ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 07/06/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

الانفتاح الخليجي على قضايا العرب

2012-06-06

الوطن السعودية

اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي في جدة أمس، يكتسب أهمية خاصة لسببين: أحدهما الموضوعات التي بحثها من جهة، والآخر توقيت انعقاده في ظل المتغيرات والأحداث المتسارعة على الصعيدين الإقليمي والدولي، من جهة أخرى.

ويوما إثر يوم يتضح أن التكتل الخليجي كيان منفتح على مختلف قضايا المنطقة وليس ناديا مغلقا، وأنه قادر على التأثير بما يحقق مصالح مواطني دوله، والمصالح العربية، إذ إن عناصر الأجندة التي يجري تداولها تتجاوز الشأن الخليجي في معظم الأحوال لتشمل هموم الأمتين العربية والإسلامية. وفي هذا السياق كرس اجتماع جدة وقتا طويلا من مداولاته لتناول القضايا الساخنة في المنطقة، وفي مقدمتها تطورات الأحداث في سورية، برغم أن قضية التحول من التعاون إلى الاتحاد هي القضية المحورية للقاء الوزاري.

وجاء إعلان وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل بأن دول الخليج العربية بدأت تفقد الأمل في حل أزمة سورية من خلال خطة المبعوث الدولي كوفي عنان، متسقا مع مجريات الأوضاع على الأرض، ومتماهيا مع الموقف الذي بدأ يتشكل على المستوى الدولي نتيجة فقدان الثقة في تنفيذ نظام الأسد لمبادرة عنان. كما أن تصريحات الفيصل بشأن الموقف الروسي وضرورة أن تنتقل موسكو من خانة تأييد نظام الأسد إلى دعم وقف القتال وخطة انتقال السلطة، تنسجم مع تصريحات موسكو التي أبدت فيها موقفا يتسم بالجدة من خلال إعلانها أن بقاء الأسد في السلطة ليس شرطا لحل الأزمة.

الملف اليمني كان أيضا حاضرا بقوة في المشهد الخليجي من خلال التأكيد على أن مؤتمر المانحين يمثل فرصة لترجمة الدعم السياسي إلى دعم اقتصادي عاجل يحقق الاستقرار في اليمن ويمكن النظام السياسي من القيام بواجباته في جو معافى.

إن أزمات المنطقة ستبقى دوما هموما خليجية تجد العناية اللازمة، جنبا إلى جنب مع القضايا التي تخص دول المجلس. وما يجري في المنطقة يدل على أن هناك أدوارا لا يمكن أن يؤديها إلا لاعبون كبار، ودول مجلس التعاون مؤهلة بكل المقاييس للقيام بذلك.

=================

سوريا... مرحلة مفصلية

بقلم / أنور صالح الخطيب - كاتب وصحفي أردني :

الراية

6-6-2012

مارس رئيس المجلس الوطني السوري المستقيل الدكتور برهان غليون نقدا ذاتيا لأداء المعارضة خلال الندوة التي أقامها مركز الجزيرة للدراسات من المؤمل أن يثمر هذا النقد سلوكا سياسيا على الأرض بحيث يرتقي أداء المعارضة السورية المنقسمة على نفسها إلى مستوى الثورة السورية ومستوى تضحيات الشعب السوري المستمرة منذ أكثر من خمسة عشر شهرا.

في المقابل يبعث على الأمل الثقة التي يتحدث بها غليون عن حتمية انتصار الثورة السورية التي قال عنها إنه لا توجد قوة على الأرض قادرة اليوم على إيقافها سواء كان ذلك داخليا أو خارجيا، لأن كيان الثورة منفصل عما يجري حوله.

لقد دخلت الثورة السورية فعلا مرحلة مفصلية بعد مجزرة الحولة التي ذهب ضحيتها أكثر من مئة قتيل نصفهم من الأطفال والنساء والتي تلتها خطوات زادت من مأزق النظام السوري وعزلته خاصة بعد قرار تحويل جريمة الحولة إلى المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق فيها وبعد قرار أكثر من دولة غربية سحب سفرائها من دمشق.

الشعب السوري الذي يخوض معركة حريته وكرامته يحتاج من أمته العربية الدعم والمساندة في المرحلة المقبلة التي تسعى المعارضة إلى تحويلها إلى مرحلة عصيان مدني في جميع أنحاء البلاد خاصة بعد الإضرابات التجارية التي شهدتها دمشق وحلب حيث اعتبر غليون أن ميزان القوى بات يميل لصالح الثورة، وإن النظام تحول إلى الدفاع، والثورة إلى الهجوم، وضرب مثالا بحلب التي كان النظام يعتقد أنها معه، واليوم تخرج فيها مظاهرات وإضرابات، وكذلك دمشق التي شهدت مظاهرات، وإضرابا للتجار، ومدن أخرى انخرطت في حالة من العصيان المدني.

اللافت للانتباه أنه بعد خمسة عشر ألف قتيل وبعد عشرات آلاف الجرحى والمشردين ما زال رأس النظام في سوريا يعيد اسطوانة المؤامرة الخارجية ويصف المطالبين بالحرية بالإرهاب وأن سوريا لا تواجه مشكلة سياسية بل مشروع فتنة أساسه الإرهاب وحربا حقيقية من الخارج رافضا الاعتراف بوجود أزمة داخلية وشعب يطالب بالحرية والديمقراطية، وأنه كالجراح في غرفة العمليات يداه مخضبة بالدماء ولكنها دماء الدفاع عن الوطن في وجه الإرهابيين والدماء التي ستعيد العافية إلى جسد الوطن وتنتصر على المؤامرات الخارجية. إن الشعب السوري الذي انتفض مطالبا بالحرية والكرامة وأثبت طوال شهور الثورة أنه عصيُّ على الكسر لا يمكن إلا أن يكون متآمرا على وطنه ينفذ مؤامرة خارجية تستهدف تقسيم بلاده فهو خرج مطالبا بالإصلاح والتغيير بعد عقود طويلة من حكم الديكتاتورية والاستبداد.

 لقد أوصل رأس النظام السوري في خطابه الخامس رسالة واضحة لا تحتمل اللبس أنه ماض في قمع الثورة السورية بالقوة مهما كان الثمن ولن يرده عن ذلك أية مبادرات دولية رغم أنه نفس النظام الذي وافق على خطة المبعوث الدولي والعربي كوفي عنان التي تنص بشكل واضح على وقف العنف والقتل وسحب النظام لدباباته وأسلحته الثقيلة من المدن والبلدات السورية وهي المبادرة التي لم يطبق أي من بنودها.

لقد كان رئيس المجلس الوطني المستقيل برهان غليون موفقا في شرح الوضع الجيوسياسي الذي يتحكم في سوريا فهي مركز التوازنات العميقة والمعقدة، وتغيير الوضع فيها يعني تغيير الوضع في المنطقة وهذه التوازنات، معتبرا أن الحرب الباردة انتهت في جميع دول العالم تقريبا، لكنها لم تنته في منطقة الشرق الأوسط، لأنها منطقة حساسة بحكم الثورة النفطية ووجود "إسرائيل" وهي منطقة عدم استقرار دائم. كما أن مقاربة غليون التي قال فيها:" إن السوريين لا يضحون من أجل حرية بلادهم فقط، بل من أجل حرية منطقة بأكملها، من أجل إعادة التوازن إلى القوى الإقليمية، وتخليص المنطقة من الحرب الباردة التي تدور بين الصين وروسيا من جهة والغرب من جهة أخرى، تعد تشخيصا لواقع الصراع الذي يدور على سوريا وهو ما ميز الثورة السورية عن مثيلاتها العربيات بالمدة الزمنية وغزارة الدماء التي سالت ولا تزال تسيل في المدن والبلدات السورية، وحجم التضحيات التي دفعها الشعب السوري من أجل نيل حريته.

=================

رسالة خليجية واضحة

رأي الراية

الراية

6-6-2012

يأتي إعلان وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل في ختام اجتماع المجلس الوزاري للدول الخليجية في جدة أمس من أن الوقت حان لكي "ينتقل الروس من تأييد النظام السوري إلى وقف القتال وانتقال السلطة سلميا"رسالة خليجية واضحة لا لبس فيها على ضرورة أن تعيد موسكو النظر في مواقفها من الوضع في سوريا حفاظا على مصالحها في سوريا والعالم العربي .

لقد تسبب استخدام موسكو لحق النقض في مجلس الأمن الدولي لمرتين في إفشال قرارات كان من شأنها إدانة العنف الذي يمارسه النظام ضد الشعب السوري وهو ما ساهم بشكل مباشر في إصرار النظام على الخيار العسكري في قمع الثورة الشعبية السورية المطالبة بالحرية والديمقراطية وهو ما تسبب أيضا في استمرار إراقة الدماء وزيادة أعداد الضحايا وفتح الباب لنشوب حرب أهلية لن يربح فيها أحد وسيكون الخاسر الأكبر فيها سوريا الوطن والشعب.

المواقف الروسية من الأزمة في سوريا ودعمها للنظام في سوريا ضد مطالب الشعب السوري لا تلقى ترحيبا بالتأكيد في الشارع السوري الذي يرى في مساندة موسكو للنظام تشجيعا على القتل ولا في الشارع العربي الذي اعتاد اعتبار روسيا ومن قبلها الاتحاد السوفييتي حليفا وصديقا له فهي ستفقد أصدقاءها في المنطقة إن لم تعد تقييم سياستها وستخسر الكثير من مصالحها.

إن إعادة موسكو وبكين النظر في دعمهما للنظام في سوريا سيجبره على تغيير سياسته وسلوكه تجاه مطالب الشعب السوري بعد أن يجد انه فقد الغطاء السياسي له في الساحة الدولية وهو ما سينعكس بالضرورة إيجابيا على الأوضاع في سوريا ويساهم في وقف نزيف الدم ويعجل في تطبيق مبادرة المبعوث الدولي والعربي كوفي عنان التي وافق عليها النظام ولم يطبقها والتي تنص على وقف العنف وسحب النظام لأسلحته الثقيلة من المدن والبلدات السورية والإفراج عن المعتقلين السياسيين ما سيهيئ الظروف لبدء حوار وطني شامل يخرج سوريا من عنق الزجاجة.

الفرصة ما زالت سانحة لان تثبت موسكو وبكين أنهما تنحازان للشعوب لا للأنظمة من خلال عدم استخدام الفيتو في مجلس الأمن الدولي ضد قرار طالب به المجلس الوزاري للجامعة العربية بتطبيق مبادرة عنان بموجب الفصل السابع دون استخدام العمل العسكري وهو ما سيعطي دفعا حقيقيا للمبادرة ويشكل ضغطا حقيقيا على النظام لتطبيقها دون تسويف أو مماطلة.

=================

الأزمة السورية لا تحل بالتبرعات

شتيوي الغيثي

عكاظ

6-6-2012

الوضع السوري مؤلم جدا، وما يحصل من قتل ومجازر فوق ما يتحمله الحس الإنساني والضمير العالمي أن يراه ويصمت كل هذا الصمت العاجز عن حله، بل تعدت الأزمة السورية حدودها في بشاعة ووحشية القمع بعد مجزرة الحولة المؤلمة في كل المقاييس الإنسانية والدولية.

أعتقد أن الأسطر السابقة من قبيل توضيح ما هو موضح، ولا يحتاج إلى مزيد شرح أو مزايدات على الإنسانية، لكن هذا لا يعني أن التبرعات المالية سوف تحل المشكلة، وأن تصل بالأزمة إلى بر الأمان، إنما هي مشاركة إنسانية لتخفيف المعاناة لا أكثر. هذا إن سلمنا بأنها سوف تصل بشكل سليم، ولن تذهب باتجاهات أخرى يخشاها الكثيرون.

المشاركة الإنسانية طبيعية، وهي تعبير عن التلاحم الإنساني والديني والوطني بين أبناء العرب على اختلاف مستوياتهم وأطيافهم، لكن حسن النية لوحدها غير كافية، ولا هي كفيلة في حل الأزمات؛ لأن الأزمة تتعدى كونها أزمة عابرة، كما حصل في بعض الدول. إلى أزمة مركبة يتداخل فيها الصراع السياسي والديني بين أكثر من دولة.

جمع التبرعات يتجاوز المعطيات السياسية المتدخلة إلى تعبير عاطفي لا أكثر في فهم الأزمات السياسية، وهو تعبير حقيقي عند غالبية الناس وليس في ذلك من ضير، ولذلك هم يتبرعون، لكنهم لا يحاولون قراءة المسألة من كل جوانبها السياسية والاجتماعية والدولية. الأزمة السورية سياسية، أي أنها ليست طائفية، والثورة السورية ليست ثورة طائفة ضد قمع طائفة، بل هي ثورة الحرية والكرامة ضد الاستبداد، ولذلك فحلها هو حل دولي وتدخلات خارجية، وربما تصل أحيانا إلى إعادة لحرب باردة أخرى بين أكثر من دولة، ولذلك علينا أن نفهم السياقات السياسية، وهي سياقات لا تدار بالعاطفة، بل بتوازن القوى والصراع على الهيمنة السياسية في المنطقة.

=================

الخيار الديمقراطي والدولة العادلة في سوريا

مسعود ضاهر

التاريخ: 06 يونيو 2012

البيان

توالت مؤخرا التحذيرات الدولية من حرب أهلية محتملة في سوريا، وتقاطعت في هذا المجال تصريحات قيادات روسية وصينية مساندة للنظام السوري، مع تصريحات قيادات أميركية وأوروبية وتركية وعربية معارضة له. وأبدى بعض الأطراف الفاعلة استعدادها للتعاون معا من أجل إيجاد حل سياسي سلمي للأزمة السورية، بعد أن عبر جميع الأطراف عن قلقها الشديد من تزويد السوريين بأنواع لا حصر لها من الأسلحة المدمرة.

على جانب آخر، في الأول من يونيو/ حزيران 2012، صوتت لجنة حقوق الإنسان في الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار بإدانة النظام السوري في ارتكاب مجزرة الحولة، التي ذهب ضحيتها مئات القتلى والجرحى. ودعت المفوضة السامية لحقوق الإنسان لإحالة النظام السوري على مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية. صدر القرار بأغلبية 41 صوتا من أصل 47، خلال جلسة خاصة عقدها المجلس حول سوريا، وهي رابع جلسة حول سوريا منذ اندلاع الاحتجاجات في أواسط مارس/ آذار 2011.

تضمن القرار ما يلي: "إن مجلس حقوق الإنسان، إذ يدين بأشد عبارات الإدانة عمليات القتل الهمجية بطلب من لجنة التحقيق الدولية التي تعمل بتفويض منه منذ أغسطس/ آب 2011، يطالب بإجراء تحقيق خاص، شامل ومستقل، بما يتفق مع المعايير العالمية حول أحداث الحولة، ومحاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان والجرائم ضد الإنسانية".

وأسفت روسيا للمجزرة، لكنها نددت بالمساعدات المالية وإرسال أسلحة حديثة عن طريق التهريب، إلى المعارضة السورية. وأعلن الجيش السوري الحر إنهاء الهدنة العسكرية مع النظام السوري بعد المجزرة، معتبرا أن خطة المبعوث الدولي كوفي عنان انتهت إلى الفشل. وأكد الرئيس الفرنسي انتفاء القدرة على تبني أي حل ممكن في سوريا، من دون رحيل الرئيس الأسد، "فقد تصرف بطريقة غير مقبولة لا يمكن التسامح معها، وارتكب أفعالا تجعله غير مؤهل للحكم"، وطالب بفرض عقوبات على النظام السوري.

أمين عام الأمم المتحدة، من جانبه، يشعر بالإحباط من استمرار العنف والقتل في سوريا. ووزير خارجية بريطانيا يؤكد أن سوريا على شفير حرب أهلية شاملة. والمبعوث الدولي العربي عنان يطالب الرئيس الأسد بتنفيذ النقاط الست، لأن الوضع لن يستمر على حاله لفترة طويلة. ولوحت الولايات المتحدة بتحرك من خارج مجلس الأمن الدولي، في حال لم يظهر الضغط الكافي على سوريا، واتهمت روسيا بأن "سياستها الحالية مع سوريا تدفع في اتجاه حرب أهلية، حذر منها الأمين العام للأمم المتحدة واعتبرها كارثية".

الانقسام الدولي حول سوريا شديد الوضوح، فالولايات المتحدة وحلفاؤها يطالبون بإسقاط الرئيس الأسد وتبني الحل اليمني، بينما تبنت روسيا موقفا ثابتا تجاه الأزمة السورية، واتهمت الدول الغربية بالقفز المسبق على نتائج مجزرة الحولة. وهي تتبنى رواية السلطات السورية حول وجود جماعات إرهابية مسلحة ارتكبت مجزرة الحولة، وجددت العمل على إنجاح مهمة عنان وتبني الحل السلمي. لكن الجيش السوري الحر طالب عنان بالإعلان عن فشل خطته، ودعا المعارضة للرد العسكري على جرائم النظام، كما دعا الأمم المتحدة إلى زيادة عدد المراقبين الدوليين عشرة أضعاف، وإقامة نقاط ثابتة لتمركزهم ورصد جرائم النظام.

يبدو أن بعض أطراف المعارضة السورية قد تبنى الحل العسكري دون سواه لإسقاط النظام السوري، وتصاعدت التحذيرات مؤخرا من حرب أهلية في سوريا. لكن روسيا والصين ودولا أخرى، ما زالت تطالب ببذل الجهود للوصول إلى حل سياسي للأزمة السورية.

ودعا البيان الختامي للمنتدى الصيني - العربي الخامس، الذي أنهى أعماله في تونس في الأول من يونيو/ حزيران 2012، الأطراف السورية المتنازعة إلى تطبيق خطة المبعوث الدولي العربي بكامل بنودها، وطالب المجتمع الدولي بمضاعفة الضغوط على السلطات السورية لتسهيل مهمة المراقبين الدوليين. وترى دول في الاتحاد الأوروبي، أن الخيار العسكري في سوريا ليس مطروحا الآن، وطالب ممثلوها بخطوات عملية في إطار القانون الدولي، ودعوا إلى فرض عقوبات جديدة ضد النظام السوري لإجباره على الامتثال لإرادة المجتمع الدولي وتنفيذ خطة عنان. دلالة ذلك أن الأزمة الدموية في سوريا باتت عند مفترق خطر، وهناك تزايد مستمر للنزعات الطائفية والقبلية، قد يتحول إلى حرب أهلية شاملة تقود إلى انهيار تام للدولة ومؤسساتها.

ونبه عنان مرارا إلى أن الأزمة السورية معقدة جدا، وتتطلب تضافر الجهود والتعاون بين مختلف الدول لمنع انفجار الحرب ونزع فتيل الاشتباكات. والحل السياسي السلمي للأزمة وفق النقاط الست لمبادرة عنان، هو مطلب جميع السوريين، في الحكومة والمعارضة. ومن أولى واجباتهم تشكيل قوة موحدة وضاغطة لتسريع الحل السلمي الذي يضمن وحدة سوريا، أرضاً وشعباً ومؤسسات. ونصح الموفد الدولي الرئيس السوري بالقيام بخطوات جريئة تطمئن قوى المعارضة وحلفاءها، كسحب الجيش السوري من بعض المناطق، وإطلاق سراح الموقوفين، وتنفيذ النقاط الست لمبادرة عنان.

فرد الأسد بالمضي في الإصلاحات السياسية، وفق معادلة تقوم على التوازن بين الاستقرار والأمن من جهة، والحوار والإصلاح من جهة أخرى، لكن نجاحها يستوجب وقف التدخلات الخارجية لتنفيذ مبادرة عنان. مع تزايد حدة التهديدات الإسرائيلية الهادفة إلى تغيير خارطة الشرق الأوسط بدعم أميركي وأوروبي، دخلت الأزمة السورية مرحلة الخطر الشديد الذي يطال دول المنطقة، خاصة لبنان. وذلك يتطلب الشروع في حوار وطني جدي، على خلفية تنازلات متبادلة من الحكومة السورية والمعارضة.

فاستمرار الصراع الدموي اليومي في سوريا يفضي إلى حرب أهلية بالتزامن مع التقسيم، والفلتان الأمني، والانهيار الاقتصادي. فغياب الدولة المركزية العادلة، يقود بالضرورة إلى حكم الميليشيات القبلية والطائفية، ومنها ميليشيات ممولة من الخارج وتعمل وفق أجندات خارجية.

وسوريا اليوم بحاجة إلى فكر توحيدي في النظرية والممارسة، وإلى قيادات وطنية مؤهلة لبناء دولة ديمقراطية قوية، وقادرة على حل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية للشعب السوري. ورغم التطمينات الكثيرة التي تصدر عن جانبي الحكومة والمعارضة حول مناعة المجتمع السوري في مواجهة التقسيم، فإن استمرار الأزمة سيضعف حتما تلك المناعة. وقد رفض السوريون في عهد الانتداب الفرنسي، تقسيم وطنهم إلى دويلات طائفية تمكنت من التوحد في معركة الاستقلال والسيادة الوطنية.

=================

جبهة ثوار سوريا ودلالتها

الوطن القطرية

التاريخ: 06 يونيو 2012

تشهد عواصم عالمية عدة، هذا الأسبوع، تعاطيا مكثفا مع ملف الأزمة السورية، فهو كان موضوعا رئيسيا على أجندة اجتماع الرئيسين الصيني والروسي في بكين، أمس، فيما سترسل واشنطن وفدا من مساعدي وزيرة الخارجية الأميركية برئاسة فريديركهوف إلى موسكو للتباحث بشأنه، وسيطير كوفي عنان مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى واشنطن للهدف ذاته، كما يتوجه الدكتور نبيل العربي أمين عام جامعة الدول العربية اليوم إلى نيويورك لبحث مستجدات الأزمة، وسيتعاطى أيضا منتدى إسطنبول، لبحث سبل مكافحة الإرهاب بحضور وزيرة الخارجية الأميركية ووزراء خارجية «30» دولة، الملف ذاته.

ومن ثم فهناك حراك دولي واسع يحاول إنقاذ من يمكن إنقاذهم من مجازر يقترفها النظام يوميا، توهما أن ذلك سيقضي على الثورة السورية، متناسيا أن إرادة الشعوب حينما ينفجر غضبها، تتحول كما السيل الذي يجرف في طريقه مصادري حريتها.

غير أن كثافة هذا الحراك السياسي الدولي، القليل الثمار والنتائج، صارت المعارضة الثورية لا تعول عليه، نظرا للصدع الحاصل فيه، نتيجة تمترس الموقفين الروسي والصيني عند سوابقهما، مما دعا الحراك الثوري السوري، أمس، إلى إعلان تشكيل جبهة ثوار سوريا التي أعلنت بدورها النفير العام بهدف إسقاط نظام الأسد وتحرير البلاد منه، بعدما تبنى لهجة تصعيدية في خطابه الأخير، تعني من بين ما تعنيه، أن خطة عنان لا أثر لها في اعتباراته، ومن ذلك فإن جبهة ثوار سوريا، والتي تشكل اتحادا يجمع الفصائل العسكرية، وفق خطة حسم عسكري، تُدخل الفصائل تحت رايتها، وتعمل على التنسيق مع باقي الكيانات للوصول بسوريا إلى العدالة والمساواة، هي جزء من رد المعارضة السورية على ما أورده الرئيس السوري في خطابه، كما أن هذه الجبهة أيضا رد على انقسام دولي لا مبرر له، ومسؤول عن استمرار سفك الدماء في بلد يتطلع شعبه إلى الحرية والكرامة.

=================

الدبلوماسية ضد الأسد... قيادة عربية

تاريخ النشر: الأربعاء 06 يونيو 2012

د.خالد الحروب

الاتحاد

مطالبة المجلس الوزاري العربي الأمم المتحدة بوضع سقف زمني لخطة عنان وتطبيق الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة تحول مطلوب وربما متأخر. فالجرائم اليومية التي يرتكبها النظام وشبيحته قتلت أيضا أي أمل في حلول سلمية. وبسبب ذلك فإن النظام في دمشق يُدخل سوريا في نفق مظلم لا يعلم أحد نهايته أو كيفية الخروج منه. التمسك بالكرسي الذي يظهره النظام بشكل مذهل يعني جلب المزيد من الدمار على الجميع. والشيء المُدهش بعد كل الحريق الذي أشعله النظام، وبعد كل الدم الذي أراقه في سوريا هو اعتقاده بإمكانية البقاء في الحكم وكأن شيئاً لم يكن. كيف يمكن لعاقل أن يتصور قبول الشعب السوري ببقاء النظام بعد كل الاجتثاث الذي راكمه حتى الآن، ولم ينته منه بعد؟

في ظل الانسداد العام الذي ينكشف أمامه عجزُ الأمم المتحدة وكل الحلول السياسية التي تُطرح، لا يبدو في الأفق أي نشاط حقيقي سوى إراقة المزيد من الدم على أيدي حكام دمشق. وفي كل يوم تتفاقم المجازر التي ترتكبها مليشيات النظام بشكل يفوق الوصف. تفاصيل ذبح الأطفال والناس الأبرياء في الحولة تقشعر لها الأبدان، والتفنن في التعذيب والنحر، تشير إلى أن نظام دمشق على استعداد لإبادة الأخضر واليابس، وقتل أياً كان، وبأي أعداد كانت مقابل البقاء في كرسي الحكم.

لذلك مطلوب من الجامعة العربية الآن أن تعيد إمساك زمام المبادرة، وتقوم بتفعيل دورها وتسرع من الحراك السياسي الإقليمي والدولي، وتضغط الفترات الزمنية وجداول الوقت الموسع التي تُعطى للنظام في دمشق. وأن تقوم بذلك تحت شعار حماية الشعب السوري الآن وقبل الغد، وتحت شعار ليس هناك أية شرعية لنظام يقوم بإبادة شعبه. أي تدخل خارجي عسكري أو غير عسكري، خاصة إن كان خارج إطار الأمم المتحدة، يجب أن تدعو إليه وتقوده الجامعة العربية عن قناعة وفاعلية وليس لتقديم غطاء إقليمي وعربي لقرار دولي. الجامعة العربية ممثلة للعرب الذين هم قلباً وقالباً مع الشعب السوري. لهذا فإن الجامعة العربية والعرب يجب أن يكونوا أكثر انشغالاً وقلقاً من العالم والإعلام العالمي والأطراف الدولية المختلفة. بقاء الجامعة العربية في مقدمة قيادة الحراك السياسي والدبلوماسي والعسكري في كل ما يخص الملف السوري، مسألة في غاية الأهمية.

إن حماية الشعب السوري تستلزم التخلي عن السياسة السلحفائية التي يستفيد منها النظام ويواصل في ظلها إراقة دم الناس.

لكن الصورة العامة تبدو كما هي: عجز عربي وإقليمي، دعم عربي وخليجي خجول للثورة و"الجيش الحر"، دعم إيراني عراقي شامل للنظام السوري، شلل أممي عن القيام بأي خطوة جدية من شأنها كبح توحش النظام، مبادرات أممية، ومراقبون للقول بأن "جهدا ما يُبذل"، تعنت روسي، والتحاق صيني بالموقف الروسي، وجود متلكئ للجامعة العربية.

وبعيداً عن الملف السوري نفسه، ثمة أبعاد أخرى للصورة العامة تعزز من احتمالات استمرار الانسداد وعدم القدرة على الفعل الخارجي. فمن أميركا المنشغلة بحملات الرئاسة، إلى أوروبا الغارقة في أزمتها المالية، إلى مجلس الأمن المكبل بالفيتو الروسي والصيني... في ظل هذا المشهد شبه المقفل، يستفرد النظام بالمشهد الداخلي ويضاعف من البطش ونوعيته وعمقه وطائفيته. ويعلم سدنة النظام أن كل جريمة يرتكبونها تُسجل بالصوت والصورة، ومع ذلك يبدون غير مكترثين بكل ذلك لشعورهم بقوة الإسناد الروسي وما يسببه من لجم لأي فعل أو إجراء على مستوى أممي.

يعزز كل ما سبق ضرورة قيام الجامعة العربية بالتقدم أكثر فأكثر للإمساك بزمام المبادرة والقيادة في شأن الملف السوري. ولنا أن نتوقع أنه في حال استمرار الانسداد القائم على حاله، فلن يبقى أمام المجتمع الدولي إلا التحرك خارج إطار مجلس الأمن، لتجاوز العقدة الروسية الصينية. ذلك أن الرأي العام العربي والعالمي لن يتحمل استمرار المجازر وبقاء الأفق مفتوحاً للنظام ليمارس ما يريد، وسوف يصبح من الضروري التدخل بشكل أو بآخر. قد يأخذ هذا التدخل صيغ مخففة، مثل إقامة مناطق آمنة على الحدود مع تركيا أو شمال لبنان مع حظر للطيران، وربما يصل إلى صيغ أكثر صرامة مثل تبني قصف جوي يحد من حركة الكتائب العسكرية المؤيدة للنظام والتي تشكل عموده الفقري وذراعه الوحشية في قمع الثورة. لكن أحداً لا يتحدث هنا عن تدخل عسكري بري، يكرر تجارب سابقة. وقبل اللجوء إلى أي شكل من أشكال التدخل المتوقع هذا فإن المطلوب من المعارضة السورية والجامعة العربية العمل على احتواء مضاعفاته السياسية اللاحقة، خاصة في خضم الكم الهائل من الشعارات التي ترددها الجهات المؤيدة لنظام الأسد. وسوف يتم تصوير اي تدخل عسكري لحماية الشعب السوري على أنه تدخل إمبريالي لخدمة إسرائيل! وسوف يتم تدوير هذه الأسطوانة ألوف المرات، وكأن نظام الأسد كان يخوض الحرب تلو الأخرى ضد إسرائيل! وكأننا جميعاً لم نشهد "بطولاته" ضد السوريين العزل وآلياته تدوس الناس في الشوارع، أو كأننا شهدنها تدوس دفاعات إسرائيل في الجولان وغيرها من الأراضي العربية على مدار عقود أربعة مرت.

=================

كشفت عن أوجه شبه بين نظام الأسد وسفاحي البلقان .. مذبحة الحولة... إعادة إنتاج مشاهد «سربرنيتشا»

تاريخ النشر: الأربعاء 06 يونيو 2012

مايكل دوبس

الاتحاد

باحث في الشأن البوسني وزميل متحف المحرقة التذكاري التابع للولايات المتحدة

عندما رأى" أمير سولجاجيتش" الأسبوع الماضي، فيلماً تلفزيونياً عن العائلات الملتاعة، والمنازل المحترقة في بلدة"الحولة" السورية الصغيرة شعر بالغثيان، وتملكه إحساس قوي بأنه قد رأى هذه المشاهد من قبل.

"إنه لشيء غريب حقاً أن يرى المرء شيئاً اعتقد أنه لن يحدث أبداً، فإذا به يحدث مرات تلو مرات" كان هذا ماقاله "سولجاجيتش" (37 عاماً) أحد الناجين من مذبحة سربرنيتشا، والذي ما زال حتى اللحظة يلوم الولايات المتحدة والحكومات الغربية لإخفاقها في القيام بما كان يتعين عليها أن تقوم به في الوقت المناسب من أجل منع تلك المذبحة المروعة، التي تعد أفظع مذبحة تحدث في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.

وأضاف"سولجاجيتش":"من الواضح أننا ما زلنا نعيش في عالم يمكن أن نرى فيه مذابح متكررة مثل سربرنيتشا... فما يحدث في سوريا اليوم مماثل تقريباً لما حدث في البوسنة منذ عقدين". ويرى الصحفي البوسني" سريكو لاتال" أنه ثمة أوجه شبه بين سوريا والبوسنة، ولكنه يقول إن هناك أيضاً أوجه اختلاف. فهو يبدي حذراً من الحديث عما يطلق عليه"اللحظة السربرنيتشية" في السياسة الأميركية تجاه سوريا، بمعنى لحظة بروز أزمة إنسانية ضخمة ومحرجة لدرجة تجبر الولايات المتحدة على استجابة مماثلة لاستجابتها في البوسنة عام 1995 عقب مصرع 8000 رجل وطفل مسلمين على أيدي القوات الصربية.

ووجهتا النظر المتعارضتين لاثنين من الناجين من مذبحة سربرنيتشا، يحددان معالم نقاش السياسة الخارجية الذي تفجر عقب تصاعد العنف في سوريا. فصور التلفزيون المفزعة، ومناظر النعوش التي احتوت جثامين العشرات من أطفال الحولة، أثارت موجة من الغضب العارم، وعذاب الضمير، بيد أنها فشلت مع ذلك في توليد إجماع واضح عما يجب عمله لمعاقبة وردع الجناة.

فبعد أسابيع من إعلان"مبادرة منع المذابح" الحكومية الأميركية، يجد أوباما نفسه في موقف غير مريح بسبب عقد المقارنة بينه وبين سلفه "الديمقراطي" بيل كلينتون الذي تعرض لانتقادات شديدة بسبب استجابته البطيئة والمتأخرة في البوسنة.

وقد جاء الرد الأميركي آنذاك في صورة حملة قصف جوي تقودها أميركا وهجوم بري مشترك للقوات الكرواتية والمسلمة، نجحا في كسر ظهر جيش صرب البوسنة في سبتمبر1995 ومهدا الطريق لاتفاقية دايتون للسلام بعد ذلك التاريخ بشهرين.

"قل ما شئت عن كلينتون ولكنه قام في النهاية بإرسال صواريخ توما هوك وكروز... أما المجموعة الحالية في أميركا فهي تكتفي بتدبيج المذكرات"، كان هذا ما قاله "سولجاجيتش" في معرض المقارنة بين رد الفعل الأميركي في البوسنة في تسعينيات القرن الماضي، ورد الفعل الأميركي حيال الأزمة السورية الحالية. ولكن"مورت أبراموفيتش" السياسي الأميركي المتقاعد الذي قاد حملة العلاقات العامة الممهدة للتدخل الأميركي في البلقان، فيقول" إن هناك فارقاً كبيراً بين البوسنة وسوريا... ففي البوسنة كانت الحرب قد اندلعت قبل تاريخ التدخل بثلاث سنوات على وجه التقريب، كما كانت هناك حملة تطهير عرقي هائلة أدت إلى خسائر بشرية لا تقل عن 100 ألف شخص، وكان الصراع يدور بين أوروبيين وليس بين عرب. صحيح أن الإدارة الأميركية تشعر بالحرج بسبب موت المئات، أو ما يقترب من ذلك من الأطفال العرب الآن، ولكنها لن تتدخل وتفعل أي شيء ما لم يكن هناك قدر أكبر بكثير من العنف".

على الرغم من أن مستوى العنف مختلف، فإن هناك أوجه شبه عديدة بين الأساليب التي يستخدمها الأسد وتلك التي استخدمها نظراؤه الصرب مثل سلوبودان ميلوسيفيتش، ورادوفان كاراديتش، بما يكفي لإثارة قلق العديد من الناس الذين، عايشوا تجربة حرب البوسنة.

عن هذه النقطة، يقول"سولجاجيتش" الذي عمل مراسلاً مع قوات الأمم المتحدة خلال حرب البوسنة:"إذا نظرنا إلى ما تفعله الحكومة السورية الآن، وماذا كان يحدث في البوسنة عام 1992 فسوف نجد أنه الشيء نفسه تقريباً: محاصرة القرى والبلدات بقوات من الجيش، وقصف المنازل المدنية، وفصل الرجال عن النساء، واغتصاب النساء أمام الرجال، ثم قتل الرجال. ما يحدث في سوريا يبدو وكأنه تطبيق حرفي لكتاب إرشادات ميلوسوفيتش- كاراديتش".

ويشار إلى أن التدخل العسكري الأميركي في البوسنة كان مزيجاً من النجاح والإخفاق: فمن ناحية نجح في إنهاء حرب كانت مستمرة منذ ثلاثة أعوام ونصف العام، ومن ناحية لم ينجح في حل سوى عدد محدود للغاية من مشكلات البوسنة القائمة، لدرجة يمكن معها القول إن البلد يبدو أكثر انقساماً مما كان عليه من قبل من الناحية العرقية، والدينية، والسياسية.

أما بخصوص التدخل العسكري الأميركي في الأزمة السورية فيقول "سريكو لا تال:"القفز من تدخل لتدخل من دون أن يكون لدى الولايات المتحدة فكرة واضحة عما تنوي عمله، يمكن أن يخلق العديد من المشكلات على الطريق كما حدث في العراق وأفغانستان". ويوضح "لاتال" ما يعنيه بقوله:" إذا لم يكن لديك فكرة واضحة تماماً عن: من يفعل ماذا، ولمن، أو ما هو الشيء المرجح أن يحدث فيما بعد، فلا تفكر في التدخل" .

ينشر بترتيب خاص مع خدمة

«واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»

=================

الحل اليمني يعود بقوة روسية؟

راجح الخوري

2012-06-06

النهار

 كيف يمكن تركيب "الحل اليمني" على خطة كوفي أنان بما يفتح الأبواب على حل سياسي في سوريا؟

هذا هو عنوان الورشة الدولية التي تنشط الآن بعدما أدت النار المتأججة، الى إنضاج ما يمكن اعتباره اقتناعاً أميركياً بأن لا حل من دون دور حاسم تلعبه موسكو مع النظام السوري، يقابله اقتناع روسي بأن لا حل من دون دور حاسم تلعبه واشنطن مع المعارضة والدول التي تدعمها.

في هذا السياق تضطلع روسيا الآن بالدور الذي اضطلعت به السعودية في إنجاح الحل اليمني، ويحرص فلاديمير بوتين على ان يكون عرّاب الانتقال السلمي في سوريا كما كان الملك عبدالله عرّاب الانتقال المشابه في صنعاء. ومن خلال كل هذا يصبح كلام هيلاري كلينتون في أسوج (السويد) مفهوماً أكثر. وقد أعلنت ان رحيل الأسد ليس شرطاً مسبقاً لتحقيق عملية انتقال سلمي بل يجب ان يتم كنتيجة لعملية الانتقال هذه.

الاتصالان الهاتفيان بين كلينتون وسيرغي لافروف قبل أيام فتحا كوة في الجدار المقفل تؤسس لمرحلة جديدة من التعاون. ففي التقارير الديبلوماسية ان كلينتون ولافروف اتفقا على التعاون لحل الأزمة السورية على قاعدة موقف مشترك يتلخص في ضرورة بدء العمل على مساعدة السوريين في عملية الانتقال السياسي في البلاد. وعندما تقول كلينتون ان لافروف أشار الى الحل اليمني وتحدث أيضاً عن ضرورة التغييرات في سوريا و"إننا نود ان نرى الشيء نفسه يحدث في سوريا"، فإن ذلك يعني ان السعي لحل سوري على الطريقة اليمنية وضع على نار حامية:

أولاً: سيتولى بوتين شخصياً إقناع الأسد بضرورة الانتقال الى الحل السلمي بعدما فشل الحل العسكري. وفي الوقت عينه سيحاول إقناع طهران بضرورة حدوث تغيير متفاهم عليه في سوريا يمنع الانزلاق الى حرب أهلية طاحنة. وإذا كان من شأن هذا الحل المحافظة على المصالح الروسية في سوريا، فمن شأنه أيضاً ان يحول دون نشوب عداء بين النظام السوري الجديد وطهران.

ثانياً: في سلسلة من اللقاءات تعقدها كلينتون اليوم في اسطنبول مع ممثلين عن فرنسا وبريطانيا وألمانيا وقطر والامارات والسعودية والأردن ستتولى تسويق الحل اليمني.

ثالثاً: أبلغ أنان وزراء الخارجية العرب في الدوحة قبل أيام "ان الوقت آت إن لم يكن قد أتى من أجل مراجعة جدية... وان على المجتمع الدولي ان يقرر ما سيفعله تالياً وأنا موافق على ان الأمور لا يمكنها الاستمرار على ما هي". هذا الكلام يمثل ضغطاً ربما جرى التفاهم عليه مع موسكو وواشنطن وهدفه إقناع الكثيرين في النظام السوري والمعارضة بأن الوقت حان لحل على الطريقة اليمنية تقبله موسكو الآن بعدما وفر لها دوراً راعياً لم يكن مقبولاً قبل ثلاثة أشهر!

=================

الأسد ومشروع الفتنة

د. مهند مبيضين

الدستور

6-6-2012

لم يكف بشار الأسد عن تكرار ذات الكلمات، كأنه قادم من زمن آخر، الرجل يظن أنه أصلح البلد، وان ما حصل في الحولة كان من فعل وحوش، لكنه نسي أن يقول بأنه هو الذي أرسلها، وقبل ذلك دربها لتكون أكثر من مجرد شبيحة او جنود، وأكثر من آكلي لحوم بشر، هكذا الاستبداد ينشئ قطعانا حوله تهيم به وتموت لأجله.

الأسد لم يبرع في شيء إلا في توزيع الابتسامات الغبية عقب كل فقرة في خطاباته، وهو في خطابه الأخير يحاول أن يتقمص دور الرئيس الحزين على مآل شعبه، ومع ذلك يظل للأسف نخبة ملتحقة به تدعو له بالبقاء والديمومة كي لا تنهار سوريا وتذهب في مهب الريح.

لا يعرف الأسد أن عكس المستحيل هو الممكن. وأن الاستبداد طريقه مسدود، ينتهي بشكل مباغت، أو يصل بالمجتمع إلى طريق مسدود؛ والاستبداد الذي رعاه الأسد يخنق الإرادة، وينتج اليأس والقنوط ويفقد القوى الحية تأثيرها.

في المقابل الممكن هو طريق السياسة، والسياسة هي نقيض الاستبداد. أدى الاستبداد إلى المستحيل، فيما تؤدي السياسة إلى إمكانيات كثيرة وانفتاح ممكن وبالسياسة فقط تصل الشعوب لمبتغاها، وفي سوريا التي اعتادت التبدل لا بد للحكمة ألا تغادر ناصحي الرئيس بأنه إلى زوال طال الأمد أم قصر.

بالسياسة يعود الفرد إلى المجال العام، يخرج من القفص الذي حشره فيه الاستبداد. واستبداد الأسد كان مشروعا مؤسسا على قواعد راسخة، وبدعم ايراني يزداد كل يوم، فسقوط الأسد هو نهاية حلم الفرس التاريخي بالوصول للمتوسط العظيم، ونهاية الأسد سقوط لمشروع الثورة الإسلامية خارج بلادها

سقوط الأسد سقوط سيكون وخيما، على من يحب بقاءه ومن يريده مثالا للحاكم العادل، هناك من يرى في البطش الأسدي عدلا جميلا يستحق ان يكون هاديا، وهناك من يريد ان يجعل من نهج الأسد نبراسا في القمع، لكن الأسد لا يعي ان الشعب عرف طريقه.

دمشق التي حوصرت واحترقت عشرات المرات، لن يخيفها جيش الأسد، سياتي الثوار من الريف، ومن البوادي وحوران التي يحملون منها سنابل حب لياسمين دمشق، والأسد الذي يعتقد أن سمة المستبد لا تليق به، لا يعي أنها صفة التمكين له فهو وارثها ويعيش عليها.

أدخل الاستبداد والبطش سوريا طريقا مسدودا. وضع كل واحد من الشعب أمام استحالة أو استحالات؛ والحولة ومجزرتها كانت إعلان اللاعودة عن الثورة، هي النهاية التي لم يكن الأسد يريد أن ينتهي بها فسواء كانت العملية من أمره أو أمر أعوانه أو محبين له، فقد وضع في الزاوية الحرجة، ومن سخريات الزمن أن الرجل ما زال يتحدث عن المؤامرة ومشروع الفتنة.

للأسد أجيال تخدمه، لكن لسوريا أجيال تعيشها حبا وروحا ووطنا، للأسد أعوان وشيخ معمم في جنوب لبنان وآخر في طهران، يباركون القتل ويرفضونه فقط على اتباعهم، وهو مطيع لهم، للأسد هيبة بين أقرانه لكنها أمام الأحرار لا تساوي شيئا. للأسد خيال كبير لكنه سيء الإخراج.

=================

حجب القنوات السورية.. الحرية لا تتجزأ

حازم مبيضين

الرأي الاردنية

6-6-2012

حين نرفض بشكل قطعي, قرار الجامعة العربية بحجب القنوات الفضائية السورية, ومنع المشاهدين من متابعة وجهة النظر الرسمية, إزاء ما يعصف ببلاد الشام من أحداث جسام, فان ذلك لا يعني مطلقاً قبولنا بما تبثه تلك الفضائيات, لغةً ومضموناً, بقدر ما يعني فهمنا أن الحرية لا تتجزأ, وأن دفاعنا عن حق مناوئي النظام السوري بإبداء وجهة نظرهم, وبغض النظر إن كنا معها أو ضدها, لا يسمح لنا من الناحية الأخلاقية على الأقل, بمحاولة كتم الصوت الآخر وتغييبه, ومنع صاحبه من الجهر بوجهة نظره, فتلك ممارسة دكتاتورية, كنا نظن أن أحداث الربيع العربي أتت لكنسها من حياتنا, لا لتكريسها بحجة الدفاع عن هذا الطرف أو ذاك.

شئنا أم أبينا فإن للنظام الحاكم في دمشق مؤيدين سوريين, ارتبطت مصالحهم باستمراره, وعرب يرون فيه تجلياً للبعد القومي من جهة, ورمزاً للمقاومة والممانعة, ومن حق هؤلاء ضمن مفاهيم الحرية والديمقراطية والعدالة, أن يكون لهم صوت كما لغيرهم,ونؤكد أننا لا نرى حقاً لأي جهة,في حجب أصواتهم, وكنا نظن أن الثائرين ضد نظام البعث السوري, سيكونون أول المدافعين عن حق الآخر في الجهر برأيه ما داموا يعلنون أن واحداً من أسباب ثورتهم, هو تعنت النظام في منع منابرهم من رفع صوتها بمطالبهم, واستئثاره بكل المنافذ الإعلامية, ليظل صوته هو الأعلى, ولتظل الأفكار التي يتبناها, هي الرائجة بين الناس.

الثوار السوريون, إن كانوا يستحقون هذا الوصف, هم الأحوج لسماع صوت النظام, لمعرفة ما يجري في الضفة الأخرى, كما أن النظام نفسه بحاجة لسماع صوت مناوئيه, لمعرفة ما يريدون, وبغير ذلك فإن أصواتاً أخرى, بأجندات هجينة لا نقرها ولا نعرفها, ستتسيد ساحة الفعل الإعلامي, في حين نفتقد صوت أصحاب العلاقة المباشرة, نظاماً ومعارضة,وتلك مفارقة لا يجرؤ على اقترافها, غير مؤسسة كالجامعة العربية, خصوصاً وهي تمر بمرحلة ارتهان لقوىً تريد أن تبني مواقعها الجديدة بكل الأساليب, وتعتمد في ذلك على « فضيلتها الوحيدة «, وهي المال المتدفق بين يديها دون حساب.

نتابع الإعلام الرسمي السوري, ونلحظ حالة التخبط والفوضى التي يمر بها, وهي حالة تاريخية تعود لعمر النظام القائم اليوم, بحكم تركيبته, ونتابع أيضاً الإعلام المعادي للنظام السوري, وما أكثره, وبديهي أن معالجة إعلام دمشق للقرار العربي تدينه هو أولاً, وهو يتباكى على حريته التي ستسلبها منه الجامعة العربية, متناسياً أن تلك الحرية كانت مقصورةً عليه, وممنوعةً على الآخرين, حتى أن خبيثاً علق على تلك المعالجة بالقول « فليذوقوا من نفس الكأس التي أجبرونا على تجرعها لعقود طوال «, وبديهي أيضاً أننا لم نكن بحاجة لتذكيرنا عبر الإعلام السوري الرسمي بالمواثيق العربية والدولية المتعلقة بحرية الإعلام, وهي مواثيق تجاهلها ذلك الإعلام طوال عقود.

وبعد, للمعارضة الحق في رفع صوتها, وبموازاة ذلك فإن للنظام الحق بعرض وجهة نظره, وبغير ذلك فإننا في الطريق إلى نظام دكتاتوري, سيحكم السوريين بفكر أحادي مستمد من السماء, وغير قابل للنقاش بحكم قدسيته, ولا نظن أن ذلك طموح عند أي سوري.

=================

واشنطن تريد بقاء الأسد!

رجا طلب

الرأي الاردنية

6-6-2012

رغم الخطاب السياسي القاسي الذي تمارسه واشنطن سواء على مستوى البيت الأبيض او الخارجية تجاه المجازر المرتكبة في سوريا إلا انها لا تعلن موقفها الحقيقي من نظام بشار الأسد في خطوة خداع كبيرة للرأي العام العالمي وحتى لحلفائها العرب والأوروبيين، واشنطن من الناحية العملية قادرة على اخذ مجلس الأمن نحو توافق على استصدار قرار يخص الشأن السوري تحت الفصل السابع لكنها وبعد نجاحها في عقد صفقة توزيع الغاز اللبناني المكتشف والذي سبق ان كشف عنها كاتب هذه السطور قبل ثلاثة أسابيع في هذه الزاوية لم يعد موضوع الإطاحة بنظام بشار الأسد مسألة مهمة او تشكل أولوية لها، هذا علاوة على مراعاة واشنطن « للحيرة « الإسرائيلية في هذا الشأن وعدم وجود قرار حاسم في مؤسسة الحكم الإسرائيلية بشأن ما يجري في سوريا سواء على المستوى السياسي او العسكري، خاصة بعد التطورات في مصر والرغبة الإسرائيلية في اختبار تجربة الحكم الجديد فيها والتعرف على مدى اندفاع الاخوان المسلمين في حال فوزهم بالرئاسة في الحفاظ على اتفاقية السلام وعدم قيامهم في تثوير الشارع المصري تجاهها.

بحكم التجارب السابقة وتاريخ الولايات المتحدة في التعامل مع الأزمات الناتجة عن تناقضات حادة داخل مجلس الأمن، نجد ان واشنطن لم تبد ضعيفة مثلما هو حالها الآن، وهو في تقديري ضعف مفتعل وخداع ولا يعكس الحالة الأميركية الحقيقية، فقد قامت ببناء التحالف الدولي لتحرير الكويت من الغزو العراقي في عام 1990 و1991 رغم تحفظ الاتحاد السوفياتي والصين وقتذاك، كما قامت بتجاوز مجلس الأمن واستخدمت القوة العسكرية ضد الصرب في كوسفو من خلال الحلف الأطلسي في 24 مارس 1999 وبررت إدارة كلينتون عملها هذا بقولها انها جاءت في إطار «روح» ميثاق الأمم المتحدة، خاصة الحالات، التي تفرض التدخل العسكري لأسباب إنسانية ومن دون أن ينتظر صدور قرار صريح عن مجلس الأمن، يقضي باستخدام القوة العسكرية (تماما كما هو الوضع في سوريا الآن) اما ابرز تدخل أميركي بدون تفويض من مجلس الأمن فقد كان في قرار غزو العراق عام 2003 واسقاط نظام صدام حسين.

اذا تثبت هذه الوقائع والحقائق ان واشنطن ان ارادت التدخل العسكري فإنها تستطيع فعله ولكن في كل حالة من حالات تدخلها العسكري كانت واشنطن تتحرك بتأثير مصالحها.

وهذا يعني ان لا مصلحة للولايات المتحدة الأميركية التدخل عسكريا لاسقاط الأسد ونظامه وهي التي تدخلت عسكريا منذ انشائها في 216 بلدا من بينهم بلدان عربيان هما العراق ولبنان كما وانها في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية تدخلت في أكثر من عشرين انقلابا حول العالم .

والسؤال كم مجزرة مثل الحولة يجب أن تُرتكب في سوريا لتأخذ واشنطن قرارها التدخل لأسباب إنسانية ووقف مسلسل الجرائم ضد الشعب السوري؟

=================

الثورة اكبر من اي فنان ومبدع والتاريخ سيحاسب الجميع

ندوة عن المثقف والسلطة والثورة ضمن فعاليات 'وطن يتفتح في الحرية':

2012-06-05

القدس العربي

الدوحة 'القدس العربي' من حسام الدين محمد: ضمن فعاليات 'وطن يتفتح في الحرية: مثقفون وفنانون من اجل سورية' المنعقد في الدوحة بين 1 و 8 من هذا الشهر عقدت في اليوم الثاني للفعاليات ندوة فكرية تحت عنوان 'المثقف السوري والسلطة'، وقد ادار الندوة الكاتب الفلسطيني عزمي بشارة الذي استضاف على المنصة كل من زكريا تامر وفرج بيرقدار وريما فليحان كما وجه العديد من الأسئلة للكتاب والفنانين السوريين الحاضرين، واتسمت الندوة بسجالات عديدة وببعض الحدة التي اضافت حيوية كبيرة عليها.

بدأت الندوة باشارة عزمي بشارة الى نقطة مهمة ضرورية قال فيها 'ان المثقف ليس موقفا على عكس الرومانسيات السائدة'، فللانظمة كما قال مثقفوها وللشعوب والحركات مثقفوها وللحركات السياسية مثقفوها واعتبر بشارة ان الحديث عن (المثقف) بشكل عام يطمس بعض الفروقات المطلوبة لفهم الأمور، وقال انه 'في حالتنا اليوم لا نتكلم بالضبط عن المثقفين ولكن بشكل عن المثقفين المبدعين بحيث يصبح الامر اكثر تحديدا من المصطلح العام للمثقفين، 'فالابداع صعب الحديث عنه بدون الحرية'، وتطرق بشارة الى وجود نقاش حول امكانية الابداع للثقافة الشمولية الذي حصل في اوروبا طيلة القرن الماضي، مشيرا الى انه حتى النازية لم تكن من دون جماليات 'لكنها كانت من جماليات ذات نوعية معينة'.

قدم بشارة بعد ذلك ضيوفه وقال 'من لم يقرأ زكريا تامر في شبابه؟'، كما نوّه بنضالية فرج بيرقدار وادبه، وكذلك بالدور الذي لعبته كاتبة الدراما السورية ريما فليحان.

تطرق بشارة بعد ذلك الى قضية 'اولئك المثقفين الناقدين للانظمة والذين كنا نسمعهم في كثير من الاحيان ينتقدون النظام القائم بنظرة لا تخلو من الحدة سواء بشكل ساخر او غير ساخر، ولكن حين خرجت الجماهير خافوا من الثورة او خافوا من الانظمة وتبين ان معارضتهم لا تختلف عن المعارضة السياسية المرتبطة بوجود النظام والتي اذا راح النظام لا يعود لوجودها معنى'، واشار الى بعض المثقفين الذين كانوا الواحد منهم ينتقد وينظر للثورات التي كان قد رسمها في دماغه 'وحين اتت الثورة لم يستطع الا ان يقول الثورة ليست هكذا!'، وعلّق بشارة ساخرا من هذا المثقف 'من دون شك يتبين عند ابسط فحص تاريخي ان فكرته عن الثورة هي كليشيهات للثورات الفرنسية او الروسية او الايرانية'، هذا المثقف يبدأ تقييمه لثورة بلاده بانها ليست ثورات ثم يبدأ التفتيش عن تعريف لهذه الثورات.

في مداخلته اشار القاص زكريا تامر الى ان النظام السوري الحاكم ما كان يخاف من الكلمة وانه سمح بنشر نتاجات معارضة له 'لأن المستبد يعرف ان الكلمة وحدها دون عمل لا قيمة لها، وهي مجرد نوع من الثرثرة، وان الثورة هي الفعل الذي يخشاه'.

اما الشاعر السوري فرج بيرقدار فقال ان معارضة بعض الكتاب للنظام كانت شكلية لا تستهدفه وان الثورة جاءت لتوقف الخلط بين مستويات الابداع، 'فالذين يعارضون شكلا انتهوا من الايام الاولى وتبين ان كل ما كتبوه كان مديحا في معرض الذم، من خلال صورة او شكل بطريقة ناعمة او ذكية، وحين صار الموضوع موضوع فعل ولم يعد قولا تلجلج منطقهم لم يعودوا قادرين على البقاء معارضين'، كان هؤلاء 'يطالبون بحرية الابداع وعندما جاء من يطالب بالحرية الحقيقية تراجعوا'، واكد بيرقدار ان من يطالب بحرية الابداع الان عليه ان يبدع الحرية وعندها لن تكون هناك مشكلة مع حرية الابداع، وتحدث بيرقدار عن تجربته قائلا 'لم اكن معنيا بحرية التعبير بل كنت معنيا بابداع الحرية وفشلت في ابداعها ودفعت ثمنا غاليا'، واعتبر ان الكاتب الحقيقي يفكر بحرية داخلية اولا ثم بحرية الابداع، وان كتابا كثيرين ربما سموا معارضين ولكنهم لم يكونوا باي لحظة من اللحظات معارضين او لديهم حرية داخلية، 'انا كنت في السجن وكتبت بحرية حقيقية'، واستنتج بيرقدار 'شعبنا اراحنا من اشكالات حرية التعبير الثورة هي اعلى شكل ابداعي'.

اما الكاتبة ريما فليحان فقالت ان الحرية هي الاساس الجامع للعملية الابداعية، وقالت متحسرة 'الثورة سببت لنا خيبة امل بالكثير من الاسماء الكبيرة التي كانت نبراسا وكانت مثالا اعلى لنا'، واشارت فليحان الى ان الثورتان التونسية والمصرية كانت شغلهم الشاغل لكن عندما بدأت الثورة في سورية بدأت مواقفهم بالتغير، وان هؤلاء قرأوا عن اشكال الثورة وانتظروا 'ثورة بالكاتالوغ' تقوم بها الطبقات التي قرأوا عنها، كما شارت الى بعض المثقفين الذين انتقدوا خروج المظاهرات من الجامع 'علما ان الجامع هو المكان الوحيد غير المشمول بقانون الطوارئ، وتساءلت فليحان 'ما المشكلة في ان تنطلق المظاهرات من هناك ثم ينضم اليها من يريد ان ينضم؟'، ثم ساءلت ذاك المثقف 'انت المعترض اعمل تجمعا وادع الناس ليتجمعوا معكم بدل انتقاد الناس'، وعزت فليحان ذلك الى خوف شديد من السلطة وخوف من خسارة مكاسب، واشارت الى معارضة هؤلاء الشكلية للسلطة جعلتهم مميزين ورسخت اسماءهم وسلطت عليهم الضوء 'فخافوا ان تذهب هذه السلطة وتذهب هذه المزايا التي اكتسبوها'، واشارت الى ترسخ اسماء هؤلاء ونجوميتهم منع من تسليط الضوء على ادباء واديبات وفنانين وفنانات من كل الشرائح مشاركين في الثورة لم يأخذوا حقهم حتى تعرف اسماؤهم، كما اشارت الى وجود مثقفين مع الثورة ولكن القمع الرهيب جعلهم يمتنعون عن ذكر اسمائهم.

وخلصت فليحان الى ان الثورة هي المحك الحقيقي للابداع ولا ابداع دون حرية من لا يفهم فكرة الحرية ليس مثقفا الناس هم مرآة الاحاسيس البشرية واذا لم يكونوا قادرين على فهم هؤلاء الناس كف ابداعهم عن التأثير.

استلم بشارة الميكروفون مجددا ووجه السؤال الى الحاضرين مبتدئا بزكريا تامر سائلا اياه ان كان قد توقع هذه الدرجة من القمع مشيرا الى انه عندما عاين وحشية النظام السوري وجدها الأعلى مقارنة بالانظمة العربية الاخرى.

تامر رد بانه كان يتوقع قمعا اكثر. 'كل واحد يباغت بما حصل يثبت انه لم يكن يعرف الواقع السوري. ما حدث من قمع ليس جديدا بدأ منذ اول انقلاب عسكري في سورية'، واشار تامر الى اعتقاله مدة اسبوع عام 1950 وتعذيبه بالتيار الكهربائي، وقال ان اول انقلاب عسكري وضع البذور للقضاء على الحرية ثم كبرت الجذور وصارت غابة. وبلهجته العفوية المحببة قال تامر 'انا لم افاجأ. انا منذ سنة 1970 اتيح لي الاحتكاك كثيرا بالسلطة. كنت اسكن في بيت فيه فرع للمخابرات قبل 22 سنة. شاهدتهم يعتقلون اطفالا بعمر 7 سنوات ويحضرونهم الى فروع الامن بالبيجاما. رأيت نساء مغتصبات خارجات من الفرع تقطر الدماء من ارجلهن على الارض. هذا حدث قبل 22 سنة وما يحدث الان اتوقع ان يكون اسوأ'، واعتبر تامر ان الدكتاتور كلما احس بدنو اجله يزداد شراسة ووحشية.

المفاجأة بالنسبة لتامر جاءت من الثورة 'قد يكون جوابي متناقضا فانا فوجئت مفاجأة كاملة ولم افاجأ على الاطلاق كنت قبل قليل احكي عن زاوية كتبتها منذ فترة طويلة قلت فيها ان دمشق مدينة متناقضة فعندما دخل الجيش الفرنسي خرج الناس للدفاع عن بلدهم يتقدمهم وزير الدفاع واستشهدوا وبالوقت نفسه كان هناك دمشقيون استقبلوا الجنرال

غورو بتملق كبير وقيل انهم حملوا السيارة على اكتافهم'، واستنتج تامر ان الشعب السوري هو هذا المزيج من الثورة والنفاق، واستنتج تامر 'حافظ الاسد لم يستمر حكمه الا بسبب سكوت السوريين. بشار الاسد لم ينجح في استلام سورية الا بفضل سكوت السوريين وقسم كبير منهم تعاون تعاونا مباشرا معه بعضهم بالصمت وهو نوع من التأييد وبعض بالمباركة'.

رد بيرقدار على السؤال كان انه ايضا لم يتفاجأ من النظام السوري 'انا اعرف امثولات رعب عديدة. حماه 82 بالحد الادنى 30 الف شهيد. كانت تلك امثولة رعب كبيرة قام بها، كما قام بمجازر عديدة بوحشية غير مسبوقة'، واشار بيرقدار : 'انا خبرت اساليب النظام ودرجة استعداده للقتل البارد. شاهدت شخصا قتلوه في الشارع ببلوكة وآخر بقضيب حديد. اساليب فظيعة من القتل ببرود تام وكنت اعتقد ان بطش النظام يمكن ان يكون اكبر لو كان الوضع الدولي والعربي مختلفا. لحسن الحظ هناك بعض القيود لم تسمح للنظام السوري من استخدام القمع المنفلت من كل حدود'، كما اتفق بيرقدار مع تامر بأن المفاجأة جاءت من الشعب السوري.

اما رشا عمران فقالت ان مصطلح المثقفين تم التعامل معه بطريقة خاطئة، فعندما كان الناس يتحدثون معها حول تخاذل المثقفين السوريين كانوا يشيرون الى اشخاص مثل دريد لحام وايمن زيدان، 'فبالنسبة لهم نجوم الدراما هم المثقفون'، واكدت عمران ان نسبة كبيرة من المثقفين السوريين وقفت مع الثورة 'ما بدي عد اسماء في الداخل ليس من حقنا ان نقول اسماءهم'، واشارت عمران الى 'ان المثقفين ليسوا كلهم مبدعون'، والى ان 'الانظمة الاستبدادية تخلق معارضتها'، واعتبرت ان 'مسرح الشوك بسبعينيات وثمانينيات كان معارضة السلطة التي استخدمتها كنوع من 'فشة الخلق التي تسمح بتنفيس الغضب'، كما اشارت الى ان بعض المقالات التي كتبت في تشرين لحسن م يوسف كانت حادة وانه 'كان يطرح نفسه معارضا، مثل اسماء عديدة وكثيرة'، وقالت ان هناك خوفا كبيرا من التغيير انزرع في دواخل العديد من المثقفين 'التغيير امر مرعب والجرأة كمان درجات لا استطيع ان الوم احدا خصوصا الناس الذين ليس لديهم مصدر دخل اخر سوى وظائفهم'، كما اشارت عمران الى وجود بعض المثقفين في 'بيئات كاملة ضد الثورة' بحيث يقف مثقفوها في العراء، واخيرا اشارت عمران الى خلل في خطاب المعارضة السياسية السورية نحو شريحة المثقفين في الداخل حيث لم تستطع هذه المعارضة السياسية السورية 'ان تطمئن هؤلاء الناس'، وقالت انها هي نفسها قد 'طلعت بدرجات حتى خرجت من الخوف هذا يتحمل جزء كبير منه الخطاب السياسي للمعارضة السياسية'.

الشاعر المقيم في المانيا مروان علي قال 'اذا كنت شاعرا حقيقيا كاتبا مفكرا حقيقيا يجب ان تكون مع وطنك لازم تكون مع شعبك من ابسط حقوق هذا الشعب عليك ان تكون معه'، 'اذا كنت بخاف من التغيير ليش ما بتخاف من الثبات'، ورد على فكرة عمران على طمأنة المعارضة للمثقفين بالقول 'اذا المعارضة لم تقدم لي اطمئنانا ماذا يمكن ان اعمل'، وقال ان الانتظار هو هروب من دور المثقف. واشار علي الى ان النظام كان يخاف من الكلمة والدليل العشرات من المعتقلين بسبب كلامهم الكلمة بداية الفعل مجرد كتابة قصيدة مجرد الوقوف ضد الاستبداد هي البداية للفعل.

اما الممثل فارس الحلو فقال في مداخلته: 'انا لا اجيد الكلام كثيرا. الفنان اكثر شخص بالمجتمع بحاجة للحرية المبدع بشكل عام بحاجة للحرية اكثر من اي شخص بالمجتمع. قدرنا نكون احرار ابدا'. وانتقد الحلو الممثلين الذين تحولوا الى ابواق واعتبر انهم 'ما فكروا بمواطنيتهم بقدر ما فكروا بتحصيلهم المادي وبالمكاسب التي حققوها من النظام نفسه'، واضاف الحلو 'كان في صعوبات هائلة بوجه الفنان وكانت السلطة تمرق بالقطارة أي مكسب، الى ان وصل بعض الفنانين الى مرحلة متقدمة من المكاسب فشعروا بالخطر الشديد على فقدانها فاضطر بعضهم ان يتخذ موقفا مباشرا من السلطة وخصوصا بالبدايات، حيث استخدم النظام هذه الورقة التي يعرف حجم تأثيرها بالمجتمع وكان يسعى الى تدجينها من خلال شركات الانتاج التي كانت مرتبطة بالنظام وبرؤوس الاموال وبالفكر الذي تطرحه'، وقال الحلو ان محاولات الحيلة والتحايل أوصلتنا الى مرحلة تضطر الفنان الى اتخاذ القرار المصيري، واعتبر ان الثورة حتى بالنسبة لانسان عادي 'بدو ياخد قرار مصيري يمكن ان يتعرض للقتل او الاعتقال فيما كان الفنان يفكر هل اخسر مكاسبي ام احافظ عليها، وهذا الذي شفناه من بعض الزملاء الذين وظفهم النظام بدعوة الناس للعودة عن التظاهر مدعين ان مطالبهم وصلت وانهم سيوصلونها للقيادة طالبين من الناس ان 'ارجعوا لبيوتكم'، وختم الحلو بالقول 'الثورة اكبر من اي فنان واي مبدع'.

الشاعرة السورية لينا الطيبي قالت ان السوريين تربوا على الصمت وانها كانت تتوقع ان يقوم بشار الاسد بخدعة ما لكنها اكتشفت ان مواقفه جعلته من ابطال الثورة فكلما كنا نقول 'هل ستهدأ الثورة يخرج بشار بخطاب فيهب الشارع السوري كله مظاهرات ضده'، ورأت الطيبي ان الاحزاب السورية التقليدية تزيد المسائل تعقيدا في محاولتها لتصدر المشهد في الثورة وسرقتها.

الشاعر والروائي فادي عزام قال 'بسبب الثورة انا موجود هنا احمل المكروفون. قبلها كان عندي عشر قراء والان اعدت تعريف نفسي صرت انسانا صرت عربيا بسبب الثورة صار لي شكل وقيمة'، واضاف 'لكن لا تزعجني في هذه الثورة الا كلمة معارضة، كما لو ان النظام شيء صحي وله معارضة، والحقيقة انه في نظام وفي ثوار على الارض حقيقيين'، وقال عزام 'لدي سؤال ثقافي بامتياز رسام كفرنبل حول قريته للعالمية وسؤالي للمثقفين السوريين لماذا ما عرفنا عن كفرنبل عن ادلب؟ 500 كاتب في اتحاد الكتاب انشق كاتب واحد منهم. انا بحمل زكريا تامر جزء من المسؤولية قال تفاجأنا بادباء اخرين، ليش تفاجأتم بشعبكم لانكم ما بتعرفوه'.

رد زكريا على عزام قائلا: 'انا كتبت بجريدة الثورة عام 2007 مقالات بمنتهى الجرأة واؤكد من جديد ان النظام لم يكن يعتقل بسبب الكلمة. فرج بيرقدار لم يعتقل لانه كتب قصيدة بل لانه يعمل بتنظيم يعمل على الارض. النظام كان يعتبر النتاج الادبي تعواية كلاب. السلطة لا تخشى من الكلام'.

ودافع تامر عن اتحاد الكتاب قبل ان يصير الى ما صار عليه الآن 'انا كنت من المؤسسين. كان اتحادا للكتاب كانت غايته فعلا ان يخدم الكتاب السوريين كما انه خدم ادباء عربا. يعني مثلا صنع الله ابراهيم عندما رفضت اغلب دور النشر طبع رواية له الاتحاد طبع روايته، وفاضل العزاوي طبع روايته كذلك'، وقسم تامر الاتحاد الى مرحلتين 'الاتحاد القديم واتحاد علي عقلة عرسان'، وحول موضوعة الكتاب والفنانين الموالين قال 'نحن نعرف بعضنا جيدا لكن المشكلة اننا نضحك على انفسنا يعني مثلا دريد لحام اراه واضحا جدا لا اعرف من اين جاء الناس صفة المعارضة له. في الحركة التصحيحة قاد جمعا من الفنانين حملوا يافطة طولها 300 متر وشفت عند حديقة السبكي كيف يحملونها، وبعد المسيرة ذهب الى القصر الجمهوري والقى خطاب تأييد للرئيس الاسد وبعد المظاهرة دخل عليه وقدم له عريضة لاعفائه من ضرائب استيراد لشركة يمتلكها، وكان حافظ اسد مسرورا لأنه كان يفكر على طريقة انت تخدمني وانا اعينك على ذلك'، كما رد تامر على اعتبار حسن م يوسف معارضا قائلا 'عندما تعرفت عليه كان بسرايا الدفاع!'، وقال تامر انه يجب عدم التعميم بل يجب ذكر الاسماء 'ازعم ما في اديب سوري الا معادي للنظام لكن النظام وحشي في قمعه، وكان يكتفي بعقوبة الان يطارد عائلتك وجيرانك لا يوجد اديب يؤيد الا ادباء تافهين وبعض الادباء الجيدين مثل حنا مينه لا نقول انه كاتب تافه ولكن هؤلاء لديهم مكتسبات ومسألة الحفاظ على المكتسبات صارت داخلة بجدول اعمالهم. في ناس يعتبرون اعتراف الناس بموهبتهم وناس اخرين يهمهم اعتراف النظام بموهبتهم'، كما اشار تامر الى نقطة اعتبرها بعض الحاضرين شديدة الأهمية حيث قال 'بعض الادباء يكتسبون اهمية من خلال طائفتهم التي تمنحهم طريقا للصعود، وآخرون يستخدمون الحزب واخرون السلطة، وهذه لعبة لعبها الكثير من الكتاب عندما تكون من حزبه يمكن لشخص ان يخوض شخص مشاجرة من اجلك دون ان يقرأ لك وكذلك الأمر مع الطائفة والسلطة'.

استعاد فادي عزام الميكروفون واستسمح بعض الحاضرين بانتقادهم بمن فيهم عزمي بشارة نفسه قائلا: 'انتم ساهمتم في الالتباس حضرتك واستاذ نور الشريف واستاذ احمد فؤاد نجم حين كان يحكي عن دمشق بمفهومها كنظام كنا نحس ان هذا النظام له شرعية حقيقية صنعها مثقفون سوريون وعرب.

بشارة رد مبتسما على الانتقاد قائلا ان السؤال كان في مكانه قائلا انه تشارك والعديد من المثقفين العرب فكرة اهمية بعض الانظمة في مقاومة الاستعمار في فترة ما بعد كامب ديفيد. 'انا ونور الشريف خضنا معارك في بلادنا. ونحن لا نحل محل معارضات احد. لكن لا يمكن بحجة المقاومة والمعارضة ان تدافع عن النظام في سياسته الداخلية. لا يمكن تبرير الدفاع عن السياسة الداخلية لدولة بسبب اتفاقك مع سياستها الخارجية، وكذلك لا مبرر لاي مثقف عندما يثور الشارع ان لا يقف مع شعبه'، وطلب بشار 'من الشباب' ان 'يتوقفوا عن امتحان من سبقوهم دون تصور كاف على ما خاضوه سابقا. القيم التي مثلناها بمعنى الثورة على الظلم وتحديه ساهمت في الثورات العربية الحالية. اعرف ان شبابا في تونس وفي سورية وحتى في محاضراتي بسورية كانت تحكي بصراحة بقدر ما يسمح لك كونك ضيفا. المطلوب الآن ليست محاسبة زكريا تامر ولكن الترحيب بالمثقفين الذين انتقلوا الى الثورة. لكن ان نحاسب المثقفين السوريين على عملهم في وظائف الدولة فالثقافة ليست مهنة حرة. المثقف الذي معارك في بلده ليس مطلوبا منه ان يخوض معارك الشعب السوري. حتى لو كان اخي هو من يطلق النار على متظاهرين وسمعت انه قتل طفلا فسوف اكون ضده'.

في مداخلته قال ياسين عبد اللطيف الكاتب والروائي السوري ان 'السلطة العسكرية لم تنجب نخبة ثقافية بل انتجت لفيفا متعالما من المتحازبين ارتهنوا وارتبطوا بالسلطة وصاروا من المخاديم'، وان المثقفين كانوا نوعان 'فئة حنبلية لم تهادن فاودعت السجون او ماتت او ضاقت بمرير العيش رغم صيتها الذائع ومنهم من هاجر او هرب ووجد ملاذا ومنهم من لاعب السلطة ولاعبته'، وانتقد عبد اللطيف من رحبوا ببشار الاسد 'حتى من اليساريين. وبعضهم صلى خلفه في مسجد الرفاعي وحكى عن تماهي القائد بالشعب'.

اما الروائية مها حسن فقالت 'احكي عن شيء بيخصني كوني خارج. الثورة اعادت لي مواطنيتي كنت ممنوعة من النشر. بعد استشهاد باسل شحادة قال لي احد الاصدقاء 'باسل شحادة حمل تذكرة عودة وليس تذكرة خروج. كثير ناس خرجوا والان عادوا. انا مدينة للثورة هي التي خلتني هنا حاسة الان وانا اعتذر ان ما نفعله اقل بكثير المثقف يرجع يمارس دوره'.

الكاتب الكويتي طالب الرفاعي قال في مداخلته: 'ارجو ان لا تصبح جلستنا جلدا للذات. انا كنت منذ اللحظة الاولى مع الثورة لانها جاءت مع الحرية. وسؤالي لنفسي هو انا كويتي كيف اساعد الثورات وما الذي يستطيع ان يقدمه الكاتب في هذه التظاهرة اذا كان لها ان يراد لها ان تحقق شيئا مهما كيف تقدم شيئا للثورة'.

عاد الدكتور عزمي بشارة للتدخل قائلا ان 'التنظير مش غلط والادب مش عيب والفن مش عيب حتى الجلد مفيد احيانا. كل واحد فينا لديه مساهمة نضالية ما جزء اساسي من المثقفين يساهمون مساهمة مباشرة في الثورة. اغنية سميح شقير ساهمت وحدها في الكثير من الدعم للثورة'، واشار بشارة الى محاولات تجري بين المثقفين العرب للمد في عمر النظام من خلال التركيز على انه الطرف الرئيسي المجرب الوحيد في مكافحة القاعدة، وسخر بشارة من ان تصبح مكافحة القاعدة مصدر شرعية للنظام.

مداخلة السيد هاني فحص كانت بليغة وذات طابع ادبي حيث قال فيها: 'ثقوا ان النظام يتهيبكم كثيرا (...) الفرادة تلبية حقيقية لرغبات الناس ومن اجلهم علينا ان نتفق على ان نكون مثقفين ومبدعين خلف المظاهرة. المشيعون يمشون خلف الجنازة اما الان فادعوكم الى المسير امام جنازات اطفال الحولة كي نحميها من الشبيحة اكلة لحوم العصافير'، واستدرك فحص 'ارجو ان اكتب نصا ادبيا يرقى الى مستوى اعضاء حمزة الخطيب'، وقال 'انا كلبناني من غرب بلاد الشام مع علمي ان لبنان كيان ناجز فان سورية التعددية هي شرطي وخذوا مني ما تشتهون ان افلحتم'، وشكر فحص شهداء سورية واسراها ومتظاهريها 'الذين جمعونا عندما تقدمونا'.

الاثاري شيخموس عمر رد على مقولة تامر ان النظام لا يخاف الكلمة متسائلا 'لماذا قتل القاشوش اذن؟'، وحول الخائفين على مستقبل سورية قال 'المشكلة ان الاعلام يهتم بالمعارضة السياسية التي لم تصنع الثورة. المعارضة الرسمية بمصر تفاوض عمر سليمان والجمهور رفض المعارضة فاضطرت للحاق بالثورة'، ورأى عمر ان المعارضة السورية صارت عالة على الثورة وانها معارضة شعارات وايديولوجيا وان الخلاف صار بين جيلين جيل الايديولوجيا وجيل ما بعد الايديولوجيا. 'شوفوا شعارات الثورة خمسين سنة من الفتنة بين المدن شباب الثورة هي التي حلحلتها احداث القامشلي. عامودا كانت ترفع شعار بالروح نفديك يا حماه. اليوم الشباب السوري ما عنده مشكلة الكردي يتقبل العربي والمسيحي يتقبل الاسلامي الكل طلع من الجوامع المشكلة الاساسية هي في الاستماع للشارع.

اختتم الندوة الكاتب خلف علي الخلف الذي اشار الى ان الثورة اعادت الهامش الى المتن وان كتيبة كبيرة من الكتاب ضد النظام وقلة قليلة معه، محذرا المعادين للثورة من التاريخ 'سيكتب التاريخ عندما يأتي ذكر توفيق الحكيم انه كان مع معاهدة كامب ديفيد'.

=================

انتفضوا أيها العلويون وتبرؤوا من جرائم النظام

حسن علي الزينة

موقع أخبار الشرق

31/5/2012

من منا لا يشعر بالأسى الفظيع والمرارة الكبرى التي تسحق أعماقنا عندما نشاهد بأم أعيينا إلى أين أوصلنا الاستبداد السياسي لنظام مجنون أرعن يغتذي بالدماء ويرقص على أوجاع الأطفال والأبرياء. عام ونيّف ومشهد الدم السوري يتواصل نزفا في حلقات أكثرها جنونا قتل الأطفال وانتهاك حرمة العجائز والنساء. يا للعار أطفال سوريا اليوم يقتلون... يُمثل بهم... يذبحون... يسحلون... ومجزرة الحولة شاهد دامغ على تورط النظام في القتل وتوغله في الدم دون رحمة وشفقة أو سابق إنذار، ومما ريب فيه أن هذه المجزرة الدموية التي ارتكبها النظام وشبيحته في الحولة قد فاقت في دمويتها وعنفها أخطر وأكبر المجازر الدموية التي ارتكبت في العصر الحديث.

يا أحفاد صالح العلي...أيها النبلاء الأحرار الثوار... يا من جبلتم أرض سوريا بجراحكم وطهرتم أرضها المقدسة بدمائكم.....يا من كنتم أول من رفع شعار الحرية والكرامة لسوريا وأرض سوريا، حان موعدكم الجديد اليوم مع معركة جديدة من أجل الحق والحرية والكرامة والإنسان في الوطن.

فعدوكم اليوم عدو عظيم يفوق العدو الصهويني خبثا ومكرا وقتلا وفتكا وتدميرا، إنه السلطان الجائر فيكم، إنه السلطان القاتل لأطفالكم، إنه الطاغية الذي يسفك دماءكم ويقدم أطفالكم قرابين بشرية لمجده المزيف وسلطانه المزعوم، إنه ذلك النظام يريد أن يأخذ البلاد إلى حرب طائفية شعواء حرب إبادة مذهبية لا تبقي وتذر... إنه يضحي بكم وبأبنائكم جميعا من أجل سلطة فردية جائرة للسيطرة على العباد وامتلاك مغانم البلاد.

مجزرة الحولة والمجازر المستمرة التي يرتكبها النظام تصب في أتون حرب طائفية قذرة لا تبقي ولا تذر، وهو يدفع إليها ويدفعكم بالإجمال إلى هذه الحرب راغبين أو كارهين من أجل أمجاد ثلة من القتلة والسفاحين.

يا أبناء صالح العلي: كل ما يرتكب اليوم من جرائم تُحَمّلُون إثمه شئتم أم أبيتم... وذلك يشمل كل قطرة دم تسقط...وكل طفل يقتل... وكل امرأة تغتصب.... وكل أسرة تشرد.... وكل مواطن سوري يغادر وطنه خوفا ورعبا.... وهذا التجريم ناجم عن طبيعة فهم الناس الغرائزي العفوي المبسط للأمور... ولا نستطيع أن نطلب من الناس العاديين ما يفوق قدرتهم على الفهم في مثل هذه الأمور. وذنبكم في هذا التجريم والاتهام أن رأس النظام ينتسب إليكم... ويتحدر منكم.... وكذلك أسرته وكبار ضباطه وقادته وجنده... ولذلك فإن شركاءكم في الوطن يحملونك (عن حسن نية) وزر الطاغية وأهله... عنفه وطغيانه وجنونه ومجونه... واللائمة توجه إليكم دون غيركم من أهل الأمة أجمعين.

أنتم صامتون.... صامتون.... وأنا أدرك طبيعة صمتكم وظروفه... ولكن إلى متى هذا الصمت... حرب الإبادة القادمة ستنال منكم ومن غيركم... فماذا تفعلون من أجل الدفاع عن أنفسكم وغيركم من أبناء الوطن... ماذا ستقولون للأجيال القادمة.... أين هو مكانكم في جغرافية الحق والحقيقة.... ردوا التهمة عنكم... تبرؤوا من النظام وأفعاله... قولوا للعالم أنكم براء كل البراءة من هذا النظام وجرائمه ضد الإنسانية.... أين هم شيوخكم الأجلاء ونبلاؤكم.... أين هم كرامكم أصحاب الحق والكلمة فيكم.... أين هم مثقفوكم ومفكروكم... أين هم أهل الحل والربط منكم وفيكم.... العالم يتهمكم لأنكم صامتون.... يتهمونكم جميعا لأنكم لا تحركون ساكنا.... لما هذا الصمت القاتل.... ألا يوجد فيكم من يحمل عن هذه الطائفة مسؤولية البراء من جرائم القتل وسفك الدماء التي يقوم بها في كل يوم..... أليس من الضرورة أن تقوم طائفة منكم بالدفاع عن أنفسكم في وجه هذا الظلم الذي يقع عليكم... وهذه الاتهامات التي تتلبسونها رغما عنكم؟

يتساءل الناس هنا وهناك أين شيوخ الحق من أحفاد صالح العلي... ألا يوجد من ينفخ في نار الحقيقية فيرفض هذا الظلم القائم وهذا القهر الجاثم على صدور أبناء الأمة.... أين هي النخب الفكرية الثقافية الاقتصادية التي تعبر عنكم وعن قوتكم وطاقتكم وحضوركم الإنساني؟

يعلم الجمع علم اليقين بأن هذا النظام لا دين له ولا طائفة إلا دين الظلم والقهر والاستبداد. هذا النظام لا يملك أي مشروعية سياسية أو أخلاقية أو قومية أو حتى طائفية. ولكنه مع الأسف جعل من أبناء الساحل جنودا له وعبيدا... أخافهم وأذلهم... فهو يقتل بهم من جهة ويقتلهم من جهة ثانية... يرسل جند الطائفة إلى الموت في مواجهة الثورة وليس في مواجهة العدو فيقتلون ويُقتلون في حرب قذرة هدفها الأوحد خطف السلطة والاستئثار بها لعائلة تتفرد بالسلطة وتحيط بها ثلة من القتلة والمأجورين.

لماذا عليكم أن تدفعوا هذا الثمن الغالي... فضباطكم وأبناؤكم يُقتلون ويقتلون... ولكن في أية ساحات من ساحات المجد والانتصار يقتلون ويقتلون؟.... هل يقتلون يستشهدون في الجولان المحتل؟... أم في حمص ودير الزور والنبك ودرعا داريا ودوما ضد الثورة والثوار؟.... يا له من موت في ساحات الوطن الداخلية ضد الثوار والأبرياء من أبناء الوطن... لا نامت أعين الجبناء. عندما يكبر أطفالكم ماذا سنقول لهم: استشهد آباؤكم في معركة داريا وحمص وحماه دفاعا عن الوطن أم دفاعا عن آل الأسد ومخلوف؟ دفاعا عن الحرية والكرامة أم دفاعا عن أهل الظلم والاستبداد؟

لقد حول النظام أبناءكم وأبناء غيركم من أبطال يدافعون عن الوطن إلى جند أذلاء يدافعون عن الطاغية والعائلة ونخبة من المتنفذين والقتلة والمأجورين... يا لبؤس الحال! حولهم النظام من جنود يرابطون على التخوم إلى سرايا دفاع وسرايا صراع وسرايا القصر وإلى شبيحة من طراز مجنون.

يا أبناء صالح العلي يا سادتي: كل الأحداث والجرائم التي يرتكبها النظام تنذر بحرب أهلية طائفية ضروس... تنذر بحرب تطهير مذهبي وعرقي شاملة إذا ما استمر النظام في غيّه وجنونه... فماذا تنتظرون لإيقاف هذه الحرب... ومن الذي سيدفع ثمنها ولصالح من؟ ومن أجل من؟ ومن هي نتائج مثل هذه الحرب؟ وما هي كلفتها في الإنسان والبشر والقيم والأخلاق؟

سوريا لم تعرف في تاريخها حربا مذهبية أو طائفية... ولكن هذه الحرب القذرة يبشرنا بها النظام ويأخذنا جميعا إليها نتيجة لتعسفه وجنونه ومجونه... وفي هذه الحرب الضروس إن اندلعت لا سمح الله.... أطفال كثر سيموتون.... نساء..... شيوخ....... شباب.... رضع... وستحرق الأرض إن هي اندلعت لتدمر فلا يكون هناك زرع ولا ضرع.... فماذا تنتظرون يا أولي الألباب....ألا تفعلون شيئا يوقف هذا الجحيم القادم الذي يبشرنا به النظام الحاكم... والذي نرجو الله ألا يحدث أبدا.

يا سادتي: آل الأسد وكبار شبيحته في مأمن من الخطر والوصول إليهم يحتاج إلى إبادة طوابير من الجند من أبنائكم الأبرياء الذين أُعدوا فقط للدفاع عن أهل الحكم عن الطاغية والظالم والقاهر المستبد... وسواد الشعب وأكثر فئاته فقرا ستكون حطب الحرب القادمة... فماذا تنتظرون؟

لقد حولنا النظام إلى أدوات في حربه وجنونه وعبثه وتسلطه واستبداده وطغيانه...لقد حولنا إلى جند وخدم وحشم ووضعنا جميعا في واجهة الفتنة ومن ثم جهزنا لكي نكون حطبها ووقودها المستعر.

لماذا يسقط أبناؤنا وأبناء سوريا في كل يوم؟ لماذا يموت الأطفال في الوطن ويقتلون؟ لماذا تذبح الناس؟ وتنتهك الأعراض؟ من أجل من لصالح من وما الغاية من ذلك كله؟ وماذا يقدم لنا ذلك كمواطنين أحرار في دولة حرة؟ هل يسقط هؤلاء جميعا من أجل استمرار طاغية في الحكم ؟ من أجل عائلة تسود وتهيمن ؟ من أجل مئة من المستفيدين وأصحاب النفوذ ؟

يا أبناء صالح العلي يا سادتي الكرام: انتفضوا فحروب الإبادة والتطهير المذهبي تدق الأبواب...هبوا دفعة واحدة.... هبة رجل واحد... استنكروا بالعلن بالقول بالفعل وليس بالصمت رذائل هذا النظام وطغيانه وإجرامه....قولوا للملأ بأنكم ترفضون هذا النظام بقضه وقضيضه وأنكم لا تتحملون وزر نقطة دم يسفكها القتلة على تراب هذا الوطن.

========================

المراقبون هم الوسيط بين المعارضة والحكومة

روبرت مود *

الأربعاء ٦ يونيو ٢٠١٢

الحياة

 أتفهم انتقاد حجم بعثة القوات الأممية في سورية وعجزها عن الانتشار في كامل الأراضي السورية، ولكن المراقبين لم يفوَّض إليهم إرساء الأمن، ودورهم الأبرز هو مد الجسور الى السلام، فهذه الجسور قد تنهار اذا بقي العنف على حاله، والحاجة ماسة إلى الخروج من الأزمة. وشاغلي هو الإشراف على تطبيق خطة كوفي أنان للسلام.

في عدد من المناطق، أحرزت بعثة المراقبين تقدماً، وتولت الوساطة بين الهيئات المحلية الحكومية وهيئات المعارضة، ونجحت في حمل الطرفين على احترام وقف النار، وفي تذليل بعض الخلافات بين الطرفين وتبادل الأسرى، ولا نزال نسعى الى توسيع رقعة أنشطة الوساطة المحلية لتعبيد الطريق امام الاستقرار.وغالباً ما يرحب الأهالي بالمراقبين، فالسوريون شعب مضياف، ولكن صبرهم إزاء المجتمع الدولي ينفد، وهم يشعرون بالخيبة، ويرغبون في ان يتدخل المجتمع هذا في سورية تدخلاً يحسِّن الاوضاع. ولا يملك المراقبون صلاحية وقف العنف. 

=================

مجزرة الحولة مرآة ضعف النظام السوري

كريستوف عياد وألكسندرا جينسِت *

الأربعاء ٦ يونيو ٢٠١٢

الحياة

لن يترتب تدخل عسكري خارجي على مجزرة الحولة المرتكبة في 25 أيار (مايو)، كما يشتهي المجلس الوطني السوري. لكنها تساهم في تقويض مكانة حكومة دمشق. وإعلان مجلس الأمن في اجتماعه الطارئ لم يحمّل مسؤولية مقتل 108 أشخاص (49 منهم أطفال) للحكومة تحميلاً مباشراً، لكنه ربط بين المجزرة و «قصف الجيش السوري المدفعي المتسلسل على منطقة سكنية». وتوسل الصيغة هذه لإرضاء موسكو المنحازة إلى نظام بشار الأسد والتي تواصل تزويده بالسلاح. لكن نص الإعلان يندد بانتهاك القانون الدولي والتزامات الحكومة السورية، ويطالب الحكومة هذه بوقف استخدام الأسلحة الثقيلة في المراكز السكنية. وإثر خروجهم من الاجتماع - وخلاله قدم الجنرال مور، رئيس بعثة المراقبين الأمميين في سورية، عرضاً للوقائع- لم يتستر قادة الدول الأوروبية على مواقفهم، ولم يخففوا نبرتها. فأعلن السفير الألماني أن المجزرة تحمل بصمات الحكومة السورية من غير لبس. «وما سمعناه في الاجتماع يظهر أن الحكومة السورية أخلت بمسؤولية حماية المدنيين واستهدفتهم عمداً بالأسلحة الثقيلة»، قال مساعد ممثل فرنسا لدى الأمم المتحدة، مارتان بريان.

ونسبت حكومة دمشق المجزرة إلى «العصابات الإرهابية المسلحة»، والمجزرة هذه تزيد العزلة الدولية لسورية. وفي غياب تحقيق مستقل، من العسير معرفة ما حصل في الحولة على وجه الدقة بين حمص وحماة. فالقصف أودى بحياة 33 شخصاً. وبحسب الروايات يبدو أن الجيش السوري قصف تظاهرة مناوئة للنظام صباح المجزرة. ورد «الجيش السوري الحر» المتمركز في وسط الحولة على القصف، وهاجم مركزين عسكريين. فثار غضب ميليشيا الشبيحة الموالية للنظام، وذبحت بالسلاح الأبيض المدنيين والأطفال.

وعملية الانتقام الواسعة هذه هي مرآة عجز الجهاز القمعي السوري عن وقف حركة الاحتجاج، سواء كانت سلمية أم مسلحة، على رغم عدم تراجع قدرته على القتل. وثمة تفسير آخر للعنف في الحولة، فهو كذلك رد على هجمات ناجحة للجيش السوري الحر ألحقت بالنظام ضربات موجعة. ففي دمشق نفذ عملية تسميم قيادات عالية قد تكون تكللت بالنجاح وأودت بحياة عدد منهم. ويدور الكلام على أن آصف شوكت، صهر الرئيس الأسد، في عدادهم. وفي الرستن، معقل المعارضة على بُعد 20 كيلومتراً من الحولة، صدّ الجيش الحر هجمات النظام. ويبدو أن الجيش السوري الحر ليس قادراً على اختراق القيادات العليا السورية فحسب، بل هو قادر على إلحاق خسائر كبيرة في صفوف القوى النظامية إثر حيازته صواريخ مضادة للدبابات يرجح أن دولاً عربية مدته بها.

وعلى رغم تعاظم وتيرة التمرد المسلح، لم تفتر التظاهرات السلمية. وثمة حادثة لا يستهان بأهميتها وقعت أثناء مجزرة الحولة في 25 أيار الماضي: انضمام حلب، ثاني أكبر مدينة في سورية، إلى سلسلة التظاهرات الحاشدة التي تعم المدن والبلدات السورية. وطوال وقت طويل، دارت التظاهرات في حلب وراء أسوار الحرم الجامعي، وتظاهرات يوم الجمعة 25 أيار كانت الأكبر منذ بدء الثورة في آذار (مارس) 2011.

وانضمام حلب إلى الثورة ربما هو وراء شن المروحيات العسكرية هجمات على بلدات كردية واقعة بين حلب والحدود التركية. فالنظام يخشى بروز منطقة «محررة» شمال سورية تجمع إدلب وحلب وتكون منصة لتدخل عسكري كما حصل في بنغازي. وثمة مصدر خطر ثالث يتهدد النظام: المجموعات «الجهادية» التي رفعت وتيرة استهداف أجهزة الاستخبارات والضباط. وأمام التظاهرات الضخمة وهجمات «الجيش السوري الحر» التي تحاكي حرب العصابات، والهجمات الإرهابية، يشعر النظام بأن الأمور تخرج عن طوعه. وقد يستنتج أن جولات المراقبين الأمميين أججت الاحتجاجات السلمية والمسلحة، فيسعى إلى وضع حد لها ليتحرر من قيدها.

 * مراسلان، عن «لوموند» الفرنسية، 29/5/2012، إعداد منال نحاس 

=================

موسكو تملك حل الأزمة السورية

فيودور لوكيانوف *

الأربعاء ٦ يونيو ٢٠١٢

الحياة

 لا شك في أن مجزرة الحولة السورية التي راح ضحيتَها أبرياء يفوق عددهم مئة شخص بينهم عشرات الأطفال، هي حادثة مفصليّة في الأزمة السورية. وتحديد هوية القاتل أمر ثانوي، مهما بدا الأمر قاسياً ومفجعاً، ولو كانت المجزرةُ ثمرةَ مؤامرة حيكت ضد النظام السوري، فمسؤولية الحادثة تتحملها السلطة السورية، لأنها المسؤولة عن الأمن والنظام. وإذا لم تعد هذه السلطة قادرة على حفظ الأمن، وإذا كانت تسعى الى فرضه من طريق توسل القوة المفرطة، فقدت تلقائياً مشروعيتها.

وحري بروسيا أن تحسم موقفها من الحوادث الأخيرة، وألاّ تنسى أن موقفها الداعم لدمشق في مجلس الأمن ترتَّبَت عليه كلفة باهظة، فوجَّهَ العرب والمجتمع الدولي سهام النقد لها. لكن تمسك موسكو بموقفها جعل الحل في سورية مستحيلاً من دون موافقتها. ودعمت روسيا خطة أنان لأنها لم تنص على خروج الأسد من السلطة، وأثبت هذا الموقف أهمية الدور الروسي في الساحة الدولية، وأعاد الحلول إلى القنوات الديبلوماسية عوض استخدام القوة.

ولا يَخفى أن موقف روسيا لن يبقى على حاله، فحظوظ نجاح خطة أنان كانت أكبر لو جاءت قبل 6 أشهر، أمّا اليوم، فالأزمة السورية بلغت مرحلة لا فائدة ترتجى فيها من الحلول السلمية، فثمة عناصر ضالعة في الأزمة لا ترغب في إنجاح الوسائل السلمية. وهذه حال السلطة السورية التي فشلت في معالجة الأزمة ولا تريد ان تحافظ على مصلحتها عبر تطبيق خطة أنان. وجاءت السياسات الإصلاحية التي انتهجها النظام السوري متأخرة، ولم تكن فعّالة، ولم تعد ثمة فائدة من تأييد غالبية الشعب النظام، في وقت تحظى الأقلية بدعم خارجي قوي، ولعل الأهم هو أنها كسبت ثقة المجتمع الدولي.

على روسيا أن توجه إشارة واضحة الى الأسد بأنها فعلت كل الممكن، وعليه ألا يتوقع دعمها وأن يواجه الأزمة بمفرده. والمواجهات الجديدة على الساحة السورية تدفن خطة أنان وأيَّ اقتراحات جديدة لحل الأزمة. ولا ريب في ان موسكو لن تذهب إلى حدّ الموافقة على استعمال القوة على نحو ما حصل في ليبيا، لكنها لن تحمي سورية بعد اليوم من الضغوط الدولية.

وروسيا مدعوة الى اقتراح خطة بنّاءة تُنظّم عملية نقل السلطة في سورية سلماً، وعلى مراحل، وتمنح ضمانات ليس فقط للأسد وأعوانه، بل كذلك للأقليات، من الفئات الاجتماعية والطائفية التي تخاف الثأر المحتمل إذا استلمت الغالبية السنيّة السلطة، والتي كانت تشعر بالأمان في حكم النظام الحالي. ولا يستهان بعملية بناء النظام الجديد في سورية ليحاكي النظام اللبناني أو غيره، فهي على قدر من الدقة، ونجاحها رهن الدعم الدولي لها.

والحق أنّ أبرز بند في هذا الاقتراح هو تنحي الأسد طوعاً، ومثلما أدت المملكة العربية السعودية دور الفيصل في حل الأزمة اليمنيّة، على روسيا وإيران أداء الدور ذاته في الأزمة السورية، لتفادي أن تؤدي الحلول إلى انهيار مصالح البَلَدَين في سورية. وعلى رغم تشبث السلطات السورية بمواقفها، يحرك «ضغط» الحلفاء عجلة الحلول، فالبديل عن الحل «اليمني» هو استفحال الأزمة وتحوُّلها إلى مزيج من الفوضى العراقية والليبية واللبنانية.

* محلل سياسي، عن «موسكوفسكي نوفوستي» الروسيّة، 30/5/2012، اعداد علي شرف الدين

=================

عواقب التدخل الإنساني في سورية تقوّض النظام العالمي الوستفالي

هنري كيسنجر *

الأربعاء ٦ يونيو ٢٠١٢

الحياة

 غالباً ما تَربط المناقشاتُ بين الربيع العربي والديموقراطية وآفاقها. وتعاظمت أخيراً الدعوات الى التدخل الخارجي في سورية لتغيير النظام، لكن مثل هذه الدعوات يقوِّض معايير النظام العالمي ويقلبها رأساً على عقب.

برز مفهوم النظام العالمي هذا عام 1648، إثر إبرام معاهدة وستفاليا التي ختمت 30 عاماً من الحرب. في ذلك النزاع، عَبَرَتْ جيوش السلالات الحاكمة المتنازعة الحدود السياسية لفرض معتقداتها الدينية. وفي القرن السابع عشر، راح ضحيةَ الصيغةِ الشائعة يومَها لتغيير النظام، نحو ثلث سكان أوروبا الوسطى. كان الهدف من إبرام معاهدة وستفاليا الحؤولَ دون أن يعيد التاريخُ نفسَه، وإرساءَ الفصل بين الشؤون الداخلية للدول والشؤون الدولية، حيث اعتُبرت الدول سيدةً على ارضها وداخل حدودها، وقُصرت الشؤون الدولية على التفاعل بين الحدود الراسخة. ورأى الآباء المؤسسون أن مفهومَي المصالح الوطنية وميزان القوى يقيِّدان دور القوة ويلجمانها، ونشرت الديبلوماسية الأوروبية النظام الوستفالي في العالم، وعلى رغم أنه تقوَّضَ إثر الحربين العالميتين وبروز الشيوعية الدولية، بقيت «الدولة–الامة السيدة» نواةَ النظام العالمي.

لم يتطابق النظام الوستفالي يوماً تطابقاً كاملاً مع أنظمة الدول في الشرق الاوسط، فثلاث فقط من دول هذه المنطقة لها جذور تاريخية: تركيا ومصر وإيران، أما حدود الدول الأخرى، فهي ثمرة تقاسم القوى الفائزة في الحرب الأولى غنائمَ الإمبراطورية العثمانية الآفلة، من غير احتساب الانقسامات الإثنية او الطائفية احتساباً دقيقاً. لذا، لم تستقر حدود هذه الدول، وزعزعتها تحديات عسكرية.

وتتربع الديبلوماسية المنبعثة اليوم من الربيع العربي محلَّ المبادئ الوستفالية التي تُعلي شأنَ الحفاظ على توازن القوى، وترجِّح كِفّة عقيدة التدخل الإنساني، فينظر المجتمع الدولي الى النزاعات الأهلية على أنها شؤون ديموقراطية، أو شؤون طائفية، وتدعو القوى الخارجية الحكومةَ الحالية الى مفاوضة خصومها لنقل السلطة، لكن الدعوات هذه لا تلقى صدى، في وقت يخوض الطرفان، السلطة والمعارضة، حربَ بقاء. وحين يبدو ان قوتَي الطرفين المتواجهين متعادلتان، يَكسر التدخلُ الخارجي، على مستوياته المختلفة، دائرةَ النزاع المغلقة، عبر ترجيح كِفّة طرف على آخر.

ويتمايز هذا النوع من التدخل الإنساني عن الشؤون الخارجية التقليدية، عبرَ تجنب الكلام عن المصالح القومية او موازين القوى، إذ يُعاب على مثل هذه المصالح او الموازين افتقارُها الى الأخلاق. ويسوَّغ التدخل الإنساني تسويغاً «ذاتياً»، قوامه تغيير ظروف تنتهك مبادئ الحوكمة العامة والجامعة، وليس التصدي لخطر إستراتيجي. وإذا كُرِّس التدخل الإنساني واحداً من مبادئ السياسة الخارجية، اضطرت الاستراتيجية الأميركية الى جواب عدد من الأسئلة: هل أميركا ملزمة دعم كل انتفاضة شعبية ضد أي حكومة غير ديموقراطية، ومنها الحليفة أو المهمة في ميزان استقرار النظام العالمي؟ وهل هي مستعدة للسماح لدول أخرى بالتدخل في دولة ما لدواعي التضامن الديني أو الإثني؟

ويبرز مبدأ التدخل الإنساني في وقت لم تتبدد المترتبات الإستراتيجية التقليدية لمثل هذه الخطوة. فتغيير النظام يترتب عليه واجب بناء الدولة، وإذا أُخل بمثل هذه المترتبات تداعى النظام الدولي وتهافت، لتغلب كفة المناطق التي تغيب عنها سلطة الدولة والقانون على كفة الدول، على نحو ما حصل في اليمن والصومال وشمال مالي وليبيا وشمال غربي باكستان وما قد يحصل في سورية، وانهيار هذه الدول قد يحول أرضها معقلاً للإرهاب او لتهريب الأسلحة إلى دول الجوار.

في سورية، تتقاطع الدعوات الى التدخل الإنساني مع التدخل الإستراتيجي، فسورية هي في قلب العالم الإسلامي، وساهمت في دعم استراتيجية إيران في المشرق ومنطقة المتوسط، ودعمت حركة «حماس» التي ترفض الاعتراف بإسرائيل، و «حزبَ الله» الذي يهدِّد تماسك لبنان بالانفراط. فسقوط نظام الأسد يصب في ميزان الدواعي الأميركية الاستراتيجية والإنسانية في سورية، ولكن إذا شُنّت الحرب لحماية كل مصلحة استراتيجية، انتفى دور الديبلوماسية.

ولكن من أين للولايات المتحدة وهي تسرِّع وتيرةَ الانسحاب من افغانستان بعد العراق، تسويغُ الالتزام العسكري في المنطقة هذه مجدداً، وهو حافل بتحديات مماثلة للتحديات العراقية والأفغانية؟ وهل المقاربة الجديدة- وهي تميل إلى القضايا الأخلاقية والديبلوماسية أكثر مما تميل الى القضايا الاستراتيجية والعسكرية- تذلِّل النزاعات التي شابت الحملة الأميركية في العراق وأفغانستان وانتهت الى الانسحاب وانقسام اميركا؟ ومَنْ هي الجهة التي ستحل محل القيادة المطاحة؟ وماذا نعرف عنها؟

إن الفرق بين التدخل الاستراتيجي والتدخل الإنساني كبير، فالعالم يرهن التدخل الإنساني بالإجماع، ومثل هذا الإجماع عسير التبلور عُسراً يقيِّد التدخل، لو أُقر وحصل. والتدخل الأحادي أو القائم على حلف الراغبين، يثير مخاوف دول مثل الصين وروسيا من انتهاج النهج ذاته إزاءها. وعقيدة التدخل الإنساني يتهددها ان تبقى موقوفة ومعلقة بين قيمها والقدرة على إرساء هذه القيم.

ويفترض التدخل العسكري، سواء كان استراتيجياً او إنسانياً، إجماعٌ على الحوكمة إثر اطاحة الستاتوكو (توازنات الأمر الواقع)، وهدف سياسي واضح وفي المتناول في مدة زمنية مقبولة في الداخل الأميركي. وأشك في أن القضية السورية تصمد أمام امتحان هذين الشرطين، الإجماع والهدف، فجعل التدخل مقتصراً على إطاحة حاكم ما يُفضي الى حرب أهلية جراء الفراغ السياسي وتنافس الجماعات المسلحة على الحكم، وتدخل القوى الخارجية تأييداً للأطراف المتنازعة.

ولا يسع الولايات المتحدة التورط بنزاع عسكري غير محدد الأهداف ينحو الى الطائفية، وفي معالجة مأساة إنسانية يجب الحرص على تفادي التسبب في أخرى. 

* مستشار الأمن القومي الاميركي بين عامي 1973 و1977، عن «واشنطن بوست» الأميركية، 1/6/2012، إعداد منال نحاس. 

=================

نظام في مأزقه الأخير!

ميشيل كيلو

الشرق الاوسط

6-6-2012

يقف العالم مكتوف اليدين وهو يتفرج على النظام السوري الذي يذبح شعبه من الوريد إلى الوريد. منذ ستة عشر شهرا والنظام لا يفعل شيئا غير إرسال جيشه وأمنه من مدينة إلى مدينة ومن قرية إلى قرية، تنفيذا لسياسة يشرف على تطبيقها ضباط وجنود أنفق الشعب حر ماله على إعدادهم كي يحاربوا إسرائيل ويحرروا الأرض السورية المحتلة، وها هم يستخدمون «مهاراتهم» الحربية ضده، ويشنون عليه حربا عوانا لا رحمة فيها ولا شفقة، طاولت المواطنين كبارا وصغارا، شيبا وشبابا، رجالا ونساء، ولم تترك طفلا أو رضيعا إلا وأوصلت إليه جرعة عنف كافية كثيرا ما أودت بحياته، حتى ليمكن القول لمن يخوفون سوريا من حرب أهلية: إن هذه لن تقع، لأنه توجد في سوريا اليوم حرب لا تقل سوءا عنها هي حرب السلطة ضد المجتمع عامة والمتظاهرين خاصة، وهي تستمر بلا انقطاع رغم أنها فشلت فشلا ذريعا، وأخذت تهدد بالتحول إلى مقتلة إقليمية مخيفة، سيمليها على النظام هروبه إلى الأمام تخلصا من هزيمته الاستراتيجية الكبرى، التي أدخلته في طريق مسدود يتجسد في عجز «إنجازاته» الجزئية، أي مجازره التي يرتكبها هنا وهناك، عن قلب ميزان القوى لصالحه، رغم تصريحات قادته التي قالت خمس مرات إلى اليوم إن الأمن قهد استتب والهدوء قد عاد كما قال بشار الأسد نفسه مرات متكررة، و«الأزمة صارت وراءنا»، على حد قول بثينة شعبان قبل عام كامل، وغيرها وغيرها من تصريحات تطمين الذات التي أدلى بها المسؤولون شهرا بعد شهر ويوما بعد يوم، بينما يحدث انقلاب تكتيكي بطيء لصالح الثورة، التي لا تعرف فقط كيف تخوض مظاهراتها السلمية، وإنما تدير بكفاءة متصاعدة معاركها الإعلامية، وتدافع عن نفسها بنجاعة أكبر، رغم حشد العتاد المتفوق الذي يستخدمه النظام ويوظفه خارج أي معايير وطنية أو إنسانية.

يصعب على الإنسان العاقل فهم الطريقة التي يرى النظام الأزمة من خلالها. كيف يرى النظام على سبيل المثال أن حله الأمني قد أدى الغرض منه، إذا كان عدد المسلحين قليلا جدا عند بدء تطبيقه، هذا إذا كان هناك من هو مسلح أصلا، وصار اليوم أكبر بكثير مما كان عليه في أي وقت خلال سنوات حكم البعث التي قاربت الخمسين؟ وكيف يعتبر أنه انتصر، إن كانت دمشق مدينة آمنة كما زعم طيلة عام كامل، وصارت اليوم مدينة متفجرات ومعارك تستخدم «قوات المعارضة» - حسب تسمية جهاد مقدسي الناطق باسم الخارجية السورية في آخر مؤتمر صحافي له - فيها الصواريخ المضادة للدبابات ومدافع الهاون؟ وأي هدوء واستتباب أمن هذا الذي يجعل شارعا طوله أكثر بقليل من قرابة كيلومتر واحد مقطوعا بأربعة حواجز مسلحة قابلة للزيادة من خلال الحواجز الطيارة؟ وأي نجاح يجعل فرعا أمنيا يضم عشرات آلاف العناصر والضباط يرفض منذ بعض الوقت الذهاب إلى أي مكان إلا إذا حرست قوات الجيش النظامي، المسلحة في الغالب بالدبابات، عناصره ودورياته؟ أخيرا، عن أي انتصار يتحدثون إن كان النظام يوجد حيث توجد دباباته، ويختفي في كل مكان تنسحب منه، وكان مضطرا لإرسالها عشرات المرات إلى كل مكان، ليثبت أنه ما زال موودا هناك خلال الأيام القليلة التي يرابط أثناءها فيها، قبل أن تضطره المظاهرات وحركات العصيان إلى مغادرتها لغزو أماكن أخرى؟

لا جدال في أن طريقة معالجة الأزمة السورية بالعنف أثارت دهشة المعجبين بالنظام، واستهجان المنصفين من مراقبي الحدث السوري، وإدانة خصوم السلطة الأسدية. لم يفهم حتى المقربون من هذه السلطة كيف يمكن لعنف حل أزمة لا يصلح لحلها، تفيد معها الوسائل والتدابير السياسية والاقتصادية والاجتماعية الصحيحة، وتفشل التدابير العنيفة، خاصة إن كانت حمقاء وتجافي أي حساب عقلاني وتعتمد سياسات القتل الأعمى والتصعيد المفرط. وقد نصح كثيرون من أصدقاء النظام قيادته بالابتعاد عن العنف، والتصدي للأزمة بوسائل سلمية تلبي مطالب الشعب وتتفادى مواجهة علنية ومتفاقمة معه. ورغم أن هذه وعدت أن لا تسفح نقطة دم سورية واحدة، وأن تجري إصلاحا قالت إنه سيتم خلال أسبوع واحد، فإن ما حدث كان مفجعا بجميع المعاني والمعايير، فهو لم يتناقض فقط مع مزاعم وأكاذيب أهل السلطة حول حبهم للشعب وتعلقهم بأمانيه، بل كشف كم هم عاجزون عن فهم الواقع، وكم يؤكد عجزهم وإفلاسهم وبالتالي نهاية دورهم في حياة سوريا وقرب سقوطهم.

من المحال، بعد ستة عشر شهرا من الفشل الرسمي، أن ينجح النظام بأي وسيلة أو سياسة كانت في قلب موازين القوى لصالحه. ومن الصعب أن يستعيد زمام المبادرة، بسبب تغير البيئة السياسية السورية وتخلق نمط جديد من الوطنية يقوم على الحرية والتفاعل المجتمعي المفتوح ويشحن الشعب بالإصرار على مواصلة النضال من أجل حقوقه وحرية وطنه واستقلاله، وتبلور واقع جديد ينسف الواقع الذي أقامته السلطة واحتجزت المواطن فيه، بعد أن سلبته كل ما من شأنه مساعدته على تقبل العيش مع نظام لم يقلع يوما عن إخافته واضطهاده ونهبه وإفساده، وتقويض أسس مجتمعه والتفريط بوطنه، ولم يترك له خيارا غير الثورة عليه، لاستعادة ما سلبه إياه.

رغم جراحه وآلامه وموته، يشعر الشعب السوري بالتفاؤل لأن خصمه أثبت بأدلة كثيرة قاطعة أنه يمتلك قدرا عظيما من الغباء وسوء التقدير والتدبير، وأن غباءه سيلعب دورا لا يستهان به في سقوطه المؤكد وربما الوشيك. بالمقابل، يثق الشعب بخروجه منتصرا من محنته، رغم ما يتكبده من تضحيات كان آخرها مئات الشهداء والجرحى في بلدة الحولة الصغيرة، وامتداد فترة الصراع، وسلبية معظم دول العالم حيال حياته وحقوقه!

تجتاز سوريا القطوع الصعب، الذي بدا أول الأمر مستحيلا، ويتحول بقوة وإرادة الشعب الحر من أمل إلى واقع لا سبيل إلى إلغائه: بغباء القوة أو بقوة الغباء!

=================

سوريا.. العودة إلى موسكو!

طارق الحميد

الشرق الاوسط

6-6-2012

دعا الأمير سعود الفيصل الروس إلى إعادة النظر في موقفهم من سوريا، وحثهم على تأييد الانتقال السلمي للسلطة بدمشق، بينما قال المتحدث باسم البيت الأبيض الأميركي إن واشنطن بدأت التحضير لمرحلة ما بعد الأسد، في نفس الوقت الذي قال فيه نائب وزير الخارجية الروسي إن بلاده لا تعتبر بقاء الأسد في السلطة شرطا مسبقا لتسوية النزاع هناك، فما الذي يحدث؟

الواضح من جملة هذه التصريحات المهمة أن هناك شبه إجماع على فشل مهمة كوفي أنان، خصوصا أن وزير الخارجية السعودي يقول: «لقد بدأنا نفقد الأمل في الوصول إلى حل عن طريق مبادرة أنان، وإذا لم يتخذ مجلس الأمن الدولي قرارا بموجب الفصل السابع فلن يتم تطبيقها»، بل إن أنان نفسه أبدى تشاؤمه حيال ما يحدث في سوريا، وقال إنه محبط، والأهم من كل ذلك أن خطاب الأسد الأخير أكد أنه لا أمل في تعاون طاغية دمشق مع أي جهد دبلوماسي يبذل تجاه الأزمة السورية، فآلة القتل لم تتوقف قط منذ اندلاع الثورة منذ عام ونصف تقريبا. ومن هنا يبدو أن العرب والمجتمع الدولي باتوا ينوون التحرك دبلوماسيا مرة أخرى عبر روسيا، خصوصا إذا تذكرنا التسريبات الأميركية عن أنه بوسع موسكو أن تلعب دورا في سوريا على غرار المبادرة اليمنية التي أخرجت صالح من حكم اليمن.

والسؤال هنا: حتى لو كانت موسكو تنوي تغيير موقفها فعليا في سوريا، كما طالبها الفيصل، بل والمجتمع الدولي، فهل بوسع موسكو إخراج الأسد من السلطة؟ أشك، لكن أهمية التعاون الروسي اليوم تكمن في أنه أقل الأثمان كلفة، وقد يضمن التحرك وفق شرعية دولية، للتعامل مع طاغية دمشق. فمجرد وقوف روسيا موقفا إيجابيا تجاه الأزمة السورية، وابتعادها عن دعم الطاغية، فإن من شأن ذلك أن يشكل ضغطا على الأسد، وأتباعه في الداخل. فحينها سيكون الأسد بلا غطاء دولي، وتحديدا في مجلس الأمن، مما يتيح إمكانية العودة للمجلس مرة أخرى، لتكون خطة أنان تحت الفصل السابع، كما يطالب الفيصل، ومعه المجتمع الدولي، مما يعني أن هناك قرارا دوليا حقيقيا وفعليا لإنهاء حقبة الأسد، أو لاتخاذ خطوات عملية أخرى، وهي الرسالة التي سيفهمها حلفاء الأسد في الداخل جيدا.

فمجرد العودة إلى مجلس الأمن، وبدعم، أو حياد روسي، فمن شأن ذلك أن يفتح أبعادا كثيرة، فإما تأمين المناطق العازلة تحت مظلة دولية، أو استخدام القوة ضد طاغية دمشق، ومن شأن ذلك كله أن يدفع إلى انشقاقات أكبر في المؤسسة العسكرية الأسدية، التي قد تحسم الأمر بانقلاب داخلي، ودائما ما يخالجني شعور بأن هذا ما ستؤول إليه الأمور في دمشق، كما من شأن التحرك تحت مظلة مجلس الأمن الإسراع بانهيار منظومة الأسد الهشة، حيث ستكون رسالة حاسمة مفادها أنه لا أمل في بقائه.

هذا هو المؤمل من التغير الروسي، وفق ما يبدو للآن، لكن يجب أن تكون هناك خطة بديلة للتعامل مع الأسد، وكما قلنا مرارا، لا بد من الشروع في تحالف الراغبين، فآلة القتل الأسدية لم تتوقف قط، وهذا ما يجب تذكره دائما.

=======================

مأزق العرب الأخلاقي تجاه المحنة السورية

الإثنين - 04 يونيو 2012م

جاسر عبدالله الحربش

الجزيرة السعودية

لا يوجد في كل الشرائع والأعراف ما يعفي العرب من تقديم الواجب الشرعي والقومي والتاريخي تجاه المأساة الكبرى في سوريا.كل ما قدموه حتى الآن يدور حول تحميل الجريمة للقاتل ومطالبة الضمير العالمي بالتدخل مع استمرار الصمت المخجل عن جوهر المأساة. الجوهر المسكوت عنه هو التخاذل عن الفعل في انتظار تدخل القوى الغربية بتفويض من مجلس الأمن لإنقاذ الدماء والأعراض من الفئة الباغية. النص القرآني الصريح يأمر بقتال الفئة الباغية حين يتعذر الإصلاح، والإصلاح في سوريا من أضغاث الأحلام. تدخل الغرب بتفويض من مجلس الأمن سوف يأتي فذلك أمر محسوم، ولكن ليس قبل أن تنضج التفاحة السورية وتصبح مهيأة للتقطيع والاقتسام مثلما حصل للتفاحة العراقية.

 

صراخ العرب يصم الآذان، وكله يدور حول اتهام أمريكا والغرب بالتراخي والتسويف في التدخل، واتهام إيران وروسيا والصين بالتواطؤ مع القتلة. المعنى المبطن لهذا هو أن العرب كمجموعة هائلة من الحكومات والجيوش والأموال والبشر تريد أن تبقي نفسها خارج المسؤولية حيال ما يحدث في سوريا. هذا الكيان العربي الهائل المحيط بسوريا ليس مستعدا حتى للاعتراف بأن سوريا التي تنتمي إليه بشعبها وتاريخها ودينها تفرض عليه واجب الظهور أمام العالم بموقف شرعي قومي إنساني موحد لإنقاذ الأطفال من الذبح والنساء من الاغتصاب ودور العبادة والمساكن من التهديم على رؤوس الناس. ليس أسوأ من التهرب من استحقاقات المسؤولية الشرعية والقومية والتاريخية سوى الصمت الجماعي حتى عن الاعتذار الصريح أمام الله بقلة الحيلة والعجز عن الفعل مثل الأمم الأكثر قدرة على الأفعال والأقل قدرة على الكلام.

مراقبة الإطار الذي تتحرك فيه الاستراتيجية الغربية (مع إسرائيل في تركيبتها العضوية) تجعل من المفهوم والمنطقي ألا يحس المخطط السياسي الغربي والإسرائيلي بوخزات ضمير مؤرقة لما يحدث في سوريا. العكس هو الصحيح، والمفترض أن تشعر التطلعات الغربية ذات النفس الاستراتيجي الطويل بالارتياح لأن ما يجري امتداد لما تم إنجازه في العراق، ويتماشى مع سياق التفكيك ثم إعادة التركيب التي تحدثت عنها وزيرة الخارجية السابقة كوندوليزا رايس كثيرا في زياراتها المتكررة للشرق الأوسط، ولأنه يسير أيضا في سياق الترويج لتقبل الصورة عن الوحش الخرافي الذي اختلقوه ونفخوا فيه وزرعوه في صراع الحضارات، بينما هو في الحقيقة مجرد فكر انفعالي لا حول له ولا قوة سوى القيام ببعض التشنجات الإرهابية العصبية هنا وهناك، وأكثرها حدث هنا وليس هناك. باختصار، الانتظار حتى تكتمل المأساة بتفتيت سوريا إلى مقاطعات تتوسل الغرب للتدخل هو من صميم المصالح الإسرائيلية والغربية.

 

ماذا عن إيران وموقفها من المأساة في سوريا؟. النظام الإيراني كيان سياسي عنصري في تركيبته الدستورية والإدارية مهما زعم الدفاع عن الإسلام والمسلمين، تماما مثل النظام السوري. إيران هذه لبست ثوبا تمويهيا فوق ثوبها القومي الأصلي وتسللت إلى قلوب العرب عن طريق أداء المقاومة اللبنانية المتميز ضد الطغيان الإسرائيلي، وتأييدها للمقاومة الفلسطينية علنا بينما الحكومات العربية تتهرب من الإفصاح، وعن طريق الحملات الإعلامية الذكية مستغلة احتقان المواطن العربي ضد أوضاعه الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. لكن وكالعادة لابد للكاذب مهما كان ذكيا أن ينكشف، وحصل ذلك أولا في العراق أثناء وبعد الغزو الغربي، ثم من خلال أحداث اليمن والبحرين، ثم وبصورة أشد قبحا ووضوحا من خلال التصاقها الإجرامي بالنظام السفاك في سوريا. إيران أيضا تلعب لعبتها القومية الإستراتيجية ببعض البيادق العربية مثلما تفعل القوى الأخرى. صراخها هنا وسكوتها هناك يتناقض مع أية مصداقية دينية أو إنسانية. إيران مشارك فاعل في المأساة السورية عن عمد وسبق إصرار لأن ذلك يدخل في صميم مصالحها القومية، لكن على المغفلين الملعوب بهم من العرب أن يتنبهوا لذلك جيدا اتجاه إيران وكل القوى الأخرى.

 

الموقف الروسي والصيني يسهل فهمه، إذ لا أواصر دينية ولا إنسانية ولا وشائج قربى تربط الدولتين بالمنطقة، فالموضوع لهما مجرد جزء من الصراع بين القوى الكبرى لتقاسم الأقليات والكيانات الصغيرة ومناطق النفوذ. في المحصلة النهائية كل طرف يلعب لمصلحته القومية بالأساس ماعدا العرب فإنهم ملعوب بهم ضد مصالحهم بالجملة والتفصيل. العرب ينتظرون الفرج من الشرق والغرب، بينما هم يغوصون في مأزق قومي إنساني وأخلاقي وشرعي، ولا يفكرون حتى في التباحث حول عمل جماعي يتشاركون في تحمل مسؤولياته.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ