ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 07/10/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

ردع النظام السوري بدل إدانته

2012-10-06 12:00 AM

الوطن السعودية

إدانة مجلس الأمن بـ"أقوى العبارات" للنظام السوري على القصف غير المبرر للأراضي التركية، لا تغني ولا تسمن ولا تنفع الشعب السوري ولا توقف القتل. فـ"أقوى العبارات" لم تهز شيئا في النظام بل زادت مكابرته بالتزامن معها من خلال تصريحات مندوب سورية في الأمم المتحدة بأن سورية لن تعتذر لتركيا عن الحادث، وتقوم بتحقيق لمعرفة مصدر إطلاق القذيفة. كما تحدثت روسيا أيضا عن التحقيق، والأرجح أن التهمة سوف تلصق بجهة أخرى غير النظام السوري كما حدث في المجازر التي ارتكبت في المدن والقرى السورية، وفي كل أحداث القتل التي جرت وتجري، إذ إن الفاعل كان دائما بحسب تصريحات النظام هو "الجماعات المسلحة" ثم "الإرهابية؟

وعلى الصعيد الأكثر أهمية وهو قتل المواطنين وإطلاق القذائف والبراميل المتفجرة على البيوت وتدميرها، لم يكن لإدانة مجلس الأمن للنظام السوري تأثير أبدا، وقبله إدانات الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة وغيرها، فالحال أمس لم يختلف عن الفترة السابقة. وغالبا فإن عملية قصف الداخل التركي جاءت لاستفزاز تركيا ضمن محاولة تصدير الأزمة إلى الخارج بعد فشل خطة النظام في الضغط على المواطنين لجعل بعضهم يحملون السلاح فكان الأمر أكبر مما يتخيل. وحين يريد النظام السوري جر المنطقة إلى حرب إقليمية فهو يدرك أن حجم الخراب والدمار سيزداد، وهذا ما لا يريده المجتمع الدولي.

المحاولة الأخيرة والمحاولات السابقة لاستفزاز تركيا لم تفد لغاية اليوم في إعلانها الحرب، أو طلبها تدخل "الناتو" باعتبارها من أعضائه. وعلى الرغم من رد تركيا الفوري بقصف مواقع للجيش السوري أسفر عن مقتل خمسة جنود سوريين وإصابة حوالي 15 آخرين، إلا أن هؤلاء الضحايا لا يعنون لدى النظام السوري شيئا، إذ لم يعد يكترث سوى بالأمل الضعيف في استمراره، يحاول من أجل البقاء لعل معجزة تحدث وتنقذه. كل ذلك يؤكد أنه لا مجال لإصلاح النظام إلا باقتلاعه من جذوره، والتردد في مجلس الأمن يجب أن ينتهي، ويحسم الأمر بقرارات رادعة بدل الاكتفاء بالإدانات.

=================

زين الشامي / من زنوبيا ... إلى رزان زيتونة كم أنت عظيمة أيتها المرأة السورية

الرأي العام

6-10-2012

المجتمع السوري مجتمع يتميز بحضور طاغ للمرأة، في البيت في الشارع، في مكان العمل، في الفن، في الاعلام، في التاريخ وفي الثورة الحالية أيضاً ضد الاستبداد وضد هذا النظام الدموي الذي لم يعرف التاريخ العربي الحديث نظاما يضاهيه في البطش والتنكيل بشعبه سوى نظام صدام حسين في العراق.

عندما نتحدث عن المرأة السورية يحضر أمامنا تاريخ طويل من الدور المتقدم والانخراط في الشأن العام بدءا من «زنوبيا» ملكة تدمر و«جوليا دومنا» وهي من مدينة حمص وكانت زوجة القيصر الروماني الفينيقي الاصل سيبتيموس سيفيروس، وصولا الى الناشطة رزان زيتونة التي نالت أخيرا جائزة ابن رشد للفكر الحر.

وفي الحقيقة فإن الجائزة التي منحت لرزان زيتونة تستحقها كل امرأة سورية بدءا من امرأة طاعنة في السن من درعا حملت حجرا ورمتها على دبابات جيش بشار الاسد وانتهاء بالناشطة السلمية ريما دالي التي رفعت يافطة عريضة في قلب دمشق كتب عليها : أوقفوا القتل نريد ان نبني وطنا لكل السوريين.

ليست ريما دالي ورزان زيتونة فقط، بل هناك عشرات الآلاف من النساء السوريات من بينهم الكثير من المثقفات والفنانات اللواتي وقفن منذ اول لحظة في عمر الثورة مع قضية الحرية وقررن الانحياز لشعبهن، ولعل الإضراب عن الطعام الذي شاركت فيه

العشرات من النساء السوريات أخيرا مثل الشاعرة لينا الطيبي والناشطة سلمى

جزايرلي والشاعرة رولا الخش والفنانة لويز عبد الكريم والناشطتان وفاء سالم وجورجينا جميل والناشطة ريما فليحان وغيرهن، يعتبر مجرد مثال بسيط على مثل هذا الانحياز والانخراط الرائع للمرأة السورية في الثورة.

ليس فقط الفنانات او المثقفات السوريات من يشاركن بقوة في معركة السوريين من اجل الحرية بل النساء العاديات، ربات المنازل ومعلمات المدارس وطالبات الجامعات والأمهات والأخوات، ولعل التقرير الذي نشرته مجلة «النيوزويك» الورقية وعلى موقعها الالكتروني أيضاً عن الدور الكبير لأولئك النسوة «العاديات» في الثورة يضاهي التوقعات، تلك النساء اللواتي يخاطرن بحياتهن حين يلعبن دورا كبيرا في تأمين الاموال والدواء والطعام الذي يحتاجه المنتفضين.

تقول الناشطة والكاتبة «خولة دنيا» إن كانت الثورة مؤنثة فالثورة السورية أنثى وان هذا بدا واضحاً ومتجلياً منذ اليوم الأول للثورة من خلال مشاركة النساء بكل الأشكال وبكل أطيافهن ومن كل فئات المجتمع.

ربما يقول البعض ان طبيعة المعارك المسلحة ودخول السلاح في الفترة الأخيرة على خط الانتفاضة التي بدأت سلمية قد أبعد النساء قليلاً عن الساحة، هذا قد يكون صحيحا الى حدا ما غير أن هذا لم يعني تحييدهن، حيث لعبت النساء كل الأدوار الممكنة التي لم تعد وسائل الاعلام تهتم بها بسبب انشغالها بالمعارك العسكرية وإعداد القتلى والحصيلة النهائية لضحايا كل يوم، النساء بصراحة ما زلن يتظاهرن وما زالت السلطات السورية تعتقل العشرات منهن يوميا وكل يوم تنضم شهيدات وكل ساعة في الليل والنهار ما زلن يشاركن في العمل الإغاثي والفكري والثقافي وعلى مواقع التواصل الاجتماعي.

ومنذ الصرخة التي أطلقتها منتهى الأطرش ضد نظام بشار الأسد، وهي بالمناسبة حفيدة قائد الثورة السورية الكبرى سلطان باشا الأطرش، منذ تلك الصرخة كانت النساء السوريات تتعامل مع الثورة السورية من منطق أنهن إحدى ركائز الثورة وليس مجرد تابعات أو اصحاب دور هامشي وثانوي.

لقد شاركت النساء في المظاهرات والمسيرات التي تشهدها قرى ومدن سورية بطريقة مميزة من خلال الهتافات، وصناعة الشعارات والخروج إلى الشوارع بظل القمع والقتل والبطش الذي يقوم به النظام السوري على يد عصابات وفرق الموت وكتائبه الأمنية والشبيحة التي يرعاها النظام وقد رفعت اللافتات التي كتب عليها «المرأة تريد تغير النظام» ومثل الرجال تماما، فقد تعرضت النساء في المظاهرات الاحتجاجية لإطلاق الرصاص الحي الذي أرداهن قتيلات وجريحات، وكلنا يذكر مظاهرة مدينة بانياس النسائية التي سقط فيها العديد من الشهيدات والجريحات وتم اعتقال الناشطة السياسية كأثرين التللي، وكانت الناشطة سهير الأتاسي من اوائل من اعتقلن قبل انطلاق الثورة بنحو يومين فقط بسبب وقفتها الاحتجاجية امام مبنى وزارة الداخلية في دمشق..

أيضاً عرفت المعتقلات السورية اسماءً لناشطات مثل ناهد بدوية وسيرين خوري وربا اللبواني ودانة إبراهيم الجوابرة وفهيمة صالح اوسي (هيرفين) ونسرين خالد حسن ووفاء محمد اللحام وليلى اللبواني وصبا حسن، لا بل ان بعضهن اعتقل قبل الثورة بسبب نشاطهن ومواقفهن المعارضة للنظام مثل طل الملوحي والدكتورة فداء الحوراني ابنة الزعيم اكرم الحوراني. أيضاً هناك من رفضن الصمت وساندن الثورة السورية علنا كالمغنية أصالة نصري،والممثلة كندة علوش وجمانة مراد،والإعلامية رولا إبراهيم وأخريات ليس في الإمكانية عرض كل أسمائهن.

وبكل صراحة يمكن القول اننا أمام حركة وعي جديدة يلعبن النساء فيها دورا طليعيا من اجل بناء الحياة القادمة ومستقبل مجتمعنا، ليس في سورية فقط بل في غالبية المجتمعات العربية.

=================

مها بدر الدين / في أحوال المعارضة السورية

الرأي العام

6-10-2012

حتى وقت قريب لم تكن المعارضة السورية تحظى بساحة آمنة ومساحة ديموقراطية تسمح لها بالتعبير الحر عن تطلعاتها الوطنية وتوجهاتها الفكرية ومبادئها السياسية، ومرت خلال العقود الأربعة الماضية من تاريخ سورية المعاصر بتجارب أليمة وقاسية مع نظام الأسد الأب الذي استبد وغالا بقمعها للدرجة التي دفعته لارتكاب مجزرة حماة الشهيرة التي استهدفت القضاء على المعارضة بكل رموزها ومكوناتها ونجحت فعلاً بتفكيكها وفرط عقدها بعد أن نالت من القتل الهمجي والاعتقال الممنهج والتهجير المتعمد ما كان كفيلاً بإغلاق فمها وكبح جماح غضبها والدخول في سبات سياسي عميق امتد لأربعين سنة من عمر الشعب السوري الذي سكنه الخوف وأسكته شبح حماة المستباحة. ومنذ ذلك الوقت أصبحت المعارضة تفصل معارضتها بما يتناسب مع مقاس النظام، فخلال هذه الأربعين ورغم ما شابها من أوجه الفساد السياسي والثقافي والاقتصادي الذي يندى له الجبين وتعجز عن تحمله الجبال، لم نسمع صوتاً جهوراً واضحاً يصدح في أنحاء البلاد ليوقظ في أبنائه تلك الغيرة الوطنية والكرامة الإنسانية والإرداة الحرة التي حقنت بمخدر طويل الأجل، قوي المفعول جعل من الوطن النائم مرتعاً خصباً لإقامة حكم شمولي يسيطر على مفاصل الدولة، ولم ينجح جسد المعارضة السورية المكلوم والمتهالك في الوقوف بوجه النظام المستأسد، ولم تستطع همهماته العليلة التي كان يزفرها بين الحين والآخر أن تعيد الروح للشارع السياسي أو أن تضغط على النظام السوري للسماح بمرور الهواء النقي إلى رئته المتورمة، إلى أن استطاع أطفال درعا أن يعطوا قلب سورية المتعب صدمة إنسانية عنيفة أعادت له الروح فنبضت أوردته غضباً وسرى في عروق الوطن دماء الثورة التي تفوح برائحة الكرامة والحرية والإنسانية، فانطلقت أصوات المعارضة السورية تصدح في أرجاء المعمورة.

وأصبح للمعارضة السورية وجود وكيان يكبران كل يوم مع اتساع رقعة الثورة وازدياد أحداثها وتداعياتها، فتمثلت في بداية الثورة وبشكل فطري بالمعارضة الشعبية التي كانت قاعدتها تضم جماهير الشعب الثائر في كل المدن السورية الذي عارض فطرياً ممارسات النظام الفاسد، وانطلق بلا أجندات خاصة أو خطوات موجهة أو قيادات معروفة ليلقي بوجه النظام السوري المتعنت لائحة مطالبه الشرعية والمشروعة بشكل سلمي وحضاري، ولكن مع تطور الموقف واتساع رقعة المواجهات القمعية وارتفاع وتيرة التصدي للاحتجاجات السلمية وتحولها إلى مواجهات مسلحة من طرف واضح، أصبح من الضروري أن يكون للمعارضة السورية صوت مسموع داخلياً وخارجياً يكون له تأثيره على مجريات الأحداث ويمثل الشباب الثوري ويعكس تطلعاته ومتطلباته، فبدأت رموز المعارضة بالظهور على الساحة لتشكل نواة المعارضة السورية المنوط بها حماية الثورة وإيصالها لبر الأمان والتي انقسمت جغرافياً إلى المعارضة في الخارج ومعارضة في الداخل.

لقد كان هذا الإنقسام الجغرافي للمعارضة مقبولاً في ظل القمع السياسي الذي ينتهجه النظام الأسدي في الداخل السوري، وكان منطقياً أن يكون لمعارضي المنفى الفاعلية الأكثر في إيصال صوت الثورة، لبعدهم عن بطش النظام وحرية الحركة والتنقل والتجمع، وأصبحت الحاجة ملحة ليكون رموز المعارضة في الخارج على كلمة رجل واحد، لكن تفاجأ الشعب السوري عند تشكيل المجلس الوطني السوري بتغلب الطموح الشخصي وحب التفرد على بعض الشخصيات المهمة المعول عليها من جهة، وعلى تمكن الأمن السوري من اختراق هذه المعارضة وتشكيل جناح معارض يحاكي النظام ويسايره من جهة أخرى، وهكذا أنقسمت المعارضة في الخارج إلى معارَضة معارضة ومعارضة مؤيدة، وأصبح هذا الإنقسام المشجب الذي يعلق عليه المجتمع الدولي في كل مناسبة، تخاذله عن نجدة الشعب السوري وتقاعسه عن إيقاف جرائم بشار الأسد بحقه.

أما المعارضة في الداخل فقد انقسمت أيضاً وبشكل طبيعي إلى معارضة مدنية تشكلها القاعدة العريضة من الشعب السوري الثائر وبعض النخب السياسية التي تراوحت درجة معارضتها بتراوح الخطر الأمني المحدق بها من جهة وطموحها وتطلعاتها المستقبلية من جهة أخرى، وإلى معارضة مسلحة تكونت من جموع الجنود والضباط المنشقين عن الجيش السوري النظامي وكتائب المقاومة الشعبية التي تشكلت لحماية الأهالي والممتلكات من بطش شبيحة الأسد، وتم الإعلان عن تأسيس الجيش السوري الحر الذي أخذ على عاتقه مواجهة القوات الأسدية والدفاع عن الشعب السوري ضد ممارسات الأسد المشينة، لكن هذا الإعلان لم يكن كافياً لضم جميع الكتائب المسلحة المتطوعة منها أو المنشقة تحت لواء الجيش الحر فظهر انقسام جديد في صفوف المعارضة المسلحة بين الجيش الحر وكتائب الثوار من جهة وبين الكتائب نفسها من جهة أخرى، وكان هذا الانقسام المشجب الثاني الذي وجده المجتمع الدولي ليعلق عليه تهاونه وتردده في مساعدة الشعب السوري على التخلص من ديكتاتور دمشق.

هذه الإنقسامات المتعددة في المعارضة السورية أصبحت الشريان الذي يمد النظام السوري بالحياة ويطيل من عمره، ففي الوقت الذي يطالب الشعب السوري المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته تجاه وضعه المأساوي، يطالب المجتمع الدولي المعارضة السورية في الخارج والداخل بضرورة التوحيد وتشكيل قيادة سياسية وعسكرية واحدة للاعتراف بها والتعامل معها، وبين الدعوتين تزهق أرواح المئات من أبناء الشعب السوري وتذبح الإنسانية في محراب الأسد بدم بارد يومياً، والدعوة للتدخل والتوحد لا زالت مستمرة.

فهل تتوحد المعارضة ليتدخل المجتمع الدولي؟ أم يتدخل المجتمع الدولي ليوحد المعارضة فيقضى على الاسد؟

أم يقضى على الشعب السوري فترتاح المعارضة ويستريح المجتمع الدولي؟

 

=================

ما هو الهدف من شيطنة روسيا؟

المصدر: صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسية

التاريخ: 06 أكتوبر 2012

البيان

تابعنا الاجتماع الذي عقدته مجموعة "أصدقاء سوريا" في نيويورك، والذي ضم فصائل عدة وممثلى العديد من الدول العربية والإقليمية، وأبرز ما صدر عن هذا الاجتماع هو إقرار الدول الأعضاء في تلك المجموعة بأن الأوضاع في سوريا تزداد تدهوراً، هذا في حد ذاته يعد اعترافاً بأن القتال المستمر هناك لن يأتي بأية نتيجة إيجابية، لكن المناقشات التي جرت خلال ذلك الاجتماع توحي بأن "أصدقاء سوريا" لا يعرفون كيف يمكن وقف الصراع المحتدم هناك.

ولهذا ناقشوا إمكانية توحيد المعارضة السورية المتنافرة، وتأسيس حكومة انتقالية بمشاركة جميع القوى السياسية. لكن استثناء الرئيس بشار الأسد من أية خطط مستقبلية، يجعل الفائدة من هذه المحادثات موضع شك.

دولة قطر ذهبت في مطالبها إلى ما هو أبعد، عندما اقترحت إنشاء قوات عربية مشتركة من أجل حل المشكلة السورية. أما فرنسا وتركيا فدعتا إلى إنشاء منطقة حظر جوي فوق المناطق "المحررة"، التي تسيطر عليها قوات المعارضة، على غرار ما حدث في ليبيا، الأمر الذي يعني بالضرورة سقوط المزيد من الضحايا.

وعلى خلفية هذه الأحداث، ظهرت حاجة ملحة لدى الدول الغربية وحلفائها في المنطقة، الذين أججوا نار الصراع عبر دعم المعارضة بالمقاتلين والمال والسلاح، لتحميل أحد ما المسؤولية عن تصاعد العنف في ذلك البلد، وإقناع الرأي العام العالمي، بأن "الآخرين" مسؤولون عن هذه الأزمة. فقد حمل ممثلو الدول الغربية والعربية في كلماتهم أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة، حملوا مجلس الأمن المسؤولية الأخلاقية عن إراقة الدماء في سوريا. وعلى الرغم من أنهم لم يذكروا روسيا بالاسم، إلا أنه كان واضحاً أن المقصود هو روسيا.

لقد أصبح واضحاً أن الغرب وحلفاءه العرب يريدون أن "يشيطنوا" روسيا ويحملوها المسؤولية عن كل شيء، بما في ذلك عن إسقاط المقاتلة التركية، وعن مقتل طياريها.

أما في ما يتعلق بالصين، فإنها لا تصلح لهذا الدور، لأنها بالنسبة للكثير من دول العالم، تعتبر شريكاً تجارياً عملاقاً ومصدراً للاستثمار بمليارات الدولارات. وبالإضافة إلى ذلك، تتصرف بكين بحذر شديد في الأمم المتحدة. فهي تسير متأخرة عن موسكو بمقدار نصف خطوة. ولهذه الأسباب مجتمعة أصبحت روسيا هدفاً لحملة دعائية قوية، من شأنها أن تضر بسمعتها على الساحة الدولية. وهذا الأمر يتطلب من المسؤولين الروس أن يضاعفوا جهودهم لتوضيح موقف بلادهم، علم

اً بأنه من الأفضل لـ"أصدقاء سوريا" التوصل إلى فهم حقيقة بسيطة، وهي أن الأوضاع لا تحتاج إلى دسائس، بل إلى حلول وسط. لأن استمرار الأوضاع في سوريا على ما هو عليه يعتبر خسارة حقيقية للجميع، بمن في ذلك أولئك، الذين أفلتوا من الاتهامات العلنية.

=================

حريق سوريا مستمر

تاريخ النشر: السبت 06 أكتوبر 2012

غازي العريضي

الاتحاد

سوريا تحترق، كل شيء فيها يحترق، الأسواق القديمة في حلب، كنوز تراثية تاريخية ثقافية معمارية أبقت الذاكرة التاريخية لهذه المدينة حيّة عندما دمّر ونهب ما حولها في غزوات كثيرة عبر التاريخ وتم إنقاذها في حلب، يقضى عليها اليوم.

الآثار في مدن كثيرة تسرق وتهرّب إلى الخارج. المدن تحرق، المحال التجارية تحرق. ما بني خلال عقود من الزمن يدمّر ويندثر، الدولة تُحرق، النظام يحترق.المجتمع تحترق وحدته، الليرة السورية تحترق، الاقتصاد يتهاوى، والمعارضات تحرق هنا وهناك، وتدمّر ويمارس بعضها ما يمارسه النظام فتحترق صدقيته وتكاد النار تلتهم كل شيء.

سوريا ساحة مفتوحة لكل الهواة والمحترفين والراغبين في ممارسة لعبة العنف والحرق وتجربة أنواع الألعاب والأسلحة والفنون الجديدة في هذا المجال، وكأن القرار الدولي، هو بتكريس حصرية هذا الامتياز في سوريا.

ليس ثمة ضرورة لامتداد النار إلى الخارج، ويذكرني ذلك بما عشناه في لبنان خلال حرب الحروب التي امتدت منذ عام 75 وحتى نهايات عام 1990. كان لبنان الساحة، وكان الحريق شبه شامل، وكانت كل الحروب على أرضه. من حروب الزواريب الصغيرة لـ"قبضايات" الميليشيات أو لحسابات المنظمات المسلحة مروراً بحروب التنظيمات والأحزاب والقوى ذات الأبعاد الداخلية، وصولاً إلى حروب هذه القوى بالواسطة نيابة عن آخرين وامتداداً إلى حروب وصراعات الدول الإقليمية والدولية وأجهزة مخابراتها المتنوعة.

كل من كان يريد أن يلعب أو يصفي حساباً أو يفتح معركة لتعزيز نفوذ أو ممارسة ابتزاز أو تحقيق مكاسب أو توفير حضور أو لعب دور في أي موضوع أو قضية كانت الساحة مفتوحة له ومقفلة على احتمال تمدّد النار إلى الخارج.

سوريا ازدهرت اقتصادياً ومالياً منذ بدايات الـ75، الدول العربية بمعظمها تطورت ونمت وبنيت اقتصاداتها القوية منذ ذلك الحين وبمشاركة يد لبنانية قوية. النار في لبنان والبناء والإعمار والازدهار حوله في كل مكان، لم تشهد المنطقة مشكلة إلا الحرب العراقية الإيرانية، والتي استخدم طرفاً فيها لبنان أيضاً على وقع تطور أحداثها.

اليوم يتكرر المشهد في سوريا. رغم كل استهدافات بعض الغرب لأهداف معينة في لبنان ورغم أهمية هذا البلد، ورغم اتهامات قوى سياسية محلية هذا الغرب، وعلى رأسه أميركا بالسعي إلى استخدام ساحة لبنان، يبدو للجميع أن التوجه حتى الآن معاكس لهذا التحليل.

كل المواقف من روسيا إلى أميركا مروراً بمراكز القرار الفاعلة والمؤثرة تؤكد ضرورة عدم امتداد النار السورية إلى لبنان. تحييد لبنان. العمل على عدم تأثر لبنان ليس حباً له بل لتبقى الساحة مفتوحة في سوريا الآن، ولو لم يكن التوجه الدولي كذلك لانفجر لبنان للأسف لأن القوى السياسية فيه لم تستفد من هذه "الفرصة"، لحماية البلد على الأقل بل غرقت في أحقادها وحساباتها وذهبت في اتجاه المزيد من الانفعال والتحدي والتوتر والبعض يرفض الحوار مع شركائه.

تركيا على حدود سوريا. وصلت العلاقة معها إلى حالة عداء بعد أن كانت علاقة شراكة استراتيجية.

أسقطت سوريا طائرة تركية قتل الطياران فيها، وتم استيعاب الحادث. سقطت قذائف سورية في الأراضي التركية. دمرت سوريا، استنفر العالم لمنع تطور الحرب. صدرت تصريحات من الجهتين تؤكد الاستنفار والتوتر والعمل على الابتعاد عن الانفجار والتهور.

استخدمت سوريا الورقة الكردية داخل تركيا، وقعت أحداث ليست جديدة، حصلت خسائر، استوعب الأتراك الأمر الذي تم اعتباره عادياً، وتلعب تركيا داخل سوريا آخذة اليوم بعين الاعتبار هذا الأمر.

إيران لاعب أساسي مباشر في سوريا، هي تدعم النظام، تحميه، وتموله. ويبدو أن الرهان الغربي والدولي هو على إسقاط إيران أو بالأحرى إسقاط محاولات إيران بتمدد نفوذها من خلال ابتزازها واستنزافها في سوريا سياسياً ومالياً وأمنياً لتأتي لحظة الاتفاق معها. المهم أن الأرض السورية هي التي تستخدم ملعباً.

الريال الإيراني ينهار، على أبواب انتخابات داخلية وعودة التوترات إلى الشارع الإيراني، وحركات "المجاهدين" و"الإسلاميين" و"الأصوليين" و"المتطرفين" على مختلف تسمياتهم وخلفياتهم وأهدافهم، تتجه نحو سوريا. وكل من يدعمها يستخدم الساحة السورية. فلتبتعد هذه الحركات عن بلادنا الآن، لتقاتل أو تتقاتل أو تقتل على أرض غيرنا. فلا بأس لنا، بل نبعد عنا هذه الكأس، وهذا الاحتمال وهذا "الخطر".

كل من يلعب هذه اللعبة من الدول المعنية بمواجهة هذه الحركات أو بدعمها عن قناعة وتفكير بهذه الطريقة، ويعتقد أنه سيكون له دور أو تأثير أو أنه يوفر حماية لنفسه أو أنه يشتري الوقت، وبغض النظر عن كل ذلك، فاللعب هو على أرض سوريا والنتيجة هي إحراق الأخضر واليابس عليها!

إنها حرب طويلة، حرب حروب كما عشناها في لبنان، وعلى مستوى أكبر ونتائج أخطر والذي يدفع الثمن هو سوريا وشعبها.

يؤكد رئيس الحكومة السورية، أن ثلاثة ملايين ونصف المليون مهجّر حتى الآن داخل سوريا. يضاف إليهم الذين نزحوا إلى الخارج أو غادروا بلدهم ولديهم إمكانيات الإقامة في دول أخرى، والحبل على الجرار والكارثة مستمرة. ولكل شيء نهاية، سوف تتوقف الحرب يوماً ما، ولكن سيكون من الصعب جداً إعادة بناء سوريا، إعادة تراثها ومخزونها الثقافي والإنساني، وإعادة بناء مدنها وقراها، وتجربة لبنان خير دليل على ذلك، والذي يلعب الألعاب التي ذكرنا لن يذهب بالتأكيد لإعادة البناء والإعمار. والمحيط الذي وصلت علاقات معظم دوله بسوريا إلى حال عداء من خلال العداء مع النظام في الواقع، لن يبادر إلى الإعمار، ولن يكون قادراً على ذلك في لعبة الاستنزاف المفتوحة، وفي ظل التطورات الاقتصادية والمالية المتوقعة وحسابات كل فريق بالاهتمام بنفسه لحماية مصالحه.

وكل ما يجري في السياسة في أروقة الأمم المتحدة وتحركات موفديها والمبادرات والأفكار التي تطرح من جهات متنوعة، ليس أكثر من تمرير للوقت أو محاولة سد فراغ. للأسف لا نزال بعيدين عن الحلّ، والحريق سيستمر.

غازي العريضي

وزير الأشغال العامة والنقل اللبناني

=================

إيران في الملعب السوري الأحمر

عبير بشير

المستقبل

6-10-2012

نعم إنها سوريا الاستثنائية، حيث عبقرية الجغرافيا وعبقرية التاريخ، وعبقرية الصراع الدولي وعبقرية المصالح الإستراتيجية، كلها تتقاطع في الملعب السوري - الأحمر - فيما اللاعبون يتدافعون ويتصارعون بكل شراسة ودموية لكسب المونديال في المباراة الأخيرة الفاينل -.

وأكبر اللاعبين في الدم السوري هي إيران، التي تنفخ في جذوة النظام السوري الذي يغطيه الرماد. من اجل أن تستمر النيران مشتعلة كي تكسب المزيد من الوقت -. وهي بكل تأكيد لا تدافع عن النظام، بل تدافع عن نفسها ومصالحها في أرض الغير.

إيران التي زغردت لولادة الثورة المصرية في أيامها الأولى وانتصارها لاحقا ومعها حلفائها في لبنان تحت شعار الربيع الإسلامي، وسقوط زمن الطغاة لدرجة أن أصوات لبنانية خرجت لتقول، بأن للنظام المصري البائد أيتام في لبنان، ونسيت بأنها مرشحة بقوة لأن تصبح يتيمة لنظام آخر على حدودها، لأن مد الثورة لا يفصل على المقاس.

إيران هي نفسها الآن تعلن بأن انتصار النظام السوري حتمي، وبأنها ستربح الحرب في سوريا.

إذن هي معركة إيران المفصلية والمصيرية ضد الثورة السورية، التي تخوضها حتى النخاع بكل أذرعها السياسية والأمنية والعسكرية والمخابراتية والإقتصادية... من أجل وأد الثورة والإبقاء على النظام الأسدي بأي ثمن وبكل ثمن..

ولا تكف الجمهورية الإيرانية عن بعث رسائل إلى كل من يهمه الأمر، ليس فقط تحت عنوان بسيط ومباشر: أننا لن نسمح بسقوط بشار الأسد، بل تحت عنوان أكثر بجاحة وصراحة وهو: أننا لن نسمح بسقوط دورنا الإقليمي الكبير والعميق. أكثر من ذلك فإن إيران تهدد بأنه في حال سقوط النظام في سوريا، فإن أنظمة وعروش كثيرة في منطقة الشرق الأوسط ستهتز بواسطة الطيف الشيعي الموجود بها واليد الإيرانية التي تحركه.

فقد هال إيران - التي باغتتها نيران الثورة وخلطت أوراقها بأن ترى كل إنجازاتها وبنيتها التحتية الإقليمية وكنوزها - التي راكمتها وجمعتها خلال العشر سنوات الأخيرة جراء غباء الإدارة الأميركية السابقة وتورطها في الوحل الأفغاني ثم الوحل العراقي في مهب الرياح.

فمنذ تفاقم الأزمة السورية، انقسم الساسة الإيرانيون إلى فريقين من حيث كيفية التعاطي وحدود التعامل مع الأزمة: الفريق الأول، وهو الفريق الواقعي الذي رأى وكان تقديره بأن نظام الأسد في طريقه للسقوط عاجلا أم آجلا لعدة متغيرات إقليمية مهمة ولعوامل داخلية لا تقل أهمية، لذلك يجب العمل والتركيز على احتواء تداعيات سقوط النظام على الجمهورية الإيرانية ومصالحها الإستراتيجية والتقليل قدر الإمكان من الخسائر والأضرار، في موازاة فتح قنوات مع أطياف المعارضة السورية في الداخل والخارج، لكي تضمن إيران بأن تكون رقما صعبا في معادلة الحل للأزمة السورية، والاكتفاء بدعم النظام الأسدي من الخلف.

أما الفريق الثاني والذي يبدو أنه كان مقررا وكاسحا فقد أصر على الاستكبار، ووضع كل بيضه في سلة النظام السوري، وأخذ قرارا لا عودة عنه: المضي في دعم النظام حتى نهاية النهاية، وتسخير كل إمكانياته العسكرية والمالية والفنية.... ونفوذه الإقليمي للدفاع عن نظام الأسد.

فسوريا هي صانعة ملوك العجم الجدد، وهي كنز إستراتيجي للجمهورية الإسلامية الذي يسمح لأذرعها الأخطبوطية بالتمدد خارج حدودها، والالتفاف حول أعناق الكثير من الدول والكيانات السياسية، وإعادة تشكيل وصياغة العديد من الأحزاب المؤثرة في المنطقة وفقا لأجندتها ومصالحها... في العراق وسوريا واليمن وفلسطين ولبنان...، لذلك فأي ثمن تدفعه إيران لضمان بقاء النظام الموالي لها في سوريا ليس بكثير، حتى لو دمر النظام المدن والقرى فوق رؤوس قاطنيها وارتكب المجازر بحق الأطفال والأهالي العزل.

بعض التسريبات تتحدث بأن إيران جاهزة لصفقة كبرى ومصالحة تاريخية مع الولايات الأميركية، شرط ضمان أميركا لبقاء نظام الأسد. فوفقا لتلك التسريبات فإن إيران عرضت على الإدارة الأميركية عبر وسطاء نافذين سلة من الحوافز غير المسبوقة - أهما: تجميد البرنامج النووي الإيراني، إيجاد تسوية مرضية لسلاح حزب الله وتسهيل مهمة تحوله إلى حزب سياسي لبناني، وقف دعم المنظمات الفلسطينية المسلحة، بالإضافة إلى تغيير جذري في الخطاب الإعلامي الإيراني تجاه الولايات المتحدة مع بدء صفحة جديدة من العلاقات بين البلدين.

في مقابل ذلك، تستخدم الإدارة الأميركية جل نفوذها لمنع تسليح المعارضة السورية وخصوصا من الدول الغربية، والضغط على الدول العربية للتخلي عن دعم المعارضة بأي شكل من الأشكال، والضغط على أنقرة لرفع الغطاء اللوجستي عن الثوار...... وإطلاق يد الأسد وقوته النارية لسحق التمرد العسكري والشعبي.

و تعقيبا على إشراك مصر لإيران في اللجنة الرباعية المكلفة بمعالجة الأزمة السورية، أكد الرئيس المصري محمد مرسي بأن إيران هي جزء من الحل للوضع السوري المعقد بسبب دورها ونفوذها الإقليمي. إذن هو إقرار عربي رفيع المستوى بأن لا حل سياسياً في سوريا دون البوابة الإيرانية.

ولكن لا احد يثق بوعود إيران، ولا برزمة الحوافز إن صدقت التسريبات، ولا بما يمكن أن تقدمه إيران لتسهيل الحل في سوريا فالكل يعلم بان إيران تناور بقوة من أجل كسب المزيد من الوقت لإنقاذ النظام السوري، وان إيران ليست في وارد قيادة حل يكون عنوانه رحيل الأسد أما بقية التفاصيل فيمكن الحوار والتفاوض حولها.

=================

من يخاف علي مملوك وبثينة شعبان؟

علي حماده

2012-10-06

النهار

في واحدة من اهم العمليات الامنية في السنوات الاخيرة تمكن فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي من كشف مؤامرة تفجيرات كان يعد لها الوزير السابق ميشال سماحة بناء على طلب من رئيس مكتب الامن القومي السوري اللواء علي مملوك. كشفت المؤامرة ونجا شمال لبنان ومعه لبنان من شر مستطير. اعتقل ميشال سماحة واعترف بكل ما نسب اليه من تهم، بعدما ابرزت امامه تسجيلات صوتية وشرائط فيديو وصور فوتوغرافية تدعم كل التهم. انهار سماحة واعترف بدور علي مملوك الاساسي الذي سلمه المتفجرات في دمشق. وتكفلت بقية عناصر ملف التحقيق من تسجيلات، بكشف حقيقة دور المسؤول في النظام السوري، وهو يرئس مكتب الامن القومي المرتبط مباشرة بالرئيس بشار الاسد.

بحسب معلومات امنية، فقد صادر فرع المعلومات اقراصا صلبة تحوي آلاف الساعات من التسجيلات الهاتفية والمحادثات التي دأب سماحة على تسجيلها في لبنان وسوريا خلال لقاءاته واتصالاته مع اعلى المسؤولين السوريين ومعظم القيادات في ٨ آذار. وما تم تفريغه الى الآن من التسجيلات لا يتعدى المئة او المئة والخمسين ساعة. وهي تأخذ وقتا طويلا وجهدا لتحليلها. وآخر العنقود ما تم تسليمه بالامس الى القضاء العسكري من تسجيلات تثبت تورط مستشارة بشار الاسد الاعلامية بثينة شعبان في المؤامرة، وعلمها المسبق بها.

في الاساس، تحرك القضاء وما استطاع الفريق السياسي الذي ينتمي اليه سماحة ان يوقف عجلة الملاحقة القضائية لكون الملف اتى محكما. ومع ان القضاء لاحق سماحة، فإنه تحاشى ملاحقة علي مملوك واصدار استنابة قضائية كمتهم وليس كشاهد استماع.

اكتفت الدولة بمجموعة تصريحات لرئيس الحكومة لا طعم لها ولا لون. اما رئيس الجمهورية ميشال سليمان، فقال في احدى المناسبات العلنية انه ينتظر مكالمة من بشار الاسد يشرح له فيها خلفية القضية. وبالطبع لم يرد بشار، ولم يمنع سلوكه الرئيس سليمان من الاجتماع الى وليد المعلم في طهران على هامش مؤتمر عدم الانحياز.

لم يرد بشار، واستمر سفيره هنا في زيارة وزارة الخارجية رغما من انف ميشال سليمان، باعتبار وزير الخارجية عاملا عند الثنائي "امل" و"حزب الله" اولا وآخرا.

والى اليوم لم يتحرك القضاء اللبناني بجدية نحو المتورطين في سوريا. علي مملوك والان بثينة شعبان.

و السؤال: من يخيف القضاء؟ ومن يعرقل تحركه الطبيعي؟ ولماذا؟

هذه اسئلة نأمل ان نسمع اجابات عنها، كما نأمل ان تحض القضاء (نعرف ان بعضه خائف) على تجرع كأس الشجاعة واصدار مذكرات جلب بحق مملوك وشعبان وتسليمها عبر الانتربول.

=================

أردوغان سجين حدوده

سميح صعب

2012-10-06

النهار

تحت ضجيج الحرب مع سوريا، يخفي رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان مرارة التأزم الذي وصلت اليه سياسته حيال دمشق منذ بدء الازمة قبل أكثر من 18 شهراً. مما لا شك فيه ان أردوغان كان يتمنى سقوط النظام السوري في الاشهر الاولى للأزمة ولم يكن يتوقع أن تأخذ كل هذا الوقت.      

وكلما طالت الازمة السورية واتسع نطاق القتال، يرى أردوغان نفسه اكثر تورطاً فيها. وهو يخشى مثلاً احتمال نجاح النظام السوري في استعادة حلب من المعارضة لأن ذلك يعني إطالة امد الحرب في سوريا ولا يحمل اشارات الى قرب سقوط النظام. من هنا كان الرد التركي على سقوط قذيفة سورية على قرية اكجاكالي التركية عنيفاً ومناسبة لتصعيد نبرة الحرب وكأن الحكومة التركية تريد ان تبعث برسالة واضحة الى النظام السوري مفادها ان حلب خط أحمر ممنوع على النظام استعادتها وإلا كانت دمشق تخاطر بالدخول في مواجهة مباشرة مع تركيا. 

إذا التصعيد التركي يخدم الان بديلاً من انشاء المنطقة العازلة التي طالما هددت الحكومة التركية باقامتها داخل الاراضي السورية لاستيعاب الاعداد المتزايدة من اللاجئين السوريين. كما ان هذا التصعيد يخدم أجندة أردوغان الداخلية بعد تآكل شعبيته نتيجة السياسة التي ينتهجها حيال سوريا مما انعكس تراجعاً في الاقتصاد التركي الذي كان تحسنه في السنوات الاخيرة السبب الرئيسي لتنامي شعبية حزب العدالة والتنمية. ومنذ بداية ما يسمى "الربيع العربي" طرح أردوغان نفسه نموذجاً لحكم اسلامي لا يخيف الغرب في البلدان التي تشهد احتجاجات. كما عمل على احتضان الانظمة الاسلامية الناشئة في تونس ومصر وتلك التي يشارك فيها الاسلاميون بقوة في ليبيا واليمن. وبات أردوغان راعياً لـ"الربيع العربي" الذي يؤمن له اتساعاً في النفوذ التركي في المنطقة يضاهي به النفوذ الايراني. لكنه بانتهاجه هذه السياسة كان يعمل على تطييف الازمة في سوريا ودفعها في اتجاهات خطرة. 

وعندما بدا لرئيس الوزراء التركي ان تدريب المعارضة السورية وتسليحها لن يؤتيا ثمارهما في المدى القريب لأن هذه المعارضة غير قادرة على حسم الموقف من دون تدخل خارجي، وجد أردوغان نفسه مرغماً على التورط المباشر في الازمة من اجل رسم خطوط حمر أمام النظام السوري في مقدمها احتمالات العودة الى حلب. 

مجدداً، يحاول أردوغان الذي حسم الساحة الداخلية لمصلحته بعد اقصائه الجنرالات ووضعهم في السجون وفي ظل ضعف المعارضة من الاحزاب العلمانية، ان يمسك بزمام التطورات الاقليمية. ولكن ليس مضمونا أن يصادف النجاح.

=================

تركيا: أقل من حرب وأكثر من فرصة!

 منار الرشواني

الغد الاردنية

6-10-2012

في فترة سابقة، بدا إشعال حرب إقليمية خياراً محتملاً لنظام بشار الأسد للخروج من مأزقه في التعاطي مع الثورة السورية. وقد استندت التحليلات، في حينه، إلى أن مثل هذه الحرب ستشكل ذريعة مثالية لمن بقي من حلفاء الأسد، لاسيما إيران وحزب الله، لمساندته عسكرياً بشكل علني، إضافة إلى منح مصداقية ما لأكذوبة أن لا ثورة في سورية ضد الاستبداد والفساد رغم كونهما الأسوأ عالمياً، وأن الأمر ليس أقل من "مؤامرة كونية"؛ أميركية-خليجية-إخوانية-عثمانية جديدة، على "المقاومة والممانعة"!

اليوم، يبدو الموقف مختلفاً تماماً استناداً إلى رد فعل نظام الأسد على القصف التركي انتقاماً لمقتل خمسة مواطنين أتراك، الأربعاء الماضي، بقذيفة مورتر يُتهم جيش الأسد بإطلاقها. وبحسب اللغة الاعتذارية السورية الرسمية نحو تركيا، يمكن القول إن الأسد أصبح يدرك تجاوزه كثيراً نقطة الاستفادة من حرب إقليمية، بل وباتت احتماليتها، على العكس مما سبق، تهديداً لوجوده. يتجسد ذلك خصوصاً في الموقف الروسي من مقتل المواطنين الأتراك، وضمنه إدانة مجلس الأمن للجريمة، رغم رفض روسيا إدانة قتل ثلاثين ألف سوري حتى الآن على يد ذات النظام. ويضاف إلى ذلك انكشاف الوضع الإيراني اقتصادياً، مع ما ينتجه من عدم استقرار اجتماعي مفتوح الاحتمالات، وبما قد لا يسمح بمواصلة دعم نظام آيل للسقوط، ناهيك عن خوض حرب لأجله.

على الطرف الآخر، لا تبدو تركيا أقل حرصاً على عدم الانجرار إلى حرب مع نظام الأسد. سبب ذلك ليس فقط عدم إمكانية أو صعوبة تبرير هكذا حرب داخلياً ودولياً، بل أهم من ذلك، وتماماً كحال ملالي طهران، عدم الحاجة إلى الحرب مع نظام في حكم المنتهي. لكن في المقابل، يبدو التصعيد التركي العسكري خلال الأيام الماضية فرصة تستطيع تركيا من خلالها تحقيق مجموعة أهداف.

من ناحية أولى، وهي الأهم، قد يستبطن التصعيد العسكري سعي تركيا إلى تشكيل منطقة عازلة داخل الأراضي السورية بقوة الأمر الواقع، بعد عجز المجتمع الدولي عن إيجاد هكذا مناطق تؤوي اللاجئين السوريين الفارين من الموت والتنكيل. فمع الخشية من تكرار سقوط قذائف خلف الحدود تستجلب انتقاماً تركياً جديداً، يبدو منطقياً توقع إحجام قوات الأسد عن الاقتراب من الحدود لمسافة معينة، تشكل تلقائياً منطقة عازلة إجبارية.

من ناحية أخرى، يمكن تفسير الرد التركي باعتباره رسالة إلى حلفاء نظام الأسد، وتحديداً روسيا هنا، بشأن مخاطر استمرار هذا النظام على المستوى الإقليمي خصوصاً. وهي مخاطر تتحمل روسيا المسؤولية عنها أكثر من الأسد، كون استمراره على هذا النحو المدمر ليس إلا بسبب الدعم الروسي. ويمكن القول إن هذه الرسالة قد وصلت واضحة تماماً، بحيث سارع وزير الخارجية الروسية إلى التهدئة عبر إدانة تصرف نظام الأسد بشكل غير مسبوق.

يضاف إلى ما سبق، وإن بشكل أقل جلاء، تحذير وتهديد تركيان لنظام الأسد من محاولة لعب الورقة الكردية في حرب وكالة ضد تركيا التي نفد صبرها، وأظهرت استعدادها التام للتحرك لحماية مواطنيها.

السؤال الآن، والموجه إلى حلفاء الأسد تحديداً: ماذا بقي لهذا النظام من مقومات وأسباب بقاء غير القدرة على سفك الدماء؟

=================

الحرب التركية المستبعدة

عبد القادر نعناع

2012-10-05

القدس العربي

اعتاد النظام السوري طيلة العقود الأربع الماضية تصدير أزماته الداخلية إلى محيطه الإقليمي، ليعيد تشكيل وعي غريزي حول مؤامرة تستهدف الدولة والنظام والشعب، وخاصة عندما يكون أمام استحقاقات داخلية كبرى، غير قادر أو راغب بإنجازها.

ولعل أبرز الأمثلة القائمة على ذلك قبل اندلاع الثورة السورية، هو تحميل الخارج (الأمريكي) منذ غزو العراق مسؤولية إعاقة مخطط التطوير والتحديث، وبالتالي إيقاف المشروع الذي طرحه الأسد الابن بعد وراثته الحكم عام 2000، والتحول عنه إلى خطاب مقاوماتي يحشد الرأي الداخلي خلف الأسد وحزب الله، مستغلاً الانتماء القومي لدى المواطن السوري لتعزيز السلطة الدكتاتورية. وهو ما برع فيه الأسد الأب منذ انقلابه عام 1970.

وعلى ذلك سارت آلية العمل السياسي والإعلامي لدى النظام طيلة أشهر الثورة، بتحميل الخارج مسؤولية ما يحصل في الداخل السوري. دون أن يدرك أن مشروعية هذا الخطاب لدى الشارع السوري قد انهارت تماما منذ أول رصاصة أطلقت في درعا.

وحيث أن الاستبداد هو عقلية لا تدرك الأبعاد التاريخية، استمر الخطاب الأسدي على ما هو عليه، بل ما حصل من اعتداء عسكري على السيادة التركية عدة مرات، كان نوعا من جرّ الخارج للتدخل في الشأن السوري، في محاولة أخيرة لحشد ما تبقى من مناصريه، عبر محاولة جرّ تركيا لشن حرب على سورية.

هو فخ يحاول النظام به تصدير أزمته مع الشعب السوري، إلى محيطه الإقليمي، بل والكوني كما يحلو له أن يطلق عليه، معتقدا أنه بهكذا حرب إنما هو قادر على توسيع سلطته العسكرية في البلاد وإعادة ضبط مسار الأحداث والعودة بها إلى ما قبل 2011.

في المقابل فإن فكرة تصدي تركيا منفردة لحرب مع ما تبقى من النظام السوري، ودون معونة عسكرية كبرى من حلف الناتو وعلى رأسه الولايات المتحدة تحديدا، قد تودي بأردوغان ونظامه إلى السقوط قريباً، حتى لو حققت نتائج عسكرية لصالح تركيا، فالكلفة الاقتصادية لهكذا حرب ستضرب النهضة الاقتصادية التي تشهدها تركيا في الأعوام الأخيرة، وستعيق عملية النمو الاقتصادي لسنوات، وخاصة أنها دولة غير نفطية، إلا إذا تبرع الغرب أو دول عربية بكلفة الحرب مع تعويضات تقنع تركيا بشن الحرب.

في وقت يعاني فيه الغرب من ضائقة مالية تهدد كيانه الوحدوي، وتشهد الولايات المتحدة سباقا رئاسيا لم يحسم بعد، وتتردد دول عربية عدة تجاه فكرة التصعيد العسكري في سورية.

كما يجب الأخذ في الحسبان ردود الفعل الروسية والإيرانية والميليشياوية التابعة لها.

إلا أن حكومة أردوغان مضطرة في ذات الوقت للرد على الاعتداءات التي تطال سيادتها بين الفينة والأخرى من جانب النظام السوري، حتى تثبت للداخل التركي قوة الحزب الحاكم وصرامته في التصدي لأي اعتداء على السيادة التركية.

فبين الخشية على الاقتصاد التركي والخشية على سمعة الحزب ومستقبله السياسي، والخشية على السيادة والطموح التركيين، فإن الرد التركي قد يتجلى عبر ضربات من خلف الحدود لمراكز أمنية وعسكرية للنظام السوري لا أكثر، في حال استمرار المواقف الدولية والعربية على ما هي عليه اليوم.

وإن كان النظام السوري قد قدم اعتذاراً للحكومة التركية بأوامر روسية، لا يعني أن النظام سيتراجع أمام أي تهديد تركي بحرب معه، فالتراجع الكائن عام 1998 كان خشية من تدهور الوضع الداخلي يفقد الأسد الأب سلطته'على الشارع السوري، فحينها كانت تسير البلاد وفقا لاستبداديته. أما اليوم، فإن النظام يستدعي التدخل الخارجي أولا، كما أنه لم يعد يملك فعليا ما يخسره، ويعلم تماما أن أي تدخل هو لإزاحة رأس الهرم تحديدا أي الأسد الابن، وعليه فإنه في حال حدوث هذا التدخل وهو مستبعد في القريب العاجل، فإن الآلة العسكرية الأسدية وقد يكون بالتعاون مع حلفائها ستعمل على جبهتين خارجية وداخلية، مع تفضيلها لضبط الجبهة الداخلية، وإن خسرت جزءا من الأراضي، فباعتقادها أنها ستعيد ضبط الجزء الآخر، وتعيد إنتاج خطاب المقاومة على أية جبهة محتلة جديدة.

ووفقا لتركيبة النظام الامنية الاستبدادية، فإن آليات عمله وتفكيره السياسي ما تزال مورثة عن آليات الحرب الباردة، معتقدا أن روسيا قطب دولي قادر على فرض أجنداته السياسية على المستوى الدولي. إلا أنه يدرك في ذات الوقت صعوبة التدخل العسكري الدولي في هذه الأونة. حيث تعتبر أية محاولة للتدخل العسكري الدولي في سورية، عملية معقدة، قد تتطلب إعدادا شبيها بذاك الذي تم عام 1990 تجاه العراق، أي قوات عسكرية غربية، وتمويل خليجي، وموافقات من دول الجوار وتحديدا الأردن وتركيا بالإضافة إلى شرعية عربية تضيفها مصر تحديداً. ورشوة سياسية اقتصادية لروسيا، وبالتأكيد تطمينات غربية للكيان الإسرائيلي، بأن نتائج هذا التدخل لن تؤثر سلبيا على الكيان.

وعليه يظل دعم الجيش الحر بشكل حقيقي، وإمداده بالسلاح اللازم أضمن لكل الأطراف، ومانعا لاندلاع حرب إقليمية لا ترغب بها القوى الكبرى من جهة، وضامنا لوجود سلطة محلية تعيد ترتيب الوضع الداخلي بدلا من انفلات فوضوي شبيه بالحالة العراقية بعيد الاحتلال الأمريكي.

' كاتب سوري

=================

تركيا تقر حملة عسكرية في سورية

صحف عبرية

2012-10-05

القدس العربي

بلغ الحساب الثأري والطويل الذي نشب بين تركيا وسوريا في السنة الاخيرة أول أمس الى ذروته، عندما سقطت ثلاث قذائف سورية اطلقت على ما يبدو نحو قوات الثوار في جنوب شرق تركيا فقتلت خمسة مواطنين. بعد أن تبين بأن هذه كانت قذائف من الجيش السوري وليس من الثوار، أمر اردوغان برد النار 'وفقا لشدة العدوان السوري'. فاستخدم الجيش التركي أول أمس قاذفات هاون بعيار 155ملم، واطلق نحو منطقة تل عبيد، على مسافة نحو 10كم من الحدود، وقتل خمسة من رجال الجيش السوري. وبالتوازي زادت تركيا عدد الجنود المرابطين قرب الحدود.

ومع أن الحساب اليومي 'توازن'، لكن القذائف التي أطلقتها القوات التركية نحو سوريا لم يكن بوسعها ولم تقصد ان تسوي الحساب الطويل. وحتى النقاش في البرلمان التركي أمس، والذي اقر فيه باغلبية الاصوات للحكومة بارسال قوات الى الاراضي السورية، ليس حاليا سوى اعلان نوايا وليس اعلان حرب. فحتى عندما تقرر الحكومة التركية الهجوم في الاراضي العراقية، فانها لا تطرح المسألة للبحث في البرلمان في كل مرة من جديد.

في ظروف اخرى، يحتمل ألا يكون اطلاق قذائف هاون سورية الى تركيا تجر رد فعل عنيف من جانب أنقرة. ولكن بعد اسقاط الطائرة التركية في شهر حزيران والتي لا تزال ملابسات سقوطها قيد التحقيق (الرواية الاخيرة وغير المؤكدة تلقي المسؤولية على القوات المضادة للطائرات التي توجد في القاعدة الروسية في سوريا)، فان تركيا لا يمكنها أن تمر مرور الكرام والاكتفاء باعتذار سوري آخر او بوعد بتحقيق معمق، مثلما وعد وزير الاعلام السوري.

الحدود بين تركيا وسوريا حارة ومتفجرة. على مقربة من نقاط العبور تنتشر في الجانب التركي قوات برية كثيرة، والى جانبها وحدات من المدرعات والمدفعية تضم صواريخ أرض جو وأرض أرض. واذا قررت تركيا العمل بالقوة ضد سوريا فيوجد تحت تصرفها الجيش السادس في حجمه في العالم. هذا جيش مزود بأكثر من 2.200 طائرة ومروحية، وقادر بلا صعوبة على مواجهة الجيش السوري الممزق، ذي التسليح القديم وتتميز قدراته العسكرية بالوهن في المعركة التي يديرها ضد الثوار. ولكن اجتياحا تركيا واحتلالا للاراضي في سوريا، حتى بتبرير النية لاقامة 'مناطق آمنة'، من شأنه بالذات أن يخدم بشار الاسد ويخدم روسيا، التي امتنعت الى الان حتى من شجب النار السورية نحو الاراضي التركية.

وكانت تركيا أوضحت في الماضي بانها لا تستبعد تدخلا عسكريا في الاراضي السورية، ولكن فقط في ظل تحقيق اجماع دولي. حتى الان لم ينجح اعضاء مجلس الامن في توفير اجماع كهذا بسبب الفيتو الروسي والصيني. من هنا ايضا اللغة الحذرة التي يتخذها الناطقون الرسميون الاتراك مثل ابراهيم كالين، مستشار اردوغان، الذي أوضح بان أنقرة لا تعتزم الخروج الى حرب ضد سوريا، وكذا اردوغان نفسه الذي قال أمس ان دولته غير معنية بالشروع في حرب مع سوريا، ولكنها مصممة على الدفاع عن حدودها ومواطنيها. تركيا، التي اشتدت نبرتها المناهضة لسوريا، الملجأ الذي تمنحه لعشرات الاف اللاجئين السوريين والقاعدة اللوجستية التي توفرها لقوات الثوار جعلها السند الاساس للثورة، لا تزال غير مستعدة بان تستلقي على الجدار من أجل الدول الغربية.

تدير تركيا في الاشهر الاخيرة معركة مضرجة بالدماء ضد النشاط الارهابي لنشطاء حزب العمال الكردي، والتي يقتل فيها كل يوم جنود أو مدنيون أتراك. هذه الحرب تعتبر في تركيا حربا عادلة، وذلك لانها ترمي الى احباط 'التهديد على الامن القومي'، ومن هناك ايضا استعداد المعارضة للتعاون مع الحكومة. ولكن الوضع بالنسبة لسوريا مختلف. فقد أعلن رئيس الحزب الجمهوري المعارض، كمال كلتشدرولي، بانه لن يؤيد طلب الحكومة اعطاءها الاذن بالعمل في الاراضي السورية وذلك لان 'مثل هذا الاذن معناه اعلان الحرب'. ولكن هذه المعارضة لم تمنع اردوغان، الذي يحتل حزبه 326 مقعدا في البرلمان مقابل 135 من اعضاء الحزب الجمهوري، من أن ينال الاذن لاطلاق القوات نحو سوريا.

هذه سنة حرجة لاردوغان أيضا، الذي يدير حملة سياسية تاريخية لتغيير الدستور التركي. التاريخ المقرر الذي حدده للجنة متعددة الاحزاب التي انتخبت لصياغة الدستور هو نهاية السنة الحالية. وان كانت بعض المواد حظيت بالاجماع، الا أنه لا تزال هناك الغام عديدة أمام اللجنة. وفي العام 2013 ستجرى انتخابات للسلطات المحلية، وبعد سنة من ذلك الانتخابات للرئاسة، والتي سينتخب فيها الجمهور الرئيس مباشرة وليس البرلمان. هذه فترة سياسية حرجة، من شأن حرب مع سوريا أن تسفر عن نتائج غير مرغوب فيها لاردوغان الذي يسعى لان يكون الرئيس التالي لتركيا.

في ضوء جملة الكوابح الكفيلة بان تمنع الحرب بين تركيا وسوريا، لا تزال تبقى علامة استفهام كبيرة بالنسبة لنوايا سوريا. فاذا كان تطور قبل بضعة اشهر تقدير بان فتح جبهة مع اسرائيل كفيل بان يساعد الاسد، ويصرف الانتباه عن المعركة الداخلية نحو المعركة مع العدو الخارجي، فان هذا التقدير يوجد الان بالنسبة لتركيا. وذلك لان أنقرة، التي تقررت حتى الان كعدو للنظام السوري بصفتها 'تخدم مصالح الغرب والصهيونية'، هي عدو 'مناسب' الحرب ضده كفيلة بان تحدث الانعطافة التي يتطلع اليها الاسد.

المبادرة الى استفزازات تجر تركيا الى داخل الاراضي السورية كفيلة بان تؤدي الى تدخل علني ومباشر لاصدقاء سوريا، وتحويل المعركة الداخلية الى معركة دولية تمنح الاسد مهلة اضافية. وفي نفس الوقت، رغم الصداقة الشجاعة مع روسيا، الصين وايران، التي أعلنت بان حربا في سوريا هي حرب ضدها، ليس في يد الاسد ضمانة في أن يوافق هؤلاء الاصدقاء على ارسال الجنود للدفاع عن اراضيه.

تسفي برئيل

هآرتس 5/10/2012

=================

اردوغان يريد الحرب ولا يريدها

رأي القدس

2012-10-05

القدس العربي 

عمليات القصف المتبادل بين القوات السورية ونظيرتها التركية عبر الحدود تواصلت يوم امس ولكن دون الاعلان عن سقوط ضحايا سواء سوريين او اتراك.

السلطات التركية تقول ان القوات السورية هي التي بدأت بالقصف للاراضي التركية وتحديدا لمحافظة هاتاي مما دفعها للرد الفوري بالمثل، بينما لم يصدر عن الجانب السوري اي نفي او تأكيد.

هناك نظريتان لتفسير هذا التوتر المتصاعد الذي قد يؤدي الى اندلاع حرب اقليمية اذا لم يتم تطويقه بسرعة:

' الاولى: تقول ان النظام السوري يتعمد استفزاز تركيا وكرامتها الوطنية للضغط عليها لوقف دعمها للمعارضة السورية المسلحة التي تريد اسقاط النظام في دمشق وبدأت تشكل استنزافا له.

' الثانية: تشير الى ان بعض فصائل المعارضة السورية المسلحة هي التي تطلق هذه القذائف على القرى التركية لجر تركيا الى حرب لا تريدها.

من الصعب الجزم لصالح هذه النظرية او تلك لانه لا توجد قوات مراقبة دولية محايدة لكي تعطي رأيا جازما في هذا الصدد، ولكن مطالبة روسيا للنظام السوري بالاعتذار عن قصف قرية اكجاكالي قبل عدة ايام ومقتل سيدة واطفالها الخمسة واصابة العشرات، ترجح بان القوات النظامية هي التي اطلقت القذائف السابقة واللاحقة.

النظام السوري يعتبر تركيا مصدر التهديد الرئيسي لوجوده بسبب دعمها السياسي للمعارضة، وفتح اراضيها'لمرور المتطوعين المتشددين الذين يريدون القتال تحت راية الجيش السوري الحر، وكذلك الاسلحة والاموال القادمة من بعض دول الخليج العربي.

وما يذكره النظام في هذا الخصوص صحيح، والسيد رجب طيب اردوغان رئيس الوزراء التركي لم ينكر مطلقا دعمه للمعارضة السورية ورغبته في اسقاط نظام الاسد، ولكنه لم يتوقع ان يدفع اي كلفة سياسية او امنية مقابل هذا التوجه.

الشعب التركي لا يريد في معظمه حربا مع سورية، لما يمكن ان يترتب عليها من نتائج خطيرة اقتصادية وبشرية، فجيشه يخوض حربا شرسة في الوقت الراهن مع مقاتلي حزب العمال الكردستاني المتمرد في شرق البلاد يسقط فيها اعداد متزايدة من ابنائه الجنود، ولا يريد قطعا حربا اخرى اوسع نطاقا.

النظام السوري يراهن على هذه المسألة، ويقدم ذخيرة قوية لحزب الشعب المعارض الذي بدأ يحقق مكاسب شعبية مضطردة، لمعارضته التدخل في سورية، ولم يكن من قبيل الصدفة ان يستقبل الرئيس الاسد بعض قادة هذا الحزب، ويعطي مقابلة تلفزيونية مطولة للمحطة المقربة منه حاول فيها ان يميز بين الشعب التركي والرئيس اردوغان، ويؤكد صداقته للاول وعداءه للثاني.

السيد اردوغان يتجنب حتى الان السقوط في مصيدة الاستفزاز السورية، واكد يوم امس الاول بانه لا يريد حربا مع سورية، بل وسمح باستئناف تزويدها بالتيار الكهربائي تأكيدا على كلامه هذا، لكن الامور تغيرت بسرعة'يوم امس، وعاد السيد اردوغان ليقرع طبول الحرب بقوة عندما انفعل بشكل واضح اثناء اجتماع جماهيري، والقى خطابا حماسيا اكد فيه ان بلاده ليست بعيدة عن خوض حرب مع سورية بعد تجدد الهجمات عبر الحدود.

في تقديرنا ان حديث اردوغان عن الحرب هو من اجل الاستهلاك الجماهيري، ومحاولة تخويف سورية، فاردوغان يعرف جيدا انه بمجرد الانزلاق الى الحرب سيخسر كل ما انجزه على مدى السنوات العشر الماضية، خاصة على صعيد الاقتصاد. ولا نستغرب ان يكون حلفاؤه في الغرب يريدون سقوط حزبه لصالح عودة المعارضة العلمانية الى الحكم، بدليل دفعهم له للتورط في الملف السوري ثم التراجع عن دعمه.

=================

ماذا جرى في القرداحة؟

فادي سعد *

السبت ٦ أكتوبر ٢٠١٢

الحياة

ربما كان ما حدث ليل 30 أيلول (سبتمبر) الماضي علامة على بداية الفصل الأخير من المأساة السورية، إذ نشبت اشتباكات عنيفة غير مسبوقة بين عائلات الخيّر وعثمان وعبود من جهة وبين آل الأسد وشاليش من جهة أخرى، استمرت لساعات وانتهت بمقتل خمسة أشخاص من آل عثمان وثلاثة من آل الخيّر إضافة إلى جرح ثمانية أشخاص كان منهم محمد الأسد مؤسس ميليشيا الشبيحة في سورية.

فعلى خلفية اعتقال الدكتور عبدالعزيز الخيّر القيادي في هيئة التنسيق من قبل الاستخبارات السورية إثر عودته ورفاقه في الهيئة من اجتماعات لهم في الصين، نشب جدال عنيف بين مجموعة من شباب هذه العائلات في أحد مقاهي القرداحة انتهى إلى اندلاع اشتباكات الليل بعد محاولة محمد الأسد قتل جميع المجتمعين بواسطة قنبلة!

وكون الحادث ذا أبعاد سياسية (اعتقال الدكتور الخيّر) فإنه مرشح أن يكون بداية لتحولات مهمة، استُهلّت مع انفجار خلية الأزمة الذي كان وراءه ما وراءه، وصولاً إلى سفر السيدة بشرى الأسد من دمشق إلى دبي مصطحبة أولادها في خطوة اعتبرها أخوها انحيازاً إلى المعارضة. وكل ذلك تفاعل في نفوس أهالي الجبل مضافاً إلى الضغط النفسي والاجتماعي الناشئ عن الأعداد الكبيرة من القتلى في الجبل من أفراد الجيش والأمن والشبيحة الممسوكين بلقمة العيش والتهويل الطائفي الذي أتقن النظام استخدامه كوسيلة لتدجين وتجييش اعداد من شباب الجبل. وهذا من دون أن ننسى العامل الأهم وهو تهميش العائلات العلوية العريقة اجتماعياً وسياسياً والتي كان لها دور في تاريخ سورية المعاصر أمثال آل إسماعيل والمقدم وجركس والخيّر، وهؤلاء يشكلون 80 في المئة من أهالي القرداحه وتؤيدهم أكبر العشائر العلوية، وهم الخياطون والمتاورة والتيارات والأحزاب اليسارية والأحرار والمستقلون، نظراً إلى مستوى تأثيرهم الثقافي وشهرتهم وسمعتهم في الجبل مقابل سمعة آل الأسد. وهذا ما يشير إلى أن تحولاً في التحالفات والتجاذبات العشائرية جار هناك على قدم وساق.

فالثورة لا تحتاج إلا لشرارة واحدة كي تشعل ركام الغضب والقهر، وهذا ما يدركه النظام الذي سارع إلى اعتقال عدد من الناشطين والناشطات العلويين في مدينة طرطوس خوفاً من انتقال الشرارة إليها بعد تظاهرات محدودة في القرداحة وجبلة إثر اشتباكات الليل السالفة الذكر. وحادثة القرداحة إن لم تكن هي الشرارة، فشرارات أخرى ستكون ممكنة في أي لحظة، بما يرشّح الساحل للانضمام إلى الربيع السوري، وربما اختتامه بانتصار مدوٍّ للثورة ولسورية.

 =================

الأسد الرئيس الأكثر تكلفة في التاريخ!

عادل مالك *

السبت ٦ أكتوبر ٢٠١٢

الحياة

بعدما أصبح صدور الأفلام والصور من الداخل السوري أكثر نقاوة ووضوحاً بكثير مما كان يتم تهريبه خلسة خلال شهور الحرب الطويلة بدأ يتضح هول المأساة وفداحة الخراب والدمار منذ اندلاع الثورة، إضافه إلى جيوش النازحين التي توزعت على دول الجوار السوري: تركيا، الأردن ولبنان بصورة خاصة ضمن حراك أدى وسيؤدي إلى انتقال «الفيروس السوري» إلى أماكن أخرى زادت في الوضع البركاني السائد مأساة على مأساة.

وفي ضوء كل ما نشهد: يمكن القول إن الرئيس بشار الأسد سيذهب في التاريخ على أنه الرئيس الأكثر تكلفة في العالم!

ويوماً بعد يوم يتأكد فشلت جميع المحاولات التي جرت لوقف نزيف شلالات وأنهار الدماء الأمر الذي يوضح مرة جديدة أن النزاع في سورية تخطى كل التقديرات والرهانات التي أعدتها مجموعة الدول الإقليمي منها والدولي، من وساطة كوفي أنان إلى الوسيط الحالي الأخضر الإبراهيمي يكشف بجلاء عقم وسائل إحداث اختراق ما ونقل فصول المنازلة بين النظام والثائرين عليه، إلى ما يطلق عليه تجاوزاً «الحل السياسي»! فهل ما حدث في سورية حدث كي تقف الأمور عند هذا الحد فقط؟

واستناداً إلى كل المعطيات الظاهرة على سطح الأحداث على الأقل أن النظام عجز حتى الآن عن حسم الموقف لمصلحته، والمعارضة بل المعارضات لم تتمكن من تغيير قواعد الاشتباك، ليتضح أن سورية هي في مرحلة انعدام الوزن بل وانعدام الحل.

إن ما تشهده مختلف المحافظات السورية من تفجيرات وسيارات مفخخة تمكنت من اقتحام كل الحواجز وأنواع الحماية ما يذكّر بـ «العرقنة»، إشارة إلى التفجيرات المرعبة والمخيفة التي شهدها العراق منذ الغزو الأميركي له وحتى الآن. وإذا كان صحيحاً القول إن المنازلات الكبيرة والجارية حالياً في مدينة حلب هي الأعنف حتى الآن، نذكر بأهمية ما تتصف به حلب من مميزات تاريخية.

وفي هذا المجال بالذات ينعى الأستاذ وليد جنبلاط الوضع بقوله: «إن تراث حلب لا يقل أهمية عن تراث أصفهان أو شيراز، وإن تراث هذه المدينة يؤكد أنها أقدم وأغنى بكثير من تراث عاصمة القياصرة سانت بطرسبرغ». وفي هذا التعليق الجنبلاطي الرومانسي واللاذع رسائل موجهة في غير اتجاه باتجاه سورية إلى إيران وإلى روسيا. لكن جحيم المعارك لا يزال مستمراً، وعداد الموت يسجل سقوط الكثير والمزيد من القتلى والجرحى إضافة إلى الدمار الهائل الذي أعاد سورية سنوات طويلة إلى الوراء.

هل بقي أي كلام لم يستخدم حتى الآن في إطار توصيف ما تشهده سورية بعدما تم استهلاك جميع الشعارات والتقديرات والتداعيات؟

الجديد في هذه الأونة استخدام بعض المفردات التي كان الحديث يجرى حولها بقليل من الهمس. ومن هذه العبارات التعريف الواضح لمختلف أطراف الأزمة. وتسمية الأشخاص والأسماء في شكل واضح، وعلى سبيل المثال، الإشارة إلى «العلويين» و «السنّة» والتركيز على عمليات الفرز الطائفي التي أرغمت كثراً من المنكوبين على مغادرة منازلهم بعدما انتشرت موجة «القتل على الهوية»، وفي ذلك ظاهرة بالغة الخطورة تحمل إيماءات الإعصار التقسيمي الذي يعصف بالمنطقة ويهدد بأوخم العواقب.

هكذا، يتبين بجلاء تدرج مراحل الأزمة السورية فهي انتقلت من الحرب البدائية السلاح وتحولها إلى حرب استنزاف طويلة الأمد، انتقالاً إلى حرب أهلية بكل معنى هذا النوع من الطرح ليظهر في وضوح ما بعد بطرح السؤال: والآن إلى أين تتجه الأحداث السورية؟

إن الاستنتاج الطبيعي لكل ما جرى يؤشر إلى انحدار سورية نحو حالة تقسيمية تعصف رياحها في الإقليم. وفي هذا السياق نشير إلى ما جرى بين الرئيس بشار الأسد ورئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان من حوار، حيث حذرت أنقرة من «أن الخوف الأكبر مما يجري من أحداث أن الأزمة سائرة نحو تقسيم سورية». وعندها رد الأسد بالقول: «إن التقسيم لن يقتصر على سورية فحسب بل أن أول المتضررين من ذلك هو الأتراك»، وكان يشير بذلك إلى ارتفاع حدة الصراع والمواجهات مع حزب العمال الكردستاني إلى درجة مطالبة الأكراد بدولة مستقلة، أو بنوع من أنواع الحكم الذاتي.

وفي هذا السياق ارتفعت حدة التوتر الميداني قبل يومين عندما سقط بعض القذائف السورية على الداخل التركي، ما استوجب رد قوات الجيش التركي على مصادر النيران، وتبع ذلك تصعيد في المواجهة الإعلامية بين سورية الأسد وتركيا أردوغان، والتداول في إقحام اتساع دائرة منطقة الصراع، الأمر الذي يدخل ضمن عنوان عريض هو الاستيراد والتصدير في الأجواء الملتهبة بين الداخل السوري وخارجه من دول الجوار، وفي الطليعة تركيا حيث يعمل أردوغان على إنقاذ ماء الوجه، واستعادة المبادرة بعد كل التهديدات التي أطلقها في بداية النزاع، وتوقعه سقوط بشار الأسد في وقت قريب.

وفي الأيام الأخيرة من إعلان حالة الاستنفار بين سورية وتركيا رفع الغرب الحليف لتركيا درجة التوتر حيث أعلن حلف شمال الأطلسي أنه يقف خلف تركيا في صراعها مع سورية. ولدى الإشارة إلى حلف الناتو، لاحظ بعض المراقبين المتابعين عن كثب أحداث المنطقة أنه يبدو في حاله من «البطالة» بعد «الإنجازات الكبيرة» التي حققها في ليبيا وأن الحلف في حال انتظار لا التزام جديد. لكن وجود الكثير من المعطيات يؤكد صعوبة بل استحالة إقحام حلف الأطلسي في النزاع العسكري مع سورية، وذلك لأكثر من اعتبار ولأن «سورية غير ليبيا».

وفي ضوء كل ما جرى ويجري هل يمكن استشعار الآتي من الأزمات؟

مع اقتراب الأزمة في سورية من شهرها التاسع عشر، وليس في الأفق من بوادر تشير إلى قرب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار يصعب تصور قيام أي حل على الطريقة التقليدية، كمثل شعار «لا غالب ولا مغلوب» (رحم الله صاحبه الرئيس صائب سلام)، وعليه ستبقى الأزمة بين كر وفر على الصعيد الميداني، وأفراد الشعب السوري في كل الانتماءات والطوائف، هم الذخيرة الحية لحرب لن يكون فيها غالب ومغلوب، بل ستنتهي المنازلات القائمة إلى مغلوب أكثر ومغلوب أقل، وإلا فنحن سائرون إلى الخطر الأكبر على صعيد تغيير خرائط المنطقة.

وبعد...

عندما اندلعت الشرارة في سورية لم يكن في تصور أحد بلوغ الوضع ما هو عليه الأن. لذلك، يصعب التصور بدقة ما هو آت من ويلات الحرب وترقب، من سيكون هو الطرف الذي سيصرخ «الأخ» أولاً. أما الدعوات التي تطلق من هنا وهناك حول تزويد المعارضة السورية بالأسلحة المتطورة، الأمر الذي سيغلب كفة هذه المعارضة على «جيش النظام»، فإن مثل هذا الاقتراح من شأنه أن يحول سورية إلى مزيد من الدمار والخراب أكثر فأكثر، وحتى آخر سوري من أنصار النظام، وأنصار أعداء هذا النظام بخاصة أن الكثير من الدول الغربية، وفي الطليعة الولايات المتحدة الأميركية لا تمانع في تواصل الحرب في سورية كي تضمن المصالح والهيمنة على هذه المنطقه المهمة من العالم.

وفي ما يتصل برفع وتيرة المواجهة بين سورية وتركيا يبدو وكأن هناك في الأفق عملية استدراج عبر وقوع الكثير من الممارسات التي تثير الاستفزاز، والأدلة واضحة وعلى سبيل المثال لا الحصر ما هو قصد الجيش النظامي السوري بإطلاق مدفعيته بعض القذائف لتسقط في العمق التركي؟ واستطراداً: ما هو قصد الجيش التركي من الرد على مصادر النيران في المناطق المحاذية للحدود المشتركة؟

يبدو وكأن الأزمة السورية ضاقت بحدودها المكانية وهي تفتش عن «تمدد» أفقي وعمودي من دول الجوار والتي تقتصر حتى كتابة هذه السطور، على كل من تركيا والأردن ولبنان وبذلك يصبح الصراع السوري الداخلي نزاعاً مكشوفاً على الصعيد الإقليمي؟

ومقابل طرح هذين الاحتمالين يرد الجانب الآخر من التحليل أن أزمة بحجم حرب على مستوى المنطقه لا يمكن أن تتصاعد أكثر فأكثر والانتخابات الأميركية على الأبواب. وفي المحصلة الأخيرة: طرفان بإمكانهما الإمساك بزمام المبادرة في هذه الفترة الحرجة من تاريخ المنطقة وهما سورية للأسباب المذكورة أعلاه، وإسرائيل إذا أقدم بنيامين نتانياهو في نوبة جنون على توجيه الضربة التي طال الحديث عنها للمفاعل النووي الإيراني، وفي سعي منه إلى قلب الطاولة على الجميع.

 

=================

«ستالينغراد» سورية تحدد مستقبل النظام!

سليم نصار *

السبت ٦ أكتوبر ٢٠١٢

الحياة

حدث هذا بعد الثالث من شباط (فبراير) 1982.

كان مراقب صور الأقمار الاصطناعية في البنتاغون مهتماً بتكبير الصور التي التقطت من الجو لشوارع حماة بعد أن أبلغته الخارجية الأميركية أن شيئاً ما يجري في تلك المدينة!

ولاحظ المراقب، بعد رصد استمر يومين أن قباب المساجد في تلك المدينة القديمة، قد اختفت من الصور آخر الشهر.

والسبب، كما تبين لاحقاً، أن مقاتلي «الجبهة الإسلامية» لجأوا إلى المساجد والكنائس والأماكن الأثرية بعد أن أغلقت دونهم كل مخارج النجاة، وأصبحوا هدفاً سهلاً لنيران الدبابات.

وحول تلك المعركة كتب باتريك سيل، مؤلف كتاب «الأسد»، يروي بعض تفاصيلها، ويقول: «ظلت معركة حماة مستعرة ثلاثة أسابيع وقد اضطرت الدولة لاصطياد «المتمردين»، إلى إرسال قوات محمولة بالمروحيات لمساعدة الحامية المحلية على اغلاق مداخل المدينة قبل الانقضاض القاتل عليها. وتراجع العصاة إلى الأحياء القديمة على ضفاف العاصي، حيث كانت الأبنية تتهاوى من شدة قصف المدفعية، وبفعل الألغام التي زرعها مهندسو الجيش. وكان الناس البسطاء الذين يعيشون في أزقة المناطق العميقة هم الضحايا الأساسيون. وبعد القصف المركز، تحرك رجال الكوماندوس تدعمهم المصفحات، لإخضاع المتمردين الذين لجأوا إلى المساجد والكنائس. وخلال شهر من القتال الضاري دمر تقريباً ثلث المدينة التاريخية».

باتريك سيل، الكاتب البريطاني المتخصص في الشأن السوري، اعتبر تلك المعركة الطويلة محطة مهمة فرضت على حافظ الأسد تأجيل مشاريعه الداخلية، والانصراف كلياً إلى تنظيف البلاد ممن وصفهم بالمتمردين. وقد استعار نجله الرئيس بشار هذا الوصف لإطلاقه على مختلف أطياف المعارضة. علماً أن الأحداث التي واجهت قائد الحركة التصحيحية تختلف في مكانها وزمانها عن الأحداث التي تصدى لها وريثه في الحكم.

يجمع المؤرخون على القول إن تمرد «الإخوان» بدأ عام 1976. وقد انتقل إلى سورية كنموذج حمله مصطفى السباعي من القاهرة حيث انتشرت دعوة المؤسس حسن البنا. وتلقفتها الطائفة السنية بحماس، مستغلة انشغال أجنحة حزب البعث العلماني بنزاعاته القومية والقطرية، لتؤسس خلايا سرية في دمشق وحلب وحماه وسائر المناطق الفقيرة النائية. وقد وفرت لأعضائها الأسلحة المطلوبة للمقاومة والدفاع عن الأحياء. كما أمنت لهم الزاد العقائدي الذي كان يقدمه عصام العطار في مجلة «الرائد» من منفاه في مدينة آخن وسط ألمانيا الغربية. وعلى الرغم من الاعتراضات الديبلوماسية المتكررة التي وجهتها الحكومة السورية بهدف تجميد نشاطات العطار، فإن بون (عاصمة ألمانيا الغربية آنذاك) لم تعرها أي اهتمام. والسبب - كما فسرته الصحف الألمانية - أن عصام العطار يمثل حركة معادية قادرة على محاربة الشيوعية والأنظمة المتحالفة معها مثل نظام حزب البعث.

في ضوء هذا المنطق، كانت حركة «الإخوان المسلمين» تعمل في سورية بتأييد من بريطانيا وألمانيا وعدة دول غربية أخرى ساندت موجة الإسلام السياسي. ويستدل من نشاطاتها السابقة، أن هذه الحركة دشنت تحدياتها قبل نجاح الثورة الإسلامية الخمينية في إيران. فقد بدأ تحرش عناصرها بالجيش السوري سنة 1976 على أمل خلق نظام منفتح على الحركات الإسلامية المتطرفة في العالمين العربي والإسلامي.

بالمقارنة بين ظروف عهدي الأسدين في سورية، لا بد من التذكير بأن الاتحاد السوفياتي كان يراهن على نجاح النظام العلماني الذي أسسه حافظ الأسد. كذلك كانت واشنطن ترى فيه سنداً للبنان المضطرب، وخصماً موثوقاً لدى إسرائيل يحترم تعهداته لكيسنجر بعد حرب 1973. وعليه، استخدم الأسد الأب هذه التوازنات السياسية لإعلان الحرب على «الإخوان المسلمين» عبر خطاب شهير ألقاه في الذكرى السابعة للثورة (8 آذار / مارس 1980) قال فيه: «نعم. إنني أؤمن بالله... وبرسالة الإسلام. لقد كنت ولا أزال مسلماً، تماماً مثلما ستبقى سورية قلعة شماء ترفع راية الإسلام عالياً. ولكن أعداء الإسلام، المتاجرين بالدين سوف يكنسون بعيداً».

الكثيرون ممن صفقوا لحافظ الأسد خلال تلك المناسبة، اعتقدوا بأن الانفعال هو الذي أملى عليه عبارات التحدي والتهديد. ولكنه في حقيقة الأمر كان يعبر عن هواجسه الدفينة جراء الإخفاق الذي مني به يوم قرر طرح الدستور الجديد على استفتاء شعبي. ويبدو انه في حينه، اعتمد على تجمع الأقليات ممن يمثلون أربعين في المئة من عدد السكان، اضافة إلى 12 في المئة من نسبة ما تمثله الطائفة العلوية.

وحدث أن قوبل الاستفتاء باضطرابات عنيفة، أجبرت الدولة على التراجع. وقد أعرب المضربون عن تخوفهم من إزالة المادة الدستورية التي تقول: «الإسلام هو دين رئيس الجمهورية ومصدر التشريع في الدولة». واستثمر أنصار «الإخوان» تلك الأحداث ليرفعوا يافطات كتبت عليها شعارات مقتبسة عن ابن تيمية الذي يصف العلويين بـ «طائفة الكفار» ويدعوهم للعودة إلى الإسلام!

ومن اجل حلحلة هذا الإشكال المذهبي، اعلن الإمام موسى الصدر أن العلويين هم شيعة وهم مسلمون.

واستغل الشقيق رفعت الأسد، قائد سرايا الدفاع» مناسبة انعقاد مؤتمر البعث القطري السابع، ليشن حرباً شاملة ضد المتمردين ويقول بانفعال: «إن الحكومة بدأت تفقد السيطرة على زمام الأمور. وإن المطلوب في الأوقات العصيبة، إظهار الولاء المطلق. وإنه يجب الدفاع عن الدولة البعثية بالدم إذا دعت الضرورات لذلك. إن ستالين ضحى بعشرة ملايين للمحافظة على الثورة البلشفية، ونحن مستعدون لتقليد تلك العملية الجراحية».

بعد مرور ربع قرن تقريباً، يواجه الرئيس بشار الأسد معارضة شرسة كالمعارضة التي هددها عمه رفعت بالزوال. وقد حصدت قواته منها خلال 18 شهراً، اكثر من 32 ألف ضحية. ويرى الوسيط الأخضر الإبراهيمي، أن التحديات العسكرية والسياسية التي انفجرت في مدينة حلب وريفها البالغ 15 كيلومتراً مربعاً، قد نقلت المعركة إلى مستوى الحسم النهائي. لذلك بدأ المراسلون يتحدثون عن «ستالينغراد» سورية، مذكرين بقرار الرئيس حافظ الأسد يوم شن هجوماً شاملاً على معاقل «الإخوان المسلمين» في حماه. من هنا ضاعف ماهر الأسد عدد قواته النظامية بحيث بلغت خمسين ألف جندي تساندهم الدبابات والطائرات النفاثة والمروحية. في حين لم تجمع قوات المعارضة اكثر من عشرين ألف مقاتل، استهدفت عملياتهم الأسواق التراثية القديمة والمطار. والغاية من كل ذلك شل سلاح الطيران، ودفع النظام إلى تدمير القلعة الأثرية والمواقع التاريخية. ويبدو أن الجيش النظامي لم يقع في هذا المطب، وبقي مطوقاً القلعة والأسواق العتيقة.

يدعي قادة «الإخوان» أن ما يحدث في سورية حالياً ليس اكثر من انتقام متأخر لمجزرة حماة. وهم يفاخرون بأنهم يقلدون الحركات التي حققها حلفاؤهم في تونس ومصر وليبيا، أولئك الذين انتصروا على جيوش زين العابدين والقذافي ومبارك بعد أربعين سنة من الانتظار. وقد استأنفوا قتالهم في سورية بهدف الإطاحة بآخر نظام علماني استمد مقوماته من مبادئ القومية العربية. وفي حال نجحوا، فإن هوية النظام ستتغير، ويتغير على اثره وزن العروبة العلمانية بحيث يصبح من الصعب إقامة تعايش في ظل المحور المتطرف.

رئيس المجلس الوطني السوري الدكتور عبدالباسط سيدا، رفض الاعتراف بهذا المنطق، لأن المجتمع السوري يختلف في تشكيله الإثني والمذهبي عن تونس وليبيا ومصر. والدليل في رأيه، يتمثل بصفوف المعارضة المؤلفة من شرائح عدة، ليست حركة الإخوان المسلمين اكثر من واحدة منها. ومعنى هذا أن المعارضة ليست حكراً على «الإخوان»، وإنما هي تمثل واقعاً من نزاع واسع وصلت شرارته إلى كل مدينة وبلدة وقرية ودسكرة. ويبدو أن الضربات العسكرية الموجعة التي سددها جيش النظام إلى كل المدن المتمردة، وإلى كل السكان من دون تمييز، هي التي بدلت صورة الرئيس بشار من حاكم لكل الشعب إلى حاكم محتل للشعب!

يوم الأربعاء الماضي، حدث على الحدود السورية – التركية ما لم يكن في الحسبان. وفقد سقطت قذيفة من الأراضي السورية على قرية تركية أدت إلى مقتل خمسة أشخاص وإصابة تسعة آخرين بعضهم من رجال الشرطة.

وعلى الفور اعلن وزير خارجية روسيا أن من الضروري تفسير الحادث من قبل دمشق بأنه أمر عرضي غير مقصود. وربما توقع أن يقود هذا الحادث إلى مواجهة بين الدولتين الجارتين، الأمر الذي يفرض تدخل حلف الناتو. وعندئذ تكون سورية قد ورطت حليفتها روسيا في معركة جانبية نجحت في تحاشيها حتى اليوم.

مصادر الأمم المتحدة تقول إن الرئيس بشار الأسد دفع بنصف قواته العاملة من اجل استرداد حلب من ايدي المقاومة. وهو بهذا الاستعجال كان يتطلع إلى مصير نصيره وحليفه الرئيس محمود احمدي نجاد. ذلك أن الحصار الاقتصادي الذي ضربته الولايات المتحدة حول إيران بدأت آثاره تظهر في الاحتجاجات الشعبية عقب انفجار أزمة التراجع القياسي لسعر صرف الريال. وتتوقع الدول الغربية أن تقود هذه الشرارة إلى تصعيد العنف خلال الأشهر الثلاثة المقبلة بحيث تلتف المعارضة الإيرانية حول قائد جديد مثل مير حسين موسوي.

مرشد النظام علي خامنئي بدأ يستعد لمرحلة جديدة يختفي فيها احمدي نجاد لصالح علي لاريجاني. وفي هذه الحال، سيكون النظام الإيراني مشغولاً بترتيب وضعه الداخلي، الأمر الذي يصرفه عن تركيز اهتماماته على «رجل الشرق الأوسط المريض، سورية».

وأمام هذا المأزق، سيضطر الأسد إلى تحريك جبهة الجنوب اللبناني كنوع من الاختبار السياسي لمدى وقوف إيران إلى جانبه ومنع نظامه من السقوط. خصوصاً أن الشهر الفاصل عن انتخابات الرئاسة الأميركية، سيحدد موقع سقوط النظام: هل هو في الحضن الإيراني... أم في الحضن التركي. ومثل هذه المفاضلة اختبرها بعد الحرب العالمية كمال أتاتورك الذي تخلى عن حلفاء الامبراطورية القدامى، واختار بديلاً منهم المرساة الأوروبية.

يقول الذين شاهدوا الرئيس بشار الأسد منذ أسبوعين إنه كطبيب عيون لا ترتاح عيناه من السهر الطويل. وإن حاله تشبه حال رجل يمتطي نمراً مفترساً. فلا هو قادر على الاستمرار فوق ظهره... ولا هو قادر على النزول عن ظهره خوفاً من افتراسه!

* كاتب وصحافي لبناني

 

=================

نعم نظام الأسد يخاف!

طارق الحميد

الشرق الاوسط

6-10-2012

ها هو نظام طاغية دمشق يقدم اعتذارا لتركيا عبر الأمم المتحدة، متعهدا بأن لا يعاود تكرار الهجوم على الأراضي التركية بالمورتور، وذلك بعد مقتل خمسة مواطنين أتراك نتيجة قصفه للأراضي التركية، مما نجم عنه قيام أنقرة بالرد بالقصف على الحدود السورية، فماذا يقول لنا هذا الاعتذار الأسدي؟

الإجابة البسيطة هي أن نظام الأسد، الأب والابن، «يخاف ما يستحي» كما يقول المثل العامي، فقد انسحب الأسد الأب من مواجهة الأتراك بعد أن هددوه بسبب إيوائه عبد الله أوجلان. وها هو الابن يهرع لتقديم الاعتذار لتركيا اليوم! وهذه الحادثة تشرح لنا أسباب تمادي الأسد في جرائمه التي يرتكبها بحق السوريين، وأهم سبب لذلك هو أن الأسد لم ير حتى الآن مؤشرا حقيقيا على التدخل الدولي في سوريا، سواء تحت مظلة مجلس الأمن، أو خارجها، من أجل ردعه، ووضع حد لجرائمه. فلو رأى الأسد، مثلا، الطائرات تحوم فوق الأجواء السورية لفر من قصره بكل تأكيد، أو لوجدنا قواته تنهار بشكل سريع. فالقول بأن لدى الأسد نظاما جويا قويا ليس إلا دعاية، الهدف منها تبرير عدم التدخل الدولي لوقف جرائمه، فها هو الأسد يخور، ويعتذر، مع أول قصف تركي!

واعتذار الأسد لتركيا ليس بسبب القصف وحسب، بل لأنه تنبه إلى أن البرلمان التركي قد أطلق يد حكومته بتوجيه ضربات للنظام الأسدي، ولمدة عام كامل. والأسد كان يراهن طويلا على التباينات السياسية داخل تركيا نفسها، من معارضة وخلافه، وكان يعول على تلك التباينات، ويرى أنها تكبل يد السيد رجب طيب أردوغان باتخاذ قرار عسكري ضده، أي الأسد، لكن قرار البرلمان التركي، والذي أطلق يد السيد أردوغان، كان بمثابة الرسالة الواضحة للأسد بأن الأتراك يقفون خلف حكومتهم، ولا مجال للعب في هذا الأمر. وهذا تحديدا ما ينقص الموقف الدولي اليوم أمام جرائم الأسد. فطالما ليس هناك قرار دولي حاسم تجاه الأسد، أو تحالف فعال من قبل الراغبين في وضع حد لجرائم الأسد الذي حان وقت رحيله، فإن طاغية دمشق لن يتوانى عن ارتكاب المزيد من الجرائم بحق السوريين.

لذا، فإن درس الموقف التركي الأخير من الأسد يقول لنا إن الأسد يخاف لكن لا يرعوي عن قتل مزيد من أبناء شعبه الأعزل. وهذا ما ثبت أيام قصة عبد الله أوجلان في عهد الأسد الأب، وبعد عملية دير الزور الإسرائيلية في سوريا في عهد الأسد الابن، وكذلك قصف الأميركيين لمعسكرات الإرهابيين في البوكمال، وانسحاب الجيش السوري من لبنان على أثر التهديد الأميركي للأسد بعد اغتيال رفيق الحريري.

كل ما سبق يقول لنا إن نظام الأسد الإجرامي لا يفهم إلا لغة القوة، ولا تجدي معه الدبلوماسية، فالأسد يعتقد أن الدبلوماسية هي فن الضحك على الآخرين، أو كما قال المقرب من معمر القذافي عبد السلام جلود في حواره مع قناة «العربية» إن «الطاغية يعتقد أن الدبلوماسية هي الكذب».

ملخص القول إن الأسد لا يفهم إلا لغة القوة، وعدا عن ذلك فهو مضيعة وقت.

=================

سوريا: حافة الهاوية؟

عماد الدين أديب

الشرق الاوسط

6-10-2012

كان وزير الخارجية الأميركي الأسبق «جون فوستر دلاس» هو المنظر السياسي لمبدأ «حافة الهاوية» وهي سياسة تعتمد على اتباع كل أدوات التصعيد المستمر والشامل في كل المجالات ضد الخصم أو العدو للسياسة الأميركية إلى مرحلة ما قبل انطلاق الرصاصة الأولى بهدف إجباره على القبول بالمصالح الأميركية أو اتباع رؤية واشنطن للأمور.

وهذا المبدأ تم تطبيقه في أوائل الستينات في أزمة خليج وصواريخ كوبا بين واشنطن وموسكو، ووقتها حبس العالم أنفاسه حينما وصل الجميع إلى حافة حرب نووية كونية بين البلدين.

هذه اللعبة الخطرة لها قوانينها الدقيقة ولها شروطها الصارمة، ولها أيضا قاعدة ضرورية وهي أن تكون «قوة عالمية يحسب حسابها أو قوة إقليمية عظمى ذات تأثير».

أما أن تلعب أو تغامر باللعب وأنت في أزمة مثل أزمة النظام السوري الذي يعاني هذه الأيام أقصى درجات الحصار العالمي والعزلة السياسية الدولية فهذا ضرب من الحماقة والجنون.

سوريا الآن تخوض حربا أهلية بين جيش النظام الحاكم وجيش الشعب، وتعيش أزمة مالية طاحنة، وأصبحت تشكل خطرا وعبئا مخيفا على دول الجوار في لبنان والعراق والأردن وتركيا.

وتقف إسرائيل، وهي تراقب عن قرب عدة كيلومترات التحولات الداخلية في سوريا، بقلق شديد وبإجراءات خطط طوارئ عسكرية.

ورغم هذه الملابسات التي تواجه سوريا، أقدمت القيادة العسكرية السورية على تعريض أمن جيرانها للخطر بشكل متكرر يمكن أن يؤدي إلى توسيع مسرح القتال.

إن نظرة واحدة إلى المشروع السوري لتوسيع مسرح الأحداث يبدأ بالضغط على الأردن بكميات من النازحين، وتسخين الوضع في طرابلس ومدن الشمال اللبناني وإشراك العراق كطرف أصيل في الصراع من خلال استخدام المجال الجوي العراقي دون استئذان لنقل شحنات الأسلحة الإيرانية لسوريا. وأخيرا، تم إدخال تركيا في مسألة توسيع مسرح الأحداث بإطلاق قذائف على مدن الجوار التركية مما أدى إلى استشهاد 5 من المدنيين العزل. هذا كله أدى إلى قيام البرلمان التركي بمنح الجيش صلاحية حق التوغل في سوريا! المذهل أن مندوب سوريا في مجلس الأمن، قال معقبا على الأخبار التي تناقلتها وكالات الأنباء بأن دمشق نقلت اعتذارها للأتراك عبر الأمم المتحدة: إن بلاده «أعربت عن أسفها للحادث لكنها لم تعتذر».

يا رجل.. اتق الله! ما هذا التكبر؟

وبعد أن فكرت مليا في الأمر أيقنت أنه من المنطقي لمن لم يعتذر عن قتل عشرات الألوف وتشريد مئات الألوف ألا يعتذر عن قتل خمسة أرواح فقط!!

======================

يومياتنا في سوريا .. تدمي القلب وتثقل على الضمير إن وجد هذا الضمير

الشبكة العربية العالمية: حسين العودات

الجمعة, 05 أكتوبر 2012 23:56

يحلل المحللون، ويراقب المراقبون، ويتحدث السياسيون، وتتصارع المنظمات الإقليمية والدولية، وتنشغل وسائل الإعلام بالشأن السوري، وجميعهم يبحثون في الكليات، والقضايا الرئيسة، والتوجه العام، والآفاق المقبلة،

وبالسلم والحرب والتأثر الإقليمي والدولي بما يجري في هذا البلد، ولكنهم جميعاً ينسون أو يتناسون أموراً يرونها صغيرة وهي الأكبر بالنسبة للسوريين وأعني بها ما يلاقونه يومياً من تضييق واستفزاز وغلاء أسعار وخوف وإهانات وتهديد وقتل ومختلف أنواع الانتهاكات لكرامتهم وحياتهم وهدوء بالهم.

يمر السوري بين بيته وعمله، مهما كانا متقاربين، على عدد من الحواجز داخل البلدات والمدن لايقل عن ثلاثة وقد يصل إلى عشرة حواجز، وأحياناً يكون الفاصل بين الحاجز والآخر خمسين متراً، ومع ذلك، وفي كل مرة يقوم جنود الحاجز بتفتيش سيارته والتدقيق في هويته وسؤاله ما يشاؤون من الأسئلة، وأحياناً شتمه بدون سبب، ويتعرض لمختلف أنواع الاتهامات.

ويلام لأنه من هذه المدينة أو تلك باعتبارها من المدن الثائرة، ولنا أن نتصور الخوف الذي يتلبسه عند كل حاجز، عندما يتذكر أن للجندي الحق في إطلاق النار عليه بدون سبب ودون مساءلة، ولا يجوز محاكمة رجل الأمن إلا بموافقة وزير الدفاع الذي لم يوافق حتى الآن على محاكمة أحد.

يواجه السوري صغيرات أخرى عندما يريد شراء حاجيات أسرته اليومية، ويجد أن أسعارها ارتفعت بين 20 و 50% عن اليوم السابق، دون مسوغ منطقي أو موضوعي، وإذا سأل البائع عن سبب ارتفاع الأسعار يجيبه بعنجهية هذا هو الموجود واذهب إلى غيري، وأحياناً يشير البائع إلى التضخم وارتفاع سعر الدولار بالنسبة لليرة، وكأن (جرزة البقدونس مستوردة من أميركا).

من الصغيرات أيضاً عندما يراجع المواطن السوري دائرة من دوائر الدولة بعد أن يمضي أكثر من ساعة بين بيته ومكان الدائرة بسبب الحواجز فيجدها خالية من الموظفين، ويقال له إنهم لم بستطيعوا اليوم الالتحاق بأعمالهم فعليك المجيء غداً. ويضطر أحياناً إلى التردد عدة أيام على دائرة الدولة ليجد موظفاً لايهتم به ويعامله (بقرف وتثاقل وقلة أدب).

لايجرؤ السوري غالباً على الخروج من بيته بعد السابعة أو الثامنة مساء، خوفاً من الحواجز أو العصابات أو الباحثين عن فدية، وتتضاعف مصيبته إذا كان قد نسي بطاقته الشخصية في بيته، وتتضاعف أكثر إذا كانت زوجته إلى جانبه، ويباشر الحاجز الأمني توجيه الكلام البذيء إليها بدون سبب، وزوجها لا يلوي على شيء. بل إذا تحركت حميته تكبحه زوجته وتطلب منه الهدوء، باعتباره أقل الخسائر.

يعتبر السوريون أن كل ما هو أقل من القتل هو من الصغيرات، وعليه، فليس نادراً أن يعود السوري إلى بيته ليجد أسرته مكدسة أمام البيت، وقد سُرقت محتوياته من قبل جهات أمنية فتشته وتأكدت من خلوه من أي شيء مخالف وبطريقها أخذت كل ما فيه. وهذه تبقى على أية حال أصغر من أن يجده محروقاً أو مدمراً بحجة أنه بناء عشوائي مخالف، وهذا ما جرى في عدة أحياء دمشقية يقال ان عدد سكانها يتجاوز بضع مئات من الآلاف.

أصبح أمراً عادياً أن تُقطع الكهرباء يومياً لبضعة ساعات ودون أن يعلم المستهلك عن موعد القطع أو موعد الوصل، ولايهم إن كان في منطقته من يستخدم أجهزة صحية تحتاج للكهرباء أو أجهزة أخرى يحتاجها في حياته اليومية، أما الوقود فالحصول عليه أمر شبه مستحيل مثله مثل الغاز حيث تضاعفت أسعارهما.

من الأمور العادية والدارجة أن يعطل سائق التاكسي عداد السرعة ويقرر بنفسه أمرين: الأول هو قبول أو عدم قبول نقلك إلى المكان الذي تريده، والثاني هو أن يقرر الأجرة التي يريد، والويل لمن ينبس بأي كلمة احتجاج فلم يعد لشرطة المرور أهمية، وحتى الدولة تجدها غائبة باستثناء الجانب الأمني من مهماتها، فهو حاضر بكثافة ووحشية.

كان الروائي الفرنسي الشهير (أنوريه دي بلزاك)، وهو من مؤسسي النظرية الواقعية في الأدب، يهتم في كتاباته بالأشياء الصغيرة، التي ما أن تلتقي وتتراكم حتى تصبح كبيرة، وتعطي صورة حقيقية وجادة وواقعية عما تتناوله من أحداث، أي أنه كان يستقرئ الواقع والأحداث، كما كان يعمل الفيلسوف سقراط الذي كان يولد النظرية من أجزائها كما كانت أمه (القابلة) تولّد النساء.

 وذلك على عكس ما يفعله (محللونا) السياسيون الذين ينهجون نهج الاستنتاج، فيبدؤون بالكبيرات، وبعدها لا يستطيعون توصيف الصغيرات، ظناً منهم أن الكلام الكبير هو أكثر إقناعاً، أو أنه يثير دهشة السامع أو القارئ، فهم إذن يطمحون للدهشة، والدهشة هي بداية الفلسفة، والمهم أن يقول الناس عن (المحلل) انه مثقف وليذهب الشعب السوري إلى الجحيم.

بمناسبة الأشياء الصغيرة هذه، تحضرني قصة ما حدث مع مجموعة أولمت لنفسها، فقال أكثرهم ثرثرة وقدرة على الكلام وبصوت جهوري متهدج (عليّ النار أوقدها) وتوجه إلى أحدهم وبصوت منخفض خجول (ومنك السمن واللحم) ويبدو أن هذا هو شأن المحللين والسياسيين مع الشعب السوري، حيث يشرقون ويغربون ويقولون كلاماً كبيراً وخطيراً، ويرون الظروف المحيطة بسوريا والمنطقة والعالم، ولايرون ما يحيط بالشعب السوري.

يعيش الشعب السوري مصاعب يومية قد تصل إلى المآسي، وقد انتظر العرب والعالم طوال سنة ونصف السنة علّهم يساهمون في إنقاذه مما هو فيه دون جدوى، فهم يراقبون وينتظرون وهو أحوج إلى من يرفع عنه كاهل الأمور الصغيرة، لا إلى من يحلل ويركب الأمور الكبيرة فقط .

حقاً إنه إذا تم حل الكبيرات يتم تلقائياً حل الصغيرات، لكن حال السوريين يدمي القلب ويثقل على الضمير إن وجد هذا الضمير.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ