ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 11/04/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

مشكلة العرب الذين يريدون إنقاذ سوريا

بقلم/ خيرالله خيرالله

الراية

10-4-2012

من يريد تفتيت سوريا؟ وهل هدف بعضهم تفتيت سوريا؟ من الواضح ان كلّ الذين يسعون الى اطالة الحرب الاهلية في هذا البلد العربي المهم انما يسعون من حيث يدرون او لا يدرون الى الحؤول مستقبلا دون استعادة سوريا لعافيتها من جهة وتحولّها الى دولة طبيعية موحّدة من جهة اخرى.

في النهاية، ان النظام السوري سقط قبل اشهر عدّة. سقط في اليوم الذي لم يجد خيارات اخرى للتعاطي مع الثورة الشعبية الحقيقية سوى الخيار الامني. حسنا، استطاع الرئيس الراحل حافظ الاسد، طوال ثلاثين عاما، اللجوء الى الخيار الامني فنفّذ سلسلة من المجازر في انحاء مختلفة من سوريا. كانت مجزرة حماة تتويجا للسلسلة. ارتكب النظام السوري في عهد الاسد الابّ سلسلة اخرى من المجازر في لبنان، بشكل مباشر او بالواسطة شملت حتى المخيمات الفلسطينية. طالت تلك المجازر لبنانيين من كلّ المناطق مع تركيز على المسيحيين في البداية من اجل اخضاعهم نهائيا وكي يكونوا اداة طيعة على غرار ما هو عليه النائب ميشال عون ومن لفّ لفّه من صغار الصغار حاليا.

في الوقت ذاته، كان هناك تركيز مستمرّ على اهل السنّة من اجل ان لا يكون لديهم زعيم يمتلك حيثية. صار سنّة لبنان عقدة النظام السوري، خصوصا منذ تولّى حافظ الاسد السلطة في العام 1970. امّا الدروز، فقد اعتبر انهم صاروا في الجيب منذ اليوم الذي اغتيل فيه الزعيم الوطني كمال جنبلاط في مارس من العام 1977.

لم يتغيّر شيء في عهد الرئيس بشّار الاسد ابتداء من العام 2000. ظلّت السياسة المتبعة قائمة على الخيار الامني ان في لبنان او في سوريا. لم يفطن الاسد الابن الى ان اغتيال رفيق الحريري سيخلق هذا الزلزال الكبير الذي اجبره على سحب قواته من لبنان في ابريل من العام 2005. لم يدرك في اي لحظة ان الخيار الامني لم يعد خيارا لا في لبنان ولا في سوريا وان هذا الخيار سيرتدّ على نظامه عاجلا ام آجلا.

ما يواجهه النظام السوري حاليا هو مأزق الخيار الامني الذي لم يستطع ايجاد بديل منه اكان ذلك في عهد الاب او في عهد الابن. ما يمكن اعتباره عنصرا جديدا في المعادلة السورية حاليا هو الاصرار الذي يبديه الشعب السوري على الاستمرار في المقاومة. يترافق ذلك مع اصوات عربية جريئة تسمّي الاشياء باسمائها وترفض التفرّج على المجازر التي ترتكب في حق ابناء الشعب السوري. هذه الاصوات العربية تدرك ان السبيل الوحيد لانقاذ سوريا هو تنحي بشّار الاسد عن السلطة واعداد البلد لمرحلة جديدة عبر مرحلة انتقالية يتفق خلالها السوريون على نظام جديد للحكم يليق بهم وبثورتهم.

تكمن مشكلة هؤلاء العرب الذين يدعون الى الانتهاء من النظام في اسرع ما يمكن، ان عليهم القتال على غير جبهة. عليهم دعم الشعب السوري في ظروف في غاية الصعوبة والتعقيد اوّلا وعليهم اقناع المجتمع الدولي بانّ هناك حربا اهلية حقيقية في سوريا وان مدنا وبلدات وقرى تواجه حملات تدمير وابادة لمجرد ان اهلها يعلنون انهم ضدّ النظام وانهم يريدون الحرية والكرامة.

هؤلاء العرب يواجهون ايضا الحلف غير المقدّس الذي يضم اطرافا مثل روسيا والصين وايران واسرائيل. ما يجمع بين كلّ هذه الاطراف هو الرغبة في دعم النظام السوري بكلّ الوسائل الممكنة، حتى عن طريق اجبار العراق على دعم نظام يكرهه، وكأن المطلوب ادامة الحرب الاهلية الى ما لا نهاية. كلّ ذلك من اجل التأكد من انه لن تقوم يوما قيامة لسوريا.

الاكيد ان مهمة العرب الذين يودون انقاذ سوريا ليست سهلة بأيّ شكل. ولكن ليس أمامهم سوى التمسّك بالموقف الشجاع الذي اتخذوه منذ اليوم الاوّل الذي تبيّن فيه ان ليس لدى النظام السوري ما يلجأ اليه سوى الخيار الامني.

لا يمكن للعرب الشرفاء الذين اتخذوا موقفا واضحا منذ البداية من الثورة الشعبية في سوريا الاّ ان يكونوا على حقّ نظرا الى انه ليس في استطاعة نظام، مهما بلغت قوته، من الانتصار على شعبه، كما ليس من حقّه ذلك. الامل، كلّ الامل في ان يتحقق هذا الانتصار في اقرب فرصة تفاديا لمزيد من الدماء ولتحوّل الحرب الاهلية الدائرة حاليا الى عملية تنظيف ذات طابع مذهبي. تلك هي كارثة الكوارث بالنسبة الى مستقبل سوريا والمنطقة المحيطة بها!

=================

ما بعد المهلة.. أين يتجه الموقف الدولي؟!

يوسف الكويليت

الرياض

10-4-2012

 قلنا إن سوريا لن تلتزم بأي تعهد لأن فكر السلطة ينصب على المراوغة والبحث عن منفذ تراه يدعم وجهة نظرها، ولذلك لجأت إلى طلب تعهدات مكتوبة من الجيش الحر والسعودية، وقطر، وتركيا عدم دعم المعارضة، وما بعد المهلة تحدده قوانين دولية بدفع من أعضاء مجلس الأمن أو الأمم المتحدة..

فإذا كانت سلطة العلويين تدعي أن دولاً سمتها بعينها تدعم المعارضة، ودعنا نصدق ذلك، فالشرط المقابل إيقاف دعم روسيا، وإيران والعراق وحزب الله وكذلك الصين والتي وصل بعضها إرسال محترفي قتل وحرب شوارع، اعتقل بعضهم واعترفوا بالمهمات التي كلفوا بها!!

ليس الأمر مقتصراً على مماحكات سياسية وأحكام تُقبل ثم تُرفض فالجانب الإنساني مختلط بالسياسي، والذين يأوون آلاف اللاجئين، ويتعرضون لمناوشات عسكرية، كما جرى على الحدود التركية مع سوريا، مؤشر يذهب إلى خطورة الموقف، وانفجاره، وهنا ستتغير الحسابات أي أن القبول بتفجير حدود دول بدعوى مساندتها المعارضة لن يقبل بأي حال، والقضية حصرت بقتل سلطة لشعبها. وهذا يصنّف بالإبادة الجماعية وله عقوباته الدولية التي طبقت على سلطات اتخذت نفس الحالة، وانتهت إلى زوال..

الموقف الدولي غير جاد باتخاذ قرارات حاسمة، ودعنا نقول إنه يفضل الدبلوماسية على الدخول في مواجهات ساخنة، لكنه غير غافل عما يجري، ومسألة أن يتمادى النظام ويغرق بدماء الأبرياء، قد تكون مهلة، ولكنها ستكون قصيرة لأن الأمر لا يتعلق بمواقف رسمية إذا ما بدأت الشعوب تتظاهر وتضغط أسوة بما حدث بممارسات خرجت عن القوانين والأعراف الدولية، ورفضت من قبل الرأي العام العالمي..

صحيح النظام لا يزال يشعر بقوته، لكنه ضعيف الحجة أمام ما يجري، وحسابات أن أمريكا وفرنسا في حالة استعداد للانتخابات وأن تدخلهما في أي شأن دولي مؤجل حتى تنتهي وتفرز الأصوات، ليس قاعدة تبنى عليها إدارة السياسات العليا، والأمر أيضاً مرتبط بإسرائيل، فهي محرك أساسي في الحدث السوري، لكنها لا تزال تجده أكثر خدمة لها من أي حكم قادم، وبالتالي فهي لا تضغط، ولا تطلق تصريحات تدفع بالقوى الكبرى التدخل..

اللعبة تجري على عدة محاور، لكن حتى لو لم يسقط النظام، فبقاؤه صعب لأن الدمار الشامل، وضعف بنية الاقتصاد، والاحتقان الشعبي العارم، لن تترك السلطة تستقر مهما تضاعفت القبضة الحديدية، والبدائل في هذه الحال كثيرة وميسورة..

لقد سقط الشاه صاحب ثالث أكبر جيش في العالم والمدرع بقوة «السافاك» ولحقه ابن علي الذي كانت مخابراته وصلت التشكيك بتجسس الأخ على أخيه، ولم تنفع الدروع التي أحاط بها نفسه حسني مبارك بالبقاء على الرغم من وقوف المؤسسات الأمنية والعسكرية معه، والأسد يدرك أن الزمن تغير، وأن الصورة التي اختزنها في ذهنه على مبدأ «اقتل قبل أن تقتل» لغة انتهت مع آخر دكتاتورية عظمى في الاتحاد السوفيتي، وبقايا نجومها في العالم، وعملية أن تحتكر أقلية طائفية الحكم والامتيازات وممارسة العنف بأقصى درجاته، لغة لا تستقيم مع العصر..

شرفاء الأمة العربية، سيقفون مع الشعب السوري أياً كانت الأحوال، وهي مسألة إنسانية وواجب تفرضه المبادئ والنواميس القومية، ولا يمكن مراعاة رغبة سلطة انتهت بفعل تقادمها وسلوكها إذا كانت الكرامة العربية هي الشرط والمبدأ..

=================

"الوثيقة" والمجتمع المدني

تاريخ النشر: الثلاثاء 10 أبريل 2012

الاتحاد

د. طيب تيزيني

أثارت الوثيقة التي طرحها "الإخوان المسلمون" مؤخراً (قبل عشرة أيام) انتباه السياسيين وأطراف من جماعة الإسلام السياسي، إضافة إلى مؤرخي الأديان عموماً والدين الإسلامي بكيفية خاصة. لقد جاءت هذه الوثيقة التي صدرت في سوريا الراهنة، أي في مرحلة ملتهبة حتى الحد الأقصى، بسبب الثورة المُعلنة فيها ومحاربة النظام الأمني لها بطريقة مفرطة في العنف. ولعلها الأكثر أهمية في تاريخ "الإخوان المسلمين" ضمن سوريا، على الأقل. ويجب الاعتراف بأن "الوثيقة" الإخوانية المعنية هنا قد تمثل بداية جديدة في تاريخهم، بحيث تبدو هذه البداية بمثابة قطيعة تامة مع ما سبقها. أما المقصود بذلك، فيتمثل في الانخراط بإشكالية المجتمع المدني، بما ينطوي عليه من مشكلات التعددية السياسية والمذهبية ضمن الدين الواحد وما بين الأديان المتعددة، والمواطنة، وما يمثّل جماع القول في الديمقراطية...إلخ.

والحق، أننا قد نكون مُخوَّلين بالقول إن ذلك التحول الاعتقادي والمعرفي، الذي يمر به أولئك "الإخوان"، أو فريق منهم في سوريا تخصيصاً، في مرحلتنا المعيشة، جاء تحت تأثير عدد من العوامل، التي أفصحت عن نفسها مع اندلاع ثورة الحرية والعدالة والكرامة منذ ما ينوف على العام، دون إهمال ما كان يظهر من إرهاصات تقدمية قبل ذلك التاريخ. وكان لتفكيك الاتحاد السوفييتي وللتجارب الاشتراكية الأخرى، دور في إعادة طرح أسئلة سابقة وأخرى مستجدة، اتصلت بتاريخ الإسلام، وبالقراءات التي تتالت له. نضيف إلى ذلك ما أثارته "ما بعد الحداثة" من قضايا ومشكلات مقروءة في سياق نشوء العولمة، ومن ضمنها تخصيصاً نظرية "نهاية التاريخ"، ونظرية "صراع الحضارات" وما يرتبط بها من مصطلحات "الإسلام السياسي" و"الإرهاب الإسلامي"، مع تركيز مخصص على هيمنة نظام الاستبداد الرباعي والفساد في سوريا، والنتيجة أن الشعب السوري دُمّر بطبقاته وفئاته وأجياله، ما عدا طغمة صغيرة Oligarchie امتلكت كل ما تحوز عليه سوريا من ثروات جعلت باحثين يرون أنها (أي سوريا) أغنى بلد عربي.

وقد يكون ضرورياً تأكيد أن ما عمل النظام الأمني على إنتاجه، مثل الحرب الطائفية، وتراتبية طبقية وفئوية جديدة دمّرت البلاد وأفقرت العباد، أثار دوراً مهماً في التيّقظ الوطني والتنويري ضمن كل الأوساط. وهذا راح يُعلن عن نفسه بصيغة بزوغ "الربيع العربي" في العالم العربي، ويحفّز على المطالبة بمنظومة الحقوق المهدورة لكل الطبقات والفئات ومنها الشبابية تخصيصاً، بحيث أفضى ذلك إلى جعْل هذه المطالبة جزءاً من عملية تجديد وطني تاريخي: لقد بزغ مشروع النهوض الوطني الديمقراطي.

أما المفاجأة المعرفية والأيديولوجية الكبرى في الخطاب الإخواني الجديد، فتتجسد في التأثير الذي مارسته العودة إلى التراث الإسلامي النّبوي، وأنتجت حدثاً كبيراً وفارقاً في الشخصية المحمدية الفذة، نعني بذلك الوثيقة التاريخية التي أتت تتويجاً لحادث "الهجرة من مكة إلى المدينة" عام 622 ميلادية، وهو الذي دخل التاريخ تحت العنوان التالي:"وثيقة الموادعة أو صحيفة الموادعة (وردت في: سيرة ابن هشام). فقد كتبها الرسول "كتاباً" بين المهاجرين والأنصار، وادَعَ فيه يهودَ وعاهدهم وأقرّهم على دينهم وأموالهم وشروطهم، واشترط عليهم: وإنّ على اليهود نفقتهم وعلى المسلمين نفقتهم، وإن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة....".

لقد أعِيد "اكتشاف" هذه الصحيفة، فقُرئت في ضوء القول ب"مدينة قائمة على الموادعة والتآلف بين سكانها من مسلمين وآخرين، وفق قواعد المساواة والوئام". ولمّا كان تحقيق تلك القواعد غير محتمل بين مجموعات مختلفة، إلا انطلاقاً من الإقرار المبدئي بالتعددية والاختلاف والتوافق، فإن ذلك يلتقي في "كلمة سواء" هي "وحدة المدينة- المجتمع". فإذن، لكلٍ دينه، ولكل خياراته، ذلك لأن الله لو شاء لجعل الناس أمة واحدة، مِما يجعل التعددية والاختلاف من طبائع الأمور، لم يكن مستحيلاً تبني خطاب جديد.

=================

ديبلوماسية العجز الأوروبي في الشرق الأوسط

محمد السمّاك

المستقبل

10-4-2012

هل ندم الاتحاد الأوروبي على تورطه في الحرب الليبية التي أطاحت بحكم معمر القذافي؟ لم تقدم أوروبا عسكرياً واحداً ضحية في تلك الحرب التي حصدت عشرات الآلاف من الضحايا، ولكنها تمكنت من إبراز عضلاتها العسكرية لأول مرة منذ حرب البوسنة في منتصف التسعينات من القرن الماضي. وفي الواقع كانت تلك عضلات أطلسية. وقد أثبتت وقائع الحرب الليبية أنه لولا المشاركة العسكرية الأميركية لما تمكنت القوات الأطلسية من حسم الحرب بتلك السرعة. وهو ما أثبتته قبل ذلك المشاركة الأميركية في حرب البوسنة، ليس لأن القذافي كان يملك جيشاً حديثاً أو لأن ميلوسوفيتش كان يدير جيشاً صربياً قوياً، ولكن لأن أوروبا لم تعد لها إرادة قتالية. بل إنها فقدت حتى شهيتها على القتال. وفقدت تبعاً لذلك الكثير من أدواتها القتالية باستثناء الاستعراضية منها. لم تعد المجموعة الأوروبية ترغب حتى في المشاركة في قوات حفظ السلام في أي منطقة في العالم. فدبلوماسيتها الخارجية أصبحت تقوم على عاملين أساسيين هما المال والمقاطعة. أي المساعدة ااقتصادية والعقوبات الاقتصادية. وحتى بعد وقوع الأزمة المالية، فان المجموعة الأوروبية لا تزال قادرة على استعمال سلاح المال مساعدات وهبات وقروضاً.. كما انها لا تزال قادرة على استعمال سلاح العقوبات والمقاطعة ضد أي دولة تتمرد على مصالحها الستراتيجية أو تشكل خطراً على هذه المصالح.

ولعل الشرق الأوسط هو أبرز مناطق العالم التي تتمظهر فيها هذه السياسة الأوروبية الجديدة. فالاتحاد الأوروبي يفرض الآن عقوبات على سوريا على خلفية سلوك النظام الدموي؛ كما يفرض عقوبات على إيران على خلفية ملفها النووي. ومنذ عام 2010 فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات محدودة على مصر وليبيا وتونس، كما فرض الحظر على زيمبابوي وساحل العاج، وفي أوروبا فرض الحظر على بيلاروسيا، وفي آسيا على ميانمار الى أن تراجعت هذه الدولة عن سياستها الاستبدادية.

ولكن اذا كان سلاح العقوبات أثبت فعالية في ميانمار، الا انه لم يثبت هذه الفعالية لا ضد نظام الرئيس العراقي السابق (صدام حسين) ولا ضد النظام الإيراني الحالي. غير أن أهم ما في هذا السلاح هو انه يشهر ضد الدولة التي توجه اليها العقوبات باسم 27 دولة عضواً في الاتحاد الأوروبي. ولذلك فان للعقوبات قوة ضغط معنوية اضافة الى قوة الضغط الاقتصادية. ومن خلال هذه القوة يحاول الاتحاد الأوروبي أن يثبت وجوده في لعبة الأمم بدلاً من القوة العسكرية التي كان يلجأ اليها في السابق.

فالتوافق بين الدول الأعضاء على إقرار المقاطعة والالتزام بها يصور الاتحاد على انه قوة متماسكة يحسب لها. الا ان ذلك لا يعني انه لا توجد خروقات. فاليونان مثلاً لم تلتزم بالعقوبات الأوروبية على إيران الا بعد أن حصلت على تعويضات نفطية من الاتحاد الأوروبي تخفف مضاعفات وقف الاستيراد بأسعار تشجيعية من ايران. كذلك فان سلوفينيا ذهبت الى حد التمرد على قرار مقاطعة بيلاروسيا لتناقض المقاطعة مع بعض مصالحها الاقتصادية.

من هنا السؤال: هل يستطيع الاتحاد الأوروبي مواجهة التحديات الكبرى في أوروبا والشرق الأوسط من خلال الاعتماد فقط على سلاح العقوبات؟

في مقدمة هذه التحديات عودة الرئيس بوتين الى الكرملين رئيساً للاتحاد الروسي. فالرئيس بوتين عاد رغم المعارضة الأميركية الأوروبية ورغم اتهاماتهما له بالتزوير وسوء استغلال السلطة. وهو يجاهر بمعارضة الستراتيجية العسكرية الأميركية ويهدد باقامة شبكة من الصواريخ الستراتيجية موجهة الى أوروبا للتصدي لشبكة الصواريخ الأميركية التي أقيمت في بولنده وتشيكيا حتى الآن. ثم ان أوروبا تعتمد بصورة أساسية على روسيا للحصول على حاجتها من الغاز والنفط. صحيح ان روسيا تحتاج الى الزبون الأوروبي لتصريف انتاجها من الطاقة، ولكن الاتحاد الأوروبي لا يستطيع أن يعيش من دون هذه الطاقة. ولعل هذا ما يفسر التعامل الأوروبي الليّن مع الفيتو الروسي الذي أجهض محاولات إدانة النظام السوري أمام مجلس الأمن الدولي.

يتكامل هذا التحدي مع تحد آخر وهو قرار الولايات المتحدة تصفية قواعدها العسكرية في الدول الأوروبية والتي لا تزال قائمة فيها منذ الحرب العالمية الثانية. فالدول الأوروبية لا تفتقر فقط الى الامكانات العسكرية لملء الفراغ المترتب عن الانسحاب الأميركي، ولكنها لا تملك حتى الارادة السياسية لذلك. فكيف ستتصرف في ضوء ارتفاع حدة الحرب الباردة بين موسكو وواشنطن؟

ثم ان الولايات المتحدة قررت وأعلنت قرارها رسمياً بالتوجه الى آسيا عبر المحيط الباسيفيكي. اي انها تعطي التوجه الباسيفيكي الأولوية على التوجه الأطلسي الذي اعتمدته منذ الحرب العالمية الأولى. فالاهتمامات الأميركية الجديدة هي في الأسواق الآسيوية (أندونيسيا الفلبين - فيتنام كوريا والهند)، والهموم الاميركية هي في هذه الأسواق أيضاً ( الصين واليابان ).

واذا كان الاتحاد الأوروبي يواجه تحدياً شديداً نتيجة المتغيرات في التوجه الاميركي من الأطلسي الى الباسيفكي، واذا كان يواجه في الوقت ذاته تحديات أخرى نتيجة التغيير في التعامل الروسي مع "دول الجوار" في أوروبا الشرقية رداً على توسع الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطسي شرقاً لاحتواء هذه الدول التي كانت حليفة للكرملين، فان المتغيرات التي تعصف بالعالم العربي تشكل اضافة كبيرة الى هذه التحديات.

فالاتحاد الأوروبي الذي لا يملك استراتيجية لمرحلة عودة بوتين، ولا لمرحلة ما بعد أوباما (؟)، يكتشف الآن أنه يفتقر الى استراتيجية لمرحلة ما بعد "الربيع العربي" أيضاً.

فقد فوجئ الاتحاد كغيره من القوى الدولية الأخرى- بانفجار سلسلة المتغيرات في العالم العربي. ذلك ان هذه الأحداث لم تقع نتيجة انقلابات عسكرية، ولم تطلقها أحزاب أو قوى محلية مرتبطة أو غير مرتبطة بالخارج، ولكنها وقعت ربما لأول مرة في التاريخ نتيجة مبادرات أفراد جمعهم الشعور بالظلم والاستبداد، والتطلع نحو حياة حرة كريمة. ولقد أسفرت هذه الأحداث عن خسارة الاتحاد الأوروبي ومرة أخرى كغيره من القوى الدولية- أصدقاء لم يجرؤ على التحسر عليهم، ولم يعرف بعد كيف يقيم صداقة مع الذين حلّوا محلهم. فالبوابة الكبيرة للدخول الى العالم العربي الجديد لا تزال مقفلة في وجه الاتحاد الأوروبي وهي بوابة حل القضية الفلسطينية حلاً عادلاً. ذلك ان الولايات المتحدة لا تزال تمسك بمفتاح اللاحل، وتعطل بالتحالف مع اسرائيل كل محاولة لصناعة مفتاح بديل.

لا شك في أن المقاطعة والعقوبات الاقتصادية والمالية التي فرضها الاتحاد الأوروبي على النظام السوري لاقت ارتياحاً لدى حركات الربيع العربي، ولكن رغم أن ذلك هو أكثر ما يمكن أن تقدمه دول الاتحاد أو أكثر ما تقدر على تقديمه، فانه لا يحل المشكلة.

فالاتحاد الأوروبي يعاني من تداعيات الهجرة من دول جنوب المتوسط. ولقد جعل الرئيس نيقولا ساركوزي من هذه القضية ركناً أساسياً في حملته من أجل تجديد رئاسته. ولكن لا دول جنوب المتوسط سوف تتوقف عن تصدير المهاجرين بغياب التنمية البشرية، ولا دول غرب أوروبا سوف تتوقف عن الحاجة الى اليد العاملة الأجنبية اذا ارادت لاقتصادها أن يستمر في النمو على عكس مجتمعاتها التي تشيخ.

من أجل ذلك لا يستطيع الاتحاد الأوروبي "بالمقاطعة والعقوبات" فقط أن يقيم علاقات أفضل سواء مع روسيا بوتين أو مع عالم الربيع العربي.

حتى الآن تعتمد دول الاتحاد في توافقها على قرارات الحد الأدنى: العقوبات والمساعدات، غير أن الأولى أثبتت انها لا تخيف ظالماً ولا تردع مستعبداً. أما الثانية فقد أثبتت أنها لا تسمن ولا تغني من جوع.

=================

سوريا: انتهت المهلة و القتل مستمر

علي حماده

2012-04-10

النهار

اليوم هو الموعد النظري لوقف النار في سوريا وفق مهلة المبعوث الدولي العربي كوفي انان، ويفترض بحسب ما فهم من تفاصيل المهلة، ان يكون بشار قد سحب قواته و آلياته من المدن والقرى السورية، و اوقف قتل السوريين بشكل تام في مقابل ان يوقف الجيش الحر والثوار استهداف قوات النظام.

هذا لن يحدث اليوم ولا في المدى المنظور. فالنظام يعي ان احجامه عن قتل السوريين ولو لاسبوع واحد مؤداه نزول الملايين الى الشوارع والساحات بدءا من دمشق وحلب اكبر حاضرتين في البلاد. هذا تماما ما يدفع قاتل الاطفال وبطانته الى مواصلة القتل، ومحاولة توسيع نطاق الازمة في محاولة لتحويلها نزاعاً اقليمياً يمنحه مزيدا من الوقت وفرصة للافلات من ازمته الداخلية المستعصية. لقد فقد بشار سوريا الى الابد، ومع ان محيطه لا يتوانى عن القول في مجالس خاصة ان القتل سيتواصل ولو بلغ المليون ضحية ولن يتزحزح النظام ، اكثر من ذلك ثمة من ينقل عن شخصيات امنية رفيعة المستوى في النظام قولها ان الاخير ذاهب في معركة البقاء الى الى النهاية، ولو كلف الامر ابادة ربع سكان سوريا! هكذا يتحدثون في مجالس قتلة الاطفال، وهكذا يفكرون. ولمن لم يصدق بعد نحيله على الفيديو المسرب على شبكة اليوتيوب، وفيه مشهد رجل يحرقه جنود بشار مطالبين اياه الا يناشد ربه ب"يا الله" بل ب"يا بشار"! هذا هو قاتل الاطفال في سوريا، و هؤلاء هم رجاله، و هذا هو ارث حافظ الاسد .

في مطلق الاحوال سيمر اليوم والقتل متواصل بالرغم من اعلان "الجيش الحر" عن التزامه وقف النار طبقا لمطلب انان، وسيلجأ بشار كما فعل قبل يومين الى اعذار جديدة تغطيها روسيا الشريكة في نحر السوريين وقتل اطفالهم. ومع رفض انان و الامم المتحدة لشرط النظام بالاستحصال على التزام مكتوب ليس فقط من الجيش الحر بل من كل الداعمين له، سنكون اليوم على موعد مع شروط جديدة جل هدفها التملص من اي التزام لوقف القتل. وروسيا مستمرة في التغطية على قاعدة ان كل شيء مطلوب من النظام ولا شيء من المعارضة.

لقد شكل اطلاق النار على مخيم للاجئين السوريين على الجانب التركي من الحدود صباح امس اشارة الى سعي بشار الى توسيع حلقة الصراع لتقزيم الكارثة الداخلية التي هو في صددها. ويمثل اقحام الاتراك في اشتباك مسلح اليوم استباقا لاحتمال قيام ممرات انسانية يحميها الجيش التركي بقرار اممي (هذا اذا قبل الروس)، كما انه ينقل معركة النظام من صراع مع الشعب السوري الى نزاع مسلح مع جهة خارجية بما يدفع بالمجتمع الدولي الى اجراء تعديلات في مقاربة الازمة السورية .

لقد وصل النظام الى مرحلة يشعر فيها بأن لا خلاص له الا بالتصعيد والتصعيد ولو قتل مئات السوريين يوميا. والسؤال الى متى تستمر موسكو في الاشتراك في جريمة كبرى تتمثل في قتل الشعب السوري؟

=================

سقوط مهين لمهمة أنان!

راجح الخوري

2012-04-10

النهار

انتهت مهمة كوفي انان في سوريا تماماً كما سبق ان انتهت مهمات الجامعة العربية ومبادراتها وبعثة مراقبيها. وما كان واضحاً منذ البداية تقريباً اصبح من المؤكد الآن، فالوضع في سوريا دخل نفق الحرب الاهلية الطويلة والمؤسفة وما فيها من المآسي والفظائع. في أول الأمر كانت الجامعة العربية هي التي تشتري الوقت للنظام السوري لكي ينهي المعارضة، فقد كانت "عقدة" تدخل حلف "الناتو" في ليبيا تتحكم بالموقف العربي، ثم دخل المقاولون الروس على خط شراء الوقت عبر "الفيتو" وتعطيل الارادة الدولية. وعندما بدأ كوفي انان مهمته مدعوماً من الامم المتحدة وروسيا ظن الكثيرون ان موافقة النظام السوري بعد شهرين من الجدال على نقاطه الست ستشكل مدخلاً الى الحل.

يوم الاحد جاءت المفاجأة عندما ظهرت مهمة انان ونقاطه الست جثة كبيرة وسط القتلى، فقد اصدرت دمشق بياناً جاء فيه: "ان القول ان سوريا اكدت انها سوف تسحب قواتها من المدن ومحيطها في 10 نيسان تفسير خاطئ"، وان انان لم يقدم "ضمانات بالتزام كل من قطر والسعودية وتركيا وقف تمويل المجموعات الارهابية وتسليحها"!

هذا البيان لا يشكل نعياً لمهمة انان فحسب، بل يشكل إهانة للامم المتحدة ومجلس الامن بما في ذلك روسيا والصين اللتان ايدتا تلك المهمة. فاتهام المجتمع الدولي بأنه اخطأ التفسير يمثل صفعة للذين راهنوا على مهمة أنان. وما يدعو الى مرارة السخرية ان دمشق تتذاكى عندما تطلب من انان القيام بمهمة مستحيلة هي جمع الضمانات المكتوبة ليس من الجيش السوري الحر فحسب الذي اعلن التزامه الخطة، بل من قطر والسعودية وتركيا وهو أمر مستحيل:

اولاً لأنه يصوّر الثورة السورية وكأنها مؤامرة خارجية كما يزعم النظام، وثانياً لأنه يريد تحميل هذه الدول المسؤولية القانونية والاخلاقية والانسانية عن آلاف القتلى وحمامات الدم التي تغرق سوريا منذ عام ونيف، وثالثاً لأن من الواضح ان النظام يريد ان يستمر في الحل العسكري رغم انه وافق على تاريخ 10 نيسان لسحب القوات مراهناً على سحق المعارضة قبل انتهاء فرصة انان، لكن استمرار المقاومة دفعه الى اسقاط مهمة انان بطلب هذه الضمانات المستحيلة وهو ما يتيح له المضي في الحل العسكري الذي لن ينجح حتى لو تحولت سوريا كلها بابا عمرو.

 كوفي انان الذي اعلن قبل يومين انه مصدوم من العنف والفظائع والمعدلات المفزعة في اعداد القتلى، يواجه الآن صدمة المطالبة بالضمانات التي تعني عملياً انهاء مهمته، وبان كي - مون يتهم النظام بانتهاك موقف مجلس الامن ويأسف لاستمرار القتل، وروسيا تستقبل وليد المعلم للبحث في مناقصة جديدة لشراء الوقت... اما العالم فمجرد تمساح كبير يذرف الدموع على القتلى السوريين وينتظر عبثاً "الاجراءات التركية" الموعودة في حين تنزلق سوريا الى نفق الحرب الاهلية الطويلة!

=================

وتستمر المذبحة

أ. د. بسام العموش

الرأي الاردنية

10-4-2012

لا يزال شلال الدم السوري غزيراً قانياً من النساء والشيوخ والأطفال والرجال العزل المدنيين، ولن نلوم النظام على قتال الجيش السوري الحر فهذه معركة رجال بالرغم من الفارق في التسليح لكن لن نسكت على الجريمة العظيمة اليومية البشعة في حق شعب بأكمله. إن المشهد الحالي هو صورة حية لرئيس يخطف أرضاً وشعباً ويدرب جيشه على أجساد هذا الشعب المنكوب، نعم يتم كل ذلك حرصاً على السلطة التي سيتركها هو وحزبه ولو بعد حين. إن كل واحد من الأفراد وكذلك الانظمة يصنع تاريخه بيديه، فما الذي سيسجله التاريخ لهذا الرئيس والفئة الحاكمة معه ؟؟! كنا في بداية عهده نقول إنه شاب متعلم وطبيب إنسان وليس مسؤولاً عما جرى قبله، وكتبت شخصياً في هذا السياق، وكانت المعارضة المشردة ( ومنها المعارضة الإسلامية ) تقول ذلك وتم إيصال أكثر من رسالة لسيادته لطي صفحة الماضي والبدء من جديد، وكانت النتيجة سلبية بل قام الرئيس نفسه بشن هجوم عليهم والتهكم عليهم. وما دام الأمر كذلك فلم يعد مقبولاً من أحد أن يتلون في هذه المسألة، فإيران تعلن وعلى رؤوس الأشهاد أنها مع النظام السوري وكذلك فعل حزب الله، وهذا مفهوم في السياق المذهبي والمصلحي لكنه لا علاقة له بالحق والإنسانية واحترام إرادة الناس. يفترض فيمن اكتوى بنار الدكتاتور أن لا يقف إلا مع المظلوم، ويفترض فيمن يدعي المقاومة أن يكون مع المظلومين لأن المقاومة موجهة للظلم. وإذا كانت هذه الجهات متلاحمة لأبعاد طائفية فإن غيرها غير معذور في إعلان الموقف الحق إلا أولئك الذين لا يزالون يقبضون عبر الحدود ومن السفارات.

لابد أن تكون المواقف واضحة فالدم لا يقبل المجاملة وبكاء الأطفال والنساء لا يرحم، فنحن أمام جريمة لا تضاهيها جريمة، جيش بكامل عتاده يقتحم المدن والقرى ويجري فيها مناورات بالذخيرة الحية لا نراه إلا في الأرض السورية، وليت الأمر يقف عند القتل بل التشويه والمُثلة بالجثث وإحراقها وإخفائها عن ذويها واستخدامها للتضليل الإعلامي بالادعاء أن قاتليها هم « العصابات المسلحة « !! فعلاً قاتلوها هم العصابات المسلحة للنظام الذين اعترف لهم بذلك «طارق الهاشمي « يوم أكد أن عراقيين مذهبيين يقاتلون مع النظام السوري وهو ما أكده سوريون يوم قبضوا على عناصر أجنبية تقاتل مع النظام ووجدوها تتكلم الفارسية !!!!.

نحن بانتظار الثلاثاء الحمراء التي هي مهلة مجلس الأمن لنرى ما الذي سيفعله مجلس الأمن وهل سيحقق الأمن لشعب سوريا الذي ينتظر إنصاف المجتمع الدولي له بأن يوقف آلة الدمار اليومي وأن يرعى عملية تحول ديموقراطي تزيل الظلم والدكتاتورية ونظام الحزب الواحد.

=================

العاشر من نيسان في سورية

د. موسى الكيلاني

الرأي الاردنية

10-4-2012

من المقرر ان تبدأ في هذا اليوم الهدنة التى نجح في الوصول اليها السيد كوفي أنان، الوسيط العربي الدولي والمكلف بايجاد نهاية للمجازر اليومية التي تمارس ضد الشعب السوري والتي بلغ عدد ضحاياها حتى الان عشرين الفاً و917 من المدنيين بالاضافة الى المُهجرين اللاجئين في الاردن وعددهم مائة الف سوري واضعاف هذا الرقم في تركيا ولبنان.

ومن المقرر ان تكون الخطوة الاولي حماية المدنيين بوقف اطلاق المدافع من الجيش السوري، ومنع طائرات الهليكوبتر من توجيه صواريخها الى الشقق السكنية الشاهقة الارتفاع. ويعقب ذلك انسحاب الاليات الثقيلة من المدن، ويقابل ذلك استجابة مماثلة من القوى المعارضة والمتشرذمة ما بين « عدة معارضات « وعدة ميليشيات وعدة جنرالات واكثر من « غوار الطوشة «اطلق سيرجي لافروف، وزير الخارجية الروسي، تصريحاً اعتبره المراقبون تتويجاً للحرب النفسية التي قادها منذ ثلاثة عشر شهراً. يقول التصريح حرفياً: «لن يكون بامكان الثوار القضاء على قوات الجيش النظامي في سوريا، حتى لو تم تزويد المعارضة السورية باحدث انواع الاسلحة العصرية المتقدمة. «

وقد جاءت تصريحات لافروف رداً على الرغبة السعودية القطرية التركية الداعية الى تمكين الجيش السوري الحر من حماية المدنيين في حمص وادلب وحماة وذلك بتزويده بالصواريخ الدفاعية ومضادات الدروع التي لا يُسمح دولياً باقتنائها الا للحكومات والدول ولا تباع في الاسواق السوداء من دول اوروبا الشرقية.

لقد بدى الفرز الطائفي واضحاً عندما القى رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي كلمته في مؤتمر اسطنبول وخاطب الجميع « لماذا تريدون تغيير النظام في سوريا؟؟»

انه الفرز الطائفي ذاته الذي نراه في مدن سوريا وحتى في شوارع حمص وحماة وادلب وارواد وجميع مناطق الشمال السوري حيث كان الاعتقاد ان نسيج المجتمع هناك غير قابل للانفصال أو الشرخ.

إنه نفس الفرز الذي شهدته لبنان قبل اربعين عاماً وادى الى حرب اهلية لم تُضمّد جراحها تماماً حتى الان.

فهل يستطيع كوفي انان منع الفرز الطائفي, وهل يقدر على مواصلة مساعية لتشكيل حكومة جديدة تتمثل فيها قوى المعارضة السنية والكردية مع الاطراف المراقبة للوضع من ابناء الدروز والاورثوذوكس ؟؟؟

لم تكن بدايات التعبير من اقطاب المعارضة إلا المناشدة بالإصلاح وعدم تغيير النظام, ولكن الممارسات التيمورلنكية للفرقة الرابعة في درعا، والظمأُ اللاهب للشقيق ماهر الاسد لشرب الدماء السنية، قد صعّد الامور الى ما نراه الان من مطالبات بايجاد سوريا القرن الواحد والعشرين التي تريد لابنائها حياة ديمقراطية كريمة، لا تجوع مرضع من كريمات اسرها، ولا يفقد ماء كرامته شاب ناصب العدو الاسرائيلي العداء.

والامر الان على مفترق طرق وبين نهجين، اما ان يختار الرئيس بشار الاسد ان يتبع نهج الرئيس سوار الذهب، الذي انقذ اسمه وشعبه، اوالنهج الاخر الذي رايناه في الرئيس معمر القذافي في ليبيا.

فالعاشر من نيسان يومٌ مفصلي في التاريخ السوري الحديث اذا ما سمحت بذلك طهران وبغداد وروسيا.

===================

اللاجئون السوريون في الاردن

د.محمد صالح المسفر

2012-04-09

القدس العربي

(1) قدر الاردن الشقيق ان يكون الحضن الدافىء لكل مغبون في امتنا العربية في عصرنا الراهن ، كان الاردن في الماضي البعيد ميدانا من ميادين التاريخ مسرح عمليات العزة والكبرياء والكرامة فهذه مؤتة تدحر الروم وتوقع بهم الهزيمة الكبرى، اليرموك الشهيرة في تاريخ امتنا المجيد، وهذه تبوك على تخوم الاردن الحبيب اخر معارك الرسول عليه السلام وتلك حطين.

ما اطهرك يا اردننا الحبيب وما اعظم عطاءك، في الماضي قدمت الارض والرجال والمال من اجل رفع كبرياء امتنا العربية، واليوم يا اردن الهاشميين ونشامى الامة العربية المجيدة تفتح ابوابك دون تكبر او منة لكل مغبون عربي ضاقت ارضه بحملة وانعدم الامن لاهله وذبحت الكرامة وعز الصديق والنصير فكان الاردن العزة والشموخ موئل ذلك الانسان ينشد الامن والكرامة وحماية العرض رغم شح الموارد، ورغم ضيق ذات اليد، لكن النخوة العربية عند اهل الاردن فتحت ابواب المملكة الاردنية الهاشمية لكل مستجير بهم.

(2)

لجأ الى الاردن الشقيق الاف العراقيين عندما حلت بهم كارثة العصر وتم احتلاله، عندما المت بهم المحن وتجبر الطغاة في بغداد ففر الناس ينشدون الامن والامان وحماية الاعراض الى الاردن، صحيح كان منهم الاغنياء ولكن الغالبية العظمى من لاجئي العراق ليسوا من الاغنياء فوجدوا الامن والحياة الكريمة في المدن الاردنية يشاركون اهلها الذين هم في الاصل في حاجة الى العون من اخوانهم العرب الاغنياء الماء رغم شحته والمدارس رغم ضيقها والمستشفيات رغم ازدحامها باهل البلاد، واليوم تزدحم المدن الاردنية باللاجئين من اهل الشام هروبا من بطش النظام السياسي في دمشق، اطفال يبحثون لهم عن مدارس بعد ان اصبحت مدارسهم معسكرات لجيش النظام السياسي في المدن، ولم تعد هناك مستشفيات تستقبل المرضى والمصابين فكان الاردن خير معين لم يغلق ابوابه في وجه من اتجه نحوه من اهل الشام ينشد الامن والحياة الكريمة. نعم ازداد الحمل على حكومة الاردن الشقيقة فمطلوب منها تأمين العلاج لكل من طلبه وتؤمن التعليم لكل من رغب في تلقيه وتوفر الامن للكل لكن ظروف الاردن هي ايضا صعبة فلا عون ولا مدد من صديق او شقيق.

 

(3)

في ظل الظروف الاقتصادية التي يمر بها الاردن الشقيق، وفي حركة توافد اللاجئين من كل مكان نحو الاردن طلبا للامان والكرامة، هل يمكن ان يلتفت العرب الذين حباهم الله بثروات مالية وموارد طبيعية عالية الثمن واخص بالذكر هنا كل الدول العربية المنتجة للبترول والغاز في تقديم العون والمساعدة لاهلنا في الاردن كي يقوموا بواجبهم تجاه اخوانهم الذين احتموا بهم من بطش الانظمة السياسية الظالمة في اوطانهم.

نريد العون للاردن الشقيق ليس في شكل خيام وبطانيات ومواد غذائية ولو انها مطلوبة في الوقت الراهن ، لكن ما قصدته هو العون في مجال الخدمات الطبية والتعليمية.

قمت بزيارة الى مدينة الحسين الطبية ذات السمعة العالية التي يتوافد الكثير من العرب لتلقي العلاج في تلك المدينة العريقة، رأيت جماهير غفيرة من كل الاقطار العربية على ابواب العيادات وفي ردهات هذا الصرح العظيم وفي الساحات الخارجية الكل ينتظر دوره لمراجعة العيادات المختصة. رأيت ادوات ومعدات طبية موغلة في القدم ، عيادات تحتاج الى صيانة ضرورية.

رأيت اطباء ذوي اختصاصات عالمية ومن جامعات يشار اليها بالبنان في مجال الطب ممرضين مهرة يشكون الندرة المالية لتجديد عياداتهم ومختبراتهم التي تحتاج الى استبدال لانها لم تعد تتماشى مع التطور في هذا المجال.

(4)

خرجت من هذا الصرح الكبير الذي فتح ابوابه على مدار الساعة وموظفيه بكل درجاتهم وتخصصاتهم لا يكلون ولا يملون من خدمة مرضاهم ومراجعيهم.

خرجت من المدينة الطبية حزينا مكسور الخاطر لم استطع اخفاء عبراتي تعبيرا عن عظيم حزني والمي من هول ما رأيت قلت في نفسي لقد حبانا الله نحن اهل الخليج حكومات ومواطنين بالخير الوفير، تبرعاتنا وصلت الى كل بقعة في الارض حتى اغنى دول العالم مثل اليابان وامريكا وحتى حديقة الحيوان في بريطانيا، الا يستطيع هؤلاء الذين حباهم الله بسعة في الرزق ان يتبرع كل ثري منهم بتأثيث عيادة القلب واخر عيادة الكلى وثالث عيادة العيون ورابع عيادة امراض السرطان والعيادات الباطنية والولادة وتجديد المختبرات التي تخدم العيادات الطبية وهكذا تتم اعادة تحديث وتوسيع المدينة الطبية عن طريق اهل الخير ان تجهيز عيادة في مدينة الحسين الطبية اجرها عند الله يفوق اجر بناء مسجد لانها ستنقذ انسانا من الهلاك.

اخر القول: تعالوا يا اثرياء العرب يا من تحبون الخير وتقدمونه للمحتاج ليتبنى كل منكم اعادة تأهيل عيادة في هذه المدينة الطيبة ولا مانع ان يكتب اسمه عليها تخليدا لذكراه نحن امة التكافل والتضامن والله يبارك لكم فيما تنفقون من اجل الخير.

=================

هذا الجيش السوريّ... لماذا؟

الثلاثاء, 10 أبريل 2012

حازم صاغيّة

الحياة

قبل إطاحة صدّام حسين في العراق رأت أصوات في المعارضة العراقيّة أن يُحلّ الجيش في ما بعد صدّام. وقد نفّذت الولايات المتّحدة، بعد 2003، رغبة هذا الفريق الراديكاليّ من المعارضة الذي صار بعضه حاكماً.

بدورها جاءت التطوّرات اللاحقة لتثبت أنّ القرار هذا كان خاطئاً، لا لأنّه خاطئ بذاته، بل لأنّ المجتمع العراقيّ مفتّت إلى حدّ يستدعي وجود هذه الأداة «الموحّدة». لكنّ مجرّد قبول هذه المعادلة يعني أنّ الجيش ضريبة يتمّ دفعها للتحايل على انقسام لا يمكن التحايل، إلى ما لا نهاية، عليه.

كائناً ما كان الأمر يمكن تفهّم الرغبة العراقيّة التي عبّرت عن نفسها بالمطلب هذا. فالجيش ومتفرّعاته الأمنيّة التي شكّلت عبئاً هائلاً على صدر الاقتصاد ومستوى المعيشة العراقيّين، يرقى تدخّله في الحياة العامّة إلى انقلاب بكر صدقي في 1936، ثمّ كان انقلاب رشيد عالي الكيلاني ذي الهوى النازيّ في 1941، ومنذ 1958 كان لا يرتاح من انقلاب عسكريّ حتّى يباشر انقلاباً آخر. أمّا مع صدّام حسين فارتبط ذكر الجيش بمغامرات أكبر كثيراً وأخطر كثيراً من سابقاتها، كالحرب مع إيران ثمّ اجتياح الكويت وصولاً إلى مواجهة 2003 الحاسمة والأخيرة. في هذا المسار المديد لم تُسجّل قصّة بطوليّة واحدة في مواجهة «الأعداء القوميّين» قياساً ب «البطولات» التي سُجّلت في سحق الأكراد والشيعة بعد هزيمة الكويت. حتّى اللفظيّة المنتفخة في دعم القضيّة الفلسطينيّة استحالت سحباً للقوّات العراقيّة التي كانت تتمركز في الأردن، عام 1970، تمهيداً لتصفية القوّات الفلسطينيّة في حربها الأهليّة مع الشرق أردنيّين عامذاك.

مشاعر كهذه لا بدّ من أن تنتاب سوريّين كثيرين اليوم، وهم يرون جيشهم «الباسل»، المعزّز بالشبّيحة، يقتل أبناءهم ويدمّر مدنهم وبلداتهم، مُنزلاً الفظائع بالبشر والحجر من غير أن ينعكس ذلك انعكاساً واضحاً ومؤثّراً على تماسكه ووحدته الداخليّين.

وما يصحّ في الجيش العراقيّ يصحّ في الجيش السوريّ الذي بدأت تكرّ انقلاباته العسكريّة في 1949 كما تباهى مراراً بخنق، أو باحتواء، البدايات الديموقراطيّة التي لم يتسنّ لها أن تتطوّر في سوريّة الحديثة. أمّا المواجهات مع «العدوّ الصهيونيّ» فلم تكن غير حديث خرافة جُرّبت في 1967 وفي 1982 وفي 2006، فيما نُفخ الدور الذي أُدّي في 1973 للتستّر على بقاء الأرض محتلّة ولتوطيد عبادة حافظ الأسد. فإذا أضفنا وظيفة هذا الجيش الجرّار كأداة امتصاص جزئيّ للبطالة، تكامل دوره في إطالة عمر المنظومة السياسيّة والأمنيّة والاقتصاديّة التي تثقل على صدور السوريّين منذ 1963.

وقد يقال إنّ الخوف هو ما يجعل الجيش السوريّ يتصرّف كما لو أنّه أفراد بلا أهل. غير أنّ جيشاً يتمكّن منه الخوف إلى هذا الحدّ، ولو أنّ الخوف جدّيّ وكبير، سبب آخر يوجب التفكير في مدى نفع الجيش الذي «ينفّذ الأوامر».

لقد قضت الحرب العالميّة الثانية بإبقاء بلدان كألمانيا واليابان اللتين صدّرتا نزوعهما العسكريّ توسّعاً خارجيّاً، بلا جيوش. يومها تنفّست النُخب التقدّميّة في البلدين هذين الصعداء، إذ ضمنت إزاحة هذا التهديد الدائم عن صدر حياتها السياسيّة وعن صدر جيرانها، كما هلّلت لتحويل المصادر التي تُنفق على الجيوش إلى عمليّات التنمية.

متى تفكّر نُخبنا التقدّميّة بطريقة مشابهة؟

=================

الإنقلاب على خطة أنان

الثلاثاء, 10 أبريل 2012

الياس حرفوش

الحياة

بعد رفض النظام السوري تطبيق التزاماته بموجب خطة كوفي أنان التي سبق ان وافق عليها بناء على رغبة روسية وصينية، وفي وجه ضغوط ديبلوماسية وعقوبات قاسية فُرضت عليه، يكون قد عاد الى نظريته الاولى في مواجهة الازمة التي يتعرض لها، وهي ان هذه الازمة من صنع اطراف خارجية، وادواتها في الداخل لا هدف لهم سوى تخريب البلد وقتل المواطنين، فيما لا يفعل النظام سوى الرد على «الارهاب».

ولذلك يكون السؤال البديهي الذي يفترض أن يطرح اليوم، مع اعلان دمشق عملياً عدم الالتزام بوقف النار تنفيذاً لخطة انان، التي ماتت قبل ان تولد، هو: لماذا وافق النظام السوري على هذه الخطة، التي طالبته بسحب قواته ووقف اعمال العنف من جانبه اولاً، على ان يأتي التزام المعارضة بعد 48 ساعة، اي بعد التأكد من التزام النظام؟

لقد شكلت هذه الموافقة انقلاباً على نظريته السابقة في تفسير الازمة منذ اندلاعها قبل اكثر من عام. فهو كان يبرر أعمال جيشه بأنه يرد على «مجموعات ارهابية»، ما يبعد عن هذه المجموعات صفة المعارضة المشروعة التي يقتضي التحاور معها للتوصل الى صيغ وتسويات سياسية للأزمة. وكان النظام يعتبر ان من شروط ممارسة الدولة سيادتها هو حقها في فرض الامن بالطريقة التي تراها مناسبة لحماية مواطنيها. وكانت الموافقة على اطلاق المعتقلين انقلاباً على النظرية الاخرى التي طالما تبناها النظام، الذي انكر دائماً انه يحتجز مدنيين بسبب مشاركتهم في تظاهرات سلمية، بل هو انكر باستمرار انه يطلق النار على هذه التظاهرات السلمية. ولذلك كانت موافقته على اطلاق المعتقلين اعترافاً منه بعدم شرعية اعتقالهم، لأن الدولة التي تطالب باحترام سيادتها لا توافق عادة على تدخل من هذا النوع في شؤونها القانونية والقضائية المتعلقة بالتعامل مع مواطنيها.

ما كان مطلوباً من النظام السوري تنفيذه بناء لخطة أنان كان من شأنه ان يسقط من يده كل حججه السابقة. لقد كان مطلوباً منه ان يوقف النار اولاً، وهو ما يعني بوضوح انه المسؤول الاول عن القتل، وانه اذا توقف من جانبه فلا بد ان تكون ردة الفعل المقابلة ايجابية. وكان مطلوباً منه سحب آلياته الثقيلة من المدن، وهو ما يعني اعترافاً من جانبه بوجود هذه الآليات في الاماكن الآهلة بالسكان، وهو ما كان ينكره، فضلاً عن ان مطالبته بذلك تعني سحب ورقة مهمة طالما تمسك بها، وهي حقه في الدفاع عن المدنيين الذي يتعرضون لأعمال «ارهابية».

الى ذلك كان بند مطالبة النظام بالسماح بالتظاهرات السلمية وبمنح الإذن لوسائل الاعلام الاجنبية للعمل بحرية. فعندما يسمح النظام السوري بكل ذلك، بعد ان يكون قد سحب آلته العسكرية من المدن، فان ذلك سيعني عملياً انه منح الناس القدرة على التعبير عن رأيهم فيه بحرية ومن دون خوف من القتل، وتحت انظار وسائل الاعلام. وعندما يحصل كل ذلك، كيف سيحمي النظام نفسه عندما يتدفق السوريون الى الشوارع مطالبين بسقوطه، بعد ان يزول عامل الخوف عنهم، وهم الذين يتحدّون الخوف والموت حتى في الظروف الدامية التي تحيط بهم اليوم؟

مغامرة النظام السوري بالموافقة على خطة أنان كانت خروجاً عن المعهود عنه منذ بداية الازمة التي يواجهها. لأنها كانت بمثابة موافقة من جانبه على القاء الكرة في ملعبه لتحميله مسؤولية الخروج من المأزق، عبر قيامه هو بالمبادرات الاولى، من وقف النار الى اطلاق المعتقلين الى السماح بالتظاهرات، الى البحث عن حل سلمي مع المعارضين، وكلها خطوات لا يعني تطبيقها سوى التمهيد لسقوط النظام من الداخل.

غير ان الذين استفاقوا الى ذلك متأخرين في دمشق أدركوا ان اعادة الكرة الى الخارج هي الحل الوحيد الذي يملكونه. ومن هنا كان «اكتشاف» طلب الضمانات من السعودية وتركيا وقطر، كونها الاطراف التي اختار النظام السوري تحميلها المسؤولية عن الازمة التي يواجهها. فهو نظام قوي ومتماسك في الداخل، يتمتع بشعبية واسعة لا غبار عليها، لولا «المؤامرة الخارجية» التي تقلق المواطنين السوريين منذ اكثر من عام!

=================

حول الأزمة الكردية - العربية في سورية

الثلاثاء, 10 أبريل 2012

عمر شيخموس *

الحياة

لا شك في أن الخاسر الرئيس نتيجة الأزمة الكردية – العربية في سورية، غير المعقولة واللامنطقية، هو الشعب السوري وثورته الديموقراطية من أجل التغيير والخلاص من النظام الاستبدادي والتعسفي لبشار الأسد وحزب البعث الفاشي. وذلك ممثلاً بانقسام وتبعثر القوی الثورية والديموقراطية في عملية إسقاط النظام وعدم تمكنها من توحيد وتعبئة القوی الجماهيرية فيشكل فعال في هذه الظروف العصيبة لمقارعة النظام الديكتاتوري ومناوراته الإقليمية والدولية لكسب الوقت والتخلص من المصير المشؤوم والحتمي لإزالته وهدمه.

والخاسرون الآخرون هم المجلس الوطني السوري من خلال انسحاب المجلس الوطني الكردي من اجتماعات المعارضة في اسطنبول في ٢٧ آذار (مارس) والتي كانت تهدف أساساً إلی توحيد صفوفها وليس تهميشها، ومن ثم عدم دعوتهم إلی مؤتمر أصدقاء سورية في اسطنبول في بداية نيسان (أبريل)، وذلك لأن المعارضة الكردية تشكل عنصراً مهماً وفعالاً في صفوف المعارضة السورية. والحق أن مطالب الأكراد كانت محدودة وذلك بإدخال بند آخر في وثيقة المؤتمر تنص علی: «الاعتراف الدستوري بالشعب الكردي وهويته القومية، وإلغاء السياسات كافة الشوفينية المطبقة بحقه وإزالة آثارها وتداعياتها والتعويض للمتضررين وإيجاد حل ديموقراطي للقضية الكردية وفق مبدأ حق تقرير المصير أو وفق المواثيق والأعراف ضمن سورية موحدة».

وكذلك فبانسحابه يخسر المجلس الوطني الكردي البعد الجماهيري والاستراتيجي للقوی العربية المناهضة للنظام ويعزل نفسه عن إمكانية التأثير في القرارات المصيرية حول مستقبل سورية، مهما كانت الأسباب والذرائع الحقوقية والمحقة في هذه الخطوة الاحتجاجية الضرورية.

والآن وبعد أن أعلن المجلس الوطني السوري وثيقته الوطنية حول القضية الكردية واعتبر أن «هذه الوثيقة تطبيق لوثيقة العهد الوطني بين أطياف المعارضة وجزء لا يتجزأ منها»، يجب العودة إلی طريق الحوار البناء والتفاوض من أجل بناء سورية الجديدة والديموقراطية.

وهناك بعض الحقائق البديهية التي تستوجب الاستيعاب من قوی المعارضة السورية بكردها وعربها علی حد سواء، وهي:

أولاً: المستفيد الوحيد من حالة عدم توحيد فصائل المعارضة الثورية والديموقراطية وعدم اعتماد رؤية واضحة حول مستقبل سورية الجديدة، هو النظام الاستبدادي لبشار الأسد وحزب البعث.

ثانياً: ليس بمقدور القوی العربية أو الكردية المناهضة للنظام، تغييره أو إسقاطه من دون الأخرى، ولكنها تحتاج إلی التفاهم والتعاون وتوحيد جهودها مع ممثلي أطياف المجتمع السوري من الدروز والعلويين والإسماعيليين والمسيحيين للإتيان بالتغيير المنشود ولانتصار الثورة الديموقراطية.

ثالثاً: ضرورة استيعاب البعد الاستراتيجي والقومي والدولي للقضية الكردية في سورية من قبل القوی العربية المعارضة وتفهمها والاستفادة منها في تقوية النضال المصيري في تحرير سورية من قبضة الاستبداد. وكذلك يجب علی القوی الكردية المعارضة تفهم واقع قوتها المحدودة في حسم القضايا المصيرية في سورية من دون الدعم أو الاستفادة من قبل القوی المعارضة العربية في هذا النضال.

رابعاً: ضرورة عدم انجذاب قوی المعارضة العربية نحو محاولة تقليص وتهميش مطالب وحقوق الشعب الكردي السياسية والثقافية والديموقراطية المشروعة في سورية المستقبلية، بل الاعتراف بها في شكل واضح وملموس في برامجها ووثائقها المعلنة. وكذلك يجب علی المعارضة الكردية أن تتجنب تبني وتقديم مطالب سقفية وغير منطقية عملياً يصعب تطبيقها، مثل الفيديرالية وحق تقرير المصير من دون تعيين مضمونها بالحكم الذاتي أو الإدارة الذاتية اللامركزية، نتيجة الواقع الجغرافي للمناطق الكردية في سورية.

لذا، يجب تجاوز الأزمة الحالية والعودة إلی التحاور والتفاوض في جو بناء لتوحيد وتقوية صفوف المعارضة وجهودها لتأمين انتصار الثورة الديموقراطية في سورية وإسقاط النظام الاستبدادي والفاشي.

* ناشط وأكاديمي كردي من سورية 

=================

أنان يتعهد بإعادة السوريين إلى بيت الطاعة

غسان الإمام

الشرق الاوسط

10-4-2012

ما هو الوضع الميداني؟

أبريل (نيسان) شهر الأكاذيب. لا نهاية لأكاذيب هذا النظام. فهو يتنفس أكاذيب. تصريحاته وصحافته أكاذيب. وعوده والتزاماته أكاذيب. سلامه أكاذيب. حروبه محاطة بحرس من الأكاذيب.

نظام بشار يعوم على بحر من الأكاذيب. ما أصعب أن تعيش العمر كله على أوهام. وأضاليل. وأكاذيب. آخر الأكاذيب المتكررة نصر مزعوم بسحق الانتفاضة في المدن الثائرة. رسم بشار علامة النصر بأصبعيه. صدق العالم أكذوبة أبريل. حتى أوباما كفّ عن مطالبة بشار بالتنحي. بل حتى قادة الانتفاضة صدقوا أنهم هُزموا!

الواقع أن النظام في غاية الإحراج: إن خالف عادته في الكذب. وصدق مع السمسار الدولي أنان. فسحب دباباته وشبيحته من المدن، فستجتاحها مرة أخرى مظاهرات الاحتجاج السلمية المطالبة برحيل بشار ونظامه الطائفي. إن كذب على أنان. وواصل القصف، فسيواجه الفخاخ التي سينصبها الثوار المسلحون بمهارة أكثر إتقانا.

بعد مأساة بابا عمرو، كنت أول المعترضين على اعتصام المسلحين بين المدنيين في الأحياء والمدن. غباء كبير أن ينتظر مسلح ببندقية كلاشنيكوف مجيء جيش مسلح بدبابة. ومدفع. وصاروخ. وبرغبة لا إنسانية في الانتقام. والقتل. والتعذيب.

لعل المجازر التي ارتكبها جيش العائلة، وجيش الطائفة، كافية لإلهام القادة والضباط المنشقين بتغيير تكتيك المواجهة. بإتقان حرب الكر والفر. حرب الاستنزاف. حرب الأشباح. حرب المفاجآت السريعة والخفيفة لجيش مترهل بطيء الحركة. وحواجز سهل صيدها.

العقيد رياض الأسعد الذي يقود مسلحيه من داخل تركيا ليس بالقائد الفعلي للجيش السوري الحر. معظم مقاتليه من المتطوعين المدنيين في ريف ومدن محافظة إدلب المجاورة. هذه المحافظة معقل تقليدي «للإخوان المسلمين»، منذ المذبحة التي تعرضوا لها في حماه وإدلب، قبل ثلاثين سنة.

أما الجيش السوري الحر، فمعظمه ثُلَل مسلحة مؤلفة من مجندي الخدمة العسكرية في الجيش النظامي. هؤلاء شهود على تصميم النظام على قتل مواطنيه. وكان انشقاقهم نتيجة لتغلب الحافز الوطني والإنساني لديهم، على واجب الانضباط العسكري.

ما زال الانشقاق فرديا. لم يأخذ، بعد، طابعا جماعيا، ليحدث فراغا وخللا داخل فرق الجيش، وليؤدي في النهاية إلى شل قدرته على إسناد عسكر الكتائب العلوية التي تتحمل عبء المواجهة المسلحة ضد الانتفاضة، والتعامل الوحشي مع المدنيين المسالمين.

مع الأسف، لم تعرف القيادات السياسية للانتفاضة، والدول الشقيقة المانحة والمستعدة للتمويل، إلى الآن، كيف تضع وتنظم مخططا موحدا، لتشجيع انشقاق هؤلاء المجندين بالألوف وعشرات الألوف، بتأمينهم سلفا. وتقديم مرتبات شهرية ثابتة لهم. وضمان علاجهم. وحياة كريمة لأهاليهم، إن كتبت لهم الشهادة.

أستغرب حقا هذه المتاهة العربية والدولية المحيرة حول تسليح الانتفاضة السورية. نعم، لا حاجة لتسليح المتطوعين المدنيين المتحزبين والمسيسين لصالح آيديولوجيات عنفية أو غير ديمقراطية. يكفي الرهان على تسليح عشرات ألوف المجندين المنشقين. فهم مستعدون للقتال، إذا ما تهيأت لهم الضمانات المذكورة. بالإضافة إلى كونهم في مقتبل العمر، ولم تتهيأ لهم الفرصة للتسيس والتحزب. وقد تعلموا الانضباط في الجيش. والأرجح، أنهم مستعدون لتسليم سلاحهم لجيش جديد، بعد سقوط النظام الحالي.

هل يمكن فتح حوار سياسي بين قوى الانتفاضة والنظام، كما تقترح روسيا والوسيط الدولي أنان؟ من الصعب إجراء حوار بين معارضة وطنية ونظام أدمن قتل مواطنيه. لكن إذا رجّحت الدول العربية والوساطة الدولية الحوار، بعدما أجلست روسيا وإيران بشار على قدميه مرة أخرى، فيمكن الإقدام على تجربة الحوار، مع إيماني بقول شكسبير في مسرحية «ماكبث» بأن كل مياه البحار لا تكفي لغسل يدي حاكم طاغية.

الحوار حول ماذا؟ إذا كان الحوار حول إقامة حكومة وفاقية. وانتخابات حرة. وأحزاب مستقلة. فهو حوار من قبيل إضاعة الوقت. لأن كل ذلك من المبادئ البديهية لأي ديمقراطية. الحوار الحقيقي المطلوب يجب أن يبدأ مباشرة حول فصل النظام عن الدولة، بإنهاء سيطرة الطائفة العلوية على الجيش العامل. وتطهير الأجهزة الأمنية من ضباط العيلة الحاكمة. وإصلاح الإدارة الحكومية بإقصاء الأطر الطائفية والحزبية الفاسدة. وإخضاع هذه الإدارة للمحاسبة. ولرقابة صحافة حرة.

سوريا بحاجة إلى بناء جيش وطني جديد. لا بعث. لا إخوان. لا سوريين قوميين. لا شيوعيين، فيه. جيش مُحيّد سياسيا. وحزبيا. وفكريا. وخاضع لسلطة وزير مدني، في حكومة منبثقة من سلطة تشريعية منتخبة بحرية تامة.

سوريا بحاجة إلى أجهزة أمنية تسهر على الأمن الوطني. لا على أمن نظام حاكم قادر على ملئها بأقارب العيلة، من أبناء الأخوال والأعمام، ضباطا لإدارتها، وجلادين في أقبيتها.

الأجهزة الأمنية العربية ليست مزرعة لأنظمة البعث. الإخوان. فتح. حماس. الأجهزة الأمنية في الدولة الديمقراطية يتعاقب على إدارتها ساسة اليمين ووزراء اليسار، غير مخولين بفرض الولاء عليها لأحزابهم. ولاء الأجهزة أولا وأخيرا للشعب. للوطن. للقانون. لا شبيحة رديفة لأجهزة الشرطة والأمن. التحقيق والاعتقال محدد بأيام قليلة. فإما تسليم المتهم إلى القضاء. وإما الإفراج عنه فورا. مع تسليم المسجون إلى قضاة ذوي ضمير. لا إلى ذئاب في إهاب جلادين. فالبناء أولا للمدرسة وليس للسجون، كما في دولة بشارستان.

هل الساحر أنان قادر على إعادة السوريين إلى بيت الطاعة؟

فائدة الدبلوماسية تنصب عادة فوق الخريطة الميدانية والسياسية. مع تخوف تركيا. وانشغال أميركا أوباما، وفرنسا ساركوزي بالانتخابات الرئاسية. ومع عجز الشرطي الدولي (مجلس الأمن)، لم يبق «في الميدان غير حْديدان» كما يقول المثل الشعبي السوري. لم يبق أمام أنان سوى الاتكاء على العصا الروسية/ الصينية، لتأديب السوريين.

الصين مدمنة إلى حد الثمالة على نفط إيران سمسارة بشار الإقليمية. روسيا توبخ الأسد. لكن لا تستغني عنه. سلحت أجهزته الأمنية بأسلحة خاصة بقتال المدن. في مقدمتها بنادق متطورة للقناصة قادرة على قنص المدنيين السوريين، من ثقوب الأبواب والنوافذ، وعلى إطلاق رصاصتين على سمير جعجع من مسافة أربعة كيلومترات. جعجع محظوظ. نجا من الاغتيال في باحة منزله في معقله الجبلي (معراب) في مرتفعات لبنان.

ما أشبه تركيا أردوغان بالزوج الذي اختُطفت امرأته. ورسم الخاطفون له خطا أحمر لا يتجاوزه. عندما عادت المرأة من الاغتصاب، وبخت الرجل على عدم «التدخل» لإنقاذها. صرح الزوج أمام الصحافيين بأنه تجاوز الخط الأحمر مرات ومرات، نكاية بالخاطفين.

أحرق الشبيحة أطنان الأدوية والغذاء التي سلمها الصليب الأحمر الدولي للهلال الأحمر السوري، كإغاثة إنسانية لعشرات ألوف السوريين المهاجرين والنازحين، فيما كان مدير الصليب الدولي يحظى بلقاء البليد الوليد بن «المعلم». سوريا المحترقة. الجائعة. الجريحة. اللاجئة. النازحة. المنهوبة، تنتظر مراقبي أنان الدوليين، للفصل بينها وبين قوات أتيلا وجنكيز خان.

ثم ماذا؟ آه. أنان مصمم على جمعها مع بشار، على مائدة المصالحة والسلام. اليوم (الثلاثاء) العاشر من أكاذيب أبريل. انتهى العد التنازلي لساعة الصفر. ساعة الفضيحة بالالتزام بشروط الوساطة: الانسحاب من المدن. تمرير الطعام للمحتاجين. الإفراج عن المعتقلين... اليوم عاد وكأن شيئا لم يكن، وبراءة الأولاد في عينيه.

=================

تخويف دول المنطقة من دعم السوريين

عبد الرحمن الراشد

الشرق الاوسط

10-4-2012

من مفارقات الأزمة السورية أن التحذيرات توجه للدول التي تطالب بدعم الشعب السوري، في وقت لم يفعل أحد شيئا لوقف الدول التي تدعم قوات النظام المسلحة حديثا حتى أسنانها، والتي تباشر بصفة يومية عمليات التدمير دون مبالاة لأي عقوبات دولية أو تحرك يواجهها. وبدل أن تتحول النشاطات الدبلوماسية نحو محاصرة النظام السوري، كما حدث مع الليبي وقبله العراقي وقبله الصربي، صار التوجه هو العكس!

تحولت سوريا وحلفاؤها إلى خطوة جديدة هدفها تخويف وملاحقة الدول المتعاطفة مع الشعب السوري، مثل تركيا والسعودية وقطر، تحذرها من تسليح المعارضة. في حين أننا نرى أن سلاح المعارضة المستخدم في حرب الأحياء والشوارع مجرد بنادق وأسلحة بسيطة، إلا بعض أسلحة محدودة كسبها الثوار من أحد مخازن السلاح قبل أكثر من شهرين، وما يكسبونه أيضا من أسلحة مع جنود النظام الذين يهجمون على الأحياء، لكن غالبا يقاتل الجنود بذخيرة محدودة، حيث يخشى الجيش انشقاق جنوده أو استيلاء الثوار على الأسلحة.

إن من يقاتل النظام السوري اليوم في حمص وحماه وريف دمشق ودرعا وغيرها من مناطق المواجهات جميعهم سوريون من أهالي هذه المناطق، ومن أبناء الأحياء. والحق أنهم بالأسلحة المحدودة هزوا أكبر قوة عسكرية أمنية عربية.

التحول الجديد في المعركة أن النظام صار يتعمد رفع الثمن غاليا بعمليات التدمير والقتل الوحشية اليومية. قلب المعادلة التي كانت تهدف دوليا إلى إحراج النظام السوري ودفعه لعمليات إصلاحات سياسية واسعة إلى معادلة إحراج المجتمع الدولي، فالنظام يدمر أكثر ويقتل بشكل أبشع؛ حتى يختصر المجتمع الدولي مطالبه بإنهاء المأساة الإنسانية للمدنيين في سوريا!

كيف يمكن لدول المنطقة، والدول المهتمة بما يحدث، إنهاء وحشية النظام التي ندرك أنها ستستمر حتى لو قيض للثورة أن تتوقف؟ تزويد الناس بالسلاح ضرورة للجم آلة النظام المتوحشة وليس من خلال المبادرات السياسية، لأنه لن يتوقف أبدا قبل أن يمحو مناطق كاملة والمزيد من عشرات آلاف القتلى. ومن دون زيادة الضغط على النظام داخليا لن يقدم تنازلات حقيقية، وبالتالي سينتهي المبعوث الدولي بالمطالبة في الأخير بضمانات بألا يقوم متظاهرون بإطلاق النار، وسيسمح لقوات النظام بالاستيلاء التام على كل المدن والقرى المنتفضة. وفي الأخير نحن ندرك أنه سيضع بضعة أسماء من المعارضة المزورة ليدعي أنها قبلت بالمشاركة في حكومة وطنية، وهي المسرحية التي تطبقها معه السلطات الإيرانية والروسية.

ولهذا لن تتوقف الثورة ولن تتوقف الحرب، ولا يوجد من سبيل لوقف عنف النظام إلا بدعم المواطن السوري الذي يدافع عن أولاده وبيته وحيه. من دون هذا الدعم سيستمر شلال الدم وستستمر قوات النظام في القتل، والقتل الرسمي، كما نراه الآن، ليس هدفه فقط التخلص من الثوار، أو ما يسميهم بالمسلحين، بل هدفه الأهم إعادة تثبيت الرعب في نفوس الشعب، الرعب هو أسلوب الحكم في جمهورية الخوف السورية. وأنا متأكد أن الشعب السوري لن يقبل العودة للوراء، فأربعون عاما من حكم نظام بوليسي يتحكم في تفاصيل حياة المواطن من خلال أجهزة المخابرات، ويسوم الناس الذل والعذاب، لا يمكن أن يقبلوا بعودته، بغض النظر عمن يجلس على كرسي الحكم في دمشق.

الدول القليلة التي تساند الشعب السوري في محنته أمامها خيارات قليلة صعبة. إما أن تمتنع ويذبح النظام شعبه، وبعدها سيصبح غولا إقليميا أخطر من ذي قبل، أو أن تنتظر قرارا دوليا يمنحها حق الدعم المباشر، أو دعم القوى السورية شعبيا وتعديل ميزان القوة، وبالتالي فرض الإصلاح السياسي العادل أو تغيير النظام برمته بأيد سورية فقط.

=================

مبادرة أنان فشلت.. ماذا بعد؟!

طارق الحميد

الشرق الاوسط

10-4-2012

لا شك أن مهمة السيد كوفي أنان فاشلة قبل أن تبدأ، وهذا ما قلناه مرارا وتكرارا، لكن اليوم، وبعد الإعلان الأسدي بأنه لن ينفذ بنود مهمة أنان، يمكن القول رسميا إن المهمة قد فشلت، وتبقى على أنان إعلان ذلك بنفسه. وعليه، فالسؤال الآن هو: وماذا بعد؟! هل من مبادرة أخرى تمنح الأسد فرصة قتل أخرى؟!

بالطبع هذا ما يخشاه العقلاء، فما يحدث بسوريا ليس أزمة بين طرفين، بل هي ثورة، وهي الثورة العربية الحقيقية، وما نراه هو شعب أسير بيد عصابة أسدية تقوم بقتل المواطنين بلا حسيب أو رقيب، والأمر لا يقف هنا فحسب؛ فالنظام الأسدي فتح النار أمس على الحدود اللبنانية، وقتل صحافيا لبنانيا هناك، وفي نفس اليوم فتحت القوات الأسدية أيضا النار على الحدود التركية وقامت بقتل لاجئين سوريين، مما يعني أن الأسد يريد إشعال المنطقة بأي ثمن، فهل يمكن منحه فرصة أخرى؟! أمر خطر، بل ستكون كارثة، فإن حدث هذا الأمر فإن الخاسر ليس سوريا وحدها، أو الشعب السوري، بل إنه المنطقة كلها، وأمنها الإقليمي.

ومن هنا، يجب أن يصار اليوم إلى تفعيل غرفة عمليات الحلفاء الراغبين في إنقاذ سوريا، سواء عربا، أو أتراكا، أو غربيين، للتحرك من أجل فرض أمر واقع على الأرض في سوريا، وذلك حقنا للدماء السورية. اليوم على تركيا أن تحدد موقفها، وتتخذ خطوات أكثر عملية، فما يحدث بسوريا يمس أمنها، وسيادتها. واليوم على الأردن أن يحسم أمره، ويخرج من المنطقة الرمادية، أو الضبابية، حيث فشلت كل الحلول، والمبادرات، وآخرها مبادرة أنان، ليس لأن العرب، أو الغرب، أرادوا إفشالها، بل لأن الأسد لا يريد إلا أن يحكم أو يقتل. على الأردن أن يقرر أي مستقبل يريد للمنطقة، وحدوده.. هل يريد الأردن سوريا جارة خربة، يقعد على سدتها حاكم طاغية أسوأ من كل طغاة المنطقة، أم أن الأردن يريد سوريا خالية من الطغاة، وذات مستقبل مسالم لمواطنيها، وجيرانها، والمنطقة كلها؟

وعليه، فلا بد أن يتحرك تحالف الراغبين، ويحسم كل من تركيا والأردن موقفيهما، وقبلهما واشنطن، وهذا أمر لن يتحقق من دون جولة دبلوماسية عربية من الدول القادرة بالمنطقة لحسم الأمر. فما يجب أن نعيه أن نظام الأسد يقوم بالتصعيد المستمر، والدفع دائما إلى حافة الهاوية ليصعب الحلول على الآخرين، بمعنى أن الأسد يصعّب من قواعد اللعبة ليحد الآخرين على التراخي، أو اتخاذ خطوات حاسمة يعرف أن المجتمع الدولي يتردد في مجاراته فيها. ولذا فلا بد أن يتحرك تحالف الراغبين ليرفع السقف أكثر على نظام الأسد، وبخطوات عملية وفعلية على الأرض، فنظام الأسد لا يفهم إلا لغة القوة، لأن الأسد نفسه مؤمن فعليا باستخدام القوة، وهذا ما سمعه بعض زواره منه حيث يقول «لا بد أن تخاف الناس»، وهو الأمر الذي فشل تماما في سوريا. وعليه فلا بد أن يعرف الأسد أن لجرائمه ثمنا يجب أن يدفع اليوم، وليس في يوم من الأيام!

ومن هنا نقول: فشلت مهمة أنان، فهل تتحركون؟!

=================

عن حروب الوكالة في سورية!

منار الرشواني

الغد الاردنية

10-4-2012

منذ انطلاق الثورة السورية قبل ما يزيد على العام، بقي السؤال المطروح حول ما إذا كان مسموحاً، دولياً وإقليمياً، لهذه الثورة بالانتصار؛ وذلك من حقيقة ما يعنيه هذا الانتصار من تقبل واستيعاب حكام ونخب جدد وغير مجربين، يحلون محل نظام الأسد (الأب والابن) الذي أثبت، لما يزيد على الأربعين عاماً، انضباطه والتزامه التّامين بقواعد اللعبة التي خضعت لها المنطقة المضطربة، وحفظت استقرارها.

وإذ يظل هذا السؤال حاضراً إلى اليوم، كما يظهر في مواقف بعض القوى الدولية والإقليمية، لاسيما روسيا وإيران، ولربما إسرائيل بشكل أقل وضوحاً؛ يبرز الآن، في المقابل، سؤال مناقض تماماً، يتمثل فيما إذا كان مسموحاً للثورة السورية بالانكسار والهزيمة، وبالتالي استمرار نظام الأسد. ولعل الدليل الأكبر على قوة حضور هذا السؤال "الجديد" يبدو في مواقف دول الخليج العربية، خصوصاً السعودية وقطر والإمارات العربية، التي تتقدم الجميع في إعلان تأييدها الثورة، وضرورة دعمها، بما في ذلك عسكرياً، رغم الغموض والتردد الذي يسم المواقف الأميركية والأوروبية على هذا الصعيد.

وتفسير بروز مسألة عدم السماح بهزيمة الثورة السورية، وبالتالي دوافع المواقف الخليجية خصوصاً، إنما يرتبط بإيران، أكبر داعم للنظام السوري.

ذلك أن بقاء هذا النظام واستمراره، والذي سيترافق حتماً مع مزيد من التبعية والالتحاق بإيران "المنقذة"، هو في جوهره نصر نهائي، أو شبه نهائي، لإيران في سعيها الذي بدأته منذ سنوات لفرض النفوذ والهيمنة في المنطقة ككل، ولربما على النحو الذي يؤديه حزب الله في لبنان. وتزداد فرص هذا الأمر، وعمق تبعاته السلبية، مع اقتراب إيران من اجتياز "العتبة النووية"، في ظل عجز دولي عن تقديم تطمينات للدول العربية، ولاسيما الخليجية منها، في هذا الشأن. ومن ثم، يكون صحيحاً ما يذهب إليه البعض من أن الوضع في سورية بات فعلياً تجسيداً لحرب بالوكالة بين إيران وخصومها الإقليميين الخليجيين تحديداً.

وإذا كان أنصار النظام السوري سيجدون في ذلك ذريعة جديدة للطعن بالثورة السورية، فإن تحديد المسؤول عن إشعال هذه الحرب يؤكد خلاف ذلك تماماً.

ذلك أن من جعل سورية ساحة صراع لم يكن سوى إيران، ملحقاً بها كل أتباعها ومؤيدي النظام السوري عموماً. فإيران هي التي أغرت النظام السوري، أو سمحت له على الأقل، بالسير في الحل الأمني لمواجهة مطالب أكثر من عادلة لشعب عاش القهر عقوداً. وإيران أيضاً، هي التي جعلت من الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، يهدر مصداقية بناها سنوات طويلة وهو يتحول إلى الناطق الرسمي الوحيد باسم النظام السوري، حتى ليكاد عدد مرات ظهوره الإعلامي للطعن بالثورة السورية خلال أشهر يفوق كل تصريحاته وخطاباته خلال سنوات الصراع مع إسرائيل إبان احتلالها للجنوب اللبناني! وإيران فوق كل ذلك، هي من لا يوفر مناسبة لتهديد دول الجوار وإثارة القضية الطائفية فيها.

هكذا، يبدو أقرب إلى الواقع أن ما آلت إليه الأوضاع في سورية ليس حرباً بالوكالة، بقدر ما هو تجليات وتبعات للحرب الإقليمية التي أعلنتها إيران بشكل مبطن. وهي حرب لا يمكن أن تتوقف عند الحدود السورية بحكم الطموحات الإيرانية.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ