ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 23/02/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

هدنة إنسانية..!

رأي الراية

الراية

22-2-2012

ليس معروفاً بعد موقف السلطات السورية من دعوة اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالتقيّد بهدنة يومية تستمر ساعتين على الأقل للإسراع في إيصال المساعدات الإنسانية إلى مدينة حمص والمناطق الأخرى المحاصرة والتي تشهد أعمال قصف وقتل وترويع منذ أسابيع.

فحسب بيان رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر فإن الوضع الراهن يتطلب اتخاذ قرار على الفور يقضي بهدنة إنسانية في سياق المعارك .مقدماً في بيانه صورة مؤلمة عن الوضع الإنساني الذي يعيشه المواطنون السوريون حيث يقول: في حمص وفي مناطق أخرى متضرّرة، تحتجز عائلات بكامل أفرادها في منازلها منذ أيام، ولا تستطيع الخروج لشراء الخبز ومواد غذائية أخرى والماء أو الحصول على العناية الطبية.

لقد أعلن الجيش السوري الحر عن استعداده للاستجابة لدعوة الصليب الأحمر مشككاً في الوقت نفسه بالتزام النظام السوري لكن ما يجب أن يُدركه النظام السوري ويُدركه الجيش السوري الحر الذي يقول: إنه يردّ على مصادر النيران إذا أمكن، ويتصدّى للدفاع عن النفس في حال الاقتحام.

إن من يدفع ثمن التصعيد العسكري الخطير الذي تشهده مدينة حمص وباقي المدن والبلدات السورية المحاصرة هو الشعب السوري نساؤه وأطفاله وشيوخه ورجاله وإن الوضع الخطير بات يستدعي وقفاً لإطلاق النار لإنقاذ المواطنين السوريين الذين يدفعون الثمن غالياً من أرواحهم وأرواح أبنائهم.

إن من يتحمّل الوضع الإنساني المؤلم الذي وصلت إليه الأمور في سوريا النظام السوري الذي ما زال مصرّاً على إخماد الاحتجاجات الشعبية المطالبة بالحرية والتغيير بالقوّة الأمر الذي بات يتطلب ضغطا دوليا لفك الحصار عن المدن والبلدات السورية المحاصرة والعمل على توفير إمدادات الغذاء والدواء لسكانها.

إن المسؤولية الإنسانية والأخلاقية تستدعي من الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية إلى بدء اتخاذ خطوات عملية لحماية المدنيين وتأمين المساعدات اللازمة وإسعاف المصابين وتوفير العناية الطبية لهم.

الشعب السوري الذي ما زال يُواصل ثورته المطالبة بالحرية والديمقراطية والتغيير يحتاج من المجتمع الدولي أن يكون صوتاً واحداً موحّداً في وجه القمع الذي يُمارسه النظام السوري فإجبار النظام السوري على وقف الخيار العسكري الذي يتبعه وسحب الجيش والآليات العسكرية الثقيلة من المدن والبلدات السورية سيُوفّر مناخاً حقيقياً للبدء بحوار وطني شامل يخرج سوريا من أزمتها ويُوقف نزيف الدم المتواصل والذي يُهدّد حاضر سوريا ومستقبلها.

=================

التقصير العربي في سوريا..

يوسف الكويليت

22-2-2012

الرياض

  معروف أن مجلس الأمن أسس، ووضعت قوانينه ضمن مرحلة كان الأعضاء هم القوة المنفردة، وقد شكل مأزق (الفيتو) مشاكل للبلدان التي تسودها حروب أو خلافات تتبع أو تتضاد مع الدول الأعضاء ليحدث الاعتراض وينتفي الحل..

سوريا دخلت القائمة في خلاف الشرق الجديد مع الأطلسي القديم، والضحية الشعب هناك، والغرب لا يقل خبثاً حتى لو حاول فرض عقوبات، لأن مبررات عدم التدخل، ولو سلمياً كإرسال معونات إنسانية من أطباء، وأدوية وأغذية وغيرها، بدعوى عدم توحيد فصائل المعارضة، لا دخل له بالجرائم التي تجري على الأرض وأمام المشهد العالمي برمته..

المؤلم أن الصليب الأحمر الدولي بادر بطلب هدنة، ولو لساعات من أجل إغاثة حمص، بينما الهلال الأحمر العربي والإسلامي خارج مثل هذا الموقف، وبصرف النظر عن التنازع الدولي، فإن العرب، أو بعضهم سحب سفراءه، وتقدم بمشروع حلول، لكن هذا لا يكفي، ولو افترضنا أن النظام وقف حائلاً لوصول أي معونات عربية، فالأبواب مفتوحة كالتعاون مع الصليب الأحمر والمنظمات الإنسانية الأخرى، أو تسريبها مع حدود الدول المجاورة لسوريا..

سوريا ليست خارج الجغرافيا العربية، والخلاف مع حكمها لا يبرر التقصير المزري تجاه شعب يناضل من أجل وجوده وحريته، وحتى مسألة تسليح المعارضة التي هي مدار جدل تُفسر بأنها تساعد على حرب أهلية تعد رجماً بالغيب، ووجود منافذ من خلال حدود عربية وتركية قابلة لإرسال كل شيء بما في ذلك السلاح، ولو تم ايجاد خطة لإرسال النقود، فإن الشبيحة وحتى أفراد القوات المسلحة والأمنية التابعة للنظام، أمام الضائقة المالية ستبيع فائض سلاحها على أي مشتر..

النظام معززاً بروسيا والصين، وتحالفه مع إيران لا يمكنه التراجع عن سلوكه الإجرامي إلا برادع يشعره بوطأة الضغط، والموقف بقدر ما هو سياسي، فهو عسكري ولا يمكن التعامل مع الصين وروسيا بالمعاني الإنسانية وحسن النوايا، فلو أجمع العرب على استخدام سلاح المصالح، كما جرى مع حظر النفط عام ١٩٧٣م فإن جدية العمل ستفرض على الدولتين مراجعة مواقفهما، وهو طريق لا يضر بمصالحنا بقدر ما يسبب لهما نكسة سياسية واقتصادية، وتبقى المسألة متعلقة بالمسؤولية العربية أخلاقياً قبل أن تكون سياسياً..

فإذا كنا نعرف أن الأنظمة الدولية الكبرى تقيس أبعاد أي تصرف بجني الفوائد سواء كانت استراتيجية، كالمواقع الحساسة والممرات، فإنها لا تهتم بالدول التي ليست على هذه القائمة من الفوائد، وروسيا والصين، الأولى تريد الامساك بآخر المواقع التي انحسرت عن الاتحاد السوفيتي بإدعاء أنها قوة عظمى وشريك أساسي في النظام الدولي الجديد، وبالتالي فسوريا فرصتها الوحيدة أن تدخل هذا المعترك، بينما الصين محيرة باتخاذ اتجاه لا يجعلها بنفس المساواة مع روسيا، وكان مفترضاً، إذا كانت تريد تسجيل موقف ما لا يتطابق مع الأطلسي أن تمتنع عن التصويت لحفظ خط الرجعة أمام من استنكروا عليها موقفاً غير مبرر..

عموماً شعب سوريا الآن يقف وحيداً ومن الجرم تركه في مواجهة الموت دون حراك عربي فعّال ومثمر..

=================

هل يفيد التصعيد فى الأزمة السورية!

عبدالله الاشعل

عكاظ

22-2-2012

يشهد العالم فى دوله، وفى الأمم المتحدة تصعيدا ملحوظا ضد النظام فى سورية، ويشتمل هذا التصعيد على طرد السفراء السوريين، والاحتجاج أمام السفارات السورية، ودعم المجلس الوطنى المعارض، وقطع العلاقات الدبلوماسية التى هددت به بعض الدول، واستنكار إراقة الدماء ثم محاولة دعم مجلس الأمن للخطة العربية وتصدي روسيا والصين لها. وأخيرا ارتفاع وتيرة التصدي عند دول الخليج باتجاه الجمعية العامة للأمم المتحدة الذى انعكس فى قرارها مؤخرا ولأول مرة الذى يطالب برحيل نظام الأسد، وهو جزء من الحرب الدبلوماسية ضد نظام الرئيس بشار الأسد. فما هو المطلوب على وجه اليقين من النظام فى سورية؟

المطلوب تغير من وقت لآخر، وتأرجح بين الضغط على النظام للقبول بوقف استخدام القوة، ثم إجراء تسوية تضمن إنشاء نظام جديد خلال فترة معينة وقد استخدمت العقوبات والعزلة والحرب الدبلوماسية لتحقيق هذا الهدف ولكنه لم يتحقق. أما الهدف الثانى فهو إزاحة نظام الأسد كلية وهذا هو الهدف الذى يسعى التصعيد لتحقيقه. وكان نفس الهدف قد ظهر لإنهاء نظام القذافى ولكن تدخل الناتو هو الذى أسرع بتحقيقه. وبصرف النظر عن مدى صواب أو عدم صواب هذا الهدف فإن الوضع فى سورية يختلف عن ليبيا بقدر اختلاف الموقع والظروف والتحالفات وارتباط ليبيا بالصراع العربي الإسرائيلي وهو جوهر المشكلة فى الملف السوري. وفى ضوء ذلك فإن التدخل العسكري الغربي وخلط الأوراق هو ما يلوح فى الأفق وهذا يرسم مستقبلا غامضا للوطن السوري أكثر مما يهدد النظام. ولذلك فإن الحديث عن استبعاد التدخل العسكري صحيح ولكن الأمل فى إسقاط النظام بدونه مستحيل. إذن المطلوب تحقيقة هو حماية الوطن ودفع النظام إلى وقف إراقة الدماء والاستجابة لآمال السوريين فهل يحقق التصعيد هذا الهدف؟!.

=================

التَّدخُّل يستدرج التَّدخُّل!

صالح القلاب

الرأي الاردنية

22-2-2012

قبل تلاشي صدى تصريحات الأمين العام للجامعة العربية ،التي قال فيها أنه يلمس مؤشرات على احتمال تغيير روسيا والصين موقفيهما إزاء الأزمة السورية، أعلنت موسكو عن أنها لن تشارك في مؤتمر «أصدقاء سوريا» الذي من المفترض أن ينعقد في تونس بعد غدٍ (الجمعة) وهذا دليل على أن الموقف الروسي لا يزال على ما هو عليه وأن ما قاله نبيل العربي هو مجرد أمنيات لا توجد أية أدلة على إمكانية تحقيقها على أرض الواقع.

عندما يتحدث رئيس جهاز الاستخبارات الأميركية جيمس كلارك عن أن فرع «القاعدة» في العراق قد يكون هو المسؤول عن التفجيرات الانتحارية الأخيرة في سوريا ،وعندما وفي الاتجاه ذاته يقول رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي أن هناك معلومات تفيد أن «القاعدة» متورطة وتسعى إلى دعم المعارضة السورية فإن هذا يعني أنه لا تنازل في الموقف الروسي طالما أن تصريحات هذين الجنرالين الأميركيين تدل على خلاف وعلى تقديرات متضاربة داخل إدارة الرئيس باراك أوباما.

فالروس مثلهم مثل الإيرانيين اعتبروا منذ اللحظة الأولى أن هذه المواجهة المحتدمة في سوريا ،منذ نحو عام، هي معركتهم وأنه في ضوء نتائجها ستتحدد موازين القوى في هذه المنطقة ولذلك فقد بقي الموقف الروسي بلا أي تغيير منذ أن بدأت هذه المواجهة والمؤكد أنه لن يتغير طالما أن نظام الرئيس بشار الأسد بقي يحتفظ ببعض الرمق ولذلك أيضاً فإن هناك قطعاً حربية إستراتيجية روسية وإيرانية في ميناء طرطوس وإن هناك مشاركة فعلية ل»فيلق القدس» الإيراني في المواجهات اليومية التي تشهدها المدن السورية ومن بينها العاصمة دمشق.

هناك من يرفض التدويل ،أي تدويل الأزمة السورية، مع أن هذا التدويل كان موجوداً منذ لحظة اتخاذ روسيا هذا الموقف الذي بقيت تتمسك به ومنذ تبنيها لوجهة نظر نظام الرئيس بشار الأسد بالنسبة لهذه الأزمة وأيضاً من إرسالها لقطع من أسطولها الحربي للمرابطة في ميناء طرطوس وتزويد النظام السوري بكميات كبيرة من الأسلحة والذخائر التي يحتاجها في هذه المواجهة فالسياسة هي الوجه الآخر للممارسات العسكرية ولذلك فإنه من غير المتوقع أن تغير موسكو مواقفها التي غدت واضحة ومعروفة ولذلك أيضاً فإن المؤشرات التي تحدث عنها أمين الجامعة العربية هي مجرد رغبات وأمانٍ لا وجود لها على أرض الواقع.

لم تعد الأزمة السورية أزمة داخلية بل هي في الحقيقة قد ارتقت حلبة الصراع الإقليمي والدولي منذ أن أصر النظام على استخدام القوة المفرطة ضد شعبه ومنذ أن قَبِل بالمساعدات العسكرية التي وصلت ولا تزال تصل إليه من إيران ومنذ أن استدعى قطعاً من الأساطيل الحربية الروسية للمرابطة في طرطوس والتواجد قبالة السواحل السورية وأيضاً منذ أن أعلن عن سعادة لا حدود لها بوصول المدمرتين الإيرانيتين إلى مياه سوريا الإقليمية.

إنه من السهل حل أزمة داخلية داخلية إن ليس بالأصابع فبالأسنان أما عندما يقبل هذا النظام بكل هذا التدخل الإقليمي والدولي في هذه الأزمة التي غدت مستفحلة فإن عليه أن يتوقع تدخلاً مضاداً وإن عليه ألاّ يستغرب وجود «قاعدة» وقائمة وأساطيل مضادة للأساطيل التي ترابط في طرطوس والتي تستعرض قوتها وعضلاتها في المياه الإقليمية السورية.

=================

'اصدقاء سورية' وعسكرة الحل بطرق مختلفة

سراي هشام

2012-02-21

القدس العربي

لم يعد جديدا أو مفاجئا استمرار الحملة العسكرية للنظام السوري والتي تسير بشكل ممنهج ووفق استراتيجية تستهدف المدن التي تحتضن الثورة وتعد قواعد هامة لإنطاقها واستمرارها على غرار ما يحدث في حمص وأدلب ووريف دمشق، ولكن التصعيد العسكري جعل من الأمر كمن يصب الزيت على النار وكأن القدر يعاند بضراوة المجهودات التي تبذلها دمشق من اجل إخماد الثورة الشعبية فكلما زاد القمع ضد المدنيين زادت قوة الاحتجاجات واتسع نطاقها حتى إلى المدن التي راهن النظام على أنها حصن منيع وسد لا يخترق من طرف الإرهابيين والمخربين.

فهذه حلب تنتفض وتعلن البراء من النظام وأزلامه، وهذه أحياء دمشق تكسر جدار الصمت وتخرج في مظاهرات حاشدة مكذبة إدعاءات التلفزيون السوري حول ولاء العاصمة بمن فيها للنظام بشار الأسد وإتباعها بمقاطع فيديو من أطراف العاصمة السورية مصحوبة بأغاني السيدة فيروز وكأن المدينة تعيش في عالم آخر ومن المؤكد أن الأيام القادمة ستعرف خروج المزيد من المناطق التي هي تحت قبضته،هذا فيما يخص الجانب الميداني، أما عن الجانب السياسي والدبلوماسي فأن تبني الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة لقرار يدين النظام السوري ويدعم مبادرة الجامعة العربية لا يعد انتصارا سياسيا للثورة السورية فحسب بل هو بداية لمجموعة من الخطوات التي يمكن أن تكون نهاية هذه الخطوات غير سعيدة بالنسبة للنظام السوري ولا لحليفتيها روسيا والصين، فعلى الرغم من أن الجميع يشدد على الحلول السلمية لحل الأزمة السورية إلا أن الواقع الميداني يفرض عكس ذالك وهو الأمر الذي تعيه جيدا الدول الغربية والدول العربية لأن بشار الأسد سيقبل جميع الحلول لحل الأزمة عدا مطالبته بالتنحي وهو الأمر الذي قامت لأجله الثورة واستشهد مايقارب 7000 شهيد.

ولعل التصريحات التي أطلقها السيناتور ماكين حول الدعم السياسي والعسكري للمعارضة جاء للزيادة الضغط على إدارة الرئيس اوباما بالاظافة لتلك الضغوط التي تمارسها دول مجلس التعاون الخليجي ممثلة في دولة قطر والمملكة العربية السعودية من اجل تحرك أمريكي غربي أكثر جدية وفاعلية لردع النظام السوري، ويبدو أن المعارضة السورية بجميع أطيافها لا تستطيع استيعاب تصريحات السيدة هلاري كلينتون والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي حول ضرورة توحد المعارضة تحت لواء واحد لكي يتسنى دعمها بالوسائل اللازمة وهذه التصريحات في الحقيقة تعكس تخوفا شديدا من البديل إلى قد يخلف نضام بشار الأسد في حال سقوطه وهو أمر أكثر من مفهوم، قد يكون الوضع الليبي مختلف بالنسبة للثورة السورية وخاصة في أبعادها الجيوسياسية على حد تعبير رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون ولكن النظامين عملة واحد وحتمية الحل العسكري ستفرض منطقها في جميع الحالات، وفي الواقع فان تبني الجمعية العامة للأمم المتحدة دعم المبادرة العربية وإدانة النظام السوري هو في حد ذاته غطاء دولي يمكن من خلاله إضفاء الشرعية على جميع القرارات التي قد تتمخض عن مؤتمر الدولي لأصدقاء سورية المزمع عقدها في العاصمة التونسية بما فيها الحل العسكري.

=================

الفيتو الروسي.. حماية للقاتل أم انتصارا للمبدأ؟

عبد الحميد صيام

2012-02-21

القدس العربي

لماذا إستخدمت روسيا الفيتو يوم السبت الرابع من شباط (فبراير) لوأد مشروع القرار الذي تقدمت به الجامعة العربية لمجلس الأمن حول المأساة السورية؟ هذا الفيتو أتاح فرصة للصين أن تختبئ وراء الموقف الروسي وتستند إليه وتستخدم الفيتو هي الأخرى للمرة الثانية منذ تشرين الأول/ أكتوبر الماضي علما أن الصين لم تستخدم الفيتو منذ دخولها مجلس الأمن عضوا دائما عام 1971 بعد طرد الصين الوطنية (تايوان) إلا سبع مرات، إلى ما قبل الأزمة السورية ليصبح العدد الآن تسعة، بينما إستخدمت الولايات المتحدة الفيتو 80 مرة معظمها لحماية جرائم إسرائيل والاتحاد السوفييتي ووريثته روسيا 127 مرة معظمها إستخدم أيام الحرب الباردة وفرنسا 31 مرة وبريطانيا 17 مرة.

السيد سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسي، تحدث عن موقف مبدئي فيه انتصار للحق والوقوف مع شرعية النظام والالتزام بالقانون الدولي كما ينص على ذلك البند 7 من الفصل الثاني من ميثاق الأمم المتحدة الذي لا يجيز للأمم المتحدة التدخل في الشؤون الداخلية للدول. لكن وزير الخارجية الروسي والذي عمل سفيرا لبلاده في الأمم المتحدة أكثر من عشر سنوات نسي أو تناسى الوثيقة الدولية التي وقعتها روسيا وسورية بالإضافة إلى 190 دولة عام 2005 وتدعى 'مسؤولية الحماية الدولية للمدنيين' والتي تنص على أن واجب أية حكومة حماية شعبها من المذابح وإذا ما فشلت الحكومة في القيام بهذه المهمة أو تورطت بقتل المدنيين فيصبح لزاما على المجتمع الدولي القيام بمهمة حماية المدنيين الأبرياء من هذه المجازر بعد تفويض من مجلس الأمن. ومن الواضح أن النظام السوري إستغل هذا الفيتو المزدوج لاستبدال الحل الأمني بالحل العسكري والإيغال في دم الشعب السوري، حيث إرتفعت نسبة القتل لتصل إلى أكثر من 120 يوميا.

روسيا وغياب المواقف المبدئية بعد تفكك الاتحاد السوفييتي

إن المراقب للمواقف الروسية بعد انهيار الاتحاد السوفييتي داخل مجلس الأمن وخارجه والمتابع لعينات التصويت في الأمم المتحدة يستنتج أن الموقف الروسي لا ينضبط لا لمبدأ ولا يحتكم لموقف ثابت بل يتقلب حسب هوى النظام ومصالحه الآنية. وقد تابعت رزمة من مواقف روسيا والتي يعرفها أي متتبع لتطورات الصراعات بعد نهاية الحرب الباردة فوجدتها متذبذبة متغيرة لا تدوم على حال، يمانع في البداية ثم يعود غالبا في آخر لحظة لينتظم مع السرب الذي تقوده الولايات المتحدة.

روسيا مثلا إعترضت في البداية على كل القرارات التي فرضت عقوبات على إيران ثم تراجعت وأيدت القرارات. إعترضت على ملف السودان في مجلس الأمن وفرض عقوبات على نظام البشير وإحالة ملفه إلى المحكمة الجنائية الدولية ثم عادت وأيدت القرارات تحت حجة توفير الإجماع الدولي داخل مجلس الأمن. روسيا تصدت للشيشان بالحديد والنار والموت عندما طالبوا بحقوقهم كبقية الشعوب التي كانت منضوية تحت عباءة الإتحاد السوفييتي ثم إنفرط عقدها في نهاية 1991 وشكلت دولا مستقلة، وتم تدمير العاصمة غروزني تماما بين عامي 1994 و 1996 بينما انتصرت لحركة الانفصاليين في جمهورية جورجيا من إقليم أبخازيا وأوسيتا الجنوبية ودخلت بالدبابات لتضرب بيد من حديد قوات الدولة المركزية وتحمي بنيرانها الحركتين الانفصاليتين عام 2008. فكيف لمن يسحق الإنفصاليين في بلده ينتصر لهم في البلد المجاور؟

روسيا كانت تعتبر الرئيس الصربي سلوبودان ميلوسوفيتش حليفا إستراتيجيا ولكنها تخلت عنه بعد إدانته عام 1999 بارتكاب جرائم حرب في البوسنة وكرواتيا وكوسوفو. ومع أول مظاهرات خرجت ضده من الشعب الصربي في انتخابات أيلول/سبتمبر 2000 تخلى عنه الجميع بمن في ذلك الروس وتم بعد ذلك إعتقاله وتسليمه لمحكمة الجنيات الدولية الخاصة بيوغسلافيا. لقد وقفت روسيا خارج الإجماع الدولي في مذابح كوسوفو عندما شنت قوات ميلوسوفيتش الصربية عام 1999 حرب إبادة وتطهيرعرقي أدت إلى تهجير كافة سكان الإقليم البالغ عددهم نحو تسعمائة ألف مواطن إلى ألبانيا والدول المجاورة وبقيت روسيا بالمرصاد لمنع المجلس أي تفويض لحماية المدنيين فاضطرت دول أوروبا والولايات المتحدة مدعومة من الدول الإسلامية وخاصة تركيا أن تتصدى لقوات ميلوسوفيتش وتهزمها وتعيد سكان البلاد إلى ديارهم. عاد مجلس الأمن وشرعن الوجود الدولي بإصدار القرار 1244 (حزيران /يونيو 1999) الذي دعا إلى عودة المهجرين وإقامة نظام حماية في كوسوفو حيث صوتت مع القرار روسيا بينما امتنعت الصين عن التصويت. وبناء على القرار المذكورإعطيت روسيا دورا في الحماية الأممية لكوسوفو والتي ظلت مستمرة إلى أن استقرت الأوضاع تماما وجرت إنتخابات حرة في الإقليم وأعلنت الأمم المتحدة عام 2007 أن الإقليم أصبح جاهزا للاستقلال. وعندما أعلن الإقليم استقلاله فعلا في آب (أغسطس) 2008 رحب المجتمع الدولي بهذا الاستقلال إلا روسيا التي حاولت وما زالت تحاول إبتزاز المجتمع الدولي في موضوع استقلال أبخازيا وأوسيتا الجنوبية في جمهورية جورجيا مقابل إستقلال كوسوفو وشتان بين الحالتين.

أما موقف روسيا داخل اللجنة الرباعية التي تشرف على عملية السلام في الشرق الأوسط فهو أقرب لدور 'شاهد ما شافش حاجة'. موجودة وغير موجودة دون تأثير يذكر حتى دعوتها لعقد مؤتمر دولي حول الشرق الأوسط في موسكو لم يأخذها أحد على مأخذ الجد بينما ظلت أمريكا تلعب الدور كله مستخدمة شماعة الأمم المتحدة وممثلها الأكثر خدمة لمصالح إسرائيل توني بلير، كي تعطي إسرائيل الفرص اللازمة لتهويد القدس وإبتلاع أراضي الضفة الغربية وتوسيع الاستيطان واستكمال بناء جدار الفصل العنصري وإغلاق آخر فرص إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

ويمكننا كذلك أن نراجع مواقف روسيا عندما قام الرئيس الأمريكي جورج بوش من خارج إطار مجلس الأمن بغزو العراق واحتلالها عام 2003. صحيح أنها وقفت إلى جانب الدول التي عارضت الحرب مثل فرنسا وألمانيا وباكستان وتشيلي والكاميرون لكنها عادت بعد الاحتلال وصوتت لصالح القرارات المتعلقة بالعراق ولم نسمع يوما أنها تجرأت وأدانت الممارسات التي أدت إلى مقتل أكثر من مليون عراقي. أما في الحالة الليبية فقد صوت المندوب الروسي لصالح القرار 1970 الذي فرض العقوبات على نظام القذافي لكنه آثر الامتناع عن التصويت على القرار 1973 الذي أعلن ليبيا منطقة حظر جوي من أجل حماية المدنيين مما أعطى فرصة للناتو ليدمر ما يشاء ويقتل من يشاء.

إذن أين هي المبادئ التي يتغنى بها لافروف؟ وهل روسيا حقيقة تتصدى للهيمنة الأمريكية الأوروبية كما يدعي أنصار الدكتاتورية الكاسرة في سورية؟

الأسباب الحقيقية للموقف الروسي في حماية الطغاة

من المعروف أن روسيا فقدت هيبتها بعد انهيار الاتحاد السوفييتي نهاية عام 1991 وما لبثت أن تحولت في أواخر أيام ميخائيل غورباتشوف وفترة رئاسة بوريس يلتسين إلى 'ملطشة' للولايات المتحدة وحلفائها كالأسد الهرم الذي خسر أنيابه ومخالبه. ومنذ أن تسلم السلطة فلاديمير بوتين، الرئيس السابق لجهاز المخابرات :كي جي بي، ونائبه ديمتري ميدفيدف في 31 كانون الأول/ديسمبر 1999 وحتى الآن، وبعد تبادل الأدوار بينهما في فترة الرئاسة الثانية، وهما يحاولان أن يعيدا الهيبة لروسيا التي كانت مجسدة في ما مضى في الدولة العظمى الثانية في العالم حتى ولو كان ذلك على حساب دم الأبرياء في سورية. يستند الرجلان على مجموعة عوامل أهمها تورط الولايات المتحدة في حروب خاسرة في العراق وأفغانستان، وتحسن الاقتصاد الروسي بعد إرتفاع أسعار النفط بينما يعاني الاقتصاد الأمريكي من أزمة خانقة.

لقد جاء الربيع العربي مفاجأة للعالم وخاصة الولايات المتحدة وروسيا. ففي الوقت الذي تعددت فيه مواقف الولايات المتحدة من هذه الثورات بين مؤيد وصامت ومتحفظ، ظلت روسيا على الهامش غير سعيدة بهذه الثورات خاصة وأن بوادر ربيع روسي ظهرت واضحة ومرشحة للتصاعد مع إقتراب الانتخابات الرئاسية في آذار (مارس) القادم وهو ما يلقى معارضة حقيقية لدى قطاعات واسعة من الشعب الروسي لدرجة أن بوتين صرح أن 'الانتخابات القادمة ستكون قذرة'.

يريد الثنائي بوتين- ميدفيدف أن يظهرا بمظهر المتصدي للغطرسة الأمريكية الأوروبية ليثيرا في نفوس الروس ذكريات القوة والعظمة التي كان يمثلها يوما الاتحاد السوفييتي لتأمين بطاقة جديدة للرئاسة حيث يستمرالرجلان في لعبة تبادل الكراسي وكأن روسيا لا يوجد بها رجلان يحميان مصالحها إلا بوتين وميدفيدف.

وأكاد أجزم أن هذه القيادة البراغماتية في روسيا ستعيد مراجعة حساباتها بعد الانتخابات القادمة وتتخلى عن نظام الأسد كما تخلت عن الفلسطينيين وعن ميلوسوفيتش من قبل، وكما تخلت الصين عن نظام البشير وكما تخلت الولايات المتحدة عن حليفها وشريكها حسني مبارك لأن هذه الدول التي تتبع مصالحها تعرف أن الشعوب إذا ما قررت أن تنتفض لكراماتها وتثور لاسترداد حريتها فلا قوة في الأرض تستطيع أن تهزمها. وسيأتي يوم، ليس ببعيد، سنرى فيه روسيا تعيد حساباتها وتباعد بنفسها عن نظام آيل للسقوط بفعل ثورة شعب شجاع مصمم على إستعادة حقوقه في الحرية والكرامة رغم حجم التضحيات. وعندما ستعود روسيا وتفتح ذراعيها للثورة السورية المنتصرة سنكتشف أن الصين قد جاءت معها على متن نفس الطائرة دون إعلان.

=================

بكين و الفوضى السورية

الاربعاء, 15 فبراير 2012

«غلوبال تايمز» *

الحياة

سرّع الغرب جهوده المناهضة لسورية بعد «الفيتو» المزدوج الذي استخدمته الصين وروسيا ضد قرار مجلس الامن. بعثت روسيا ممثلها إلى ذلك البلد. والصين لا يمكنها الجلوس جامدة فيما الموقف يبتعد عما ترغب فيه. ورغم انها غير قادرة على املاء الوجهة التي يتحرك اليها الوضع السوري، تستطيع الصين على الأقل ان تمارس تأثيراً على ثلاثة أوجه.

يمكنها تسهيل التواصل بين حكومة الاسد وبين المعارضة. فقد حرمت «الفيتوات» الصينية والروسية الغرب من ذريعة مريحة لشن عمل عسكري مباشر، ما يعني ان المعارضة السورية لن تتلقى دعماً شاملاً على غرار الذي حظي به المجلس الوطني الانتقالي في بنغازي اثناء الحرب الاهلية الليبية.

ويختلف تصميم نظام الأسد وعناده، بما في ذلك قوته العسكرية، عما أبداه القذافي، ما يصعِّب على المعارضة الاستيلاء على السلطة. يعزز ذلك امكان اطلاق حوار غير مباشر بين نظام الاسد وبين المعارضة. وعلى الصين وروسيا مساعدة سورية في الاصلاح وتجنب الصورة. والامر يستحق المحاولة.

الوجه الثاني هو ان على الصين اقناع الجامعة العربية والسعودية ومصر وقطر بتهدئة مواقفها من حكومة الأسد. ويبدو ضعيفاً الاجماع العربي ضد سورية داخل الجامعة. يضاف الى ذلك ان العداء للنظام السوري تقابله كتلة تستنفر حيال أي تدخل خارجي في دولة عربية.

وهناك خلافات بين اعضاء التحالف الغربي. لم توافق المانيا في الموضوع الليبي تماماً على مواقف بريطانيا وفرنسا، على سبيل المثال. ويمكن للصين ان تضغط دبلوماسياً على المانيا وفرنسا بخصوص الوضع السوري وان تحضهما على تغيير موقفيهما.

ورغم ان للصين مصالح مباشرة في سورية اقل مما لدى روسيا، فإن انهيار سورية سيسفر عن مزيد من السيطرة الغربية على الشرق الأوسط وعن تعرض إيران لمزيد من الضغط الاستراتيجي من الغرب. وإذا اندلعت الحرب في ايران، سيكون على الصين زيادة اعتمادها على روسيا من أجل الطاقة، ما يضفي مزيداً من انعدام اليقين على العلاقة الاستراتيجية الصينية – الروسية.

والصين في حاجة الى بذل مزيد من الجهود لابطاء التقدم الغربي في الشرق الاوسط. ومن الحكمة، حتى الآن، توجيه مزيد من الجهود صوب سورية وايران. وفي وسع الصين الاستفادة من علاقاتها الطيبة مع بلدان الجامعة العربية ومن رأس مالها وسوقها الكبير لتعميق تأثيرها في المنطقة.

يتبدل المشهد السياسي في الشرق الأوسط لغير مصلحة الصين، وغير وارد عدم القيام بأي عمل. لقد تعرضت السفارة الصينية في ليبيا الى الرجم بالحجارة، لكن الى أي مدى يمكن ان يسوء الوضع؟ قد تكون ثمة تبعات للديبلوماسية النشطة بيد ان التبعات هذه ستكون من النوع المحتمل

=================

رسالتان مطلوبتان من مؤتمر أصدقاء سوريا

عثمان ميرغني

الشرق الاوسط

22-2-2012

الشعب السوري يحتاج إلى أكثر من البيانات ومن خطوات الدعم المقدمة حتى الآن، وهذا واضح ولا يحتاج إلى شرح مع مناظر القتل والقمع التي تنقلها كاميرات المحتجين يوميا؛ فالنظام أثبت أنه مستعد للقتال والقتل من أجل التشبث بالسلطة، لم تردعه كل بيانات الإدانة الصادرة حتى اليوم، ولم توقفه خطوات المقاطعة الدبلوماسية والاقتصادية الجزئية، خصوصا مع وجود حلفاء مستعدين لدعمه، ودول عربية غير راغبة في الانضمام لهذه المقاطعة، ومستعدة لخرقها. بل إن النظام يبدو وكأنه يجد شيئا من التشجيع عندما يرى الانقسام في المواقف إزاء الأزمة على الأصعدة كلها، داخليا وإقليميا ودوليا. فعلى الصعيد الداخلي لا تبدو المعارضة موحدة، وتفتقد التنسيق المطلوب في ظل هذا الوضع، بل وتعاني التضارب والتنافس أحيانا، بينما الشعب يدفع ثمنا باهظا مع تصاعد شراسة الحملة التي يشنها النظام لإجهاض الانتفاضة، كما أن هناك قسما من السوريين لا يزال يدعم النظام، وقسما آخر يقف حائرا وخائفا ومتفرجا.

على الصعيد الإقليمي، هناك تجاذب لا يخفى على أحد في ظل تقاطعات سياسية تتداخل فيها عوامل وحسابات طائفية بدأت تزداد حدة في المنطقة، ولم يعد ممكنا إنكار وجودها، أو إسقاط تأثيراتها على الأزمة السورية. أما عربيا فهناك دول تدعم النظام السوري بالمستور أو بالمكشوف، تارة بحجة رفض التدخل الخارجي، وتارة بذريعة الخوف على سوريا وشعبها من الحرب الأهلية، وأحيانا بحجة الخوف على الأمن القومي العربي، الذي أصبح مجرد شعار يردد من دون أن يعني شيئا على أرض الواقع المستباح.

دوليا ليس هناك ما يدل على أن روسيا والصين ستقومان باستدارة كاملة عن موقفهما الذي أحبط خطة الجامعة العربية في مجلس الأمن، وذلك على الرغم من بعض القراءات المتفائلة لجولات المبعوثين الروس والصينيين الأخيرة والتصريحات الصادرة من البلدين لتبرير استخدامهما ل«الفيتو». فالبلدان يقولان إنهما يريدان تسوية داخلية عبر حوار بين النظام السوري والمعارضة، ويرفضان ما يعتبرانه هيمنة غربية ومحاولة أميركية لاستخدام مجلس الأمن كغطاء لسياسة تغيير الأنظمة، ويقولان إنهما خُدعا في القرار المتعلق بالأزمة الليبية الذي استخدمته الدول الغربية كغطاء لتدخل حلف «الناتو». من هذا المنطلق فإن دعوة الجامعة العربية الأخيرة إلى تشكيل قوات عربية - أممية للمراقبة والتحقق من تنفيذ وقف إطلاق النار ستصطدم مرة أخرى بالجدار الروسي – الصيني؛ لأن تشكيل مثل هذه القوات لا يمكن أن يتم من دون قرار من مجلس الأمن الدولي.

في ظل هذه الصورة المعقدة ما الذي يمكن توقعه من مؤتمر أصدقاء سوريا الذي سيُعقد بعد يومين؟

التدخل العسكري المباشر غير وارد، حتى إن أراده البعض، على الرغم من علاته الكثيرة ومخاطره الجمة. فبغض النظر عن موقف الصين وروسيا المعارض، فإن الدول الغربية في غالبيتها ترفض هذا الخيار، وعبرت عن هذا الأمر في تصريحات كثيرة بدءا من واشنطن وانتهاء بلندن، وهما في العادة العاصمتان الأكثر ميلا واستعدادا للتدخل العسكري. وقد قطع الأمين العام لحلف «الناتو» الشك باليقين عندما قال في تصريحات قبل أيام إن الحلف لن يتدخل في سوريا حتى لو صدر تفويض بذلك من الأمم المتحدة.

يبقى الخيار الآخر، وهو التدخل العسكري غير المباشر من خلال تقديم الدعم للمعارضة السورية، وهو الأمر الذي يصبح أكثر احتمالا كلما أمعن النظام السوري في استخدام العنف. فقرار الجامعة العربية الأخير الذي تبنى فتح قنوات اتصال مع المعارضة السورية وتوفير جميع أشكال الدعم السياسي والمادي لها يمهد الأرضية لتمكين المعارضة من الحصول على السلاح لتصعيد الضغط على النظام ولتوفير قدر من الحماية للمدنيين. هناك من يحذر من مثل هذه الخطوة على أساس أنها قد تدفع بالأمور نحو الحرب الأهلية، كما أنها قد لا تنجح في قلب موازين القوة على أساس أن النظام يملك ترسانة عسكرية قوية لا يمكن للمعارضة مضاهاتها. لكن الذين يدفعون بهذا الطرح لا يقولون ما الذي يمكن فعله لردع النظام عن القتل، ولحماية المدن والمدنيين الذين يموتون بالعشرات كل يوم تقريبا.

صحيح أن هناك من يرى أن المقاطعة أثرت على النظام، لا سيما في الجانب الاقتصادي والمالي، وبالتالي فإن قدرته على الصمود ومواصلة استخدامه للبطش والآلتين العسكرية والأمنية، ستضعف تدريجيا مع مرور الوقت. إذا سلمنا بصحة هذا الكلام، فإن الأمر يعني أن معاناة الشعب السوري ستطول وتستمر ما لا يقل عن ستة أشهر أخرى إن لم يكن أطول، حسب توقعات من ينادون بالصبر على هذا الخيار. فالتجارب من عراق صدام إلى ليبيا القذافي توضح أن الأنظمة يمكن أن تصمد فترات طويلة في مواجهة المقاطعة الاقتصادية والدبلوماسية، ما دامت لا تكترث بمعاناة شعوبها، وما دامت هناك أطراف راغبة في خرق هذه المقاطعة وتقديم الدعم للأنظمة، بغض النظر عن الدوافع والمبررات.

من هنا، فإن التعويل على المقاطعة الاقتصادية والدبلوماسية وحدها لن يكون كافيا لزحزحة النظام السوري وإيجاد حل سريع للأزمة ونهاية قريبة لمعاناة الشعب؛ فالمطلوب قد يكون مزيجا من الخطوات التي تتراوح بين تشديد العقوبات والخناق على النظام، وتقديم الدعم للمعارضة، وتوفير المساعدات الإنسانية العاجلة للشعب السوري، حتى إن استدعى ذلك إقامة ممرات آمنة، مع إبقاء نافذة مفتوحة على الحل السياسي تحت إشراف عربي ودولي لا تُستبعد منه الصين أو روسيا حتى لا تبقيا قوتين معرقلتين. هذه هي التحديات التي تواجه مؤتمر أصدقاء سوريا الذي سيحتاج، من خلال الخطوات التي سيتبناها، إلى توجيه رسالتين قويتين: واحدة للنظام السوري، بأنه لا يمكنه المضي في القتل والبطش دون رادع، والأخرى إلى الشعب السوري، بأن العالم لن يدير وجهه عن معاناته التي طالت.

=================

محاصِر حمص محاصَر!

طارق الحميد

الشرق الاوسط

22-2-2012

بينما يحاصر بشار الأسد وقواته حمص طوال أربعة عشر يوما، بالنار والحديد، حاصرته دمشق، وقلبت الطاولة عليه، وأجبرت الجميع أن يرقصوا على إيقاع دمشق، كما قلنا أمس، فبات الأسد نفسه محاصَرا اليوم في عاصمته بعد أن كان هو من يحاصر السوريين في مدنهم وقراهم!

فعندما ترى ربكة النظام الأسدي، وانحسار المدافعين عنه إعلاميا، وترى الدول، إقليميا ودوليا، تغير مواقفها، أو تلمح إلى ذلك، فهذا يعني أن الأسد هو المحاصَر اليوم، وليس حمص، أو حماه، أو درعا، أو الزبداني، أو إدلب. وعندما ترى «علم الاستقلال» السوري يرفع في دمشق، فإن ذلك يعني أن الأسد هو المحاصَر، وليس الثوار الذين فاجأوا العالم، لكنهم لم يفاجئوا من يعرف سوريا، وبطش النظام الأسدي. وعندما تسمع الأمين العام للجامعة العربية - نعم الأمين العام - يقول إنه بات يلمس تغيرا في الموقف الروسي والصيني، ويقول إن مؤتمر «أصدقاء سوريا» في تونس سيكون من أجل مزيد من الضغط على النظام الأسدي، فهذا يعني أن الأسد، ونظامه، هم من باتوا تحت الحصار اليوم، وليس السوريون.

وبالطبع، عندما تسمع الخارجية التونسية تتراجع وتقول إن المعارضة السورية، والمجلس الوطني، سيكونان مشاركين في مؤتمر «أصدقاء سوريا» بتونس، فحينها ستتأكد أن النظام الأسدي هو من بات تحت الحصار اليوم، سياسيا، واقتصاديا. فمظاهر التحدي في دمشق، وكذلك حلب، كلها تعني، ومن دون شك، أن النظام الأسدي بات في أصعب مراحله، وبدأ الحبل يطوق عنقه، فما يحدث بدمشق من مظاهرات يدل على أن ما يقوم به الثوار السوريون هو عمل منظم، وممنهج، يعتمد على عنصر المفاجأة، ويتسم بالدقة، وليس عملا عشوائيا، أو مجرد رغبة في الانتقام من النظام الأسدي. فالواضح أن الهدف من مظاهرات دمشق هو إحراج الأسد ونظامه، ومن أجل شق صفوفه كذلك، بل وصفوف من كانوا على الحياد تجاهه، دوليا وإقليميا، أو من هم معه قلبا وقالبا، مثل موسكو والصين.

والحقيقة أن حصار الدمشقيين للأسد لم يسقط فقط حجج النظام نفسه، بل وحجج المتبجحين بأن هناك مخططا خليجيا لإسقاط الأسد، في حالة تزوير مفضوحة، فها هي مصر تكسر صمتها ضد نظام الأسد، ومثلها الأمين العام للجامعة العربية، وقبلهما كانت دمشق وحلب، فكيف يقال بعد كل ذلك إن الخليجيين هم من أرادوا إسقاط الأسد؟ بل ألا يخجل هؤلاء وهم يرون قوات الأسد وهي تحيط السفارة الإيرانية في دمشق بتعزيزات أمنية مكثفة لحمايتها من السوريين، بينما تعرض منزل القنصل البحريني للاعتداء، وقبله السفارة القطرية بدمشق؟ فالواضح اليوم أيضا أن سفارة طهران، التي قامت بإرسال سفينتين حربيتين لسوريا، هي نفسها تحت الحصار أيضا بدمشق مثلها مثل الأسد، الذي توافق السوريون على إسقاطه وليس الخليجيون، ولذا ثارت دمشق ومعها حلب، نصرة لحمص، وحماه، وإدلب، والزبداني، ودرعا، وغيرها، وذلك للإطاحة بالأسد.

ولذا، فإن جميع الحقائق على الأرض، وخصوصا ما يحدث في دمشق وحلب، يقول لنا إن المحاصَر فعليا اليوم هو الأسد نفسه، وليس حمص أو غيرها من المدن السورية.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ