ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 30/09/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

تحجيم "الفيتو" لحماية الشعوب من الطغاة

2012-09-29 12:00 AM

الوطن السعودية

تأتي إعادة طرح فكرة إرسال قوات عربية إلى سورية للمساهمة في وقف القتال الجاري هناك في وقت أحوج ما يكون فيه المواطنون السوريون إلى التقاط أنفاسهم، ولملمة جراحهم، والاستعداد لموسم البرد أو عودة اللاجئين إلى بيوتهم المتداعية أوالمهدمة ومدنهم المنكوبة.. لكن السؤال الأهم هو: هل باستطاعة الدول العربية تنفيذ هذه الفكرة وفق الرؤية المفترضة؟

لو نظرنا إلى التجارب العربية والدولية السابقة بما فيها من مراقبين للمساعدة على وقف "القتل" وليس القتال، لوجدنا أن النظام السوري كان يحبطها كلها بخطط مكشوفة، ليس أولها عدم الالتزام بوقف إطلاق النار على المتظاهرين وسحب القوات والآليات من المدن، وليس آخرها افتعال التفجيرات وإلصاقها بـ"جماعات مسلحة" تطبق المؤامرة الكونية على النظام السوري "الممانع". ومن يقرأ سلوكيات وأعمال النظام منذ بدء الأحداث لن يصعب عليه استنتاج إمكانية حدوث بعض الأعمال الهادفة لإفشال المهمة، كأن يوجه جيشه لإطلاق النار على القوات العربية، ويقول: إن ذلك من فعل "الجماعات المسلحة" ويوجه لاستخباراته بالتخطيط لتفجيرات، حيث توجد القوات العربية، ثم يظهر بعدها شخص مجهول في تسجيل على "اليوتيوب" ليقول: إن "الجيش الحر" وراء هذا التفجير أو ذاك.

كل ما سبق يؤكد أنه لا يمكن لأي خطة أن تلقى النجاح لوقف القتل في سورية، إلا إذا صدرت تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وعندها تتوقف ألاعيب النظام السوري الذي سوف يدرك عاقبة أي تصرف غير مسؤول. لكن صدور قرار أممي تحت الفصل السابع معطل بسبب موقف روسيا ومن بعدها الصين والتلويح باستخدام "الفيتو" في مجلس الأمن ضد أي قرار من شأنه الضغط على النظام السوري، والتخفيف عن الشعب الذي يدفع مئات الضحايا كل يوم ثمنا لاستمرار الأسد في السلطة ولذلك "الفيتو"، الذي بات يعني لدى الشعوب حماية القاتل وتشجيعه على الاستمرار في القتل. ولعل استخدامه أكثر من مرة لحماية النظام السوري يؤكد الحاجة لمنع التكرار مستقبلا من خلال إجراء تعديلات جذرية "ملزمة" في ميثاق الأمم المتحدة، أقلها تحجيم "الفيتو" لمنع استخدامه عندما يتعلق الأمر بحماية الشعوب من طغاتها وقاتليها.

=================

خيرالله خيرالله / أوباما وسورية... والمقاربة الشاملة

الرأي العام

29-9-2012

بدا الرئيس باراك أوباما امام الجمعية العمومية للامم المتحدة حذرا. بدا وكأنه يعدّ نفسه منذ الآن لولاية ثانية وانه يريد الاحتفاظ باوراقه لنفسه. كلّ ما يمكن فهمه من خطاب أوباما امام الجمعية العمومية للامم المتحدة ان النظام السوري انتهى وانه آن اوان رحيل الرئيس بشّار الاسد وانه لن يتصرف في الموضوع السوري الاّ من خلال مقاربة شاملة لمشاكل المنطقة. لم ينس الرئيس الاميركي الدور الايراني الداعم للحرب التي يشنها النظام السوري على شعبه، فدان هذا الدور داعيا الى وجوب التوقف عن دعم «الديكتاتور» السوري. يبدو واضحا ان أوباما يفضّل الانتظار حاليا، خصوصا ان النظام السوري انتهى وذلك من دون ان تضطر الولايات المتحدة الى خسارة رجل واحد او التدخل المباشر، كما حصل في العراق وغير العراق...

ما لم يقله الرئيس الاميركي صراحة، ربّما بسبب اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، قاله الملك عبدالله الثاني الذي تحدث بدوره امام الجمعية العمومية عن «الوضع المأساوي السوري». دعا العاهل الاردني الى «الوقف الفوري للعنف ومباشرة عملية انتقال سياسية» مشيرا الى ان «لا بديل من الحل السياسي الذي يوقف سفك الدماء ويعيد الامن والاستقرار ويحفظ وحدة اراضي سورية وكرامة شعبها ووحدته».

السؤال الآن، كيف يمكن تحقيق عملية الانتقال هذه التي تحظى بمباركة اميركية؟ هل سيجد أوباما، في حال حصوله على ولاية ثانية، متسعا من الوقت كي يضع تصوره لمستقبل النظام السوري موضع التنفيذ؟

مرّة اخرى، هناك تصور واضح لدى الادارة الاميركية الحالية لمستقبل النظام السوري. هناك تصميم على التخلص من النظام كما هناك بداية قناعة بأنّ من المهمّ جدا تفادي حال من الفوضى في سورية وذلك عن طريق منع اي جهة خارجية، عربية او غير عربية، من تمويل العناصر المتطرفة وتسليحها من منطلق ان الأولوية هي لاسقاط النظام وانّ ليس مهمّا ما سيحصل بعد ذلك. هناك لحسن الحظ في واشنطن وفي عمّان من يفكّر في ما سيحصل بعد سقوط النظام السوري من منطلق المقاربة الشاملة للوضع الاقليمي.

في هذا الاطار، وعلى الرغم من الجهود الاسرائيلية التي يقودها بنيامين نتانياهو من اجل التركيز على ما يسمّيه «الخطر» الإيراني بدل معالجة الوضع في سورية، جاء الخطاب الاردني محاولة لاعادة الامور الى نصابها في منطقة تتزاحم فيها الازمات الى درجة لم يعد للقضية الفلسطينية وجود يذكر. لذلك، كان لا بدّ من كلمة تذكير اردنية بهذه القضية التي لا تزال «جوهر الازمة في المنطقة». فليس طبيعيا ان يبقى الشعب الفلسطيني استثناء، نظرا الى ان «الربيع العربي ينادي بالكرامة للجميع وبوضع حد لسياسة الاستثناء. ليس هناك ما يسبب قهرا اكبر من ان نقول لشعب بكامله انك مستثنى من العدالة الدولية. لا يمكن للصيف العربي ان يأتي ثماره الا عندما يصل الصراع الفلسطيني- الاسرائيلي الى نهاية عادلة وتقوم الدولة الفلسطينية التي تعيش بسلام جنبا الى جنب مع اسرائيل آمنة في المنطقة بأسرها».

كان الرئيس الأميركي عاقلا ومنطقيا في طرحه. رفض التزام الاجندة الاسرائيلية في ما يتعلّق بايران. لكنه اكّد في الوقت ذاته ان اميركا لن تسمح لايران بامتلاك السلاح النووي. هل يعني ذلك، انه ستكون هناك مقاربة اميركية شاملة لازمات الشرق الاوسط في حال عودة أوباما الى البيت الأبيض؟

في ضوء الهفوات التي ارتكبها اخيرا المرشح الجمهوري ميت رومني، تبدو فرص حصول أوباما على ولاية ثانية مرجحة. ما يعنيه ذلك، انه يجب استبعاد عمل عسكري اميركي او أطلسي في سورية. سيظل التركيز على دعم ثورة الشعب السوري من دون الغرق في لعبة تزويد المتطرفين بالسلاح والمال. واذا نظرنا الى تطورات الاسابيع القليلة الماضية، نكتشف ان الوقت يعمل لمصلحة مقاربة اكثر شمولية للوضع في الشرق الاوسط ككلّ. انها المقاربة الاردنية الى حدّ كبير. هذه مقاربة تقوم على ان الاستقرار كلّ لا يتجزّا وانه لا يمكن في اي حال الاستمرار في تجاهل قضية الشعب الفلسطيني في حال كان مطلوبا تكريس الاستقرار الاقليمي بدل خلق مزيد من الازمات.

هناك بكلّ تأكيد محاولات تبذلها جهات عربية وغير عربية وجهات اسرائيلية للتركيز على كلّ ما من شأنه ضرب الاستقرار في المنطقة. فحكومة اسرائيل تراهن على التطرف وتغذّيه من اجل التخلي عن التزاماتها تجاه السلام، وهي التزامات مرتبطة بانهاء الاحتلال والسماح لشعب موجود على الخريطة السياسية للشرق الاوسط بالحصول على الحد الادنى من حقوقه الوطنية المشروعة. اما الجهات العربية وغير العربية، على رأسها ايران، فهي تراهن بدورها على كلّ انواع التطرف، بما في ذلك الفيلم المسيء للاسلام والمسلمين، من اجل ابعاد الانظار عمّا يدور في سورية...

من الآن، بدأت تتحدد معالم الخطوط العريضة للسياسة الشرق اوسطية لباراك أوباما في ولايته الثانية. وبغض النظر عما اذا اذا كان سينجح في وقف بنيامين نتانياهو عند حده والتصدي لوقاحته المنطلقة من العنصرية اكثر من أيّ شيء آخر، فإنّ الشيء الاكيد هو انّه سيركّز على انتقال سلمي للسلطة في سورية. هل سينجح في ذلك ام لا؟ هل سينجح في المحافظة على وحدة الكيان السوري؟ انه السؤال الكبير الذي سيطرح نفسه عاجلا ام آجلا. مثل هذا السؤال يتطلب في طبيعة الحال مزيدا من المشاورات العربية- العربية تفاديا لكارثة جديدة تتسبب بها سورية. لا يمكن ان ننسى ان النظام البعثي فيها كان في أساس توريط جمال عبدالناصر، ذي الثقافة السياسية المتواضعة جدا، في حرب 1967.

ليس مطلوبا في اي شكل التخلي عن دعم الشعب السوري وثورته بمقدار ما ان المطلوب ضمان الانتقال السلمي للسلطة مع الاخذ في الاعتبار لواقع يتمثّل في ان التورط الايراني في سورية، الذي يستفيد من الموقف «المحيّر» لاسرائيل، يمكن ان يؤدي الى تفتيت البلد في غياب القدرة على التحكم به كلّه كما كانت عليه الحال في عهد بشّار الاسد، اي منذ السنة 2000.

=================

هل ستشن حرب عربية على النظام السوري؟

تبقى الدول المساندة بعد الله تعالى للشعب السوري بالأموال وأعمال الإغاثة هي المملكة العربية السعودية ودولة قطر، وتركيا

أ.د. سامي سعيد حبيب

السبت 29/09/2012

المدينة

المأساة السورية ليست مستمرة فحسب بل متفاقمة، والعجز العربي إزائها لا سيما للجامعة العربية لا يزال مستمرًا هو الآخر، وكذلك موقف ما يُسمَّى بالمجتمع الدولي والأمم المتحدة ومجلس الأمن يظهرون جميعًا بمظهر العاجز المصاب بذريعة الفيتو الروسي الصيني، ولا يكاد يمر يومٌ على المقاومة السورية دون أن يقتل من السوريين في أعمال الإبادة وجرائم الحرب التي يمارسها النظام العلوي وجيشه المجرم المئات من الناس جلهم من الأطفال والنساء والمدنيين العُزَّل من الرجال، ويصبح الشعب السوري ويمسي على القصف المدفعي الثقيل والصواريخ وعلى مطر من القنابل وبراميل المتفجرات وغيرها من المهلكات من الأسلحة الفتاكة، وإرادة المقاومة لدى الشعبب الثائر لا تستطيع أن تتراجع بعد أن مات ما يزيد على 35,000 شهيد وأضعاف أضعافهم من الجرحى والمعاقين الذين فقدوا بعضًا من أطرافهم أو كلها وبعد أن طمست الشظايا وغيرها من الأسلحة أعينهم وطفت نورها التي أودعها الله، هذا غير النصف مليون من المشردين من ديارهم التي أصبحت كثير من معالمها خبرًا بعد عين. مشهد مرعب قد تنزل بسببه نقمة رب العالمين وانتقامه الشديد من كل المتخاذلين عن واجب نصرة إخوانهم في الدين والعقيدة في سوريا.

الخيارات إزاء هذا المشهد الأسود محدودة جدًا، منها أن تستسلم الثورة السورية ويستمر النظام الدموي في الحكم وهو ما يرفضه الشعب السوري الأبي، ومنها أن تدخل سوريا في حرب أهلية تمزق البلاد إلى دويلات طائفية، فالتقارير عن نية نظام الأسد إقامة دويلة علوية على امتداد الساحل السوري، والمناطق التي يوجد بها كثافة سكانية كبيرة من الطائفة العلوية، وتذكر تلك التقارير أن نظام الأسد بدأ في تجميع الأسلحة في تلك المناطق، ومحاولات تفريغ المنطقة من سكانها من السنة. ومنها الاقتراح الذي تقدم به الرئيس التونسي بالأمم المتحدة بإرسال قوة حفظ سلام عربية إلى سوريا تحت مظلة الأمم المتحدة. وأقوى منه طرحًا كانت دعوة أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، الأربعاء الماضي إلى تدخل عسكري عربي في سوريا، وقال الشيخ حمد، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة: (من الأفضل للدول العربية نفسها أن تتدخل انطلاقًا من واجباتها الإنسانية والسياسية والعسكرية، وأن تفعل ما هو ضروري لوقف سفك الدماء). واستشهد أمير قطر بإرسال قوة الردع العربية إلى لبنان في العام 1976 لمحاولة إنهاء الحرب الأهلية في ذلك البلد. وقال إن تلك الخطوة أثبتت فعاليتها وفائدتها.

التنفيذ العملي للحل الذي طرحه أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة لا بد وأن يمر بموقف الأردن كطرف مشارك رئيس في هذه الحرب بل ستكون الأردن منصة الانطلاق للقوات العربية إن كتب لهذه الحرب أن تكون، غير أن لملك الأردن الملك عبدالله الثاني بن الحسين توجُّها آخر في عكس الاتجاه تمامًا من المقترح القطري. فمن على نفس المنصة الدولية وفي نفس اليوم أكد ملك الأردن الملك عبدالله الثاني بن الحسين على التالي: (ليس هناك بديل عن الحل السياسي في سوريا)، وأضاف: (لا بد من الوقف الفوري للعنف هناك والبدء في عملية انتقال السلطة هناك)، وأن (الحل السياسي سيعيد الأمن والاستقرار ويحفظ وحدة أراضي سوريا وكرامة شعبها). إلا أن ملك الأردن عبدالله الثاني لم يُوضِّح كيف سيكون ذلك الحل السياسي والانتقال السلمي للسلطة في سوريا خصوصًا في ضوء فشل مساعي المبعوث العربي والأممي الأول كوفي عنان والثاني الأخضر الإبراهيمي. وعلى افتراض توافق الموقف الأردني مع الطرح القطري، فكم من الدول العربية ستُشارك بشكل فعلي في الحرب المفترضة. يحتاج الشعب السوري إلى وقفة تاريخية تسجل بمداد من فخار تعيد الحق إلى أهله «الشعب السوري المسلم العربي الأبي»، تبقى الدول المساندة بعد الله تعالى للشعب السوري بالأموال وأعمال الإغاثة هي المملكة العربية السعودية ودولة قطر، وتركيا.

=================

مؤتمر إنقاذ سوريا أم إنقاذ النظام

حسين العودات

التاريخ: 29 سبتمبر 2012

البيان

تداعت معظم أحزاب وتيارات المعارضة السياسية السورية الداخلية لعقد مؤتمر يوم الأحد الماضي تحت شعار (المؤتمر الوطني لإنقاذ سوريا)، شارك فيه ستة عشر حزباً سياسياً وفصيلاً معارضاً، كان أهمها أحزاب هيئة التنسيق الوطني للقوى الوطنية والديمقراطية، إضافة إلى أحزاب أخرى صغيرة رُخصت حديثاً.

دارت الشكوك الشعبية منذ اللحظة الأولى حول جدوى المؤتمر وإمكانياته التأثير في مسار الأزمة السورية، أو تخفيف العنف، أو وضع هذه الأزمة على طريق الحل، وما لبثت هذه الشكوك بل والاتهامات أن تزايدت من قبل الرأي العام والشعب السوري، الذي اعتبر قسم كبير منه أن هذا المؤتمر موحى به من قبل السلطة، وأنه وسيلة لإعطاء مبررات للنظام لتأكيد مزاعمه أنه يريد حواراً مع المعارضة، ويريد حلاً سياسياً، ورداً على هذه الشكوك رفعت اللجنة التحضيرية للمؤتمر سقف مطالبها التي تضمنتها أوراقها المقدمة للمؤتمر قبل انعقاده، وخاصة في وثيقة المبادئ الأساسية.

ومن هذه المطالب (إسقاط النظام بكافة رموزه ومرتكزاته، وضرورة استعادة الجيش دوره الوطني الحقيقي الذي أنشئ من أجله، وانتزاعه من يد السلطة التي أرغمته على لعب دور مناقض، وتحميل النظام مسؤولية أساسية في خلق المناخات الملائمة للتدخلات الأجنبية.

والإصرار على الحل الأمني الذي اضطر الشعب لحمل السلاح)، في الوقت الذي أكدت فيه وثيقة المبادئ الأساسية على نبذ الطائفية والمذهبية وعلى تبني النضال السلمي كاستراتيجية ناجعة لتحقيق أهداف الثورة، ورأت الوثيقة أن عسكرة الثورة تشكل خطراً على المجتمع وعلى الثورة أيضاً.

وقالت إن الجيش الحر هو ظاهرة موضوعية ونتيجة لتصرفات السلطة، وعلى محاولة إرغام الجيش النظامي على القيام بمهمات غير مهامه الأساسية.

كما رأت وثيقة المبادئ أن الحل السياسي الذي يحقق آمال وتطلعات الشعب السوري يجب أن يمر بمرحلتين: الأولى تتمثل بوقف فوري لإطلاق النار، وسحب الجيش بشكل كامل إلى ثكناته، والإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين والمخطوفين، والسماح بالتظاهر السلمي، وفتح الباب للوسائل الإعلامية المحلية والعربية والدولية لممارسة مهماتها، وتقديم الإعانة الإنسانية الفورية للمهجرين والمنكوبين والمحتاجين.

أما المرحلة الثانية التي اقترحتها الوثيقة فتشمل تفاوضاً بين المعارضة وممثلين عن النظام السياسي ممن لم تتلوث أيديهم بالدماء أو الفساد، وتكليف شخصية معارضة تشكيل حكومة وطنية مؤقتة تتولى كافة الصلاحيات التشريعية والتنفيذية وإعادة هيكلة الجيش وقوات الأمن، وإعادة المهجرين.

ومن الملاحظ أن سقف هذه المطالب هو سقف مرتفع تجمع عليه كافة فصائل المعارضة السورية السياسية والمسلحة، باستثناء أن بعض المعارضة الخارجية والمعارضة المسلحة تضيفان إلى هذه المطالب مطلب تنحية الرئيس بشار الأسد المسبقة.

والملاحظ أيضا أن البيان الختامي الذي صدر عن المؤتمر يختلف كلياً عن هذه المبادئ ويشكل تراجعاً واضحاً عنها، فقد التف البيان الختامي على مطلب إسقاط النظام الذي ورد في المبادئ الأساسية، فأشار إلى أن المؤتمر يقر تطبيق كافة وثائق المعارضة السابقة، وهذا قرار عام غير محدد. كما لم يتعرض البيان الختامي للمعارضة المسلحة (الجيش الحر) وتجاهل هذه المعارضة، التي أصبحت الآن القوة الرئيسية التي تواجه النظام، والتي يعول عليها الشعب السوري في إسقاطه.

خاصة وأنه بات يعتقد أن الحسم هو حسم عسكري وليس سياسياً. ويلاحظ في البيان الختامي كذلك أنه اتخذ موقفاً ملتبساً تجاه أمرين: الأول أنه تجاهل الهيكلية والبنية السياسية للنظام المقبل، ولم يتعرض للمرحلة الانتقالية، كما لم يوصفها أو يحددها، فكأنها بالتالي لم تكن موجودة في المبادئ الأساسية، وهذا يعني أن المؤتمر تراجع كلياً عن مواجهة النظام أو المطالبة بتغييره أو حتى بتطويره.

والأمر الثاني أن المؤتمر أقر المطالبة بمؤتمر دولي يبحث الأزمة السورية، وهذا يعني أنه سيعطي فرصة للنظام لعدة أشهر ريثما ينهي المؤتمر الدولي مناقشاته، التي من غير المتوقع أن تكون حاسمة على أية حال.

يشير عدد كبير من المراقبين أن عقد المؤتمر كان بجزء كبير منه نتيجة ضغط السياسة الروسية التي كانت سعيدة بنتائجه، وكذلك عبرت إيران والصين عن سعادتهما بأن المؤتمر لم يطالب بتنحية الرئيس، ويقول هؤلاء المراقبون إن الدبلوماسية الروسية ستأخذ نتائج المؤتمر وتواجه بها الجمعية العامة للأمم المتحدة التي بدأت أعمالها قبل يومين، كما أنها ستعرض هذه النتائج كذريعة لمنع صدور أي قرار في مجلس الأمن يتعلق بالأزمة السورية. وفي الخلاصة يرى هؤلاء المراقبون أن النظام السوري والسياسة الروسية هما الرابحان الرئيسيان من نتائج هذا المؤتمر.

كان الرأي العام السوري غير مرتاح لعقد المؤتمر قبل انعقاده، وتأكدت شكوكه في جدواه بعد صدور بيانه الختامي، ويبدو أن هيئة التنسيق الوطنية والأحزاب والفصائل المعارضة الداخلية المشاركة كانت أكبر الخاسرين، إذ فقدت ثقة شرائح عديدة من الرأي العام السوري ومن المجتمع السوري.

وقد استغلت المعارضة الخارجية والمعارضة المسلحة تراجع البيان الختامي عن المطالب الكبرى للشعب السوري، لتنتقد هيئة التنسيق، وتؤكد من جديد أن المؤتمر جاء لخدمة السلطة فقط، وأنه مؤتمر لإنقاذ السلطة وليس لإنقاذ سوريا.

هناك بالمقابل مجموعة من المراقبين تعترف بقصور البيان الختامي عن الإشارة إلى المطالب المشروعة للشعب السوري، وتراخيه تجاه السلطة بعد عام ونصف من القتل والدمار والاعتقال والتعذيب، إلا أنها لا تشكك بجدية القائمين على المؤتمر، ولا ترى أنهم تواطأوا مع السلطة على عقده، وإنما تعتقد أن تصرفاتهم هي مجرد حسابات سياسية خاطئة، وقصر نظر سياسي ليس إلا.

=================

حماية أطفال سوريا مسؤولية عالمية

المصدر: صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» الأميركية

التاريخ: 29 سبتمبر 2012

البيان

يمكن للأرقام وحدها أن تسبب الذهول. فعلى مدى الشهور الـ18 الماضية، قتل ما يزيد على 26 ألف شخص في حملة قمع النظام السوري للناشطين المؤيدين للديمقراطية. ولكن العالم ركز انتباهه، أخيرا، على مجموعة خاصة من السوريين، لا يعد أفرادها ضحايا أبرياء لهذه الحرب الأهلية الوحشية فحسب، وإنما هم مستهدفون عمدا كذلك: الأطفال.

وفي اجتماع لمجلس الأمن، قالت ليلى زروقي، الممثلة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالأطفال في النزاعات المسلحة، إن الأطفال في سوريا يواجهون وضعا "أليما". فهم غالبا ما يتعرضون للتعذيب أو الاعتداء الجنسي. ومدارسهم إما تهاجَم أو تستخدم لأغراض القتال. وأوردت أيضا تقارير تفيد استخدام الجيش السوري الحر المعارض للأطفال في قواته. وأتت تصريحاتها بعد تقرير رسمي أصدره مجلس حقوق الإنسان التابع لهيئة الأمم المتحدة، في أغسطس الماضي، وخلص إلى مسؤولية حكومة الرئيس السوري بشار الأسد عن مقتل 49 طفلا في مايو الماضي في مجزرة الحولة. ويضع التقرير الأساس لاحتمال محاكمة القادة السوريين في المحكمة الجنائية الدولية.

والجماعات الخاصة، هي الأخرى، تحصي عدد القتلى. إذ تشير الجماعات السورية المعارضة للأسد إلى أن ما يقرب من 2000 طفل لقوا حتفهم في الصراع حتى الآن. وفي يوليو الماضي، قالت مجموعة "طفل الحرب"، التي تتخذ من بريطانيا مقرا لها، إن الصراع السوري "فريد على نحو مقلق"، من حيث استهدافه المتعمد للأطفال، مستشهدة بتقارير تفيد باحتجاز النظام السوري لمئات الأطفال. وأضافت المجموعة: "لا يمكن اعتبار أي من أطفال (سوريا) ويافعيها، البالغ تعدادهم مليوني نسمة، في مأمن الآن".

وجاءت تعليقات زروقي على سوريا في إطار جلسة خاصة كرسها مجلس الأمن الدولي لتسمية وفضح الحكومات والجماعات المسلحة التي تقوم بتجنيد الأطفال أو مهاجمتهم أو قتلهم. وقد صوت المجلس بواقع 11 صوتا دون معارضة لتسمية 52 حكومة وجماعة من ذلك النوع، بما في ذلك سوريا. وليس من المستغرب أن روسيا والصين كانتا من بين الدول التي امتنعت عن التصويت، وذلك تماشيا مع النمط الذي تبنته الدولتان ذاتا العضوية الدائمة لحماية نظام الأسد.

ويتمثل أحد الأسباب القوية التي تدعو إلى تسليط الضوء على محنة الأطفال السوريين في تعزيز تقدم الأمم المتحدة فيما يتعلق بالجهود التي بذلتها على مدى العقد الماضي لحماية الأطفال في مناطق الصراع. فمنذ عام 1999، مررت الهيئة ثمانية قرارات بهذا الشأن، أحدثت تأثيرات إيجابية في بعض البلدان، مثل نيبال وأفغانستان. وعلاوة على ذلك، فقد أدين، أخيرا، زعيما الحرب الإفريقيان السابقان توماس لوبانغا وتشارلز تايلور من قبل المحكمة الجنائية الدولية لتجنيدهما الأطفال.

وفي حين أن تجنيب الأطفال السوريين التعرض لمزيد من الأذى وحده يستحق تركيزا دوليا أقوى، فإن جهودا من هذا النوع ستحفظ أيضا الزخم العالمي تجاه وضع حد لإساءة معاملة الأطفال في الحرب.

ويمكن للقادة الغربيين أن يبذلوا جهودا أكبر لإقناع روسيا والصين بعدم الوقوف في طريق رد أكثر صرامة من جانب الأمم المتحدة حيال سوريا. فالعالم يتحمل مسؤولية خاصة لحماية الأبرياء، لا سيما الأطفال منهم.

=================

سوريا..."الواقعية" و"الوطنية"!

تاريخ النشر: السبت 29 سبتمبر 2012

غازي العريضي

الاتحاد

حتى نهاية الأسبوع الماضي كان المسؤولون السوريون يكرّرون - ولو بعد فوات الأوان- الحرص على الحوار والحل السياسي على قاعدة رفض التدخل الخارجي والحصول على تعهدات بعدم تسليح المعارضة وتحويلها وإرسال المقاتلين إلى الداخل، ويؤكدون أن الحوار لن يكون إلا مع الذين لم يحملوا السلاح، هؤلاء هم المعارضة الوطنية.

 في نهاية الأسبوع انعقد مؤتمر "هذه المعارضة" المنضوية في إطار هيئة التنسيق الوطني للتغيير الديموقراطي. الهيئة التي ترفع العناوين ذاتها التي كررها وأكدها المسؤولون السوريون مع فارق جوهري أنها تريد التغيير، وهنا بيت القصيد والموضوع الأساس المرفوض من النظام. كلمة التغيير غير مقبولة فكيف التغيير الذي أعلن عنه في المؤتمر بحضور ممثلين عن إيران وروسيا والصين الدول الداعمة للنظام، والتي تطرح في كل المنتديات العناوين التي أشرنا إليها؟ المؤتمر كان غاية في الأهمية بغض النظر عن الخلافات داخل صفوف المعارضة. وبين معارضة الداخل ومعارضة الخارج، أو بين مؤيد للحل العسكري ورافض له، ومؤيد للتدخل الخارجي ورافض له وهيئة التنسيق موجودة في الداخل. تضم عناصر مختلفة في صفوفها. استقوى النظام بها لناحية القول إن المعارضة موجودة، وهي تعمل بحرية تامة. ولها دورها وموقفها وحقها في المطالبة بالتغيير وتحميها بذلك الإصلاحات التي أقرّت حتى الآن. كذلك فإن قنوات اتصال قادة الهيئة مع كل من روسيا والصين وإيران وعدد آخر من الدول مفتوحة، وما صدر عن مؤتمرها ومن الداخل شكّل نكسّة وصدمة للنظام، أدّت إلى ردّ فعل أسقط كل المواقف السابقة.

أولاً عشية انعقاد المؤتمر، وإثر عودة وفد من الهيئة من الصين يضم رموزاً مثل عبد العزيز الخير،(شخصية علوية محترمة)، والمهندس إياد عيّاش والسيد ماهر طحاّن، تم اعتقالهم.

وهذا العمل أدى بالسيد هيثم مناع الموجود في الخارج والمعروف بقنوات اتصاله مع بعض الداخل في النظام والمعارضة، والممّيز بمواقفه عن كل المعارضين في الخارج لناحية إصراره على الحوار وعدم التدخل الخارجي والعسكرة، أدى هذا العمل إلى عدم مشاركته التي كانت مقررة في مؤتمر الحوار "رغم الضمانات الكثيرة التي قدمت إليّ" كما قال!

هذا التصرف شكّل صفعة للصين وروسيا وإيران. إذا كانت المعارضة المقبولة من قبلهم، والتي تعلق عليها الآمال ستكون معتقلة إثر عودة وفد من الصين، فأي حوار سيعقد وأي حل سينتج؟ وكيف الوصول إلى الحل السياسي؟

ثانياً: بحضور سفراء إيران وروسيا والصين، ومن قلب دمشق صدر البيان الختامي للمؤتمر محمّلاً السلطة مسؤولية اندلاع العنف واستمراره والاستناد الدائم إلى الحل العسكري، داعياً إلى تغيير النظام بكل رموزه! لغة جديدة واضحة من قلب العاصمة السورية. المطلوب تغيير حقيقي. تغيير كل الرموز... يعني هذا هو الحل السياسي، الذي يجب أن يبدأ بمرحلة انتقالية.

في التصريحات التي أدلى بها ممثلو إيران وروسيا والصين أبدوا ارتياحاً للخطوة، لكن سرعان ما ظهر غضب السلطة من خلال موقف للقيادة القطرية للبعث: عنوانه "الواقعية والوطنية"! نعم الواقعية الداعية إلى التمسك بالأمر الواقع عملياً من خلال التأكيد "إن الحد الأدنى من الواقعية الوطنية يتطلب من أي تيار وطني التمسك بالحل السياسي الوطني الصرف في إطار الحوار الداخلي بين السوريين مع الإصرار على مواصلة مكافحة الإرهاب وتقديم الدعم بكل أنواعه للجيش والقوى الأمنية في أداء واجبها لحماية السوريين كلهم بغض النظر عن مواقفهم وآرائهم واتجاهاتهم السياسية. وإن إصرار بعض قوى المعارضة على تأويل برنامج النقاط الست الذي أيّدته سوريا وورقة جنيف يلقي اللوم على عاتق الدولة السورية هو نهج تجاوزته الأحداث، وحديث هذه القوى عن وقف العنف دون التركيز على أسبابه من تدفق السلاح والمال والتحريض الإعلامي والسياسي، يأتي في سياق ترجمة قوى العدوان الخارجي"!

هيئة التنسيق ردت بالقول: "إن الذي يستدعي التدخل العسكري الخارجي في سوريا والذي جعل سوريا مشرّعة الأبواب لكل متدخل في شؤونها هو الذي يصّر على نهجه الأمني والعسكري في التعامل مع مطالب الشعب السوري المحقة"! ورفضت الهيئة: "التهديدات المبطنة لكن الواضحة"، التي انطوى عليها بيان البعث ودعت إلى اطلاق سراح الخير وعياش وطحان، وجميع المعتقلين السوريين!

هذه المواقف صادرة من معارضة الداخل، الرافضة للعسكرة والتدخل الخارجي والمعترف بها. ومع ذلك فهي أصبحت قيد الاعتقال والتهديد. من هو المقبول إذاً في سوريا؟ ومع مَن سيكون الحوار؟ أمع القيادة القطرية لــ"البعث"، التي ظهرت اليوم وبعد طول غياب منذ إندلاع الأزمة، لتتولى هي الرد على مطالب "داخلية"؟

على كل حال، هذا التطور ترافق مع كلام للموفد العربي الدولي الأخضر الإبراهيمي قاله أمام أعضاء مجلس الأمن، وفي أكثر من لقاء دعا إلى الخروج من الماضي، وترك لغة وعقلية الماضي فالمطلوب هو "التغيير" وليس الإصلاح اليوم!

وأعطى إشارات واضحة عن عدم تفاؤله بعد لقائه بالرئيس الأسد. وكل التحركات التي حصلت خلال الأيام الماضية والمواقف التي صدرت من تركيا وروسيا وإيران وعدد من الدول الغربية والعربية بعد اجتماعات لجان الاتصال في القاهرة، واجتماعات نيويورك، تشير إلى أن سوريا غارقة ولفترة طويلة في حروب تذكّر بما جرى في لبنان لسنوات طويلة وعلى مدى أوسع وأكبر وأخطر نظراً لحجم ودور وموقع وأهمية سوريا. حرب الحروب هي حرب كل شيء. الدول والمخابرات والمصالح الكبرى كما المصالح الصغيرة في الزواريب والمناطق والشوارع هنا وهناك. وأخطر ما فيها الفوضى. الفوضى الشاملة في كل مكان والدمار الذي يعّم سوريا التي ستحتاج إلى سنوات طويلة لتقوم منه في ظل ما ينتظرها من جهة والواقع الاقتصادي المالي العالمي من جهة أخرى.

وفي هذا السياق يستمر القتل ويدخل على الخط ومن كل خطوط التماس الحدودية إنْ صح التعبير كل أشكال المقاتلين ويزداد تدفق "المتطرفين" كما يسمونهم أو "الجهاديين"... أو غيرهم. والذي حاول النظام الاستفادة منهم للتأكيد أن العملية ليست إصلاحاً وتغييراً إنما هي محاولة لتسليم السلطة إلى هذا النمط من القوى والتفكير. ونجح إلى حد ما في ذلك، وساعدته دول في النجاح عن قصد وغير قصد. لكن ما جرى مع هيئة التنسيق في الأيام الأخيرة ومع الإصرار في الاستمرار بالذهنية ذاتها المبنية على الحسم العسكري وضرورة استئصال كل هذه المعارضات مع إقرار كل الدول، وعلى رأسها حلفاء سوريا بأن ليس هذا هو الحل، إن كل ذلك أدّى إلى سقوط جديد لهذا المنطق وكأن ثمة من نظم إنقلاباً على نفسه من خلال التناقض في المواقف والمفاهيم والمعايير وعدم الإصغاء حتى إلى الحلفاء!

سوريا وللأسف تدمّر، والملايين فيها تهجّر في الداخل وإلى الخارج. طابع مدنها التاريخية والأثرية والغنية يتغيّر بعد مقتل أركانها العسكريين استهدف مبنى هيئة الأركان أكثر من مرة حتى هوجم في الأيام الأخيرة مباشرة، وكانت حرب حقيقية في داخله وخارجه. هذا مبنى أركان الجيش العربي السوري! ورغم كل ما نراه فإن النتائج الكارثية لم تظهر بعد سياسياً واجتماعياً واقتصادياً ووطنياً. وستكون مفاجئة لكثيرين عندما تتوقف تلك الحروب. هذا ما علمتنا إياه الحروب المماثلة وآخرها الحرب اللبنانية التي خبرها السوريون جيداً، وكانوا الأساس فيها إدارة وتأثيراً وشراكة مباشرة في بعض الأحيان، والتي لم نخرج من نتائجها بعد. الوطنية والواقعية تقضي بالاستفادة من هذه الدروس!

غازي العريضي

وزير الأشغال العامة والنقل اللبناني

=================

الأخضر الإبراهيمي

أمام الامتحان الأصعب

د. عبد الإله تركماني()

المستقبل - السبت 29 أيلول 2012 - العدد 4474 - رأي و فكر - صفحة 19

لا شك أنّ الممثل الخاص المشترك الأخضر الإبراهيمي صاحب تجربة طويلة في الملفات الشائكة، وقد عُرف بالصبر والمثابرة في تحركاته بين الأطراف المتصارعة، لكنه سيجد في الحالة السورية امتحاناً أصعب مما وجده في الأزمات السابقة. أما السبب في ذلك ليس في ما يمكنه فعله بشكل مختلف، بل كيف ستتصرف الأطراف المؤثرة بشكل مختلف. إذ إنّ الحالة السورية لم تتشابك مع الحسابات الدولية المتضاربة فحسب، بل تداخلت مع الصراعات الإقليمية، والتعقيدات الداخلية، خاصة أنّ سلطة آل الأسد أبدت استعدادها لاستخدام أقصى درجات العنف للتشبث بالسلطة.

وفي الواقع لا يكفي أن يبدّل السيد الإبراهيمي في التسمية من مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية إلى ممثل لهما، كما لا يكفيه أن يطرق باب الحل السياسي، في بلد غابت عنه السياسة لأكثر من أربعة عقود، بمعزل عن الحل الأمني، بعد أن اكتوى الشعب السوري من الخيار الأمني للسلطة طوال تسعة عشر شهراً.

ثم إنّ السيد الإبراهيمي يحاول إيجاد حل بعد أن فشلت جميع المبادرات العربية والدولية السابقة، وآخرها مهمة المبعوث كوفي عنان، وبعد أن بات الحل العسكري هو الأكثر رجحاناً بين السلطة ومعظم أطياف الثورة السورية، بما فيها الجيش الوطني السوري.

وعليه يحق لنا أن نتساءل: هل سينغمس السيد الإبراهيمي في جعل مصائب الشعب السوري حقل تجارب للألاعيب السياسية الدولية والإقليمية؟ وهل سينتظر استنفاد سلطة آل الأسد والشعب السوري كل عناصر القوة لديهما؟ أم أنّ بلوغ همجية السلطة حدها الأقصى، باستخدامها الطائرات الحربية والمروحيات وبراميل المتفجرات ضد سكان المدن والبلدات السورية، بات يسمح بطرح سياسي يوقف عجلة الموت اليومي؟ وهل بات اللاعبون الإقليميون والدوليون مقتنعين بأنّ ما جرى ويجري على الأرض السورية بدّل الكثير من قواعد اللعبة؟ وهل باتت الصفقات الإقليمية والدولية، بما فيها الملف النووي الإيراني، لا تنضج إلا على صفيح ساخن يرقص فوقه الشعب السوري؟

وهكذا يبدو أنه ليس من شيء يبرر للديبلوماسي الأخضر الإبراهيمي، الواسع التجارب والخبرة، بقبول مهمة الممثل الخاص للأمينين العامين للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية للتوصل إلى حل يرضي الشعب السوري، سوى أنه تلقى تطمينات ما بأنّ الحالة السورية على طريق الإنضاج. أو يعلم تماماً مدى هشاشة الأمل في خلق تحقيق نتيجة إيجابية قريبة، وأنه داخل إلى الحلبة لملئ الفراغ الدبلوماسي الدولي لفترة ما، لريثما تكتمل الخطط التي ترسم لمرحلة ما بعد الانتخابات الأميركية.

وعلى الرغم من كل التحفظات، التي يمكن أن نبديها على مهمة السيد الإبراهيمي وبخاصة ما يتعلق بإعطاء سلطة آل الأسد فسحة إضافية من الوقت لمزيد من قتل السوريين، فإنّ انسحابه سيعني ترك سورية خالية من أي صوت إلا من صوت المدافع وأنين الضحايا، مما يعني المزيد من المعاناة والمزيد من المشاكل في المستقبل. لهذا يجب عدم إغلاق نافذة الحل السلمي، الذي ينطوي على الانتقال من الاستبداد إلى الديمقراطية، مهما بدت صعبة، ولو لإعطاء فرصة أخيرة لتجنب المزيد من دماء السوريين.

ولكن تبدو عناصر الخبرة في التعامل مع النزاعات المعقدة، ذات الأوجه الداخلية والخارجية المتشابكة، وكذلك المعرفة الواسعة والدقيقة بمجريات السياسات الشرق أوسطية وشبكة العلاقات الواسعة التي يملكها الإبراهيمي، عناصر أساسية وضرورية بلا شك، ولكن غير كافية لإنجاح مهمته. إذ يدرك بالتأكيد صعوبة إيجاد حل، يرضي الشعب السوري ويتناسب مع حجم التضحيات التي قدمها منذ انطلاق ثورته في آذار 2011، لذلك كان حذراً في تصريحاته حول احتمالات النجاح، وتحدث عن نجاح مرتبط بتحقيق بعض الشروط، التي أهمها توافق دولي فاعل، يسمح له ببلورة خطة عمل للوصول إلى الحل السياسي.

() كاتب وباحث سوري مقيم في تونس

=================

لماذا لا للتدخل العسكري؟!

صالح القلاب

الرأي الاردنية

29-9-2012

يسود اعتقاد ،يلامس حدود القناعة، ليس فقط على مستوى الإنسان العادي بل وأيضاً على مستوى مواقع المسؤولية بأن المماطلة المستمرة منذ نحو عام ونصف في حسم الوضع السوري مقصودة ومخطط لها وأن الهدف هو ترك سوريا لتأكل نفسها ولتتمزق شرَّ ممزق ولتتحول الى أفغانستان ثانية والى عراق أخرى حيث التذابح الطائفي بقي مستمراً بوجود الأميركيين وبعد رحيلهم والى الآن.

كان المفترض ،بعدما بدأ النظام يُحَوِّلُ مواجهته لشعبه الى سياسة الأرض المحروقة والمذابح الجماعية والى كل هذا التهجيـر الداخلي والخارجـي ،الذي من المتوقع إذا استمرت الأمور على هذا النحـو أن يتحول الى أرقام فلكيـة، أنْ يكـون هناك تدخلاً دولياً عاجلاً لمنع الأمور من الوصول الى ما وصلت اليه وحيث إن لم تتم إزاحة بشار الاسد بالقوة العسكرية فإن مصير سوريا سيكون التشظي والانقسام وإن مصير الجيش السوري سيكون التحول الى مليشيات طائفية متناحرة.

ليس سهلاً أن يقبل أيُّ عربي بتدخلٍ عسكري وغير عسكري في شؤون دولة عربية لكن ما هو العمل يا ترى عندما تكون الجامعة العربية عاجزة عن فعل أيِّ شيء وعندما يصل التدخل الإيراني في هذا البلد ذروته وكذلك التدخل الروسي وعندما يلوذ العرب بكل هذا الإستنكاف المزري والمخجل وعندما يستغل نظام بشار الأسد كل هذا ويحول مواجهته لشعبه الى هذه الحرب المدمرة التي لم يبقَ أي سلاح لم يستخدمه فيها من الطائرات الحربية الى قاذفات «السوخوي» والى الصواريخ بكل أنواعها بالإضافة الى كل صنوف المدافع الثقيلة..؟!

إنه من غير الممكن تبرير هذا الموقف الدولي المخزي وهذا الموقف العربي المعيب إلاّ بأن وراء ترك الأمور في سوريا لتصل الى الحرب الطائفية ولتصل الى الإنقسام والتشظي مؤامرة.. نعم مؤامرة إسرائيلية متورطة فيها بعض الدول الغربية وبعض دول هذه المنطقة فالإسرائيليون كما هو واضح وبحجة أنهم لا يعرفون من سيكون بديل بشار الأسد هم أصحاب أهزوجة :»لا للتدخل العسكري الخارجي في الشؤون السورية وحتى وإن هو جاء تحت رايات الأمم المتحدة» وكل هذا بينما الهدف الحقيقي هو ترك هذا البلد ليأكل بعضه البعض الآخر وليستنزف نفسه بنفسه وليتشظى وينقسم ويتحول الى كيانات مذهبية وفقاً لنظرية «الكومونولث» الطائفي التي كان طرحها موشية شاريت حتى قبل قيام الدولة الإسرائيلية في عام 1948.

كيف لا للتدخل العسكري الخارجي والمفترض أن إحدى مهام الأمم المتحدة هي هذه المهمة عندما تدخل إحدى دول العالم في دائرة العنف والإقتتال الداخلي والحرب الأهلية المدمرة.. وكيف لا للتدخل العسكري الخارجي تحت بيارق المجتمع الدولي في حين لو أن العالم لم يتدخل وبالقوة العسكرية في مشكلة البلقان لاستمرت المآسي والمذابح الجماعية وعمليات التطهير العرقي والديني ربما حتى الآن..؟!

ثم وكيف لا للتدخل العسكري الخارجي ولو أن حلف الأطلسي ،بمشاركة بعض الدول العربية التي لا علاقة لها به، لم يتدخل في ليبيا بالصورة المعروفة لكان معمر القذافي لا يزال يتربع على كرسيِّ أسوأ حكم عرفه التاريخ في محمية «العزيزية» في طرابلس ولكانت بنغازي الآن إثراً بعد عين ولأصبح ثلث الشعب الليبي تحت الأرض ومن سكان المقابر.. ثم وكيف لا للتدخل العسكري بينما يتعرض الشعب السوري لحرب إبادة جماعية تستخدم فيها كل أنواع الأسلحة وقد تستخدم فيها حتى الأسلحة الكيماوية المحرمة دولياً..؟!

والمؤسف حقاً أن العرب عندما يواصلون ترديد هذه المعزوفة :»لا للتدخل العسكري» فإنهم يساهمون في إطالة مأساة الشعب السوري وأنهم ،يدرون أو لا يدرون، يشاركون في تدمير هذا البلد وتمزيقه وتقسيمه.. ثم وما هو البديل لمثل هذا التدخل العسكري تحت رايات الأمم المتحدة وعلى طريقة ما جرى في «كوسوفو» ما دام أنْ لا أمل في التخلص من «الفيتو» الروسي والصيني..؟ إن البديل ترك هذه الدولة العربية فريسة للتمزق والتشرذم وهذا يعني أنه إذا وصلت الأمور الى هذه النهاية المرعبة فإنه على كل أهل هذه المنطقة أن يتلمسوا أعناقهم ورؤوسهم منذ الآن!!.

=================

معركة الحسم في حلب

رأي القدس

2012-09-28

القدس العربي 

بات الكثيرون يلجأون الى الصحف وبعض محطات التلفزة الغربية للحصول على صورة شبه محايدة عن تطورات الاوضاع في سورية في ظل غرق معظم محطات التلفزة العربية في تقديم تغطيات احادية الجانب، تتضمن تقارير مبالغا فيها لصالح هذا الطرف او ذاك.

لا شك ان الموضوع السوري، وبعد 19 شهرا من الانتفاضة الشعبية السلمية التي تحولت الى ثورة مسلحة، ما زال الاكثر اهمية على لائحة الاولويات الاعلامية، واذا كان الاهتمام قد تراجع قليلا، ولايام معدودة، بسبب ظهور افلام ورسوم مسيئة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، الا انه عاد ليحتل المرتبة الاولى بعد تصاعد وتيرة اعمال القتل والتدمير التي تستهدف مناطق مدنية يتمترس فيها مقاتلو الجيش السوري الحر ويلجأ النظام الى قصفها بالطائرات، او حدوث تفجيرات ناجمة عن عمليات للجهاديين الاسلاميين المتشددين في قلب العاصمة دمشق، وتستهدف مقر قيادة الجيش مثلما حدث يوم امس الاول.

مراسل صحيفة 'التايمز' البريطانية في حلب تحدث عن تدمير اكثر من ستين في المئة من المدينة، وازدحام المستشفيات بجثث القتلى، وينقل عن اطباء قولهم انهم كانوا يسيرون فوق اجساد الجرحى في الممرات وهم يتوجهون الى غرف العمليات.

الاخطر من ذلك نقله صورة قاتمة عن حالة الخذلان التي يشعر بها المدنيون المشردون المدمرة بيوتهم من ناحية، وعناصر الجيش السوري الحر. الخذلان من الغرب الذي وعدهم بالدعم والمساندة والتدخل عسكريا لحمايتهم ثم تخلى عنهم كليا ليواجهوا مصيرهم بانفسهم.

حتى ان بعض الاهالي في المدينة المعادين للنظام، وحسب قول المراسل، باتوا يؤمنون بالنظرية التي تقول ان الهدف من هذه الحرب هو تدمير سورية وتمزيق جيشها واضعافه حتى تظل اسرائيل قوية.

ليون بانيتا وزير الدفاع الامريكي اكد هذا الانطباع يوم امس عندما قال في مؤتمر صحافي ان التدخل العسكري الامريكي الاحادي في سورية سيكون 'خطأ فادحا'، وان الضغط الدبلوماسي والاقتصادي الدولي على الرئيس الاسد حتى يتنحى هو الطريق الافضل للتعاطي مع الوضع في سورية.

الشغل الشاغل للمسؤولين الامريكيين وعلى رأسهم بانيتا، هو الاسلحة الكيماوية السورية، وكيفية تأمينها ومنع وصولها الى ايد جهادية متشددة في حال انهيار النظام السوري.

بمعنى آخر ان ما يخشاه الامريكيون ليس استخدام النظام لهذه الاسلحة ضد الثوار الذين يريدون اسقاطه بالقوة العسكرية، وانما ضد اسرائيل، خاصة اذا جرى ارسال شحنات من هذه الاسلحة الى ميليشيا حزب الله في لبنان.

الازمة الدموية في سورية ستطول في ظل تراجع الاهتمام الدولي، وغياب المبادرات السلمية للحل السياسي، وعجز الطرفين، الحكومة والمعارضة، عن حسم الامور لصالحهما عسكريا على الارض.

سورية تتعرض للتدمير، وشعبها للتشريد، والحرب الاهلية التي تتبلور عناصرها شهرا بعد شهر باتت تهدد المنطقة برمتها، في عمليات الاستقطاب والتحريض الطائفي المسعورة.

معركة حلب الحاسمة التي اشعل فتيلها الجيش السوري الحر يوم امس الاول، وترجمها الى صدامات شرسة مع قوات النظام في محاولة للسيطرة على المدينة لتحويلها الى ملاذ آمن قد تعطي مؤشرا لما يمكن ان يكون عليه الحال في الاشهر القادمة ولا بد من انتظار نتائجها.

Twitter: @abdelbariatwan

=================

مهمة الابراهيمي: في سورية ثورة شعبية وليس «أزمة»!

محمد مشموشي *

السبت ٢٩ سبتمبر ٢٠١٢

الحياة

لا ينكر أحد على الأخضر الابراهيمي، بوصفه وسيطاً أممياً – عربياً في الأزمة السورية (لا يعترف النظام في دمشق بالشق الثاني من الوساطة)، مقاربته الديبلوماسية للمهمة التي قال انه قبل بها لشعوره بعدم القدرة على رفضها، لكن أن يسكت عن تزوير النظام لحقيقة الأزمة، وحتى أن يتبناه ولو بشكل غير مباشر، فذلك ما يجعله شخصياً ويجعل المهمة ذاتها محل تساؤل. ففي الكلمات القليلة التي تفوّه بها، عقب زيارته الأولى لدمشق ولقائه رئيس هذا النظام بشار الأسد ووزير خارجيته وليد المعلم، قال الابراهيمي كلاماً يفهم منه أنه ربما سقط في مستنقع تزوير طبيعة ما يجري في سورية منذ ثمانية عشر شهراً حتى الآن. فقد تحدث عن أزمة «تتجه الى التفاقم» من جهة، وعن أن الرئيس الأسد «يدرك أكثر منه خطورة ما يحدث» من جهة ثانية، وعن «انعكاسات الأزمة على المنطقة والعالم» من جهة ثالثة.

هذه المعاني، وإن بتعابير وكلمات مختلفة عن تلك التي يستخدمها النظام منذ الأيام الأولى للثورة، طالما كررها الأسد وأعوانه بهدف واحد لا غير: إنكار وجود ثورة شعبية ضده، وتالياً تجاهل الاستخدام المفرط للطائرات المقاتلة ومدافع الدبابات والصواريخ في مواجهتها، وسقوط أكثر من ثلاثين ألف قتيل حتى الآن وانشقاق عشرات ألوف الضباط والجنود، فضلاً عن نزوح ما يقارب ربع سكان سورية البالغ عددهم 23 ألف نسمة إما الى مناطق أخرى فيها أو الى دول الجوار.

كان النظام السوري، ولا يزال كما يبدو من خلال لقائه مع الابراهيمي، يعتبر الثورة الشعبية ضده مجرد «عمليات تخريبية» تقوم بها «عصابات مسلحة» من الداخل والخارج على السواء، تنفيذاً لـ «مؤامرة خارجية» وفي سياق «حرب كونية» ضد سورية. إذاً، فالوساطة في رأيه هي محاولة اقناع الداخل المسلح والخارج الكوني معاً بالتخلي عن مؤامراتهما هذه والانضواء في كنف النظام الذي يقول انه كان ولا يزال مستعداً للإصلاح وللحوار مع «المعارضة» – «معارضته» المصنوعة والممثلة في الحكومة – بهدف التوافق عليه.

ولم يقل الابراهيمي، ولو تلميحاً، ما يناقض ذلك أو يدحضه. تحدث فقط عن أزمة، بما قد يفهم منه أنها بين سياسات النظام ومعارضين له، والفرق كبير بين هذا المعنى والثورة الشعبية الشاملة ضد هذا النظام. واعتبر انها أزمة «تتجه الى التفاقم» وقد تتحول، اذا استمرت، الى «مشكلة اقليمية ودولية»، بينما لا يختلف اثنان في أن هذا بالضبط ما أراده النظام وعمل له على الدوام تبريراً لأبلسته الثورة وشنّه حرب ابادة ضد الشعب من جهة، ولبقائه على رأس السلطة من جهة أخرى.

هل هذا ما أراد الوسيط الأممي – العربي أن يبلغه الى الشعب في سورية، والى العرب والعالم، بعد أول زيارة له الى دمشق في اطار مهمته لمعالجة ما يتفق الجميع على اعتباره كارثة انسانية ووطنية تضرب هذا البلد منذ نحو عامين تقريباً... وبأن لا ثورة شعبية في سورية، بل مجرد أزمة بين حاكم يفعل ما يشاء قتلاً وتدميراً وتهجيراً، ومحكومين لا خيار في يدهم إلا الموت من أجل الحصول على حريتهم وكرامتهم كما طلبوا من اليوم الأول لنزولهم الى الشارع متظاهرين تحت شعار «الشعب يريد»؟... ثم، ألم تفشل المبادرة العربية وبعثة مراقبيها في وقت سابق، وبعدها مهمة كوفي أنان ومراقبيه، لأنهما لم تتحدثا صراحة عن النقطة المركزية في الأزمة: إن في سورية ثورة شعبية تطالب بإسقاط نظام استبدادي ووراثي عمره أربعون عاماً، وأن الحق دائماً مع الشعب حتى وإن كان نظام الحكم يملك القوة على انكار هذا الحق؟

أكثر من ذلك، فقد قال الابراهيمي إن «الناس تريد تغييراً وليس اصلاحاً»، شأنها هنا شأن الناس في كل بلد عربي آخر، إلا أنه لم يذكر كيف يمكن تحقيق التغيير اذا كانت وساطته تتم بين نظام ومعارضة، أحدهما يرفض أي نوع من التغيير ويعتبره «مؤامرة وحرباً كونية» فيما يصر الثاني على أن لا حوار حول ذلك أو حتى حول إصلاح النظام مع من يشن حرب ابادة جماعية ضد الشعب. بل وأكثر، فقد أجرى محادثات مع ممثلي دول (ايران وروسيا والصين) قال إنها «يمكن أن تكون جزءاً من الحل، وإن كانت توصف بأنها جزء من الأزمة»، وذكر أنه سيزور عواصمها وعواصم غيرها من الدول في المنطقة وفي العالم، لكنه لم يحدد ماذا يريد منها: هل يريد منها الضغط على الأسد للتغيير، أي للتنحي نزولاً عند رغبة الشعب، أم الضغط على الشعب لإنهاء الثورة؟ هل يريد منها المساعدة على إبقاء الأزمة في حدودها السورية الوطنية، أي عملياً بما يتناقض مع مصالح النظام ومصالحها، أم «التوافق» في ما بينها حول النظام المقبل في سورية – مع الأسد، أو من دونه؟! – على حساب تطلعات الشعب السوري وحقوقه في الحرية والكرامة؟

لا ينكر أحد على الابراهيمي ديبلوماسيته، ولا كذلك صعوبة المهمة شبه المستحيلة التي يقوم بها، وحاجته ربما الى العمل بصمت بين تعقيداتها المحلية والاقليمية والدولية، إلا أن البداية لا تبدو موفقة، لا مع نظام الأسد ولا مع الدول التي تمحضه دعمها وتأييدها الكاملين، لسبب بسيط هو قوله بوجود «أزمة» في سورية وليس ثورة شعبية شاملة يواجهها النظام بحرب ابادة شاملة أيضاً.

من هنا يجب أن تكون البداية، وبصراحة وجلاء هذه المرة، وإلا فلن تكون محصلة ما يقوم به الابراهيمي في مهمته الحالية مختلفة عن النتيجة التي انتهت اليها المهمتان السابقتان. وللتذكير، لم تكن المبادرة الخليجية في اليمن لتصل الى نهاية ناجحة، وقبلها مبادرة الأمم المتحدة وحلف شمالي الاطلسي في ليبيا، لو لم تكونا صريحتين وبالغتي الوضوح منذ البداية: العمل على تغيير النظامين في البلدين، بتنحي رأس السلطة وتسليمها الى نائبه في الأولى وإسقاط هذا الرأس ومنعه من قتل شعبه في الثانية.

=================

سوريّة: العفن والمسؤوليّة

حازم صاغيّة

السبت ٢٩ سبتمبر ٢٠١٢

الحياة

كثيرون يُجمعون، بمن فيهم بعض المؤيّدين للنظام السوريّ، على أنّ ذاك النظامَ المسؤولُ الأصليّ عمّا آلت إليه سوريّة. حتّى بعض أصحاب نظريّات المؤامرة وتضخيم دور التكفيريّين يرون أنّ السلطة الأسديّة هي التي فتحت الباب لهم. فإذا كان الأمر كذلك، جاز السؤال: هل يُزاح المتسبّب بهذا كلّه كي يُحدّ من المؤامرة والتكفيريّين وباقي أوجه الخراب، أم يُبقى عليه كي يفاقم تلك الأوجه؟

يتجدّد طرح السؤال فيما يغدو التصاعد في أرقام الموت وفي وقائع الخراب يفتقر إلى الدلالة السياسيّة لينحصر في الدلالة الإنسانيّة البحتة. ذاك أنّ النظام، بعنفه وبالعنف الذي يستجرّه، يعفّن سوريّة اليوم. والعفن، كأيّ شيء ميّت، حالة لا خبر. وهو، كحالة، يستند إلى العجزين المتوازيين واللذين صارا ثابتين، عجز النظام عن إسقاط الثورة وعجز الثورة عن إسقاط النظام.

بيد أنّ العفن بطبيعته يستحضر قواه التي تضيف الموت إلى الموت. وغنيّ عن القول إنّ تحوّل الأوطان «ساحاتٍ» لا يفعل إلاّ هذا الذي حصل مثله في أفغانستان والصومال والعراق ولبنان، ليس فقط على هيئة جهاديّين وتكفيريّين، بل أيضاً على شكل انفجار لتناقضات قديمة وجديدة لا حصر لها تنقذف في وجه الثورة وفي وجه سوريّة.

من هذا القبيل يُعوّل على أسباب القلق العميق أن تتحوّل دعوة للعالم كي يتدخّل. ولئن بات معروفاً تعداد الأسباب الدافعة إلى التدخّل وتلك الحائلة دونه، ولئن عوّل البعض على موعد الانتخابات الأميركيّة بعد شهرين، بقي أنّ دمج الأزمة السوريّة في مواجهة أميركيّة أو إسرائيليّة مع إيران احتمال قائم وغير مطمئن هو الآخر.

فعلى العالم مسؤوليّة التعامل مع سوريّة بصفتها قضيّة مستقلّة، وهذا ما لم تدلّ إليه خطب الأمم المتّحدة في الأيّام الثلاثة الفائتة. هنا، للأسف، ينضاف دور العالم إلى دور النظام في تعفين سوريّة وتعفين منطقتها بالتالي.

لكنّ هناك مسؤوليّة الثورة السوريّة أيضاً، وهي ما يضاعفه ويضاعف الإلحاحَ عليه ما يشيع عن جهاديّين وتكفيريّين، لا سيّما بعد ردود الفعل المجنونة على الفيلم التافه.

ومسؤوليّة السوريّين اليوم هي إغراء العالم بالتدخّل، أيّ تدخّل كان، لوقف العفن وتماديه. فلا تكفي النيّات ولا ما قد يقال في الغرف المقفلة، بينما المطلوب كسر هذا الانسداد الجهنّميّ القاتل. وإذا كان العنصر المتعلّق بالجولان وكيفيّة استعادته واحداً من الأسباب التي تُضعف إغراء العالم، وجب على الثورة أن يكون لها قولها الصريح والواضح والمطمئن في أمر استعادة الجولان وطيّ صفحة الحروب. فالأنظمة الامبراطوريّة، والنظام الأسديّ مصغّر عنها، لا تنكسر من دون مبادرات شجاعة كبرى، ومن غير تحوّلات في الوقائع كما في الأفكار، وأحياناً في صورة الخرائط ذاتها. وهل يلزم التذكير بتواريخ الامبراطوريّات العثمانيّة والهبسبورغيّة والقيصريّة، ومن بعدها السوفياتيّة؟

فالجهاد لإغراء العالم، ومن ثمّ لتوريطه، لم يعد بالأمر الكماليّ. وليست مفيدة في هذا المجال أدبيّات المكابرة من نوع «أنّنا» بلا أصدقاء وأنّنا «نموت واقفين ولا نركع»، كما لا يفيد تفضيل البقاء «وحدنا» بحجّة أنّنا بمثل هذا النقاء نضمن استقلاليّتنا، فيما الخوف هو ألاّ يبقى شيء، مستقلاًّ كان أم غير مستقلّ.

 

=================

هل من توافق دولي يحاصر الثورة؟

أكرم البني *

السبت ٢٩ سبتمبر ٢٠١٢

الحياة

نعم، هي الاجابة عن هذا السؤال، وإذا تجنبنا الحديث عن صفقة أو اتفاق مبرم سراً بين الأطراف الدولية الفاعلة، فثمة ما يصح اعتباره توافقاً موضوعياً أو تفاهماً بينها في التعاطي مع الحالة السورية جوهره عدم تعجل الحسم وإدارة الصراع بالنقاط لا بالضربة القاضية كما حصل في ليبيا.

والحقيقة، ليس في تكرار التصريحات عن عدم وجود نية غربية للتدخل العسكري، وتبادل الاعتراف بين واشنطن وموسكو بدور الطرف الآخر في معالجة الأزمة، وزيف التهديدات النارية بعقاب رادع في حال تكرار أحداث حماة أو بابا عمرو، أو بحظر جوي أو بمنطقة عازلة وربط ذلك، مرة بتزايد أعداد اللاجئين، ومرة باستخدام السلاح الكيماوي، وأيضاً المراوغة في مد المعارضة بأسلحة متطورة تساعدها على تعديل التوازنات على الأرض، في مقابل الإكثار من المؤتمرات والاجتماعات التي تظهر إصراراً لافتاً على دعم أي شكل من المبادرات السياسية العربية أو الدولية على رغم معرفة الجميع بلا جدواها وأنها تمنح النظام المزيد من الوقت للقمع والتنكيل.

كل ما سبق هو دلالات استرخاء مخزٍ يسترخص دماء السوريين ومستقبل أجيالهم ويستهتر بما يحل بهم من دمار وخراب، ولا تغير هذه الحقيقة الادانات الصاخبة للقمع السلطوي المفرط، والجهد المبذول لتوثيق ما يجري وإحالة المرتكبين إلى المحاكم الدولية، او زيادة حجم المعونات المخصصة للاجئين السوريين، لأنها أشبه برفع عتب يخفي العجز الأممي المشين عن أداء واجبه الانساني.

ولا شك، ما كان لهذا التوافق الموضوعي أن يستمر طويلاً ويتجاوز الحرج الأخلاقي الناجم عن الصور المروعة لما تخلفه آلة الفتك والتدمير، لولا وجود مصلحة أممية مشتركة ودوافع متقاربة لدى أميركا وروسيا، بصفتهما الدولتين الأكثر تأثيراً.

أولاً، التحسب المشترك من خطر دفع الأمور إلى حدها الأقصى والى معركة كسر عظم بسبب تقدير الخصوصية السورية وارتباطها بأهم الملفات الحساسة في المنطقة وتأثير ذلك في استقرار الشرق الأوسط، يعززه انخفاض أداء السياسة الأميركية التي فقدت الكثير من حيويتها بسبب أزمتها الاقتصادية وما عانته في العراق وأفغانستان وحضور مصلحة عربية تحبذ التغيير السياسي الداخلي تفادياً لآثار التدخل الخارجي ومخاطر تداعياته على الأمن العربي، الأمر الذي يفسر الحرص المتبادل على عزل الحالة السورية ومحاصرة احتمال امتدادها إلى بلدان الجوار، وأيضاً جدية التعامل مع تهديد طهران الصريح بدخولها في حرب مفتوحة للحفاظ على النظام كأهم حلقة من حلقات نفوذها الاقليمي.

وإذا تجاوزنا حسابات التكلفة جراء التدخل في بلد لا يمتلك موارد كافية للتعويض، فللطرفين الأميركي والروسي مصلحة في الحفاظ على الاستقرار الراهن وعلى مستوى من التوازن بين الحضور الايراني في المنطقة والحضور العربي لضمان استمرار الحاجة اليهما في درء أي أزمة محتملة، من دون أن نغفل إدراكهما أهمية التشارك في التفكيك الآمن لأسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها النظام، وتحديداً بعد التهديد الواضح بإمكانية استخدام السلاح الكيماوي.

ثانياً، ثمة مصلحة مشتركة في الافادة من الساحة السورية لتصفية الحساب مع تنظيم القاعدة وأشقائه من الجماعات الجهادية، فالجميع يدرك أن ما يحصل من فتك وتنكيل هو عامل جاذب للجماعات الاسلامية المتطرفة، وهناك أكثر من اجتهاد ونداء صادر عن تنظيمات جهادية تعتبر نصرة السوريين فرضاً على كل مسلم، والمعروف أن تنظيم القاعدة لا يزال العدو والخطر الرقم واحد عند الأميركيين، بينما يتحسب الروس في حال سقوط النظام من اشتداد عود التيار الجهادي وعودته إلى النشاط في البلدان الاسلامية المحيطة بهم وفي مقدمها الشيشان، والنذير ما أعلن أخيراً عن مقتل ابن أحد زعماء حرب الشيشان في معارك حلب.

ثالثاً، طابع المجتمع السوري التعددي وجدية مواقف مختلف الأطراف العالمية من ضرورة تعايش مكوناته المختلفة وحماية الأقليات، الأمر الذي يستدعي التريث في تحقيق نقلة حاسمة قبل أن يجرى الاطمئنان إلى مصير الأقليات ووحدة المعارضة السورية حول برنامج واضح يرسم معالم مرحلة انتقالية تكرس قواعد الحياة الديموقراطية وحقوق المواطنة... واليوم أضفت على هذا الهدف أهمية خاصة، الاندفاعات العدوانية لجماعات سلفية ضد السفارات الغربية للتعبير عن رفضها لفيلم يسيء الى الرسول الكريم، ويزيد هذا الهدف إلحاحاً تواتر المطالبات المباشرة وغير المباشرة من جانب بعض الأقليات لتوفير حماية مسبقة لأبنائها وحقوقها وممتلكاتها.

رابعاً، وهي النقطة المشتركة الأهم التي لا يمكن الطرفين الغربي والروسي ان يقفزا فوقها، ونعني المصلحة الاسرائيلية وأولوية الأخذ برؤية تل أبيب حول تأثير التغيير في سورية في أمنها الاستراتيجي. فإلى جانب اللوبي اليهودي في أميركا والمؤثر في سياسات واشنطن الشرق أوسطية، ثمة لوبي يهودي تنامى دوره في روسيا ولا يقل أهمية في التأثير في قرارات الكرملين المتعلقة بالمنطقة. وما رشح إلى الآن، أن إسرائيل وضعت روسيا والغرب أمام أحد خيارين، إما الحفاظ على نظام خبرته جيداً ووفى بوعوده في الحفاظ على جبهة الجولان آمنة ومستقرة، وإما التلاعب بالصراع السوري كي يطول أمده ويسير بالمجتمع والدولة نحو الخراب والاهتراء كي تأمن جانب هذا البلد لعشرات مقبلة من السنين.

والحال، إذ يفضي التوافق الموضوعي وسلبية مختلف الأطراف الدولية من الثورة السورية إلى محاصرتها، يراهن السوريون على أن النظام هو من سيساعدهم على إجهاض هذا التوافق، باستناده إلى العنف المفرط ورفض كل شيء إلا منحه الوقت كي يعيد الأمور كما كانت، وهم واثقون بأن استمرار ثورتهم هو الأساس، وأن إصرار الشعب على حقوقه واستبساله في الدفاع عنها وما يقدمه من تضحيات، هو المعلم والمحرك الرئيس للمتغيرات السياسية والتي تجعل إطالة أمد الصراع عبئاً ثقيلاً على الجميع، يُكرههم على إعادة النظر بمواقفهم، والبحث عن مخرج عاجل من هذا الوضع المأسوي.

=================

5 أسباب للتدخل الأميركي الفوري في سوريا

مايكل دوران وماكس بوت

الشرق الاوسط

29-9-2012

سواء أكنت تتفق مع الرئيس الأميركي باراك أوباما أم لا، فليس هناك شك في أنه تمكن من صياغة نهج متماسك للجوء الولايات المتحدة للقوة العسكرية، حيث تنطوي عقيدة أوباما على الدخول في مناطق النزاعات والخروج منها بسرعة من دون خوض حروب برية أو الاحتلال العسكري الموسع للأراضي، وهي العقيدة التي أثبتت فعالية كبيرة في الحرب الليبية العام الماضي.

لكن الرئيس أوباما لا يقوم بتطبيق عقيدته الخاصة في الصراع السوري، حيث سيصب استخدام مثل هذا النهج في الصالح الأميركي. ومع ذلك فيمكن للمرء إظهار بعض التعاطف مع المأزق الشديد الذي يواجهه أوباما، فسوريا في حالة شديدة من الفوضى، وهو الأمر الذي يمنعه من التورط فيها، لا سيما في عام الانتخابات الرئاسية الأميركية. بيد أن التقاعس عن اتخاذ خطوات عملية بهذا الصدد ينطوي أيضا على بعض المخاطر، فهناك خمسة أسباب لإسقاط الرئيس السوري بشار الأسد عاجلا وليس آجلا:

أولا.. سوف يقلل التدخل الأميركي في سوريا من النفوذ الإيراني في العالم العربي، حيث أغدقت إيران بالمساعدات على سوريا، لدرجة قيامها بإرسال بعض المستشارين من قوات الحرس الثوري الإيراني لمساعدة الرئيس الأسد. وتدرك إيران جيدا أن سقوط نظام الأسد سوف يعني فقدان القاعدة الأكثر أهمية لها في العالم العربي، وخط مهم لتوصيل الإمدادات إلى مقاتلي حزب الله الموالين لإيران في لبنان.

ثانيا.. قد يؤدي تبني سياسة أميركية أكثر صرامة إلى عدم انتشار رقعة الصراع السوري في المنطقة، بعد أن أدت الحرب الأهلية الدائرة رحاها في سوريا بالفعل إلى تفاقم أحداث الفتنة الطائفية في لبنان والعراق، في الوقت الذي اتهمت فيه الحكومة التركية الأسد بدعم المقاتلين الأكراد من أجل تأجيج التوترات بين الأكراد وتركيا.

ثالثا.. تستطيع أميركا خلق حصن منيع في مواجهة الجماعات المتطرفة، مثل تنظيم القاعدة الذي يوجد على الأرض ويبحث عن ملاذات آمنة في المناطق التي لا تخضع لسيطرة القانون هناك، من خلال تدريب وتسليح الشركاء الذين يمكن الاعتماد عليهم داخل صفوف المعارضة السورية.

رابعا.. تستطيع القيادة الأميركية تحسين العلاقات مع الحلفاء الرئيسيين، مثل تركيا وقطر، في ما يتعلق بالشأن السوري، فقد انتقد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان ونظيره القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني الولايات المتحدة لقيامها بتقديم الدعم غير المسلح فقط للثوار، بينما يفضل الاثنان فرض منطقة حظر جوي وإقامة مناطق آمنة للمدنيين داخل الأراضي السورية.

وأخيرا.. يمكن للتدخل الأميركي أن يضع حدا للكارثة الإنسانية المروعة التي تشهدها سوريا، ويحول دون استمرار نزوح اللاجئين من سوريا، وهو ما يشكل عبئا على دول الجوار. وقد تعهد أوباما خلال العام الحالي بتعزيز قدرة الحكومة على «التنبؤ بوقوع عمليات العنف الوحشية والإبادة الجماعية ومنعها واتخاذ رد الفعل المناسب تجاهها». أما الآن، فالفرصة مهيأة أمامه للوفاء بهذه الوعود. ويمكن لأوباما أن يتخذ إجراء من دون الانزلاق نحو الحرب البرية من خلال وضع حلفاء الولايات المتحدة في المقدمة.

يرغب أقرب حلفائنا في المنطقة - بما في ذلك المملكة العربية السعودية وتركيا والأردن وقطر وإسرائيل - في مشاهدة سقوط الأسد في أقرب وقت ممكن، فيما يمكن الاعتماد على كل من فرنسا وبريطانيا في تقديم المساعدة مثلما فعلتا في ليبيا. مع ذلك فلن تتحرك أي من هاتين الدولتين إلا إذا تحركت أميركا أولا.

لا يمكننا الانتظار حتى تتحرك الولايات المتحدة، فهذا أمر من غير المرجح حدوثه، فضلا عن أنه لا يمكننا أن نتوقع من الجيش السوري الحر أن يتمكن من الإطاحة بالأسد، حيث إنه لا يعتبر منظمة متماسكة. وبدلا من ذلك، ينبغي على الولايات المتحدة تحديد العناصر الموجودة على الأرض التي تعتبر أكثر أهمية ويسهل توصيلها.

ينبغي أن ينصب التركيز على مدينة حلب، ثاني أكبر المدن السورية من حيث عدد السكان والمركز التجاري المهم في البلاد، حيث يحكم الجيش السوري الحر قبضته بالفعل على الكثير من الأراضي الواقعة بين المدينة والحدود التركية، التي تبعد نحو 40 ميلا فقط. ومع وجود الدعم الأميركي يستطيع الجيش التركي بسهولة إنشاء ممر آمن للمساعدات الإنسانية والإمدادات العسكرية. وسوف تمثل هزيمة القوات الحكومية في مدينة حلب ضربة قاصمة للأسد، وترسل برسالة قوية إلى القوى المدافعة عن الأسد بأن نظامه بات يحتضر.

يجب أن تكون العاصمة السورية دمشق هي الهدف التالي، لكن على العكس من مدينة حلب، لا يمكن الوصول إلى دمشق بسهولة من خلال وجود قاعدة تركية. وعلى الرغم من ذلك، فإنه يمكن توفير الدعم للقوات المتجهة إليها من خلال درعا، التي تبعد 70 ميلا عن دمشق وأقل من 5 أميال عن الحدود الأردنية، فضلا عن أنها كانت من أوائل المدن التي ثارت ضد نظام الأسد. ومن خلال العمل من المملكة الأردنية الهاشمية، تستطيع الولايات المتحدة إنشاء ممر آمن آخر للوصول إلى درعا، والذي من الممكن أن يكون بمثابة القاعدة الجنوبية للثوار. ويوم الأربعاء الماضي، أثبت الثوار قدرتهم على ضرب أهداف في قلب العاصمة دمشق، بعد أن تمكنوا من تفجير مجمع عسكري، على الرغم من أنهم لا يستطيعون القيام بذلك بصورة مستمرة.

وكي يتسنى منع الأسد من الرد بصورة مدمرة، يتوجب على التحالف المدعوم من الولايات المتحدة إنشاء منطقة حظر جوي في مناطق واسعة من سوريا، والتي ستقتضي أولا تدمير الدفاعات الجوية السورية. ويواصل الأسد استخدام الطائرات النفاثة والمروحيات لضرب قوات الثوار، بينما سيؤدي إنشاء منطقة حظر طيران إلى خروج قواته الجوية من المعركة بصورة سريعة. ومن الممكن توسعة نطاق منطقة حظر الطيران لتوفير ذلك النوع من الدعم الجوي الذي وفرته طائرات حلف شمال الأطلنطي لقوات الثوار في كوسوفو وليبيا. وعلى الرغم من أن حلفاءنا يستطيعون المحافظة على منطقة حظر الطيران في سوريا، فإنه من الضروري أن تأخذ الولايات المتحدة زمام المبادرة بإنشاء هذه المنطقة، كما كان الحال في ليبيا، حيث تمتلك القوات الجوية والبحرية الأميركية دون سواها الأسلحة اللازمة لتدمير الدفاعات الجوية الروسية الصنع الموجودة في سوريا، من دون أن يمثل ذلك خطرا كبيرا.

من الممكن اتباع منهج «القيادة من الخلف» في سوريا، حيث إن كل ما يحتاج إليه الرئيس أوباما هو تطبيق هذا المنهج فحسب.

* مايكل دوران هو زميل بارز في معهد بروكينغز.. أما ماكس بوت فهو زميل بارز في مجلس العلاقات الخارجية ومستشار حملة الانتخابات الرئاسية لميت رومني

* خدمة «نيويورك تايمز»

=================

تجني لافروف!

طارق الحميد

الشرق الاوسط

29-9-2012

لأول مرة أستمع إلى وجهة النظر الروسية تجاه سوريا، وذلك عبر المقابلة التلفزيونية المهمة التي أجراها الإعلامي الأميركي تشارلي روز مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، وهي مقابلة مليئة بالتجني، وليّ عنق الحقيقة، ناهيك بالقراءة الخاطئة للأحداث في سوريا، من قبل وزير الخارجية الروسي، والنابعة عن موقف روسيا الخاطئ بدعم بشار الأسد.

لافروف الذي أجبر المحاور الأميركي العريق على المقاطعة كثيرا، ومحاولة الاستيضاح أكثر، كان يقول إن موقف بلاده قائم على رفض التدخل في سوريا، أو قبول المطالبة برحيل الأسد أولا، بسبب أن «القاعدة» و«الإخوان المسلمين» هما من يقومان بالأعمال المسلحة، وبدعم دول أخرى، مما يعني أن لافروف يقول، إن «القاعدة» و«الإخوان»، ودول الخليج، وفرنسا، وبريطانيا، ومعهم أميركا، أصبحوا حلفاء لـ«القاعدة»، وهذا حديث لا يصدر إلا عن وليد المعلم، أو جهاد المقدسي، ليس لعلمهما النافذ، بل لأن هذا الحديث يتطلب أشخاصا فقدوا الأمل في الحياة تماما، وربطوا بقاءهم ببقاء الأسد، فهذا حديث لا يقوله عاقل أو سياسي محترف، خصوصا وهو يرى قرابة الثلاثين ألف قتيل سوري على يد قوات الأسد!

والغريب أن لافروف يقول، إن مقاربة بلاده حول سوريا تقوم على أولوية واحدة وهي وقف القتل، لأن الأبرياء السوريين يقتلون، والحقيقة المعروفة أن من يقتلهم هو نظام الأسد، هذا أولا، أما ثانيا: فمن خوّل الروس حق التحدث عن السوريين، وخصوصا تحديد أولوياتهم ما دام السوريون، وطوال تسعة عشر شهرا، يقولون: يسقط الأسد، ويسقط النظام؟ والأدهى في تلك المقابلة أن لافروف يقول حول التدخل الإيراني في سوريا، إنه مجرد تقارير إعلامية تتطلب التدقيق، وألقى باللوم مطولا على الإعلام بخصوص سوريا، لكن لافروف تناسى، أو تجاهل، أن من تحدث عن الوجود والدعم الإيراني في سوريا هو قائد الحرس الثوري الإيراني، وأمام عدسات الكاميرات، وليس بتصريح صحافي مكتوب، مما يظهر أن الإيرانيين أكثر مصداقية حين يدافعون عن الأسد من لافروف!

وعجائب من سميته ذات يوم «الملا لافروف» لا تقف عند هذا الحد، بل هو يلوم أميركا والغرب على مواقفهم تجاه كل من ميلوسوفيتش في يوغوسلافيا، وصدام حسين، ومعمر القذافي، فهل هناك أسوأ من هذه السياسة المدافعة عن أسوأ الطغاة في العالم؟ لافروف كان يتحدث في تلك المقابلة التلفزيونية ليس بتجنٍ على السوريين فقط، بل إنه أدان السياسة الروسية ككل، وفضحها بشكل مذهل بدفاعه الضعيف، والمتجني، عن الأسد؛ فوزير الخارجية الروسي لم يقم بتشويه سمعة الثورة السورية فحسب، بل إنه يتهم، وهذا هو الأدهى، جزءا من الجيش السوري الحر بأنه قام بتوجيه دعوة علنية لـ«القاعدة» للتعاون معهم في معركتهم ضد الأسد، وهذا أمر لم نسمع به، ولم يقل به أحد إلا الأسد، ولكن ليس بالشكل الفج الذي تحدث به السيد لافروف، وهو أمر غير صحيح!

وختاما، فإن حديث لافروف المستفز ما هو إلا مؤشر حقيقي إلى أن موسكو قد باتت مقتنعة بصعوبة بقاء الأسد، وإلا لماذا تلجأ للتجني وتشويه الحقائق بهذا الشكل الفج، وعلى لسان وزير خارجيتها؟!

=================

هل يسقط النظام بسقوط حلب؟

عبدالرحمن الراشد

الشرق الاوسط

29-9-2012

تاريخيا، كل إمبراطوريات الدنيا، التي مرت من هنا، قاتلت من أجل حلب، أقدم المدن في تاريخ البشرية، حيث يقدر أن عمرها عشرة آلاف سنة. آخرها الإمبراطورية العثمانية التي جعلتها عاصمتها الثالثة بعد الآستانة والقاهرة.

العالم تغير، وسوريا تغيرت منذ تقسيم سايكس بيكو، ولهذا لم أفهم كثيرا سر تركيز الطرفين المتقاتلين في سوريا، نظام الأسد والثوار، على حلب. لماذا ليست حماه، أو حمص التي أكلت حصة أكبر من الهجمات الهمجية من قبل قوات النظام، أو درعا الأقرب إلى العاصمة، والأكثر خطرا عليها؟

في المقابل أدرك لماذا لا تستهدف العاصمة دمشق، الذي يعني سقوطها سقوط النظام فورا بالضربة القاضية، لسبب واضح أنها مدججة بالدفاعات، وسيقاتل عنها الأسد حتى آخر طفل وامرأة. لهذا من الواضح أن تكتيك الثوار في دمشق مختلف عن بقية المدن، اعتماد العمليات النوعية المهمة المفاجئة المتعددة والمتزامنة، لأن النظام لا يستطيع فعل شيء ضد هجمات الغوريللا المباغتة، كما يتحاشى الثوار التمترس والقتال في أحيائها وشوارعها، وقد جربوا من قبل في حي الميدان فاستعان النظام فورا بالمروحيات لهدم البيوت على سكانها.

أما حلب فالحرب فيها شبه يومية منذ أن انضمت ببلداتها وريفها، ومع هذا لم يهزم النظام ولم يكل الثوار، والحرب مستمرة، وإن كانت الكفة تميل لصالح أهلها الثائرين الذين يقولون: إنهم على وشك تحريرها. ومن الواضح أن صمود النظام، بعد أن شارفت حلب على السقوط في أغسطس (آب) الماضي، تم بفضل المدد الهائل من روسيا وإيران. وتشير إحدى الوثائق المسربة أن قيادة الحرب السورية استعدت لمواجهة انتفاضة حلب قبل حدوثها. تقول الوثيقة إن بضع مئات من مقاتلي حزب الله اللبناني كلفوا بالمرابطة فيها قبل التحاق المدينة بالثورة بنحو ثلاثة أشهر، وكان النظام يحاول إجهاض أي محاولة في مهدها، لكنه فشل.

وهنا استعير تحليل الباحث والمحلل السياسي سامي مبيض الذي كتب مفسرا أهمية الصراع على حلب، من أن أفراد الجيش السوري الحر يعتقدون أن تحريرهم حلب يعني سقوط بقية المدن والبلدات مثل أحجار الدومينو، وبسقوطها سيصبح النظام محاصرا في دمشق ومدينتي اللاذقية وطرطوس الساحليتين. ويقول: «تبرز إلى السطح حالة واضحة من التاريخ، هي حالة (الرئيس) أديب الشيشكلي، الذي واجه ثورة شعبية مدعومة بانتفاضة عسكرية في أواخر عام 1953. في البداية حاول قمعها بالقوة، ولكن، شيئا فشيئا، بدأت المدن تفلت منه الواحدة تلو الأخرى. وعندما سقطت حلب، سرعان ما تفكك النظام من الداخل، حيث تبعها جبل الدروز وحمص واللاذقية بسرعة، ما أفضى إلى تقليص قاعدة سلطة الشيشكلي لتقتصر على حماه ودمشق العاصمة».

من المؤكد أن سقوط حلب، والثوار أطلقوا اسم معركة الحسم عليها الآن، يعني سقوط أكبر المدن السورية وأقربها جغرافياً إلى تركيا، التي قد تحرك الأتراك بعد طول انتظار وخوف.

أعتقد أن تحرير حلب أصبح ممكنا بعد المعارك الدامية، وبسالة الثوار، وصبر أهل هذه المدينة الجريحة، وقد لا يسقط النظام فورا بسقوطها، وإنما حلب، كونها المدينة الأكبر، ستجبر الروس، والإيرانيين تحديدا، على التخلي عن جزار سوريا بشار الأسد.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ