ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 08/05/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

الباص الدولي لم يصل سوريا بعد: فهل هو في الطريق..؟

د .علي الخشيبان

الرياض

7-5-2012

متى سيصل الباص الدولي الحقيقي لينقذ سوريا من هذه الكارثة..؟ سؤال ينتظره السوريون على أحر من الجمر بعدما وصلهم باص صغير يحمل مجموعة من المراقبين الخائفين على أنفسهم أكثر من خوفهم على الشعب السوري الذي يقتل

يدخل عدد القتلى في سوريا الرقم عشرة آلاف ممن قتلوا على يد النظام وهذا الرقم مرشح ليتضاعف في حالتين: الأولى أن يكون التباطؤ الدولي سمة المرحلة القادمة فيما يخص القدرة على ثني النظام السوري عن ممارسة المزيد من عمليات القتل، والثانية أن تتحول الأزمة بشكل فعلي إلى حرب أهلية حيث لا خيار سوى أن يتقاتل السوريون بينهم.

المراقبون الدوليون برئاسة الجنرال روبرت مود يواجهون صعوبة في تحديد آليات عملهم فالأرض السورية احترق منها الجزء الأكبر بفعل جيش النظام وما بقي لبعثة المراقبين هو محاولة إطفاء ما أحرقة الجيش السوري وليس منعه من إحراق المزيد لأن هذه المهمة تبدو صعبة في المرحلة الحالية فالنظام السوري لا يستجيب لخطة المبعوث الدولي عنان لأن في ذلك اعترافاً بالمعارضة وهو ما عمل النظام السوري على تجنبه طيلة الأشهر الماضية.

النظام هناك يعتبر التظاهرات جزءاً من عمل تقوم به جماعات مسلحة وعملاً إرهابياً وليسوا مواطنين باحثين عن لقمة حرية ليس أكثر، ولذلك فالمهمة القائمة بين النظام السوري والمراقبين الدوليين غريبة في مسارها فلا يسمح لهم النظام بتكوين جسد سياسي من المتظاهرين يمكن أن يكون طرفاً سياسياً مقابل النظام الذي يسمح فقط لهم بزيارة مواقع مدنية متعاطفة مع الثوار ولكنها ليست في وضع يجعلها كتلة حاسمة أو مؤثرة سياسياً.

ما تعرضه وسائل الإعلام المصاحبة للمراقبين هي صور لأطفال أو نساء أو من كبار السن أما الشباب فنادرا ما نشاهدهم إلا في مواقع هي غالباً خارج سيطرة النظام بشكل كامل ولكن هذه المواقع قليلة ويستطيع النظام السوري مهاجمتها في أي وقت.

متى سيصل الباص الدولي الحقيقي لينقذ سوريا من هذه الكارثة..؟ سؤال ينتظره السوريون على أحر من الجمر بعدما وصلهم باص صغير يحمل مجموعة من المراقبين الخائفين على أنفسهم أكثر من خوفهم على الشعب السوري الذي يقتل.

المؤشرات توحي بالكثير من العقبات قبل انطلاقة هذا الباص الدولي ولكن كما يبدو أن العالم بما فيهم السوريون وفي عزائهم لهذا التخاذل الدولي تجاه قضيتهم حيث يرددون المثل العالمي الذي يقول "أن تصل متأخراً خير من أن لا تصل أبدا" ولعل هذا المثل عزاؤهم الوحيد فهذا الشعور أصبح سمة لدى الجميع الكل يتساءل هل سيسقط النظام السوري ويرحل الأسد هل سيصل العالم لينقذ سوريا ولو متأخرا!!؟.

الوضع السوري معقد بشكل كبير فمثلاً الموقع الجغرافي لسوريا والتورط الإيراني في سوريا والدعم الدبلوماسي والذي وصل إلى حد استخدام الفيتوا من قبل روسيا من أجل حماية النظام كلها دون تفسيرات مقنعة.

النظام السوري لم يعد أمامه حلول سياسية سوى تصدير الأزمة إقليميا وهذا يعني خلط الأوراق عسكريا وجيوسياسيا ، هذه الاحتمالات واردة في حال بقي هذا النظام أو لنقل أُبقي هذا النظام قوياً فالحقيقة السياسية والاقتصادية تقول ان نظام بشار الأسد اليوم في العناية المركزة وكل ما يحتاجه أن يقوم العالم بإيقاف أجهزة التنفس والإنعاش عن هذا النظام لأن تكاليف علاج النظام سياسياً وبقائه على قيد الحياة مكلف جداً وقد لا تستطيع المنطقة والعالم دفع فاتورة بقائه على قيد الحياة.

قد تكون عواقبه حرباً أهلية، وهو احتمال رقم «واحد» ترافقها حرب إقليمية احتمال رقم «اثنان» ثم رائحة للحرب تنتشر في العالم حيث لا يمكن التنبؤ بعواقب استنشاق هذه الرائحة ثم أخيراً تصفية حسابات في المنطقة تشعل حرباً ساخنة بين دول الشرق الأوسط.

العالم اليوم ينتظر بفارغ الصبر ليس نجاح مهمة عنان ولكن فشلها فتصريحات دول كبرى تشير إلى ذلك لأن لخطة الدولية الثانية هي التي سوف تحرك الباص الدولي قادماً من نيويورك وتحديداً من محطة البند السابع للأمم المتحدة ولكن كما يبدو أن هذه الرحلة تتطلب الإجابة على الكثير من الأسئلة السياسية قبل انطلاقها فلا زال العالم يبحث عن إجابات دولية ومحلية للبديل القادم عن النظام الحالي.

الواقع ان القلق كبير حول من سيحكم في سوريا بعد الأسد كما يبدو لي أن التجربة التونسية مرشحة لكي يتم تطبيقها في سوريا حيث برهان غليون صاحب الاتجاه الليبرالي في مجلس وطني يشكل أعضاءه مجموعات كبيرة من الإخوان المسلمين وهذا ما حدث تقريباً في تونس عندما انتخب المرزوقي رئيساً في ظل تكتل كبير من جماعة النهضة في البرلمان.

الخيارات كثيرة والاحتمالات بعضها مروع ومقلق للمنطقة بأكملها وخصوصا أن النظام السوري بقي مدة أكبر من تلك التي توقعها الكثير من المراقبين الدوليين وقد تطول هذه المدة مع عملية سياسية تمارسها المنظمة الدولية ويمارسها العالم مع الحالة السورية يمكن تسميتها عملية (إحراق الشمعة).

فمن المعروف أن الشمعة تتطلب وقتاً طويلاً لكي تحترق ونحن لا نريد أن نشاهد احتراق سوريا تدريجياً ونحن ننظر إلى ذلك الضوء الخافت الذي تصدره تلك الشمعة معتقدين أن ذلك أمل سياسي فالمزيد من القتل والتدمير وتعطل الحياة وانهيار الاقتصاد مستمر.

اليوم يزداد القتل ويقل الغذاء ويستهلك الدواء ويموت الأطفال وتتعطل المدارس والجامعات وتتوقف الحياة في هذا الوطن العربي الغالي كل ذلك يحدث منذ أكثر من عام في سبيل رئيس يريد أن يبقى في السلطة وهذا لن يحدث لأن التاريخ وسنن الكون ترفض هذه الوسائل بل إن التاريخ كله لم يسجل أن سلطة بقيت كما هي وفي ذات مكانها بينما شعبها يعلن عكس ذلك، ميكيافلي صاحب كتاب الأمير يقول إن المكر والخديعة في الحكم والوصول إليه وعدم الصدق كفيلان بذهاب الحاكم وسقوطه.

الجانب الاجتماعي في سوريا خطير وهناك بعد كبير عن تحليل للوضع الاجتماعي في الداخل السوري وخاصة بين الفئات التي تتعرض للقتل فالصدمات النفسية التي يواجهها الأطفال والنساء والشباب على حد سواء كلها عوامل مهمة ومؤثرة في المشهد السوري، بل إن الجانب النفسي يوحي بارتفاع معدلات الإحباط في مقابل معدلات الخوف لدى الشعب السوري مما ينبئ عن مواجهات دموية سوف تحدث بين الجيش والمتظاهرين، فالكثير من مشاهد القتل التي يمارسها شبيحة النظام أو الجيش أو المتعاونون معه غالباً ما ترتبط بمشاهد مرعبة وطرق مبتكرة للقتل والتعذيب.

====================

سوريا... إنهاك المعارضة

عائشة المري

تاريخ النشر: الإثنين 07 مايو 2012

الاتحاد

تشهد الساحة السورية عملية سياسية تطلق عليها الحكومة السورية صفة إصلاحات سياسية، حيث تنطلق اليوم أول انتخابات لاختيار 250 عضواً في مجلس الشعب من بين 7195 مرشحاً منهم 710 نساء، فيما يبلغ عدد الناخبين 14 مليوناً، وتأتي هذه الانتخابات التشريعية بعد صدور قانون يسمح بالتعددية الحزبية في سوريا جاء من ضمن سلسلة إصلاحات أعلنتها السلطات بدأت بصدور دستور جديد للبلاد يلغي محورية الدور القيادي لحزب "البعث" القائم منذ خمسين عاماً. هذا في الوقت الذي تعتبرها فيه المعارضة السورية محاولة تجميل فاشلة لنظام الأسد، فالمعارضة وبعد ما يزيد عن عام على انطلاق الانتفاضة الشعبية وبعد سقوط حوالى 11 ألف قتيل حسب تقديرات بعض المصادر، تطمح إلى تغيير النظام لا تعديله، كل ذلك فيما يبدو أن التوازنات الدولية لا زالت تدفع في إطار بقاء النظام ما لم يتم التوافق على البديل السياسي لنظام الأسد.

ويتواصل سقوط القتلى وتتصاعد التفجيرات على رغم وعود الحكومة السورية والمعارضة على حد سواء بالامتثال لخطة كوفي عنان، ولكنهما واقعيّاً لم تفعلا ذلك. وقد صرح أحمد فوزي المتحدث باسم عنان يوم الجمعة الماضي، بأن خطة السلام "على المسار" الصحيح، وعلى رغم عدم وجود إشارات كبيرة على امتثال الحكومة السورية للهدنة فإن هناك "إشارات محدودة". فهل يشكل قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2042 حول سوريا وقرار إرسال مراقبين دوليين إليها وفق الشروط والصيغة التي أقرها مجلس الأمن، مخرجاً للأزمة السورية؟ لكن لماذا لم تتوقف وتيرة العنف أساساً؟

لقد تصاعدت الأزمة السورية وسط خلاف دولي وإقليمي واضح حول الموقف من الثورة السورية، ومع تصاعد انتقاد المجتمع الدولي للقمع وصدور قرارات من مجلس حقوق الإنسان، فيما فشل مجلس الأمن الدولي في اتخاذ قرارات حاسمة للتعامل مع الأزمة السورية، قبل أن يحصل فيه توافق في شهر أغسطس على بيان رئاسي يدين انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها السلطات السورية، ويدعو إلى وقف للعنف، فيما حصل توافق دولي أيضاً في الجمعية العامة التي اعتمدت قرارين بشأن سوريا، ثم اعتمد مجلس الأمن بياناً رئاسيّاً ثانيّاً في شهر مارس الماضي يدعو فيه إلى تنفيذ جميع عناصر مقترح ممثل الأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي عنان، الذي كلف في أواخر فبراير بمهمة تقصي الحقائق ومحاولة إيجاد مخرج للأزمة السورية. وصدر قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2042، في 14 أبريل بشأن الحالة في سوريا وقد اعتمد تحت الفصل السادس من الميثاق (حل المنازعات سلميّاً).

وينظر البعض إلى قرار مجلس الأمن 2042 بأنه صيغة توافقية تحمل عناصر فشلها، وخطة عنان أيضاً تنطلق على أساس بقاء النظام في دمشق فلم تورد الخطة طلب تنحي الأسد، فخطة عنان ذات النقاط الست تنهي التسوية بورشة حوار بين السلطة السورية وعلى رأسها الأسد ونائبة فاروق الشرع، والمعارضة السورية وعلى رأسها الدكتور برهان غليون رئيس المجلس الوطني السوري، فإذا لم تنجح خطة عنان المدعومة والمتضمنة في القرار الدولي فهذا يجعل الأزمة بنهايات مفتوحة، وغير معروفة. ولكن تجدر الإشارة إلى أن القرار اختتم بفقرة تنص على ما يلي: "يعبر -المجلس- عن نيته تقييم التقدم في تطبيق القرار والتفكير في إجراءات جديدة إذا لزم الأمر". واليوم يعمل في سوريا 39 جنديّاً غير مسلح إضافة إلى 16 موظفاً مدنيّاً، يقومون بتنفيذ مهماتهم في إطار خطة عنان، وقد أعلنت بعثة مراقبي الأمم المتحدة في سوريا أن عدد مراقبي البعثة قد يصل إلى 225 بحلول 14 مايو. ولا تتمثل مهمة بعثة المراقبين في وقف القتال لأنها غير قادرة على ذلك، بل تتمثل في تزويد الأمم المتحدة بتقارير موضوعية حول ما يجري في سوريا. وسيبقى السؤال ماذا إذا فشلت مهمة بعثة مراقبي الأمم المتحدة؟ حتى اليوم لا يزال النظام السوري يراهن في بقائه على تصدع التوافق الدولي وعلى إنهاك المعارضة السياسية والعسكرية.

====================

روسيا والصين... والثورات العربية؟

تاريخ النشر: الإثنين 07 مايو 2012

د.خالد الحروب

الاتحاد

الموقفان الروسي والصيني من ثورة الشعب السوري، وبقية الثورات العربية، يطرحان مجموعة من الأسئلة المهمة المرتبطة بنظرة هذين البلدين إلى المنطقة وشعوبها وأنظمة حكمها ومستقبل علاقاتهما معها. وكل من البلدين تقوده أجندة خاصة به محلياً وعالمياً ويموضع سياسته العربية والشرق أوسطية في سياق تلك الأجندة العريضة التي لا تأبه لمصالح الشعوب، بل تستحوذ عليها أفكار التنافسات الجيواستراتيجية مع الغرب وإيجاد مواقع نفوذ أو تعزيز مصالح تجارية واقتصادية على حساب أية مسائل أخرى. والروس والصينيون لا يطرحون على الشعوب الأخرى أي نموذج قيمي للحكم الرشيد معني بتعزيز مفاهيم المشاركة السياسية والديمقراطية وتعزيز حقوق الإنسان وترقية قيم المحاسبة والشفافية في الحكم والاقتصاد. ولهذا لا نجد منظمات حكومية أو غير حكومية صينية أو روسية تعمل في المنطقة العربية أو غيرها مناظرة للمنظمات الغربية التي تتبنى كل منها قضية أو مجموعة قضايا تحاول تعزيزها مثل الديمقراطية وترسيخ مفاهيم حقوق الإنسان والحريات الإعلامية والدينية وسوى ذلك كثير. وبعض المنظمات الغربية لديها أجندات مرتبطة بدولها ويجب أن تكون مرفوضة، ولكن كثيراً منها منظمات غير حكومية، وحقوقية صرفة مدفوعة بنوايا حسنة وتقف مع مصالح الشعوب والأفراد.

والشيء المهم في إطار منظومة القيم الغربية التي يحاول الغرب ومنظماته ترويجها هو وجود مرجعية ومبادئ نظرية على الأقل يمكن الاحتكام إليها. مثلًا تزعم الدول الغربية أنها تتبنى وتروج لحقوق الإنسان والديمقراطية والحريات الفردية والسياسية والإعلامية وتطبق هذه القيم وتحترمها. وهذا يعني وجود لائحة قيم يمكن محاكمة الغرب نفسه بناء عليها.

أما مشكلتنا مع الصين وروسيا فتتمثل في عدم وجود مثل تلك اللائحة وغياب أية مرجعية للاحتكام إليها ومحاكمة السياسة الصينية والروسية. وكل من البلدين لا يهمه أية قيم محددة متعلقة بالشعوب، وكل الاهتمام الصوري أو الحقيقي يدور حول مفهوم "عدم التدخل في سيادة الدول واحترامها" وهو مفهوم ينطوي على تواطؤ مريع مع الديكتاتوريات في العالم، وعدم احترام إرادات الشعوب. والتطبيق العملي ل"احترام السيادة" يعني إطلاق يد زعماء مستبدين للبطش بشعوبهم كما يشاءون ومن دون أن يتدخل المجتمع الدولي -كما نرى الآن في المجزرة التي يقوم بها نظام الأسد ضد شعبه على مرأى ومسمع العالم كله.

والنموذج الصيني في السياسة هو حكم الحزب الواحد الذي يسيطر بقبضة من حديد على مقدرات البلد وحريات شعوبه. صحيح أن الصين حققت معدلات نمو اقتصادي كبيرة على رغم الاستبداد، ولكن التاريخ السياسي الحديث للعالم يقدم لنا الدرس تلو الآخر حول قصر عمر التقدم والنمو الاقتصادي إن لم يرافقه ويعززه تقدم ونمو سياسي. والاقتصاد القوي القائم على أرضية استبداد سياسي يتأسس على أرضية هشة ولن يقوى على مواجهة التحديات المتجددة على قاعدة قمع حريات البشر والحيلولة دون انطلاق إبداعاتهم ومشاركتهم في تقرير مستقبلهم. ولأن "النموذج الصيني" لا يركز على الحريات السياسية ويعلي من شأن التركيز على الاقتصاد فقد انتهت علاقات الصين الخارجية إلى منظومة من التحالفات مع الأنظمة المستبدة في طول وعرض العالم، بدءاً من كوريا الشمالية وليس انتهاءً بسوريا الأسد. ولأن "النموذج الصيني" لا يهتم كثيراً بالحريات السياسية فقد توترت النخبة الحاكمة في بكين، ولا تزال متوترة، إزاء الثورات العربية التي خلعت أنظمة مستبدة في المنطقة. ولم تحظ ثورات شعوب العرب إلا بأقل تغطية ممكنة في وسائل الإعلام الصينية، كما تؤكد تقارير بحثية وإعلامية. ربما لأن النخبة الحاكمة خشيت من تداعيات الثورات العربية على الرأي العام الصيني وتحفيزها للثورة.

و"النموذج الروسي" الحالي في السياسة قريب أيضاً من حكم الحزب الواحد. صحيح أن هناك انتخابات لكن الكل يعلم أنها انتخابات مشوهة ونتيجتها كانت معروفة منذ أربع سنوات، أي منذ تنحى بوتين بعد فترتين رئاسيتين لخلفه ميدفيديف الذي قبل الدور حتى يعود بوتين للحكم مرة ثالثة. وقبضة بوتين على روسيا تعيد إنتاج الستالينية ولكن في قالب ديمقراطي مزيف. داخليّاً المفهوم الذي تعززه البوتينية وتختفي خلفه هو "الديمقراطية السيادية" التي تعني تبني الديمقراطية داخليّاً من دون السماح للخارج (للغرب) بأن يتدخل فيها، إن عن طريق جمعيات ديمقراطية تراقب نزاهة الانتخابات، أو عبر مراقبين، أو أي شيء قريب من ذلك. والمسوغ الأساسي الذي تقوم عليه "الديمقراطية السيادية" هو أن الغرب يتدخل عبر عملائه في الديمقراطية الروسية الأمر الذي يجب أن يوضع له حد. و"الديمقراطية السيادية" وقطع الطريق على التدخل الخارجي ومنعه من العبث بالداخل، أي داخل، هي منطلقات جذابة من ناحية شعاراتية ونظرية. ولكن المشكلة تكمن في أن كل نظام مستبد وسلطوي يمارس بطشه وتسلطه تحت أجمل أنواع الشعارات وأكثرها بريقاً، وهو ما يحدث في روسيا بوتين هذه الأيام. ولذلك فإن كل معارض لبوتين وسياسته يتهم على الفور بالولاء والعمالة للغرب، وهو ما كنا وما زلنا نشهده في المنطقة العربية والعالم الثالث طولاً وعرضاً. وكل انتقاد إعلامي لسياسة بوتين يصنف بأنه يصب في مخطط غربي ضد "الديمقراطية السيادية" لروسيا. وإذن فهذا هو النموذج الروسي البوتيني الذي تتبناه موسكو وتعرضه على الشعوب العربية: ديمقراطية مشوهة وانتخابات تتم هندسة نتائجها مسبقاً تعيد إنتاج الاستبداد، ومنع أي تدخل من قوى داخلية أو خارجية لإصلاح المسار الديمقراطي باستخدام سيف الاتهام بالعمالة. أليس هذا هو النموذج المثالي لحاكم مثل الأسد أعلن خطوات "إصلاحية" لإحلال "ديمقراطية سيادية" في سوريا، وعبر سلسلة من الخطوات والمراحل التي تستلهم التجربة البوتينية وتعيد إنتاج نظام الأسد وعائلته وبطانته "ديمقراطيّاً وانتخابيّاً"؟

====================

ماذا يعني فشل مهمة أنان؟

ميشيل كيلو

السفير

7-5-2012

بسبب حجم الصعوبات الهائل، الذي يقف في وجه مهمته ويهدد بتقويضها في أي وقت، يحتاج مبعوث مجلس الامن والجامعة العربية الخاص كوفي أنان إلى دعم منسجم ومتناسق: دولي واقليمي وعربي وسوري داخلي، لأن مهمته ستكون مرجحة الفشل، إذا ما تناقضت المواقف داخل كل طرف من هذه الأطراف أو في ما بينها، علما بأنها أطراف متناقضة ومتصارعة بما فيه الكفاية: في مصالحها وأهدافها ورؤاها، ولأنها تتبنى خيارات وطرقا متضاربة ومتعارضة للحلول أو اللاحلول، التي تقترحها لأزمة تبدو سورية داخلية، لكنها تحولت منذ استخدم النظام الحل الأمني في معالجتها، إلى معضلة عربية واقليمية ودولية مستعصية، ويزداد استعصاؤها من يوم ليوم ومن ساعة لساعة، فلا يكفي لحلها ما يمتلكه أنان وفريقه من مؤهلات رفيعة، وخبرات مشهود لها في حل النزاعات، وتصميم مؤكد على التصدي لها كمشكلة تلتقي عندها وفيها تناقضات وحسابات متشابكة قابلة للاصطدام بعضها ببعض في اي وقت، تستقطب اهتمام العالم وتثير مخاوفه في آن معا.

ولعل الصعوبة الاولى التي واجهها أنان كانت موقف النظام السوري من الحل السياسي الذي هو أساس وهدف، وهو حل كانت المعارضة الداخلية قد تقدمت به عند بداية الأزمة، ثم تبنته جامعة الدول العربية اساسا لمبادرة قامت بها، قبل أن يعتمده مجلس الأمن هدفا لإعلان رئاسي حول بنودها إلى مهمة كلف أنان بتطبيقها، في مسعى أخير يستهدف تفادي الحرب الأهلية في سوريا، كما قال هو نفسه قبل زيارته الأولى إلى سوريا بوصفه مندوب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، وأمين عام الجامعة العربية الدكتور نبيل العربي. في هذه الزيارة، ابلغ الرئيس بشار الأسد أنان رفضه التجاوب مع مهمته، عندما أخبره أن بندها الأول الذي ينص على وقف إطلاق النار لن يكون ممكن التحقيق قبل القضاء على «العصابات المسلحة» الناشطة في البلاد. بما أن الباب السوري أغلق بهذه الطريقة، ولأن إغلاقه يضع العالم أمام معضلة كبرى تتصل بالبديل الذي يجب عليه اعتماده كي ينفذ قراره في سوريا، ولأن هذا البديل ليس سهل الإيجاد أو متفقا عليه بعد، بسبب الصراع المحتدم دوليا حيال الشأن السوري، بادر أنان إلى فتح الباب الدولي على الأزمة، عندما توصل بسرعة نسبية إلى برنامج حد أدنى وافقت دول مجلس الأمن جميعها عليه، أخذ صورة إعلان رئاسي مشترك يعني إقراره نوعا من وضع سوريا تحت إشراف دولي محدود، يتجسد في وجود مراقبين أممين لوقف إطلاق النار، تم تعريف مهامهم ووضع آلية محددة لعلاقة المجلس معهم، على أن يفدوا تباعا إلى سوريا، ويتوزعوا على المناطق الملتهبة، ويشرفوا على سحب الأسلحة الثقيلة منها وإعادتها إلى ثكناتها، قبل الانتقال إلى تطبيق بقية بنود الاعلان: من إطلاق سراح المعتقلين، إلى السماح بحرية التظاهر السلمي، إلى دخول وسائل الإعلام الحر إلى سوريا، وصولا إلى تنظيم مفاوضات بين النظام وجميع أطراف المعارضة لاقامة نظام جديد تم تعريفه بدقة هو: نظام انتقال إلى الديموقراطية.

... واليوم، ومهمة كوفي أنان تتعرض لتحديات محلية وإقليمية وعربية ودولية متعاظمة، تجعل نجاحها مستبعدا رغم ما يبديه الرجل وفريقه من حرص عليها ومهارة في متابعتها ورغبة في الإبقاء على وظيفتها، ورغم أهميتها كمهمة تستهدف إنقاذ سوريا من حرب أهلية ستكون مريرة وطاحنة بصورة مرعبة إلى أبعد حد، فإن فشلها في ظل استمرار الحل العسكري السوري وتصاعد المقاومة المسلحة ضده، يعني أمرين:

- أن نهج الحل السلمي للازمة السورية قد انتهى إلى فشل تام، وأنه لم يعد له أي حامل داخلي أو إقليمي أو عربي او دولي ذي شأن، وأن نهايته تطرح على العالم أحد خيارين: الانسحاب من الصراع الدائر في سوريا وترك النظام يحسم الأمور بما يطيب له ارتكابه من مذابح، مع ما يعنيه هذا التحول الخطير في التعاطي مع المشكلة السورية من عجز يفضح تدني قدرات النظام الدولي وهشاشة مؤسساته وقواه، التي ستكون قد تدخلت جميعها بالتتابع في الأزمة، لكنها أخفقت في إجبار نظام ضعيف وفقير نسبيا على الامتثال لأية شرعية إقليمية أو دولية، وفي إلزامه باحترام حقوق الإنسان والعهود والمواثيق الدولية الناظمة لعلاقات الدول مع مواطنيها. يعني فشل أنان نهاية نمط كامل من التعامل السياسي / السلمي مع الأزمة السورية، اعتمده العالم في التعاطي معها منذ بدايتها، قام على منح النظام الفرصة تلو الفرصة للتوصل إلى حل داخلي متوافق عليه لها، لكنه تعنت ورفض مثل هذا الحل، وأصر على العنف وسيلة وحيدة للتصدي لمطالب وصفها رئيسه ذات يوم ب«المحقة والمشروعة».

بنهاية النهج السياسي السلمي، سيجد العالم نفسه في مواجهة مأزق دولي خطير ستغذيه دون شك خلافات دوله الكبرى وتحديات النظم الإقليمية المتصارعة، إلى جانب سياسات النظام الأمنية، التي قامت منذ بداياتها على استدراج الخارج إلى الانخراط المباشر في الصراع أو الانسحاب التام منه. فماذا يمكن للعالم أن يفعل أمام هذه المعضلة غير مواصلة الفرجة على ما يجري من مذابح واقتتال يصير متبادلا بصورة متعاظمة ويتحول تدريجيا إلى حرب أهلية ضارية، علما بأن الفرجة ليست في مثل هذه الاوضاع حلا دائما أو مقبولا أو قابلا للعيش، أو أن يتدخل بصورة مباشرة في الأحداث، مع إدراك أن تدخله لن يكون في ظل التطور الجديد غير عسكري ومباشر وعنيف، بما أن استعادة النهج السياسي / السلمي لن تكون ممكنة إلا إذا كان هذا سيتجاوب هذه المرة مع مطالب النظام وطريقته العنيفة في حل الأزمة، وسيقطع مع نمط النهج الآخر، الذي اعتمدته المعارضة والمبادرة العربية وأقره إعلان مجلس الأمن الرئاسي، وهو تفاوضي / حواري. هل سيقبل العالم نمط الحل الرسمي باعتباره الحل السياسي الجديد؟. أعتقد أن هذا سيكون مستبعدا، وأنه سيخلي الساح لنهج آخر، غير سلمي وعسكري وعنيف ومباشر، مع ما سيعنيه في حال بادر إليه أحد الأطراف الدولية بمفرده من صراع خارجي وداخلي ستنحاز فيه القوى المتصارعة إلى هذه الجهة أو تلك من جهتي الداخل السوري، وما قد يسببه من إنتشار محتمل للنزاع إلى بلدان الإقليم والمنطقة الأخرى، التي لا يقصر النظام اليوم في استفزازها، لاعتقاده أنها لن تستطيع الانخراط لفترة طويلة في صراع تجهل نتائجه، ضد حلفاء نظام دمشق الإقليميين، وأنها تخشى ما قد ينجم عنه من عنف لا يستبعد أن يمتد إلى داخل أراضيها، حيث يمكن أن يستمر لفترة غير قصيرة.

تنبع خطورة التحول الى ضرورة بلورة رد غير سلمي من واقعتين:

- أن جهات دولية مهمة ومقررة بدأت تتحدث عن فشل مهمة أنان، وانها تجد نفسها في مواجهة سؤال البديل، الذي لن يكون بالتاكيد سلميا أو تفاوضيا / حواريا، وسيفتح تطبيقه أبواب جهنم على بلادنا التي استنزفها وأرهقها حل السلطة الأمني، وأوصلتها سياساته إلى حافة الانهيار، بالنتائج المأساوية التي ترتبت عليها داخليا بالدرجة الأولى، ثم عربيا ودوليا.

- أن جهات سياسية سورية منظمة بدأت حملة شعواء على أنان ومهمته وعلى الجامعة العربية ومبادراتها، وطالبت الأمين العام للأمم المتحدة بإنهاء المهمة التي كلف مجلس الأمن عنان بها، تارة بحجة ان عدد المراقبين يثير شبهة التواطؤ مع النظام، واخرى بذريعة أن شيئا لم يتحقق فعليا على الأرض مما انتدب المبعوث الأممي / العربي نفسه ومعاونيه لتحقيقه .

لا أريد شخصيا أن تفشل مهمة أنان. أريد بالأحرى أن يكثف جهوده ويسرعها كي يقيم حضورا دائما للمراقبين المدنيين والعسكريين في مناطق سورية واسعة، ويفرض رقابة فعالة على أية جهات تطلق النار، ويحصل على دعم سياسي ودعم دولي قاطع ويتخطى ما لديه اليوم، يمكنه من تنفيذ بنود مهمته باعتبارها سلة واحدة وليست بنودا متفرقة لا صلة بينها، يعني تنفيذ بعضها إرجاء تطبيق بعضها الآخر أو التخلي عنه .

بلغت الأزمة السورية نقطة فاصلة من تطورها، سيكون إعلان فشل كوفي أنان في إيجاد حل لها نذير شؤوم بالنسبة إلى جميع أطرافها، لان ما بعد اعلان الفشل لن يبقى الوضع مثلما كان عليه أو قبله، بينما سيحتم التخلي عن النهج السياسي في حل الأزمة إلى إدخالها في طريق عسكرية محفوفة بمخاطر يصعب اليوم رؤية نتائجها، وإن كان من المؤكد أنها لن تشبه أي شيء سبق لأية أزمة في المنطقة أن مرت به، بما في ذلك أزمة العراق، التي لم تشارك في جانبها العسكري قوى أوروبية غربية مهمة ولم تشارك بها روسيا أيضاً، في حين يرجح أن تنخرط جميع الأطراف العربية والإقليمية والدولية في الصراع المقبل، ما أن يتحول الى تدخل عسكري خارجي يشارك فيه القريب والبعيد من المهتمين بالمنطقة ومصيرها والمتصارعين عليها، نظرا لأهمية الرهانات الاستراتيجية التي ترتبط بسوريا، دولة وموقعا ورمزية ودورا قائما ومحتملا، من الرهان على احتواء الربيع العربي وكبح طابعه المجتمعي / التغييري، إلى الرهان على القضاء على المحور السوري / الإيراني، إلى الرهان على تقويض دولة سوريا ومجتمعها وتهديد وحدتهما، واخيرا، إلى الرهان على جعل إسرائيل سيدة المشرق لأجيال كثيرة قادمة، وجعل الخليج ونفطه آمنين وخارج متناول اي تحد حقيقي .

هل يفكر من يعملون لافشال مهمة كوفي أنان الانقاذية بهذه النتائج المخيفة، وهل يدركون أن لا بديل لها غير حرب أهلية ستنتهي بتدخل خارجي لا مهرب منه، وهل هم غافلون عن ذلك أم يعملون له بوعي وتدبير؟

تقف سوريا اليوم أمام أسابيع حاسمة ستقرر مصيرها السياسي لعقود طويلة قادمة. ونجد انفسنا في مواجهة لحظة انعطاف يقف وطننا وشعبنا أمامها، تملي علينا أعلى قدر من الشعور بالمسؤولية، وأرفع درجة من التفكير العقلاني، وتلزمنا باعطاء النهج السلمي ما يحتاج إليه من فرص، وبمنحه أعظم التأييد، وبمساعدته على النجاح، لأن لنا مصلحة حياتية في نجاحه، وإلا فشل وفقدنا السيطرة على قضيتنا وانهار كل شيء !

كاتب سوري وناشط سياسي

====================

أنان.. دابي آخر!

صالح القلاب

الرأي الاردنية

7-5-2012

وَصل عدد القتلى منذ بداية وصول المراقبين الدوليين إلى سوريا إلى نحو سبعمائة بالإضافة إلى أعداد غير معروفة من المعتقلين والمفقودين لكن ورغم هذا كله ورغم تصاعد العنف على غرار ما حدث أيام المراقبين الذين أرسلتهم الجامعة العربية بقيادة الجنرال مصطفى الدابي والذين انتهت مهمتهم إلى الفشل الذريع فإن الناطق باسم كوفي أنان يتصرف على أساس أنه «شاهد ما شافش حاجة» ويقول أن الأمور تسير على ما يرام وأن مهمة المبعوث الدولي والعربي تحقق نجاحات جيدة.

والغريب أن كوفي أنان قد طلب من الأمم المتحدة وربما من الجامعة العربية أيضاً «موازنة» له ولفريقه لمدة عام مما يعني أنه يخطط لإقامة طويلة وأنه مرتاح لتعايش العالم مع هذه المأساة الدامية والمدمرة وتَعوُّده على سماع الأرقام التي تتحدث يومياً عن عشرات ومئات القتلى ومرتاحٌ أيضاً لانزياح الأضواء عن الخبر السوري وتحويله من خبر طليعي ورئيسي إلى خبر يأتي في الدرجة الثانية أو الثالثة في وسائل الإعلام العربية والعالمية.

كان على كوفي أنان أن يلتزم بما ورد في الخطة التي جاء لتنفيذها والتي تنصُّ أول ما تنصُّ على الالتزام بوقف إطلاق النار ،من قبل نظام الأسد أولاً ومن قبل المعارضة والجيش السوري الحر ثانياً، وسحب القوات السورية بدروعها ودباباتها وأسلحتها الثقيلة من المدن والقرى والعودة إلى المعسكرات التي كانت ترابط فيها قبل انفجار هذه الأحداث المتصاعدة في الخامس عشر من آذار «مارس» عام 2011.

لكن هذا لم يحصل حتى الآن رغم كل هذه الفترة منذ وصول طلائع المراقبين الدوليين إلى سوريا مما يعطي مصداقية لانطباعات الذين يقولون أن أنان عبارة عن «دابي» جديد وأن مهمته قد تحولت إلى إعطاء فرصة أخرى لنظام بشار الأسد على غرار ما حصل على مدى نحو عام وأكثر كي يواصل عمليات التقتيل وكي يستمر بالتنكيل بالشعب السوري الذي بات في حكم المؤكد أنه ماضٍ في ثورته ،التي بدأت سلمية وحوّلها هذا النظام إلى أنهارٍ من الدماء، حتى النهاية أي حتى إزاحة هذه السلطة الاستبدادية المستمرة منذ أكثر من أربعين عاماً وإقامة سلطة وطنية وتعددية وديموقراطية تُدخل سوريا في القرن الحادي العشرين والألفية الثالثة.

والملاحظ أن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون يقول إزاء عمل المراقبين الدوليين واستمرار القتل وشلالات الدماء في سوريا غير ما يقوله مبعوثه ومبعوث الجامعة العربية كوفي انان مما يعني أن هذا الأخير ربما دخل على خط الصفقات السياسية الخاصة وربما أن قوات الأمم المتحدة التي وُضعت بإمرته قد تحولت إلى ما كان حصل مع قوات الجامعة العربية بقيادة مصطفى الدابي التي كانت نهايتها أنها اكتفت من الغنيمة بالإياب وتركت قوات بشار الأسد لتستكمل ما كانت بدأته بعد الخامس عشر من آذار «مارس» عام 2011.

وهذا يضع الجامعة العربية التي شاركت الأمم المتحدة في تكليف كوفي أنان بهذه المهمة أمام خيارين فإما الطلب من الأمين العام بان كي مون سحب أنان واستبداله بآخر أكثر حيادية وأكثر مصداقية وإما إنهاء هذه المبادرة التي تحولت إلى مجرد فرصة لإعطاء نظام بشار الأسد المزيد من الوقت ليواصل ذبح شعبه ويواصل دفع سوريا إلى التمزق والحرب الأهلية.. أما أن يتواصل كل هذا الذبح أما عيون المراقبين الدوليين فإنه عار على مجلس الأمن الدولي وعار على عرب موقف اللون الرمادي وأنه من الأفضل ترك الشعب السوري ليقلّع شوكه بنفسه.

====================

مهمة عنان.. إلى متى؟

رجا طلب

الرأي الاردنية

7-5-2012

لم يلمس اي مراقب موضوعي للوضع في سوريا اي نوع من التحسن، بل على العكس تماما فالامور تزداد سوءا والقتل من قبل القوات السورية اصبح يمارس رسميا وتحت اعين المراقبين الدوليين، وهو امر لم يكن مفاجئا لأي متابع للوضع السوري فمهمة عنان ودور المراقبين وقرار مجلس الامن 2043 بهذا الخصوص كلها تعاني ومنذ البداية من وجود ثغرتين اساسيتين، الاولى ان المهمة بلا سقف زمني محدد، وتم فقط وضع سقف زمني لنشر300 مراقب خلال مدة لا تتجاوز الثلاثة شهور، وهو ما يعني ان مهمة القتل التى يمارسها النظام مفتوحة، اما الثغرة الثانية التي تعزز القناعة بان المهمة لا يمكن ان يكتب لها النجاح ان القرار ليس فيه عقوبات بحق النظام في حال عدم الاستجابة الى بنود القرار وابرزها وقف القتل وسحب الاسلحة الثقيلة من بين الاحياء السكنية.

مما يزيد الامور ريبة وغموضا ان معلومات التي يجرى تداولها في اوساط المعارضة السورية تتحدث عن ان كوفي عنان يطالب الامم المتحدة بموازنة للبعثة الدولية لمدة عام، وهو امر في غاية الخطورة ويعني ان النظام في مأمن من اية عقوبات لمدة عام وان القتل سيبقى مستمرا لمدة عام كامل وفي واقع الامر يكاد المتابع ان يقترب من القناعة التي تقول ان روسيا نجحت في تمرير كل ما يريده النظام من خلال القرار 2043 الذي اصبح بمثابة غطاء دولي يغطى جرائم النظام ويشرعنها.

المعلومات الاكثر خطورة تتحدث عن صفقة تمت عبر وسيط اميركي - لبناني الاصل بين دمشق وواشنطن واسرائيل وحزب الله بشان تقاسم حصص وكميات من الغاز اللبناني المكتشف مقابل بقاء النظام واطلاق يده في انهاء الثورة الشعبية في سوريا.

من ابرز المؤشرات على احتمالية تلك الصفقة هو الفتور الواضح الذي طرأ فجأة على التعاطي الدولي مع الملف السوري وكأنه اصبح ملفا منسيا او في طريقه الى الدخول في حالة النسيان.

كل ذلك يقودنا الى استنتاج واحد وهو ان شلال الدم السوري سيبقى مستمرا وامام حالة من التواطؤ الدولي، لتصبح الحالة السورية عنوان «لاغلاق باب ثورات الربيع العربي».

rajatalab@hotmail.com

====================

انا من بلاد حمزة الخطيب

د. عوض السليمان

2012-05-06

القدس العربي

في مثل هذه الأيام من العام المنصرم نفذ النظام السوري مجزرة مروعة في حق أبناء القرى الشرقية من محافظة درعا. هذه المجزرة تتجاوز مجازر الصهاينة في فلسطين ومجازر جورج بوش في العراق. أو مجازر جنكيز خان في بلاد المسلمين. إذ علينا أن نتفق أن أولمرت دمر غزة مفترضاً أن أهل فلسطين هم من الأعداء الذين يجب مقاتلتهم ومن الرؤية ذاتها انطلق المجرمون الذين يفتكون بالبشر والحجر الأمريكيون أو الصهاينة أوغيرهم. لكن بشار الأسد ارتكب المجزرة بحق الشعب الذي من المفترض أن يدافع عنه بوصفه رئيساً للبلاد في تلك الآونة. ولكل ما سبق فإننا نود أن نعيد التوكيد أن المجزرة سابقة تاريخية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.

وقعت مجزرة صيدا يوم 29/4/2011، حيث تعرضت مدينة درعا لمحاصرة شبيحة الأسد وكتائبه، ومنعت من الطعام والشراب، وقطعت عنها الكهرباء والماء. واستغاث أهلها بعموم أهل حوران من أجل إدخال الطعام إليها، ولنقل على الأقل إدخال حليب الأطفال والخبز. ولقد لبى أهل محافظة حوران ذلك النداء واجتمع أهل القرى الشرقية واتفقوا على الذهاب إلى مدينة درعا، فنصبت لهم كتائب الأسد كميناً عند مساكن الضباط في قرية صيدا، وهناك هاجمتهم بإطلاق النار الحي فقتلت عشرين ومائة شهيد بدم بارد.

للأسف فإن كثيرا من وسائل الإعلام تجاهلت تلك المجزرة، ولم تعطها حقها من التغطية، ولعل ذلك راجع إلى تغطية النظام على الجريمة، إذ عمد إلى إعادة الجثث للأهالي على دفعات ليخفف من صدمة المذبحة التي ارتكبها، ولعل ذلك ناجم أيضاً عن عدم اتخاذ مواقف سياسية واضحة في تلك المرحلة من ثورة الشعب السوري.

في تلك المجزرة تم اعتقال الطفل حمزة الخطيب من قرية الجيزة المحاذية لقريتي 'الطيبة'. لكن أحدا لم يكن ليتصور أن شبيحة الأسد ما هم إلا وحوش في أشكال آدمية، فقد انقضوا على من تبقى من مظاهرة فك الحصار عن درعا، وتقصدوا أن يعتقلوا الأطفال بالذات تأكيداً على ما عملوه سابقاً من اعتقال أطفال درعا الذين كتبوا عبارة 'جاك الدور يا دكتور' على جدران مدارسهم. أيضاً فإن الأوامر كنت تقضي باعتقال الأطفال بقصد إذلال أهليهم، وتعهدهم بالسكوت المطلق على جرائم النظام. لكن الأسد لم يدرك أن شعار محافظة درعا كان 'الموت ولا المذلة'.

عاد حمزة الخطيب بعد أسابيع إلى أهله جثة هامدة لا حراك فيها، وكان قد تعرض لأقسى أنواع التعذيب الذي لا يتقنه الشيطان نفسه، وأقل شيء تعرض له، أن قوات الأسد جبّت ذكره. ولا نعرف على وجه التحديد ما معنى هذه العقوبة، حيث يعتقد علماء النفس أن رغبة الكبير بجب ذكر الصغير ناتجة في غالب الأحوال عن أن الكبير عنين 'بكسر العين وتشديد النون' ولكنه عنين نفسياً. وليس مجال هذه المادة الحديث عن ذلك المرض الغريب.

كلما تذكرت الشهيد حمزة الخطيب والعذاب الذي تعرض له تذكرت كلمة ألقاها بشار في قمة غزة التي عقدت في الدوحة عام 2009، وكان مما قاله في تلك الكلمة' كيف يمكن لنا كأمة عربية أن نقدم الرد المناسب على جرائم الاحتلال ونحن نرى جثث الأطفال وأشلاءهم تتناثر في كل مكان ونلمح في عيون من بقي منهم حياً ملامح الذعر التي تختلط بالرجاء في أن تمتد إليهم يد جسورة تنقذهم من مصيرهم المحتوم بعد أن افتقدوا الأمان في غزة المنكوبة الباسلة'.

فالأسد إذاً حزين لرؤية جثث الأطفال وهو متألم لرؤية الذعر في وجوههم، لكنه لا يأبه لاستشهاد حمزة الخطيب وثامر الشرعي وهاجر الخطيب وألف طفل آخرين ساهم في قتلهم.

لقد قامت قوات بشار بقتل عدد من الأطفال تجاوز كل أولئك الذين استشهدوا في غزة إثر العدوان الصهيوني عليها. لم يعد الطفل السوري قادراً على الابتسام بسبب ما رآه من إجرام عصابات الأسد.

في ذلك اليوم بالضبط يوم وصلت جثة حمزة الخطيب إلى أهله مات الأسد فعلياً في عيون الشعب السوري عامة وفي عيون أهل درعا خاصة. ولذلك يكتب لحمزة الخطيب الفتى الباسل بأنه قتل الأسد باستشهاده، بينما عاش هو إلى الأبد.

اليوم يفتخر الناس أنهم من بلاد حمزة الخطيب، ويفتخر أهل درعا أنهم من محافظة حمزة الخطيب، وأفتخر شخصياً أن قرية حمزة الخطيب تحاذي قريتي. أما أهل حمزة الخطيب فقد أصبحوا تاج الحرية في سورية ورمزها.

حمزة اليوم أيقونة من أيقونات الثورة، ورمز من رموزها ولقد ساهم استشهاده في انطلاق الثورة وتوقد نارها في أرجاء سورية كلها، وسيساهم أيضا في إسقاط نظام الأسد الذي نراه قريباً.

وبينما ذهبت روح حمزة إلى الأعالي جالت صورته وقصته بلاد العالم كلها، من لا يعرف حمزة الخطيب اليوم لا يعرف شيئاً. ليت مجلة التايم الأمريكية انتبهت، أن الشهيد حمزة أكثر شخصية مؤثرة في العالم، فقد قلبت هذه الشخصية الطاولة على نظام الأسد إلى غير رجعة، وهزت أركان الدنيا، وعاش حمزة وسقط جلادوه.

*دكتوراه في الإعلام - فرنسا

====================

الإصلاح الشامل في سورية: وسياسة العادة والكفن!

ليث الشريف

alshareeflayth@yahoo.com

2012-05-06

القدس العربي

في إطار ما يسمى 'برنامج الإصلاح الشامل' الذي يسير على قدم وساق، كما يقول شريف شحادة، اجريت انتخابات الإدراة المحلية، واستفاء على تعديل الدستور، والانتخابات البرلمانية التي يتم التحضير لها حاليا، والمقررة بعد عدة أيام.

لو بدأنا بالحديث عن انتخابات الإدارة المحلية لرأينا العجب العجاب من برنامج الإصلاح الشامل، فالمراقب لتلك الانتخابات يجد أنها لم تختلف بشيء عن سابقاتها من التمثيليات الانتخابية، حيث أنه أثناء تلك العملية وخلال جولة قمت بها في دمشق وبعض أحيائها الهادئة كلياً، وجدت القائمين على مراكز الانتخاب اعم يكشو دبانب وبدت تلك المراكز خالية إلا من المرشحين الطامحين لمنصب يمكنهم من ملء جيوبهم رشوة وفسادا، وموظفي الانتخابات.

بالمناسبة تقريبا كل واحد رشح حالو رح ينجح.. ففي مدينة أسكن بها رشح 35 عواينيا أنفسهم والمطلوب منهم نحو 30. طبعاً المشاركة كانت متدنية جداً في المناطق الهادئة، فما بالك بالمناطق المشتعلة؟!

الاستحقاق الآخر هو الاستفتاء على الدستور الجديد، حيث ادعت وسائل إعلام النظام السوري بأن الإقبال على التصويت كان كثيفا! غير أن هذا الاستفتاء العتيد جرى في ذات الظروف التي تعيشها بلدنا، فنحو سبع محافظات لا يمكن بحال من الأحوال أن يجري فيها استفتاء، لا بل أكثر من ذلك فقد جرى الاستفتاء في يوم دوام رسمي، وسحب الموظفون كالنعاج كي يشاركو في الاستفتاء، وجرى تزوير كبير، كما أخبرني أحد القائمين على أحد الصناديق، حيث يكفي أن يأتي واحد مؤيد ويضع أسماء كل العائلة.. طبعا كل هذا يجري دون مرافبين دوليين، ولا من يحزنون..

على كل نحن نقترب من الانتخابات البرلمانية، ولا شيء يلوح في الأفق عن تغيير ما، والمتابع للحملات الإعلامية للمرشحين يعلم ذلك علم اليقين، من خلال اللافتات، حيث أن شيئا لم يختلف بتاتا عن الانتخابات السابقة، ما يؤكد المقولة التي كانت تقولها لي جدتي عن أي شخص سيىء ولا يقلع عن عاداته السيئة 'عادة بالبدن ما بيغيرها إلا الكفن' وكذلك حال النظام فلن ينتهي مسلسل هذه الأكاذيب حتى نتخلص كلياً من هذا النظام.

====================

مقاربة أخرى للمشهد السوري

بشير عيسى *

Mon, 07 مايو 2012

الحياة

ما يميز الخطاب السياسي للأزمة السورية، افتقاره للمعقولية والرؤية النقدية، وأيّ متابع يقف على مسافة من هذا الخطاب سيلمس حجم المبالغات التي ساهم بها عالم الميديا، حيث بات الواقع الفعلي مستلباً للعالم الافتراضي، الذي نجح في إعادة تشكيل قناعات الجماهير، وهو ما زاد من حدة الاستقطاب في الشارع السياسي، إذ اعتبر كل فريق بأن ثوابته وطنية لا يمكن التفاوض حولها.

وضع أوصل معه الجميع إلى حالة من التمترس والتخندق، بطريقة حربية لا سياسية، حالت دون إمكانية التجسير التي يتطلبها العمل السياسي والمصلحة الوطنية، فبات المعارض خائن وعميل يخدم جهات وأجندات خارجية، والمؤيد للنظام شبيح وعميل له!. بهذا الحضور القاسي والعنيف، يغيب الإنسان باعتباره غياب للآخر. أما من كان في الوسط فقد نأى بنفسه، بعد أن رُفض من النظام والمعارضة، بذريعة أن المرحلة قد فرزت بين خيارين أو مشروعين، وأي موقف بينهما يعتبر رمادياً، يُجيّره الفريقان لصالح الآخر.

هذا الانغلاق في الخطاب، مردّه لتجذر الحامل الفكري المشبع بالأدلجة للنخب السياسية، حيث ينعدم الهامش في خطابها، والذي يُفترض بقاؤه كمساحة تؤمن التواصل في حال تعذر تحقيق مجمل الأهداف المبتغاة. وإذا كان الحديث يدور حول إيجاد طريق للخروج نحو التغيير والدمقرطة، فعلى هذا الطريق أن يحمل إمكانية التحقق العملي، بعيداً من الشطط السياسي، إذ لا يكفي الحراك، رغم أهميته الكبيرة، أن يحقق التغيير المنشود ما لم يتم رصد التحولات الذاتية والخارجية التي تؤثر به كونه ثابتاً، فما تقوم به قيادات المعارضة شيء مغاير للمأمول منها، إذ يتم تحميله ما لا يحتمل، بغية قلب النظام والحلول مكانه.

ومن باب الحرص على نسق الحراك كي يبقى وطنياً، يجب وضع الأمور في السياقات الأمثل، بغية تحصينه من الانزلاقات والتعرجات التي يمر بها، حيث لم يخرج الحراك من نسقه التعددي في المرجعيات، وهو ما جعله ينطوي على حركية متناقضة، بين العسكرة والسلمية، ورفض الحوار أو قبوله، الشيء الذي أدى لضياع بوصلته. لذلك تجب إعادة النظر في القراءات والمواقف المرافقة للأزمة، بعيداً من الرغبات السياسية التي تجافي الواقع، وحتى يستوي التقييم، على المعارضة أن تمتلك الجرأة الكافية لتصارح به جمهورها في المسكوت عنه، بدلاً من الاستمرار في سياسة تزييف الوعي، والتي لا تفضي إلا إلى الانتحار السياسي، إن لم يكن الوجودي.

يكمن أساس المشكلة في الطريقة التي يُنظر بها إلى الحراك ومحاولة تسويقه كثورة، يعلم الكثيرون أن شروطها الموضوعية لم تنضج لأسباب عدة، أولها: تشابك «البرجوازية» والنظام، مع غياب شبه كامل ل «الطبقة الوسطى»، وثانيها: الحضور الطاغي للمكونات العامودية في المجتمع ومحاولة استمالتها، وهو ما عكسته تسميات بعض الجمع، مثل: «جمعة العشائر»، «الجمعة العظيمة» في إشارة للمسيحيين، «جمعة أزادي» للأكراد، خميس «بركان حلب» وجمعة «شامنا ويمننا»، مقابل تغييب حراك البحرين. إن نظرة سريعة على المناطق الساخنة، تدل على أن الحراك في معظمه، يتواجد ضمن بعض مناطق الريف وضواحي المدن، والتي يغلب عليها الطابع المذهبي والعشائري. ومن يدقق في تسميات كتائب الجيش الحر، ومثلاً لا حصراً «كتيبة المهاجرين والأنصار» في جسر الشغور، يعلم أننا أمام استحضار إسلام راديكالي، لاسيما بعد صدور فتاوى تكفير النظام.

ثالثاً: غياب البرنامج السياسي الجامع لمكونات المعارضة، فالخلاف العميق بين أكبر فصيلين، وهما المجلس الوطني وهيئة التنسيق، قد خلق مساحة كبيرة بينهما، برّع النظام في استثمارها داخلياً وخارجياً. إن اللاءات الثلاثة التي رفعتها هيئة التنسيق للحفاظ على سلمية الحراك ووطنيته، رد عليها المجلس بشكل غير رسمي، بأن مواقف الهيئة تخدم النظام، وما حدث أمام مبنى الجامعة العربية من اعتداء على قيادات الهيئة، دليل على مأزومية بنيوية في المعارضة.

رابعاً: مراكمة الخيبات السياسية جرّاء رهانات غير ناجزة لإسقاط النظام، فما راهنت عليه الهيئة من عدم انجرار الحراك نحو التطييف والعنف ومنع التدخل الأجنبي، قد ذهب أدراج الرياح، فيما المجلس الوطني الذي راهن على استصدار قرار دولي يجيز التدخل، قد صُدم بالفيتو المزدوج للمرة الثانية. الشيء المؤكد الذي سوَّقه لجمهوره هو الوهم، حين اعتبر أن روسيا والصين يمكن أن يُغيرا موقفيهما، ومن يسمع حديث بعض قيادات المجلس على شاشات التلفزة حول سيناريوهات تحضَّر للرئيس الأسد، وضمنها روسيا، ناصحينه بالمغادرة الفورية، لأدرك حجم الإرباك الناجم عن الرغبة وسطحية النظرة، بدل إعادة القراءة وتقييم المواقف، فإنهم يستمرون في الهروب إلى الأمام، محملين الروس سبب إخفاقاتهم. وللالتفاف على الروسي، راحوا يعولون على تجميع تحالف دولي باسم «أصدقاء الشعب السوري» من خارج مجلس الأمن، على غرار ما حدث في العراق وكوسوفو. هذا النهج للمجلس الوطني، يجعله مطية للتدخل الأجنبي، وذلك بعد أن وضع كل بيضه في سلة الخارج. توجُّهٌ ثبت فشله بعد صدور البيان الختامي المشترك لوزراء الخارجية العرب مع لافروف، تلاه مقررات قمة بغداد، الداعمة لمهمة عنان والرافضة للتدخل الخارجي، وصولاً لقرار إيفاد المراقبين الدوليين، والذي يكفل السيادة السورية.

خامساً: أن النظام الحاكم لم يكن قمعياً في المطلق إلا في المجال السياسي، حيث ترك هامشاً ثقافياً واقتصادياً ودينياً يتحرك به المجتمع، إضافة لاستمرار الحكومة في دفع الأجور والرواتب لشريحة وازنة في المجتمع، وهو ما يفسر عدم الدعوة إلى عصيان مدني بعد فشل إضراب الكرامة... وكل هذه العوامل مجتمعةً حالت دون سقوط النظام، إضافة لعامل آخر يتعلق بتأثر معظم الداخل بمآلات الربيع العربي، الآخذ بتصاعد العنف وتفكك دوله!

* كاتب سوري

====================

سوريا: أي انتخابات؟!

عماد الدين أديب

الشرق الاوسط

7-5-2012

الصندوق الانتخابي في الدول الديمقراطية هو وحده من دون سواه العنصر الحاسم في تحديد اتجاهات ورغبات الرأي العام في اختيار من يمثلهم لأي منصب من مناصب الدولة أو المجتمع. وعام 2012 هو من أكثر أعوام حسم الانتخابات في التاريخ المعاصر في ظل أزمة اقتصادية عالمية، وفي ظل عالم يزداد فيه الوعي الانتخابي وتعلو فيه مقاييس الحكم على المرشحين وسط غابة متوحشة من وسائل الإعلام التقليدية أو الحديثة.

وما بين انتخابات في الصين، ورئيس جديد في ألمانيا، ودخول القيصر بوتين إلى الكرملين مرة أخرى واحتمال خروج ساركوزي من الإليزيه ودخول أولاند والحزب الاشتراكي إلى كرسي الحكم لأول مرة منذ عام 1994، يبدو العالم كله كأنه يتقلب على صفيح ساخن! واليوم هناك حيرة في واشنطن حول الرئيس المقبل، وسخونة في إيران حول الانتخابات التشريعية، وغموض وقلق وخوف في مصر حول شخص الرئيس الآتي من ضمن 13 منافسا.

كل ذلك له معنى سواء كنت معه أو ضده، سواء كنت جمهوريا أو ديمقراطيا، سواء كنت مع ساركوزي أو ضده، سواء كنت إسلاميا أو محافظا أو ليبراليا في الحالة المصرية، لكن الانتخابات الوحيدة التي لا معنى لها، هي الانتخابات البرلمانية في سوريا التي تبدأ اليوم (الاثنين) على وقع قنابل المدفعية الثقيلة وطلقات الهاون والنشاط الدموي لشبيحة النظام.

أي انتخابات في ظل أنهار من الدماء تنزف على مدار 14 شهرا؟!

أي انتخابات المفروض أنها في عرف الديمقراطية تقوم على حرية الاختيار الحر المباشر للمواطن في اختيار ممثليه، بينما البلاد والعباد يتم حكمهم بالحديد والنار، ويتم قهر إرادتهم بكل أدوات الدمار والخراب والقتل والتنكيل!

لا بد أن تتوقف هذه المهزلة التي لا يصدقها أي إنسان سوى نظام الحكم وحده الذي لم تصل إليه أصوات وصراخ المتظاهرين في محيط وسط العاصمة دمشق!

يا لها من فاتورة باهظة التكاليف حينما يصر فيها نظام الحكم على الإنكار الكامل بوجود مجازر ويقوم باختراع تمثيلية انتخابات برلمانية لن يذهب إليها أحد!

قد تستطيع أن تكذب على بعض الناس بعض الوقت، لكنك بالتأكيد لن تستطيع أن تكذب على كل الناس طوال الوقت.

هل يتخيل النظام في سوريا أن شهداء حماه وحمص وجسر الشغور وإدلب وبابا عمرو وريف دمشق، سوف يذهبون للتصويت؟!

لك الله يا سوريا

=====================

عنان.. وأدعياء الديمقراطية الكاذبة في سورية

خالد هنداوي

6-مايو 2012

الشرق

كم هي الأسئلة الواضحة في هذا العصر الذي نزعم أنه عصر الرقي الحضاري والتقدم الفكري والارتقاء الأخلاقي وعصر السلام وصيانة حقوق الإنسان، حيث يتبين لنا الفرق الشاسع بين القول والفعل وبين الحقيقة والدعوى دون بينات على حد قول الشاعر:

والدعاوى ما لم تقيموا عليها

بينات أبناؤها أدعياء

ولعل المشهد السوري بكل تناقضاته خير دليل على ما نقول اليوم، فعلى الصعيد المحلي الوطني الحكومي كم نسمع كلاما دون أي تحقيق لمقتضاه كمن يسمع جعجعة ولا يرى طحنا وما من خطاب تفوه به بشار الأسد رغم طول الحديث الممل ونفذ منه شيئاً يمكن أن يخفف من التوتر الذي خلقه هو ونظامه بل كان العكس بأن يتفاقم الاحتجاج كثيراً بعده وقس على ذلك كل قول أو تحرك تقوم به حكومة الأسد لأنها نسخة من طبعته المزورة. وعلى الصعيد العربي والإقليمي فإننا لم نلمس أي جدية تذكر في التعاطي مع هذا النظام الإجرامي الحاقد الطائفي المراوغ بل إن كل التحركات التي نشأت ومازال بعضها يقوم على استحياء لم يوقف بوجه عملي مأساة القتل والمجزرة المستمرة التي فاقت كل تصور بشناعتها وبشاعتها وفظاعتها، إضافة إلى السجن والاختطاف والاعتداء على الشيوخ والأطفال والنساء والتهجير القسري للسكان داخل البلاد وخارجها بعدد زاد على المليونين، إضافة إلى منع صوت الحرية ورش المتظاهرين بالأسلحة الخفيفة والثقيلة وهكذا ذهبت وتذهب أقوال وقرارات الجامعة العربية هباء، حيث تفرغ من مضمونها ولا يبقى إلا بعض الدول التي مازالت تدأب بإخلاص للوصول بالشعب السوري إلى بعض أهدافه دعما ومساندة كالسعودية وقطر والكويت ومع ذلك فتحركاتها لم تصل إلى الخطوات الكافية، فالكارثة جسيمة ولابد من الاستدراك وإدراك ضرورة الاستعجال بإغاثة الثوار الذين يدافعون عن العروبة والإسلام والحق المنشود من أي طيف ويقفون جسورا أمام المد الشعوبي المعادي لتراثنا العظيم وحضارتنا المتألقة.

أما على الصعيد الدولي فمنذ الفيتو المزدوج من روسيا والصين وتداخل التناقضات وسباق المصالح واستعمال النفاق السياسي في مجلس الأمن ناهيك عما يتم من صفقات سرية بين تلك الدول تظهر بالعلامات والقرائن والحقائق أن الغرب والشرق متفقان على إطالة الأزمة السورية وأنه لا قيمة للدماء الطاهرة أمام ما يجري بين تلك الدول في سوق المنافع وأن التصريحات التي كررها أوباما أو ساركوزي أو وزراء خارجية الدول الأوروبية لصالح الشعب السوري وإجراء العقوبات ضد النظام، بل واجتماع أصدقاء سورية بهذه الكثافة من الدول لم تجد نفعا للضحية الذي مازال عداد الموت شغالا ضده من قبل الجلاد الظالم، ونكرر بكل سخرية إن هذا ما يحدث في زمن الادعاء بالحفاظ على حقوق الإنسان وزمن الديمقراطية، وعند البحث عن الحقيقة ومرمى ومغزى التحرك يظهر التسيب في الموقف والكل ينسى ما قاله في الليل، حيث يمحوه النهار، ولكن لإحكام الحيلة والضحك علينا نحن العرب والمسلمين جاؤونا بخطة مبادرة عنان التي وقفت خطأ منذ بداياتها عندما صرح عنان بأن النظام مخطئ وكذا المعارضة لأن كليهما قد استخدم العنف حيث لم يفرق بين المجرم والمدافع عن حقه ضد الجلاد وحلفائه كروسيا والصين وإيران وحزب الله وعراق المالكي الذين يزودون هذا المجرم بالأسلحة الفتاكة فأين وجه المقارنة؟

ولذا نقول إن عنان سيعود خائبا وقد أخفقت خطته حيث لم ينفذ من نقاطها الست شيء فأين إيقاف العنف وأين سحب الأسلحة الثقيلة من المدن والأحياء وأين حق التظاهر السلمي وأين الإفراج عن المعتقلين وأين حرية الإعلام وأين السماح بالمعونات الإنسانية وإدخالها إلى سورية وأين وأين، وهكذا تورد الإبل يا عنان بل يا أيها المجتمع الدولي الغربي الذي كلف عنان بذلك تغطية على فشله أن يعمل شيئاً حقيقياً للشعب السوري أو عمل هذا بخطة المؤامرة لإضعاف سورية كاملا والانقضاض عليها بعد ذلك لتقاسم ما يمكن من أي حصة معنوية بسبب الموقع والمميزات أو مادية تخص أي دولة، ثم إن هذا كله في جانب وأما في الجانب الآخر فالتوافق الدولي العلني والسري وقد دلت عليه عشرات الدلائل لإرضاء إسرائيل بإبقاء النظام السوري وبشار وعصابته فهم خير حافظ لأمنها من أي بديل يأتي بعد ذلك سواء كان إسلاميا أو علمانيا، وهكذا فالمحصلة نفاق دولي وتآمر بات مكشوفا وذلك باعطاء الفرصة تلو الفرصة لهذا النظام الخائب كي يستمر لأنهم لن يروا أكثر منه وفاء لهم من حيث الحقيقة والنتيجة أما الشعارات والمظاهر فدعك منها فقد كشفت جميع الأقنعة وذاب الثلج وبان المرج، ولا شك أبدا أن ما يقدمه النظام السوري والعصابة المتآمرة على الوطن قد بات هو المرجح والرابح في الحلبة وأن الدم السوري الثائر إنما أريد ويراد له أن يبقى أكثر رخصا من الماء لأنه ليس الدم المتآمر من جهة وليس دم بني صهيون ومن يدعمهم شرقا وغربا.

ولذا فإن كوفي عنان هو الناطق الرسمي باسم المتآمرين من حيث النهاية وهل ننسى صمته المطبق إزاء ادعاءات التحالف الأمريكي البريطاني بوجود أسلحة دمار شامل في العراق وهو يعلم خلاف ذلك مما جعل العراق لقمة سائغة للغزاة ثم عمله لإقرار اتفاق عام 1996 بين العراق والأمم المتحدة لتنفيذ عملية النفط مقابل الغذاء، فالتهمت الشركات الكبرى نفط العراق.. ولا ننسى عمله مبعوثا خاصا لدى منظمة حلف شمال الأطلسي عقب توقيع اتفاق دايتون للسلام في البوسنة والهرسك عام 1995 حين بدا لدول الغرب تفوق كفة المسلمين في الحرب.

ولا شك أن مبادرة عنان اليوم وقد باركتها روسيا والصين وإيران هي داخلة بشكل أو بآخر في التسويفات وكسب الوقت لمزيد من قتل أهل السنة في سورية خصوصا ومع ذلك فقد أحسنا الظن سياسة وقلنا ربما نقبل بخطبته ولكننا اليوم في مقام التقويم وإذ نسمع المتحدث باسم عنان أن الخطة قائمة على المسار نقول: لا فقد ساوت بين الضحية والجلاد وتعاظم العنف والتفجير والقلق والهدم والحرق والاعتداء براً وجواً على الناس العزل بشهادة الأقمار الصناعية والمخلصين من المراقبين وهل يعقل أنه منذ أكثر من شهر لم يصل منهم إلا خمسون والبقية للثلاثمائة بعد أكثر من شهر ونصف الشهر في حين أرسل آلاف المراقبين في نزاع كوسوفا مع صربيا.

وهكذا فعلى الصعيد الدولي قول بلا فعل وتزوير والتفاف وعمل بالدم قراطية وليس بالديمقراطية كما يدعون، ولعل ما يوضح ذلك ما صرح به مساعد وزير الخارجية الأمريكي السابق ديفيد ماك السبت الماضي في حلقة للجزيرة بعد العاشرة ليلا مع المذيعة ليلى الشيخلي حيث ذكر ماك أن على المعارضة كذلك أن تعطي ضمانات للحفاظ على الأقلية العلوية والدرزية والمسيحيين جاهلا أو متجاهلا أن سورية في جميع عهودها لم يؤذ السنة فيها أياً من الأقليات وأن رئيس وزرائها كان الدكتور فارس الخوري وهو مسيحي وقد أسلم قبل موته وأن الجميع كانوا ومازالوا يتعايشون بسلام إلا هذا الحكم الطائفي البغيض منذ حافظ الأسد الذي ولغ في السنة ظلما أقول له هذا ما يتوافق مع تصريح لافروف وزير الخارجية الروسي حين تخوف من صعود الإسلاميين في سورية المستقبل ثم صرح بخوفه من صعود السنة مع أنهم هم الأكثرية التي مازالت تذوق أصناف العذاب وهذا ما يتطلب مقالا خاصا لنقد هذه الديمقراطية التي يدعونها زورا وبهتانا دون خجل.

======================

الثورة تحت شرفة القصر

غازي دحمان *

Mon, 07 مايو 2012

الحياة

يجهّز النظام السوري، بالتعاون مع حلفائه الإقليميين، منظومة متكاملة من البلاغات والبيانات، التي تشبه البيان الرقم واحد في عصر الانقلابات، وذلك في محاولة التفافية على حقيقة الأوضاع في سورية، بقصد إنتاج حقيقة خاصة به، واعتبارها أساساً للتفاوض مع المجتمع الدولي، ومن خلفه السوريون الثائرون عليه.

مفاد هذه الحقيقة سيطرة النظام على الوضع وانتهاء الأمر لمصلحته، وأن قضايا من نوع تنحي رأس النظام أو إسقاط النظام برمته، أصبحت وراءه، وما على الآخرين سوى أن يبحثوا عن مخرج «لحفظ ماء الوجه» على اعتبار أن النظام قد قضى على الثورة وانتهى الأمر إلى غير رجعة، وأن النظام، فوق هذا، خرج أقوى مما كان وعلى الآخرين أن يتحسسوا رؤوسهم!

وقد تم تدشين هذه المنظومة والإعلان عن بدء العمل بها عقب زيارة رأس النظام إلى بابا عمرو، ثم تبعته تصريحات حسن نصرالله عن سيطرة النظام على الوضع، وتأكيد الناطق باسم الخارجية السورية بأن معركة إسقاط الدولة قد انتهت! لتكمله بعد ذلك تصريحات كل من المالكي ولافروف، ما يؤكد صدور أمر عمليات واحد لكل هذه الأطراف.

وفي الحقيقة لا يعدو هذا النمط من البروباغندا السياسية كونه نوعاً من استراتيجية القفز إلى الأمام، المقصود بها إغراق الطرف الآخر في حالة من الإحباط، والإيهام بأن الأمور على الارض آلت لمصلحة النظام. والواضح أن جلاوزة النظام وكهنته قد بنوا هذه الرواية بناءً على قراءتهم للواقع الدولي، وحالة العجز الكبيرة التي يصدر عنها هذا الواقع في معالجته الأزمة السورية، وليس بناءً على وقائع الميدان في سورية والتي هي في اتجاه مختلف تماماً.

لم يلمس الواقفون على الأرض السورية أي تغيير من هذا القبيل، بل على العكس، ثمة معطيات باتت ثابتة تؤكد أن النظام يمر في أسوأ أحواله، وأن الثورة على رغم كل الجراح التي أصابتها نتيجة القتل والتدمير الممنهجين، باتت أكثر قدرة على التجذر والصمود وأشد اقتراباً من الأهداف التي رسمتها لنفسها. وإذا كان النظام يجعل من دخوله إلى بابا عمرو معياراً لانتصاره، فالحقيقة أن أحداً في سورية لم يتوقع أن يصمد هذا الحي أمام قوة غاشمة أكثر من ساعات معدودة. أما وقد صمد قرابة الشهر فذلك أعطى مؤشراً عكسياً لقوى الثورة، استفادت من تجربته، وهي تفتتح عشرات بابا عمرو في أنحاء سورية الأربعة.

إضافة إلى ذلك، فإن الجيش الحر بالنسبة للنظام بات أشبه بعدو شبحي قد يستنزف ذخائره وعتاده من دون أن يحقق انتصارات واضحة عليه لما يمتلكه من مرونة في التنظيم والحركة. ثم إن المكون العسكري في الثورة السورية هو مكون طارئ أفرزته حالة التمرد داخل الجيش نتيجة عصيان الأوامر القاضية بقتل المدنيين، ولم يكن في حساب الثورة أو من ضمن خياراتها، وقد عملت الثورة على تطوير قدراتها في مسارات ومسالك مختلفة، وأصبح الجيش الحر فيما بعد إضافة إلى قوة الثورة وليس ركيزتها الأساسية.

ترى أين الثورة التي انتهت في سورية، وما هي ملامح نهايتها، هل في إخلاء حمص وإدلب وحماة ودرعا من سكانها، هل هي في تكدس هؤلاء المهجرين في دمشق وحلب، ألا يدرك النظام أن الثورة بدأت تعيد صوغ نفسها بتنظيم أكبر، وأنها أضافت إلى محفزاتها قوة جديدة؟ ألم ير النظام أن الثورة صارت تحت شرفة قصر الرئاسة؟

* كاتب فلسطيني

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ