ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 24/06/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

سوريا.. الأزمة وصلت «عنان» السماء!

الشرق الاوسط

23-6-2012

طارق  الحميد

عملية إسقاط المقاتلة التركية من قبل الدفاعات الجوية الأسدية، عبارة عن رسالة مهمة لكل من أنقرة والمجتمع الدولي، بأن النظام الأسدي، ومن يقف خلفه، مستعدون لخوض المعركة إلى آخر المطاف، وليس حتى خراب سوريا وحسب، بل والمنطقة كلها، كما أنها مؤشر واضح على حالة اليأس التي وصل إليها طاغية دمشق.

ترتيب الأخبار، حسب حدوثها، يساهم في توضيح الصورة بشكل أكبر؛ فعملية إسقاط المقاتلة التركية تمت من قبل قوات طاغية دمشق الجوية، بينما الإعلان عن ذلك تم عبر محطة «المنار» التابعة لحزب الله الإيراني في لبنان، ثم بادر النظام الأسدي على الفور بالاعتذار لأنقرة عن ذلك، ومن هنا يتضح التناغم التام بين النظام الأسدي وحزب الله الإيراني، والذي يمثل رسالة واضحة للأتراك، وغيرهم، بأن الأسد لن يخوض المعركة وحده، بل معه إيران وحزب الله! لكن هل الأسد قادر على مجابهة القوة التركية؟ بكل تأكيد لا، والدليل أنه سارع إلى الاعتذار فورا، مما يوحي بأنه يريد إرسال رسالة الخيار المجنون، وهو خوض الحرب ضد تركيا، لكنه غير قادر على فعلها، ولذلك أسباب أخرى، وهي التي تؤكد أن الأسد بات في حالة يأس.

فحادثة إسقاط المقاتلة التركية ليست برسالة للأتراك وحسب، بل قد تكون أيضا رسالة أسدية داخلية لقواته، فعملية إسقاط المقاتلة التركية تأتي بعد يوم من انشقاق أحد طياري القوات الأسدية وفراره بطائرته إلى الأردن، وطلبه اللجوء السياسي هناك. ويبدو أن ذلك الانشقاق أصاب النظام الأسدي بمقتل، فأراد أن يرد بالقول إن الطائرة بطائرة، من ناحية، كما أراد من ناحية أخرى رفع الروح المعنوية لصفوف قواته الإجرامية. وعادة ما يهرب الدكتاتوريون إلى الأمام في حالة الأزمات، وذلك إما بافتعال أزمة أكبر مما هو حادث، أو بالدخول في حروب من أجل توحيد الصفوف الداخلية، وفعلها صدام حسين من قبل، ومثله النظام الإيراني الخميني. وللتأكد من ذلك في الحالة الأسدية، يكفي تأمل عملية انشقاق الضباط في صفوف القوات الأسدية، وتسارع وتيرتها، وارتفاع الرتب العسكرية المنشقة، ومنها بالطبع انشقاق الطيار بطيارته عن القوات الجوية، وبالأمس كانت هناك عملية انشقاق أربعة ضباط كبار في حلب.

وبالطبع، فإن عمليات الانشقاقات العسكرية، ومعها الطائرة الجوية، توحي بأن أزمة الأسد قد بلغت عنان السماء، مما يؤكد أن خطة أنان فاشلة، بل وميتة، ولا أمل فيها، كما أن عمليات الانشقاق السريعة والمكثفة، تؤكد أنه حان الوقت لتوفير المناطق الآمنة، والمحظورة، على الحدود التركية والأردنية. فمن شأن ذلك أن يسرع بعملية الانهيار المرتقبة للنظام الأسدي، خصوصا مع المعلومات التي تشير إلى اقتراب حدوث انشقاقات بالدوائر المقربة من الأسد نفسه، حيث بادر كثير من المقربين منه بإخراج أموالهم من سوريا، وهذا وارد لا سيما مع تغير الأوضاع على الأرض ضد الطاغية مما جعله يفقد صوابه ويقوم بقتل أعداد مهولة من السوريين. فاليومان الماضيان شهدا قتل ما يفوق مائتي سوري!

الواضح أننا أمام بداية نهاية الأسد، لكن من يقوم بإطلاق رصاصة الرحمة، أي المناطق الآمنة؟

=================

عن الجديد في المشهد السوري!

الشرق الاوسط

23-6-2012

اكرم البنى

ثمة متغيرات تحصل في سوريا لا تخطئها عين متابع، وهناك علامات جديدة بدأت تلون المشهد لا يصح تصنيفها أو إخضاعها لمعايير الصورة الروتينية القديمة، بل يرجح لها أن تلعب، في حال ثبتت في الأرض ورسخت، دورا مهما في تعزيز الثورة الناهضة وتصويب مسارها.

العلامة الأولى هي الإضراب الشامل الذي شاركت فيه غالبية أسواق دمشق وحلب، ما يعني دخول القوة الاقتصادية التقليدية على الخط، بعد تأخر وتردد طال في إعلان اصطفافها وإشهار انحيازها السياسي للثورة، ولا يغير من هذه الحقيقة حالات الدعم المستتر والخفي من قبل بعض التجار والميسورين للحراك الشعبي، مثل تقديم مساعدات إنسانية للمهجرين ومساندة الاحتجاجات والمظاهرات.

أسباب كثيرة شجعت التجار على خوض هذا التحدي وهم الذين يقرشونها جيدا ولما تبرد بعد الشائعات الأمنية عن تهديدهم بإحراق أسواقهم إن أخلوا بالتزاماتهم في دعم السلطة، وطبعا حين تكون ذريعة الإضراب استنكار مجزرة الحولة وتداعياتها الأخلاقية التي لم يستطع أحد التهرب من إدانتها بما في ذلك النظام نفسه، فهي لا تحجب تصاعد استياء عموم شرائح المجتمع والتجار أنفسهم من هستيريا القمع السلطوي الذي لا يعرف رحمة، ووصل حدا يفقأ العين، ولا يقبله عقل أو ضمير، وأيضا تأثير طول أمد الصراع وعجز النظام عن الحسم في إشعار التجار بعجزه أيضا عن حماية مصالحهم، ما أدى إلى تراجع الخوف من صدورهم، خاصة أن غالبيتهم بقيت لفترة طويلة مشككة بالحراك الشعبي وبقدرته على الاستمرار في مواجهة نظام يملك قوة قمع هائلة، ولأنهم لم ينسوا مرارة ما تكبدوه سابقا حين غامروا في دعم تحركات شعبية نجح النظام في سحقها، وزاد في الطنبور نغم، حساسيتهم من الإساءات الطائفية المفتعلة في غير مكان، والقطيعة العربية مع النظام، والعقوبات الاقتصادية المتصاعدة، وتفاقم أزمة الأسواق مع تراجع القيمة الشرائية للناس، ولعل ما يرجح تكرار الإضراب ويعطي هذه النقلة استقرارا نسبيا هو عجز النظام عن إزالة الدوافع، ولنقل ضعف قدرته في ظل حالة الحصار المفروضة على استمالة أصحاب المصالح ورؤوس الأموال واسترضائهم ببعض المنافع تمهيدا لإعادتهم إلى بيت الطاعة.

أن تصل متأخرا خير من أن لا تصل أبدا، هو حدث كبير أن تصل النخبة الاقتصادية إلى الثقة بالناس وبالتغيير وتضع ثقلها في الميزان، وتعلن إضرابا تتجاوز فيه ما يعتبر في عرفها وتقاليدها محظورا لم تمارسه منذ الاستقلال، ما يمنح الثورة، في ظل الظروف الحرجة التي تمر بها، أبعادا أكثر صحة وحيوية، خاصة لجهة نزع أحد العيوب التي أثيرت عنها بأنها ثورة أرياف ضد المدنية، جراء الطبيعة الريفية لأكثر ميادين الصراع حرارة وتأخر انخراط المدن الكبيرة، أو لجهة أهمية الإضراب الاقتصادي الشامل في تثقيل أشكال النضال السلمي والمدني، ووقاية المجتمع من مخاطر الانزلاق إلى حرب أهلية.

العلامة الثانية، تنامي إدراك الناس بأن زمن الصراع سيطول، وأن الاعتماد على الذات وعدم التخلي عن أسلوب الاحتجاجات السلمية هو الخيار الأجدى، وطبعا هو أمر له دلالة كبيرة على استمرار المظاهرات النهارية والليلية وأيام الجمع بعد مرور أكثر من خمسة عشر شهرا على الحراك الشعبي، وما تكبده من خسائر بشرية ومادية جسيمة، وكأن ما يحصل لا يؤثر على معنويات الناس بل يزيدها إصرارا على عقد حلقات التظاهر والاحتجاج، وعلى المضي في تحمل القمع والاضطهاد والتنكيل كطريق مجرب لتفكيك النظام ودائرته الأمنية الضيقة، ويزيدها يقينا بأن الزمن بات يعمل لصالحها، وأن كل يوم يمر يعني تدهورا متسارعا لقدرة النظام على الحسم، وأن مختلف وسائل العنف لن تسعفه في محاصرة الثورة أو كسر شوكتها، خاصة أن الجديد اللافت هو امتداد الحراك الشعبي إلى مناطق وأحياء متنوعة طائفيا وإثنيا كانت حتى الأمس القريب هادئة وكأنها بعيدة عما يجري في البلاد.

صحيح أن آلة القمع لا يردعها رادع، وصحيح أن لا أمل يعقد على تعديل سلوك النظام وعلى دور عربي أو عالمي مقرر، وصحيح أن اللجوء إلى السلاح فرض وجود مساحات واسعة من المناطق خارج نطاق سيطرة السلطة، لكن الجديد والصحيح أيضا هو انحسار «فورة السلاح» وتراجع الثقة بجدواها كعامل حاسم، وكأن ثمة توافقا أوليا بدأ ينتشر في المجتمع على أهمية الجيش الحر والإيمان بدور السلاح، لكن لأسباب دفاعية ولرد الأذى والضرر عن الناس، وتوفير شروط آمنة لاستمرار احتجاجاتها، دون عمليات هجومية تضعف التعاطف السياسي والإنساني مع الثورة وترتد عليها بمزيد من العنف والقصف والتدمير.

العلامة الثالثة، تنامي حضور المجتمع المدني، بأشكال وصور متعددة، كلجان مناهضة الطائفية، أو مجموعات دعم السلم الأهلي، أو تلك التي تهتم بالإغاثة وتقديم المعونات للمهجرين والمنكوبين، ونضيف هنا تنامي دور المحامين في حلب ودمشق والسويداء وتكرار اعتصاماتهم من أجل إطلاق سراح المعتقلين، ثم حملة «أوقفوا القتل نريد بناء وطن لكل السوريين».

وبلا شك فإن هذه المجموعات واللجان التي اجترحت الفرص لممارسة دورها المدني والسلمي على الرغم مما تتعرض له من قمع واعتقال، ساهمت إلى جانب عشرات الناشطين السياسيين الميدانيين الذين أشيع عن عودتهم إلى البلاد، بما هو إدراك لجدوى وأهمية دورهم بين الصفوف لا في الخارج، في إفشال محاولات جر الشارع إلى ردود فعل متخلفة كان البعض يراهن عليها، خاصة بعد تكرار المجازر البشعة، لحرف الحراك الشعبي عن أهدافه الحقيقية، ونجحت في الحفاظ على الاتجاه العام للثورة، كثورة وطنية، عابرة للمذاهب والأديان والقوميات وتحمل مطالب مختلف فئات الشعب في الحرية والكرامة، وتاليا في تعزيز الشعارات التي تعلي قيم المواطنة وأسس العيش المشترك ومحاصرة الهتافات التي تستفز الغرائز وتدعو إلى التمييز والتعبئة على أسس متخلفة ودون المستوى السياسي، عشائرية كانت أم طائفية أم قومية!

=================

اسقاط الطائرة التركية: اربع رسائل سورية

عبد الباري عطوان

2012-06-22

القدس العربي

 

المشهد السوري يتطور بشكل متسارع نحو التصعيد، سواء على الارض او في السماء، فبعد انشغال الرأي العام العربي والعالمي بلجوء طيار سوري بطائرته الى الاردن يوم امس الاول، ها هي الانباء تتوارد منذ يوم امس عن اسقاط الدفاعات الجوية السورية طائرة فانتوم تركية ـ امريكية الصنع، كانت في مهمة غامضة قرب الحدود بين البلدين.

المعلومات المتوفرة عن العملية ضئيلة، فالطرفان التركي والسوري يتحفظان في التصريحات، لكن دعوة رجب طيب اردوغان رئيس الوزراء التركي 'لاجتماع ازمة' مع قائد اركان الجيش ووزراء الدفاع والخارجية والداخلية ورئيس الاستخبارات العامة، توحي بان الأمر خطير للغاية ويستدعي 'ردا ما'.

العلاقات التركية ـ السورية شهدت توترا في مراحل عديدة طوال العقود الاربعة الماضية، ولكنها لم تصل مطلقا الى درجة اسقاط طائرات، واذا صحّت التسريبات التي اذاعتها محطات تلفزة قريبة من دمشق، مثل محطتي 'المنار' و'الميادين'، بأن الدفاعات السورية هي التي اسقطتها، فإن هذا يعني اننا ربما نقف على اعتاب حرب اقليمية.

القيادة السورية ربما تكون ارادت ارسال رسائل قوية الى عدة اطراف، وليس الى طرف واحد فقط، انها ليست ضعيفة ولا تخشى الحرب:

الرسالة الاولى: الى تركيا تحذرها من التمادي في دعم المعارضة السورية وتزويدها بالأسلحة والعتاد العسكري المتطور، علاوة على تحويل الاراضي التركية الى ممر للمقاتلين الاسلاميين المتشددين الراغبين في القتال لاسقاط النظام في دمشق.

الرسالة الثانية: الى حلف الناتو، والولايات المتحدة الامريكية على وجه الخصوص، تريد التأكيد بأن سورية ليست ليبيا وان اي لجوء لاستخدام القوة ضدها، بما في ذلك القصف السجادي الجوي، لن يكون مأمون العواقب.

الرسالة الثالثة: الى بعض الدول العربية، ،والخليجية على وجه الخصوص، التي ترسل اسلحة ومعدات متقدمة الى الثورة السورية من خلال الاراضي التركية.

الرسالة الرابعة: الى الداخل السوري من حيث التغطية على انشقاق الطائرة 'ميغ 21' الى الاردن، والتأكيد بان النظام ما زال متماسكا ومستعدا للتصدي 'للمؤامرة الخارجية' التي تستهدف اطاحته.

' ' '

من المؤكد ان القيادة السورية لم تذهب بعيدا في خطوتها التصعيدية هذه دون التنسيق مع نظيرتها السوفييتية، وأخذ الضوء الاخضر منها، وقبل اقل من اسبوع من انعقاد اللقاء الحاسم لمنظومة اصدقاء سورية في باريس اواخر هذا الشهر.

النظام السوري 'يتحرش' بتركيا لأنها تشكل رأس الحربة في اي تدخل عسكري خارجي لاسقاطه، وهو يدرك جيدا ان الادارة الامريكية لا تحبذ مثل هذا التدخل، في ظل الحملة الانتخابية الرئاسية التي تسير على قدم وساق حاليا، ولذلك قرر استفزازها وحليفتها التركية.

السؤال هو: هل تنجح القيادة السورية في جرّ تركيا، والولايات المتحدة بالتالي، الى حرب استباقية في توقيت لا تريدانه، بل تتجنبانه بكل الطرق والوسائل، ريثما تنتهي انتخابات الرئاسة ويبدأ التحضير لضرب المنشآت النووية الايرانية؟

اللافت ان الردّ التركي على اسقاط الطائرة جاء مرتبكا، مثلما كان الحال كذلك تجاه الدعم السوري المكثف لحزب العمال الكردستاني الذي تصاعدت هجماته ضد القوات التركية في الآونة الاخيرة، مثلما تصاعدت معها ارقام الجنود القتلى والجرحى، الامر الذي شكل ضغطا بل احراجا لحكومة اردوغان، ودفع بعض صحف المعارضة الى تحميله مسؤولية هذا التصعيد بسبب موقفه الداعم للثورة السورية.

النظام السوري يتصرف حاليا مثل 'النمر الجريح'، وربما أراد من خلال اسقاط الطائرة التركية ان يصدّر أزماته الى الخارج، بعد ان تفاقمت نظيراتها في الداخل، بفعل هجمات الجماعات المسلحة وتراخي قبضته الامنية تدريجيا، ووصول الهجمات الى قلب العاصمة السياسية دمشق، والتجارية حلب.

التقارير الاخبارية الواردة من سورية تؤكد ارتفاعا ملحوظا في اعداد القتلى في صفوف قوات النظام والميليشيات التابعة له، فقد اشارت بيانات المرصد السوري الى سقوط اعداد كبيرة من العسكريين السوريين والشبيحة، كان آخرهم 25 شبيحا يوم امس فقط.

' ' '

في ظل انهيار مبادرة كوفي عنان بعد فشلها في وقف العمليات العسكرية، وانهيار مهمة المراقبين الدوليين المنبثقة عنها، باتت الحرب الاقليمية اقرب من اي وقت مضى، ان لم تكن قد بدأت فعلا، فسورية تشهد حاليا حربا بالوكالة بين الولايات المتحدة وحلفائها من جهة، وروسيا وحلفائها في الجهة المقابلة.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعتبر بقاء النظام السوري معركته الشخصية، ولهذا قاوم كل الضغوط الامريكية للتخلي ليس فقط عن النظام السوري، بل رأسه ايضا، رغم المغريات الاقتصادية العديدة التي عرضها الامريكان ودول الخليج الغنية.

الطائرة سقطت او اسقطت قرب القاعدة البحرية الروسية في طرطوس، ولا نستبعد ان تكون الدفاعات الروسية هي التي تصدت لها عندما اقتربت منها، في محاولة لجس النبض او اطلاق بالون اختبار لرصد رد الفعل الروسي.

النظام السوري يلعب بالنار، وكذلك نظيره التركي ايضا، ومعهما كل الاطراف العربية والاجنبية المتورطة في مستنقع الحرب الاهلية الطائفية المتفاقمة في سورية، وهي حرب تجتمع الحكومة والمعارضة على انكار وجودها.

نظرية اردوغان التي تقوم على 'صفر مشاكل' مع الجيران، التي جعلت من تركيا تحتل المرتبة السابعة عشرة كأقوى اقتصاد في العالم، بدأت تنهار تدريجيا ابتداء من سورية، وربما تصل الى القاع اذا ما تطورت حادثة اسقاط الطائرة الى مواجهات عسكرية.

الامر المؤكد ان سورية ليست ليبيا، وبشار الاسد ليس معمر القذافي، فالاول يملك ترسانة اسلحة قوية تتضمن صواريخ 'اس 300' المضادة للطائرات، تستطيع التصدي لأي طائرات مغيرة، بينما لم يستطع الاخير اسقاط طائرة واحدة للغرب باستثناء طائرة لوكربي، هذا اذا كان هو الذي اسقطها فعلا.

=================

المعارضة السورية: لا حياة لمن تنادي

بهية مارديني'

2012-06-22

القدس العربي

اجتمعت المعارضة على مدار الثورة في سوريا مرات ومرات دون أية نتيجة للقاء ُمنتج على أرضية واحدة ومشتركات واضحة.

لأعترف ...نكذب أحيانا في وسائل الاعلام ونقول المعارضة السورية فقط مختلفة على التدخل الخارجي العسكري في سوريا وعلى اعادة هيكلة المجلس الوطني وتوسعته بينما الواقع أن هذا جزء من خلاف.

المعارضة السورية مختلفة على كل شيء والقاسم المشترك في الخلافات هو المكاسب وبينما الشعب السوري يريد معارضة تسقط له الحكم تتجه المعارضة السورية الى النزاع حول تقاسم الحكم رغم عدم سقوط النظام.

وتتحمل المعارضة السورية برمتها عدم تعاطي المجتمع الدولي معها بجدية وتقديمها على طبق من دم الحجة له بأنها منقسمة ومفتتة، وتتحمل ايضا التدخلات الاقليمية والدولية في شؤونها لانها اقل واضعف من ان تتخذ قرارا حاسما لمصلحة الثورة.

ولنأخذ مثالا الاجتماع الاخير الذي انعقد الاسبوع الماضي في استنبول، فوسط تكثيف النظام السوري للمجازر والدماء اجتمع حوالي ستين معارضا سوريا بهدف معلن وهو توحيد رؤية المعارضة السورية لكنهم بكل أسف لم يتحدثوا عن توحيد رؤاهم أو عن دعم الثورة وعن دعم الشعب السوري وكان قرارهم تشكيل لجنة من خمسة عشر اسما للتحضير لمؤتمر جديد في القاهرة برعاية الجامعة العربية واختلفوا حتى على اسماء اللجنة.

ويلاه ...اجتماع جديد بعد سلسلة اجتماعات فاشلة وبعد رفض المجلس الوطني توسيع قاعدته واعادة هيكليته ورفضه كل المقترحات، وبعد فشل مرير متكرر للاجتماع قبل الاخير للمعارضة السورية الذي انعقد في استنبول ايضا تحت عنوان توحيد المعارضة السورية ماقبل اجتماع اصدقاء سوريا في تركيا والذي شهد انسحابات وخلافات وكان من ضمن ما لا ينسى في الاجتماع كلمة احد اعضاء المجلس الوطني ومخاطبة الحاضرين من المعارضة السورية 'اني أرى الحقد في عيونكم'.

اذن طالما ان الخلاف خلاف مناصب والموضوع في نظر البعض حقد و 'تشليح كراسي' وطالما ان اعضاء المكتب التنفيذي في المجلس الوطني واولي الامر من المجلس الذين ارتضوا ان يكونوا مظلة للمعارضة السورية كما يقولون، ينظرون الى بقية اعضاء المعارضة السورية انهم يريدون ان يسرقوا 'مناصبهم' و'غنائمهم' و'مكتسباتهم' فلن تقوم للمعارضة السورية قائمة وستظل مختلفة.

وأما المطلوب فهو بسيط وواضح ومفهوم للجميع ويتلخص في تخفيف الأنا والتورم والاقصاء والتركيز على اسقاط النظام وعدم النظر الى المعارضة الا كونها مسؤولية وامانة فالدم الســـوري أطهر من أن يراق بيد الشبيحة ومستقبل سوريا يزداد صعوبة حتى تنجح الثورة التي ستنجح فلتكن المعارضة سيفا لهذه الثورة في صدر النظام ولا تكن غمدا او سيفا في صدر الثورة التي طالت لان المعارضة أضاعت ابجديتها.

يكفي السوريين يتما وتآمرا ومعاناة، ويكفي السوريين انهم يحاربون على كل الجبهات واعتقد ان مؤتمرات المعارضة ان لم تفد الشعب السوري فلا داعي لها ابدا كذلك المؤتمرات الدولية التي تحدث 'من اجل سوريا' ان كانت دون طائل فلماذا انعقادها؟! وهنا لا اشارك رئيس المجلس الوطني الجديد عبد الباسط سيدا في حديثه لصحيفة الحياة اللندنية حين سئل عن المؤتمر الدولي في شأن سورية الذي دعت إليه موسكو وتشارك فيه إيران، حيث قال سيدا 'لم ندع لمثل هذا المؤتمر. لكن أي اجتماع دولي مفيد' فاجتماعات المعارضة السورية والاجتماعات الدولية لم تفد الشعب السوري شيئا ولم تقدم له او تمنحه ما يتمنى فكيف ان كانت في روسيا التي تدعم النظام السوري الى درجة التبني الاعمى؟!

الكثير من الضمير والاخلاص والمحبة لسوريا هذا المرجو من الجميع بشكل عام ومن المعارضة السورية بشكل خاص فهل هناك حياة لمن أنادي؟!!!.

 

=================

لماذا لم تنجح الثورة السورية حتى الآن؟

2012-06-22

القدس العربي 

سبب عدم نجاح الثورة السورية حتى اليوم يعود لعدم وصول خضم الثورة الى العاصمة دمشق وانحصارها تقريبا في حمص وإدلب ودرعا، فحسب رأي الإعلامي السوري توفيق الحلاق لأن سورية ديموغرافياً متنوعة، لكن طالما هذا الكم من البشر موجود تحت سقف سورية فهم فيها ومنها وإليها. هنالك لحمة تجمع كل الناس على إختلاف إنتماءاتهم وجذورهم الدينية والطائفية والعرقية.

ومشكلة الثوار أنهم يأملون في الجهود الدولية أكثر مما ينبغي، فمتى عوّل الثوار عبر التاريخ على الدول غير المعنية بقضية نضال محلي لإمدادهم بالمساعدات الخارجية؟

يطالب الثائر السوري العالم اليوم بالقيام بما يتوجب عليه هو القيام به. وسبب المطالبة هذه هو عدم استكمال صفوف الثورة بعد، فبيد واحدة لا تستطيع سورية التصفيق. في المناطق الداخلية الثائرة وحدها لا تصنع نصراً، خصوصاً أن بشار يعلم أن أول خطوة في سبيل الإصلاحات الحقيقية تعني تنحيه.

المناطق الداخلية وحدها ليست كفيلة بانجاح الثورة والفئات التي تقف مكتوفة الأيدي في العاصمة وبعض المدن السورية وحدها أيضاً غير كفيلة بإجهاض الثورة.

من هي هذه الفئة المكتوفة الأيدي؟ هي مع الأسف طبقة المثقفين والتجار! أغلبهم يقف موقف السائح في بلده، اللامبالي بسوريّته.

فمثلاً موقف رغدة الممثلة أو كوليت خوري الكاتبة أو دريد لحام النجم هؤلاء وغيرهم أعلنوا ببساطة مؤازرتهم لبشار! وغيرهم وقف موقف المتفرج يسمع ويشاهد ولا يتكلم!

أحياء من دون أرواح، مومياء من دون تحنيط وكأن المصري أكثر وطنية من السوري.

فالمصريون احتشدوا في ميدان التحرير بالملايين وتكاتفوا حتى نالوا ما أرادوا.

والفنان المصري لم يعتكف قي برجه العاجي. بل نزل مع الشعب إلى الشارع، هتف معه، وكان صدى صوته بمصر كان الكل يد واحدة، كلمة واحدة، موقف واحد، والفنان ليس فقط خلف عدسات الكاميرات يؤدي دوراً كله خدع بصرية ودموع اصطناعية يستحق عليها جوائز في المهرجانات.

عندما يتكلم المصري عن مصر كأنه يتكلم عن أمه أو حبيبته أو عن شيء لا يعّوّض ولا نرى ذلك، للأسف، في الحالة السورية. نرى التجار السوريين ليسوا بمتظاهرين وليسوا بثوار. نرى الواحد منهم حريصاً على أملاكه أكثر من حرصه على وطنه. فتاجر الأقمشة همه الوحيد هو بيع الأقمشة. وتاجر المكسرات همه الوحيد زيادة نسبة المبيعات. وتاجر المعلبات لا يهمه إلا الربح مع أقل الأضرار. والشاطر هو الذي يهرّب أمواله للخارج!

وأنا أراقب التطورات بسورية ومصر سوياً لأعرف ما الذي يمكن أن يحدث بسورية في حال نجاح الثورة وسقوط نظام الأسد؟

ترى الشعب المصري يغلي، شعب متحمس بطبعه حتى في مباريات كرة القدم يهب المشجعون ويتحمسون، فهذا مشجع لهذا الفريق وهذا مشجع لذاك.

أما الشعب السوري فلا يهتم، معظمه، بالرياضة ويعتبرها مضيعة للوقت وتفاهة لذلك ترى ملاعبنا شبه فارغة ونشاطاتنا الرياضية شبه معدومة واللاعبون أجورهم ضئيلة ومصابون بنقص التغذية والمشاركات الدولية تكاد تكون لا تذكر والدولة لا تستضيف على أراضيها نشاطات دولية.

بعيداً عن الرياضة قريباً من السياسة استحضر ما يحصل بمصر لارى ما يمكن أن يحدث بسورية. في مصر يسود الإخوان المسلمون والسلفيون ويسيطرون على أغلب المقاعد في مجلس الشعب المنحل الآن. يعترض خيرت الشاطر على هذا الكلام الذي دائماً يوّجه له ويقول بأن نسبة لا تتجاوز الخمسين بالمئة من الإخوان والسلفيين في مجلس الشعب المصري. وهل نسبة الخمسين بالمئة قليلة؟ طبعاً لا.

لكن الحق يقال، السبب في سيطرة الإخوان المسلمين والسلفيين هو الفراغ الفكري الموجود في الساحة. فحزب الحرية والعدالة وحزب النور لم يكتب لهما البقاء والسيطرة إلا لأن هناك فراغا فكريا كبيرا في الساحة المصرية وعلى الصعيد العربي عموما. هناك تقهقر ثقافي وفني في الحياة العربية ادى الى بروز هذه الظواهر.

في الفترات الماضية كانت الحياة الفكرية والثقافية ثرية والصالونات الأدبية تديرها سيدات المجتمع في مصر وبيروت والعواصم العربية الثقافية الأخرى في كل مكان، الأدباء والمفكرون كانوا يلتقون في هذه البيوتات ليتبادلوا الآراء والأفكار والتجارب. أين هذه الصالونات اليوم؟ لا نرى إلا صالونات حلاقة.

المقصود من ذلك أن الفرص متاحة أكثر من أي وقت مضى لأن يتقدم المواطن العربي ليثبت وجوده، فلماذا المرشحون هم فقط السلفيون ووزير من أيام عبد الناصر وكلهم في سن الشيخوخة زمنياً وسياسياً!

أين الشباب؟ أين الكفاءات؟ أين حملة الشهادات الأكاديمية؟ أين المرأة؟ ألا تستحق مصر أو سورية أو اليمن أفكار شبابها وهمتهم؟

سلاف الماغوط

شاعرة من سورية

=================

«واقعة المفرق» والمفترق في العلاقات الأردنية السورية

الدستور

23-6-2012

عريب الرنتاوي

لا شيء في السماء يشبه طائرة “الميغ 21”، هذا الجيل من الطائرات انقرض وخرج من الخدمة، وليس ثمة ما يشبهها على الأرض، سوى بعض “الجيبات” الروسية القديمة (من الحرب العالمية الثانية) التي ما زال ضباطٌ في الجيش السوري يسيرون فيها على الطرقات وبسرعة لا تتجاوز الخمسين كيلومتراً في الساعة...مثل هذه الطائرات والجيبات، لا تجدها عموماً إلا في سماء سوريا وطرقاتها.

لكن ذلك لا يقلل للحظة واحدة من أهمية واقعة اللجوء السياسي للطيار السوري المنشق حسن مرعي الحمادة...فالحادثة هي الأوجع للنظام، منذ أن بدأ مسلسل الإنشقاقات في صفوف جنود الجيش وضباطه، قبل أزيد من عام، وهي محمّلة بالدلالات والرسائل والتداعيات، خصوصاً في زمانها ومكانها: الطيار ينتمي للطائفة السنيّة (من محافظة إدلب)، شأنه في ذلك شأن 100 بالمائة من الضباط المنشقين وأزيد من 99 بالمائة من الجنود والمكلفين...لا ندري إن كانت الطائرة في طلعة قتالية أم تدريبية عندما قرر الطيّار الإنعطاف بها جنوباً، لكننا نعرف الآن، أن قراره ليس وليد لحظته، بدلالة قيامه بتهريب عائلته إلى تركيا قبل أن تسقط رهينة في يد من لا يرحم...ليظل في الأذهان سؤالٌ علقٌ، لا نعرف له إجابة الآن، وقد لا نعرف مستقبلاً، هل هو فعل فردي، رد فعل إحتجاجي على ما تشهد قريته ومدينته ومحافظته من أعمال عنف يومي، أم أن وراء الأكمة ما وراءها، ومن هم هؤلاء القابعون وراء الأكمات السورية؟.

المهم أن الرجل قرر اللجوء إلى الأردن، فسمحت له السلطات بالهبوط ومنحته ، لجوءاً سياسياً ...هنا ستدخل العلاقات الأردنية السورية متفرقاً جديدا، يتميز بالمزيد من التوتر والتسخين...فالأردن ما كان له أن يعيد تسليم الطيّار إلى سلطات بلاده، سيما وأن مصيره المحتوم معروفٌ سلفاً، على أن أمر الطائرة ومستقبلها، ظل معلقاً، مع أن أحداً لا يبدي اهتماماً بـ”قطعة الخردة” هذه، وربما من باب الحفاظ على شعرة، سيتقرر إعادة الطائرة إلى أصحابها.

في حالتنا الراهنة، الطيّار هو المهم، وليست الطائرة، وهذا بخلاف طائرة “الميغ 23” التي هرب بها الطيّار الجاسوس بسام العدل إلى إسرائيل عام 1989، حيث كانت الطائرة في حينه لغزاً عسكرياً واستخبارياً بحاجة للتفكيك...وأهميته هنا تكمن في أمرين اثنين: الأول، ما يمكن أن يوفره من معلومات عن “دواخل” النظام” من حيث خططه وتسليحه ودفاعاته الجوية وأسلحته التي يتميز بها...والثاني، في الرسالة التي يمكن لمنحه لجوءاً أن يبعث بها لزملائه في مختلف وحدات الجيش وأسلحته، وفحواها أنهم سيكونون في مأمن إن انشقوا، وسيلاحقون جزائياً إن هم ظلوا على ولائهم للنظام...هذا على الأقل، ما قاله السفير الأمريكي في دمشق روبرت فورد على صفحته على تويتر.

دلالات المكان تكاد تنحصر في اختيار الأردن، ملاذاً للجوء، مع أن عائلة الرجل سبقته إلى تركيا (ربما يكون اختار المفرق لأنها الأقرب للهبوط الآمن)...لكن دلالات الزمان والتوقيت تتخطى ذلك بكثير...فالحادثة تأتي في خضم الجدل حول “درجة تماسك” النظام، وهو جدل دولي بامتياز، وقد لوحظ أن واشنطن بدأت من فورها إلى البناء على الحدث والترويج لاهتزاز النظام وتداعيه...والحادثة تأتي في ذروة الكشف عن معلومات وتقارير تتحدث عن خطط وموازنات رصدت لتشجيع ضباط ومسؤولين سوريين على الإنشقاق وتوفير ملاجئ سياسية وإنسانية آمنة لهم ولعائلاتهم، وثمة مصادر عديدة كشفت عن أمر كهذا...والواقعة تأتي في لحظة الاشتباك القصوى بين خطتين: خطة المعارضة وحلفائها وداعميها الإقليميين والدوليين التي تستهدف نقل المعركة إلى عقر النظام وقلبه الآمن في دمشق وحلب، وهناك سيناريوهات ومفاجآت كثيرة يجري الحديث عنها وتداولها...وخطة النظام الرامية إلى سحق هذا الهجوم قبل أن تكتمل عناصره، فتقطع الطريق عليه، وتحيله إلى نقطة تحوّل في الحرب الأهلية السورية، لصالحه وليس لصالح خصومه.

الحادثة تأتي أيضا، فيما التقارير الصحفية والاستخبارية تتوالى عن اهتزازات وانشقاقات في “قلب النظام”، وكنّا قد تناولنا بعضاً منها في مقالات سابقة...وعن تراخي قبضته الأمنية واهتزاز سلطته وسطوته على أكثر من نصف سكان سوريا، وما يقرب من نصف مساحتها الجغرافية، فتسجل بذلك نقطة (نوعية) لصالح خصوم النظام، قد تتبعها نقاط أخرى في قادمات الأيام.

=================

روسيا والنظام العالمي الجديد

النهار

23-6-2012

سميح صعب

لا شك في ان الرئيس الاميركي باراك اوباما كان يتمنى ان يكون الى جانبه على هامش قمة العشرين الاقتصادية في المكسيك رئيس الوزراء الروسي دميتري ميدفيديف وليس الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. هذا الاستنتاج اقرب الى الواقع منه الى المتخيل في ظل النتائج التي اسفرت عنها المحادثات بين الرجلين ولا سيما في الموضوع السوري. 

فبينما كان بوتين يتحادث مع اوباما كانت البحرية البريطانية بناء على معلومات من البحرية الاميركية تطارد سفينة روسية تنقل مروحيات الى سوريا وكانت وزارة الدفاع الاميركية تتحدث عن استعداد موسكو لارسال ثلاث قطع بحرية الى ميناء طرطوس السوري. أي ان بوتين كان يحاول اجراء المحادثات من موقع القوة ومن موقع الدفاع عن المصالح الروسية ومن موقع الرافض لنقل سوريا الى موقع جيوسياسي آخر، ومن موقع غير المصدق لكل الوعود الاميركية بان واشنطن والغرب عموماً لن يكررا الخطأ الذي حصل في ليبيا. ومن هذه الوعود ضمان المصالح الروسية في نظام ما بعد الرئيس بشار الاسد. 

لذلك لم تفلح الوعود الاميركية في تبديد الشكوك الروسية في أن اميركا تريد فعلاً بعد إسقاط الاسد، إهداء النظام السوري الجديد الى موسكو، لذا يتمسك الكرملين بالنظام السوري ويحاول البحث عن حلول ضمن الواقع السياسي الحالي وليس الرهان على حالة سياسية لم تتبلور بعد او انها لا تزال في حاجة الى الكثير من الجهد والعمل كي تتضح معالم ما ستكون سوريا في حال سقوط النظام الحالي. وحتى الغرب الساعي بكل قوته الى اسقاط الاسد لا يعرف كيف ستكون عليه سوريا على رغم المناشدات التي يوجهها الى المعارضة المشرذمة كي تتحد وتخرج بصيغة سياسية لمرحلة ما بعد الاسد.

وأخذاً في الاعتبار المصالح الروسية والمكانة الدولية لموسكو العائدة بقوة الى الساحة الدولية، يرفض بوتين التنازل عن سوريا ومن ثم العودة الى دخولها  من البوابة الاميركية في تكرار للسيناريو العراقي والليبي والمصري.  هذه المعطيات تفرض تباعداً في الموقفين الاميركي والروسي حيال سوريا وتالياً تزيد احتمالات إطالة أمد الازمة. 

ويفرض التصور الروسي المختلف عن الرؤية الاميركية في التعامل مع المتغيرات في العالم العربي، مراجعة غربية شاملة للملف السوري، من الموقف من مجموعة الاتصال المقترحة الى اعتبار الحوار بين النظام والمعارضة ممراً اجبارياً للتوصل الى حل سياسي. 

ربما من هنا تختلف خصوصية الملف السوري الذي رفعت موسكو تسويته الى مستوى تحديد شكل النظام العالمي الجديد. وليس سراً ان ذلك يحمل نقيضاً للنظام العالمي الحالي الذي بنته الولايات المتحدة عقب حرب الخليج الثانية التي رافقت انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1991.

=================

سباق التسلح السوري يطغى على التوافق للحل

الحرب تستحضر سيناريوات التقسيم والفرز

النهار

23-6-2012

روازانا ابو منصف

تخشى مصادر سياسية في ضوء فشل الدول الغربية في التوافق على تسوية سياسية للازمة في سوريا وفق ما توحي المواقف الدولية حتى الان ان يكون خيار تسليح الافرقاء فيها قد خطا اشواطا عملية في حين ان الحل السلمي المفترض لا يزال نظريا يتخبط في اطار الشروط والشروط المضادة ولا توافق محتملا في الافق على رغم الرهانات الغربية المستمرة على تبدل في الموقف الروسي. وكان اخر هذه الشروط ما اعلن عن شرط انسحاب متوازن للجيش السوري والمعارضة من الشارع وفق ما ورد على لسان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف  على نحو متطابق تماما مع الصيغة التي كان طرحها النظام السوري لدى الحديث عن بدء تنفيذ خطة المبعوث المشترك للامم المتحدة والجامعة العربية كوفي انان قبل ثلاثة اشهر . اذ اشترط النظام ان تنسحب المعارضة او ما يقول انها مجموعات ارهابية من الشارع في موازاة انسحاب قواته وفق ما جاء في البند الاول من خطة انان.  وهو لم يتخل وقتئذ عن هذا الشرط الا بعد ضغط روسي ألحّ   على ضرورة التزام النظام خطة انان في حين ان روسيا عادت فتبنت على ما يبدو هذا الشرط بعد محادثات اجراها لافروف مع نظيره السوري وليد المعلم وقبل يومين على نحو يوحي ان تنفيذ خطة انان عاد الى المربع الاول  خصوصا انها تعثرت ولم ينفذ منها شيء وفق ما اقر المبعوث الدولي نفسه. ويبدو ان  احياءها مجددا، باعتبارها الخطة الوحيدة المتاحة من دون التوافق على بديل، والسماح للمراقبين بالتحرك مجددا بات خاضعا لشروط جديدة من النظام مدعوما من روسيا تحت وطأة بقائها عالقة من دون تنفيذ، وكذلك الامر بالنسبة الى المواطنين السوريين الموجودين تحت الحصار في حمص. وهذه الشروط الجديدة قبيل انعقاد مجموعة الاتصال التي يجري العمل على انعقادها في نهاية الشهر الجاري لا يوحي بقابلية لوضع آلية انتقال سلمي في سوريا حتى الان.

يعزز هذه المعطيات انه في موازاة اللقاء الذي عقده الرئيسان الاميركي والروسي باراك اوباما وفلاديمير بوتين في لوس كابوس في المكسيك على هامش اجتماع مجموعة العشرين وفشله في الاتفاق على مخرج للازمة السورية، طغى موضوع ارسال روسيا طائرات هيلكوبتر الى النظام السوري في ظل اتهامات متبادلة بين الروس والاميركيين . فوزيرة الخارجية هيلاري كلينتون علقت على استمرار إرسال روسيا السلاح الى النظام واوقفت الباخرة التي كانت تنقل هذه الطوافات كما بحثت الجامعة العربية مع المسؤولين الروس في وقف ارسال الاسلحة الى النظام السوري فيما اتهم رئيس الديبلوماسية الروسية  الغرب بتسليح المعارضة  ورفض كما قال التبرير للاميركيين تقديم بلاده اسلحة الى سوريا . وهذا فقط في المواقف المعلنة فيما تزايدت التقارير الغربية التي تحدثت عن مراقبة الاسلحة التي تسلم الى المعارضة ونوعية المساعدة الاستخبارية التي تقدم لها من دول غربية او المساعدة العملانية من دول اقليمية  في موازاة ما تردد ان رئيس فريق المراقبين في سوريا روبرت مود قاله امام مجلس الامن في مداخلته يوم الثلثاء الماضي حيث كشف كما نقلت مصادر معنية وجود جنود بلباس الجيش السوري انما يتحدثون لغة غير العربية يساعدون جيش النظام في حمص في المواقع الحساسة ويعتقد انهم خبراء روس . كما تحدث عن مسؤولية كبيرة للنظام في ما يجري من مجازر وقصف واعاقة وصول اجهزة المراقبين او عدم توفير تأشيرات دخول.

وتخشى هذه المصادر ان تجرف الدينامية الجارية على الارض في سوريا الامور الى مكان اخر في ظل تعثر الدول الغربية في التوافق على آلية الحل الانتقالي السلمي وفي ضوء سباق التسلح الجاري اذا صح التعبير. ذلك ان ما يجري على الارض يعتبره مراقبون اشبه ما يكون بالفرز المناطقي والطائفي بما يغذي ما يعتقد سياسيون كثر في لبنان ان الوضع السوري قد يكون يتجه اليه من دون اعلان. اذ يستعين هؤلاء بخريطة لسوريا تظهر المناطق التي تتعرض للفرز و" التنظيف " من الطوائف الاخرى وفقا لاستهداف يطاول مدناً معينة والذي يعتبره البعض اشبه بتطهير بين مدن مقسمة الى احياء او اقسام وفقا لسيطرة الطائفة واخرى يطرد منها قاطنوها ليخلصوا الى مخاوف من ان تتجه سوريا الى التقسيم. وهؤلاء يتساءلون اذا كانت روسيا يمكن ان تكون تشجع الرئيس السوري على نحو غير مباشر وغير معلن على سيناريو من هذا النوع على اساس ان سيطرته على بعض المدن الساحلية على غرار طرطوس واللاذقية يمكن ان يكفل لطائفته موقعا كما لروسيا قاعدتها على البحر المتوسط  التي تسمح لها باستمرار تأمين وجود لها في المنطقة. في حين يرى سياسيون اخرون ان الفرز المناطقي والطوائفي الذي يحصل في سوريا راهنا على وقع حرب اهلية يحذر منها الغرب فيما هي تجري واقعا على الارض سيؤدي في اقل الاحتمالات الى فرز سوريا مناطقيا كما جرى ابان الحرب في لبنان حيث اصبحت مناطق معينة تتمتع بثقل طوائفي معين وقليل من الاختلاط الطائفي على نحو ما ساد طويلا ويستمر الى درجة ما حتى الان على رغم مرور اعوام طويلة على انتهاء الحرب في الوقت الذي رافقت مخاوف التقسيم لبنان طويلا ايضا . فمن يمكن ان يقدم الاجوبة الشافية الان؟

=================

النموذج المصري.. هل يصلح لسوريا؟

السفير

23-6-2012

ميشيل كيلو

استكمل عسكر مصر مهمته: بدلاً من أن تحتويه الثورة الشعبية قرر هو احتواؤها. فعل ذلك على مرحلتين إلى الآن: مرحلة أولى أبعد فيها الرئيس حسني مبارك ونفراً من رجاله عن السلطة، مضحياً به وببعض حاشيته في سبيل الإبقاء على النظام، ومرحلة ثانية تجري وقائعها هذه الأيام، يجسّدها إعلان المجلس العسكري الأعلى وضع رئيس جمهورية مصر الجديد، الذي يرجح أن يكون إسلامياً، تحت إشرافه، وربط خطواته المتصلة بأمن الدولة وسلامتها (وخاصة منها إعلان الحرب) بموافقته المسبقة. وكان المجلس قد مهد لخطوته بتعطيل البرلمان، مجسد التمثيل الشعبي، كما عبر عن نفسه بعد الثورة، بينما أكدت انتخابات الرئاسة أنه يستند في تدابيره وسياساته إلى حوالي نصف الشعب المصري، الذي أيّد مرشحه الفريق أحمد شفيق، فهو لم يقم بانقلاب، كما يتهمه خصومه المتنوعون، وإنما لبى رغبة شعبية عبرت عن نفسها في صناديق الاقتراع، يستطيع التذرع بها لتبرير مخططه وخطواته.

هل هو نظام جديد؟ نعم. لكنه يتحرك في دوائر رسمتها بدقة خطة المجلس، الذي شطر السلطة المصرية إلى قسمين: أول يمثله المجلس، نصّب نفسه طرفاً وحيداً مؤتمناً على الدولة وحارساً لها. وثان هو الرئيس المنتخب وحزبه والمعارضة ونصف الشارع، يسمح المجلس له بممارسة سلطة محددة ومحدودة، توكل إليه إدارة مجتمع تجعل أزماته من الصعب جداً نجاحه في حل مشكلاته، لألف سبب وسبب، بينها انقسامات المجال السياسي على ذاته، الذي قد يكون أيد مرسي، مرشح « الشعب» الذي واجه مرشح «المؤسسة العسكرية»، لكنه سينشق عنه بعد لحظة انتخابه الأولى، وسيضـعه في مواجهة مطالب محرجة تشير إلى هشاشة وضعف حامله السياسي وبالتالي الشعبي كرئيـس، وإلى أنه لن ينجح على الأرجح في ما وعد وتعهـد بتحقيقه: مبارحة وضعه كرئيس حزب والعمل كرئيس لكل المصريين، مع ما سيعنيه ذلك من إضعاف له ولرئاسته، ومن قوة إضافية يستخدمها المجلس لتحجيمه وتقييد حريته وقدرته على الفعل.

لا أريد قصر حديثي على مصر، وإذا كنت قد استعرضت ما اعتقد أنه الشيء المهم في وضعها اليوم، فكي أطرح السؤال التالي: هل يصلح نموذج احتواء الحراك المجتمعي عبر المؤسسة العسكرية للحالة السورية؟ وهل يحتمل أن نشهد في دمشق خلال الفترة المقبلة شيئاً مـماثلاً أو مشــابهاً او مقارباً لما شهدته القاهرة، يقيم تقسـيم عمل من نمط مصري: يضع الدولة في عهدة الجيش والسياسة اليومية في عهدة الأحزاب والشخصيات السياسية، التي يجب أن تعمل ضمن إطار لا يجوز ان تتخطاه، وتواجه مشكلات لا حصر لها، وتتحرك تحت ضغط شعبي ومجتمعي حثيث وآني، بينما تبقى الدولة بيد مؤسسة هي الأقرب إلى أمنها والأضمن لاستمرارها بالمعنى العسكري: العنيف والتخصصي، وإن لم يكن بالمعنى السياسي والإداري اليومي؟

يعني تطبيق النموذج المصري في سوريا ما يلي:

- فك التطابق القائم بين مجموعة قليلة تتمحور حول فرد بعينه هو الرئيس الجالس على قمة السلطة، وبين الدولة، بعد أن صار وجوده خطيراً عليها وعلى بقية أطراف السلطة، وعلى أمن المجتمع وسلامته ووحدته.

- التضحية بمجموعة صغيرة متحكمة يغير التخلص منها طبيعة الأزمة ونمط الحلول المطروحة لها، لأن بقاءها يعني احتجازها وجعل حلها ضرباً من المحال، مع ان استمرارها مكلف جداً لجميع أطرافها، مع أن الاستعصاء القائم يضرّ بالنظام والدولة والمجتمع، فلا بدّ من تجاوزه بالتخلي عن هذه القلة، التي يهدد بقاؤها في مركز القرار مصالح الجميع والأمر القائم بمجمله، فلم يعد هناك أي جدوى من بقائها حيث هي، ولا جدوى من بقاء الرئيس نفسه، ليس فقط لأن الثمن الذي سيدفع من أجل بقائه سيكون فادحا، بل كذلك لأنه لن يكون هناك ما سيحكمه أو سيديره ويترأس عليه غير أزمة شاملة سيجسدها شخصه وانتصاره على الشعب وبقية اطراف السلطة، التي ليست في موقعه عينه من المأزق الذي صار مجسده الشخصي، ناهيك عن الدولة والمجتمع. بقول آخر: إذا صار وجود الرئيس وحاشيته خطيراً على السلطة والنظام، ما الذي يمنع إنقاذهما، في حال كانت النتيجة التي ستترتب على بقائه لا تخرجهما من أزماتهما ومأزقهما التاريخي، بل تنقلهما إلى طور جديد، أدنى من الطور الذي أدّى إلى الانفجار وأكثر تعقيداً واحتجازاً، وبالتالي أشد خطورة، لن يكون بوسعه ضمان الاستقرار أو استعادة حياة البلاد الطبيعية أو قدرة السلطة على إدارة النظام، او إنجاز المصالحة مع مجتمع أعملت سكينها في عنقه، من أجل شخص انقلب إلى خطر عليها، بينما يتوفر حل يكفل فصل الدولة عنه ووضعها عملياً وقانونياً بين يدي مؤسسة تملك قدرات أمنية مهمة، تتيح لها ضبط الحراك السياسي والاجتماعي والاقتصادي، المنقسم على ذاته والمتعارض التوجهات والمواقف، وتبيان عجز الطبقة السياسية عن حل مشكلات البلاد، وزرعها بالخلافات حول كل شأن وأمر، بينما الدولة نفسها غافية في حضن عسكرها الآمن. هذا العسكر الذي لن يعجز عن إيجاد الفرص اللازمة للتدخل باسم أمنها واستــقرارها، لإقرار وإلغاء ما يريد إقراره وإلغاءه، من دون أن ينخرط مباشرة في سفاسف التجـاذبات الداخلية، أو يفقد القـدرة على تســويق دوره باعتــباره ضامن الأمن والسلامة العامة، شرط أي تقدم وازدهار.

- لا أظن عسكر سوريا، الذي يقاتل بلا جدوى منذ قرابة عام ونيف، ويعاني من عزلة دولية تضعه في مواجهة محتملة بعد حين مع القسم الأكثر قدرة على الحسم بين القوى الدولية، ليس راغباً في احتواء الحراك الثوري، والإبقاء على ما يمكن الإبقاء عليه من سلطته وسطوته، في إطار تقسيم عمل يبقي الدولة بين يديه من دون أن ينزع منه إمكانية التأثير على نظامها وقوى مجال سياسي عام قليلة التنظيم ومشتتة، لا يستبعد إطلاقاً أن تعمل في فسحة تخلو بدرجة لا يستهان بها من القدرة على التغيير، لن تلبث أن تجد نفسها في تناقض مع الشعب والحراك، بل ومع برامجها ووعودها، وأن تدور في حلقة عجز تهمشها، من دون أن يسمح العسكر بنشوء بديل سياسي لها، بحكم ما تراكم في أيديهم خلال سنوات حكمهم الأربعين المنصرمة من خبــرة في إدارة الحياة العامة والتحكم بمكوناتها السياسية والموضوعية.

- أقدم عسكر مصر على تنحية واحد منهم صار بالرئاسة مدنياً، وإن بقي قائداً لهم. ما الذي يمنع عسكر سوريا من تنحية رئيس لم يكن بالأصل منــهم، وضعه الأمر القائم على رأسهم، مع أنهم هم الذين مكنوا له من الحكم، وها هو يحــشرهم في مأزق تدل علاماته الكثيرة إلى أنه يقودهم إلى التهلكة، بما أمدّوه به من أدوات ووسائل السلطة، لكنهم يستطيعون استعادته منه إن هم حزموا أمرهم، وقرروا التخلص منه بسبب ما أنتجه من سياسات همّشتهم حين استــندت إلى الأمن ونصـبته ولياً عليهم وأطلقت يده في ضبطهم ومراقبتهم، ثم عندما وقــعت الواقعة تبــين أنهــم هم وحدهم حماة النــظام، وأن الأمن الذي أذلهــم أخذ يتحامى بهم، وانه كان سينهار من دون مساندتهم وحمايتهم، فلماذا لا يبادرون إلى إزاحته جانباً، ووضع يدهم على آلة الدولة الحقيقية، التي سترحب بأي إجراء يقومون به، إن كان من شأنه تلبية مطالب الشعب من جهة، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من النظام من جهة أخرى، وإعادة إنتاج الأمر القائم في شرط مجتمعي وتاريخي جديد، يتيح له استرداد عافيته ودوره، بعد أن تضعضعا كثيراً خلال الصراع الدائر منذ نيف وعام ونصف، ويحتمل أن ينهارا في أمد غير بعيد، إذا واصل العسكر التمسك بشخص كان دوره في حياة النظام سلبـياً طيلة العقد المنصرم، قلص النظام الى ان جعله سلطانه الشخصي ومغانم الزمرة الصغــيرة المحــيطة به، واتبع خيارات سياسية وداخليــة خاطــئة من رأسها إلى أخمص قدميها، قبل ان ينتهج سياسة لمعالجة الازمة كلفت الشعب كثيراً من التضحيات التي كان يمكن تفاديها بقليل من الحكمة والانفتاح على شرعية مطالبه وحقوقه، بعد صرف النظر عن آراء أسرته والدائرة القريبة منــها، التي تــضم فيمن تضمه مراهقات سياسيات وطالبات شهرة مغمورات.

- هل ترى روسيا والعالم في الحل المصري، الذي اكتمل بما تقرر في إعلان المجلس العسكري الدستوري قبل أيام قليلة، فرصة للخروج من مأزق لا مصلحة لأحد فيه غير القلة الممسكة برأس السلطة السورية، التي تسد سبل الحلول أمام نفسها وشعبها، وتدفع بالأمور نحو عنف متزايد يحتمل أن يقود إلى حرب أهلية ذات أبعاد داخلية وعربية وإقليمية ودولية متشابكة ومتشعبة، تمثل خطراً جدياً على مصالح روسيا السورية والعربية/الإسلامية، وعلى أمن المنطقة والعالم وسلامهما، والنظام الدولي، الذي دأبت على تحديه وانتهاك قوانينه واعرافه؟ وهل يوافق الروس على تطبيق حل في دمشق يشبه الحل الذي يدعمه الأميركيون في مصر، فينقذوا أنفسهم وأصدقاءهم ويبدؤوا في الخروج من الأزمة التي ستبتلعهم، ويستغرب السوريون واقعة أنهم لا يرون معاني فشل حليفهم في إخراج الشعب من الشارع، وبالمقابل نجاحه الأكيد في إيصال السلاح إلى كل يد، ونشر القتل في كل بيت وشارع وقرية ومدينة من بيوت سوريا وقراها وشوارعها ومدنها؟ هل يفكر الروس كما يفكر النظام حقا بحماية مصالحهم ووجودهم في سوريا من خلال انتصار يفتك بشعبها ويحولها أكثر فأكثر إلى مقبرة؟

لا شيء يمنع حلاً مصرياً لأزمة سوريا. وهناك الكثير من العوامل الافتراضية التي تجعله ممكناً، فلا مفر من أخذه بالحسبان، سواء كنا نقبله او نرفضه. بقي أن تبين الأيام المقبلة إن كنا سنسير على هذه الطريق، التي لن ترضي كثيرين منا، أو على درب الهلاك، الذي سيقتلنا جميعاً؟

=================

هل أقليات المشرق العربي مهددة فعلاً؟

السفير

23-6-2012

فايز سارة

قلق الأقليات والقلق على الأقليات، يكاد يكون الموضوع الذي لا فكاك من طرحه، كلما جرى تناول الوضع في سوريا واحتمالاته المستقبلية، بل ان طرح هذا الأمر يتكرر بشكل دائم في الشرق الأوسط منذ نحو اربعة عقود مضت، راوح فيها الموضوع ما بين صعود وهبوط، طبقاً للتطورات السياسية والأمنية في المنطقة على نحو ما حدث إبان الحرب الأهلية في لبنان (1975-1990) وبعد الغزو الإسرائيلي للبنان 1982، وعقب الحرب الدولية على العراق 2003، وفيها جميعاً ظهرت تخوّفات على الأقليات، لكن التركيز كان أكثر على المسيحيين.

ورغم أن كثيرين في المشرق العربي يتحفظون على مفهوم أقلية سواء أكانت قومية أم دينية أو طائفيه، ولهم بعض الحق في تحفظهم، حسبما أرى، فإن مشروعية التخوفات تصطدم بأمرين أساسيين أولهما سجل تاريخي طويل من تعايش الجماعات القومية والدينية والطائفية في المنطقة، وهو أمر كرسه تاريخها، حيث كانت منطقة مرور القوافل والجيوش وهجرات الأقوام. وفي كل الأحوال كان ثمة من يستقر في المنطقة، مكوناً احد معالمها الإنسانية، كما ان المنطقة، كانت نقطة ولادة وانطلاق الديانات السماوية الثلاث، وفيها ولدت أكثر طوائف وانشقاقات تلك الديانات، وكلها تركت بصماتها في بلدان المنطقة، ويكفي التدقيق في اللوحة السكانية للمدن القديمة مثل القدس ودمشق وحلب لملاحظة التداخل المتماسك في تلك المكونات السكانية، حيث يتجاور ويتداخل ويتشارك سكان المدينة في أحياء واحدة أو متجاورة منذ القديم، ويكفي القول إن تلك المدن لم تعش صراعات بين مكوناتها تستحق الوقوف عندها باستثناء دمشق التي عاشت مرحلة من صراعات 1860 ـ 1861 بين المسلمين والمسيحيين، وقد لبست في أحد وجوهها طابعاً طبقياً ومتأثراً بما جرى في لبنان وجرى حلها سريعاً بتدخل من الأمير عبد القادر الجزائري الذي كان قد وفد للتوّ إلى دمشق من الجزائر بعد ان هزم الفرنسيون ثورته ضدهم هناك.

الأمر الثاني تجسده وقائع حياتية معيشة بين مختلف المكونات السكانية، التي تتداخل في المدن والقرى والأحياء بما فيها من تفاصيل حياة مشتركة، وتتداخل سياسياً واجتماعياً في الأحزاب والجماعات ومنظمات المجتمع المدني، وتتداخل ثقافياً في المدارس والجامعات والهيئات الثقافية وهي متداخلة اقتصادياً في القطاعات الإنتاجية والمهنية، وهذه كلها بعض ملامح التواصل، وليست كله.

غير أن هذه التداخلات لا تمنع على نحو ما يحصل في أي من بلدان العالم، من تمايزات تخص مجموعة سكانية لها سمات أو أصول قومية ودينية أو طائفية وعشائرية أو مناطقية، تتخذ لها خصوصيات محدودة في السكن أو التوجه السياسي أو الخلفية الثقافية، أو في الاهتمامات الاقتصادية والمهنية.

وبخلاف ما تؤشر إليه موروثات القديم وعمق التداخلات الراهنة من اندماج للمكونات السكانية، فقد تم الاشتغال جديا لإذكاء التمايز والاختلاف بين تلك المكونات من خلال استغلال اختلافات الأصول القومية أو التمايز الديني والطائفي، وبعض هذه الاشتغالات ذات طابع محلي بحت تقوم بها هيئات وشخصيات تنتمي إلى واحد من التكوينات المحلية، لكن الأهم، كانت نتيجة تدخلات خارجية، ساهمت فيها دول وهيئات وشخصيات، قامت بجهود وأعمال ساهمت في تعزيز مخاوف المجموعات الأقل عدداً من المجموعات الأكثر والأضعف من الأكثر قوة. والحق فان خلفية تلك الجهود والأعمال لم تكن واحدة، لكن نتيجتها كانت شبه موحدة، وهي تعزيز الانقسامات، وجعل التخوفات متبادلة في أوساط سكان المنطقة وفي داخل بلدانها.

لقد عززت سياسات النظم الدكتاتورية والاستبدادية روح الانقسام في دول المنطقة، وسعّرت الخلافات بين المكونات السكانية باعتبارها الطريقة الأفضل للاحتفاظ بالسلطة وفقاً للشعار الاستعماري القديم والمعروف «فرّق تسد»، وتناغمت تلك السياسات مع سياسة نظام الاستيطان اليهودي حيال الفلسطينيين خاصة والعرب عامة، ولعل المثال الأوضح لهذه التقاطعات تمثله السياسات العربية والإسرائيلية التي تم إتباعها في لبنان وحيال تطوراته ما بين 1975 و2000.

لقد عززت السياسات السابقة في تنوّعها صعود الروح الأقلوية القائمة على تمايز ما، واعتبر البعض ولاسيما الأنظمة الحاكمة، ان هذا التمايز، يخلق أساساً لمشتركات تكون بديلاً أو موازياً لمشترك المواطنة الذي تقوم على أساسه الدولة الحديثة، والتي عجزت الأنظمة العربية القائمة عن تجسيدها، فاستمرت في إطار ماقبل الدولة الحديثة بما فيها من انقسامات وعلاقات تكرس معطيات ماقبل الدولة الوطنية والمواطنة.

لقد بينت جملة السياسات الخاصة بالأقليات في المنطقة بشقيها الداخلي والخارجي، ان الأقليات مهددة بالفعل نتيجة تلك السياسات القائمة على التشكيك والتخويف والتخندق، وخلق مراكز تسعى إلى تحالف الأقليات وسط مزاعم حماية الأقليات، لكنها في النهاية، لا تتحمل أية مسؤوليات سياسية أو أخلاقية، عندما يصيب تلك الأقليات أي ضرر أو مكروه، حيث دعاة حماية الأقليات والمدافعين عنها، لا يفعلون شيئاً أو انهم بين أهم القوى التي تضطهد وتدمر الأقليات، والأمثلة في هذا كثيرة بينها حال الإسرائيليين الذين دمروا المسيحية الفلسطينية من حيث مصادرة ممتلكاتها وتدمير وسائل عيشها وبقائها، وترحيل أبنائها إلى خارج وطنها بعد التضييق عليهم بما فيها من ملاحقات واعتقالات، ومثل ذلك حصل للمسيحيين في العراق بعد احتلاله العام 2003، الأمر الذي انتهى بتهجيرهم تحت سمع وبصر سلطة الاحتلال الأميركي.

إن المقابل لسياسات تهديد الأقليات والخوف على مستقبلها، يكمن في المسار العملي للحياة اليومية الجارية في البلدان العربية، وإن كانت تعيبها خروقات تحصل في ظروف استثنائية نتيجة سياسات سلطوية أو خارجية، فإنها تؤكد مسار العيش المشترك المستمر من القديم، بل إن حراكات الربيع العربي، ومقدّماته منذ بدايات العقد الماضي، أعطت لهذا المسار زخماً سياسياً وشعبياً هائلاً كان أحد تعبيراتها تأكيد الأساس الذي تقوم عليه بنية المجتمعات العربية وهي فكرة المواطنة وحقوق الإنسان والعدالة والمساواة، والثاني إطلاق شعارات الوحدة والتضامن بين جميع المواطنين على نحو ما كررت هتافات المتظاهرين السوريين وقبلهم المصريين وغيرهم.

خلاصة القول، إن ما يُقال عن تهديد الأقليات والخوف على مستقبلها في المنطقة، يغلب عليه الطابع السياسي أكثر مما هو واقعي، وإن أغلب القائلين به، لا يتعاملون معه بصورة تتناسب مع أطروحاتهم، فيما الواقع العملي والتوجهات في الجماعات السياسية والمدنية وداخل الحراكات الشعبية، يرسم أفقاً يقوم على الشراكة والعيش المشترك في إطار المواطنة في دولة حديثة لكل مواطنيها، ولا يقلل من قوة وزخم هذا التوجه خروقات يصنعها أو يساهم في صنعها بعض دعاة حماية الأقليات وخائفين مزورين على مستقبلها!

=================

بانوراما سورية الجميع في ورطة

الاتحاد

23-6-2012

حسين العودات

إن أية نظرة شاملة على الأزمة السورية بكل مكوناتها وأطرافها وإسقاطاتها، تشير، إذا كانت نظرة موضوعية، إلى جملة من الأمور التي ربما كانت أطراف الصراع والأطراف الإقليمية والدولية ذات العلاقة تتجاهلها أو تحاول أن لاتراها، مما يزيد هذه الأزمة تعقيداً، ويؤجل حلها، ويضع سوريا شيئاً فشيئاً على طريق مجهولة.

من الوجهة الأمنية والعسكرية، لم تعد السلطة السورية تسيطر على جميع أنحاء البلاد، فتقتصر سيطرتها نهاراً على أجزاء من المدن الرئيسة كدمشق وحلب، وعلى الطرق الواصلة بين المدن والبلدات، أما ليلاً فإن سلطتها تتراجع ليقتصر وجودها على المقرات الأمنية والحكومية، فلا تستطيع قوى الأمن أو قوات حفظ النظام أو الميليشيات أو حتى الجيش النظامي دخول القرى والبلدات وبعض المدن ليلاً. وهذا يفسر خروج مظاهرات ليلية بلا انقطاع في مختلف المناطق دون خوف، كما يفسر لجوء قوات السلطة إلى القصف المدفعي والجوي من بعيد. ومن الملاحظ أنه عندما تدخل قوات عسكرية أو أمنية أو ميليشيا، أي مكان نهاراً أو ليلاً، فإنها تستبيحه وتنهب ما فيه وتحطم ما لا تستطيع نقله، وتقتل من ترغب.

 أما من الوجهة الاقتصادية فقد تضاعفت الأسعار، حيث لا توجد أية رقابة حقيقية عليها أو على جشع التجار. بينما بقيت دخول المواطنين ثابتة. وتكاد مؤسسات القطاع العام تعلن إفلاسها، وخسر القطاع الخاص كثيراً من دخله بعد أن أُغلقت المنشآت الصغيرة (الصناعية والتجارية والسياحية) فارتفعت نسبة البطالة إلى ما يقارب الضعف، وتوقف الاستيراد والتصدير والسياحة والتراتزيت وغيرها من النشاطات الاقتصادية، مما أدى في النهاية إلى تدهور الوضع الاقتصادي السوري وتدني المستوى المعاشي للناس.

وعلى النطاق السياسي لم يبق نصير لسوريا من دول العالم سوى إيران وروسيا وأنصاف السياسات الصينية والعراقية واللبنانية إضافة إلى السياسة الفنزويلية. أما ما تبقى من الدول العربية والإقليمية والأوروبية والآسيوية والأميركية والأفريقية ومجلس الأمن والأمم المتحدة وغيرها، فإنها جميعها مستاءة من السياسة السورية وممارسات سلطتها، وقد تراجعت علاقاتها مع سوريا في مختلف المجالات حتى كادت أن تتلاشى.

رغم هذه الظروف المحيطة بموقف السلطة السورية وبنشاطها وقدراتها، فمازالت حتى الآن ترفض الحل السياسي والتسوية التاريخية، وتجهد لإنجاح الحل الأمني رغم تراكم الصعوبات في كل المجالات. ويبدو أن هذه السلطة ما زالت موهومة بأن المعارضة (بجميع فصائلها) سوف تأتي صاغرة وتقبل عروضها المتمثلة بإجراء بعض التعديلات على القوانين التي أصدرتها خلال الأشهر الماضية وسمتها قوانين وتشريعات إصلاحية، وهذا أقصى ما تعرضه السلطة السورية لتفكيك الأزمة.

هذا ما يتعلق بالسلطة، أما المعارضة، فإن الداخلية منها مثقلة بتاريخها، وفاقدة إلى حد ما العلاقة مع الجماهير الشعبية، ولا تستطيع تحريك هذه الجماهير، وهي تتشكل من أحزاب معارضة تقليدية يسارية وقومية، دفع مناضلوها أثماناً غالية من السجن والنفي والتعذيب، وتحالفت في تجمع واحد هو هيئة التنسيق الوطنية، ومع أنها طرحت حلولاً متوازنة وواقعية للأزمة، إلا أن ضعفها الجماهيري، ومغالاة السلطة في رفض مقترحاتها، حوَل مبادراتها إلى صرخة في واد.

كما أنها، أي هيئة التنسيق، لم تتبن شعارات الشارع المتطرقة الرافضة أية تسوية تاريخية، والتي ترى أن الخطوة الأولى تبدأ بعد تنحي الرئيس، ولهذا خسرت الهيئة التأييد الجماهيري واتهمت بممالأة السلطة، في الوقت الذي لم تستطع فيه إقناع هذه السلطة بمقترحاتها. أما نشطاء المعارضة الخارجية الممثلة بالمجلس الوطني فهم (توليفة) من السوريين الذين يعيشون في الخارج، ومن الطبيعي أنهم بعيدون عن معرفة الواقع السوري، فضلاً عن أنهم وقعوا تحت ضغوط جهات ومنظمات ودول أخرى خارج سوريا، ولم يستطيعوا وضع برنامج جدي ومفصل، فلجأوا إلى رفع الشعارات التي يرفعها الشارع (الشعارات المتطرفة) والتي لا تأخذ باعتبارها الحلول الواقعية التي توصل إلى التسوية التاريخية.

وأخيراً فإن المعارضة المسلحة، ممثلة بما يسمى ( جيش سوريا الحر) فإنها تهتم بالدفاع عن المتظاهرين، ويواجه منتسبوها من العسكريين المنشقين أو من المدنيين المتطوعين، قوات الجيش النظامي والقوات الأمنية التي تحاول أن تنال من المدنيين، وهم يهتمون بهذه المهمات أكثر من اهتمامهم بتسوية تاريخية، مفترضين أنهم سينتصرون عسكرياً يوماً ما، وعندها سيقررون، مع فصائل المعارضة الأخرى شكل النظام الذي يريدونه.

بقي القول أن السياسة الدولية وضعت الأزمة السورية في تداول الدول الكبرى والتجمعات الدولية، وسحبتها من أيادي الشعب السوري وفصائله السياسية والثورية، وأخذت هذه الدول - لسوء الحظ تتعامل مع الأزمة من خلال مصالحها، ونظراً لتناقض هذه المصالح، فقد أخذ الجميع يطرح حلولاً بديلة، ليس منها الحل المأمول القابل للتطبيق، ولعل التسوية التاريخية للأزمة السورية هي آخر ما يخطر بأذهان هذه الدول.

يبدو أن لا حل للأزمة السورية إلا بتسوية تاريخية، تبدأ باقتناع الأطراف ذات العلاقة بها، وخاصة أهل السلطة الذين يفتقدون حتى الآن الإرادة والعمل الجاد لتفكيك هذه الأزمة، والوصول إلى تسوية حقيقية هدفها إقامة نظام ديمقراطي تعددي تداولي، ولاشك أن الخطوة الأولى والرئيسة هي مسؤولية السلطة السورية التي ينبغي أن تبدأ بها. وهذا ما ترفضه مطلقاً، وهي بذلك توقع الجميع في ورطة، وتعبًّد الطريق للحرب الأهلية.

=================

سورية تقامر وإيران تناور

عكاظ

23-6-2012

عامر ارنوؤاط

لم يأت الجنرال روبرت مود رئيس بعثة المراقبين الدوليين في سورية المكلف مراقبة تطبيق خطة عنان بأي جديد أثناء تقديم تقريره للأمم المتحدة بالأمس، تاركا المستقبل السوري مفتوحا على كل الاحتمالات، إلا احتمال السلم الأهلي، وتوقف آلة القتل والتدمير التي ينتهجها بشار الأسد المنتهية أحلامه في البقاء فوق رؤوس وجماجم شعبه مدخلا تجربته في رحلة طويلة قد لا تنتهي بسورية موحدةـ، أو حتى موجودة في بعض احتمالات التحليل السياسي الواقعي.

هذه الأمم المتحدة ورعاتها الدوليون في المقابل الآخر تحاور إيران الدولة المارقة التي تسعى إلى قبض مكافأتها عن إسهامها في احتلال العراق، وقبله أفغانستان ودخولها في تسويات عديدة ذات أشكال متنوعة في لبنان عن طريق التعاون مع نظام الوصاية السورية آنذاك.إيران لا تريد بالطبع أن تحرر فلسطين، وبشكل مؤكد لا ترغب برؤية عالم عربي سياسي مستقر قويٍ نام، بل تريد أن تتدخل في منطقتنا بصفاقة .الأمم المتحدة أرسلت مراقبين لسورية من أجل إبقاء الوضع على ما هو عليه، وهي تحاور إيران من أجل تغيير في الوضع مما هو عليه، وبين سورية وإيران الأفق مفتوح وبشكل كبير ومتعاظم على مواجهة مذهبية وعرقية قد يرغبها الغرب لكن إسرائيل ومعها إيران تسعيان لها لما يمكن أن تحققه لهما من توسع وفتح لآفاق التمدد السياسي، وإنهاء لخطر محدقٍ على وجودهما تبقى سورية هي الأكثر ألما ونزفا لجرحها، ويبقى الأفق السياسي فيها غير مرجح لانتهاء قريب، وانفراج أكيد فمهما حاول بشار المقامرة بسياسة المقايضة بين وجوده ودماء شعبه سيهزم، ومهما حاورت إيران الغرب فلن تجد لها ممرا إلى القلب العربي ففي النهاية فإن طهران لاتحاور، بل تناور.

=================

"ميغ 21" تنقل الأردن إلى قلب المواجهة السورية

فهد الخيطان

الغد الاردنية

23-6-2012

بعد ساعات قليلة على الهبوط "الاضطراري" للمقاتلة السورية من طراز "ميغ 21" في قاعدة الملك حسين الجوية بالمفرق، وافقت الحكومة الأردنية على منح قائدها، العقيد حسن مرعي، حق اللجوء السياسي بناء على طلبه.

السرعة في الاستجابة لطلب الطيار السوري تعد، في نظر المراقبين، دليلا على المرونة التي يمكن أن يبديها الأردن حيال تطورات الأزمة السورية. وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار قول مسؤول أميركي بأن حادثة انشقاق الطيار مرعي لن تكون الأخيرة، فإن سرعة استجابة الأردن لطلب اللجوء ستشكل حافزا لانشقاق المزيد من طياري سلاح الجو السوري.

حاول الأردن أن ينأى بنفسه عن لعب دور مباشر في الأزمة السورية؛ فقد رفض استخدام أراضيه لتسليح المعارضة السورية، وعارض علنا خيار التدخل العسكري، واكتفى بتوفير الملاذ لعشرات الآلاف من اللاجئين السوريين بكل ما يترتب عليه من أعباء ومسؤوليات.

لكن مع مرور الوقت وتفاقم الأزمة بأبعادها الإنسانية والسياسية، تواجه المقاربة الأردنية الرسمية تجاه سورية تحديات غير مسبوقة، تفرضها تطورات الحالة السورية من جهة، ومتغيرات الموقف الدولي من جهة أخرى.

المتغير المهم في الموقف الأردني هو استعداده للتعامل مع التطورات العسكرية المحتملة للصراع في سورية، وفي هذا السياق تأتي التمرينات المشتركة مع قوات "المارينز" الأميركية قرب الحدود الشمالية. وقد أكدت السفارة الأميركية في عمان، في ردها على استفسارات لـ"الغد"، أن الولايات المتحدة تزود الأردن بمجموعة مساعدات وتدريبات عسكرية مستمرة، من ضمنها "التخطيط للطوارئ". وتزامن هذا التصريح مع ما نقلته محطة (CNN) عن مصادر عسكرية أميركية تأكيدها أن "القوات الخاصة الأميركية تقوم بتدريب القوات الأردنية على مهام عسكرية محددة للتعامل مع أي تهديدات قد تمس المملكة وأمنها، في حال توسعت الأزمة السورية نحو حدودها".

وتقول المصادر الرسمية الأردنية إن هذه الاستعدادات لا تعني بأي حال من الأحوال نية الأردن التدخل عسكريا في الأزمة السورية، وإنما التهيؤ لأسوأ السيناريوهات المحتملة، وتأمين الجاهزية اللازمة لمنع انتقال الفوضى والعنف إلى الأراضي الأردنية.

لكن المراقبين لا يستبعدون موافقة الأردن على تسهيل مهمة دخول قوة أميركية إلى الأراضي السورية في حال انهيار الوضع هناك بشكل كبير، للسيطرة على مخزون سورية مما تسميه واشنطن "الأسلحة الكيماوية".

وجود طيار عسكري سوري في الأردن لا يشكل خطرا على نظام الأسد. وفي حال اختار البقاء هنا، فلن يسمح له بممارسة أي نشاط سياسي أو عسكري. أما بالنسبة للطائرة، فمن المرجح أن يوافق الأردن على إعادتها إلى سورية. لكن، ماذا لو تكررت حوادث اللجوء وهبطت المزيد من طائرات "الميغ"، "وما أكثرها في سورية"، في القواعد الجوية الأردنية؟ كيف سيدير الجانب الأردني الموقف؟ وأي رد من دمشق على ما يمكن أن يوصف بحوافز أردنية للطيارين الراغبين في الانشقاق؟

لم يعد التعبير عن القلق سياسة قابلة للاستمرار حيال الأوضاع في سورية. مثل هذه السياسة تبدو مقبولة عندما تكون بعيدا عن أجواء المواجهة، لكن حين تستغرق رحلة الـ"ميغ 21" إلى القاعدة الجوية الأردنية بضع دقائق، فأنت إذن في قلب المعركة.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ