ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 15/05/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

نيرون سورية يقرر أن يكون الأخير

عمر الزبيدي 

الوطن السعودية

14-5-2012

لم ينجح نظام الأسد في خلق فتنة طائفية في سورية أو صراع بين الأقليات والقوميات فقد كان وعي الشعب السوري أكبر من محاولاته التي بدأت باغتيال مشعل تمو السياسي الكردي في القامشلي شرق سورية، ثم اغتيال عدد من الشخصيات العلوية والشيعية ومنهم إمام وخطيب الحوزة الزينبية ناصر العلوي، وبث اعترافات لبعض الأشخاص بأنهم من الأقلية العلوية ويعملون على خطف واغتصاب الفتيات السنيات.

نظام لم يحترم القبائل في سورية وسجن شيوخها، وقتل رموز الفسيفساء السورية ليخلق حرباً بين الأقليات والغالبية السنية وبين العرب والأكراد، لا يستحق قيادة شعب لأنه يفتقر إلى آليات معالجة الأزمة.

حينما كنت في مقهى الثوار في إسطنبول كان هذا السؤال في ذهني فسألت القائد الثوري منهل باريش فعرفني على فريقه الذي اشتمل على كل مذهب وإقليم في سورية لأجد نفسي واقفاً أمام كل تفاصيل اللوحة السورية وبكل مكوناتها بما فيها العلوية التي حاول النظام استغلالها لخلق حرب تشتت الثورة ليفاجأ بأن الجميع تبرؤوا منه بمن فيهم طائفته التي وجدته قاتل أطفال لا ينتمي إلى الجنس البشري.

وحينما فشل النظام النيروني في مؤامرته على السلم الوطني والوحدة في البلاد قرر أن يجعلها معركة الأرض المحروقة التي يخسر فيها الجميع كل شيء مقابل حماية شخص واحد. في الواقع هو لا يقود في سورية شيئا لكنه يسمح للعشرات من القتلة والمجرمين والعصابات بالعمل، ويسمح للعشرات من الجواسيس والقتلة المحسوبين على الدول الأخرى بالعمل من خلال بلده ليصبح بذلك خائنا وليس قائدا.

=================

سوريا على عتبة حرب أهلية

بقلم/سمير عواد

مراسل الراية في برلين

الراية

14-5-2012

التفجير المزدوج الإجرامي الذي وقع قبل أيام في دمشق وأسفر عن مقتل عشرات الضحايا، يشكّل ضربة قاسية للجهود التي تقوم بها الأمم المتحدة لتحقيق تسوية سلمية للأزمة السورية،

ومنع وقوع حرب أهلية واسعة النطاق قد تمتد نارها إلى دول الجوار.

المعارضة السورية في الخارج اتهمت نظام الرئيس بشار الأسد بافتعال الجريمة المزدوجة، خدمة لمصالحها. لكنْ هناك احتمال أن تكون فئات معارضة تسعى إلى الدخول طرفا في الأزمة من منطلق العنف كرد فعل على العنف الذي يمارسه نظام الأسد ضد شعبه في إدلب وحمص ودرعا ومناطق أخرى. ويقول دبلوماسيون في برلين أن التفجيرات في دمشق تعيد إلى الأذهان الوضع الأمني المتدهور الذي ساد في العراق الممزق بعد احتلاله عام 2003 من قبل الجيش الأمريكي.

يوضح التفجير الإجرامي الآتي:

أولا: أن مهمة المراقبين الدوليين تحتاج إلى زيادة عدد المراقبين رغم أن العديد يرون أن هذه المهمة الدولية لن تجبر الأسد على تنحيه عن منصبه وترك الشعب السوري يختار رئيسه وحكومته وينتهي نظام الظلم والخوف والفساد والمحسوبية كما حصل في تونس ومصر وليبيا.

ثانيا: أن المعارضة الداخلية ضد الأسد بدأت تتوسع وأن المحاولة اليائسة التي قام بها الأسد مؤخرا مثل إجراء انتخابات برلمانية، لم تثر اهتمام أحد وكانت خطوة فاشلة. اليوم الذي شهد الانتخابات وقع فيه أكثر من خمسة عشر قتيلاً ولم تهدأ الأسلحة أبداً.

ثالثا: أن النظام والمعارضة قررا على ما يبدو الدخول في حرب لا أحد يتحسب عقباها في سوريا ودول الجوار، النظام يعتمد على روسيا كما في السابق والمعارضة مضطرة في ضوء تردد المجتمع الدولي بالتدخل كما فعل في ليبيا، للاستغاثة بأطراف خارجية. من هنا فإن التفجير المزدوج مؤخرا علامة صريحة على أن العنف سيد الموقف، وقد وصل إلى دمشق، ومعناه أن الحرب الأهلية التي هي أسوأ السيناريوهات قد بدأت.

بشار الأسد ما زال على عناده ولم يتعلم شيئا من دروس "الربيع العربي" الذي أودى بأربعة زعماء عرب على أيدي شعوب بلادهم. فر زين العابدين بن علي وحسني مبارك ينتظر بت الحكم في حقه ومعمر القذافي قٌتل على أيدي أبناء شعبه، وعلي عبدالله صالح أجبر على التنحي عن السلطة، بينما الأسد يتمسك بالسلطة وهو مستعد لفعل أي شيء كي يستمر بذلك. في عام 1982 قضى والده على 20 ألف سوري في مدينة حماه من أجل الحفاظ على منصبه. الأسد لا يعير اهتماما أبداً إلى العقوبات التي فرضها على نظامه العرب والغرب. وبالرغم من الجرائم التي ارتكبها بحق شعبه، فإنه يواصل الاعتماد على أصدقاء أشداء في موسكو وبكين وطهران.

مما لا شك فيه أن الاقتصاد السوري تعرض إلى ضعف وتراجعت قيمة الليرة السورية وسوف يستمر هذا الضعف طالما بقيت العقوبات سارية، لكن من أسباب عدم انهيار الاقتصاد تماما أن سوريا تنتج كميات من النفط والمؤن الغذائية بما يكفي لتأمين الاحتياجات الداخلية، وتعوض عن النقص من خلال استيراد البضائع حيث لم تنقطع حركة النقليات مع إيران والعراق ولبنان.

الأسد ليس معزولا، باستطاعته الاعتماد على الأصدقاء الذين فضلوا مساندته دفاعا عن مصالحهم ضد مصالح الشعب السوري ومستقبله. لكن دعم الأصدقاء الأشداء له ثمن. موسكو تريد الحفاظ على قاعدتها العسكرية البحرية الوحيدة في الشرق الأوسط بطرطوس، وتتمسك طهران بالأسد لأنها تخشى ضعف نفوذها في المنطقة وإغلاق طرق إرسال المساعدات العسكرية إلى حزب الله في لبنان، ولكن بالنسبة لبكين سيان أن يبقى الأسد أم يأتي غيره إلا أنها تقف بجانب موسكو في مجلس الأمن الدولي لمجرد بناء جبهة مواجهة للولايات المتحدة وحلفائها الغربيين. في الداخل يعتقد كثير من الأقليات والنخبة المنتفعة من نظام الأسد أنهم سوف يخسرون كل شيء إذا انهار النظام وجاء الإسلاميون وهذه ورقة بيد الأسد سيفقدها إذا استمرت عمليات القتل والتنكيل بالمعارضين.

ويخشى أفراد الجيش السوري الانشقاق لأنهم يعرفون أن شبيحة النظام سينتقمون من عائلاتهم. علاوة على ذلك الحديث المستمر حول انقسام المعارضة في الخارج وعدم وجود صوت موحد وقوي لها وينقصها شخصية كاريزماتية وبرنامج واضح يقبله السوريون في الداخل وفي المنفى. أما الجيش السوري الحر فلا يمكن القول أنه قوة ضاربة فليس بوسعه أكثر من القيام بعمليات في مستوى"وخز الإبر".

طالما الأسد لا يشعر بتهديد تدخل عسكري خارجي فإنه لن يتنازل ويقبل بتسوية سياسية مع معارضيه ولن يوقف العنف. في الماضي تنازل بسرعة حالما شعر بالخطر، فقد عمل من أجل تهدئة الوضع على الحدود مع إسرائيل لأنه يخاف من انتقام الطيران الإسرائيلي، كما سحب جيشه من لبنان بعد اتهامه باغتيال رئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري.

سوف تستمر معاناة الشعب السوري طالما التدخل العسكري ليس مطروحا على الأجندة الدولية. موسكو تدعم الأسد بالفيتو في مجلس الأمن، تركيا لا تريد الانفراد والزحف وحدها على سوريا، الرئيس الأمريكي باراك أوباما منهمك بالحملة الانتخابية، والاتحاد الأوروبي منشغل بأزمة الديون وإنقاذ اليورو من الانهيار، وبشار الأسد مُصِرّ على عناده، يرفض التنحي وبذلك يقوّي احتمال حصول حرب أهلية.

=================

صراع المصالح والتسويات في سوريا

عبد الإله بلقزيز

آخر تحديث:الاثنين ,14/05/2012

الخليج

لدى بعض المعارضة السورية رواية تقول إن روسيا والصين تقفان ضد مصالح الشعب السوري في التغيير الديمقراطي، من خلال دفاعهما عن النظام، وتغطيتهما له سياسياً في المحافل الدولية، كما من خلال استعمالهما حق الفيتو، في مجلس الأمن، لمنع صدور قرار منه ضد دمشق . وهو الموقف الذي عطل عمل مجلس الأمن، الذي تراهن عليه معارضة الخارج لمعاقبة النظام في سوريا، وربما لإجازة تدخل عسكري ضده . وإذا كان التشهير بمواقف روسيا والصين بلغ مداه، إلى حدود إحراق علمي البلدين في مظاهرات، فإن إلقاء المسؤولية عليهما في عرقلة عمل المجلس يتحول، في خطاب المعارضة، سريعاً إلى ممارسة عدائية من الدولتين تجاه الشعب السوري .

يُضْمر اتهام روسيا والصين، بالوقوف في وجه التغيير الديمقراطي في سوريا، إيحاء بأن الولايات المتحدة الأمريكية وأخواتها الغربيات تدعم الحقوق الديمقراطية للشعب السوري، والحق أن التلميح هذا بات تصريحاً جارياً مجرى اليقين الثابت على ألسنة رموز المعارضة في الخارج . ولعل من غرائب الأمور أن يستسهل وعي سياسي إتيان مثل هذا الاعتقاد - إن صح أنه مجرد اعتقاد فحسب - فيما لا نعرف عن أمريكا، من سيرتها، سوى أن الذي يعنيها في بلادنا العربية لا يخرج عن شأنين: النفط و”إسرائيل”، أما سوى ذلك فإلى الجحيم، وأولها الحقوق الديمقراطية للشعوب العربية، التي اعتادت أن تشيح بالنظر عن انتهاك أبسطها، وأكثرها بدائية من أجل مصالحها .

ومع ذلك، أو بسبب ذلك، نقول إن السياسة مصالح، وإن هذه هي ما يؤسس خيارات الدول واستراتيجياتها الخارجية والدولية . ومصالح روسيا والصين، اليوم، تقضي بنهج سياسة تبدو للمعارضة السورية موقفاً عدائياً من مطالب التغيير . وهي عينها، اليوم، المصالح التي تقضي بنهج أمريكا، وحليفاتها، سياسة تبدو للمعارضة موقفاً مسانداً للشعب ومطالب التغيير . والحال إنه ليس للشعب السوري موقع في السياستين: لا سلباً ولا إيجاباً، فلا الروس والصينيون يعادونه، ولا الأمريكيون والغربيون يعطفون عليه أو يتمنون له خيراً . وإنما تحرك سياسات الدول الثلاث الكبرى اعتبارات أخرى يتضاءل فيها المبدئي والأخلاقي إلى حدود رمزية، حتى لا نقول إلى حدود العدم . ومن ليس يفقه ذلك، فالمشكلة فيه لا في سياسة هذه الدولة أو تلك كما يتوهم .

إذا كان مفهوماً أن دول الغرب ترغب في إسقاط النظام السوري، لأنه يقف معارضاً لسياساتها في المنطقة، لا من أجل الديمقراطية في سوريا، فإن روسيا والصين تؤيدانه لأنه حليف لهما في صراعهما ضد النفوذ الأمريكي والغربي في هذه المنطقة الحيوية . لا يهم الغرب ما الذي سينجم عن سقوط النظام، صعود نخب إسلامية، فوضى أمنية أو حروب أهلية . . الخ . المهم أن يزاح من السلطة نظام معاد . كما ليس يهم روسيا والصين إن كان استمرار النظام، الذي يؤيدانه، سيحرجهما أمام الغرب أو المعارضة السورية، لأنهما يتعاملان مع عنوان رسمي لسوريا، لا مع جماعات أهلية كما يفعل الغرب، ناهيك بأن استمراره خسارة للغرب وسياساته .

تقول أمريكا، وحليفاتها الصغيرات مثل فرنسا، إنها تبغي من الموضوع كله مصلحة سوريا والسوريين في الديمقراطية، (من دون أن تكون متأكدة) من أن سقوط النظام سيأتي بنخبة ديمقراطية إلى السلطة، ومن دون أن “تكمل جميلها” فتدافع عن حقوق الشعوب العربية في الديمقراطية في البلدان العربية كافة، وتكف - ولو لمرة واحدة في تاريخها - عن الكيل بمكيالين، وتقول روسيا والصين إنهما تسعيان إلى قطع الطريق على التدخل الأجنبي، والحرب الأهلية، بموقفهما الداعم للنظام . لكنهما لا تجيبان عن السؤال كيف يمكن الجمع بين هدف وحدة البلد واستقراره من جهة، وتحقيق الإصلاحات الديمقراطية فيه من جهة أخرى؟

أما الذي لا يقوله هؤلاء وأولئك: أمريكيين كانوا أم أوروبيين أم روساً وصينيين، فهو أن مواقفهم - على تباينها وتعارضها - محكومة بمصالحهم في المقام الأول، وأنهم على هذه المصالح، وليس على غيرها، يتصارعون في سوريا .

ما نشهده، اليوم، ليس أكثر من صراع دولي على سوريا، صراع يشتغل على خامة محلية هي الصراع في سوريا . يمكن للصراع (الدولي) على سوريا أن ينتهي إلى تسوية سياسية بين الكبار (الأمريكيين، والروس، والصينيين) وتابعيهم، وحينها سيكون على السوريين أن يتجرعوا - سلطة ومعارضة - تلك التسوية الدولية سواء أرضتهم أم أزعجتهم . لذلك، لابد من إنضاج شروط تسوية داخلية بين النظام والمعارضة يقع فيها تنازل متبادل ومتوازن يرضي مطالب الجميع، ويستبق احتمال أية تسوية خارجية تفرض إرادتها عليهم . ولا يمكن لمثل هذه التسوية التاريخية الداخلية أن تحصل وتنجح من دون استبعاد الصقور من جانبي النظام والمعارضة، صقور الحل الأمني وصقور العمل المسلح والتدخل الأجنبي .

=================

السورنة بعد اللبننة والعرقنة

نايلة تويني

2012-05-14

النهار

بدا واضحا في الايام الاخيرة ان المجتمع الدولي تخلى عن النظام السوري على رغم "نقاط القوة" التي كان يتباهى بها هذا النظام. لم يعد في قدرته سوى تفجير الوضع في لبنان جزئياً بارتكاب جرائم وتفجيرات واغتيالات ليست غريبة عنه، وقد ارتكب منها الكثير في اوقات سابقة. واذا ما فعل فستكون الامور مفضوحة وستورط حلفاءه بما لا قدرة لهم على احتماله، اللهم إلا اذا كان هدفهم هدم سقف الوطن على من فيه، مطبقين القول الشهير"عليّ وعلى اعدائي" ليدخلوا لبنان أتون الحرب السورية.

الامين العام للامم المتحدة بان كي - مون قال الاسبوع الماضي إن مهمة المراقبين الدوليين تبقى الفرصة الوحيدة لاحلال الاستقرار في سوريا، "وانا على ثقة انني لا اذيع سراً اذا قلت إن هناك قلقا عميقا من امكان انزلاق البلاد الى حرب اهلية كاملة، وان عواقب ذلك مرعبة". لكن بان نفسه يدرك جيداً ان مسار الحروب الصغيرة ليس في متناول المراقبين الدوليين ولا قدرة لهؤلاء على ضبط الأمور التي تفلتت من عقالها، وان لا اتفاق دولياً على التدخل العسكري لضبط الوضع، والرفض يأتي من سوريا اولا ومن حلفائها ثانياً.

وبمراقبة مسار "حروب الآخرين" ربما على ارض سوريا (وقد يتبنى حلفاء سوريا وصف غسان تويني في حروب لبنان بعدما كانوا رفضوه بالأمس)، أو حرب النظام السوري على مواطنيه، والتفجيرات المتنقلة والتي تصيب المواطنين، من مجموعات كانت حتى الامس القريب نظامية، وتستخدمها السلطة في دمشق لاعمال ارهابية إن في لبنان او في العراق، يتأكد لاي مراقب ان سوريا دخلت نفقاً أسود مظلماً، كذلك الذي كنا ورطنا انفسنا فيه عام 1975، وكنا ننتظر كل يوم نهايته، فاذا بنا ننتظر 15 سنة ليتدخل المجتمع الدولي والدول العربية الصديقة، فتضغط على سوريا تحديداً للقبول بالحل للبنان.

ما نشاهده اليوم في سوريا نوع من اللبننة، شاهدنا فصولا منه في العراق، واليوم تتوالى الفصول في المدن السورية. وما دام الرهان على ايران، لا على المحيط الطبيعي لسوريا، فإن الازمة لن تجد لها حلولا، وسيتفرج العالم، ولو متأسفاً، على المزيد من الدم المسفوك، وسيتحدث العالم عن "السورنة".

=================

إنها "المؤامرة"... الصادقة !

نبيل بومنصف

2012-05-14

النهار

هل ترانا امام "تحمية" البؤر الساخنة اصلا او تلك المستحدثة على تخوم الحدود اللبنانية – السورية العريضة بقصد الحاق بعض لبنان بالحريق السوري؟

بصراحة، لم تعد الضمانات الكلامية التي تغدقها القيادات السياسية من كل اتجاه في شأن ما يسمى استقراراً، اكثر من شيكات بلا رصيد امام ملامح الانزلاق التدريجي نحو الفوضى. هي فوضى لا ترتبط فقط بالقصور الهائل عن منع طرابلس من الانتحار على غرار ما تندفع اليه هذه المدينة فصلا إثر فصل، بل ايضا، وهنا الاخطر، ببوادر النفخ في توظيف الواقع المأسوي فيها لالف ارتباط وارتباط بمصالح خارجية وحسابات داخلية.

وهي فوضى تنذر بالزحف ايضا متى تركت مناطق شاسعة واسعة على الحدود الشرقية والبقاع الشمالي عرضة للمجهول والانتهاك الاستنسابي على يد القوات النظامية السورية.

كل هذا بدأ يصبح بمثابة قصاص للبنان لانه تأخر عن الاحتراق. ونقول بلا لبس ان القصاص ينذر الجميع، وفي مقدمهم "سلطة 8 آذار" الحليفة للنظام السوري ومعارضيها سواء بسواء. ولكن اسوأ الامور ان يظن اي فريق لبناني انه يمكن ان يوظف "بؤرة" لبنانية لتصفية حسابات او لدفع فواتير ارتباطات ظنا منه انه يمكنه ان ينجو برأسه. فهذا القصاص المطل برأسه من الشمال والبقاع الشمالي ينذر الضاحية التي هللنا لاعادة اعمارها تماما كما ينذر كسروان والمتن والشوف وزحله وبتحصيل حاصل الجنوب اياه. والمخيف ان تغدو طرابلس ساحة الحروب الاقليمية والعربية او "رأس الشموط" الزاحف لاستعادة لبنان ساحة صراع طويل على انقاض فشل السلطة في استدراك المخيف الاكبر.

ربما يكون من المبالغة تحميل خمسة وزراء طرابلسيين وعلى رأسهم رئيس الحكومة التبعة الكاملة لاحتواء الكثير مما تتفجر به مدينتهم. ومع ذلك لا بد من سؤال كيف تتعملق طرابلس في صورة ظالمة كهذه لمجتمعها المدني الاخر وتترك صورتها الوحيدة كبؤرة؟

قالها رئيس الحكومة بنفسه. وحتما ثمة من يتوجعون في طرابلس من تصدير هذه الصورة الجائرة. ولكن ماذا بعد ذلك؟ وماذا قبل ان تسدد ضربة قد تكون قاضية هذه المرة الى المدينة لاشعالها بكل ما تحبل به من عوامل الاشتعال وصولا الى توسيع الحريق وتعميمه؟

بعضنا القليل شفي من فوبيا المؤامرة وبدأ "يظن" ان دولة، مهما تكن ضعيفة، هي الوصفة البديهية المضادة للمؤامرة. ولكن ما نخشاه هو ان نتخلى عن الهواجس وقت تعود المؤامرة فعلا الى الزحف، فلا نجد دولة تحمي ولا نصدق ان مؤامرة تحبك. هكذا هي حال طرابلس الآن، وهكذا ستكون حال الدولة والبلاد برمتها ما لم نر شيئا مختلفا تماما عن بكاء القاصرين وقبل فوات الاوان.

=================

اليهود المحافظون ومعاداة الثورة

صبحي حديدي

2012-05-13

القدس العربي

ليست جديدة تلك المواقف التي تصدر عن كتّاب ومعلّقين وساسة يهود، وتعلن  على نحو صريح تارة، ومبطّن خافٍ طوراً  مناصرة نظام بشار الأسد، ومعاداة الانتفاضة الشعبية، خشية على دولة إسرائيل إذا سقط النظام الذي كفل صمت السلاح في هضاب وبطاح الجولان طيلة 40 سنة، وقدّم خدمات ثمينة لأمن إسرائيل في لبنان وفلسطين والأردن، ولأمن راعيتها الكبرى الولايات المتحدة، لا سيما في تحالف 'حفر الباطن'. بيد أنّ المرء يعثر، في مناسبات نادرة، على آراء فارقة تماماً في مقدار صراحتها، وأحياناً مذهلة في مدى تفضيل البُعد الستراتيجي على أي حسابات تكتيكية؛ وصاعقة، بالقياس إلى ما تهزّه من 'ثوابت' تبدو مكينة وراسخة ولا تقبل الجدل أو التشكيك، أو حتى تقليب الرأي والرأي الآخر.

أحدث نماذج هذا الطراز من المكاشفة، حول ضرورة مناصرة يهود العالم لنظام الأسد، سلسلة الأقوال التي أدلى بها مؤخراً ألكسندر آدلر، المؤرّخ والصحافي الفرنسي اليهودي، في مناسبة صدور كتابه 'شعب هو العالم: مصائر إسرائيل'، وذلك خلال حوار مع 'المركز الملّي العلماني اليهودي' في باريس، متلفز ومتوفر على موقع المركز، لمن شاء الرجوع إليه كاملاً. وآدلر، لمَنْ لا يعرفه جيداً، بدأ شبابه يسارياً ماويّ الهوى، ثمّ انضمّ إلى الحزب الشيوعي الفرنسي، قبل أن ينتقل كليّاً إلى صفّ اليمين أواخر السبعينيات، ويلتحق بعدئذ بمدرسة المحافظين الجدد في أمريكا، ثمّ ينتهي مستشاراً لرئيس 'المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا'، الCRIF، حيث واصل انحيازه المطلق لدولة إسرائيل.

مهنياً، على المستوى الصحفي، عمل آدلر في مطبوعات فرنسية كثيرة، وترأس تحرير 'لو كورييه إنترناسيونال' خلال سنوات 1992  2002، حين استقال إثر خلاف مع إدارة المجلة حول عمود إشكالي كتبه دفاعاً عن يهود ألمانيا. هو اليوم كاتب أعمدة في صحيفة ال'فيغارو'، ومساهم دائم في مطبوعات ومواقع أخرى يمينية غالباً، محافظة، وشديدة الانحياز لإسرائيل. خلاصة رأيه في النظام السوري، كما عبّر عنها خلال حوار مع الإذاعة الثقافية في فرنسا، هي التالية: إذا لم يكن النظام ديمقراطياً، فإنه ليس دكتاتورية إرهابية أيضاً! بيد أنّ هذا القول كان معتدلاً تماماً، بالقياس إلى ما سيقوله آدلر في حديثه مع 'المركز الملّي العلماني اليهودي'، والذي سنتوقف عند محورَين فقط من محاوره المتشعبة.

في المحور الأوّل، بصدد العلاقات الإسرائيلية  الإيرانية والبرنامج النووي الإيراني، يقول آدلر: 'لا أعتقد أنّ الإيرانيين أرادوا في أي يوم امتلاك القنبلة النووية لتهديدنا، نحن اليهود؛ وأنّ الهدف في الحقيقة كان بلوغ التفوّق على العالم العربي، والعالم العربي السنّي، في موازاة تجربة الباكستان النووية التي تمّ تمويلها بالكامل من المملكة العربية السعودية ودول الخليج'. ثمّ يربط هذا التقدير بواقع انتفاضات العرب، ومصر تحديداً، فيقول: 'إذا سألتني عن جوهر موقفي، أرى أنّ الشعب الإيراني هو الأقرب إلى الشعب اليهودي، وإذا كان ثمة بلد محصّن ضدّ العداء للسامية، فهو إيران (...) واليوم أعتقد أنّ العدو الرئيسي هو تجمّع المتشددين المسلمين السنّة، العرب، القائم على خليط من الناصرية وعقيدة الإخوان المسلمين، والذين  انطلاقاً من مصر، التي كانت على الدوام البلد الجدّي الوحيد في المنطقة  يوشك على ترتيب محاصرة إسرائيل، والتحضير للهجوم عليها بين يوم وآخر'.

عن المحور الثاني، الذي يخصّ النظام السوري، يتابع آدلر: 'بالطبع، فإنّ حلفاءنا في وجه هؤلاء، السنّة والإخوان المسلمين، هم الشيعة أسوة بكلّ الأقليات الدينية في الشرق الأوسط؛ وحلفاؤنا هم الإيرانيون بالطبع. ومن غير أن أذهب بعيداً فأصفه بالحليف، اقول إنّ بشار الأسد ينبعي أن يصمد اليوم في سورية، على الأقلّ لأنه أحد مكوّنات حلّ تفاوضي. لستُ مع انتصار على غرار ما جرى للقذافي، وسورية ليست ليبيا، وسنشهد على الفور مذبحة معممة ضدّ العلويين والمسيحيين في الواقع، ترتكبها هذه الأغلبية السنّية المركّبة من الإخوان المسلمين، والمموّلة من قطر والسعودية'.

هذه تقديرات قابلة للأخذ والردّ، غنيّ عن القول، خاصة وأنها تنسف ثابتاً كبيراً اسمه 'الممانعة الإيرانية'، وتمثيلها الأهمّ في العالم العربي، أي 'حزب الله'؛ كما تُلقي بظلال شكّ قصوى على حقيقة مواقف القيادات الإيرانية، الروحية والسياسية والأمنية، بصدد معاداة إسرائيل، أو معاداة السامية عموماً (والمرء يتذكر، دون إبطاء، الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، الذي أعلن العزم على محو إسرائيل من الخريطة، واستقبل كبار 'مراجعي' تاريخ المحرقة اليهودية). وقد يكون هدف آدلر هو دسّ السمّ في الدسم، والاشتغال  بطرائق أكثر خبثاً ودهاء، وأبعد أثراً بالتالي  على إذكاء نيران الفتنة بين الشيعة والسنّة، في إطارات شعبية وعقائدية أوسع نطاقاً.

ومع ذلك، فإنّ 'فضيلة' أقوال آدلر تكمن في أنها تضعنا أمام مسوّغات ملموسة، ذات منطق يبدو متماسكاً للوهلة الأولى على الأقلّ، وحيثيات ترجيحية تتوخى الواقعية السياسية، وتهتدي بالذرائعية الصرفة، تفسّر غايات اليهود المحافظين في مناصرة نظام الأسد. وهذه خلاصات تبرّر، من جانب آخر، مقولة جوهرية بدورها: فتّشوا عن إسرائيل، إذاً، كلما ضاق ذرع البعض بتأخر الحسم في سورية، وتساءل عن أسباب إطالة عمر النظام!

=================

صعود اللاعب السياسي الجديد في دمشق وهبوطه

وائل السواح *

Mon, 14 مايو 2012

الحياة

حينما فاجأ الحراك الثوري السوري السوريين والعالم أجمع، كانت المعارضة السورية تتسكع في الفناء الخلفي للفعل السياسي وتعيش واقعاً مزرياً. وكانت تنقسم ما بين إعلان دمشق الذي كان يعاني صعوبات حقيقية بسبب ملاحقة السلطة المستمرة أعضاءه وقياداته، وبسبب الانشقاقات المستمرة التي تجرى بين صفوفه من جانب، وبين القوى والتنظيمات القومية والماركسية التي خرجت من إعلان دمشق بعد خسارتها في الانتخابات الداخلية في مؤتمره الوطني عام 2007. وبالتالي لم يكن من دون معنى أن تفشل هذه المعارضة في قيادة الحراك الثوري السوري. بيد أن تلكؤ المعارضة أدى إلى فراغ سياسي كان لا بد لقوى سياسية جديدة من أن تملأه. هكذا، ولد في سورية، ومن دون سابق قصد أو تخطيط، لاعب سياسي جديد قيض له أن يلعب دوراً كبيراً في الأشهر الستة الأولى، ثم قيض لهذا الدور أن ينحسر بعد ذلك تدريجاً.

تميز اللاعب السياسي الجديد بكل المواصفات التي تجعله قادراً على لعب دور قيادي في الحراك السوري، فهو مرن ونزيه ومتحسس لقضايا السوريين عموماً. ولعل أهم مواصفات هذا اللاعب الجديد أنه لاعب شاب، الأمر الذي كان سلاحاً ذا حدين. فمن جانب كانت الخبرة والحنكة السياسية تنقصه، ومن جانب آخر، لم يكن ملوثاً بأمراض المعارضة المزمنة: الشخصنة والانقسام والعصبية وضيق الصدر وضحالة الثقافة. وبعكس المعارضة التاريخية، لم يشعر الجيل الجديد من شباب الحراك السلمي السوري بأنه مدين لأحد: لا لقيادة ولا لسلطة ولا لأيديولوجية، فكان تحرره من الدَين سبباً في انعتاقه السياسي وقدرته على الحركة والمناورة.

بدأ تشكل اللاعب السياسي الجديد في سورية مع ضرورة ملء الفراغ الذي خلفه قرار الحكومة السورية مع بداية الأحداث في آذار (مارس) الماضي بطرد الصحافيين الأجانب والتضييق على المراسلين المحليين، بحيث صار الوصول إلى المعلومة صعباً للغاية. فبدأت شبكات من الشباب المنتشرين على الميدان في كل المحافظات بالحصول على المعلومات من طريق المصادر الأولية، وتصوير الأعمال الاحتجاجية، وتبادل الأخبار فيما بينها، ومن ثم إيصالها إلى وسائل الإعلام العربية والأجنبية. ثم تم تأسيس غرفة أخبار على سكايب وعلى عددٍ متنام من صفحات على الإنترنت، بخاصة على فايسبوك.

ولكن الناشطين السوريين وجدوا أنفسهم من دون آباء شرعيين لنشاطهم السياسي، ومن دون تنظيم أو تحالف أو برنامج سياسي يستندون إليه. وقد كان ذلك مبرراً قوياً لهم للبدء بتطوير موقف سياسي يدعم التحركات الثورية للسوريين ويؤسس سنداً سياسياً لمطالبهم.

ولسوف تدخل الحركة الثورية السورية منعطفاً جديداً مع صدور أول بيان من لجان التنسيق المحلية يحدد المطالب الأساسية لحراك السوريين. لقد حدد البيان الشروط السياسية التي يعمل الجيل الجديد من الناشطين من أجل تحقيقها: وقف استخدام القتل والاعتقال والتعذيب والعنف ضد المتظاهرين السلميين؛ وتحمل الدولة السورية مسؤوليتها، وتشكيل لجنة تحقيق مستقلة بمشاركة المجتمع المدني؛ والإفراج الفوري عن جميع معتقلي الرأي والسجناء السياسيين في سورية؛ وإنجاز التعديلات الدستورية التي تفسح في المجال أمام التحول الديموقراطي وتكريس سورية كدولة مدنية وبما يحترم التعدد القومي والاثني والديني في البلاد واحترام التنوع الثقافي والعرقي في سورية؛ وتأسيس هيئة وطنية سورية للإنصاف والمصالحة وفقاً لمعايير العدالة في المرحلة الانتقالية بهدف طي صفحة الماضي إلى الأبد.

هذه المطالب ستغدو المطالب الرئيسة التي ستتبناها بعد هذا التاريخ جهات سياسية عدة تقليدية وجديدة. وسنعثر على هذه المطالب نفسها في معظم البيانات التي سيصدرها السياسيون التقليديون، ليس فقط في المعارضة التقليدية من مثل إعلان دمشق والتجمع الوطني الديموقراطي والقوى السياسية الكردية، بل وأيضاً في الاتجاهات السياسية شبه الموالية للنظام من مثل بعض القوى الشيوعية والقوميين السوريين.

الشرط الثاني الذي حدد دور وحدود اللاعب السياسي الجديد كان فكرة الحوار بين السلطة والمعارضة التي بدأت السلطة بالترويج لها في أيار (مايو) وحزيران (يونيو) من العام الماضي. وقد انقسم المعارضون السوريون حيالها إلى فريقين متباينين، راحا يتبادلان الاتهامات حول مسألة الحوار. ومن جديد وجدت لجان التنسيق نفسها مضطرة لأن تتخذ موقفاً سياسياً محدداً. فأصدرت بياناً حول قضية الحوار، عبّر عن نضج سياسي عندما ركز على ضرورة وقف المسار الأمني والانتقال الفوري للمسار السياسي، وفق شروط محددة، أهمها: ضمان استمرار التظاهرات السلمية والاحتجاجات المدنية؛ وقف أشكال القتل كافة والعنف المستخدم ضد المتظاهرين السلميين وعودة الوحدات العسكرية كافة إلى ثكناتها وإطلاق سراح المتظاهرين السلميين والمعتقلين السياسيين كافة والسماح بدخول وكالات الأنباء العربية والعالمية لتغطية ما يحدث في الشارع.

وقد كان اللاعب السياسي الجديد في حاجة إلى الكثير من الشجاعة لكي يصر حتى اللحظة الأخيرة على سلمية الثورة كشعار وكمضمون. وسنرى أن اللجان ستأخذ شعاراً أساسياً لها آية من القرآن تقول: «لئن بسطت إليّ يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك». وكان أول موقف رسمي تتخذه اللجان بياناً رداً على ما يبدو على الدعوات التي انتشرت لتسليح الثورة، يرفض هذه الدعوات بوضوح ويعتبرها «غير مقبولة سياسياً ووطنياً وأخلاقياً». والحال أن من شأن العسكرة أن تقلص المشاركة الشعبية في الثورة، وتضيق قاعدتها الاجتماعية، وتنال من «مضامينها الإنسانية والتحررية»، فضلاً عن خسارة التفوق الأخلاقي الذي تميزت به منذ البداية.

وسوف تدفع اللجان ثمن هذا الموقف جزءاً من شعبيتها بين المتظاهرين، وتتلقى انتقادات من بعض الناشطين على الأرض أو في هيئات التنسيقيات الأخرى. ولسوف تساهم السلطة في ذلك أيضاً. فبالإصرار على الحل الأمني الذي يعتمد رفض السماح بالتظاهر السلمي ومواجهة المدنيين العزل بالسلاح الحي والاعتقال التعسفي، كانت السلطة تعمل على إضعاف هذا اللاعب الجديد وإنعاش المعارضة التقليدية من جانب، وإنعاش المعارضة المسلحة وتلك التي تدور في فلكها وبخاصة من خارج البلاد من جانب آخر.

في المقابل، عادت المعارضة السورية التقليدية لتلعب الدور الرئيس في العملية السياسية. وبدأ العالم يركز على دعم القوى السياسية المعروفة: قديمها وجديدها، وعلى القوى المسلحة سواء منها المنشقة عن الجيش أم التي بادرت بالتسلح لحماية نفسها. وتم نسيان المجموعات المدنية التي كانت أول من ساهم في الحراك الثوري السوري، وأول من رفع شعارات الوحدة الوطنية والسلمية والتغيير الديموقراطي. وبينما يحتفي العالم بمؤتمرات المعارضة السورية في الخارج، تفقد حركة الشباب السلمية في الداخل يومياً عشرات الكوادر، قتلاً وسجناً وتهجيراً. لقد كانت الظروف برمتها مساعدة على ولادة لاعب سياسي جديد كان يمكن أن يقدر له النجاح في المرحلة الانتقالية من تاريخ سورية الجديد، بيد أن عنف السلطة وضيق أفق المعارضة ساهما في إضعافه.

* كاتب سوري

=================

جيران سورية يبدّلون قواعد اللعبة الدولية ؟

جورج سمعان

Mon, 14 مايو 2012

الحياة

لا يبدو في الأفق أن الصراع في سورية بات قريباً من الحسم. بل إن تجديد الدعم الإقليمي والدولي لمهمة كوفي أنان على رغم كل ما يحدث على الأرض يؤكد أن المطلوب هو الحفاظ على حد أدنى من توازن القوى وإن أدى ذلك إلى إطالة أمد المواجهات التي لم تتوقف، وإن تدنت أعداد الضحايا في مناطق انتشار المراقبين الدوليين. مهمة المبعوث الدولي - العربي لا تستهدف إيجاد حل، أو هي في أحسن الأحوال لن تقود إلى تسوية، لأن هذه تفترض شروطاً أولها تقديم تنازلات من الطرفين، ولا يبدو أنهما قادران على الاقتراب أحدهما من الآخر. تركيبة النظام القائمة أساساً على الطائفة لا تسمح بتداول للسلطة ولا بتعددية. بل إن أي تغيير يفترض بالضرورة حرباً وصراعاً مريراً كما نشاهد اليوم وليس الحوار الذي تتضمنه خطة أنان. هذه هي العقدة التي تطبع الأزمة.

بالطبع لا يمكن وصف الانتخابات الأخيرة بأنها خطوة نحو التعددية والتغيير الديموقراطي. هي جزء من مسار اعتمده النظام منذ اندلاع الحراك ليرد على خصومه الغربيين، خصوصاً أنه يتقدم نحو الإصلاح. بالطبع لا قيمة لهذه الانتخابات التي تجرى في ظل مقاطعة واسعة وفي ظل أعمال القتل والتشريد. وبالطبع لا قيمة لفكرة أنها تجرى للمرة الأولى في ظل دستور جديد لم تعد للبعث فيه قيادة الدولة والمجتمع، فالدستور راكم في يد الرئيس كل ما كان له و... للحزب «القائد». لذلك لن ينجح النظام في الاستناد إلى نتائجها لتعزيز شرعيته أو تجديدها. بل لعل نتائجها تقطع الطريق على أي حوار يفترض أن يدعو إليه أنان بعد استكمال نشر المراقبين. أي أنها خطوة أخرى لتفريغ خطة المبعوث الدولي - العربي من أي محتوى.

الهدف من مهمة أنان إذاً توفير الوقت اللازم لأطراف الأزمة، إقليميين ودوليين، للانصراف إلى قضايا أخرى أكثر إلحاحاً. فالولايات المتحدة لا تستعجل تبديل سياستها أو تعديلها حيال ما يجري في سورية. تقف خلف مهمة الأمين العام السابق للأمم المتحدة لتظل في المكان القصي من الصورة. فإلى همّ الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، يتركز اهتمام إدارة الرئيس باراك أوباما على الأوضاع في أفغانستان التي يمكن أن تخرج عن مسارها المألوف والمتوقع إذا استعجل الرئيس الفرنسي الجديد فرنسوا هولاند سحب قواته من هذا البلد. إضافة إلى انشغال الإدارة بالمستجدات المتفجرة في العراق، وما طرأ ويطرأ على صعيد الملف النووي الإيراني.

ولا يضير واشنطن وهي تختبئ خلف مهمة أنان أن تغرق سورية في مزيد من الضعف والتفكك والتشرذم، لما في ذلك من ضرب لموقعها الاستراتيجي ودورها في إطار «حلف الممانعة» الذي تنادي به إيران. لا يضيرها، اياً كان مآل الأحداث، أن تتحول سورية إلى ما انتهى إليه الوضع في العراق الذي قد لا يعرف استقراراً يسمح له بالعودة إلى مناهضة الرغبات الأميركية والغربية في المنطقة مهما بدت عليه علامات التعافي، وأياً كان اصطفافه. فهو أقرب إلى التشرذم والتقسيم منه إلى كيان متماسك يمكن أن يشكل سداً أو قلعة عصية على التطويع. أما روسيا التي تحتل مقدم الصورة السورية فلها حسابات أخرى، وتحتاج هي الأخرى إلى فترة هدوء، لذلك تبقي ديبلوماسيتها مستنفرة للتحكم بقواعد اللعبة الدولية حيال سورية. منطلقها تهديدات الرئيس فلاديمير بوتين المتكررة في أكثر من مناسبة بأنه لن يسمح بخطوات انفرادية على الساحة العالمية لا تراعي رأي بلاده ومصالحها. فهو يدرك أن مبدأ التدخل الدولي لحماية المدنيين لم يعد يقيم وزناً كبيراً لسيادة الدول، بل بدأ يحظى بالتفهم والقبول منذ انهيار الحرب الباردة، إلى أن شرّعته الجمعية العمومية للأمم المتحدة العام 2009. وإذا كان يتمسك بسلاح «الفيتو» لمنع أي تدخل في سورية، فإنه يعرف أيضاً أن «أصدقاء سورية» لم يعبّروا عن رغبة في خطوة انفرادية في هذا المجال.

المهم هنا أن كلا الطرفين الأميركي والروسي لا يبديان استعداداً للحوار تمهيداً لصفقة، ما دامت العناصر الإقليمية ليست جاهزة أو أن ظروفها لم تنضج بعد لمثل هذه الصفقة. ولعل هذا ما حدا بالرئيس العائد إلى الكرملين إلى الاعتذار عن عدم حضور قمة الثمانية في واشنطن.

أما الصراع الإقليمي بين كتلتي تركيا ومجلس التعاون من جهة، وإيران والعراق من جهة ثانية، فليس أقل ضراوة في الميدان السياسي من الصراع الدموي الدائر بين طرفي الأزمة في سورية. وهو يجد متنفسه على الأرض في أكثر من ساحة على امتداد المنطقة، من اليمن إلى لبنان مروراً بالبحرين وبعض «الجيوب» هنا وهناك. فضلاً عن تغذية التوترات المتفاوتة داخل هذين المعسكرين، خصوصاً صراع الأجنحة في الجمهورية الإسلامية، ومثله صراع المكونات العراقية، والتوتر المتصاعد الذي يشلّ مفاصل الحياة في لبنان... والارتباك الذي تتخبط فيه أنقرة في حساباتها الداخلية.

والخطير في صراع اللاعبين الإقليميين أنه قد يجر إلى تغيير قواعد الصراع الدولي، وربما إلى توريط الكبار في ما لا يرغبون فيه حتى الآن. فالتفجيرات المتنقلة في المدن السورية باتت لغة شبه يومية. وتنذر ليس بنسف آخر مقومات مهمة أنان، بل بتحويل سورية إلى حالة أو «نموذج أفغاني». من هنا العناد الروسي في الدفاع عن دمشق بصرف النظر عن أعداد الضحايا ومآسي اللاجئين والمعتقلين. فموسكو تدرك جيداً أن مناداة بعضهم بتكرار تجربة أفغانستان تستهدفها هي أيضاً مثلما تستهدف النظام في سورية، إذ إن إسقاط هذا النظام سيعني هزيمة مدوية لها كما كان حالها بعد سقوط كابول وخروج السوفيات.

هذا النموذج يقلق واشنطن أيضاً. من هنا ترددها في رفض عسكرة الاحتجاجات أو تسليح المعارضة وإن للدفاع عن المدنيين العزّل. ولعل هذا ما يشرح تفسيرها بأن ثمة أيادي لتنظيم «القاعدة» وراء كل انفجار في دمشق وغيرها. لعلها في ذلك توجه رسالة تحذير إلى روسيا، بقدر ما تفيد في تبرير تخلّفها عن الدفع في اتجاه تدخل خارجي ينهي معاناة السوريين. فهل يعقل مثلاً أنها تمهد الطريق لتدخل تركي أو أطلسي في إطار الحرب على الإرهاب، من وراء مثل هذه القراءة للتفجيرات؟

الولايات المتحدة تعرف حق المعرفة أن نظام دمشق لن يتخلى عن الخيار الأمني. وأن هذا الخيار لم ينجح ولن ينجح في إخماد الحراك، وأن لا حل لإنهاء الأزمة إلا بتدخل خارجي قد تكون تداعياته أخطر بكثير مما تشهده سورية اليوم. وتعرف حق المعرفة أن تكرار تجربة أفغانستان ستكون له انعكاسات مدمرة في المنطقة. ف «قاعدة» بيشاور ونظام «طالبان» زلزلا النظام في الشرق الأوسط الكبير برمته... وحتى واشنطن ونيويورك وموسكو ولندن ومدريد وغيرها. ولم تتعاف دول كثيرة حتى اليوم من شظايا أفغانستان، من باكستان إلى اليمن فالصومال وأخيراً مالي. وإذا كانت واشنطن حتى الآن، تدفع شركاءها وأصدقاءها إلى التروي في مقاربة الأزمة السورية، فهل تبقى على موقفها هذا إذا تطور الصراع إلى ما كان عليه الوضع في أفغانستان ولا يزال، أو إلى ما كان ولا يزال في العراق؟

تعرف واشنطن مثلما تعرف موسكو أن مهمة أنان ستبقى عنواناً لمرحلة طالت أم قصرت، وسواء كانت التفجيرات من صنع «القاعدة» أو المعارضة أو النظام، فإن حل الأزمة بات مستحيلاً، والباب سيبقى مشرعاً لحروب الجيران يستعيضون به عن حروبهم المباشرة. وكذلك الكبار... حتى وإن لم يبق شيء من سورية التي نعرف.

=================

تركيا تتخذ موقفا أكثر صرامة تجاه العراق بعد سوريا

مراد يتكين

الشرق الاوسط

14-5-2012

من الواضح أن أنقرة انتظرت عودة رئيس الوزراء، رجب طيب أردوغان، من إيطاليا لاتخاذ قرار نهائي بشأن تسليم نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي عقب تلقي مذكرة اعتقال بحقه من منظمة الشرطة الجنائية الدولية (الإنتربول). وصرح نائب رئيس الوزراء التركي، بكير بوزداغ، في التاسع من مايو (أيار)، بأن تركيا لن تسلم الهاشمي قائلا «إنه شخص ندعمه منذ البداية». وعندما أصدر الإنتربول في الثامن من مايو مذكرة اعتقال بحق الهاشمي الذي تم الحكم عليه غيابيا بتهمتي دعم الإرهاب ومحاولة إسقاط حكومة المالكي، قال المسؤولون في أنقرة إنهم يعتقدون أن الهاشمي سيعود إلى بلاده فور إتمام علاجه، حيث يقيم الهاشمي بتركيا منذ فترة تحت حماية أجهزة الأمن التركية.

وأشار بوزداغ إلى هذا العذر، لكنه ليس السبب الرئيسي. وأخرج ملفا آخر من خزانته حين قال: «أن يصدر الإنتربول مذكرة اعتقال أمر مهم، لكن لنا طلبات من الحكومة العراقية، فهناك منظمة إرهابية ومؤيدوها هناك ونريد نحن أيضا أن يتم تسليمهم لنا، لكننا لم نتلق حتى هذه اللحظة ردا إيجابيا من الحكومة العراقية». وكان بوزداغ يشير في هذا السياق إلى قواعد حزب العمال الكردستاني في شمال العراق بالقرب من الحدود التركية وهي المنطقة التي يستخدمها حزب العمال الكردستاني منذ نحو ثلاثة عقود في شن هجمات على تركيا. مع ذلك، تقع المعسكرات في نطاق سلطة حكومة إقليم كردستان برئاسة مسعود بارزاني، لكنه لا يمتلك سيطرة تامة على حزب العمال الكردستاني.

وعقب تصريحات مسؤولين في إقليم كردستان عن الوضع الجيد في مدينة أربيل التي على وشك استضافة مؤتمر عن القضية الكردية، وقعت تفجيرات يُعتقد أن حزب العمال الكردستاني يقف وراءها في المدينة من أجل الحيلولة دون عقد المؤتمر إذا لم تتم دعوتهم. وبدأ الهاشمي، العربي السني، رحلة هروبه من المالكي الشيعي، باللجوء إلى بارزاني وحظي بالحماية في الإقليم لأسابيع في ما يمثل تحديا لتهديدات بغداد.

ولا يخضع حزب العمال الكردستاني لسلطة المالكي أو بارزاني، فحتى إذا أرادا إحراز نصر كبير بالاستجابة لتركيا، فمن غير المرجح أن يتمكنوا من ذلك، فلحزب العمال الكردستاني قدرات عسكرية. لذا، يمثل موقف تركيا الجديد تحديا واضحا لحكومة المالكي في بغداد وخطوة باتجاه رفع الروح المعنوية للجبهة شبه المناهضة للمالكي التي دعته الأسبوع الماضي إلى الوفاء بتعهداته الدستورية بالحفاظ على وحدة البلاد.

ليس خافيا على أحد أن حكومة المالكي هي الوحيدة في المنطقة، بعد حكومة أحمدي نجاد في إيران، التي ما زالت تدعم نظام الأسد في سوريا. كذلك لا يخفى على أحد أنهم يمثلون محور الحكومات غير السنية في المنطقة. ويمكن القول إن تركيا تتخذ موقفا صارما تجاه حكومتي دولتي الجوار الجنوبيتين، العراق وسوريا، اللتين تتحالفان حاليا مع إيران، خاصة في ظل اقتراب المحادثات الخاصة بالبرنامج النووي الإيراني المقرر إجراؤها في بغداد في 23 مايو.

ولتكتمل الصورة، ينبغي ذكر المناورات العسكرية المكثفة الأميركية - الأردنية المشتركة بالقرب من الحدود مع سوريا والعراق. ويقال إن تلك المناورات التي تحمل اسم «الأسد المتأهب» تقوم على سيناريو من التحديات الإقليمية.

* بالاتفاق مع صحيفة «حرييت ديلي نيوز» التركية

=================

سوريا ليست الجزائر

وفيق السامرائي

الشرق الاوسط

14-5-2012

كنت أتمنى أن تتم تسوية الأزمة السورية بطريقة سلمية عادلة، وبمبادرة خليجية تنهي الملفات القديمة بين الفريقين، حفظا للمصالح السورية، إلا أن اللجوء إلى الخيار الأمني كان خطأ استراتيجيا أحبط الآمال المطروحة، وكان تصميم الرئيس بشار الأسد على الخيار الأمني واضحا بخطابه الذي أعقب إلغاء حالة الطوارئ، حيث أنكر بقاء مبرر للمظاهرات! ويبدو أن الشعور بقوة المؤسسات العسكرية والأمنية دفعه إلى هذا الخيار، وربما أن هناك بضعة أشخاص استشعروا خطر الانتقال إلى الديمقراطية، وهؤلاء كان ممكنا تقديم ضمانات عربية لهم بهدف المحافظة على سوريا.

ولأن الأزمة السورية هي أهم الملفات العربية والإقليمية على الإطلاق، فإن المقارنات والدراسات والبحوث تأخذ حيزا كبيرا من المتابعات الشعبية، وقد تلقيت إشارة تحاول الربط بين نجاح الجيش الجزائري في السيطرة على الوضع لعشرين عاما، تراجع خلالها تأثير التيار الإسلامي المتشدد تراجعا كبيرا في الانتخابات الأخيرة، والعمل العسكري السوري. فهل سيتمكن الجيش السوري من استنساخ هذه التجربة؟ وتأتي الإجابة سريعا بالنفي، لقائمة طويلة من الأسباب سأتطرق إلى عدد محدود منها:

من حيث المبدأ، فإن الجيشين الجزائري والسوري يقتربان من بعضهما لجهة الموقف، فالجيش الجزائري هو الحاكم الفعلي للبلاد في الفترة ما بين الرئيسين بومدين وبوتفليقة، وهو السند الفعلي للنظام القائم، أما الجيش السوري فكان على الدوام السند الرئيسي لنظام الحكم، ولم تكن قيادته هي الحاكمة، بل إنه أداة قوية بيد القيادة السياسية الحاكمة، وعندما نتحدث عن الجيش الجزائري فإن الحديث يشمل وحدة المؤسسة من القائد الأعلى إلى الجندي القروي المكلف البسيط، أما الجيش السوري فيتأثر بالتقسيم أو الانقسام الوطني في ظروف التحرك الشعبي، ولم ينجح حزب البعث في تشكيل مظلة قوية (مستمرة) تفرض نفسها على التنوع الديني والمذهبي والعرقي رغم علمانية الحزب، لذلك فإن وحدة الجيش الجزائري كانت مضمونة بحكم وحدة الشعور بالانتماء، وتبقى الفوارق الطبقية معتادة في دول العالم الثالث، وهو ما يصعب تحققه في الجيش السوري طبقا للمعطيات الحالية.

لم تتعرض القوات الجزائرية لانشقاقات تذكر، كما هو الحال في القوات السورية، ففي كل يوم نسمع عن انشقاقات جديدة، ويعني هذا أن تماسك الجيش سيكون رهنا بتطور الأحداث مستقبلا، وقدرة المعارضين والنظام على التأثير، كل من جانبه، وحيث يتعدى الانشقاق «شهية الحكم» إلى ما هو أبعد وأخطر، فإن كفة المعارضة تستحوذ على الاحتمالات الأرجح.

في الحروب كنت أقوم بجولات استطلاعية، ونسبة منها ذات طابع فضولي وقروي، فطبيعتنا، نحن القرويين، تدفعنا على الدوام إلى حب الاستطلاع، وقبل بضعة أيام توقفت كثيرا عند شريط فيديو لمراسل «بي بي سي» الذي رافق المراقبين العسكريين في مدينة حمص، فبعد شهور من القتال يعترف مسؤول حكومي في قلب حمص بوجود أحياء مهمة من المدينة تحت سيطرة الجماعات المسلحة! فهل هؤلاء إرهابيون؟! فتسمية الإرهابيين يمكن أن تطلق وتنطبق على نفر أو عشرة أو مائة أو بضع مئات، وليس على قوات شعبية تسيطر على مساحات واسعة ومناطق سكنية كثيرة، وأظهر التسجيل أحياء من المدينة خالية من الناس، بعد أن كانت ساحة حرب بين قوتين، وهو ما كان على النظام التوقف عنده والمراجعة والبحث عن حلول، ولا ضير في طلب وساطة عربية، لأن العرب وحدهم الآن القادرون على التأثير، ومثل هذا الوضع لم يكن موجودا في الجزائر.

المعارضة السورية بجناحها العسكري تحظى بتأييد غربي وعربي، وإن كان متفاوتا ونسبيا، والثوار الذين أسقطوا القذافي متعاطفون أكثر من غيرهم لو أتيحت لهم فرص التحرك، وما يقال عن وصول متطوعين من جنسيات عربية وغربية للقتال يصعب نفيه وليس مستغربا، بينما كان التيار الإسلامي الجزائري المتشدد وحيدا، وواجه دعما غربيا وعربيا للجيش الجزائري، تحت مفهوم الحرب على الإرهاب.

المتشددون الجزائريون انزووا في الأرياف، بينما يتواجد مسلحو المعارضة السورية في قلب المدن والأرياف، مما يؤمن لهم فرص الدعم الشعبي ودعم رجال الأعمال، وهم كثر.

ثم إن الحركة الجزائرية كانت داخلية تماما، بينما أعطت على الساحة السورية (العلاقات الحكومية مع إيران) (والشعبية مع الدول العربية) حالة من التصادم القوي بين حالتين متضادتين، والفريق العربي من النمط الذي يصعب توقع تراجعه.

إذن، سوريا ليست الجزائر، فلا تخطئوا الحساب.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ