ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 26/09/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

الشعب السوري هو مَن يقرر مصيره

أيّ نظام يستمد شرعيته من الشعب، وليس الشعب مَن يستمد شرعيته من النظام، هذه هي المعادلة الصعبة التي يتجاهلها النظام السوري وداعموه..

د. سلطان عبد العزيز العنقري

الثلاثاء 25/09/2012

المدينة

عبارة سمعناها من الصين وروسيا، وهي عبارة تنم عن مهزلة واستخفاف بالشعب السوري، وأن دمَ الشعبِ السوريِّ رخيصٌ جدًّا، وليس له الحق في العيش بحرية في وطنه!! أمّا النظام الفاشي في سوريا، فإن له الحق في أن يستمر في حكم الشعب السوري بالحديد والنار، وبأيِّ ثمنٍ كان، حتى ولو أُبيد الشعب بأكمله فهذا ليس بالمهم، هذا هو التفسير الحقيقي لتلك العبارة، فإمّا أن يرضخ الشعب السوري لحكم بشار الأسد، وحزب بعثه الدموي، ويقبل بالأمر الواقع، وإمّا القتل والتنكيل والتدمير للشعب السوري!! والأسئلة التي تطرح نفسها هي: كيف أن الشعب السوري هو مَن يُقرِّر مصيره بنفسه؟ هل تُرك بحاله لكي يقرر مصيره، وطيارون من روسيا، وأسلحة حديثة، وطائرات تزوّد بها روسيا نظام الأسد، وعسكريون من شبيحة حزب الله، واعتراف إيران بوجود جيش لها على الأرض وحرسها الثوري في سوريا ولبنان، بل إنهم هم مَن يديرون المعارك ضد الجيش الحر، وكذلك عسكريون عراقيون يرسلهم عميل إيران وديكتاتور بغداد «نوري المالكي»، ومرتزقة مقتدى الصدر العميل الآخر لإيران بدعم النظام الفاشي في سوريا!! كيف يختار الشعب السوري مَن يحكمه وهو محاصر بالفيتو التنيني الصيني، وفيتو الدب الروسي، وغرب متخاذل يتفرج على تلك المهازل، وتلك الانتهاكات الصارخة لأبسط حقوق الإنسان، وجامعة دول عربية تُسلِّم مصير الشعب السوري لمبعوثين لا حول لهم ولا قوة، وهي تتفرج وكأنها ليست معنية بشعب يذبح في كل لحظة؟!

تخلصنا من الجنرال السوداني الفاشل الدابي، لنقع في يد الفاشل الآخر كوفي عنان، والآن الأخضر الإبراهيمي، وأعتقد أنه سيفشل هو الآخر!! هل الهدف من هؤلاء المبعوثين إجراء تجارب وتدريب لهؤلاء المبعوثين على كيفية حل مشكلة شعب أعزل يبحث عن حريته، من عصابة اختطفت الحكم لأكثر من أربعين سنة؟!

أيّ نظام في الدنيا إنّما يستمد شرعيته من الشعب، وليس الشعب مَن يستمد شرعيته من النظام، هذه هي المعادلة الصعبة التي يتجاهلها الآن النظام السوري، وداعموه الروس، والصينيون، والإيرانيون. الواقع يقول لنا إن مهمة المبعوثين هي إضفاء الشرعية على نظام دموي قمعي، وإعطاؤه الفرصة بعد الأخرى لتصفية الشعب السوري، وإبادته، وتدمير وطن بأكمله وحرقه؛ من أجل أن يبقى حفنة في النظام على كراسيهم؟!

إيران دائمًا كلما وجدت عميلها بشار في ورطة فتحت ملفها النووي، وفزاعة مضيق هرمز لتشتيت الانتباه عن هذا النظام القمعي. مندوب سوريا بشار الجعفري يتبجح في اجتماع حقوق الإنسان ويقول: إن بنات سوريات أعمارهن بين (14- 16 سنة) يُغتصبن على أيدي حراس أتراك في مخيمات اللاجئين في تركيا!! وأنهن معروضات للبيع لمن يرغب الشراء!! إنها بالفعل قمة التبجح، وتناسى هذا المتبجح أن نظامه هو مَن أرغمهن على النزوح، والنفاذ بجلودهن من القتل على أيدي الشبيحة، واغتصابهن، واعتقالهن كرهائن، وقصف بالمدافع وبالطائرات الروسية الحديثة، التي لا تستطيع التحليق على هضبة الجولان السورية المحتلة منذ أكثر من أربعين سنة! وطالما أن مندوب سوريا الذي يمثل النظام يعترف بوجود مثل تلك الانتهاكات لبنات سوريا القاصرات، فلماذا لا يراجع النظام نفسه ويقول: آن الأوان أن نُسلِّم السلطة للشعب لكي يُقرِّر مصيره؛ حفاظًا على بنات سوريا القُصّر الذي يتحدّث عنهن الجعفري؟!

لماذا تتحدّث الصين وروسيا وإيران بهذه العبارة بين الفينة والأخرى. فكل يوم يخرج علينا مقاولو العقود مع النظام السوري في الصين وإيران وروسيا، وبخاصة لافروف وزير خارجية روسيا الذي يقول: إنه لا يتشبث ببشار الأسد؟!! وإذا كان هذا الكلام صحيحًا فأنت تتشبث بمَن يا سيد لافروف؟!! ما هذا الضحك على الذقون؟! أليس بشار الذي أتى به هو حزب البعث، أي النظام، أي أنك تتشبث بالنظام. الغريب والعجيب أن قنوات عربية محترفة وقعت في فخ هذا المتلاعب بالألفاظ، وانطلت عليها تصريحات لافروف، بل وروّجت تلك القنوات المحترفة أن روسيا تغيّر موقفها من دعم النظام السوري، وأنها لم تعد متشبثة في النظام؟! فعلا عصابات المافيا في روسيا ضحكت على بعض وسائل الإعلام العربي المحترفة بهذه الكذبة الكبيرة. ولكن نقول لروسيا وغيرها: إن الشعب السوري البطل سوف ينتزع أظافر الجلاد بشار، ونظامه البعثي العفن عاجلاً غير آجل، وبالفعل سوف يُقرِّر الشعب السوري مصيره بنفسه، معتمدًا على الله، ثم على نفسه، وعند ذلك سوف تدفع الصين وروسيا وإيران والعراق وحكومة حزب الله في لبنان ثمن ذبح شعب أعزل.

==============

نظام بشار وتبديد فرص الحل السلمي

الأهرام المصرية

التاريخ: 25 سبتمبر 2012

لا يبدو في الأفق‏,‏ حتي الآن ما يشير الي بادرة تنم عن امكان الحل السلمي لسفك دماء الشعب السوري ذلك أن نظام بشار الأسد قد اعتمد الحل الأمني والعسكري لمحاولة اخماد المعارضة لنظامه منذ قيام الشعب السوري بثورته في منتصف مارس ‏2011‏ وحتي الآن‏.‏

واللافت للانتباه أن بشار تعمد تقويض كل الجهود الاقليمية والدولية التي سعت لوقف سفك دماء السوريين, وليس أدل علي ذلك من موقفه المتعنت تجاه جهود جامعة الدول العربية فقد تطاول ووصفها بأنها لا جامعة ولا عربية, كما تسبب في إفشال مهمة المبعوث العربي والدولي كوفي أنان التي كانت تستهدف حل الأزمة سلميا, والاستجابة لتطلعات الشعب السوري.

وفي الوقت نفسه كان بشار يصعد هجمات جيشه علي القوي المعارضة لنظامه ويستخدم الأسلحة الثقيلة والطائرات في حربه ضد الشعب السوري ولا يزال سادرا في غيه, ويتصور ان في إمكانه إخماد الثورة وهو ما لا يحدث, خاصة وأن القوي الاقليمية والدولية تعرب عن استنكارها وادانتها لقتله للشعب السوري.

ولعل المهمة الجديدة التي يقوم بها المبعوث الدولي الجديد الأخضر الابراهيمي هي الفرصة الدبلوماسية الأخيرة أمام بشار لإمكان الخروج الآمن له ولأسرته من سوريا, غير أن الدلائل تشير الي أن بشار سيتعمد تبديد هذه الفرصة الأخيرة.

ولعل هذا ما دعا الدكتور نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية الي الاشارة الي أن الفرصة الأخيرة للنظام السوري انتهت منذ عام ولسنا في انتظار فرصة أخري, وأوضح في مؤتمر صحفي عقده في القاهرة في 19 سبتمبر الحالي أن جميع الأبواب التي طرقناها حتي الآن موصدة ولا تقدم حتي الآن ولا توجد انفراجة.

وثمة إجماع اقليمي ودولي علي أن استخدام روسيا للفيتو في مجلس الأمن لمصلحة بشار ونظامه هو أحد الأسباب الجوهرية في تصلب موقفه واستمراره في قتال شعبه.

ولذلك فإن الأمر يقتضي تحركا دوليا واقليميا مكثفا في اتجاه إقناع روسيا والصين بالكف عن مساندة نظام بشار في مجلس الأمن, وأيا ما يكن الأمر ان نظام بشار مآله السقوط.. غير أن الطريق الي انهياره سيكبد الشعب السوري المزيد من الضحايا.

=================

نظرة في سيناريوهات حل الأزمة السورية

د. نسرين مراد

التاريخ: 25 سبتمبر 2012

البيان

كإحدى حلقات حركة الربيع العربي، برزت إلى السطح الأزمة السورية لتحتل مكانةً مميزةً في الذهنية السياسية الجديدة للمنطقة والعالم. تشغل القضية السورية منذ ما يناهز الثمانية عشر شهراً، أنشطة مؤسسات وهيئات إعلامية وسياسية وعسكرية، محلية وإقليمية ودولية. لا غرابة في ذلك، فالوضع في سوريا كان يجثم فوق بركان ديمغرافي سياسي هائل، ثمة كامن أو خامد بقوة السلطة، منذ عهود وعقود.

وضع مزيج من الاستبداد والتخبط والترهل والفساد الداخلي؛ مكلَّل بتدخل خارجي مرغوب فيه من طرف سياسي ضد آخر، من أطراف الوضع السوري العام.

منذ بداية الأزمة طُرحت عدة حلول على شكل سيناريوهات وآفاق لحل الأزمة السورية؛ جلها يصب في خانة تعقيد الأمور، لكن بدرجات متفاوتة، ولم تزل تراوح مكانها في الحسم. السيناريو المرغوب فيه لدى النظام السوري الحاكم خاصةً، هو أخذ الأمور على عاتقه في التعامل مع حركة الاحتجاج المطالبة بتفكيك النظام السياسي.

 أسوةً بـ «أنموذج مدينة حماة». ظن النظام أن بإمكانه تكرار نفس التجربة، ضد مدينة أو مدن أخرى. ذلك ما يؤدي إلى حدوث كارثة اجتماعية وإنسانية ووطنية واحدة على الأقل، بمستوى كارثة مدينة حماة. في بداية الانتفاضة ضد النظام، كان هنالك تخوّف حقيقي لدى عموم السوريين، من أن تجربة حماة يمكن تكرارها، وبسهولة! أدى ذلك إلى بعض التباطؤ في الانضمام الجماهيري الواسع لحركة التغيير السورية.

السيناريو الثاني، هو تدخل عربي أو عربي - دولي، في محاولة لإقناع النظام بالتنحي عن السلطة، والاستفادة من نماذج تونس وليبيا ومصر واليمن، وبقية دول العالم. كان ذلك الاتجاه مرفوضاً من جانب النظام السوري، جملةً وتفصيلاً. فضّل النظام التعامل مع الأمور بطريقة غاية في القسوة والقمع، لوأد الثورة في بداية تكوينها. رفض النظام حتى فتح حوار خجول مع المعارضة، واكتفى بنعتها بالعمالة للقوى الخارجية والمعادية. من جانبها، فالمعارضة، وخاصةً الخارجية، رفضت التعامل مع نظام لا يقبل طرح بند جوهري يدعو إلى إمكانية تنحّي الرئيس كمقدمة للتخلص من النظام.

السيناريو الثالث، هو تدخل دولي أكثر حزماً، بالذات تحت مظلة البند السابع في قانون الأمم المتحدة، الذي يجيز استخدام القوة المسلحة إذا ما استدعى الأمر. الظروف المحيطة بالأزمة السورية تدعو بإلحاح إلى استخدام القوة العسكرية، لأن الأطراف المتصارعة ميالة لاستخدام القوة المفرطة ضد بعضها البعض. مدن بكاملها قد تُمسح من الوجود الفعلي، إذا ما أُطلقت أيدي النظام في استخدام الجيش بغية التخلص من خصومه السياسيين. يرى النظام أن المعارضة مسلحة، وتتخذ من التجمعات المدنية أمكنةً للاختباء والانقضاض على قوى الأمن الموالية للنظام. التدخل العسكري له من يؤيده ومن يعارضه، له سلبياته وإيجابياته. بالدرجة الأولى، يفتح الباب على مصراعيه لنشر الأزمة سياسياً وعسكرياً، خارج الحدود السورية.

السيناريو الرابع، هو ما جرى حتى الآن، وهو ترك الساحة للصراع، والمراقبة الفاعلة عن كثب. يجري ذلك من منطلق أن أهالي الشام أدرى بالشعاب، ويعرفون أقصر الطرق للتخلص من بعضهم البعض بالتدمير والإهلاك. الجيش السوري الحر الآن يقف على أرض وأقدام ثابتة ضد جيش عرمرم في المنطقة، ومزود بأسلحة متطورة كماً ونوعاً. ميزان القوى يميل تدريجياً إلى جانب الجيش الحر، مع تعاظم المد السياسي والإعلامي الإقليمي والدولي ضد النظام السوري «المتهالك».

في كل يوم، وأكثر من أي وقت مضى، تحقق حركة التغيير المستعرة في سوريا المزيد من الانتصارات العسكرية والسياسية والإعلامية. انكفأ النظام على نفسه مع بدء تخلي أقوى الحلفاء عنه؛ روسيا والصين كالعادة. الوضع مشابه لما حدث في حلقات ربيع التغيير العربي الأخرى، وخاصةً في ليبيا، لما تحتويه من مشاهد وأعمال عنف دموية.

تجاهلت الأطراف المتنافسة كل أشكال ومقترحات الحل السلمي الوسط، وفضّلت اللجوء للعنف. بشكل خاص تجاهل النظام حقيقة فريدة من نوعها عن الشعوب؛ الشعوب على ضعفها العسكري والسياسي لا تُقهر.. قد تخسر أو تنتكس مؤقتاً، أو يفنى جزء منها، لكن نصراً محققاً مؤزّراً يظل في الانتظار.

=================

تأثير الجمود الأميركي في سوريا

المصدر: صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأميركية

التاريخ: 25 سبتمبر 2012

البيان

أهدر كثير من الحبر، في الآونة الأخيرة، على الخطر المتزايد لمقاتلي تنظيم القاعدة على نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وإحدى الحجج العديدة التي جرى التقدم بها حول وجوب عدم تزويد أميركا للثوار السوريين بمزيد من المساعدة المباشرة، هي إمكانية أن يؤدي انتصار الثوار إلى وصول القاعدة والمتعاطفين معها إلى السلطة، في مرحلة ما بعد الأسد.

لكن وجهة النظر تلك، وللمفارقة، تجعل من تنظيم القاعدة الورقة الثمينة الأكثر فاعلية التي يملكها الأسد. وإذا كان وجود القاعدة يردع واضعي السياسات الأميركيين عن المزيد من التورط في الأزمة السورية، فإن هذا الوجود بالنسبة لنظام الأسد يستحق الحفاظ عليه.

والمشكلة الأخرى في ما يتعلق بالتركيز كثيرا على احتمال صعود القاعدة، هي أن كلفة عدم التحرك في سوريا غير ممثلة كما يفترض للأسف في السجالات الأميركية حول السياسات. وحتى إذا انتصر الثوار، فإن أميركا باستمرارها في الجلوس متفرجة فيما تزداد الخسائر البشرية، تواجه احتمال قيام حكومة معادية لها قطعا في دمشق، بغض النظر عن تولي المتشددين السلطة من عدمه.

وبالنسبة لنظام الأسد، لا يخدم وجود القاعدة في سوريا درء التهديدات الخارجية، مثل التدخل الأميركي، فحسب، وإنما يخفف أيضا من أثر أحد التهديدات الداخلية العديدة للأسد، لا سيما انشقاق الأقليات السورية إلى جانب الثوار. وكلما زادت الانتفاضة في اتخاذها للطابع الإسلامي، قل احتمال انقلاب الأقليات السورية على الأسد.

وطبعاً، فإن احتمال وصول القاعدة أو غيرها من التنظيمات المتشددة إلى السلطة، أو كسبها تأثيراً في مرحلة ما بعد الأسد، سيكون كابوساً أيضاً لمصالح أميركا الإقليمية. لذا يجب أن يأخذ مثل هذا السيناريو الحسابات السياسية في الاعتبار، حتى إذا لم يكن مرجحاً في مثل هذا الوقت. وبالتركيز على إمكانية استغلال القاعدة للصراع السوري، فإنه يجري صرف الانتباه عن التكاليف المتصاعدة سريعاً لكلفة عدم التحرك الأميركي. وفيما واشنطن تتردد في مواقفها، فإن مشاعر الاستياء ضدها تزداد بين أبناء الشعب السوري وشعوب الشرق الأوسط بشكل أوسع، وهذه ليست تكلفة محتملة، بل تكلفة في تزايد مستمر.

والمشاعر المعادية لأميركا تضعف الحلفاء الإقليميين لها وتعزز قوة أعدائهم، مثل تنظيم القاعدة. ويتراجع تأثير أميركا على القضية العربية الإسرائيلية، وعلى الإصلاحات السياسية العربية حديثة الولادة، وحتى على مستقبل العراق. ومن دون ارتباط أميركي أكثر وضوحاً في سوريا، فإن الصراع فيها على الأرجح سيطول.

واحتمال تسليح أميركي للمعارضة السورية وتدريبها، وتقوية القاعدة بشكل من الأشكال، يعد أمراً مخيفاً، لكن المخيف أيضاً هو القيام بتأسيس نظام معاد للمصالح الأميركية في مرحلة ما بعد الأسد.

وإذا سمح صانعو السياسيات الأميركيون للخوف من القاعدة بأن يمنعهم من تزويد الثوار السوريين بمزيد من الدعم المكثف، فإنهم بذلك ربما يساهمون في إيجاد الظروف نفسها التي يحاولون تجنبها.

=================

«الأمم» و «النظام»

الوطن القطرية

التاريخ: 25 سبتمبر 2012

ينطوي تمثيل سوريا لأول مرة في عمومية الأمم المتحدة بطرفين، أحدهما رئيس المجلس الوطني السوري المعارض، على دلالات طافحة بالمعاني، ومنها أن المجتمع الدولي لم يعد يسلم بشرعية مطلقة أو أحادية للنظام السوري، وأنه يجب الأخذ في الاعتبار الدولي إرادة الشعب السوري الذي يثور حاليا ضد نظام استشرش وحكمه بالحديد والنار وكمم الأفواه، وراحت عناصر من هذا النظام الفاسد تتربح على هواها، مستفيدة من مناخات اقتصادية وسياسية غير صحية.

ويعني هذا التمثيل المزدوج أن اليوم والغد لا بد أنه سيكون مختلفا عن الأمس، وأن التأييد الدولي للمعارضة السورية آخذ في النمو والاتساع، بينما العزلة الدولية للنظام تضيق من حول رقبته.

ولعل الرسالة الأممية في ذلك تتوجه كذلك إلى كل من موسكو وبكين، لتكفا عن التسبب في شق الموقف الدولي إلى فسطاطين، من خلال حق «الفيتو» الذي أرادا به باطلا وهو ما يطيل من أمد الأزمة، وعلى حساب الشعب السوري، الذي طالت عذاباته.

إن التقديرات الأممية التي أعلنت أمس، وتؤكد على أنه تم تدمير أكثر من 2,8 مليون مبنى في كل المدن السورية، على امتداد شهور الأزمة البالغ عددها نحو تسعة عشر شهرا، ينبغي أن تتوضح للعالم حتى تتبين الآثار الحالكة التي يتكبدها الشعب السوري نتيجة تشبث نظام غير شرعي بالسلطة، فالسوريون صاروا بالعراء، بينما يواصل النظام الذي يزعم الدفاع عنهم في اتباع سياسة الأرض المحروقة، من خلال ابتداع براميل البارود الملقاة من الطائرات.

ومن ثم فإن النظام هو الذي يقوض شرعيته، وهو الذي يحاصر نفسه بأفعاله، وهو الذي يستدعي غضب العالم، وهو أيضا الذي يصر على ألا ينظر إلى نفسه في مرآة الواقع، ليرى كم أصبح دميما ودمويا.

=================

هل من "دولة" طائفية محتملة؟

تاريخ النشر: الثلاثاء 25 سبتمبر 2012

د. طيب تيزيني

الاتحاد

مع تعاظم الصراع العسكري الأمني في سوريا تتعقد الأحداث على الأرض، كما تتسع رقعة التساؤلات حول مصير "الدولة" المحتملة، يداً بيد مع بروز مشكلات هي، في أساسها، غريبة على التاريخ السوري الحديث والمعاصر تحديداً، وفي مقدمتها مشكلة الطوائف والدول الطائفية. ولا سبيل هنا إلى تجاوز السؤال التالي، ذي البعدين الاثنين: هل استطاعت اتفاقية "سايكس بيكو" الفرنسية الاستعمارية تحقيق "دولة طائفية" في سوريا سُنيّة أو علوية أو درزية...إلخ، وفي الشق الثاني يبرز السؤال فيما إذا كانت هذه "الدولة" الطائفية قد مثّلت مشروعاً "وطنياً" لدى فريق أو آخر؟

إن الإشكالية السابقة، بما يلحق بها من حيثيات، ظهرت بالتاريخ السوري الحديث والراهن في حالتين اثنتين، حالة ارتبطت بالمشاريع الاستعمارية، وأخرى ظهرت مقترنة بحلول طرحتها نظم ديكتاتورية واستبدادية بوصفها (أي الحلول) طريقاً إلى إحكام السيطرة على الشعب السوري. وفي كلتا الحالتين، ظهر الانتماء الديني والآخر الطائفي بوصفهما طريقين إلى تحقيق ذلك. فكما أشرنا إلى "سايكس بيكو" على أنها المشروع الفرنسي لتفتيت سوريا وفق طوائفها (وهذا فشل فشلاً ذريعاً)، فكذلك نشير إلى ما أخذ يطرح نفسه بسوريا في سياق الانتفاضة الثورية وضدها تحت عبارة "ضرورة تحرير الطوائف الصغيرة من هيمنة الطائفة الكبيرة".

فإذا أخفقت الطائفية من الخارج، فإنها تجد نهاياتها في الداخل الآن وغداً. فلقد كان إجماع على إدانة الطائفية في سوريا بوصفها مشروعاً استعمارياً، وذلك الإجماع الذي ظهر خصوصاً عبر رجال سوريا الكبار في حينه: سلطان الأطرش، وصالح العلي، وفارس الخوري، ويوسف العظمة، وإبراهيم هنانو وغيرهم، كان هنالك المشروع الاستعماري ومنه الصهيوني، الذي حاول حتى بالسلاح إخراج سوريا من الامبراطورية العثمانية الآخذة بالتفكك ومن الحرب الأولى والثانية، مقسمةً متهالكة.

وإذ نجح الاستعمار الغربي في تمزيق الوطن العربي، إلا أنه ظل عاجزاً أمام تقسيم سوريا إلى دول أو كانتونات طائفية، بل إن تحقيق استقلالها عام 1946 كان منطلقاً لمشروع وطني، لم يستمر طويلاً. فلقد جاءت الوحدة بين سوريا ومصر عام 1958 لتحقق مدخلاً إلى الوحدة العربية، لكن بعد أن انتُزع من القطرين ما يوطّد وحدتهما، وهو المجتمع السياسي والحراك السياسي والتعددية السياسية الحزبية.

ولم يطل الأمر كثيراً، فجرى تفكيك الوحدة، لتدخل سوريا مرحلة جديدة اتّسمت بالضعف، بحيث قاد ذلك إلى إدخالها ثانية في عجلة الانقلابات العسكرية. وتأتي ثالثة الأثافي حين ينجح انقلاب عام 1963، لينشأ مشروع غير مسبوق يُدخل سوريا في حالة جديدة من الحكم السلطوي، ونعني بذلك حكم الدولة الأمنية، التي تتجاوز مطامع الدولة الانقلابية العسكرية. لتؤسس، بقوة وبشمول، لسلطة كلّية لم تعد تكتفي بالنظر إلى خصمها متمثلاً في طُغَمٍ عسكرية ومدنية انقلابية. لقد ظهر "الخصم الجديد" متمثلاً في المجتمع السوري برمته، وإذن يجب أن تجفف سوريا من كل المشاريع التغييرية الوطنية، لبقائها حقلاً جيوسياسياً يختزل تاريخها بمقولة "إلى الأبد".

أمّا ما لم يُؤخذ بالحسبان فهو إن التاريخ "القومي أو الوطني أو العالمي" لا يمكن أن يُغلق لصالح نسق واحد، وهنا المفاجأة لأولئك الذين وضعوا حساباتهم بمقتضى الأبدية. لقد أخفق فوكوياما، وكذلك أخفق هؤلاء. ها هنا برز ما كان غائباً نسبياً عن البال: إنه محاولة إنتاج رهانات تحافظ على الأبدية. ومن هذه الرهانات، راحت تبرز الحروب الطائفية، والأخرى الأهلية، والثالثة التحالفات مع قوى أجنبية تسعى، كذلك، إلى امتطاء الكون كله. لقد عادت رهانات الطائفية يداً بيد مع مشاريع الأبدية الزائفة المؤسسة على رباعية الاستئثار بالسلطة وبالثروة والإعلام والمرجعية الاجتماعية السياسية.

د. طيب تيزيني

أستاذ الفلسفة - جامعة دمشق

=================

الإبرهيمي: إطفائي ينتظر دعوة!

علي حماده

2012-09-25

النهار

لن يحصل اي تغيير فعلي في المعطى السوري قبل حصول تطور نوعي في موازين القوى على الارض. والتطور النوعي لن يحصل قبل ان يتغير موقف الدول العربية الداعمة للثورة ومن ورائها الولايات المتحدة لناحية رفع مستوى المساعدات العسكرية للثورة، عبر تسليم الجيش الحر سلاحا متطورا ضد سلاحي الطيران والدبابات. هذا هو الاستنتاج الاول الذي يخرج به المراقب لمسار مهمة الاخضر الابرهيمي الذي احاط مجلس الامن امس بالوضع في سوريا، واكتفى بالقول انه لا يملك خطة كاملة لحل الازمة السورية، وانه لم يسحب "خطة انان" ببنودها الستة عن الطاولة. ولعل كلام وزير خارجية المانيا الذي تحدث مباشرة بعد اجتماع مجلس الامن بالابرهيمي، والذي اكد فيه ان "لا بديل من خطة كوفي انان"، كان الاوضح لناحية عجز مجلس الامن والامم المتحدة عن القيام بعمل فاعل يوقف المذبحة القائمة في سوريا. وكان لافتا ان اجتماع مجلس الامن المغلق للاستماع الى الابرهيمي جاء على مستوى السفراء، ما خلا وزير الخارجية الماني، بما اوحى سلفا ان الامم المتحدة باقية على هامش الازمة ريثما تفتح كوة جدية يمكن العبور منها للعودة الى  "خطة انان" بقيادة الابرهيمي الذي يوصف بالاطفائي الذي ينتظر دعوة لاطفاء الحريق!

إذاً لا جديد في ملف الازمة السورية. الامم المتحدة ومعها الابرهيمي في غرفة الانتظار، والارض هي المسرح الحقيقي للتطور المنتظر، وهو لن يكون الا عسكريا. وبالرغم من الدعاية التي احاطت انعقاد ما سمي "مؤتمر الانقاذ الوطني "الذي نظمته" هيئة التنسيق الوطنية "المعتبرة مجازا بأنها معارضة الداخل، فإن مشاركة سفراء روسيا والصين وايران فيه، واعلان سفير الاخيرة محمد رضا شيباني انه امن الضمانات الامنية اللازمة لانعقاد المؤتمر من دون ان يتعرض المشاركون لمضايقات النظام اضعف المؤتمر، ووضعه في مواجهة مع مناخ شعبي داخلي، يعتبر ان ايران تشارك في سفك دماء السوريين اما مباشرة واما عبر عناصر من "حزب الله". ومع ذلك كان لافتا ان يكون العنوان الابرز في المؤتمر المعارض المحمي هو "اسقاط النظام بكل رموزه ومرتكزاته" ليدل على انه، حتى محاولات شراء الوقت والمناورة  الايرانية - الروسية - الصينية ما عاد في الوسع حرفها عن عنوان "اسقاط النظام". وهذا بالتحديد ما ينبغي لبشار الاسد ان يعيه اليوم. ان المعلومات المستقاة من الارض، تشير الى ان التطور الميداني المنتظر الذي سيبدل في المعطى الاستراتيجي سيركز على امرين: الاول، سقوط حلب بالكامل في ايدي الثوار. والثاني، سقوط كل المنطقة الشمالية الممتدة من ريف ادلب الى ريف حلب وعمقها الحدود مع تركيا.

في الانتظار: بشار يخسر مزيدا من الارض، وعبد الباسط سيدا يتلقى دعوة اممية رسمية لحضور اعمال الجمعية العمومية للامم المتحدة في موازاة مشاركة وليد المعلم ممثلا للدولة السورية: اقتربت النهاية!

=================

الحل التفاعلي والقنابل البرميلية!

راجح الخوري

2012-09-25

النهار

كرر سيرغي لافروف الموقف الروسي من الأزمة السورية على مسامع وفد "مجلس العلاقات العربية والدولية" الذي زار موسكو في محاولة لكسر جليد "الفيتو"، الذي عطّل مجلس الامن ويدفع بالوضع في سوريا نحو مزيد من المآسي.

ليس جديداً ان تقول موسكو للوفد انها غير متمسكة ببقاء النظام او رحيله لأن هذا الأمر يقرره الشعب السوري بنفسه من دون أي تدخل يعيد سيناريو الحال الليبية التي ترفض روسيا تكرارها، ولكن ليس خافياً على احد ان هذا الموقف يشكل الغطاء المثالي لاستمرار المذبحة التي بدأت قبل 18 شهراً.

صحيح ان شعار”الشعب السوري هو الذي يقرر مصيره” يعكس مبدأ محترماً يفترض الا يجادل احد في احقيته، لكن كيف يمكن هذا الشعب ان يقرر مصيره فعلا اذا كان النظام يصر على انه هو الذي يملك الحق في أن يقرر له هذا المصير الذي يراوح بين أمرين:

 إما ان يقبل باصلاحات على طريقة الباب الدوّار، بمعنى دخول المعارضة وخروجها من دون أي تغيير والاكتفاء باصلاحات شكلية تبقي النظام وآليات حكمه الشمولي، وإما ان يستمر في تطبيق الحل الأمني الذي يشهد العالم فصوله اليومية الكارثية!

 ليس واضحاً ما معنى قول محمد الصقر الذي ترأس الوفد العربي ان “لافروف اعطى تفويضاً للمجلس لاعداد مبادرة تفاعلية بشأن القضية السورية وتقديمها الى روسيا لإيجاد وسيلة لحل الازمة وحقن الدماء”، ومن الضروري السؤال: “بأي حق ينصّب لافروف روسيا وصياً على الحلول في سوريا، ولماذا يسمح لموسكو بأن تقرر عن الشعب السوري وهل يظن ان كلامه يمكن ان يخفي تمسك بلاده بموقفها التعطيلي؟ ثم بأي حق يوافق الوفد العربي على البحث عن حل “تفاعلي”يرفعه الى روسيا وماذا يعني بالتفاعل بعدما وصلت الامور في سوريا الى معادلة مقفلة:

نظام مصمم على القتال حتى آخر سوري في معركة لن يكسبها، فحيث يسقط قتيل ينهض عشرة مقاتلين في مقابل معارضة مصممة على القتال حتى آخر نقطة دم في معركة لن تبقي حجراً على حجر؟

يجب ان نتذكر ان موسكو لم تتحدث قط عن قبولها بأن يقرر الشعب السوري مصيره وتغيير النظام إلا بعدما تجاوز عدد القتلى الـ15 الفاً أي منذ اشهر، وبعدما ثبت لها فشل الحل العسكري الذي اشترت له الوقت تلو الوقت وهي تعطل مجلس الأمن وتفشل مبادرة الجامعة العربية على يد لافروف الذي وصل الى القاهرة وقام بتفخيخ مضمون مبدأ “الانتقال السياسي” على الطريقة اليمنية، وقد تأكد هذا عملياً بعد استعمال الفيتو ثلاث مرات... فمن اين يأتي ايها السادة الحل التفاعلي ان لم يكن من القنابل البرميلية؟!

=================

تساؤلات لافتة حيال مؤتمر معارضي الداخل

هل عدّل النظام السوري سقف التفاوض؟

روزانا بومنصف

2012-09-25

النهار

استرعت اهتمام متابعي الوضع في سوريا، وهم كثر، جملة عناصر في اجتماع معارضة الداخل في مؤتمر عشية انطلاق اعمال الجمعية العمومية للامم المتحدة حيث يتوقع ان يكون الموضوع السوري على جدول اعمال كل اللقاءات ومحور كل الكلمات التي ستلقى فيه بما فيه اجتماع مرتقب للرباعية الاقليمية التي تضم ايران ومصر والمملكة العربية السعودية وتركيا سيعقد على هامش اللقاءات في نيويورك. فالمؤتمر بدا، وفقا لهؤلاء المتابعين ووفقا لتوقيته الذي لا يمكن عدم اخذه في الاعتبار، بمثابة رسالة موجهة الى مجموعة الدول المعنية والمتابعة للوضع السوري حملها مضمون المؤتمر ونتائجه كما الى الامم المتحدة التي كان يستعد مبعوثها الى سوريا الاخضر الابرهيمي لالقاء كلمة يعرض فيها خلاصة زيارته لسوريا والاتصالات التي اجراها وما يمكن القيام به. ووفقا لشكل المؤتمر وظروفه كما لمضمونه رصد المتابعون جملة ملاحظات حملت في طياتها استنتاجات هي اقرب الى التساؤلات منها الى الحكم عليها كاستخلاصات : اولا ان المؤتمر عقد في قلب العاصمة السورية على رغم ضغوط تمثلت في خطف النظام ثلاثة من المعارضين المشاركين فيه الى المطار نفى النظام مسؤوليته عن خطفهم فيما اكد المؤتمرون ضلوع هذا الاخير ومسؤوليته في هذا الاطار. لكن بدا في هذا الشق انه رسالة عن استعداد النظام للانفتاح بمقدار كبير حتى على معارضة تطلب رأسه. ثانيا انه ضم غالبية فصائل المعارضة الداخلية التي قالت او تبنت مضمون او خلاصة مضمون معارضة الخارج التي تقول برحيل النظام ورموزه ايضا بما في ذلك مؤتمر القاهرة الذي عقد قبل حين لفصائل المعارضة. وهذا المؤتمر وعلى عكس المؤتمر الذي عقد في حزيران الماضي لاطياف المعارضة نفسها التي طالبت حينذاك بالتغيير انما من ضمن النظام هو اكثر تقدما وتطورا لجهة مطالبها راهنا بتغيير النظام برموزه كافة ونزع علم المعارضة من الخارج ونقله الى الداخل. يضاف الى ذلك ان هذا المؤتمر الذي عقد بحضور الدول الداعمة للنظام اي روسيا والصين وايران والجزائر يفيد برعاية هذه الدول لهذه المعارضة ومساندتها لها في ما يعتقد انه عرض غير مباشر الى الدول الغربية بتبني هذا الخيار الذي يقوم على معارضة مختلفة عن معارضة الخارج او الثوار المسلحين من حيث عدم شمول معارضة الداخل او تضمنها عناصر من الاخوان المسلمين او من السلفيين او من القاعدة وفقا لما باتت تتهم به المعارضة الثورية والمسلحة اضافة الى ان هذه المعارضة تطالب بتغيير كامل للنظام ورموزه انما من دون حروب وعنف وسلميا اي من خلال التفاوض. ثالثا ان ما يدفع الى هذا الاعتقاد ان ما رفعته المعارضة الداخلية من عناوين هو جريء بدرجة كبيرة اي تغيير النظام بكل رموزه واتاحة النظام او سماحه بحصول ذلك في قلب العاصمة السورية يثير تساؤلات عن الهدف من هذا الهامش الكبير الذي اتاحه الرئيس السوري للمؤتمرين ورغبته في توظيفه لمصلحته. فليس هامش الديموقراطية او الحرية والتعددية الذي برز فجأة هو ما يثير تساؤلات، بل يتعدى هذا الهامش الى ما يمكن تقبله الى حدود هي بمثابة انقلاب لا يمكن النظام قبوله ما لم يكن يرمي الى هدف ما من ورائه. والمؤتمر يأتي غداة زيارة وزير الخارجية الايراني علي اكبر صالحي لدمشق حاملا ما قيل انها مبادرة ايرانية للحل من نقاط عدة بلورها على اثر اجتماع للرباعية الاقليمية التي انعقدت في القاهرة اخيرا وغابت عنها المملكة السعودية. وفيما وزعت وكالات الانباء الايرانية نقاط هذه المبادرة ومضمونها والذي كان ابرزها نشر مراقبين من الدول الاقليمية في سوريا، فان احدا لم يسمع عن هذه المبادرة بعد اللقاء الذي عقده وزير الخارجية الايراني مع الرئيس السوري بشار الاسد او ما اذا كانت عرضت عليه او لم تعرض او اذا قبلها او قبل بعض بنودها او لم يقبل.

في رأي هؤلاء المتابعين ان المؤتمر هو مؤشر على ضعف من النظام لجهة قبوله ليس بانعقاد المؤتمر بل بقبوله بتحديد سقف مطالبه بتغيير النظام. وهو ما يشكل نوعا من التراجع لدى النظام من حيث عدم قبوله سابقا الا اصلاحا من ضمن النظام. واستعداده راهنا للمفاوضة على تغيير النظام انطلاقا من استعداده للحوار مع معارضة الداخل كما سبق ان قال وليس مع معارضة الخارج يعني ان سقف التفاوض لديه قد تغير وبات مستعدا للتفاوض على تغيير النظام وليس فقط على اصلاح من ضمنه خصوصا ان كل الاصلاحات التي قال انه قام بها قد استنفدت ولم تنجح. وتاليا فان الاسئلة التي تثار في هذا الصدد تتصل بما اذا كان المؤتمر هو العرض الذي سيجذب الاميركيين والغربيين عموما الى حل في سوريا بناء على تفاوض يجري بين رأس النظام ومعارضيه في الداخل على تغيير النظام في ضوء خلو هذه المعارضة من العناصر الاصولية او السلفية التي تخشاها الولايات المتحدة والدول الغربية؟ او ايضا اذا كان هذا العرض يلقى وسيلقى دعما وتبنيا من روسيا والصين وايران على اساس انه الحل الممكن الذي يمكن السير به انطلاقا من انه يمكن ان يحفظ مصالح هذه الدول في سوريا المستقبل بعد رحيل النظام بالتفاوض معه في حين ان المعارضة الخارجية قد لا تفعل ذلك بعد الدعم العسكري والسياسي الذي قدمته هذه الدول ولا تزال للنظام السوري ومساعدته على البقاء؟

=================

هولاكو دمشق : عاشق لعار التاريخ

خليل النعيمي

2012-09-24

القدس العربي 

'آفة كل دكتاتور، مهما كان صغيراً (مثل مُدَمِّر سورية الحالي) أنه يريد أن يكون الطبيب العالمي للتاريخ'. 'لأن مجده يعني احتقار مَنْ عداه'. 'إنه الكائن الكريه الذي لا يكون جميلاً إلا إذا سَوّى كل مَنْ حوله دميمين'. 'وهو لا يشعر بالسعادة إلا إذا كان كل الآخرين مهزومين وتعساء'. 'الدكتاتور هو أتعس الناس...إنه وحش غذاؤه الأعراض والكرامات'، وسحق الأبرياء من البشر الذي تجرّأوا على مقاومته.

'الاستبداد والطغيان هما بعض مركبات الدكتاتور...لكنهما بعض صفاته المتواضعة'. لأن الدكتاتور يمثِّل فُجور الطبيعة الإنسانية في أقذر أشكاله. 'إن خصائصه الكثيرة المتعبة تجعل وجوده ظاهرة مرعبة'. 'إنه بذرة تجمَّعَتْ فيها خصائص خطيرة، ونَمَتْ في تربة صالحة لازدهار الشَرّ'. ولكن، 'في أي الظروف يوجد الدكتاتور'؟

'إنه لا يوجد في أحسن الظروف، ولا في أسوئها. الظروف الجيدة لا تأذن بوجوده، والسيئة لا تتحَمَّل وجوده. إنه يوجد في ظروف متطورة، ولكنها غير متكاملة، ولا مستقرة... ظروف فيها مرارة وألَم وحيرة وفراغ واتكالية'. 'الدكتاتور لا يجيء في كل الظروف، ولا في كل المجتمعات. إنه يجيء في ظروف خاصة قابلة لأن يمارس فيها كل جنونه. إنها ظروف تهيىء للوقوع في شباك الدعاية والاستهواء'. و'هو لا يؤمن بالأخلاق، ولا بالمنطق... إنه يكذب ويضلِّل ما استطاع. لا يخجل من النور لأنه لا يراه... وكل ما في الشمس من قوة وكشف لا يردعه'.

ومن جهة أخرى 'ليس للجماهير مناعة ضد الانخداع والخوف وتصديق الأكاذيب. إن استعداد الجماهير للانخداع والاتباع مشكلة قديمة... وهو ما يسمح لدعاية الدكتاتور المرعبة أن تبلغ منتهاها'. 'فإذا ما وُجِدَتْ غواية الدكتاتور بكل مغرياتها وأساليبها وأبواقها، وسَلَّطَتْ على الناس كذبها وفُجورها وانطلاقاتها المتوحشة، يصبح محتوماً أن تبدو رسالةً وإنقاذاً في تصوُّر أتباعها. فيَتَرامون تحت أقدامها بلا وقار أوذكاء'. 'إنهم بذلك يهربون من خواء أنفسهم الأليم. إنهم لا يجدون ما يملأ الفراغ (الذي أحدثه في نفوسهم) غير الإيمان بالتعصب والحقد والكذب والوعود التي تطلقها دعاية الدكتاتور الباهظة'، تلك التي تجيء تعبيراً عن حالة الخضوع المزمن البغيض الذي فرَّغ الكائنات من إنسانيتها، طلية عقود.

'يُحدِثُ الدكتاتور في العلاقات الإنسانية نوعاً جديداً من الأخلاق الكريهة... إنه يشيع أساليب الوقاحة والسباب والبذاءة والاتهامات... إنه يحدث أخلاقاً لا عهد للبشر بها. ويضع لهذه الأخلاق الجديدة لغة جديدة. إنه يتحوّل إلى عار في تاريخ البشرية'. 'إن وجود الدكتاتور علامة هائلة على استعداد العقل البشري للإصابة بالجنون'. و'ظهوره، بحد ذاته، علامة على الكارثة'. فهو 'لا يتألّق إلاّ في ظروف دولية خطيرة'. و'لا يقتات إلا بالآلام والمخاوف والأحقاد والتوتر...ولا يعيش إلا بالتحريش بين الدول والكتل المتخاصمة...'. و'الدكتاتور مهما كان تافهاً خليق بأن يصيب الإنسانية بأكبر الآلام'.

'الدكتاتور لا يطيق المعارضة. مَنْ يعارضونه خونة وأعداء ولصوص وفاسدون ومتآمرون وأشرار. وليس لهم إلا أن يموتوا كما تموت الكلاب. وكل مَنْ لا يؤمن بعصمته زنديق وشرير'. 'إنه لا يطيق النقد والتفكير. إن التفكير والنقد كفر بالقومية. ومَنْ يمارسهما عميل للإعداء. ويجب أن يُقْضى عليه بلا شفقة'. 'لماذا التفكير والنقد' والدكتاتور موجود؟

'الدكتاتورية شجرة لا تنمو إلا في الجحيم... في الحرب، والخوف من الحرب، والتهديد بالحرب... إنها شجرة ثمارها البغضاء والخوف والخصومات والأزمات... شجرة ثمارها الأحزان والدموع والمهانات والبذاءات...شجرة لم تزرع الطبيعة أخبث منها'.

عجباً! كل هذا، وأكثر منه بكثير، كان مكتوباً، منذ عقود، ولم نقرأه! وإذا قرأناه لمَاذا لمْ نتوقف عنده، ونتعلّم منه؟ لماذا لا يقرأ العرب بعضهم؟ (أم تراني أعمِّم جهلي على الآخرين ؟) وبدلاً من أن نتشدّق بــ'خورخي لويس بورخيس'، مثلاً، الذي لا يقول شيئاً آخر غير ما معناه: 'إقرأوا المكتوب.. ولا تعيدوا أنتاج ما أُنتِج من قبل.. بل حَدِّثوه'، لماذا لم نتعلّم منه طاقة القراءة على تغيير المصير؟

ــ (*) بتصرف عن 'عبد الله القُصيمي' في كتابه :'عاشق لعار التاريخ' الصادر عام 1963.

 

=================

إيران والمنطقة ما بعد الأسد * ياسر الزعاترة

الدستور

25-9-2012

في غضون أقل من ثلاثة شهور وجه عدد من الوزراء والمسؤولين الإيرانيين رسالتين للمرشد خامنئي تتعلق بإدارة الشأن الداخلي في ظل أوضاع بالغة الصعوبة على الصعيد المعيشي للإنسان الإيراني، فيما يبدو أنه انتقاد خجول لإدارة أحمدي نجاد التي تعيش عامها الأخير في السلطة.

من المؤكد أن العقوبات الدولية قد ألقت بظلالها على الوضع الإيراني الداخلي، رغم أن السلطة لا زالت تفعل المستحيل من أجل الالتفاف على تلك العقوبات من خلال تهريب النفط بمساعدة دوائر عراقية، فضلا عن الجهود التي تبذل من خلال التجار الإيرانيين في الخليج.

يتزامن ذلك كله مع جهود استثنائية تبذلها السلطات الإيرانية لإسناد نظام بشار الأسد في سوريا، الأمر الذي يكلف الكثير من دون شك، لاسيما أن البعد الاقتصادي يبقى حاضرا إلى حد كبير؛ حيث تضطر إيران إلى ضخ الأموال من أجل الحيلولة دون سقوط النظام، الأمر الذي يضيف أعباءً إضافية على الاقتصاد الإيراني المتعب.

لا خلاف على أن إيران بدعمها الكبير لنظام الأسد إنما تحاول رفع سعرها في سوق التفاوض على مستقبل النظام، ولا يُعتقد أنها لا تزال مقتنعة بإمكانية بقائه إلى زمن طويل، لكنها تجاهد من أجل أن لا يكون سقوطه مدويا بما ينطوي على هزيمة لها من العيار الثقيل.

هي بكل بساطة تسعى لتأمين انتقال سلمي للسلطة لا يهمش العلويين الذين يهيمنون عمليا على المؤسسة العسكرية والأمنية، مع أن هناك من يرى أن نهج التدمير الذي يتبعه بشار الأسد إنما يهدف (بدعم وربما بمقترح إيراني) إلى إنشاء دويلة علوية تكون ركنا آخر لإيران في المنطقة تحول دون امتداد تداعيات سقوطه بشكل قوي على مصالحها في العراق ولبنان، إلى جانب تأمين الطائفة العلوية مما ترى أنه ينتظرها في حال سقوط النظام، مع أن ذلك قد يستخدم في سياق المساومة التالية أيضا.

والحال أن التفكير في الدويلة العلوية إنما هو نوع من العبث لأنها لن تصمد بأي حال مهما ضعفت الدولة المركزية بفعل نهج التدمير المتبع، أما الحديث عن صيغة سياسية تخفف من عبء الهزيمة على إيران، فهو نوع من العبث أيضا لأنها أصبحت العدو الأكبر في وعي السوريين، فضلا عن غالبية من العرب والمسلمين باتوا يقدمون العداء لإيران على العداء لأمريكا.

لا يتوقف الخوف الإيراني عند تداعيات سقوط الأسد، وإنما يتجاوزه إلى مسألة المشروع النووي الذي لا يستجلب العقوبات فحسب، وإنما يستجلب مخاوف من ضربة عسكرية إسرائيلية ستكون تداعياتها كبيرة بصرف النظر عن الردود العسكرية عليها.

إيران في هذا الملف حائرة بين خيارين؛ أولهما استمرار الصمود في مواجهة العقوبات وتحمل تداعياتها الصعبة داخليا، وثانيهما التراجع بما ينطوي عليه من هزيمة سياسية ستضاف إلى الهزيمة المتوقعة في سوريا، والنتيجة أن مشروع التمدد الذي اشتغلت عليه لمدة تزيد على عقدين من الزمان سينتهي إلى هزيمة صعبة، لا سيما أن سقوط الأسد سيتبعه من دون شك تصحيح للوضع السياسي في العراق ولبنان.

السؤال الكبير في هذا السياق هو تأثير ذلك كله على السياق الإيراني الداخلي، إذ لا بد أن يطرح المواطن الإيراني سؤالا كبيرا حول هذا المشروع الذي دفعت فيه إيران أثمانا باهظة وانتهى إلى فشل داخلي وخارجي.

مشاريع التمدد (الإمبريالية وفق التعبير المعروف) ينبغي أن تنتهي بثمار على الدولة صاحبة المشروع ومواطنيها، لأنها ليست للمباهاة فحسب، وحين ينتهي مشروع التمدد الإيراني إلى النهاية إياها فلا بد أن تتحمل القيادة التي تولت كبره كامل المسؤولية.

وفي حين يبدو أن المحافظين يمسكون بزمام الأمور بعد النجاح الكبير في تهميش ما يُعرف بالتيار الإصلاحي، فإن من غير المستبعد أن يفرز الشارع الإيراني قيادته الجديدة التي سترفع الصوت ضد ما يجري وتبشر بربيع إيراني يشبه الربيع العربي.

إذا لم يحدث مثل هذا التحول سلميا من خلال الانتخابات، وهو ما يبدو صعبا بسبب إمساك المحافظين بتلابيب الوضع الداخلي، فإنه سيحدث بثورة شعبية، والنتيجة أن إيران بعد هذه المرحلة لن تكون هي ذاتها قبلها.

إشكالية هذا التطور في المشهد الإيراني هو أنه قد يأتي بتيار لا يجد بعض رموزه حرجا في التحالف مع الأمريكان والصهاينة من أجل المصلحة القومية البحت، لكنه سيكون في نهاية المطاف مضطرا تحت وطأة التماسك العربي بعد الثورات ومعه الوضع التركي الصاعد، سيكون مضطرا لأن يتوصل لتفاهمات مع المحورين المذكورين. مع أن ذلك سيكون المسار الطبيعي لأي تيار في السلطة مهما كان لونه وشكله، اللهم إلا إذا قبل أن يلعب دور مخلب القط للمصالح الغربية كما كان حال الشاه.

الصراع بين محاور المنطقة الثلاثة لا يخدم غير الغرب الاستعماري المعني بسياسة فرق تسد، وحين تتواضع إيران بعد التطورات الجديدة سيكون بالإمكان التوصل معها لتفاهمات سياسية بعيدا عن الحشد المذهبي الذي يسود المنطقة.

خلاصة القول هي أن تطورات الربيع العربي، ومن ضمنها الثورة السورية ستكون خيرا على المنطقة، وبالضرورة على فلسطين أكثر من الوضع القديم الذي لم يهدد الكيان الصهيوني وإن حال دون تمدده كما خطط لذلك من خلال مشروع أوسلو وبعد ذلك حرب العراق التي انتهت بهزيمة أمريكية ساهمت في تحجيم نفوذها على نحو أضر وسيضر لاحقا بالمصالح الإسرائيلية.

=================

الرعاية الخارجية لمعارضة الداخل

وليد شقير

الثلاثاء ٢٥ سبتمبر ٢٠١٢

الحياة

كان من الطبيعي أن يتساوى الاهتمام بالحضور الديبلوماسي الروسي والصيني والإيراني، لمؤتمر «الإنقاذ الوطني» في سورية، مع سماح النظام بعقد هذا المؤتمر في قلب دمشق، وإعلان مكوناته أن التغيير والحل في سورية يتمان «بإسقاط النظام بكل رموزه ومرتكزاته».

بل ان هذا الحضور الثلاثي طغى على حضور ديبلوماسي لدول أخرى في المؤتمر وعلى قراراته، لأن منظميه أنفسهم، لا سيما هيئة التنسيق الوطني للتغيير، صرحوا بأنهم طلبوا من الدول الثلاث ضمان أمن المؤتمر وسماح النظام بعقده من دون التعرض لرموزه، كما حصل حين «خُطف» ثلاثة من رموزه قبل أيام.

وبصرف النظر عن السجال الدائر بين معارضي الداخل الذين تشكل منهم المؤتمر، وبين معارضي الخارج، ومهما كانت الاتهامات المتبادلة التي تكشف مرة أخرى ثغرة كبرى في قدرة معارضي النظام على التوحّد، لا بد من أن يلاحظ المرء بأن اضطرار النظام الى السماح بعقد هذا المؤتمر، مع ما خرج عنه، لم يكن ليحصل لولا التقدم الذي حققه معارضوه على الأرض وسيطرتهم عسكرياً على مزيد من المناطق، على رغم استمرار التوازن في ميزان القوى. وهو توازن قائم على أن الرئيس السوري بشار الأسد غير قادر على الحسم ضد المعارضة (بكل أشكالها) وأن الأخيرة غير قادرة بعد على إسقاطه، مع ما يرافق ذلك من مآس نتيجة إنكار الأسد لوجود ثورة وثوار ضده ولعمليات القتل المنهجي الذي يمارسه ضد شعبه.

وإذا كان الاستنتاج نفسه ينطبق على الرعاية الروسية – الصينية – الإيرانية للمؤتمر، لأنه لم يكن ممكناً للدول الثلاث أن تفعل ذلك لولا شعورها بأن نظام الأسد يخسر المزيد على الأرض وأن رقعة سيطرته تتآكل، فإن لتلك الرعاية وظيفة محددة في حلبة المداولات الدولية حول الأزمة السورية.

وعلى رغم أن الوثيقة السياسية الصادرة عن مؤتمر معارضة الداخل تبنت «وثيقة العهد» (اتفق عليها في القاهرة في 3 تموز/ يوليو) التي أقرتها أطياف معارضة الخارج والداخل والتي تنص على أن «الحل السياسي يبدأ بتنحية بشار الأسد ورموز السلطة ومحاسبة المتورطين منهم في قتل السوريين»، فإن موسكو وبكين وطهران تحتاج الى هذه اللهجة العالية لمعارضي الداخل، لتأخذ كل منها ما يناسبها من وثيقة المؤتمر ومنها وقف العنف فوراً من جانب النظام والتزام باقي أطراف المعارضة ذلك وقيام رقابة دولية وعربية على ذلك ومطالبة المبعوث الدولي العربي الأخضر الإبراهيمي بالدعوة الى مؤتمر دولي حول سورية للبحث في أفضل السبل السياسية للبدء بمرحلة انتقالية.

النقطة الأخيرة هي بيت القصيد بالنسبة الى موسكو وبكين وطهران، وهي الأهم في تبرير رعايتها للمؤتمر، والأرجح أنها مارست ضغوطاً على النظام كي يتيح عقد المؤتمر بسبب هذه النقطة بالذات متجاوزة إصرار مكوناته على إعطاء الأولوية لرحيل الأسد. فهي لم تغيّر موقفها الرافض لاعتبار تنحيه حجر الزاوية في الحل السياسي تارة بذريعة أن الشعب السوري هو الذي يفصل في الأمر كما تقول موسكو، وأخرى باعتبارها هذا المطلب «وهماً» كما تقول طهران (التي يتردد في بعض الأروقة الديبلوماسية أنها تتشدد في هذه المسألة الى درجة حديث مسؤوليها عن أن البديل هو ماهر الأسد).

هكذا يصبح «رفض التدخل الخارجي» في أدبيات الدول الثلاث وبعض المعارضة السورية، حيال الأزمة، شعاراً يناقض الدعوة الى عقد مؤتمر دولي مع رقابة دولية وعربية. وما يبرر هذا التناقض أن الدول الثلاث تسابق التطورات على الأرض التي تزيد إضعاف النظام، وتستبق بهذا الطرح الطروحات الغربية بإمكان رفع مستوى الدعم لـ «الجيش السوري الحر»، وتضع على الطاولة اقتراحاً مستنداً الى الداخل السوري، في مداولات نيويورك لمناسبة عقد الجمعية العمومية للأمم المتحدة والتي ستكون الأزمة السورية أساساً فيها، بين رؤساء الدول وفي مشاريع القرارات التي قد تُطرح.

وفضلاً عن أن فكرة المؤتمر الدولي هي توسيع لمؤتمر جنيف الذي عقد آخر حزيران (يونيو) الماضي والذي استبعدت عنه طهران (والسعودية)، فمن نافل القول إن عقد مؤتمر كهذا، يتطلب التمهيد له بتفاهمات أميركية – روسية وإيرانية – أميركية، إذا كانت الدول المعنية كافة تربط مواقفها من الأزمة السورية بالملفات العالقة بينها. كما أن جهداً دولياً بهذا المستوى يحجم المبادرة المصرية التي أفضت الى قيام مجموعة الاتصال الرباعية.

وفي الانتظار، بصرف النظر عن النية الحسنة عند معارضي الداخل في الدعوة الى وقف العنف فوراً، فإن الإجابة على المطلب أتت من الأسد نفسه حين التقى الإبراهيمي في 15 الجاري عندما قال له إن «المشكلة الحقيقية هي الخلط بين المحور السياسي وبين ما يحصل على الأرض». وهو ما يعني أنه يقبل بالحوار، بموازاة استمرار المعارك وعمليات القتل بلا هوادة. وهو سبق أن قال إنه سينتصر في الحرب عليه مهما كان الثمن.

=================

سورية بين مطرقة التدخل وسندان التفتت

وليد محمود عبد الناصر *

الثلاثاء ٢٥ سبتمبر ٢٠١٢

الحياة

أدى التصاعد التراجيدي للأحداث وتضاعف حمامات الدم في القطر العربي الشقيق سورية على مدى الأشهر المنصرمة منذ آذار (مارس) 2011 إلى تدرج دراماتيكي مواز انعكس في المزيد من تراجع وتضاؤل الخيارات المتاحة أمام الأطراف الرئيسية المتصارعة للخروج من الأزمة المحكمة، والتي باتت في واقع الأمر أقرب إلى الدائرة الجهنمية المفرغة التي يرى كثيرون أنه لا فكاك أو خروج منها إلى حالة أفضل، وأن كافة السيناريوات ذات الطابع العملي المطروحة يؤدي كل منها إلى نتيجة أو أخرى قد تكون أكثر سوداوية وأبعث على التشاؤم.

ولا جدال في أن العوامل التي تؤثر على معطيات الوضع في سورية وتحدد مسار الأحداث كثيرة ومتنوعة، كما تختلف في حجم تأثير كل منها وتتفاوت في مدى الثقل، وبينما يعتبر بعضها من الثوابت يمكن أن يندرج البعض الآخر ضمن فئة المتغيرات، كما أن التفاعل في ما بينها يولد بشكل مستمر عوامل جديدة تدخل في المعادلة السورية بكل قوة، وهو الأمر الذي يزيد من صعوبة التنبؤ. ومع أخذ كل ذلك في الاعتبار، فإننا سنحاول هنا أن نتناول عاملين قد يبدو أنهما مرتبطان بسيناريوَين مختلفين، مع الإقرار بأن أحد هذين العاملين هو بمثابة متغير ضمن متغيرات أخرى، بينما الآخر إحدى النتائج المطروحة للتردي الحالي والمتواصل.

والعاملان هما: التدخل الخارجي، والمقصود أساساً التدخل العسكري، والذي ينظر إليه البعض كوسيلة للتعامل مع الوضع الراهن بهدف وقف نزيف الدم وإيصال الأمور إلى نتيجة أفضل، بينما ينظر إليه البعض الآخر باعتباره متغيراً سوف يؤدي إلى المزيد من التدهور مستشهدين بما حدث في العراق وبما لا يزال يحدث في ليبيا. أما العامل الثاني فأشبه بالمحصلة التي يخشاها كثيرون وينظرون إليها باعتبارها كابوساً مظلماً مستحضرين الحال في العراق الآن، ومشتمّين حراكاً مشابهاً في ليبيا، ومحذرين من تنفيذ تدريجي لمخطط تفتيت للمنطقة العربية، وهو ما يراهن البعض على أنها نتيجة غير قابلة للتحقيق على أرض الواقع لأنها تناقض مصالح معظم الأطراف المعنية، ويعتبره البعض الثالث وسيلة لتحقيق أحلام تاريخية تداعب منذ زمن خيال جماعات قومية ومذهبية وأنه قد يكون مدخلاً للسلام والاستقرار، وأعني هنا انهيار الدولة وتفتت الكيان السوري إلى كيانات أصغر على أسس طائفية عرقية أو دينية أو مذهبية بما يعيد إنتاج سيناريو البلقنة القديم.

وقد يتساءل القارئ عن كيفية المقارنة بين وسيلة ونتيجة، حيث أن المقارنة تجوز عادة بين عاملين من نفس النوع، وهو تساؤل مشروع. إلا أن سبب المقارنة هنا أيضاً له وجاهته، وهو أن التدخل العسكري الخارجي، وهو الوسيلة هنا، يعتبر من وجهة نظر البعض السبيل إلى تفادي النتيجة، وهي تفتت الدولة السورية، بينما ينظر إليه البعض الآخر باعتباره سبيلاً سوف يؤدي إلى ضمان تحقيق هذه النتيجة، بل ربما الإسراع بالوصول إليها.

وإذا أردنا تناول التدخل العسكري، يتعين علينا بداية أن نعود بهذا المفهوم إلى أصوله. فقد كانت إرهاصات الحديث عما سماه البعض «التدخل الإنساني» قد تزامنت مع الغزو العراقي للكويت ثم حرب تحرير الكويت وما صاحب ذلك من قيام النظام العراقي حينذاك بعمليات واسعة ضد الأكراد في الشمال والشيعة في الجنوب، وقد أدت العمليات ضد الأكراد تحديداً إلى إثارة ردود فعل غاضبة على المستوى العالمي، خاصة في الدول الغربية، ما دفع، مثلاً، بالوزير الفرنسي آنذاك برنار كوشنير إلى الدفع بأطروحة «التدخل الإنساني» كغطاء يكتسب مشروعية قانونية دولية لتبرير تدخل عسكري أجنبي في الشؤون الداخلية لدولة يُفترض أنها مستقلة وذات سيادة تحت مبرر أن النظام السياسي الحاكم في هذه الدولة يمارس العنف ضد شعبه، أو ضد قطاعات منه.

ومنذ ذلك التاريخ، تم استخدام هذا المفهوم لتبرير تدخلات عسكرية خارجية في شؤون دول تعاني من درجة متقدمة من الاضطرابات والقلاقل، وذلك بدرجات متفاوتة من النجاح والفشل، على رغم أن هذا المفهوم لم يتم تعريفه بشكل محدد منذ بدء الترويج له وحتى لحظتنا الراهنة.

والتدخل المطروح في الحالة السورية غير واضح المعالم بعد، في ضوء حقيقة أن الأطراف الرئيسية الفاعلة والقادرة عليه، سواء إقليمية أو دولية، تعلن حتى اللحظة، على الأقل في مواقفها الرسمية، عدم رغبتها في القيام به، مما يضفي المزيد من الغموض على حدوده وأبعاده والأهداف المتوخاة منه، وإن كان أحد هذه الأهداف المفترض تحققها ضمان إنهاء الصراع بشكل لا يؤثر سلباً على وحدة الأراضي السورية. إلا أن تحقيق هذا الهدف ليس أمراً مضموناً، فأطراف التدخل قد يختلفون في ما بينهم في دوافعهم للتدخل، كما أن الأطراف المحلية للصراع قد يسعى كل منها بدوره إلى توظيف هذا التدخل لمصالحة الضيقة مع الضرب بعرض الحائط لهدف الحفاظ على وحدة الدولة أو سلامتها الإقليمية، وقد علمتنا تجارب بعيدة وقريبة أن هذه المخاوف لها مبرراتها.

أما مسألة تفتت الدولة أو تعرضها للبلقنة فيشكل هاجساً ليس فقط لقوى سياسية في الداخل السوري، بل ربما أكثر لدى الأطراف الإقليمية، أو لنقل على الأقل غالبيتها، بخاصة العربية منها، التي تعتبر أي تقسيم لأراضي الدولة السورية استمراراً، بل وتسريعاً، لنمط بدأ منذ حوالى عقدين، وأنه يكسب هذا النمط زخماً وقد تترتب عليه تداعيات أخرى تؤدي إلى انتقال «العدوى» إلى أراضي دول أخرى في المنطقة، بخاصة دول مجاورة لسورية جغرافياً، وربما سيادة حالة من الفوضى الإقليمية، وربما حروب أهلية ممتدة زمنياً ومتسعة مكانياً.

والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: هل ستعيد أطراف إقليمية معينة النظر في مواقفها الراهنة الرافضة، أو على الأقل المتحفظة، تجاه التدخل العسكري في سورية بعد تجاوز استحقاقات معينة، مثل الانتخابات الرئاسية الأميركية، وربما تحت لافتة «إنقاذ الدولة السورية»، سواء كان الشعار حقيقياً أم لا، أم سيستمر تصاعد الاستقطاب الطائفي في الصراع داخل سورية ليصل إلى تقسيم فعلي، وإن لم يكن رسمياً، للأراضي السورية، أم ستستطيع أطراف إقليمية أو دولية، فرادى أو مجتمعة، بلورة تحرك في اتجاه ينأى بسورية عن الخيارين اللذين أحلاهما مر، وهما التدخل العسكري الخارجي أو ضياع وحدة الأراضي السورية؟

 

=================

مؤتمر دمشق

علي ابراهيم

الشرق الاوسط

25-9-2012

أيا تكن اعتراضات المعارضة السورية الرئيسية للنظام التي لجأت إلى السلاح على الأرض في وجه حملة القمع الشرسة، فإن ما طرح في «مؤتمر الإنقاذ» في دمشق أول من أمس بمشاركة 20 حزبا وتيارا سياسيا وشخصيات معارضة، له دلالته المهمة على أن النظام وحلفاءه بدأوا يدركون أنهم في طريق مسدود.

فقد لا يكون الحاضرون لهذا المؤتمر الذين تتهمهم بقية فصائل المعارضة بأنهم معارضة غير حقيقية، قد تحدثوا في بيانهم بشكل صريح عن رحيل الأسد، لكن بيانهم الذي جاء من قلب دمشق تحدث عن العمل على إسقاط النظام بكل رموزه ومرتكزاته، وذلك تحت عين وفي قلب عرين النظام وآلته الأمنية والاستخباراتية وبحضور سفراء إيران وروسيا والصين التي يعتمد عليها النظام.

بقية البيان كلام لا يستطيع أحد أن يختلف حوله مثل نبذ الطائفية والمذهبية، وحماية المدنيين وفقا للقانون الدولي، واعتبار سوريا جزءا لا يتجزأ من العالم العربي، واعتبار الوجود القومي الكردي جزءا أساسيا من النسيج الوطني السوري، والتأكيد على وحدة سوريا وسلامة أراضيها.

النقطة الأهم هي الدعوة إلى وقف العنف فورا من قبل قوى النظام والتزام ما سماها البيان بالمعارضة المسلحة بذلك فورا أيضا تحت رقابة عربية ودولية مناسبة. ويبدو أن هذه هي نقطة الخلاف الرئيسية مع بقية فصائل المعارضة إذا تركنا جانبا الوزن الحقيقي لكل فصيل من فصائل المعارضة بما في ذلك المشاركون في المؤتمر على الأرض وبين الناس.

نظريا ومنطقيا؛ لا أحد ضد مخرج وحل سلمي للأزمة التي جرت فيها أنهار من الدم وتسببت في دمار هائل في المدن السورية وأرقام مهولة من اللاجئين والنازحين بخلاف المعاناة الإنسانية، ولا أحد لديه حرص على المصلحة السورية يكون سعيدا وهو يرى قتالا داخليا هو في النهاية بين أبناء الشعب الواحد، أو أن يرى الجيش السوري المفترض أن يكون جيش كل السوريين يستنزف بهذا الشكل وتشوه سمعته في معارك ضد أبناء شعبه من أجل سلطة تتشبث بالكرسي ضد رغبة شعب قال كلمته.

لكن بين التمني والواقع مسافة كبيرة، فالثورة السورية بدأت سلمية واستمرت هكذا لشهور طويلة.. مظاهرات يرد عليها بالرصاص والقمع الشرس ومحاولات إشعال صراع طائفي، ودعاية إعلامية لطمس حقيقة الغضبة الشعبية المطالبة بالحرية والعدالة الاجتماعية، عن طريق شعارات يستخدمها النظام؛ هو نفسه يعرف أنها جوفاء.

يحور من الدم جرت، وعشرات الآلاف من الأسر شردت وهجرت منازلها، وأحياء بكاملها في مدن رئيسية أصبحت صورها تذكر بمشاهد أحياء بيروت خلال الحرب الأهلية، أو سراييفو خلال الأزمة اليوغوسلافية، وما زالت المدن تقصف بالطائرات، والثارات تتراكم، والنظام يعاند بما يجعل الحديث عن مخرج سلمي شديد الصعوبة. مع ذلك، فقد يكون ما طرح في مؤتمر دمشق يشكل مخرجا إذا وضعت له خطة عملية واقعية لها مصداقية ودعم عربي ودولي يقنع المعارضة المسلحة بأن ذلك ليس فخا، وأول خطوة في هذا الشأن هو إعلان النظام وقف إطلاق النار من طرف واحد، وسحب قواته من المدن وقبول هيئة انتقالية تضم تمثيلا حقيقيا وواقعيا للمعارضة الحقيقية بما فيها الجيش الحر والضباط المنشقون، تمهد لعملية انتقال السلطة. سيحتاج ذلك إلى معارضة موحدة برؤية مشتركة تؤجل الخلافات الآيديولوجية، كما سيحتاج ذلك إلى شخصيات من النظام لديها الشجاعة لتقول لقيادتها التي تحرك آلة القمع: كفى ما سببتموه من دمار ودماء.

====================

سوريا: لا حل ممكن مع الاسد وكل شيء ممكن من دونه

برهان غليون

الشبكة العربية العالمية

الثلاثاء, 25 سبتمبر 2012

بينما اكدت تصريحات العديد من المسؤولين الايرانيين رسميا تورط ايران في الحرب التي يشنها النظام الاسدي على الشعب السوري، ردا على مطالبته بنظام ديمقراطي يليق بتضحياته الماضية والحاضرة، وكان اخرها تصريح ممثل مرشد الثورة بان حرب الاسد هي اولا حرب ايران،

قامت قوات امن النظام السوري باختطاف ثلاثة من قادة هيئة التنسيق الوطنية وعلى رأسهم

عبد العزيز الخير مسؤول العلاقات الخارجية فور عودتهم من زيارة للصين وقبل ان يجتازوا حدود مطار دمشق.

هذه هي المشاركة الرئيسية للنظام في مؤتمر الانقاذ الذي دعت له بعض اطراف المعارضة السورية في الداخل. والرسالة اكثر من واضحة لؤلئك الذين لاتزال لديهم اوهام في قدرتهم على توريط النظام في حوار، عمل المستحيل لتقويض اسسه منذ بداية الحركة الاحتجاجية، ولايزال يبالغ في تصعيد العنف ومنهجة القتل والدمار ليقنع الجميع بانه يرفض اي تسوية سياسية و لا يقبل ولن يقبل بغير ما اعتاد عليه منذ نشأته، اي تابيد البقاء في السلطة كما يقول شعار انصاره ومواليه: الاسد الى الابد. والعلاقة واضحة بين التصريحات الايرانية التي تهدف الى تعزيز موقف النظام في وجه الشعب الثائر وبين عملية اختطاف قيادات في المعارضة ومن قبل في تجاوز النظام جميع الخطوط الحمر في استخدام القوة المدمرة وجميع الاسلحة المتوفرة لديه للقضاء على مايريد ان يصوره لنفسه وللعالم على انه حركة تمرد صغيرة او ارهاب.

تختلف وجهات نظر اطراف المعارضة السورية حول العديد من النقاط ومن اهمها استعداد هذا النظام الآثم للدخول في اي حوار جدي يفضي، حتى على المدى الطويل، الى اي تغيير. وما حصل يؤكد ان مؤتمر الانقاذ المزعوم اصبح يحتاج هو نفسه، بوجود مثل هذا النظام الذي سممته ارادة القوة، الى انقاذ.

ليس هناك بين صفوف الشعب السوري، بما في ذلك اكثر الثوار رديكالية ولفظا للنظام، من يرفض طريق الانتقال السياسي او السلمي وتوفير الاف الضحايا على الشعب لو كان هناك فرص حقيقية لقيامه وللخروج من دوامة العنف التي يذهب ضحيتها سوريون من كل الاتجاهات والطوائف والديانات. لكن سياسة النظام لم تترك بصيص امل واحد. وكلما طرحت مبادرة عربية او دولية صعدت في حملة العنف والارهاب حتى وصلنا الى حالة يقف العالم باكمله مشدوها امامها: شعب يضحي بكل مالديه لإعلان حقه الطبيعي في الحرية ونظام لايتورع عن عن استخدام ابشع وسائل القتل والدمار والتهجير والتشريد لفرض ارادته عليه باسم الوطنية والحفاظ على الدولة وعلى القيم المدنية والعلمانية.

جميع النزاعات تنتهي لامحالة بالحوار، لكن بين اطراف وطنية تعترف بحقوق بعضها البعض ولا تقوم بما يهدد العيش المشترك في ما بينها، لكن ليس بين الضحية والجلاد ولا بين الشعب وقاتله. وللخائفين من سقوط النظام، مثلهم مثل الاخرين، كل الحقوق وفي مقدمها امنهم ومصالحهم وهويتهم. فهم جزء من الشعب ومصيرهم لا ينفصل عن مصيره. معهم لا يحق سوى الحوار لكن ليس مع رئيس أخرق لم يتردد في دفع شعبه الى الاقتتال وبلاده الى الدمار للحفاظ على سلطة لم يبق منها سوى الصغار والانتحار.

ليس لنا نحن السوريون مخرجا سوى في الاتحاد ضد من يفرقنا ويقسم صفوفنا ويدفع ابناءنا للاقتتال واحدهم ضد الاخر. ولا وحدة لنا ولا اتفاق بوجود الاسد لان استمراره نفسه في الحكم قائم على تقسيم السوريين وتمزيقً صفوفهم وبث الفتنة بين ظهرانيهم. وهذا هو الوضع اليوم. وبالعكس كل شيء ممكن برحيله. ورحيله بأي وسيلة حصل سيكون منطلق العودة الى الوطنية الجامعة واشارة الانطلاق لمسيرة المصالحة مع الذات التي طال انتظارها بعد نصف قرن من سياسات التمييز والتقسيم والتلاعب بمصالح المجتمع والجماعات على اختلاف منابتها واديانها.

ولا شيء يمنع ان يتم هذا المسار برعاية عربية شاملة وتحت اشراف دولي حتى تتعمق الثقة وتعود المياه الى مجاريها. ولا اعتقد ان العرب سوف يستكثرون ذلك او يضيقوا به ذرعا حتى لو اضطر الامر الى ارسال قوات عديدة لحفظ الامن والسلام في ربوع سورية الحبيبة، العزيزة على قلوبهم كما هي عزيزة على قلوبنا جميعا.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ