ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 02/06/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

ما بين كابل ودمشق: دمنا للأخ ودموعنا للشقيق !

الرياض

1-6-2012

فهد السلمان

 الصيغة اللفظية المتداولة لوصف العلاقة بين الدول العربية شعوبا وحكومات هي صيغة " الأشقاء العرب " ( مصر الشقيقة وسوريا الشقيقة وهكذا ) . والحالمون من أبناء الأمة تذهب بهم أحلامهم كلما ادلهمت الخطوب إلى التشبث بالمعنى اللغوي لمفردة الشقيق ، وما ترتبه هذه العلاقة اللصيقة من واجبات والتزامات ، حتى يتوهمون أنهم أمام حبل متين ( الدم والدين واللغة ) ، غير أن هذا الوصف ومتى ما تم وضعه على طاولة الامتحان كما يحدث الآن في سوريا فإنه سرعان ما يتبيّن أنه أوهى من خيط العنكبوت ، إذ تتحول تلك العلاقة إلى عبء ثقيل لا حيلة للتخفف منه إلا بالشعور بالجزع وسكب المزيد من قطرات الدموع التائهة على جثة الشقيق الذبيح.

في المقابل الأفغان وصفهم العرب ( بالأخوة ) ، والأخ هي المرتبة الأدنى من الشقيق ، ومع هذا ولإنقاذهم من العدوان السوفييتي تقاطر العرب لنصرتهم بالمال والدم ، أما ( الأشقاء ) السوريون الذين ننام ونفيق على صور جثث أطفالهم منذ عام ونصف فليس لدينا ما نفعله لهم سوى البكاء على دمهم المسفوح تحت أرجل كرسي زعيم البعث ، حتى ونحن نرى كيف تداعت قوى الممانعة من قم إلى ضاحية بيروت الجنوبية لتساهم في حفلة التنكيل بهم . ترى هل هو نفاق تسميات ؟ ، أم لأن الذبح بسكين العدو البعيد حرام يقتضي التضحية بالنفس والنفيس ، أما الذبح بسكين ابن الوطن ففيه قولان حتى ولو بانت عداوته وآزرته كل أنصال المتربصين . لا أقول هذا لأدعو للماثلة لأني أعرف مما يتركب النظام العربي ، وكيف يصوغ حركاته وعلائقه ، ولكني فقط أقيس حجم المفارقة الرهيبة التي تبذل الدم من أجل ( أخ ) وتغص بدمعة ساخنة إزاء ( شقيق ) يذبح كل لحظة بدم بارد على مرأى ومسمع الجميع ؟ .

عذرا ( أشقاءنا ) في سوريا .. سامحونا من الخليج وإلى ضفاف الأطلسي إن لم نجد ما ننصركم به سوى الدموع ، هكذا فعلنا ولا زلنا مع أشقائنا في فلسطين ، وعزاؤنا أنكم أنتم فعلتم الشيء ذاته معهم ، لأن قوى الغرب المتنفذة لم تشعل إشارات المرور الخضراء إلى الشام كما فعلت عندما كان الطريق باتجاه كابل ، والمدية في حنجرة الروس ، سامحونا فكم تمنيناكم أخوة لا أشقاء (!! ) . سامحونا رجاءً لأن الغرب لا يزال على أمل أن يُنضج طبخة نووي إيران حليف قاتلكم بمقلاة المالكي في بغداد ، وإن لم تنضج فلا بأس من نقلها إلى المطبخ الروسي الحليف الآخر الذي تُقتلون كل يوم بأسلحته . فقط انتظروا حتى تفقد إسرائيل صوابها بعد أن تتأكد من احتراق الطبخة ، أو تستطعم نتاجها ، عندئذ فقط سيكون لهؤلاء المراقبين الذين يجوبون طرقاتكم أعين يبصرون بها ، وآذان يسمعون بها ! ، أمّا لماذا ؟ .. فلأن نظام الممانعة الذي رقص طويلاً على معزوفة العروبة ولكن ب ( الكرنا ) والطبل الإيراني ، قد وضع دماءكم ضمن مقادير تلك الطبخة النيئة والدنيئة التي تضعها طهران على النار كلما أحست بالخوف والجوع ، وتبعدها عنها متى شعرت بالأمان .

==================

تركيا و«شمال العراق» السوري

محمد نور الدين

السفير

1-6-2012

أثار قرار الحكومة التركية طرد الديبلوماسيين السوريين في السفارة السورية في أنقرة، مع الإبقاء على الديبلوماسيين في القنصلية السورية في اسطنبول، صدى كبيراً داخل تركيا، فيما برز تحذير من تحول شمال سوريا الى منطقة شبيهة بشمال العراق، والتي يشن منها «حزب العمال الكردستاني» عملياته.

ومع أن الخيوط بين تركيا وسوريا قد انقطعت منذ وقت طويل، من جراء إصرار تركيا على إسقاط النظام السوري والتخلص من الرئيس بشار الأسد شخصياً، فإن معظم الصحف التركية اعتبرت الآن فقط أن «الخيوط انقطعت» بين البلدين، فيما رأت صحيفة «يني شفق»، المقربة من «حزب العدالة والتنمية»، أن الخطوة غير العادية هي رد على الممارسات غير العادية للنظام في سوريا تجاه المدنيين.

وجاء عنوان صحيفة «جمهورييت» التركية «أنقرة تقطع الخيوط مع دمشق». وفي «ميللييت» جاء العنوان الرئيسي «وانقطعت الخيوط»، وفي «ستار» «الديبلوماسية انتهت.. الخيوط انقطعت»، وفي «طرف» كان العنوان «الجواب على مجزرة الأطفال: طرد الديبلوماسيين».

واعتبر اردان زنتورك في «ستار» أن «كوفي انان يضيع الوقت، وأن الرئيس السوري يعرف تماما انه سيلقى عقابه بعد انتهاء الأزمة، لذا هو يدفع إلى تجذير المجازر بحيث تدخل البلاد في فوضى شاملة».

وعن الموقف التركي من طرد الديبلوماسيين، قال زنتورك انه «لو قامت تركيا بهذه الخطوة منذ بدء الأحداث لكانت النتيجة مختلفة».

وحذّر فكرت بيلا، في «ميللييت»، من الفوضى الشاملة التي يمكن أن تضرب سوريا. وقال إن «خطوة تركيا بطرد الديبلوماسيين السوريين تقطع الخيوط بالكامل مع دمشق». وأضاف إن «الفوضى الحالية تعطي الانطباع أن سوريا في طريقها إلى حرب أهلية شاملة، فالأسد يقصف المدن ويقتل المدنيين، فيما المعارضة لا تزال عاجزة عن امتلاك القوة اللازمة لخلع الأسد. وهذا الوضع يحمل مخاطر جمة على كل دول المنطقة».

واعتبر بيلا أن «عودة الحديث عن تدخل دولي لا مكان لها، فروسيا والصين عند موقفهما المعارض لذلك، والولايات المتحدة لا تريد تدخلا جديدا مثل أفغانستان والعراق في سنة الانتخابات الرئاسية. كذلك فإنّ عدم وضوح البديل والتخوف من وصول الإسلاميين لا يزال يجعل الموقف الأوروبي مترددا».

لكن بيلا ينظر أيضا إلى الفوضى السورية من زاوية تأثيرها على حضور «حزب العمال الكردستاني». ويقول إن «الدولة الأكثر تضررا من حالة الفوضى والحرب الأهلية التي قد تعصف بسوريا هي تركيا. فإلى جانب الخسائر الاقتصادية، فإن شمال سوريا في طريقه للتحول إلى شمال عراق آخر، يكون قاعدة لتمركز حزب العمال الكردستاني»، معتبرا أن «الكردستاني يستفيد من الفوضى الحالية ليدعم نظام الأسد من جهة وليقيم قواعد له على مقربة من الأراضي التركية».

وقال إن «حزب العمال الكردستاني قد تمركز في المحافظات السورية الثلاث المحاذية لتركيا حيث تقطنها غالبية كردية. وآخر مثال على ذلك أن العبوة التي انفجرت في منطقة قيصري التركية ثبت أنها جاءت من سوريا عند الحدود مع الإسكندرون. ولن يكون سهلا على تركيا أن تضبط الأمن على امتداد 900 كيلومتر من الحدود مع سوريا. وفي حال استمر نظام الأسد في سوريا، فإن عودة السياسة القديمة بدعم حزب العمال الكردستاني ستكون قائمة. وفي المقابل فإنه ليس من ضمانات على أمن الحدود مع أي نظام بديل في سوريا. ونظرا لأن سوريا هي جزء من مشروع كردستان الكبرى، فإن حزب العمال الكردستاني سيعمل على خلق شمال عراق آخر في سوريا. وفي الحالتين ستكون حدود تركيا مع سوريا ممتلئة بالمشكلات».

وحذّر العديد من الكتّاب من تحويل الأنظار إلى سوريا واعتبارها مسؤولة عن انفجار قيصري. وذكر هؤلاء في استطلاع لصحيفة «آيدينليق» أن قرع طبول الحرب ضد سوريا سيلحق الأذى بتركيا ومصالحها في المنطقة.

==================

ديبلوماسي أوروبي: لا حلّ للأزمة السوريّة لاّ إذا حصل اتفاق مع روسيا أو مع إيران

اميل خوري

2012-06-01

النهار

هل بات في الإمكان القول إن لا جدوى من بقاء المراقبين الدوليين في سوريا ما دام انهم لم يتوصلوا ليس الى تنفيذ اي بند من البنود الستة لخطة أنان، لاسيما بند وقف أعمال العنف التي ازدادت وتفاقمت، ولم يستطيعوا حتى تحديد الجهة أو الجهات المسؤولة عن مجزرة الحولة كي يستند إليها مجلس الأمن ويتخذ القرار اللازم بحق المسؤولين، واكتفى المراقبون في تقريرهم عن المجزرة بالاعتماد على أقوال عدد من الشهود لأنهم لم يكونوا موجودين ساعة وقوع المجزرة. وهذا ما جعل روسيا تطلب تأليف لجنة تحقيق دولية لمعرفة الحقيقة قبل توجيه الاتهام إلى النظام في سوريا وإدانته، وقد لا تقبل حتى بتقرير أنان إلى مجلس الامن حول خطّته، الأمر الذي سيظهر تبايناً بين روسيا ودول الغرب حول تقويم مضمون التقرير.

وما دام الرئيس الأسد صارح أنان بالقول إن وقف أعمال العنف يجب أن يبدأ أولا من الجماعة التي يصفها ب"الارهابية"، والتي تمولها دول عربية "وهو تمويل يجب وقفه أيضا"، جعل أنان يتأكد ان خطته باتت معرضة للفشل ما دامت الخطوة الجريئة المطلوبة من الرئيس الاسد كونه الطرف الأقوى يرفض اتخاذها عله يستطيع تغيير اتجاه الريح... وهكذا بات السؤال المطروح: إلى متى تظل الحلول المقترحة للأزمة السورية تدور في حلقة مفرغة وأعمال العنف مستمرة والقتل بالجملة مستمر؟ فلا المراقبون العرب نجحوا في وقف اعمال العنف، ولا قرارات الجامعة العربية نجحت في تنفيذها، ولا المراقبون الدوليون كانوا أحسن حالا من المراقبين العرب، ولا خطة أنان ببنودها الستة كانت أحسن حالاً أيضاً من الخطط العربية، ولا مجلس الأمن تمكّن من اتخاذ قرارات حازمة بسبب "الفيتو" المزدوج الروسي والصيني، ولا العقوبات الاقتصادية على سوريا جعلت الرئيس الأسد يتراجع قيد أنملة عن مواقفه المتشددة وعن سياسة الهروب إلى الأمام، فإما أن ينتصر وإما أن يهزم، فالاستسلام عنده غير وارد والاصلاحات المطلوبة تتم وفق ما يريد.

وما دام واضحاً ان ما يغطي مواقف الرئيس الاسد دولياً هي روسيا التي ترفض إدانة نظامه وتحميله مسؤولية المجازر المرتكبة، بل تلقي هذه المسؤولية على كل الاطراف المتواجهين موالين ومعارضين ولا تأخذ بتقارير المراقبين الدوليين ولا بتقارير هيئات الدفاع عن حقوق الانسان بل بتقرير يصدر عن لجنة تحقيق دولية طلبت تشكيلها، فمعنى ذلك ان اعمال العنف لن تتوقف في سوريا وان خطة انان سواء ظلت هي الحل الممكن للأزمة السورية مهما طال الوقت، وان ايران التي تدعم النظام السوري عسكرياً ومادياً لن تتوقف عن ذلك ما دام يوكل اليها معالجة الازمة السورية، فإن إقدام عدد من دول الغرب على طرد الديبلوماسيين السوريين وإن كان يشكّل تعبيراً مهماً على الصعيد الديبلوماسي، إلا أنه لن يؤثر في مواقف النظام في سوريا إذا ظل مدعوماً من روسيا والصين دولياً ومن ايران اقليمياً. وطالما أن لا بديل حتى الآن متفقا عليه عربياً ودولياً من خطة أنان التي حظيت وحدها بالاجماع، فإن سياسة كسب الوقت قد تستمر وتستمر معها اعمال العنف الى ان يخلق الله ما لا يعلم أحد...

وفي رأي ديبلوماسي أوروبي أن لا حل للازمة السورية إلا إذا صار اتفاق مع روسيا على ما يحمي مصالحها في المنطقة وربما خارج المنطقة، او اذا صار اتفاق مع ايران على برنامجها النووي واعطي لها دور في المنطقة لا يزعج دولاً اخرى فيها ولاسيما اسرائيل، ومام دام "الفيتو" الروسي يعطل صدور أي قرار شديد عن مجلس الامن يجعل الأسد يهابه فيتراجع عن مواقفه المتشددة، وما دام ليس في نية دول الغرب التدخل عسكرياً من دون موافقة مجلس الامن كما فعلت في العراق لئلا ينفجر الوضع في كل المنطقة ولا يعود في الإمكان السيطرة عليه. هذا الوضع المعقد هو الذي يشجع النظام في سوريا على المضي في مواجهة خصومه وضربهم مهما بلغ الثمن بشرياً ومادياً علّهم يستسلمون أو يسلمون بالجلوس الى طاولة الحوار للاتفاق على حل مشرّف للازمة السورية.

وثمة من يقول إن خطة أنان ستبقى صالحة للعمل حتى وإن لم تحقق تقدماً ملموساً إلى ان تقتنع روسيا بتغيير موقفها من خلال التقارير التي يرفعها المراقبون الدوليون حول الوضع في سوريا وتكون موثقة لتجعل روسيا تقتنع بها، او إلى ان يتم التوصل الى اتفاق وتفاهم مع ايران حول برنامجها النووي، لأن لا حلّ للأزمة السورية في غياب التدخل العسكري إلا بالاتفاق او بالتفاهم مع ايران.

وثمة من يقول ان فوز مرشح "الاخوان المسلمين" الدكتور محمد مرسي برئاسة الجمهورية المصرية قد يعطي دورا مؤثراً وضاغطاً على الوضع في سوريا بحيث يجعل النظام فيها غير قادر على الاستمرار في مواجهة خصومه فيضطر الى تنفيذ خطة أنان او القبول بالحل اليمني. وهذا يتطلب ربما انتظار ستة اشهر من الآن أو اكثر بقليل، بحسب مسؤول تركي.

==================

نقطة اللاعودة: دم وتقسيم؟!

راجح الخوري

2012-06-01

النهار

بعدما انهى كوفي انان محادثاته في دمشق بالقول: "نحن في نقطة اللاعودة"، سارعت سوزان رايس الى تظهير ما سمّته "مسار التحول" عندما اعلنت بعد نقاشات قاتمة ومتشائمة في مجلس الامن، ان الازمة السورية باتت امام ثلاثة خيارات:

الاول وهو الافضل اي ان تنفذ الحكومة السورية التزاماتها وفق خطة انان، والثاني هو الأحسن اي ان يتولى مجلس الأمن مسؤولياته ويمارس المزيد من الضغط على السلطات السورية وهو ما يتطلب ازالة الاعتراض الروسي - الصيني، والثالث هو الأسوأ اي العمل من خارج خطة انان ومن دون تفويض من مجلس الأمن لمنع انتشار الصراع على النطاق الاقليمي.

فلاديمير بوتين اختار الرد سريعاً لا على كلام رايس وحدها بل ايضاً على تصريح فرنسوا هولاند الذي قال ان تدخلاً عسكرياً في سوريا ليس مستبعداً شرط ان يتم في اطار الامم المتحدة، عندما اعلن "ان موقف روسيا لن يتغير"، الأمر الذي ضاعف من قتامة الصورة في كواليس مجلس الأمن الذي يسعى لإصدار قرار تحت الفصل السابع سيصطدم طبعاً ب"الفيتو" الروسي.

لكن بوتين الذي يصل اليوم الى برلين ثم الى باريس، يعرف انه لا يكفي ان تعلن موسكو انها غير راضية عن الوضع الراهن في سوريا لأنها باتت تقف عائقاً في مواجهة اجماع دولي يذكّر بالاجماع الذي حصل عشية التدخل الاطلسي في كوسوفو ومن خارج مجلس الأمن بسبب "الفيتو" الروسي يومذاك، ولهذا فانه سينخرط في نقاشات جادة مع انغيلا ميركل، التي قال مندوبها في مجلس الامن انه يأمل في "ان تفتح مجزرة الحولة عيون البعض"، في اشارة الى موسكو، وكذلك مع هولاند الذي يريد ان يضع بصمته على مسار السياسة الدولية.

السؤال الاكثر الحاحاً الآن: بعد الوصول الى "نقطة اللاعودة"، من يستطيع ان يقدم ترجمة توضح اتجاهات "مسار التحول" الذي اشارت اليه مندوبة اميركا في مجلس الأمن، وهل يمكن الحديث عن الفصل السابع قبل معالجة الموقفين الروسي والصيني، وهل هناك من يتوهم ان لدى اميركا وحلفائها الاطلسيين رغبة في التدخل العسكري براً على غرار ما حصل في العراق عام 2003 او حتى جواً كما حصل في ليبيا العام الماضي؟

والجواب: اولاً، ان "الفيتو" الروسي سيستمر لأن باراك اوباما ذاهب الى الانتخابات ولا يستطيع الآن عقد صفقات تعطي روسيا دوراً استقطابياً في السياسة الدولية، وخصوصاً في العالم العربي وربيع مفاجآته الصاعقة والمتلاحقة.

ثانياً، ان الحديث عن تدخل عسكري من خارج الانتداب الدولي على طريقة كوسوفو هو مجرد وهم.

 والحل؟

دول عربية في غيبوبة ومجرد بيانات وتصريحات دولية وترك سوريا تغرق في الدماء والحرب الاهلية حتى الاهتراء او التقسيم، وليحصد بوتين نتيجة اخطائه في سوريا بعد ليبيا!

==================

الأزمة السورية.. تسوية أم انفجار؟

كمال مضاعين

الرأي الاردنية

1-6-2012

دخلت الازمة السورية طورا جديدا من التعقيدات الامنية والسياسية كادت أن تطيح بخطة المبعوث الاممي كوفي عنان، فمع بدء تطبيق الخطة ذات البنود الستة ووصول المراقبين الدوليين، شهدت سوريا موجة جديدة ( ونوعية ) من العنف أعادت الى الذاكرة تلك الموجات من التفجيرات التي شهدتها العراق بعد الاحتلال الامريكي، مع دخول عنصر جديد الى ألاطراف التي تمارس العنف بسوريا وهو تنظيم القاعدة الذي يتميز بحجم التفجيرات وبشاعة نتائجها والتباس وظيفتها السياسية، ومن بين غبار العنف والمجازر وتعدد أطرافة الداخلية والخارجية، ينتصب السؤال الاهم: ما هي المسارات التي يمكن أن يسلكها حل الازمة السورية بين الخلاف الدولي - الدولي ( تغيير النظام أم أصلاحة ) وبين مصالح دول المنطقة التي تورطت بالازمة السورية منذ البداية وتصر على أن المخرج يجب أن يكون خيارا بين النموذج الليبي أو اليمني ؟.

تلخص بعض التقارير الدبلوماسية الغربية الموقفين الروسي والامريكي على الشكل التالي، الادارة ألامريكية ما زالت مقتنعة بضرورة التغيير في سوريا، ولكنها لم تعد تنظر الية كمهمة عاجلة أو محسومة، فهناك تخوفات أمريكية حقيقية من البديل الاصولي المتطرف خصوصا بعد موجة التفجيرات الضخمة التي هزت دمشق وحلب، أما القيادة الروسية فما زالت ثابتة على موقفها الرافض لتغيير النظام ولكنها تدرك بالوقت نفسة أن الكلفة السياسية والادبية لهذا الموقف تزداد يوما بعد يوم، وهي مقتنعة ايضا بأن الحل العسكري لم يعد قادرا على حسم الموقف على الارض بعد مرور خمسة عشر شهرا لم تشهد سوريا خلالها نتائج ذات قيمة على هذا الصعيد.

تزيد التحفظات التي يبديها حلفاء الولايات المتحدة بالمنطقة من تعقيد الازمة السورية ان كان لجهة التخوف من تسويات كبرى تمنح سوريا وايران مكاسب سياسية وأمنية على حساب تركيا ودول الخليج، أو لجهة حاجة الولايات المتحدة الى أقناع حلفائها بالمنطقة ببعض التطمينات حول البرنامج النووي الايراني ( وخصوصا اسرائيل ) أو مستقبل نفوذ ايران بمنطقة الخليج، ولكن الادارة الامريكية لن تتوقف كثيرا عند مصالح هذه ألاطراف أذا رأت أن التفاوض مع الروس أو حتى الايرانيين والسوريين يحقق مصالحها المتعلقة بايران أو بتسوية الصراع العربي الاسرائيلي.

يبقى العنصر الحاسم بحل الازمة السورية هو (التفاهم) الروسي - الامريكي، وقد كانت الجهود الاقليمية لافشال خطة عنان عبر دعم المجموعات المسلحة وتصعيد مستوى العنف هو دليل على أن العنصر المقرر بالازمة هما القطبان الدوليان (روسيا وامريكا)، ورغم الغبار الكثيف الذي يحيط بالازمة ويخفي وراءه الكثير من الحقائق، الا أن بوادر التفاهم بيم القطبين أخذت تتضح أكثر فاكثر، وعلى أكثر من صعيد.

==================

المشهد السوري: سيناريوهات ما بعد خطة عنان

عبد الرحمن مظهر الهلوش

2012-05-31

القدس العربي

يتخذ النقاش والجدل حول سورية منذ ولادة خطة المبعوث الدولي والعربي كوفي عنان مساراً جديداً (سورية ترفض توصيف عنان بالمبعوث العربي بسبب ما تؤكده دمشق من أنّ العرب لم يعطوها مثلما أخذوا منها). فخطة عنان تعتبر بنظر كثير من المراقبين والسّاسة في عواصم القرار نهاية طريق، فإما الحل أو الانزلاق إلى الحرب الأهلية(تصريح وليم هيغ- سيرغي لافروف 27/5/2012)، لذلك تلك الخطة والحلول المقترحة والتصريحات الدولية المتناقضة أصبحت مثيرة للجدل.

بعض القوى الكبرى ولا سيما روسيا تحاول الحفاظ على زخم المراقبين الدوليين على الرغم من العقبات الكبيرة التي تعترض عملهم من أكثر من جهة محلية وإقليمية وحتى دولية. أصبحت سورية ملعباً لكثير من القوى الكبرى والصغرى وحتى التابعة، تداخلت المصالح والخيارات والحلول للأزمة السورية فهناك من يريد تحقيق مكاسب اقتصادية على المدى الطويل والمتوسط وهناك من لا يريد للأزمة السورية أن تطول والبعض يريد تحقيق أجندة في الجوار السوري عبر تغيير النظام في سورية.

ولكن أمام تلك الأهداف المتناقضة على ما يبدو أنّ كل اللاعبين متفقون على مطلب وضع إستراتيجية خروج من الأزمة بعد خمسة عشر شهراً على بدايتها. عبر خطة دولية اتفقت عليها القوى الكبرى عبر توقيت زمني. فلا يجب علينا من الآن الدخول في تحليل متخّيل بشأن عواقب ما بعد خطة عنان، إنّ المطلب الحيوي اليوم سواءً من المعارضة بكل مكوناتها والحكومة السورية الخروج من نفق القتل والاغتيال وإنّ مزيد من الانتظار السياسي سيؤدي إلى مزيد من القتل، وأنّ المطلب الحيوي بالنسبة لسياسة خروج مقبولة من الأزمة السورية وفق حلول سياسية تبدو للكثير من المتابعين غامضة حتى اللحظة فلا يوجد حداً زمنياً يجبر أطراف الأزمة السورية على إنهائها عبر الدخول في مفاوضات وإن غير مباشرة، لأن النتائج في سورية ما بعد خطة عنان في حال استحالة تنفيذها أو لنقل عرقلتها من بعض الأطراف الإقليمية قبل الدولية، ستشكل عنوان العقد القادم في المنطقة تتمثل بسلسلة من التشنجات والانهيارات في التحالفات بين أكثر من طرف وعلى أكثر من صعيد؛ ومع استيعاب العالم لخطورة ما يجري في سورية فإنّ توافقاً غربياً أوربياً أمريكياً روسياً قد تبلور أكثر في القمة الدولية في شيكاغو الأميركية مفاده الأزمة في سورية إما حلها سياسياً أو حصول أزمة في العلاقات الدولية ربما تفوق أزمة الصواريخ الكوبية بعشرات المرات؛ أزمة مزدوجة سياسية واقتصادية، لأن تدخلاً عسكرياً في سورية كما تريد بعض الأطراف الإقليمية المجاورة لسوريا وبعض أجنحة المعارضة سيتعرض للفشل؛ والقوى الدولية الفاعلة تدرك ذلك وتصريحات المسؤول الأول في الأطلسي في القمة الأخيرة للدول الأعضاء في الولايات المتحدة (راسموسن) من أن التدخل الخارجي في سورية لا يمكن أن يكون فاعلاً؛ لأنه لا يوجد إستراتيجية قابلة للتطبيق في الحالة السورية المعقدة لجهة البعد الجيوسياسي؛ فالقضايا المطروحة في سورية بدأت تدريجياً تنحو منحاً سياسياً؛ لأن القوى الكبرى اليوم باتت تعيش في ظرف دولي جديد عقب تشكل أقطاب دولية منافسة للولايات المتحدة الأميركية والتي باتت مغلوبة على أمرها في منطقة من أخطر وأهم المناطق في العالم بالنسبة لأمريكا فكيف ترضى الولايات المتحدة بوصول الإسلاميين إلى الحكم في أكثر من عاصمة عربية ليس لأن توجه هؤلاء كما يشاع معتدلاً لكن لأن الولايات المتحدة لا حول ولا قوة لها وربما بدأت تنبؤات المفكر بول كنيدي.

إنّ العدالة والمسؤولية التي يتحدث بها الجميع من المعارضة إلى الحكومة إلى المجتمع الدولي هي أن يعمل هؤلاء جميعاً عبر طرق ومخارج تدعم قدرتهم على تشكيل مستقبل الشعب السوري بعيدا عن أي مصلحة أنية أو مستفبلية لأي طرف داخلي إقليمي أو دولي. ومن هنا يجب أن ننتبه إلى عدم السماح بأن يكون جعل السياسة القائمة لتطبيق خطة عنان أحادية الجانب يجب عدم ارتهان الأطراف الدولية الفاعلة لأي طرف من أطراف الأزمة في نزاع محتدم منذ 15/3/2011.

ستبقى الأهداف السياسية المطلوب تحقيقها من خلال خطة المبعوث الأممي كوفي عنان نظرية حتى يتم توفير أمن كاف في سورية؛ ففي مناخ تسوده الاغتيالات السياسية والقتل بالجملة وتدمير للبنية التحتية للبلد في هذا الجو لا يستطيع أي طرف دولي أن يعمل بحياد ومهنية؛ سيتم قياس نجاح أي إستراتيجية تحقيق للسلام والوفاق والمصالحة في سورية على أسس مبنية على أرضية من الانجاز والحقيقة؛ لا على حدود الوقت المصطنعة من هذا الطرف أو ذاك؛ المطلوب إجابات إيجابية وصريحة من المبعوث الدولي الزائر لدمشق: ما هي حدود الزمن لحل الأزمة السورية؟. خصوصاً إنّ هناك شبه إجماع دولي على حل الأزمة السورية بالطرق السلمية.

==================

معادلات 'حزب الله': هل الضرورات تبيح أقصى المحظورات؟

صبحي حديدي

2012-05-31

القدس العربي

لعلّ تدخّل السيد حسن نصر الله، الأمين العام ل'حزب الله'، على مستوى شخصي مباشر، في حادثة اختطاف اللبنانيين في سورية، كان الكاشف الأبرز، فضلاً عن أنه الأحدث، لما يعانيه الحزب من معضلات جسيمة في صياغة موقف متماسك، ضمن الحدود الدنيا، إزاء الانتفاضة السورية، والعلاقة مع النظام السوري استطراداً. وكانت الفقرات المسهبة التي خصصها نصر الله للواقعة، أثناء خطابه في مهرجان عيد المقاومة والتحرير، في بنت جبيل يوم 25 أيار (مايو) الماضي، قد كشفت تحوّلاً دراماتيكياً في خطاب 'السيّد'، ليس على المستوى اللفظي وحده، بل كذلك في دلالة القاموس ومغزى المفردة؛ سواء في توصيف/ إعادة تعريف مجريات الانتفاضة، الراهنة، أو 'ضبط' نطاق اصطفاف الحزب خلف النظام السوري.

ورغم أنّ نصر الله ابتدأ لائحة الشكر من بشار الأسد (قبل الرئيس اللبناني ميشيل سليمان، وقبل نبيه برّي ونجيب ميقاتي وسعد الحريري ورجب طيب أردوغان وأحمد داود أوغلو...)، إلا أنه أحجم هذه المرّة عن استخدام تعبير 'سورية الأسد'، سيىء الصيت، الذي كان المفضّل في خطب 'السيّد' السابقة (حيث كان، كذلك، يستطيب تكملة التعبير: 'سورية حافظ الأسد... سورية بشار الأسد'). وكانت هذه التعابير تشكّل غصّة لدى الجمهور السوري، إذْ يأتي مديح نظام الاستبداد والفساد والتوريث من قائد حركة مقاومة شعبية، لا يكفّ عن التشديد على طهرانية التضحية وشرف الفداء، والانحياز إلى صفّ المستضعفين في الأرض. لم تكن أقلّ جرحاً، بالطبع، تلك الصورة الشهيرة التي تُظهر 'السيّد' وهو يقدّم بندقية إسرائيلية من طراز 'عوزي'، غنمها رجال المقاومة اللبنانية، هدية إلى العميد رستم غزالي، قائد الاستخبارات السورية في لبنان آنذاك، وأحد أبغض رموز النظام السوري.

يلفت الانتباه، قبل هذا، أنّ 'السيد' أعاد صياغة موقف 'حزب الله' من المشهد الداخلي السوري كما يلي، في فقرة تتوجه مباشرة إلى الخاطفين: 'إذا كان الغرض هو الضغط على موقفنا السياسي مثل التعابير التي سمعها الزوار من الخاطفين، فهذا لن يقدّم ولن يؤخر. نحن موقفنا السياسي من الأحداث التي تجري في سورية منطلقة من ثوابت ومن رؤية ستراتيجية ومن تقييم للوضع في المنطقة، ومن قراءة دقيقة وهادئة وعاقلة للتهديدات والأحداث والمشاريع. ولذلك نحن في سورية مع الحوار ومع الإصلاح ومع الوحدة الوطنية ومع إنتهاء أي شكل من أشكال المواجهة المسلحة، ومع المعالجة السياسية من أجل سورية، من أجل مستقبلها وموقعها وشعبها وأهلها وسلامتها وقوتها'.

ورغم أنّ نصر الله واصل اعتبار ما يجري في سورية مجرّد 'أحداث'، وليس انتفاضة شعبية، أو حتى 'أزمة' كما في خطاب النظام السوري ذاته مثلاً، فإننا اليوم بعيدون تماماً عن حقبة شهدت إصرار الحزب على اعتبار ما يجري في سورية مؤامرة خارجية، تستهدف 'صمود القيادة السورية'، والنيل من موقفها 'الممانِع' و'المقاوِم'، والابتعاد بها عن خندق قتال إسرائيل والولايات المتحدة... كذلك عفّ خطاب نصر الله الأخير عن إنكار وجود الشعب السوري في صفّ الانتفاضة، إذْ يتذكّر المرء بأسى شديد سؤال 'السيّد'، الأشهر حتى إشعار آخر: 'طيب وين الشعب السوري لنأف (لِنقف) حدّو (إلى جانبه)؟'؛ أو إنكار التدمير والمذابح، كما في السؤال الذي لا يقلّ شهرة: 'شو في بحمص؟ ما في شي بحمص!').

ولا أحد ينكر على الحزب دعوته إلى 'الإصلاح' في سورية، و'الوحدة الوطنية' و'إنتهاء أي شكل من أشكال المواجهة المسلحة'، و'المعالجة السياسية'، وسوى هذه كلها من مطالب. ولكن، ألم يكن النظام ذاته بطل 'الإصلاح' و'الوحدة الوطنية' و'المعالجة السياسية'؛ ولكن، في الان ذاته، بطل استخدام جميع صنوف الأسلحة الثقيلة في حصار المدن وقمع التظاهرات، واعتقال المواطنين وممارسة التعذيب والتصفيات الجسدية؟ وكيف للمواطن السوري أن ينسى، أو يغفر، موقف نصر الله المساند للنظام، على نحو تامّ ومطلق وراسخ وثابت، في خطبته الأولى حول 'الأحداث' في سورية، بعد يوم واحد أعقب افتضاح الجريمة النكراء بحقّ الفتى حمزة الخطيب؟ أو مواقف الأمين العام ل'حزب الله'، التي تغنّت بالثورات في تونس ومصر وليبيا والبحرين واليمن، ولكنها اعتبرت ما يجري في سورية 'مؤامرة' إسرائيلية أمريكية، تستهدف 'المقاومة اللبنانية' مثلما تستهدف النظام السوري؟

المرء، إلى هذا، على مبعدة ملموسة، في السياسة والمتغيرات الجيو سياسية، من اللقاء الثلاثي الذي شهدته العاصمة السورية في ربيع 2010، وضمّ بشار الأسد، رأس نظام استبدادي وراثي؛ ومحمود أحمدي نجاد، رئيس دولة تعتمد مبدأ 'ولاية الفقيه' غير الديمقراطي وغير العصري؛ وحسن نصر الله، زعيم حركة مقاومة لبنانية، تؤمن بالمبدأ ذاته، ولا تعفّ عن استخدام سلاح المقاومة في تطويع المعادلة السياسية الداخلية. هل كان ممكناً لهذه 'الخلطة' أن تنتج ممانعة من أي نوع؟ وكيف أمكن للمواطن السوري أو الإيراني أو اللبناني أن يباركها، إذا كانت قد انقلبت وتنقلب ضدّ الشارع الشعبي، في دمشق وطهران وبيروت، ساعة تشاء الحسابات السياسية؟

ولم يكن خافياً، إلا على السذّج ودافني الرؤوس في الرمال، أنّ حضور نصر الله على نحو علني صارخ كان، بدوره، رسالة إلى الولايات المتحدة وإسرائيل، يشترك في توجيهها النظام السوري وإيران معاً: كلاهما لكي يحسّن موقعه التفاوضي والدبلوماسي، ويرفع قيمة ما يمتلك من أوراق، أو يكشف عنها ويلوّح بها. ومن جانب طهران، كان في الرسالة بُعد خاصّ يذكّر الحليف السوري بأنّ 'حزب الله' هو ركن التحالف الأكبر والأهمّ، وأنه رقم يتوجب احتسابه في كلّ تقارب للمصالح بين دمشق وطهران، وفي كلّ تنافر لتلك المصالح أيضاً. وإذا كان النظام السوري قد احتسب هذا جيداً، لأنه يدخل في صلب موازناته مع واشنطن والغرب عموماً، فإنّ مبادرة طهران إلى التذكير به بين الحين والآخر كان ينفع دمشق، ولا يضرّ سواها!

واليوم قد لا يختلف عاقلان (وضمن صفوف 'حزب الله' ذاته، حيث يتوفر عقلاء كثر كما يرجح المرء) حول واحد من المعطيات الإقليمية الكثيرة التي أفرزتها الانتفاضة السورية، أي الخسران الكبير الذي تعرّض له 'حزب الله' على الصعيد الشعبي العربي عموماً، والسوري بصفة خاصة وأكيدة، جرّاء مواقف الحزب المؤيدة للنظام السوري، والصامتة عن جرائمه. وهذه فرصة جديدة للتوقف، مجدداً، عند إشكاليات مثال 'حزب الله'، إذْ تبدو الحال بالنسبة إلى النظام السوري ونظام 'ولاية الفقيه' الإيراني أوضح وأبسط، إلا عند عاصبي الأبصار والعقول عن سابق قصد وتصميم.

ذلك لأنّ الحزب صعد، أوّلاً، على خلفية انتصار الثورة الإسلامية الإيرانية، ثم تبلور وجوده العسكري والعقائدي بعدئذ على خلفيات الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982، ومجازر صبرا وشاتيلا، واحتلال الجنوب اللبناني. وكان خطّه العقائدي العام مناهضاً على نحو راديكالي ل'الإمبريالية والصهيونية وعملائهما المحليين' كما جاء في البيانات الأولى. وهو الخطّ الذي يظلّ ساري المفعول بدرجة عالية، خصوصاً بعد أن اتسع نطاق توصيف الحزب لطبيعة الخصوم المحليين، بما في ذلك حركة 'أمل' ذات حقبة، وتيارات ومنظمات شيعية تقليدية أخرى.

كذلك يتمتّع الحزب بمرونة تحالفية عالية لأنه لا يُلزم المنتسبين إلى صفوفه بأية قواعد تنظيمية، وإنْ كانت تقاليد العمل الداخلية تجعله أقرب إلى مزيج من الميليشيا العسكرية والحوزة الدينية. وهو أقرب إلى تجمّع عقائدي عريض وليس منظمة سياسية واضحة المعالم، الأمر الذي أتاح له يسراً استثنائياً في الانتشار الشاقولي، واحتضان قضايا 'المعذبين' و'المستضعفين' و'الفقراء'. وإذا ضُمّت إلى ذلك عناصر أخرى مثل الحميّة العقائدية الشيعية، وتقاليد إمامة الفقيه، وثقافة السعي إلى الجهاد والاستشهاد، فإن صيغة 'حزب الله' تصبح فريدة في التراث الحزبي العربي الحديث، وتغدو نسيج وحدها ضمن ستراتيجيات التغطية الدينية للحركات التنظيمية.

المسألة الثالثة هي أنّ الحزب بدأ مع الثورة الإسلامية الإيرانية، وكان مجرّد نواة صغيرة في كتلة عريضة امتدّت ظلالها إلى مختلف أرجاء العالم الاسلامي. وإذا كانت صفحة تصدير الثورة عن طريق إيفاد ونشر الحرس الثوري (الإيراني إجمالاً) أو تشكيل فصائل عسكرية عقائدية محلية من نوع 'جند الله' و'الجهاد'، قد طُويت مع التطورات الموضوعية اللاحقة التي شهدتها ساحات الصحوة الاسلامية إجمالاً؛ فإن ذلك كان في مصلحة 'حزب الله' وليس العكس. لقد جرّد الحركة من طابع ارتباطها الصريح بالخارج، وزجّها مباشرة في عمق المعادلة الداخلية كفريق ينبغي أن يكون له برنامجه اللبناني والعربي والإسلامي المستقل.

والمسألة الرابعة، والأهمّ ربما، هي أنه ليس محتوماً على الحركة الشعبية في الجنوب اللبناني أن تظلّ مجيّرة باسم تنظيم سياسي واحد بعينه، وهي استطراداً ليست حكراً على طرف شيعي واحد بصفة امتيازية أو شبه امتيازية. إنها حركة معقدة للغاية، والعوامل التي أسهمت في بناء فرادتها تبدأ من الخصائص الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للسكان، ولا تنتهي عند عقود احتكاكهم بالحركات السياسية والدينية (من الحزب الشيوعي اللبناني، إلى المقاومة الفلسطينية، مروراً بزعماء تاريخيين من أمثال معروف سعد والإمام الصدر)، وعقود عيشهم تحت الاحتلال الإسرائيلي، ومقاومتهم له.

لكنّ 'غزوة بيروت' في أيار (مايو) 2008، والفشل في تأمين أغلبية برلمانية بعد انتخابات حزيران (يونيو) 2009، والعجز عن الثأر لاستشهاد عماد مغنية في ما أسماه نصر الله 'الحرب المفتوحة' على إسرائيل، وعدم ترجمة مبادىء ميثاق الحزب الجديد إلى تطبيقات سياسية واجتماعية على الأرض، والصمت عن معارك الإصلاحيين في إيران أو التعاطف الضمني مع السلطة، وحال الارتباك المفتوحة في إدارة مآزق حكومة ميقاتي، وازدواجية المعايير في المواقف من انتفاضات العرب... كلّ هذه كانت عوامل تعيد 'حزب الله' إلى صياغات تأسيسه الأولى، وتضعه في قلب ارتباطات أحلاف الخارج، هذه التي لم يسبق له أن انفكّ عنها تماماً في الواقع.

غير أنّ أبسط حقوق التحرير على 'أبطال التحرير' هو الالتفات إلى البشر على الأرض المحررة، أو استكمال المهمّة عن طريق تحرير الآدمي المقيم على التراب المحرّر، ومنحه فرصة التمتّع بمغانم التحرير، وتلمّس المعنى الإنساني الملموس لفكرة التحرير، والامتناع عن امتداح الاستبداد وتجميل وجوهه القبيحة. هذا حقّ لا يُنازع أيضاً، وهو ثمن طبيعي مقابل التضحيات الجسام التي بذلها معظم اللبنانيين، أينما كانوا وبصرف النظر عن مواقفهم من 'حزب الله'، أو حتى من خيار المقاومة بالمعنى العريض. والمراوحة هكذا في المكان، بعد المتغيّرات النوعية التي شهدتها المنطقة، لا تبخس اللبناني حقوقه فحسب، بل هي تستبدل معنى التحرير النبيل والإنساني، بآخر أقرب إلى الاتجار بالمعادلات.

وفي أزمنة عاصفة مثل هذه التي نشهدها، ولاّدة وحمّالة وثورية وانقلابية، كيف لثوابت 'حزب الله' أن تظلّ راسخة أزلية، لا تتبدّل ولا تتحوّل؟ وكيف للضرورات الكبرى في معادلات الحزب الجيو سياسية، اللبنانية والعربية والإقليمية، أن لا تنقلب رأساً على عقب، فتبيح... أقصى المحظورات؟

==================

محامي الاسد الغربيُّ

صحف عبرية

2012-05-31

القدس العربي

في اليوم الذي تمت فيه المذبحة الفظيعة في الحولة في سوريا، نُظمت مظاهرة احتجاج في لندن على مسرح 'هبيمه'، الذي عرض مسرحية 'تاجر البندقية' في مهرجان شكسبير. وفي مقابل ذلك ظهرت في صحيفة 'الغارديان' رسالة لعشرات المخرجين والمسرحيين والممثلين البريطانيين عبروا فيها عن امتعاض من العرض الاسرائيلي واتهموا مسرح 'هبيمه' بتعاون مخجل مع الاحتلال الاسرائيلي والمستوطنات.

بحثت لكنني لم أجد ذكرا احتجاجيا على المذبحة في سوريا، بل وجدت بالعكس مقالة افتتاحية للعلامة والصحافي البريطاني باتريك سيل أوضح فيها بلغة لا اخلاق فيها ان الأحداث في سوريا هي نتاج الاموال التي تحول الى المعارضة المقاتلة والى القوى الاسلامية التي تجعل نظام بشار الاسد يرد احيانا 'بصورة شديدة جدا'. وزعم انه يوجد في هذه المعارك بالضرورة 'ضحايا مدنيون أبرياء'.

ان سيل هو الكاتب الرسمي للسيرة الذاتية لحافظ الاسد، وهناك من يقولون انه أقرب انسان في الغرب لعائلة الاسد، وهو يعتبر واحدا من العلماء الأجلاء في العالم الغربي بما يتعلق بقضايا سوريا والشرق الاوسط عامة، بل حظي بأن يكون ضيف شرف في جامعات في اسرائيل. وقد عمل سيل في مدة ولاية اهود باراك لرئاسة الوزراء ناقل رسائل مهما بين النظام في دمشق والقدس وكتب تأبينا للاسد الأب أثنى فيه على الزعيم السوري لكونه ذا شعور وطني عربي وذا رؤية استراتيجية بعيدة المدى في مواجهة التهديدات الاسرائيلية والامريكية.

التقيت سيل اول مرة في جامعة اوكسفورد في مطلع 1995 في الفترة التي ندد فيها في محاضراته تنديدا شديدا بحكومة رابين لعدم استعدادها بحث السلام مع الادارة السورية. وحضر سيل في 2010 محاضرة حاضرتها في باريس عن 'التحديات الاخلاقية الاسرائيلية'، وقبل ان أُنهي كلامي صاح قائلا: 'أفلست اسرائيل في كل ما يتعلق بالاخلاق في العلاقات الدولية'، قبل ان يندد بالصهيونية تنديدا شديدا.

وسألته هل يرى حكمي الاسد الأب والاسد الابن مثالين جيدين للسياسة الاخلاقية، لكنه زعم ان 'هذا السؤال تهربي وتلاعبي وهو انحراف عن القضية الاخلاقية المركزية التي تهدد الشرق الاوسط وهي سلوك اسرائيل الآثم المستعمل للقوة'. وزعم ان نظام الاسد في المقابل يبذل جهدا للانفتاح والدفع الى الأمام بحريات الانسان واحراز المطامح القومية للشعب الفلسطيني.

منذ بدأت الأحداث الدامية في سوريا في 2011 أصبح سيل المعتذر الرسمي عن نظام الاسد. ففي مقالات كثيرة وظهور كثير في وسائل الاعلام في بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا استعمل لغة الواقعية السياسية ممتنعا تماما عن التعبير عن رأي اخلاقي فيما يتعلق بالمسؤولين عن قتل الجماهير. وفي المقابل يذكر سيل في مقالاته ان سوريا تتعرض لمؤامرة دولية من 'قوى الهيمنة' في الشرق الاوسط ومنها اسرائيل والولايات المتحدة، وان الاسد الابن مضطر الى الدفاع عن سيادة بلاده في مواجهة ارادة امريكا واسرائيل تحطيم المحور الايراني السوري اللبناني. ويذكر سيل في تحليل الوضع في سوريا ان أكبر تهديد للشرق الاوسط هو استمرار الجرائم الامريكية التي أفضت الى انهيار في العراق وقد تفضي الى هرج ومرج في الدولة السورية.

حينما ننظر في سلوك سيل في السنين الاخيرة تثور مرة اخرى اسئلة عن نصيب مفكرين ودارسين ذوي صبغة سياسية عقائدية ما في الحديث عن الشرق الاوسط والاخلاق الدولية. تواجه اسرائيل بطبيعة الامر قرارات حاسمة جغرافية سياسية واخلاقية صعبة، لكن الفرق الذي لا يحتمل بين المطالب الاخلاقية من اسرائيل وتجاهل جرائم شديدة جدا في العالم العربي يشوه كل قدرة على البحث والتفكير المثقف ويضر ضررا عميقا بالثقة بالاكاديميا في هذه الموضوعات. وتثور اسئلة مشابهة ايضا تتعلق بمفكر مثل عزمي بشارة وطلابه في اسرائيل الذين أصبح صمتهم الهادر عما يحدث في سوريا أكثر دويا بعد سنين كانوا فيها من أشد المؤيدين حماسة للمستبد القاسي.

================

«ممرّ آمن» للنظام

الجمعة ١ يونيو ٢٠١٢

الحياة

يبقى مفعول قرار الدول الغربية والآسيوية التي تدور في فلكها، طرد السفراء والديبلوماسيين السوريين احتجاجاً على مجزرة الحولة البشعة وعمليات القتل المبرمج الذي يمارسه النظام السوري والميليشيات التابعة له، محدوداً وينحصر بالجانب المعنوي ويعبّر عن حال من الغضب الدولي إزاء ارتكابات النظام، لا أكثر ولا أقل.

وهو لن يشكل حالة ضاغطة فاعلة على النظام، الذي لن يغيّر من سلوكه، أو يعدّل في خطته المعروفة سلفاً، منذ بداية الأزمة السورية، والقائمة على هدفي حد أقصى وحد أدنى: الأول هو سحق انتفاضة الشعب السوري بالقوة مهما كلّف الأمر. لكن هذا الهدف يزداد صعوبة مع الإصرار المنقطع النظير عند فئات الشعب السوري على مواصلة تحركها لإسقاط النظام على رغم بشاعة البطش الذي يستخدم ضد هذا التحرك. والثاني هو تطهير بعض المناطق مقابل سيطرة الثوار على مناطق أخرى. وهذا التطهير يتركز على منطقة حمص، «مدينة الشمس» كما كانت تسمى في العصور القديمة ومنطقة تعايش الأديان في حقبات التاريخ البعيد، ويشمل محيطها، لأن هدف النظام جعلها ممراً آمناً له ولمناصريه بين الساحل السوري ودمشق، وبين هذا الساحل والحدود اللبنانية، على تخوم البقاع الشمالي. ويستشرس النظام ومؤيدوه في تحقيق هدف الحد الأدنى هذا ويصرّون على إحداث تغيير ديموغرافي في هذه المنطقة، عبر المجازر التي اعتمدت سياسة الإبادة، والتهجير الذي بلغ حداً عالياً قدرت أرقامه (من هذه المنطقة وحدها) بما يقارب انتقال زهاء 800 الى 900 ألف مواطن الى مناطق سورية أخرى، أو الى خارج سورية. ولا حرج لدى النظام أن يرافق ذلك تدمير أبنية قرى وأحياء بكاملها وإزالتها عن الخريطة كما هو حاصل في أحياء داخل حمص أو في بعض قرى المحافظة.

وقد يكون طرد الدول الغربية والدول الحليفة لها السفراء بديلاً من العجز عن صوغ موقف عملي واضح يضغط من أجل وقف الحل الأمني في سورية. فالتدخل العسكري الدولي شبه مستحيل، وموسكو تفتعل البطولات حين تقول إنها والصين تقفان ضده، لأن الدول الغربية نفسها ليست في وارد اللجوء إليه، على الأقل في القريب المنظور. وعواصم الغرب تكتفي بالمراهنة على أن تفعل العقوبات الاقتصادية والمالية فعلها في خلخلة أوضاع النظام السوري في الخريف المقبل، ما يعني أن لا رادع لاستمرار القتل والمجازر حتى ذلك التوقيت.

ومقابل «الممر الآمن» الذي يسعى النظام الى ضمانه عبر تشديد حملاته على حمص ومحيطها، يضمن استمرار الخلاف الدولي على خطة واضحة في المجال السياسي (لا العسكري) يمكن أن تضغط على النظام لوقف القتل، طريقاً آمناً لبقائه يسمح له بالتصرف وفق ما يفعل على الأرض. فتكرار موسكو إعلان رفضها لأي تدخل عسكري غير مطروح في أي محفل جدي، ليس إلا غطاء لرفضها حلاً آخر، سياسياً، لمعالجة الأزمة، هو اعتماد النموذج اليمني الذي يبدو الحد الأقصى الجدي الذي يطرحه الغرب. فالقيادة الروسية، على رغم بعض التلميحات الى أنها لا تدعم الرئيس السوري والحكومة السورية، ترفض أي حل بتنحي الأسد ولو على الطريقة اليمنية لأنها مصرّة على التمسك بورقة بقائه، لأسباب تتعلق بما هو أبعد من سورية في علاقتها مع الولايات المتحدة الأميركية.

تواصل موسكو وبكين الدعوة الى الحوار بين السوريين وتحذر الأولى ليل نهار من الحرب الأهلية (ومعهما بعض الدول الغربية وأميركا)، في وقت يعلن نائب المبعوث الدولي العربي المشترك جان ماري غيهنو أن الحوار مستحيل بين المعارضة والنظام، بينما النقطة الأولى في نقاط كوفي أنان الست هي «العمل في إطار عملية سياسية... والالتزام بتعيين محاور تخوّل له كل الصلاحيات...». ما يعني أن جهاز أنان نفسه ينعى مهمته. أما الحرب الأهلية، فإن الإكثار من الإعراب عن المخاوف من حصولها هو الخبث بعينه، فهذه الحرب واقعة منذ أشهر، وما يحصل من مجازر تارة في مناطق سنّية، وأخرى في مناطق علوية ومن تهجير لمناطق مسيحية، فضلاً عن عمليات خطف متبادلة، هل يمكن وصفه بغير الحرب الأهلية؟

ولماذا تتكاثر المخاوف والتحذيرات من أن ينزلق لبنان الى حرب أهلية هو الآخر، تحت شعار وجوب تفادي تهديد الاستقرار اللبناني نتيجة تداعيات الأزمة السورية، لو أن هذه الأزمة نفسها لم تدخل مرحلة الحرب الأهلية.

================

المجزرة في سورية لا تُقاس بالعروبة!

مرزوق الحلبي

الجمعة ١ يونيو ٢٠١٢

الحياة

ما يحصل في سورية الآن مع تصعيد حرب النظام ضد الشعب السوري وتتالي مجازره لا يحتمل التأويل. نظام قرّر الذهاب إلى حتفه عبر نفق الأرض المحروقة لكن ليس قبل أن يحفر بماكنته العسكرية قبوراً جماعية لأناس ما اختاروا الموت بل فُرض عليهم فرضاً فيما لم يتجاوز البعض منهم موسماً أو موسمي ثلج وربيع. مجازر الأيام الأخيرة علامات دموية لما قد يتطور لاحقاً بأيدي نظام أعلن الحرب على شعبه وعلى وطنه الخراب. فما الفائدة من مناكفة الشاشات أو عدسات الكاميرا أو الهواتف المحمولة والاستماتة في تفنيد صورها وأصواتها! ما الفائدة ما دامت المسألة تعدت سؤال العروبة والثورة والمقاومة والاستعمار الجديد والقديم والعمالة وعروش النفط وما أشبه من كلام يُراق بيُسر كالدم ويفتك بمعانيه كالأرواح في سورية!

يُفسّر لنا الحاصل في سورية الآن وردود الفعل عليه بشكل جليّ كيف حصلت مجزرة الأرمن وكيف وقعت المحرقة، وكيف حصلت حرب الإبادة في الصرب أو رواندا، وكيف حصلت النكبة ومفاعيلها المستمرة إلى الآن. فقد كانت هناك كما الآن معادلات وموازين قوى أتاحت للفاعل كل الوقت وزودته بكل أدوات الجريمة. وقد كان هناك كما الآن في سورية نظام حاكم ونظرية مكتملة وغسل أدمغة وقسر وإرهاب تؤلّف ماكنة تُخضع الإنسان وتضطرّ الفرد على أن ينصاع لجبروتها وأن ينصهر ك»أنا» في «كل» وحشي. هناك، وهنا في سورية يصير الإنسان ضحية مرتين، عندما يقتُل وعندما يُقتَل بنار الأخوة! هنا وهناك رأينا كيف يصير تأييد المجازر والقتل المنهجي مجرّد وجهة نظر وفلسفات مدعومة بتنظيرات من علم النفس والسياسة والتاريخ. هناك وهنا في سورية التي في الجغرافية وتلك التي في القلب أناس احترفوا تشغيل آلة الكذب والدجل والمماحكة الإعلامية بحجة وجود ماكنات مماثلة تعمل باتجاه آخر. هناك وهنا في حماة والحولة يُسجّل الإنسان الذي قال عنه برنارد شو أنه مُبدع في فنون القتل مشاهد مروّعة باسم «قيم» أو «مبادئ» أو «مقدّس». هناك كما هنا يداس الإنسان وكرامته وجثثه وموته بحجة «الأهداف النبيلة» إياها، الهوية وأمن الوطن والمقاومة وما شاكلها من تمثيلات حزّ نظام الأسد نفسه أعناقها وكواها بالتيار مدة خمسة عقود!

الجمود في موازين القوى العالمية لا يجعل روسيا أفضل ولا الصين أكثر عروبة من قطر أو السعودية. ولا هذا هو السؤال أصلاً. فليس مهماً لغرض اتخاذ موقف من مُحدث المجزرة، الذي يعدنا بمثلها وأفظع، أن نفحص هوية داعميه من اللاعبين الدوليين ولا هوية مناهضيه. فهي إدارة لمفتاح النقاش على محور غير المجزرة ومشهدها المروُع والانحراف بمعيار الحكم على الأمور إلى موضع الضباب والخطأ. فالشعب السوري المنتفض ضد طاغية مستبدّ ونظرية عقيمة في الحكم والعروبة والمقاومة وممارسة معطوبة للسلطة والإدارة الاقتصادية والسياسة ليس بطلاً ولا أسطورة وإنما شعب اختار أن يشارك شعوباً عربية أخرى الولادة من جديد. شعب قام بعد عقود استطاع النظام خلالها أن يغلق في وجهه كل أبواب التغيير سلمياً أو «طبيعياً». عقود فُصّل فيها الدستور وكُسر متنه ليلائم مقاس النظام ورأسه، ورُهنت البلاد لمصالح النظام وصودرت الحقوق كلها كرمى للنظام. هل يُمكننا - إلا إذا كنا من أصحاب الأخلاقية المثقوبة والفكر الأيديولوجي المعطوب - أن نطالبه بخاصة بعد هدر دمه واستباحة حيوات 13 ألفاً من أبنائه أن تظلّ حركته سلمية ترش الأرزّ والورد على عساكر مدرّبة على الفتك! وهل يحق لأحد أن يُطالبه بعدم التسلّح من أي مصدر كان لتوفير ولو بعض الحماية لمناطق ريفية نائية أو أحياء مدينية من بطش النظام! هل يحق لأحد بخاصة من خارج سورية ممن يجلسون وراء طاولاتهم مرفهين وفوق رؤوسهم خرزات زرقاء من عيون الحاسدين، أن يقولوا لهذا الشعب المنكوب، تريث قليلاً ريثما تمتلك إيران قنبلتها النووية! أو تريث واصبر ريثما يفقأ النظام عين لائميه وينتصر على القوى الدولية المعادية!

مثل هذه المواقف تماماً رافقت الحالات التي شهدت المجازر والكوارث السياسية المذكورة بحق الشعوب. ومثلها تماماً تشكل غطاء للمجازر وفاعليها وتمدّد لهم ليُتموا ما بدأوه أو لينجزوا منه ما أمكن!

المسألة السورية لم تبدأ مع الربيع العربي. فطبيعة النظام معروفة وتصنيفه العلم - سياسي معروف. وهي ليست حدثاً يُقاس بالعروبة ومدى سريانها في العروق أو بموقف روسي انتهازي أو إيراني أكثر انتهازية ولا بموقف قطري أو أميركي يريد الاستفادة من الأزمة ولا بجمود دولي يكشف بؤس هذا التجلي من تجلياتها، بل بميزان حقوق الشعوب في تغيير حكامها لا سيما إذا كانوا دمويين على هذه الشاكلة، حقّ الشعوب في أن ترفع صوتها وإن لم يكن المناخ الدولي مسانداً أو المجتمع الدولي مستعداً للتدخل، حق الشعوب في أن تكون حرة من كل طغيان ولا يهمّ بأي حجة يأتي ويتمدّد، حق الشعوب في أن تقول لا، حق الشعوب في أن تحقق ذاتها موفورة الكرامة الإنسانية.

================

قراءة في إضراب تجار دمشق

عمر قدور *

الجمعة ١ يونيو ٢٠١٢

الحياة

قبل شهر من التاريخ الرسمي لاندلاع الثورة السورية، وبتاريخ 17/2/2011، اندلعت تظاهرة عفوية في قلب دمشق، في منطقة «الحريقة» التجارية إثر اعتداء عناصر من شرطة المرور على شاب من تجار الحي؛ يومها هتف المتظاهرون بشعار سيصبح واحداً من الهتافات المعتمدة لاحقاً «الشعب السوري ما بينذلّ». للتذكير: سارع وزير الداخلية آنذاك إلى الذهاب إلى منطقة الحريقة بغية احتواء غضب التجار، ووعد بمعاقبة عناصر الشرطة المعتدية، بل أُعطيت عناصر الشرطة تعليمات بالتساهل التام مع مختلف أنواع المخالفات في رسالة للمواطنين مفادها «افعلوا ما شئتم ولكن لا تتظاهروا». ومن الواضح أن النظام سعى بدءاً من ذلك التاريخ لعقد صفقة فاسدة مع أوسع شريحة ممكنة من «الجمهور»، تقضي بتخليه عن مسؤولياته في تطبيق القانون العام، وبالتالي إطلاق العنان للفساد وتجار الأزمات، مقابلَ الحفاظ بشدة على سطوته الأمنية وقمع الحريات السياسية؛ باختصار لم يخرج النظام عن مألوف عادته بشراء الذمم ما دام الدفع يتم أصلاً من مقومات الدولة لا من رصيده.

بعد تلك التظاهرة اليتيمة صمتت أحياء الوسط التجاري التقليدي في دمشق، ولم تنفع محاولات استثارتها من خلال تظاهرات محدودة العدد والمدة قام بها ناشطون من خارج المنطقة. أعرض التجار عن تلك التظاهرات، ولعب بعضهم دوراً سلبياً جداً، إنْ بإرشاد قوات الأمن إلى الناشطات والناشطين الهاربين من وجهها في الأزقة، أو حتى بمشاركة الشبيحة والأمن في ضرب المتظاهرين وتوجيه الشتائم إليهم. ظهر جلياً أن الطبقة التجارية لن تضحي بمكاسبها الآنية المرتبطة بالسلطة، ولعل هذا من العوامل التي أدت إلى التوقف عن دعوات الإضراب الشامل أو ما سُمّي حينها «إضراب الكرامة»، إذ اقتصرت الاستجابة على البلدات والأحياء الثائرة، فضلاً عن تقدّم خيار التسليح إلى الواجهة وما رافقه من اختلافات في وجهات النظر ضمن أوساط المعارضة. لذا لم يكن متوقعاً أن يلتزم تجار الوسط التقليدي بالإضراب المعلن بدءاً من 28/5/2012، ولم تكن النسبة العالية لالتزامهم بالإضراب متوقعة بدورها، وقوبل الأمر باحتفاء واضح من قبل الناشطين بعدّه مؤشراً واضحاً على النهاية الوشيكة للنظام.

على نحو ما قد يُنظر إلى إضراب التجار الدمشقيين على أنه بمثابة انشقاق دراماتيكي عن النظام، بخاصة بعد السمعة السلبية التي اكتسبوها في الأشهر الأخيرة، وقد تكون هذه هي نظرة النظام وأنصاره أيضاً الذين سارعوا إلى توجيه الأصابع إلى جهات خارجية أعطت الأمر، مستندين إلى عدم تعاون غرفة تجارة دمشق مع النظام من أجل فك الإضراب، بعد أن فشل الأمن والشبيحة في إجبار التجار على فتح محالهم بالقوة. سيأتي طرد السفراء السوريين في اليوم التالي ليوحي هذا التزامن بوجود تحول واسع النطاق، وحتى بوجود تناغم ضمني بين قوى داخلية وخارجية فاعلة، أي أن الحلقة بدأت تضيق حقاً حول رقبة النظام، ووفق منطق المؤامرة الذي يروّجه الأخير سيبدو أيضاً موقف التجار معزولاً عن السياق الداخلي العام.

إلا أن ما تسرب من أنباء قبل أسابيع قليلة عن الاجتماع بالتجار، وتوجيه التهديد لهم بإحراق دمشق، يكتسب صدقية اليوم لجهة وجود افتراق مطرد بين الطرفين، فلا يغيب عن الأجهزة الأمنية للنظام أن بعضاً من التجار تخلّف عن إعلان انحياز سياسي واضح لصالح الثورة لكنه لم يتخلف عن المساهمة المستترة في تقديم الإعانات للأسر أو المناطق المنكوبة على أيدي قواته، الأمر الذي لا يمكن التسامح معه من قبله. بل وصل البعض، بحسب ما يُشاع، إلى حد المساهمة المالية في تسليح كتائب تعمل ضمن الجيش الحر، ولا شك في أن التهديد بإحراق دمشق قد بني على معلومات من هذا القبيل.

طوال مدة أزمته اعتقد النظام أن بمقدوره السيطرة على النخبة الاقتصادية بحكم المصالح المشتركة بين الطرفين، وأيضاً بحكم القبضة الأمنية الشديدة، وجرياً على عادته أنكر التأثيرات القاسية والمديدة للعقوبات الاقتصادية الدولية؛ تلك التأثيرات التي قد لا تنال من أثرياء السلطة مباشرة لكن أثرها على النشاط الاقتصادي العام أكبر من أن يُنكر، ناهيك عن الكلفة اليومية الباهظة وغير المعلنة لحرب النظام. صحيح أن الأخير قد نجح في السيطرة على أسعار الصرف ضمن ارتفاع مقبول نسبياً إلا أن ذلك لا يدل أبداً على قوة الاقتصاد السوري، ولا يؤشر إلى التضخم الحقيقي الذي طال القوة الشرائية العامة ومن ثم الاقتصاد برمته. في الواقع إن الركود الاقتصادي، وحتى الشح الكبير في مصادر الطاقة اللازمة للإنتاج، وصلا إلى حد لم يعد احتماله سهلاً ما يتطلب حلاً جذرياً، وحيث أن النظام لم يثبت قدرته على الحسم فإن المزاج يتجه إلى التضحية به.

من جهة أخرى، لا يجوز عزل إضراب دمشق عن التأثيرات المتبادلة بينها وبين مدينة حلب، إذ من المرجح أن انخراط الأخيرة المتأخر والحثيث في الثورة قد أعطى إشارة للأولى بوصفهما المدينتين الأكبر والأثقل اقتصادياً، مع التنويه بأن التظاهرات لم تغب عن أحياء حلب التي تقطنها شرائح مؤثرة اقتصادياً. من الناحية النفسية انقلب تحييد المدينتين، الذي طالما ركز عليه ناطقون باسم النظام واستقووا به، فتقدمت المدينتان في وقت أُنهكت فيه بؤر الثورة الأخرى، وليس من المغالاة القول إن إشارة بدء طال انتظارها منهما قد انطلقت مؤخراً ما سيدفع بالثورة إلى عتبة غير مسبوقة. وغير بعيد عن ذلك يلوح أثر آخر محتمل يتمثل بعودة الثقل السلمي للثورة بعد تكاتف عوامل الإحباط واليأس، فالإضراب يبشّر، إذا ما قُيّض له ولثقافته الاستمرار، بالوصول إلى عصيان مدني شامل يرى فيه الكثيرون السبيلَ الأمثل والأقل كلفة لإسقاط النظام.

إذا تجاوزنا الاعتبارات الوطنية والأخلاقية بوسعنا القول إن المهلة الممنوحة للنظام من قبل النخبة الاقتصادية قد أخذت بالنفاد، ولن يفيده بشيء أن يحاول استرجاع تجربة الثمانينات حين ربح معركة كسر العظم مع التجار؛ إن الوسط الخالي سوى من عناصر الأمن والشبيحة ينذر بأنه لم يعد يحتمل وجودهم أيضاً.

================

لا حل سياسياً في سورية

الجمعة ١ يونيو ٢٠١٢

الحياة

دعوة النظام السوري الى الجنوح نحو حل سياسي تفاوضي أو الانخراط في عملية نقل للسلطة، تبدو أقرب إلى نكتة مستهلكة من نكات مسارح القوالين.

إذ كيف يمكن نظاماً كان هاجسه الأول منذ امساكه بالسلطة قبل نصف قرن، القضاء على كل أشكال الحياة السياسية في بلده، رعاية عملية سياسية معقدة تفضي حكماً إلى تخليه، ليس عن المناصب التي نصّب رؤوسه أنفسهم عليها، بل عن آليات الحكم والاستيلاء على المجال العام بما في ذلك الاقتصاد والتعليم ونظم القيم الرمزية؟

والأقرب الى الصواب أن النظام لم تخطر له فكرة المصالحة او التفاوض او أي تعبير من تعابير الحل السلمي على بال، على رغم تنظيمه عدداً من اللقاءات بين اشخاص ينتهي نسبهم العقدي والسلوكي والسياسي اليه. ولم تكن اللقاءات هذه في واقع الأمر سوى محاولات سطحية لاشغال الشارع السوري والالتفاف على الضغط الخارجي المطالب بإصلاحات واسعة.

ومَن يتابع مواقف المسؤولين السوريين اثناء اجتماعاتهم مع الموفدين الاجانب، يلاحظ من دون عناء، تمسكاً مستمراً منذ اندلاع الأزمة، بمستويين من الخطاب: التسويف أولاً، وإلقاء اللوم على الطرف الآخر ثانياً. ففي بدايات الثورة كانت الردود السورية الرسمية من نوع «اعطونا وقتاً كافياً لانجاز الاصلاحات» أو «نعمل بكل طاقتنا على تصحيح الأخطاء التي نعترف بها». مع تجذر الثورة وتقدمها وانضمام أعداد كبيرة من السوريين اليها، تحولت احاديث المسؤولين الى الاصرار على «وقف تسليح وتمويل الجماعات المسلحة» و «رفض التدخل الخارجي» و «غياب المحاور عن المعارضة المشتتة».

في كل الأحوال، كان الأمر الواضح الوحيد في هذه المواقف السعي إلى افراغ أي حوار وتفاوض من مضمونهما. ويختصر النظام رؤيته للتغيير بأنه هو الجهة القادرة على معالجة كل أزمات سورية، ولكن العنف الذي تمارسه عصابات لا تمت الى السوريين بِصِلة، يعوق تقدم المعالجات والاصلاحات. ويضيف بعض التوابل على هذه النظرة السطحية بكلام عن مؤامرات عالمية آخر مظاهرها طرد سفرائه من الدول الغربية. «فيك الخصام وأنتَ الخصمُ والحكمُ» على ما قال المتنبي (مع التشديد على الفوارق بين الأفراد المعنيين).

يقود ذلك وغيره إلى الجزم بعجز النظام السوري عن تقديم رؤية للخروج من المأزق الذي زج البلاد فيه من جهة، وعن قبوله الحل السياسي بأبسط أشكاله وهو الاعتراف بوجود أزمة كبرى تجتاح سورية وبدور متعاظم الأهمية لقوى المعارضة المختلفة التي تحظى بتأييد قطاعات حيوية من الشعب السوري ومن مختلف الشرائح والفئات الاجتماعية.

النهج هذا الذي يعتمده الرئيس بشار الأسد ينطوي على معنى واحد: التشبث بالسلطة حتى لو دُمرت سورية وانزلقت نحو حرب اهلية طائفية بدأت تذر بقرنها. ولن تصل «القيادة الحكيمة» الى الاستنتاج اللازم لتجنيب السوريين وسورية هذه الكأس بسبب انفصالها عن الواقع ودرجة الإنكار الشديدة التي تعيش فيها واعتمادها في فهمها للأمور على أدوات امنية بائسة الأساليب والرؤى وعلى «خبراء استراتيجيين» جلّهم من حواضر البيت اللبناني، المفلس هو الآخر.

يطرح الاحتمال المظلم للمستقبل على القوى المعارضة، وخصوصاً تلك المؤثرة في الشارع والقادرة على المبادرة الميدانية، مهمة ملحّة تتمثل في الاسراع في تغيير المسار الذي يدفع النظام سورية اليه. ولا مفر من الاقرار بصعوبة هذه المهمة وبضآلة الخيارات فيها ومرارتها، بعدما قضى العقل الاقصائي- الاستحواذي على كل فرص الحوار السياسي.

========================

ذبح الأطفال..!!

بقلم / طه خليفة – كاتب وصحفي مصري:

الراية

31-5-2012

طرد سفراء سوريا من هذه العاصمة الغربية أو تلك لا يكفي ولا يوقف الذبح ولا يمنع جَزّ رؤوس الأطفال.

طرد السفراء من أمريكا وفرنسا وبريطانيا وكندا وأستراليا واليابان وبلغاريا وغيرها من دول العالم الحر هو عمل العاجز عن الحسم.

وإذا كان العاجز غير قادر على حماية المدنيين من الذبح فعلى الأقل في هذه اللحظة من لم يطرد السفراء أن يقوم بطردهم لتنظيف عواصم العالم قاطبة منهم لإحكام العقاب الدبلوماسي حول نظام لا إنساني همجي. العرب والمسلمون مطالبون قبل غيرهم باتخاذ ما هو أكثر من طرد السفراء.

العقوبات الاقتصادية والسياسية والعسكرية.. ماذا فعلت؟، فالذبح اليومي مستمر للنساء والأطفال والعجائز والشباب وكل كائن حي في سوريا منذ انطلقت الثورة قبل 15 شهرا.

العالم يتفرج على أكبر مذبحة لشعب تحول إلى فريسة لنظام ذئب بلا أخلاق أو دين أو ضمير أو إنسانية أصدر أمرا واحدا ووحيدا منذ اليوم الأول للثورة لشبيحته: أبيدوا كل ما تطاله بنادقكم ودباباتكم ومدافعكم وخناجركم وسيوفكم وآلات القتل الرهيبة في أياديكم، فلا مكان لمن يقول "لا" حتى في نومه.

حكم طائفي عائلي احتلالي مدعوم من الاستبداد الديني الطائفي المذهبي في محور الشبيحة الذي يمتد من طهران إلى دمشق مرورا بحكومة المالكي في العراق وحزب الله في لبنان، هو الحلف الأخطر على المنطقة والذي يريد ابتلاعها والذي يعربد كما يشاء دون أن يقدر أحد على ردعه.

إسرائيل هي "العدو" وأنا منذ وعيت على الفهم ومتابعة السياسة لم أجدها تفعل في الفلسطينيين ما يفعله نظام البعث في السوريين في الحولة وحمص وحماة ودرعا وريف دمشق وكفر بطما وحي بابا عمرو وفي غيرها من كل قرى وأحياء ومدن سوريا المستباحة مسفوكة الدماء.

جاء اليوم الذي نقول فيه إن إسرائيل أرحم على الفلسطينيين من برابرة العصر على شعبهم في سوريا.

بالطبع العرب غير قادرين على فعل أي شيء سياسي أو عسكري تجاه الهمجية، هناك عرب متواطئون وشركاء في ذبح الأبرياء، ودائما يتكئ العرب على أمريكا، لكن للأسف واضح أن أمريكا أوباما أجبن من أن تفعل شيئا حقيقيا لشعب ذبيح. أمريكا داعية الحرية وحقوق الإنسان لا تقدم لشعب يريد الحرية ويضحي بدمه غير التصريحات الفارغة والعقوبات غير المؤثرة التي تعوضها إيران وبغداد وحزب الله فورا.

أمريكا أوباما أكبر كذبة فهل يرحل هذا الرئيس الخائف الذي يقبل الهزيمة من روسيا في سوريا، بل وتهزمه إيران في النووي، ويهزمه حزب الله بإحكام سيطرته على لبنان بسلاحه، وحتى المالكي صنيعته فإنه يصفعه عندما يربط العراق بإيران.

نحن أمام أكبر فضيحة للمجتمع الدولي الذي يتابع فصول مذبحة أكبر من مذابح البلقان ولا يتحرك كما يجب أن يكون التحرك وهو السيناريو الليبي فهو العلاج الأخير الباقي.

فلا النظام سيسقط بعقوبات حيث يتم تعويض آثارها فورا من محور الشبيحة، ولا انقلاب عسكريا سيحدث لأن العسكر هم العائلة الطائفة الأقلية الحاكمة التي ستظل تقتل حتى آخر سوري لتبقى هي تحكم نفسها، ولا النظام سيرحل من نفسه على غرار ما حصل في اليمن حيث محور الشبيحة لا يريد إلا النظام المجرم أو حرق سوريا والمنطقة كلها التي صارت تحت ضرسهم ورهينة لهم.

لا حل إلا بإزالة النظام لتلقين محور الشبيحة درسا ومعهم روسيا والصين اللتان تشاكسان أمريكا القوة الأعظم التي يعود أوباما بها إلى الضعف والمهانة.

رسالة الكاتب الفرنسي هنري برنانر ليفي لرئيس وزراء فرنسا الجديد أولاند بأن يتخذ المبادرة في سوريا كما فعل في ليبيا رسالة ذات مغزى الآن.

ليفي كان وراء حماس ساركوزي لإنقاذ المدنيين من سفاح ليبيا.

الأمل مازال قائما ليهزم المجتمع الدولي عجزه ويسارع لإنقاذ المدنيين في سوريا بأي شكل.

إذا كان أحد لن يعجبه ذلك فهل هناك من حلول أخرى لم يتم طرحها لوقف شلالات الدماء المتفجرة؟.

لله الأمر من قبل ومن بعد.

=================

لا بديل عن تسليح المعارضة السورية

طارق محمد الناصر

الرياض

31-5-2012

 هل كان المجتمع الدولي بحاجة لمجزرة دموية بحجم مجزرة الحولة كي يعاود التنديد بمجازر بشار الأسد ورجاله بعد فترة طويلة من الصمت. أليس واضحاً مقدار تعنت النظام السوري وعدم قبوله، مطلقاً، بأي تسوية تسمح برحيله سلمياً. هل الصمت الدولي وتمني أن تحل المشكلة نفسها بنفسها يمكن له أن يحسم الأمور؟

لا أظن أن عاقلاً يمكن له الآن أن يتحدث عن حل سياسي. فالمعارضة السورية في الخارج، للأسف، أثبتت فشلاً ذريعاً في الارتقاء لمستوى التضحيات التي يقدمها السوريون في الداخل. وإذا أضفت إلى ذلك عدم قدرتها على تشكيل جبهة تحظى بتمثيل شعبي حقيقي تستطيع التفاوض من خلالها مع النظام من موقع قوة وكذلك التحدث مع العالم أدركت ان الحديث عن دور لها في الحل يبقى متعذراً.

اما النظام فليس من الوارد، أبداً، ان يقبل بحل سياسي يفضي، في النهاية، لرحيله. كما ان بنية النظام وتركيبة القوى التي تدعمه وتورطت معه في سفك الدماء لن تسمح للأسد بالقبول بحل سياسي حتى لو رغب، افتراضا، بذلك. لهذا فان الحديث عن حل سياسي شبيه بنموذج الحل الخليجي في اليمن ليس إلا ترفاً يستعصي على التطبيق في الحالة السورية.

يبقى الحل المنطقي والوحيد هو في دعم المعارضة الداخلية وتشجيعها فهي، وليست معارضة الخارج، الطرف الفاعل على الأرض. وكي ينجح هذا الحل يتوجب على المجتمع الدولي إقرار منطقة آمنة تحت البند السابع من مجلس الأمن، ويترافق ذلك مع الإقرار بحق السوريين في الدفاع عن أنفسهم أمام آلة القتل الأسدية. فالإقرار بحق الدفاع عن النفس يعني، ببساطة، تمكن الجيش السوري الحر من عقد صفقات التسلح والتمتع بشرعية الدفاع عن المدنيين في وجه النظام.

يجب على العالم مواجهة الحقيقة المرة والنظر بواقعية للمأساة الدامية في سوريا. فأحداث الأشهر الماضية تجاوزت، عملياً، الجدل الدائر حول المخاوف من أن يؤدي تسليح المعارضة إلى حرب طائفية. فالحرب الطائفية مستعرة الآن وستستمر حتى إسقاط النظام سواء تم تسليح المعارضة أم لم يتم. والحديث هو عن الثمن الذي يجب أن يدفعه السوريون من دمائهم وأعراضهم قبل اقتناع الجميع بأن تسليح الشعب السوري سيساهم في التخفيف من معاناة الأبرياء.

لقد استفاد الرئيس السوري من مهل كثيرة وقدمت له مبادرات متعددة لكنه أفشلها الواحدة تلو الأخرى. أصبح جلياً انه يراهن على الوقت وعلى نشر الرعب في قلوب السوريين. إلا ان رهان الأسد وخطته يشكوان من خلل جوهري هو ان خمسة عشر شهراً من حملات القتل المنهجي لم تنجح في إيقاف زخم الثورة. فكيف يراهن، بسذاجة، على ان بإمكانه سحقها بارتكاب مزيد من المذابح.

=================

مجزرة الحولة

محمد بن حمد البشيت

عكاظ

31-5-2012

العالم بأسره، وأقصد العالم العربي والإسلامي، هزته مجزرة (أطفال) الحولة، الذين ذبحوا بالسكاكين من الوريد للوريد مع أمهاتهم، مذبحة جماعية ناهز تعدادها (104) قتلى كان من بينهم أربعون طفلا، وقد عرضت الفضائيات صور جثامينهم المروعة، إنه منظر تأنف منه وتجرمه الديانات السماوية، فبأي دين أو ذنب قتلوا.. ولكنه النظام الدموي الذي ليس له دين ولا رادع.. قد تجاوز بغيه كل الأعراف والقيم والأنظمة الدولية، والبركة في الروس والمجوس!!.

وإذا ما تتبعنا نهج حزب البعث وأفعاله فمن البديهي أن القتل والتعذيب هو ديدنه في معتقلاته ووسيلته التي جبل عليها لديمومة حكمه، فما كان خافيا بالأمس فيما يمارسه تحت الأرض ظهر اليوم علانية على سطحها.. بعد أن شعر بتداعي أركانه وزوال سلطته وتسلطه، فجن جنونه، وهو يرى ثورة شعبه الأبي يدافع ببسالة طيلة خمسة عشر شهرا عن حريته وكرامته بصدور عارية لم يثن القتل والتهجير من عزمهم عن مواصلة الثورة للإطاحة بنظامه الدموي، القائل: «إما أحكمكم أو أقتلكم»، وهو الذي لم يجد أمامه من حل لإسكاتهم غير العنف وسلاحه لإبادتهم. ورغم ذلك فالثورة تتصاعد لمواجهة الطاغية الذي حينما أعياه الدخول للمدن بترسانته الحربية، وقد تصدى له (الجيش الحر ) عمد لقصف المدن والمباني بالمدافع والطائرات بضراوة، فزاد تعداد القتلى والجرحى، في معظم المحافظات السورية وضواحيها وأريافها، حتى أنه وجد الكثير منهم ورائحة الحريق تفوح من أجسادهم، بمثل ما تفوح رائحة البارود من أجساد الذين يعدمون بشكل جماعي.

ولعلنا نتذكر قبل فترة وجيزة المقابر الجماعية، كان من بينها ما قام به وحوش جيش النظام قبل مجزرة الحولة الأخيرة.. وقد ألقي القبض على مواطنين في مظاهرة بحمص، فحفر لهم جنود النظام حفرة ودفنوا وهم أحياء، فمن يستطع أن يفسر لنا هذه الكوميديا البغيضة السوداء للنظام الإجرامي ؟!!!.

فمجازر بشار وأركان نظامه، بمثل مجزرة (الحولة) التي لم تجف دماء أطفالها، لن تكون آخر مجازره.. ومع ذلك لايزال الغرب وأمريكا لم يرف لهم طرف عين، عن هذه المذبحة الإنسانية!!، ورغم ذلك لازالت الشيوعية الروسية تزود النظام بالسلاح لقتل المزيد من الشعب السوري .. ففي أثناء مجزرة الحولة كانت سفينة روسية محملة بالأسلحة، ترسو في ميناء طرطوس، فموقف الغرب وأمريكا واضح من (الثورة السورية).. إنها لعبة سياسية خسيسة، للمماطلة في اتخاذ القرارات الحاسمة في إيقاف نزيف الدم السوري المراق، ما لم يتم التأكد مما ستكون الحال عليه لمرحلة ما بعد الأسد، لأجل أمن دويلة بني صهيون !!!.

=================

طرد السفراء «نصف خطوة»

رأي البيان

التاريخ: 31 مايو 2012

البيان

أضافت مذبحة الحولة في سوريا دماء جديدة إلى الدبلوماسية الدولية؛ للتحرك بشكل أكثر جدّية ضد دمشق، فخطوة طرد سفراء النظام السوري في الولايات المتحدة ودول أوروبية وتركيا تشي بأن المجتمع الدولي على وشك المضي في خيارات أخرى، قد تكون تحسباً لفشل خطة المبعوث الأممي العربي كوفي أنان، الذي التقى الرئيس السوري بشار الأسد أول من أمس، من دون أن تصدر أي إشارات بتحول نوعي في موقف دمشق، تجاه الالتزام بالبنود الستة للخطة.

وأثبتت مجريات الثورة السورية منذ نحو 15 شهراً أنّ الاستعصاء السياسي والعسكري الداخلي لا يمكن كسره، طالما أن هناك وضعاً دولياً مشابهاً يوازي الوضع الداخلي، فالموقفان الروسي والصيني لم يصلا إلى حد اتباع البلدين نهجاً جديداً في التعامل مع الأزمة.

وهذا ما قد يحصر مفاعيل خطوة طرد السفراء السوريين كآلية ضغط على كل من النظام وحلفائه الدوليين، بدلاً من أن تكون خطوة ضمن حل حاسم للأزمة، والمعطيات الحالية قد تحمل معها مؤشرات من أن يكون طرد السفراء هو «نصف خطوة» لم تستكمل بعد، لأن مصالح السوريين في الخارج ستتعطل، إذا لم تتبع خطوة طرد السفراء اعترافاً دولياً بالمجلس الوطني السوري، ليكون الوجه الرسمي الجديد والبديل عن النظام. فمن غير المجدي أن يتم نزع الشرعية عن النظام في الخارج من دون إضفائها أي الشرعية على بديل ديمقراطي من المعارضة.

إنّ إخفاق المجتمع الدولي في التوصل إلى اتفاق بشأن حل وحلحلة الأزمة ينتج عنه المزيد من الضحايا، وبدأ يأس أطراف في الصراع من الحسم العسكري يدفعها إلى التفكير بخيار المذابح، كما حدث في الحولة وقبلها في إدلب وحمص ودرعا، وبالتالي فإن خطوة طرد الدبلوماسيين قد تكون رادعاً مؤقتاً يدفع البعض إلى إعادة حساباته، لكنها ليس كافية لحمله على التخلي عن الخيار العسكري والالتزام بخطة أنان. وغالباً ما تجد دمشق مخارج من حالة العزلة الدولية عبر التصعيد، ليصبح التراجع عنه مطلباً دولياً، وهذا فخ وقع فيه المجتمع الدولي طيلة الشهرين الماضيين، فلولا مجزرة الحولة، التي هزّت ضمير العالم، لكانت الأرقام اليومية للقتلى من المتظاهرين «سياقاً طبيعياً» للحدث السوري.

=================

الشعب السوري والحماية الدولية!

تاريخ النشر: الخميس 31 مايو 2012

د.علي راشد النعيمي

الاتحاد

لقد بدأ الشعب السوري ثورته السلمية مطالباً بالحرية والعدالة، وساعياً لرفع ظلم كبير وقع عليه واستبداد عظيم حكمه سنين طويلة، ومطالبه عادلة بمقاييس العدالة الدولية والحقوق الأساسية التي أقرتها القوانين الدولية، ولكن هذه المطالب جوبهت بسياسة القتل والإبادة الجماعية والأرض المحروقة من قبل النظام، والعالم يطلق المبادرات الواحدة تلو الأخرى لعل النظام يستجيب أو يتوقف عن ذبح شعبه، ونتيجة تلك الجهود كان تلاعب النظام بهذه المبادرات والتعامل معها بأسلوب المناورات السياسية مع الاستمرار في حرب الإبادة دون تمييز بين نساء وأطفال ورجال، أمام مرأى العالم وسمعه، والمواقع الإلكترونية مليئة بالأدلة التي تثبت وتؤكد إجرام النظام ضد شعبه. فماذا يتنظر العالم لكي يتحرك لإنقاذ الشعب السوري؟ لو افترضنا أن أكاذيب النظام بوجود الجماعات المسلحة والمندسين صحيحة وهو عاجز عن حماية شعبه ألا يستحق الشعب السوري حماية دولية تواجه آلة التدمير التي يتعرض لها؟

لو قبلنا رواية النظام كما يدعيها وهو عاجز عن إيقاف القتل ألا يجدر بالمجتمع الدولي ومجلس الأمن وحلف "الناتو" التدخل لحماية الأبرياء من قصف الصواريخ والمدفعية والدبابات؟ هل يجهل العالم حقيقة ما يجري في سوريا، أم أنه يتعامى عن ذلك لأمور تتعلق بمصالحه هو ومصالح إسرائيل؟ هل يجهل العالم التدخل العسكري الخارجي ممثلا بإيران و"حزب الله" وميليشيات الصدر، في حرب الأسد ضد الشعب السوري؟

لقد كان من أبرز بنود مبادرة كوفي عنان، التي وافق عليها مجلس الأمن، سحب الأسلحة الثقيلة من المدن وإطلاق سراح المعتقلين وهما البندان اللذان لم يلتزم النظام بأي منهما. ألا يجدر بمجلس الأمن محاسبة النظام السوري على عدم تنفيذه لبنود المبادرة التي وافق عليها وتعهد بالالتزام بها؟ إن من حق الشعب السوري أن يعرف لماذا لا يعامل كبقية الشعوب في حقه الإنساني في المحافظة على وجوده وصيانة حقوقه الأساسية التي ضمنتها مواثيق الأمم المتحدة وحقوق الإنسان. والبعض يحذر من الحرب الأهلية وهو يرى النظام يرتكب المجازر، ويطالب السوريين بالالتزام بسلمية الثورة، وآخرون يحذرون من استغلال المتطرفين للوضع السوري وتحقيقهم مكاسب ويبقى متفرجاً على حرب إبادة همجية لم يوثق الإعلام لها مثيلا من قبل.

والسؤال الأهم لمصلحة من تترك سوريا وشعبها للغول الممثل بنظام الأسد وإيران و"حزب الله"؟ إن الشرعية الدولية قد خسرت مصداقيتها أمام دماء السوريين، وإن الإنسان السوري ليبحث عن ملاذ يوفر له ولأسرته الحماية من الإبادة، وإذا لم يتدخل المجتمع الدولي لتحقيق ذلك له، فإنه سيفتح عليه أبواب أن يستغل من دعاة الإرهاب والتطرف لتحقيق ذلك له، لأن الإنسان اليائس يبحث عن بريق الأمل لإنقاذه. إن توفير الحماية الدولية للشعب السوري، أولاً وقبل كل شيء، ثم الدخول في عملية الحل السياسي لهو واجب المجتمع الدولي، وأقل الخيارات تكلفة وأكثرها فعالية وجدية وأفضلها إقليمياً ودولياً.

=================

متى دور السفراء الروس؟!

راجح الخوري

2012-05-31

النهار

ماذا يعني ان تقوم 11 دولة غربية بطرد الديبلوماسيين السوريين بعد الدوي الذي أحدثته مجزرة بلدة الحولة؟

هذا لا يعني شيئاً في حسابات دمشق التي سبق لوزير خارجيتها وليد المعلم ان أعلن في مؤتمر صحافي في 30 حزيران من العام الماضي: "سننسى ان اوروبا على الخريطة وسأوصي بتجميد عضويتنا في الاتحاد من أجل المتوسط وسنتجه شرقاً"، وهذا ما كان قد فعله عندما شطب الجامعة العربية ودول الخليج من الخريطة العربية!

وماذا يعني ان يقول كوفي أنان بعد محادثاته مع الرئيس بشار الأسد: "لقد ناشدته اتخاذ خطوات جريئة الآن وليس غداً وان العنف يجب ان يتوقف لتنفذ النقاط الست فالوضع في سوريا على مفترق"؟

هذا أيضاً لا يعني شيئاً. أولاً لأن عدد القتلى تجاوز السبعين بينما كان أنان يُجري محادثات في دمشق، وثانياً لأن الأسد أقفل الباب تكراراً في وجه أنان ورسم له خريطة طريق تنقل مهماته من سوريا الى العواصم المجاورة، عندما أبلغه ان نجاح خطته يعتمد على وقف الأعمال "الإرهابية" ومن يدعمها، مشدداً على ان تلتزم الدول التي تقوم بتمويل "الإرهابيين" وتسليحهم وإيوائهم هذه الخطة".

منذ موافقة دمشق على خطة أنان سقط أكثر من ألفي قتيل، ويواجه المراقبون الدوليون الفشل الذي واجهه المراقبون العرب. وعندما يقال لأنان ان نجاح مبادرته منوط بدول الجوار فهذا يعني طرده بطريقة غير مباشرة وتحميل الآخرين مسؤولية فشلها. طبعاً هذا ليس خافياً على أنان الذي تم استحضاره من الاستيداع ولا يريد ان ينهي حياته الديبلوماسية بالفشل، ولهذا فإنه يبتلع المرارة ويقرر مثلاً زيارة لبنان والأردن عملاً بشروط الأسد. ولكأن ما يجري في سوريا من المذابح وحمامات الدم مسلسل من المآسي يرسمه الخارج لا الشعب السوري المطالب بالحرية والتغيير.

المثير أنه بينما كان أنان يكرر كلماته الخشبية عن ضرورة ضبط النفس "الآن وليس غداً"، كانت الأمم المتحدة تعلن بلسان إيرفيه لادسوس ان النظام هو المسؤول عن مجزرة الحولة لجهة القصف المدفعي وربما القتل والاعدامات على يد الشبيحة.

وفي عودة الى طرد الديبلوماسيين السوريين من الدول الغربية، ومع إصرار روسيا على تعطيل مجلس الأمن وتوفير شبكة أمان للنظام السوري بات من الضروري طرح السؤال:

إذا كان طرد الديبلوماسيين السوريين من العواصم الغربية لا ينفع، فمتى تفكر الدول العربية والإسلامية ليس بطرد الديبلوماسيين الروس من عواصمها ولا حتى بسحب ديبلوماسييها من موسكو بل باستدعائهم للتشاور في مشكلة انحياز روسيا التي تسعى الى استعادة دورها الاستقطابي ولو أدى ذلك الى حرب أهلية في سوريا؟!

=================

ملامح "بازار" دولي يغيب عنه العرب .. الغرب يضغط على سوريا ام على روسيا ؟

روزانا بومنصف

2012-05-31

النهار

حفزت المجزرة التي ارتكبتها القوات الحكومية السورية الدول الغربية على اعلان المزيد من الضغوط على النظام السوري تفاوتت في اليومين الاخيرين بين الاعلان عن طرد السفراء السوريين المعتمدين لدى الدول الغربية وبين الاعلان عن ضرورة وضع موضوع التدخل العسكري على طاولة البحث وان كان وفقا لقرار في مجلس الامن الدولي. وبدا، وفق ما تقول مصادر ديبلوماسية معنية، ان روسيا شعرت بان العنصر الاخير المتصل بموضوع التدخل العسكري موجه اليها اكثر مما هو موجه ضد النظام السوري باعتبار ان الخارجية الروسية بادرت الى الرد على الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الذي كان هو من اعلن "انه لا يستبعد تدخلا عسكريا بموافقة مجلس الامن" عشية توجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في زيارة الى العاصمة الفرنسية للقاء نظيره الفرنسي. فروسيا تشعر بنفسها معنية على نحو مباشر علما ان موضوع التدخل العسكري ليس مطروحا وقد استبعدته واشنطن نفسها حيث اعتبر البيت الابيض انه "لا يعتقد ان التدخل العسكري في سوريا هو الخيار الامثل في الوقت الحاضر وانه سيؤدي الى مزيد من المذابح "على رغم ان قائد القوات الاميركية مارتن ديمبسي تحدث عن "احتمال توافر هذا الخيار لكن الان الخيار لا يزال للديبلوماسية". كما ان المانيا استبعدت الخيار العسكري في هذه المرحلة وكذلك دول اوروبية اخرى بحيث بدا ان الموضوع فتح الباب امام اعلان التناقضات الاوروبية او الغربية حول هذا الموضوع علما ان ذلك يشي في الواقع بفتح النقاش الدولي حول ما يجب القيام به ووضع الخيارات على الطاولة. ويسري الامر نفسه على موضوع تسريب الكلام على اعتماد الخيار اليمني مجددا في الازمة السورية بحيث يفيد كل ذلك عن مدى التخبط في البحث عن الخيار الذي يمكن اعتماده كما بالعروض التي يمكن ان يلوح بها لروسيا من اجل مساهمتها بها. اذ ان التمسك بخطة المبعوث المشترك للامم المتحدة والجامعة العربية كوفي انان ليس الا واجهة ضرورية حتى التوصل الى الاتفاق المناسب على رغم اقرار انان من دمشق بالذات ان الامور بلغت هناك نقطة اللاعودة. فهل بات الخيار الموضوع امام روسيا في ضوء ذلك السير والمساهمة في الخيار اليمني تحت طائل عدم القدرة على وقف خيار التدخل العسكري الذي قد يكبر ككرة ثلج في ضوء مجازر اخرى محتملة ؟

فروسيا تبدو في الواجهة في الموضوع السوري والدول الغربية تضغط عليها من اجل التعاون او من اجل استدراجها للتفاوض على مخرج للوضع في سوريا باعتبارها تملك مفتاح التأثير على النظام ما دامت تشكل الاوكسيجين الذي لا يزال يمده بالحياة السياسية في شكل اساسي. والضغوط التي مورست في وقت سابق قد نجحت في احراج الروس الذين وافقوا على صدور البيان الصحافي الذي دان مجزرة الحولة وحمل النظام السوري المسؤولية ولو ان الموقف الروسي سعى الى التفرد او التميز لاحقا بتحميل المسؤولية للنظام والمعارضة. كما ان هناك الحوادث اليومية التي تملك الدول معطياتها شأنها شأن مجزرة الحولة وان لم تكن بلغت اصداءها الاعلامية على الصعيدين الاقليمي والدولي. اذ اورد التقرير الاخير الذي اعده محققون في الامم المتحدة في مجال حقوق الانسان ونشر قبل مجزرة الحولة ان " القوات الحكومية السورية اعدمت اسرا بالكامل في منازلها وغالبا ما اقتحمت قرى وفي ايديها قائمة بالمطلوبين من ابنائها". وهذه مسائل بدأت تشكل احراجا للروس الذين باتوا يظهرون تغيرا طفيفا ولكن في انتظار الاتفاق المناسب على ما يبدو، الى حد اعلان وزير الخارجية سيرغي لافروف قبل ايام "انه لا يهم من يحكم سوريا بل المهم ان يتوقف القتل ".. ويتطلع المتابعون الى لقاء بوتين هولاند غدا الجمعة ثم لقاء بوتين ونظيره الاميركي باراك اوباما الشهر المقبل بحيث يبدو بوضوح تحول الوضع السوري الى بازار بين الدول الكبرى وهو يتقرر في ما بينها ووفقا لمصالحها بحيث لم يعد هناك مجال حتى لغطاء عربي كان ضروريا في اوقات سابقة على رغم تنسيق لا يزال قائما بين الجامعة العربية والدول الكبرى. والمفارقة في هذا الاطار مثلا اجتماع المجلس الوزاري العربي يوم السبت بعد اكثر من اسبوع على مجزرة الحولة من اجل بحث الوضع السوري فيما مجلس الامن اجتمع يوم الاحد الماضي للغاية نفسها على رغم الخلافات بين اعضائه. وهو امر يبدو انه ينزع القدرة كليا من العرب على المساهمة في تقرير الوضع في سوريا وفي التأثير على روسيا او الدول الاخرى على رغم اعتقاد المصادر الديبلوماسية بامتلاك الدول العربية اوراقا متعددة قوية في هذا الاطار وشعور الدول الاوروبية باحباط نتيجة لعدم تحريك هذه الاوراق بقوة ان في المساهمة في الضغط على روسيا او في الضغط على المعارضة السورية من اجل التوافق وتمكين نفسها من ان تكون البديل من النظام السوري او حتى في المساعدة في تقديم ضمانات للطوائف والمجموعات السورية على نحو غير مباشر بما يمكن ان يساعد على تضامن هذه المجموعات من ضمن المعارضة او معها في رفع ما تبقى من الغطاء الداخلي عن النظام.

=================

سلامة سوريا : شعبا ووطنا أولا وأخيرا

رأي الدستور

الدستور

31-5-2012

في خضم حالة السخط الشديدة التي تعم العالم، وردود الفعل الدولية المنصبة على معاقبة النظام السوري، لاتهامه بارتكاب مجزرة “الحولة” وغيرها من المجازر بحق الشعب السوري الشقيق يأتي موقف الاردن الثابت والمبدئي بضرورة الحفاظ على سلامة سوريا شعبا ووطنا، والتركيز على حل الازمة حلا سلميا، محذرا من خطورة الانزلاق الى حرب اهلية قذرة، تأكل الاخضر واليابس، وتفتح الباب على مصراعيه للتدخل الخارجي، وما قد تسفر عنه من دويلات طائفية متناحرة متقاتلة.

ما حدث ويحدث في الشام مؤلم لكل عربي ومسلم، ومؤلم لكل انسان يحترم انسانيته، ويحرص على ادميته، وهو يرى الاطفال تذبح كالنعاج والارامل والشيوخ وقد تناثرت اشلاؤهم في الشوارع والازقة والمنازل وقد هدمت على ساكنيها، بصورة كارثية مروعة يعجز القلم عن الاحاطة بتفاصيلها وقد حولت ريحانة الله في ارضه الى ارض محروقة.

النظام مسؤول اولا واخيرا لان حماية الشعب الشقيق من مسؤولياته، لا بل هي اولى اولوياته ومبرر وجوده بموجب الدستور، فهو صاحب الولاية، والموكل بتحقيق الكرامة، والعيش الكريم لهذا الشعب، وحماية الوطن السوري والحفاظ على ترابه، وبالتالي فلو افترضنا جدلا ان العصابات هي من اقترفت هذه المجزرة، او شاركت بقتل عدد من الاشخاص، فالمسؤولية تقع على النظام لانه لم يحم مواطنيه، ولم يرد الخطر الداهم عنهم ويحقق الامن والاستقرار للقطر الشقيق.

النظام السوري مسؤول، ويتحمل تبعات ما يحدث، لانه اختار الطريق الوعرة، واحتكم لقوة السلاح، وللحلول الامنية، ولم يحترم ارادة الشعب السوري في التظاهر سلميا، كما هو الحال في العديد من الدول الشقيقة، وقد ضمن الدستور هذا الحق، واصر على رفض مطالب الشعب في الحرية والكرامة والديمقراطية وتداول السلطة، وعمل على الالتفاف على المبادرة العربية باللجوء الى التسويف والتأجيل، حتى فشلها، وها هو يقوم بافشال المبادرة الدولية التي يقوم بها كوفي عنان لانقاذ الشعب السوري عن مأساة مروعة، من خلال وقف اطلاق النار، وسحب قطاعات الجيش، والشروع في حوار بناء هادف، يؤدي الى طي صفحة الماضي، وتشريع بناء سوريا الحديثة.

مجمل القول: الوضع في سوريا بعد مذبحة “الحولة” يتطلب جهدا عربيا ودوليا غير عادي لحماية الشعب السوري اولا واخيرا من المذابح والمجازر، والحفاظ على وحدته، وحمايته من حرب اهلية مدمرة بدأت نذرها في المجازر التي ترتكب والتي لن تتوقف بعد مجزرة “الحولة” الكارثية .

حماية الشعب السوري من الكارثة المحققة، واطفاء لهيب الحرب الاهلية بات امرا ملحا وعاجلا قبل ان تخرج الامور من تحت السيطرة.

=================

هل الحرب الأهلية في سورية «قائمة أم قادمة»؟!

د. محمد ناجي عمايرة

الرأي الاردنية

31-5-2012

ما الذي يمكن أن يحدث في سورية أكثر مما حدث؟ هناك من يتحدث عن خشية من «حرب أهلية». ترى ما هي الحرب الأهلية إن لم تكن هذه التي تدور رحاها بين أنصار النظام وأنصار المعارضة، بين جيش النظام وجيش المعارضة الحرّ.. وكلاهما يحمل صفة « الجيش السوري»!

المعارضة السورية للأسف منقسمة وتعاني من التشظي والخلافات العميقة بين الدينيين والليبراليين! وهذا الكلام ليس من عندي، بل هو كلام برهان غليون رئيس المجلس الوطني السوري الذي استقال من منصبه حتى لا يكون وجوده سبباً في مزيد من الانقسام، فهو يقدم نفسه باعتباره حريصاً على وحدة المعارضة الشعبية، وضحية لمحركي الانقسام والتجزئة ومثيري الخلافات والمتردّدين.

هذا الانقسام بين معارضة الداخل ومعارضة الخارج من جهة، وبين أعضاء المعارضة في الخارج أنفسهم من جهة أخرى.. وبين بعض أهل الداخل من جهة ثالثة، هو ما يعزز فرص النظام في البقاء والسيطرة ومواصلة أعمال القمع.

ومثل هذا الانقسام يصدق على مواقف الدول العربية التي لم تتخذ موقفاً حاسماً في دعم المعارضة وتلبية حاجتها إلى التسلح بعد أن زاد النظام من عملياته القمعية وارتفع عدد المذابح والمجازر التي لا نجد أحداً غير النظام يمكن أن يكون مستفيداً منها، والمراقبون الدوليون يرون أن أعوانه هم مقترفوها.

كما أن الموقف الدولي أكثر انقساماً وتردداً، وهذا واضح من استمرار سياسة الشجب والتنديد والاستنكار « بأقصى العبارات وأشدها « لممارسات قوات النظام وأساليبه القمعية !! ولولا الاتجاه الأخير إلى طرد سفراء النظام من عواصم القرار بل من معظم الدول الأوروبية واليابان وأميركا.. لولا ذلك لقلنا إن الدول الكبرى تواصل الصمت وتنتهج سياسة العين المُغْمَضة عن جرائم ترتكب كل يوم في مختلف المدن والقرى والأرياف السورية، ولا تقع مسؤوليتها على غير النظام وأجهزته الأمنية وأزلامه من « الشبيحة».

الانقسام في صفوف المعارضة، والتردد في المواقف العربية الحازمة، والاختلاف الدولي على المصالح بين الدول الغربية وأميركا من جهة وروسيا والصين من جهة أخرى.. يضاف إليها الدعم الإيراني ومؤازرة مقاتلي حزب الله، كل ذلك يساهم في إطالة أمد بقاء النظام في الحكم، لكنه لا يعطي هذا النظام أي فسحة للبقاء أكثر من شهور قليلة، هي أقرب لالتقاط الأنفاس، لكننا نعتقد أن الانتفاضة الشعبية سوف تتجه إلى التوحد في كيان أكثر تماسكاً، والمواقف الدولية سوف تتغير جذرياً.

إن طرد سفراء النظام من الدول الغربية سوف يتلوه طردهم من دول أسيوية وافريقية، أخرى، وهو خطوة في الاتجاه الصحيح، ولا شك أن العقوبات الاقتصادية بدأت تؤتي ثمارها.. لكن المهم هو أن يأخذ العرب موقفاً أكثر جدية ويتحملوا مسؤولياتهم في حماية الشعب السوري، والدفاع عنه بعد كل هذه الجرائم التي يتعرض لها في مختلف المدن والقرى والأرياف.. وما أدى إليه ذلك من تشريد لآلاف السوريين نحو دول الجوار.

=================

مجزرة الحولة أوصدت باب الحل السياسي للأزمة السورية

د. أميمة أحمد

2012-05-30

القدس العربي

يتجول الموت في شوارع وبلدات سورية منذ انطلاقة الثورة السورية قبل نحو خمسة عشر شهرا ضد الاستبداد الذي يهيمن على سورية لأكثرمن أربعة عقود، تناقله النظام وراثيا من الأب لنجله. لا أحد يمتلك الإحصاء الدقيق لعدد ضحايا القتل في سورية، فآخر إحصاء تتداوله وسائل الإعلام والأمم المتحدة 15.321 ألف شخص لقوا مصرعهم على أيدي قوات الجيش النظامية السورية، التي منذ البداية استخدمت الأسلحة الثقيلة في قمع المظاهرات السلمية المطالبة بالحرية، في اللاذقية الساحلية استخدم النظام الزوارق البحرية، وفي حمص وحماه استخدم كل أنواع السلاح الثقيل دبابات تجتاح الأحياء ومروحيات ومدافع تقصف المدن. ومن يشاهد هذه المدن يظن أن زلزالا قد دمّرها، بيوت مهدمة، شوارع مليئة بالركام، أعمدة كهرباء سقطت أرضا، لاشيء سوى رائحة الموت، هنا وهناك بقايا دماء لأشلاء السوريين أطفالا ونساء وشيوخا.

هؤلاء المدنيون الأبرياء يصفهم النظام 'بالإرهابيين' ويحل دمهم، ويستبيح أعراضهم، ويفلت شبيحته على إذلالهم قبل قتلهم. هذه ليست حربا ضد عدو، حتى وإن كانت ضد الأعداء فإن المواثيق الدولية تحظر استباحة كرامة الإنسان، فما بالكم عندما يكون الطرف الآخر بالحرب هو الشعب السوري الذي يفترض بموجب العقد الاجتماعي للدولة أن النظام يحمي السكان لا يقتلهم بهذه المهانة؟

تحمّل السوريون هذا الإذلال على مدى خمسة عشر شهرا، وفي الشهرين الأخيرين مع مبادرة كوفي عنان المبعوث العربي الأمم ارتفعت وتنوعت وتيرة العنف إلى مجازر مروعة غير مسبوقة، وقد سمع وشاهد العالم بعضها في خان شيخون وإدلب ودرعا وحماه ودوما وما خفي كان أعظم، حيث هناك مقابر جماعية لاأحد يعرف عددها، وقد اكتشف بعضها في حمص 500 جثة مجهولة الهوية. والتطور النوعي الآخر التفجيرات في المناطق السكنية مستهدفة المقار الأمنية، واللافت بتلك التفجيرات أنها لاتترك آثارا تذكر على المباني الأمنية وتترك عشرات الضحايا، ما الذي يمنع انتحاريا أن يدخل إلى وسط المبنى؟ لماذا التفجيرات على الباب الخارجي فقط، وبلحظات يحضر التلفزيون الرسمي وتلفزيون الدنيا لصاحبه رامي مخلوف ويصورون، والمتتبع للصور بعين الصحفي يدرك من الوهلة الأولى أن خارطة التصوير كانت معدة مسبقا، والصحافي يذهب مباشرة للمكان المفروض تصويره. هذه الخدع الإعلامية لم تعد تنطلي على الشعب السوري، الذي عرف أن أبناءه قضوا بالتعذيب أو التفجير لأن هناك دفعات من المعتقلين شحنوهم أحياء لأماكن التفجير، وأقام النظام لهم مراسيم جنائزية مهيبة، ولكن من غير المعلوم إن كانت هويتهم الأصلية أم منحوهم أسماء أخرى، من بمقدوره التحقق من صحة هذا الاسم لذاك الجثمان في بلد مثل سورية التي منعت كل مصادر الخبر عن الإعلام الدولي والمحلي. سألت زميلا صحفيا سوريا عن إمكانية حصولهم عن الخبر، فقال ' أنت تمزحين بسؤالك ؟ فنحن خلف الأمن الذين يقدمون أنفسهم صحافة، وحيثما يأخذونا نذهب وندون ونصور مانراه 'سالته وماذا ترون ؟ قال ضاحكا' مايراه الأمن وتروه بالتلفزيون السوري وقناتي الدنيا والإخبارية وتقرأونه في صحف البعث والثورة وتشرين والوطن وووو 'تطاولت الشهور الخمسة عشر إلى أن خالها الشعب السوري دهورا، ورائحة الموت تملأ سماء سورية على مدار الساعة، وأصبح ضحايا الحرية في سورية أرقاما في نشرات الأخبار العالمية' 54 قتيلا سقطوا برصاص قوات النظام السوري في حمص وحماه وإدلب ... 35 قتيلا في حلب وحماه ومناطق أخرى ... 30 قتيلا في حلب بينهم 21 في جامعة حلب حيث هاجم الشبيحة مظاهرة طلابية داخل الحرم الجامعي، ورموا طالبا من الطابق الخامس، وذبحو آخر أمام زملائه بساحة الجامعة ......والكثير من الروايات عن التفنن في قتل السوريين لترويعهم وتركيعهم للعدول عن مطلبهم بالحرية، يرافق كل هذه المهانة والقتل مايسميها النظام 'إصلاحات' والمضحك المبكي أن روسيا التي أصبح رئيسها ووزير خارجيتها الناطقين الرسميين باسم النظام السوري، نسمع تصريحات ميدفيد يف وبعده بوتين 'أن النظام قام بإصلاحات جديرة باهتمام المجتمع الدولي' وسيرغي لافروف الذي غطى على وزير خارجية سورية وليد المعلم في تصريحاته لدعم النظام السوري، يؤكد المرة تلو المرة على ' الحل السياسي للأزمة السورية والحوار بين النظام والمعارضة ' أي حوار وأي حل سياسي؟

هل بعد مجزرة الحولة بقي أي أمل بالحوار؟ وهل أبقت جثامين 55 طفلا مذبوحين ذبخ النعاج فرصة لحل سياسي في سورية؟ أي عبثية في طرح كهذا وقد بلغ عدد ضحايا النظام السوري منذ بدء مبادرة عنان أكثر من ألفي قتيل في وقت ينص البند الأول على وقف العنف فورا، ألم يتعرض فريق المراقبين نفسه لعدة هجومات؟

نقولها بصراحة إن النظام السوري لديه ضوءا أخضرا من المجتمع الدولي (وتحديدا أمريكا وروسيا في مقايضات سياسية على جماجم الشعب السوري) للاستمرار في الحل الأمني وبهذا العنف غير المسبوق من نظام ضد شعبه. أجل إنها ترخيص للنظام لقتل الشعب السوري بما يحقق تأجيج الحرب الأهلية. أجل مجزرة الحولة التي راحت فيها عدة عوائل بكاملها تهدف إلى تأجيج الثأر والقتل المضاد في العائلات العلوية، ولا أستبعد مجزرة مماثلة في قرى علوية. أليس هذا دليل على تورط النظام في مؤامرة دولية ضد سورية الوطن والشعب لإنهاك سورية حد الخور، وما الذي يمنعه إذا كان فعلا رئيس البلاد أن يوقف العنف ويستمع لهؤلاء الشباب الذين ملأوا شوارع سورية؟ هل كلهم إرهابيون؟ هل كلهم مندسون؟ هذه الاتهامات للشعب تدلل أنه فاقد الشرعية لحكم شعب يتهمه هذا الاتهام الخطير.

هذا التصرف الأرعن من النظام رفع عقيرة المنادين بالتدخل الخارجي لحماية المدنيين السوريين، وعرض ليس أمن سورية بل أمن المنطقة لمخاطر الانزلاق في حرب أهلية لاتبقي ولاتذر، والنظام يعرف تماما أن المجتمع الدولي ليس بوارد التدخل في سورية بفضل جارته إسرائيل التي لم يطلق رصاصة عليها منذ حرب التسوية السياسية 1973، وخيار 'السلام الاستراتيجي'، لذا يقتل ويقتل غير مبال بكل التنديد والشجب الدولي، وهذا التنديد لايعدو أن يكون بيانات لاتساوي الحبر الذي كتبت به، بل هي مُهل للقتل.

لانريد تدخلا خارجيا، بل نريد تدخلا سوريا للشرفاء بالجيش السوري أن ينهوا هذه المأساة حفاظا على سورية الوطن وسورية الشعب، فآل الأسد ليسوا قدر سورية ولن يكونوا.

نريد حوارا بين السوريين لإنهاء مأساة الشعب السوري، يكون أطراف الحوار من عقلاء سورية في كافة الطوائف والأديان والعشائر، ورموز سياسية مشهود لها بالنزاهة والنضال، وهم معروفون، يمكن تسمية هؤلاء الشرفاء 'تجمع إنقاذ سورية' يتم الحوار في سورية تحت إشراف الأمم المتحدة، نقاط الحوار: الانتقال السلمي للسلطة إلى تجمع إنقاذ سورية، الذي يقود مرحلة انتقالية مدة ستة أشهر مع نهاية 2012، ينتخب الشعب رئيسا مؤقتا للبلاد، هو من يقوم بنقل سورية إلى الديموقراطية خلال سنة، يتشكل خلال 2013 برلمان منتخب ومنه حكومة تمثل الشعب، وفي عام 2014 انتخابات رئاسية تعددية.

الأمل في من لازال ساكتا من الشعب السوري عليه أن يحمي سورية بتخليصها من هذا النظام.

هذا النظام أشاع اللاأمن ليقول للناس 'أنا أو الفوضى'، قتل الناس بمجازر ليروع الناس ويلتزموا بيوتهم بعد كل هذه التضحيات لأجل الحرية والانعتاق من الاستبداد.

هل يمكن لقوات عربية أن تتدخل عبر الأردن لحماية سورية؟ هل يمكن لمجلس الأمن أن يستخدم آليات الأمم المتحدة لحماية المدنيين تحت البند السابع. كلها أمنيات وأضغاث أحلام. والشيء المؤكد 'ماحك جلدك مثل ظفرك' بعد مجزرة الحولة لم يعد هناك حوار ولا حل سياسي مع النظام أيها الحالمون في أروقة الأمم المتحدة، الحوار الممكن مع 'تجمع إنقاذ سورية' وما أكثر الأحرار والشرفاء في سورية ليطلعوا بهذا الدور النبيل.

=================

مفتاح سورية موجود في موسكو

صحف عبرية

2012-05-30

القدس العربي

إن لم يكن عسكريا فليكن دبلوماسيا على الأقل. واذا كان دبلوماسيا فليكن بأصعب الطرق تقريبا لأن الغرب ما كان يستطيع ان يبقى غير مكترث بازاء المجزرة الفظيعة في بلدة الحولة في نهاية الاسبوع والتي قتل فيها 108 اشخاص منهم 49 ولدا. ولما كان الغرب ما زال لم يفعل شيئا مع الاسد من ناحية عسكرية استقر رأيه على استغلال القناة الدبلوماسية.

شددت اوروبا أمس لهجتها مع النظام السوري وطردت سفراء الاسد. واستقر رأي فرنسا والمانيا وبريطانيا واسبانيا وسويسرا وايطاليا على هذه الخطوة المهمة جدا، في حين انضمت كندا واستراليا الى الاجراء الاوروبي المنسق في انتظار الولايات المتحدة التي تجد نفسها تابعة مرة اخرى كما كانت في ليبيا.

لا يعني هذا انه يُنتظر في القريب قطع علاقات بنظام الاسد، لكن هذه قد تكون بيقين خطوة استباقية. ويصعب ان نرى زعيما غربيا واحدا يستمر في العمل معه اذا نجح في البقاء برغم كل شيء. ان أكبر تحدٍ للغرب الآن ان يضم موسكو الى التحالف المعادي للاسد. ولروسيا كما تعلمون مصالحها في المنطقة وقد تكون دمشق اليوم في واقع الامر آخر قاعدة للسوفييت السابقين في الشرق الاوسط، لكن حتى روسيا بوتين منذ كانت المجزرة في الحولة وجدت نفسها وظهرها الى الجدار. وفي اليوم الذي تنضم فيه روسيا الى ذلك التحالف الذي انعقد أمس سيسارع الاسد الى حزم أمتعته الى روسيا أو الى طهران. وفي هذا الايقاع ستكون حتى القدس مكانا أكثر أمنا له من دمشق.

قفز رئيس فرنسا الجديد فرانسوا هولاند الى العجلة السورية كما تحمل ساركوزي المسؤولية عن الملف الليبي بالضبط. ويُتهم هولاند بعدم الخبرة الدولية. وكانت باريس هي الاولى التي أعلنت طرد السفيرة السورية من ارضها وجمع اصدقاء سوريا في باريس في مطلع تموز. وكان هولاند نفسه هو الذي أعلن طرد السفيرة السورية في غضون ساعات. وكانت برلين، بواسطة وكالة الأنباء 'دي.بي.ايه' هي الثانية التي بشرت بطرد السفير. فقد كرمت آنجيلا ميركل التلميذ الجديد هولاند.

قلنا دائما انه منذ بدأت الاضطرابات في سوريا في مدينة درعا في منتصف آذار 2011، قد يكون محطم التعادل في هذا الشأن الذي لا ينتهي موجة انشقاقات كثيفة في الجيش السوري أو مجزرة فظيعة لا تدع العالم غير مكترث. وحدث انشقاقات ووقعت اعمال قتل فظيعة في مدينة حمص ولم يساعد ذلك، فقد منع مجلس الامن بواسطة روسيا والصين قراري تنديد بالنظام السوري، أما مبعوث الامم المتحدة، كوفي عنان، فجاء بخطة النقاط الست التي كان يمكن ان تُفسر بأنها وعاء اوكسجين للاسد.

لكن النظام السوري ينتمي الى حقبة اخرى. وفي نظام القمع هذا يشبه الأبناء آباءهم، ولم يفضح بشار الاسد اسم عائلته. وكانت المذبحة في الحولة مذبحة اخرى زائدة.

فقد صعب عليهم في المقاهي في باريس وبرلين وسدني ومدريد ان يهضموا قهوة الصباح مع صور الاولاد المذبوحين. وقد أُبلغ أمس نهائيا ان أكثر المواطنين بحسب تحقيق أولي للامم المتحدة قد أُعدموا.

وتنكر دمشق كل صلة لها بالمذبحة وصار يصعب حتى على موسكو اليوم ان تصدق ذلك.

أسمى وزير الخارجية الفرنسي الجديد، لوران فابيوس، الاسد أمس 'قاتل أبناء شعبه' وقال انه 'يجب ان يترك الحكم في أسرع وقت ممكن'.

وما نزال بعيدين عن هناك، فما يزال للاسد جيش وما تزال دمشق موجودة وما يزال له تأييد من جزء من أبناء شعبه. وفوق ذلك فان المعارضة السورية منقسمة ولا تؤيد حتى السعودية وقطر اللتان تؤيدان تسليح المعارضة، تلك الفصائل.

ما لم تتوحد المعارضة السورية وما لم يساعد الغرب المتمردين ماديا وما لم تُصدق موسكو دموع الشعب السوري فلن يحزم الاسد أمتعته.

=================

سورية: التدخل العسكري أو المناطق الآمنة

رأي القدس

2012-05-30

القدس العربي

الملف السوري يزداد سخونة، فبعد طرد وابعاد سفراء ودبلوماسيين سوريين من قبل الحكومات الغربية احتجاجا على مجزرة الحولة التي راح ضحيتها 108 اشخاص نصفهم من الاطفال، يجري بذل جهود مكثفة لعقد اجتماع عاجل لتكتل اصدقاء سورية في اسطنبول في الايام القليلة المقبلة.

وجاء العثور على 13 جثة مقيدة الايدي ومصابة باعيرة نارية في الرأس شرق سورية بعد ايام من المجزرة المذكورة ليضيف وقودا للضغوط الاوروبية والامريكية التي تريد اتخاذ المزيد من الخطوات لتشديد جهود عزل النظام وربما بحث امكانية التدخل العسكري.

رجب طيب اردوغان رئيس الوزراء التركي يتزعم هذه الجهود، وادلى يوم امس الاول بتصريحات قوية ضد النظام السوري، واكد ان النظام سيدفع ثمنا غاليا لمجزرة الحولة التي اتهمه بارتكابها، وقال ان دماء الضحايا لن تذهب هدرا.

التحرك الغربي الذي تقوده الولايات المتحدة الامريكية يبحث في الوقت الراهن عدة خيارات، ابرزها اقامة مناطق آمنة مثلما اقترحت الحكومة البلجيكية تتمركز فيها المعارضة، ويلجأ اليها المنشقون عن الجيش السوري، او التدخل العسكري على الطريقة الليبية، مثلما يطالب برنارد هنري ليفي الفيلسوف الفرنسي الصهيوني في رسالة بعث بها الى الرئيس الفرنسي الجديد فرانسوا هولاند.

مؤتمر اسطنبول لاصدقاء سورية قد يتبنى هذين الخيارين او احدهما، مستغلا حالة الغضب التي تسود اوساط الرأي العام العالمي على ارضية عمليات القتل والذبح المروعة لضحايا مجزرة الحولة.

الاعلام الغربي نشر تقارير مطولة وتفصيلية عن هذه المجزرة بعضها مصور، وطالبت افتتاحيات بعض الصحف بضرورة التدخل عسكريا لوقف هذه المجازر او بالاحرى الحيلولة دون تكرارها مستقبلا بشتى الطرق والوسائل.

الولايات المتحدة الامريكية تلتقي مع الصين وروسيا في معارضة هذا التدخل ولكن لاسباب مختلفة ابرزها خوفها من حالة الفوضى التي يمكن ان تنتج في حال اسقاط النظام واقدام جماعات اسلامية متشددة على ملء الفراغ.

مناورات 'الاسد المتأهب' التي انتهت قبل ايام واجريت في الاردن قرب الحدود السورية بمشاركة 19 دولة و11 الف جندي، هدفت بالدرجة الاولى الى التدخل بشكل سريع في سورية لمنع وقوع اسلحة كيماوية وبيولوجية في ايدي منظمات وجماعات 'ارهابية' حسب التسريبات الاردنية شبه الرسمية.

من الواضح ان النظام السوري لا يأبه كثيرا بمثل هذه الضغوط الدولية لاطمئنانه الى الدعمين الروسي والصيني، وقدرته على التأقلم حتى الان ولاكثر من عام مع الاوضاع المتفجرة على الارض في سورية.

مراقبون كثيرون لاحظوا ان سفيرا او دبلوماسيا واحدا من الذين ابعدتهم الحكومات الغربية لم ينشق او يطلب اللجوء السياسي في الغرب، وفسر هؤلاء ذلك على انه دليل على استمرار تماسك النظام، ولكن مراقبين آخرين لهم رأي آخر يقول ان عدم الانشقاق في بعض الحالات عائد الى خوف هؤلاء من اعمال انتقامية تستهدف عائلاتهم في حال انشقاقهم، وهو تفسير وجيه قد يرد عليه البعض بالقول ان ضباطا كبارا لهم عائلات في سورية ومع ذلك لم يترددوا في الانشقاق على النظام.

لا احد يستطيع ان يتنبأ اين يمكن ان تصل اليه الامور في سورية، لكن ما يمكن التنبؤ به هو ان احتمالات التسوية السياسية التي تتمحور حول مبادرة كوفي عنان مبعوث الامم المتحدة والجامعة العربية تضعف بشكل متسارع بسبب اتساع دائرة القتل رغم وجود المراقبين الدوليين.

=================

مجزرة الحولة: تحولات دراماتيكية في المشهد السوري

د. أحمد عرفات الضاوي

2012-05-30

القدس العربي

منذ انطلاق الثورة السورية السلمية، وقبل أن ينشق جندي واحد، والنظام يعمل على قتل الثوار، وكان الأطفال عنوانا بارزا للموت منذ اللحظات الأولى مما يعني بالبديهة، أن النظام اتخذ قرارا بقتل الشعب الثائر وكان آنذاك لا يستطيع أن يتنصل من تهمة القتل المتعمد لكل من يرفع صوته، ولم ينف عن نفسه تلك التهمة لأن أداة القتل الوحيدة السائدة كانت بيد النظام وحده. وكان رجال الأمن (الشبيحة) هم ميليشيا النظام التي تتصدر مشهد القتل والتعذيب والحصار والتجويع والتصفيات الجسدية لكل الناشطين. لكن النظام اليوم ينفي وبشدة علاقته بمجزرة حولة، وهو صادق في ادعائه، ولكنه كاذب في إسناد الجريمة إلى مسلحي المعارضة والجيش الحر الذين ليس من مصلحتهم قتل سوري واحد من المدنيين وبخاصة أن مسعاهم منذ أن تحولت الثورة أن يستقطبوا تأييد الشعب . فإذا لم يكن النظام هو الذي اقترف هذه الجريمة وإذا لم يكن الجيش السوري النظامي، فمن هو الفاعل؟

مجزرة حولة تحول خطير في المشهد السوري، لأن الفاعلين جهة تحمل حقدا تاريخيا ولؤما مركبا، وليست معنية بردود فعل المجتمع الدولي أو بتوجيه الصراع إعلاميا، وهي جهة مسلحة محسوبة على النظام وسلاحها من النظام نفسه، أمعنت في الذبح والقتل دون أن تتوقع رد الفعل إزاء الفاجعة التي أحدثتها في حولة، دخلت بعد القصف بعلم النظام للتصفية والقتل، فأمعنت قتلا وذبحا في النساء والأطفال، بشكل عنصري وحاقد لا يقل فظاعة عن المجازر الصهيونية ضد الفلسطينيين، وهو سلوك ذو مرجعية طائفية وعرقية ارتكبته ميليشيات علوية، مما يعني أن الصراع قد اتخذ مسارا خطيرا، وأن النظام نفسه قد بدأ يلوذ برصيده الطائفي ليحسم الصراع ويزرع الرعب على الطريقة الصهيونية في نفوس الناس، وهو سلوك بائس ينذر بتحولات نحو حرب أهلية حقيقية، ويدل بشكل واضح على أن النظام قد بدأ يفقد زمام المبادرة بالسماح للمليشيات العلوية بالدخول الكثيف على خط الصراع. وهو بهذا السلوك واحد من اثنين: إما أنه سمح بهذه المجزرة تخطيطا وتنفيذا بأيدي المليشيات العلوية الحاقدة، وإما أن هذه المليشيات قد اتخذت قرارها بعيدا عن النظام بتوجيهات من زعامات علوية متنفذة، وفي كلا الحالتين فإن النظام بدأ يفقد السيطرة على الأرض وبدأ الصراع يأخذ طابعا طائفيا خطيرا، لأن السلوك في التعامل مع الضحايا بتقطيع الأجساد دون تمييز بين طفل ورجل وامرأة يعني أن المجرمين جاءوا برصيد هائل من الحقد والتعبئة الطائفية يذكرنا بجرائم الصرب والصهاينة الذين يقتلون دون هوادة ودون مرجعية خلقية.

الغرب يراقب الجريمة في سورية بدم بارد، ويطلق التصريحات الباردة التي لا تتناسب مع حجم الجريمة، يعني أنه موافق عل ما يحدث للشعب السوري، وربما يريد للفوضى الخلاقة لكوندليزا رايس أن تصل إلى مداها في إحداث التحولات الدراماتيكية بعد أن آل العراق إلى سلطته ونفوذه، ويجب أن يصفي السوريون بعضهم ليتحقق سيناريو التمزيق ورسم خرائط جديدة، وروسيا تريد تصفية حساباتها مع الغرب بعد أن نامت طويلا وخسرت كثيرا لتمسك بآخر أمل لها في النفوذ في الشرق الأوسط بتحالفها مع نظام عنصري بغيض، والعرب منقسمون بين متردد وخائف وضعيف، والشعب السوري بدأ يدرك هذا الأمر مبكرا فرفع شعار: (مالنا غيرك يا ألله).

إن مجزرة حولة تحول مرعب نحو حرب أهلية وهي محطة كارثية تتعذر بعدها أي مصالحة وطنية، ومؤشر على إفلاس الجيش السوري النظامي، وفقدان النظام لزمام المبادرة وانفلات الأمور نحو الكارثة، وعنان في هذه المرحلة مجرد بندول مسكن والمراقبون مجرد رأس حربة للدخول كطرف في الأزمة وتدويلها في الوقت المناسب عندما يصفي السوريون بعضهم وينهك الجميع، والغرب يراهن على النظام السوري الغبي الذي ينفذ سيناريو الفناء والإفناء.

=================

الممكن واللاممكن في الثورة السورية

علي ملحم *

الخميس ٣١ مايو ٢٠١٢

الحياة

تفيد أخر المعلومات الواردة من داخل مدينة حمص بأن «الجيش السوري الحر» قد تمكن من السيطرة على ما يقارب 60 في المئة من جغرافية المدينة، في حين تقهقرت مناطق نفوذ النظام لتنحصر في قطاع صغير يشمل القسم الجنوبي الشرقي منها. هذا وتؤكد هذه المعلومات المستقاة من نشطاء من داخل المدنية أن «الجيش الحر» تمكن من إنشاء قيادة حقيقة منظمة وفعلية له اتخذت من حمص القديمة عموماً ومن قصر جوليا على وجه التحديد (والذي كان قبل ألفي عام مقراً للحكم الروماني)، اتخذ منه مقراً لقيادته وإدارة عملياته.

وفي الجانب الآخر فإن الحراك المدني السلمي لا يزال آخذاً بالتصاعد في قلب العاصمة دمشق ومدينة حلب ويبدو أن رقعته تتمدد بنحو أكبر أفقياً وشاقولياً، يرافقه عمليات وتفجيرات تثير شكوكاً كبيرة حول ضلوع النظام أو بنى من داخله في التدبير أو الترويج لها. من هنا يبدو أن الثورة السورية تقوم على تكامل جدلي بين المقاومة الشعبية المسلحة التي تعد ضرورة للبقاء وبين الحراك المدني السلمي والذي يعد صفة قارة في عمق هذه الثورة. ويطرح هذا التكامل ممكنات عديدة تلوح في الأفق القريب والبعيد، كما يطرح لا ممكنات تجاوزتها الثورة السورية وتتجاوزها يوما بعد يوم.

فالممكن أن «الجيش الحر» قادر ويقدر يوماً بعد يوم على تهديد وجود النظام عضوياً كما أن الحراك المدني السلمي قادر ويقدر يوماً بعد يوم على تهديد وجود النظام معنوياً.

واللاممكن اعتبار «الجيش الحر» كياناً أو بنية مستقلة ومنفصلة عن الحراك السلمي، واللاممكن أيضاً اعتبار هذا الحراك ترفاً زائداً لا يقدم ولا يؤخر، بل على العكس تعد الحدود غير واضحة وحتى معدومة بين معظم الناشطين السلميين وبين قيادات «الجيش الحر»، فكثير من الناشطين على علاقة قوية مع هذه القيادات وكثير منهم ساهم بتسهيل عملها من خلال إيصال المعونات الطبية و الغذائية وحتى وسائل الاتصال لعناصر «الجيش الحر»، كما أن «الجيش الحر» بدوره وفر العديد من التسهيلات لهؤلاء الناشطين لاستمرار تحركهم وفعالياتهم.

والممكن أن «الجيش الحر» هو التعبير عن المقاومة الشعبية المسلحة للسوريين ضد نظام استبدادي أسروي مولد للطائفية مفرق للطوائف، يستمد دعمه من أبواب شتى في الداخل والخارج وحتى في بنية النظام نفسه، والممكن أيضاً أن يكون هذا الجيش هو السبيل لإنهاء هذه الحالة التوليدية التفريقية وإقامة حالة أكثر مدنية وأكثر ديموقراطية مما هو قائم.

أما اللاممكن أن يكون «الجيش الحر» تحديداً، والثورة عموماً، هي مؤذن لحرب أهلية سواء بحوامل سياسية أو بحوامل طائفية تكون سبباً لجعل سورية ساحة صراع إقليمي أو دولي لكل من شاء أو يشاء.

الممكن أن الحراك السلمي هو التعبير الجوهري والأساسي عن هذه الثورة والتي لا يمكن أبداً ان توصف إلا بكونها غير مسبوقة وبفرادتها وبجسارتها وبحجم التضحيات التي قدمها ثوارها حتى تأتي ثمارها سواء عاجلاً أم آجلاً.

=================

خطوة سورية المقبلة في لبنان؟

يزيد صايغ *

الخميس ٣١ مايو ٢٠١٢

الحياة

لقد تم احتواء الصدامات المسلّحة التي خلّفت عدداً من القتلى والجرحى في لبنان في الأسابيع القليلة الفائتة، آنيّاً، غير أن مخاطر التأثر بالأزمة السورية لن تضمحل، بل ستتزايد. فظهورُ ملاذ آمن غير مُعلَن ل «الجيش السوري الحرّ» في شمال لبنان يشكّل معضلةً صعبةً بالنسبة إلى حكومة رئيس الوزراء نجيب ميقاتي.

المؤشرات واضحة. لقد تلقى المسؤولون اللبنانيون تحذيرات عدة من سورية، تُطالِب بوقف تدفق الثوار والأسلحة عبر الحدود المشتركة. وينقل الإعلاميون الذين يحظون بإمكانية الالتقاء بصانعي القرار في دمشق، رسالةً مفادها أن سياسة حكومة ميقاتي بالنأي بالنفس، أي سياسة الحياد الرسمي، لم تَعُد مقبولة لأنها لا تمنع استخدام شمال لبنان كقاعدة دعم وانطلاق ل «الجيش الحرّ».

جاء المؤشر العلني الأوضح حتى الآن على النوايا السورية عن لسان رفعت عيد، رئيس «الحزب العربي الديموقراطي» المناصر لسورية، والشخصية السياسية الأبرز بين علويّي مدينة طرابلس، الذين تعرّضوا لهجمات المسلّحين السنّة المحليين، يدعمهم الثوار السوريون المطاردون بحسب بعض المصادر. فقد تنبّأ في منتصف أيار (مايو) أنه «في حال دخلنا في المجهول، سيتدخّل جيش عربي... الأمم المتحدة ستطلب من الجيش السوري الدخول إلى شمال لبنان وحلّ الموضوع فيه لأنه أعلم وأخبر من كل الجيوش العربية في هذا الأمر».

إن عيد هو شخصية هامشية في المسرح السياسي اللبناني، لكن التدخّل السوري في عام 1976 ابتدأ بالتسلسل نفسه: تحذيرات وجّهها الرئيس السوري حافظ الأسد مباشرة إلى قادة منظمة التحرير الفلسطينية واليسار اللبناني. إشارات علنية سرّبها مسؤولون وإعلاميون فلسطينيون ولبنانيون متصلون بالنظام السوري، والزعم بأن سورية تستجيب لمناشدة القادة المسيحيين بحماية طوائفهم. وحين فشلت هذه الرسائل في تحقيق المطلوب، دخل لواء مدرّع سوري إلى لبنان وتموضع على بضعة كيلومترات من الحدود، تلته القوات المجحفلة بعد مرور شهرين إضافيين.

تقف عوائق عدة أمام تكرار التدخّل السوري في عام 2012. فالجيش السوري منهمك في داخل سورية، وليس في وسعه توفير الجنود، أو الدروع، بسهولة للتدخّل في لبنان. والواقع هو أن إقامة «ممر إنساني» لحماية علويّي منطقة جبل محسن في طرابلس سوف يتطلّب السيطرة الميدانية على باقي المدينة وعلى منطقة عكار، وهي مهمّة محفوفة بالمخاطر، ما يجعلها مستحيلة. يُضاف إلى ذلك احتمال تزايد حالات الانشقاق عن القوات السورية المتدخِّلة، إلا إذا تم استخدام الوحدات مضمونة الولاء للنظام، علماً أنها تقوم بالدور الأساسي في مجابهة الثورة داخل سورية على ما يبدو، وبالتالي يصعب تحويلها نحو مهام جديدة في لبنان.

إلا أن النظام السوري قد يعتبر أن عملية متواضعة الحجم ومختصرة المدة توفر له فائدة الردع: عبر تنبيه القادة السياسيين والمجتمع حيال الثمن المحتمل الذي سيدفعه لبنان إذا استمر إيواء الملاذ الآمن للثوار السوريين، وعبر إظهار عزم النظام وروحه القتالية بغية ردّ الدول المجاورة الأخرى عن أي تفكير في إقامة ملاذات آمنة إضافية لديها. فقد يشكّل تدخّل عسكري محدود في شمال لبنان نوعاً من «البروفة»، أي الاختبار الحي، للنزاع المسلّح الأوسع الذي قد ينشب في حال انتقلت الأزمة السورية إلى حالة الحرب الأهلية الكاملة أو استعداد «أصدقاء سورية» للقيام بتدخّل عسكري خارجي.

وثمة فوائد أخرى، من وجهة نظر النظام السوري. فلا بد أن تدين الولايات المتحدة أي عبور سوري للحدود اللبنانية، ولكن سيتأثر موقفها أيضاً بقلقها، الذي تشاركها فيه الحكومات الغربية الأخرى، إزاء الظهور المزعوم للقوى الجهادية التكفيرية المتّصلة بتنظيم «القاعدة» في منطقة طرابلس. كما أن الميل الأميركي التلقائي المحتمل نحو دعم الجيش اللبناني سوف يصطدم بالتحفّظ الأميركي على التعامل الوثيق مع حكومة يتمثّل فيها «حزب الله». أما روسيا، فالأرجح أن تعتبر عملية سورية محدودة دفاعاً مشروعاً عن النفس، على رغم التصريحات الأخيرة لوزير خارجيتها التي حمّل فيها النظام السوري المسؤولية الرئيسة عن سيل الدماء في سورية.

هذا، ولن تقلّ ردود فعل الجيران الآخرين عن ذلك تعقيداً. والمؤكّد أن تعترض تركيا بشدّة لو حصل تدخّل سوري في لبنان، ولكنها هي التي تدخّلت عسكرياً مراراً في شمال العراق لتطارِد ثوار «حزب العمّال الكردستاني»، وقد تحتفظ بالحقّ بمطاردتهم كذلك في شمال سورية حيث يزداد تواجدهم. أما العراق، الذي يترأس مجلس وزراء خارجية جامعة الدول العربية حالياً، فيعاني من صراعه هو أيضاً مع المسلحين السنّة، وتشير المصادر الصحافية إلى قيامه بتبادل المعلومات الاستخباراتية مع الأجهزة السورية حول تسلّل الجهاديين من أراضيه إلى سورية. والأردن، الذي كان ملكه أول زعيم عربي يدعو الرئيس السوري بشار الأسد إلى التنحّي قبل سنة، يُقيِّد تسرّب الأسلحة المُهرَّبة عبر حدوده، وقد شهد نمواً في تبادله التجاري مع سورية منذ إقرار المقاطعة الاقتصادية العربية في تشرين الثاني (نوفمبر) الفائت.

سيكون إذاً الوقع الأكبر لأي تدخّل سوري على الوضع السياسي الداخلي الهشّ في لبنان. ويبدو أن الطبقة السياسية اللبنانية متّفقة حتى الآن على منع انفجار الاحتقان الطائفي ووقف الانطلاق نحو العنف. ويأتي الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس ميشال سليمان في 11 حزيران (يونيو) في الوقت المناسب، لكن يترتّب عليه الخروج بأكثر من الاتفاق على مبادئ سياسية عامة. بل يجب أن يولِّد تفاهماً صريحاً، إن لم نَقُل إجماعاً وطنياً، على كيفية معالجة الأزمة السورية والملاذ الآمن في الشمال. وفي غياب ذلك، سوف تزداد احتمالات التدخّل السوري، وإن كان لن يحصل قريباً، وسوف يقترب لبنان أكثر من النقطة التي ينقلب فيها ميزانه الداخلي الدقيق.

=================

خطة أنان: من القوة إلى الفعل

حسين عبد العزيز *

الخميس ٣١ مايو ٢٠١٢

الحياة

تدرك الدول العربية والغربية التي أشرفت على وضع الخطة الأممية حول سورية المسماة بخطة أنان أن مآلها الفشل بسبب افتقادها لأنياب قادرة على تنفيذها بقوة السلاح، وهذا ما عبرت عنه بعض الدول العربية التي حذرت من فشل الخطة.

فلم يستطع أنان إلى الآن إقناع النظام السوري بتطبيق بند واحد من بنود الخطة، ولم يستطع المراقبون أيضاً إنجاز أي شيء سوى تصريحات عامة هنا وهناك عن ضرورة وقف العنف من دون أن يكون لديهم تحديد واضح عن الجهة التي تقف وراء العنف، أو الرد عليها. إنهم عبارة عن سياح أو مؤرخين هدفهم الاستماع لهذا الطرف أو ذاك.

ومع ذلك لا ترفض الدول الغربية إعلان موت الخطة فحسب، بل تؤكد أكثر من مرة بأن الوقت لم يحن بعد لإعلان فشلها، مع الإشارة إلى أن فشلها يعني مزيداً من تدهور الوضع في سورية.

لقد أريد للخطة أن تستمر، وتعد المراحل الزمنية، ولتحقيق ذلك كان من الضرورة بمكان أن تأتي الخطة مبهمة وفضفاضة، وهذا سيكون سر بقائها واستمرارها فترة زمنية لا بأس بها (ثلاثة أشهر)، على عكس المبادرة العربية التي أطلقت في 22 كانون الثاني (يناير) الماضي والتي جاءت كخريطة طريق واضحة المعالم، وهذا سر فشلها.

أحد الأخطاء الكبرى المميتة في المبادرة العربية الثانية أنها حاولت دفع عجلات الحل قدماً إلى الأمام قبل أن تنضج الشروط الموضوعية لمثل هذا الحل، ولذلك ركلها النظام السوري ومعها مجمل المنظومة العربية.

لقد أدركت الدول الغربية لا سيما الولايات المتحدة نتيجة خبرتها الكبيرة في إدارة الأزمات على مستوى العالم، أن الحل في سورية يتطلب وقتاً طويلاً بسبب حساسية الجغرافيا السياسية من جهة، وقدرات النظام السياسية والعسكرية من جهة ثانية، وتحالفاته المحلية والإقليمية والدولية من جهة ثالثة.

ومن هنا جاءت الخطة مبهمة، وتفتقر إلى رؤية واضحة المعالم، ولا تصلح حتى أن تكون لمرحلة انتقالية، ذلك أن المراحل الانتقالية تتطلب أولاً بناء الثقة وجسر الهوة بين الفرقاء قبل الشروع بأي خطوات على الأرض، كما تتطلب اتفاقاً مسبقاً أو فهماً مسبقاً بأن غاية المرحلة الانتقالية هو انتقال سلمي للسلطة وفق شروط يقبل بها الفرقاء المتنازعون، فهل تتضمن خطة أنان هذه الغاية؟ إن هذا السؤال يحيلنا بطبيعة الحال إلى سؤال أهم، وهو لماذا وضعت الخطة إذاً؟

لم توضع الخطة كي تحقق شيئاً هي عاجزة عنه، ولا لتخلق الشروط الموضوعية التي من شأنها أن تمهد لمرحلة جديدة. لقد وضعت الخطة بسبب غياب أي بديل عملي في ظل الستاتيكو القائم داخل مجلس الأمن، وفي ظل عجز النظام عن إنهاء الاحتجاجات، وعجز الثورة عن إسقاط النظام.

لكن، بالمقابل تهدف الخطة أو غيرها من الخطط المستقبلية إلى تحقيق أمور عدة ذات أهمية كبيرة، ويمكن أن تساهم على المدى البعيد في إنجاز حل للأزمة السورية:

- إبقاء المراقبين الدوليين على الأرض، وتقديم رواية مغايرة لرواية النظام على الأقل وإن لم تأت مناقضة لها.

- وهذا يعني ثانياً، رفض الرواية الرسمية للحكومة وتحميلها المسؤولية عن العنف في البلاد بأشكال مباشرة أو غير مباشرة.

- إبقاء الملف السوري بشكل دائم داخل مجلس الأمن، أي وضع سورية تحت رقابة المجهر الدولي.

- تمرير الوقت على أمل حدوث تطور ميداني يغير المعادلة، أو أن تؤدي العقوبات الاقتصادية إلى أزمة بنيوية في النظام، وهذا ما تعول عليه واشنطن والاتحاد الأوروبي الذي بدأ مؤخراً تطبيق الجولة الخامسة من العقوبات.

- تمرير الوقت أيضاً على أمل توحيد المعارضة والخروج بخطاب سياسي موحد، ربما ينعكس إيجاباً على أداء المحتجين والثوار في الداخل.

- أخيراً، وهذا هو الأهم، إحداث تراكم سياسي واقتصادي وقانوني ضد النظام، يمكن استثماره لاحقاً لتغيير موازين القوى في مجلس الأمن، ونقل خطة أنان من القوة إلى الفعل.

=================

هل يكفي طرد سفراء الأسد؟

طارق الحميد

الشرق الاوسط

31-5-2012

لو أن عاصفة طرد سفراء ودبلوماسيي الأسد كانت قد هبت قبل ثمانية أشهر من الآن لربما كانت ستصبح لها مدلولات، وربما تأثير، على نظام بشار الأسد. لكن طرد أكثر من سفير ودبلوماسي أسدي من العواصم الغربية اليوم، وبعد قرابة 14 شهرا من عمر الثورة السورية، ومقتل أكثر من 13 ألف من السوريين، لن يكون بالأمر المجدي.

فطرد السفراء والدبلوماسيين يفترض أن يكون لفرض عزلة على نظام الطاغية، وسحب الشرعية عنه، وهذا بالطبع أمر واقع، منذ قرابة ثمانية أشهر. ويجب ألا ننسى أن دول الخليج قد بادرت إلى فعل الأمر نفسه، ومعها بعض الدول العربية، من قبل، كما قامت الجامعة العربية، وبكل عللها، بتعليق عضوية النظام الأسدي، ثم تأتي الدول الغربية الكبرى، أو تركيا، لفعل هذا الأمر اليوم وبعد سيل من الدماء السورية، فبالطبع إنه أمر غير مجد، لأنه تأخر كثيرا! وكما يقول لي دبلوماسي عربي رفيع فإن الخطوة الغربية بطرد سفراء الأسد تعني أيضا أن المجتمع الدولي ليس بصدد القيام بخطوات جدية تجاه طاغية دمشق، رغم كل هذه المجازر المتوالية، بل ها هو العالم يفيق على مجزرة جديدة، وبعد أيام من مجزرة الحولة!

ولذا، فإذا كان المجتمع الدولي غير راغب، أو قادر، على القيام بعمل عسكري حقيقي لوقف آلة القتل الأسدية، خصوصا في ظل انشغال الرئيس الأميركي في الانتخابات القادمة، فإن الواجب فعله اليوم، غربيا وعربيا، هو التصدي للدعم الروسي لنظام طاغية دمشق. فما يحدث في سوريا يجب ألا يلام عليه الأسد وحده، بل إن معه موسكو أيضا، فالدعم الروسي للأسد تجاوز كل الحدود، حتى إن الروس أنفسهم باتوا يستشعرون ذلك، وباتت لغتهم الدبلوماسية في الدفاع عن الأسد ضعيفة ومرتبكة، وأبسط مثال هنا تصريحات النائب الأول لوزير الخارجية الروسي أندريه دينيسوف التي كان يبرر فيها موقف بلاده تجاه الأوضاع في سوريا بالقول إن «هناك مبدأ في الطب يقول لا تجعل الأمر أسوأ.. ينبغي ألا ننساه. الأهم أن نبقى واقعيين حول ما يحدث في سوريا». والحقيقة أن كل حريص على السلم الاجتماعي السوري، بل وبقاء الدولة السورية ككل، وبالطبع أمن المنطقة الإقليمي، بات يعي أن العلاج الوحيد لسوريا هو زوال حكم بشار الأسد، وبأسرع وقت ممكن، وإلا سيصبح الثمن مكلفا جدا، وهذا ما نقوله، ويقوله العقلاء، منذ فترة ليست بالقصيرة.

ومن هنا فإذا كان المجتمع الدولي لا يريد اتخاذ موقف عسكري، أو فرض مناطق آمنة وعازلة على الأراضي السورية من شأنها تأمين مناطق حماية للمنشقين من العسكر السوريين، وحتى من يريد الانشقاق من الرموز السياسية السورية، أي أن تكون هناك بنغازي سورية، فإن على المجتمع الدولي، وكذلك العرب الفاعلين، التحرك اليوم جديا لاتخاذ مواقف حقيقية تجاه روسيا لتتوقف عن دعم طاغية دمشق وآلة قتله. أما طرد السفراء والدبلوماسيين فإنه أمر غير مجد اليوم، ولا يكفي على الإطلاق، حيث إنه لن يوقف آلة القتل الأسدية، وهذا هو الأهم من كل شيء.

=================

ميوعة المواقف العربية والدولية سبب تماسك حكم العائلة الأسدية!

صالح القلاب

الشرق الاوسط

31-5-2012

ليس بعد مرور أربعة عشر شهرا وإنما منذ بدايات انطلاق الثورة السورية المتعاظمة، فإن ما بقي مثيرا للاستغراب هو بقاء بنية نظام الرئيس السوري بشار الأسد متماسكة، وهو على الرغم من أن هذه المواجهات الدائرة الآن، والتي غدت تشمل البلاد كلها، باتت تأخذ طابعا طائفيا، للأسف، فإنه لم ينشق عن هذا النظام أي من زعاماته وأعمدته الرئيسية على غرار ما حدث في ليبيا تحديدا حيث إنه بمجرد انطلاق شرارة الثورة في بنغازي بدأ عدد من رجال معمر القذافي يتخلون عنه، إن على صعيد كبار العسكريين أو على صعيد السفراء، ومن بين هؤلاء مندوب «الجماهيرية»، التي ذهبت ولن تعود، لدى الأمم المتحدة.

حتى صدام حسين عندما بدأت تدور به الدوائر بادر بعض سفرائه إلى التخلي عنه والقفز من سفينته «الغارقة». والمعروف أن معظم رموز العهد البورقيبي في تونس، والذين كان زين العابدين قد ركلهم بالأقدام وأذاقهم الأمرين، قد بادروا إلى تصدر موجة الثورة التي كانت في البدايات انتفاضة شعبية آنية من دون تخطيط مسبق، وهذا ينطبق على اتحاد الشغل الذي كان ولا يزال قوة رئيسية في البلاد بقيت سابقا ولاحقا تفرض نفسها على الحياة السياسية هناك وبقيت لها كلمتها المسموعة حتى في أشد مراحل حكم الرئيس السابق قسوة وديكتاتورية.

هذا في ليبيا وفي تونس.. أما في مصر، التي هي دولة مؤسسات، فإن المعروف أن ما حسم الأمور بسرعة هو أن القوات المسلحة لم تتردد في الانحياز إلى انتفاضة شبان ميدان التحرير وحمايتها، بل إن ما من المفترض أنه لا جدال فيه هو أن الجيش المصري قد بادر إلى حسم الأمور بسرعة كي لا تأخذ الأحداث أبعادا خطيرة، وقد بادر إلى إلزام حسني مبارك، رغم أنفه ورغم أنوف رموز عائلته وكبار المحيطين به من قادة حزبه الحاكم وقادة الدولة، بالاستقالة والتخلي عن حكم بقي فيه لأكثر من ثلاثين عاما وبقي يعض عليه بالنواجذ طوال هذه الفترة الطويلة.

أما بالنسبة لنظام بشار الأسد، فرغم شعور غالبية الشعب السوري بأنه يستهدف فئة محددة معينة ومعروفة من هذا الشعب على غرار ما فعله والده في حماه عام 1982، ورغم أنه استخدم قسوة لم تستخدم في ليبيا ولا في تونس ولا في مصر، التي حمت قواتها المسلحة ثورة شبان ميدان التحرير من عنف الأجهزة الأمنية، فإن الانشقاق في البنية المدنية للنظام بقي محصورا في حالات ثانوية وهامشية جدا، وقد اقتصر على مجرد وكيل وزارة، وعلى عضو واحد من مجلس الشعب، وعلى عدد قليل من كبار الموظفين ليس من بينهم أي سفير ولا أي مسؤول من الذين يحتلون مواقع مؤثرة في مفاصل الدولة وفي المحطات القيادية في الحزب الحاكم.

فما هو سبب هذا يا ترى؟.. ولماذا تماسك هذا النظام كل هذا التماسك رغم طول الفترة منذ انفجار الانتفاضة الشعبية في الخامس عشر من مارس (آذار) عام 2011 وحتى الآن؟!

بداية، لا بد من الأخذ بعين الاعتبار أن بنية هذا النظام السوري تختلف اختلافا عن بنية النظام الليبي السابق، وعن بنية نظام زين العابدين بن علي، ونظام حسني مبارك أيضا، فالرئيس السابق حافظ الأسد أورث ابنه بشار نظاما عائليا إن من جهة الأب أو من جهة الأم يمسك بالمفاصل الرئيسية للدولة، العسكرية والمدنية والحزبية، بقبضة من حديد، ونظاما طائفيا، وهذا أصبح، بعدما حدث كل هذا الذي حدث، يهيمن على كل شيء، وبخاصة في الجيش ووحدات النخبة فيه وفي الأجهزة الأمنية التي وصل عددها قبل اندلاع هذه الأحداث إلى أكثر من سبعة عشر جهازا، أهمها وأشدها قسوة وأكثرها بطشا جهاز الاستخبارات العسكرية الذي كان أسسه محمد الخولي ليضمن ولاء الجيش وليصفيه من باقي من تبقوا ممن يسمون ضباط صلاح جديد ومحمد عمران، لكنه بعدما قام بهذه المهمة خير قيام امتد من خلال خلاياه السرطانية ليهيمن على الحياة المدنية وليتغلغل في كل شيء في البلاد، بما في ذلك الجوانب التجارية والاقتصادية.

لقد تمكن حافظ الأسد، بعد انقلابه على رفاقه في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1970 وعلى مدى نحو ثلاثين عاما، من إقامة نظام قمعي «إسبارطي» بكل معنى الكلمة، تمدد بدءا من منتصف سبعينات القرن الماضي إلى لبنان تحت عنوان «قوات الردع العربية»، وبهذا فإنه تمكن من تدمير ما تبقى من الحياة السياسية والحزبية في سوريا، ولهذا فقد جاءت انتفاضة مارس عام 2011 عفوية، ومن دون تخطيط مسبق، ومن دون قيادة وطنية تمثل البلاد كلها وتسيطر على كل شيء، ومن دون قائد يجمع عليه الناس كلهم، ومن دون أي تنظيم فاعل له اتصالات سرية حتى مع بعض من ينطبق عليهم مصطلح المؤلفة قلوبهم.

حتى هذا المجلس الوطني فإنه لم يظهر إلا بعد نحو ثلاثة شهور من انطلاق شرارة هذه الانتفاضة التي غدت تعم البلاد وغدا لها جيش باسل هو الجيش السوري الحر، وهو بسبب عدم الخبرة، وبسبب انعدام التجارب، ونتيجة استمرار النظام من خلال أجهزته الاستخبارية الرهيبة في تدمير الحياة الحزبية السياسية لسنوات طويلة، لم يستطع أن يلملم شمل المعارضين بالسرعة المفترضة، ولم يتمكن من استيعاب كل المجموعات الصغيرة التي ظهرت بعد الخامس عشر من مارس عام 2011، ولهذا فإنه بقي غير قادر على استقطاب بعض رموز الدولة وبعض قادة النظام من غير الحلقة العائلية المغلقة، وبقي مشغولا بنفسه، ولم يشكل حالة مغرية لانشقاق بعض رموز هذا النظام عن نظامهم.

إلى أن بدأت هذه الانتفاضة الباسلة التي أيقظت الشعب من سبات عميق طويل كانت سوريا قد حولها نظام عائلة الأسد إلى صحراء بلقع مقفرة، لا حياة سياسية فيها ولا حزبية، وكل هذا وقد تحول الجهاز الحكومي بكل ما فيه إلى مجرد آلة عمياء لا ترى في الوجود كله إلا هذا النظام الذي لم يعد يشبهه في هذا الكون كله إلا نظام كيم يونغ إيل العائلي في كوريا الشمالية. ولذلك فإن الأنموذج الذي يجب أن يؤخذ في الاعتبار لجهة تعامل بشار الأسد والأجهزة الأمنية المتعددة التي ورثها عن والده مع رجالات دولته هو منع وزير الإعلام السابق أحمد سليمان من السفر وإعادته، ربما، إلى الاعتقال المنزلي من المطار. وهنا، وهذه شهادة حق، فإن هذا الرجل يستحق الاحترام والتقدير لأسباب كثيرة، من بينها أنه عندما كان في مواقع المسؤولية كان يتفهم كل صاحب رأي معارض ومخالف، وأنه كان قد بذل جهودا يشكر عليها في إعادة بعض المثقفين الذين اضطروا لمغادرة وطنهم بعد انقلاب حافظ الأسد، ومن بين هؤلاء الروائي الكبير حيدر حيدر.

لا يستطيع أي مسؤول - منذ بدء الانشقاقات التي غدت تؤثر في الجيش بل منذ بداية انتفاضة مارس عام 2011 - مغادرة البلاد إلا بإذن مسبق، ولا يستطيع أي مسؤول أن يتحرك أو أن يقوم بزيارة لأهله في مسقط رأسه من دون حراسة مشددة بحجة الخوف من «الإرهابيين».. وقد صدرت تعليمات مشددة بضرورة أن يقدم كل من هو في موقع مسؤولية تقريرا يوميا عن زملائه، كما كل أعضاء السلك الدبلوماسي في الخارج، وإخبارهم بأن قيامهم بأي حركة معادية للنظام إن بالقول أو بالفعل سيكون ثمنها تعريض أقاربهم وعائلاتهم للعقوبات الشديدة - وهذا حصل مع كثيرين لمجرد الشك في أن لديهم نوايا «سيئة».

ويبقى هنا أن ما يجعل بنية النظام متماسكة على هذا النحو الذي يبعث على الاستغراب هو أنه لا توجد أي قناعة لدى رموز هذا النظام من وزراء وسفراء وقادة حزبيين بأن الولايات المتحدة، ومعها الدول الغربية كلها، تريد فعلا إسقاط هذا النظام، كما أنه لا توجد قناعة لدى هؤلاء بإمكانية وقوع انقلاب عسكري ضد بشار الأسد، لأن كل الجيش السوري، بكل قطاعاته، قد جرى عزله وتجريده من الأسلحة، وبقي الاعتماد على القطاعات «النقية» عائليا وطائفيا، مثل الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري. لكن رغم هذا كله فإنه ستأتي اللحظة، وهي باتت قريبة جدا، التي سينهار فيها هذا النظام كانهيار بناية كرتونية، وعندها فإن كل هؤلاء الأعوان والرموز سيبادرون إلى القفز وإعطاء أجسادهم للأمواج هربا من سفينة هذه العائلة الأسدية.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ