ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 11/07/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

وجه القمر المظلم

تاريخ النشر: الثلاثاء 10 يوليو 2012

د. أحمد يوسف أحمد

الاتحاد

تمثل الانتفاضة السورية الراهنة ضد نظام الحكم القائم حالة فريدة ضمن ما يعرف بـ"الربيع العربي"، فالانتفاضة بدأت نصف العام المتبقي كي تكمل من عمرها سنتين دون أن تحقق أياً من أهدافها حتى الآن، وحتى حل "نصف ثورة" الذي طُبق في اليمن يبدو حتى الآن بعيد المنال بالنسبة للوضع في سوريا. واصل الثائرون انتفاضتهم طيلة عام ونصف العام دون تخلٍ عن أي من أهدافها، وثابر النظام السوري على اعتبارهم مجموعة من الإرهابيين ينبغي اجتثاثها بكل الوسائل الوحشية، وتقوى في هذا الصدد بجيش تغلب على تكوينه الطائفة الحاكمة، ومنظومة أمنية متشعبة، وبعض الشرائح الاجتماعية ذات المصلحة في بقاء النظام، بالإضافة إلى نخب عربية سياسية وفكرية رأت فيما يجري مؤامرة على سوريا "الممانعة" الداعمة للمقاومة، وقوى إقليمية حليفة تتمثل أساساً في إيران، وكذلك قوتان دوليتان لا يُستهان بهما هما روسيا والصين.

لم تفلح كل جهود الثوار في سوريا أو المواقف العربية الداعمة بشدة للثورة السورية، وكذلك الموقف التركي، وأخيراً وليس آخراً كافة القوى الغربية الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية، ومنظمة الأمم المتحدة وعلى رأسها مجلس الأمن- لم يفلح هذا كله في زحزحة النظام السوري قيد أنملة عن مواقفه. والواقع أن العجز بدا واضحاً في كافة المحاولات العربية والدولية والأممية لإيجاد حل للمأساة السورية، كما أوضحت في المقال السابق، خاصة وأن التدخل العسكري مستبعد إما لأسباب مبدئية تتبدى على سبيل المثال في عديد من المواقف العربية التي لا تريد تكرار التجربة الليبية، وإما لأن من يقدرون على تبعات هذا التدخل يمرون بظروف سياسية تجعله مغامرة غير مأمونة العواقب.

من هنا ركز كثيرون – وكاتب هذه السطور منهم- على أن حل المأساة السورية هو أساساً بيد الشعب السوري الذي سيتعين عليه للأسف أن يدفع المزيد من دماء أبنائه ثمناً فادحاً للتخلص من نظامه، وعندما تصل إرادة التغيير إلى كافة قطاعات هذا الشعب، فلن تكون هناك قوة على الأرض قادرة على منع انتصاره وانتزاعه حقوقه التي اغتصبت منه منذ عقود.

غير أنني اليوم للأسف أضيف لهذه الصورة ما يزيدها قتامة، وبعض هذه الإضافة موثق وأكيد، وبعضها يعتمد على تقارير لا يستطيع المرء أن يتأكد من دقتها – أو حتى صحتها- وإنْ كان لا يمكنه أن يسقطها من اعتباره. أما الجانب الأكيد الموثق لهذه القتامة فهو تشرذم المعارضة السورية، ويبدو الآن واضحاً أن النظم الديكتاتورية التي سقطت في غمار "الربيع العربي"، أو هي بسبيلها إلى السقوط قد نجحت بامتياز في منع تبلور معارضة قوية ذات قيادة واضحة تستطيع أن تقود الشعب نحو تحقيق أهدافه، ولهذا رأينا أن الثورة في كل من تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا كانت عبارة عن هبة شعبية عارمة ربما تكون هناك نخبة ما قد فجرتها، لكنها بالتأكيد عجزت عن قيادتها بعد ذلك، بل إن التشرذم قد أصاب فصائل الثورة على نحو صارخ ومحبط، الأمر الذي سبب انحرافاً واضحاً للثورات عن أهدافها بعد أن استقرت السلطة –ولو المؤقتة- في أيدي من لا ينتمون إلى معسكر الثورة حتى وإن تعاطفوا معها أو أيدوها.

تبدو هذه المسألة واضحة كل الوضوح في الحالة السورية، ولو اقتصرنا في التدليل على ذلك على أحدث المؤشرات دون أن نبدأ القصة من أولها على نحو لا يسمح به هذا المكان فسوف نجد أن مؤتمر المعارضة السورية الذي عقد بالقاهرة يومي الثاني والثالث من يوليو الجاري برعاية جامعة الدول العربية قد انتهى بالموافقة على إقرار وثيقتين هما العهد الوطني والمرحلة الانتقالية، وهذا جيد بغض النظر عن فاعليته. لكن الخلافات داخل المؤتمر كانت شديدة الوضوح من بدايته إلى نهايته. احتدم الخلاف أولاً حتى اللحظات الأخيرة حول تشكيل لجنة متابعة لتنفيذ الوثيقتين اللتين أقرهما المؤتمر.

رفض المجلس الوطني السوري تكوين مثل هذه اللجنة، واعتبرها التفافاً عليه، وبينما رأى البعض أن صلاحياتها يجب أن تكون محدودة فإن البعض الآخر طالب بصلاحيات واسعة للجنة، واحتج فريق على إمكان تحويلها إلى لجنة تنفيذية، اختلف المؤتمر أيضاً حول الموقف من خطة عنان، ذلك أن البعض (الحراك الثوري) رأى أنها لم تعد صالحة، بينما اعتبرت غالبية المؤتمر أن الخلل ليس في الخطة وإنما في غياب آليات التنفيذ. كذلك حدثت خلافات حول التدخل العسكري. صحيح أن أحداً لم يطالب بذلك، لكن الاتفاق جرى على عدم النص في البيان الختامي للمؤتمر على رفض التدخل العسكري أو إباحته، وإنما تُرك الباب مفتوحاً على أساس أنه من حق الشعب السوري طلب حماية دولية. وبالإضافة إلى كل ما سبق أراد ممثلو القوى الكردية ذكر بعض التفاصيل الخاصة بشكل الدولة، وفصل الدين عن الدولة، وشكل اللامركزية في نصوص دستور ما بعد الأسد، وغادروا قاعة المؤتمر محتجين إلى أن تم إقناعهم بالعودة، ناهيك عن التقارير التي تحدثت عن أن التلاسن بين المختلفين قد وصل إلى حد الاشتباك بالأيدي.

نأتي بعد ذلك إلى الانسحابات والمقاطعات، فقد أعلنت الهيئة العامة للثورة السورية انسحابها من المؤتمر، لكن اللافت أن ممثلة الهيئة في المؤتمر واصلت مشاركتها (!) بما في ذلك مشاركتها في لجنة الصياغة، وأدلت بتصريحات اعتبرت فيها بيان الانسحاب صادراً عن أفراد، وأكدت أن المؤتمر منعقد في أجواء إيجابية، وكان بيان الهيئة قد ذكر أن الحديث عن وحدة المعارضة مجرد كلام، ويعني هذا أن الانقسام ليس بين فصائل المعارضة فحسب وإنما داخل الفصيل الواحد. أما "الجيش الوطني الحر" فقد كان قد أعلن مقاطعته المؤتمر ووصفه بأنه "مؤامرة"، وأعلن الحرب عليه "باعتباره تنفيذاً لأجندة روسية-إيرانية بتعاون أمني سوري"، لأنه "لا يلبي تطلعات الثورة السورية بل يحتال عليها"، إلى جانب أن "المؤتمر يهدف إلى إنقاذ النظام السوري وتغيير الأسد" الأمر الذي لا يتطابق وتطلعات "الثوار السوريين المطالبين بإسقاط النظام وكامل رموزه". ومن الصحيح أن حركات التحرر الوطني والحركات الثورية تشهد دائماً نوعاً من التناقض بين "الداخل" و"الخارج"، ولكن التناقض هنا يبدو رئيسياً.

أما التقارير التي تضيف إلى هذه الصورة المظلمة، فهي تتحدث عن غياب القيادة الموحدة للجيش الحر، وتشرذم فصائله، وكذلك تسمية بعض هذه الفصائل نفسها بأسماء حكام عرب وسياسيين مناوئين لسوريا مثل كمال جنبلاط أو رفيق الحريري، وأن ثمة أعمالاً لا علاقة لها بالثورة قد يصل بها الأمر إلى أن تصنف كأعمال معادية لها ترتكب من قبل بعض هذه الفصائل كمهاجمة الدور ونهبها، وذلك كله بالإضافة إلى غياب الرؤية الاستراتيجية.

يعني كل ما سبق للأسف أن انتصار الثورة السورية الذي ينتظره كل مخلص لحريات الشعوب وحقوقها قد يكون بداية لأوضاع مأساوية فيها، وهو سيناريو ليس بعيداً عما حدث في بعض تجارب "الربيع العربي" الأخرى. فما العمل؟ إن جهداً دؤوباً من أجل توحيد المعارضة أو على الأقل القسم الأكبر والأكثر فعالية منها يجب أن يكون مهمة أولى أمام الثوار في سوريا وأنصارهم، إذا كان لثورتهم أن تنتصر، وإذا كان لوطنهم أن يبقى كريماً عزيزاً بعد هذا الانتصار.

=================

هل لا تزال "التسوية التاريخية" ممكنة في سوريا؟

المستقبل

10-7-2012

مراجعة: د. محمد م. الأرناؤوط

[ الكتاب: العقد الأخير في تاريخ سوريا جدلية الجمود والاصلاح

[ الكاتب: محمد جمال باروت

[ الناشر: المركز العربي للابحاث ودراسة السياسات الدوحة - 2012

على الرغم من الاهتمام العربي والعالمي بما يحدث في سوريا يلاحظ أن المقالات في الصحافة العربية تفتقد العمق في التحليل والاستنتاج نتيجة لقلة الدراسات الاكاديمية المرجعية عن سوريا خلال حكم حزب البعث لها وخاصة خلال مرحلتي الاسد الاب والاسد الابن بالمقارنة مع ما لدينا في الانكليزية مثلا. ففي السنوات الاخيرة فقط لدينا العديد من الدراسات التي تناولت التطورات الاقتصادية والاجتماعية التي حدثت بشكل متسارع بعد تسلّم الطبيب بشار الاسد للحكم في تموز 2000 أثر وفاة والده، والتي أدت الى هيكلة جديدة للاقتصاد والمجتمع في سوريا.

ومن هنا يمكن للمرء أن يشيد بالكتاب الذي أصدره أخيرا أصدره المركز العربي للابحاث ودراسة السياسات في الدوحة "العقد الاخير في تاريخ سوريا : جدلية الجمود والاصلاح" للباحث السوري المعروف جمال باروت باعتباره مرجعا قيّما جاء في وقته ليساعد على فهم الخلفية السياسية والاقتصادية والاجتماعية لـ"الربيع الثاني" في سوريا الذي جاء هذه المرة من تحت بعد "الربيع الاول" الذي جاء من فوق في 2000 وانتهى الى لاشيء.

وتجدر الاشارة هنا الى ان باروت الذي عرف باسهاماته حول التمنية في سوريا وعمله كخبير في برنامج الامم المتحدة الانمائي (2003-2010) انضم في 2011 الى "المركز العربي للابحاث ودراسة السياسات" حيث استفاد هناك من فريق العمل المساعد لانجاز مثل هذا العمل المرجعي الذي كانت تفتقده المكتبة العربية. وفي الحقيقة ان مرجعية هذا الكتاب تنبع من الكم الكبير من المعلومات التي حصل عليها المؤلف من المصادر المختلفة بما في ذلك "أرشيف القصر الجمهوري" ومن الشخصيات الفاعلة في الاحداث سواء من النظام أو من المعارضة، وكذلك من المقاربة العلمية التي استخدمها في التفكيك والتركيب ليصل الى رؤية شاملة سمحت له أن يقدم في النهاية استشرافه لمآلات الاوضاع في سوريا. ومع أن الكتاب كمشروع علمي من مشاريع المركز بدأ العمل به في 2010، أي قبل انطلاقة "الربيع العربي"، ولكن العمل فيه تواصل مع تطور الاوضاع الجديدة على الارض حتى أواخر تموز 2011، ولذلك كان لابد للكتاب أن يمتحن مقاربته العلمية في استيعاب ما حدث في سوريا بعد آذار 2012 حتى يصبح بهذا الشكل مرجعا عن عهد الرئيس بشار الاسد وعن مآل هذا العهد أيضا.

في هذا الكتاب (462 من القطع الكبير) المتضمن تسع فصول، ينطلق مؤلفه من تحليل الوضع السياسي والاقتصادي الاجتماعي لعهد الاسد الاب (1970-2000) الذي وصل في نهايته الى طريق مسدود بسبب تنامي الفساد وتصاعد دور الاجهزة الامنية التي لم تعد لها مصلحة ومرجعية واحدة، ولكنه يركز عمله على التركة الصعبة التي ورثها الاسد الابن في تموز 2000. ففي ذلك الحين كانت نسبة النمو الاقتصادي قد وصلت الى الصفر مع تدنى أسعار النفط وانكماش رأس المال الخليجي وحتى السوري في المشاريع الاقتصادية وذلك مع وجود نسبة نمو سكاني عالية على مستوى العالم (2،38%). وفيما يتعلق بالخارج فقد اتسمت السنوات التالية بأحداث كبرى على مستوى العالم والاقليم ( بروز القاعدة وغزو أفغانستان 2001 ثم العراق 2003، اغتيال الحريري في 2005 والحرب الاسرائيلية على لبنان في 2006 الخ) جعلت سوريا في خضم الصراعات الاقليمية.

ومن هنا يركز الباحث على سياسة الاسد الابن للخروج من الطريق المسدود سياسيا واقتصاديا. فعلى المستوى السياسي أطلق الرئيس في خطاب القسم هامشا سياسيا جديدا نشطت في رحابه المنتديات الثقافية السياسية الجديدة التي مثّلت ما سمي "ربيع دمشق". ولكن هذا الهامش لم يستمر طويلا إذ أنه انتهى في ايلول 2001 ليعود الاسد الابن الى حكم البلد بالاعتماد على الاجهزة الامنية بعدما اكتشف ان الوراثة لوحدها لا تؤمن له الاستقرار والاستمرار في الحكم. ومن ناحية أخرى أراد الاسد الابن أن يعوض ذلك في المجال الاقتصادي إذ أعطى الضوء الاخضر للتحول من نموذج "التخطيط المركزي الشامل" الى "إقتصاد السوق" الذي أنجز بشكل واضح خلال الخطة الخمسية العاشرة (2006-2010). ومع هذا الانعطاف حدث تغير اقتصادي اجتماعي كبير نتيجة للشراكة الجديدة السياسية الامنية الاقتصادية الجديدة، التي ضمت من الداخل شخصيات أمنية واقتصادية قريبة من الاسد الابن ورجال أعمال من دمشق وحلب بينما انضمت اليها من الخارج رساميل خليجية تبحث عن مجال مناسب للاستثمار. ويتتبع هنا المؤلف نتائج هذا الانعطاف التي لا يمكن من دونها أن نفهم مايحدث في سوريا : بروز "المئة الكبار" الذين أصبحوا يتقاسمون "الكعكعة الكبيرة" و الخراب الذي حلّ في المجتمعات المجاورة لدمشق وحلب نتيجة لهذا النمو المشوه للتمنية الذي رفع نسبة النمو الاقتصادي الى أكثر من 5% ولكنه رفع نسبة البطالة الى مستويات غير مسبوقة وسقوط ثلث السكان الى ما دون خط الفقر( 34،3%) وزاد في السخط الاجتماعي خارج دمشق وحلب (اللتان استفادتا أكثر من النمو الاقتصادي المعلن ) نتيجة لسياسة الاستحواذ على الاراضي لصالح المشاريع الاقتصادية لـ"المئة الكبار" وخراب الصناعات المحلية (في ريف دمشق بشكل خاص) نتيجة للسياسات الاقتصادية التي قادها الفريق السياسي الامني الاقتصادي الحاكم. ومن هنا، بالاستناد الى كمّ المعلومات الغزير، لايبدو من المفاجئ انفجار المعارضة ضد النظام في بلدات ريف دمشق التي كانت ضحية هذه التطورات (المعضمية وداريا وكفرسوسة وسقبا وحمورية ودوما الخ).

ويمكن القول أن مادة الكتاب الاساسية كانت لتتوقف عند بداية 2011 لولا التحركات الاولى التي بدأت في سوريا بعدما انطلق "الربيع العربي" في تونس ومصر وليبيا، حيث أن المؤلف تابع تغطية وتحليل التحركات الاولى في دمشق ("حادثة الحريقة" في 19 شباط 2011) ثم في "جمعة الفزعة" بدرعا (18 آذار 2011) التي انطلقت منها لتغطي محافظات حمص وحماة وادلب والحسكة ودير الزور حتى أواخر تموز 2011. ويوضح المؤلف هنا تردد النظام أو الخلاف بين طرفين فيه حيث تميزت الاسابيع الاولى ( مابين 19 شباط نيسان 2011) عن تردد النظام ما بين استخدام "القوة الناعمة" حينا و"القوة الامنية" حينا الى أن ساد خيار "القوة الامنية" التي غدت بموجبه الاجهزة الامنية والعسكرية التي يسميها المؤلف "السلطة الفعلية" هي التي تتحكم في قرار الرئيس في ضوء نظرية "المؤامرة" (ص 364).

ومع هذا التحليل لما آل اليه النظام في سوريا، بعد أن عاش أفضل سنواته بالاعتماد على ايديولوجية الممانعة ونسبة النمو الاقتصادي التي تجاوزت 5% والشراكة مع الرساميل الخليجية، يحرص المؤلف أيضا على التعريف بالاطراف الجديدة القديمة المعارضة والمقاومة للنظام سواء في الداخل أو في الخارج يتناول المؤلف في الفصل الاخير تعقد الصراع مع استغلال العنصر الطائفي الممتد عبر الحدود وانخراط رجال الاعمال (المئة الكبار) في تمويل قوات حفظ النظام (الشبيحة) بحيث لم يعد الصراع يحسم سورياً فقط. وهكذا بدا للمؤلف في أواخر تموز 2011 أن "استحالة عودة النظام الى ما كان عليه قبل آذار 2011" واستحالة اسقاط النظام من دون سقوط القوى الاجتماعية المرتبطة به ومن دون تداعيات اقليمية واستمرار انقسام المعارضة وعجزها عن تكوين كيان موحد حول المرحلة الانتقالية المقبلة يفرض على اللاعبين العمل بروح "التسوية التاريخية" للتوصل الى "مرحلة انتقلية للتحول بأقل كلفة اجتماعية من النظام القديم الى نظام جديد" لتجنب البديل الذي يراه المؤلف في واحد من ثلاث : الصراع المستدام أو التفكك أو الانهيار.

ولكن السؤال الكبير هنا: هل لاتزال "التسوية التاريخية" ممكنة بعد مضي سنة تقريبا على إنجاز المؤلف للكتاب؟ كان المؤلف يفترض لهذه "التسوية التاريخية" ثلاث لاءات (لا للتدخل الخارجي، لا للطائفية، لا للتسلح) وثلاثة عوامل لا تزال مستمرة (تماسك النظام بسبب حشده لتأييد قوى اجتماعية في الداخل وقوى اقليمية في المحيط وارتباط انهيار سوريا بانهيار آخر في الاقليم واستمرار انقسام المعارضة السوريا وعجزها عن بلورة خريطة طريق للمرحلة الانتقالية) وذلك لاجل تجنيب المنطقة "البلقنة الطائفية". ولاجل ذلك يرى المؤلف انه لابد من "التفاوض" حتى من قبل من يحمل شعار "إسقاط النظام" حول المرحلة الانتقالية مع الفارق : هل يكون التفاوض من موقع القوة أم من موقع الضعف؟

=================

دول الجوار السوري تتخلّف عن المواكبة

السلام وأوضاع داخلية أمام المضاعفات

روزانا بومنصف

2012-07-10

النهار

لا تولي مصادر سياسية وديبلوماسية متابعة الاجتماع الذي عقدته وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس على هامش اجتماع مجموعة اصدقاء سوريا في باريس الاسبوع الماضي اهمية تذكر على صعيد مفاعيله على المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية ولا كذلك الزيارة المرتقبة لكلينتون الى اسرائيل في الايام المقبلة على الصعيد نفسه. وتعزو ذلك الى اعتبارات عدة في مقدمها ان الانتخابات الرئاسية الاميركية المرتقبة في تشرين الثاني المقبل باتت تشل اي عمل للادارة الاميركية في هذا الاتجاه على رغم ان ادارة الرئيس باراك اوباما التي كانت واعدة جدا لجهة حل الدولتين الفلسطينية والاسرائيلية لدى انتخاب اوباما قبل اربع سنوات تراجعت كثيرا الى الحد الذي تعتبر المصادر الديبلوماسية ان اوباما اظهر انه يتكلم او يعد اكثر مما يفعل او ينفذ على الارض. لكن هذا لا يعني وفقا للمصادر نفسها عدم حتمية الرهان مجددا وضرورة الرهان ايضا على عودته رئيسا لولاية ثانية باعتبار ان وصول الجمهوريين الى البيت الابيض سيقضي على اي امكان لحل على اساس الدولتين فيما يبقى الامل قائما مع اوباما الذي ترجح المصادر المعنية عودته في جميع الاحوال ما لم يطرأ ما ليس في الحسبان نظرا الى اعتبارات عدة من بينها ضعف المرشح الجمهوري للرئاسة الاميركية حتى الان. ومع ان موضوع حل الدولتين توقف لاسباب اخرى غير الموعد القريب للانتخابات الرئاسية الاميركية ويتصل غالبيتها بالتعنت الاسرائيلي، فان هذه الانتخابات تعتبر سببا كافيا لارجاء كل ما يتصل بها على رغم محاولة ابقاء شعرة معاوية قائمة بالحد الادنى في الاتصالات التي تجرى بين وقت وآخر ومن اجل متابعة حل بعض المسائل التي تطرأ اضافة الى عدم وجود نية اعلان وفاة المفاوضات او جمودها بالحد الادنى الى اجل غير مسمى بل على العكس الايحاء بأنها ممكنة ومحتملة في حال اضطر الامر لذلك.

الا ان الاعتبارات الاهم التي تشير اليها هذه المصادر هي عدم اظهار اسرائيل حتى الان اي مظهر من مظاهر السعي الى التكيف مع التطورات الخطيرة التي عصفت بالمنطقة ونتائج هذه التطورات والتي ستؤثر حكما على وضعها. هذه المصادر ترى ان اسرائيل كما الاردن وهما من الدول المجاورة لسوريا لا يواكب كل منهما كل الاحتمالات التي سيؤدي او يحتمل ان يؤدي اليها تغيير الوضع باعتبار ان النتيجة الحتمية لما يحصل في سوريا باتت معروفة اي عدم استمرار النظام السوري في اي حال من الاحوال لكن السؤال يتصل بكيفية حصول او الوصول الى النتيجة النهائية. واستحضار الاردن في هذا السياق يرتبط بالمخاوف المستقبلية عليه في ضوء النتائج المرتقبة لمستقبل الوضع السوري خصوصا في حال وصول الاخوان المسلمين الى السلطة في سوريا حتى لو كان بالنسبة نفسها لفوزهم في مصر. اذ تقول هذه المصادر ومن موقع حرصها على الاردن ان السلطات الاردنية لا تواكب ثورة الربيع العربي بما يلزم من اجراءات على رغم معرفتها بها على نحو جيد او بالسرعة اللازمة على رغم الحرص الكبير لدى الملك الاردني على اظهار جدية قصوى في هذا الاتجاه ووجود نية صادقة لديه في هذا السياق وسعيه الى تجربة كل الاحتمالات المؤدية الى ذلك. ذلك ان الخطوات المرتقبة من الاردن كما تقول هذه المصادر تماثل تلك التي اجراها المغرب في حين ان ما يحصل ليس كافيا او لا يحصل بالسرعة التي يفترضها تسارع الوضع السوري. والوضع بالنسبة الى اسرائيل مختلف وان كان في سياق عدم الوعي لمستقبل المنطقة بحيث يبدو لهذه المصادر ان اسرائيل فوتت ولا تزال فرصة التفاهم مع الفلسطينيين في الوقت الذي تتغير فيه الامور بسرعة وتتخذ منحى اكبر نحو التشدد. مما قد يصعب الامور على رغم الاطمئنان المبدئي لكون تنظيم حماس اصبح بعيدا من ايران ولو انه اكتسب زخما من فوز الاسلاميين في مصر خصوصا كما انه قد يكون الاعتراف الاميركي بالاسلاميين وفوزهم بوابة عبور لفتح الابواب الاميركية امام حماس ما دام اصبح في عهدة دول عربية في المدى المنظور وسيبقى على الارجح مما يساهم في تغيير جملة معطيات في هذا الصدد. الا ان الاهم وفقا للمصادر نفسها ان اسرائيل تتجاهل واقع تراجع قدرتها السكانية ازاء الفلسطينيين بعدما اصبحت اعداد الفلسطينيين مماثلة كليا وتماما لعدد اليهود الاسرائيليين على نحو يفترض ان يطرح اسئلة جدية حول كيفية مقاربة اسرائيل المستقبل من دون سلام مع الفلسطينيين او حل لقضيتهم على اساس حل الدولتين في حين تقول المصادر المعنية ان المسؤولين الاسرائيليين يضعون رأسهم في الرمل في رفضهم هذه المقاربة على ما تحتمله من احتمالات.

وتقول هذه المصادر ان لبنان ايضا لا يواكب التغيير المحتمل في سوريا علما ان الامر بات واضحا حتى بالنسبة الى حلفاء النظام، لكن لبنان وضعه مختلف ومعروف لاعتبارات متعددة ونظرا الى الامتدادات الاقليمية فيه والتأثيرات الخارجية وانقسام اللبنانيين او اصطفافهم سياسيا على نحو لا يسمح بمواكبتهم التغييرات على المستوى المفروض او الاتفاق من خلال وحدة الدولة على الاحتمالات المقبلة بمعنى ان الحال في لبنان اقرب الى اللادولة منها الى الدولة.

=================

أنان مبعوث روسي - إيراني؟!

راجح الخوري

2012-07-10

النهار

بدأ كوفي انان مهمته الفاشلة في سوريا قبل ثلاثة اشهر. ومع وصوله الى دمشق للمرة الثالثة اول من امس يكون عدد القتلى قد ارتفع ثلاثة آلاف بمعدل الف قتيل لكل زيارة. وانان بدأ مهمته الكارثية على انه المبعوث الدولي - العربي بعد رفع توصيات الجامعة العربية الى مجلس الامن، لكن اقنعته تسقط الآن. 

فبعد تصريحاته عشية وصوله الى دمشق مدافعاً عن روسيا والصين، ومتعمداً فرض ايران لاعباً اقليمياً عبر حمامات الدم السوري، ومحاولاً تحميل الدول الخليجية مسؤولية فشله، يمكن القول انه ليس اكثر من مبعوث روسي - ايراني عمل ويعمل منذ البداية على اعطاء النظام السوري المزيد من الوقت للحسم العسكري المستحيل!

كان فاضحاً ومعيباً ان يتعمّد انان الغياب عن "مؤتمر اصدقاء سوريا" كما قال الشيخ عبدالله بن زايد غاضباً، لكن الامر ليس مستغرباً بعدما وقف وراء روسيا حيث اعتبر ان "مؤتمر جنيف" يغني عن اي اجتماعات اخرى رغم انه انتهى بخلاف صارخ بين الروس والدول العربية والغربية. والآن عندما يحاول تحميل مسؤولية فشله الفاضح الى السعودية وقطر ودولة الامارات التي تدعو الى تسليح المعارضة، فانه يتجاهل كل اشاراته السابقة الى ان النظام السوري لم يطبق اي حرف من خطة بنوده الستة.

ليس خافياً على احد ان نقاط انان الست دعت الى وقف النار وسحب الآليات من المدن تمهيداً للحل السياسي ولكن النظام لم ينفذ، وعندما جاء المراقبون الدوليون منعهم النظام من امتلاك المروحيات تسهيلاً لمهمتهم وحتى من الحصول على هواتف دولية وحال دون وصولهم الى المدن التي شهدت المجازر فقبع روبرت مود وزملاؤه يتلون الصلوات في فنادقهم في دمشق. ومع ذلك بلغت الفظاظة بانان ان يحاول وضع العربة امام الحصان عندما اقترح في مؤتمر جنيف تشكيل حكومة انتقالية من النظام والمعارضة بينما كانت المدن السورية تحت وابل من القصف؟

 والآن عندما يصل انان الى دمشق قائلاً ان مهمته لم تنجح وليس من ضمانات بأنها ستنجح... "ولكن ليس هناك من حلول بديلة ولا من خيارات اخرى على الطاولة"، يمكن ان نفهم انه يريد الاستمرار في توفير الغطاء للنظام والحل العسكري الذي شبع فشلاً منذ 16 شهراً. لكنه عندما يعود الى نغمة الاصرار على اشراك ايران في الحل في وقت تعتبرها المعارضة جزءاً من المشكلة اخطر وادهى من المشكلة الروسية والصينية، فان ذلك يدفع الكثيرين الى استذكار التاريخ المعيب والسيئ لأنان وابنه، الذي ذهب بعيداً في المتاجرة بآلام العراقيين.

فهل نكتشف ولو بعد حين ان المستر انان الذي تم استدعاؤه من الغبار منغمس الآن في بورصة الدم السوري، وخصوصاً عندما يحاول ان يجعل من مهمته الفاشلة مدخلاً لتلزيم روسيا وايران الازمة السورية، في وقت تكتفي هيلاري كلينتون بالتحذير الفظ من كارثة تتهدد سوريا؟!

=================

الأب باولو.. ضمير المتكلم

نشر : 10/07/2012

عيسى الشعيبي

الغد الاردنية

لم يكن الراهب الايطالي الأب باولو ديلو المقيم منذ ثلاثين عاماً في دير مار موسى بالقرب من مدينة حمص، معروفاً على نطاق واسع، ولم يسمع أحد باسمه من خارج الدائرة الصغيرة التي يقع فيها ذلك الدير القديم المهجور الذي رممه وجعل منه بيتاً للتسامح، ومقصداً للتبادل الثقافي، وذلك حتى عام مضى، حين انفجرت الثورة السورية واقتحمت كل مناحي الحياة في البلد العربي الأكثر تنوعاً على أصعدة الطوائف والمذاهب والإثنيات، فحضر هذا الراهب بكله وكلكله في معمعانها الواسع، وصار علماً من أعلامها الخفاقة.

لم يتورط الأب باولو بما تورط به بعض رجال الكنيسة، ممن تبنوا رواية الأسد عن الجماعات الإرهابية، ودافعوا عن استبداده من منطلق أنه حامي حمى الأقليات، كما أنه لم يلذ بالصمت كغيره درءاً لشر الشبيحة، بل انحاز إلى نداء الحرية والكرامة الذي هتفت به حناجر الشباب والشابات، فاستحق بذلك غضبة أجهزة الأمن التي ضاقت به ذرعاً، ثم أبعدته مؤخراً عن المكان الذي عاش فيه ورغب أن يدفن في ثراه، تماماً كما يود كل إنسان أن يتوسد تراب مسقط رأسه.

وبهذا، فنحن أمام نموذج إنساني فريد، يصعب الطعن في شهادته، أو تأويل دوافعه ونقاء مقاصده، على نحو ما قد يتعرض له معارض في الخارج من اتهامات جاهزة، أو منشق عن جيش النظام طغت عليه طائفيته، أو أي من شهود العيان والأفراد والجماعات التي لا حصر لها، المنخرطة في ما بات يسمى على رؤوس الأشهاد بحرب تحرير شعبية ضد أول جيش في التاريخ يهاجم شعبه بكل هذه الضراوة، دفاعاً عن حكم دكتاتور أقام أكبر جمهورية خوف وصمت وإذلال. وعليه، فان الأب باولو الذي وقف بين أبناء حمص الكبار في مؤتمر المعارضة الأخير في القاهرة، إلى جانب هيثم المالح وبرهان غليون ونجاتي طيارة وخالد أبو صلاح، داعين إلى إنقاذ المدينة المنكوبة من خطر ماحق، كان يتحدث بضمير المتكلم، أو قل المتكلم النبيل، حديث من رأى لا من سمع، في وصف ما يتهدد الحماصنة خصوصاً، والسوريين عموماً، من هول آلة قمع تعمل تحت شعار "الأسد أو لا أحد"، لإعادة ترميم جمهورية الرعب والإسكات من جديد.

في مقابلة جرت معه مؤخراً من منفاه، يلتقط هذا المواطن الإيطالي السوري العربي بامتياز، جذور هذا العنف الوحشي وهذه الانتهاكات الفظة للمحرمات، بما في ذلك التمثيل بجثث الأطفال واغتصاب النساء، قائلاً إنها كامنة في ثقافة الاستبداد التي امتدت لأربعين سنة، وقامت منذ البداية على الكذب والعنف والتعذيب، الأمر الذي أنتج إنساناً "شوزيفرينياً" تزدوج لديه الصورة التي يراها عن نفسه داخل بيته ومرآة ذاته، وتلك التي يمارسها في الخارج على نحو متماهٍ مع تقاليد منظومة السلطة وإكراهاتها.

وفي رده على سؤال موجع لضمير المتكلم وضمير الغائب معاً، عن منبع هذه الكراهية التي تدفع بالقاتل إلى النظر في عيني طفل، ثم ذبحه، يجيب الأب باولو أنه عندما يريد شخص أن يضرب آخر، فان أول ما يفعله المعتدي هو أن يجرد ضحيته من إنسانيتها، ويخرج المفترى عليه من آدميته بشتمه: يا حيوان أو يا كلب، أي أنه يقتلعه من دائرة الجنس البشري، كي يبرر لنفسه سحق كائن صار في المخيلة مجرد بهيمة عجماء.

والحق، أن المقابلة المطولة المنشورة في "الحياة" اللندنية أوائل هذا الشهر، غنية بالأفكار والحكم والنبوءات لهذا القس الناسك في ديره بجبال القلمون حتى الأمس القريب، وددت أن أقطف من أفكاره فكرة الشاهد عما رأى بأم العين، ومنها على وجه الخصوص أن لا وجود للقاعدة في قلب ثورة الكرامة، ورغبت في أن أغرف من معين حكمه حكمة أن لكل إنسان دورا في إسناد هذه الثورة، مهما تواضع هذا الدور، وأن أصادق أخيراً على نبوءته بأن الثورة التي ضحى من أجلها الآلاف ثورة منتصرة بدون أدنى ريب.

=================

مناف طلاس ..البداية أم النهاية؟

سلطان الحطاب

الرأي الاردنية

10-7-2012

الان وقد ضرب الانشقاق في الجيش السوري في مواقع متقدمة بانشقاق العميد مناف طلاس فقد ظل مصطفى طلاس الأب الهارب بهدوء ..ابن الرستن من حمص وأحد أبرز العسكريين السوريين من الطائفة السنية قائداً للجيش السوري برتبة عماد..بقي النظام يستلزمه الاستعانة بأسماء من السنة مثل عبد الحليم خدام نائب رئيس الجمهورية والذي انشق عن القيادة السورية التي آلت لبشار الأسد بعد ان خدم خدام مع والده حافظ لسنوات طويلة وظل يدافع عن سياساته بتطرف حتى وهو يقصف حماة ويقتل الالاف من أبنائها عام 1982 ولكن خدام وخاصة بعد مقتل الحريري رئيس وزراء لبنان الذي اتهمت سوريا بالوقوف وراء اغتياله اختار ان يغادر الى المنفى وأن يبقى بعيداً عن المعارضة السورية النشطة التي تطالب باسقاط النظام..

من نفس الغطاء كان فاروق الشرع الذي سمي بنائب للرئيس بعد أن عمل وزيراً للخارجية وهو الان في طي النسيان لا مهمات ولا دور وهناك من يرى انه في الاقامة الجبرية ومنهم من يصل الى القول أن مقربين من الأسد قد ضربوه وأهانوه وان بثينة شعبان قد هزأته وتجرأت عليه!!

العميد مناف طلاس وهو قائد لواء من الحرس الجمهوري فرّ بجلده من اتون الصراع وقد ترك رسالة قال فيها «انه لم يدخل المؤسسة العسكرية يوماً ليرى جيشه يواجه شعبه»..وقال «انه لم يوافق على العمليات الاجرامية والعنف غير المبرر الذي سار عليه نظام الاسد»..ودعا الضباط السوريين «ان لا ينجروا الى القتال ضد شعبهم» ..وأقر في رسالته «بشرعية نضال المعارضة على الارض» شاكراً من هربوه وعائلته خارج البلاد وواعداً بمزيد من كشف الحقائق قريباً ..وبانشقاق مناف طلاس الذي حاولت اجهزة الأمن والاعلام السورية تشويهه وأنها قد علمت بانشقاقه وحتى خروجه وراقبت ذلك من أجل أن تشكك المعارضة والشعب السوري في موقفه وتحرق هذا الموقف وتمنع الاستفادة منه..الا أن هذه المهمة لأجهزة المخابرات السورية لن تثمر ولن تصمد فقد انتهى تأثيرها بعد اطلاقها مباشرة..

قد يكون لمناف طلاس دور في اعادة تشكيل وتجميع القوى العسكرية السورية المنشقة في الجيش الحر وقد يكون له دور في اعادة بناء المعارضة باعتباره قادماً من الداخل وباعتباره عسكرياً وأيضاً لامكانية تأثيره على غيره من ضباط الجيش..(قد..هنا للتشكيك وليس للتأكيد)

فهل سيكون طلاس الخرزة الضائعة أو الرقم الموصل بين المعارضة والنظام؟..وهل يشكل وجوده على رأسها عنواناً لابقاء المؤسسة العسكرية تنجو من الحل او التدمير والقدرة على التعامل معها ومعرفة خباياها المعقدة كون الجيش السوري الذي حوله الأسد الأب ليكون اداة لحماية النظام أكثر منه جيشاً وطنياً (حماة الديار) وإلا لماذا تأخر انحياز هذا الجيش للمواطنين الذين يقتلون منذ أكثر من سنة ونصف دون ان ينقلب لحمايتهم كما حدث في مصر..

انشقاق مناف ليس في المؤسسة العسكرية فقط وانما داخل عائلة الاسد باعتبار مناف كان صديقاً شخصياً لبشار كما كان والده صديقاً لحافظ الأسد وباعتبار ان أخت مناف طلاس ناهد وهي أرملة تاجر السلاح السعودي أكرم عجة وكانت تربطها بأسماء الأسد زوجة بشار وبالرئيس نفسه علاقات خاصة مكنتها من تهريب والدها وشقيقها رجل الأعمال فراس وأخيراً الضابط مناف..

انهيار العلاقات القريبة من رأس النظام تتالى فقد كان هروب خدام قد جرى احتواؤه آنذاك أما هروب مناف طلاس فإن احتواءه الان صعب سيما وأنه قادر أن يفضح الكثير من الاسرار المتأخرة بعد الاحداث في سوريا خاصة داخل المؤسسة العسكرية والكثيرون لا يعتقدون ان مناف لن يذهب الى المنفى ليتمتع بالسيجار الذي كان يدمنه أو الحياة الناعمة التي توفرت لعائلته حيث لقب «بالأمير» وانما سيكون له مهمات أخرى كبيرة قد تفتح له باب القيادة القادمة التي تحافظ على عدم انهيار المؤسسة العسكرية او حتى عدم الدخول الى تصفيات واسعة أو حرب أهلية ..

والسؤال هل تقبله المعارضة قائداً..وهل يجد النظام بعد الأسد في مناف نجاة سيما وأن مناف قال «ان الحل السياسي لم يستنزف بعد» ولهذا معناه في أوساط المعارضة والحكم..

===================

خطّة 'عنان'... والبديل مجلس عسكري برئاسة مناف طلاس

د. محمد عناد سليمان

2012-07-09

القدس العربي

إنَّ المتتبّع لقراءة الموقف الدّولي من الأزمة السّورية يعلم أن لا جديّة حقيقيّة لاحت في الأفق الغابر لحلٍّ سياسيّ لهذه الأزمة، وما خطّة كوفي 'عنان' المزمعة بنقاطها السّتّة إلا محاولة من الأطراف المتحكّمة في لعبة المتغيّرات الدّوليّة لخلق واقع جديد في الخارطة السّياسيّة للمنطقة الإقليميّة بشكل عام مدارها الحالة السّوريّة.

وبعد مضي أربعة أشهر على عمر خطة 'كوفي عنان' صار من البديهيّ للمجتمع الدّولي أن يقرّ بفشلها، فليس لعاقل أن يحكم عليها بالنّجاح، أو على الأقل وصفها بالسّير البطيء؛ لعدم تحقيق بند واحد من بنودها؛ وهاهي مهلتها المتّفق عليها دوليّا شارفت على الانتهاء في العشرين من الشّهر الجاري، ولن يكون بمقدور المجتمع الدّوليّ الذي صوّت عليها في مجلس الأمن الدّوليّ إلا أن يقول: وداعا أيّتها المبادرة الخارجة من قبرها أصلا بسند الكفالة.

ومن هنا لابد لهذا المجتمع أن يبحث عن بديل أو طرح جديد يتناسب مع واقع المرحلة الرّاهنة، وما وصلت إليه الأمور في السّاحة السّوريّة، وما قد تؤول إليه في المنطقة الإقليميّة؛ لأنّه لا يخفى على أحد أنّ هناك لاعبًا صامتًا لم يحرّك ساكنا؛ ألا وهو 'إسرائيل' وهو لاعب محوريّ ومؤثّر في هذه العمليّة، والخارطة السّياسيّة والطرّح البديل، وإن لم يضع بصمتَه في هذه اللّعبة حتى هذه اللّحظة على الأقلّ.

ومن خلال استقراء التّغييرات الدّاخليّة والخارجيّة أصبحت معالم الطّرح البديل شبه واضحة، والطّريق إليها ميسّرة وممهّدة في ظلّ تصاعد العمليّات القمعيّة للنّظام السّوري من جهة، وفي ظلّ العجز الدّولي المقتصر على المؤتمرات من جهة أخرى.

إلا أنّ اللاّفت في هذه المؤتمرات ما يمكن تسميتُه الهامش الإيجابيّ والمناوشات اللاعلنيّة، منها تسريبات من هامش مؤتمر 'جنيف الذي أوصى بوضع خطّة بديلة عن خطة 'عنان' طرحها بنفسه، وهو القادر عليها فعليّا بعد مناوشاته مع الأطراف المعنيّة للأزمة السّوريّة، على رأسها هرم النّظام، وليس على جدوله المعارضة المتمثّلة بـ'المجلس الوطني'.

هذه الخطّة تشبه المشهد المصري في كثير من جوانبها، بحيث يتمّ تشكيل مجلس عسكري أعلى يترأسه ضابط يلقى قبولا لدى الشّعب السّوريّ عامّة، ولدى المجالس العسكريّة التي تمثّل الجيش الحرّ خاصّة، بعد أن ثبت لدى المجتمع الدّوليّ قوّة هذا الجيش، وامتلاكه حبل اللّعبة في السّاحة السّوريّة.

هذا الضّابط وقبل المجلس العسكريّ يجب البحث عنه ضمن مواصفات معيّنة، وضوابط محدّدة لعلّ من أهمها إضافة إلى ما سبق ذكره، أنه ممن لم تتلطّخ يداه بالدّماء السّوريّة، وله دور في العمليّة السّياسيّة، وصاحب جاه ووجاهة لدى النّظام القائم برموزه كافّة، ومن الدّائرة الضّيّقة في المنظومة العسكريّة السّوريّة.

وبالنّظر إلى ما سمعناه من بعض المسؤولين السّياسييّن العاملين في دائرة حلّ الأزمة السّوريّة من بحثهم المتكرّر عن ضابط مسؤول ممكن أن يتحكّم في قيادة الأمور، ومع ما حدث من انشقاقات نوعيّة في المرحلة المتأخرة نعلم حقيقة الطّرح الجديد، والخطّة البديلة.

ففي الفترة الأخيرة صرّحت وزيرة الخارجيّة الأمريكية عن قرب حدوث انشقاقات نوعيّة في الجيش السّوريّ؛ وما عقبها من وصول عدد من الجنرالات المنشقّين إلى 'تركيا'، حيث بلغ عددهم خمسة عشر ضابطا؛ وتشكيلهم مجلس القيادة المشتركة للجيش الحرّ؛ وانشقاق متميّز أثار ضجّة إعلامية وسياسيّة كبيرة، وقلب لموازين القوى، وإن كان مرتّبًا سابقًا، وهو انشقاق العميد 'مناف طلاس'، ووصوله الفوريّ إلى 'فرنسا' تزامنًا مع عقد مؤتمر أصدقاء سوريّة فيها، وما رافقه من تصريحات لوزيرة الخارجية الأمريكيّة، ووزير الخارجيّة الفرنسيّة.

كل هذه المؤشرات لا تترك مجالا للشّكّ في قرب الحلّ والطّرح البديل القائم على تشكيل مجلس عسكري يمسك زمام الأمور في سورية في مرحلته الانتقالية، في مشهد مماثل جدّا للمشهد 'المصري' القريب بعد استبعاد المشهد 'اليمني' لحلّ الأزمة السّوريّة.

ويبقى السّؤال المطروح في مثل هذا الحلّ: هل يمكن أن يكون العميد 'مناف طلاس' الشّخصيّة القياديّة المؤهّلة لقيادة هذه المرحلة؟ هل تتوفّر فيه الشّروط التي تمّ ذكرها قبل قليل؟ وإذا ما أضفنا إليها أنه ابن حمص عاصمة الثّورة السّوريّة؛ ووالده وزير الدّفاع الأسبق الذي يؤهّله لأن يحظى بقبول جميع غفير من الضّباط ذوي الأهمية العالية في المنظومة العسكريّة؛ وأنه قريب القائد البطل 'عبد الرّزاق طلاس' قائد كتيبة الفاروق؛ وأنه أيضا من الحرس الجمهوري في دائرة القصر وحمايته، إضافة إلى الاهتمام الدّوليّ بانشقاقه وقد سبقه في ذلك من هو أعلى رتبة منه.

ومن وجهة نظري إنّ ما جعل المجتمع الدّوليّ يلجأ إلى مثل هذا الطّرح إن صحّ وصدق، عدد من الأمور يأتي في مقدمتها: عجز المعارضة السّوريّة بأطيافها كافّة عن إيجاد، وطرح خطّة طريق تتناسب مع الواقع الدّاخلي والواقع الإقليميّ لحلّ الأزمة في سوريا، وظلّت تدور في فلك البحث عن خارطة طريق لسورية المستقبليّة، في قفزة منها على الواقع الحقيقيّ الذي يعيشه الشّعب السّوريّ، وقد ظهر ذلك واضحًا في مؤتمر 'القاهرة' حيث أوشكت على التوحّد لكن في مرحلة ما بعد 'الأسد'، وليس التوحّد على آلية وكيفية إسقاط 'الأسد'.

ومنها الخشية المتكرّرة لدى المجتمع الدّوليّ من وصول الأمور إلى حرب أهليّة أو طائفيّة في لحظة سقوط الأسد، فكان لابدّ من الحفاظ على المؤسّسة العسكريّة بمؤسساتها الأمنية الحاليّة؛ لتقوم بدور المحافظ على استقرار الأمور ،وعدم انفلاتها من خلال طرح مثل هذا الحلّ البديل.

وفوق ذلك كله سؤال آخر محوريّ يتعلّق بالمشكلة والحلّ البديل، وهو طرف طالما تم تهميشه في وضع خارطة الطّريق: هل سيرضى الشَّعب السّوري بمثل هذه الحلول؟

 

' أكاديمي ومعارض سوري

=================

أسرة طلاس لا تصلح لدور أسرة الأسد

غسان الامام

الشرق الاوسط

10-7-2012

كنت أول من سأل بشار الأسد عن الديمقراطية المفقودة في سوريا. كان ذلك قبل وفاة أبيه حافظ، بشهور قليلة (2000). قبل ترئيسه وبعد ترئيسه، بدا بشار للعالم شابا «مودرن» إصلاحيا. علمانيا. وكان آنذاك يكثر من التردد على باريس «الخبيرة» بالشأن السوري. وربما تلقى نصائح ودروسا في الديمقراطية، من الرئيس جاك شيراك. فقد عرفت باريس أن أيام الأسد الأب باتت معدودات. تكالبت أمراض عسيرة عليه، فأصابته بالوهن أيضا في ملكاته العقلية.

قال لي بشار وهو يصافحني: يجب أن تعود إلى سوريا. نحن هناك نقرؤك. ثم أسمعني محاضرة طويلة عن الديمقراطية. فهمت منها التفسير التقليدي الذي يتسلح به كل نظام سلطوي: الديمقراطية تربية. والسوريون غير مؤهلين للديمقراطية.

أحزنني التفسير. فقد عرفت سوريا الديمقراطية منذ استقلالها عن تركيا (1918). وعرفت مجلسا برلمانيا منتخبا بحرية، منذ عام 1928. واستقلت سوريا عن الاستعمار الأوروبي 1946، في عهد نظام ديمقراطي يقوده رواد ديمقراطيون للقومية العربية: شكري القوتلي رئيسا للدولة. والمسيحي فارس الخوري رئيسا للحكومة.

لم أزر سوريا، منذ علمت أن دعوة بشار لن تجنبني دعوة «إجبارية» لإجراء «حوار» مع مديري الأجهزة الأمنية! كرر الدعوة الدكتور إلياس نجمة سفير سوريا الأسبق في باريس. قال لي تستطيع أن تقيم حيثما شئت، برعاية النظام، في فرنسا. أو سوريا. أو لبنان. ثم فهمت أن الشرط هو أن أتخلى عن العمل في «الشرق الأوسط». فقد بت مزعجا. أفسدت زيارة بابا الفاتيكان السابق، عندما دعوت بشار إلى مطالبته بالاعتذار عن الحروب الصليبية التي دمرت المشرق العربي.

الحزن لم يفقد في الأمل. فقد وعد بشار بمسيرة ديمقراطية أمام نخبة من الصحافيين اللبنانيين نصحت السفارة السورية بدعوتهم. مع الأسف، لم يسل أي منهم بشار عن ديمقراطية لبنان. كانوا خائفين من آلة القمع السورية في بلدهم المحتل.

في تلك الأثناء، تلقيت دعوة من وزير الإعلام للكتابة في الصحافة السورية. على سبيل التجربة، كتبت زاوية يومية قصيرة في «تشرين» كبرى صحف النظام. ثم توقفت عندما ذوت ورود ربيع دمشق. فقد راح الرئيس بشار يغلق ندوات الساسة الهواة الذين طالبوه بالانفتاح. ثم بدأ يزجهم فرادى وجماعات في السجون.

عملت في الصحافة السورية نحو عشر سنوات فقط (1954/ 1963). ثم غادرت بلدي إثر مذبحة الصحافة السورية. فقد أغلقت حكومة صلاح البيطار الانقلابية الصحيفة التي أعمل فيها. ثم أغلقت مكتب وكالة الأنباء التي أراسلها. عملت في لبنان. عندما لحقني الجيش السوري إلى لبنان (1976) غادرته هاربا إلى أوروبا.

ثم رق قلب النظام. فقد توسط لي وزير الإعلام والسفير السوري في لندن (وكلاهما علويان متسامحان). صدر أمر سياسي لمدير عام جوازات الهجرة برد الجنسية السورية إلي وتجديد جواز سفري. كان الثمن أكثر فداحة وإهانة للكرامة. فقد اشترط علي ضباط المخابرات في السفارة بأن أكون عونا وعينا لهم على العرب واللبنانيين والسوريين في باريس.

ذهبت إلى الصديق السفير إلياس نجمة شاكيا. ذهب السفير إلى دمشق. وعاد حاملا معه أمر نقل ضباط الأمن إلى دمشق. ثم فوجئ السفير. وفوجئت معه. فقد «عوقب» أحد الضباط المنقولين بتعيينه مديرا للمخابرات العسكرية الخارجية.

ولي العهد السعودي الأمير سلمان بن عبد العزيز عاشق للصحافة. وقارئ لها. و«مبتلٍ» كما يقول بـ«بلاوي» الصحافيين. فقد رق قلبه لبلواي. استصدر لي أمرا من شقيقه العاهل السعودي الراحل فهد بن عبد العزيز بمنحي جواز سفر سعوديا. جدده لي العاهل عبد الله بن عبد العزيز. وجدده لي الأمير الراحل نايف بن عبد العزيز ولي العهد السابق ووزير الداخلية.

سوريا بلدي. لكن العالم العربي هو وطني. لا أعمل في السياسة. بيد أن تقلباتها العاصفة انعكست سلبا على حياتي ومهنتي. لست معارضا أو مواليا. أطل على العالم من خلال شاشة صحافية، أحب أن تكون عريضة، لأرى ما لا يراه المعارضون والموالون.

لكن النظام السوري، في انغلاقه، يرى الصحافي بوقا له في الداخل. ومعارضا له في الخارج. سرحت الحكومة شقيقي. تعلل رئيسها ناجي عطري وهو يقدم قرار التسريح إلى مجلس وزرائه. بأن الأستاذ الجامعي المسرح هو شقيق الصحافي «المعارض» فلان. ونشرت صحف النظام قرار التسريح معللا بأنه تم «خدمة للمصلحة الوطنية»!

لست وطنيا أولا. ثم عروبيا ثانيا. لا أعاني من شيزوفرينيا الفصام بين الوطنية والعروبة المصاب بها كثير من العروبيين. تربيت في البيت. المدرسة. الجامعة، على أب وجيل من الأساتذة المؤمنين، بعروبة أعتبرها اليوم خلاصا لسوريا، وسموا بها فوق الهويات الضيقة المذهبية والعرقية.

مع الأسف، نظام «المستعربين» يتحالف مع النظام الفارسي ضد العروبة. ومعارضة الداخل طلقت العروبة. ومعارضة الخارج أسقطت عروبتها، لعدم إزعاج عرابيها الغربيين الذين يستقبلون أعضاءها كسوريين أولا.

الواقع أن دعوتي للعودة إلى سوريا لم تبدأ بدعوة بشار لي. في منتصف الثمانينات، تلقيت رسالة مع صديق مشترك، من الزميل الراحل جبران كورية المستشار السياسي للأسد الأب ومدير مكتبه الصحافي يعرض علي العودة إلى سوريا، أو الإقامة حيث أنا في باريس. والشرط دائما هو التخلي عن عملي في الصحافة العربية المهاجرة إلى أوروبا. عندما امتحنت الدعوة بالمطالبة بتجديد جواز سفري، سبق ضابط أمن السفارة بشار بخمس وعشرين سنة. فقد اتهمني بالمؤامرة على النظام. أقنعت موظفة إدارية في القنصلية، بتجديد الجواز من دون حاجة إلى عرضه على أمن السفارة. عندما عادت إلى سوريا دخلت السجن. فقد وشت بها مسؤولة في القنصلية ظلت تتلقى ترفيعا بعد ترفيع، إلى أن غدت سفيرة لسوريا في بلد أوروبي.

في هذه الرواية القلمية، أحببت أن أقدم للقارئ صورة لحياة صحافي سوري يعمل في منفى الهجرة والاغتراب. هناك مليونا سوري مهاجر بعضهم يعمل. وبعضهم لا يجد قوت يومه. أتمنى «للمهاجر» الجديد العميد مناف طلاس وقتا أطيب من حظ المهاجرين الذين سبقوه. بل أشكره على وساطته لدى صديقه الحميم بشار، لإنقاذ القرويين في بلدته (الرستن). أخفقت الوساطة. فقد دمر «الصديق» البلدة فوق رؤوسهم. ثم أعتب عليه. فقد تأخر طويلا في «هجر» النظام.

في الوقت ذاته، تعتريني دهشة كبيرة، إزاء هذا الاستقبال الاحتفالي بالمهاجر الجديد. استقبلته هيلاري بالقول إنها ترحب «بالتعاون» معه. صحافة عربية رشحته لرئاسة سوريا. صحافة غربية رشحته لدور سياسي، بعد سقوط صديقه بشار.

بأمانة صريحة مع هؤلاء «المرحبين» جميعا، أقول إن ملايين السوريين الثائرين يعرفون. ولا يقبلون بأي دور سياسي لهذه الأسرة التي عاشت منعمة. مترفة. مرفهة. أربعين سنة في ظل النظام.

أثبت المرحبون أنهم لا يعرفون السوريين. ويجهلون تماما تطورات القضية السورية خلال الخمسين سنة الأخيرة. لعل الأب العماد مصطفى (82 سنة). المهاجر بدوره إلى باريس يهمس في أذن نجله العميد مناف (48 سنة) بأن «كلينا لا يصلح لدور في سوريا. فقد تجاوزتنا الثورة بمسافة طويلة». وأنا أيضا فقد خدعني بشار. ضللني بمسافة طويلة.

=================

لا بد من وقف المأساة السورية!

عبدالرحمن الراشد

الشرق الاوسط

10-7-2012

في إحدى المدن السورية المجاورة لحماه وجه الأهالي نداءات إغاثة، حيث إن الجثث بقيت في الطرقات لثلاثة أيام، وجيش النظام الذي يرابط هناك بأكثر من مائة مدرعة، يمنعهم من نقلها ودفنها. وفي دوما دعا الأطباء إلى تدخل دولي لمعاينة الوضع، حيث يشتبه في ظهور أوبئة خطيرة، أيضا بسبب انتشار الجثث واستمرار قصف الأحياء المدنية، حتى اضطر معظم سكان المدينة إلى الفرار.

هذه الحالات اليومية، ومعظمها مصور وموثق، تزيد الضغط ليس على الرئيس السوري بشار الأسد، الذي كل ما يزعجه في جرائم قواته أن تؤثر صورها المروعة على الإنترنت على أطفاله الثلاثة، كما قال لإحدى وسائل الإعلام التركية! هذه الجرائم التي يطالعها ملايين الناس في المنطقة كل مساء تزيد الضغط على حكومات المنطقة وقوى المجتمع المختلفة. ويشعر الجميع بالغضب لأن الشعب السوري يستغيث من الإبادة منذ أكثر من عام ونصف العام وليس من مغيث. ومن يعرف المناخ العام هناك، يدرك في أي اتجاه تهب الريح؛ فهي تهب نحو نقمة شعبية عارمة. ومن المؤكد أنه في ظل هذا اليأس والغضب المتنامي هناك لن يقف الشعب مكتوف الأيدي بسبب عجز حكومات المنطقة. وما يزيد الاحتقان استمرار الجامعة العربية في التغطية على جرائم نظام الأسد، ولم تفعل شيئا نافعا سوى طلب وقف بث محطات النظام السوري على الأقمار الصناعية العربية، وحتى هذا القرار التافه لم ينفذ!

نظام بشار الأسد يتآكل من الداخل، والشواهد كثيرة، لكن حتى نصل إلى نقطة الانهيار، ربما نهاية هذا العام، تكون المواقف الرسمية العربية قد تآكلت وشبع الناس منها حتى كرهوها. وهذه المواقف الرسمية المتفرجة ستجد نفسها محاصرة غدا بظهور جماعات جهادية تركب موجة الغضب الشعبي والنقد ضد الأنظمة.

المواطن العادي لا يفهم القانون الدولي لكنه يشعر أن إبادة شعب أمر لا يمكن السكوت عنه. عام ونصف العام من القتل والتدمير والإبادة أمور لا يمكن للقانون الدولي أن يمنع التدخل لوقفها. ولا يعقل أن تسكت نحو عشرين دولة عربية، فقط لأن روسيا والصين تستخدمان حق «الفيتو». ولا يعقل أن تقبل أغلبية أعضاء الجامعة العربية الرضوخ لحكومات دول على رأسها الجزائر وموريتانيا والسودان والعراق، وتمتنع عن التدخل المباشر أو الدعوة إليه. ولا يفترض أن يغرر بنا الأمين العام للجامعة العربية عندما يستخدم عبارة الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، ويقصد بها المادة 41 من الفصل السابع التي تجيز استخدام كل العقوبات، باستثناء القوة العسكرية، مثل العقوبات الاقتصادية. وفي حال فشل هذه العقوبات يرجع الجميع لمجلس الأمن مرة أخرى، لطلب تنفيذ الفصل السابع في إطار المادة 42 التي تجيز استخدام القوة، الأمر الذي استخدمت روسيا والصين «الفيتو» ضده. وبالتالي الحديث عن الفصل السابع هنا خداع لغوي، نجح فقط في منح نظام الأسد المزيد من الوقت لقتل الآلاف من السوريين العزل. أيضا، لا يفوتنا فهم ما قاله وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري، قبل أيام مضت، أن عناصر من «القاعدة» عبرت الحدود العراقية إلى داخل سوريا. بدا الوزير مجبرا على قول هذا التصريح المضحك، لأن «القاعدة» لا تحتاج للانتقال من العراق إلى سوريا، فهي جاءت أصلا من سوريا. يبدو أن الوزير زيباري أجبر على قوله عقابا له من قبل حكومته المؤيدة للأسد؛ لأنه تجرأ وأعلن الأسبوع الماضي أن ما يحدث في سوريا جرائم يرتكبها نظام الأسد ضد المدنيين العزل.

في الداخل السوري، حرب الإبادة مستمرة بلا هوادة ولا حدود لها، تطال التجار بالقتل ونهب محلاتهم عندما يغلقونها إضرابا واحتجاجا، وتطال حتى مشيعي الجنازات، حيث يقتل كل من يسير وراءها، وتطال نجوم المجتمع ورموزه تخويفا. وتلاحق قوات الأسد حتى الرياضيين الذين يتبنون مواقف معادية لها؛ فقد أعدمت ميدانيا، أمام الأهالي، قبل أيام، لاعب كرة من نادي النواعير حسام أبو علو. واحتجاجا على جرائمها أعلن لاعب منتخب سوريا فراس الخطيب رفضه اللعب. وكانت قوات النظام أطلقت سراح الملاكم العالمي أحمد وتار بعد سجنه عقابا له على موقفه المعارض لها.

النظام محاصر، والمزيد من قوى ورموز المجتمع تتمرد عليه، من قيادات عسكرية إلى مشاهير الرياضة، والمظاهرات تزداد ولا تتراجع على الرغم من هول التنكيل، ففي العاصمة دمشق سجلت 46 مظاهرة يوم الجمعة الماضي؛ لهذا فإن دعم الشعب السوري لن يحقق إلا نتيجة واحدة، ليست إسقاط النظام، فهذه مؤكدة، بل التعجيل بإسقاطه واختصار زمن المعاناة والدم.

=================

الجيش السوري والطائفية

حسين شبكشي

الشرق الاوسط

10-7-2012

ظهرت دراسة نشرت في صحيفة «نيويورك تايمز» أن الجيش السوري بلغت فيه الطائفية حدا خطيرا جدا، فهي توضح أن هناك ألف منتسب في كل دفعة بالكلية الحربية من الطائفة العلوية (التي تنتمي إليها عائلة الرئيس بشار الأسد) مقابل 100 من الطائفة السنية و100 آخرين يمثلون كافة المزيج المتنوع المتبقي من الطوائف والأقليات.

ليس سرا أن الجيش السوري، وخصوصا المراكز القيادية فيه كانت دوما ولا تزال من نصيب الطائفة العلوية، وأن من ينصبون في مراكز قيادية من الطائفة السنية لا يوجد معنى حقيقي للمنصب، لأنه دون صلاحيات تنفيذية جادة.

حافظ الأسد الذي جاء إلى الحكم من رحم جيش وطني غير طائفي أدرك أن عليه «تمييع» هوية الجيش للحفاظ على الحكم، فبدأ بترويج فكرة أن الجيش قومي وعروبي ومنتم لحزب البعث عقائديا، وخلال تلك الفترة بدأت الكثير من الأسر المهمة توجه أبناءها نحو التجارة والأعمال المهنية وبعيدا عن الخدمة العسكرية والسلك العسكري.

والتفت حافظ الأسد لهذه المسألة جيدا وبدأ في إغراء العشرات ثم المئات ثم الآلاف من أبناء طائفته للانخراط في السلك العسكري والاستفادة من ذلك الأمر بشكل ملموس.

ولكن لغة الأرقام تتحدث وبعنف وقوة الثورة السورية التي تجاوزت مدتها السبعة عشر شهرا وحصدت أكثر من 17 ألف قتيل، والجيش السوري النظامي المقدر حجمه بـ400 ألف عنصر أنهكته الحرب على الشعب، وبدأت علامات الانشقاقات بين عناصره في التأثير عليه، وكذلك هناك مسألة أخرى متنامية الأهمية آخذة في التأثير وهي أن هناك 80 ألف شاب أغلبهم من الطائفة السنية تخلفوا عن تسليم أنفسهم للجيش وذلك لأداء الخدمة العسكرية الإلزامية، وهناك أعداد أخرى متزايدة ترفض تنفيذ أوامر قيادتهم العليا بتنفيذ عمليات محددة ضد السكان في المدن المحاصرة.

حتى داخل هذا الجيش الذي كان يروج للناس أنه ينتمي لفكر علماني قومي ولا يميز بين أبناء القطر الواحد، يكتشف الناس هناك وجود طبقات من التميز والأفضلية؛ فالفرقة الرابعة تضم نخبة النخب من الطائفة العلوية، ومعنية بحماية النظام والدائرة المقربة جدا منه، وكذلك الأمر بالنسبة للحرس الجمهوري الذي تقول التقديرات إن عدد المنتسبين إليه يبلغ الـ60 ألف عنصر، وهناك تقديرات مهمة تفيد بأن عدد أفراد أجهزة الاستخبارات الأربعة يتجاوز عددها الـ150 ألف عنصر، وهناك قناعة واعتقاد كبير أن الجيش تم تنظيمه بهذه الهرمية الدقيقة المتنافسة والمعقدة لكي يتفرغ لدوره الأساسي وهو حماية النظام من الشعب.

فحافظ الأسد كان دائما يدرك أن وصوله للحكم وتمكنه من السلطة يجب أن يكون ضمن مخطط طويل الأجل يضمن فيه ولاء المؤسسة الأهم في البلاد، وهي الجيش، لخدمة هذه الفكرة، وظهر الأمر جليا وبوضوح إبان مرحلة تسليم السلطة لبشار الأسد بالتدريج عبر تدرجه الصاروخي في المناصب المختلفة حتى وراثته لمنصب الرئيس بعد وفاة والده.

ولذلك جاء خبر انشقاق مناف طلاس العسكري المقرب والمسؤول عن إحدى الفرق الحيوية في الجيش السوري بمثابة الخبر الصادم جدا لمؤيدي بشار الأسد، وذلك لأن مناف طلاس تربطه بالرئيس السوري بشار الأسد علاقات صداقة وزمالة طويلة الأمد، وكان يعتبر من عناصر النظام وأهمها.

ولكن لم يكن التعليق الذي صدر من وسائل إعلام نظام بشار الأسد بعيدا عن الواقع هو ايضا، إذ أوضح أن مناف طلاس لا قيمة له في المنظومة العسكرية للجيش السوري، وأنه ليس له وزن حقيقي، وهذه هي الحقيقة المرة التي يجب أن تعرف الآن أن هذا النظام ما هو إلا آلة تفريخ واضحة للطائفية بامتياز وجه موارده عبر الزمن منذ أن تمكن من السلطة لتكريس الفكرة الطائفية، وأن يكون الحكم والمصلحة المصاحبة للحكم مرتبطين تماما بقوة الطائفة، وعلى أن يكون الولاء والأولوية لذلك، وتم تسيير الأنظمة والمصالح لأجل تحقيق هذا الهدف، وقد كان لهم ذلك، ولكن لكل أجل كتاب وللظلم نهاية.

هذه المشاهد التي نراها في فصول الثورة السورية هي نتاج طبيعي للظلم والتمييز والتفرقة العنصرية والطائفية التي دفع ثمنها لسنوات هذا الشعب الكريم الغاضب.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ