة الجنون لكل أشكال السلاح الثقيل، قفز مستوى الدمار وأعداد الشهداء إلى درجة مرعبة، وبات مشهد الطائرات الحربية وهي تلقي البراميل المتفجرة والقنابل العنقودية من يوميات السوريين، وكل يوم نرى على الشاشات مناظر لحارات وأحياء وقد سويت بالأرض، كل ذلك بمناطق مدنية ليس من الضروري أن يكون فيها أي تواجد للجيش الحر، خصوصا أن القذائف المستخدمة كالبراميل المتفجرة والقنابل العنقودية، ليس هدفها إصابة أهداف بعينها ومحددة بدقة بقدر ما يكون هدفها إحداث أكبر قدر من التدمير للمناطق السكنية، فهذا النوع من القذائف هي أصلا قذائف عمياء وعشوائية، هذه الاستراتيجية الجديدة من تدمير المدن والمتصاعدة يوميا والتي بات النظام يتبعها الأسد، تبعث بعض المراقبين للتساؤل عن الهدف الذي يبتغيه من هذه الوحشية، هل هو الانتقام الأعمى دون هدف آخر والتدمير من أجل التدمير فقط؟، وأظن أن البعض يغريهم الجواب بنعم على هذا التساؤل المر، وذلك لما يعرفونه من القدر الهائل من الوحشية والإجرام لدى نظام الأسد، لكن هذا الاعتقاد برأيي متسرع ويشي بنوع من الاستخفاف بخبث وجهنمية هذا النظام، ورغم أني لا أستغرب أو أستبعد ما يذهبون إليه في تفسير ذلك بأنه تدمير صرف وغير هادف، إلا إنني أعتقد شبه جازم بأن النظام يسعى من خلال ذلك إلى تحقيق هدف خطير جدا يخدم في نهاية المطاف سعيه المرعب لاستعادة السيطرة على سوريا بأي ثمن مهما كان، حتى لو كانت هذه السيطرة على تلال من جماجم السوريين وركام من خرائب المدن والبلدات، فالهدف من هذا الدمار الوحشي المجنون هو سحق الحاضنة الشعبية للثورة، وتحويل حياة الناس هناك إلى جحيم لا يطاق، مما يدفع الناس إلى حالة من التسليم للنظام والقبول بما يطرحه من فتات الإصلاحات الشكلية، وفي حال لم يستتب له ذلك واضطر النظام إلى الانتقال إلى الخطة البديلة، والتي يعمل عليها منذ فترة وهي خطة التقسيم وإقامة دولته الطائفية على أنقاض الوطن السوري، يكون عندها قد ألحق قدرا هائلا من الدمار لدى ما تبقى من سوريا والتي أصبحت أرض العدو، والتي سترزح لعقود تحت وطئة هذا الدمار وتعطيه بذلك الوقت الكافي لإرساء دعائم دولته المنشودة كما يظن ويعتقد، وهنا يعود من جديد نفس السؤال القديم الهام والأكثر مرارة على الإطلاق، عن القدر المزري من تخاذل وعجز المجتمع الدولي أمام وحشية العصر التي يمارسها الأسد دون أن يرف له جفن وعلى مرأى ومسمع العالم أجمع؟

===========================

دعم حقيقيّ للشّعب السوريّ

الراية القطرية

التاريخ: 13 نوفمبر 2012

يشكل الاعتراف العربيّ الرسميّ بالائتلاف الوطنيّ لقوى الثورة والمعارضة السورية الذي تأسّس في الدوحة ممثلاً شرعيًا للشعب السوري دعمًا حقيقيًا للشعب السوريّ الذي يقاتل من أكثر من عشرين شهرًا لنيل حريته وتحقيق مطالبه بالديمقراطية والتغيير.

لقد أعلنت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية اعترافها بالائتلاف الجديد ممثلاً شرعيًا للشعب السوري داعية دول العالم والمجتمع الدولي للاعتراف بهذا الائتلاف الذي يضم معظم أطياف المعارضة السورية في الداخل والخارج وتقديم الدعم اللازم له".

إن تأكيد دول المجلس الست أنها ستقدم الدعم والمؤازرة لهذا الكيان لتحقيق تطلعات وآمال الشعب السوري، وإعرابها عن الأمل أن يكون ذلك خطوة نحو انتقال سياسي سريع للسلطة، وأن يوقف سفك دماء الأبرياء، ويصون وحدة الأراضيّ السوريّة يرسل لرسالة حقيقيّة للشعب السوريّ أنه ليس وحده وأن الشعوب العربية تساند مطالبه العادلة بالحرية التي ضحّى من أجلها خيرةُ أبناءِ وبناتِ الشعب السوري.

إن دعوة مجلس التعاون إلى عقد مؤتمر وطني عام تمهيدًا لبناء دولة يسودها القانون وتستوعب جميع أبنائها دون استثناء أو تمييز ويرتضيها الشعب السوري وتأكيد ائتلاف المعارضة حرصه على بناء دولة مدنية ديمقراطية تعددية لجميع السوريين يحكمها القانون يؤكد أن تضحيات الشعب السوري لن تذهب هباء وأن سوريا الجديدة أصبحت على مرمى حجر رغم صعوبة الواقع المرير الذي يعيشه السوريون في ظل نظام يمارس ضدهم حرب إبادة حقيقية ويخيرهم بين أن يحكمهم أو يقتلهم.

لقد رحبت معظم دول العالم بائتلاف المعارضة الجديد واستعدّ العديد للاعتراف به ممثلاً للشعب السوري

إلا أن هذا الترحيب الكبير لا يعني شيئًا بالنسبة للسوريين الذين يقتلون بالمئات وتهدم بيوتهم ويهجرون داخل الوطن وخارجه، فهم يحتاجون أن يترجم هذا الترحيب من قبل المجتمع الدولي إلى إجراءات حقيقية وملموسة على الأرض توفر لهم الحماية من عنف النظام وبطشه من خلال مناطق آمنة تمكّن المنظمات الدولية من إيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى ملايين السوريين المنكوبين خاصة مع مقدم فصل الشتاء القارص.

إن ما تشهده سوريا من وقائع مفجعة يؤكد بما لا يحمل الشك أن الشعب السوري يتعرض للإبادة الممنهجة والتدمير الوحشي والمسؤولية تقع على عاتق المجتمع الدولي بالإيفاء بتعهداته التي قطعها تجاه المعارضة

والمتمثلة بالحصول على الاعتراف والدعم المالي والأسلحة النوعية التي تمكنه من تحقيق هدف حماية السوريين والتسريع في إسقاط النظام وتجنب المزيد من الدماء.

النوايا الطيبة التي عبرت عنها واشنطن وباريس ولندن وغيرها من دول العالم لدعم الشعب السوري لا تكفي وحدها لصيانة دماء أبناء الشعب السوري ولا توفر للنازحين واللاجئين في المخيمات المساعدات الإغاثية وقبل ذلك لا تستطيع أن تمنع قصف الطائرات والدبابات مدنهم وبلداتهم وقراهم.

==================

إنجاز للمعارضة السورية

رأي المدينة

الثلاثاء 13/11/2012

أخيرًا وبعد مخاض عسير تمت مساء أمس الأول ولادة كيان سوري موحد تحت اسم "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة" يضم تحت مظلته كافة أطياف المعارضة السورية التي يوحّدها هدف أساس هو إسقاط الطاغية نظام بشار الأسد، وحيث يتضح من الاسم أن الائتلاف سيكون المسؤول الرئيس عن أنشطة كافة قوى المعارضة في الداخل والخارج، بما في ذلك الأنشطة العسكرية داخل سوريا من خلال تشكيل قيادة عسكرية عليا موحدة.

ولعل فتح "الائتلاف" الباب أمام انضمام أي قوة وطنية للانضمام إليه لاحقًا يعكس رغبة المعارضة السورية في توسيع قاعدتها وتطوير أدائها وتفعيل إمكاناتها من أجل التعجيل بإسقاط نظام بشار الاستبدادي، ودعم تطلعات الشعب السوري في الحرية والخلاص. هذا الإنجاز الذي تحقق مؤخرًا للمعارضة السورية، ورغم أنه تطلب ثلاثة أيام إضافية عن المدة التي كانت محددة لاجتماعاته، حمل في طياته عوامل النجاح عندما زاوج في الصيغة النهائية التي تم التوافق عليها بين مبادرة المعارض السوري البارز رياض سيف، وبين الثوابت التي يصر المجلس الوطني على التمسك بها، وفي مقدمتها إسقاط النظام، وحل أجهزته الأمنية، ومحاسبة المتورطين في إراقة دماء أبناء الشعب السوري وفي عمليات القمع والتعذيب، ورفض إجراء أي مفاوضات مع النظام أو رموزه.

كما ينبغي الأخذ في الاعتبار عند الحديث عن عوامل ومظاهر هذا النجاح أن الكيان الجديد لم يلغِ الكيان القديم، لجهة أن "الائتلاف" يضم غالبية أعضاء المجلس الوطني. بالطبع فإن هذا الإنجاز الكبير لقوى المعارضة السورية، ليس إلاّ البداية لمسيرة تتطلب جهدًا شاقًا ومشتركًا من كافة أعضائه من أجل تحقيق الأهداف الوطنية لقوى المعارضة التي تعتبر أيضًا الأهداف ذاتها التي يتطلع الشعب السوري المرابط إلى تحقيقها، وحيث تتركز الجهود الآن على كسب اعتراف العالم بـ"الائتلاف" باعتباره الممثل الشرعي الوحيد للشعب السوري إيذانًا بإعلان حكومة مؤقتة، وهو ما يعني أيضًا ضرورة ومسارعة دول العالم لتلبية مطالب تلك الحكومة المؤمل تشكيلها في القريب العاجل، وتوفير كافة وسائل الدعم المادي والمعنوي لها. إنجاز المعارضة السورية الذي تحقق في الدوحة مؤخرًا يوجه ضربة موجعة للنظام، ويؤذن بزواله الذي بات وشيكًا أكثر من أي وقت سابق.

=================

"الائتلاف الوطني السوري" وائتلاف المجالس العسكرية أيضا

2012-11-13 12:00 AM

الوطن السعودية

نص بنود اتفاق فصائل المعارضة السورية، الصادر في الدوحة أمس، والقاضي بإنشاء "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية"، بوصفه هيئة موحدة للمعارضة تنبثق عنها حكومة مؤقتة، يدل بشكل مباشر على أن إسقاط النظام خيار لا تراجع عنه، وأن النظر يتجاوز الراهن إلى ما بعده؛ فقد جاء في البند الثاني: "اتفقت الأطراف على إسقاط النظام بكل رموزه وأركانه، وتفكيك أجهزته الأمنية بمحاسبة من تورط في جرائم ضد السوريين"، وفي البند الثالث: "يلتزم الائتلاف بعدم الدخول بأي حوار أو مفاوضات مع النظام".

إن جعل خيار إسقاط النظام خيارا وحيدا، يستلزم أن يتطلع الائتلاف السوري للحصول على الاعتراف الدولي الكامل، بما يجعل وجوده شرعيا، ويخوله – حينئذ – الحصول على الدعم بجميع أشكاله، بما في ذلك إبرام العقود للحصول على الأسلحة بشكل قانوني، بيد أن ذلك يحتم على الائتلاف السيطرة على الأرض، من خلال توحيد المجالس العسكرية المتنافرة تحت قيادة مجلس عسكري أعلى، وقائد واحد ترتضيه الأجنحة كافة، مما يسهم في الإسراع بإسقاط النظام، وذلك ما يتضمنه البند الخامس من بنود الاتفاق الذي ينص على أن: "يقوم الائتلاف بدعم توحيد المجالس العسكرية الثورية ووضعها تحت مظلة مجلس عسكري أعلى"، لكن الصياغة هنا غير حازمة، فالدعم لا يقتضي التوحيد، وكان من الأجدى أن تكون لغة هذا البند أكثر تعبيرا عن العزم على توحيد المجالس العسكرية، بما يضمن توحيد الجهد الدولي الداعم، ولذا فإن من المهم الإسراع إلى التحاور مع الفصائل العسكرية، والعمل على توحيدها، لأن المرحلة لا تحتمل التشتت، أو فصل العمل السياسي عن العمل العسكري.

لا أحد يشكك في أن وحدة المعارضة السورية خطوة مهمة جدا، وأنها لم تأت إلا بعد إدراك جماعي لأهميتها بوصفها السبيل إلى إسقاط النظام الدموي الذي لا يردعه عن التمسك بالسلطة رادع من إنسانية أو مصلحة وطنية أو إرادة شعبية، لكن هذه الوحدة السياسية المعارضة، تستلزم – عاجلا – وحدة عسكرية حقيقية.

==============

شرعية الخطيب... وشرعية الأسد !

راجح الخوري

2012-11-13

النهار

عندما ينص البند الثالث من الاتفاق الذي انبثق منه "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية" على عدم الدخول في اي مفاوضات مع النظام والتعهد بالعمل لإسقاطه مع رموزه واركانه وتفكيك بنيته الامنية، فذلك يعني ان الحديث عن سعي روسي - اميركي الى  حل سياسي ليس صحيحاً، وخصوصاً ان اجتماعات الدوحة قررت تشكيل "حكومة موقتة" مقرّها المناطق المحررة بدلاً من الحديث سابقاً عن "حكومة انتقالية" وفق "الحل اليمني"، وهو ما سيؤجج العنف ما لم تقنع موسكو الاسد بالخروج من البوابة الخلفية !

ما جرى في الدوحة مهم الى درجة تجعل كل ما سبق لقطر ان قدمته الى المعارضة في كفة وما أنجزته بالتعاون مع السعوديين والاميركيين والاتراك في كفة، فليس سراً ان الاجتماع عقد بعدما رفعت هيلاري كلينتون غطاء التمثيل عن "المجلس الوطني"، وبعدما قال قائد المجلس العسكري لـ"الجيش الحر" العميد مصطفى الشيخ لصحيفة "الدايلي تلغراف": "اذا لم يتخذ قرار سريع بدعمنا سنتحول كلنا إرهابيين، وان الارهاب سينمو بسرعة".

توحيد صفوف المعارضة إنجاز مهم لأنه يفتح افقاً سياسياً مقبولاً يشكل مقدمة لدعم اكثر جدية للمعارضة، ولهذا حرصت الدوحة على استضافة المؤتمر ومارست كل وسائل الاقناع وحتى الضغط للوصول الى هذه النتيجة لانهاء الانقسام الذي طالما انعكس سلباً على الموقف الدولي من الثورة وكذلك على معنويات الثوار.

امس اصطحب الشيخ حمد بن جاسم رئيس الائتلاف احمد معاذ الخطيب لإبلاغ الجامعة العربية رسمياً بالاتفاق، ودعا العالم الى الإعتراف بالتنظيم ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب السوري، متعهداً العمل مع مجلس التعاون الخليجي لاقناع اميركا والاوروبيين و"اصدقاء الشعب السوري" الذين سيجتمعون نهاية الشهر في طوكيو لتقديم المساعدة اليه، وقت سارعت واشنطن ولندن وباريس الى اعلان دعمها للمعارضة في شكلها الموحّد، لكنها اكتفت بالحديث عن "مساعدات سلمية وانسانية" فيما يرتفع صراخ الثوار طلباً لمساعدات عسكرية في وجه طائرات النظام ودباباته!

أحمد داود اوغلو قال: "إن زمن التبرير بأن المعارضة منقسمة قد ولى وذهب"، لكن النتيجة العملية تبقى منوطة بما سيقدمه المجتمع الدولي. فهل سيبارك الجميع الائتلاف ممثلاً شرعياً وحيداً للسوريين؟ وماذا عن موقف روسيا وايران والصين الداعم  لبشار الاسد الذي قال للتلفزيون الروسي قبل ايام انه ولد وسيموت في سوريا، وهو ما يذكّر بتصريح للقذافي قبل سقوطه؟

إتفاق الدوحة يقدم جسماً سياسياً لمعارضة سورية مقبولة من العالم، لكنه سيفضي الى تصعيد النظام للعنف، وهو ما اشار اليه الاسد بقوله "إن الحرب ستطول". نعم ستطول لأنها كما وصفتها هذه الزاوية دائماً حرب "يا قاتل يا مقتول" !

==================

لافروف في الرياض .. تُرى ما المطلوب من روسيا؟!

د. زهير فهد الحارثي

13-11-2012

    حالة الجفاء التي تشهدها العلاقات ما بين العرب وروسيا لاسيما بعد موقفها من الأزمة السورية، ووقوفها إلى جانب النظام ضد الشعب السوري، تثير العديد من التساؤلات إزاء السياسة الروسية، وابتعادها عن نهجها الذي عرف عنه تاريخياً وهو دعم القضايا وحقوق الشعوب العربية. فيا تُرى ما الذي حدث حتى أصبحت علاقة روسيا بالعرب تعاني من شرخ بعدما كانت توصف بأنها ايجابية ومتميزة؟!

الخلاصة أن روسيا قد ارتكبت خطأ فادحا بوقوفها مع نظام دموي. وان خشيتها من تمدد النفوذ الأميركي وحفاظها على مصالحها الإستراتيجية مع دمشق وطهران لا يبرران لها عدم التحرك إزاء الوضع في سورية. ولذا فهي معنية بدعم استقرار المنطقة وذلك بالتدخل الايجابي في الملفين الإيراني والسوري وإلا ستدفع مستقبلًا ثمنا باهظا لقاء ذلك التواطؤ والتغاضي.

لاشك أن ثمة تحولا قد حدث، ولكن قبل الدخول في مناقشة ذلك، لابد ان نشير إلى أن العلاقات العربية - الروسية لاسيما مع السعودية، قد مرت عبر التاريخ بمراحل متعددة من فتور وعتاب وجفاء وانقطاع وحيوية.

ولعل إعادة الحيوية جاءت بعد أن تفكك الاتحاد السوفياتي وبروز روسيا الجديدة بفكر ورؤية منسلخة من أيديولوجيتها الفائتة، ما انعكس على موقعها في المنظومة الدولية.

على أن روسيا، تاريخيا، تتعاطف مع قضايا العرب بل ويتطابق الكثير من آرائها مع توجهات العالمين العربي والإسلامي.

ولعل هذا الشعور اليقظ بقضايانا، جعل العرب وفي مقدمتهم السعودية يلتفتون بعناية إلى دور وتأثير روسيا، ولذا لم يكن مستغربا ان تكون السعودية من بين أوائل الدول التي أيدت انضمام روسيا إلى منظمة المؤتمر الإسلامي بصفة مراقب.

كما ان القواسم المشتركة ما بينهما تتمثل في النفط كورقة مهمة لديهما خصوصا وهما القادران على لعب دور أساسي في توازن واستقرار أسعار النفط. أما وجود الأقليات المسلمة في روسيا فهو بالطبع أمر ايجابي يساهم في تعميق رابطة التواصل مع العالم الإسلامي ويهم السعودية من منظورها الديني أن تحظى هذه الأقليات بمعاملة عادلة تمكنهم من ممارسة واجباتهم الدينية.

وليس سراً ان روسيا سبق أن طلبت دعم السعودية في دخولها لمنظمة التجارة الدولية. ولذ فالمراقب يلحظ ان ما يجمع بين المملكة وجمهورية روسيا الاتحادية هو أكثر بكثير من نقاط الاختلاف، فالقضية لم تكن تبادل مصالح بقدر ما هي شراكة مهمة.

ولكن يبدو ان تلك الأجواء لم تعد كما هي فقد غطتها غشاوة في الآونة الأخيرة بسبب التحولات في السياسة الروسية الخارجية.

هذا الحديث يتزامن مع زيارة وزير الخارجية الروسي الذي يصل الرياض غدا حيث يلتقي القيادة السعودية ويحضر الاجتماع الوزاري الثاني للحوار الاستراتيجي بين روسيا ودول مجلس التعاون. وطالما ان الزيارة تتعلق بتطوير العلاقات، فإن الظرف ودقة المرحلة تتطلبان وقفة جادة وهذا يعني ان رسالة خليجية صريحة يجب ان تصل للروس في انه ما لم يتغير الموقف الروسي إزاء ما يحدث في سوري فإن على موسكو أن تتوقع ان مصالحها في المنطقة قد تتضرر اي بعبارة أخرى إذا كانت الدول الخليجية جدية فعلاً، فإن عليها أن تتحدث مع روسيا بلغة المصالح الحيوية وهي اللغة التي يفهمها الروس جيدا.

ومع ذلك فالدبلوماسية السعودية تؤمن بالحوار واللقاءات المباشرة، ولذا فلقاء الوزير الروسي مع القيادة سيكون له دلالاته العميقة، ولا أحد يستطيع ان يقلل من أهمية روسيا في المسرح الدولي، ولذلك فعلاقات البلدين اتسمت بالتميز على مدى عقود من الزمان، ولعل التاريخ يبرهن على تلك العلاقة.

ففي عام 1926 اعلن الاتحاد السوفياتي (روسيا فيما بعد) اعترافه بالكيان السعودي ليكون أول دولة تعترف به، ولم تمض ست سنوات حتى استقبلت موسكو الملك فيصل، وكان أميرا وقتها، كما استقبلت الملك عبدالله بن عبدالعزيز في عام 2003 حين كان ولياً للعهد، حيث شكلت تلك الزيارة نقلة نوعية في منظومة العلاقات السعودية - الروسية. ثم ما لبث ان قام سمو ولي العهد الأمير سلمان عام 2006 بزيارة موسكو حيث دشنت لشراكة جديدة آنذاك، ولترسخ علاقة تجاوزت السبعين عاما رغم ما شابها من انقطاع في مرحلة من المراحل نتيجة لظروف سياسية.

ولذلك من المهم ان يتم تصويب الموقف الروسي الآن، لاسيما وأن هناك تناقضا في الموقف الروسي.

ألم يقل لافروف منذ عام وهو في الرياض ان المبادرة الخليجية في الشأن اليمني تعتبر نموذجاً يحتذى به لحل الأزمات السياسية ومنها الأزمة السورية، ولكننا نسمع اليوم نغمة أخرى متشددة بعيدة كل البعد عن الحق والعدالة.

في حين ان خادم الحرمين سبق ان عبر صراحة للرئيس الروسي بأن السعودية لايمكن إطلاقا أن تتخلى عن موقفها الديني والأخلاقي تجاه الأحداث الجارية في سورية، منتقدا الروس على خطوتهم في مجلس الأمن كونهم لم ينسقوا مع العرب قبل استخدام الفيتو. وهذا يعني ان السعودية تؤمن بمعادلة تقديم المبدأ على المصلحة لارتباطها بالمرجعية الدينية، فلا مساومة ولا تنازل حتى ولو اضطرها الأمر إلى التخلي عن مصالحها في سبيل حماية المبادئ.

غير أن هناك من يفسر التشدد الروسي بسبب أن لها مصالح وعلاقات إستراتيجية مع دمشق وطهران. فضلا عن قلقها من أن وصول الإسلاميين للحكم في سورية سيحفز الإسلاميين داخل الجمهوريات الإسلامية التي هي بجوارها. ناهيك عن خشيتها لتمدد النفوذ الأميركي وهو ما يفسر عودة أجواء الحرب الباردة بدليل وجود القوات الأميركية والروسية في المنطقة.

الخلاصة أن روسيا قد ارتكبت خطأ فادحا بوقوفها مع نظام دموي. وان خشيتها من تمدد النفوذ الأميركي وحفاظها على مصالحها الإستراتيجية مع دمشق وطهران لا يبرران لها عدم التحرك إزاء الوضع في سورية. ولذا فهي معنية بدعم  استقرار المنطقة وذلك بالتدخل الايجابي في الملفين الإيراني والسوري وإلا ستدفع مستقبلًا ثمنا باهظا لقاء ذلك التواطؤ والتغاضي.

هكذا يجب أن تكون الرسالة إن أردنا مخرجاً للأزمة السورية!!.

==================

إسرائيل تحاول إنقاذ الأسد!

طارق الحميد

الشرق الاوسط

13-11-2012

الواضح الآن من الرد الإسرائيلي العسكري، وإن كان محدودا، على قوات الأسد في الجولان، أن إسرائيل تحاول إنقاذ بشار الأسد، والعمل على إغراق المنطقة في فوضى مستمرة، وذلك من خلال تعقيد الأزمة السورية، مما يحول دون اتخاذ قرارات حاسمة من أجل الإسراع في إسقاط طاغية دمشق.

فمنذ اندلاع الثورة السورية والسيناريوهات المحتملة للرد الأسدي متوقعة تماما، ولا جديد فيها، وهي إشعال لبنان، وإغراق تركيا باللاجئين، ومحاولة استغلال العلويين في تركيا، وكذلك توريط الأردن وإغراقه أيضا باللاجئين، وجر العراق للأزمة من باب طائفي، وقبل كل شيء اللعب على الورقة الطائفية في سوريا نفسها، وأخيرا وليس آخرا إقحام إسرائيل في الأزمة، وبالطبع فعل النظام الأسدي كل ذلك، حيث حاول استفزاز تركيا ولم ينجح، علما أنه لو تحرك الجيش التركي ووصل إلى قلب دمشق لوجد دعما، وغطاء، عربيا. وحاول الأسد ويحاول استفزاز الأردن، لكن عمان ما زالت تواصل ضبط النفس، وفعل الأسد ما فعله بلبنان وما زالت بيروت صامدة، لكن الغريب أنه مع أول استفزاز أسدي لإسرائيل تحركت تل أبيب وردت!

نقول «غريب»، لأن ما فعله الأسد مؤخرا في الجولان الصامتة قرابة أربعة عقود، هو نفس الذي فعله صدام حسين وقت احتلال الكويت، حيث أطلق صواريخ «سكود» على إسرائيل من أجل جرها لتلك الأزمة و«لخبطة» الأوراق، ووقتها تصدى الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الأب لإسرائيل وأجبرها على ضبط النفس، وعدم إقحام نفسها في أزمة احتلال العراق للكويت. اليوم الأمر نفسه يكرره الأسد مع إسرائيل، وعلى نفس خطى صدام حسين، والأمر لا يحتاج إلى ذكاء لمعرفة أن الأسد يريد الهروب إلى الأمام. فلماذا إذن تتدخل إسرائيل الآن، وتحاول إنقاذ الأسد من خلال خدمة أهدافه؟ لماذا الآن ونحن نشاهد ملف الأزمة السورية يتحرك بشكل سريع ودراماتيكي، عسكريا في دمشق، وسياسيا على مستوى المعارضة التي باتت تتوحد، والموقف الدولي الداعم لذلك التوحد، مما يوحي بأن أيام الأسد فعلا باتت معدودة؟ ونقول «غريب»، لأنه من العجيب أن يكون حلفاء الأسد في هذه الأزمة كلا من إيران، وحزب الله، وإسرائيل، وبالطبع فإن لكل دوافعه، وكلها دوافع تخريبية تدل على خطورة هذا الثلاثي على منطقتنا، يضاف إليهم الأسد.

ما تريده إسرائيل هو إغراق المنطقة كلها في الفوضى، فلا مانع لدى تل أبيب من أن ترى الأزمة السورية تستمر لسنوات، ويطال حريقها كل المحيط السوري، فلا إشكالية لدى إسرائيل من إغراق الأردن، وتركيا، ولبنان، بالفوضى. فكلما ضعفت الدول العربية كانت إسرائيل أقوى، وهذا ما تريده تل أبيب حتى في مصر، فإن كانت مشاكلنا بصنع أيدينا نحن العرب، فإن إسرائيل لا تتوانى عن صب الزيت على النار.

ولذا، فمن الواجب أن يكون هناك موقف دبلوماسي عربي فاعل تجاه التصرفات الإسرائيلية، ومن خلال المجتمع الدولي، وتحديدا أميركا وبريطانيا، من أجل اتخاذ موقف مشابه لما اتخذه بوش الأب تجاه إسرائيل إبان احتلال العراق للكويت، فيجب ألا يسمح للإسرائيليين الآن بـ«لخبطة» أوراق الثورة السورية، ومنح الأسد ولو فرصة لإطالة عمر نظامه المنتهي أصلا.

==========================

مسيحيون مناضلون

ميشيل كيلو

الشرق الاوسط

13-11-2012

يكاد من يتحدث عن سوريا ينسى في الأعم الأغلب حقيقة أن جمهرة كبيرة العدد من بنات وأبناء الأقليات شاركت في الحراك الشعبي، وأن الشباب المسيحي لعب فيه دورا جديا وإن بقي مجهولا أو منسيا، رغم أنه كان مهما إلى أبعد حد على الصعيدين المادي والرمزي.

ليس صحيحا أن ثورة سوريا الحالية هي تمرد للسُنيّين ضد العلويين، يمثل الأولون فيه الشعب والأخيرون السلطة القاتلة والظالمة، الأولون الخير والأخيرون الشر. وليس صحيحا أنها ثورة إسلامية أو مذهبية، وأن إطارها العام ديني أو مذهبي. وليس صحيحا في النهاية أن كل مسلم هو إسلامي حتما وبالضرورة، وأن كل مؤمن بالله ورسوله واليوم الآخر تابع - أراد ذلك أم لم يرده - لحزب إسلامي، أو لجماعة إسلامية مسلحة، أو لعصابة من القتلة المأجورين الذين يخالفون أول ما يخالفون دين الله وكتابه العزيز. من غير الصحيح كذلك القول بأن السوريين يخوضون اليوم حربا مقدسة ضد كفرة مارقين يحتلون السلطة، فبعض أهل التأسلم يشبهون أهل السلطة كما تشبه عين الأخرى، وبعض ممارساتهم لا تقل إجراما عن ممارسات النظام، وليس بين السوريين من يريد أن ينتقل من حكم عصابة جعلت العلمانية دين سلطة ربها الرئيس، إلى عصابة يزعم أي جاهل فيها أنه نائب الله على الأرض، وأن مخالفته الرأي والموقف كفر يستوجب القتل.

شارك آلاف الشباب المسيحي في الثورة منذ بداياتها، سواء داخل دمشق أو خارجها، وأسهم في الإعداد لها، ولولا الاعتبارات الأمنية لنشرت قوائم بأسماء مئات من الذين كانوا يخرجون في المظاهرات من مساجد الميدان وجوبر والقابون وعربين وزملكا وبرزة وكفر سوسة.. إلخ.. ويشكلون تنسيقيات واحدة منها نشطت في حي مسيحي صغير وضمت عددا من الشابات والشبان زاد على الثلاثمائة، ولعبت دورا مبكرا في إفشال احتفالات لدعم السلطة نظمها عميل لها في إحدى كنائس حي القصاع. كما عبأت جمهورا كبيرا من الشباب المسيحي دعما لثورة الحرية، تم اعتقال كثيرين منهم وهم يوزعون المنشورات والبيانات في عمق المناطق المسيحية، في حين أمضى بعضهم أشهرا طويلة في الزنازين وتحت السياط، بعد اعتقالهم، وعندما خرجوا عادوا في اليوم التالي إلى الشارع للمشاركة في المظاهرات، رغم أن رجال الأمن هددوهم بالتصفية في حال ألقي القبض عليهم من جديد، أو شاركوا من جديد في الحراك الثوري.

وكنت قبل الثورة بأسبوعين قد التقيت في بلدة جرمانا، القريبة من العاصمة السورية، بمجموعة شبان وشابات من مسيحيي المدينة كانوا قد تخرجوا لتوهم في كليتي الهندسة والطب بجامعة دمشق. وقد تساءل هؤلاء خلال النقاش كيف استطاع جيلنا تحمل أربعين عاما من الإذلال والعار، وأضافوا: «نحن لن نقبل العيش على طريقتكم، فإما أن ننال الحرية أو نموت، ولا تسوية أو حل وسط بين هذين الأمرين عندنا، لأننا لا ننتظر من نمط حياة كحياتكم غير الإذلال الذي قبلتموه خانعين، ومن الخير والأفضل لنا أن نموت بكرامة على أن نمضي حياتنا غارقين في الخوف وفقدان الرجاء، من دون أن يكون لنا أي دور في وجودنا وأي قرار حول مصيرنا، تتلاعب بنا إرادات فاسدة وتقرر شؤوننا جهات تحتقرنا، لا نساوي عندها شروى نقير».

كان موقف الشباب المسيحيين معاكسا على طول الخط لموقف الكنائس التي ينتمون إليها. لكن سلوكهم، إلى جانب استمرار الصمود الشعبي الثوري لفترة تقارب العامين، أحدث أثرا على كثير من رجال الدين، الذين غيروا خياراتهم وتفهموا قضية الشعب، بدلالة بيان صدر مؤخرا عن اجتماع رجال دين أرثوذكس تم في البلمند بلبنان، ذكرهم بالحقيقة وهي أنهم جزء من الشعب، وأن عليهم التضامن معه والدفاع عن حقه في الحرية، وإدانة ما يمارس ضده من عنف. حدث هذا التحول في أعقاب موقف سابق عارضت الكنائس فيه تسليح المسيحيين وإجبارهم على القتال في إطار الشبيحة، وبعد انفجار وقع في باب توما أدى إلى مقتل وجرح مسيحيين عديدين، وأخيرا بعد اختطاف وقتل الأب فادي حداد، كاهن مدينة قطنا للروم الأرثوذكس، الذي كان واحدا من وجوه النضال الديمقراطي وحظي باحترام شعبي واسع، وقتل في سياق العمل لإثارة فتنة بين المسلمين والمسيحيين، وإخافة الأخيرين من بدائل النظام القائم، التي يزعم هذا أنها لن تكون غير أصولية وقاعدية ومتطرفة وعنيفة وعدوة للأقليات، لكن رهان السلطة على الفتنة أخفق بسبب موقف مسلمي قطنا وخروجهم زرافات ووحدانا في جنازة الأب الشهيد، وما يبدونه من تعاطف وتضامن مع إخوتهم مسيحيي البلدة.

استشهد مئات الشبان المسيحيين، واعتقلت ولوحقت واستشهدت واختفت شابات من أعمار مختلفة، كن قد شاركن في تأسيس جمعيات لدعم الثورة وإغاثة المتضررين من عنف النظام، ومعالجة وإسعاف الجرحى، وإخفاء المطلوبات والمطلوبين. وستبقى قصص الدعم الذي قدمه بعض آباء الكنيسة في حمص إلى الثورة خالدة في ذاكرة الشعب السوري، فقد أقام هؤلاء مشافي ميدانية في أقبية كنائسهم، التي حولوها إلى مأوى للمتضررين وأماكن إغاثة للمشردين والجائعين، بينما فتح مسيحيو المدينة بيوتهم أمام إخوانهم المسلمين من أبناء المناطق الذين دمر القصف بيوتهم. إلى هذا، فإن الذين هجروا من قراهم أو مدنهم من المسلمين قصدوا قرى ومدنا مسيحية مجاورة، حيث لقوا ما اعتاد الناس على تقديمه من كرم الضيافة وحسن الوفادة. حدث هذا على سبيل المثال في منطقة الغاب، حيث أجبر النظام بعض الشباب المسيحي على حمل السلاح وإقامة الحواجز بحجة الدفاع عن أنفسهم، وحين دمرت مدافعه بلدة قلعة المضيق المجاورة وهجرت سكانها، قصد هؤلاء أصدقاءهم التاريخيين في بلدة الصقيلبية المسيحية المجاورة، حيث كان مسلحو الحواجز بين مستقبليهم والمرحبين بقدومهم.

شارك المسيحيون بدرجات متفاوتة في معركة الحرية التي يخوضها شعبهم، وكان الشباب المسيحيون بين أوائل النازلين إلى الشوارع، ومع أنه لا توجد أرقام دقيقة حول خسائرهم، فإن عدد شهيداتهم وشهدائهم وصل إلى أكثر من ثلاثمائة خلال الأشهر التسعة الأولى من الثورة، سقطوا في مختلف مناطق سوريا، فلا عجب أن تشكلت تنسيقيات مسيحية عديدة في مناطق سورية مختلفة، وأن يقاتل مسيحيون في صفوف الجيش الحر والكتائب المسلحة والمجالس الثورية، وينشط عشرات الآلاف منهم في الحراك المدني والإغاثي والإعلامي، داخل البلاد وخارجها.

للأسف، تحجم معظم الفضائيات عن التركيز على هذه الوقائع المهمة، وتتجاهل دور الشباب المسيحي في الثورة، مما يترك الانطباع الخاطئ تماما بأن هؤلاء كانوا ضدها أو مع النظام، أو أحجموا عن المشاركة فيها، ويؤثر سلبيا على الوحدة الوطنية، ويخدم سياسات وضع أبناء الأديان والمذاهب المختلفة بعضهم في مواجهة البعض الآخر!

============

الصراع في سورية وليس عليها

الياس خوري

2012-11-12

القدس العربي

الايجابية الأولى للقاءات الدوحة كانت انتخاب جورج صبرا رئيسا للمجلس الوطني السوري. هذا المناضل الآتي من صفوف حزب الشعب الديموقراطي، الذي عرفته سجون النظام وعرف كيف يمزج العمل السري المقاوم بالعمل الجماهيري، يستحق اكثر من تحية.

لا يأتي جورج صبرا الى قيادة المجلس الوطني بوصفه مسيحيا، بل يأتي بوصفه مواطنا سوريا ومناضلا ديموقراطيا، وكل الكلام الذي قرأناه حول هذا الموضوع لا يمت الى الحقيقة بصلة. هذا لا يعني ان الرجل يتنكّر لأصوله المسيحية، بل يعني انه يأتي من مكان آخر، حيث لا يلعب الانتماء الديني سوى دور اغناء ثقافي للوطنية السورية. اما المناورات الانتخابية فلم تكن سوى مناورات، لأن المجلس الوطني ليس هيئة تمثيلية منتخبة، بل هو تحالف سياسي، لعب اعلان دمشق وحزب الشعب الديموقراطي دورا رئيسيا في تأسيسه.

غير ان انتخاب صبرا لن يأتي معه بحل سحري لمشكلات تشكّل المعارضة السياسية السورية. فما درجت وسائل الاعلام على تسميته بالحاجة الى توحيد المعارضة السورية، كان رفضا او عجزا عن رؤية الواقع. المسألة ليست في توحيد المعارضة بل في تشكيلها، فدارت ولا تزال تدور سجالات عقيمة حول من يتولى القيادة، علما ان المطلوب هو تشكيل بنية سياسية متماسكة، قبل طرح مسألة قيادتها. وقد اتخذ هذا السجال شكلا عبثيا في البداية حين بدا وكأنه خلاف بين دعاة التدخل الخارجي ودعاة رفضه. كأن التدخل كان على الأبواب! وكأن العقول السياسية السورية تناست التحليل العقلاني الذي كان يقود بكل وضوح الى استنتاج مفاده ان لا تدخل، وان الطرف الغربي غير مستعد او قادر على اغضاب اسرائيل من ناحية والدخول في مواجهة مع المعسكر الروسي-الايراني الداعم للنظام، من ناحية ثانية.

واليوم يدور نقاش اكثر عقما حول الخيار بين دعاة الثورة السلمية ودعاة المقاومة المسلحة للنظام. وقد فات انصار الخيار السلمي حقيقة ان لا احد من القوى السياسية قاد او يقود العمل المسلح، بل ان هذا العمل جاء اولا كردة فعل عفوية على وحشية النظام، وانه يحتاج اليوم الى هياكل تنظيمية كي لا تتحول الثورة الى غابة من السلاح الذي لا ضوابط له ما يسمح للقوى الاقليمية بالتلاعب به وبمستقبل الشعب السوري.

مبادرة رياض سيف اعادت طرح السؤال حول كيفية تشكيل المعارضة. والمسألة برمتها لا تزال غير واضحة المعالم. لماذا الحماسة الامريكية للمبادرة، ولماذا اتحفتنا وزيرة الخارجية الامريكية بهجومها اللاذع على المجلس الوطني قبل الدوحة؟

اذا قرأنا نص مبادرة سيف فاننا لا نجد فيه اي شيء مختلف عن الوثائق السابقة للمعارضة السورية، كل ما هنالك هو محاولة ادخال منشقين عن النظام الاسدي وفي طليعتهم رياض حجاب الى معادلة المعارضة، مع وعد بالمساعدات، ورفع حظر ارسال الأسلحة عن الجيش الحر؟

اين المشكلة اذا؟

المشكلة هي اننا امام لوحة لم تتشكل بعد، وسبب عدم التشكل هو غياب الأحزاب السياسية المنظمة، باستثناءات قليلة. لذا فالثورة لا تزال كما في لحظة انفجارها من دون قيادة فعلية. انها انفجار اجتماعي وسياسي واخلاقي عفوي، فالشعب لم ينتظر قيادات المعارضة كي يثور، ولن ينتظرها كي يتابع ثورته، والسؤال هو متى وكيف تستطيع هذه القيادات ان تلتقي بالشعب في ميادين الثورة؟

كان الأمل هو ان يكون شلال الدم السوري الذي قدم نموذجا جديدا لقدرة الشعب على اجتراح معجزة الثورة حافزا للقوى السياسية للاسراع في تشكيل نفسها داخل بنية سياسية جبهوية تمنع التلاعب الاقليمي بمصير الثورة، وتشكل اطارا لحمل تطلعات السوريات والسوريين الى الحرية. لكن الأمل خاب حتى هذه اللحظة. فالمعارضات السورية من اعلان دمشق الى التيارات الاسلامية الى هيئة التنسيق هي اشكال هلامية زئبقية، ولدت في ظل قمع لا يرحم، ويصادر السياسة والمجتمع، بحيث لم تتمكن الاشكال الجبهوية التنظيمية من التبلور، وجاءت الثورة بالمخزون الشعبي الهائل الذي فجرته، وبتعقيداتها الاقليمية والدولية لتكشف هشاشة هذه البنى وعدم جاهزيتها. هنا يكمن الخلل الذي يقود الى واقع ان مؤتمرات توحيد المعارضة لا تجري الا تحت مظلات قوى عربية واقليمية ليس بعيدة عن الشبهات.

جورج صبرا ورفاقه يعلمون ان المسألة المركزية التي تواجههم هي التأكيد رغم كل ذلك، على ان الصراع هو في سورية وليس على سورية.

هنا تكمن المسألة، وهذا ما يجب بلورته سياسيا وتنظيمياً.

عندما نشأ المجلس الوطني السوري ركب بعض النخب وهم التدخل الخارجي الذي قاد الى احباطات كبيرة، ما لبثت حيوية الثورة ان تجاوزتها.

الخوف هو ان تقود التشكيلة السياسية الجديدة: 'الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية' الى وهم آخر لا يختلف كثيرا عن الوهم السابق، هو وهم الدعم الخارجي لمبادرة رياض سيف.

الاعتراف لن يكون حقيقيا الا اذا اعترف الشعب السوري بالقيادة الائتلافية الجديدة.

معاذ الخطيب ورياض سيف وسهير الأتاسي يجب ان لا يسقطوا في الاوهام، ما تطالب به قوى الثورة هو توقف المجتمع الدولي عن اللامبالاة بمصير الشعب السوري، وهذا يقتضي السماح بوصول الدعم الى الثورة لا اكثر.

اما الكلام عن تطمينات تعطى للأمريكيين فهو حديث خرافة، اذ لا يستطيع اي وطني سوري في وطن تحتل اسرائيل جزءا من ترابه الوطني تقديم تطمينات للمحتل، فتحرير الجولان لن يكون مؤجلا لأن لا احد قادرا على تأجيله سوى نظام الاستبداد الأسدي، اما الأفق الديموقراطي الذي تفتحه الثورة فهو مسار لتحرير الانسان والأرض.

ليس صراعا على سورية، ويجب الا تسمح الثورة له بأن يكون كذلك، انه صراع في سورية ومن اجل سورية.

==================

د. طيب تيزيني

أوباما والأزمة السورية

تاريخ النشر: الثلاثاء 13 نوفمبر 2012

الاتحاد

نجح أوباما في الفوز بولاية رئاسية ثانية، وحقق بذلك حلم مَن يزيد عددهم على أكثر من نصف مَن يحق لهم الانتخاب في الولايات المتحدة، وقد جاء ذلك بمثابة استعادة لسؤال كبير طالما تغلغل في ضمائر المهمشين والمظلومين والفقراء والملونين والمهاجرين في الولايات المتحدة، كما في بلدان أخرى من العالم، وخصوصاً في العالم العربي، وربما كان ما أعلنه أمام أولئك أقل كثيراً مما يود أن يقوله، ولكن السياسة، بوصفها الفعل بمقتضى الممكن، هي التي حالت دون ذلك، فلقد لوّح الرجل أمام الحشود بـ"العدالة في توزيع الثروة"، و"بملاحقة المتهربين من دفع الضرائب" و"بإعادة تنمية الطبقة الوسطى"، و"بحل مشكلة المهاجرين" وبمواجهة "التمييز العنصري" وبالاهتمام بـ"تطوير الجامعات والبحث العلمي" وبتحسين "النظام الصحي" وغيره، وكانت هنالك إشارات إلى الرغبة في "إنهاء الإرهاب" في العالم وإلى "ضمان حقوق الإنسان" ومعالجة "المشاكل الملتهبة في مناطق الشرق الأوسط"، ولابد أن يكون هذا قد أيقظ في ذهن أوباما راهنية وأهمية معالجة قضايا السياسة الدولية وملفاتها المعلقة، مثل الملف السوري الراهن.

لقد كان في ذهن أوباما أن هنالك حاجة إلى "إعادة بناء العالم" على أسس الديمقراطية والعدالة، ولكنه ظل حتى النهاية مدركاً للأسس التي كانت تحكم علاقات الولايات المتحدة ولا تزال، مع إسرائيل، وهو يعلم أن هنالك خطاً أحمر لا يجوز أبداً لأحد أن يتجاوزه، وهو ذلك الذي يربط بين فلسطين وسوريا من طرف أول، وبين إسرائيل من طرف ثان. أما المعْني من ذلك فيقوم على أن البحث في مشكلات ذنيك البلدين العربيين يستمد حدوده الجيوسياسية والتاريخية والراهنة كما المستقبلية، من مصالح "إسرائيل العليا"، فهو ورث ذلك بمثابته قدراً قاطعاً، وأوباما الذي يعرف هذا الأمر من المرجعيات المؤسسة لنشوء إسرائيل في نظر الولايات العليا وعبر مستشاري الرئيس، والذي لابد أنه ارتطم بذلك وبنى استراتيجيته الانتخابية وما بعدها عليه وعلى غيره، كان من المؤكد أنه وقع في مأزق كبير، كيف يُقر بالمصائر التاريخية الإجرامية التي مرت بها فلسطين وتمر بها الآن سوريا، ويظل صامتاً صمتاً ومفعماً - من الناحية الموضوعية - بالعار السياسي والأخلاقي، ألم يتذكر أنه يوماً ما في تاريخه المنصرم كان وعائلته "السوداء" حبيس الظلم السوسيو اقتصادي والقهر الأخلاقي الإنساني.

لقد التقى النظام الأخرق الذي قام عليه مجلس الأمن (خصوصاً ما يتمثل منه بمبدأ النقض - الفيتو)، مع شخصية الرئيس المنتمي إما إلى "الجمهوريين" وإما إلى "الديمقراطيين"، ليشكلا - في الحالة التي نحن فيها - ناتجاً رهيباً في حياة الشعوب المستضعفة، مثل شعبي فلسطين وسوريا، فإسرائيل التي قامت على مبدأ الاستعمار الغربي لفلسطين العربية، تشكل - مع سوريا الراهنة - ربما أخطر حدث في خانة الاستعمار ما قبل العولمة، وفي هذه العولمة إياها، فإذا تحدد الأمر الأول بالعمل على استئصال شعب فلسطين من بلده، فإن الأمر الثاني، الراهن، يقوم على عنصرين اثنين، أما أولهما فيعلن عن نفسه في استراتيجية النظام السوري القائمة على قتل وتهجير ما أمكن من سكان سوريا إلى خارجها، أي على صيغة قد نحددها وإن ببعض الحذر بـ"التطهير العِرقي".

أما العنصر الثاني، فيتمثل في جريمة تدمير ما أمكن من المدن والبلدات والقرى السورية تدميراً بربرياً كلياً، وإني في هذا وذاك أقرب إلى الزعم بأن ما يحدث الآن في سوريا إن هو إلا حدث يصعب إيجاد مثيله في التاريخ.

ها هنا نرى أن الرئيس أوباما نأى بنفسه عما بدأ به باحثون وسياسيون أميركيون وغربيون، ويفصح ذلك عن نفسه في كسر جماح النظام العولمي الساعي إلى ابتلاع الطبيعة والبشر، عبر تحويلهم إلى كتل مالية في أسواق من السلع ومن مستهلكيها، أما هذا الكسر فيتحدد بالعودة إلى ليبرالية معتدلة ترى في "الدولة الرؤوم" مبدأ لها، وحينذاك يجد البشر أنفسهم أمام إمكانية تأسيس جديد لـ"مجلس للأمن" يضع الكرامة والحرية والعدالة مقابل مبدأ الفيتو وأمثاله، ونبقى نعوّل على تيار عظيم ينشأ في العالم، وفلسطين وسوريا منه، يدعو إلى الوقوف في وجه الظلم والقمع والمذلة على أيدي نُظم قائمة على الاستبداد والفساد والإفساد والجريمة، وهنا نضع يدنا على خلق عالم قد يكون بديلاً عن عالمنا.

=======================

حميد المنصوري

الشرق الأوسط... بين الواقع وقراءة طالع الفنجان

تاريخ النشر: الثلاثاء 13 نوفمبر 2012

الاتحاد

للشرق الأوسط واقع يعكس تحولات في الديموقراطية وضعفاً في النمو الاقتصادي كما هو الضعف في تحقيق الدولة القومية والصراع الإثني والعرقي. هذا ينطبق على أحوال بعض دوله على المستوى الداخلي، كما أن البعض معني ببروز دول إقليمية تسعى لتحقيق مصالحها الخاصة والتي لا تخدم أمن واستقرار المنطقة. وليس من المبالغة بأن الشرق الأوسط رغم أنه منطقة غير مستقرة، إلا أنه يحتل أولوية الدول الكبرى والقوية والصناعية لأهميته الاقتصادية والأمنية من ناحية الموارد والأسواق والاستثمار وحتى الموقع الجغرافي. هذا الواقع ما زال يدفع بالمحللين والمتخصصين بالشرق الأوسط لقراءة طالع الشرق الأوسط من خطوط وأشكال يرسمها فنجان التحليل السياسي على المستويين الداخلي والإقليمي لدول ومناطق الشرق الأوسط. كما يرى البعض في فنجانه أشكالاً كأنها صقور تتصارع وتتبارز في سمائه. فهذه المقالة سوف تقدم مختلف القراءات والتحليلات التي تحاول قراءة طالع الشرق الأوسط من قواعد تحليلية مختلفة تبدأ بالمبارزة الكبرى "بين المدرستين الإقليمية والدولية في العلاقات الدولية"، وصدام الحضارات "من منظور ديني"، والفوضى القادمة "من توقع فشل تنموي"، ونهاية التاريخ "من فرضية الازدهار والنجاح".

أولاً: المبارزة الكبرى:

 من واقع الصراعات الإقليمية كفشل تسوية السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل، والطموح العسكري والمذهبي الإيراني الإقليمي، كما في طموح تركيا لاحتلال دور إقليمي مهم وحيوي في الأمن والاقتصاد، ومن ثبات الموقع الباكستاني كلاعب مهم في علاقته الاستراتيجية مع الصين والولايات المتحدة وحالة الردع النووي مع الهند وتأثير ذلك على منطقة المحيط الهندي التي بدورها تنعكس على منطقة الشرق الأوسط، نستطيع وضع كل من إيران وتركيا وإسرائيل وباكستان (مع غياب مصري وغياب مجلس التعاون ككتلة سياسية وأمنية موجهة لأهداف)، كدول تسعى من أجل الزعامة أو البروز كإحدى الدول الرئيسية في لعبة المصالح المتبادلة مع دول إقليمية وأيضاً مع الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة روسيا الاتحادية والصين. وستكون القوة الرائدة في هذا الشرق الأوسط قوة عسكرية واقتصادية مع الموقع الجغرافي المميز وربما تعززها مسائل دينية أو أيديولوجية. والتنافس بين الخصوم الإقليميين يكون مدفوعاً بذات الدول التي تبحث عن مصالحها وأيضاً بدول خارجية كبرى وقوية. وهنا يأتي مصطلح "المبارزة الكبرى" ملائم بصورة خاصة لأن إحدى الساحات الرئيسية الدافعة للتنافس الدولي قائمة على منطقة الشرق الأوسط وفي بؤر متعددة منه، كمنطقة الخليج العربي ولبنان وسوريا والعراق بشماله وجنوبه وإيران بساحته الداخلية وطموحه، فهذه مناطق تحتوي على صراع بين الدول الإقليمية مع داعمين دوليين كواشنطن وبكين وموسكو. فالمبارزة الكبرى قد تحيي جورج أورويل من قبرهِ، فالواقع قد يشهد بروز حرب باردة جديدة معدّلة -ربما بين الولايات المتحدة والصين وروسيا- في ساحة الشرق الأوسط باعتباره مسرحاً لتنافس استراتيجي متجدد، ومثال ذلك دعم موسكو وبكين لطهران ونظام "البعث" السوري والذي يعكس بوضوح متناهي المبارزة مع واشنطن في الخليج والشرق الأوسط، كما أن واشنطن قد تستطيع خلق منظومة دفاعية لمجلس التعاون تجيد الحرب الحديثة ويكون لها علاقات خاصة مع الولايات المتحدة وربما "الناتو". وفي أسوأ الحالات فإن المنطقة يمكن أن تشهد حروباً بالوكالة مع أسباب إضافية لاستخدام أسلحة الدمار الشامل، وهنا نتذكر تحليلاً روسياً بأن موسكو ربما ترغب في صدام مسلح محدود بين إسرائيل وإيران لكي ترتفع أسعار النفط والغاز، وفي نظري أيضاً إعادة ترتيب القوى الإقليمية لصالح موسكو. في تصور معاكس ربما تقود المبارزة إلى تفاهم واتفاق أميركي روسي صيني حول قضايا أمنية واقتصادية وسياسية تعكس توزيع الأدوار والمكاسب بين الصقر الأميركي والدب الروسي والتنين الصيني في غابة العلاقات الدولية.

ثانياً: صدام الحضارات": يأتي التصور التحليلي من منظور "صامويل هنتنغتون"، والذي يفترض أنه بعد التنافس بين الشرق الشيوعي والغرب الرأسمالي فإن المواجهة العالمية الكبرى القادمة ستكون على أسس حضارية (الغرب في مواجهة البقية). وفي هذا الإطار فإن النزاع الأكثر بروزاً وخطورة سيكون بين الإسلام والغرب. وتحليلنا لقوة الإسلام السياسي في الشرق الأوسط يفضي إلى القول إن مثل هذه المواجهة بين كتلة إسلامية مع كتلة أخرى مستبعدة. لأن هناك شروطاً مسبقة لحدوث صدام الحضارات تشمل قيام العديد من الأنظمة الإسلامية الجديدة وبروز تعاون واسع بين الدول الإسلامية، ومن بينها التعاون الأمني والعسكري الذي يصل إلى أسلحة الدمار الشامل، حيث تكون هناك (قنبلة إسلامية) إضافة إلى القدرة في توحيد العدو والأهداف ونشر الأفكار المتطرفة. وفي هذا الخضم ستقع دول تحت ضغط أمني كبير يفوق قدراتها وإمكانياتها، وهي تحديداً إسرائيل وإسبانيا. والتحليل في هذا الصدد يأتي أن إسبانيا بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر كانت تحاول تسويق نفسها لأوروبا بأنها الستار الحديدي ضد دول شمال أفريقيا، وقد فشلت في ذلك لحد معين، ولكن تعد من الناحية الجيواستراتيجية لاعباً مهماً لتصورات مستقبلية في هذا الصدد. فالستار الحديدي لأوروبا يمكن أن يظهر على الخطوط الشمالية لأفريقيا والجنوبية الأوروبية، أي على طول المناطق الحدودية بين الإسلام والغرب، وسيكون البحر المتوسط بؤرة للمواجهة. لكن هذا الاحتمال بعيد جداً، وسيمثل عودة إلى ألف عام من المواجهة بين الإسلام والمسيحية المتمركزة في البحر المتوسط والبلقان، وبالفعل فقد كان الإسبان أول من وضع عبارة "guerra Fria" (الحرب الباردة) لوصف التنافس بين إسبانيا والإمبراطورية العثمانية، ثم أطلقها جورج أورويل بين الاتحاد السوفييتي الشيوعي والولايات المتحدة، كما أن هذا التصور يقتل أسس العالم المبنية على قوانين وشرعية دولية تسعى إلى تحقيق الأمن والسلم والتعاون، كما تدمر أسس العلاقات الدولية المبنية إلى حد كبير على العلمانية والمصالح المتبادلة.

ثالثاً: الفوضى القادمة: ويركز هذا التصور على الوضع الداخلي لبعض دول الشرق الأوسط، حيث يفترض انهيارات في المجتمعات بسبب تزايد التباينات الاقتصادية بين من "يملكون" ومن "لا يملكون" في المجتمع، والفوضى السياسية حول الصراع على السلطة وخروج النزاعات العرقية واسعة النطاق والهجرة، كذلك ظهور صور الفشل في التنمية والنمو الاقتصادي. وفي تصور مثل هذه البيئة ستكون هناك حاجة ماسة إلى تحالف استراتيجي للدول الإقليمية والقوى الخارجية سواء بسواء لاحتواء مثل هذا التصور المخيف. ويمكن أن نتوقع أن نمو النزاعات العرقية والقبلية والدينية يقود إلى احتواء هذه المشكلات عبر تعاضد القوى الخارجية إلى جانب قوى إقليمية أكثر قدرة. والمؤشر الأكثر أهمية الذي يفيد بأن المنطقة يمكن أن تسير نحو الفوضى سيكمن في أمثلة متزايدة من "الدول الفاشلة" التي ينهار فيها النظام الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والأمني، وربما سوريا مثال اليوم لفوضى تقود إلى استقرار نظام جديد أو يتسع أثر الانهيار السوري في المنطقة والذي يدفع لتدخل قوى خارجية عبر تحالف مع دول إقليمية كتركيا لإنهاء الفوضى السورية واقتلاع نظام "البعث". جدير بالذكر أن استقرار باكستان مهم جداً، وهنا لابد من بقاء نمو اقتصادي واستقرار أمني وسياسي، يكون السمة الأبرز لدولة نووية.

رابعاً: نهاية التاريخ: رغم هذه السيناريوهات المتشائمة، فإنه من المحتمل أيضاً أن يتطور الشرق الأوسط، أو على الأقل أجزاء مهمة منه، إلى مستويات إيجابية أكثر من منظور اقتصادي وسياسي وأمني في الفترة القادمة. وتشير فكرة "نهاية التاريخ" لفرانسيس فوكوياما (Francis Fukuyama) مباشرة إلى انتصار الليبرالية الغربية على منافسيها الإيديولوجيين باعتبارها وسيلة لتنظيم المجتمع بما لها من آثار إيجابية على النظام الدولي. ومن تصور يقرأ نهاية التاريخ السعيدة، فربما للشرق الأوسط نهاية سعيدة أيضاً، حيث تكون هناك تسوية شاملة ودائمة للنزاع العربي الإسرائيلي والقيام بإصلاحات سياسية واقتصادية ناجحة، وعمليات تداول للسلطة، والتوجه إلى اندماج إقليمي وأشكال أمن فعالة. ويفترض هذا التصور حدوث نمو اقتصادي عال وتحقيق الدولة القومية بأطر من القانون والديموقراطية والمساواة والعدالة. والمؤشرات الرئيسية لحدوث هذا السيناريو المتفائل، ستكمن في النجاح الواضح للإصلاح السياسي والاقتصادي في الدول الرئيسية والمهمة في الشرق الأوسط، إلى جانب احتمالية نهاية ناجحة لمسار السلام في الشرق الأوسط وزوال الحركات والأنظمة الثورية والدينية المتشددة. وهذه التطورات قد تكون صعبة لكنها ممكنة في مستقبل المنطقة القادم والواعد. بعد قراءة طالع الشرق الأوسط عبر أربعة تصورات وسينياريوهات، ربما تعد "المبارزة الكبرى" أكثر قرباً من وضع الشرق الأوسط حيث يدار على ساحته صراع الدول الكبرى، حيث الموارد والأسواق والأبعاد الأمنية، وهنا سوف تبرز دول إقليمية تحاول ردع بعضها البعض لمصالحها الخاصة ومصالح الدول الكبرى، على سبيل المثال لا الحصر تركيا أو مجلس التعاون مقابل إيران وحلفائها. أما فكرة صدام الحضارات فإنها مستحيلة بسبب أن العالم قائم على أسس وشرعية دولية تنظم إلى حد كبير جداً علاقات الأمم والدول رغم بعض التجاوزات عليها، وتحترم الإنسان باختلاف عقائده وثقافاته وأعراقه. أما فكرة الفوضى ونهاية التاريخ سوف تكون حال بعض الدول في الشرق إما الفشل أو النجاح في تحقيق نمو اقتصادي عال وتقديم تنمية اجتماعية واقتصادية مع تحقيق العدالة والمساواة.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ