ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 25/04/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

النازحون إلى تركيا.. فرار من الجحيم إلى سجن الغربة

25 ألف لاجئ سوري في مخيمات أنطاكيا.. أحدها مخصص للضباط المنشقين * أبو جعفر العلوي يروي قصة فقدانه لزوجته وابنته.. ويقول: الأسد عار على العلويين

أنطاكيا: عمر الزبيدي 2012-04-24

الوطن السعودية

"الفارون من الجحيم"، عبارة تختصر كل ما يمكن أن يقال عن أوضاع اللاجئين السوريين في أنطاكيا. فمناطق الشمال السوري المتاخمة حدودها لدولة تركيا تعتبر من أكثر المناطق المتضررة من عمليات القتل البربرية التي يقوم بها نظام الأسد، وعمليات القصف المستمرة عليها، وهو ما خلف في نهاية المطاف حالة إنسانية جسدها 25 ألف نازح نجوا بأنفسهم من الموت بعد أن رأوه محققا في أقارب لهم.

الحكومة التركية تقوم ببناء مخيمات جديدة للاجئين السوريين على الحدود التركية السورية في منطقة هاتاي (لواء إسكندرونة) مع تزايد أعداد النازحين الفارين بأرواحهم من آلة قتل عشوائية استخدمها النظام الأسدي لقمع الاحتجاجات السلمية التي طالبت بخروجه من السلطة ووقف حالة الفساد المالي والقمع السياسي والعمالة لإيران وروسيا، ليقدر حاليا عدد اللاجئين في الداخل والخارج بأكثر من مليون نازح.

ومع غياب ردود فعل المجتمع الدولي الحازمة لمواجهة عملية القمع التي شارك فيها الجيش النظامي والقوات الأمنية وعناصر المرتزقة الشبيحة (هم خليط من المهربين والمجرمين الذين يستخدمون كمرافقين وعناصر قوات خاصة لعائلة الأسد)، توسعت عمليات كتائب الأسد لتشمل كل المدن والبلدات السورية بلا استثناء، مما تسبب في موجات نزوح المدنيين هربا من هذه العمليات العسكرية داخل بلدهم التي لم تكن تميز في قصفها بين مؤيد أو معارض مما زاد من حالة السخط ضد النظام.

وشملت الهجرة ثلاث دول رئيسية هي: لبنان والأردن وتركيا. وتوجد حاليا سبع مخيمات في منطقة هاتاي جنوب تركيا تضم أكثر من 25 ألف لاجئ سوري بينها مخيم خصص للضباط المنشقين (يضم سبعة ضباط برتبة لواء)، ومن المتوقع افتتاح مخيم جديد في منطقة كيليس الحدودية بالقرب من مخيم كيليس الذي يعاني من ازدحام ساكنيه، كما تقرر بناء مخيم جديد آخر ضخم يتسع لأكثر من 20 ألف شخص جنوب شرق تركيا للتعامل مع الازدياد الحاصل في أعداد النازحين التي تصل في بعض الأيام لنحو 700 نازح في اليوم الواحد.

ويجب الأخذ في الاعتبار أن هذا العدد هو لمن ينجحون في الوصول، من دون حساب من يقتلون بسبب ألغام تزرعها عناصر الجيش النظامي لمنع عمليات النزوح التي تحرج الحكومة السورية من جانب وتسمح للضباط الراغبين في الانشقاق بإرسال أسرهم لخارج سورية قبيل إعلان إنشقاقهم لحمايتهم من عمليات الانقتام التي يمارسها النظام، إضافة إلى أن عمليات قتل فوري واغتصاب تقوم بها مفارز الأمن والمراقبة التي انتشرت في تلك المناطق ونقاط التفتيش والدوريات منعت كثيرين من خوض هذه المغامرة خوفاً على حياة بناتهم وأبنائهم.

مخيم كيليس

دخلت "الوطن" المخيم الذي يحمل اسم إقليم كيليس التركي الواقع على الحدود بين البلدين، وكان الوقت ظهراً. خدعت الحراس وقلت لهم إنني هنا لأزور أهلي وقدمت لهم هوية شخص سوري من عناصر الجيش الحر، فيما تم تهريب الكاميرا بصعوبة مما اضطرني إلى قضاء الليلة في المخيم لئلا أكرر تجربة دخولي الصعبة، ومعايشة معاناة المقيمن في المخيم، وذلك بعد موافقة مسؤولي المخيم.

الدكتور عبدالحميد رئيس أحد اللجان الإغاثية السورية الذي يزور المخيم والذي سبق أن قابلته في إسطنبول، راح يحدثني ونحن نمشي بين المخيمات، عن وضع النازحين. وقال: "الأحداث التي شهدها الشمال السوري في إدلب وتفتناز وسراقب وسرمين وبنش وضواحي حلب وكل البلدات والمدن الأخرى، أجبرت الأهالي على النزوح القسري من تلك المدينة إلى القرى والبلدات المجاورة ومنهم من نزح إلى مخيمات اللاجئين في تركيا. وهنا لا يغيب عن تصورنا الحالة النفسية والاجتماعية لدى الأهالي من نساء وأطفال بشكل خاص وحالة الرعب والقلق التي مروا بها وهي في طريقهم إلى هنا، وحتى الآن بعض العائلات في ذلك اليوم نزحوا إلى بعض الحقول المجاورة لمدينة إدلب أي في كروم الزيتون وقضوا أياماً صعبة ملؤها الخوف والجوع والبرد والمرض وبخاصة الأطفال منهم والشيوخ والمصابين والمرضى". وأضاف: "أرسلنا معونات عينية لهذه العائلات مباشرة من بطانيات ومواد غذائية وبعض المواد الطبية اللازمة وذلك من خلال مساعدة عناصر من الجيش الحر"، مبيناً أن "اللجنة قامت بمساعدة الأهالي على النزوح وتأمين الطريق لهم واستقبالهم في الداخل والخارج".

الهروب من الموت

وفيما كنت أسير مع مرافقي الدكتور عبدالحميد، قابلت رجلاً يدفع عربة عليها طفل ومعه أطفال آخرون طلب عدم تصويره. ابتسمت له وصافحته وسألته عن قصته، فأجاب: "أنا أبو جعفر، علوي من أبي وأمي، أصلي من عين التينة وخدمت عسكرية في إدلب وبعد نهاية خدمتي عشت فيها مع أقارب لي واشتغلت فيها وتزوجت امرأة سنية أحببتها وأنجبت منها أولادي. أنا لا علاقة لي بالسياسة أو أي شيء، لكني أيدت الثورة ورفعت علماً على الدكانة التي كنت أعمل فيها". وأضاف: "في مارس حصل هجوم، كنا نشاهد الدبكة والشباب رفعوا أعلاماً ولافتات عليها مطالبهم بالعدالة والتغيير. أخبرنا عناصر الجيش الحر بتجمع لأرتال الدبابات آتية من الجنوب والغرب".

وتابع أبو جعفر: "توقعنا هجوماً خلال أيام لكننا في العصر سمعنا انفجارات وفجأة أصبحت في الساحة بالقرب من البيت، فركضت أنا وأولادي وصحت على زوجتي لتركض لكنها دخلت البيت لتوقظ ابنتنا الكبرى زهرة، فتقدم مني جندي من الجيش الحر وطلب مني أن أبتعد فأبلغته بأن زوجتي في البيت فأصر علي بالتوجه إلى أحد الأقبية فيما انطلق هو ليحضر عائلتي لكن انفجاراً وقع في المنبى فدمره. تركت أطفالي في الطريق وركضت لأجد جثة الشاب وقد سقط إلى بيت السلم من قوة الانفجار، حاولت الصعود فلم أنجح فيما تجمع العشرات لمساعدتي للوصول إلى عائلتي على الرغم من أن الانفجارات لم تتوقف، ووصلنا بعد ساعات إلى جثتيهما".

صمت جميع من في المكان فيما كان يبكي ودموعه تبلل لحيته، وقال: "قتل الجميع. والأسد العلوي، أصبح عاراً علينا وهو أصلا بلا دين ولا عقيدة، قاتل الأطفال لا يمكن أن يكون له دين. نحن العلويين وقفنا ضده وضد الظلم الذي لحق بالكل. أريد أن أؤمن أولادي وأرجع لأشارك في سرية الطائفة العلوية في الجيش الحر في إدلب في جبل الزاوية مع النقيب صالح الصالح لنخلص من هذه الزبالة التي شوهت صورة الإسلام وصورة المذهب وصورة العروبة وصورة سورية".

المخيمات بعيون سورية

سلطان أبو مالك روى ما حصل معه، فقال "سأعطيك ما حصل معي مكتوباً على ألا تحذف منه شيئاً". وافقت فأخرج وريقات من جيبه وأعطاها لي، وكتب فيها: "أتت الأخبار أن الجيش قادم فأصابنا الذعر، لأن ما سمعناه عن الجيش وأفعاله حين اقتحم مدينة درعا، قالوا لنا لم يسلم أحد، ولم يفرق بين متظاهر ومتقاعس لم يسلم منه طفل أو امرأة أو كهل، جمعنا بعض حوائجنا سمعنا أصوات أعيرة نارية، قالوا لنا إن الجيش وصل مشارف القرية خرجنا مسرعين ركبنا سيارة واتجهنا نحو الحدود، كانت المسافة قريبة. وصلنا إلى الحدود حيث أخذنا الأتراك إلى مخيم كبير ووزعونا على خيام حيث وضعوا عائلة في كل خيمة، كان في الخيمة إسفنجات من أجل النوم وبعض الأغطية كان الوقت متأخراً استلقينا منهكين من التعب". وتابع: "صحونا على صوت أحدهم ينادي إلى الطعام اصطف الناس في طابور من أجل الحصول على بعض الخبز وبعض قطع الجبن المغلف، أمضينا أياماً لا هم لنا سوى الوقوف في الطوابير.. طابور الطعام وطابور الحمام. لم تكن هناك خدمات تذكر، لم يكن هناك كهرباء في الخيام وكانت صنابير المياه بعيدة بعض الشيء فضلاً عن لونه الأصفر بل شاهدت عقب سيجارة ينزل من صنبور المياه حينها تيقنت أن الماء يأتينا من النهر المجاور".

أعقاب السجائر

وأضاف: "ضاق الناس ذرعا لم يبق معهم أية نقود، كان الناس يدخنون التبغ الملفوف وبعضهم كان يلتقط أعقاب السجائر الملقاة وأقسم على ذلك، لم يسمحوا للإعلام بالاقتراب ولم يسمحوا لنا بالخروج من المخيم حيث كان هناك أناس يصطادون بالماء العكر كانوا يتسللون إلى خارج المخيم ويأتون ببعض الحاجيات كانوا يبيعونها بعشرة أضعاف، مضى على وجودنا أشهر لم نتذوق فيها طعم اللحم كان طعامهم لا يؤكل وخبزهم لا يشبه خبزنا، وعدونا بتحسين الأحوال لكنه كان مجرد كلام في كلام".

ويواصل سلطان روايته المكتوبة: "وزعوا علينا خمس ليرات تركية لكل فرد، كان يوما عظيما اشترينا البندورة والبصل لم يكن عندنا زيت أكلنا بندورة وخبز وبصل تحررنا من أكل المخيم. وبعد ذلك قرروا السماح لشخصين معينين بالخروج من المخيم وجلب الحاجيات حيث كان سعر ليتر الزيت بتسع ليرات تركية. أتى شهر رمضان كان الجو حارا جدا لم يكن هناك ماء بارد، وصلتنا مساعدات كانت عبارة عن سيارة من البطيخ الأحمر حيث حصلت كل عائلة على بطيخة واحدة كانت عبارة عن كنز ثمين، قضينا ذلك الشهر الكريم كأنه سنةً وليس شهراً".

وأضاف: "أتى العيد لم يكن عيدا كانت دموع النساء تنهمر بغزارة أمسك الرجال أنفسهم بل كنت تشاهد أحدهم وتسمع أحدهم يتكلم بالهاتف ودموعه تنهمر، انقضى ذلك اليوم لكن القادم لم يكن أفضل، فقد بدأ الصيف بالرحيل وأخذ معه الحر والحشرات من ذباب وبعوض وحتى أفاعي كانت تدخل الخيام حيث تم قتل أكثر من ثلاثة أفاع داخل الخيام. عاد الكثير من الناس إلى سورية لم يستطيعوا الصمود، دخل الشتاء وانهمر المطر ودخلت الأمطار إلى الخيام وأصبح الوحل عقبة كبيرة أمام الناس. أتى الأمر بمد الخيام بالكهرباء حيث استغرق الأمر بعض الأسابيع ووزعوا النايلون على الخيام، كانت الكهرباء تُقطع كل يوم عدة مرات وأصبح الطقس باردا وأعطوا لكل خيمة مدفأة كهربائية حيث كانوا ينادون كل يوم عبر مكبرات الصوت أشعلوا شمعة واحدة الكهرباء لا تحتمل".

زادت غربتي نهاراً

وزاد: "قضينا معظم أيام الشتاء بدون كهرباء أجروا لها عدة تعديلات، هطلت الثلوج في إحدى الأمسيات مما أدى إلى تهدم الخيام فوق ساكنيها ذعر الناس وقضوا ليلة في العراء، اشتدت الأزمة في سورية قتل واعتقال، هرب الناس وعادوا أدراجهم إلى تركيا دخلوا المخيم من جديد لم يكن هناك خيام استقبل الناس أقاربهم. أصبح في الخيمة الواحدة أكثر من عشرة أشخاص، أما الذي يعيشون في الأبنية فكانت حالتهم يرثى لها كان يفصل بين الناس جدار من النايلون حيث إذا أراد أحدهم أن يسند ظهره يصبح في خيمة جاره، كان كل شيء مسموعا بين الجيران".

وختم سلطان روايته قائلاً: "حياة لا تطاق، فقر وحر وبرد وأقسى من ذلك ما نشاهده على التلفاز من قتل وتدمير واغتصاب وإذلال، أصبحنا في وضع لا نستطيع معه العودة.. قتل أبنائنا وأنفسنا ولا البقاء في هذا العذاب". وكتب في آخر الورقة "غاب نهار آخر... غربتي زادت نهاراً".

=================

رفع أعداد المراقبين في سوريا إلى ثلاثمائة مراقب!!

بعد رحلات مكوكية بشَّرَ كوفي عنان الشعب السوري بزيادة أعداد المراقبين إلى ثلاثمائة، إنه ذلك الجمل الذي تمخض فولد بعوضة

د. سلطان عبد العزيز العنقري

الثلاثاء 24/04/2012

المدينة

مجلس الأمن أصبح أضحوكة بل مهزلة. ففي قراره الأخير قرَّر رفع عدد المراقبين الدوليين إلى ثلاثمائة بدلاً من ثلاثين، أي أنهم فكّروا واستغرقوا في التفكير في مجلس الأمن ثم بعد عصف ذهني متأنِ وصلوا إلى نتيجة مفادها أن أفضل السبل لإيقاف نظام إرهابي عند حده هو أن يرفعوا سقف المراقبين، ثم بعملية حسابية استغرقت مداولاتها الساعات الطويلة ضربوهم بعشرة ليصبحوا ثلاثمائة مراقب بالتمام والكمال، ونحن لا نعرف ما الفرق بين ثلاثين أو ثلاثمائة؟! فليس هناك فرقاً طالما أنّ روسيا والصين بالمرصاد لشعب أعزل تُداس كرامته من قِبَل نظام قمعي فاشي يختبئ وراء دول ديكتاتورية قمعية مثله.

المراقبون الدوليون، أصحاب القبعات الزرقاء، أصبحوا هدفاً يُطلق عليهم الرصاص من قبل شبيحة النظام السوري وهم في الشوارع، بل إن من أتوا لكي يحموهم أصبحوا للمراقبين دروعًا بشرية. والسؤال الذي يطرح نفسه: ماذا سوف يضيف هؤلاء المراقبون لشعب يُذبح كالخراف؟! الإجابة عند مبعوث جامعة الدول العربية والأمم المتحدة السيد «كوفي عنان».

بالفعل لأول مرة في تاريخ مجلس الأمن يكون هناك توافقاً على عدم فعل أي شيء للشعب السوري من قِبَل الخمسة أعضاء الدائمين بل النائمين والذين يغطون في سبات عميق في مجلس الأمن عن الشعب السوري فقط!!

بالأمس القريب نظام بعث بربري وبكل تبجح واستهتار يطلب أسماء المراقبين الدوليين لاعتمادهم وكأنهم سوف يقدمون أوراق اعتمادهم كسفراء لدى النظام؟! ثم تأتي روسيا الأم الحنون لإسرائيل وسوريا وإيران لكي تطلب عدم زيادة المراقبين عن ثلاثين، وكأن همّ الشعب السوري المراقبون الذين لا حول لهم ولا قوة طالما أن من يُوصلهم إلى الأماكن الراقية للمراقبة، هُم سائقو عصابات حزب البعث المترفون الذين يسكنون القصور والفلل الراقية. الشعب السوري لا يريد مراقبين دوليين.. يريدون سلاحًا يدافعون به عن أنفسهم ضد آلة الحرب والدمار والقتل والإبادة الروسية السورية التي تأكل الرطب واليابس. الشعب السوري لا يريد خبزًا ولا سمنًا ولا بصلاً بل يريد تسليحًا لجيشه الحر لكي على الأقل يحد من مجازر النظام وحمامات الدم التي تُراق كل ساعة في سوريا. الشعب السوري يريد حريته واستعادة كرامته يا سيد كوفي عنان. الشعب السوري يريد أن يحكم نفسه بنفسه دون تدخلات روسية أو صينية أو إيرانية أو حزب الله في لبنان. ونحن نأمل من دول الجوار كتركيا والأردن تمرير السلاح للجيش الحر، لأننا نعرف سلفًا أن العراق بوجود نوري المالكي لن يُمرِّر بأجواء العراق إلا طائرات إيرانية محملة بالأسلحة للنظام السوري، ولن يُمرِّر على الأرض إلا عصابات وشبيحة ما يسمى بفيلق القدس الإيراني وعصابات مقتدى الصدر. ونحن نعرف كذلك أن حكومة حزب الله في لبنان لن تمرر إلا شبيحة الحرس الثوري الإيراني والباسيج وعناصر حزب الله واستخبارات إيران التي تتفنن في تعذيب المواطنين السوريين الذين يرفضون نظامًا قمعيًا مثل نظام الآيات والملالي في إيران. الشعب السوري احتضن الشعب العراقي أثناء الاحتلال الأمريكي للعراق ومازال الكثير منهم يعيشون بين الشعب السوري، والشعب السوري أيضًا احتضن الشعب اللبناني الهارب من جحيم الطائرات الإسرائيلية التي تمطره ليل نهار بوابل من القذائف ذات الزنات الثقيلة التي لديها قوة تدميرية لمساحات كبيرة عندما جرّ حزب الله المنطقة إلى حرب مع إسرائيل بتصرفات طائشة غير محسوبة عواقبها من زعيم حزبه السيد نصر الله، ولولا جهود دول مجلس التعاون الخليجي لأصبح حزب الله أثرًا بعد عين، ثم يُكافأ الهاربون من جحيم النظام السوري بتسليمهم لشبيحة النظام!!. أما من تمكن من الهرب خوفًا من عناصر حزب الله فإنهم يعيشون في صنادق وعشش لا تليق حتى بالحيوانات. إذًا كوفي عنان يزف بشرى للشعب السوري بزيادة أعداد المراقبين إلى ثلاثمائة رجل بعد رحلات مكوكية مضنية لروسيا والصين وغيرها، إنه بالفعل ذلك الجمل الذي تمخض فولد بعوضة.

=================

العنف ومصير الأسد

الوطن القطرية

التاريخ: 24 أبريل 2012

توهم النظام السوري أن بمقدوره استعماء المراقبين والتذاكي على المجتمع الدولي، ليواصل العنف من وراء الظهور، هو في واقع الأمر الوجة الآخر للأمية السياسية التي يعانيها، ودلالة على فشله في قراءة الخريطة السياسية من حوله وفي العالم، وكأنه مصر على الإقدام على انتحار سياسي حقيقي، ذلك لأن كل المعادلات القديمة التي يفسر من خلالها الأحداث قد عفا عليها الزمن.

وأقل ما يمكن قوله في إصرار النظام على القتل والعنف، ان كل توالي خطة عنان والتي تقضي بحوار مع المعارضة، لن يكون لها - على الإطلاق - محل من الإعراب، وأن مصير هذه الخطة محكوم عليه بالفشل قبل أن يكتمل عدد بعثة المراقبين، ومغبة ذلك ستكون شديدة الوطأة، لأنها ستنحي كل الجهود الدبلوماسية جانبا، وتفسح مجالا للعمل العسكري، بكل ما سيكون لذلك من تداعيات خطيرة.

وفي واقع الأمر أن يستنجد السوريون في عاصمة الثورة «حمص» ومدن الانتفاضة بالمراقبين، مطالبين إياهم بالبقاء في المدينة حتى لا يعاود النظام بطشه فور مغادرتهم، يقدم لنا دلالة واضحة على انعدام ثقة أهل هذه المدن في النظام الذي لا بد أنه يضمر لهم عداء شديدا، ومن ذلك يكون بشار قد فكك العلاقة العضوية والصحية بين الجيش والشعب، ووضع الطرفين عدوا لدودا للآخر، في ظاهرة ترسم خطوطا حمراء في تكوين وبناء المجتمع السوري، وكنتاج لرعونة النظام وسوء إدارته للمسألة منذ البداية، ومنذ أن تعالت الأصوات الصادقة تدعوه بالكف عن العنف بينما مازال النظام حتى اللحظة له أذن من طين وأخرى من عجين، في تغاب لا يفتقر للدلالة، وفي حنث واضح بالعهود، وهو ما يرسم به لنفسه سوء المصير والعاقبة.

=================

المجتمع الدولي وشريعة الغاب

تاريخ النشر: الثلاثاء 24 أبريل 2012

د. طيب تيزيني

الاتحاد

تزداد الأزمة السورية اضطراباً مع كل مبادرة جديدة يتم تقديمها حلاً لها، بدلاً من الإسهام في محاصرتها وتقليصها، ومع تكرار ذلك، راح الأمر يبدو هزْلاًً ملطًّخاً بلون أحمر دموي. وتتالى المبادرات التي تشترك في كونها تدعو إلى إيقاف الموت واجتراح حل يقوم على السلم ولجم القتل، ليأتي الجواب ملوثاً بدم بشري جديد. وقد يفكر المرء أمام هذا المشهد المريع أن هنالك انقلاباً جذرياً يحدث في التاريخ البشري بصيغة العودة إلى مرحلة البربرية، ضمن النسق السوري ومن يتحالف معه. ولعلنا نعبِّر عن ذلك بمصطلح الظلامية ربما في شكلها الأكثر بشاعة.

والملفت الطريف في ذلك، إضافة إلى ما يدعو إلى الاستفزاز، أنه كلما اتسعت الضربات العسكرية وتعاظمت، يظهر على شاشات التلفاز مَنْ يؤكد على أن "المؤامرة الكونية" ضد قوى الممانعة في سوريا، تقترب مِن نهايتها السعيدة، وهي فشلها وتفكك قواها الفاعلة. وفي هذه الحال، يتضح -حسب الخطاب الأمني العسكري السوري- أن الأمر كلما ازداد عنفاً ومأساوية، ازداد سعادة على الشعب في الداخل، وهذا يمثل مفارقة صاخبة. إذ على الطرف الآخر،...... تتسع دائرة الخطاب الذي يقدمه حليف أو آخر (روسيا أو الصين) باتجاه التأكيد على أن العنف الذي يمارسه أقطاب "المؤامرة الخارجية" على سوريا، يُواجَه بعنف من النظام في سبيل تحقيق "انتصار الشعب" على قوى العدوان الخارجي والداخلي.

بيد أن النظر إلى المسألة من موقع الحقيقة التاريخية المشخصة يُرى عكس ما يقدمه النظام: إن التحرك في الداخل السوري أمر طبيعي، بل فضيلة على طريق الإجابة على أسئلة متراكمة ومعلقة في الداخل السوري حول التطور والتحديث الديمقراطي. وهذا ما يتنكّر له النظام، لأنه يرى في ذلك إنهاءً لمرحلة الفساد والإفساد عبر التشديد على استئثار النظام بالسلطة والثروة والإعلام ومرجعية البلد السياسية الاجتماعية.

ويهمنا من ذلك أن دور المجتمع الدولي السياسي والدبلوماسي والأخلاقي وغير ذلك، يمكن أن يوضع في غير مكانه ضمن مؤسسات دولية أنشئت بهدف المساعدة على الحفاظ على منظومة القوانين الدولية الرئيسية وضمن حالة من ديمومة السلم العالمي والسلم الأهلي في البلدان المتعددة. ومن أجل ذلك، صدر عام 1948 ما اعتُبر "بياناً لحقوق الإنسان" من قِبل منظمة الأمم المتحدة. وقد وَضِعت منظومة القوانين الضابطة لهذه المنظمة على أساس مطلب تحقيق العدل بين دول العالم وبهدف تسوية المشكلات والظلم والصراعات، بالكيفية الأقرب إلى تحقيق العدالة والمساواة بين الجميع.

وقد جاء مفهوم التصويت بالأكثرية أساسياً، ولكن مفهوم "الاعتراض - الفيتو"، ابتلع ذلك المفهوم الأول، بحيث حقَّ للمعترض من قِبل واحد من الأعضاء الأساسيين أن "يخربط" العملية بكاملها، وذلك بإيقاف دور "الأكثرية"، الذي ربما كان أقرب إلى التوازن والعدل، وإيقاف النظر إلى "صوت الفيتو الواحد" على أنه هو الحلقة الحاسمة لكل مجريات المسألة المعروضة على التصويت. وما يثير النظر القانوني والأخلاقي الإنساني في ذلك النظر أنه يفرّط بالعدل وبالموقف الأخلاقي لصالح "سَسْتَمةٍ" قانونية دولية لا يمكن ائتمانها على هذين العاملين الأخيرين.

المنظمة العالمية، التي أنشئت بعيد الحرب العالمية الثانية لضبط العلاقات الدولية، تدلل الآن في موقفها مما يحدث في سوريا وربما في بلدان أخرى، على أن أمراً مهماً تفتقده، ويتمثل في القدرة على الحيلولة دون ولادة نمط من السيادية السياسية والقانونية والأخلاقية يقف في وجه من يعمل على إسقاط النمط المتخشّب من الرؤية إلى الأمور الدولية في سبيل وضع شعب أو آخر على حدّ السيف بهدف الثأر منه ومن دمائه الزكية المستباحة.

=================

القوات الدولية لم تمنع اعتداءات إسرائيل ... هل يستطيع المراقبون وقف النار في سوريا؟

اميل خوري

2012-04-24

النهار

تساءل وزير سابق للخارجية اللبنانية كيف لمراقبين دوليين غير مسلحين حتى وان بلغ عددهم المئات أن يتوصلوا الى فرض وقف لاطلاق النار في سوريا وفي الجنوب اللبناني قوات دولية مسلحة بالآلاف لم تستطع منع اسرائيل من اجتياحه غير مرة حتى وصلت الى العاصمة بيروت، ولم تستطع منع انطلاق العمليات الفدائية من الجنوب ضد اسرائيل، ولا معرفة من يطلق الصواريخ في اتجاه اسرائيل ولا من يزرع العبوات الناسفة التي تستهدف الدوريات، وان هي عرفت فإنها تبقى طي الكتمان؟

واضاف: أليس معنى ذلك ان المطلوب هو عدم الحسم لتبقى النار تحت الرماد، فلا هدوء في الضفة الغربية وقطاع غزة، وكلما استؤنفت المفاوضات بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية تظل تدور في حلقة مفرغة، واذا وضعت شروط متبادلة تبقى هذه المفاوضات مجمدة كما هو حاصل حاليا. فالسلطة الفلسطينية ترفض العودة الى المفاوضات ما لم يتوقف بناء المستوطنات، واسرائيل توافق على هذه العودة ولكن من دون شروط مسبقة... وهكذا استمر النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني الى أجل غير معروف، وفي الجنوب اللبناني لا الجامعة العربية توصلت الى حل يعيد الهدوء الدائم اليه ولا قرارات مجلس الأمن على كثرتها استطاعت ذلك، حتى أن القرار المهم الرقم 1701 ظل من دون تنفيذ باستثناء ما يتعلق بالبند الذي يدعو الى نشر مزيد من القوات الدولية ومزيد من الجيش اللبناني، والبند الآخر الذي يدعو الى وقف العمليات العسكرية من دون التمكن حتى بعد مرور سنوات على صدور هذا القرار من الانتقال الى وقف اطلاق النار.

وهكذا ظل الوضع الامني في الجنوب هشاً لأن امداد "حزب الله" بالسلاح لم يتوقف من ايران مروراً بسوريا، ولا الدولة اللبنانية القوية قامت كي تستطيع ضبط حدودها، وباتت تعيش مع اسرائيل حالة حروب حينا وهدنات حيناً آخر مدى سنوات.

ويخشى ان يصبح الوضع في سوريا كذلك في ظل مراقبين عاجزين عن جعل اطلاق النار يتوقف مهما بلغ عددهم لكي يستمر القتال بين النظام وخصومه ويسقط قتلى وجرحى كل يوم بالعشرات وأحياناً بالمئات. واستمرار القتال من دون تدخل قوى فاعلة توقفه وتحسمه قد يجعل الوضع في سوريا "يتلبنن" ويتحول فتنة داخلية تستمر الى ان يتعب جميع الاطراف فيأتي هذا التعب عندئذ بالحل مفروضاً وان مرفوضاً كما فرض على اللبنانيين حل الطائف. واذا لم "يتلبنن" الوضع في سوريا فانه قد "يتعرقن" فتسود الفوضى التي يبدو أنها مرشحة لتسود دولاً عربية قامت فيها ثورات لم يزهر ربيعها حتى الآن ويخشى أن يتحول خريفاً اذا ظلت الثورة تعيش حالة ثورات فيصبح عودها يابساً والعود اليابس لا يزهر... في مصر لم يتفقوا حتى الآن على حكم بديل من الحكم السابق، ويدور صراع بين الاسلاميين والعلمانيين والليبراليين على ذلك قد لا ينتهي ولا تقوم دولة قوية يكون لها دورها في السلم وفي الحرب. وفي ليبيا يتعرض الوضع فيها لما هو أخطر وهو محاولة التقسيم، وفي تونس تم التوصل الى تسوية متوازنة بين القوى السياسية والحزبية لكنها موقتة ولا احد يعرف الى متى تدوم. وفي اليمن لم يرس الحل الذي تم التوصل اليه بعد جهد جهيد الاستقرار وبات يخشى أن يعود اليمن يمنين كما السودان الذي كان يؤمل أن يسوده الهدوء والاستقرار بعدما اصبح سودانين واذ بالصراع على النفط يقرب خطر الحرب بينهما.

والسؤال المثير للقلق هو: سوريا الى أين؟ وهل يذهب لبنان الى حيث تذهب اذا ظل الخطاب السياسي متوتراً والانقسام المذهبي حاداً ولا كلام الا كلام التخوين والشتائم، ولا لقاء الى طاولة حوار حتى لمجرد الحوار لأن في البعد والتباعد قطيعة وجفاء؟

أما اسرائيل فهي وحدها المستفيدة من الثورات العربية حتى الآن اذا لم تهدأ، خصوصا اذا جعلت الفوضى هي التي تسود، والفوضى لا تنتهي الا بتفكيك دول المنطقة وتقسيمها، ويصبح قيام "الدولة اليهودية" أمراً طبيعياً عند قيام مثيلاتها في المنطقة، فهل هذه هي نتائج الثورات العربية، لا سمح الله، باسم الحرية والديموقراطية؟..

=================

سوريا .. مُهل على وقع القتل

رأي الدستور

الدستور

24-4-2012

ما يجري في سوريا الشقيقة يشي بأن القطر الشقيق قد دخل الحرب الأهلية فعلاً، والتي لا أحد يعرف متى أو كيف ستنتهي؟

وما تداعياتها الخطيرة على الشعب الشقيق والمنطقة بأسرها؟..

ولكنها حتماً تنذر بتقسيم القطر الشقيق لدويلات متناحرة متقاتلة، بعد فتح الباب على مصراعيه للتدخلات الدولية، والتي بدأت فعلاً منذ أن دخلت الأزمة مرحلة الاستعصاء.

إن النظام السوري يتحمل مسؤولية ما جرى وما يجري في الدرجة الأولى، بعد أن قرر الاحتكام للسلاح والحلول الأمنية، ولم يستفد مطلقاً من تجارب الربيع العربي في مصر وتونس واليمن وليبيا..الخ.

ولم يستوعب أو يأخذ في الحسبان، نتائج فشل الحلول العسكرية وتداعياتها الخطيرة، والمتمثلة بجر المعارضة لحمل السلاح، ما يعني إطلاق شياطين الحرب الأهلية، وهذا ما حدث - مع الأسف الشديد - رغم التحذيرات الكثيرة من خطورة هذا النهج، وخطورة الوقوع في مستنقع الحرب الأهلية، والذي يهدد مصير الدولة نفسها، وليس نظام الحكم فحسب.

لقد فقد النظام مصداقيته، في ظل مناوراته لكسب الوقت والالتفاف على المبادرات العربية والدولية.. بدءاً من مبادرة الجامعة العربية، والتي تنص على انسحاب القوات المسلحة من المدن، والحوار مع المعارضة للوصول لوفاق وطني.. يفضي إلى دولة مدنية حديثة، تقوم على تداول السلطة، الى بعثة المراقبين العرب، ثم أخيراً مبادرة الأمم المتحدة والجامعة العربية، التي يقودها الأمين السابق للأمم المتحدة كوفي عنان، والذي لم ينجح حتى الآن بتثبيت الهدنة الهشة.. تدل كافة المؤشرات على ان مصيرها لن يكون أفضل من سابقتها، وقد استغلها النظام لممارسة المزيد من القمع والتنكيل.

إن ما يجري مؤلم جداً، ويهدد مصير قطر شقيق، بخاصة أن المأساة مرشحة للاستمرار وقتاً طويلاً.. في ظل الانقسام العربي، وعدم جدية القوى الدولية، وغيابها عن الفعل لانشغالها بالانتخابات، ونقصد بالذات واشنطن وباريس.. كما ان “الناتو” غير قادر على التدخل، كما حدث في ليبيا الشقيقة.

إن هذه المعطيات تفرض على النظام والمعارضة معاً ان يلتزما بوقف اطلاق النار وسحب الجيش من المدن الى المعسكرات، وإطلاق حوار وطني جدي تحت سقف الجامعة العربية، يفضي لطي صفحة الماضي، صفحة الحزب الواحد، والدولة الشمولية الى الأبد، واقامة سوريا الحديثة، المرتكزة على الديمقراطية والتعددية الحقيقية، والانتخابات النزيهة، والعدالة والمساواة.. وتداول السلطة احتكاماً لصناديق الاقتراع.

مجمل القول : الشعب السوري الشقيق، هو الخاسر الوحيد، والمتضرر الأول من الحرب الأهلية التي تطحن سوريا: الوطن والشعب والدولة اليوم، ويتحمل المسؤولية الأولى النظام الذي رفض ان يستمع للشعب، ورفض أن يحترم خياراته في الديمقراطية والحرية وتداول السلطة.. فاحتكم لقوة السلاح والحلول الأمنية، والتف على المبادرات العربية والدولية، وهو ما أدى لحرب أهلية تشي بتدخلات دولية، تنذر بتفكيك الدولة، وإقامة كيانات متناحرة، ما يفرض على المعارضة والنظام التقاط الفرصة الأخيرة وتنفيذ المبادرة الدولية، قبل ان يغرقا ويغرقا الدولة كلها في مستنقع لا يخرجان منه أبداً.. والعاقل من اتعظ بغيره.

التاريخ : 24-04-2012

=================

المنطقة .. إلى أين؟!

صالح القلاب

الدستور

في إطار حالة الاستقطاب الطائفي ،المرعب فعلاً، التي باتت تعيشها المنطقة تأتي دعوة النائب الأول للرئيس الإيراني محمد رضا رحيمي ،لدى استقباله رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في طهران أمس الأول، لإتحاد «بشكل تام» بين إيران والعراق لتشكيل «قوة كبيرة على الصعيد العالمي» لتوضح كم أن هذا التراشق الكلامي ،والحرب أولها الكلام، المتبادل بين بغداد وأنقرة قد يدفع الإقليم كله إلى صراع مسلح إن هو حصل فإنه سيتحول إلى ما يشبه الحروب الصفوية - العثمانية التي شهدتها هذه المنطقة في فترة عدم استقرار معروفة.

لقد كان متوقعاً ألاّ تبقى حالة الاستقطاب الطائفي الشديد ،التي بات يعيشها العراق في إطار الصراع الذي احتدم بين المالكي وخصومه والذي اتخذ طابعاً مذهبياً وللأسف، محصورة في بلاد الرافدين وذلك لأن الدول المجاورة وفي مقدمتها تركيا قد شعرت بأن هناك عمليات تطهير فئوي تقف وراءها إيران التي دأبت على السعي للتمدد في هذه المنطقة في السنوات الأخيرة وقبل ذلك.

كان رئيس مجلس صيانة الدستور الإيراني أحمد جنتي ،الذي يعتبر أكبر العلماء في إيران والذي هو قاضي محكمة الثورة وإمام جامعة طهران «المؤقت»، قد أدلى قبل فترة بتصريحات طائفية استفزازية استهدف فيها مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية وكذلك فإن مرشد الثورة نفسه السيد علي خامنئي قد دأب على إطلاق تصريحات اعتبرت تدخلاً إيرانياً سافراً في الشؤون السورية الداخلية وأيضاً في الشؤون العراقية المتوترة جداً على خلفية مذهبية باتت تهدد بالعودة إلى حرب التفجيرات وعدم الاستقرار التي اكتوى بها هذا البلد في فترة سابقة.

وإن ما يجعل أن دعوة محمد رضا رحيمي إلى اتحاد بين العراق وإيران «بشكل تام» ولتشكيل «قوة كبيرة على الصعيد العالمي» تُفهم على أنها موجهة إلى تركيا أنها جاءت بينما التراشق بالتصريحات المتبادلة بين المالكي ورجب طيب أردوغان قد وصل ذروته وبينما صدى زيارة محمود أحمدي نجاد الاستفزازية إلى جزيرة «أبو موسى» الإماراتية لا يزال يتردد في دول هذه المنطقة كلها.

هناك الآن اصطفاف إيراني بالأسلحة وبالأموال وبالمقاتلين إلى جانب نظام بشار الأسد وهناك الآن تنشيط لعمليات حزب العمل الكردستاني ضد تركيا وهناك الآن أوضاع عراقية غير مستقرة بسبب تدخل إيران ،الذي تجاوز كل ما يمكن احتماله والقبول به، في شؤون العراق الداخلية وهناك توتر متصاعد في لبنان بتأثير الأزمة السورية المتفاقمة وبأبعادها المذهبية وكل هذا بات يدفع تركيا دفعاً إلى الشعور بالاستهداف والى تأكيد رجب طيب أردوغان على انه لن يسمح بإقحام العراقيين في أتون حرب أهلية طائفية إن هي انفجرت فإنها ستؤثر على بلده لا محالة.

وبهذا كله فإن هذه المنطقة غدت كمن يجلس فوق برميل محشوٍ بالألغام الشديدة الانفجار ولعل ما يزيد في احتمالات نشوب حرب إقليمية باتت كل عواملها متوفرة أن إيران تعتقد أن مثل هذه الحرب ستجنبها مواجهة قريبة بالنسبة لمشروعها النووي وإن بشار الأسد يستعد لمثل هذا الخيار إذا رأى أن أيامه باتت قليلة وان إسرائيل في مصلحتها أن يختلط الحابل بالنابل في المنطقة لتؤجل الاستحقاقات الفلسطينية الضاغطة عليها وأن روسيا مع المزيد من اختلاط الأوراق في هذه المنطقة لتعزز موقعها في معادلة موازين القوى العالمية.

=================

إشكاليات مهمة أنان.. معادلة جديدة في سورية

نور الحلبي

2012-04-23

القدس العربي

إن أهم ما وصفت به تلك المهمة بأنها المهلة الأخيرة والفرصة الذهبية التي تهديها واشنطن اليوم للنظام السوري ليخرج من الأزمة سلميا أو بالأحرى ليسقط سلميا، من أجل تجنيب البلاد حربا لا تشابه الصورة الليبية فحسب، بل تداعياتها ستكون أشد وأقسى على السوريين بسبب اختلاف الطبيعة الاستراتيجية للأراضي السورية والتركيبة الطائفية المتنوعة للشعب السوري.

تدرك الولايات المتحدة فشل تلك المهمة سلفا بسبب إدراكهم لعقلية النظام السوري السياسية وتركيبته الأمنية، وذلك لن يخفى طبعا على السياسة الأمريكية والخبرة العسكرية والمخابراتية الأمريكية بشكل خاص، بل ربما يدركون الوضع أكثر من السوريين أنفسهم بسبب حساسية المنطقة وأهميتها بالنسبة لهم والتي باتت معلومة للجميع، وهنا تطرح الكثير من التساؤلات والتحليلات عن سبب الاستمرار بتلك المهمة رغم الخروقات الجسيمة التي حدثت منذ بدأ الدخول في تنفيذ بنود المهمة من قبل النظام، وخاصة مع استمرار الحملة العسكرية على حمص وإدلب ،والأطراف التي كانت تتحدث بقوة عن تسليح المعارضة والمناطق العازلة في سورية قبل تلك المهمة تبدو اليوم متأهبة ومترقبة لنتائجها، بل لإعلان أنان عن فشله فيها حتى ترجع تلك الدول للضغط على المجتمع الدولي لإيجاد حلول عملية في مساندة الشعب السوري وإنقاذه من آلة النظام القاتلة، أو ربما لتقوم بخطوة عملية تجاه حل الأزمة بعيدا عن مجلس الأمن الذي تعارض روسيا والصين قراراته بشكل متواصل، على الشاكلة التي دعا لها قائد المجلس العسكري الأعلى للجيش الحر (مصطفى الشيخ) من إقامة تحالف عسكري لأصدقاء سورية خارج مجلس الأمن، وهذا ما ترجم في اجتماع باريس الذي صرحت فيه تلك الدول بنبرة مرتفعة وتهديدية عن استعدادها للقيام بأي خطوات عملية لإنقاذ الشعب السوري، وطرحت فيه كلينتون مسألة تفعيل ميثاق حلف النيتو فيما يخص التعدي على الأراضي التركية الحدودية، ولوحت بعقوبات تحت البند السابع يمنع توريد الأسلحة للنظام السوري - رغم أن مسألة البند السابع يتوجب أن ينظر فيها حتى لا تؤثر على مسألة تسليح الشعب السوري- كل ذلك يبدو خطوة تمهيدية لتدخل عسكري غربي متوقع في المرحلة المقبلة في حال بقي النظام مستمرا بالقتل وغير متجاوب مع المهمة.

وما يتحدث به بعض المحللين الذين ينتقدون تلك المهمة بأن من سلبياتها الظاهرة: أنها ساوت بين الجلاد والضحية، إذ صورت الأزمة بشكل غير مباشر على شاكلة نزاع وصراع مسلح متكافئ، وتكمن خطورة تلك الفكرة في : أن النظام قد استثمرها في نسب ما يرتكبه من خروقات للمعارضة التي يسميها بالعصابات الإرهابية، وبالتالي أصبح من الاستحالة بمكان إيقاف النظام لآلته القاتلة للشعب بذريعة محاربته لتلك العصابات التي عاثت في سورية فسادا، وهذا ما صرح به النظام عن طريق مستشارته بثينة شعبان بأن ( من يقصف في المدن اليوم ومن يخرق بنود المبادرة هي تلك العصابات المسلحة وأن النظام مستمر في ملاحقتها )، وهذا ما جعله يرحب بتلك المهمة ترحيبا واضحا بعد حذر سابق أعطاه المهلة الكافية لدراسة أبعادها وبدا مطمئنا لها، وبالتالي فإن فشل المهمة سيكون مؤكدا وحتميا، وبالتالي فإن الاستمرار بتلك المبادرة مع تلك الخروقات سيؤدي لإطالة عمر الأزمة وتركها معلقة دون حل حقيقي لها وهذا ما لن تقبل به المعارضة اليوم أو دول أصدقاء سورية، خاصة دول الخليج التي تخوض اليوم حربا باردة مع إيران وكذا تركيا التي أصبحت آثار الأزمة السورية واضحة وجلية على أراضيها وهذا ما ترجمه اجتماع باريس لأصدقاء الشعب السوري.

أن ذلك التساوي قد أخرج الدول المؤيدة للنظام من الإحراج العالمي، في حالة من التأكيد لما تتحجج وتتذرع به من تأييدها للنظام بأن: (من حق النظام السوري الدفاع عن نفسه إزاء تلك العصابات المسلحة التي تحركها المؤامرة الكونية عليه)، على عكس ما أرادته واشنطن من الضغط على تلك الدول وإحراجها بخرق النظام لبنود المبادرة الذي تدرك فيه أمريكا سلفا فشل النظام بالالتزام ببنوده، ويدل على ذلك ما قاله لافروف في كلام استبق فيه اجتماع باريس لأصدقاء سورية بأن: العصابات المسلحة تحاول إفشال المهمة من خلال خرق بنودها واستفزاز النظام السوري وأن دول أصدقاء سورية تدفع لفشل تلك المهمة.

أن من أخطر ما خلفته تلك المهمة أو ما يرمى منها أنها كانت في حقيقتها كأداة مانعة لتدفق السلاح للداخل السوري الذي يطالب به الشعب اليوم للدفاع عن نفسه بعد التخاذل الواضح للعالم وعجزه عن تقديم الحماية للسوريين من الانتهاكات الجسيمة التي يتعرضون لها كل يوم، في محاولة من السياسة الغربية أو الأمريكية تحديدا: منع التكافؤ في القوى بين الشعب والنظام القاتل كما حصل في ليبيا، للإبقاء على طرف الشعب العنصر الأضعف في الأزمة، إذ ظهرت تلك المهمة من خلال تزامنها في التوقيت مع مؤتمر أصدقاء سورية الثاني كوسيلة لتبريد نار الاندفاع الإنساني للدول التي تحدثت عن تسليح المعارضة وإقامة المناطق العازلة، لاسيما وقد أصبحنا اليوم بعد تفعيل تلك المهمة من خلال موافقة دمشق عليها نلمح التخفيف من لهجة الإصرار على التسليح من قبل السعودية وقطر والكويت... خصوصا بعد التهديدات الإيرانية التي وجهت للسعودية من قريب، والتي عادت اليوم وعلت بصوت أقوى في اجتماع باريس بعد تيقن أصدقاء سورية من عدم التزام النظام بالبنود مع التلويح والتهديد - كما أسلفنا سابقا- بخطوات عملية في حال استمرار النظام في خرق تلك البنود.

السياسة الأمريكية بدأت تدرك اليوم أن النظام السوري قد فقد السيطرة السياسية والقانونية على البلاد: أن ما يفوق (65) بالمئة من البلاد قد باتت خارج السيطرة الحكومية ؛ ليس السياسية فحسب بل الأمنية أيضا، إذ بمجرد ما تخرج فرق الجيش والأمن من المناطق الساخنة تعود المظاهرات إليها وترجع السيطرة للسكان المنتفضين وللجيش الحر عليها، وأما المدن التي يعجز عن السيطرة عليها أمنيا بسبب تواجد الجيش الحر فيها يقوم بقصفها بكل ما أمكنه من الأسلحة الحديثة والمستوردة في محاولة منه لإعادة السيطرة عليها كما حدث في بابا عمرو ويحدث اليوم في باقي المدن التي تتعرض للقصف في إدلب وحماه وريف العاصمة دمشق وريف حلب ودير الزور...

وتزامنا مع فقد سيطرة النظام على الشعب المنتفض تلمح أمريكا أن المعارضة السورية قد بدأت تقوى من خلال تلاحم أطرافها السياسية والعسكرية وكذا المعارضة الشعبية المتمثلة بالمظاهرات السلمية والتي تعتبر الشعلة الحقيقية لقوة المعارضة السياسية اليوم والتي يسعى النظام للقضاء عليها وإخمادها بشتى الطرق، وهذا التخوف عبرت عنه كلينتون في مؤتمر أصدقاء سورية الثاني حين قالت: (أن المعارضة السورية قد باتت اليوم أقوى وأن على النظام الالتزام بتلك المبادرة)، وما تفضله أمريكا اليوم أن لا تخرج سورية من الأزمة عن طريق دعم المعارضة في طرفها المسلح للثورة المتمثل بالجيش الحر بالسلاح وبالوسائل اللازمة للخلاص من هذا النظام، رغم أن المعارضة اليوم تفضل الخلاص على هذه الطريقة بعيدا عن تدخل عسكري غربي في البلاد، فالمعارضة في نظر الغرب أيا كان توجهها دينيا أو علمانيا، معارضة - في غالبها- تحمل في طياتها الفكر المقاوم للاحتلال خاصة مع تأكيد المجلس الوطني في الوثيقة الوطنية على السعي بكل الوسائل المتاحة لاستعادة الجولان، وهذا ما تعتبره أمريكا اليوم خطرا حقيقيا على أمن المنطقة وتهديدا للسلام الذي تضمر في طياته (سلام إسرائيل) متذرعة بالخطر الإيراني الذي لا ينكره العرب أصلا وإنما تحاول أمريكا تضخيمه وإشعال الطائفية في المنطقة من خلاله من أجل الإبقاء على الصراعات في المنطقة العربية بعيدا عن الصراع الحقيقي الذي هو الصراع مع الكيان الصهيوني المحتل المتواجد في قلب العالم العربي والذي يجب أن يحتل المرتبة الأولى من الصراعات في المنطقة العربية خصوصا بعد الربيع العربي، ولذلك ستسعى واشنطن لمنع تسليح المعارضة، وإن فرض على المجتمع الدولي اليوم التدخل في حل الأزمة فتفضل أمريكا فيه حلا يكون بعيدا عن تمكين المعارضة من القوة المتوازنة مع النظام ولذا كان التأخر والمماطلة من المجتمع الدولي لتسليح الشعب السوري.

وما يُقرأ في كلام هيلاري كلينتون الذي استبقت به اجتماع أصدقاء سورية في باريس، الذي وجهت من خلاله تحذيرا للنظام بأنها الفرصة الأخيرة له... وتحدثت فيه عن عدم تقصير أمريكا في دعمها للمعارضة بالمال وبوسائل الاتصال... تلمح تخوفا خفيا من تحرك المعارضة وتحقق دعمها بعيدا عن الولايات المتحدة...

وما قد يقلب المعادلة بالنسبة للمجتمع الدولي اليوم في شأن التدخل العسكري في سورية التواجد الإيراني في قلب الأزمة السورية الذي بدأ يزداد في الآونة الأخيرة وبدأ يشكل خطرا حقيقيا على المنطقة بالنسبة لأمريكا واسرائيل لأنه يترافق اليوم مع فقد النظام لسيطرته على الدولة كما أسلفنا سابقا، إضافة لضغط دول أصدقاء سورية وسعيهم لدعم المعارضة ومحاولتهم لحل الأزمة خارج مجلس الأمن بضغط من المعارضة السورية المتمثلة بالمجلس الوطني، وخصوصا تركيا التي تحاول اليوم تحريك الحلف لحل الأزمة والدفاع عن أراضيها دفعا للمجتمع الدولي لحل الأزمة السورية، والسبب الرئيسي في ذلك إصرار الشعب على الخلاص من هذا النظام الإجرامي ومواصلة نضاله الذي يقابله مواصلة النظام في استخدامه للغة القوة والقتل لإسكات الشعب، مما يفقد الدولة تماسكها يوما بعد يوم.

وما يقال في مهمة أنان أنها في حقيقتها قد اتخذت كوسيلة تمهيدية سهلة ومتمهلة للتدخل العسكري من خلال دخول قوات حفظ السلام للمنطقة على شكل دفعات بحجة مراقبة وقف القتل والعنف بين الطرفين والذي يبدو متمهلا وحذرا بسبب رفض النظام لأي تدخل في الشأن السوري، فقد طرحت الكثير من التساؤلات عن جدوى إرسال المراقبين لسورية مع قدرة الغرب للتأكد من تطبيق البند المتعلق بسحب الآليات العسكرية ورصد الوضع عن طريق الأقمار الصناعية واستخباراتهم الموجودة أصلا في البلاد، خاصة مع إثارة موضوع إدخال الطائرات التابعة للأمم المتحدة بحجة رصد الأوضاع مما يثير اليوم تخوفا وحذرا من المعارضين الرافضين للتدخل الغربي في سورية، فما يقال اليوم: أن تلك الخطوة هي بداية تدخل غربي في البلاد يحضر له من قبل مجلس الأمن في تحرك يقصد من خلاله أن يكون سابقا لتحرك المعارضة التي تسعى لاستجلاب الدعم العالمي لإنقاذ الشعب السوري .

وربما يستخدم التحرك للمراقبين عن طريق الطيران من أجل رصد مدى التواجد الإيراني العسكري في البلاد أولا، وربما هو من أجل تحديد مواقع قيادة النظام العسكرية المتواجدة على الأرض وغيرها من المعلومات الاستخبارية العسكرية في خطوة تحضيرية لضرب مواقع النظام الحساسة في حال الإجماع على التدخل عسكري أو الإضطرار لهذا التدخل، إذ تدرك الأمم المتحدة أن تلك المهمة قد ولدت ميتة وأن وجود المراقبين لن يشكل ضغطا على النظام الذي يطلق رصاصه على الشعب أمام المراقبين كما حصل في دمشق في منطقة عربين التي كانت أولى محطات عمل المراقبين، وإنما قد اتخذتها وسيلة لتحقيق الأهداف التي ذكرت سابقا بعد محاولة لتجميع سقطات النظام السوري من خلالها.

ومع حاجة الشعب السوري للنصرة من أجل الخلاص من هذا النظام القاتل تلمح التخوف في الداخل السوري من التدخل الغربي وخصوصا الأمريكي في صور سيئة سابقة لم تمح من الذاكرة العربية ككل في العراق وفي أفغانستان وخصوصا في هذا الوقت المتأخر بالذات من اندلاع الأزمة السورية الذي وصلت فيه سورية لحال لا تحسد عليه، حيث فقد النظام السوري في ظل تلك الأزمة قدرته في الدفاع عن نفسه وفقد سيادته المخترقة - التي مازال يتبجح بها إلى الآن- بمجرد سماحه للتدخلات الغربية المستمرة في البلاد من إيران وروسيا وخصوصا بعدما وطأت القدم الأمريكية الأرض السورية، إضافة لضعف قوة الدولة العسكرية وتفككها، وكذا الأحوال الاقتصادية المتردية للبلاد التي تزداد يوما بعد يوم، فترى أمريكا تتمهل وتماطل وكأنها تنتظر كما قيل: أن تضعف سورية في تلك الأزمة حتى تقوم بالتدخل العسكري فيها ليس لإنقاذ الشعب بل لتخوض معركتها الحاسمة مع إيران في سورية كما يقال، ولتضمن أمن إسرائيل ثانيا التي تعتبر أكثر دول الجوار تخوفا من تداعيات الأزمة، ولذلك كان التدخل الغربي متأخرا على عكس التدخل السريع في ليبيا الذي استغل من خلاله الغرب الموقف لأغراض اقتصادية فيها، وهذا ما يجب أن يدرك حقيقته العرب قبل أصدقاء سورية إن كانوا أصدقاء حقيقيين، فهل ستتغير المعادلة في سورية ؟ وهل سيكون تغيرها في صالح الشعب السوري إن حصل ذلك بعد كل هذه المقاومة والنضال وكل تلك الأثمان التي دفعها الشعب السوري من أجل حريته ؟ سؤال سيجيب عليه وعي الشعب السوري وخصوصا المعارضة بخطورة تلك المرحلة مع استمرار هذا الشعب العظيم في نضاله.

كاتبة سورية

=================

لا بديل عن الثورة

الياس خوري

2012-04-23

القدس العربي

تكشف التطورات المتلاحقة التي تشهدها سورية، عن عمق الأزمة التي تعيشها البلاد. فبعد اكثر من سنة على اندلاع الثورة، لا يزال النظام الاستبدادي قادرا على المناورة السياسية، ولا تزال آلته القمعية الرهيبة تعمل فتكا وقتلا وتدميرا.

واذا كان هذا الواقع يعود في جزء منه الى الدعم الروسي والايراني للنظام، والى التردد الدولي امام ما يقال انه الخوف من البديل، فان السبب الرئيسي لهذا الوضع يكمن في الداخل السوري.

هذا الخلل او ما يبدو خللا ليس سمة خاصة بالثورة السورية، بل هو جزء من حاضر الثورات العربية التي انفجرت بشكل عفوي، وكانت تعبيرا عن ارادة ما فوق سياسية، اي عن ارادة شعبية لا قيادة سياسية لها، ولم يكن مشروعها سوى صرخة انعتاق من الذل والاذلال والمهانة.

هذه السمة العامة هي نتيجة اغتيال السياسة الذي تمّ خلال العقود الأربعة الماضية، والذي كان تهميش وتهشيم القوى السياسية المعارضة احد نتائجه المباشرة. لذا انفجرت الثورات على ايدي مجموعات شبابية وبشعارات بسيطة تتلخص في عبارة واحدة تعلن ان الشعب يريد اسقاط النظام.

فالثورات العربية تتمتع بنقطة قوة هائلة اسمها العفوية والاندفاع الشعبي، لكن نقطة القوة هذه هي نفسها نقطة ضعفها. ففي مصر لم يكن استيلاء المجلس العسكري على السلطة بما يشبه الانقلاب ممكنا، لو ان قوى ميدان التحرير امتلكت القدرة على تشكيل حكومة مؤقتة معلنة اسقاط النظام في الشارع.

غابت القوى المنظمة ذات البرامج السياسية الواضحة، باستثناء الاسلاميين، الذين ترددوا قبل الانخراط في الثورة، ثم حاولوا التحالف مع الجيش من اجل تغيير مظهر النظام عبر الباس مصر قبعة نصفها عمامة ونصفها الآخر قبعة عسكرية. هذا الغياب سمح للعسكر بالاستيلاء على الحكم، لكن هذا الغياب نفسه يجعل من رد فعل الميادين مسألة غير محسوبة، ويعقّد صراع الجنرال والشيخ على السلطة.

هذا الواقع هو الذي شكّل حتى الآن نقطة ضعف الثورة السورية. فعدم وجود قيادة فعلية تقود الفعاليات الثورية المختلفة، افقد الثورة ورقة القدرة على المناورة، بل اغرق قيادات المعارضة في الخارج في خطابات عشوائية لا فائدة منها.

غير ان الثورة كانت في مكان آخر، فالثورة التي تواجه نظاما لا يرتدع عن استعمال كل الأسلحة من قصف وقتل وتدمير واغتصاب، شكلت بناها الجماهيرية والتنظيمية مثل عناقيد العنب، اي بدون قيادة مركزية، بحيث تتبادل المدن التصدي للقمع، ولا تنطفيء الثورة حتى بعد الاجتياح الوحشي لبابا عمرو في حمص، على سبيل المثال. كما ان عنقودية العمل الثوري امتدت الى المدينة الواحدة نفسها، فكما فصل النظام احياء المدينة الواحدة بالدبابات، نجح الثوار في بناء شبكاتهم العنقودية بحيث تكون مستقلة عن بعضها البعض. فالوعر تتظاهر رغم ان بابا عمرو مدمرة والى آخر...

ما يبدو واقعا ملائما للمواجهة، ليس انعكاسا لنضج سياسي تنظيمي، بل هو نقيض ذلك. انه احد مظاهر غياب القوى السياسية او هامشيتها، وعدم قدرة المجلس الوطني على بناء رؤية سياسية تقدم مشروعا للخلاص من الاستبداد ينطلق من قواعد الثورة ومناضليها الميدانيين.

ربما كان هذا النقص هو السبب الأساسي في اعطاء النظام هذه القدرة على التماسك. صحيح ان الآلة القمعية التي بناها الأسد الأب على النمط الكوري الشمالي، هي آلة صماء، لكن هذا الصمم كان من الممكن البدء بكسره عبر برنامج وطني ديموقراطي واضح المعالم، يتحول الى جزء من الممارسة الشعبية اليومية، وعبر بناء استراتيجيات متعددة للمواجهة.

نقطة الضعف هي نقطة القوة، والعكس صحيح. هذا ما يفسر كيف ولماذا لم يستطع النظام اخماد الثورة. 'فعقيدة حماه' التي ابتدعها النظام عام 1982، جرى تطبيقها على جرعات، وصلت الى ذروتها في حمص، ولكنها لم تنفع. فالآلة القمعية تضرب جسما زئبقيا لا يتشكل الا لينفرط ويتشكل من جديد. واجهزة الأمن تفاجأ بأن رصدها للمعارضين صار بلا جدوى. فهناك قيادات جديدة تنشأ من امكنة خفية لم يكن النظام يتوقعها، لذا تصير 'انتصاراته العسكرية' بلا فائدة.

من هنا فالثورة لن تتوقف، واحتمال تهدئة القصف مع الوصول المرتقب للمراقبين الدوليين، بحسب خطة عنان، سوف تكون مناسبة لتجديد قدرة الهبات الشعبية على الانطلاق من جديد. هذا من دون ان نتوهم ان النظام سوف يتوقف عن القمع والقتل، بل اغلب الظن ان الخيال القمعي الاجرامي سوف يبتكر اساليب جديدة ومفاجئة.

نقطة ضعف الثورة تعني ان المعاناة الطويلة سوف تطول، وان هناك جهدا سياسيا وفكريا يجب ان يتشكل من براعم بدأت تتفتح. وان على جميع الذين يؤيدون ثورة الشعب السوري ان لا يبخلوا بالدعم والنقد. نقد الممارسات الخاطئة هو دعم، كما ان بناء شرعة ثورية اخلاقية تبدأ بنبذ الطائفية وترفض الانتقام، صارت مهمة عاجلة.

اعجابنا بالثورة وعفويتها ودهشتنا بالتضحيات الهائلة والعظيمة التي قدمها ويقدمها السوريات والسوريين، يجب ان لا تمنعاننا من الاشارة الى نقطة الضعف، التي لم تعد مقبولة، وتشير الى تخلف النخبة السياسية عن الشعب بشكل غريب ومستغرب.

لكن الثورة هي الخيار الوحيد، كل التقد يجب ان ينطلق من المعطى الذي تصنعه الثورة، ويصب في فتح آفاق جديدة من اجل ترسيخ القيم الثورية. وكل كلام آخر وكل دعوة للتسامح مع النظام باسم اخطاء الثورة او مشكلاتها هي انسحاب من السياسة والحياة.

لا بديل عن الثورة.

ولا تراجع قبل سقوط النظام، وتأسيس الديموقراطية.

من هذين المنطلقين تبدأ السياسة، التي يجب ان تبقى مخلصة لصرخة الأعماق التي حولت نداء الكرامة الانسانية الى اكبر حدث سياسي في تاريخ العرب الحديث.

=================

أخبار سيئة من سورية

رأي القدس

2012-04-23

القدس العربي

قليلون هم الذين يراهنون على نجاح خطة كوفي عنان بشأن وقف اعمال القتل في سورية، ولكن اللافت ان الاغلبية الساحقة التي تراهن على فشلها، خاصة في اوساط تحالف 'اصدقاء سورية' لا يملكون اي بديل لها في الوقت الراهن على الاقل.

اوساط المجلس الوطني السوري المعارض تقول ان اعمال القتل لم تتوقف من قبل النظام منذ اعلان وقف اطلاق النار مطلع الشهر الحالي، وتعزز وجهة نظرها هذه بالقول ان اكثر من الف شخص قتلوا في الاسبوع الاول من هذا الشهر، في المقابل يؤكد المتحدثون باسم النظام ان عصابات وجماعات مسلحة ما زالت تخرق وقف اطلاق النار وتقدم على عمليات عسكرية تستهدف قوات الامن والجيش.

الحسم في هذه المسألة هو مهمة قوات المراقبين الدوليين الذين من المفترض ان يرتفع عددهم الى حوالي 300 مراقب في الاسابيع المقبلة على اكثر تقدير، شريطة ان تتعاون السلطات السورية بالكامل معهم، ولا تضع العقبات في طريق مهمتهم.

نجاح وقف اطلاق النار يحقن دماء السوريين دون شك، ولكنه يظل المربع الاول في عملية سياسية طويلة من المفترض ان تنطلق بعد تثبيته، فهذا الوقف هو مجرد نقطة من ست نقاط هي محصلة مبادرة كوفي عنان معظمها يواجه معارضة من قبل النظام والمعارضة معا.

بعد وقف اطلاق النار من المفترض ان يسمح النظام للسوريين المطالبين بالاصلاحات السياسية والتغيير الديمقراطي بالتظاهر بطريقة سلمية، النظام في المقابل يقول انه سيسمح لمثل هذه المظاهرات طالما انها مرخصة من قبل الحكومة وفق قانون التظاهر، ويهدد بقمع اي مظاهرة غير مرخصة.

لا نعتقد ان المعارضة السورية ستأخذ اذن النظام في كل مرة تريد فيها الخروج الى الشارع للتظاهر، كما اننا نجزم ان النظام لن يسمح بمثل هذه المظاهرات في حال التقدم بطلب بتنظيمها، وفي احسن الاحوال سيراوغ ويماطل ويتذرع بالبيروقراطية واجراءاتها المعقدة، وهناك ذرائع كثيرة في هذا الصدد.

مؤتمر اصدقاء سورية التمهيدي المصغر الذي انعقد في باريس يوم الخميس الماضي تعاطى مع مبادرة كوفي عنان، وكأنها فشلت فعلا، وبدأ يضع البدائل والخطط لمرحلة ما بعد فشلها، حيث طالبت السيدة هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الامريكية بقرار دولي يدين النظام السوري ويفرض عقوبات عليه على اساس البند السابع من ميثاق الامم المتحدة الذي يبيح استخدام القوة.

ما هو اخطر من ذلك ما تحدث عنه السيد رجب طيب اردوغان رئيس الوزراء التركي عن احتمال لجوء بلاده الى تفعيل المادة الرابعة من ميثاق حلف الناتو للرد على انتهاك الجيش السوري لسيادة بلاده باطلاق النار على معسكرات اللاجئين السوريين، والمقصود بتفعيل هذه المادة ان تتدخل قوات الناتو عسكريا في سورية للدفاع عن دولة عضو اي تركيا تعرضت للعدوان.

السيد اردوغان ربما يبالغ كثيرا في الاعتداء السوري، من حيث تضخيمه وهو لا يستحق كل هذه المبالغة، في الوقت نفسه يجب القول ان السلطات السورية ارتكبت خطأ كارثيا عندما اطلقت النار على معسكرات اللاجئين السوريين داخل الاراضي التركية، وهو خطأ يضاف الى ملف كبير من الاخطاء المماثلة.

الاوضاع تتجه نحو الانفجار العسكري سواء نجحت خطة عنان او فشلت، فتكرار الامير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي لمطالبه بتسليح المعارضة السورية قد يحقق الشق الاول مما حذر منه الان جوبيه وزير خارجية فرنسا عندما قال ان فشل مهمة عنان قد يؤدي الى حرب اهلية او حرب اقليمية.

الحرب الاهلية بدأت في سورية وان كان هناك كثيرون يتعمدون انكارها، اما الحرب الاقليمية فهي تنتظر الموقف الغربي، والامريكي خاصة، تجاه البرامج النووية الايرانية، وفي جميع الاحوال فان المستقبل قاتم بالنسبة لتطورات الاوضاع في سورية في الايام والاسابيع والاشهر المقبلة.

=================

«مقدمات» لمرحلة سورية جديدة؟!

الثلاثاء, 24 أبريل 2012

محمد مشموشي *

الحياة

لعل الخطأ الكبير الذي وقعت فيه الجامعة العربية، وبعدها مجلس الأمن الدولي، في مقاربة الأزمة المديدة (أربعة عشر شهراً حتى الآن) بين النظام السوري والثورة الشعبية المتصاعدة ضده، تمثل في التعاطي «البريء» (هل هو بريء فعلاً؟!) مع المقولة التي رددها النظام منذ اليوم الأول للثورة عن وجود «عصابات مسلحة» وبالتالي «عنف متبادل» في سورية أكثر من أي شيء آخر.

كانت مقولة النظام هذه مدخله للهروب من موجبات الثورة ضده، وحتى من «الإصلاحات» السياسية التي تحدث عنها، إضافة طبعاً إلى إفشال مبادرة الجامعة العربية سابقاً تحت عناوين لم تخرج أبداً عن الذريعة ذاتها. وبنظرة سريعة إلى ما يفعله النظام إزاء خطة المبعوث الدولي – العربي كوفي أنان، فهو لا يخرج بتاتاً عن الهدف إياه، على رغم ادعاء التزام الخطة والإيهام بأنه يرغب في تنفيذ بنودها.

ولا يعني غير ذلك، عملياً، سعي النظام لتطويق خطة المبعوث الدولي – العربي منذ إعلان موافقته عليها بعدد من المناورات التي تصب في الإطار ذاته على الشكل الآتي: أولاً، ربط الناطق باسم الخارجية جهاد المقدسي قبول الخطة بضمانات مكتوبة من كل من السعودية وتركيا وقطر بعدم تسليح أو تمويل أو تشجيع «المجموعات المسلحة» وحديث وزير خارجيته وليد المعلم عن «حق القوات المسلحة السورية، على رغم ذلك، بالدفاع عن النفس». ثانياً، تأجيل بدء تنفيذ الخطة إلى يوم 12 نيسان (أبريل)، وليس 10 منه كما هو النص، بهدف تصوير الأمر وكأنه «وقف إطلاق نار» بين فريقين متحاربين، مع أن الخطة حددت يوم 10 نيسان لسحب الدبابات والمدرعات والمدافع من الشوارع ليتبعه التزام الثوار يوم 12 منه. ثالثاً، المسارعة إلى اتهام المعارضة، منذ الساعات الأولى لبدء التنفيذ يوم 12 نيسان، بخرق ما وصفته تصريحات أركان النظام بأنه «وقف إطلاق النار». رابعاً، اشتراط الوزير المعلم أن يكون المراقبون الذين أطلق عليهم وصف أنهم «قوات حفظ سلام» (وللتعبير مغزاه من وجهة النظر السابقة إياها) من دول «محايدة»... أي عملياً، مؤيدة للنظام.

ومن دون إغفال المصالح الخاصة وعلاقات القوى في العالم، فلا شك في أن الذريعة ذاتها كانت ولا تزال في أساس الموقفين الروسي والصيني اللذين شكلا شبكة أمان كاملة لهذا النظام حتى الآن سواء في مجلس الأمن أو أمام اللجنة الدولية لحقوق الإنسان أو في وجه الدعوات لإحالة جرائم النظام إلى محكمة الجنايات الدولية. وإذا كانت الصيغة الأخيرة لقرار مجلس الأمن، كما أقرت في نهاية المطاف، قد وفرت لنظام بشار الأسد فرصة جديدة لمواصلة عملياته الحربية ضد شعبه وسفك المزيد من دمائه، وصولاً إلى إفشال الخطة كلها كما كانت الحال مع المبادرة العربية، فاستخدام هاتين الدولتين سيف الفيتو (حق النقض) مرتين قبل ذلك لمنع المجلس من إصدار قرار حاسم يضع حداً للأزمة ويحقق طموحات الشعب السوري في الديموقراطية والحرية والعدالة، إنما وجد مبرراً له (أمام شعبي الدولتين على الأقل) في مقولات النظام عن «المجموعات المسلحة» و «العنف المتبادل» من ناحية أولى و «المؤامرة الخارجية» من ناحية ثانية.

ولعله لهذا السبب تحديداً، بدا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (أكثر من زميله الوزير المعلم، ومن دون مناسبة في بعض الأحيان)، أكثر حرصاً على رفع لافتة «العنف المتبادل» كلما جرى الحديث عن إنهاء حملة القمع التي يقوم بها نظام الأسد بدعوى محاربة المسلحين وإحباط «المؤامرة الخارجية» التي يقول إنها تستهدفه.

لكن، هل يقف هدف النظام عند حدود محاولة كسب الوقت، على الطريق إلى إنهاء الثورة بالقوة المسلحة، وتالياً إفشال خطة أنان فقط، أو أقله اعتبارها كأنها لم تكن؟

غني عن البيان، أن التكتيكات التي يقوم بها النظام – سياسياً وديبلوماسياً وعملياً على الأرض – منذ إعلان موافقته على خطة أنان ذات البنود الستة واستقباله طليعة المراقبين الدوليين، تشي بما قد يكون أبعد من ذلك وأكثر خطراً منه بكثير.

فالإصرار على مقولات «العصابات المسلحة» و «العنف المتبادل» و «المؤامرة الخارجية»، مضافاً إليها اعتبار أن الخطة الدولية – العربية هي مجرد «وقف إطلاق نار» بين قوات النظام وهذه المجموعات، يعني بالنسبة للنظام، الذي طالما حذر من «حرب أهلية» سورية ومن «زلزال» يعم المنطقة كلها في حال تهديد النظام في بقائه، أنه لن يدع باباً إلا ويطرقه ولا نافذة إلا ويستعملها، للهروب من المصير الحتمي الذي بات ينتظره: السقوط.

بعد «وقف إطلاق النار»، الذي تبناه النظام وادعى أنه وافق عليه ويسعى إلى التزامه، لن يكون مستغرباً أن يسمع السوريون والعرب ومعهم العالم في الأسابيع القليلة المقبلة كلامه على «خطوط تماس» بين المناطق وربما داخل المدن والبلدات والقرى السورية. وقد لمح النظام علناً إلى ذلك عندما تحدث في مرحلة سابقة عن انسحاب قواته من الزبداني أو جسر الشغور أو غيرهما.

وبعد تعبير «قوات حفظ السلام»، الذي استخدمه النظام من دون غيره من دول العالم في وصف المراقبين، لن يكون مفاجئاً أن يبدأ مسؤولوه باتهام المراقبين بعدم الحيادية من جهة، وبالمشاركة في تنفيذ «المؤامرة الخارجية» من جهة ثانية، وبانتهاك سيادة الدولة السورية من جهة ثالثة. ولا يعني كلام جهاد المقدسي عن ضمانات مكتوبة من السعودية وقطر وتركيا بعدم تسليح المعارضة أو تمويلها أو تشجيعها، وإن لم يكرره مرة أخرى، إلا إشارة ذلك.

وبعد إعادة رفع لافتة المعلم، في سياق إعلانه الموافقة على الخطة، القائل ب «حق قوات النظام بالدفاع عن النفس»، وكلامه على مسؤولية هذه القوات عن حفظ الأمن وملاحقة وتوقيف المسلحين غير الشرعيين، من يضمن عدم لجوء النظام إلى تحويل فريق المراقبين إلى ما يشبه «شهود زور» تقتصر مهمتهم على تسجيل الخروقات... على الطريقة السورية ذاتها في لبنان على مدى سنوات الحرب الأهلية فيه؟

ليس جديداً القول إن نظام بشار الأسد استعد منذ بداية الثورة، والبعض يقول منذ أيام الرئيس السابق حافظ الأسد، لاقتطاع مساحة محددة له من الأرض السورية ومواصلة القتال منها دفاعاً عن نفسه لشهور وربما لسنوات... حتى لو أدى ذلك إلى زج البلاد في حرب أهلية وتقسيمها في نهاية المطاف.

هل تعطي المقدمات الآنفة الذكر مؤشرات إلى مرحلة سورية جديدة: بدء وضع هذا السيناريو قيد التطبيق الفعلي؟

* كاتب وصحافي لبناني

=================

الرهان على مهمة أنان

عيسى الشعيبي

الغد الاردنية

24-4-2012

مع إبداء كامل التفهم لخيبات الأمل المتلاحقة، وفهم دواعي حالة الشك المستحكمة بعقول السوريين المكتوين بنار المهل وفترات السماح الممنوحة للنظام القمعي المتوحش، وفوق ذلك تقبّل تحفظاتهم المشروعة إزاء المعالجات الدبلوماسية العاجزة عن وقف حمام الدم المروع، فإن ذلك كله لا ينفي حقيقة أن الأزمة المستفحلة قد اجتازت بعد لأي شديد نقطة تقاطع مهمة على طريق التفافية طويلة، وانتقلت من كونها مسألة داخلية محكومة بموازين قوى مختلة، إلى كونها قضية تحت سلطة مجلس الأمن الدولي.

ولعل إجراء مقارنة سريعة بين ما كان عليه موقف النظام غداة انعقاد أول اجتماع لوزراء الخارجية العرب، وبين ما آل إليه الغرور السياسي وعماء البصيرة من عزل وتهميش وصل حد النبذ والإقصاء فيما بعد، يدلنا على أن التراكم الكمي المتدرج على مسار المقاربات الدبلوماسية الحذرة، قد تحول إلى تراكم نوعي، أفضى في النهاية إلى فتح نافذة جانبية تهب منها رياح عاصفة، هشمت صورة النظام المتكبر، ونزعت من بين أسنانه الفولاذية مزاعم الفرادة عن غيره كدولة ممانعة محصنة.

 كانت بعثة المراقبين العرب، على كل ما اعتراها من عيوب ونواقص، أول مسمار في نعش دفوعات النظام المغالي بشدة في التمسك بشرعيته الكاملة وسيادته المطلقة، وذلك بمجرد أن أكره على الدخول في امتحان تبرير ذاته، وأجبر على وضع تصرفاته تحت عين الرقابة والمحاسبة من خصومه. كما كان فشل تلك البعثة المتوقع سلفاً، بمثابة خطوة استهلالية، لترفيع الأزمة ونقلها من النطاق الإقليمي إلى المستوى الدولي، على نحو ما جرى عليه الحال مؤخراً في بيان رئاسي، وقرارين متعاقبين لمجلس الأمن أطلقا بعثة كوفي أنان المشتركة.

ومن غير أي مجازفة في التفاؤل بمهمة هذه البعثة المشتركة، فإن دخولها حيز التطبيق مهما كان عسيراً، أمر من شأنه أن يخلق ديناميات جديدة في مسار الأزمة. إذ من المقدر لكل إجراء أن يزيد من زخم قوة الدفع المتكونة، وأن يفتح أمام ثورة الكرامة والحرية مسارب أوسع من ذي قبل لاستعادة زمام الفعاليات السلمية، فيما يشكل كل قيد إضافي على تفلتات النظام تقليصاً لقدراته على المراوغة، ومن ثم دفعه دفعاً إلى الملاينة وإظهار حسن النية، وهو تطور من شأن تحققه أن يحدث الانعطافة المطلوبة، ويضع النظام المستبد أمام لحظة الحقيقة الكاملة.

ومع أن التجارب المريرة السابقة تدعو إلى الحذر، يمكن القول إن التعويل على مهمة كوفي أنان يستحق الرهان، كونها تشكل مخرجاً لروسيا التي تبدو شديدة التمسك بهذا البديل عن استمرار التمسك بنظام انتهى في واقع الأمر، ويجنبها متاعب مجابهة طويلة مع الغرب، ومحرجة مع العرب. وفوق ذلك، فإن ما تمتلكه هذه البعثة من تغطية سياسية، وجداول زمنية، وإمكانات لوجستية، وآليات مراقبة دورية، أمر يؤهلها لتحقيق اختراق نوعي، وإيجاد فرصة يمكن البناء عليها أكثر بما لا يقارن من البعثة العربية.

إن ما تنطوي عليه بعثة كوفي أنان من ممكنات واعدة، قد يشكل نقطة اللاعودة في مسار حل الأزمة، حتى وإن تعثرت أحيانا، وهي الفرصة السانحة لإدارة الأزمة حتى لا نقول حلها. وأكثر من ذلك، فإن فشلها سوف يبني على الشيء مقتضاه، ويعجل في تدفيع النظام المعزول كامل استحقاقات الإخفاق في الوفاء بالتزاماته، وبالتالي بناء خيارات أخرى، تشرع الأبواب أمام معالجات جراحية قاسية تلوح في أفق قريب.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ