ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 10/04/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

الأزمة السورية بين الانقسام الدولي والحل السياسي

خورشيد دلي

الوطن السورية

9-4-2012

يمكن القول إن الأزمة السورية في أحداثها اليومية ومسارها السياسي والأمني وتفاعلاتها الإقليمية والدولية وما أنتجتها بعد عام من انطلاقتها أدت إلى حالة من الفرز والاصطفاف على الساحتين الإقليمية والدولية، ولعل مرد ذلك هو أن سورية بموقعها الجيوسياسي وما تمثله من علاقات وسياسات لها علاقة بالملفات والقضايا الساخنة في الشرق الأوسط والخليج، تشكل مركزاً للتوازن في العلاقات الإقليمية والدولية بما تعني هذه العلاقات من شبكة المصالح والصراع الجاري على المنطقة والعالم. ولعل في أبرز مظاهر هذا الفرز والاصطفاف يمكن التوقف عند مسألتين أساسيتين: الأولى - إن هذه الأزمة أعادت العلاقة التركية مع كل من سورية وإيران والعراق إلى حالة ما قبل عقد من الزمن، أي السلبية بدلاً من الإيجابية، التوتر بدلاً من التكامل، صفر الثقة بدلاً من صفر المشكلات، عمق المشكلات بدلاً من العمق الإستراتيجي، وضع الحالة السنية في مواجهة الحالة الشيعية. والسبب معروف وهو الانقلاب التركي على النظريات التي طرحها منظرو حزب العدالة والتنمية الحاكم على شكل التنصل من نظرية صفر المشكلات لمصلحة الارتباط الإستراتيجي بالغرب والقيام بدور وظيفي في الإستراتيجية الأميركية تجاه المنطقة.

الثانية- إن الهجوم الأميركي الناعم على المنطقة من بوابة (الثورات العربية) أدى إلى إعادة أجواء الحرب الباردة إلى العلاقات الدولية، إذ أعادت الأزمة السورية السخونة إلى الصراع المضمر بين روسيا والصين من جهة والدول الغربية من جهة ثانية، وبين المعسكرين ثمة اصطفافات سياسية تبعاً لمواقف الدول من الأزمة السورية على شكل حرب باردة جديدة تنذر بالاشتباك السياسي الذي قد يتحول إلى صدام على الأرض في لحظة من لحظات الأزمة.

وقد وضع هذا الاصطفاف العالمي مسار الأزمة السورية أمام سؤال مصيري، هو هل سيصعّد الغرب من سياسته وصولا إلى التدخل العسكري لإسقاط النظام أم إنه سيقتنع في لحظة ما بأن تكاليف التسوية أقل من حرب تفتح المنطقة والعالم على المجهول؟ في الواقع، طرح هذا السؤال المصيري لابد أن يثير الأولوية لدى القوى الدولية في البحث عن التسوية، وما مهمة كوفي عنان وفريقه وكذلك العديد من المشاريع والمبادرات التي تطرح هنا وهناك إلا محاولات للبحث عن هذا الحل، فالجميع بات يدرك أن العنف لن يأتي بحل، بل يدفع بالبلاد نحو المزيد من الدماء إن لم نقل الحرب الأهلية والتفكك والانفتاح على المجهول بما يفتح هذا المجهول المنطقة على مخاطر لا نهائية، ومن ثم لا بد من حل سياسي عبر خريطة طريق تسعى روسيا إلى دمج موقفها بالمبادرات المطروحة للتوصل إلى مثل هذه الخريطة عبر حوار مفتوح لبناء عقد سياسي جديد. دون شك، وصول الأزمة السورية إلى هذه المرحلة المصيرية الحساسة، أفرزت معها اصطفافاً محلياً وإقليمياً ودولياً إلى درجة أن الجميع بات معنياً بهذه الأزمة وحلها، كل طرف لحساباته ومصالحه ومخاوفه، بمعنى آخر خرجت الأزمة من بعدها المحلي إلى الإقليمي والدولي. وهذا أمر يحتمل في مضمونه إمكانية الحل السياسي كتسوية بأبعاد إقليمية ودولية، فالثابت أن لا حل لهذه الأزمة دون التخلي عن المواجهة العسكرية والانخراط في الحل السياسي، والثابت أيضاً أن الأطراف الإقليمية والدولية لن تقبل بالهزيمة في منطقة جيوسياسة إستراتيجية مثل سورية، بما تؤسس هذه القناعة لحوار مطلوب ومنشود ينتج الحل ولو بعد حين مع نضوج المبادرات وما تحمله الوفود.

=================

سوريا.. الأزمة إلى المربع الأول

رأي الراية

الراية

9-4-2012

أعاد إعلان النظام السوري الأخير حول مهلة العاشر من شهر أبريل وما وصف بالتفسير الخطأ لها الأزمة السورية إلى المربع الأول ما يهدد بتصعيدها وأحبط الآمال بنهاية للحرب الدموية التي تشنها قوات النظام ضد أبناء الشعب السوري في مدنهم وبلداتهم.

الموقف السوري الأخير الذي أعاد خلط الأوراق كان متوقعًا فالنظام السوري استمرأ سياسة التسويف والمماطلة وشراء الوقت سعيًا لإخماد الثورة الشعبية المطالبة بالحرية والديمقراطية والتغيير وهي السياسة التي مارسها طوال أكثر من عام وتسببت في زيادة أعداد الضحايا والمنكوبين واللاجئين وباتت تهدد وحدة سوريا ومستقبلها.

إن سياسة الأرض المحروقة التي يتبعها النظام لن تحقق هدفه بإخماد الثورة إذ لم يعد أمام الشعب السوري الذي قدم الغالي والنفيس ما يخسره بعد نحو 10 آلاف قتيل وأكثر من سبعين ألف جريح وآلاف النازحين واللاجئين داخل سوريا وخارجها.

إن مطالبة النظام السوري بضمانات مكتوبة ممن وصفها "بالعصابات الإرهابية المسلحة" لوقف العنف وتسليم أسلحتها حتى ينسحب الجيش من المدن والبلدات السورية تؤكد أن النظام ما زال يتبنى نظرية المؤامرة الخارجية ويرفض الاعتراف بمطالب الشعب السوري ويؤكد أيضًا أنه ماضٍ في خياره الذي اتخذه منذ اندلاع الثورة بمواجهتها بالعنف والقتل وحصار المدن وأهلها حتى استسلامها.

إن التفسير الجديد للنظام حول مهلة العاشر من أبريل الجاري تستدعي من مجلس الأمن الدولي إصدار قرار ملزم بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لإجباره على وقف العنف وتوفير الحماية للمدنيين. منذ إعلان النظام السوري عن موافقته على خطة كوفي عنان سقط ما يقرب من ألف قتيل وستة آلاف لاجئ وعدد لا يحصى من النازحين والجرحى والمشردين والمعتقلين كما قام النظام بنشر المزيد من قواته وأسلحته الثقيلة في معظم المدن والمحافظات السورية حيث لم يتوقف لحظة عن قصف المدن والبلدات السورية ولم يتوقف معها شلال الدم السوري النازف.

إن المجتمع الدولي لا يمكنه بأي حال أن يساند أو يمكن النظام في مطلبه بسط سيطرته على كامل الأراضي السورية لسبب بسيط وواضح إذ لا يمكن مساندة نظام يقتل شعبه ويقتحم المدن بالدبابات وإلا كان المجتمع الدولي شريكًا في الجريمة التي ترتكب ضد الشعب السوري.

=================

الشرق الأوسط بعد سقوط الأسد

هذه التصورات الأمريكية للمستقبل معدة لمرحلة ما بعد بشار الأسد في الشرق الأوسط

رضا محمد لاري

الإثنين 09/04/2012

المدينة

تدفع الولايات المتحدة الأمريكية الشرق الأوسط إلى لعبة خطيرة ‏جديدة تتعلق بالصراع الداخلي في سوريا الأمر الذي يدعو إلى القلق ‏وربما يرتهن مستقبل الشرق الأوسط لعقود قادمة بنتائج الصراع ‏وأثره على دول أخرى مجاورة ليعيد التاريخ نفسه مجددًا ولكن في ‏هذه المرة خريطة أوسع من التقلبات الأيدولوجية وكذلك ‏الطائفية والعرقية، وسوف نحاول رسم بعض ملامح السياسة ‏الأمريكية في عالم ما بعد حكم بشار الأسد.‏

صورة الشرق الأوسط في مرحلة ما بعد سقوط بشار الأسد تمثل مادة ‏مثيرة للتحليل بشأن مستقبل سوريا ومنطقة الشرق الأوسط غير أن ‏هناك حقيقة ماثلة لا تدرك خطورتها الكتابات الغربية والعربية التي ‏تتمثل في خليط المذاهب والأعراق في المجتمع السوري الأمر الذي ‏يجعل منها البلد الأكثر عرضة للتوترات الدينية والعرقية العنيفة فور ‏سقوط النظام الحاكم في دمشق ولا يوجد في منطقة الشرق الأوسط ‏اختلاط الأوراق على الطريقة السورية لوجود التداخل بين الطوائف ‏الدينية سوف يكون التحدي الحقيقي هو كيفية الوصول إلى توازن ‏العملية الانتقالية بعد انتهاء الاقتتال الداخلي الذي يتبعه محاولة بناء ‏مجتمع جديد خال من تراث التسلط والديكتاتورية ليحقق المساواة ‏للجميع، وتحظى تلك التشابكات والتعقيدات على الساحة السورية ‏باهتمام متزايد على المسرح الأمريكي والغربي بشكل عام.‏

قال الجنرال مارتن ديبي رئيس قيادة الأركان الأمريكية المشتركة ‏للمذيع الشهير تشارلي روز: سوف تكون هناك دول في الشرق الأوسط ‏ذات أهمية إستراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية بعد سقوط نظام ‏بشار الأسد في سوريا وتشكيل حكومة سنية في دمشق لمواجهة العالم ‏الشيعي في إيران خصوصًا وأن الفكر الإستراتيجي الأمريكي يتجه ‏إلى إكمال القوس السني في المنطقة العربية لمواجهة العالم الشيعي ‏بقيادة إيران التي ستعقد تحالفًا قويًا مع السلطة في العراق الذي يمكن ‏تسميته الهلال الشيعي بين طهران وبغداد وللوقوف ضد الهلال السني ‏في سوريا ودول الشرق الأوسط خصوصًا وأن هناك حالة من التوتر ‏الكردي في سوريا والموقف في العراق الذي يلوح فيه زعماؤه ‏وقياداته بإعلان دولتهم في شمال العراق بدعم وتأييد من الولايات ‏المتحدة الأمريكية إن الولايات المتحدة الأمريكية تسعى إلى دعم رفع ‏التوتر مع طهران سياسيًا وعسكريًا لمواجهة التهديدات الإيرانية في ‏مرحلة شديدة الدقة في ظل تطورات البرنامج النووي الإيراني، ‏وتلويح إسرائيل بشن عملية عسكرية ضد المنشآت الإيرانية وهو ما ‏تتحفظ عليه الولايات المتحدة الأمريكية التي ترى أن الوقت غير ‏مناسب لتلك العملية العسكرية والأهم أن مشاركة إسرائيل في ‏عملية ضد إيران سوف يؤدي إلى أصداء عنيفة في منطقة الشرق ‏الأوسط بما في ذلك من ردود فعل غير محسوبة في عواصم عالمية ‏كبرى مثل موسكو وبكين.‏

هذا الموقف يخدم الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي سوف يحتاج ‏إلى الأصوات الأمريكية في انتخابات الرئاسة الأمريكية في شهر ‏نوفمبر 2012م بعد ثمانية أشهر ويعمل اليوم على تخفيف الأضرار ‏الناتجة عن التهم الموجهة إليه وكلها تدور حول الأضرار بمصالح ‏الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل بتأييده الإطاحة بأنظمة تقليدية ‏حليفة في منطقة الشرق الأوسط دون وجود قوى بديلة جديدة مقربة ‏من واشنطون مما دفع الولايات المتحدة الأمريكية إلى تحرك جديد ‏يستند إلى نتائج الأزمة السورية وما تفرضه من مواجهات بكل ما ‏يترتب من انتهاء حكم بشار الأسد بكل النتائج المترتبة على عدم ‏الاستقرار الذي تتصوره واشنطون نتيجة الصراع الذي سيقوم في ‏ربوع منطقة الشرق الأوسط.‏

تلزم أمريكا نفسها بضمان أمن إسرائيل مع الإمساك بالنظام الدولي ‏الذي يؤكد وجودها في منطقة الشرق الأوسط والبقاء قريبة من ‏مناطق وجود شبكات الإرهاب الدولي التي مازالت تعمل ضدها ‏خاصة في أفغانستان.. هذه التصورات الأمريكية للمستقبل معدة ‏لمرحلة ما بعد حكم بشار الأسد في الشرق الأوسط الذي يهدف إلى ‏خدمة القوى العالمية ذات المصالح الكبرى في هذا الإقليم.‏

=================

سوريا... الفرصة الأخيرة

تاريخ النشر: الإثنين 09 أبريل 2012

عائشة المري

الاتحاد

بعد عام ظهر جليّاً أن تطورات الأزمة السورية سترسم ملامح النظام الإقليمي الآخذ في التشكل بعد الثورات العربية، وستحدد أدوار اللاعبين الإقليميين والدوليين، فلم تكن هذه الأزمة ملفاً داخليّاً أو عربيّاً، وقد ظهرت التجاذبات الإقليمية والدولية للملف السوري منذ بداية التظاهرات السلمية، وصولًا بسوريا إلى حافة الحرب الأهلية. وعلى رغم الأزمة الإنسانية المتصاعدة فقد ظهر جليّاً أن رسالة المجتمع الدولي القائلة برفضه استمرار خوض النظام الحرب ضد شعبه لم تكن حازمة بما فيه الكفاية لتضارب المصالح الإقليمية والدولية. فهل يمكن استشراف حل دبلوماسي للأزمة السورية؟ وهل سوريا مقبلة على "حل سياسي " للأزمة المتصاعدة؟

اليوم على رغم التحركات الدبلوماسية الدولية لاحتواء الأزمة السورية، ورغم موافقة مجلس الأمن في بيان صدر على إعطاء سوريا مهلة حتى العاشر من إبريل الجاري، لوقف القتال والانسحاب من المدن، إلا أن الصورة لا زالت غائمة. والحقيقة أن التزام كافة الأطراف بخطة كوفي عنان سيحدد مسار الأزمة، إذ إن الفشل سيدفع بسوريا نحو الانزلاق إلى حرب أهلية، أو أن تكون هذه الفرصة الوحيدة للخروج بتسوية سلمية ومقبولة لكافة الأطراف وبمباركة دولية. فالأسد من ناحية، وعلى رغم قبولة بخطة السلام التي طرحها مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية عنان، التي يأمل كثيرون في أن تضع حداً سلميّاً للأزمة، فإنه لن يرضخ للضغوطات المتصاعدة، فما زالت التقارير الصحفية تتحدث عن شن القوات السورية لحملات عسكرية جديدة متعددة منسقة على معاقل قوات المعارضة متحدية خطة الأمم المتحدة للسلام التي تعهدت بها دمشق ملتزمة بالتطبيق السريع والفاعل.

أما المعارضة السورية من ناحيتها فترفض الحوار مع نظام الأسد وتطالب بتسليح المعارضة في الداخل، وهي تستجيب لمطالب الشارع السوري، على رغم أنها عجزت حتى الآن عن توحيد صفوفها أو تقديم قيادة موحدة للمعارضة تمثلها وتتحدث باسمها وتفاوض تحت رايتها. فالمعارضة السورية ترفض بقاء نظام الأسد ولكن المبعوث الدولي- العربي لم يتحدث عن تغيير النظام، والمعارضة ترفض القبول بحوار لا يؤول إلى انتقال السلطة. وفي الوقت نفسه جاء بيان مؤتمر "أصدقاء سوريا" الذي عقد في مدينة إسطنبول بحضور 83 دولة، بزيادة دعم التمرد السوري المسلح وبدعوة مفتوحة للجنود السوريين للتمرد على أوامر قادتهم، حيث تعهدت دول خليجية بدفع رواتب مسلحي المعارضة السورية ومن ينضم لصفوفها من القوات النظامية السورية.

ولكن حتى الهدنة أو المهادنة في العاشر من إبريل قد يواصل النظام السوري عملياته العسكرية على الأرض، وقد يحقق نجاحات عسكرية، ولكنه سيظل عاجزاً عن السيطرة على المدن المشتعلة ولن يستطيع أن ينتصر، حتى إن استطاع أن يقضي على حركة الاحتجاج باستخدامه أشد أشكال البطش الدموي.

وحتى الآن يبدو النظام السوري منيعاً ضد سلسلة العقوبات الاقتصادية، والرقابة والعزلة الدبلوماسية الدولية المفروضة عليه، وقد نجح النظام السياسي بعد عام على الاحتجاجات في أن يؤخر سقوطه.

إن إيجاد حلول واقعية لإنهاء الأزمة بشكل مقبول أمام الشعب السوري أولًا، والمجتمع الدولي ثانيّاً، يتطلب إقناع واقتناع رموز النظام بأنهم جزء من الأزمة، وأن مصلحة سوريا تقتضي من هذه الزمرة التنحي، كما تقتضي من المعارضة إعطاء فرصة للحوار مع الحكومة السورية للبدء في مرحلة انتقالية بمباركة دولية. ولا يمكن إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، وسوريا اليوم لم تعد ولن تعود كما كانت قبل الحراك سواء طال أمد النظام أم قصر.

=================

قصيدة تربك إِِسرائيل

معن البياري

الدستور

9-4-2012

كأَنَّ الأَديب الأَلماني غونتر غراس (84 عاماً)، في قصيدتِه النثرية عن إِسرائيل وسلاحِها النووي، بقَّ بحصةً في فمِه منذ زمن، كأَنَّه أَرادَ أَنْ يجهرَ بما كان صامتاً عنه قبل أَنْ يفوتَه ذلك. إِنه يخرقُ المحرَّمَ الذي جعله عقوداً لا ينطقُ ب (ما ينبغي أَنْ يُقال)، وهذا عنوانُ القصيدةِ التي نشرتها ثلاثُ صحف، أَلمانية وإِسبانية وإِيطالية، الأَربعاء الماضي. وكان مهماً أَنَّه في تعقيبِه على الهجمةِ الواسعةِ جدّاً في بلادِه، وفي إِسرائيل، عليه، أَعلن أَمله في أَنْ يُحطِّم الأَلمان محرَّمَ عدم انتقادِ إِسرائيل. ومثيرٌ أَنْ تكون “السذاجة السياسية” واحدةً من جملةِ تهمٍ رُميَ بها غراس (نوبل للآداب 1999)، بعد نشرِه أَنَّ القوة النووية إِسرائيل تُهدِّدُ السلامَ العالمي، وسؤالِه عن السببِ الذي يجعله لم يقل هذا إِلا الآن، وهو “طاعنٌ في العمر، وفي آخر قطرات الحبر”. وكأَنَّ من بديهيّاتِ القناعاتِ السياسيةِ الواجبةِ التسليم بأَحقية إِسرائيل في امتلاك قدراتِها النوويةِ الحربية، وفي تنكيلِها في الشعب الفلسطيني. يرجُّ الكاتبُ الشهيرُ هذه المسلَّمة في العقل الأوروبي، ويذهبُ إِلى مساءَلة السلطةِ في بلادِه عن دواعي تزويدِها إِسرائيل بغوّاصَةٍ نووية، ويكتبُ في قصيدتِه أَنَّه يأْملُ في أَنْ يُحرِّر كثيرون أَنفسَهم من أَغلال الصمت.

يتذاكى بنيامين نتانياهو، لإخفاءِ الاستفزاز الذي أَحدثته القصيدةُ فيه، حين يُحاول التبخيس من قيمةِ القصيدة، بالتذكير بانتسابِ صاحبِها إِلى منظمةٍ نازيةٍ في زمن هتلر، وكان في السابعة عشر من عمره. ومعلومٌ أَنَّ غونتر غراس هو من ساقَ هذه الحقيقة في كتابِ سيرتِه قبل ستة أَعوام، ولم يلزِم نفسَه بالتعمية عليها، وهو الذي تُؤشِّر روايتُه الشهيرة (الطبل الصفيح) إِلى فظائعِ الحقبة النازية، وتنشغلُ بتعريةِ تلك الحقبة، وبالتعبير عن ضرورةِ تجاوز مشاعر عقدةِ هزيمة بلادِه في أَثنائها. وخلت أَعمالُه من أَيِّ إِشارةٍ سلبيةٍ إِلى اليهود، ولم يصل في نصرتِه الفلسطينيين إِلى المطالبةِ بدولةٍ لهم في وطنِهم، بل إِنّه في قصيدتِه، والتي ذكَّرتنا بأَنه روائيٌّ يكتبُ الشعرَ أَحياناَ، يذكرُ أَنَّه سيبقى متضامناً مع إِسرائيل، وإِنْ يرى وجوبَ التفتيش على قدراتِها النووية، كما على منشآت إِيران الذرية. وعلى وضوحِ ذلك، لم يتزيَّد الصديق فخري صالح، في مقالته أَمس في “الدستور” في اعتبارِه قصيدة غراس الأولى من نوعِها في الثقافة الألمانية والأوروبيةِ بعد الحربِ العالمية الثانية، لدعوتِها الأَلمانَ إِلى التخلص من عقدةِ الذنب إِيّاها تجاه إِسرائيل.

يدلُّ الانشغالُ الواسعُ في الخارجيَّةِ ورئاسةِ الحكومة الإسرائيلية، وفي صحافة الدولة العبرية، وفي أَلمانيا والأوساط اليهودية في أوروبا، بالقصيدة، على مقاديرِ الأَثرِ الذي يُحدِثُه صوتٌ ثقافيٌّ عالميٌّ مرموقٌ من سويَّةِ هذا الكاتب الألماني البارز، سيّما في شأنٍ يتواطأُ العالم المتمدّن في اعتبارِه حساساً، طالما أَنَّه يخصُّ إِسرائيل. وليست منسيَّةً زيارةُ غونتر غراس رام الله، ولقائِه، إِبانَ حصارها قبل عشرة أَعوام، ياسر عرفات، مع كتّابٍ عالميين لامعين وبرفقةِ محمود درويش. كما ليست منسيَّةً مساواتُه، مرَّةً، جورج بوش الابن وأُسامة بن لادن، بسبب تشابهِ أَغراضِهما الشريرة، عندما قال ذلك في معرضِ رفضِه غزو العراق. ... ستعملُ إِسرائيل مع أَنصارها، في أَلمانيا خصوصاً، على التهوينِ من ارتباكِها الذي أَحدثته (ما ينبغي أَنْ يُقال)، وأَنْ تؤول إِلى النسيان، وهذه معركةٌ مستجدةٌ في ملعبِ الإعلام والثقافةِ في العالم معها. تُرى، هل يعرفُ العرب كيف يُشاركون فيها؟.

التاريخ : 09-04-2012

=================

«إدلب» السورية: العنف يزداد سوءاً

مراسل «لوس أنجلوس تايمز»

أريحا (سوريا)

ينشر بترتيب خاص مع خدمة

«إم. سي. تي. إنترناشيونال»

تاريخ النشر: الإثنين 09 أبريل 2012

الاتحاد

منذ 15 عاماً يؤذن المؤذن للصلاة خمس مرات في اليوم من مئذنة المسجد الذي يرتفع فوق أسطح المنازل المتواضعة المحيطة به. وعندما سأل الجنود الذين انتشرت دباباتُهم عبر أرجاء المدينة، المؤذنَ حول ما إن كان مقاتلون من الثوار يستعملون المئذنة، قال لهم: "أقسم أن لا أحد غيري يصعد إلى هناك".

غير أنه في أحد أيام الأحد مؤخراً، عندما كانت "أريحا" تتعرض لقصف شبه دائم، ضربت قذيفة المئذنة متسببةً في سقوط الحجارة ومكبرات الصوت على سطح المسجد والمنازل المجاورة التي كان يختبئ السكان داخلها. في ذلك اليوم، لم يُصب أحد من الحي بمكروه، لكن العشرات قُتلوا في أماكن أخرى من المدينة، كما يقول النشطاء.

ويقول زاهر، وهو مقاتل من الثوار المحليين مصاب في ذراعه المضمدة: "لقد حاولوا إصابتها عدة مرات من قبل. في أول مرة، سقطت القذيفة هنا على الجار، وفي المرتين الثانية والثالثة سقطت على جارين آخرين، لكن في المرة الرابعة أصابوها"، مضيفاً: "لقد كان هدفهم تدمير المئذنة".

وبعد مرور أسابيع في هذه المدينة الواقعة على سفح جبل بمحافظة إدلب الواقعة شمال غرب البلاد، مازال جزء كبير من الأنقاض في المكان الذي وقع فيه: في الأزقة الضيقة، وعلى الأسطح، وفي المنازل المحيطة بالمئذنة التي كانت تنتصب على ارتفاع 100 قدم، لكنها تقلصت اليوم إلى ثلث ذلك الارتفاع.

نظام الأسد يقول إنه شرع في انسحاب تدريجي من إدلب وفق مقترح سلام يرعاه المبعوث الخاص للأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي عنان. لكن النشطاء والثوار في المحافظة التي تعرضت لهجوم حكومي الشهر الماضي، يعتقدون أن العكس هو ما يحدث، ويرون أن مهلة مخطط السلام التي تنتهي في العاشر من أبريل منحت قوات النظام حافزاً إضافياً لتعيث في الأرض فساداً خلال الأيام المقبلة، كما يقول أحمد عاصي، وهو من نشطاء المنطقة. ويضيف عاصي: "من خلال التعامل مع الناس بمثل هذه الطريقة الوحشية، ربما يعتقدون أن السكان سيقتنعون بأن لا قدرة لديهم على التصدي للنظام".

وبينما يستعد السكان لهجوم آخر، يحاول بعضهم إصلاح ما لحق بممتلكاتهم من أضرار. ففي حي البزار بأريحا، ضربت قذيفة باب أحد المحال التجارية في الجهة المقابلة من الشارع، وقد ترك الرصاص على سقيفته المعدنية ثقوباً لا تخطئها العين. كل شيء في الداخل دمّر: القدور والمقالي التي كانت تحوي فواكه لزجة في الماضي، ومنضدة المحل، وحتى الجدران. ويقول مالك المتجر، وهو يقوم باستبدال ما تضرر من قرميد الجدران: "لقد كان لدينا مال وسلع، لكن كل ذلك راح اليوم". لم يقم المالك باستبدال واجهة المحل المفقودة، لذلك أصبح المحل يبدو كفجوة مفتوحة على الشارع.

عدد من المتاجر الأخرى التي تصطف على الساحة المركزية لأريحا والتي كانت تكتظ بالناس في الماضي، استُبدلت واجهاتها الزجاجية بجدران من الطوب استعداداً لهجوم آخر. وقد كان ثمة سبب وجيه لذلك. فعلى بعد أقل من 100 قدم من البازار، كانت دبابتان تجثمان على طول شارع جانبي وبرجاهما مصوبان في اتجاه المحال التجارية.

يوسف، رجل متقدم في السن كان يعيش بالقرب من المسجد قبل أن يتعرض منزلُه للتدمير، أشار إلى منزل أحد الجيران قائلاً إن السكان قاموا بإخراج أختين من تحت الأنقاض خلال قصف سابق. وقال يوسف: "لقد هاجموا أريحا كمجموعة من الخنازير. لم يسلم أي منزل هنا من نيرانهم"، مضيفاً: "لقد تركنا منزلنا لأننا لم نعد نجرأ على دخوله".

وفي منطقة إدلب، هناك أحياء بأكملها باتت خالية من النساء والأطفال بعد أن فروا جميعاً إلى بر الأمان في تركيا، والعديد من محال بيع اللحوم لم تعد تعبأ بفتح أبوابها، لأن الناس لم تعد تشتري اللحم لأنها لا تعرف ما إن كانت ستبقى مدة كافية لطهيه. ويقول مقاتل من الثوار من جبل الزاوية المجاور: "النظام في أيامه الأخيرة، لذلك فهو يحاول تدمير أكبر قدر ممكن".

وفي قرية جبلية بأعلى طريق منحدر فوق أريحا، مازالت بعض المنازل تحمل ندوب القصف بينما تحمل أخرى آثار النار. ففي مساء أحد الأيام قبل بضعة أسابيع، كان أبو أيمن وعائلته يجلسون في الشارع عندما ضربت ثلاث قذائف شقة فوقهم. جدار مطبخ تلك الشقة تحطم نصفه الآن، وأجزاء الخزانة والمواد العازلة والسيراميك متراكمة على الأرضية. وبعض أجزاء المنزل الذي يملكه تاجر ثري غادر البلدة قبل أشهر بسبب الخطر، كان من الصعب التنقل عبرها بسبب أكوام الأنقاض المتراكمة. كل الزجاج في غرفة الجلوس كان مهشماً، ماعدا الثريا التي مازالت عالقة بالسقف، والتي كانت الشيء الوحيد الذي لم يتضرر في البيت. ويقول أبو أيمن: "إنهم يقصفون عشوائياً، لا يهمهم أين ستضرب قذائفهم".

وفي سرمين إلى الشمال، أُحرق منزل أم أمين قبل أسبوعين، ومازالت رائحة قوية ولاذعة منتشرة في غرفتين تحوَّل لون جدرانهما إلى أسود فاحم. ففي ذلك اليوم، بدأ الجيش قصف القرية في الصباح، وبحلول الظهيرة كان قد شرع في مداهمة المنازل.

وتقول هذه الأم لخمسة أطفال: "لقد خفتُ على أطفالي، لاسيما أنهم صغار، وأضافت: "لقد سمعنا قصصاً كثيرة عن أولاد يؤخذون ويُقتلون". فرت العائلة قبل بدء الهجوم، وقد أخبرها أحد الجيران بأن خمسة عشر جندياً اقتحموا منزلها بحثاً عن أسلحة. وعندما لم يجدوا شيئاً، أضرموا النار في المنزل، وصبوا الجازولين في الغرف لإحداث اشتعال قوي.

وتقول أم أمين وهي تحمل طفلاً صغيراً في حضنها: "لقد سمعنا أصوات الدبابات عندما كنا مغادرين... وعندما عدنا، كانت الغرف مثل الفحم".

=================

يحدث في سجون بشار الأسد

ياسر الزعاترة

الدستور

9-4-2012

حدثني مناضل شيوعي تحول لاحقا إلى الإسلام كيف أنه بعد أن أمضى أكثر من عشر سنوات في سجون بلد عربي خلال الخمسينيات والستينيات، كان قد عزم على كتابة فصول تجربته في السجن، لكنه بعد لقاءات في بيروت مع عدد من الذين مروا بتجربة السجون السورية والعراقية، قرر ألا يفعل، فقد وجد أنه وأصحابه كانوا في فنادق مريحة قياسا بمعتقلي البلدين.

قبل عامين التقينا وعدد من الأصدقاء بطبيب من ضحايا حقبة حافظ الأسد، حيث أمضى فيها عشرين عاما كان الجزء الأكبر منها في سجن تدمر، فسرد علينا الرجل شهادات تشيب لهولها الولدان تبدو أكثر فظاعة بكثير مما رواه عبد الرحمن منيف في روايته الشهيرة “شرق المتوسط”.

وقد كتب بعضها في كتب وأعمال روائية آخرها رواية “القوقعة” التي صدرت عن دار الآداب في بيروت وتحكي قصة شاب مسيحي يعتقل لدى عودته من فرنسا بتهمة الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين ويقضي في سجون النظام 15 عاما.

اليوم، ثمة جانب لم يكشف بعد من فظاعات مرحلة بشار الأسد التي نعيشها هذه الأيام (قليل منها كان سابقا على الثورة، وقلتها تنبع من سيطرة النظام على البلد بسطوة الرعب وليس بسبب اختلاف النهج)، ففي حين نسمع يوميا عن فصول القتل والتدمير التي تنفذها عصابات النظام، فإن فصولا أخرى ستروى لاحقا (قليل منها سيروى هذه الأيام) من بعض من مروا بتجربة السجون والمعتقلات التي تزدحم منذ شهور طويلة بعشرات الآلاف من البشر في سياق من مساعي وأد الثورة السورية التي دخلت عامها الثاني بإصرار عجيب.

بعض أشكال التعذيب رواها عدد ممن خرجوا من تلك المعتقلات لمراسلين صحفيين غربيين، ولنا أن نتخيل أن هؤلاء الذين خرجوا ينتمون إلى فئة الأقل “جرما” بنظر جلاوزة النظام، لكن الآخرين الأكثر نشاطا في الثورة لا يزالون قيد الاعتقال، ومنهم من قضى نحبه تحت التعذيب.

يتحدث بعض الخارجين من مسالخ التعذيب عن “السرير الحديدي”، ويتمثل بحسب وصف عامل في شركة هواتف اسمه شادي في ربط المعتقل بأحزمة مثبتة على كل طرف من أطرافه، وشريط جلدي آخر لتثبيت الرأس.

بعد ذلك يجري تعريض السجين الممدد على وجهه لتيار كهربائي يسري في كل أنحاء جسده (السرير مربوط بمولد كهربائي). وتستمر كل جلسة بحسب شادي الذي تحدث لصحيفة “تايمز” لمدة تتراوح ما بين ثلاث إلى أربع ساعات، يجري تعريضه خلالها لصعقات كهربائية تستمر الواحدة منها في حدود النصف دقيقة. شادي قال إنه تمنى من قسوة التعذيب لو قتله المحققون كما قتلوا والده من قبل.

وتقول الصحيفة إن شهادة شادي الذي قضى 46 يوما في سجن بشمال إدلب هي واحدة من عدد من الشهادات التي جمعتها من ناجين من التعذيب هربوا إلى تركيا.

ويقول ناجون آخرون إن بعض السجناء يتم ليُّ ظهورهم للخلف، وبعضهم تعرضوا لقرص وجوههم باستخدام كماشة حديدية، وكل من التقت بهم الصحيفة مروا بتجربة “الشبح” من أيديهم لساعات مع الجلد بالعصي والأنابيب البلاستيكية.

وتحدث الشهود عن المعتقلين الذين قضوا نحبهم في الزنازين المزدحمة بالبشر (300 إلى 400 في الزنزانة الواحدة) بسبب التعذيب المفرط. وقد استشهد أحدهم بعد أن أدخل المحققون أنبوب ضغط هواء في مؤخرته.

تشير هذه الوقائع إلى تعويل النظام على إجهاض الثورة عبر هذه الممارسات، في محاكاة لتجربة (الوالد) في إسكات سائر الأصوات المعارضة خلال الثمانينيات، وبالطبع إلى جانب الوسائل الأمنية الأخرى من قتل واغتيال، مع قدر هائل من الدعاية السياسية والإعلامية.

ما لا يريد النظام أن يفهمه هو أن هذه المرحلة تختلف كثيرا عن المراحل السابقة، وأن الشعب الذي خرج يطلب الحرية لن يتراجع عن مطلبه، وأن فضائح التعذيب هذه لن تلبث أن تخرج للعلن تباعا حتى يعرف القاصي والداني أي نظام مجرم هذا الذي يواجهه السوريون العزل بلحمهم الحي وإمكاناتهم المحدودة.

هذه المرة لن تمر جرائم النظام دون عقاب، وهؤلاء الذي يذوقون الأهوال لن يستسلموا، ولن يتمكن النظام من إلقاء الرعب في نفوس البقية، بل إن هذه القصص ستدفع الآخرين إلى تفضيل الشهادة في المواجهة على دخول الزنازين والتعرض لمثل هذه الفظاعات.

لقد فقد هذا النظام كل شرعية سياسية وأخلاقية، وهو ساقط لا محالة، ومن يغطون جرائمه عبر تبريرات بائسة هم شركاء له في الجريمة، سواءً أكانوا من أزلامه المباشرين، أم من أولئك الذين لا يتوقفون عن إدانة الشعب وثورته، مقابل منح النظام شهادات المقاومة والممانعة، مع حديث ممل عن “المؤامرة” الدولية عليه!!

التاريخ : 09-04-2012

=================

قيامة سورية

صبحي حديدي

2012-04-08

القدس العربي

نصّ حكيم ذاك الذي صدر عن مجلس أساقفة الكنائس المسيحية في سورية، معلناً أنّ 'احتفالات أعياد الفصح ستقتصر على الصلوات والطقوس الدينية في الكنائس فقط، وذلك نظراً للظروف الاستثنائية التي تمر بها سورية، وإكراماً لأرواح الشهداء والضحايا الأبرار الذين قضوا في الأحداث الأليمة، وتعبيراً عن وحدة أبناء الشعب السوري الأبي، وترسيخاً للحمة الوطنية'. صحيح أنه يقف، أو يكاد، على مسافة متساوية بين النظام والحراك الشعبي، في حديثه عن 'الظروف الاستثنائية' وليس عن انتفاضة شعبية مثلاً، أو إحجامه عن أية إشارة إلى عنف السلطة؛ إلا أنّ هذا الموقع الوسيط هو أقصى ما يمكن أن يبلغه المجلس، قياساً على سجلّ علاقته بالسياسة والسلطة والمعارضة إجمالاً، من جهة؛ واتكاءً على طبيعة الاحتقانات الراهنة في صفوف المواطنين السوريين المسيحيين، من جهة ثانية.

لافتة، في المقابل، رسالة البطريرك الماروني بشاره بطرس الراعي، الذي تمنى 'السلام للعالم ولأوطاننا، بخاصة للبلدان التي تثور، في عالمنا العربي، تطالب وتسعى من أجل العيش بكرامة وبحبوحة، والتمتع بحرياتها الشخصية والعامة، وبحقوقها الأساسية، وبأنظمة ديموقراطية تحترم كرامة كلّ إنسانِ شعب، وتعزز التنوع في الوحدة، وتشرك الجميع في مسؤولية الحياة العامة، وتنفي الأحادية والفئوية وفرض الإرادة والتحكم بمصير المواطنين، وتمكّن كل مواطن، من أي دين أو ثقافة أو عرق أو انتماء كان، وكل مجموعة، مهما كان نوعها، أن يكون وتكون قيمة مضافة في نسيج المجتمع والوطن'. واضح أنّ هذا النصّ خطوة متقدمة على مواقف الراعي السابقة، خاصة تجاه الانتفاضة السورية والخشية على المسيحيين من مستقبلها، حتى إذا كان البطريرك لا يخصّص، وبالتالي قد ينطوي التعميم عنده على تعتيم مبطّن، يتفادى الإشارة إلى النظام السوري.

ناشطو الانتفاضة، خاصة أصحاب التخصص في إنتاج أشرطة الفيديو، استخدموا صوت فيروز في الترنيمة الشهيرة (التي يقول مطلعها: 'أنا الأمّ الحزينة/ وما مَنْ يعزّيها'...)، لكنهم استجمعوا عدداً من اللقطات الفوتوغرافية التي تصوّر عذابات السوريين، من جنازات الشهداء، إلى اتحاد الهلال والصليب مع عَلَم الاستقلال السوري، واللافتة الشهيرة التي تسأل: 'هل الشهيد حاتم حنا مسيحي سلفي؟'، وأعمال ال'كولاج' التي تُدني مئذنة المسجد من ناقوس الكنيسة. كذلك توفّرت عناصر كثيرة تغري باستعادة قصيدة نزار قباني الشهيرة عن قيامة بيروت، التماساً لقيامة مدن سورية شهيدة مثل حمص وحماة وإدلب: ''قومي من تحت الردم/ كزهرة لوز في نيسان/ قومي من حزنك قومي/ إنّ الثورة تولد من رحم الأحزان/ قومي اكراماً للغابات/ قومي اكراماً للأنهار/ قومي اكراماً للإنسان...'.

لكنّ عيد القيامة يعيد إلى الأذهان تلك المحطات الفاصلة في انحطاط ردود فعل النظام على اشتداد الانتفاضة، حين لجأت الأجهزة (قبل وقت قصير من اعتماد الفرقة الرابعة كأداة قمع أولى ومركزية) إلى خيارات همجية قصوى، مثل استخدام القنّاصة لاغتيال المتظاهرين، واغتيال بعض رجال الشرطة لتثبيت نظرية 'العصابات' والمندسّين'، وإطلاق وحوش 'الشبّيحة' في شوارع المدن الرئيسية. كذلك اتجه النظام إلى استرضاء الشرائح الشعبية المتدينة (والشارع السنّي تحديداً)، عن طريق إجراءات منافقة مثل إعادة المنقبات إلى سلك التعليم، بعد أن أُبعدوا عنه قبل أشهر؛ وإغلاق كازينو القمار، بعد أشهر قليلة على منحه الترخيص بالعمل؛ وتقديم مشروع فضائية سورية دينية، هدية خالصة إلى الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي، طليعة أبواق النظام في صفوف مشايخ النفاق.

وإذْ كانت مفارز النظام الأمنية تواصل انتشارها في المدن والبلدات والقرى، في ما يشبه مشهدية احتلال عسكري مباشر؛ كانت مفارز أخرى تستكمل أعمال الاعتقال التعسفي والعشوائي، ومداهمة البيوت، ومصادرة الهواتف النقالة والكومبيوترات، فضلاً عن تشكيل 'لجان شعبية' تدّعي حماية المساجد. في الآن ذاته أعلنت السلطة أنّ الأسد منح الجنسية للمواطنين الأكراد، وكأنّ جماهير الكرد لم تدرك، منذ يوم الانتفاضة الأوّل، أنّ أيّ مطلب حقّ تناله اليوم من السلطة هو نتاج نضالات طويلة خاضتها، منفردة أو متحالفة مع قوى المعارضة الوطنية والديمقراطية، طيلة عقود. 'الكرد طلاّب حرّية، لا جنسية'، هكذا قالت هتافاتهم في مظاهرات ذلك الأسبوع، معلنة أنّ النظام لا يتنازل اليوم إلا تحت ضغط الانتفاضة الشعبية، التي تخصّ حقوق مكوّنات الشعب السوري، الاجتماعية والإثنية والدينية والطائفية، جميعها.

تلك 'القيامة'، السنة الماضية، انطوت أيضاً على انطلاق مسيرة نسائية احتلت الطريق الرئيسي الذي يربط المدن الساحلية، للمطالبة بالإفراج عن الأزواج والآباء والأشقاء والأبناء، ولرفع الحصار عن مدينة بانياس وقرية البيضة، وتأمين المواد الغذائية والدقيق للأفران، حيث أخذت كميات الخبز تشير إلى نقص خطير. كانت تلك المسيرة تؤكد، على نحو ساطع وللمرّة الأولى، انخراط المرأة السورية في الانتفاضة؛ فلا تدوّن معطى جديداً، سياسياً وإنسانياً، فحسب؛ بل تثبّت، أيضاً، تطوّراً سوسيولوجياً بارزاً، سوف تكون له أبعاد تربوية وأخلاقية عالية المغزى.

صحيح أنّ أعداد الشهداء تضاعفت، بالمئات في الواقع، منذئذ؛ وأفانين القمع انحطّت، وتدنّت، وانفلتت من كلّ عقال؛ ومخططات النظام الأشدّ خبثاً تعاظمت، فزادت في عذابات السوريين، ومزجت آمالهم بالآلام... إلا أنّ سورية قامت، وسارت على درب الجلجلة، وهيهات أن تعود القهقرى!

=================

العنف ليس خيار السوريين المفضل

Mon, 09 أبريل 2012

علي ملحم *

الحياة

تبدو مآلات الثورة السورية بعد مضي عام كامل على اندلاعها محدودةً، لا بل وقد تقتصر على خيار المقاومة المسلحة الشعبية. ويبدو أيضاً في الوقت ذاته الخيار المدني السلمي خياراً آخذاً بالتقلص والانحسار على حساب المكون التسليحي، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة أن العنف هو الخيار الذي تنحو الثورة باتجاهه في عامها الثاني.

تعتبر السلمية خصيصة من خصائص الثورة في سورية، وهو ما تبدّى ولا يزال يتبدى جلياً في التظاهرات السلمية التي قادها ونسقها ناشطون مدنيون يؤمنون باللاعنف والتحويل المجتمعي السلمي، كالشهيد غياث مطر والفنانة فدوى سليمان والمحامي محمد عصام زغلول، الذي قاد اعتصامات نقابة المحامين في العاصمة دمشق، كما لا يزال الناشطون السلميون يفعِّلون الحراك المدني من خلال ما يوزعونه من بيانات ومناشير وملصقات تعبر عن روح الثورة وجوهرها.

وإذا كان العنف الوحشي هو الخيار الذي جابه به النظام الشارع المحتج منذ اللحظات الأولى له، حيث عذب أطفال درعا ومن ثم قتل شبابها، فإن هذا الشارع لم يكن أمامه من مجال إلا أن ينحو بفعل غريزة البقاء لا أكثر نحو حمل السلاح (أيِّ سلاح) دفاعاً عن نفس ليس أمامها سوى الاختيار بين طلب الحرية وبين مجابهة الموت والاعتقال والانصياع.

هكذا، ومع كل دورة للعنف يبدأها النظام، كان الشارع السوري بمكوِّناته المنتفضة ينحو بغريزته -لا بخياره- نحو السلاح الذي يجنبه هذه الدورات اللامتناهية.

ولكن شيئاً فشيئاً أخذ المكون التسليحي في الثورة السورية يتمظهر في أشكال أكثر تنسيقاً وتنظيماً، أخذت تطلق على نفسها اسم كتائب الجيش السوري الحر تمييزاً لها عن كتائب النظام، التي أخذت تتحول مع الوقت إلى كتائب الأسد وشبيحته، وأخذت المواجهة الآن تنحصر أكثر وأكثر بين الجيش الحر وبين جيش الأسد، وهذا ما يدلل على الخيار الذي أراده النظام منذ بداية الأحداث، حيث كتب جنوده على جدران الأبنية في ساحة العاصي بحماة عبارة «الأسد أو لا أحد».

إذاً كان الشعب السوري منذ البداية أمام خيارين: إما الرضوخ للأسد، وإما الفناء في مواجهة كتائبه وجنوده وشبيحته، ولقد اضطر هنا وهناك إلى مواجهة الفناء بالقوة.

وهكذا، وعلى الرغم من الضرورة الموضوعية لوجود السلاح والجيش الحر في ثنايا الثورة، فإن هذا لا يعني بالضرورة أن الخيار المدني السلمي قد سقط من دون رجعة، بل العكس هو ما يصح، فالأساس لا يقاس بردود الأفعال التي تبدو كخيارات، وإنما بالأفعال التي هي نتيجة لخيارات، وإن كان الشعب السوري الآن يواجه ضرورات الطبيعة بالدفاع عن نفسه، فإن جوهر الأمور يبقى كما هو: الثورة السورية ثورة شعبية اجتماعية تقطع مع ما سبق من استبداد وطغيان وعنجهية، وتؤسس لحرية وديموقراطية وإنسانية بالدرجة الأولى. لذا، فإن المقاومة الشعبية المسلحة هي ضرورة للبقاء وللاستمرار، كما أن الخيار المدني اللاعنفي هو الجوهر الأساس للثورة السورية ولشعبها.

* كاتب سوري

=================

«حزب الله» وسورية!

Mon, 09 أبريل 2012

جميل الذيابي

الحياة

في افتتاح مجمع السيدة زينب في الضاحية الجنوبية لبيروت أخيراً، أعلن الأمين العام ل«حزب الله» السيد حسن نصرالله، أن حديث التدخل العسكري في سورية هو احتمال انتهى، والأميركيون أعجز من أن يحاولوا، وأن «حكاية إرسال قوات عربية إلى سورية انتهت، وأن خيار تسليح المعارضة السورية انتهى على المستوى الدولي وفي القمة العربية». وأن «إسقاط النظام بالخيار العسكري (من الداخل) أيضاً انتهى، والمطلوب حلٌ سياسي». بل إن السيد نصرالله اعتبر رهانات البعض في لبنان وخارجه على سقوط النظام السوري خاسرة، وتحتاج إلى إعادة تقويم، لأن الوقائع تترك أثراً في المقاربة السياسية للملفات.

في لبنان يفقد حسن نصرالله الكثير من مؤيديه الذين ضاقوا ذرعاً به وبتناقض سياساته خصوصاً في ظل تأييده للقتل الممنهج والفظيع الذي يمارسه نظام الأسد. وفي سورية ترفع الشعارات ضده وضد حزبه، وتدعو إلى مواجهته مثلما يواجه نظام بشار الأسد الذي يقتل الشعب، بل إن «حزب الله» اتُّهم بالمشاركة في قتل السوريين إلى جانب شبيحة النظام.

لن يستغرب أي مراقب سياسي استماتة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في الوقوف إلى جانب نظام بشار الأسد ضد أية محاولات لإسقاطه ولو بحياكة تحليلات فاقدة للصدقية، وحبْك روايات لا تمتُّ إلى الحقيقة بصلة. إصرار نصرالله على مساندة نظام بشار الأسد تنبع من كونه يعرف سلفاً أن سقوط الأسد سيعري سياسات الحزب داخل لبنان وخططه خارجها، وسيضعف قوته ومواقفه وتأثيره، وسيرغمه على إعادة التموضع السياسي، ويجبره على التواضع في الحوار والمطالب أمام منافسيه.

ينظر «حزب الله» إلى نظام الأسد الحليف لحزبه، ولإيران بأنه مستودع الشحنات الموجبة له في لبنان وسورية والمنطقة، وسقوطه سيجعله في مواجهه علنية قريبة مع السوريين، وسينهي أيضاً سنوات من العسل والمغازلة بينه وبين الحركات الإسلامية في فلسطين، لأن أية ديموقراطية سورية مقبلة بعد سقوط نظام الأسد ستجلب حكومة لها خيارات وتطلعات مختلفة تختلف عن السياسات الراهنة لحزب البعث، وهو ما سيجبر «حزب الله» على البحث عن مخارج وتحالفات جديدة تنقذه ولو موقتاً. لا شك في أن سقوط نظام الأسد سيجعل في وصول السلاح إلى «الحزب» مشقة ومغامرة، وستفقد حليفته إيران الكثير من تأثيرها في المنطقة، والذي كانت تدشّنه عبر بوابة دمشق، وهو ما جعل طهران على مدار سنوات تنجح في استخدام دمشق كورقة ضغط إقليمية وممراً سهلاً لوصول المال والسلاح إلى حركات «ميلشاوية» حتى تمكنت من تمرير بعض مشاريعها للتوسع في المنطقة العربية.

يسقط السيد حسن نصرالله في فخ الأسئلة الراهنة التي تستدعي إجابات مباشرة بشأن الثورة السورية، إذ يحاول أن يحولها إلى إجابات باهتة بلا قيمة، وهو ما يضع صدقيته على المحك إن كان تبقى له منها شيء. يقول المقربون من «حزب الله» إن نصرالله يعتقد بأن ليس من حل أمامه سوى «الفزعة» لنظام الأسد ومساندته حتى اللحظة الأخيرة، ولو بالمشاركة في بث الإشاعات؛ بغية إحباط قوى المعارضة، بالتزامن مع الجهد نحو تغيير قناعات الشعبين السوري واللبناني عبر إعلامه وحلفائه ومؤيديه بالتشكيك في الثورة السورية، وتكريس التساؤلات «المكذوبة» في محاولة لوضع علامات استفهام حول أهداف الثورة، وصبغها بمواجهة النظام مع عناصر إرهابية، وهو ما دعا حلفاءه من وزراء كتلة ميشال عون في مجلس الوزراء اللبناني الأسبوع الماضي إلى تسويق الأكاذيب، ووصف النازحين السوريين الفارين من جحيم النار بالإرهابيين.

كان بإمكان حسن نصرالله خطف الأنظار وبلوغ الصدقية في الشارع العربي بالوقوف إلى جانب الثورة السورية ضد القتل والاستبداد والانتصار للحق، كما وقف في وجه الطغيان الإسرائيلي، أو على الأقل الانتظار أو السكون والتزام الصمت، إلا أنه فضّل السباحة في أكاذيب نظام الأسد وفخ الطائفية بالمنافحة عن نظام مجرم يبيد شعبه، وهو ما يتنافي مع ادعاءاته وخطاباته الداعية إلى المقاومة ضد الأنظمة المستبدة.

الأكيد أن السيد نصر الله من أكبر الخاسرين من»الربيع العربي»، بل إن الثورات الشعبية العربية فضحت زيف بعض الأحزاب الطائفية المسيّسة، وكذب الشعارات التي ترفعها لمصالحها ومصالح إقليمية لا علاقة لها بطموحات الشعوب وتطلعاتها الصادقة للحرية والكرامة.

وبمواقف نصرالله «المخزية» من الثورة السورية، ووقوفه إلى جانب نظام مجرم يسفك دماء الأبرياء ويهدم المنازل على رؤوس أهلها، يكون قد فقد السيد وحزبه، الكثير من القوة والتأثير والصدقية، ولن يسجل التاريخ سقوطاً مذلاً لنظام بشار الأسد وحده، بل سيرافقه في «حفلة» السقوط الكبيرة حسن نصرالله وحزبه وأبواق أخرى في لبنان.

jameel@alhayat.com

=================

فعلا.. فهمتم الأسد خطأ!

طارق الحميد

الشرق الاوسط

9-4-2012

مع خارجية النظام الأسدي الحق كله وهي تعلن بالأمس أن طاغية دمشق لن يسحب قواته من المدن وفق مهلة المبعوث الأممي كوفي أنان في العاشر من أبريل (نيسان) الحالي، وأن عملية سحب القوات من أساسها هي «تفسير خاطئ»، كما قال بيان خارجية الأسد.

وعندما نقول إن مع نظام الأسد الحق وهو يقول إن العالم قد فهمه خطأً فلسبب بسيط، هو أن مجرد تصديق أن النظام الأسدي يقبل بمهمة أنان كان خطأً فادحا، بل وعبثا؛ فالمجتمع الدولي يعي تماما أن نظام الأسد لم يفِ يوما بوعدٍ قطعه، بل لو كان نظام الأسد مقترضا لما وجد بنكا يقدم له سلفة؛ فالأنظمة مثل الأفراد سجلٌّ من مواقف وسمعة، والنظام الأسدي سمعته هي التلاعب، والتحايل؛ لذا فمن حق النظام الأسدي أن يقول إن العالم قد فهمه خطأ؛ لأنه من الأساس يتلاعب بالجميع، وكان يفترض أن الكل يعرف ذلك!

والطريف أن السيد أنان يقول إنه «مصدوم» من مستوى العنف بسوريا، والحقيقة لا يدري المرء ماذا يقول، فإذا كان أنان «مصدوما» فماذا يقول السوريون الذين يُقتلون يوميا بدم بارد على يد قوات الأسد؟ بل المحير هو أن المجتمع الدولي يلوذ بالصمت انتظارا لانتهاء مهلة أنان، بينما القوات الأسدية تواصل ارتكاب المجازر، والتطهير العرقي بحمص، مما يجعل المرء يتساءل: أوَليس لهذه الدماء قيمة؟ ومن سيتحمل عواقب تلك الجرائم، طوال عام كامل من عمر الثورة السورية؟ من سيعاقب الأسد على جرائمه؟ لذا، فلا يمكن القول فقط إن المجتمع الدولي لم يفهم الأسد خطأ وحسب، بل إن المجتمع الدولي تواطأ معه حين منحه المهلة تلو الأخرى ليقوم بارتكاب المجازر ضد السوريين.

فالحقائق والوقائع كلها تقول: إن الأسد، وآلة قتله، لا يفهمان إلا لغة القوة فقط، وليس اللغة الدبلوماسية والقوانين الدولية، وأي محاولة لإيقاف جرائم هذا النظام بالمبادرات الدبلوماسية، على غرار مبادرة أنان أو خلافه، فإنها بكل تأكيد «تفسير خاطئ» لطبيعة نظام طاغية دمشق، الذي باع واشترى بالمجتمع الدولي باسم مبادرة أنان التي يقول اليوم إنه لن ينفذها، وإنه قد تم فهمه خطأ من الأساس؛ فالأسد يفعل ما يفعله لأنه لا يرى تحركات حقيقية ضده على الأرض؛ فكل ما يراه تهديدات لا تسمن ولا تغني من جوع، سواء من تركيا، أو الصمت المطبق من قبل أوباما الذي لا يكترث هذه الأيام إلا بأعداد الأصوات الانتخابية، وليس أعداد القتلى السوريين على يد نظام الأسد، الذين تجاوزوا العشرة آلاف قتيل للآن.

وعليه، فمع خارجية الأسد الحق كله حين تقول إن الاعتقاد بسحب قواتها ما هو إلا «تفسير خاطئ»؛ لأن افتراض حسن النوايا بالنظام الأسدي كان خطأ من الأساس؛ فالأسد ونظامه لا يفهمان إلا لغة القوة، واستخدامها اليوم بات أمرا واجبا، ليس لإسقاطه وحسب، بل لحقن الدماء السورية، وعدا عن ذلك فإن كل ما يُفعل هو إضاعة وقت وعجز وتواطؤ مع مجرم دمشق.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ