ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 12/11/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

مقالات مختارة من الصحف العربية ليوم

11-11-2012

أوباما والشرق الأوسط مستقبلاً

تاريخ النشر: الأحد 11 نوفمبر 2012

د. رضوان السيد

الاتحاد

ما لعبت قضايا الشرق الأوسط ومشكلاته دوراً بارزاً في المعركة الانتخابية الأميركية. أما في المراحل المبكرة فقد زايدَ المرشحان أوباما ورومني أحدهما على الآخر في دعم إسرائيل. فكلاهما وعد بالاعتراف بالقدس عاصمةً للكيان الصهيوني. وقال رومني في زيارة قام بها لنتنياهو إنه صديق قديم له، وإن الفلسطينيين لا يريدون السلام. واتهم رومني أوباما بأنه تخاذل أمام إيران وملفها النووي. وفي النقاش الثاني بين أوباما ورومني قال الأخير إنه إنْ فاز فسيدعم الثوار السوريين بالسلاح، بينما تحدث أوباما عن المساعدات الإنسانية، وعن الدعم اللوجستي للثوار.

هناك إذن ثلاث قضايا شرق أوسطية حاضرة في الفترة الأخيرة، هي الثورة السورية، والملف النووي الإيراني، والقضية الفلسطينية. والمعروف أن إدارة أوباما لا تزال تدعم حلاً سياسياً في سوريا، وتختلف مع الروس والصينيين فقط (أو من الناحية النظرية): هل يكون الأسد جزءاً من المرحلة الانتقالية أو تحصل بدونه، بل مع أُناس من نظامه "لم تتلوث أيديهم بالدم"؟ أما الأوروبيون وبخاصة الفرنسيون والبريطانيون فهم أكثر حزماً وصراحةً في دعم الثوار، والقول بإنهاء الأسد ونظامه. وهو ما يقوله الأتراك أيضاً. وقد قالت الأطراف الثلاثة في مناسباتٍ عِدّة إنها تنتظر انتهاء الانتخابات الأميركية لكي تصل مع الأميركيين إلى "خطة" لإنهاء حكم الأسد. بيد أن وزيرة الخارجية الأميركية فاجأت السوريين قبل عشرة أيام بالدعوة إلى إنهاء "المجلس الوطني"، والدفع إلى الأمام برياض سيف ومبادرته الجديدة. وقد كان المفهوم أن الأميركيين يستعجلون إقامة حكومة مؤقتة بالخارج أو بالداخل على أساس من مبادرة سيف. واكتفت الأطراف الأخرى بدعوة المعارضة السورية إلى التوحد. وقد قال رئيس الوزراء البريطاني كاميرون بعد أن زار السعودية والأردن إنه سيقنع أوباما بالاهتمام أكثر بالأزمة السورية. وهكذا لا يريد الجميع التدخل العسكري كما فعلوا في ليبيا. لكنهم سواء كانوا، عرباً وأوروبيين وأتراكاً وأميركيين، يستعجلون الإجماع على حكومة مؤقتة يعترفون بشرعيتها، ويدعمون "الجيش السوري الحر" بالسلاح للإسراع في إنهاء النظام. والمنتظر خلال الأسبوعين القادمين أن يتشكل غطاء عربي للأمرين من خلال الجامعة العربية، أو من خلال مجلس التعاون الخليجي، ويكون المنطلق من تركيا والأردن. وقد أفهمَ وزيرُ الخارجية الروسي الجميعَ في زيارته لمصر والأردن أن روسيا وإيران لن توافقا على شيء من ذلك. لكن الخليجيين والغربيين الذين لا يطمحون في الوصول إلى توافق في مجلس الأمن، لا يبدون خائفين مما يمكن لروسيا القيام به في حالة الإقدام على دعم الثوار بالسلاح، وربما لأن الروس فعلوا كل ما بوسعهم لدعم الأسد بالسلاح والخبراء وما استطاعوا إخماد الثورة. ثم إن الإيرانيين أضافوا إلى السلاح والأموال للأسد، إرسال خبراء كثيرين، ومقاتلين من العراق و"حزب الله". وبالنظر لهذا كله؛ فإن شهري نوفمبر وديسمبر سيكونان حاسمين. وقد قال الأمين العام للجامعة العربية في قطر إن نظام الأسد لن يستمر طويلاً!

أما بالنسبة للملف النووي الإيراني، فإن مقاربة أوباما في السنوات الثلاث الأخيرة انتصرت على مقاربة نتنياهو، حتى بالداخل الأميركي. فقد اعتمد في الضغط على الحصار الخانق، والدبلوماسية المبادرة، وتجنب الحل العسكري أو التهديد به. ويبدو أن هذه المقارنة بدأت تؤتي ثمارها. فقد ناءت إيران تحت وطأة الحصار، وعرضت قبل شهر وقف التخصيب مع ضمانات لاستمرار النوويات لديها. ونصحها الأميركيون بالتفاوض مع الإسرائيليين مباشرة، فإن اقتنعوا فيمكن مناقشة ما يعرضونه ضمن لجنة الـ 5+1، وهكذا فالإيرانيون يتفاوضون مع الإسرائيليين تحت الطاولة منذ ثلاثة أسابيع. وربما عاد التفاوض العلني في أواخر شهر نوفمبر الحالي. فربما اتخذ الإيرانيون بالفعل قراراً بتأجيل النووي من أجل تفكيك الحصار بالتدريج: على أن هذه الانفراجة إن حصلت، فلن تكون لها آثار إيجابية على المنطقة العربية. لأن الإيرانيين أنشأوا منطقة نفوذ في العراق وسوريا ولبنان. وإذا خرجت سوريا من أيديهم بذهاب الأسد فسيظلون يزعجون العرب (والأتراك) عبر كل من العراق، ولبنان، واليمن، والبحرين. والمعروف أنه منذ أن استولى "حزب الله" على الحكومة في لبنان، فإن سلاماً ساد بينه وبين إسرائيل إلى حين إرسال الطائرة بدون طيار، ليقول الإيرانيون للإسرائيليين إنهم يستطيعون إزعاجهم إن ظلوا مصرين على تحريض العالَم على إيران!

وإذا كان الأميركيون قد تخاذَلوا خلال العام الأخير في المسألة السورية، فإنهم كانوا أكثر تخاذُلاً في المسألة الفلسطينية. فقد وقفوا هم والأوروبيون عملياً مع الإسرائيليين، ليس في الاستيطان والخنق المالي فقط، بل وفي الوقوف في وجه مساعي الفلسطينيين للحصول على العضوية بالأمم المتحدة! وستمضي السلطة الفلسطينية آخِر شهر نوفمبر الجاري لتطلب من الأمم المتحدة مرةً أخرى وضع الدولة غير العضو بالمنظمة الدولية. وسيكون الأميركيون والأوروبيون في وضع شديد الحرج إن اعترضوا على ذلك، لأن السلطة سوف تنهار إذ لم يَعُدْ لها داع وسط التضييق المالي الإسرائيلي والدولي عليها. وقد هدد وزير الخارجية الإسرائيلي ليبرمان بالفعل بتقويض السلطة الفلسطينية إن ذهبت للأمم المتحدة!

لقد أحدث فوز أوباما الثاني فرحة متواضعة لدى العرب هذه المرة. وذلك بالنظر إلى الوفاء الضئيل أو المعدوم بكل وعوده في السنتين الأوليين من فترته الأولى في الرئاسة. لقد استطاع تحسين علاقة الولايات المتحدة بالأفارقة وبالعالم الإسلامي. لكنه ما قام بشيء بالفعل بالنسبة للعرب، ربما باستثناء عدم إثارة الحروب ضدهم مثل إدارة بوش. ولو نظرنا إلى المشهد لوجدنا أنه سلم العراق عند انسحابه منه إلى إيران. وما دعم الثورة السورية. واستحسن بعضُ رجال إدارته تسليم لبنان لإدارة "حزب الله" شريطة عدم التحرش بإسرائيل!

لقد خدمت الثورة السورية المنطقة العربية، بزعزعة المحور الإيراني. ووسط الاضطراب الشديد، حفظ مجلس التعاون الخليجي المصالح العليا للأمة العربية. ومن واجب العرب الآن إعانة الشعب السوري على إنجاز التغيير، بما يُنهي سفْك الدم، ويُخرج إيران من سوريا، ويُضعِفُها في لبنان. ومن واجب العرب أيضاً الضغط على الأميركيين والأوروبيين من أجل الدخول مجدداً في حل الدولتين، وصَون وضْع القدس. بيد أن الواجب الأول والأخير يتمثل في أمرين: إنهاء الانقسام الفلسطيني، ودفع مصر للعودة إلى المجال العربي الاستراتيجي. ولأميركا في زمن أوباما الثاني علاقة وثيقة بذلك كلِّه.

=================

المعارضة تسعى لتوحيد صفوفها

الأزمة السورية... وتفاقم الحالة الإنسانية

تاريخ النشر: الأحد 11 نوفمبر 2012

الاتحاد

بينما يقترب العنف المتواصل في سوريا من شهره الحادي والعشرين، تحذر الأمم المتحدة من أنه بنهاية 2013 سيكون نحو 4 ملايين شخص في سوريا في حاجة إلى المساعدات الإنسانية. ولكن بينما تشير المنظمات الدولية وزعماء العالم ومجموعات المعارضة السورية بإلحاح إلى المخاطر الناجمة عن استمرار سفك الدماء وارتفاع حصيلة القتلى في سوريا، يتجاهل بشار الأسد كافة الدعوات الموجهة إليه للتنحي عن الحكم.

ففي مقابلة مع قناة “آر تي تي في” الروسية، زعم الأسد أن سوريا لا تواجه حرباً أهلية، وإنما تواجه “إرهاباً بالوكالة”.

وقال الأسد في المقابلة، التي بثت مباشرة يوم الجمعة: “إن الأمر لا يتعلق بالمصالحة مع الشعب ولا بالمصالحة بين السوريين والسوريين، فنحن ليست لدينا حرب أهلية. بل إن الأمر يتعلق بالإرهاب والدعم الذي يتلقاه الإرهابيون من الخارج من أجل زعزعة استقرار سوريا. هذه هي حربنا”.

وفي الآونة الأخيرة كانت ثمة تقارير حول انضمام من قيل إنهم أتباع لتنظيم “القاعدة” إلى القتال ضد النظام في سوريا، كما أفادت صحيفة “كريستيان ساينس مونيتور”، وهو أمر أثار مخاوف بشأن تزويد من يقاتلون الأسد بالأسلحة.

وحسب النشطاء، فقد حصد النزاع السوري أرواح ما يقدر بـ 36 ألف شخص، وتسبب في نزوح نحو 1,2 مليون آخرين، وفق الأمم المتحدة. وقد يعني الفشل في إنهاء القتال هناك فرار 700 ألف لاجئ سوري إلى البلدان المجاورة بحلول أوائل 2013، كما تقول وكالة “أسوشييتد برس”. وفي الإطار نفسه، قال مسؤول في الأمم المتحدة للوكالة إن ما يصل إلى 9 آلاف سوري عبروا إلى تركيا ليلاً هرباً من العنف الذي يضرب البلاد، وذلك نقلًا عن مسؤولين في تركيا التي أظهرت فيها صور الفيديو لاجئين يعبرون سياج الأسلاك الشائكة الذي يفصل بين البلدين.

غير أن التدخل الدولي من شأنه أن يؤدي إلى كارثة عالمية، يحذر الأسد في حواره الصحفي مع قناة “آر تي تي في”. وفي هذا السياق، قال الأسد: “أعتقد أن ثمن هذا التدخل، إذا ما حدث، سيكون أكبر مما يستطيع العالم كله تحمله”. يذكر هنا أن عائلة الأسد تحكم سوريا منذ أربعين عاماً. ويشير الأسد في كثير من الأحيان إلى هشاشة المنطقة ودور سوريا في إحداث توازن بين الأقليات الدينية المختلفة باعتبارهما عاملين رئيسيين في الحفاظ على الاستقرار الإقليمي، تقول صحيفة “لوس أنجلوس تايمز”.

وقال الأسد للقناة التلفزيونية الروسية: “إننا آخر معقل للعلمانية والاستقرار في المنطقة والتعايش. سيكون لذلك تأثير الدومينو بحيث سيؤثر على العالم من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهادي، وأنتم تعلمون التداعيات على بقية العالم”.

وقال الأسد إنه لا يعتقد أن الغرب سيغزو سوريا، وهو شعور عكسته افتتاحيات الصحف عبر الولايات المتحدة، مثل افتتاحية تحت عنوان “المسار الحكيم بخصوص سوريا” نشرت في صحيفة “لوس أنجلوس تايمز”.

ومما جاء في الافتتاحية: “ليست ثمة رغبة للشعب الأميركي في تدخل عسكري أميركي في سوريا. وهذا الرفض أمر حكيم. فعلى رغم ألم مشاهدة مقتل عشرات الآلاف من السوريين في الحرب الدائرة رحاها بين نظام الأسد والثوار المتأثرين بالربيع العربي، إلا أن إرسال جنود أميركيين أو حملة من الضربات الجوية تحت عنوان منطقة حظر طيران سيتسبب في تورط الولايات المتحدة في نزاع لا يمكن التنبؤ به مع حليف لإيران مدجج بالسلاح نيابة عن قوات ثائرة تعاني الانقسام والتشرذم. ثم إن مد الثوار بالسلاح في هذه المرحلة سينطوي على مخاطر غير مقبولة تتمثل في احتمال سقوطه بين أيدي متطرفين إسلاميين”.

غير أن الأسد لفت في حواره الصحفي إلى أنه في حال تدخل الغرب عسكرياً، فـ”لا أحد يستطيع التنبؤ بما سيحدث”.

وينظر البعض إلى مجموعات المعارضة السورية لتتقلد دوراً موحداً أكثر في مواجهة العنف الكارثي الذي يعصف بسوريا ولتساهم في لعب دور نشط في حل النزاع.

وهذا الأسبوع التقى زعماء المعارضة في قطر لتوحيد المعارضة السورية الداخلية، والخارجية في المنفى. ويعتبر المجلس الوطني السوري أبرز مجموعة معارضة، ولكنه يتعرض لانتقادات بسبب حالة الانقسام التي تعتريه، وحقيقة أن معظم قادته يوجدون خارج البلد الذي تمزقه الحرب.

وقد انتخب المجلس قيادة جديدة يوم الجمعة ، قبل أن ينكب على بحث دور في “المبادرة الوطنية السورية” المقترحة، التي سيكون له فيها دور محدود، تقول هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”. وفي هذا الإطار، قال المعارض هيثم المالح لوكالة الأنباء الفرنسية: “نأمل أن نستطيع التوصل لاتفاق بعد نجاح المجلس الوطني السوري في انتخاب قيادة جديدة”.

وحسب المشاركين، فقد اتفق كل المندوبين على مخطط للمرحلة المقبلة باستثناء المجلس الوطني السوري، الذي ألح على ضرورة الحصول على مهلة يوم من أجل استكمال عملية تغيير قيادته. وينص المخطط المقترح على تشكيل بنية معارضة موحدة تسمح بعمل عسكري منسق ضد النظام، إضافة إلى توزيع المساعدات الإنسانية وإدارة المناطق الواقعة تحت سيطرتها، كما يقولون.

وقد أخبر أحمد بن حلي، نائب أمين عام الجامعة العربية التي ترعى الاجتماع مع قطر، الصحفيين بأن المندوبين دُعوا إلى تجاوز الانقسامات الحادة التي تقف حجر عثرة أمام جهودهم الرامية إلى خلع الأسد. وقال بن حلي في هذا الصدد: “إن المعارضة مدعوة للاتفاق بشأن هيئة قائدة تحظى بالمصداقية بين الشعب السوري والمجتمع الدولي”.

وكانت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند قالت في وقت سابق من هذا الأسبوع إن واشنطن ترغب في “معارضة تمثل عدداً أكبر من المجموعات، وتمثيلاً جغرافياً أكبر، وعدداً أكبر من الأشخاص المنخرطين ميدانياً مع مجالس التنسيق المحلية، ومع المجالس الثورية”، كما نقلت صحيفة “كريستيان ساينس مونيتور”.

وعلى رغم انقسام المعارضة، إلا أن البعض يرى أن واشنطن ليست مستعدة لما قد يأتي من سوريا ما بعد الأسد، تقول صحيفة “كريستيان ساينس مونيتور”. وفي هذا السياق، يقول نديم شهادي، الخبير في شؤون الشرق الأوسط بمركز “تشاتام هاوس” في لندن: “في قرارة نفسها، أعتقد أن الولايات المتحدة ترغب في بقاء الأسد”، مضيفاً “إن التحدي لا يكمن في توحيد المعارضة، وإنما في حقيقة أنهم يطرقون باباً لن يفتح، وهو الدعم الأميركي”.

وفي يوم الجمعة عقد المنتدى الإنساني الخامس لسوريا في جنيف، حيث اجتمع ما يناهز 400 منظمة دولية وحكومة ومنظمات المساعدات من أجل مناقشة الوضع الإنساني في سوريا. وفي هذا الإطار، نقلت وكالة أسوشييتد برس عن “جون جينج”، مدير العمليات للمكتب الإنساني التابع للأمم المتحدة، قوله: “ينبغي أن يعلم الجميع مدى سوء الوضع داخل سوريا بالنسبة للناس هناك، ومدى قساوته، ومدى معاناتهم واحتياجاتهم الإنسانية المتزايدة”.

وأضاف قائلاً: “إن الأمر يزداد سوءاً بسرعة بالنسبة للناس العاديين”.

ومن جانبه، أعلن رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن منظمته تكافح من أجل الاستجابة للاحتياجات في سوريا، حسب صحيفة “ذا تايمز”. وقال بيتر مورر، رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر للصحفيين، في هذا الصدد: “إن الوضع الإنساني يزداد سوءاً على رغم ازدياد حجم العملية”، مضيفاً “إننا لا نستطيع مواكبة تردي الوضع”.

ويتني يوليك

واشنطن

نشر بترتيب خاص مع خدمة

«كريستيان ساينس مونيتور»

=================

«إبستمولوجيا» الأزمة السورية

المستقبل - الاحد 11 تشرين الثاني 2012 - العدد 4516 - نوافذ - صفحة 11

دمشق ـ غازي دحمان

تغري حالة الإستعصاء التي تمر بها الأزمة السورية، والسقوط المذل للحقل السياسي، بكامل بيدر أدواته وجلال هيبته وعنجهيته، بالانتقال إلى حقول معرفية أخرى علها تساعد في توصيف الأزمة، تمهيداً للوصول إلى مخرج لحلها.على إعتبار أن التوصيف الدقيق للازمة يشكل نصف الطريق لحلها.

ثمة في مجالات المعرفة حقول عدة يمكن الركون إليها لتشخيص طبيعة الأزمة، فمن حقل الفيزياء يمكن قراءة الأزمة بوصفها حركة ضمن عملية انفكاك بواسطة قوة دفع إجتماعية، هدفها إعادة تشغيل منظومة العمل بطريقة تجعلها أكثر قدرة على الإنطلاق صوب الأهداف المأمولة ( إجتماعياً وسياسياً )، من خلال تجديد ميكانيزمات عمل تلك المنظومة، ولا شك أن إنجاز هذه العملية يتطلب التخلص من أجزاء كثيرة من الجسم المراد ترشيقه ودفعه، وهو هنا الدولة بمؤسساتها وبناها وهياكلها وقوانينها وأيديولوجياتها.

ولكن عند هذا الحد تبرز إشكالية تجعل من قدرة الحقل الفيزيائي أقل تأثيرا في ضمان إيجاد التفسير المناسب لها، وبالتالي تضعّف من قدرته على إيجاد العلاج المناسب لها، وهي إشكالية تماهي الدولة ( الجسم المراد تجديده) كمتغير ثابت، مع النظام ( الإطار أو الأطر الحاكمة) بوصفه متغيرا مستقلاً، ذلك أن حالة الإلتصاق العضوي المفروضة تستدعي عملاً جراحياً، وأدوات من نوع المشارط والمقصات الأمر الذي يحيل القضية إلى الحقل الطبي، وإستعارة يعض مفاهيمه.

وهنا يمكن توصيف الحالة السورية على الشكل التالي، أن النظام إستطاع، وفي لحظة ضعف مناعة في الجسم السوري أن يغرز مخالبه في هذا الجسم، وصار أن تكيف هذا الجسم مع هذه الحالة الطارئة وبنى حولها لحما وجهز لها شبكة متكاملة من الشرايين والأوردة لتنقل له الغذاء والدماء اللازمة لضمان إستمراره وربطها بأحد أعضاء الجسم، وصارت مع الزمن جزءا لا يتجزأ منه، صحيح أن هذا الجزء بقي أقرب إلى صفة اللحم العاطل لكنه انتشر على مساحة واسعة من الجسم.

واليوم ولدى محاولة الجسم السوري التخلص من هذا الجزء فإنه سيقتلع معه أجزاء من لحمه مما يجعل جروحه مفتوحة ومهددة بالإلتهاب والتعفن، الأمر الذي يتطلب تدخلاً إسعافيا وغرفة إنعاش كي لا تفتك الإلتهابات ببقية الجسم؟

غير ان معادلات التدخل هنا، في رياضيات العلاقات الدولية، تبدو عملية معقدة جداً، نظرا لحساباتها الكثيرة، التي نبدأ بحسبة التكاليف الاقتصادية وقراءة معادلات القوة وموازينها، ولا تنتهي عند حدود الهندسات الإستراتيجية والقسمة الدولية، بعد جمع وطرح الخيارات وتركيب وتفكيك الاحتمالات ورسم الأفاق الجغرافية، ناهيك عن تدخل تأثير عناصر الكيمياء العنصرية التي لاترى في أهمية أو قيمة لشعب شرق اوسطي مختلف في اللون والعقيدة، وغير ذي جدوى إقتصادية.

ولعل فلسفة ذلك تكمن في حقيقة أن عالم القرن الواحد والعشرين، والقوى الكبرى فيه، باتت ترى أنه من الحكمة عدم الإنجرار إلى المواقع التي تحمل شبهة إمكانية إستنفاذ مقدراتها، مع الإصرار على إستثمار هذه المواقع وتوظيفها في إستنفاذ جهود خصومها، وعمل ما يلزم لإستمرار ذلك.

أمام كل ذلك هل نستغرب إذا إزدهرت الميتافيزيقيا في الوعي الشعبي لدى الشعوب المسحوقة، ولماذا نستنكر صيحات( ياالله مالنا غيرك ياالله، ياالله عجل نصرك ياالله)؟. وامام هذه اللوحة المعقدة تنتصب عقد المشرق، خارج العيادة النفسية، حاملة لواء المؤامرة لوصف ثورة فقراء الحرية ومظلومي الإستعباد والإستبداد المديد.

لكن ورغم كل ما سبق لامناص من العودة إلى حقل السياسة والإستناس به، وذلك لقدرته الهائلة على هضم وإستبطان، ومن ثم توظيف كل المعارف في خدمته، ولمصلحة تحليلاته وتنبؤاته، وفي المثال السوري، ثمة ثورة ضد الإستبداد والفساد والتهميش، وهذه الثورة أثبتت قدرتها على الصمود والإستمرار نتيجة قدرة حاملها الإجتماعي والسياسي، رغم بعض الأخطاء وقلة الخبرة، في مواجهة نظام لم يملك يوماً شرعية سياسية للحكم، والتنبؤ السياسي السليم هو إنتصار هذه الثورة نظراً للممكنات الهائلة التي لاتزال تختزنها.

=================

اشتداد الأزمة السورية والداخل الأردني

د.باسم الطويسي

الغد الاردنية

11-11-2012

ثلاثة تحولات أساسية تقود إلى إعادة التفكير في التدابير الأردنية  الداخلية المتعلقة بالتعامل مع تداعيات الأزمة السورية، في الوقت الذي تتجه فيه الأمور في سورية نحو تصعيد غير مسبوق وإعادة تموضع في التقديرات الاستراتيجية؛ ليس في المحيط الإقليمي، بل وسط قوى المعارضة وتحالفاتها، هذه التحولات هي:

أولا: ازدياد حركة اللجوء نحو الأردن بشكل فاق التوقعات الأردنية التقليدية في كافة مراحل الأزمة، تلك التوقعات التي تعاملت على أساس أن أعداد اللاجئين لن تتجاوز 200 ألف لاجئ في اسوأ الظروف، ولكن الأرقام الرسمية تتحدث اليوم عن تجاوز الرقم ربع مليون لاجئ، بينما الأرقام غير الرسمية قد تضيف مائة ألف أخرى جلهم أولئك المنتشرون في المحافظات، في الوقت الذي ازدادت فيه حركة اللجوء بشكل كبير خلال الأيام الأخيرة حتى وصل معدلها في بعض الأيام الى الف لاجئ في يوم واحد، وحسب رئيس الوزراء أصبح الأردن الدولة الأولى في العالم التي تستضيف لاجئين بالمقارنة مع عدد السكان، ما يطرح أسئلة حرجة على الدولة الأردنية تحتاج إجابات سريعة وحكيمة توازن بين المسؤولية الأخلاقية والقومية وبين المصالح والظروف والمحددات الداخلية، وعلى رأسها الأزمة الاقتصادية العاصفة، ما يعني عمليا متى سيكون خيار إغلاق الحدود وتحت أي ظروف، بعدما أصبح احد الخيارات الموضوعة على الطاولة.

 ثانيا: ازدياد حدة العمليات العسكرية في جنوب سورية خلال الأسابيع الماضية، وأردنيا يقصد بالجنوب السوري من دمشق مرورا بدرعا وصولا الى المنفذ الحدودي. والأخطر من ذلك أن العمليات العسكرية المتبادلة التي تضرب دمشق في العمق باتت تستهدف مخيم اليرموك  بشكل مباشر، وهو أقدم وأكبر مخيم للاجئين الفلسطينيين في سورية، أنشئ العام 1957 ويضم نحو 200 ألف فلسطيني مع تجمعات اللاجئين القريبة منه. يستهدف المخيم في هذا الوقت من قبل كافة الأطراف من الجيش النظامي ومن الجيش الحر ومن التنظيمات السلفية، كل يصفي حساباته وعلى طريقته؛ وتحديدا بعد محاولات تنظيم أحمد جبريل (الجبهة الشعبية - القيادة العامة) بالزج بعناصر مسلحة من المخيم في المعركة الدائرة في سورية.

 انعكاسات اشتداد الأزمة السورية تضع المخيم على فوهة بركان، وتفرض عدة سيناريوهات في معركة دمشق؛ منها تحويل المخيم إلى ساحة لصراع عنيف بين الجيشين النظامي والحر، وسيناريو آخر يذهب نحو مواجهة بين الجيش الحر والجبهة الشعبية التي تسيطر على مفاصل هامة في المخيم، والسيناريو الثالث اقتتال فلسطيني – فلسطيني داخل المخيم على خطوط التماس بين طرفي المعادلة السورية. كل السيناريوهات تذهب الى أن المخيم سيدفع الثمن وسيكون ضحية مرحلة الحسم أومرحلة ما قبل الحسم، ما سيدفع نحو عملية تهجير ولجوء هائلة. وهنا يحتاج هذا الأمر إلى تفكير أردني معمق بعيدا عن المواقف المعلبة والحساسيات المسبقة والمعارك الواهمة التي تثار بين وقت وآخر على الساحة الأردنية، كلما جاءت سيرة اللاجئين وحق العودة.

ثالثا: إعادة التموضع في السياسة الخارجية الأردنية من الأزمة السورية، حيث تزداد القراءات التي تمهد إلى تغير في الموقف الاستراتيجي والسياسي المعلن والممارس عمليا إزاء الأزمة السورية منذ ما يقارب عاما ونصف العام والذي اتسم بالحياد والدعوة الى الحل السياسي. يأتي تبرير الموقف الاستراتيجي المنتظر الذي يحتمل أن يكون أكثر اشتباكا سياسيا في الأزمة تحت قائمة طويلة من المبررات أهمها ازدياد ضغط المحاور الإقليمية على الأردن والذي انعكس في تعبيرات سياسية واستراتيجية، لعل أهمها الضغوط الاقتصادية التي تمارس على الأردن بكل وضوح.

 اشتداد الأزمة السورية يتطلب أردنيا تأثيرا في مسار الأحداث، وأي تغير في الموقف السياسي يحتاج تقديرا دقيقا للموقف الداخلي.

=================

في خطاب الوداع: بشار ينعى العلمانية!

ياسر أبو هلالة

الغد الاردنية

11-11-2012

اختيار بشار الأسد لقناة روسيا اليوم لبث "خطاب الوداع" يعادل إعطاء المقابلة لتلفزيون المنار أو دنيا. فهو ومستشاروه الإعلاميون يدركون أن الغرب، بعد كل هذه المجازر، لم يعد أذنا صاغية له. هو يخاطب حلفاءه الذين يشاركونه في الجرائم، ويحاول أن يستنهض هممهم لتقديم المزيد من الدعم. وفي نداء الاستغاثة، يحذر بشار من مغبة سقوطه،  "خصوصا أننا المعقل الأخير للعلمانية والاستقرار والتعايش في المنطقة، فإن ذلك سيكون له أثر "الدومينو" الذي سيؤثر في العالم من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهادي".

في أسلوب الأستذة الذي يمارسه، لم يكشف لنا ما هي العلمانية والتعايش والاستقرار بعد عقود من أسوأ نظام طائفي دموي حطم دولة الاستقلال التي تأسست على ركني العروبة والإسلام. وفيها تحولت  الأقليات الدينية والإثنية إلى أكثريات سياسية في ظل دولة المواطنة. في سورية وبدون افتعال وصل المسيحي والكردي إلى موقع رئيس الوزراء، وفتح الجيش أبوابه لأبناء الطوائف كافة ولم يكن جيش العرب السنة. وبسبب التسامح هذا تمكن الطائفيون من اختراق الجيش والهيمنة عليه، هؤلاء الضباط ومنهم حافظ الأسد هم من أنهوا تجربة الوحدة العربية مع مصر، كما أنهوا تجربة الديمقراطية.

السوري قبل النظام الطائفي، كان منسجما مع إرثه الحضاري، ومع الديمقراطية، وصنع وحدة وطنية مع ذاته وعربية مع مصر بدون بساطير العسكر. دستور سورية الاستقلال، كما يكشف الباحث في مركز دراسات الوحدة العربية عبدالرحمن باروت، ويؤيده في ذلك المراقب العام للإخوان المسلمين سابقا علي صدر الدين البيانوني كان من أبرز من صاغوه مؤسس الإخوان في سورية وعميد كلية الشريعة الدكتور مصطفى السباعي. وفي مداولات الدستور كان الشيخ السباعي تقدميا، كما يكشف باروت وهو بعثي سابق، في صياغة علاقة الدين بالدولة وبناء مفهوم المواطنة. وهذا الرأي التقدمي لم يكن في مقابلة صحفية وإنما في مداولات الدستور.

جاءت انتخابات الجمعية العامة واللجنة التنفيذية والرئيس في المجلس الوطني السوري، منسجمة مع إرث السباعي، عندما انتخب المناضل جورج صبرا في تجربة هي التجربة الديمقراطية الأولى للشعب السوري بعد سنوات طويلة، واعتبرها صبرا درسا في الوحدة الوطنية، و"بروفة" للانتخابات المحلية والعامة وانتخاب رئيس الجمهورية في سورية بعد رحيل الأسد.

وأضاف: "دعم حركة الإخوان المسلمين لمرشح مسيحي من أجل رئاسة المجلس الوطني دليل على نضجها ووعيها لإمكانية عيش الفئات المختلفة معًا"، لافتا إلى أن المسلمين والمسيحيين في سورية عاشوا بسلام على مدى قرون، وأن أحد وزراء الأوقاف في سورية، قبل عهد الأسد، كان مسيحيا.

صحيح أن العلمانية بمفهوم آل الأسد انتهت. وليس مطلوبا اليوم الدخول في سجال حول العلمانية. المطلوب العودة إلى سورية الحقيقية التي ينتخب فيها فارس الخوري وجورج صبرا وميشيل كيلو  وغيرهم. لا سورية التي تفرض طائفة نفسها بالحديد والنار والمجازر. إن سورية الغد ستكون لكل أبنائها، والعلويون سيكونون الكاسب الأكبر من سقوط النظام. سيكتشفون أن قوة المواطنة التي قدمت طوعا ورضا أوباما ابن الأقلية السوداء ورومني ابن أقلية المورمون أبقى وأقوى من قوة أجهزة الأمن والشبيحة، وسيفاجؤون بأن العدالة والتنمية هي التي تنهض بمناطقهم وتعطيهم خيارات واسعة. أما احتكار الأمن والجيش فلم يعد لمناطقهم بغير الفقر والبؤس.

 يحتاج بشار الأسد لقراءة الواقع قبل قراءة التاريخ. من الواضح في مقابلته الوداعية أنه يجهل أو يتجاهل تاريخ سورية وواقعها ومستقبلها أيضا.

yaser.hilala@alghad.jo

=================

الطائفية في جدلية الأقليات والثورات * ياسر الزعاترة

الدستور

11-11-2012

من بين حالة ما يشبه الاجماع الفلسطيني خلف الثورة السورية، تماما كما هو الحال في غالبية الدول العربية، خرج 70 مثقفا وكاتبا وشاعرا كما وصفوا أنفسهم (من فلسطينيي الأراضي المحتلة عام 48) ليجدفوا ضد التيار، وليعيدوا على مسامع الناس ذات المعزوفة التقليدية التي رددها بعض اليساريين والقوميين الذين يقفون خلف النظام السوري، والتي لخصها أحدهم بالقول “أعداء سوريا يستعملون كل الطرق والوسائل لتفتيت العالم العربي، حيث إنهم فتتوا العراق واليوم يريدون تفتيت سورية ولكن شعبنا العربي فيها وأمتنا العربية سيقفان أمام هذه المؤامرة الاجرامية التي تقودها الولايات المتحدة ضد العالم العربي”.

حين تنظر في أسماء الموقعين على البيان، ستجد دون عناء أن كثيرا منهم ينتمون إلى أقليات غير مسلمة، إلى جانب شيوعيين ويساريين وقوميين (يتحدرون من عائلات مسلمة)، وهو ذات الحشد الذي يقف إلى جانب بشار الأسد داخل سوريا نفسها، وبالضرورة في لبنان أيضا.

ورغم أن الشيعة ينتمون إلى فئة الأقليات في العالم العربي والإسلامي، إلا أننا سنستثنيهم بعض الشيء هنا، أولا لأن السبب الأساسي في انقلاب مواقفهم يتعلق بسوريا وعلاقتها بالمحور الإيراني (في المحصلة تبعيتهم العملية لموقف إيران)، وثانيا لأنهم يشكلون أغلبية مثلا (أي النصف أو أكثر قليلا) في بلدين هما العراق والبحرين. ولعل موقفهم السلبي من الحراك الإصلاحي في الكويت يكشف بعض التناقض في مواقفهم، مقابل انحيازهم الشامل للحراك البحريني الذي يتقدم عندهم على أي حراك آخر.

الفئات التي تعنينا هنا هي تلك التي اتخذت موقفها بناء على هواجس طائفية تتعلق بالصورة التي رسمها الربيع العربي لنفسه؛ أولا من خلال اللون الإسلامي الذي طبع حراكه (المساجد وأيام الجمعة)، وثانيا بسبب نتائج الانتخابات التي أجريت لاحقا في أكثر من بلد عربي.

هنا يمكن القول إن الأمر لا يتعلق بالتحول الذي طرأ على صيرورة المواقف بعد الثورة السورية، بل سبقها أيضا، بدليل موقف الأقلية القبطية في مصر والتي دعمت غالبيتها نظام مبارك حتى الرمق الأخير، فيما وقفت بقضها وقضيضها إلى جانب أحمد شفيق خلال الانتخابات في محاولة لاستعادة النظام القديم من خلال الآليات التي فرضتها الثورة.

دعك هنا من لعبة المناكفة والتقليل من شأن هذا الطرح التي سيحاولها البعض من خلال الحديث عن عدم صحته عبر القول إن من الأقباط من وقفوا مع الثورة وضد أحمد شفيق، أو وقوف تيار سمير جعجع في لبنان مع الثورة. نقول ذلك لأن الشذوذ لا ينفي القاعدة وإنما يثبتها، والأقليات كغيرها ليست كتلا مصمتة لا وجود لاختراقات فيها.

اللافت هنا أن الأقليات المذكورة لم تقصر في استخدام المبررات التي ساقها عناصر التيارين اليساري والقومي في سعيهم لإثبات صحة موقفهم من الربيع العربي عموما، ومن محطته السورية على وجه الخصوص، وبالطبع كي لا ينكشف البعد الطائفي لموقفها وهواجسها على نحو يستفز الأغلبية، مع العلم أن كثيرا من منظري التيارين إياهما ينتمون لتلك الأقليات أيضا، بخاصة التيار اليساري.

لكن ذلك لم يكن ليغطي الموقف بحال من الأحوال، إذ أن الناس ليسوا جهلة حتى يعجزوا عن تمييز دوافع المواقف لهذا الفريق أو ذاك؛ بين الدافع الحزبي والأيديولوجي، وبين الدافع الطائفي، فضلا عن المذهبي كما هو الحال بالنسبة للشيعة الذي يرون بالمناسبة أن العلويين (في سوريا) كفار وليسوا مسلمين، لكن التحالف الإيراني فرض نفسه وحساباته، بما في ذلك على حزب الله الذي لم يكن ليتمرد على “الولي الفقيه” بحال من الأحوال رغم إدراكه لحجم الخسارة التي ترتبت وستترتب على موقفه من الثورة السورية.

وحين يتباكى المثقف الذي أوردنا كلامه في البداية على وحدة سوريا، فإن الرد عليه جد بسيط، وخلاصته أن ما دفع سوريا إلى هذا المستوى من الاحتراب، وبالتالي مخاطر التقسيم هو وقوف الأقليات إلى جانب بشار، ولو انحازت للثورة لانتهى المشهد إلى ما انتهت إليه الثورات الأخرى، ما يعني أن موقفها هو الذي دعم مسار التفتيت وليس الشعب الذي خرج يطلب الحرية وكان شعاره “واحد واحد واحد، الشعب السوري واحد”.

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: هل من حق الأقليات أن تفرض رأيها وموقفها على الأغلبية ضمن أية هواجس كانت؟ الجواب لا. وهل حقا أن الأنظمة الحالية هي الأكثر ضمانا لحقوق الأقليات؟ ألم تكن الأقلية القبطية في مصر تشتكي التمييز من نظام مبارك، وقبله السادات وقبله عبد الناصر؟!

إن جوهر الربيع العربي هو التعددية والمجتمع المدني، وليس الاقصاء حتى لو وصل الإسلاميون إلى السلطة، ما يعني أننا إزاء هواجس غير حقيقية دفعت كثيرين إلى القناعة بأن شعار بعض تلك الأقليات الحقيقي هو: “نار الأنظمة ولا جنة الإسلاميين”.

دعك في الختام من شعارات أمريكا والإمبريالية والمؤامرة، لأن أكثر تلك الأقليات لم تكن سعيدة بها أصلا، ولم تكن تنحاز إليها، لاسيما بعد أن تبنتها القوى الإسلامية خلال العقدين الماضيين.

هنا لا تملك إلا أن تشعر بكثير من الاحترام لمثقفين من تلك الأقليات تمردوا على محيطهم الاجتماعي ووقفوا إلى جانب حق الشعوب في الثورة على الظلم، وحقها بعد ذلك في تجريب خياراتها أيا كانت، ولا عجب أن ترى كيف يتعرض بعضهم لأبشع أنواع التشكيك، بل التخوين من آخرين داخل تلك الأقليات، فضلا عن شبيحة يتبعون نظام بشار لأسباب حزبية وأيديولوجية أيضا.

التاريخ : 11-11-2012

=================

"حزب الله" والدماء السورية!

علي حماده

2012-11-11

النهار

مرة جديدة تأتينا الاخبار من سوريا، من ميدان المعركة الكبرى لتحريرها  من نظام بشار الاسد: مسؤول جديد من "حزب الله" يسقط مع عدد من مرافقيه في منطقة حمص خلال القتال ضد "الجيش السوري الحر". لم نستغرب هذا النبأ، لكننا توقفنا عند "صدق" مسؤولي الحزب على مختلف مستوياتهم، الذين يقولون تارة انهم لا يتدخلون في الصراع السوري، وطورا يقولون انهم يضطلعون بمهمات حماية لبنانيين يقطنون سوريا. ونسأل لماذا هذا التورط المتمادي في الزمان والمكان والزخم؟ فسقوط قتلى ذهبوا الى سوريا ليتورطوا الى جانب النظام في قتل السوريين يثبت ان حجم هذا التورط اكبر مما كنا نتصور. انهم منغمسون في الحرب على السوريين، ويقاتلون على الارض في العديد من الاماكن، والحكومة اللبنانية التي يستقتل البعض في الابقاء عليها تمنح "اشرف الناس" غطاء لبنانيا عبر التعامي عما يدور هناك على الحدود المشتركة مع سوريا المتاخمة لمنطقة البقاع الشمالي، حيث دولة "حزب الله" ولا دولة لبنانية ولا ميقاتي ولا نأي بالنفس. 

لم يعد انغماس "حزب الله" في سفك دماء السوريين في حاجة الى مزيد من الادلة. لقد صار جزءا من الحرب الدائرة ضد الثورة السورية، ويتصرف على قاعدة ان سقوط بشار هو ضربة كبيرة للحزب نفسه وقبله لمرجعيته الاقليمية اي ايران.

وبما أن تورط "حزب الله" العسكري والامني في قتل السوريين ما عاد في حاجة الى مزيد من الادلة، فإن انزلاق لبنان بأسره الى اتون الصراع في سوريا لن يتأخر كثيرا. فبين تأييد بشار وقتلة الاطفال والاشتراك في قتل ابناء سوريا بون شاسع، وستكون له تداعيات سلبية هائلة على الساحة اللبنانية. ان "حزب الله" وبتواطؤ حكومة نجيب ميقاتي، وكل الساكتين خوفا او انتهازية، يورط لبنان بأسره في معركة اكبر منه، وتتجاوز طاقته على الاحتمال. فهل صار علينا نحن اللبنانيين وباسم الحفاظ على استقرارنا الزائف ان نغطي حرب رسم حدود الكانتون العلوي في منطقة الساحل السوري وصولا الى حمص، وربطها بالكانتون الشيعي في البقاع؟ هل هذا دورنا ودور الخائفين؟

في لبنان كل الناس والاطراف يكرهون "حزب الله"، لكن ثمة وجهتا نظر حول كيفية التعامل معه: الاولى تهادن ويصل بها الامر الى التحالف اما خوفا او انتهازية او غباء، وفي اعتقادها انها تشتري الوقت وتترك امر هذه الآلة الجهنمية الى تغيّر الظروف. اما الثانية فتواجه بكل ما تملك من وسائل غير عنيفة، وترى ان التخاذل لن يغير في مسار "حزب الله" الجهنمي ولن تخفف آثاره على جميع المستويات، بل انها ستسهل له تنفيذ اجندته بشقيها الاقليمي والداخلي، وكلاهما يعني نهاية لبنان.

ان السكوت عن تورط "اشرف الناس" في احداث سوريا هو بمثابة التواطؤ علينا كلبنانيين بجرائم في حق شعب ثائر.

في مطلق الاحوال نقول، فليدفن "حزب الله" آخر قتلاه بسلام، ولينسحب من الفخ السوري قبل فوات الاوان.

=================

للوصول إلى حكومة انتقالية سورية

2012-11-11 12:00 AM

الوطن السعودية

كان من الجيد أن الخلافات الجانبية مع لجان التنسيق المحلية لم تعطل المجلس الوطني السوري عن ممارسة ديموقراطيته ـ أول من أمس ـ بانتخاب رئيس جديد له، قبل أن تستمر اللقاءات مع مجموعات المعارضة الأخرى في العاصمة القطرية الدوحة، للاتفاق على رؤية واقعية مستقبلية لدولة تظهر كل أفعال وتصريحات رئيسها المرفوض شعبيا أنه يعيش خارج الواقع، ويصر على البقاء على رأس النظام حتى ولو كلف الأمر عشرات الألوف من الضحايا. وبينما تابعت قوات "بشار الأسد" قصف المدن، أعلن في تصريحات منذ أيام أنه سوف "يعيش ويموت في سورية" التي هي برأيه "المعقل الأخير للعلمانية والاستقرار والتعايش في المنطقة" غير عارف أن المادة الثالثة من دستور دولته "العلمانية" تشير إلى أن دين رئيس الجمهورية هو الإسلام. وهدد بأن "كلفة الغزو الأجنبي لسورية ستكون أكبر من أن يستطيع العالم بأسره تحملها"، متجاهلا أن شعبه هو من ثار عليه، والثورة ليست "مؤامرة كونية" من القوى الأجنبية التي يتحدث عن غزوها.

من خلال تصريحاته يبدو "الأسد" كأنه لا يعلم ما يدور حوله وتلك كارثة، أو أنه يعلم ويتعامى عن الحقيقة وتلك كارثة كبرى. ومن هنا تظهر أهمية توافق مكونات المعارضة السورية المجتمعة في الدوحة للخروج بمبادرة تساعد المجتمع الدولي على تخليص سورية من أزمتها المستعصية. فالواضح أن نظام "الأسد" استغل خلافات المعارضة وانقسام مجلس الأمن لكسب الوقت معتقدا أنه قد يتمكن من إخماد الثورة بالقمع والعنف بما لديه من قوات موالية.

المطلوب من المجتمعين في الدوحة بذل الجهد لتجاوز السلبيات والعمل بإيجابية على تسهيل السبل للآخرين لمد يد العون للشعب. فالمرحلة تتطلب وضع الخلافات جانبا، والاتفاق على العمل لمصلحة الشعب السوري عبر تشكيل جبهة معارضة موحدة تخرج عنها حكومة انتقالية تسعى للحصول على اعتراف رسمي من الدول العربية وغير العربية، وحين يحدث ذلك فإن الدول الداعمة للنظام السوري الحالي ستصطدم بواقع مختلف عما اعتادت عليه، وربما تضطر إلى تغيير مواقفها أو الضغط على النظام لإنهاء الأزمة.

=================

مصلحة سوريا أولا

الراية القطرية

التاريخ: 11 نوفمبر 2012

نجح اجتماع "مبادرة توسيع المعارضة السورية" الذي احتضنته الدوحة في التقدم خطوات واسعة إلى الأمام لتحقيق الهدف المنشود من خلال صياغة مشروع جديد لمبادرة تتضمن الاتفاق على قيادة سياسية جامعة للمعارضة تنتج عنها لاحقا حكومة انتقالية.

لقد لقيت دعوة معالي رئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني في مستهل الاجتماع المعارضة السورية بتغليب مصلحة الوطن والشعب السوري على المصالح الشخصية وتأكيده أن "المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتق المعارضة تتطلب منها العمل على توحيد صفوفها عقولا وقلوبا مفتوحة من أطراف المعارضة المشاركين في الاجتماع فكان الإجماع على تقديم مصلحة الوطن السوري على جميع المصالح الفئوية في هذا الظرف الحساس والخطير والحرج الذي تعيشه سوريا في ظل نظام استمرأ القتل كوسيلة وحيدة للبقاء والاستمرار.

إن احتضان دولة قطر لاجتماع المعارضة السورية ينبع من المواقف الثابتة للقيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى وسمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ولي العهد في دعم الشعوب لنيل حقوقها المشروعة. فموقف قطر ظل ثابتا في دعم الثورة السورية وفي انحيازها إلى مطالب الشعب السوري العادلة.

الوطن السوري الذي ينزف منذ عشرين شهرا يعيش أقوى اللحظات حسما و أبلغها خطرا وسوريا تمر بمحنة ويواجه شعبها تحديا من نوع لم يعرفه منذ الاحتلال الاستعماري فالنظام لا ولن يتورع عن سفك الدماء وانتهاك الأعراض إذا ما ظلت الفرقة بين المعارضة في ظل إخفاق مجلس الأمن في مساعدة شعب سوريا. كما أن استمرار فرقة المعارضة وتشرذمها ليس في مصلحة أحد سوى النظام الذي وضع الشعب السوري هدفا لا يحيد عنه يتمثل في إسقاطه.

إن جميع أطراف المعارضة السورية مجمعة على أهمية الوحدة وضرورتها كوسيلة لا بد منها لنيل اعتراف العالم والتحدث معه بصوت واحد وتكاد تكون خلافاتها حول طريقة إدارة الصراع مع النظام والرؤية المستقبلية لسوريا خاصة في المرحلة الانتقالية هامشية يمكن تجاوزها وبالتالي فإن المواطن السوري الذي ضحى ويضحي من أجل حريته وكرامته لا يمكن أن يفهم مبررات استمرار انقسامات المعارضة وتباين وجهات نظرها وخلافاتها وهو ما دفع أطرافا في المجتمع الدولي إلى رمي الكرة في ملعب المعارضة لتبرير الإخفاق والفشل في دعم الشعب السوري والضغط من أجل وقف المجزرة المستمرة.

نجاح المعارضة السورية في لمّ شتاتها واتفاقها على صيغة موحدة مهما كانت تسميتها ورؤية مشتركة وإستراتيجية واضحة لإدارة الصراع في هذه المرحلة الفاصلة في عمر الثورة السورية سيوفر على الشعب السوري مزيدا من الدماء والضحايا وسيضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته للقيام بواجبه في حماية الشعب السوري وحقن دماء أبنائه وبناته وسيؤدي ذلك بالضرورة إلى التقصير في عمر النظام.

=================

“جايينك يا بشار”.. كيف يحول السوريون الأقوال إلى أفعال

د. وائل مرزا

الأحد 11/11/2012

المدينة

ثمة معلومات متواترة من أوساط قريبة من رأس النظام السوري تؤكد أن أكثر هتافٍ يثير غضبه وتوتره يتمثل في الكلمتين الواردتين في عنوان هذا المقال.

«جايينك يابشار». عندما أطلق ثائرٌ مجهول الهوية هذا النداء لأول مرة منذ قرابة عام، كان الكثيرون يعتقدون أنه مجرد شعار عاطفي خرج عفوياً في لحظة حماس.

لكن السوريين يثبتون في هذه الحالة، كما فعلوا في كثيرٍ من الحالات، أنهم يحولون الأقوال إلى أفعال.

كثيرةٌ هي الشواهد والدلائل على صدقية هذا الكلام.

فعلى امتداد أيام الأسبوع الماضي، تقصف قوات النظام مناطق المدن والأرياف في دمشق وحمص وإدلب وحلب ودرعا ودير الزور وغيرها، في محاولة تجمع بين إرادة إبادة الشعب والرغبة في إرهابه.

بالمقابل، لا يكتفي ثوار سوريا باستمرار الكفاح المسلّح والسيطرة على مزيد من المساحات في تلك المناطق. وإنما هاهم يوم الجمعة، مع كتابة هذه الكلمات، يخرجون أيضاً في تظاهرات سلمية تطالب بسقوط النظام، وتحديداً في نفس تلك المناطق التي استهدفها النظام.

تقول تجارب البشرية أن الإنسان يملُّ من التجربة لمحاولة الوصول إلى النجاح في أمرٍ معين إذا كرر المحاولة مرة أو اثنتين ولم ينجح، وأن هذا يمكن أن يحدث في ظروف طبيعية وبعيداً عن أي ضغوطٍ نفسية أو عملية، ناهيك عن تعرّضه لممارسات وحشية مقصودة تواجههُ ليزهد في التجربة ويتوقف عن تكرارها.

هذه طبيعة بشرية لايُلام أحدٌ إذا عاشها.

لكن السؤال يفرض نفسه: كيف نُفسّر إذاً إصرار هذا الشعب على تكرار التجربة حتى ينجح فيها ويصل إلى تحقيق أهدافه؟ أيُّ نظريات وأي فلسفةٍ وأي تحليل وأي كلامٍ من كلام البشر يمكن أن يلقي شيئاً من ضوء التفسير على هذه الظاهرة؟

هناك ضرورةٌ لإحصاء عدد المرات التي اقتحمت فيها عصابات الأسد كل قرية ومنطقة ومدينة في سورية أو قامت بقصفها. لأن الظاهرة تحمل دلالات يجب التأمل فيها بتمعّن. فأن تقصف أو تقتحم المنطقة نفسها مرة ومرتين وعشر مرات لايعني أنك انتصرت على الناس أو على إرادتهم. وإنما على العكس تماماً. تعطي هذه الممارسة فرصة فريدة ليُظهر الثوار بلسان الحال وليس بلسان المقال أن إرادتهم لاتنكسر، وأنها أصلب من الفولاذ، وأن تصميمهم وعزيمتهم أقوى من كل ممارساتك القبيحة كمجرم.

مرةً إثر مرة، ومابين فترةٍ وأخرى،تقصف عصابات الأسد على مدى أشهر داعل وإنخل ودرعا البلد والحراك وتلبيسة والبياضة وباب الدريب وحرستا وداريا وجوبر ودوما والقابون والحجر الأسود وبرزة والقورية والحولة وعامودا وكفرنبل وعين العرب وطيبة الإمام وغيرها وغيرها من مدن وقرى ومناطق أرض سوريا الطاهرة..

تقصف العصابات هذه المناطق أو تقتحمها لتقتل وتُعذَب وتعتقل وتدمّر وتُشرّد وتُهين. تقوم بهذا لتكسر الإنسان بألف طريقة وطريقة. والأهم من هذا، لتكسر عزيمته وإرادته.. هذه الإرادة التي تعلم أنها مصدر كل قوة ومصدر كل صمود ومصدر كل صبرٍ وإصرار..

ثم يتوقف القصف وتخرج العصابات في النهاية، وهي تعتقد أنها أنجزت هدفها. تتوقف وتخرج في كل مرة وهي تعيش على أملٍ بأن تكون المرة الأخيرة.

فلا يكون من هذا الشعب العظيم إلا أن يُخيّب ظنها ويُصيبه في مقتل..

وهذا هو الوجه الثاني للحقيقة التي نتحدث عنها. الوجه الذي يتمثل في التأثير النفسي والعملي لهذا الواقع على أفراد عصابات لايمكن أن تفهم ماذا يجري. لأنها، ببساطة، لاتملك أي أداةٍ تساعد على ذلك مما يملكه باقي البشر، وأهلنا الثوار تحديداً. وإذ يُفكّر هؤلاء ببلاهةٍ ليس لها نهاية في محاولتهم لتفسير مايجري،فإنهم يبقون في متاهات الفراغ.

لايدرك أفراد هذه العصابات معاني الكرامة والعزة والحرية والشرف، فضلاً عن أن يتخيلوا أن يموت في سبيل تحقيقها بشر. وليس غريباً أن تثير فيهم هذه الظاهرة الحيرة وصولاً إلى الجنون.

لهذا تحديداً يتقدم الثوار تدريجياً حتى يصلوا إلى رأس النظام في (مخبئه) أينما كان.

وحين تُنشرُ تصريحاته الأخيرة عن إصراره على الحياة والموت في سوريا، وحين يهدد بإحراق الدنيا إذا حصل تدخلٌ عسكري، لم يعد السوريون ينتظرونه أصلاً لأنهم أخذوا زمام المبادرة، حين يجري هذا بعد وصول قذائف الثوار إلى القصر الجمهوري، فإن هذا الأمر يُرسل هو الآخر كثيراً من الإشارات والرسائل.

قد يكون الأمر قدَراً مقدوراً، فعندما يكرر الطغاة ممارساتهم قبل سقوطهم بأشكاله المتنوعة، بل ويكررون أقوالهم بالألفاظ والكلمات، فهذا يؤكد أن قوانين الاجتماع البشري تفرض نفسها في نهاية المطاف. دون أن يتناقض هذا مع حقيقة أنهم جميعاً (تعلّموا لدى نفس المعلم) كما يقول المثل..

وفي مسارٍ آخر يترافق مع تراجع النظام على جميع المسارات، يأتي الزخم السياسي للمعارضة ليكون رافداً آخر على طريق تحقيق وعد الثوار: «جايينك يابشار». من هنا، تبلغ مسؤولية المعارضة السورية أقصاها وهي تجتمع، قبل نشر هذا المقال، لتتفق على قيادة سياسية قوية ومحترفة وموحّدة، تلتزم بثوابت الثورة وتتحرك بفعالية لتحقيق أهدافها.

ولايمكن إدراك حجم المسؤولية المذكورة إلا إذا انتبهنا إلى الدلالات الكبرى في تصريحات الثوار العسكريين، ومنها مثلاً ماصدر عن الرائد ماهر النعيمي عن تأييد الجيش الحر لوجود قيادة سياسية قوية أكّد أن الوضع الطبيعي يتمثل في كونها مرجعية العسكر وقيادتهم.

«جايينك يابشار». كل الدلائل تشير إلى صدق هذا الوعد. ومن بينها فيديو يُظهر فتاة محجبة تكتب بالبخاخ على حائط في حماة في يوم عيد الفصح عبارة (أخي المسيحي: سأحمي صليبك بدمي.. فصحٌ مجيد)، وصورةٌ يقف فيها شابان ممشوقا القامة على ركام منزلٍ مُهدّم يحملان لافتةً كُتب عليها (من تحت الرُّكام.. سنُسقط النظام).

=================

كيف أديرت سوريا؟

ميشيل كيلو

الشرق الاوسط

11-11-2012

قبل الثورة، كان الخوف يدفع السوريين إلى الحديث عن أنفسهم وكأنهم ضيوف لدى النظام. وكان النظام يتحدث عنهم وكأنهم خدم لديه. كان الخوف يدفع السوريين إلى عزو كل ما هو سلبي في حياتهم إلى أنفسهم، وكل ما هو إيجابي إلى القيادة، إلى رجل خصهم الله به دون جميع شعوب الأرض، مع أنهم لا يستحقونه، ويعد رئيسا مظلوما لأنه يحكم شعبا صغيرا لا يرقى إلى مستواه الاستثنائي والفريد. كانت دعاية النظام الرسمية تؤكد: لو أن رئيسه حكم أميركا لنال المكانة التي تتفق مع مواهبه وأهميته، لكنه لحسن حظ السوريين وسوء حظه الشخصي مبتلى بشعب صغير، لولا قيادته الحكيمة لكان أحد أكثر شعوب الأرض تأخرا وهامشية، ولما كان لديه شيء يثير الاهتمام. لذلك، من الحتمي تقسيم التاريخ السوري إلى مرحلتين: واحدة بائسة سبقت وصوله إلى الحكم، كانت البلاد غارقة خلالها في شقاء لا يوصف وعاجزة عن مواجهة أي مشكلة مهما كانت صغيرة، وأخرى تلت لحظة فريدة في حياتها بدأت مع توليه القيادة، هي حقبة سعد فيها المواطنون به وشقي هو بهم، لأنه يعمل ليلا ونهارا لإخراجهم من حال ميؤوس منها كانوا يعيشون فيها بلا أمل أو رجاء، وبلا ما وفره لهم بجهوده الاستثنائية الملهمة من حاضر تليد ومستقبل مجيد.

روى أحد الاقتصاديين قصة تبين هذا الواقع حدثت خلال لقاء جمعه مع ضابط كبير أخبره أن الفضل فيما يصل سوريا من مساعدات يرجع إلى السيد الرئيس، فلا ضير إن هو اعتبره ملكه الشخصي، الذي يدفعه نبله وكرمه إلى الجود به على شعب لا حق له فيه. سأل الرجل إن كان المال لا يمنح لسوريا، فنهره الضابط بحدة وقال: ولماذا لم تكن الأموال تأتي إلى سوريا قبل الآن؟ إن سوريا ليست هي التي تتلقى المعونات، ولو كنت مكان السيد الرئيس لما أعطيتها قرشا واحدا مما يأتيني، ولنر عندئذ ماذا كان بوسعك أن تفعله أنت وسورياك! من هذا المنطق، كانت السلطة تسمي زيادات الرواتب «أعطيات»، فهي ليست مستحقات الموظفين، التي يحتم القانون دفعها لهم وفق نسب معروفة ومحددة بصورة مسبقة زمانيا وحسابيا، بل هي «منح» توهب لهم من واجبهم شكر سيدهم عليها وكأنها من ماله الخاص، أو كأنه أخرجها من جيبه ووضعها في جيوبهم، على الرغم من أنهم ليسوا بحاجة إليها. يحرم السيد الرئيس نفسه مما يحصل عليه الرؤساء عادة، بل إنه يجوع كي يشبعوا، ويعاني الحرمان كي ينعموا بالوفرة، ويسكن في بيت عادي كي يسكنوا بيوتا فارهة.

ثمة طرفة تكشف النظرة الرسمية إلى علاقة الرئيس مع سوريا شعبا ووطنا. أخبر عنصر في الأمن عنصرا آخر أن السيد الرئيس أصدر مرسوما حول الزلازل، فعلق هذا بتلقائية: لا يستحق الشعب ما يفعله السيد الرئيس من أجله، ولو كنت مكانه لما أصدرت مرسوما يمنع وقوع الزلازل، ولتركتها تفتك به. تصور أن هذا الشعب اللعين لم ينظم إلى الآن مسيرات تشكره على هذا الإنجاز.

هذه ليست مجرد أحداث عابرة ونكات. إنها وصف لعقلية آمنت أن البلاد تصنع من فوق، وأن كل ما فيها يرجع إلى جهود شخص واحد هو «السيد الرئيس»، فهي إذن بلاده: ملكه الشخصي والخاص، الذي يعيش منه وبفضله شعب طفيلي يبقيه هو حيا بفضل مكرمات تعيله وتكفل استمراره.

بهذه الصورة الآيديولوجية، التي لا تتفق مع أي واقع في أي زمان أو مكان، وتقلب الحقائق رأسا على عقب، فتجعل النظام منتجا وعاملا والشعب سلابا نهابا وكسولا، وتوقف الواقع على رأسه بدل قدميه، وتنتج الدولة والشرعية من غير مكانها التقليدي: الشعب وسيادته. لا عجب أن تتشوه حياة المواطن، وأن يكون الخوف أكثر أشكال وعيه تعبيرا عن وجوده وتحصينا له، وأن تكمن سلامته في هامشيته وابتعاده عن الشؤون العامة، وترك مصيره ومصير وطنه لإرادة فرد واحد لا سلطة لأحد عليه هو «سيده» الذي يملك كل ما يلزم من أدوات وقوة وموارد للتحكم به وإعادة إنتاجه على الصورة التي تخدم سلطانه، ويقرر وحده كيف تكون شؤونه وما هي مصالحه وكيف تتحقق وما النتائج المترتبة عليها في حياة كل تابع من هؤلاء الذين يسميهم في مفتتح خطبه: «مواطنيه الأعزاء أو إخوته المواطنين».

ربما كان هذا الوضع العبثي هو الذي يفسر ما يجري في سوريا اليوم من عنف، فالتابعون الذي يعيشون من نعم «سيدهم» ليس من حقهم بالطبع التمرد أو الثورة عليه، ولا يجوز أن يعتمدوا حيال أفضاله لغة غير لغة التسبيح بحمده وشكره على عطاياه ومكرماته، فإن هم تمردوا أو ثاروا أو احتجوا، كان من حقه وواجبه معاملتهم كعصاة قضوا على مسوغات وجودهم بأيديهم، وغدا من المنطقي والحتمي أن يستعيد ما حصلوا عليه منه: أي كل ما يملكونه، بما فيه حياتهم.

يجد ما يجري في سوريا تفسيره في هذه الآيديولوجيا السلطوية، التي تنتج عقلية تعتبر المواطن شيئا نافلا لا لزوم له، وممارسة همها التخلص منه كعبء زائد لا لزوم له، خاصة إن كانت مطالباته تهدد توازنات السلطة وتبدل طابع علاقاته معها.

يحار العالم في فهم ما يجري من عنف لا مسوغ له في سوريا، ولن يكون له أي مسوغ في أي مجتمع آخر أو في أي علاقة سياسية بين سلطة حاكمة ومواطنين محكومين. لذلك ترى بين مراقبي الوضع السوري من يرد عنفه إلى طبيعة خاصة بالقابضين على أعنته، لا تشبه طبيعة أي مجموعة سياسية أخرى. والحال، لا يرجع العنف الرسمي السوري إلى طبيعة بشرية ما، بل هو نتاج مركب ومعقد لآيديولوجية سلطوية مشحونة بمصالح فئوية وحسابات خلاصية تنزه الحاكم وتضعه في مرتبة تبيح له قلب الجرائم التي يرتكبها نظامه إلى فعل أخلاقي على صعيده الخاص ووطنيا في المجال العام. من يستمع إلى تصريحات وأحاديث المسؤولين السوريين يرى هذا الجانب مبثوثا بوضوح في كل جملة يقولونها، ويراه في القول الصريح، الذي ينفي أن يكون قتل الشعب جريمة، ويؤكد بعد مرور قرابة عامين أن موت الشعب فعل أخلاقي ووطني وإنساني، يطهره من العناصر الفاسدة والخائنة. هذه العقلية بالذات هي، بنتائجها العملية، البلاء الأعظم الذي حل بسوريا!

=================

مسيحي زعيما للمعارضة السورية

طارق الحميد

الشرق الاوسط

11-11-2012

قل في المعارضة السورية ما تشاء، وحتى في إخوان سوريا، لكن الأهم أنهم استطاعوا انتخاب زعيم مسيحي للمعارضة الممثلة بالمجلس الوطني، وقد يقول قائل إن ذلك ما كان ليتم لولا الجهد الدولي المكثف بالدوحة، عربيا وإقليميا، ودوليا، وهذا صحيح، وهو ما كنا نقوله منذ انطلاق الثورة السورية تماما.

فمنذ انطلاق الثورة الشجاعة كان البعض يتحجج صادقا، أو بكلمة حق يراد بها باطل، بأن إشكالية الثورة السورية أنها بلا معارضة موحدة، وكنا نفند، ومعنا آخرون، وإن تأخروا، بأن هذا كلام غير دقيق، فالمعارضة السورية ستتوحد حالما تجد دعما دوليا حقيقيا، على غرار ما حدث للمعارضة العراقية بمؤتمر لندن قبل احتلال العراق، والأمر نفسه بالنسبة للمعارضة الليبية قبل تدخل الناتو ضد قوات معمر القذافي، ولو كان بشار الأسد يعي ما يرى، وما يدور حوله، فإن عليه أن يتمعن جيدا في الصورة التاريخية التي بثتها وكالات الأنباء العالمية من الدوحة، وتصدرت صدر صحيفتنا يوم الجمعة لكل من رئيس وزراء قطر، ووزيري خارجية كل من الإمارات وتركيا، فلو كان لدى الأسد ذرة من وعي فإن تلك الصورة تشبه تماما صورا مماثلة وقت مؤتمر أصدقاء ليبيا الذي أسقط القذافي.

وعليه فقد استوعبت المعارضة السورية، ومعها بالطبع إخوان سوريا، أن المشهد الدولي قد اختلف، وأن المسألة تتطلب كثيرا من الجدية الآن، وإنكار الذات، من أجل تجهيز اللحظات ما قبل النهائية لإسقاط الأسد، سياسيا، أو عسكريا، ولذا فقد تم انتخاب زعيم مسيحي للمجلس الوطني السوري، وهو السيد جورج صبرا، والحقيقة أنه مرونة من قبل المعارضة، وإصرار من قبل الرعاة العرب، والإقليميين، والدوليين بمؤتمر الدوحة، مما نجم عنه انتخاب زعيم سوري مسيحي ليسقط ورقة الخوف على الأقليات التي لوّح بها الأسد في مقابلته الأخيرة مع قناة «روسيا اليوم»، والمضحك أنه يمكن اعتبار أن الأسد هو من أعطى الدفعة القوية الأخيرة للمعارضة السورية لتنتخب زعيما مسيحيا، خصوصا عندما قال إن نظامه يمثل «المعقل الأخير للعلمانية، والتعايش في المنطقة»، فعلينا ألا ننكر أن أحد أبرز أسباب الثورة السورية هو الأسد نفسه بقراراته المتعنتة والخاطئة، وأعماله الإجرامية، حيث كان بمقدوره، أي الأسد، أن يقدم على تنازلات لا تذكر مقارنة بأنظمة عربية أخرى سقطت، ليبقى في الحكم، لكنه عمى البصيرة.

وبالطبع فإن انتخاب صبرا لا يمثل غاية الأمل بالإصلاح المنشود في منطقتنا، فقبل عقود من الزمان، وتحديدا قبل الانقلابات العسكرية الكارثية التي لم تجلب لمنطقتنا إلا الخسائر والتخلف، لم تكن هناك إشكالية في تولي الأقليات، مسيحيين، وغيرهم، للمناصب العامة، أو الحضور النجومي بالمجتمعات العربية، سياسيا، واقتصاديا، وفنيا، والأمر نفسه كان ينطبق على الأكراد، وغيرهم من ديانات أخرى حتى يهود المنطقة، لكن أهمية انتخاب صبرا تكمن في إسقاط ورقة الأقليات، كما أنه يحد من جشع الإخوان المسلمين الذين أحرقوا بغبائهم السياسي كل رصيدهم في عام واحد، وذلك بسبب الجشع السياسي والإقصاء.

المهم اليوم أن المعارضة السورية خطت خطوة مهمة، وبإشراف عربي ودولي، وهذا ما كنا نردده طوال عامين، مما يرسل رسالة للأسد مفادها: إن أيامك معدودة.

=================

عن «الجهاديين» في سوريا

فايز سارة

الشرق الاوسط

11-11-2012

يكثر الحديث عن الجهاديين وسلاحهم في سوريا، وهي أحاديث تأتي من جهات مختلفة، ينتظم في عدادها النظام ومعارضوه وكذلك أنصارهما ليس في داخل سوريا فقط، وإنما في الخارج عبر المستويين الإقليمي والدولي، وفي كل الأحوال، يظهر البعض تخوفه من الجهاديين وسلاحهم، خلافا لما يقوم به البعض من تخفيف أثر حضور الجهاديين وسلاحهم وتأثيرهما على الوضع السوري واحتمالاته.

ويقصد بالجهاديين الذين تتم الإشارة إليهم، مجموع المسلحين الوافدين من البلدان العربية والإسلامية مع تركيز خاص على المقبلين من أفغانستان والعراق ولبنان والجزائر وليبيا واليمن، وهي البلدان التي شهدت في العقد الماضي حضورا لتنظيم القاعدة، وتنظيمات شقيقة تماثله في تبني الخط الآيديولوجي والعسكري مثل الجيش الإسلامي في العراق وفتح الإسلام في لبنان. وفي أهم الإشارات التي تناولت مجيء هؤلاء إلى سوريا، قالت لجنة التحقيق الدولية حول سوريا التابعة للأمم المتحدة، إن مئات منهم وفدوا من إحدى عشرة دولة إلى البلاد، وفي الحالات العملية التي تم فيها ضبط بعض هؤلاء، وهم يعبرون من دول الجوار، كانت مجموعاتهم لا تتعدى عدد أصابع اليد الواحدة، وكانت أسلحتهم فردية مؤلفة من بنادق ومسدسات، وقدرت مصادر الأمم المتحدة أن دور هؤلاء الرئيسي يتمثل في تأثيرهم الآيديولوجي على المعارضين المسلحين وخاصة على جنود الجيش السوري الحر.

وإذا كانت المعطيات المحيطة بالجهاديين وسلاحهم، تؤكد على ضعف وهامشية وجودهم، فإن ثمة معطيات سورية أخرى، تؤكد المعنى نفسه، لعل أبرزها حقيقة، عدم توفر بيئة فكرية وسياسية حاضنة للجهاديين وخطهم الآيديولوجي، وهناك دلالات راهنة على ذلك بينها صدور نداءات علنية من أوساط كثيرة بما فيها إسلاميون ومعارضون مسلحون تطلب عدم مجيء هؤلاء إلى سوريا، وضرورة أن يغادر من وصل منهم، ويعود إلى بلاده، وأن تقتصر مساعدتهم إذا رغبوا على الإغاثة. والدلالة الثانية، أن مجموعاتهم القليلة والمحدودة العدد، تعيش حالة من العزلة السياسية والعسكرية والاجتماعية في المناطق التي توجد فيها والمثال الأوضح في ذلك موجود في محافظة درعا.

والأمر الثاني في المعطيات التي تشير إلى ضعف وهامشية حضور وتأثير الجهاديين، هو الاختلاف الواضح بين أهداف الحراك السوري السياسي والعسكري، وأهداف الجهاديين، ذلك أن أهداف الحراك هي إسقاط النظام وتغييره، وإقامة نظام ديمقراطي يوفر الحريات والكرامة والعدالة والمساواة للسوريين، فيما هدف الجهاديين إقامة دولة إسلامية، وهو هدف لا يملك سندا سياسيا وقوة واقعية في بلد فيه تعددية وتنوع حاضران وفاعلان في حياة عامة، تضم مسلمين ومسيحيين وعددا كبيرا من طوائف الديانتين، إضافة إلى تنوع السكان إلى عرب وأكراد وسريان وأرمن وشركس وغيرهم ممن يصعب توطينهم في دولة ذات طابع إسلامي محكومة بالسلاح.

وثمة أمر ثالث يضاف إلى ما سبق، وهو أن السوريين قاوموا فكرة التوجه إلى السلاح في بداية الثورة، ولهذا أسباب متعددة أبرزها إرثهم الصعب الموروث من صراعات السلاح في الثمانينات، وحتى من توجه منهم إلى السلاح، فهو أخذ مساره مضطرا تحت ضغط السياسة الأمنية العسكرية التي اتبعها النظام في تعامله مع الحراك الشعبي، ويستمر في مواصلتها حاليا ضد عشرات المدن والقرى، وفي كل الحالات، التي توقف أو جرى تخفيف عنف السلطة، فإن سكان تلك المناطق بمن فيهم المعارضون المسلحون، انطلقوا للتظاهر المدني مجددا، بمعنى أن خيار العنف والسلاح ليس خيارا أصيلا عندهم كما هو الحال لدى الجهاديين.

والأمر الرابع في معطيات ضعف وهامشية الجهاديين وسلاحهم، أن عددهم محدود في ضوء العدد الإجمالي لعناصر المعارضة المسلحة ومساحات انتشارها الجغرافي. وقد قيل، إن أقل تقديرات حول عدد عناصر المعارضة المسلحة تتجاوز المائة ألف من العسكريين المنشقين إضافة إلى المتطوعين المدنيين، وهم يتوزعون على ثماني محافظات من درعا جنوبا إلى حلب في الشمال ومن اللاذقية في الغرب إلى دير الزور شرقا، مقابل بضع مئات من الجهاديين محصورين في مناطق محدودة.

وتضعنا المعطيات السابقة في تأكيدها هامشية وضعف حضور الجهاديين وسلاحهم في سوريا، أمام سؤال عن معنى التضخيم الإعلامي والسياسي للموضوع، وهو لا شك يتصل بأمرين اثنين؛ أولهما أنه يبرر عجز أو عدم رغبة أطراف معينة ممن يقولون إنهم يعارضون ما يجري في سوريا في اتخاذ مواقف وإجراءات حاسمة في الموضوع السوري، والثاني أنه يعطي النظام في سوريا وحلفاءه مبرر الاستمرار في مواقفهم حيال ثورة السوريين من أجل الحرية والكرامة.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ