ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 03/06/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

روسيا المحرجة.. الكلام لا يكفي

2012-06-02

الوطن السعودية

لأول مرة منذ اندلاع الأزمة السورية، تخرج روسيا بموقف كلامي شبه معتدل على لسان رئيسها فلاديمير بوتين أمس بعد اجتماعه مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، مفاده أن موسكو لا تدعم أي طرف من أطراف الصراع في سورية.. وهو ذات الكلام الذي نطق به وزير خارجيته لافروف بعد محادثاته مع نظيره البريطاني وليام هيج، ويبقى السؤال: هل تبدل الموقف الروسي فعلا أم هي تقية سياسية؟

الواقع يقول إن موسكو لن تبقى متمسكة بالأسد إلى الأبد في ظل العزلة السياسية التي يعانيها بعد الطرد الجماعي لسفرائه في كثير من الدول الكبرى إثر مجزرة الحولة، إذ إن المتنفس الدولي الوحيد حاليا للحكومة السورية يتمثل بالمبعوث الأممي والعربي كوفي عنان الذي أعلن أمس من بيروت أن الكثير من نقاط خطته لم يطبق بعد.

وقوف موسكو إلى جانب نظام الأسد منذ اندلاع الثورة هناك ما هو إلا محاولة منها للحفاظ على مصالحها على الأراضي السورية. ومع وصولها أمس إلى قناعة بأن نذر حرب أهلية تلوح بالأفق قد تهدد مصالحها فإنها قد تكون مستعدة للتضحية بالنظام الأسدي مقابل الإبقاء على مراكز قوتها في المنطقة إذا ما تفاهمت مع القوى الدولية على ذلك.

ومنذ مجزرة الحولة، ونظام الأسد يحاول بشتى الوسائل لي عنق الحقيقة.. وهو الأسلوب الذي اتبعه منذ بداية الأزمة، ولم يتوان في استثمار أي محفل دولي للتسويق إلى ضلوع من يصفهم ب"الجماعات المسلحة" في تلك المجزرة، وكان آخر ذلك ما ورد على لسان مندوبه في مجلس حقوق الإنسان العالمي الذي وصف إدانة المجزرة ب"المتاجرة السياسية الرخيصة".

ومقابل الاتفاق الدولي الذي يسعى إلى تجنيب سورية الخيار العسكري، يتعين على كافة القوى المؤثرة الضغط على نظام الأسد لتطبيق خطة عنان التي تمثل طوق النجاة الأخير لعدم ذهاب الأوضاع الميدانية في سورية إلى أسوأ مما هي عليه الآن.

وإن كانت روسيا، وهي الحليف الأقرب لنظام الأسد، محرجة من مجزرة الحولة، وغير آبهة بالاتهامات التي تروج لها الحكومة السورية للجماعات المسلحة، فإنه يتعين عليها ترجمة ما أصاب سمعتها من تلوث بأفعال على أرض الواقع، فالكلام وحده في مثل هذه الأحوال لا يكفي.

=================

في سورية.. السبق الصحفي "عدد الضحايا"!

عضوان الأحمري

الوطن السعودية

2-6-2012

في سورية، المشهد يتكرر بشكل يومي، والمجازر في ازدياد. صور الأطفال المروعة تنتشر كل يوم أكثر من الذي سبقه، والناقل: صحفي أو سوري شاهد على المجزرة.

في سورية، الإعلام ناقل أكثر منه ناقداً، والصحفيون يتفاخرون بنقل أخبار المجزرة، والإعلام الأميركي، بكل غباء، لا يستحي من النقل وكتابة المقالات والآراء عن سورية، لكنه يستحي ويخجل من ذكر أسباب عدم التدخل العسكري.

لم يعقد المقارنات حتى ويسهب فيها ناقداً لموقف دولته التي اكتفت ب"التنديد" فقط، لكنها كانت أكثر تعطشاً للوعيد والقصف في الحالة الليبية قبل أن يقوم حلف شمال الأطلسي بالمهمة ويدك المدن الليبية دكاً حتى سقط معمر القذافي.

في سورية، الإعلام أصبح ساحة للمزايدين، لأخبار الفنانين والدعاة الذين يقتاتون على جراح وآلام اليتامى والضحايا... صورة للداعية، صورة للفنان، صورة للكومبارس حتى، يبتسم فيها الضحية رغماً عنه، وأحياناً يلتقطون الصور مع الأطفال، فيكون المشهد باسماً فيه براءة طفل تم استغلالها من أجل "فلاش".

في سورية، الحقيقة واضحة، لكن الإعلام يستحي من نقلها. الحسابات والموازين مختلفة، ولا أحد يعرف معيار الاختلاف، لكننا نتفق أننا جميعاً متواطئون، لأننا اعتدنا الصمت في مثل هذه المواقف، وإن تحدث أحدنا، كان موقفه "صفصفة حكي". في سورية، الصورة بلون الدم، ورائحة الدم. المشهد دموي، البعض يتأثر، ويظهر تأثره إعلامياً، وبعد دقائق تجده ضاحكاً مستبشراً في شأن آخر، ويموت أطفال سورية على يد الجزار، ويستحي الإعلام أن ينتقد الصمت الدولي ويبحث أسبابه، وتبدأ وسائل الإعلام التي تعاني من انحطاط مهني بتخويف أميركا من أن سقوط بشار هو سقوط لإسرائيل، ويصبح وقتها الإعلام مستخدماً من قبل المتنفعين لا خادماً للقضايا.

=================

قرار دولي شجاع

رأي الراية

الراية

2-6-2012

القرار الذي اتخذه مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة امس بمطالبة لجنة التحقيق الدولية اجراء تحقيق خاص حول مجزرة الحولة التى ارتكبها نظامك الاسد قرار شجاع وايجابي ويمثل رسالة واضحة للنظام بان المجتمع الدولي لن يصمت من الآن فصاعدا على جرائمة وان الضمير العالمي قد استيقظ وانه حان وقت المحاسبة لينال النظام جزاءه ليس بسبب مذبحة الحولة فقط وانما على جميع جرائم الحرب التى ارتكبها بحق الشعب السوري منذ اندلاع الثورة ، فجميعها موثقة لدى المجتمع الدولي.

فليس من المعقول ان يستمر النظام السوري في تحديه للشرعية الدولية، والجميع يتفرج عليه ، فالنظام تحدي الجميع عربا ومجتمع دولي بشان خطة كوني عنان وواصل انتهاكه للخطة حتى وصل عدد ضحاياه الى اكثر من 2200 منذ اقرار الخطة ، ان المجتمع الدولي امام امتحان حقيقي وانه فشل حتى الان في هذا الامتحان وان مذبحة الحولة والتى ارغمت العديد من الدول الغربية على طرد الدبلوماسيين السوريين فيها تشكل تحديا خاصا للعرب ولذلك فان اجتماع اللجنة الوزارية العربية المعنية بالوضع في سوريا الذى تستضيفه الدوحة اليوم يجب ان تخرج بقرارات شجاعة ضد النظام بحيث تلزم جميع الدول العربية بقطع علاقاتها مع النظام وطرد سفرائه واغلاق جميع البعثات الدبلوماسية السورية بالعواصم العربية لان مثل هذه الاجراءت تجرد النظام من آخر اوراقها عربيا.

ان النظام السوري يسعى بكل قوة لجر سوريا لحرب اهلية بعمليات القتل والترويع المتواصلة والتى ترقي لجرائم ضد الانسانية وان وقف هذا المخطط يتطلب من المجتمع الدولي وقفة صارمة وقرارات جريئة خاصة وان النظام قد رفض كل المبادرات الاقليمية والدولية وانه اصبح غير مكترث بالقانون الدولي لحقوق الانسان وجميع المواثيق الدولية وان هذا التحدي يجب ان يواجهه تحدى مماثل من المجتمع الدولي.

ليس المهم فقط اصدار قرار دولي بالتحقيق في المذبحة وانما المهم الاجراء المطلوب ما بعد التحقيق حتى لا يفلت النظام من العقاب خاصة وان جريمة الحولة واضحة بجميع اركانها من حيث الجلادين والضحايا ولذلك فان الاجراء الدولي المطلوب بعد نتائج التحقيق يشكل امتحانا واختبارا لمدى جدية المجتمع الدولي ومدى صدقية قرارات مجلس حقوق الانسان الذى يمثل الذراع الدولي لحماية الشعوب من انظمتها المستبدة وان النظام السوري وبشهادة الجميع مستبد وجرائمه واضحة للعيان وآخرها مذبحة الحولة وان نتائج التحقيق التى يطالب بها مجلس حقوق الانسان قرائنها بينة فهي موثقة وبالتالي فان المطلوب فقط اجراء دوليا صارما ضد النظام وهذا هو المحك الذى يتنظر المجتمع الدولي والذى فشل في السابق في التعامل الجاد مع جرائم هذا النظام الامر الذى جعله يتحدى الضمير العالمي علنا.

=================

سورية والحل على الطريقة الرومانية

عامر أرناؤوط

عكاظ

2-6-2012

تدحرجت سريعا في الأيام الماضية خطوات مواجهة المجازر البشعة التي يقترفها النظام السوري وشبيحته، لا سيما مجزرة (الحولة)، التي أصابت العالم بذهول غير مسبوق، ذكرته بأيام التطهير العرقي في البوسنة والهرسك.هذا العالم الّذي منح «جلاد سورية» خمس فرص متتالية للقتل، أدرك أو ربما بدأ يدرك، أن هذا القاتل لن يستطيع أن يلغي إرادة الحرية لدى شعبه، وأنه ساقط لا محالة بيد الثوار الّذين يسطرون أبهى عناوين التضحية والفداء .ربما تكون الثورة وحاضرها ومصير النظام السوري ورقة حوار ساخنة في قمة المكسيك، الّتي تجمع بنهاية حزيران الجاري كلا من الرئيس الأمريكي أوباما، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين. هذا اللقاء على ما تقول «الواشنطن بوست» مناسبة لاتفاق الرئيسين، على حل لسورية، مشابه لما جرى في اليمن من عملية سياسية، قادت إلى تنحي الرئيس اليمني السابق صالح، والدخول في عملية انتقالية للسلطة قادها نائبه هناك.لكن سورية بالفعل تختلف عن باقي دول الحراك العربي، ففيها أبطش وأقسى الحكّام العرب، وأكثرهم دموية، بواقع سقوط أكثر من 15.000 شهيد حتى الآن، غير ما يمكن أن يتكشف عنه المشهد لاحقا، وليس فيها أيضا، وعبر سياسة ممنهجة لعقود من الزمن أي حراك سياسي معارض، محفوف بدولة أمنية مذهبية جائرة، أضف إلى ذلك أن راعي هذه الدولة هو «لص» سياسي غير صادق، ولا محب للعرب والمسلمين عموما، يتمثل في إيران .انطلاقا من ذلك، أعتقد أن مقاربة قمة المكسيك، لحلٍ المسألة السورية على الشاكلة اليمنية، سيشكّل مهلة جديدة سادسة للقتل وإبادة الشعب، كسابقاتها من المهل، وأن لا حل مع النظام السوري ورئيسه الجلاد، إلاّ (الحل الروماني)، الذي جعل من الشعب قضاة، وجعل من طلقات الإعدام منه رحمة للعالمين.

=================

الفوضى ومقدمات الحرب الأهلية

حسين العودات

التاريخ: 02 يونيو 2012

البيان

تنتظر دول العالم شرقها وغربها، الأوروبية والأميركية والعربية، فضلاً عن السياستين الروسية والصينية، أن تحل مبادرة عنان الأزمة السورية بمناسبة زيارته لدمشق، أو تضعها على طريق الحل، ويشاركها في هذا الرأي مجلس الأمن، والمنظمات الدولية، وتؤكد هذه الأطراف جميعها أن هذه المبادرة هي السبيل المناسب والفرصة الأخيرة للوصول إلى حل حقيقي لهذه الأزمة، وخارطة طريق لتفكيكها وصولاً إلى حل سياسي مقبول من الجميع داخلياً وخارجياً.

إن مبادرة كوفي عنان هي نفسها تقريباً مبادرة الجامعة العربية، وتمثل في الوقت نفسه رؤى الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومن المفروض أنها مبادرة جامعة مانعة، تستوعب الأزمة، وتضع لها حلولاً ناجعة توصل سوريا إلى بر الأمان، ويؤكد جميع المحللين والسياسيين ومعظم المراقبين ومراكز البحث والدراسات، أن هذه المبادرة قادرة إذا طبقت على تحقيق الأهداف، ولكن في الواقع تتراكم أكوام من الصعوبات والعقبات، تكاد تجعل تطبيقها متعذراً. وهذا ما تدركه جميع الأطراف ذات الشأن، إلا أن عدم وجود البديل الجاهز لديها يجعلها لا تفعّل مواقفها بإجراءات رادعة لمن يعرقل هذا التطبيق، بانتظار ظروف جديدة تساعد على إيجاد البديل، ويبدو أن صعوبة تطبيق المبادرة وعدم وجود بدائل جدية لها، أديا إلى سقوط الأزمة السورية في الرمال المتحركة التي يزداد خطرها كلما حاول من يقع فيها الخروج منها.

إن مبادرة كوفي عنان مؤلفة من قسمين: أولهما التهيئة لمقدمات الحوار السياسي وإيجاد المناخ المناسب لذلك وخاصة إعادة زرع الثقة بين السلطة والمعارضة، من خلال سحب الجيش من القرى والبلدات والمدن وإعادته إلى ثكناته، وإطلاق سراح المعتقلين الذين قد يتجاوز عددهم الثلاثين ألفاً، والسماح بالتظاهر السلمي، وتأمين حاجات المدنيين في كل مكان من سوريا، والسماح لوسائل الإعلام ومراسليها والصحافيين رصد الحراك الجماهيري السوري. أما القسم الثاني فهو الاتفاق على الحوار (مضامينه وأهدافه وأساليبه ومنهجيته).

 لكن الملاحظ أن السلطة السورية (رغم إعلانها أنها مع المبادرة) ترفض تحت أسباب ومبررات عديدة، إعادة الجيش إلى ثكناته بحجة مواجهة المسلحين والعصابات الإرهابية، كما ترفض السماح بالتظاهر السلمي تحت مبرر وجود مخربين وتآمر خارجي، ولا توافق على تقديم مساعدات للمدنيين إلا بطريقها، وتشترط أخذ تعهد من بعض الدول بعدم مساعدة الثوار السوريين، وبالتالي فإن السلطة السورية ترفض واقعياً جميع بنود المبادرة. إلا أن هذه السلطة لا تريد أن تعلن رفضها صراحة، رغم علمها بأنها لن تطبقها، وتمارس السياسة المحببة إليها وهي (قل ما يرضي الناس واعمل ما يرضيك) فليس من مصلحتها الرفض العلني للقرارات الدولية والعربية.

ومن المؤكد على أية حال أنها ترفض معظم متطلبات المبادرة بما في ذلك الحوار، وحتى لو قبلت الحوار فإنها تريده حواراً بين وفدين أحدهما من المعارضة والآخر من السلطة، يناقشان القوانين التي أصدرتها السلطة خلال الاثني عشر شهراً الماضية، باعتبارها قوانين إصلاحية (قوانين الصحافة والأحزاب والدستور الجديد والانتخاب وغير ذلك) وتعديل ما ينبغي تعديله منها، وهذا هو مدار الحوار الذي تقبل به السلطة السورية، أي أنه نقاش حول تعديل القوانين التي أصدرتها ليس إلا.

من طرف آخر ترفض المعارضة السورية، ويرفض الأوربيون والأميركيون ومعظم الدول العربية (والجامعة العربية أيضاً) البدء بالحوار قبل استكمال مقدماته، لأن ذلك هو السبيل الوحيد لبناء الثقة، وبالتالي فإن التناقض كبير بين هذه الأطراف وبين السلطة السورية، أما ما يتعلق بالحوار نفسه فإن هذه الأطراف ترى أنه يجب أن يكون حواراً يهدف إلى تغيير النظام إلى نظام ديمقراطي تعددي تداولي، وتكون مهمة المتحاورين تشكيل حكومة وحدة وطنية لها كل الصلاحيات بما فيها (صلاحيات رئيس الجمهورية) تقرر عقد انتخابات لمجلس تأسيسي يضع دستوراً جديداً يعرضه على الاستفتاء الشعبي، كما يكون لها حق إصدار قوانين وتشريعات تنظم الحياة السورية في المرحلة الانتقالية، وصولاً إلى نظام سياسي جديد مستقر.

وترى الأطراف جميعها (ضمناً) أن ذلك يعني تنحي الرئيس الأسد عن مهماته، سواء قبل عقد الحوار أم بعده. وواضحة الفروق الهائلة بين وجهتي نظر الطرفين. وعلى ذلك فإن مبادرة عنان من حيث الشكل والإطار العام والمضمون ربما تشكل مدخلاً لحل الأزمة، لكن التطبيق يقتضي اتخاذ إجراءات دولية جادة، فلا يكفي هذا الاتفاق الشكلي على أهميته، ولعل جميع الأطراف تعرف ذلك، وتوقن استحالة وصول المبادرة إلى حل جدي رغم شمولها بسبب هذه الصعوبات. إلا أن الجميع إما أنهم يخدعون أنفسهم أو يخدع بعضهم البعض الآخر، بانتظار ظروف أخرى تأتي على حصان أبيض.

وريثما يتم ذلك فإن الشعب السوري يقدم يومياً ضحايا جديدة، ودفقاً جديداً من دم أبنائه، فضلاً عن تحمله ضنك العيش ونتائج العقوبات الاقتصادية، والأزمات المعيشية التي تزداد يوماً وراء يوم، والنظام السوري، كما يبدو، غير مهتم بمصير شعبه ولا بتضحياته ولا بالأزمة الاقتصادية التي يواجهها، ولا يرى أنه مسؤول عنها، ومازالت الأولوية الأولى بنظر النظام، هي بقاؤه في السلطة بقضه وقضيضه وممارساته وقبضته الحديدية، دون أن يعترف لا بأزمته كنظام ولا بأزمة المجتمع السوري، ويلقي التبعات على الغير، وخاصة على الخارج (المتآمر على سوريا الممانعة).

يبدو أن جميع ذوي العلاقة ينتظرون، وأن الأزمة غرقت بالوحل، ويرى كثيرون أن سوريا مقبلة على الفوضى وعلى الحرب الأهلية، التي أصبحت مقدماتها واضحة، بل ربما قطعت خطوات في طريقها التقليدية، التي تبدأ بالعنف الذي يتصاعد إلى فوضى ثم إلى حرب أهلية وينتهي بحرب طائفية.

=================

الشعب السوري على حافة الحرب الأهلية

باتريك كوكبورن

المستقبل

يعرف الكثيرون في دمشق مقدار الأضرار التي أحدثها القتال في وسط البلاد.

تظهر في دمشق ملامح بسيطة لكنها خطيرة عن وضع يظهر في دمشق ملامح بسيطة لكنها خطيرة عن وضع غير طبيعي. يمنع الجنود الدخول إلى بعض الشوارع باستثناء العسكريين وعناصر الأمن. يتم توقيف شاحنات النقل الكبيرة على مداخل العاصمة خوفاً من الانتحاريين.

لقد عمقت مجزرة الحولة التي ذهب ضحيتها أطفال وأهاليهم الحس بالأزمة في دمشق، على الرغم من أن العديد من السوريين أصبحوا معتادين على العنف. وبخلاف بقية العالم الذي لا يركز على الوضع السوري إلا في حالات تسبب غضباً عارماً، بدأ الناس في دمشق يفقدون الشعور بالصدمة بعد سقوط أكثر من 13 ألف قتيل خلال الأشهر لخمسة عشر الأخيرة، وفقاً للتقييمات الحديثة.

لكن أكثر الملامح المثيرة للهلع بأن شيئاً ما ليس على ما يرام هو الفراغ، وغياب الناس والسيارات عن الشوارع التي غالباً ما كانت مزدحمة. العديدون يقبعون في منازلهم يركزون على مشاهد الأزمة التي تبثها محطات التلفزيون أو على الانترنت. وفي الفندق الدمشقي الذي أقيم فيه، أنا النزيل الوحيد.

وحتى الحكومة نفسها تبدو غائبة بشكل مريب، ربما لأن تركيزها هو في مكان آخر. اتخاذ القرارات في سوريا كان دائماً بطيئاً لأن العديد من هذه القرارات يجب أن تتخذ من قبل القيادات العليا، لكن الوضع اليوم أصبح أسوأ.

وقال ديبلوماسي أجنبي "أشعر أن المسؤولين من الدرجة الثانية لا يريدون اتخاذ أي قرار خوفاً من أن يصار إلى إلغائها من قبل المسؤولين المتشددين الأعلى رتبة منهم". وفي الوقت نفسه تشير المجازر مثل تلك التي وقعت في الحولة، أنه في حال كان قد نفذها رجال ميليشيا علويون، فهذا يعني أن القيادة لا تحكم سيطرتها بالكامل على قواتها الخاصة.

المزاج هنا متقلّب. ويتحوّل مزاج شخص خلال دقائق، فبعد أن يزعم أن لديه ثقة كاملة بالمستقبل السعيد للشعب السوري، يبدأ بالتعبير عن مخاوفه من احتمال وقوع حرب أهلية.

وسألني أحد الناشطين في مجال حقوق الإنسان المعارض للحكومة "لماذا أنتم الأجانب تعزفون على قيثارة الخلافات بين الأقليات في بلدنا؟ الفرنسيون قالوا عندما غادروا سوريا إننا سنقاتل بعضنا لكن شيئاً لم يحدث. نحن السوريين نتكاتف مع بعضنا بغض النظر عما تقوله الحكومات عن خلافاتنا".

بعد نصف ساعة تقريباً، عبّر رجل مسيحي من مدينة حماه في وسط سوريا عن قلقه حيال احتمال وقوع نزاع طائفي. وقال "الحولة تقع على أرض سكانها غالبيتهم من السنّة لكن القرية القريبة علوية ومسيحية. أعرف ذلك جيداً لأن زوجتي من قرية هناك". وأضاف أنه قلق جداً إذا تبيّن أن القرويين السنّة بمن فيهم 34 طفلاً قد قتلوا على يد رجال ميليشيا علويين من قرية قريبة عندها "لا أعرف ما الذي سيحدث؟".

ودمشق تأثرت كثيراً بالأزمة على الرغم من أن ذلك لا يبدو واضحاً دائماً. لقد انقطعت المصارف عن بقية العالم. وقالت احدى سيدات الأعمال الثريات "جميع المصارف في لبنان مذعورة من التعامل مع سوريا. رفض مدير المصرف الذي أتعامل معه في بيروت من قبول إيداعي شيكا علماً أن هذا الشيك مسحوب على مصرف بريطاني".

ويدرك العديدون في دمشق اليوم مدى الدمار المادي الذي الحقته المعارك في وسط البلاد. هناك نحو 400 ألف سوري نزحوا نتيجة الفوضى وغالبيتهم من حمص الذين لجأوا إلى العاصمة دمشق. وينتقلون غالباً للإقامة في شقق كان يسكنها اللاجئون العراقيون الذين عادوا إلى بلادهم بعد أن زعم بعضهم أن بغداد اليوم أصبحت أكثر أماناً بالنسبة لهم من دمشق.

() ترجمة: صلاح تقي الدين

=================

عالم يستمتع بعجزه!

ميشيل كيلو

السفير

2-6-2012

يبدو العالم كمن يستمتع بعجزه. ويبدو كمن قبل أن يتحداه نظام خارج على أي ميثاق أو قانون أو عرف أو شرعية، قرر أن يضرب عرض الحائط بكل ما تواضعت البشرية عليه من حقوق إنسان ومواطن، وغمس يديه حتى المرفقين في دماء شعبه، وتلذذ طيلة عام ونصف تقريبا بالتنكيل ببناته وأبنائه، ودمر حياته معنويا وماديا، وصعد إلى أعالي الجبال ونزل إلى أعمق الوديان كي يقضي عليه حيثما يجده، لان سوريا لا تتسع للنقيضين: النظام والشعب في آن معاً، وليس لدى سلطتها أي خيار آخر غير التخلص من شعبها: بالغلبة والقهر والقتل، كي لا يتخلص هو منها، بالتمرد والانتفاض والثورة.

ورغم غرابة هذه المعادلة الرسمية، التي لا يقرها كائن عاقل، ولا يوافق عليها غير عتاة أعداء البشر، فإنها المعادلة التي تحكم علاقة النظام السوري بمواطنيه، وتبقي الدولة والمجتمع، عالم البشر والعالم السياسي، على حافة هاوية مرعبة، يعتقد أهل السلطة أنهما سيسقطان فيها بمفردهما، فلا بأس عليهم إن هم أمعنوا في دفعهما إليها، لتوهّمهم أن في ذلك نجاتهم، وأن سلطتهم استثناء فريد في تاريخ العالم، تستطيع العيش من دون مجتمع ودولة، لأنها هي ذاتها دولتها الخاصة ومجتمعها الخاص، فلا حاجة بها إلى دولة لمجتمع ومجتمع لدولة، ولا يضيرها أن تدمّر أياً منهما أو أن تدمّرهما كليهما، ما دامت تمتلك من الأتباع والخدم ما يجعل منها عالماً قائماً بذاته، لطالما قوض مجتمعه عن سابق عمد وتصميم، وحين تمرد عليه دمره وقضى على وجود قطاعات واسعة منه، واكتفى بذاته.

والغريب أن العالم كان يعلم أن النظام سيتصرف بهذه الطريقة، إن ثار مجتمعه عليه. والأغرب أنه ملأ الدنيا ضجيجا عند بدء الثورة، وغضب وزمجر واستنكر وأدان، لكنه وقف في واقع الحال متفرجاً على ما يجري، كأنه يكفي الغضب والكلام العاصف لكبح النظام ومنعه من ممارسة القتل سياسة رسمية وحيدة. ولأن النظام قدر منذ بداية الأزمة أن العالم لن يتدخل عسكرياً ضده، بحجة أنه ليس لديه نفط، كما قال وزير خارجيته وليد المعلم، فإنه لم يهتم كثيراً بالإدانات والاستنكارات والزمجرات، بل رأى فيها بالأحرى ضروبا غاضبة من التطمينات، جعلتنا نقتنع بمرور الوقت واستمرار القتل أنها بعثت السرور في نفسه، وأقنعته بقدرته على التمادي في الترويع والسحق، وبأنه يستطيع استخدام جيشه وأجهزته الأمنية بالترتيب والتتابع، منفردة أو مجتمعة، من دون أن يخشى تدابير جدية وإجراءات عملية توقفه عند حد. هكذا، تعايش خطان أفضيا إلى واقعين متناقضين: خط دولي يتنصل من القيام بأي فعل ويجهد لإيجاد حجج تتسم بالكثير من الضجيج يسوغ من خلالها تنصله، وخط رسمي سوري يوغل في تطبيق حلّ أمني يستغل مواقف العالم كي يصعّد أعماله العسكرية وانتهاكاته للمواثيق والأعراف الدولية الضامنة لحقوق الأفراد والشعوب وحياتهم. إنها واقعان يبدوان متناقضين: واقع دولي يوهم السوريين بقرب نهاية مأزقهم، وواقع محلي يقنعهم أن العالم لا يهتم كثيراً بهم وبمصيرهم. لا عجب إن كره السوريون سياسات العالم الوهمية، وسياسات نظامهم الواقعية، واتخذوا موقفاً اتسم بالشك حيال ما صدر عن جميع الأطراف الداخلية والعربية والدولية من مبادرات حوار وتفاوض وإصلاح وتغيير، وأنهم واجهوا مراقبي الجامعة العربية بالتوجس، ومثلهم مراقبو مهمة كوفي عنان، ولا جدال في أنهم كانوا محقين في توجسهم، ما دام أولئك وهؤلاء لم ينجحوا في وقف العنف ضدهم، وإنما تحوّلوا بسرعة إلى متفرّجين على مأساتهم، على العكس مما نصت عليه مهمتهم في الحالتين، الأمر الذي أدخل في روعهم أن هؤلاء لم يأتوا كي يحفظوا حياتهم، بل جاؤوا لإعطاء النظام فسحاً زمنية إضافية تمكنه من ممارسة مزيد من البطش والقتل ضدهم. لم يصدق السوريون أن نظامهم أقوى من العالم، الذي حقق معجزات فعلية في أماكن أخرى شهدت أزمات لا تقل تعقيداً عن أزمتهم، ولا يجد معجزة يحققها عندهم غير كسر يده والسماح لنظامهم بتحديه وفعل ما يريده.

واليوم، وقد مر قرابة عام ونصف العام على الثورة السورية، يطرح السوريون سؤالين مهمين ومترابطين، هما: لماذا لم يتدخل العالم سلميا أو عسكريا في الأزمة السورية رغم ما وجهه من إنذارات إلى نظامهم؟ وهل العالم عاجز حقاً عن التدخل لمصلحتهم، أم أنه راغب في وقوع ما حدث لهم: أي في تدمير وجودهم ومقومات حياتهم، وبالتالي في تقويض ما يمكن تقويضه من مجتمعهم ودولتهم؟

في الرد على السؤال الأول، ليس هناك أية ألغاز. لو كان العالم راغباً في التدخل، لعمل على امتلاك الوسائل الضرورية لذلك، بما فيها الوسائل السلمية القادرة على شل يد النظام ووقف عنفه، والعسكرية التي تستطيع القضاء على ما لديه من قوة قتل وفي النهاية عليه هو نفسه. لم يمتلك العالم هذه الوسائل والأدوات خلال الفترة المديدة التي انقضت منذ بدء الازمة، لأنه لم يكن راغبا في التدخل السلمي والعسكري، وبالتالي في وقف العنف ضد الشعب السوري المظلوم. في هذا السياق، يتساءل المواطنون السوريون إن كان نظامهم أقوى من نظام العراق أو أكثر تماسكاً منه، أو إذا كان التدخل ضده أشد خطراً على الغرب من التدخل في بغداد، أو إذا كانت معارضة العراق أقوى من المعارضة السورية وأكثر تماسكاً ووحدة منها؟ أما الجواب على السؤال الثاني فهو على النحو التالي تقريباً: ليس من الصحيح تفسير السياسات الدولية بالعجز، ولم يكن الغرب ولن يكون عاجزاً عن مواجهة نظام عجز هو نفسه عن قهر شعب أعزل، رغم ما استخدمه ضده من عنف متصاعد ومفتوح، ومارسه من تدمير منهجي لمقومات وجوده. يعلم الغرب فضلاً عن ذلك أن جيشه المتعب والمهدد بالتفكك ليس قادرا بأي حال من الأحوال على مواجهة حرب حديثة أو خاطفة، ولا يمتلك الأسلحة والتقنيات التي تمكنه من إنقاذ نفسه فضلا عن نظامه. هل خاف الغرب من روسيا، كما يقال؟ لا أحد يعتقد ذلك، فروسيا ليست راغبة في محاربة أحد كي تحمي نظاماً تعلم أنه لم يعد قادراً على الاستمرار والعيش، والدليل استخدامه العنف وسيلة وحيدة للتعامل مع شعبه. كما أنها ليست قادرة على خوض حرب، ولو كانت قادرة لمنعت توضع أميركا في البلقان، وحمت أهله، وهم سلاف مثلها، وتحرروا على يديها في الحرب العالمية الثانية، وكان لديهم جيش أقوى بكثير من جيش النظام السوري، ويخوض حرباً قومية ودينية بامتياز.

لن أسترسل في الحديث عن الغرب. ما قلته ليس رأيي فقط، بل هو رأي قطاعات كبيرة من الشعب السوري، الذي يعتقد ان العالم لم يفعل ما فيه الكفاية لحمايته، ليس لان النظام السوري غير قابل للكسر او لا يقهر ولا تنطبق عليه القوانين الدولية وقوانين القوة، أو لأن هناك خشية من الامتدادات الإقليمية والدولية لتدخل غربي فاعل في سوريا، لا يحتاج لأن يكون عسكرياً بالضرورة إذا ما اتفقت كلمة الدول المعنية بحرية السوريين، وسبق لها ان طردت النظام من لبنان دون أن تحرك جندياً واحداً ضده!

واليوم، ومهمة كوفي عنان مهددة بالفشل، ويمكن أن يفشل معها أي جهد دولي لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية يلبي مطالب الشعب، تمس الحاجة إلى تطوير وامتلاك وسائل قادرة على تحقيق ما لم يتحقق إلى الآن: إجبار النظام على الانصياع لإرادة شعبه، ونقل سوريا إلى نظام ديموقراطي هو خيار أغلبية مواطنيها الساحقة، ومصلحتهم جميعهم بلا استثناء.

هذه هي النقطة الجوهرية من الآن فصاعداً، فهل يعي العالم أهميتها، ويبدأ بالعمل للوفاء بالتزاماتها، أم أن أمد حل الصراع لم يحن بعد بذرائع غير مقنعة منها أن المعارضة غير موحدة، والنظام متماسك وقوي، والروس يمنعون وحدة الموقف الدولي في مجلس الأمن و... إلخ. وللعلم، فإن امتلاك وسائل وأدوات فاعلة دوليا وعربيا وداخليا ليس مصلحة وطنية سورية فقط، بل هو مصلحة خارجية عامة أيضاً، بعد أن أخذت سياسات النظام تهدد بنشر الفوضى في كل مكان، ولم يعد هناك أي شك في حجم التحدي الذي تمثله بالنسبة إلى أمن وسلام العالم، بعد أن حرّضت بعض أخطر صراعاته القديمة، وشرعت تهدّد بعودة الحرب الباردة، وبعد السماح للعالم بالاستمرار في الاستمتاع بعجزه، إن أردنا أن نكون سذجاً ونصدق أنه عاجز بالفعل!

=================

سوريا والتدخل المستحيل

سميح صعب

2012-06-02

النهار

بعدما وصلت الاوضاع الى ما وصلت اليه في سوريا، لا يبدو ان أحداً يحمل وصفة سحرية للحل. فما بدأ مطالبة بالاصلاحات تحول مناشدات من أجل عدم انزلاق البلاد الى حرب أهلية شاملة. ومن يحذر من حرب اهلية ومذهبية في سوريا اليوم، كان عليه ان يدرك منذ البداية خصوصية التركيبة السورية وان سوريا هي مجتمع متنوع ومتعدد العرق مثلما اكتشفت هيلاري كلينتون قبل يومين فقط عندما كانت تحاضر في طلاب دانماركيين في كوبنهاغن.

واذا كان النظام السوري في أزمة، فإن خصومه من العرب والغرب في أزمة أكبر. لأن العودة الى الرهان على الحل العسكري تفتح المنطقة على المجهول كما فعلت الحرب على العراق.

وتخطئ أميركا اذا ما ظنت أن الموقف الروسي هو الوحيد الذي يحول دون تنفيذ عملية عسكرية سريعة في سوريا تؤمن وصول المعارضة السورية الى الحكم على غرار ما جرى في ليبيا، إذ ان الحرب على الطريقة الليبية ستعني في سوريا نشوب حرب أهلية شاملة وتالياً سيكون على الغرب ارسال قوات برية للحؤول دون هذه الحرب مما سيقود حتماً الى احتلال سوريا على غرار الاحتلال الاميركي للعراق عام 2003.

وهكذا لا ضمانات ألا يسفر التدخل العسكري الغربي في سوريا عن مثل النتائج التي اسفر عنها التدخل العسكري الغربي في العراق. ولعل الغرب هو الذي أوقع نفسه في خطأ الحسابات عندما اعتبر ان سوريا لن تكون غير تونس ومصر وليبيا واليمن، وانها لن تكون العراق.

لكن الواقع يقول ان سوريا هي تماماً مثل العراق زائد محاذاتها لإسرائيل. وبما ان الغرب يضع امن الدولة العبرية في سلم اولوياته عندما ينظر الى الشرق الاوسط، فإن تدخلاً عسكرياً غربياً في سوريا يمكن ان يجر الى نزاع طويل تتورط فيه اسرائيل، بحكم ان القراءة التاريخية للحروب الاهلية في العالم تدل على ان هذا النوع من النزاعات سرعان ما يمتد الى الدول المجاورة.

وحتى اذا ما نجح الغرب في تحييد روسيا فكيف يحايد ايران التي ستدافع عن سوريا باعتبار ان خسارتها لدمشق تعتبر بمثابة اقوى ضربة استراتيجية لطهران منذ 1979. واذا ما سقطت سوريا ستسهل محاصرة ايران وتصدير "الربيع العربي" اليها، تماماً كما ينادي مسؤولون أميركيون بتصدير "الربيع" الى روسيا عقاباً لها على وقوفها في وجه الخيار العسكري ضد دمشق.

كثيرة هي تشعبات الأزمة السورية. والحل العسكري الغربي اذا ما حصل سيفتح المنطقة على جحيم آخر مماثل لذلك الذي فتحه غزو العراق.

=================

"الهلع" الدولي والفرصة الخاطفة !

الياس الديري

2012-06-02

النهار

"الهلع" الدولي والعربي من اندفاع الأحداث والتطوّرات في سوريا نحو ما هو أعظم لم يعد مجرّد احتمال طي الكتمان، أو داخل المجالس بالأمانات.

فقد جاهرت وزيرة الخارجيّة الأميركيّة هيلاري كلينتون بقلقها وتخوّفها من انحراف الوضع السوري بكل جحيمه "نحو حرب أهليّة ومذهبيّة".

واللافت في هذا الصدد أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعلن، للمرة الأولى، أن القلق نفسه طرق أبواب الكرملين... و"ان هناك مؤشّرات تنذر بحرب أهليّة في سوريا".

ولم يربط هذا الاحتمال بأي قرار أو موقف يصدر عن الشرعيّة الدوليّة، ولم يقرنه حتى بالتدخّل العسكري أو أيّة إجراءات أخرى.

ماذا يعني ذلك بالنسبة إلى لبنان و"الدول المجاورة"، على الأقل، بعد التحذيرات الدوليّة والإشارات العربيّة التي أجمعت على تنبيه اللبنانيّين، بكل خلافاتهم وصراعاتهم الأبديّة، إلى الكلام الواضح والداعي إلى الاهتمام الفعلي والدقيق بما يجري عند الحدود، وعبرها، ومن إلى، وعبر الأراضي اللبنانيّة والأراضي السوريّة المجاورة؟

إذا كان في الإمكان اختصار فحوى زيارة كوفي أنان لبيروت وحرصه على شدّ أنظار كبار المسؤولين صوب الحدود تحديداً، فمن زاوية التصعيد الميداني والتصعيد السياسي، وخصوصاً بعد مجزرة الحولة.

ولم ينسَ الموفد الخاص المشترك للأمم المتّحدة وجامعة الدول العربيّة، خلال محادثاته مع الرئيس ميشال سليمان والرئيس نبيه برّي والرئيس نجيب ميقاتي، المرور بموضوع الحدود اللبنانيّة – السوريّة، والتشديد على إيجابيّات ضبطها وسلبيّات فلتانها.

ومَنْ يدري، فقد تكون الحدود هي الحجّة أو العلّة، والتي تبرّر لاحقاً كل ما قد يطرأ ويستجدّ و"يفرّخ" على الحدود وفي عمق الجغرافيا اللبنانيّة.

على هذا الأساس يمكن بناء الأبعاد لتوضيحات رئيس الجمهوريّة بالنسبة إلى "ضبط الحدود"، ومنها إلى مصارحة أنان للرؤساء الثلاثة بأن لدى المجتمع الدولي تخوّفاً كبيراً من أية ارتدادات على لبنان "في حال انهيار الوضع داخل سوريا".

إذاً، ما العمل، وأين المفرّ، وكيف يستطيع لبنان، بكل تناقضاته والدويلات والجيوش والسلاح المنتشر أكثر من الخبز بين أيدي الناس، أن يداري جوانبه، ويحول دون عبور الذيول والانعكاسات إلى حضنه؟

مهما تكدّست الآراء والاقتراحات في هذا الصدد، فهي لن تتمكّن من تبديد المخاوف ولا تجنّب المخاطر. فالوقت ليس وقت مزايدات أو تحدّيات، إنما هو مجرّد فسحة ضيّقة وخاطفة يمكن توظيفها لإنجاح الحوار، والخروج منه بما هو أعمق وأبعد وأشمل من اتفاقات لا تصمد حتى طلوع الفجر.

=================

لا عذر لمعتذر بعد الآن

ياسر الزعاترة

الدستور

2-6-2012

بعد مجزرة الحولة لم يعد ثمة عذر لمعتذر، أكان مثقفا أم مسؤولا سوريا، أم عربيا، دولة كان أم فردا.

مجزرة الحولة ضبطت الكثيرين متلبسين بالارتباك. لم يجد شبيحة النظام السوري ما يقولونه في التعليق على المجزرة، من دون أن نعدم قدرا لافتا من الوقاحة لدى كثيرين لم يجدوا بأسا في ترديد رواية النظام الذي أعلن تشكيل لجنة للتحقيق أعلنت نتائجها خلال أيام (تعرفون النتيجة طبعا)!!

الذي قصف الناس بمدافع الدبابات هو نفسه الذي أجهز على من تبقى منهم بالسكاكين، اللهم إلا إذا تسلل “الإرهابيون التكفيريون” إلى المكان بعد قصفه ليجهزوا عليهم من أجل اتهام النظام. أي عقل كليل ومجرم يمكن أن يفكر على هذا النحو؟!

طوال 15 شهرا كنا نبرر للمسؤولين السوريين عدم إعلانهم الانشقاق عن النظام المجرم بالقول إن أهاليهم رهائن عنده، وإنهم يخافون عليهم من بطشه وبطش شبيحته، وقد يكون ذلك صحيحا إلى حد كبير، ولكن بعد مجزرة الحولة وقبلها حشد من المجازر وأكثر من 13 ألف شهيد، لم يعد بالإمكان الركون إلى تبرير من هذا النوع، فأهالي أولئك المسؤولين ليسو أكرم عند الله ولا عند الناس من تلك الجحافل من الشهداء.

المسؤولون إياهم من سفراء ووزراء وما دون ذلك هم أكثر من يدركون سخف رواية النظام عن المؤامرة عليه وعلى المقاومة والممانعة، ولم يعد مقبولا منهم البقاء في صفه، ولذلك فإن على أطر المعارضة أن تعلن بوضوح بأنهم إن لم ينشقوا سيكونون شركاء في جرائمه، تماما مثل الشبيحة الذي يقتلون الناس بدم بارد.

التبرير المشار إليه يجب أن يغدو مرفوضا، ويجب أن يرفع المتظاهرون اللافتات التي تقول ذلك بالفم الملآن: أنتم أيها المسؤولون شركاء في الجريمة شئتم أم أبيتم إن لم تعلنوا الانشقاق، لاسيما أنه لن يكون بوسع النظام أن يفعل الكثير عندما تتسع دائرة الانشقاقات.

ينطبق ذلك على حشد المثقفين والفنانين الذين يسكتون على الجرائم الأسدية. هؤلاء يجب أن يُسمع لهم صوت مندد بهذا الذي يجري. الأسد ليس سوريا، ويمكن للبلد أن يعيش بدونه وبدون أسرته الفاسدة.

الأهم من هؤلاء هم بقايا العلماء والمشايخ الذين لا يزالون يطبلون للنظام، وأقله يسكتون عليه، من البوطي إلى سواه، بل إن من خرجوا إلى الخارج لم يعودوا معذورين بالسكوت. أين الشيخ محمد راتب النابلسي الذي خرج من سوريا، لماذا لا يتكلم بكل صراحة ويدين جرائم النظام؟!

على صعيد الدول العربية لم يعد بيع الكلام مقبولا أيضا، فضلا عن الوقوف في المربع الآخر المناهض للثورة عبر اعتقال بعض نشطائها، أو منع جمع التبرعات وسواها من أشكال الدعم للثورة.

أن تطرد الدول الأوروبية أو أكثرها السفراء السوريين، بينما يظلون موجودين في أكثر الدول العربية فهذا ما لم يعد مقبولا بحال، وعلى كل الدول العربية أن تعلن المقاطعة الشاملة لهذا النظام على نحو يتركه محشورا في دائرته التقليدية الممثلة في التحالف الإيراني، والذي أصبح مدانا ومجرَّما على نحو استثنائي من قبل جماهير الأمة.

نعم، لم يعد ثمة عذر لمعتذر، وعلى الجميع أن يتخذ الموقف الذي يليق بتدفق الدم السوري في الشوارع منذ 15 شهرا، فمثل هذا النظام لم يعد يستحق المجاملة، كما أن من يخافون منه، أو يخشون تأثير سقوطه عليهم ليسو مبرئين أيضا، بل هم شركاء في الجريمة إذا لم يتخذوا الموقف المناسب.

السوريون بعد الذي جرى لن يقبلوا بقاء النظام، ومن ورائهم جماهير الأمة التي تتميز غيظا وتتمنى لو يُتاح لها المشاركة المباشرة في المعركة، وهناك من بين شبانها من وجدوا سبيلا إلى ذلك بالفعل، وهم ليسو بالضرورة من الجماعات المسلحة التقليدية، بل ربما كان من بينهم أناس عاديون استفزتهم الجرائم البشعة لنظام.

من يعتقد بعد كل الذي جرى أن هذا النظام باقٍ في سوريا غارق في الوهم، فهو نظام ساقط لا محالة مهما استغرقت عملية إسقاطه من زمن وتضحيات، والعاقل من نأى بنفسه عن الجريمة التي يجري تأريخها صوتا وصورة على نحو لا يمكن أن يجعلها برسم النسيان مهما طال الزمن.

=================

القضية السورية

فالح الطويل

الرأي الاردنية

2-6-2012

أكد تقرير الأمم المتحدة المقدم إلى مجلس الأمن حول الوضع في سوريا، بداية الأسبوع الماضي، أن أقل من 20% من ضحايا مجزرة الحولة ال108 قد قتلوا بقصف مدافع الدبابات والرشاشات الثقيلة عن بعد، بينما قتل أكثر من 87 مدنيا داخل بيوتهم- بينهم32 طفلا و48 امراة- إما بالسلاح الأبيض أو بإطلاق النار عليهم، عن قرب، من قبل «شبيحة» يعملون بإمرة قوات النظام، فيما يشبه التطهير العرقي.

كان المندوبان الروسي والصيني في مجلس الأمن يصران على توجيه اللوم لكلا قوات النظام والمعارضة في هذا، ولكنهما وافقا على قرار المجلس، 28/أيار الماضي، بإدانة النظام بعد اطلاعهما على تقرير الجنرال مود، كبير المراقبين الدوليين في سوريا.

وقد سارع ذلك القرار والتفصيلات المرعبة عما حدث في الحولة في وضع العالم أمام مسؤولياته الإنسانية. ولعل أشد التفصيلات إثارة للغضب ما نشر في طهران من أن قوات فيلق القدس الإيرانية تقف مع قوات النظام، على الأرض، في جهد حليف للقضاء على المعارضة السورية، ممثلة، هذه المرة، بالحولة المنكوبة.

والحولة، بحسب معلومات ميدانية متواترة، قرية صغيرة محاطة بأربع قرى يسكنها أناس يساندون النظام ويرون في المعارضة خطرا عليهم وعليه. كما تناولت معلومات أخرى، سيقت كظروف هيأت لوقوع المجزرة، تشكيلات الفرقة الرابعة بقيادة ماهر الأسد شقيق الرئيس؛ وهي بقوة فيلق مجمع، وتكاد تكون محصورة في طائفة واحدة، قيادات وجنودا.

ربما كانت هذه المعلومات التي تنشرها الصحافة العالمية، على نطاق واسع، السبب الذي دفع بعدد كبير من دول العالم لطرد السفير السوري لديها، وهو إجراء ما زال في بدايته؛ وربما يتصاعد بسرعة نحو عزل سوريا عن العالم وأبلسة نظامها والتعرض له بدعم مباشر «لجيش سوريا الحر.»

تطور الأمور على هذا النحو، لو استمر، سينتهي، بالتأكيد، إلى إشعال حرب أهلية تتحول فيها المعارضة إلى «خصم،» بالمعنى القانوني للكلمة، يطالب دول العالم بالاعتراف الدبلوماسي به. عندها سيتحول الوضع في سوريا إلى قضية، بكل ما تعني القضية من ضرورة التدخل الخارجي لحلها بطرق صارت معروفة.

نحن، في الأردن، نخشى هكذا تطور. فحرب أهلية في سوريا سوف تحرقها وربما ستحرق كل المنطقة حولها. لكن هل مثل هذا الخوف وارد في حسابات قادة نظام دمشق؟ أم هم يظنون، فعلا، ان شعاراتهم، في أنهم نظام ممانعة، مقنعة للناس، وأنها قد ترجح كفة الصراع لصالحهم؟

ربما ينفع تذكيرهم، هنا، أن استهدافهم الشعب السوري، كما لو كان عدوا، سوف يغرق كل الشعارات. هل يعلمون أن رائحة الدم تمحو من الذاكرة كل ما عداها؟ وخاصة حين تكون دماء أطفال ونساء وعائلات بكاملها تستأصل داخل بيوتها، كما جاء في تقرير المراقبين الدوليين؟

لن يكون بإمكان أحد إلغاء التاريخ، وخاصة حين يكون وحشيا وملطخا. لا بد من تحرك دولي الآن، عبر الأمم المتحدة والجامعة العربية، باتخاذ قرار حاسم بمنع تكرار ما حدث في الحولة، وقبل فوات كل الفرص المتاحة الآن.

================

إمَّا لجنة تحقيق!!

صالح القلاب

الرأي الاردنية

2-6-2012

«إذا كُنْت لا تخجل فافعل ما تشاء» فالنظام السوري ،الذي تجاوز الحدود كلها والذي بدأ بكذبة العصابات الإرهابية وبقي يرددها إلى أن صدّقها هو نفسه دون أن يقنع أي صاحب عقل في هذا العالم اللهم باستثناء الصين وروسيا، يريد بتشكيله للجنته المخابراتية للتحقيق في مذبحة الحولة ،التي لا تشبهها إلاّ مذبحة صبرا وشاتيلا إبان الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982، إقناع الرأي العام العالمي بأن الشعب السوري يقتل أطفاله وأنه يَئِد بناته وأن المعارضة التي قدمت أرتالاً متلاحقة من الشهداء هي التي ارتكبت هذه الجريمة البشعة ضد فلذات أكبادها نكاية بالأسد وتشويهاً لنظامه «الديموقراطي»!! الذي أزهق أرواح أربعين ألفاً في حماه دفاعاً عن «الديموقراطية والحريات العامة»!!.

«يقتلون القتيل ويمشون في جنازته» وفي مثل هذه الحالات فإن المجرم هو الأكثر تباكياً على الضحية ولهذا فإن المندوب السوري لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري كاد أن يَقدَّ ثوبه من قِبَلٍ ومن دُبرٍ وهو يطلق تأوهات مفتعلة من فوق منبر الهيئة الدولية ويذرف الدموع المدرارة على أرواح أطفال الحولة الذين حزَّ أهلُهم أعناقهم لإلصاق الجريمة بنظام كانت ذروة إنسانيته ذلك الذي فعله بأطفال درعا في مارس (آذار) العام الماضي وذلك الذي فعله بأطفال بابا عمرو في حمص ولا يزال يفعله في كل مكان في سوريا من البوكمال في أقصى الشرق وحتى اللاذقية وجبلة وبانياس في أقصى الغرب.

إنه ليس جديداً على هذا النظام ذبح الأطفال والبكاء عليهم ولعل بعض «المبخِّرين» وبعض من حاولوا اختلاق «سيناريوهات مفبركة» للدفاع عن نظام صدر الحكم النهائي عليه من قبل شعبه منذ لحظة تقليع أظافر أطفال درعا في تلك الحادثة المرعبة التي ستبقى محفوظة في ذاكرة التاريخ إلى أبد الآبدين، يتعمدون عدم تَذكُّرِ ذَبْحِ أطفال تل الزعتر الفلسطيني والاستمرار بقصف هذا المخيم الذي أُقتلع من جذوره على مدى نحو أسبوعين داميين فعل خلالهما هذا «الجيش العقائدي»!! أكثر مما فعله جيش الاحتلال الإسرائيلي في مخيم جنين.. وللأسف.. للأسف!!.

لن يصدق أحدٌ حكاية لجنة التحقيق هذه التي شكلها نظام بشار الأسد لمعرفة المجرمين القتلة الذين مزَّقوا أعناق أطفال «الحولة» بالسكاكين وثقَّبوا صدروهم بالرصاص الذي كان من المفترض أن تكون وجهته نحو الجولان المحتلة ويقيناً أن رموز هذه المجموعة الحاكمة في دمشق قد «برْطعوا» بالقهقهات الصاخبة عندما استعادوا قراءة تقارير هذه اللجنة التي كانت قد أُعدت مُسبقاً وسلفاً في فرع فلسطين المخابراتي.. وأعانك الله يا فلسطين كم ارتُكِبت باسمك من جرائم!!.

لن يصدق حكاية هذه اللجنة وتقاريرها حتى أصحاب النظرات الحولاء المنحازون سلفاً إلى أبشع ما سيبقى يحتفظ به تاريخ سوريا والتاريخ الإنساني كله ومن بين هؤلاء بالطبع «الرفاق الصينيون» ،الذين نسوا أن سبب ما وصلت إليه بلادهم هو ما قام به ذلك القائد الملهم العظيم دينغ سياو بينغ ضد عصابة الأربعة التي هي صاحبة الثورة الثقافية البائسة والتي لا يشبهها إلاّ عصابات شبيحة النظام السوري، وأيضاً أولئك الذين اختطفوا الثورة الإصلاحية من ميخائيل غورباتشوف وحولوها إلى هذا التبادل السلطوي الذي هو عبارة عن ضحك على ذقون الروس وعلى ذقون المُغفلين العالم بأسره!!.

=================

الوضع السوري ما بعد مجزرة الحولة

علي الصفدي

الرأي الاردنية

2-6-2012

الوضع السوري ما بعد مجزرة الحولة التي وقعت في ريف حمص وأودت بحياة (108) اشخاص بينهم (49) طفلا و (34) امرأة، تم قتلهم بصورة وحشية مروعة، يختلف عما كان عليه ذلك الوضع قبل اقتراف تلك الجريمة التي تعد انها صارخا للقيم الانسانية ولحياة الطفولة البريئة.

فقد وضعت نهاية لخطة مبعوث الامم المتحدة وجامعة الدول العربية (كوفي عنان) وأثبتت انها فشلت فشلا ذريعا لوقوع تلك الجريمة مع وجود المراقبين الدوليين في سوريا الذين انحصرت مهمتهم، كما ذكرت صحيفة (واشنطن بوست) بالقيام بعد جثث الضحايا من المدنيين الذين يلقون حتفهم على ايدي شبيحة الاسد. كما دفعت الى مزيد من الانشقاقات العسكرية التي اخذ نظامها يتسع بصورة غير مسبوقة عن الجيش النظامي للانضمام الى جيش سورية الحر الذي الذي صعد من مواجهة قوات النظام، والذي وجه تحذيرا شديد اللهجة بضرورة توقفها الفوري عن اطلاق النار وسحب كافة القوات والدبابات والآليات من المدن والقرى والمناطق السكنية، كما حث عنان على الاعلان رسميا عن فشل خطته.

وحركت المجزرة المجتمع الدولي الذي ما عاد باستطاعته السكوت عما يجري في سوريا من ارتكاب نظامها لجرائم ضد الانسانية فسارعت معظم دول العالم الى طرد السفراء والدبلوماسيين السوريين من عواصمها، كمقدمة لاتخاذ اجراءات تصعيدية قد يكون بينها التدخل العسكري ضد نظام الاسد، وقد المحت المندوبة الاميركية الدائمة في الامم المتحدة (سوزان رايس) الى ذلك بقولها انه قد يكون من الضروري التدخل عسكريا في سوريا دون تخويل اممي اذا اخفق مجلس الامن الدولي في الوصول الى اتفاق حول سبل التعامل مع الازمة السورية، وفي ذات السياق اكد وزير الدفاع الاميركي (ليون بانيتا) ان القوات المسلحة الامريكية على اهبة الاستعداد لتنفيذ عمليات ضد سوريا عند الضرورة، اذ لا يمكننا ان نرضى عما يجري فيها، وعلى المجتمع الدولي ان يتخذ الخطوات الكفيلة باجبار الاسد على ترك الحكم.

لقد حذر كل من الامين العام للامم المتحدة (بان كي مون) والمبعوث الدولي (كوفي عنان) من وقوع حرب اهلية كارثية في سوريا بعد مجزرة الحولة، والواقع ان ماتشهده سوريا هو بدايات تلك الحرب الاهلية التي يستشرس فيها الشبيحة العلويون من انصار الاسد في قتل المدنيين السنة والتنكيل بعائلاتهم، يشاركهم عناصر من حزب الله الذي يدعم امينه العام حسن نصرالله نظام الاسد، وقد كشفت وسائل الاعلام ان مجموعة (ثوار سوريا-ريف حلب) اعلنت مسؤوليتها عن احتجاز (11) شيعيا مختطفا في سوريا منذ (22) أيار، وان بينهم خمسة من الضباط التابعين لحزب الله وهم متورطون في مجازر سوريا، كما ان ايران تقوم بتهريب الاسلحة الى سوريا ولبنان عن طريق استخدام طائرات الخطوط الجوية الايرانية وفق ما اذاعه التلفزيون الالماني، وان صحت هذه الانباء فانها تدل دلالة واضحة على الاصطفاف الطائفي الذي لا ينجم عنه سوى اتساع رقعة الحرب الاهلية، فما كان عليه الوضع قبل المجزرة في طريقه الى التغيير الكلي.

=================

في الطريق إلى سورية

د. شهلا العجيلي

2012-06-01

القدس العربي

'في هذا البلد، لايوجد لاحقائق، ولا أكاذيب، لا يوجد سوى روايات'

بيير لامازيير

يربض المستقبل في واحدة من زوايا التاريخ، تلك مقولة قد تبدو طفوليّة، أو نسقيّة اندحرت، وقد ينكرها بعضهم، لكنّها تبقى في فكر ما بعد الكولونياليّة مقولة رئيسة، تقفز إلى السطح كلّما قرأ المرء في أدب الرحلة، أو في مذكّرات المستعمر، أو حتّى في روايات المستعمرات.

تشبه الطرق في سورية اليوم، الطرقَ التي مشى الناس فيها بعد (سايكس- بيكو): حرب، ومقاومة، ووصايات دوليّة، وجماعات مسلّحة، وحركات عنف، ودمار، وخوف، وقتل، تلك الطرق التي يحكي عنها بيير لامازيير في كتابه 'مسافر إلى سورية'، والذي ترجمته عن الفرنسيّة الدكتورة فوزية الزوباري، وقدّم له الروائي خيري الذهبي، ونشر عن دار المدى عام 2009.

يروي لامازيير حكاية النزاع على سورية، بين فرنسة والثائرين عليها، والعملاء الذين يصطفّون معها، والإنكليز الذين يحرّضون ضدّها، فيموّلون بعض الجماعات لإثارة العنف والاضطرابات، بحيث لايمكن، إلاّ للعارف، التيقّن من مرجعيّة أيّ حدث يمكن أن يحدث، تماماً كما هو الأمر اليوم، ف'في هذا البلد، لايوجد لاحقائق، ولا أكاذيب، لا يوجد سوى روايات'. ص59

تبدأ حكاية النزاع تلك منذ دخول غورو حتّى عام 1926، وتُروى من وجهة نظر استعماريّة، ترى في كلّ حركة ثوريّة ضدّ فرنسا، فوضى وإرهاباً، كأن تكون جماعة سلطان باشا الأطرش، كما يرى، مجموعة من المرتزقة، ذلك أنّهم يقفون ضدّ مصالح فرنسا. لكنّه يعترف وبالصورة الموضوعيّة التي يحبّ المستعمر أن يظهر بها أحياناً، قائلاً: 'كان يعدّ هؤلاء الرجال أبطالاً أو خونة، حسب الفريق الذي كان ينتمي إليه المرء'. ص77.

يقرّ لامازيير، استكمالاً لتلك الموضوعيّة بأخطاء الانتداب، الذي أصرّ موظفوه، وعساكره، وقوّاده أن يكون استعماراً، لا وصاية، ممّا أفقد فرنسا نفوذها في سورية، لأنّ موظّفي فرنسا لم يدركوا كنه السوريّين، لم يعرفوا طبيعتهم: 'لم يأبهوا بالطقوس والأعراف المحليّة، وبخصوصيّة كلّ مجموعة سكّانيّة، وبالحساسيّة الفرديّة أو الجمعيّة، متجاهلين أنّ سورية هي بلد قديم جدّاً، ذو ثقافة عميقة جدّاً، لقد تصرّفوا ، كما كانوا يتصرّفون مع عبيد تقريباً' ص155.

لعلّ أكثر ما يلفت في رواية لامازيير هو إعادة إنتاج الموتيفات الرئيسة للفكرة الاستعماريّة ، والتي ظهرت بعد سايكس-بيكو،وعادت في ما نعيشه اليوم ،رغم مرور ما يقارب تسعين عاماً، إذ تتشابه الأحداث الرئيسة، وتحضر فيها شخصيّات تقوم بالأدوار ذاتها، فهناك من يقاوم ، وهناك من يدعم، ومن يموّل، ومن يستضيف... ولعلّ أجمل الصور في تلك المدوّنة هي صورة عملاء فرنسة من العرب وهم في حضرة مندوب الاستعمار، إنّنا نراهم اليوم، وربّما اختلف لباس بعض منهم فحسب: 'مجموعة من الزعماء العرب الرائعين، المعتمرين الكوفيّة الحريريّة المزخرفة المثبتة على الهامة...ويرسمون بأيديهم الملوّحة في الفضاء التحيّة الشرقيّة: أحمل في قلبي، وعلى شفتي وعلى جبهتي، غبار حذائك.'. ص69

تمثل بين الأمس واليوم حالات استاتيكيّة نراها في كلّ مرحلة من المراحل التي عنوانها إرهاب الأفراد للدولة، والتي لا شكّ في أنّها أخطر بكثير من إرهاب الدولة للأفراد، لكنّ المجتمعات لاتدرك ذلك إلاّ بعد فوات الأوان، من تلك الحالات الاستاتيكيّة حالة العنف في النزاعات المسلّحة، التي يصفها صاحب الكتاب بقوله: إنّ 'العنف بكافّة أنواعه يصبح بطولة في الحرب'. ص136

لاتتغيّر الخصائص الأنثروولوجيّة الثقافيّة للمجموعات البشريّة، وغالباً ما تبقى ردود فعلها ثابتة، تجاه الآخر، أيّاً كان ذلك الآخر سواء أتمثّل بسياسة استعماريّة تجاهها، أم أراد النيل من أمنها واستقرارها لمصلحته، ويفصح الكاتب عن ذلك عبر رؤيته لكلٍّ من حلب ودمشق: 'حلب، حلب الحقيقيّة، حلب المسلمة، القاسية، والعصيّة على الفهم، والممتدّة بين القلعة والصحراء، لا تسلّم سرّها...الوجهة يجب أن تكون إلى دمشق، إذا ما أُريد حقّاً التعمّق في الروح السوريّة، ومتابعة خفقانها.' ص143

لعلّ أكثر ما يمتع في تصفّح المدوّنة الاستعماريّة هو الأوراق التي تعرّي الذات مثلما تعرّي الآخر، والتي تتسم بها مدوّنة بيير لامازيير في كثير من صفحاتها، من ذلك قوله في بيروت: 'وبيروت الجامعة لأجناس متعدّدة ومختلفة، بيروت الفاسدة، مشغولة بالمنافع الماديّة وحدها، مشغولة بالكسب، وهي تمارس بمهارة تامّة قول الكلام الذي يرغب السامعون في سماعه، وأيّاً كانوا.' ص143.

نجد، عطفاً على رؤيته للبنانيين، أنّه منذ ذلك الحين إلى اليوم، لم يدرك اللبنانيّون، خلا العسكريين منهم، أنّ سورية هي العمق الاستراتيجيّ للبنان، ومازال (جانوس بكركي الجليل في أوهامه الضائعة)ص53، ويمكن أن يتحوّل غبطة البطرك اليوم، رمزاً لكلّ فريق في لبنان يؤازر الرغبات في سورية، للانفراد بإقطاعيّة خاصّة، أو دويلة، لأقليّة أو أكثريّة، تعزل الداخل السوريّ عن البحر أو عن الجبل، لكنّه حينئذ سيصطدم بإرادة السوريين، كما فعل أهل حلب حينما فاجأوا (ريكلو) الذي أراد أن يصبح ملكاً عليها، وجمع تواقيع لذلك، عرضها أمام المندوب السامي، فطلع الحلبيّون عليه بوثيقة يرفضون فيها الانفصال عن دمشق، ويرفضون الاستقلال الذاتيّ، من أجل طموحات شاذّة لصعاليك العسكر، أومغامرات لأفّاقي السياسة.

دوّن لامازيير كثيراً من السياسات الفرنسيّة الخاطئة تجاه السوريين، إنّها أخطاء غورو، التي كانت سبباً في خسارة فرنسة لنفوذها في الشرق الأوسط، تلك التجارب التي جعلت الفكر الاستعماريّ يطوّر ذاته بتجنّبها، وهذا ما نشهده اليوم، بانفتاح المستعمرين الجدد على الأكثريّة، بدلاً من تقوقعهم على الأقليّة: 'قد مارسنا سياسة محاباة الأقليّة، فحملت إلينا الثورة والحرب. فلننفتح أمام سياسة الأكثريّة، السياسة الإسلاميّة. بهذا الثمن، وبهذا الثمن فقط، نعيد بناء السلام، ونستعيد في الوقت نفسه نفوذنا الضائع'. ص175

يمرّ لامازيير بالحوادث التي تنشط في مثل هذه المراحل كافّة، من الأعمال غير المشروعة في ارتكاب المجازر، وتجارة السلاح، إلى تنامي بيوت الدعارة، وعلاقة ذلك كلّه بالوطن والمواطن، وبالعسكر والثوّار، مثلما يحدث في معظم الحروب والنزاعات.

يندحر في النهاية الطامعون والمتآمرون، وسيقول كلّ من يغمس يديه في الدم السوريّ، ما قاله أحد الوزراء الفرنسيين آنذاك: 'آه! لو نستطيع الانسحاب من سورية خفية، وعلى أصابع أقدامنا، دون أن يدري أحد بذلك.'ص174. بل سيزيد على ذلك قول لامازيير ذاته في نهاية مدوّنته: 'لقد أرقنا ما يكفي من دمائنا، صرفنا ما يكفي من المليارات في هذه المغامرة، فلنترك السوريين واللبنانيين لمصيرهم، على الأقل، لأولئك الذين يرون أن يضطلعوا بمهمّة وصايتهم، ولنعد إلى بلدنا.' ص181.

ونحن ليس لدينا ما نقوله في هذا المقام التاريخيّ، ما بعد الكولونياليّ، أكثر من قولنا: ما أشبه الليلة بالبارحة!

=================

الحل غائب.. والمجازر مستمرة

رأي القدس

2012-06-01

القدس العربي

معظم التصريحات التي صدرت يوم امس عن مسؤولين غربيين كانت تحذر من حرب اهلية طائفية في سورية، ولكنها لم تقدم اي مخارج حقيقية من الازمة تضع حدا لاعمال القتل الاجرامية التي تستهدف الشعب السوري.

بان كي مون الامين العام للامم المتحدة قال ان المجازر التي وقعت في الحولة قرب حمص الاسبوع الماضي، وراح ضحيتها اكثر من مئة شخص، نصفهم من الاطفال قد تدفع بسورية الى حرب اهلية كارثية لن تنهض منها ابدا، وكرر مطالبته الحكومة السورية بتطبيق التزاماتها بموجب خطة كوفي عنان.

فلاديمير بوتين رئيس روسيا الاتحادية كرر الشيء نفسه تقريبا في المؤتمر الصحافي الذي عقده في برلين مع المستشارة الالمانية انجيلا ميركل وقال 'ان بلاده لا تؤيد اي جانب (في الازمة السورية) قد يكون مثار خطر نشوب حرب اهلية'.

مجزرة الحولة هزت الرأي العام العالمي، ولكن من المتوقع ان يطويها النسيان بعد بضعة اسابيع او اشهر مثلما كان مصير مذابح اخرى كثيرة في سورية وبلدان اخرى.

النظام السوري المتهم الرئيسي بارتكاب هذه المجزرة، سواء بشكل مباشر، او من خلال فرق 'الشبيحة' التابعة له او المدعومة منه، يراهن بدوره على النسيان، ويواصل تنفيذ حلوله الامنية بشراسة اكبر مطمئنا الى ضعف احتمالات التدخل الدولي.

المعارضة السورية اعتقدت ان فداحة مجزرة الحولة، والصدمة التي احدثتها، ربما تقربها اكثر من هذا التدخل على غرار النموذج الليبي، ولكن اعتقادها هذا يبدو في غير محله.

ليون بانيتا وزير الدفاع الامريكي اكد في تصريحات واضحة ان مثل هذا التدخل العسكري لن يتم الا بعد قرار دولي صادر عن مجلس الامن، وناقض بذلك تصريحات للسيدة سوزان رايس مندوبة بلاده في الامم المتحدة التي قالت ان هناك دولا تبحث امكانية التدخل عسكريا خارج مظلة الامم المتحدة.

الرئيس الامريكي باراك اوباما لا يريد تدخلا عسكريا في سورية في ذروة الحملات الانتخابية الرئاسية، ولانه يعلم ايضا ان مثل هذا التدخل لو حدث سيكون مكلفا لان سورية قوية وتملك جيشا مسلحا تسليحا جيدا خاصة بصواريخ مضادة للطائرات روسية الصنع من طراز 'اس 300' قادرة على اسقاط طائرات مغيرة على عكس الحال في ليبيا التي كانت صيدا سهلا لغارات طائرات حلف الناتو.

بوتين الرئيس الروسي الداعم الرئيسي للنظام السوري اتفق مع مضيفته المستشارة ميركل على ان الحل السياسي هو الطريق الامثل للخروج من الازمة السورية، واشار الى مهمة كوفي عنان المبعوث الدولي والعربي كطريق وحيد للوصول اليه، ولكن عنان نفسه محبط وبات يعتقد ان مهمته هذه وصلت الى طريق مسدود.

المؤكد ان مجازر كثيرة ستحدث قبل ان يتم الوصول الى حل سياسي يبدو سرابا في الوقت الراهن.

=================

سيدفع النظام السوري ثمن مجزرة الحولة غاليا جدا!

عبدالوهاب المجالي

2012-06-01

القدس العربي

النظام السوري كما يقول المثل 'يقتل القتيل ويمشي في جنازته'، مذبحة الحولة جريمة وحشية وسقوط اخلاقي مريع خارج القيمّ الانسانية لا يقدم على اقترافها عاقل تحت اي ظرف كان، ومرتكبوها ليسوا في عداد البشر وخارج المنظومة الانسانية وليسوا في عداد الحيوانات، وهذا الامر ليس بغريب على نظام يقتات على الدم!

تلك الحادثة لم تكن الاولى ولن تكون الاخيرة، ومن اعتاد القتل وسفك الدماء لا يتورع عن ارتكاب مثل تلك الحماقات، ومنذ اكثر من عام قتل وفقد عشرات الالاف واعتقل اضعافهم بدم بارد، كونهم هتفوا بالحرية الشعار الذي يرفعه النظام، حتى الجنائز انتهكت حرّمتها والتي كان الرسول الكريم يقف احتراما لها عندما تمرّ من امامه حتى لو كانت لغير مسلم! لكن على ما يبدو ان مفهوم النظام للحرية مختزل في اطار عبادته!

اطلاق العنان لقطعان الشبيحة وحماة الاسد لا الدولة للقيام باعمال القتل والنهب والسرقة الغاية منه باتت واضحة وضوح الشمس محاولة 'دب الرعب في نفوس المواطنين للكف عن التظاهر والمطالبة برحيل النظام'، هذا الامر كان ممكنا في الماضي عندما كانت الاحتجاجات تقتصر على منطقة او مدينة او مُعتقل وليس سورية بالكامل.

بعد كل اعمال القتل والتنكيل والتعذيب لا ندري عن اي شرعية او سيادة يتحدث النظام! الشرعية سقطت عنه عند استشهاد حمزة الخطيب ورفاقه، ولا يحق له الحديث باسم سورية والسوريين، وفقد السيادة بمجرد وصول المراقبين الدوليين للوقوف بينه وبين مواطنيه، وخروج كثير من المناطق عن سيطرته.

مهازل.. النظام اعلن براءته وبراءة قواته وامنه وشبيحته من المذبحة سلفا وقبل التحقيق، وفي نفس الوقت يعيب على الاخرين 'استسهال' توجيه التهمة لقواته حسب الناطق باسم وزارة الخارجية، بينما كان من السهل عليه توجيه الاتهام للمعارضة والجيش الحرّ بدون تحقيق، ومن باب الاحتياط اتهام طرف ثالث نكرة لا يعرف له احد هوية او عنوان!

ما الغاية من تشكيل لجنة تحقيق طالما ان النتيجة معروفة! والماساة الاكبر اسناد تلك المهمة للقتلة! ولا نعرف لمن سترفع نتائج عملها، ومن سيصدق ما ستتمخض عنه غير النظام؟ وكيف للعصابات المسلحة ان تقوم بمثل هذا العمل في الوقت الذي يحاصر فيه الجيش المدن والبلدات بالدبابات التي لم تعرف يوما طريقا الى الجولان وانتشار الحواجز العسكرية؟ بينما يهيم الشبيحته في الحواري والازقة وقناصته اعتلوا اسطح المنازل؟!

النظام وصل درجة عالية من الافلاس الاخلاقي الممزوج بالوقاحة والغباء! فكان في مقدمة من ادان المجزرة كما فعل نتنياهو! ولكن على غير العادة لم يقم جنازة رسمية للشهداء على غرار ما فعل لضحايا حوادث التفجير المدبرة في دمشق وغيرها!

الشمس لا تغطى بغربال، والحقيقة لا تحتاج الى بحث، والمؤكد ان البلدة تعرضت للقصف بالمدافع والصواريخ كما روى اهالي الضحايا وسكان البلدة، والمراقبون الدوليون، وما ظهر على اشرطة الفيديو، والجيش الحرّ لا يمتلك اسلحة ثقيلة كالتي تستخدمها كتائب الاسد الباسلة! وليس من المستغرب ان يقول شبيحة النظام ان حالة من الجنون المت بالاهالي وقتلوا ابناءهم!

لا يمكن اخفاء اثار الجريمة، ومخلفات القذائف التي امطرت بها الحولة وقتلت الاطفالهم والنساء والبنات والابناء بيد المكلومين وسيسلمونها للجنرال مود، واثار الدمار لايمكن اخفاؤها، ام انهم يعتقدون ان مود سيأخذ رواية النظام على علّاتها؟!

ماذا سيقول اهالي الضحايا والمصابين لبعثة المراقبين؟ العصابات المسلحة اقتحمت منازلهم واعتقلت ابناءهم واعادتها جثثا هامدة! وهل سيقول النظام ان تلك الاسلحة تمت سرقتها من ترسانة غزاة الديار قاتلي الاطفال.

مود يختلف عن 'الدابه' لكون الاول لا يمكن له ان يتبنى موقف بلاده السياسي من النظام السوري، وبالتأكيد سيدون مشاهداته، وما سمعه هو ورفاقه واقوال المواطنين ولن يكتفي برواية النظام، ولن يستمع للدجل الاعلامي والمهرج شريف شحادة وامثاله باتهام العصابات المسلحة بدعوى ان اهالي البلدة مؤيدون للاسد!؟

خطة عنان ومهمته قاب قوسين او ادنى، وقبول النظام بها ليس لتطبيق ما جاء فيها لانه ببساطة يعني رحيل الاسد وهذا ما لا يدور في خلد الاسد، وقبولها لغاية كسب الوقت ليس الا.

ومهلة الثلاثة ايام للكشف عن منفذي المذبحة انتهت، ولم ولن يكشف النظام عن القتلة الحقيقيين، ولن يستطيع محو الالام من نفوس المواطنين، وستضاف الى سجله الحافل بالجرائم بحق الشعب وسيدفع ثمن الفاتورة عاجلا ام اجلا.

=================

قلق في العلاقات بين بيروت ودمشق

فايز سارة *

السبت ٢ يونيو ٢٠١٢

الحياة

كان بين آخر التطورات المحيطة بالعلاقات السورية – اللبنانية، حدثان مهمان، الاول حادث اختطاف مجموعة من اللبنانيين في حلب عاصمة الشمال السوري، والثاني حدث قبل ذلك بقليل، عندما جرى اختطاف ثلاثة سوريين على طريق مطار بيروت في ظروف غامضة عشية وصولهم من مدينة حمص السورية. ومن دون الدخول في تفاصيل الحدثين المهمين، التي تداخلت في رواية تفاصيلهما حيثيات سياسية وأخرى جنائية، فإن الحدثين، يكشفان بعض التطورات السلبية على وجود السوريين واللبنانيين كل في بلد الآخر، والاهم مما سبق، يتمثل في ما تتركه مثل هذه الاحداث من تأثيرات سلبية في العلاقات السورية – اللبنانية ومستقبلها.

والروابط التي تشد السوريين الى اللبنانيين، وتربط الدولة السورية بشقيقتها اللبنانية، لا تحتاج الى استعادة للدلالة على ما بين الشعبين والبلدين من روابط وعلاقات ايجابية، كرستها تطورات تاريخية وحضارية قديمة، وهي موجودة في الحاضر وضرورية للمستقبل، على رغم ان بعض ما يحيط بوجود السوريين الحالي في لبنان من معطيات، وبعض ما تركه الوجود العسكري والأمني السوري في لبنان ما بين 1976 و2005... والأخيران حملا اشارات مختلفة عن السياق العام السابق الذي تؤكده وقائع وتفاصيل يومية، لما يربط بين السوريين واللبنانيين من علاقات وروابط اخوية ومميزة.

لقد شكل لبنان احدى اهم نقاط عبور السوريين الى دول الجوار هرباً من تطورات الازمة في سورية، وتداعيات الحل الامني العسكري الذي ما زالت السلطات السورية تتابعه منذ آذار (مارس) 2011، وكان بين السوريين العابرين نازحون جرحى أُصيبوا في العمليات الامنية والعسكرية، وهاربون من الدمار والموت وخوف الاعتقال، وراغبون في أمان افتقدوه في مدنهم وقراهم باتجاه الاراضي اللبنانية، التي تجاور ثلاث محافظات سورية هي، طرطوس وريف دمشق وحمص، ومن الاخيرة كان اكثر السوريين النازحين الى لبنان، ووفق التقديرات، فقد قارب عدد اللاجئين السوريين الى لبنان العشرين ألفاً، قسم كبير منهم غير مسجل في عداد النازحين، والتقديرات الكلية لعدد السوريين العابرين الى لبنان خلال الازمة، تشير الى أضعاف التقديرات اعلاه.

وكان من الطبيعي ان يجد السوريون في لبنان ما يساعدهم على تجاوز الظروف التي دفعتهم للعبور الى لبنان على نحو ما حصل في المناطق الحدودية ومنها شمال لبنان ومنطقة وادي خالد بصورة خاصة، نتيجة التداخل العائلي والاجتماعي والمصلحي بين الجانبين، أو بفعل الارث الذي جسّده سلوك السوريين في مساعدة اللبنانيين ابان ازماتهم الداخلية في سنوات الحرب الاهلية، كما في مواجهة العدوانات الاسرائيلية عليهم، او للسببين معاً.

وبخلاف الروح السابقة، فقد عايش بعض السوريين في لبنان ممارسات نقيضة، لا تعكس ما يفترض من روح أخوية لبنانية ازاء السوريين، كان من تعبيراتها، مضايقة رسمية لسوريين أثناء عبورهم الى الاراضي اللبنانية هرباً من قوات كانت تلاحقهم، وتطلق النار عليهم، وتوقيف البعض بتهمة العبور غير المشروع او بسبب عدم إبرازهم وثائق اثبات شخصية، ومنها قيام الامن اللبناني بالتضييق على سوريين عبروا الى لبنان بمنعهم من تنقل حر او ممارسة عمل يعتاشون منه بدل التحول الى عالة على الآخرين، والتساهل في عمليات ملاحقة سوريين واعتقال بعضهم وتسليمهم الى السلطات السورية من جانب مجهولين، كما كان بين تلك التعبيرات، تقصير السلطات اللبنانية في مد يد العون للنازحين السوريين وحمايتهم بخلاف ما تفرضه القوانين والأعراف الدولية، وقبلها الطابع الأخوي لعلاقات السوريين باللبنانيين.

وعلى رغم وجود اسباب متعددة تفسر التعبيرات والسلوكيات السابقة، فقد يكون السبب الاهم لهذه التعبيرات وغيرها من ممارسات تصب في الاتجاه ذاته، يعود الى الانقسام اللبناني الحاد إزاء الوضع في سورية واحتمالات تطوره. اذ ينقسم اللبنانيون بصورة حادة وعميقة في ذلك. حيث قسم منهم مع ثورة السوريين على نظامهم بلا حدود، فيما قسم آخر، يتبنى موقف نظام دمشق وتحليله لما تعيشه سورية من ازمة، سببها كما يقال وجود مسلحين وعناصر اسلامية متطرفة، ومؤامرة كونية على سورية نتيجة مواقفها الداعمة للمقاومة والممانعة.

والانقسامات اللبنانية في موضوع ازمة سورية، تكرست في مواقف رسمية وسياسية وشعبية، جعلت الموقف من النازحين والمقيمين السوريين في لبنان متناقضاً، يأخذ أبعاداً سياسية حادة مكرسة في الواقع اليومي للبنان، بخلاف طبيعة الموقف الاساسية باعتباره موقفاً انسانياً وحضارياً يليق باللبنانيين ولبنان، ويتناغم مع طبيعة العلاقات اللبنانية – السورية، التي يفترض انها اعمق من التأثر بمواقف وموضوعات سياسية، يمكن ان تتغير وتتبدل في اي وقت لاحق، وهو امر يتطلب من الدولة اللبنانية ومن الجماعات السياسية على اختلافها اخراج الموقف من السوريين النازحين في لبنان من التجاذبات والاختلافات السياسية، وهو مسعى حاولت الحكومة اللبنانية مقاربته في شعارها «النأي بالنفس عن الأزمة السورية»، لكن النجاح في تلك السياسة لم يتحقق.

=================

لا مشروع إيرانياً في المنطقة إلا المشروع الفارسي

محمد مشموشي *

السبت ٢ يونيو ٢٠١٢

الحياة

لا يكشف حقيقة موقف النظام الإيراني من سورية والعراق ولبنان، أكثر من موقفه من البحرين والإمارات العربية المتحدة في شكل خاص ومنطقة الخليج كلها في شكل عام.

صورة هذا الموقف تبرز بوضوح من خلال تكرار إعلان طهران أن البحرين كانت في التاريخ، ولا تزال إلى الآن، إحدى المحافظات الإيرانية من جهة، واحتلال جزر الإمارات الثلاث (أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى) وتحويلها إلى قواعد عسكرية في المدة الأخيرة من جهة ثانية، وإعلان الحرب على أي طرف أو جهة تجارية (شركات الطيران والملاحة البحرية ومؤسسة غوغل، مثلاً) لمجرد استخدامها عبارة «الخليج العربي» بدلاً من «الخليج الفارسي» في مكالماتها أو تعاملاتها مع الآخرين من جهة ثالثة.

هو التوسع بكل معنى الكلمة، مرة بالقوة المسلحة واحتلال الأرض كما في جزر الإمارات، وأخرى بإعادة نبش الماضي السحيق (بالأسلوب الصهيوني حول مملكة إسرائيل وأرض الميعاد) كما في قضية البحرين، وثالثة باستثارة العصبية القومية الفارسية في مواجهة العرب كما في الاسم الذي يطلق على الخليج، ودائماً بالتسلل بين ثنايا التنوع المذهبي الإسلامي الذي شكل مصدر غنى فقهي وفكري على امتداد التاريخ ويريد النظام في إيران أن يجعل منه بؤرة فتنة وحتى حروب أهلية مديدة بين المسلمين.

وكل ما عدا ذلك مما تلوكه الألسن، سواء في ما يتعلق بتحرير فلسطين أو وحدة الأمة الإسلامية ونهضتها أو حريات الشعوب أو العداء للاستعمار، ليس في واقعه إلا من قبيل عدة الشغل في الورشة إياها.. ورشة إعادة بعث الإمبراطورية الفارسية. ولكن، أساساً على حساب الشعوب العربية وحتى الإسلامية بمجملها.

لكن الجديد في الحال الراهنة يتجاوز ذلك كله... إلى إعلان إيران بصورة رسمية أن إقامة اتحاد فيديرالي بين السعودية والبحرين «ستعقد الوضع الداخلي في البحرين»، بل ومبادرتها إلى تنظيم تظاهرات شعبية في طهران والمدن الأخرى ضد احتمال إقامة هذا الاتحاد بما في ذلك موافقة شعبي البلدين في استفتاء عليه. هل الأمر يتعلق فقط بأسطورة أن البحرين كانت محافظة إيرانية في يوم من الأيام، أم إنه يتصل بواقعها الحاضر على خلفية تغلغل النظام الإيراني في داخل نسيجها الاجتماعي وتنوعها الطائفي والمذهبي؟

أياً يكن الجواب، فمن السذاجة توهم أن تختلف «عدة الشغل» الإيرانية في تعاملها مع شعب البحرين أو مع غيره من الشعوب، عما واجهت به الشعب الإيراني نفسه في الانتخابات العامة الأخيرة وحتى عندما نزلت جماهيره إلى الشوارع وهي تسأل بأعلى صوتها: أين سرقتم صوتي في الانتخابات؟!

ذلك أن النظام الإيراني لا يريد أن يعرف موقف أهل البحرين من هذا الاتحاد، ولا أن ينتظر النتيجة التي سيسفر عنها الاستفتاء الشعبي حوله، لأن الأمر محسوم سلفاً بالنسبة إليه... هو لا يتصور قيام أي اتحاد، أو حتى تعاون وتنسيق، بين دولتين خليجيتين لا يكون تحت خيمة حلمه الإمبراطوري الفارسي في منطقة الخليج، وحتى في منطقة الشرق الأوسط كلها.

أكثر من ذلك، فهو لا يرى مجموعة أفراد يعتنقون المذهب الشيعي، وربما حتى لا حسينية في أي بلد، لا تكون إيرانية الهوى والعقيدة (عملياً، التبعية الكاملة) إن في السياسة العامة للنظام أو في حلمه الإمبراطوري الشامل على مساحة الإقليم وفي العالم.

هل يعني غير الركض وراء هذا الحلم، مد يد النظام الإيراني سافرة من دون أية قفازات، ومنذ نشوئه قبل ثلاثة وثلاثين عاماً، إلى حركات التمرد والانفصال في المنطقة... من الهزارة في أفغانستان، إلى الزيديين والحوثيين في اليمن، إلى السلفيين في السودان والصومال، إلى الجهاديين في فلسطين، حتى لا نتحدث عن المجموعات التي تعتنق المذهب الشيعي في أي بلد من بلدان العالم؟

بل هل يعني غير ذلك، إصرار النظام على بناء قوة عسكرية بالغة الضخامة براً وبحراً وجواً، وتمسكه بمواصلة مشروعه النووي المفتوح على احتمال إنتاج قنبلة نووية، على رغم الرفض العالمي الإجماعي للمشروع وفرض سلة واسعة من العقوبات السياسية والاقتصادية والمالية عليه؟

واقع الحال، أن مشروع التوسع الإمبراطوري هذا هو ما تعمل له إيران في سياستها تجاه سورية والعراق ولبنان، ولو أنها تتحدث تارة عن «الممانعة» لدى النظام السوري و «المقاومة» من خلال «حزب الله» في لبنان وإنهاء بقايا الاحتلال الأميركي للعراق، وتارة أخرى عن محاربة «مشروع الشرق الأوسط الكبير» عبر ما تسميه «محور العداء للاستعمار» في البلدان الثلاثة، ودائماً عن تحرير الأراضي المحتلة في فلسطين وحتى إزالة اسرائيل ونهضة الأمتين الإسلامية والعربية في نهاية المطاف.

وعلى رغم أن هذا المشروع يشل العراق عملياً ويهدد بتقسيمه إذا ما استمر الوضع فيه على ما هو عليه، كما يضع سورية على سكة مماثلة في ما لو بقي النظام السوري المدعوم إيرانياً على نهجه القائم على قمع الثورة الشعبية المتواصلة ضده منذ أربعة عشر شهراً حتى الآن، فضلاً عن أنه يهدد لبنان باستئناف حربه الأهلية التي لم تنته بعد منذ أربعة عقود، فلا تعطي إيران إشارة واحدة إلى أنها قد تعيد النظر في سياستها في البلدان الثلاثة.

لماذا هذا الموقف الإيراني من العراق وسورية ولبنان؟

غني عن البيان أن نظام الملالي الإيراني قام أساساً من أجل هذا المشروع الإمبراطوري، وأنه يعتبر أنه حقق إنجازات كبرى على طريقه، إن في إيران ضد خصومه المحليين أو في دول المنطقة، وأنه يواصل العمل على هذا المشروع على رغم ما يعترضه من صعاب أو عقبات.

ولا حاجة إلى الامعان في التفكير لتبيان أن دخول العراق وسورية ولبنان في حروب أهلية، وحتى جرها إلى التقسيم دويلات طائفية ومذهبية وعرقية يقاتل بعضها بعضاً الى أمد الآمدين، إنما يخدم مشروع إيران الإمبراطوري أكثر من أي شيء آخر.

... ومن الخليج العربي إلى المشرق العربي، لا يقول النظام الإيراني في الواقع إلا أن مشروعه واحد هو المشروع الإمبراطوري الفارسي.

==================

الأسد: حبال النجاة وحبال المشانق

عبد الله بن بجاد العتيبي

الشرق الاوسط

2-6-2012

ربما كان مملا للمثقف والواعي تكرار حقيقة أن المصالح هي التي تدير السياسة، والمبادئ والآيديولوجيات يتم توظيفها لهذه الغاية، ولكنه تكرار مفيد لكثير من الناس الذين لم يتشكل لديهم الوعي الكافي ببدهية كهذه، فكثير من المشاهير الذين يشاركون في الشأن العام لا يدركون ذلك فضلا عن عامة الناس، ولذلك حين تجيش بهم العواطف الدينية أو الاجتماعية أو الإنسانية تجاه حدث مأساوي ما تغيب هذه البدهية عنهم بسهولة، فحسابات السياسة أعقد من تعاطف واعظ أو جموح فنان.

من هنا فإن التشبث الروسي/ الصيني بالدفاع عن نظام الأسد الغاشم بسوريا يأتي من هذه البدهية الأولية، فلا شيء لدى الدولتين العظميين تخسرانه بمساندتهما للأسد، لكنهما ستخسران الكثير بلغة المصالح حين تتخليان عنه، وبغض النظر عن صدقية هذه الرؤية، فإن الدولتين العظميين تنطلقان منها.

ثمة تساؤل يجب أن يطرح؛ أليس للأحداث المأساوية الكبرى كالمجازر أي دور في التأثير على السياسة؟ والجواب هو بالتأكيد نعم، فهذه المجازر يتم تحويلها بوعي لدى السياسي إلى مصالح تخدم رؤيته وتوجهاته، ولهذا شواهد في التاريخ الحديث والمعاصر، وهو ما يجب فعله تجاه مجازر الأسد المستمرة في الحولة ودير الزور وحمص وغيرها، بمعنى أن يتم تحويل هذه المجازر لرصيد سياسي يستفيد منه المجلس الوطني السوري كما الجيش السوري الحر.

طرد الدبلوماسيين السوريين من بضع عشرة دولة حول العالم خطوة بالاتجاه الصحيح، وإن جاءت متأخرة في سبيل عزل نظام الأسد سياسيا، وهي ما يجب أن تتبعها خطوات أخرى، ويجب أن يكون الانطلاق من إعلان صريح للمبعوث الدولي والعربي أنان بأن مشروعه قد فشل، فمن غير المعقول أن يتحول دور المراقبين الدوليين من سحب الجيش من المدن والقرى ووقف العنف إلى مجرد إحصاء رقمي لعدد الضحايا والجثث من المدنيين دون أي تأثير سياسي.

النظام الأسدي (وكما تبين جميع تصرفاته) عازم على أخذ البلاد للحرب الأهلية والفوضى، وهو يسعى من جراء استمراره في العنف الدموي الشامل أن يخلق حالة من الاحتراب الداخلي يأمل من خلالها أن يستطيع الاحتفاظ ولو بمنطقة صغيرة من سوريا حيث اللاذقية وجبال العلويين المحيطة بها (حسب التسميات الحديثة)، وأن يحصل على دعم دولي لخلق مثل هذا الكيان الهزيل تحت ستار حماية الأقليات الذي يعلم قوة تأثيره غربيا، ويستحضر في ذاكرته قيام مثل هذا الكيان في التاريخ الحديث.

إن «حماية الأقليات» فكرة غربية حديثة وصحيحة، ولكنها بكل الأحوال لا تنطبق على النظام الأسدي ولا على أوضاع سوريا اليوم. إن ما يجري في سوريا هو عنف الدولة الغاشم الذي تقوم به عائلة تحتمي وتوظف أقلية طائفية لقمع الأكثرية من شتى التوجهات، والواجب اليوم هو حماية الشعب بكل طوائفه وشرائحه من بطش النظام، وتمكينه من الدفاع عن نفسه.

خطة أنان قد فشلت، والذهاب لمجلس الأمن لن يجدي شيئا مع وجود الفيتو الروسي/ الصيني، فلم يبق إلا التوجه لإسقاط هذا النظام خارج مجلس الأمن، وهو ما سمته المندوبة الأميركية الأممية سوزان رايس ب«الطريق الثالث»، وأي تأخير في التوجه نحو هذا الطريق الثالث سيخلف آثارا لا تمحى في الذاكرة السورية، وسيكون له آثار أقوى في مستقبل سوريا السياسي، بل ومستقبل المنطقة برمتها.

لا تزال التيارات المدنية في سوريا، بقيادة المجلس الوطني، تسعى جهدها الجهيد للمحافظة على الطبيعة المدنية للتصدي لنظام الأسد، والمجلس مصيب حين أعلن حربا للتحرير ضد النظام، وهي الحرب التي يجب أن يدعمها الغرب ودول العالم الحريصة على السلام في المنطقة، فمن دون إسقاط هذا النظام المستمر في غيه السياسي والعسكري والطائفي ستنبعث في سوريا كل المشكلات المزمنة عربيا حيث الطائفية والإثنية والقبلية والإسلام السياسي بل والقاعدة، مما يعني خروج تنظيمات مسلحة من كل شكل ولون، كل واحدة تمثل عاهة من العاهات السابقة.

ربما لا يحبذ البعض الحديث عن مثل هذه المعطيات التاريخية في هذا الوقت، ولكنني أحسب أن من الجيد استحضارها والوعي بها منذ الآن حتى يكون صانع القرار والمراقب، الدولي والعربي، على بينة من أمره حين يتخذ أي قرار.

معلوم أن إيران - التي يراها الأسد أحد حبال النجاة - لم ولن تألو جهدا في دعم الأسد بكل ما تمتلكه من مفردات القوة، ولئن كانت إيران قادرة على تصدير خبرتها في القمع بما تشمله من توسيع أجهزة البطش العسكري والأمني، وعبر القيام بعمليات دموية تروج لها لنشر الرعب بين المواطنين، فإنها غير قادرة أن تجعل من سوريا إيران أخرى، فالفوارق متعددة والبون شاسع.

وبعيدا عن استحضار العمق التاريخي والحضاري، والقدرة والمكانة، وطبيعة التركيبة السكانية، فإن إيران الثورة، وكمثال واحد، تمتلك منذ قيامها مشاريع كبرى كالحرب مع العراق أو المشروع النووي أو النفوذ الإقليمي، وهي مشاريع تحتمي بها وتأرز إليها دائما عند تفاقم المشكلات الداخلية، أما نظام الأسد فلا يمتلك شيئا من هذا وحتى لو اعتبرنا توفير الحماية لإسرائيل مشروعا خارجيا للأسد، فإنه لا يستطيع الاعتماد عليه للهرب من أزمته الداخلية الكبرى.

إن الأسد يفكر في حبال النجاة المتاحة أمامه، فيجدها دوليا في الدعم الروسي/ الصيني، وإقليميا في إيران وأتباعها في العراق، أما داخليا فيعتمد على جيش وقوات مسلحة تمت صناعتها برؤية طائفية أقلية على يدي والده حافظ الأسد، الذي كان يستحضر في ذهنه بناء «القوات الخاصة للشرق الأدنى» التي أنشأها الفرنسيون 1921 من الأقليات، وعلى رأسهم العلويون، خاصة وقد «أدت الخدمة العسكرية مع الفرنسيين إلى تأسيس بدايات تقليد عسكري علوي أصبح مركزيا في صعود الطائفة اللاحق»، كما ذكر باتريك سيل، كاتب «السيرة التبجيلية لحافظ الأسد» ص37، وهو ما سبق أن فصله قبله نيقولاوس فان دام في كتابه المهم «الصراع على السلطة في سوريا».

أخيرا، فإن السياسة وإن كانت مصالح دائما فإنها تتعامل مع معطيات راسخة ومتغيرات دائمة تتطلب فهما ووعيا يمكّن من توظيفها في السياسة. الأكيد هو أنه في لحظة ما (لم تعد بعيدة) ستتلاشى التفاصيل الصغيرة وستبقى الحقائق الكبرى، وأن حبال النجاة قد تصبح حبال مشانق.

==================

هذه حقيقة الروس

عبد الرحمن الراشد

الشرق الاوسط

2-6-2012

ليس في سوريا فقط، بل في معظم القضايا المصيرية كان موقف روسيا سلبيا. وبالتالي عندما نتلمس إشارات من موسكو على أمل أن تغير موقفها حيال المأساة السورية ربما نبني لأنفسنا آمالا كاذبة. وكل ما نبرر به للروس ليس صحيحا اعتقادا منا أنهم سيغيرون موقفهم، ولن يغيروه إلا بعد سقوط بشار.

أستطيع أن أعد قائمة طويلة من المواقف لروسيا متشابهة في الكيفية التي عالجت بها الأزمات الخطيرة في قضايا دولية مثل البوسنة والهرسك وكوسوفو وليبيا والآن سوريا، فيها كلها وقفت مع الطرف الشرير إلى النهاية. وحتى موقفها من القضية الفلسطينية، الذي هو أفضل من الموقف الأميركي، كان دائما مجرد موقف تضامني. وموقف الروس الداعم لإيران هو ما جعلها تتمادى في مشروعها النووي، وما سببه من تراكمات سياسية دولية وإقليمية خطيرة في منطقة الخليج.

طبعا، كل الدول العظمى والكبرى لها سياساتها، ولا تتصرف بناء على ضغوط الأخبار والإعلام. إنما في الأزمات الكبيرة نتوقع أن تكون هذه الدول واقعية بما يتفق مع مصالحها ومصالح الآخرين؛ فقد كان موقف الأميركيين براغماتيا عندما وجدوا أن مصير حليفهم حسني مبارك ميؤوس منه في مصر، وقبله كانوا واقعيين عندما رأوا زين العابدين بن علي عاجزا. أما موسكو فقد أخذت سياسة عنيدة، بشكل غريب وصريح. ساندت جزاري بلغراد في التسعينات إلى اللحظة الأخيرة، ولاحقا فعلت الشيء نفسه في ليبيا. والآن، ومنذ خمسة عشر شهرا، وهي تساند بشار الأسد رغم هول الجرائم التي استمرت قواته بارتكابها منذ أبريل (نيسان) من العام الماضي، ولم يمر شهر واحد دون مشاهد مروعة وعمليات قتل وتعذيب واسعة في أنحاء البلاد ضد المدنيين. والأقرب أنها تساند نظاما ساقطا، نظاما لا قيمة له إقليمية أو شعبية، وليس منتجا مؤثرا في العالم!

والحقيقة أن الموقف الروسي هو الذي تسبب في إطالة الأزمة، وربما أضر بحليفها الأسد، حيث كان يمكن أن تفرض عليه حلا سياسيا وسطا في البداية، لكن شعور الأسد أنه عصي على العالم، ومتأكد أن روسيا تحميه في مجلس الأمن ضد أي قرار بمحاربته، دفعه إلى انتهاج سياسة وحشية قمعية، حتى صار من المستحيل أن ينجو الأسد، أو أحد من نظامه مستقبلا مهما طالت الأزمة. أعني أن الروس لن يستطيعوا، رغم كل ما بذلوه لدعمه وحمايته، إبقاء النظام واقفا على قدميه. سيسقط سقطة بشعة. الآن هي حرب بين أكثر من سبعين من المائة من الشعب السوري ضد النظام الآن، وسيسقط قصر الزمن أم طال.

بوقفتهم ومساندتهم وعنادهم في وجه غضب الشعب السوري والشعوب العربية والعالم، الروس يغررون بالأسد كما غرروا بحليفهم معمر القذافي في العام الماضي. فالديكتاتور الليبي كان في مرحلة من المواجهات مستعدا لحل طرحته حكومة جنوب أفريقيا يخرج بموجبه من الحكم ويعيش في المنفى بضمانات دولية، وهو حل سياسي يحافظ على ليبيا. لكن القذافي اطمأن إلى دعم روسيا العسكري والسياسي حتى توهم أنه يتكئ على جدار صلب، وفي النهاية سقط سقطة مروعة.

==================

سوريا وهذا الإصرار على الحسم الأمني!

أكرم البني

الشرق الاوسط

2-6-2012

نقطتان يمكن الاستناد إليهما في تفسير إصرار النظام السوري على الخيار الأمني والعسكري بعد أكثر من أربعة عشر شهرا على انطلاق الثورة وعجزه عن إخماد الحراك الشعبي، أو التخفيف من حدة الأزمة المتفاقمة، بما هو إصرار وتصميم على إعادة الأمور إلى ما كانت عليه عبر سحق الاحتجاجات بالقمع والعنف العاريين، واستخدام كل أشكال الفتك والتنكيل وبلا حساب، لإخراج الشعب من السياسة وتثبيت حالة الخوف والرعب التقليدية في المجتمع!

النقطة الأولى، تتعلق بالبنية والطابع التكويني لهذا النوع من الأنظمة المعجونة بتاريخ طويل من القهر والغلبة، وبمنطق خاص في فهم السلطة والمسؤولية، جوهره ليس التنافس الصحي لاختيار الأفضل في إدارة المجتمع والأكثر كفاية للتعبير عن مصالح فئاته وتكويناته المتعددة، بل مبدأ القوة والجبروت ووسائل القمع والإرهاب، ما كرس عجزا مزمنا لدى السلطات في تعديل طرائق الهيمنة، حتى لو اضطرت إلى ذلك، لأنها تخشى من الانفتاح على المجتمع وتتحسب من المناخات السياسية، ومن القيام بأي مبادرة أو تنازلات جدية، ولأن لديها وفرة من التجارب تعزز ثقتها بأن العمل المجدي لدوام السيطرة ليس الاستجابة لمطالب الناس ومعالجة مشكلاتهم، بل الاستمرار في إرهابهم وشل دورهم، ربطا بسوء تقدير، ولنقل تضخيم للذات، والاعتقاد بأن ما كرس من قوى يشكل مدماكا راسخا لا يمكن بأي حال زعزعته، وهو قادر على سحق كل من يقف في طريقه!

ويزيد الطين بلة قوة لوبي الفساد المنتشر في مختلف المؤسسات، وتشبثه بمصالح وامتيازات لا يريد التنازل عنها أو عن بعضها حتى لو كان الطوفان، ثم شعور أصحاب الحل الأمني بأنهم وبعد ما اقترفته أياديهم قد وصلوا إلى نقطة اللاعودة، وأنهم يخوضون معركة حياة وموت يرتبط وجودهم ومستقبلهم بنتائجها، خاصة أولئك الذين أوغلوا في ارتكاباتهم ويخشون ساعة الحساب! الأمر الذي يفسر هذا التنافس المرعب في القمع والتنكيل بين أجهزة أمنية متعددة، يطلق كل منها مخيلته لابتكار أي جديد لم يجرب من شأنه إرهاب البشر، فإلى جانب الإفراط في استخدام القوة والعنف لإشعار جموع المتظاهرين بلا جدوى ما يقومون به وأنه ضرب من المحال تجاوز الحالة القائمة وتغيير الأوضاع، هناك التفنن في إرهاق الناس واستنزاف قوتهم وقدرتهم على الاستمرار، عبر تصعيد الاعتقالات الواسعة والعشوائية والحصار المزمن لبعض المناطق والأحياء والضغط على حاجاتها وخدماتها وشروط معيشتها، وأيضا توظيف ما يحصل من تفجيرات لتعميم حالة الرعب من أي حركة أو تجوال، وإشاعة أجواء اللامسؤولية وتغييب المحاسبة كضوء أخضر للآلة القمعية كي تتصرف على هواها، والأهم ترويج بعض الصور والحكايات عن فظاعة القمع والتنكيل دون اهتمام بالتشهير الإعلامي بقدر الاهتمام بوظيفتها في بث مزيد من الخوف والهلع في المجتمع وفي نفوس من لا يزالون مترددين في دخول الميدان والمشاركة!

النقطة الثانية ترجع إلى المناخ العام، إقليميا ودوليا، الذي يتسم بحالة من التردد والسلبية، ولنقل بردود فعل بطيئة ومائعة، لم ترقَ إلى مستوى الحدث السوري، لا بالزمن ولا بالمواقف، بالمقارنة مع سرعتها وقوتها تجاه الأحداث العربية الأخرى، الأمر الذي منح المؤمنين بالحسم الأمني مزيدا من الوقت لتجريب قوتهم وأدوات قهرهم، وهامشا واسعا للتوغل في العنف أكثر، إن لجهة حجم القوة المستخدمة وتنوعها أو لجهة الزمن والفرص! ولنقل شجعهم على استباحة كل شيء وممارسة أشنع وسائل القهر وأكثرها ضراوة وهم مطمئنون إلى أن ردود الفعل العربية والدولية لن تصل إلى المواجهة والردع، ولن تتجاوز حدود الإدانات والعقوبات الدبلوماسية والاقتصادية، بل وممتلئون ثقة بأنهم يتمتعون بحصانة كبيرة وبأن العالم، وقد أعلنوا عن ذلك مرارا، عاجز عن التوصل إلى موقف موحد للتدخل في سوريا ووضع حد للعنف المتمادي، ومستندون من تجربتهم إلى حقيقة أن للخارج مصالح يركض وراءها، وسيأتي إليهم صاغرا، طلبا لها، ما أن تحسم الأمور لهم، فهم الذين فكوا العزلة الطويلة بعد اغتيال الحريري، وفرضوا بخروجهم منتصرين على الآخر إعادة النظر بمواقفه، والأهم أن لديهم خارجا آخر قويا، روسيا وإيران وحلفائهما، يشاركهم المنطق ذاته، منطق القوة والغلبة، في طرائق الحضور والهيمنة، ويراهنون على دوره في تغطية أفعالهم واستمرارهم في القمع، ومن هذه القناة يمكن النظر إلى الموقف الروسي الذي لا يزال يعيق إصدار قرار أممي لوقف العنف وحماية المدنيين، وأيضا ما يشاع عن دعم اقتصادي وأمني ومالي كبير قدمته قوى عربية وإقليمية للنظام السوري، لتعزيز قدرته على المواجهة وتعويض ما خسره بسبب معركته المتزايدة الضراوة!

يبدو مع كل لحظة تمر أن الحل الأمني عاجز عن إخماد نار الحراك الشعبي، وأعجز عن إحداث التحول الذي تريده السلطة، فالقمع على شدته لم يعد يستطيع إخافة الناس، بل يوسع مناطق الاحتجاج ويزيد عدد المتظاهرين، مظهرا معادلة جديدة في المشهد السوري، بأنه كلما ازداد العنف ارتفع سقف المطالب واتسعت دائرة الاحتجاجات، ولا ينفع هنا تكرار التصريحات الرسمية بأن الأمور بخير وأن الأزمة انتهت، فالأمور في تفاقم مستمر، والأسباب السياسية للاحتجاجات الشعبية تزداد حضورا ووضوحا، كاشفة هشاشة التبريرات وزيف الذرائع المسوغة لاستمرار العنف، وكلمة انكشاف لا تعني ظهور أمر غامض أو جديد بقدر ما تعني انهيار القدرة الإعلامية السلطوية على التغطية والتمويه!

ويبقى السؤال، إلى متى يستمر هذا العناد الأعمى في المعالجة الأمنية والعسكرية، دون اهتمام بآثارها السلبية، وبأنها تفتح أبواب البلاد على المجهول، نحو انفلات الصراعات على غير هدى، واستدراج المزيد من العزلة والحصار والتدخلات الخارجية، والأهم ما سوف يتكبده النسيج المجتمعي ومستقبل الأجيال من أضرار فادحة، وفي المقابل ما حجم التضحيات المفترض أن تقدمها الثورة الناهضة كي تصل إلى تحطيم الطرائق الأمنية والذهنية القديمة التي تدار بها البلاد، والتي أورثتنا ما نكابده من قهر وفساد وآلام ودمار!

==================

الحولة ومجازر أخرى

منار الرشواني

الغد الاردنية

2-6-2012

كما كان معروفاً سلفاً، انتهت لجنة التحقيق السورية الرسمية في المسؤولية عن مجزرة الحولة، والتي أعلنت نتائج عملها يوم الخميس الماضي، إلى ترديد ذات الكلام الذي كان قد أدلى به المتحدث باسم الخارجية السورية، جهاد مقدسي، قبل ذلك بأيام غداة المجزرة، دون تحقيق أو سواه؛ وذلك بأن المسؤولية لا يتحملها أبداً جيش الأسد وشبيحته، وإنما "مجموعات مناهضة للنظام"، هدفت بارتكاب فظائعها تلك إلى "تقويض وحدة الوطن واستجلاب التدخل العسكري الأجنبي في البلاد".

لكن حتى بتصديق هذا الكلام المعاد منذ بداية الثورة السورية قبل أكثر من أربعة عشر شهراً، فإن ذلك لا يمكن أن يقودنا إلا إلى إدانة نظام بشار الأسد باعتباره المسؤول أولاً وأخيراً عن كل المجازر التي عرفتها سورية، وليست الحولة إلا واحدة منها فقط.

فكما يردد النظام في كل مناسبة، فإن المجموعات الإرهابية المجرمة المقصودة هي جماعات سلفية تكفيرية، تنتمي فكرياً أو تنظيمياً إلى "القاعدة". ولمن لا يعرف أو لا يريد أن يتذكر، فإن تبني ورعاية هذه الجماعات، بافتراض التسليم بمسؤوليتها، لم يكن إلا من قبل النظام ذاته عقب الاحتلال الأميركي للعراق. لكن، وكما اتضح لاحقاً، فإن تسهيل عمل هذه المجموعات في الأراضي السورية وعبر الحدود مع العراق، لم يكن لتخليص الجار الشقيق من الاحتلال الأميركي أبداً، بل إشغالاً لهذا الاحتلال عن النظام السوري بداية، ومن ثم دعماً للاحتلال الإيراني الذي يبدو اليوم السبب الرئيس في اتجاه العراق نحو التقسيم على أسس طائفية وعرقية.

أهم من ذلك يبدو في السؤال البدهي: لماذا يتوقع مرتكبو المجزرة "الحقيقيون" أن كل الشبهات ستدور حول النظام السوري، وليس أي فريق آخر سواه، أكان معارضة أم "قاعدة"؟ أليس ذلك بسبب تاريخ النظام المليء بسفك دماء المواطنين السوريين الأبرياء، فرادى وجماعات ومدناً كاملة؟ أليس ذلك بسبب عقود من التعذيب والتنكيل بالمعتقلين السياسيين كأبشع مجرمين لأنهم عارضو النظام أو واحداً من قراراته أو سياساته؟ أليس بشار الأسد هو من أقر بنفسه في أحد خطاباته بعد اندلاع الثورة، ودونما خجل، أن خوف المواطن السوري من إرهاب النظام يمتد حتى إلى مراجعة السفارات السورية في الخارج؟! ومن ثم، يكون السؤال: هل تغير شيء من تلك الممارسات البشعة حتى اليوم، وفي زمن ما يسميه النظام "إصلاحاً!"؟ أبداً، ولا يستطيع أشد الأغبياء وأشد المستفيدين من النظام ادعاء خلاف ذلك!

بسبب كل ذلك، لا يتحمل نظام بشار الأسد المسؤولية فقط عن الحولة ومثيلاتها من مجازر وقعت، بل وسيتحمل المسؤولية تلقائياً عن كل مجزرة تقع مستقبلاً، حتى لو ارتكبها طرف ثان أو ثالث.. أو عاشر. فمن أجهز على الدولة السورية وشعور أبنائها بالمواطنة، لمصلحة الفاسدين والجلادين، وجعلها بالنتيجة نهباً للجميع، هو من حكمها لمدة تزيد على الأربعة عقود. وبدهي أن إنهاء المجازر لا يكون إلا بإنهاء هذا النظام الذي بات استمراره بما لا يعرف سواه، أي الاستبداد والقتل، لا يشكل خطراً على سورية وأبنائها كافة فحسب، بل وعلى المنطقة ككل.

=========================

مجزرة الحولة أوصدت باب الحل السياسي للأزمة السورية

د. أميمة أحمد*

2012-05-30

القدس العربي

يتجول الموت في شوارع وبلدات سورية منذ انطلاقة الثورة السورية قبل نحو خمسة عشر شهرا ضد الاستبداد الذي يهيمن على سورية لأكثرمن أربعة عقود، تناقله النظام وراثيا من الأب لنجله. لا أحد يمتلك الإحصاء الدقيق لعدد ضحايا القتل في سورية، فآخر إحصاء تتداوله وسائل الإعلام والأمم المتحدة 15.321 ألف شخص لقوا مصرعهم على أيدي قوات الجيش النظامية السورية، التي منذ البداية استخدمت الأسلحة الثقيلة في قمع المظاهرات السلمية المطالبة بالحرية، في اللاذقية الساحلية استخدم النظام الزوارق البحرية، وفي حمص وحماه استخدم كل أنواع السلاح الثقيل دبابات تجتاح الأحياء ومروحيات ومدافع تقصف المدن. ومن يشاهد هذه المدن يظن أن زلزالا قد دمّرها، بيوت مهدمة، شوارع مليئة بالركام، أعمدة كهرباء سقطت أرضا، لاشيء سوى رائحة الموت، هنا وهناك بقايا دماء لأشلاء السوريين أطفالا ونساء وشيوخا.

هؤلاء المدنيون الأبرياء يصفهم النظام 'بالإرهابيين' ويحل دمهم، ويستبيح أعراضهم، ويفلت شبيحته على إذلالهم قبل قتلهم. هذه ليست حربا ضد عدو، حتى وإن كانت ضد الأعداء فإن المواثيق الدولية تحظر استباحة كرامة الإنسان، فما بالكم عندما يكون الطرف الآخر بالحرب هو الشعب السوري الذي يفترض بموجب العقد الاجتماعي للدولة أن النظام يحمي السكان لا يقتلهم بهذه المهانة؟

تحمّل السوريون هذا الإذلال على مدى خمسة عشر شهرا، وفي الشهرين الأخيرين مع مبادرة كوفي عنان المبعوث العربي الأمم ارتفعت وتنوعت وتيرة العنف إلى مجازر مروعة غير مسبوقة، وقد سمع وشاهد العالم بعضها في خان شيخون وإدلب ودرعا وحماه ودوما وما خفي كان أعظم، حيث هناك مقابر جماعية لاأحد يعرف عددها، وقد اكتشف بعضها في حمص 500 جثة مجهولة الهوية. والتطور النوعي الآخر التفجيرات في المناطق السكنية مستهدفة المقار الأمنية، واللافت بتلك التفجيرات أنها لاتترك آثارا تذكر على المباني الأمنية وتترك عشرات الضحايا، ما الذي يمنع انتحاريا أن يدخل إلى وسط المبنى؟ لماذا التفجيرات على الباب الخارجي فقط، وبلحظات يحضر التلفزيون الرسمي وتلفزيون الدنيا لصاحبه رامي مخلوف ويصورون، والمتتبع للصور بعين الصحفي يدرك من الوهلة الأولى أن خارطة التصوير كانت معدة مسبقا، والصحافي يذهب مباشرة للمكان المفروض تصويره. هذه الخدع الإعلامية لم تعد تنطلي على الشعب السوري، الذي عرف أن أبناءه قضوا بالتعذيب أو التفجير لأن هناك دفعات من المعتقلين شحنوهم أحياء لأماكن التفجير، وأقام النظام لهم مراسيم جنائزية مهيبة، ولكن من غير المعلوم إن كانت هويتهم الأصلية أم منحوهم أسماء أخرى، من بمقدوره التحقق من صحة هذا الاسم لذاك الجثمان في بلد مثل سورية التي منعت كل مصادر الخبر عن الإعلام الدولي والمحلي. سألت زميلا صحفيا سوريا عن إمكانية حصولهم عن الخبر، فقال ' أنت تمزحين بسؤالك ؟ فنحن خلف الأمن الذين يقدمون أنفسهم صحافة، وحيثما يأخذونا نذهب وندون ونصور مانراه 'سالته وماذا ترون ؟ قال ضاحكا' مايراه الأمن وتروه بالتلفزيون السوري وقناتي الدنيا والإخبارية وتقرأونه في صحف البعث والثورة وتشرين والوطن وووو 'تطاولت الشهور الخمسة عشر إلى أن خالها الشعب السوري دهورا، ورائحة الموت تملأ سماء سورية على مدار الساعة، وأصبح ضحايا الحرية في سورية أرقاما في نشرات الأخبار العالمية' 54 قتيلا سقطوا برصاص قوات النظام السوري في حمص وحماه وإدلب ... 35 قتيلا في حلب وحماه ومناطق أخرى ... 30 قتيلا في حلب بينهم 21 في جامعة حلب حيث هاجم الشبيحة مظاهرة طلابية داخل الحرم الجامعي، ورموا طالبا من الطابق الخامس، وذبحو آخر أمام زملائه بساحة الجامعة ......والكثير من الروايات عن التفنن في قتل السوريين لترويعهم وتركيعهم للعدول عن مطلبهم بالحرية، يرافق كل هذه المهانة والقتل مايسميها النظام 'إصلاحات' والمضحك المبكي أن روسيا التي أصبح رئيسها ووزير خارجيتها الناطقين الرسميين باسم النظام السوري، نسمع تصريحات ميدفيد يف وبعده بوتين 'أن النظام قام بإصلاحات جديرة باهتمام المجتمع الدولي' وسيرغي لافروف الذي غطى على وزير خارجية سورية وليد المعلم في تصريحاته لدعم النظام السوري، يؤكد المرة تلو المرة على ' الحل السياسي للأزمة السورية والحوار بين النظام والمعارضة ' أي حوار وأي حل سياسي؟

هل بعد مجزرة الحولة بقي أي أمل بالحوار؟ وهل أبقت جثامين 55 طفلا مذبوحين ذبخ النعاج فرصة لحل سياسي في سورية؟ أي عبثية في طرح كهذا وقد بلغ عدد ضحايا النظام السوري منذ بدء مبادرة عنان أكثر من ألفي قتيل في وقت ينص البند الأول على وقف العنف فورا، ألم يتعرض فريق المراقبين نفسه لعدة هجومات؟

نقولها بصراحة إن النظام السوري لديه ضوءا أخضرا من المجتمع الدولي (وتحديدا أمريكا وروسيا في مقايضات سياسية على جماجم الشعب السوري) للاستمرار في الحل الأمني وبهذا العنف غير المسبوق من نظام ضد شعبه. أجل إنها ترخيص للنظام لقتل الشعب السوري بما يحقق تأجيج الحرب الأهلية. أجل مجزرة الحولة التي راحت فيها عدة عوائل بكاملها تهدف إلى تأجيج الثأر والقتل المضاد في العائلات العلوية، ولا أستبعد مجزرة مماثلة في قرى علوية. أليس هذا دليل على تورط النظام في مؤامرة دولية ضد سورية الوطن والشعب لإنهاك سورية حد الخور، وما الذي يمنعه إذا كان فعلا رئيس البلاد أن يوقف العنف ويستمع لهؤلاء الشباب الذين ملأوا شوارع سورية؟ هل كلهم إرهابيون؟ هل كلهم مندسون؟ هذه الاتهامات للشعب تدلل أنه فاقد الشرعية لحكم شعب يتهمه هذا الاتهام الخطير.

هذا التصرف الأرعن من النظام رفع عقيرة المنادين بالتدخل الخارجي لحماية المدنيين السوريين، وعرض ليس أمن سورية بل أمن المنطقة لمخاطر الانزلاق في حرب أهلية لاتبقي ولاتذر، والنظام يعرف تماما أن المجتمع الدولي ليس بوارد التدخل في سورية بفضل جارته إسرائيل التي لم يطلق رصاصة عليها منذ حرب التسوية السياسية 1973، وخيار 'السلام الاستراتيجي'، لذا يقتل ويقتل غير مبال بكل التنديد والشجب الدولي، وهذا التنديد لايعدو أن يكون بيانات لاتساوي الحبر الذي كتبت به، بل هي مُهل للقتل.

لانريد تدخلا خارجيا، بل نريد تدخلا سوريا للشرفاء بالجيش السوري أن ينهوا هذه المأساة حفاظا على سورية الوطن وسورية الشعب، فآل الأسد ليسوا قدر سورية ولن يكونوا.

نريد حوارا بين السوريين لإنهاء مأساة الشعب السوري، يكون أطراف الحوار من عقلاء سورية في كافة الطوائف والأديان والعشائر، ورموز سياسية مشهود لها بالنزاهة والنضال، وهم معروفون، يمكن تسمية هؤلاء الشرفاء 'تجمع إنقاذ سورية' يتم الحوار في سورية تحت إشراف الأمم المتحدة، نقاط الحوار: الانتقال السلمي للسلطة إلى تجمع إنقاذ سورية، الذي يقود مرحلة انتقالية مدة ستة أشهر مع نهاية 2012، ينتخب الشعب رئيسا مؤقتا للبلاد، هو من يقوم بنقل سورية إلى الديموقراطية خلال سنة، يتشكل خلال 2013 برلمان منتخب ومنه حكومة تمثل الشعب، وفي عام 2014 انتخابات رئاسية تعددية.

الأمل في من لازال ساكتا من الشعب السوري عليه أن يحمي سورية بتخليصها من هذا النظام.

هذا النظام أشاع اللاأمن ليقول للناس 'أنا أو الفوضى'، قتل الناس بمجازر ليروع الناس ويلتزموا بيوتهم بعد كل هذه التضحيات لأجل الحرية والانعتاق من الاستبداد.

هل يمكن لقوات عربية أن تتدخل عبر الأردن لحماية سورية؟ هل يمكن لمجلس الأمن أن يستخدم آليات الأمم المتحدة لحماية المدنيين تحت البند السابع. كلها أمنيات وأضغاث أحلام. والشيء المؤكد 'ماحك جلدك مثل ظفرك' بعد مجزرة الحولة لم يعد هناك حوار ولا حل سياسي مع النظام أيها الحالمون في أروقة الأمم المتحدة، الحوار الممكن مع 'تجمع إنقاذ سورية' وما أكثر الأحرار والشرفاء في سورية ليطلعوا بهذا الدور النبيل.

' كاتبة سورية تقيم في الجزائر

============================

الطرف الثالث الذي يؤجج الأزمة السورية هما روسيا وإيران ومن يتحالف معهما..؟

بقلم حسان القطب

الخميس 31 أيار 2012

موقع بيروت أوبزرفر

مصطلح الطابور الخامس والفريق الثالث والعناصر المندسة والمصطادين في الماء العكر والأيدي والعناصر الخارجية، مصطلحات اعتدنا عليها إبان الحرب اللبنانية السيئة الذكر، كما في سائر الحروب الأهلية، وهذه العبارات والمصطلحات تطلق بهدف التعمية ونفض اليد وتعتبر مخرجاً مقبولاً لدى البعض يتمثل بتنفيذ سياسة الهروب إلى الأمام لأنها قد تشكل مخرجاً مؤقتاً لهم، ولكنها بالتأكيد لا تحمي المدنيين والمواطنين العزل، ولا تعيد الضحايا لذويهم، ولا تعتبر عقاباً أو تهديداً بالعقاب لمن ارتكب هذه الجرائم، كما لا تعتبر حلاً ولا توفر خلاصاً، لا للفريق الذي يسعى لرفع المسؤولية عن نفسه وهو المتهم بارتكاب التقصير والتسبب بالخراب وتعميم القتل وتوفير الغطاء للمجرم، كما لا تبرئ من المسؤولية من يمنع المجتمع الدولي عن محاسبة من يمارس هذه العبث القاتل والخطير على الساحة السورية ويهدد بنشره على الساحة العربية وبالتحديد في دول جوار سوريا.. مجزرة بلدة الحولة السورية موصوفة وموثقة ولا يمكن تجاهل ضحاياها من أطفال ونساء وشيوخ وشباب، لا يكفي استنكارها كما ولا يمكن إنكار تداعياتها على الترابط الاجتماعي وخطورة نتائجها على النسيج الوطني السوري وحتى على مستقبل سوريا، وعلى من ارتكبها من أدوات النظام السوري، لأنه كان يدرك بوعي كامل حقيقة وأهداف ما ارتكبه، ومع ذلك يطل علينا نائب السفير الروسي لدى الأمم المتحدة ألكسندر بانكين ليقول: (إنه من الصعب تخيل أن تقوم الحكومة السورية ليس فقط بالقصف، وإنما أيضا إطلاق النار عن مسافات قريبة على أكثر من 40 امرأة، وأكثر من 30 طفلا دون سن العاشرة، مشيرا إلى أنه لا يتحدث عن مقاتلين، وتلك تحديدا هي الفظائع التي يجب التحقيق فيها. وأكد بانكين على وجود طرف ثالث أو قوة ثالثة، أو قوى خارجية، تسعى للتدخل العسكري، مشيرا إلى وجود حاجة للمزيد من التحقيقات ذات المصداقية)...

لم يستطع مندوب روسيا تجاهل المجزرة، فهرول مستخدماً سياسة الهروب إلى الأمام فذهب بعيداً في المطالبة بضرورة إجراء تحقيق ذا مصداقية، متناسياً أن دولته قد وافقت على بعثة المندوبين الدوليين إلى سوريا، وهنا نسأل.. إذاً لماذا إجراء تحقيق جديد..؟؟ وكيف وما هي شروط ومواصفات المصداقية التي قد تستند إليها روسيا لتقتنع بوحشية ما جرى..؟؟ هذا الطلب ما هو إلا تهرب من المسؤولية ومن إطلاق عملية دولية تهدف إلى معاقبة النظام السوري الحاكم بالحديد والنار والقتل على ما ارتكبه من جرائم وما تسبب به من عذاب للشعب السوري بكل فئاته ومكوناته طوال عقود من التسلط وحكم المخابرات والأجهزة الأمنية..

وواكبت دولة إيران الموقف الروسي وتناغمت معه مستخدمةً نفس السياق والأسلوب ولكن بلغة مختلفة وبهدف تحويل الأنظار إلى مكان اخر، فقد: (حذر الرئيس المؤقت لمجلس الشورى الإسلامي في إيران علي لاريجاني، أميركا من أن تكرار الأنموذج الليبي في سوريا، سينجر إلى فلسطين، وستطال شظاياه الكيان الصهيوني، واصفا إياه بأنه لعبة خطيرة). فهو أي لاريجاني لم يتهم طابوراً خامساً أو فريقاً ثالثاً بل وعد بتوسيع دائرة الصراع مستخدماً أدواته المحلية في حال جرى تدخل دولي لحماية الشعب السوري من جلاديه، والقضية الأمثل في عالم التجارة السياسية في الشرق الأوسط هي قضية فلسطين كونها تدغدغ مشاعر الشعب الفلسطيني أولا والعالم العربي والإسلامي ثانياً، لما يختزنه من رغبة في رؤية التحرير واقعاً ملموساً، ولكن إذا كانت إيران وسوريا قادرتين على تحرير فلسطين فلماذا التأخر والتلكؤ عن تنفيذ هذا الحلم الذي طال انتظاره..؟؟ ولماذا التهويل بقصف فلسطين المحتلة وليس بتحريرها في حال جرى تدخل دولي في سوريا..؟ وهل قتل الشعب السوري بالسواطير والسكاكين وبممارسة القصف العشوائي ينجز التحرير ويخدم القضية الفلسطينية..؟؟ ومشروع المقاومة والممانعة..؟؟ ولكن عبارات لاريجاني التي وردت كانت كافيه لتدينه وتكشف حقيقة أهدافه، فالكل يعلم أن امن إسرائيل هو أولوية لدى العالم الغربي والمجتمع الدولي إلى جانب أن مسألة مكافحة الإرهاب هي شعار مرفوع بشكل أو بآخر من قبل الغرب والأمم المتحدة ومجلس الأمن. وهنا خطورة التلويح بتوسيع دائرة الصراع في المنطقة..؟؟

 لذلك فإن فالسيد لاريجاني عندما يهدد بقصف فلسطين المحتلة إنما يهدد باستهداف أمن إسرائيل لحماية النظام السوري لا بهدف التحرير بعينه، وقياساً على ذلك فعندما يتحدث حلفاء سوريا وإيران عن القاعدة ووجودها في لبنان وسوريا إنما هذا يجري بهدف استقطاب الاهتمام الدولي نحو مشكلة أخرى في المنطقة ويتزامن مع تسويق دور النظام السوري في مكافحة الإرهاب ومواجهته رغم أن هذا كلام غير صحيح على الإطلاق..؟ وللإشارة أيضاً إلى ما قد يمثله غياب بشار الأسد وحلفائه في لبنان والعراق عن الساحة السياسية والأمنية من خطر على المصالح الغربية وأمن إسرائيل أيضاً لأن هذا النظام طالما كان ضامناً لأمن إسرائيل طوال عقود واستهداف إسرائيل بالصواريخ هو بهدف رفع كلفة الخروج من السلطة لعل المجتمع الدولي يعود عن توجهاته بالمساعدة على تحقيق التغيير في سوريا، والاكتفاء ببعض الإصلاحات التي ترضي مزاج ورغبة البعض في سوريا والمنطقة والعالم دون انجاز إصلاحات كاملة وشاملة بانتظار أن ينشغل المجتمع الدولي لاحقاً في اهتمامات أخرى، ويعود حينها نظام سوريا عن وعوده، وهذا ما يكن استنتاجه بشكل واضح وصريح حين: (شدد لاريجاني على أن مجلس الشورى الإسلامي يدعم الإصلاحات الديمقراطية في سوريا، بما يمكنه من ضمان حقوق الشعب، ويستنكر بشدة الممارسات الإرهابية والتدخل الانتهازي لبعض الدول في سوريا، فضلا عن الخطاب التصعيدي اللامنطقي من قبل أميركا، ويحذر من أن البدء بهذه المغامرة قد يبدو سهلا، إلا أن خاتمتها ستكون صعبة بالتأكيد).

حياة ومصير ومستقبل ورفاهية واستقرار وحرية وازدهار الشعب السوري لا تهم النظام ولا الحلفاء.. وتحرير الجولان واسترجاعه لا تأخذ في اعتبار النظام وحلفائه حيزاً مهماً من التفكير والتجهيز والتخطيط فكيف بقضية تحرير فلسطين..؟؟ لذلك فإن الحديث عن فريق ثالث وعناصر غير منضبطة ومجموعات إرهابية وعصابات مسلحة هي غير ذات جدوى، ودماء الشعب السوري التي تسيل بهدف تحقيق الحرية والعدالة ومعاقبة مجرمي السلطة والحرب في سوريا وخارجها لن تذهب هدراً ولن تضيع سدىً... وفي كل يوم يتفاقم ويتعاظم فهم وإدراك العالم برمته لطبيعة هذا النظام وخطورته على مواطنيه، وحتى تلك العناصر الموجودة في سوريا والتي كانت في مرحلةٍ ما تؤيد النظام السوري في سياساته أصبحت تدرك خطر استمرار هذا النظام على شعبه وعلى مستقبل سوريا وعلى علاقاتها بمحيطها والعالم اجمع.. ومن يشاركون النظام سياساته وتوجهاته ويعملون على تغطية ممارساته لا بد من محاسبتهم سياسياً لأنهم شركاء حقيقيين فيما يرتكبه هذا النظام، خاصةً وهم يسخرون إعلامهم وتصريحاتهم ومواقفهم للدفاع عن نظام متهالك نبذه شعبه وخرج عليه، والآن العالم بأسره ينبذه وذلك حين بدأنا نشهد مسلسل قطع العلاقات الدبلوماسية والروابط الاقتصادية معه..تمهيداً لتغييره وتحقيق العدالة في سوريا والاقتصاص من قتلة الشعب السوري ضمن المعايير الدولية المرجوة، وهم بالتحديد إضافةً لرموز النظام دولتي روسيا وإيران ومن يتحالف معهما، لأنهما الفريق الثالث الذي يدعم هذا النظام في ممارسة سياسة القتل والإبادة عبر مده بالمال والسلاح وتأمين التغطية السياسية له.. والعمل على تأخير تحقيق وتنفيذ المعالجة السياسية برعاية دولية وحتى ضمن سقف مبادرة المبعوث الدولي (كوفي انان) وذلك بهدف دفع الشعب السوري لحمل السلاح رغبةً في أخذ الصراع إلى مكان أخر وإعطائه أوصاف أخرى..

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ