ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 20/10/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

مقالات مختارة من الصحف العربية ليوم

18-10-2012

سوريا.. مع الشعب المستباح ام مع المستبدين الذين يستبيحون كل شيء؟

د. محمد جمال طحان

2012-10-17

القدس العربي

من يتأمل الواقع السوري بعد ثمانية عشر شهراً على بدء الثورة، تصيبه الدهشة مما يحدث. نعرف أن السلطة، عبر خمسة عقود، دجّنت الفكر وشلّت الحركة السياسية، وعملت على تغييرات ديموغرافية تحفظ لها القدرة على استمرار التسلّط. ونعرف أن معظم السوريين تم غسل عقولهم من خلال مغريات الانضمام للحزب الحاكم، بحيث أمسى من غير المعقول أن تطالب بأبسط حق من حقوقك مالم تكن بعثياً. وهكذا تورّط البعثيون في تشكيل طابور خامس يدافع عن مصالح الأسرة الحاكمة التي ورّطت العلويّين أيضا فباتوا محسوبين عليها، وهم منها براء، إلا فئة قليلة لاتتعدى ألفي شخص يكنزون الأموال ويحظون بالجاه والسطوة.

أسباب كثيرة جعلت من السوري مثارا للسخرية لأنه مستكين إلى واقع مرير لا يستطيع منه فكاكاً. بعض السوريين خدعتهم شعارات الممانعة والمقاومة ومجابهة إسرائيل والأخوان المسلمين والامبريالية التي تنتظر الفرصة للانقضاض على أرضنا. وآخرون آثروا الأمن والأمان وتكيّفوا مع واقع لا يملكون منه شيئاً، فيدعون على المستبدين سرّاً ويتملّقونهم علناً. أما من كانوا خارج السرب فهم سوريون يقرؤون الواقع بدقة ويعرفون مكامن الفساد ومصادر الإفقار والهيمنة، بعضهم قاوم جهراً ودفع ثمن ذلك حياته أو جزءاً كبيراً منها حيث غيبَوا في السجون سنوات طويلة. وآخرون قاوموا بما هو متاح من خلال تمرير أفكارهم ومواقفهم من غير مجابهة، وإنّما كانوا يوارِبون ويستعملون أساليب لايرقى المستبدِّون إلى فكّ رموزها، وليست لديهم الحنكة والثقافة التي تمكّنهم من قراءة مابين السطور والمواقف.

الآن بعد ثمانية عشر شهراً من بدء الثورة، غدا من اللازم أن نبسط أوراقنا جهراً ونحدد مواقفنا تجاه من يمتصون دماءنا، ولم يعودوا يتنقّبون بالدين أو بالوطن. هل نحن مع الحق الذي تدعونا الكتب السماوية والنظريات الفكرية إليه؟ يبدو واضحاً أكثر من سطوع الشمس أننا أمام خيار بين موقفين لا ثالث لهما: مع الشعب المستباح، أو المستبدين الذين يستبيحون كل شيء حرصاً على مصالحهم. الغالبية العظمى الفاعلة على الأرض الآن هي الثوار بأطيافهم المختلفة، وثمة أمران لا خلاف عليهما بين الجميع: إسقاط العصابة الحاكمة وبناء دولة القانون التي تحرص على المساواة بين أبناء سوريا جميعهم بأطيافهم كلها، الدينية والاثنية والفكرية والسياسية.

ثمانية عشر شهراً ولم نتقدّم بالشكل الذي كان ينبغي علينا الوصول إليه. لكنني، قبل أن أدخل في تفاصيل الحل الممكن، ينبغي لي أن أبسط قناعاتي التي خبرتها على مدى العقود الماضية، وتأكّدت لديّ في الشهور الأخيرة، وهي أن السلطة في سوريا هشّة إلى درجة انها أوهى من بيت العنكبوت. والصراعات الداخلية بين أفرادها وهيئاتها تزيدها اضطراباً ورعونة. كما أن الجهاز الأمني الذي كنا نخافه، وكان يظنه كثيرون، من داخل سوريا وخارجها، قويّاً وخطيراً، ماهو سوى كتلة من الغباء..لايعرف سوى الغدر والاغتيالات والاعتقالات العشوائية. لايعرف شيئاً حقيقياً عن أي شيء أو أي أحد..لايمكنه أن يلاحق أي تنظيم ويكشف آليات عمله أو أفراده. وبعض المعلومات التي يأخذونها ليست نابعة من دقة تنظيمه أو تماسكه، بل هي تأتي من خلال الإطاحة بكرامة المئات وتعذيبهم وقتل الكثيرين منهم،كي يجبروا بعض المعتقلين على الإدلاء بمعلومات قلما تكون مدعومة بالأدلة أوالاثباتات.

ومادام الوضع كذلك، كيف لتلك العصابة الصمود كل هذه الفترة أمام ضربات الشعب المصرّ على النصر؟ هل الجيش هو الذي يُحكِم سيطرته فيدعم العصابة الحاكمة؟ بالتأكيد لا.. الجيش مهترئ متخلف لايستطيع توجيه ضـــــربة صائبة إلى أي مكان، وليس بوسعه التخطيط لأي عملية ناجحة. إنه جيش قائم على التراتبــــية العسكرية بحيث يرتضي صاحب الرتبة الأولى تحقير الرتبة الأعلى له، جيش قائم على إتقان تقبّل الذلّ وتلقّيه بصدر رحب وتصديره للرتب الأدنى. من المؤكد، بما لايقبل الشك أن روسيا وايران هما المخططان الأساسيان لما يجري، وهما اللتان تمدّان السلطة السورية بالسلاح والمال، وتقودان عملية الإبادة الجماعية للسوريين كي يركعوا للمصالح الروسية والمخطط الايراني الذي يحرص على سوريا - المعبر الوحيد للمنطقة برمّتها.

ربما يكون ماقيل حتى الآن مقدّمات لا بدّ منها كي ندخل في صلب ما نرمي إليه.

الثورة السورية مستمرة حتى تحقيق أهدافها، وهما كما قلنا هدفان أساسيان تنبني عليهما سوريا الديمقراطية الحديثة، فلم إذن لم يتحقق النصر حتى الآن؟ الداخل السوري يريد تطمينات بأن أحداً لن يُقصى، وأن الأفكار المتطرفة، يميناً ويساراً، لن تسود. وأن العسكر دورهم مرحلي آنيّ وسرعان ما ينسحبون إلى ثكناتهم وتُحَلّ ألويةُ الجيش الحر المدنيّة، ومن يبقى في سلك الجيش ينضوي تحت لواء الجيش السوري الحر الموحّد الذي يعود إلى مهمّته الأساسية في الدفاع عن الأرض السورية موحَّده ضدّ أي عدوان. العالم الخارجي أيضاً، بغض النظر عن مواقفه ومطامعه ومصالحه، يريد التطمينات نفسها، وهذه التطمينات لا تتحقق إلا إذا كانت هناك واجهة يمكن التعامل معها. المجلس الوطني وهيئة التنسيق والمجالس الثورية والجيش الحر الموحد واتحادات المجالس الثورية والتنسيقات المختلفة، والمجالس العسكرية والمدنية والمحلية، كلها تدعم شرذمة الثوار في سوريا. إعلامياً وميدانياً وعسكرياً، كلها لم تستطع اقناع أحد بجدوى فاعليتها، بل غلب على معظمها الإرث سيء الذكر الذي يتمسك بأناه، ولا أحد سواه ينقذ سوريا مما هي فيه.

لاوقت للزعامات...

لاوقت للشعارات...

لاوقت للمحسوبيات....

إنه زمن التحرير....

النصرقادم فلنقلّل الخسائر بسرعة تكاتفنا ونحن نغزّ السير نحو سوريا الجديدة التي نحب.

في ظل هذه الظروف، والمواقف الدولية المتخاذلة والتشكيك المتبادل الذي تعمل السلطة على دعمه وإشاعته، هل يمكن أن يكون هناك بصيص أمل في الخلاص؟.

نعم، الأمر متاح ببساطة قد لاتلفت نظرنا ونحن نسمع دوي الإنفجارات من كل حدب وصوب.

في اجتماع موسّع ترعاه جهة مخلصة، أو جهة تتيحه، أو من غير اجتماع على أرض الواقع..

يمكن أن نفتح صفحة خاصة في إحدى وسائل الانترنت المتاحة ندعو فيها كل الفصائل والأحزاب والهيئات والمجالس والتنسيقيات، القديمة والجديدة، لانتخاب شخص واحد من كلٍّ منها ينضم إلى مجلس انتقالي يشكّل حكومة موسّعة لكل مدينة أو محافظة... يجتمع المنتخَبون الذين يمثّلون الفئات التي ينتمون إليها وتجري انتخابات الحكومة التي ينبغي أن تضم مجلساً رئاسياً من ثلاثة أشخاص. المجتمعون، لو كانو مئة، هم الذين ينتخبون الحكومة، وليس بالضرورة أن تكون منهم.. يمكن للحاضر الذي يمثّل جهةً ما، أن ينتخب أحداَ من غير الحاضرين. بعد ان تجري الانتخابات تُعلَن الأسماء على أنها مختارة للحكومة الجديدة وتُطرح للتصويت على أبناء المحافظة، عبر إحدى وسائل الانترنت، بحيث لايتمكّن أحد من الإدلاء سوى بصوت واحد... بعدئذٍ تُعلَن الحكومة رسميّاً بحسب نتائج التصويت، وبعد أن توضع السِيَر الذاتية لكل شخص منتخَب لكي يتعرّف إليه من لايعرفه من الناخبين. فور إعلان الحكومة تنضوي جميع المجالس والهيئات والتشكيلات تحت لوائها وتباشر الحكومة أعمالها بحيث تغدو الممثل الوحيد المؤقت في الداخل والخارج.

متى نصل إلى مرحلة يهتف الثوّار فيها: هذه الحكومة تمثّلني؟.

 

' كاتب سوري

=================

سياسة مرسي الخارجية وسورية وإيران

د. بشير موسى نافع

2012-10-17

القدس العربي

 

عاد الرئيس المصري محمد مرسي هدفاً للمعارضة، داخلياً وخارجياً. والحقيقة أن أحداً ما كان يتوقع أن تستمر حالة التهدئة السياسية الداخلية، التي شهدتها مصر بعد إطاحة قادة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، طويلاً. وهذا ما حدث بالفعل، إذ سرعان ما عاد الرئيس هدفاً لرماية الأحزاب ووسائل الإعلام. لم تزل السياسة المصرية تمارس على خلفية من معادلة صفرية، وفي ظل استقطاب حاد، يسعى كل من أطرافه ليس لدفع العملية الديمقراطية غلى الأمام، ولكن للتخلص من الآخر وإخراجه نهائياً من الساحة السياسية. هذه هي التعددية التي تفتقد لأسس إجماعية، والتي تتحول فيها السياسة من تدافع الأطراف السياسة من أجل طرح التصور الأفضل لتقدم الوطن، إلى صراع دارويني من أجل البقاء، والبقاء المنفرد. الاستقطاب السياسي الداخلي يبدو مفهوماً إلى حد كبير.ما لا يبدو مفهوماً أن تطرح شكوكاً متزايدة حول سياسة مرسي الخارجية، وسياسته تجاه الأزمة السورية بصورة خاصة، والبعد المتعلق منها بإيران على الأخص.

كان الرئيس المصري الجديد، مسلحاً بشرعية الثورة وانتخابه الديمقراطي الحر، وافتراض حسن النية العربي والإسلامي، كونه من آخر الوافدين إلى منتدى قادة الدول، قد طرح مشروع أداة للتعامل مع الأزمة السورية في الجلسة المغلقة لمؤتمر القمة الإسلامي الطارىء المنعقد بمكة المكرمة في شهر رمضان المبارك (منتصف آب/ أغسطس الماضي). جوهر الأداة/ المشروع هو تشكيل لجنة رباعية من مصر، تركيا، السعودية وإيران، الدول الرئيسية في المشرق العربي الإسلامي وصاحبة الدور في، أو الاهتمام الفائق بالشأن السوري والأزمة التي تمر بها سورية. والواضح أن المنطق المؤسس للاقتراح المصري يدور حول أن توافق الأطراف الأربعة هذه سيوفر مخرجاً لسورية من الأزمة، يوقف نزف الدماء ويضع البلاد على طريق الحل، بدون التعرض لمخاطر التدخلات الأجنبية، المباشرة وغير المباشرة. كانت مصر طوال المرحلة الانتقالية، التي امتدت من سقوط الرئيس مبارك في شباط / فبراير 2011، إلى تولي الرئيس مرسي مهامه في نهاية يونيو حزيران، ومن ثم حسم الصراع على السلطة في 12 آب/ اغسطس، قد التزمت موقفاً أقرب إلى الغموض من المسألة السورية. ولكن مرسي وضع نهاية لهذا الغموض، وطالب صراحة بتنحي الرئيس السوري بشار الأسد ونهاية نظامه، كخطوة أولى من أجل حل الأزمة. والمفترض بالتالي أن يرتبط الاقتراح بتشكيل الرباعية بهذا التصور المصري للأمور.

المدهش أن اقتراح الرئيس مرسي لم يجد استجابة سريعة من السعودية خلال قمة مكة أو بعدها، وإن كان ثمة من رد سعودي، فلابد أنه قدم سراً. ولكن، وبغض النظر عن الموقف السعودي، وبعد ترحيب من الدولتين الأخريين، تركيا وإيران، قامت القاهرة بالفعل بالدعوة لعقد لقاء أولي للدول الأربع، وهو اللقاء الذي عقد في العاصمة المصرية على مستوى وزراء الخارجية، وبدون مشاركة سعودية. لم يتوصل مندوبو الدول الثلاث إلى أي اتفاق، ولم يكن متوقعاً أن يصلوا لمثل هذا الاتفاق في اجتماعهم الأول. ولكن المهم أن المشروع قطع خطوته الأولى، بالرغم من أن من الصعب الآن توقع التحاق السعودية بالمشروع، أو متى سيتم هذا الالتحاق، كما أن من الصعب توقع المدى الذي ستنجح فيه الرباعية، أو الثلاثية (في غيبة السعودية)، في تحقيق تقدم نحو تقريب وجهات النظر بين مصر وتركيا، من جهة، وإيران، من جهة أخرى.

المهم، على أية حال، أن اقتراح الرئيس مرسي سرعان ما تعرض للتنديد والتشكيك، من دوائر مختلفة، إسلامية وإسلامية سلفية، وغير إسلامية. رأى البعض في اقتراح الرئيس المصري خطوة متسرعة وغير مدروسة، ودللوا على ذلك بامتناع السعودية عن المشاركة في أعمال الرباعية ولقاء وزراء خارجيتها الأول، بينما قال آخرون أن مرسي، إخواني الخلفية، يستخدم الأزمة السورية لتمرير سعيه إلى تطبيع العلاقات المصرية الإيرانية، وأنه، بوعي أو بدون وعي، يتجاهل سياسات إيران الطائفية والمعادية لأماني الشعب السوري والمصالح العربية. بصورة أخرى، يقول منتقدو مرسي، إيران هي جزء، بل وجزء كبير، من المشكلة في سورية، فكيف يخطو مرسي أولى خطواته نحو الأزمة السورية بافتراض أنها طرف أصيل في الحل؟

ما يمكن ملاحظته، أولاً، أن الرئيس المصري، الذي يبدو أنه بدأ التعرف على الملفات الملحة في السياسة الخارجية، وأن خطواته في التعامل مع الأزمة السورية لا تحركها مصالح والتزامات مصر العربية والإقليمية وحسب، ولكن المشاعر الشخصية كذلك، يرى في اللجنة الرباعية وسيلة لحوار الدول الأربع وتبادل الرأي حول الوضع في سورية. ولكن مرسي لا يتوقع التوصل إلى حل سريع للأزمة، بل يبدو أنه ينتظر تغير موازين القوى على الأرض، وتوفر نافذة للتوفيق بين وجهة النظر الإيرانية، من جهة، والدول الأخرى الثلاث، الملتزمة علناً ورسمياً بالوقوف إلى جانب حركة الشعب السوري، ومد يد العون لقواه القيادية. بصورة أوضح، تدرك القاهرة صعوبة تغيير الموقف الإيراني في هذه اللحظة من الأزمة، وأن حجم وطبيعة اصطفاف إيران إلى جانب النظام في دمشق يمثل التزاماً إيرانياً باستمرار النظام وحمايته. هناك أسباب طائفية تقف خلف الموقف الإيراني من سورية، وأسباب استراتيجية، وهناك مخاوف كبيرة من عواقب سقوط النظام في دمشق، سواء على وضع إيران الإقليمي أو على الأوضاع في لبنان وسورية، بل وربما على وضع إيران الداخلي أيضاً. ليس ثمة أوهام لدى مرسي، والمجموعة التي تساعده على إدارة السياسة الخارجية، في مؤسسة الرئاسة أو في أجهزة الدولة ذات الاختصاص، حول الدور الذي تتعهده إيران في الأزمة السورية. ولكن اعتبارات أخرى، واعتبارات عديدة، تستدعي عدم تجاهل إيران في أي تصور لحل الأزمة.

إيران مبدئياً هي إحدى جارات العرب الكبريات، وهي جزء لا يتجزأ من الخارطة الجيو استراتيجية للمجال المشرقي، كما أنها شريك تاريخي. وتلعب إيران دوراً بالغ الأهمية، ليس في سورية وحسب، ولكن في لبنان والعراق أيضاً. سياسات إيران منذ ولادة الجمهورية الإسلامية لم تجد ترحيباً كبيراً من أغلب الأنظمة العربية، وتثير سياسات إيران الإقليمية، طوال العام أو العامين الماضيين، معارضة واسعة في الشارع العربي. كما إن إيران جزء من المشكلة في العراق، فهي كذلك، وربما بصورة أعمق، جزء من المشكلة في سورية. عندما كانت مشكلة إيران مع أنظمة عربية، مثل تلك التي قادها حسني مبارك، كان بإمكان القادة الإيرانيين أن يظهروا عدم الاكتراث، أو أن يقولوا للشعب الإيراني أنهم يقفون في صف الأغلبية الشعبية المسلمة في المنطقة. ولكن إيران الآن تخسر على كل الجبهات، جبهة الأنظمة وجبهة الشعوب. على المستوى الرسمي، لا تتجاوز دائرة حلفاء إيران وأصدقائها أمثال المالكي والأسد، اللذين لا يمكن وصفهما بأقل من القتل وسفك الدماء. ووضع إيران في دول الثورات العربية، أنظمة وشعوباً، ومن وجهة نظر الإسلاميين وغير الإسلاميين، أسوأ من وضعها في الدول التي لم تشهد تحولاً ثورياً. ولا يستطيع الرئيس مرسي، القادم للرئاسة المصرية من خلفية إسلامية سياسية، حتى إن أراد، تطبيع العلاقات المصرية الإيرانية. رئيس منتخب من الشعب وبإرادته، ويدير شؤون البلاد تحت نظر الشعب ورقابته، لا يستطيع أن يتخذ خطوة في السياسة الخارجية، بمثل حجم العلاقات مع إيران، تصطدم مع إرادة المصريين الذين أوصلوه إلى مقعد الرئاسة. وهذا، على الأرجح، ما قاله مرسي لمضيفه أحمدي نجاد، عندما التقاه على هامش مؤتمر دول عدم الانحياز في طهران.

بيد أن إيران هي دولة أيضاَ، وهي دولة تبحث عن الاستمرارية وحماية الذات. يحسب الإيرانيون، في واحد من أكبر الحسابات الخاطئة منذ ولادة الجمهورية الإسلامية، أن باستطاعة النظام الحاكم في سورية تجاوز التحدي الذي يواجهه منذ أكثر من عام ونصف العام. ويقوم الإيرانيون بكل ما يستطيعونه لمساعدة النظام على الانتصار على معارضيه. ولكن بقاء النظام أو زواله ليس مرهوناً بالموقف الإيراني. يستطيع الإيرانيون إضافة مزيد من التعقيد على الوضع في سورية، ولكنهم لا يستطيعون ضمان انتصار النظام أو حمايته. ما يواجهه النظام ليس غزواً أجنبياً، بل ثورة شعبية عارمة، تكتسب في كل يوم المزيد من الخبرة والقدرة على مواصلة النضال. وليس ثمة نظام حكم فقد هذه المساحة الواسعة من الشرعية وأمكنه الاستمرار في حكم البلاد والشعب. لا يجب أن يكون هناك شك في أن نظام الأسد إلى زوال، السؤال يتعلق بمتى وبأية تكاليف، وليس بما إن كان سيسقط أم لا. وعندما تقترب لحظة سقوط هذا النظام، عندما يصل التغيير في موازين القوى إلى المستوى الذي سيفرض على القيادة الإيرانية تغليب متطلبات الدولة وحساباتها على الدوغما الطائفية والإيديولوجية، لابد أن تكون هناك آلية ما للتفاهم، لتسريع عملية حل الأزمة في سورية ووضع حد لنزيف دماء الشعب السوري، وتسهيل انتقاله إلى نظام الحكم الذي يرتأيه، ولابد أن تكون هناك آلية لإعادة بناء العلاقات العربية مع إيران على أسس جديدة، تقدم المصالح المشتركة وضرورات الجوار والمشترك التاريخي على عوامل الصدام والتوتر والشكوك المتبادلة. هذا من جهة إيران، أما من جهة السعودية، فالأرجح أن المقاطعة السعودية للرباعية، غير المعلنة بعد بصورة قاطعة، لا تتصل بمشاركة إيران. فهناك من المؤشرات ما يكفي للدلالة على أن السعودية تريد هي الأخرى وضع نهاية لحالة العداء والتوتر التي تحيط بالعلاقات مع إيران. تتعلق مشكلة السعودية بدور مصر المستعاد، وما يمكن أن ينجم عن حركة مرسي النشطة في مجال السياسة الخارجية، أكثر منها باعتراف مرسي بدور لإيران في حل الأزمة السورية. وهذه، بالتأكيد، مسألة أخرى، تتطلب بعضاً من نقاش آخر.

 

=================

الثورة السورية ومحمود درويش

نائل بلعاوي

2012-10-17

القدس العربي 

لا ينسجم العنوان اعلاه، واقعياَ، مع حقيقة الرحيل الفاجع لدرويش قبل عدة سنوات، فقد دخل الشاعر الغياب قبل أن تدخل الشعوب العربية نشوة التغيير العظيمة المنشودة .. قبل فعل الريادة التونسي وتألق المصري ثم الليبي واليمني وصولا لهذا الالق الاستثنائي الذي كشف عنه الشعب السوري ودفع ويدفع الى الان حياته ثمنا لاجله. .

لا ينسجم العنوان، مرة اخرى، وهذي الحقائق، ولا يسعى كاتب هذه السطور لاسقاط موقف ما على الشاعر، كالقول مثلا : لو كان درويش حياَ لكان مع الثورة السورية بلا ادنى شك، مع أن الفرضية الاخيرة هذه ممكنة ومنتظرة تماماَ، ولا شيء يؤكدها اكثر من مجموع الارث الشعري الجميل الذي خلفه الشاعر، فهناك، حيث خرجت التجربة الشعرية برمتها من معطف الحرية العظيم ولم تكف يوما عن التغني بها والسعي خلفها، هناك، لا يمكن للمتلقي انتظار موقف، من صاحب التجربة، الى جانب الجلاد وضد الضحية. اذ أن النقائض لا تلتقي على هذا النحو القبيح ولا يمكن ان تلتقي، فقد انشغلت قصيدة درويش، بالمجمل، بلا حدود الهم الانساني وعذابات البقاء على الارض واحتفلت، على الدوام، بالحياة واشكال عيشها، وهي المعادل الفوري عنده للحرية المهددة، على الدوام، بالموت

المعادل الفوري للطغاة وعسف حضورهم.

مناسبة هذا العنوان وهذه الكلمات هي: اللحظات المريرة التي توقفت عبرها مؤخرا امام عديد المحطات الفضائية الممانعة والمقاومة التي تحتفي بكل شيء لا يتفق وحرية السوري، ولا اعرف، الى الان، عما تدافع، وكيف تخلط حابل المقاومة التي شوهتها الانظمة بنابل القومية التي امتصت كل القيء الفاشي المعروف، وما علاقة كل هذا وذاك بخرافة الصمود واساطير الابد الموصودة ابوابه على شخص واحد... هو ليس اكثر من وريث بليد لاب بليد وقاتل . ولكن، تلك حكاية اخرى لا مكان لها الان، فما وتر اعصابي قليلا وأدهشني في أن، هو الحضور المريب للقصائد المسجلة والمصورة لدرويش على تلك المحطات التي تعمدت احداها تكرار بعض المقاطع الشهيرة التي يندد فيها درويش، بعد الخروج من بيروت، بالعروبة واهلها. وكأنها تريد القول لجمهورها، ان وجد : لو كان درويش حيا لكان الى جانب النظام السوري / العروبي / وضد المؤامرة الكونية / . او، وبمعنى اكثر قبحا :/ نحن من يمثل هذا الشعر وهذا الشاعر وها نحن تقدمه لكم /.

امام هذا الاستفزاز الوضيع، هو استفزاز لادمية الادمي اولا، رحت استدعي، فجأة، تلك الدقائق الاخيرة من اللقاء الذي جمعني بدرويش في بيته الانيق الصغير جنوب العاصمة الاردنية اواخر الخريف من العام الفين ..

كانت الزيارة قد شارفت على الانتهاء حين وقفت حينها، لأبادله السلام والقليل من الكلام الوداعي امام باب البيت، ولكن نسخة كبيرة وشديدة الاناقة من القرآن فوق مسند خشبي على الجهة اليسرى قرب الباب ، أخذتني بسرعة اليها، فاقتربت لتأمل الخط اليدوي الفاتن وتقليب الصفحات المذهبة .. ان أذن صاحبها ؟

موافقا اشار درويش اليً وقال : ستصاب بالرعب حين تعرف مصدر هذه الهدية ؟...

كنت اعرف مسبقا بحقيقة الوضع المأساوي الذي مر به درويش على صعيد علاقاته الرسمية العربية، فهو، من ناحية، شاعر، اولا وقبل كل شيء، وصاحب موقف واضح من الظلم ومصادر الاضطهاد، وهو، من ناحية اخرى : الممثل، شبه الرسمي، للقضية الفلسطينية، فكان مرغماَ، وفقا لتلك الازدواجية التي فرضت عليه، ان يلتقي بهذا الديكتاتور العربي او ذاك، وان يتلقى بالتالي هدية ما من هنا او هناك.

 

أجبت: مصادر الرعب كثيرة في العالم العربي.....؟

من حافظ الاسد شخصيا اجاب درويش... هل تشعر بالرعب الان، ثم تابع دون ان ينتظر جوابا مني : يبدو النظام الامني متأثرا الى حد بعيد في سورية بشخصية الاسد.. مرعب هو وكذلك اجهزة الامن لديه..

هو مرعب فعلا كررت من خلفه ، ثم غادرت، بعد دقائق قليلة وللمرة الاخيرة، بيته. .

مرعقد كامل على كلمات درويش الصائبة تلك، عقد من الالم المضاف الى عقود ثلاثة سابقة.. عقد من الرعب الذي ورثه الوريث الذي لا يقل دموية وبطشاَ عن ابيه ولا يقل قدرة على الفتك بكل ما يتناقض ومصالح العائلة الحاكمة، ولكنه العقد الوحيد، ايضا، الذي ستفتح نهاياته طاقة صغيرة للامل وتكشف ايامه، هذه التي نعيش الان، عن رغبة سورية، لا مثيل لها، بالانعتاق النهائي من قبضة الاب المرعب والابن المرعب والاجهزة المرعبة، فاتحة تلك الرغبة الجمعية الهائلة، باباَ لعالم جديد ومختلف لا مكان فيه لاسباب الرعب وتجلياتها القبيحة التي زرعها ذلك الاب ورعاها جيدا هذا الابن.

تدافع قصائد درويش، اخيراَ، عن نفسها بنفسها، هي الوحيدة القادرة على النطق الصريح بما تحمله او تود الاشارة اليه، قد نسقط، نحن القراء عليها، احياناَ بعضاَ منا وما نرغب بقوله، وقد نأخذها، وهي قادرة بالطبع على الذهاب، الى كل ما هو انساني المعنى والجوهر، تلك بنيتها ومكمن شاعريتها، ولكننا لا نستطيع اسقاطها في وحل الدفاع عن الموت، لانها عكسه وعكس اسبابه... لانها، وكما يكون الشعر الجميل عادة : نقيضه الحتمي وليس مسرحاَ لتسويغه، فأمام تلك التركة الفاتنة لمحمود درويش يمكن حينها، وبلا تردد، القول: لو كان صاحب هذه التركة حياَ الان لكان، بلا ادنى شك، ضد القتل.. ضد الموت، وضد هذا الرعب الذي كان يعرف جيدا اسبابه ومصادر بعثه. .

 

=================

نعم للهدنة.. لا للمكابرة

عبد الباري عطوان

2012-10-17

القدس العربي 

من أصعب المشاكل التي يواجهها المرء عندما يتناول الصراع الدموي الدائر حالياً في سورية وتطوراته حالة التشنج التي تسود مواقف الاطراف المتحاربة في الجانبين، الحكومي والمعارض على حدّ سواء. فالحلول السياسية مرفوضة وكذلك الجلوس الى مائدة الحوار، والنتيجة مقتل المئات يومياً من المتقاتلين والأبرياء، والمزيد من الدمار.

السيد نبيل العربي امين عام الجامعة العربية، وبعد بيات صيفي امتد لأشهر، خرج علينا بالأمس بدعوة جميع الاطراف الحكومية والمسلحة، الى الالتزام بهدنة خلال عيد الاضحى الذي يبدأ نهاية الاسبوع المقبل.

الدعوة الى الهدنة، في صيغتها الاصلية صدرت عن السيد الاخضر الابراهيمي مبعوث الامم المتحدة، وقررت الجامعة العربية ركوبها، للإيحاء بأنها ليست عاطلة عن العمل، وما زالت ملتزمة بأداء دورها في البحث عن مخارج لهذه الأزمة الدموية.

ومن المفارقة ان السيد العربي الذي اكد بالأمس انه لا يوجد حل سياسي للخروج من هذه الأزمة، يعود اليوم متحمساً لمقترحات السيد الابراهيمي، وداعماً لها، ولكنه لم يقدم اي مقترحات حول الآليات التي يمكن استخدامها للوصول الى هذه الهدنة، مثل الدعوة لعقد اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب، أو ارسال وفد منهم الى دمشق للبحث عن هذه الآليات، طالما ان الجامعة تتطلع للعودة الى دور الوسيط، وليس الطرف مثلما هو عليه الحال حاليا في هذا الصراع.

' ' '

المشكلة ان بعض اطراف المعارضة السورية، خاصة تلك التي تعيش خارج البلاد، سارعت لرفض هدنة السيد الابراهيمي باعتبارها تصبّ في مصلحة النظام، وتوفر له مهلة لالتقاط الأنفاس، واعادة تموضع قواته وامدادها بالأسلحة والعتاد، ولم يتغير هذا الموقف المتسرّع الا بعد اعلان المجلس الوطني السوري، وربما بإيعاز من البعض، القبول بالهدنة والترحيب بها.

اللافت ان نوعاً من التعب بدأ يظهر على بعض اطراف الصراع والقوى الداعمة لها سياسياً وعسكرياً، وتبلور هذا بشكل واضح باتساع دائرة القبول بمهمة السيد الابراهيمي، ودعواته الى حل سلمي سريع للأزمة، وتركيزه بالذات على القوى الاقليمية المتورطة فيها لطلب مساعدتها.

عندما ذهب سلفه كوفي انان الى طهران قامت قيامة الاطراف العربية والغربية ولم تقعد، لانه ارتكب خطيئة كبرى بزيارة هذه الدولة الداعمة للنظام السوري، وبلغت المأساة ذروتها عندما رفضت دول مجموعة اصدقاء سورية دعوته الى اجتماعها الذي انعقد في باريس في شهر تموز/ يوليو الماضي، ففهم الرجل، اي انان، الرسالة وقدّم استقالته قرفاً واستياء.

السيد الابراهيمي زار ايران، وعرّج على بغداد، ثم ذهب الى الرياض وبيروت، واخيراً حطّ الرحال يوم امس في دمشق، ولم نسمع اعتراضاً واحداً من الدول العربية المتطرفة في مساعيها لتأجيج الصراع السوري، على زيارته للعاصمة الايرانية، وبحثه كيفية التوصل الى حلّ سلمي مع قيادتها.

الهدنة التي يقترحها السيد الابراهيمي، هي المبادرة الوحيدة، واليتيمة، المطروحة حالياً لعلاج هذه الأزمة، بعد ان اختفت جميع المبادرات، العربية منها والغربية، ولذلك يجب ان توفر لها كل الفرص للنجاح، لسبب بسيط، وهو ان نجاحها يعني انقاذ حياة الف انسان على الاقل، وهؤلاء بشر من لحم ودم في نهاية المطاف.

النظام لن يحتاج الى هذه الهدنة لتعزيز قواته، او نقل اسلحة وذخائر اليها، لأنه يملك الطائرات والدبابات في مواجهة معارضة مسلحة بأسلحة خفيفة، جرى تضخيم قواتها وتصويرها على انها جيوش عظمى، الأمر الذي اعطى انطباعاً مضللاً عن طبيعة المواجهات الدائرة بينها وبين جيوش النظام، لكن الشعب السوري الذي نسيه الكثيرون، هو الذي يحتاج الى هذه الهدنة لعلاج جرحاه، ودفن شهدائه، والبحث عن طعام لاطفاله، وترميم جزء مما تهدم من منازله، خاصة ان موسم الشتاء القارس بات على الابواب.

نشعر بالألم ونحن نرى الكثير من المحرّضين على استمرار الحرب في الجانبين، يتجاهلون مأساة الشعب السوري الذي يدفع الثمن غالياً من دمه وأمنه واستقراره ولقمة عيشه، خاصة الفضائيات التي لا ترحم، ومن الواضح ان استشهاد اكثر من اربعين الف انسان، وتشريد اكثر من اربعة ملايين في الداخل والخارج، وتدمير ما قيمته مئة مليار دولار من البنى التحتية لا يشفي الغليل.

الهدنة المقترحة ليست فرصة لالتقاط الأنفاس فقط، كما انها لا تعني وقف القتل في عطلة العيد ثم استئنافه بعدها، وانما هي خطوة لتجريب شيء آخر غير القتل والدمار، واعادة التذكير بشيء اسمه الأمان والنوم شبه الطبيعي، والحياة لأيام بدون جنازات ومقابر وعويل وفقد الأحبة وفلذات الاكباد.

لعل الهدنة المقترحة، اذا نجحت، تؤدي الى افساح مساحة للعقلاء والحكماء في الجانبين، السلطة والمعارضة، ليقولوا كلمتهم، ولعلها ايضا تكرّس ثقافة الحوار المنقرضة، وتفتح الطريق لهدنة اخرى، او تمديد الهدنة الحالية لأكثر من مرة.

' ' '

البديل للهدنة وحقن الدماء، ولو لأيام معدودة، هو استمرار القتال، وبمعدل مئتي شهيد يومياً على الاقل، معظمهم من الاطفال والنساء، فمن كان يتوقع ان تتحول هذه الانتفاضة المشروعة التي انطلقت سلمية، الى ثورة مسلحة، توفر الغطاء للنظام لكي يستخدم كل ما في جعبته من اسلحة فتّاكة في محاولة لسحقها، وتدمير مدن بالكامل فوق رؤوس اصحابها؟

السيد الابراهيمي اطلق صرخة تحذير لا يجرؤ على اطلاقها الا شخص مثله يتمتع بمظلة المنظمة الدولية، عندما قال ان الأزمة السورية قد 'تأكل الاخضر واليابس' في المنطقة، وانها لا يمكن ان تظل محصورة في الحدود السورية، وقد تمتد للجوار الجغرافي، ولا بد من علاجها فوراً قبل فوات الأوان.

العلاج الذي يتحدث عنه السيد الابراهيمي هو الحلّ السياسي، بعد ان ثبت فشل الحل العسكري، الذي لجأ اليه النظام والمعارضة في حسم الامور في ميادين القتال. والحلّ السياسي يعني التنازل من علياء العناد والغرور القاتل، وتقديم تنازلات من الطرفين لإنقاذ الشعب السوري وحقن دماء ابنائه بأسرع وقت ممكن.

نكتب بتفاؤل، ونحن الذين شككنا بنجاح مهمة الابراهيمي منذ اللحظة الاولى لبدئها، لأننا ننحاز الى الشعب السوري، ونشعر بمأساته، بكل اطيافه دون اي تمييز، فهؤلاء اهلنا، وكانوا في مقدمة المضحّين بحياتهم وارضهم من اجل قضايا الأمة، ولا احد يستطيع ان يزايد عليهم في وطنيتهم وعروبتهم وكرامتهم، وفتح بيوتهم وقلوبهم لكل انسان مظلوم طالباً للأمان والمساعدة من دول الجوار، والقائمة تطول.

النظام سيذهب لا محـــالة، ولكن ســـورية ستبقى، فـــكم انظــمة مرت على هذا البلد، وكم امبراطوريات قامـــت فيه او احتلته، وفي نهاية المطاف كان النصر من حليف الشعب. اتقوا الله في هذا الشعب الوطني الطيب الكريم الشريف.

=================

لماذا تخشى بغداد سقوط النظام في دمشق؟

حميد الكفائي *

الخميس ١٨ أكتوبر ٢٠١٢

الحياة

هناك قلق شديد في العراق منذ بدء الأزمة في سورية من احتمالات سقوط النظام السوري، وهو ليس محصوراً في الأوساط الرسمية فحسب بل حتى في الأوساط الشعبية. والمخاوف العراقية حقيقية وليست أوهاماً كما يتصورها البعض لأن لها ما يبررها. فإن كانت المجموعات الإرهابية المعادية للعراق انطلقت من سورية العلمانية التي يحكمها «العلوي» بشار الأسد خلال 2003-2010، وقتلت آلاف الأبرياء مدنيين وعسكريين، سنّة وشيعة وأكراداً ومسيحيين وتركماناً، وخرّبت المدن والمؤسسات والكنائس والجوامع والمصانع والشوارع، ولم يسلم منها حتى سوق الطيور في بغداد، فلماذا لا تستمر هذه الجماعات وتزداد شراسة في ظل حكم ديني متشدد قد يمدها بالعون المادي والمعنوي واللوجستي ويشاركها العداء لحكومة «الروافض» في بغداد؟

هذا التساؤل العراقي الكبير لم يجد له أحد جواباً يجعل العراقيين يغيّرون موقفهم، المتفرج في أحسنه وربما المساند للنظام السوري أو الراغب في بقائه والخائف من تبعات سقوطه. وقد يقول قائل إن الموقف العراقي المتأرجح هو بسبب تأثر العراق بالموقف الإيراني. إلا أنه، وعلى رغم أن هذا الرأي لا يخلو من وجاهة، باعتبار أن العراق يريد أن يتعاون مع جارته الشرقية لدعم الاستقرار في العراق أولاً والمنطقة ككل، فالحقيقة أن العراقيين خائفون جداً على مستقبل بلدهم وأمنه واستقراره ووحدته الوطنية من البديل السوري المقبل، وكل ما فعله بشار بهم من تسهيل لعبور المسلحين وتسليحهم وتنسيق نشاطاتهم، يمكن نسيانه أو تناسيه إن فكروا بما يمكن أن يفعله نظام سنّي متشدد يعلنها «حرباً لا هوادة فيها على الروافض». وعلى رغم أن هذا السيناريو مستبعد، لأن أي نظام جديد في سورية سيسعى في سنواته الأولى للتصالح مع البلدان المجاورة، إلا أنه سيكون من دون شك مفككاً وضعيفاً، ما يشجع الجماعات المسلحة التي تعادي النظام العراقي على استغلال هذا الضعف للانطلاق منه نحو العراق.

ثمّ إن العراق لا يرغب في الاصطدام بروسيا والصين اللتين تؤيدان بقاء النظام السوري لأسباب استراتيجية تتعلق بمصالحهما في الشرق الأوسط وبخشيتهما من الهيمنة الغربية على المنطقة، باعتبار أن الغربيين بدأوا يتعاونون مع الأحزاب الإسلامية ولا يمانعون في صعودها إلى السلطة إذ رأوا أن هذا هو الخيار الأفضل لهم، لأن هذه الأحزاب تتمتع بشعبية تمكِّنها من تمثيل بلدانها تمثيلاً أفضل وتجعل قراراتها ذات ثقل أكبر، كما إنهم يعلمون أن المستقبل للعقلانية وإرساء علاقات اقتصادية تدعم الاستقرار وتزيد تعاون الدول الناشئة مع الدول الغربية المتفوقة اقتصادياً وتقنياً. وقد رأينا أن العراق اضطر إلى التعاون مع روسيا عسكرياً لسهولة وسرعة الحصول على المعدّات العسكرية حتى المعقدة منها، كالطائرات والدبابات المتطورة. أما اقتناء السلاح الأميركي فيستغرق سنين طوالاً بعد إبرام الاتفاق مع الأميركيين، لأن هناك موافقات أخرى، أميركية ودولية، يجب أن تحصل عليها الإدارة وتعهدات يجب أن تقدمها الحكومة العراقية بعدم استخدامه ضد هذه الدولة أو تلك، إضافة إلى أن صناعته تستغرق وقتاً أطول إذ تصنعه شركات خاصة، على خلاف السلاح الروسي الذي تصنِّعه الدولة.

وهناك من يفسر الموقف العراقي بأنه انحياز طائفي إلى النظام السوري، وعلى رغم أن هذا الرأي لا يخلو من وجاهة، فالحقيقة أن مواقف الدول، كل الدول، باستثناء تلك التي تدار بعقليات منغلقة، تُتخذ على أساس المصالح دون غيرها وقد تساهم المشتركات الدينية والقومية والثقافية، خصوصاً عند الطبقات الحاكمة، في تقريب بعض الدول إلى بعضها، لكن ذلك لن يكون فوق المصالح أو قبلها. وإن نظرنا إلى سورية ما قبل 2011، لرأينا أن علاقتها بالعراق كانت متوترة على رغم العلاقات الطائفية المزعومة. فسورية بشار الأسد حاولت قصارى جهدها إضعاف «حكم الشيعة» بين 2003 و2010 ولم تكترث للقرب الطائفي. ثمّ إن العلويين غير الشيعة ولا يمكن اعتبارهم جزءاً من الشيعة على رغم أن جذورهم شيعية كما جذور طوائف أخرى.

الغائب عن السياسة العراقية الحالية تجاه النظام السوري أن الأخير لن يستطيع الصمود طويلاً بعد تلقيه ضربات موجعة من القوى المعارضة، وهو آيل إلى السقوط حتى وإن تمكن من البقاء لعام آخر أو أكثر. وعدم وجود سياسة عراقية واضحة للتعامل مع سورية ما بعد الأسد ليس في مصلحة العراق. صحيح أن العراق عَرَضَ أن يجمع الحكومة والمعارضة معاً في مؤتمر في بغداد، لكن المزيد من الانفتاح على قوى المعارضة السورية مطلوب من أجل تعميق التفاهم حول المشتركات بدلاً من أن تبقى قوى المعارضة معادية للعراق وتعتبره مسانداً للنظام السوري، وهو الذي عانى منه في السابق. يجب أن تعلم الطبقة السياسية العراقية أن جزءاً مهماً وكبيراً من الشعب السوري يرفض النظام الحالي كلياً ويريد تغييراً كالذي حصل في العراق وتونس ومصر وليبيا واليمن. إنهم يريدون نهاية لحكم ديكتاتوري بُني على أساس الحزب القائد وتوريث الرئاسة من الأب إلى الابن في تجربة هي الأولى من نوعها في العالم العربي. النظام السوري الحالي دام ما يقارب الخمسين عاماً، بينما تجاوز حكم عائلة الأسد 42 عاماً، لكنه لم يحقق أياً من الأهداف التي سعى رسمياً من أجلها، فلا حرر فلسطين أو الجولان ولا حقق الوحدة العربية ولا الاشتراكية، وهو بالتأكيد لم يحقق الحرية. من حق الشعب السوري أن يطمح في نظام أفضل منه، نظام ديموقراطي عصري يمثل الشعب بكل تنوعاته وبعدالة تعكسها صناديق الاقتراع. وفي الوقت نفسه، فإن بعض قوى المعارضة السورية بحاجة إلى أن تتخلى عن تشددها الديني والمذهبي وتتبنى بجد سياسات معتدلة تتقبل الآخر وتحترم خياراته وآراءه. فالعالم لم يعد يقبل بقوى متشددة تسعى لفرض رؤاها وعقائدها على الآخرين بالقوة. ولم تعد القوة الذاتية، بكل أشكالها، المسلحة أو الجماهيرية، وحدها كافية لانتصار أي طرف سياسي على آخر، بل هناك حاجة لقبول وطني ودولي بالقوى السياسية والأفكار التي تعتزم إدارة البلد وفقها. فإن كانت إقصائية ومتشددة، فإنها لن تسود حتى وإن تمتعت بشعبية كبيرة لأن العالم سيقف ضدها ويطيح أصحابها في نهاية المطاف.

لا حل إذاً سوى الديموقراطية والوسطية والتعايش مع الآخر المختلف.

 

* كاتب عراقي

=================

توحيد «أصدقاء الشعب السوري» يسهّل توحيد المعارضة

عبدالوهاب بدرخان *

الخميس ١٨ أكتوبر ٢٠١٢

الحياة

على رغم انخفاض سقف التوقعات من «ما بعد» الانتخابات الاميركية، فإن الخيارات الأخرى، غير الانتظار، ليست متوافرة. لذا تستمر مرحلة استكشاف الأفكار والاطروحات للبدء بمعالجة ولو بطيئة للأزمة السورية. وعدا الحفاظ على المعادلة التي بلغها النظام والمعارضة على الأرض، بدا أخيراً كأن التصعيد الاقليمي متاح، على نحو ما أظهره التوتر بين تركيا وسورية النظام، لكن الجانبين اضطرّا للاعتراف بأن ثمة حدوداً ينبغي عدم تجاوزها. وقد ذهبت انقرة الى حدّ تحدي روسيا لحضّها على ضبط دمشق. وكان لافتاً في هذا التصعيد ان ايران اقتصدت، على غير العادة، في التدخل والإدلاء بدلوها، بعدما كانت سرّبت سابقاً أنها حذّرت تركيا بل هددتها. ولئن تضامنت دول حلف الأطلسي مع انقرة، إلا أنها تحفظت مثلها مثل روسيا عن ازكاء التصعيد.

يريد النظــــام السوري استغلال مرحلــــة الانتـــــظار هذه لتحقيق بعض الأهداف: أولها محاولة تغيير المعادلة الميدانية وإحداث انقلاب في منطق الأحداث لإضعاف المراهنة على الانجازات العسكرية للمعارضة. والثاني استباق ضوء أخضر اميـــركي بتطوير تسليح المعارضة ومدّها بأسلحة نوعية تحرم القوات النظامية من التفــــوّق بالطيران الحربي. والثالث إحباط فكـــــرة اقامة «منطقة عازلة» في الشمال كأمر واقـــــع لا يستلــــزم قراراً من مجلس الأمن ولا غطاءً جوياً خارجياً اذا توافرت للمعارضة مضادات حديثة للطيران. أما الهدف الرابع فهو الشروع في تسخين ورقــــة التفجير الاقليمي عبر الحدود التركية للدلالة الى المآل التالي المباشر للأزمة.

وبمثل هذا التخطيط يعتقد النظام أنه يعزز موقعه استعداداً لورشة السيناريو السياسي الدولي للتعامل مع الأزمة. لكنه لا يزال هو نفسه يتعامل معها بمسارين غير سياسيين بالمرة: الأول يستند الى أوهام، منها على سبيل المثال أنه يتوقع من الأمم المتحدة أو من المبعوث الدولي - العربي إقناع دول اقليمية بوقف دعمها العسكري للمعارضة. وقد فُهم ذلك من السجال بين دمشق وبان كي مون، اذ طالب الأخير بأن يُقدم النظام «أولاً» على وقف اطلاق النار، وردّت دمشق بأن المطلوب أولاً - وفقاً لـ «تفاهم» مع وفد النظام الى الجمعية العامة في نيويورك - وقف تسليح المعارضين. أما المسار الثاني فهو المزيد من الإجرام بالمواصفات التي يدينها المجتمع الدولي وينبذ مرتكبيها ويحيلهم بسببها الى المحاكمة فلا يعودون جزءاً من مستقبل بلدانهم. والواقع أن سجل النظام أصبح مثقلاً، فبعد توثيق المجازر وأعمال التعذيب والاغتصاب والتنكيل ومسح أحياء سكنية كاملة في مناطق عدة، وبعد استخدام الأسلحة والآليات الثقيلة ضد المدنيين، كشفت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أنه بعد إلقاء البراميل المتفجرة والقنابل الفراغية والصواريخ المخصصة لتدمير أرتال المدرعات، بات يستخدم القنابل العنقودية ويرميها بين المنازل والمدارس، ما يعتبره الخبراء ذروة الاستهتار بالأرواح والسعي المتعمد الى شلّ الحياة وإبادتها، مستخلصين أن منطق القوة المنفلتة يعني أنه لم يبقَ للخطوة التالية سوى اللجوء الى السلاح الكيماوي.

يبقى من سجال بان كي مون - دمشق أن ثمة محاولة يجرى بناؤها، من خلال مهمة الأخضر الابراهيمي، لطرح «حل سياسي». ولأجل ذلك كان لا بد من العودة الى وقف النار كممرٍ لا بدّ منه، فلا أحد يتخيّل حواراً في ظل جنون القتل. لكن الجميع يعرف ما حصل سابقاً في تجارب وقف النار... ومن هنا البحث هذه المرة في ارسال قوات لحفظ السلام تابعة للأمم المتحدة. هذه الفكرة لن تعجب النظام لأنها ستكرّس عدم سيطرته على كامل الأراضي السورية، وبالتأكيد لن تعجب المعارضة لأنها تؤكد شكوكها الدائمة بأن المجتمع الدولي لم يرد ولا في أي لحظة إسقاط النظام، بدليل أنه منع الأسلحة النوعية عنها وأتاح لتفوّق النظام نارياً لا وحشية القتل فحسب بل أيضاً التدمير المنهجي للمدن ولمقوّمات الاقتصاد.

غير أن هذا «الحل» لا يزال مجرد أفكار تطمح الى توافق دولي بعد صياغتها في مشروع متكامل. ولا شيء يشير الى أن الطريق إليه باتت ممهدة، فالخلافات الدولية المعروفة لم تتحرّك، كذلك الاصطفاف، فحلفاء النظام يعتبرون أن لديهم لاعباً لا يزال ممسكاً بالدولة والجيش. أما داعمو المعارضة فلديهم قوة هائلة تتمثل بالشعب لكنها متناثرة على الخريطة السورية، ولذا فهم يفتقدون لاعباً يعتمدونه ندّاً للنظام وبديلاً منه. أما الجديد في هذه الصورة فقد يكون استعداد حلفاء النظام لوضع مسألة تنحّي بشار الاسد في المساومة والإيحاء بأنها لن تكون عقبة، لكن في مقابل «قيود» تتحكّم بالمرحلة الانتقالية وتتعلق بمؤسستي الجيش والأمن. ولا شك في أن أي «حل»، اذا كان له أن يوجد، سيقتبس أو يستعير بعض عناصر «السيناريو اليمني» (ومنها ورقة نائب الرئيس) على رغم أن بين واقعي الأزمتين اختلافاً جوهرياً وهو أن المعارضة اليمنية كانت موجودة في البرلمان وفي الحراك ضد النظام كما كانت جاهزة للمباشرة بدورها في المرحلة الانتقالية.

ما يدفع حلفاء النظام الى شيء من التنازل المحسوب أنهم تأكدوا أن الاسد لم يعد صالحاً للمراهنة عليه على المدى الطويل، لذا يفضلون حلاً تفاوضياً قد يضمنون معه بعضاً من مصالحهم. وثمة أسباب تبرر المغازلة الدائمة لـ «الحل السياسي» من جانب «أصدقاء الشعب السوري»، منها خشية البديل وهو إغراق سورية في حرب طويلة لا تبقي فيها حجراً على حجر، والصعوبات التي برزت في مساعي توحيد الكتائب العسكرية المقاتلة ضد النظام فضلاً عن صعوبات التقريب بين أطراف المعارضة السياسية. ولعل «الاصدقاء» يرون في سعي «المجلس الوطني السوري» الى توسيع عضويته لضم أكبر عدد من ممثلي الداخل خطوة مفيدة، إلا أنهم لا يزالون يتطلعون الى كيان معارض يمكن أن يدعموه كبديل من النظام أو ككيان قوي متناغم وقادر يمكن أن يشكل عند الضرورة جزءاً رئيساً من أي تسوية سياسية.

لا تخفي أوساط المعارضة و «المجلس الوطني» مشاكلها «الموضوعية» وتقول إنها لم تستطع التغلّب عليها بسبب شدّة القمع والعوائق المزمنة أمام وجودها على الأرض، وأنها صارحت بها «الأصدقاء» وطلبت مساعدتهم على تجاوزها لكنهم عجزوا عن تأمين «حماية المدنيين» حين كان الهدف الحفاظ على «سلمية الثورة» ثم تلكأوا في التعامل مع «العسكرة» بعدما جعلها النظام أمراً واقعاً. وتعتبر المعارضة أن مشكلة كبيرة أضيفت الى مشاكلها تلك، وهي أن «الأصدقاء» أنفسهم لم يتفقوا على الأهداف ولم يضعوا تصوراً موحداً وواضحاً للتعامل مع الأزمة وبالتالي مع المعارضتين الداخلية والخارجية، وعلى رغم الحديث عن غرفة أو أكثر أُقيمت لـ «التنسيق» بين الدول المعنية، إلا أن السمة الغالبة ظلّت انفراد كل دولة بالعمل على طريقتها ومن خلال قنواتها، سياسياً وعسكرياً.

بديهي أن انعدام التفاهم بين «الأصدقاء» انعكس سلباً على المعارضة وحال دون توحيد القيادة العسكرية، كما أضعف مساعي «المجلس الوطني» وسائر أطراف المعارضة لتنظيم صفوفها وعملها، لكن عشوائية الدعم وتناقض الرسائل انعكسا كارثياً بحرمان «الجيش الحرّ» من الوسائل اللازمة للدفاع عن مواقعه، وأيضاً بفوضى تسليحية ساهمت في ظهور المجموعات المتطرفة. وفيما يستسهل الجميع عزو اضطراب التنسيق بين «الأصدقاء» الى غموض الموقف الاميركي من جهة وغموض التفاهمات الاميركية - الروسية من جهة اخرى، إلا أن نتيجته واضحة وملموسة في تمكين النظام من ارتكاب الفظائع من دون أي رادع.

 

=================

الأخضر الإبراهيمي والأخضر واليابس

زهير قصيباتي

الخميس ١٨ أكتوبر ٢٠١٢

الحياة

الأخضر الإبراهيمي في بيروت قَلِق على الأخضر واليابس في المنطقة، إذا امتد لهيب الحرب في سورية إلى ما وراء حدودها. ولعل المبعوث الدولي- العربي الذي بدا كمن يوجّه تحذيراً الى الجيران، لتسمع القوى الإقليمية المعنية، أراد في سياق جولته، أن يشدّ عزيمته بذكريات وساطته التي سبقت اتفاق الطائف ونشر قوات الردع العربية التي تحوّلت سوريَّةً صافيةً في لبنان لوقف حروبه الأهلية.

لم يأتِ الابراهيمي الى بيروت لطلب نشر قوات ردع لبنانية في الأراضي السورية، أو مراقبين لبنانيين على خطوط التماس في ريف دمشق وحمص ومعرّة النعمان. فأول شروط الأهلية للمراقب أن يكون محايداً، ولن يرسل لبنان الرسمي دبّه إلى كرم سورية، بعدما استحضرت إيران دبّها (الحرس الثوري في هذه الحال) إلى البلد الفاقد المناعة حيال «إغراءات» الوصاية وأخطارها وأثمانها. وهو لبنان بالطبع، فيما لا يباغِت أحداً تأجيجُ سياسة وضع اليد الإيرانية، الحربَ في سورية، وتسعير نار الانقسام بين اللبنانيين على النظام في دمشق ومعارضيه.

انقلبت الأوضاع والأدوار، الإبراهيمي سعيد في بيروت بذكرياته اللبنانية، حزين في دمشق لمعدلات القتل. رغم ذلك، كل ما يريده من هدنة عيد الأضحى «خفض عدد من يُدفَنْ أيام العيد»، لعلها تكون بدايةً لمسار الحل. وهل هذا عيب؟ يتساءل، بينما تصرّ الأمم المتحدة على أنه ما زال ينفر من التسرّع، رغم قلقه على الأخضر واليابس.

والحال أن الأطراف أو الدول الكبرى الإقليمية، وبعض أعضاء مجلس الأمن، تملَّكَهم الضجر من التريُّث في انتظار المبادرة التي سيتبنّاها أو يعلنها الإبراهيمي لإنهاء المذابح في سورية والمستمرة منذ 19 شهراً، فيما يرى الهدنة اختباراً أوّلياً لرغبة النظام والمعارضة في وقف النار. بالتالي، هي أقل بكثير من مبادرة، يسرّب ديبلوماسيون أنها لن تطوّر جوهر النقاط الست التي وصلت الى النقطة صفر مع سلف الديبلوماسي الجزائري، الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان.

وما لا يريده الأخضر الإبراهيمي هو أن يعود الى بلاده يوماً بخفّي أنان، لعل توافقاً إقليمياً- دولياً يكرر مقدمات «الطائف» اللبناني، في سورية. وإن كان لا يستبعد في التحضير لمبادرته، مفاجآت تعبّد طريقها، فالصحيح كذلك أن دولاً غربية وأخرى في المنطقة قطعت شوطاً كبيراً في مقايضة تسليح المعارضة السورية بشرط توحيد فصائلها وتياراتها، المسلحة في الداخل، والسياسية في الخارج.

وإن كان بديهياً ربط ضغوط الذين يدعمون الثورة والمعارضة برغبة ملحّة في تطويق تمدد أصابع «الجهاديين» على ساحات القتال في سورية، فالواضح في آنٍ أن حكمة التريث لدى الإبراهيمي شجّعت الدول «المتورطة» بالنزاع على سباق «مبادرات». وهذه من النوع الذي يطيل أمده، ما دامت تلك الأطراف تفتقد الحياد لدى طرفي الحرب.

فلا موسكو يمكنها ادعاء دور الوسيط، ما دامت تبدي مزيداً من التشبث ببقاء رأس النظام، ولا طهران التي تخوض حربه مقبولة لدى المعارضة. فبعد سقوط 33 ألف قتيل تعرض إيران قيادة الرئيس بشار الأسد مرحلة انتقالية، كأنها ترى العلّة في شطط أركان النظام عن «كفاءة» قيادته في الحرب على «مجموعات مسلحة»... أو لكأن الـ33 ألفاً هم 33 قتيلاً «جواسيس للاستكبار».

وأما رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان الحائر أمام تريث الإبراهيمي، بعدما نفد صبره إزاء عجز الثوار عن إطاحة النظام السوري، فهو ايضاً لا يقل قلقاً على الأخضر واليابس، ولكن في الدور الإقليمي لتركيا الذي يحلم بإعادته الى حقبة السلاطين. يدرك قبل غيره أن الحرب التركية- السورية ممنوعة لأنها تَقْلُبْ وُجْهَةَ الصراع، وأن اللّغم الإيراني بانتظاره.

لذلك، كان لقاؤه الرئيس محمود أحمدي نجاد واقتراحه الآلية الثلاثية المتحركة، بعد فشل المبادرة المصرية التي ضمت إيران الى لجنة رباعية (مصرية- تركية- إيرانية- سعودية). وهي «متحركة» لأن «السلطان» أردوغان لم يتوصل بعد الى تحديد العلاقة بين منظومات ثلاث: تركيا ومصر وإيران، تركيا وروسيا وإيران، تركيا ومصر والسعودية... وهل تعمل بالتوازي أو هي خيارات لتواكب إحداها الأزمة السورية.

لا ينسى أردوغان بالطبع الأخضر واليابس، إذ يتهم خصمه النظام السوري بتحريك حزب العمال الكردستاني لابتزازه بورقة كيان الحكم الذاتي لأكراد سورية، وتهديد وحدة تركيا. تكْبُر حيرة أردوغان بعدما ظنّ أن غرق «الوليّ الفقيه» في مشاكل إيران والعقوبات الأميركية- الأوروبية، سيطلق يد تركيا السلاطين في إعادة رسم الخريطة السياسية للمنطقة، بعد سقوط النظام السوري.

لعل موسكو تفاقم حيرته، وحيرة الإبراهيمي إذ استبقت مشروع هدنة العيد في سورية، بإحباط آمال السوريين بنتائج جولته.

=================

البلد المفخخ!

يوسف الكويليت

الرياض

    العراق بلد مخترق ومفخخ من قبل الوالي الإيراني الذي جعله فرعاً للأصل، ومحاصراً بثورة سوريا التي تحمل روح الأكثرية السنّية، والتي صارت كابوساً وشبحاً يتحرك في عمق العراق، وهذا البلد المرتهن لسلطة أحالته لعنف تبرز فيه أصابع الدولة وتنسبه للقاعدة، أو مجهول بهدف جعل الشعب في حالة رعب دائم ولا يفكر إلا بسلامته وهو الأسلوب الذي تستعمله الحكومات القمعية، وإلا كيف تحول الأمن إلى حالة فوضى مع أن السلطة أخذت دورها الزمني، وكان المفترض أن تكون استكملت أجهزتها العسكرية والأمنية لكن اللعب على وتر الطائفة، ومحاولة نفي التشكيلات الاجتماعية الأخرى أغرقها بحالة من الفوضى المنهجية..

فمن ينادي بالمحاصصة وفقاً لنظام تعددي ديموقراطي يتم عزله أو تدبير تهم تدفع به إلى السجن، أو النفي حتى أن محاولة جمع الفرقاء والخصوم من أجل الحوار وتلافي الانقسامات فشلت، بل صار التحالف بين حزب السلطة والحزب الكردي مهدداً بالانفصال بسبب رعونة مسؤول في حكومة المالكي، وصف البرزاني بالخطر على العراق، وهو ما أثار حفيظة الطرف الآخر ورد بنفس الانفعال، أي أن مفهوم المشاركة صار مجرد مفاهيم تفسرها الدولة باتجاه احتكار السلطة لا توسيعها وشمولها كل الأطياف..

فالعراق الذي مر بالانقلابات، وقبلها ما يشبه الاحتلال البريطاني ثم التحالف مع المنظومة الاشتراكية، فالاحتلال الأمريكي، فالدولة الطائفية، وهذا التدرج خنق العراق، والادعاء الآن بأنه ديموقراطي مفهوم لا حقيقة له أي أن نزعه الهيمنة لفئة واحدة نفي حقيقة وجود هياكل دولة يصدق عليها هذا التوصيف..

فعراق بدون جهاز أمني، ولا جيش إلا بما تركته أمريكا من بقايا أسلحتها واستئذانها التسلح من روسيا، وأربعين في المائة من شعبه لا يشربون الماء النظيف، ومثلهم لا يتمتعون بالكهرباء ونسبة من المواطنين تحت خط الفقر، وتذهب الأموال لدعم نظام الأسد خشية أن يختل توازن العراق وإيران وحزب الله في حال سقط النظام، وأوهام أن الضمانة لحكم العراق بقاء النظام السوري يؤكد هشاشته وعدم اتكائه على قاعدة وطنية تحميه، ثم كيف أصبح العراق ساحة عبث يتم تفجير مواقع كثيرة، لولا أن التسيب الأمني، وصل إلى حالة خطيرة، ويكفي أنه أثناء عقد القمة العربية ببغداد، والذي حضرها المندوبون أكثر من الرؤساء، إقفال جميع المنافذ والطرق، وأعلنت حالة طوارئ شاملة، وهو ما لم يحدث بأي عاصمة عربية استضافت القمة بدون هذه الترتيبات..

البلد غني بموارده وشعبه وتراثه، لكن التحول من دولة صدام الدكتاتورية إلى دولة المالكي الطائفية، لم تغير أي شيء، إلا أن الأمن زمن صدام كان أكثر تماسكاً، بل إن إيران أصبحت من يقوم بإدارة النظام، وهي تسعى منذ أزمنة طويلة تحقيق تحالف المذهب فكان المالكي من حقق النبوءة، لكن إيران تعيش واقعاً أسوأ لأن مأزق المقاطعة بات يضعها على خط الانفجار، مما يؤثر على العراق ويؤزم أوضاعه للأسوأ..

=================

الإبراهيمي في بيروت.. وماذا بعد؟

2012-10-18 12:00 AM

الوطن السعودية

لم يستطع مبعوث الجامعة العربية والأمم المتحدة إلى سورية الأخضر الإبراهيمي، أن يتجاهل لبنان، أو يتجاوزها، بعد أن أنهى جولته التي شملت عددا من الدول المعنية بالأزمة السورية، والمؤثرة فيها؛ ذلك أن العالم يدرك أن التأييد السياسي المطلق، والدعم العسكري المكشوف للنظام السوري، إنما يأتي من القوى التابعة لإيران في لبنان، فضلا عن كون لبنان دولة الجوار الأكثر تأثراً بتداعيات الأوضاع في سورية، ولذا كانت زيارته أمس إلى بيروت، على الرغم من أنها لم تكن معلنة ضمن جدول جولاته، إلا أنها منطقية عند النظر إلى أكثر من سبب.

الإبراهيمي ـ بعد لقائه رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي في بيروت ـ حذر من تأثير الأزمة السورية على دول الجوار، وقال: "لا بد أن تدرك هذه الدول أنه لا يمكن أن تبقى هذه الأزمة داخل الحدود السورية إلى الأبد. إما أن تُعالج أو أنها ستسوء وتنكب وتأكل الأخضر واليابس"، وهو تحذير لا يتجاوز تقرير الواقع الذي تدركه دول الجوار قبل غيرها، فتعمل ـ بما تستطيعه ـ على ألا تمتد آثار الأزمة السورية إلى خارج حدودها، لكن هذه الدول لن تستطيع إيقاف امتداد أثر الأزمة إليها، ما لم يكن هناك موقف دولي حازم وحاسم، تتآزر من خلاله جهود المنظمات الدولية، مع جهود دول الجوار.

في الأزمة السورية، لا تتعدد الخيارات، ولا تتنوع سبل الحل، فلا طريق إلى إنقاذ سورية وشعبها مما هم فيه، ومما ينتظرهم، وبالتالي إنقاذ المنطقة من آثار الحدث وتداعياته؛ إلا بإنهاء نظام الأسد؛ فلن يتراجع السوريون عن ثورتهم، ولن يبيعوا دماء أبنائهم مقابل أي صفقة، ولن تثنيهم عن أهدافهم الواضحة أي محاولات للتسوية، أو منح نظام غير قابل للإصلاح فرصة ادعاء المزيد من برامج الإصلاح.

إن دعوة الإبراهيمي إلى وقف إطلاق النار خلال عيد الأضحى، لا تعدو أن تكون مسكنا مؤقتا للألم إن نفذت، لكنها من جانب آخر تمنح النظام السوري فرصة ممتازة لالتقاط الأنفاس، ثم تعويض ما قد ينقص من عدد القتلى بعد انتهاء المهلة.

المشاريع السياسية التي يحاول الإبراهيمي بناءها لإنهاء الأزمة، لن تنجح إلا بتحديد هدف واحد وهو إسقاط النظام، لأن أي مشاريع لا تتضمن تحقيق هذا الهدف، ستكون مضيعة للوقت والجهد.

 

=================

جهود الإبراهيمي لإنقاذ المدنيين

رأي البيان

التاريخ: 18 أكتوبر 2012

البيان

لم يكن غياب المبعوث الدولي والعربي الأخضر الإبراهيمي عن الأنظار هروباً من المسؤوليات أو نذر فشل كما حدث مع سلفه كوفي أنان، فالسياسي الجزائري المخضرم عاد بعد مشاورات مكثفة على ما يبدو حيث بدأت تحركاته تخطف الأضواء مجدداً على أمل إيجاد مخرج للأزمة المتعثرة في سوريا.

رغم تسريبات باقتراح الإبراهيمي نشر قوات حفظ سلام في سوريا، وهو ما نفاه، إلا أن دبلوماسية الحل «خطوة خطوة» تبدو أكثر فاعلية من كشف الأوراق دفعة واحدة، فالرجل يقترح هدنة عيد في سوريا بين طرفي الأزمة الداخلييْن، ومن شأن ذلك، إذا تحقق، أن يعطي الناس فرصة لالتقاط أنفاسهم، ولملمة آثار الدمار الذي أصابهم نتيجة القصف العنيف وغير المبرر على منازل المدنيين من قبل القوات النظامية.

لا يعني هذا أن الإبراهيمي نجح في مهمته، فالأزمة ضخمة، وهي في طريقها للتضخم أكثر، وخاصة أنها تشابكت مع الحسابات الكبرى في التنافس الدولي، ودخلت الأزمة في سوريا كتفصيلة في تلك الحسابات التي يدفع ثمنها مئات الناس يومياً.

إن المؤشرات الأولية من الأطراف الداخلية لا توحي أن المعادلات التي كانت تحكم الأزمة في فترة أنان، تغيرت.

ومن المتوقع أن يقبل الطرفان اقتراح الهدنة على أمل أن يتسبب الطرف الخصم في فشلها، لكن الدروس المستفادة حتى الآن من عمر هذه الأزمة الطاحنة هو أن مهمة الإبراهيمي تكمن في العمل على وقف العنف أولاً وليس إسقاط النظام أو تثبيته، وفهم هذه المعادلة أساسية لتثمر جهوده عن تقدم ملموس على أرض الواقع، فهناك نحو مليوني سوري مشرد داخل البلاد، والهدنة ستتيح الفرصة أن يلملم هؤلاء أوضاعهم لتجاوز فصل الشتاء القاسي على الأقل. توقيت تحرك الإبراهيمي وبدئه باقتراح الهدنة يشير إلى إدراكه لهذه التفصيلة الإنسانية جيداً.

لقد أثبت طرفا الصراع في الأزمة السورية، أن لهما نفَساً طويلاً على الصمود وخوض الحرب في أسوأ الظروف، ولا يبدو أن أياً من الطرفين مستعد للاستسلام، وإن كانت قواعد التاريخ والمجتمع تميل لصالح المعارضة، لكن للوصول إلى تلك النتيجة فلا بد من الإقرار أن المدنيين لا طاقة لهم بهذه الحرب أكثر.

=================

الأسد يخشى مخابراته

عبدالله الغضوي

عكاظ

18-10-2012

كل شيء في سورية تحت سطوة المخابرات، الوزارات، المؤسسات المدنية، الجيش، رئاسة مجلس الوزراء، بل إن القصر الجمهوري بكل هيبته التاريخية وقع في قبضة المخابرات، حتى بشار الأسد ذاته بطوله تحت تصرف المخابرات.

لم يبن حافظ الأسد الدولة السورية، بقدر ما بنى جهاز المخابرات، وكل السوريين يعرفون أن المخابرات هي الدولة.

ويروي الباحث الأمريكي في الشؤون السورية الدكتور جوشوا لانديس، أحد مظاهر سيطرة المخابرات السورية على بشار الأسد ذاته، ويقول قبل أن يتولى بشار الحكم، تولى ملف ما سمي آنذاك مكافحة الفساد وتطوير «المعلوماتية» في سورية، واستعان حينها بالدكتور عماد مصطفى، عميد كلية هندسة الكمبيوتر آنذاك، وفي إحدى الندوات التثقيفية التي نضمها بشار في مكتبة الأسد الشهيرة، دعا بحضور بعض رجال المخابرات من الصف الأول إلى نشر ثقافة الإنترنيت والاهتمام بتقنية المعلومات الحديثة. ولم تنل هذه الندوة رضا المخابرات السورية، خصوصا أنهم اعتبروا أن الإنترنيت مؤامرة صهيونية لاختراق الأمن السوري.

بعد ذلك، تم استدعاء مصطفى لدى أحد فروع المخابرات السورية، وجرى تحذيره من مغبة تكرار هذه الندوات، حتى ولو كان نجل الأسد «بشار» من يقف وراءه، لكن الأمر تجدد مرة أخرى ونظم بشار ندوة ثانية، عندها استشاط ضباط المخابرات غضبا، وأوقفوا هذه الندوات بالقوة، وبمعرفة الأسد الأب، وبقي مصطفى من «المغضوب عليهم»، إلى أن تم تعيينه بعد ذلك سفيرا لدى واشنطن.. وتوقفت حملة التوعية بأهمية الإنترنت. ولم يتلفظ بشار بكلمة واحدة دفاعا عن مصطفى.

وازدادت هذه السطوة بعد وفاة حافظ الأسد، إذ انفرد ضباط المخابرات بالرئيس الابن، وأصبح واجهة سورية، التي يحكمها رجال المخابرات.

وبقيت «فوبيا» المخابرات تهيمن على الأسد حتى عندما أصبح رئيسا، ولعل سلوك المخابرات في قمع المحتجين ودفاع الأسد في أكثر من مرة عن هذا الأسلوب، دليل على استمرار سطوة هذا الجهاز على كل ما يجري في سورية، حتى على غرفة نوم الأسد ذاتها.. وما خفي أعظم.

=================

التطبيع مع نظام بشار الأسد!

حسين شبكشي

الشرق الاوسط

18-10-2012

قام الاتحاد الكويتي لكرة القدم بدعوة المنتخب السوري لكرة القدم مؤخرا للعب مباراة ودية بالكويت، وحصلت حالة هائلة من الهرج والمرج والذهول والاعتراض الشديد جدا على هذه الخطوة الاستفزازية لمشاعر جل الشعب الكويتي المؤيد للثورة السورية والشعب السوري، وذلك لأنهم اعتبروا هذه الزيارة دعما لتبييض صورة نظام بشار الأسد الذي يحاول أن يظهر أن كل شيء في بلاده طبيعي، وأنه لا ثورة ولا مطالبات شعبية بتغيير النظام.

والرياضة ومنتخب كرة القدم إحدى وسائل النظام التي يستغلها لإظهار ذلك الأمر. واليوم العالم العربي المؤيد بأغلبيته الكاسحة للشعب السوري وثورته، والذي يبغض في الوقت نفسه نظام بشار الأسد الدموي، ينظر لبشار الأسد على أنه مغتصب ومجرم وقاتل، ويرفض مبدأ منحه ونظامه أي نوع من أنواع الشرعية أو الإقرار والاعتراف بحكمه، ولذلك كل «محاولة» للنظام السوري لكي يخترق هذا الشعور الكاسح لدى الجماهير العربية الغاضبة عليه هي بمثابة «تطبيع».. نعم هكذا يجب أن يُنظر للأمور، وبهذه الحدية والجدية في الطرح. النظام الأسدي لا يزال يحاول عبر الإعلام والرياضة والاقتصاد تحديدا أن يطل برأسه ويثبت وجوده ويواصل «اختراقه» ويروج عبر أبواقه المختلفة أن العرب كارهون لسوريا والمقاومة حينما يأخذون بمواقف صارمة ضد النظام السوري، وهناك فرق شاسع بين سوريا كدولة عريقة ذات مجد وتاريخ يتخطى الأفراد والمجاميع، وبين نظام أو فلنقل عصابة أتت وجثمت على صدور الشعب السوري وابتزت الثروات ودمرت كرامات الناس واعتدت على الأعراف والأملاك.

التطبيع مع نظام بشار الأسد هو مسألة خطيرة وحيوية، فهو يساعد بشكل مباشر في دعم النظام وزيادة رقعة ومساحة الظلم والجبروت، وبالتالي القتل والتنكيل والتدمير. مقاطعة نظام بشار الأسد يجب أن تأخذ أبعادا أكثر جدية وأكثر تأثيرا حتى يتم «سد» كل منافذ الماء والهواء السياسي، حيث بات النظام الأسدي متمرسا وخبيرا في اختراق أعتى حواجز العزل والعقوبات بعد خبرة طويلة لديه ولدى داعمه الأول والأهم النظام الإيراني.

النظام السوري ممثلا ببشار الأسد هو الوجه القبيح للسياسة العربية، هو رمز لكل ما يجب ألا تكون عليه الأنظمة السياسية العربية، من قمع واستبداد وفساد وخداع وكذب وبطش وجبروت. إنه رمز بشع لما يجب الخلاص منه.. إنه رمز لما جلبته لنا أنظمة العسكري المتآمرة مع الأعداء لسحق الشعوب وإدخالها في غياهب الجهل والفقر واليأس.

سوريا التي تحولت في عهدي الأسد، أبا وابنا، إلى جمهورية الخوف وظلمات الجهل لا يمكن أن تكون هي ذاتها في عهد الابن التي تتحدث عن الإصلاح والتطوير والأمل، فالذي أحدث كل هذا الضرر وتسبب فيه لا يمكن أن يكون هو مفتاح الحل والخروج من الأزمة. مواجهة بطش النظام السوري في حق شعبه والفتنة التي يثيرها على الصعيد الإقليمي بشكل خطير وفج باتت مطلبا أخلاقيا وإنسانيا يستدعي حراكا على كل الأصعدة لسد كل الثغرات التي يتنفس من خلالها نظام الأسد وأزلامه، لأن أي اختراق لذلك هو بمثابة «تطبيع» مع هذا النظام المجرم واعتراف بشرعيته، وهي مسألة تم حسمها تماما بدماء الضحايا من الشعب السوري.

مع الاستمرار في مشاهد القتل والدمار والتنكيل بحق سوريا وشعبها يبدو مطلب مقاطعة النظام الأسدي مسألة أخلاقية ومبدئية لا تقبل النقاش. ويبقى الأمل في أن يتم تصعيد هذا المطلب بشكل أكثر فعالية بطرد سوريا كنظام من كل المنظمات والمؤسسات بلا استثناء، فما دام يمثلها هذا النظام المجرم فلا مكان لها بين الأمم.

=================

لماذا نكذب على السوريين؟!

عبد الرحمن الراشد

الشرق الاوسط

18-10-2012

مشاريع بإرسال مراقبين ووسطاء ومبعوثين، وكذلك وعود بإرسال قوات سلام، وقوات حماية للمدنيين، وحديثا جدا قيل بإرسال قوات حرب لردع قوات نظام بشار الأسد. السؤال المحير: ماذا حدث لكل هذه الأفكار؟ ماذا حدث لفكرة إرسال قوات عربية التي طرحت قبل ثلاثة أسابيع؟ وماذا يفعل الأخضر الإبراهيمي منذ تكليفه بمهمة إنهاء الأزمة السورية؟ ماذا فعل من سبقه من المبعوثين؟ وماذا صار بشأن دعم المعارضة بالسلاح وتمكينها من إسقاط نظام بشار الأسد؟

أقوى الأفكار كانت إرسال قوات عربية لمقاتلة الأسد. قالتها قطر، وتلقفها الرئيس المصري ورئيس الوزراء التركي، ثم خمدت.. هل كانت خاطرة طرأت على البال ثم طارت؟ أم مجرد خطب حماسية سايرت احتفالية مؤتمر «العدالة والتنمية» التركي؟

الفكرة جيدة لولا أنها - أولا - مرفقة بشرط تعجيزي، هو موافقة مجلس الأمن، المجلس الذي فشل في أن يصدر قرارا واحدا عادلا في حق الشعب السوري. ولو أن روسيا والصين امتنعتا عن رفع اليد بالفيتو لما كان لبشار أن ينام في قصره كل هذه الأشهر الماضية.

ثانيا: لو وافق مجلس الأمن فإننا سنواجه معضلة أخرى، أنه لا توجد دول عربية مستعدة لإرسال قواتها إلى الأردن أو تركيا لدخول الأراضي السورية والانخراط في القتال. فالذين قاتلوا قوات القذافي في ليبيا قوات دول الناتو، مع مشاركة عربية رمزية. والإشكال الثالث أننا حتى لو عثرنا على قوات عربية مستعدة للقتال، فلسنا واثقين من أن الأردن وتركيا سيسمحان بقوات عربية تمر عبر أراضيهما إلى سوريا خشية أن يصبحا طرفا في الحرب.

أملنا في قوات غربية أقرب إلى الحقيقة من إرسال قوات عربية، مع أن الغرب صريح في موقفه بأنه لن ينخرط في القتال ضد قوات الأسد رغم موقفه السياسي المؤيد للثورة السورية. والأمل الحقيقي هو في الشعب السوري نفسه، لا في قوات عربية أو غربية، بأن يقرر مصيره بنفسه ويقاتل نظام الأسد الشرير، مهما طال ذلك وكلف.

الوضع في سوريا لم يتغير كثيرا، لا بشار الأسد مستعد أن يخرج من العاصمة دمشق سلما، ولا الثوار كلوا من مقاتلته، ولا عامة الناس ملوا من التظاهر ضده، مع أنه أمر يبدو غريبا أن تخرج مظاهرات سلمية احتجاجية ضد نظام يستخدم أسلحته الثقيلة وطائراته في قصف المدن.

ومع احترامي للوسيط الدولي الذي يحظى بتقدير الجميع، فإن الأخضر الإبراهيمي لن يستطيع فعل شيء حقيقي يغير من الوضع على الأرض، إلا إذا استطاع الثوار تهديد الأسد في دمشق. وهنا يصبح الحل الوحيد الممكن هو نقل السلطة من الأسد إلى الشعب السوري. وهذا يعيدنا إلى الحقيقة الوحيدة، وهي أن دعم الثوار كفيل بإنهاء النظام وإنهاء مأساة الشعب السوري، وقد حان الوقت للكف عن أكاذيب الوسطاء والمبعوثين والوعود

=================

تركيا.. خيبة أمل من أميركا وحرص على العلاقة مع روسيا

هدى الحسيني

الشرق الاوسط

18-10-2012

للمرة الثانية خلال أسبوع تفتش تركيا طائرة متجهة إلى سوريا بحثا عن الأسلحة، مما يزيد من احتمال وقوع نزاع عسكري بين البلدين، في حين يحاول الحلف الأطلسي تجنب أي عمل عسكري في سوريا من دون تفويض من الأمم المتحدة، لكن الضغوط الغربية على روسيا ستتزايد بسبب التقرير الذي كشف عن أن نظام الرئيس بشار الأسد يستخدم قنابل عنقودية روسية الصنع ضد المدنيين. الإجراء التركي المتعلق بالطائرة التي كانت تحمل مساعدات إنسانية ومتجهة من أرمينيا إلى دمشق، جاء بعدما أغلقت كل من تركيا وسوريا مجالهما الجوي في وجه الطائرات التابعة للبلدين، وحدث هذا بعدما أدانت موسكو أنقرة لأنها زعمت أن طائرة سورية كانت تحمل أسلحة لنظام الأسد. موسكو قالت إن الحمولة أجزاء من رادار، وردت أنقرة بأنها أجزاء من صواريخ.

هذا كله يظهر أن الحرب غير المعلنة بين سوريا وتركيا بدأت تتخذ أبعادا خطيرة منذ إسقاط سوريا لطائرة عسكرية تركية، وبعد تبادل لإطلاق النار بين البلدين، وحادث مقتل ستة مواطنين أتراك بقذيفة سورية، ومن ثم إقدام الطائرات العسكرية التركية على إرغام طائرة ركاب سورية على الهبوط للتفتيش.

وحسب مصادر مطلعة، كانت وزارة الخارجية التركية تلقت من «وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية» معلومات تفيد بأن الطائرة السورية محملة بأجهزة ومعدات عسكرية، فأجرت الخارجية اتصالا مع سفارة روسيا في أنقرة وأعلمتها بأن وسائل الدفاع الجوية التركية سترغم الطائرة السورية التي أقلعت من موسكو على الهبوط على الرغم من وجود 18 راكبا روسيا على متنها.

ويوم الخميس الماضي رفضت فيكتوريا نولاند الناطقة باسم البيت الأبيض أن تعلق على تقارير وسائل الإعلام التركية بأن الإشارات الأمنية حول محتويات الطائرة وصلت من واشنطن، بل قالت إن واشنطن تدعم قرار أنقرة.

وكان مسؤول أمني تركي أشار إلى أن بلاده استندت إلى مادة في القانون الدولي تحرم نقل معدات عسكرية على متن طائرات مدنية أو استخدام المجال الجوي لأي دولة في هذه الحالة، من دون إبلاغ السلطات المعنية مسبقا بالتفاصيل.

وذكر مصدر في الخارجية التركية أن سفارة بلاده في موسكو قامت باتصالات مكثفة مع المسؤولين الروس مع تقديم الضمانات بسلامة المسافرين الروس.

محلل في الشؤون التركية، لم يستغرب التصرف التركي، لأن تركيا - حسب رأيه - ترغب في إسقاط نظام الأسد بأسرع وقت، لكن في الحقيقة «فإن يديها مقيدتان». وأضاف، إذا كان تصرفها بالتنسيق مع حلفائها، فإنه رسالة واضحة إلى روسيا كي تخرج من الصورة وتوقف تسليح سوريا، وانطلاقا من هذه الخطوة الجريئة يستبعد المرء أن تكون تركيا تتصرف بمفردها.

لذلك رأى هيو هوب المسؤول عن برنامج تركيا في «الأزمات الدولية»، أن التصرف التركي يدفع إلى التكهن بأنه «جزء من تراكم أحداث لفرض منطقة حظر جوي». لكن فيودور لوكيانوف رئيس تحرير «روسيا في الشؤون العالمية»، نفى أن يكون الحادث رسالة موجهة إلى روسيا بالذات، لأن موقفها من سوريا واضح ولن يتغير، وهذا ما أكده، قبل حادثة إجبار الطائرة السورية على الهبوط، السفير الروسي لدى لبنان ألكسندر زاسبيكين الذي أبلغ مسؤولا لبنانيا كبيرا بأن الموقف الروسي لن يتغير تجاه نظام وحكم بشار الأسد مهما تطورت الأوضاع في سوريا. وكشف السفير زاسبيكين عن أنه خلال لقاء وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع السفراء الروس المعتمدين لدى الدول العربية، الذي عقد أخيرا في موسكو، وحضره أيضا يفجيني بريماكوف وزير الخارجية السوفياتي الأشهر، وألكسندر سلطانوف مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى الشرق الأوسط المعروف بمعارضته الشديدة للمحكمة الدولية وبدعمه للرئيس الأسد، اتفق المجتمعون على مواصلة السياسة الروسية نفسها.

وتبين من محادثة السفير مع المسؤول اللبناني الكبير أن روسيا تنتظر ما بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، لترى إمكانية عقد صفقة شاملة مع الولايات المتحدة. ونقل السياسي اللبناني للسفير الروسي تحذيرا من مسؤول سوري سابق، بأن سوريا ستتحول قاعدة لـ«القاعدة».

من المؤكد أن الاستراتيجية التركية بالنسبة إلى سوريا تغيرت إلى حد بعيد بعد فشل التوقعات التركية، وتوقعات معظم المراقبين السياسيين الدوليين في تحديد موعد نهاية النظام السوري؛ إذ كانت معظم التوقعات، بعد انفجار الأحداث في سوريا، تشير إلى أن النظام سينهار في شهر أبريل (نيسان) الماضي.

وحسب مصادر تركية، فإن القيادة التركية لم تأخذ في الاعتبار احتمال استمرار النظام السوري لمدة 18 شهرا، ولا احتمال ترك الموضوع السوري إلى ما بعد الانتخابات الأميركية، ولا احتمال تلقي النظام السوري دعما قويا من كل من روسيا والصين وإيران وبعض المنظمات والقوى المحلية، ولا احتمال أن الغرب ليست لديه خطة للإسراع في إسقاط النظام، كما فعل مع النظام الليبي. وفي الوقت الذي يدعي فيه أنه مكبل اليدين بسبب «الفيتو» الروسي والصيني، فإنه يتنفس الصعداء بسبب هذا «الفيتو» المكرر. لهذا فإن حالة من الاشمئزاز تخيم على القيادة التركية من الموقف الهش للولايات المتحدة وأوروبا أمام مقتل ما يزيد على 25 ألف سوري، وتشريد أكثر من مليوني إنسان، وتدمير سوريا وتحولها إلى «مغناطيس» لكل الجماعات التكفيرية التي لا بد أن تلتفت لاحقا إلى الدول المجاورة لسوريا مثل الأردن، والعراق ولبنان وبالطبع تركيا.

أردوغان رد على الانتقادات التي تتهم حكومته بقصر النظر في استقراء المستقبل في سوريا، وعدم تبني استراتيجية عقلانية إزاءها، بأن أكد أن موقف تركيا صحيح وقد أملته عليها التزاماتها الإنسانية قبل مصالحها، غير أن أحمد داود أوغلو وزير الخارجية، تجاوز الحجج الإنسانية عندما قال إن الحالة التي تعيشها المنطقة العربية وتتأثر تركيا بها، هي طبيعية للغاية، لأن شعوب المنطقة أصبحت تعلن رفضها لإدارات وأنظمة لا تناسبها فرضت عليها قبل مائة عام دون إرادتها.

هذا الشرح، لم يمنع الكثير من السياسيين الأتراك من أن يحذروا من مخاطر وقوع تركيا في فخ، «تحاول بعض الأطراف الأجنبية والعربية إيقاعها فيه ودفعها إلى الانجراف في المستنقع السوري».

ويقول مرجع تركي إن بعض العمليات السورية تبين بشكل واضح أن النظام السوري يحاول إحراج تركيا (خصوصا بعد تصريحات أردوغان النارية) ودفعها إلى الدخول في مواجهة معه، وقد تعتقد تركيا أن عملية عسكرية من جانبها كفيلة بشد الغرب لإقامة منطقة عازلة، لكن بالنسبة إلى المراهنة السورية، فإن دخول تركيا المواجهة يعني حصول دمشق على دعم أقوى من روسيا والصين والعراق وحتى حزب الله وإيران. ولا يستبعد المصدر التركي أن يكون النظام السوري يرى في إقدام تركيا على دخول أراضيه بمثابة طوق نجاة له، يبقيه على قيد الحياة بضع سنوات، بعدما أدرك أنه لو انتصر، فمن المستحيل أن يستمر في السلطة لفترة طويلة... لقد سالت أنهار غزيرة من الدماء.

وإذا تذكرنا المظاهرة الضخمة التي سار فيها ما يزيد على 15 ألف علوي تركي في السابع من الشهر الجاري، احتجاجا على سياسات «حزب الحرية والعدالة» التركي (ركز تلفزيون «المنار» على نقلها والتعليق عليها)، ومعارضة رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كلجدار أوغلو (علوي) لأية مواجهة عسكرية تركية مع سوريا، يتبين أن مخطط النظام السوري استدراج تركيا لمواجهة معه هو للحصول على المزيد من الدعم من قبل حلفائه، ولمراقبة ردود الفعل الداخلية التي ستشهدها بعض المحافظات التركية في حال حدوث المواجهة.

الغريب في الأمر أن سوريا تراهن على الانشغال الأميركي وعلى الدعم الروسي، وتراهن تركيا على روسيا بأن لا يؤثر توتر الوضع بينها وبين سوريا على العلاقات بينهما، فالدولتان لا تريدان أن تتعرض الاتفاقات التجارية الثنائية للخطر، بما في ذلك عقد المليار دولار الذي منحته تركيا لشركة روسية العام الماضي لبناء مفاعل نووي، وعقود بمليارات الدولارات لبناء خطوط أنابيب عدة لنقل الغاز الطبيعي من روسيا وآسيا الوسطى إلى أوروبا عبر تركيا.

في المسألة السورية، يمكن القول: إنه الغاز يا غبي... مع الاحترام للجميع!

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ