ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 14/02/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

سورية.. ومرحلة الحزم

2012-02-13

الوطن السعودية

مطالبة وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، أمس، خلال أعمال الدورة غير العادية المستأنفة لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية، الدول العربية باتخاذ إجراءات حاسمة تجاه الأوضاع في سورية، تعني الاتجاه إلى البدائل الأكثر حزماً، بعد أن ثبت أن الإجراءات السابقة، لم تكن حلولا حقيقية، في ظل تعنت النظام السوري، وإصراره على سفك الدماء، واعتقال آلاف الأبرياء، دون اعتبار لأي روادع أخلاقية، وأي حسابات سياسية عاقلة، تدرك أن العالم لن يقف مكتوف الأيدي أمام تجاوزات بالجملة.

اللغة التي عبر بها وزير الخارجية، تأتي في سياق الموقف السعودي الواضح من الأزمة السورية، وذلك منذ كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، التي وجهها إلى الشعب السوري، وحذر فيها من المآل المأساوي الذي يمكن أن تصير إليه الأوضاع، في حال عدم التعامل مع الأحداث بالعقل والحكمة، وهو ما أكدت عليه كلمة الفيصل حين استعاد مضامين تلك الكلمة.

لقد انطلق الموقف السعودي، منذ بدئه الأول، من معرفة أكيدة بالعقل السياسي الحاكم في سورية، وتبين مع سيرورة الأحداث صحة النتائج المبنية على تلك المعرفة، ذلك أن النظام السوري غير قادر على خلق خيارات تتجاوز قتل الشعب، وتدمير البلاد.

النبرة الإنسانية التي تصدرت كلمة الفيصل، وتفصيله القول في استنجادات الجثث والأشلاء والمعتقلين، تعني أن الخطوة القادمة للجامعة العربية، يجب أن تنطلق من المبدأ الإنساني الخالص، وتتخلص من جميع الحسابات المصلحية التي أدت إلى وأد مشروع القرار الأممي، وربما كانت سببا في تخاذل بعض الأقطار العربية عن اتخاذ مواقف حاسمة تنحاز للشعب والوطن السوري.

كلمة الفيصل التي أكدت على أنه ليس أمام العالم العربي إلا اتخاذ إجراءت صارمة، والتشديد في تنفيذ عقوبات اقتصادية مؤثرة، فضلا عن دعم المعارضة، وفتح قنوات الاتصال السياسي معها، دون منح النظام أي فرص أخرى تجعله يتمادى، كانت من التأثير بحيث اتسقت مع القرارات العربية، فكان مشروع القرار العربي، المتضمن وقف كل أشكال التعامل الدبلوماسي مع ممثلي النظام السوري في الدول والهيئات والمؤتمرات الدولية، وإنهاء مهمة بعثة المراقبين، ودعوة مجلس الأمن لإصدار قرار لتشكيل قوات حفظ سلام عربية أممية مشتركة، للمراقبة والتحقق من تنفيذ وقف إطلاق النار، مما يعني الوصول إلى مرحلة الفعل الحقيقي، دون مهل زمنية، أو محاولات حوار مع نظام يرى في كل ذلك فرصاً للمزيد من القتل والدمار، متوهما أن تضليله الإعلامي ينطلي على العارفين بطريقة رموزه في التفكير، وبأسلوب إعلامه في الخطاب.

=================

إيران والشأن السوري

عبدالله السلطان

عكاظ

2012-02-13

لقد بدأت تتعرى المزاعم والادعاءات الإيرانية، بالوقوف مع المظلومين والمستضعفين، فقد انفضح أمرهم في سوريا التي زامن بدء تدخلهم فيها مع بدء علاقتهم مع الرئيس السابق حافظ الأسد، وهم اليوم كما هو معروف يقدمون أصناف المساعدات للرئيس بشار الأسد ويشاركونه قمع المتظاهرين السلميين في سوريا، فانكشفت التقية.

كما أضرت الحكومة الإيرانية نفسها بمواقفها المتناقضة، وغير المحسوبة جيدا إذ لم تستطع تفادي رد الفعل العربي العارم ضدها وهي التي، مع دعمها وتأييدها للرئيس بشار الأسد ونظامه، قمعت قبل ذلك، الحركة الإصلاحية في إيران عام 2009م مستعملة العنف ضد المتظاهرين حينئذٍ مما أدى لجرح وقتل الكثيرين. لقد أثبتت إيران بادعاءاتها وممارساتها أنها تكيل بكيلين وتعمل بوجهين، وهذا ما يرفضه ثوار الربيع العربي التي حاولت إيران استمالتهم منذ البداية.

إن تأييد إيران لنظام الرئيس بشار محكوم بالعلاقة الاستراتيجية التي بدأت منذ عهد الرئيس حافظ الأسد، وبقناعة من الطرفين، أن لا تتأثر هذه العلاقة بأي حدث كان. هذا إضافة إلى أن إيران تعتبر سوريا حلقة وصل مع حزب الله اللبناني، بصفتها ضمن «الهلال الشيعي» وكل من إيران ونظام بشار يقفان ضد الولايات المتحدة لكونها تقف ضد النظام الأسدي، ويعتبران ما هو حاصل في سوريا من احتجاجات ما هو إلا نتيجة مؤامرة تنفذ ضد سوريا من الداخل والخارج. لذلك دعمت إيران الأسد ونظامه ماديا ومعنويا وفق مصالح محسوبة خطأ، فقد أمدته بالمال والسلاح وبأعداد من العسكريين، ودعمه كذلك حزب الله اللبناني، لكنهما في النتيجة سيخسران بسقوطه وسقوط نظامه.

من العسكريين الإيرانيين خبراء وقناصة انتشروا في مختلف المناطق السورية، ويشرفون على العمليات العسكرية والأمنية التي تقوم بها قوات الأسد ضد المتظاهرين السلميين، وقد تم القبض على بعضهم من قبل المتظاهرين وقبض على آخرين في حمص من قبل «كتيبة الفاروق» التابعة للجيش السوري الحر إذ تمخض التحقيق معهم باعترافهم بالقدوم إلى سوريا، عن طريق حكومتها، للمشاركة في قمع المتظاهرين. وهذا يثبت مشاركة الحرس الثوري الإيراني في العمليات العسكرية والأمنية التي يقوم بها الأسد بقتل الشعب السوري.

وكرد فعل لقصف جيش الأسد لأحياء في حمص وأماكن أخرى بالقذائف الصاروخية وقذائف الهاون واستخدام الطائرات لهدم البيوت على سكانها وهدم المستشفيات وموت المرضى فيها وإقامة المجازر البشرية ضد السوريين العزل في كل مكان، فقد ازدادت أعداد المتظاهرين السوريين في كل مكان في سوريا ولم يثنهم إرهاب النظام السوري، وطلبت دول مجلس التعاون يوم الثلاثاء 15/3/1433ه الموافق 7/2/2012م مغادرة سفراء النظام السوري أراضيها فورا، وعودة سفرائها لبلدانهم من دمشق.. فإذا ما تدهور الوضع في سوريا ونتج عنه حرب أهلية، فقد يطمح الأسد ومعه إيران، لتقسيم سوريا والخروج بدولة نصيرية، وقد يكون الأسد وإيران في اتفاق على ذلك، وهذا بالضرورة يخدم إسرائيل، وكل من إيران وإسرائيل يأملان في إعادة تجربة (سايكس بيكو) في سوريا ويعملان على تقسيم المقسم خدمة لمصالحهما.. والله أعلم.

=================

إنهم يقامرون بسوريا

أنس زاهد

الإثنين 13/02/2012

المدينة

يخطئ الرئيس السوري بشار الأسد إذا اعتقد أن استهداف أمريكا والغرب لنظامه يمكن أن يمنحا هذا النظام الشرعية المطلوبة.

لقد استهدفت أمريكا من قبل صدام حسين ونظامه، فهل كان يعني ذلك أن النظام في العراق يتمتع بالشرعية؟! ولقد استهدف النازي إبان الحرب العالمية الثانية، النظام السوفييتي، فهل محا ذلك الجرائم التي ارتكبها جوزيف ستالين بحق شعبه والتي راح ضحيتها ملايين القتلى من الشعوب السوفييتية؟!

المعركة مع العدو لا تكفي كي تمنح الشرعية لنظام سياسي ما، وبالذات إذا ما تورط هذا النظام في ذبح شعبه وارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ضد معارضيه، فقط لأنهم يعارضونه.

كلنا يعلم كيف بدأت الانتفاضة في سوريا، وكلنا يعلم أن الشعب كان حريصًا على الاحتفاظ بالطابع السلمي الذي ميّز حركة الاحتجاجات التي قام بها. ورغم أنني ما زلت مؤمنًا بأن الخيار السلمي هو الأنسب والأسلم وهو القادر وحده على أن يدحض الشبهات ويقطع الطريق أمام القوى الدولية والإقليمية التي باتت تتخذ من سوريا ساحة لصراعها، فإنني أتفهم تمامًا نزوع الشعب السوري نحو التسلح على اعتبار أن لكل فعل رد فعل.

لقد بالغ النظام السوري في استخدام العنف ولم يترك لشعبه هامشًا واسعًا من الخيارات، فأمام القتل والمذابح الجماعية اليومية التي يتعرض لها الشعب منذ أكثر من عام، أصبح من الصعب بمكان أن تقنع أحدًا ما بأن يتخلى عن حقه في الدفاع عن نفسه نزولًا عند حكم العقل.. وهل للعقل مكان في كل ما يحدث بسبب تعنت النظام وبسبب إصراره على ممارسة القمع بكل هذه الوحشية؟!

لقد كان من الطبيعي أن يقوم الأمريكيون والغرب باستغلال الموقف والتباكي على الشعب السوري وإظهار الحرص على دمائه التي تراق من أجل تمرير مخططاتهم في المنطقة. المرء لا ينتظر من عدوه أن يفكر بأسلوب آخر أو أن يتصرف بشكل مغاير، فالعدو يظل عدوا، لكن هل كان بإمكان الغرب أن يفعلوا شيئًا وأن تكون لهم هذه الكلمة لو فوّت النظام السوري عليهم الفرصة وشرع في تنفيذ برنامج إصلاحي حقيقي منذ انطلاق حركة الاحتجاجات التي حافظت على سلميتها لعدة أشهر؟!

نعم هناك من يكيد لسوريا ويضمر لها الشر ويريد لها أن تتحول إلى عراق ثان، لكن من منح هؤلاء الفرصة لتنفيذ مخططاتهم؟!

هذا هو السؤال.

=================

"وزاري سوريا".. قرارات حازمة

الشرق القطرية

التاريخ: 13 فبراير 2012

حزمة جديدة من الاجراءات والقرارات اتخذتها الاسرة العربية فى ختام اجتماعاتها الثلاثة امس بالقاهرة، لوقف حمامات الدم المتصاعدة والتى ما عادت تحتمل، بعد ان فاقت فى بشاعتها كل الوصف وتجاوزت كافة الحدود فى سوريا، وهى تستهدف الاطفال والشيوخ والنساء والابرياء، وتدك المدن وتنسف الاحياء على رؤوس الثائرين المطالبين بالحرية والتخلص من حكم الفرد الجاثم على صدورهم منذ نحو نصف قرن.

القرارات الصادرة امس تشكل فى مجملها تصعيداً وتحركاً عربياً اشد قوة وامضى حزما،ردا على حالة التصعيد الدامى التى ينتهجها النظام فى سوريا،ومن شأنها ان تزيد من عزلة هذا النظام، الذى رفض قادته — للاسف — على مدى الشهور الماضية مساعدة انفسهم للخروج من ازمتهم، فكانت النتيجة غرقهم فيها حتى آذانهم، بعد ان ركبوا عنادهم وامتطوا صهوات استكبارهم الاعمى، مفضلين الاحتماء بمظلات ومواقف بعض من تعتبرهم "اصدقاء" والتمترس خلف المصالح الضيقة، على نصائح ومبادرات الاشقاء لإنقاذ الوطن والخروج بكبرياء وكرامة من بين انياب ازمته الدامية.

وامام هذا الاستعلاء والتمسك المجنون بالبقاء فى السلطة بأى ثمن — حتى لو كان جماجم الابرياء — لم يعد هناك اى معنى لبقاء المراقبين العرب فى سوريا، ولذلك جاء بالامس قرار سحبهم متزامنا مع استقالة رئيسهم الفريق مصطفى الدابى واستبدالهم بقوات (عربية اممية) لحفظ السلام موفقا، حتى لا يتحول هؤلاء المراقبون الى (شهود زور) على مذابح وجرائم النظام المتغطرس!

كذلك جاء القرار العربى بوقف كل انواع التعاون مع ممثلى النظام السورى على كافة المستويات، وتشديد تطبيق العقوبات الاقتصادية ووقف التعاملات التجارية مع النظام باستثناء ما له مساس مباشر بالمواطنين السوريين، وهى خطوات نحسب انها تستهدف احكام عزلة النظام الرافض للامتثال للحكمة وصوت العقل. اما الترحيب العربى بدعوة تونس لاستضافة مؤتمر اصدقاء سوريا المقرر انعقاده 24 من شهر فبراير والحرص على المشاركة العربية فيه، فهى خطوة تعيد الى الاذهان مهمة لجنة اصدقاء ليبيا التى لعبت دورا كبيرا وملموسا فى دعم الثورة الليبية التى اطاحت بالعقيد القذافى واسرته من فوق عرش ليبيا.

وهو ما نعتقد انه مؤشر بقرب نهاية حكم نظام الاسد، خاصة مع اقتران تلك الخطوة بقرار آخر قرره الوزراء بفتح قنوات الاتصال مع المعارضة السورية، وتوفير كل اشكال الدعم السياسى والمادى لها ودعوتها لتوحيد صفوفها والدخول فى حوار جاد يحفظ لها تماسكها وفاعلياتها قبل مؤتمر تونس.

ما اتخذه الوزراء العرب بالامس بحاجة الى ادوات ووسائل ناجزة لتفعيلها سريعا حتى تؤتى ثمارها فى لجم آلات الموت فى سوريا، وتضع حدا للمجازر وتعيد القداسة والحصانة لدماء الاشقاء فى سوريا، التى استباحها واهدرها نظام نعتقد انه راح يتداعى ليضع نهايته بنفسه مرسومة بالاستعلاء والغطرسة واهانة شعبه الى حد القتل!

=================

العرب المتخاذلون

الرياض السعودية

التاريخ: 13 فبراير 2012

تراجع مخيف في الموقف العربي تجاه سوريا، ولم نر موقفاً واضحاً وشجاعاً إلا في خطاب الأمير سعود الفيصل، فالعلاج بالترضيات وتبادل الابتسامات بينما الشعب السوري يقتل أمام عيون وآذان وكل حواس العرب، فالمأساة كبرى والتقصير تسبب في مضاعفة جنائز الأطفال والكبار والصغار..

عندما نتذكر مواقف شعوب خرجت عن قناعات وأهداف سلطاتها، فتظاهر الأوروبيون ضد احتلال العراق، وأرسلت تركيا باخرة لغزة كسراً للحجر على الفلسطينيين وفقدت نخبة من أحرارها، ثم تلت ذلك رسائل مماثلة محملة بالأغذية والأدوية، لنفس الأهداف، لا نجد موقفاً رسمياً أو شعبياً عربياً يفرز نفسه أمام الرأي العام العالمي، بكسر لاءات السياسة ونعمها إلى تسجيل مواقف شعبية تتضامن مع أشقاء يقتلون وفق نظام فقد مبررات وجوده وأبسط مفاهيم ومعاني الإنسانية، ويترك ليمارس ساديته ما يعني أننا بصمتنا كأننا نغذي حكم الأسد بما يعطيه الحق القانوني لقتل شعبه..

ماذا يعني أن ترحل القضية إلى مؤتمر يعقد في ٢٤ فبراير في تونس تحت مسمى أصدقاء سوريا، وما سيعمل، أو يتخذ من اجراءات، وكل المؤتمرات والرسل والمراقبين عجزوا أن يغيروا نظرة النظام هناك، وهل أثبت العرب «أنهم تبّع لمن غلب» سواء التراجع الدولي في رؤية ما يحدث والتعامل معه بمساومات تجري خلف هذا الحدث، وإنما استثماره من أجل تصميم عقود خاصة من أجل تأييد أو رفض ما يجري في هذا البلد العريق، ويوضع شعبه ومقدراته ضمن صفقات بين معسكري روسيا، والصين، مقابل أوروبا وأمريكا، بينما العرب بكل امكاناتهم مجرد صفر على الشمال لا يحصل على أي خانة في المعادلات السياسية حتى ما يتعلق بمصير شعب وحريته وحقوقه؟!

لست متشائماً، لأن من قلب المقاومة والنضال، سواء لعدو خارجي أو داخلي تولد البطولات والقيادات، وترسم خطط المستقبل على مستطيل الوطن، والشعب السوري يقدم التضحيات لكنه لا ييأس، وقائمة الشهداء أعطته بعداً خارقاً، لأن الهدف الأكبر تحرير الوطن من حكم يعيش ذاكرة الماضي، ولا يرى إلا لون الدم لكن التجربة خرجت عن مثل هذه الرؤية، فمن السهل قتل شعب، لكن من الصعب قتل حريته وكرامته!!

ماذا يتحدث أو يفكر أي مواطن سوري، وهو يرى أمته كلها بلا أيدٍ تمتد إليه، وهو يحمل جنائز شهدائه، ولا يجد دواء لجراحه أو لقمة تسد جوعه، ثم هل نحن استمرأنا تكرار صور جثث مواطنينا في العراق وفلسطين، ثم سوريا وكأننا نشاهد أفلاماً لعالم خارجي؟

لا نستطيع قراءة أو فهم تردد الدول العربية من أن يكون لها حضور ضاغط على نظام لتسجل موقفاً تاريخياً يبرئها من العجز والتخاذل، وكيف قاطعوا مصر من أجل «كامب ديفيد» بينما لم يقاطعوا النظام السوري ومعه كل المتضامنين والمتحالفين معه؟!

=================

ما يُنتظر من وزراء الخارجية العرب تقديمه للشعب السوري

الجزيرة السعودية

التاريخ: 13 فبراير 2012

ينتظر السوريون ومعهم العرب قراراً واضحاً وحاسماً لا لَبْس فيه من مجلس جامعة الدول العربية، الذي اجتمع في القاهرة؛ فالسوريون عاتبون - ولهم الحق في ذلك - على جامعة الدول العربية، التي لم تفلح كل خطواتها في وضع حد للقتل المستشري في المدن السورية، الذي تضاعف بشكل مأساوي منذ أن أصبح لجامعة الدول العربية وجود على الأراضي السورية عبر بعثة المراقبين العرب.

العتب السوري، الذي يوافقهم فيه الكثير من العرب، يتمحور حول عدم قدرة جامعة الدول العربية على ترجمة طموحات العرب عموماً والسوريين خصوصاً في إجبار نظام بشار الأسد على الانصياع للإرادة العربية، ووقف الإبادة التي يمارسها النظام ضد شعبه، فضلاً عن الاستماع إلى طلبات الشعب السوري، وأن العرب عبر جامعتهم لم يضيفوا شيئاً يساعد على وقف القتل، بل تداعى الوضع في سوريا للأسوأ، وأن الجامعة العربية بتدخلها الذي لم يحقق شيئاً يذكر حتى هذا اليوم عرقل جهود قوى دولية وإقليمية فاعلة، لم ترد مزاحمة الجهد العربي الذي لا يزال متردداً وغير مجدٍ. ويؤكد هؤلاء العاتبون أن تحرك جامعة الدول العربية عرقل واعترض الفعل التركي، الذي لم يجد المساندة المطلوبة من المجموعة العربية، وفضَّل السير خلف العرب الذين لم يحسنوا التحرك حتى الآن، وهو ما أحرج الأتراك والقوى الدولية الأخرى التي لا تريد إظهار عجز العرب، وتركتهم يحاولون، لعل وعسى.

الآن، أمام جامعة الدول العربية فرصة لتحسين أدائها وفعل شيء ملموس؛ فمن خلال المطالبة برفد بعثة المراقبين العرب بمراقبين دوليين تابعين للأمم المتحدة، يعملون تحت مظلة الأمم المتحدة، يخرج المراقبون العرب من حرج عدم احترافيتها وتخبُّط رئيسها الذي أزَّم الوضع السوري بتقريره المشبوه، والذي أراح الجامعة العربية باستقالته. وتستطيع جامعة الدول العربية تطوير عمل بعثة المراقبين العرب والدوليين بإضافة مهمة أخرى لهم من خلال تكليفهم بمرافقة ومراقبة وتسهيل عمل بعثات الإغاثة والمساعدات الطبية والمعيشية للمتضررين السوريين في المدن السورية المنكوبة؛ حيث تتحول بعثة المراقبين إلى بعثة إنسانية ومراقبة للوضع، عسى أن يخجل نظام بشار الأسد ويوقف مجازره المتواصلة للشعب السوري، ويسمح بوصول المساعدات الإنسانية الطبية والإعاشية للمتضررين.

عندها يكون هناك معنى لاجتماعات وزراء الخارجية العرب، وسيسهمون في مساعدة السوريين وليس خذلانهم عبر تقارير رئيس بعثة المراقبين، الذي أعطى مبرراً لقتل السوريين وليس حمايتهم!

=================

سوريا... حوار بالدماء

تاريخ النشر: الإثنين 13 فبراير 2012

أماني محمد

الاتحاد

منذ بدأت شرارة الثورة السورية، كان الرهان على ذكاء الحاكم فيها وقدرته على تلافي تجارب سابقة لم يمض عليها وقت طويل.

ولم تكن المطالب آنذاك إلا الإصلاح، وهي مطالب لها أسس بعد أن تحول الفساد إلى لسان حال كل قطاعات البلاد.

ولكن الذكاء لم يكن سيد الموقف آنذاك، بل هوس الدماء والاعتقاد بأن فكرة الموت قد تخيف من تجرأ وقال لا، والمؤسف أن التجربة المسرحية لدريد لحام على طول فترة حكم حافظ الأسد كانت ملأى بقيم كالحرية والكرامة والوطن ، بل كانت نبراساً يهتدي به مريدو الحرية.

وكأن النظام الحالي كان يحسب أن ماكان يقال في مسرحيات من ذاك النوع لاتمسه ولا تعنيه من قريب أو بعيد، لأن الحكم لديهم لايعرف ماذا يعني فساد واضطهاد وسجون تعذيب تفوقت على كل تاريخ التعذيب منذ بدء الخليقة.

وبعد أيام من اشتعال فتيل المناداة بالتغيير، تحول القتل إلى لغة حوار وصارت المطالبات بإسقاط النظام، وهي ذات الغلطة التي وقع فيها النظام التونسي والمصري والليبي.

ولكن شراسة وبشاعة مايحدث في سوريا، يطرح سؤالاً مؤداه: لماذا كل هذه الدماء البريئة تُسال بكل بساطة واستهتار وكأن هذه النفوس لاتغني أحداً، والأرض التي انهكت من كثرة الجثامين جعلت من الصعب عدم البحث في جدوى استمرار نظام يرفضه شعبه رفضاً قاطعاً، وصار الثأر هو لسان حال العلاقة هناك بين الحاكم والمحكوم.

ماذا كان سيخسر لو كان النظام الحالي له خبرته الحقيقية وأعطى زمام القيادة للإدارة الشعبية؟

المشهد العربي قال كلمته منذ رحيل بن علي الذي غادر مسرعاً ووصولاً عند "الأسد" الذي ننتظر جميعاً نهايته لتكتمل أعمدة الحكاية ويصير المشهد الراهن حكاية تاريخ سطره الشعب العربي بدمه وأحلامه وإصراره على البقاء بكرامة وعزة وعيش كريم.

فالتاريخ قال كلمته، وقضي الأمر حتى وإن حسب النظام اليوم أن الكلمه له بعد "فيتو" روسيا والصين. فالنهايه قادمة والعبرة هذه المرة من نهاية "ملك الملوك" القذافي هي فقط مسألة وقت، الوقت الذي راهن النظام السوري عليه طويلاً ليزيد من ظلمه وقتله.

وإذا كان الوقت قد إزداد فيه عدد القتلى وسيلان الدماء كالفيضان، فإن مرور الوقت ذاته يعزل النظام ويزيد الخناق عليه، ويحوله إلى ثور هائج سرعان ماستباغته ضربة قاضية لاحياة بعدها.

كل الإذلال الذي مورس ضد شعب سوريا، ظهر اليوم ساطعاً حين حملوا الأكفان واستعدوا للشهادة، عاقدي العزم على الكرامة والحرية حتى وإنْ كان دونهما الموت. لله درهم من أبطال.

ولهم المجد الذي لا يضاهيه إلا المجد لاسواه.

=================

الصراع على سورية

رياض معسعس

2012-02-12

القدس العربي

كانت سورية ولا زالت منطقة صراع شديد إقليميا ودوليا، فمنذ أن رحلت تركيا عنها في العام 1917 ما انفكت فرنسا وبريطانيا صاحبتا معاهدة سايكس بيكو التي أثخنت جراح الشرق بتقطيع أوصاله بينهما من الصراع فيما بينهما على سورية، وانتهى هذا الصراع لصالح فرنسا بعد طرد الملك فيصل منها إلى العراق في بداية العشرينات من القرن الماضي، وبعد إعلان الاستقلال في العام 1946 ظلت سورية محط صراع بين العراق من جهة والمملكة العربية والسعودية ومصر من جهة أخرى على المستوى الإقليمي، وأمريكا والاتحاد السوفيتي على المستوى الدولي خاصة بعد دخول اسرائيل كطرف في المعادلة الاقليمية بعد اعلان قيام دولتها في العام 1948. حتى أن كل الانقلابات العسكرية التي عرفتها سورية في تلك الحقبة كانت من تخطيط ودعم هذه الدولة أو تلك. وكان لرجال السياسة والجيش السوريين ارتباطات مباشرة بهذه الدول وانقسموا حسب ولاءاتهم لها.

لكن تولي جمال عبد الناصر الحكم في سورية في عهد الوحدة جعل الموازين ترجح لصالح مصر التي دخلت في وحدة معها، والاتحاد السوفيتي وخاصة بعد صفقات الأسلحة التي عقدت معه لتسليح الجيشين المصري والسوري.

وقد تعمقت العلاقة أكثر فأكثر مع حكومة 'الدكاترة' برئاسة الدكتور يوسف زعين في العام 1966 التي كانت الأكثر قربا من الاتحاد السوفيتي. ولم يتغير هذا الوضع كثيرا مع انقلاب حافط الأسد في العام 1970 الذي حافظ على علاقات سورية مع السوفييت، ولكن بنفس الوقت رعى مصالح أمريكا والغرب في المنطقة، أو كان يسير في ركابها في أكثر من موقف أو منعطف. وقد ورث الأسد الإبن سياسة أبيه ولم يغير من طبيعتها في التحالفات الخارجية إلا ما طرأ، كسقوط نظام صدام حسين الذي فتح باب العلاقات الثنائية مجددا بين البلدين بعد قطيعة طويلة دامت أكثر من ثلاثة عقود. والانسحاب من لبنان والاعتراف به تحت ضغط دولي بعد حادثة اغتيال الرئيس رفيق الحريري. والانفتاح على تركيا التي كانت علاقتها متوترة جدا معها بسبب مياه الفرات، ولواء اسكندرون، والعلاقات المتميزة مع اسرائيل.

ولم يكن لطبيعة هذه التحالفات، والصراعات أن تتغير، أو أن يطرأ عليها أي تعديل يذكر لولا رياح تسونامي الثورات العربية، والربيع العربي الذي أسقط أنظمة دول عربية كأوراق الخريف. وظن النظام السوري، على خطأ، أنه بمنأى عن هذه الرياح، كونه محصنا بجيوش المخابرات والأمن والشبيحة والفرقة الرابعة والحرس الجمهوري. إلا أن الطغاة لا تتعظ ممن سبقها من طغاة. وما أن اندلعت بوادر الثورة السورية المجيدة في مدينة درعا حتى أظهر النظام السوري وحشيته في ردعها ظنا منه أن القمع الوحشي لها سيقتلها في بيضتها. لكن الواقع خالف ظنونه وانتشرت الثورة السورية كالنار في الهشيم في كل المدن والأرياف السورية. وإزاء هذا الوضع الذي طال أمده، وتفاقم المجازر الوحشية بحق الشعب السوري، بدأت بعض الدول المتحالفة معه تفقد صبرها بعد أن أعطته أكثر من مهلة لإصلاح وضعه وحل الأزمة المستفحلة في سورية، وعلى رأسها الدول الغربية ودول مجلس تعاون الخليج.في حين ظلت دول أخرى وعلى رأسها روسيا والصين وإيران التي ساندته ودعمته سياسيا ولوجستيا أملا بإنهاء هذه الثورة. وقد تحول هذا الصراع على سورية بين هذه الدول إلى مجلس الأمن الذي فرز بشكل جلي القوى المتصارعة.

بعد أستخدام الصين وروسيا الفيتو ضد قرار إدانة النظام السوري. واستدعاء أكثر من دولة اوربية لسفيرها في دمشق، وطرد السفراء السوريين من دول الخليج وتونس. هذا الصراع المتأجج بدأت مؤشراته الأولى تشير إلى أن الخاسر الأكبر في هذه المعركة هم الحلفاء الذين أصروا على مساندة هذا النظام كروسيا والصين وايران. وأن سقوط النظام الأسدي لم يعد محط شك، بل مسألة انتظار، وأن النظام الثوري الذي سيقود سورية الغد سيعيد كل الحسابات في تحالفاته وسيعرف كيف يقدر من وقفوا مع الشعب السوري في محنتة الكبرى. وسيكون للصراع أوجه مختلفة تماما عما كانت عليه فيما سبق. ومما لاشك فيه أن تحالفات جديدة ستبرز على الساحة تتبدل معها الكثير من المعطيات القديمة.

=================

عودة العرب لمجلس الامن مجددا

رأي القدس

2012-02-12

القدس العربي

 تطوران بارزان يمكن التوقف عندهما من خلال متابعة مداولات وزراء خارجية الدول العربية للملف الدموي السوري وتطوراته، الاول الكلمة القوية التي القاها الامير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي وهاجم فيها النظام السوري بقسوة، وهي قسوة غير معهودة في ادبيات السلطات السعودية التي تفتخر دائما بالدبلوماسية الهادئة والبعد عن التشنج، والثاني تأكيد الدكتور نبيل العربي على ان الجامعة العربية ستنسق مع كل من روسيا والصين في اطار جهودها في مجلس الامن الدولي لاستصدار قرار بتشكيل قوات حفظ سلام عربية اممية مشتركة ترسل الى سورية.

الذهاب مجددا الى مجلس الامن الدولي للحصول على غطاء لقوات حفظ سلام في سورية، وبعد اقل من اسبوعين من فشل عربي في المجلس نفسه باستصدار قرار عربي غربي بدعم مبادرة عربية تطالب الرئيس بشار الاسد بالتنحي، خطوة محفوفة بمخاطر اكبر، فالفيتو الروسي الصيني المزدوج الذي عرقل الجهد العربي الاول قد يستخدم مرة اخرى لعرقلة المسعى الثاني.

كان لافتا ان جميع الدول العربية، باستثناء لبنان والجزائر، وافقت ليس على ارسال قوات عربية اممية فقط، وانما تقديم الدعم المادي والسياسي للمعارضة السورية، والمضي قدما في فرض عقوبات اقتصادية ضد النظام السوري.

لا نعرف ما اذا كان وزراء الخارجية العرب قد ناقشوا مسألة ارسال قوات لحفظ السلام في سورية لحقن شلالات الدم المتدفقة، فهناك شروط عديدة يجب ان تتحقق لضمان مثل هذا التوجه، ابرزها موافقة الدولة المعنية اي سورية، وقد رفض سفيرها في الجامعة دخول اي قوات الى بلاده بعد اقل من ساعة من صدور البيان الختامي لوزراء الخارجية العرب، اما الشرط الآخر الذي لا يقل اهمية هو وجود تسوية سياسية ترضي الاطراف جميعا وتوفر الغطاء القانوني الشرعي لتواجد هذه القوات وتوفير الامن لها حتى تقوم بالمهام المنوطة بها على اكمل وجه، وهذه التسوية غير موجودة.

القوات الدولية في لبنان جاءت بناء على تسوية سياسية وقرار اممي بوقف اطلاق النار احترمته جميع الاطراف، اي حزب الله واسرائيل علاوة على الحكومة اللبنانية، صحيح ان الوضع مختلف، والمقارنة ليست في محلها، ولكن هناك اصولا متبعة اذا اردنا لهذه المبادرة العربية الجديدة تجنب الفشل مثل نظيرتها السابقة.

والجامعة العربية اخطأت في المرة الاولى عندما ذهبت بقصر نظر دبلوماسي، وتجاهلت كلا من الصين وروسيا عندما ذهبت الى مجلس الامن مباشرة دون التنسيق معهما، وقد يؤدي تصحيح الخطأ هذه المرة الى تقليص الاضرار، من حيث الاستماع الى وجهة نظر الدولتين، وبحث امكانية الوصول الى مخرج سياسي من هذه الازمة التي تتطور نحو الاسوأ، خاصة بعد كشف تقارير امريكية عن مشاركة جهاديين اسلاميين في مقاومة النظام السوري ووحداته العسكرية، الامر الذي قد يقود حتما الى حرب اهلية طائفية اذا لم يتم تطويق الاوضاع من خلال تسوية سياسية، ومسؤولية النظام السوري اكبر بكثير من مسؤولية الدول العربية الاخرى في هذا المضمار.

تقديم الدول العربية الدعم المالي والسياسي للمعارضة السورية خطوة متوقعة، لان هذا الدعم بدأ دون قرار من الجامعة، ويظل ما هو مطلوب قبل هذا الدعم والاعتراف السياسي بالمعارضة العمل على توحيدها وانهاء الخلافات في صفوفها، وهي مهمة ليست سهلة، خاصة ان بعض اعضاء هذه المعارضة لا يتحدثون مع بعضهم البعض، والاكثر من ذلك يكنون كراهية لزملائهم اكثر من كراهيتهم للنظام السوري نفسه.

=================

ايران تهدد الخليج لاسباب سورية

عبد الباري عطوان

2012-02-12

القدس العربي

 يبدو ان القيادة الايرانية بدأت تشعر بالآثار القوية المؤلمة للعقوبات الاقتصادية الغربية المفروضة عليها، وهي عقوبات ستصل ذروتها في مطلع تموز (يوليو) المقبل، موعد تطبيق الحظر الاوروبي على صادرات النفط الايرانية.

الخبراء الاقتصاديون الذين يتابعون الوضع الاقتصادي في البلاد يقولون ان العملة الايرانية 'الريال' فقدت اكثر من 60 في المئة من قيمتها في الشهرين الماضيين، بينما تضاعفت اسعار الخبز مرتين، واصبحت السلطات الايرانية تتبع اسلوب المقايضة في تعاملاتها التجارية مع الدول الاخرى، اي النفط مقابل القمح، على سبيل المثال، بسبب العقوبات المفروضة على البنك المركزي وتمنع التعاطي معه.

يمكن رصد قلق السلطات الايرانية، وربما غضبها ايضا، في امرين رئيسيين، الاول: تهديدات السيد علي لاريجاني رئيس البرلمان واحد ابرز جناح الصقور، التي وجهها الى دول الخليج وقال فيها إنها ستندم ندما شديدا في حال مساندتها للمؤامرة الامريكية على ايران، لأن الامة الايرانية لن تنسى لها هذه المساندة. والثاني: التصريحات القوية التي ادلى بها السيد مرتضى تمدن حاكم طهران، وهدد فيها باتخاذ اجراءات صارمة في مواجهة اي احتجاج على الاقامة الجبرية المفروضة منذ عام على زعيمي المعارضة السيدين علي مير موسوي ومهدي كروبي، مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية مطلع الشهر المقبل.

التهديدات الايرانية لدول الخليج ليست جديدة، ولكنها لم تكن على هذه الدرجة من القوة في اي وقت من الاوقات، خاصة انها صادرة هذه المرة من قبل السيد لارجاني، ومن علي شمخاني وزير الدفاع السابق، ناهيك عن تهديدات اخرى لرئيس الحرس الثوري، فالتهديدات السابقة كانت تركز على الولايات المتحدة وسفنها وقواعدها في الخليج، اما هذه المرة فهي تستهدف دول الخليج مباشرة.

من غير المستبعد ان يكون الهدف من هذه التهديدات ايضا هو محاولة تخويف حكومات الدول الخليجية وكبح جماح تدخلها ودعمها للمعارضة السورية، ودعم الجماعات المسلحة بالمال والسلاح. وقد افاد تقرير لمحطة 'العربية' الفضائية السعودية، بثته يوم امس عن معلومات مفصلة ودقيقة حول شحنات اسلحة ومتطوعين يتدفقون حاليا على سورية من العراق.

ايران تملك اسلحة عديدة يمكن ان تستخدمها بفاعلية ضد الخليج، اولها الخلايا الايرانية النائمة، وان كان بعضها يصحوا بقوة هذه الايام في دول مثل البحرين والكويت، وبدرجة اقل في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية (الإحساء)، بالاضافة الى آلاف الصواريخ من مختلف الاحجام التي يمكن في حال اطلاقها تدمير مدن خليجية مزدهرة، واحراق آبار النفط.

' ' '

مسؤول خليجي كبير اكد في لقاء خاص ان التهديدات الايرانية جدية للغاية، وان القيادات الخليجية تنظر اليها بكل جدية، ليس على المدى القصير فقط، وانما على المدى البعيد ايضا. وشرح وجهة نظره هذه بالقول بان الايرانيين يستطيعون تدمير محطات التحلية التي تغطي تسعين في المئة من احتياجات الخليج للمياه العذبة، علاوة على قصف مدن وقواعد امريكية، والاخطر من ذلك حسب قول المسؤول نفسه هو ما سيحدث في اليوم التالي في حالة حدوث حرب ايرانية امريكية، اي صراع عربي ايراني قد يستمر لعقود تكون منطقة الخليج ميدانه وضحيته الرئيسية.

عندما انطلقت شرارة الثورة الخمينية، وشكلت تهديدا مباشرا لدول الخليج بسبب الرغبة الايرانية بتصديرها الى دول الجوار، كانت دول الخليج محمية بغطاء عربي قومي من خلال وجود عراق قوي، ومصر مستقرة الى جانب الدعم الغربي. الآن الصورة مختلفة كليا، فالعراق بات خاضعا بالكامل للنفوذ الايراني، ومحكوما بقيادة طائفية، ومصر في حالة من عدم الاستقرار بسبب المرحلة الانتقالية التي تمر بها وتصاعد المحاولات لحرف الثورة عن مسارها، بل اجهاضها من قبل الولايات المتحدة وفلول النظام السابق ومراكز قواه.

فلأول مرة تجد دول الخليج نفسها بدون غطاء عربي قوي، وان أمنها بات محميا من قبل الدول الغربية في ظل حالة صراع اممي على نفطها واموالها، وطرفاه الصين وروسيا وايران من ناحية، والولايات المتحدة ودول اوروبا من ناحية اخرى.

الرصيد الاكبر لدول الخليج هو نفطها ولا يستطيع احد ان يجادل في ذلك، ولكن لا يمكن استبعاد استقرارها ايضا الذي نعمت به طوال السنوات الستين الماضية، مع بعض المنغصات التي لا يمكن تجاهلها، مثل اجتياح القوات العراقية للكويت عام 1990، واهتزاز الأمن الداخلي (الكويت) بفعل بعض الهجمات والتفجيرات لسفارات غربية، ومحاولة اغتيال الامير (1984) التي اقدم عليها بعض الخلايا الايرانية النائمة في حينها.

اهتزاز الامن والاستقرار الداخلي نتيجة هجمات صاروخية سيكون كارثة بالنسبة الى هذه الدول التي لا توجد فيها ملاجىء لحالات الطوارئ، ولا سيارات اسعاف او مستشفيات كافية في معظمها، وشاهدنا ذلك بوضوح في حالة الكويت اثناء غزوها. فقد فضل معظم اهل البلاد اللجوء الى الدول المجاورة، مثل المملكة العربية السعودية والامارات وقطر، واختار الاثرياء منهم الانتقال الى اوروبا، وبريطانيا على وجه التحديد.

احد شيوخ الخليج حاول ان يهون 'مازحا' من تأثير اي هجمات ايرانية صاروخية على المنطقة بقوله ان هذه الصواريخ ستقتل الهنود بالدرجة الاولى، لان اهل البلاد قد يغادرون قبل سقوطها.

' ' '

صحيح ان الولايات المتحدة تملك الاساطيل وحاملات الطائرات وبطاريات صواريخ باتريوت مضادة للصواريخ، وستوظف كل هذه الامكانيات في حماية دول الخليج، ولكن الصحيح ايضا الذي يجب ان نفكر فيه منذ الآن هو حالة العداء والنزعات الثأرية ضد العرب في نفوس الايرانيين اذا شاركت دول الخليج، باختيارها او مكرهة، في اي عدوان امريكي على ايران سواء بطريقة مباشرة، اي ارسال طائراتها الحديثة للمشاركة في القصف، او بطريقة غير مباشرة من خلال استضافة القواعد الامريكية وجعلها منطلقا للهجوم على ايران، وتشديد الخناق الاقتصادي على اكثر من سبعين مليون ايراني.

نتمنى حلا سياسيا ينهي الأزمة او الازمات مع ايران، والالتفات في الوقت نفسه الى كيفية كسب دول الخليج للعرب مجددا، وتعزيز الروابط معهم، بما تملكه من وسائل مثل الارصدة المالية الضخمة، فمن الغريب ان الدول الخليجية الثرية لم تقدم فلسا واحدا لسلطنة عمان العضو في مجلس التعاون، او البحرين (قالت انها سترصد 20 مليار دولار لمساعدتها) حتى هذه اللحظة، ناهيك عن مساعدتها لمصر التي اشتكى رئيس وزرائها الدكتور الجنزوري من عدم وصول حتى الفتات، لانقاذ اقتصاد بلاده المنهار.

=================

محنة المجنّدين السوريين «الحياديّين»!

الإثنين, 13 فبراير 2012

علي جازو *

الحياة

يشكّل مجنّدون، في مقتبل العمر، عمادَ الجيش السوريّ «النظاميّ» وغالبية أفراده، ممّن يؤدون خدمة العلم الإلزامية أو ما يدعى بالتجنيد الإجباري. ويحاول العديد التهرّب منها أو إرجاءها عبر ماكينة الفساد الشرهة المعهودة.

ومعروف لمن أدى الخدمة العسكرية في سورية مدى قسوة قوانينها وسوء ظروفها، بخاصة تجاه «الضعفاء» «والفقراء»، أولئك الذين لا يسندهم دعمٌ مالي من قبل عائلاتهم، ولا شفاعة علاقاتٍ وراءها قرب من «القادة الكبار». ولهؤلاء موقع حرج ودقيق وخطر في ظل أحداث الثورة السورية الراهنة. وللمرة الأولى، إذا استثنينا حوادث 1980 – 1982، وزمن الاحتلال السوري الطويل للبنان، يتعرض فتية وشباب سورية من العسكريين لهكذا محنة. فهم بين نارَين: من جهة تقابلهم السلطة المخابراتية - العسكرية المتوحشة التي يتبعونها مباشرة، وليس لهم قوة ذاتية لرفض أوامرها، ومن جهة يبرز حسُّهم الإنساني وانتماؤهم الوطني، وشعورهم الأخلاقي الممزق بين الشجاعة والحرص تجاه أهلهم وذويهم.

أدّت شدة العنف ومدى القسوة، وصنوف التعذيب المهينة التي جوبه بها الثوار السوريون، السلميون بخاصة، قبل ازدياد حركات الانشقاق، وتشكيل وتعاظم حركة مسلحة ضد جيش النظام، إلى مضاعفة الضغط النفسي عليهم، وبقائهم رهن حركة أقرب إلى الحيرة والجمود منها إلى رفض علني واسع النطاق، كان يمكن لو ترافق مع حركة فرار أو تمرّد كبيرة، أن تقلب موازين القوة العسكرية، وتردع قوى القمع عن الغلو في مسارها العنفي الشرس والمنحط. ويسوء الأمر أكثر عندما لا يجد المحايد مكاناً يمكن له أن يحول الحياد إلى قوة رادعة. ويظلّ الحديث عن الجيش السوري «النظامي» أشبه بحديث المرء عن أشباح، فما ورثناه عنه لعقود سوداء يبقى قرينَ العقيدة تلك التي ارتقت، كما لو كانت في صعود ممسوخ، صوب عبادة الفرد لا الأرض التي تشكل أساس الانتماء الوطني، والحزب الواحد الأحد لا الشعب المتعدد.

ورغم أن عديد الجيش السوري الضخم يضم في معظمه جنوداً يؤدون خدمة العلَم الإلزامية، إلا أن «العقيدة الإيمانية» تحول المجند العادي إلى خادم وعبد. فالوطن والشرف والإخلاص، مفردات تتم استعارتها من مستوى إلهي، يتحول معها العسكري إلى خادم مطيع، وإلا تم وصمه بالخيانة. ولعلّ في حالة المقدم المنشق حسين هرموش، أول المنشقين، ومصيره المجهول، (ويقال إنه أعدم)، خاتمة مثالٍ مزدوج البطولة والأسف.

ويكمن سبب ذلك في أن الخوف من سطوة كبار الجيش على صغاره، والرعب الذي راكمته سنوات الصمت والهلع، من مجرد الإشارة إلى موازنته مثلاً، وكيف تُجبى ومما تقتطع وكيف توزع، جعل الحديث أقرب إلى الظن والتنجيم منه إلى الواقع والحقيقة.

غير أن الحقيقة المرّة أن «عناصر» هذا الجيش الذين هم من فتيان وشباب سورية كلها، عوملوا كما يعامل المجرمون. فقد تحولت الخدمة الإجبارية إلى نوع من العقاب العام للشباب السوري، العقاب الذي لا يجرؤ معه أحد على التفكير في الجرم الذي يدفع ثمنه السوريون الآن، وكانوا قد دفعوا أمثاله في السابق. فالحزب الذي ابتلع الدولة مثال عن «الأمن» الذي أخصى الجيش، وحوله من حام عام لأمن البلاد، إلى حال تشبه حال من يقضي عقوبة أشغال شاقة.

والحال هكذا، كيف يمكن لمن يريد أن يرفض الخدمة أن يرفضها فعلاً، ومن واتته الجرأة على رفض الأوامر تلقى الرد الفوري عبر القتل، والذي ينشق يخوض حرباً «شريفة» ضد أخوة له لا يجدون في أنفسهم جرأة الانشقاق، ولا يستطيعون رفض تنفيذ الأوامر، ولا يريدون أصلاً أن يوضعوا في حال عصية على التصنيف: فهم من جهة يخضعون لأوامر عسكرية «حازمة»، ومن جهة أخرى يعلمون في قرارة أنفسهم أنهم مدفوعون إلى حرب ضد شعبهم، لا يريدون خوضها، إلا أنهم لا يملكون الخيار الحر. فالإلزام يجبرهم على البقاء تحت الأمر وتحت تصرف «القادة الكبار». هكذا يتحول الجيش نفسه إلى سجن يتبادل نزلاؤه الخشية والشك والخوف والريبة، فيبقى كلّ في موقعه.

لنتخيل، مجرد تخيل، لو كان بإمكان المجند السوري أن يبدي رأيه علناً في حال الجيش الآن. لنتخيل لو أن هناك جرأة بالفعل في أن يتخلى العسكري عن ثيابه وسلاحه، دونما خوف على مصيره ومصير ذويه، ويعلن رفضه خدمة الجيش، أو يرى أن على الجيش أن يحسم الأمر لمصلحة الشعب لا السلطة، كما حدث في تونس مثلاً...، أترانا كنا وصلنا إلى ما نحن فيه من مأساة خانقة؟ فالقتلة والمقتولون من المجندين كلّهم من أبناء سورية، والمنشقون لم يكونوا قبل أيام أو أشهر قليلة أعداء لإخوانهم.

أكثر من مرة شوهدت لقطات فيديو، في درعا وحمص ودير الزور وريف دمشق وسواها، تظهر فرح الأهالي بانشقاق أفراد الجيش عن جيش النظام، وأظهرت مشاهد أخرى رفات أكثر من مجند تعرض للقتل على يد قوات الأمن. ولعل التفكير في تاريخ الجيش السوري، الذي تحول إلى «مستعمرة عقاب» جماعي، ووضع حدود قانونية راسخة توازن العلاقة ما بين المدني والعسكري وتحد من سطوة الأخير على الأول، ناهيك عن تفحص الأسباب التي أوصلت «الجيش السوري» إلى ما هو عليه، وفي إعادة تكوينه على أساس عقلاني وأخلاقي، جزءٌ ملحٌّ من التفكير في أبعاد الثورة السورية، والخاتمة التي يمكن أن ترسو عليها.

* كاتب سوري

=================

مرحلة ثالثة من النزاع السوري

الأحد, 12 فبراير 2012

عبدالله إسكندر

الحياة

حتى لو لم يعلن وزراء الخارجية العرب اليوم اعترافهم بالمجلس الوطني السوري ممثلاً شرعياً وحيدا للشعب في سورية، بما ينزع الاعتراف الديبلوماسي بالنظام في دمشق، فان المجلس الوطني بات معترفاً به، بحكم الأمر الواقع، ممثلاً للمعارضة والمحاور الوحيد في أي مفاوضات أو مساومة. وهذا الواقع لا ينطبق على الاعتراف العربي فحسب، وإنما أيضاً على المستوى الدولي، بما في ذلك روسيا والصين على رغم استخدامهما حق النقض ضد مشروع القرار في مجلس الأمن.

وهذا يعني أن الأزمة السورية دخلت في مرحلة سياسية جديدة، تتخذ منحى متزايداً من الدور الخارجي في مجرياتها من جهة، ومنحى متزايداً من الإفراط في القوة الحكومية في مواجهة الحركة الاحتجاجية.

ومع القرارات التي يتخذها الوزراء العرب اليوم، بعد إبعاد السفراء السوريين في دول مجلس التعاون ودول عربية أخرى، ومع تقديم المملكة العربية السعودية مشروع قرار يتضمن الآليات التي وردت في مشروع القرار أمام مجلس الأمن، إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث من المتوقع أن يحوز على غالبية كبيرة، تنحسر كثيراً رقعة التحرك الديبلوماسي للنظام السوري. ولذلك نرى قوات هذا النظام، في مسعى إلى إحداث انقلاب في ميزان القوى على الأرض، تعتمد كل أشكال العنف من أجل القضاء على الثورة.

لقد اعتمد النظام هذا الأسلوب منذ اندلاع الحركة الاحتجاجية قبل نحو عام تقريباً. لكنه كان يعول، في مرحلة أولى، على إمكان القضاء على الاحتجاج عبر استخدام القوة والتلويح بإصلاحات، عله يتمكن من شق الحركة الاحتجاجية واستعادة صورته كضابط بيد قوية للوضع الأمني وإرهاب المحتجين.

ولما لم تنفع هذه السياسة، انتقل في مرحلة ثانية إلى الحل الأمني المحض، وهي المرحلة التي ترافقت مع وجود المراقبين العرب. وهذا عنى الضرب بعرض الحائط لكل محاولات التسوية الممكنة، باستثناء بقاء الوضع على حاله.

ولعل الفيتو الروسي - الصيني الذي جاء تتويجاً لهذه المرحلة هو المؤشر إلى الانتقال إلى المرحلة الراهنة: تخلي النظام عن كل احتمال تسوية، بغض النظر عن شكلها ومآلها، والدفع بكل ما يتوافر من إمكانات حربية لإنزال أقسى الخسائر المادية والبشرية في أماكن تجمعات المحتجين أو الأماكن التي يمكن أن ينتقل إليها الاحتجاج. أي الدفع إلى تعميم الحرب الداخلية إلى كل المناطق عملياً.

في موازاة ذلك، ينتقل الوضع العربي، ومعه الوضع الدولي، من المساعي الحميدة بين المعارضة والنظام لإيجاد تسوية، إلى مرحلة انقطاع الأمل بإمكان هذه التسوية وتحميل النظام مسؤولية الفشل، بما يعنيه من استمرار الدمار والقتل، والى دعم المعارضة في مسعاها إلى التغيير. أي أن النظام بات يواجه حال عزلة خارجية، إقليمية ودولية، في الوقت الذي تتسع دائرة التأييد والدعم للمعارضة.

وبالتأكيد، ساهمت طريقة النظام في معالجة الأزمة منذ اندلاعها بالوصول إلى هذه النتيجة. إن لم يكن النظام سعى منذ البداية من أجل الوصول إليها، خصوصاً أنه أرسى كل حركته السياسية على روايته للأحداث ومن ثم اتهامه للخارج بدعم الثوار. وهذا ما عبر عنه عبر رسالته الأخيرة إلى الأمم المتحدة.

بكلام آخر، حقق النظام غرضه بالدفع إلى مرحلة التدخل الخارجي الذي اتخذ في السابق شكلاً سياسياً، وسيتخذ شيئاً فشيئاً شكل الدعم المادي. بما يضع البلاد في الطريق الذي حذر الجميع منه وهو مرحلة الانتقال إلى اقتتال باتت تتوافر له مقومات الاستمرار، مع كل ما يعنيه ذلك ليس من قتل ودمار وإنما أيضاً من نكوص في المطالب الإصلاحية، مع اتخاذ الاقتتال شكلاً طائفياً متزايداً، واستقطاباً إقليمياً في الاتجاه ذاته.

=================

التدخل الاجنبي و«التشبيح الروسي» في سورية!

الأحد, 12 فبراير 2012

خالد الحروب *

الحياة

تتدخل روسيا وإيران والعراق بكل الطرق في سورية لحماية نظام الأسد من السقوط. بكل صلافة ومن دون اي تردد تقدم هذه الاطراف للنظام الذي يقوم بإبادة شعبه دعماً متواصلاً ومتزايداً بالسلاح والمال والاستخبارات والديبلوماسية، وتوفير مظلة حماية يواصل تحتها حملة القتل الدموي اليومية في شكل مريع وعلى مرأى ومسمع كل العالم. البوارج الروسية ترسو في ميناء طرطوس، و «الحرس الثوري» الايراني يشارك في قتل السوريين في الشوارع والمدن السورية الثائرة، وأنباء عن مشاركة «حزب الله» ايضاً في توفير خط دعم امني وعسكري متصل عبر الحدود مع لبنان. وعراق المالكي الذي اصبح ساحة نفوذ ايرانية ينصاع لأوامر طهران ويفتح حدوده على مصاريعها لتأمين شريان حياة لوجستي للنظام الفاشي. اذا كان هذا كله لا يعتبر تدخلاً عسكرياً اجنبياً، فما هو شكل وتعريف التدخل الاجنبي والخارجي؟ كل هذا ليس سوى انحطاط اخلاقي وانساني وسياسي تحت اسم «مصالح استراتيجية»، وهو يعكس عبث هذه الاطراف في حاضر ومستقبل سورية والاصطفاف الجبروتي إلى جانب عصابة حاكمة تعتبر سورية وشعبها ومستقبلها حكراً على عائلة الأسد، وتنظر إلى البلد بكونه احد ممتلكاتها التي لا يمكن التنازل عنها.

التدخل الاجنبي العسكري والامني المُتعدد الاطراف، الروسي، الايراني، العراقي، في سورية يطرح اسئلة عدة بحاجة إلى إجابات من جانب الذين يقفون ضد فكرة التدخل الاممي لوقف المجزرة المتواصلة التي تكاد تكمل عامها الاول مُطبقة على أنفاس السوريين. اهم هذه الاسئلة وأولها: لماذا يُقبل التدخل الاجنبي العسكري والامني والمالي والديبلوماسي ويرحّب به عندما يكون الى جانب النظام الباطش الذي تدك دباباته أحياء وبيوت المدنيين العزّل في حمص وحماة والزبداني وتبيد كل من تصل إليه حتى لو كانوا اطفالاً حديثي الولادة ما زالوا في حاضانات المستشفيات؟ ولماذا يُرفض ويُدان هذا التدخل ويعتبر اعتداء على سيادة سورية وتدخلاً في شؤونها عندما يكون هدفه وقف آلة المجازر الدائرة ضد الشعب الاعزل؟

روسيا المتوترة استراتيجياً تطحن سورية وشعبها الآن بسبب تخبط سياستها ونظرتها الى ذاتها ومستقبلها في المدى القصير. بوتين القادم لا يرى في نفسه سوى قيصر وامبراطور، ويرى في روسيا امبراطورية يجب ان تنهض لتفرض هيبتها وحضورها على العالم. يضع نصب عينيه هدف مناكفة الغرب لتعزيز موقعه في عيون القوميين الروس وتيارات التشدد العنصري، ولفرض سطوته وتكريس احلامه في الاستبداد بروسيا. في السنوات المقبلة ستتحول روسيا في قبضة بوتين إلى ديكتاتورية قريبة من النسخة الستالينية. والمشكلة الكبرى هنا هي انه في عقل منفوخ بأوهام الامبراطوريات والعظمة المتخيلة لا يهم ان يُطحن الآلاف من السوريين، وأن تستبد بهم حفنة من عائلة حاكمة تعاملهم والبلد من منطلق الملكية الخاصة والاقطاعية. وليس هناك اية اهمية لقيم وطموحات مثل حرية الشعب وكرامته وإرادة الناس والديموقراطية. أما الاعلام المعولم والاجتماعي الذي بوجوده ما عاد في إمكان احد ان ينكر الحقائق على الارض، فإنه لا يستحق إلا الازدراء. وليس مهماً ان تُرى روسيا منحازة إلى جانب نظام تشهد كل الحقائق على وحشيته. الاكثر اهمية هو ان تثبت روسيا البوتينية للعالم انها «عظيمة». ليس مهماً ان تصبح مكروهة من قب الغالبية الكاسحة من السوريين والعرب، المهم هو الشعور بالامتلاء الزائف. الامتلاء الزائف ليس استراتيجية نافعة، بل تدوير للستالينية والبريجينيفية التي تعلي من «صورة العظمة» الخارجية فيما الإنهاك والهشاشة يأكلان الداخل ويأتيان على أسسه.

عندما تسيطر مثل هذه الاوهام على صانعي السياسة تضيع بوصلة المصالح والعقلانية. لنتأمل الفرص التي اضاعتها موسكو خلال سنة الربيع العربي المنصرمة حتى نرى غياب البراغماتية والعقلانية لمصلحة التكلس والإنشداد الى لعبة «الصورة الاستراتيجية». عندما اندلعت الثورات في تونس ومصر ثم ليبيا ارتبكت الولايات المتحدة والغرب كله لأن نظامين على الاقل، من اشد الانظمة تحالفاً مع الغرب وأميركا قد ينهاران، فيما الثالث كان قيد «التغربن». وعندما تسارعت الامور في هذه البلدان، وبدأت الأنظمة تترنح، كان من المفترض ان تقف موسكو بقوة إلى جانب الثورات وتساند الوضع الجديد لتحاول القفز إلى مناطق نفوذ جديدة على حساب واشنطن والغرب الخاسرين. وكان من المتوقع ان نرى منحيين للسياسة والنفوذ يسيران بإتجاهين متعاكسين في المنطقة: نفوذ اميركي في أفول، ونفوذ روسي متزايد يعظم المكاسب ويرث ما يفقده الغرب. لكن بطء الحركة، والتلكؤ، والحيرة، وانعدام المرونة، معكوساً على، او ربما نابعاً من، استراتيجية «الصورة»، التي اتبعتها موسكو ادهشت الجميع وأضاعت على نفسها الفرص. لقد بقيت موسكو تراقب انهيار الانظمة من دون ان تفعل شيئاً يذكر يُحسن مواقعها الاستراتيجية، فيما الرب والولايات المتحدة يغيران في شكل دراماتيكي وجذري من تحالفهما مع الانظمة المنهارة، على رغم عمق التحالف القديم. خلال ثلاثة اسابيع على الاكثر غيرت واشنطن موقفها بالكامل من التأييد المطلق لنظامي زين العابدين ومبارك إلى المطالبة بتنحيهما، فيما الدب الروسي يراقب ببلادة وبطء حركة مذهلين، ويراكم خسائره.

ما هي «المكاسب الاستراتيجية» التي حققتها موسكو بعد ان استخدمت حق النقض (الفيتو) مرة اخرى ضد الشعب السوري، وجرجرت وراءها الصين ايضاً؟ موسكو (وبكين) تراكمان الآن وعلى خلفية المشهد السوري خسائر طويلة المدى في المنطقة، وهذه المرة ليس على مستوى الانظمة وحسب بل والشعوب ايضاً. وكيف يمكن ان نفهم العناد الروسي المدهش وإدارة الظهر لما يراه العالم كله من بطش وعنف من جانب النظام السوري بشعبه في طول سورية وعرضها؟ الفصل الاخير من أداء موسكو هو تأكيد لنمط اعرض من المواقف الروسية في المنطقة خلال العام الماضي، برهنت انها تفتقد الكثير من البراغماتية والمرونة والاستجابة السريعة. وبسبب ذلك فقد خسرت ولا تزال تخسر. وكأن ذلك القصور البراغماتي المشهود لم يكن كافياً، فانتقلت تلك المواقف الآن إلى مرحلة جديدة تتفاقم فيها الخسائر ويمكن تسميتها ب «التشبيح السياسي» – لأنها منسجمة مع «التشبيح الامني» و»الإجرامي» الذي يقوم به نظام الأسد. «التشبيح السياسي» هو تبني موقف ضجيجي يجلب الكثير من الإثارة والخلافية والأضواء والتغطية الإعلامية، ويُشعر الخصوم بالأهمية، لكنه يجلب معه خسائر محققة من ناحية استراتيجية ومصلحية، على المدى القصير والطويل. «التشبيح السياسي»، في طبيعة الحال، وفي نسخته الروسية الحديثة، يفتقد الحد الادنى من الاخلاقية والانسانية، ولا يهمه موت البشر. تهمه «صورة روسيا العظيمة» وهي تقف في وجه الغرب. لا يهم كيف ولماذا وأين وحول اي قضية. المهم العنترية ذاتها. وهذا البعد الاخير، انعدام الاخلاقية السياسية في مقاربات روسيا والصين للعلاقات الخارجية، يستحق فتح قوسين موسعين. موسكو وبكين لا تعنيهما اية اجندات لها علاقة بالديموقراطية وحقوق الانسان والانفتاح السياسي، او مواجهة الانظمة الديكتاتورية والقامعة لشعوبها، سواء في الشرق الاوسط او اية منطقة من مناطق العالم. يتعامل البلدان مع «الانظمة القائمة» ويرفضان فكرة «تغيير النظام» من الخارج، من ناحية نظرية. من ناحية عملية، روسيا غيرت انظمة بكاملها في جمهوريات آسيا الوسطى حفاظاً على مصالحها في الجوار الاستراتيجي، وتدخلت في اوكرانيا، ابخازيا، روسيا البيضاء، جورجيا، وغيرها. حلفاء روسيا والصين في العالم قائمة من الانظمة الديكتاتورية التي تطحن شعوبها، من كوريا الشمالية، إلى موزامبيق، الى اوزبكستان. المهم هنا، عربياً، ان كلا البلدين وعلى المدى البعيد ليس لديهما ما يقدمانه للعرب ومستقبلهم، وليس ثمة نموذج انساني وحضاري وتعددي مغرٍ. ما يقدمانه لا يتعدى صيغاً متنوعة من الديكتاتورية والرطانة. لا يعني هذا القول أن عكس ذلك موجود عند الغرب، فتاريخ الغرب طافح هو الآخر بالجرائم منذ عهود الاستعمار وحتى الوقت الراهن. لكن الفرق الجوهري والمهم، والذي يخصنا في المنطقة العربية وربما العالم الثالث كله إزاء العلاقة مع الغرب وسياساته، هو وجود معايير وقيم حقوقية لها علاقة بالديموقراطية وحقوق الانسان والحرية الفردية يمكن العودة إليها ومحاسبة الغرب والسياسات الغربية إزاءها. صحيح ان كثيراً من تلك المعايير والقيم يتم دوسها في السياسات والحروب الغربية، لكن على الاقل تبقى هناك وتشكل مرجعية تتم العودة إليها وكشف اية سياسة او ممارسة زائفة او منافقة بناءً عليها. من هنا نشأ تعبير «المعايير المزدوجة»، ذلك ان الغرب يدعو الى قيم ويطبقها هنا، لكنه لا يدعو إليها ولا يطبقها هناك، لكن يُحاسَب عليها من جانب هيئات ومنظمات مجتمع مدني معولم يتزايد نفوذه. مع روسيا والصين ليس هناك «معايير مزدوجة». هناك معيار واحد: تأييد الانظمة القائمة الباطشة علناً وباطناً، ولتذهب الشعوب وحقوقها وحرياتها إلى الجحيم.

* محاضر واكاديمي - جامعة كامبردج

=================

الموت ب«الفيتو»!

الإثنين, 13 فبراير 2012

جميل الذيابي

الحياة

يتفرج العالم منذ عام تقريباً على مشاهد دموية يومية في سورية. نظام يقتل الأطفال، ويروّع النساء، ويسفك دماء الأبرياء بلا رحمة. العالم يتلعثم أمام «الفيتو» الروسي - الصيني وكأنه بلا حول ولا قوة وبلا أخلاق أو إنسانية. موسكو وبكين تساندان نظام الأسد، وتدفعانه ب«الفيتو» إلى ارتكاب المذابح ضد شعبه.

دول كبيرة تتعامل مع بقية دول العالم على أنها كرتونية ودماء شعوبها رخيصة، وتستخدم حق النقض (الفيتو) لقتلها. دول كبيرة تناور بسياسات قذرة سعياً وراء مصالح ضيقة من دون الاكتراث بأمن وسلامة الشعوب المسحوقة والمقموعة والمظلومة.

أصبح «الفيتو» شهادة لترخيص الظلم والجرائم. واشنطن استخدمت «الفيتو» لمنع الاعتراف بدولة فلسطين في هيئة الأمم المتحدة، وروسيا والصين تفعلان الشيء نفسه بكل صفاقة لترخيص القتل في سورية. كانت الشعوب تعتقد بأن مهمة مجلس الأمن هي حفظ الأمن وجلب السلام واستصدار قرارات تحقن الدماء وتحمي الإنسان من الوحشية والعنف والقمع، لكنه تحول - في ايدي الكبار - إلى أداة لترخيص القتل والمنافحة عن الأنظمة الديكتاتورية التي تسفك دماء شعوبها ثم المزايدة على الآخرين بأساليب رخيصة.

فشل مجلس الأمن يجعل الخوف مقبِلاً غير مدبر، وهو ما دعا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى القول إن العالم يعيش في أيام مخيفة... مخيفة، وإن ما حدث في الأمم المتحدة بادرة غير محمودة، وتهز ثقة العالم بها. لا شك في أن العجز الأممي عن استصدار قرار يحمي الشعب السوري من آلة القتل دليل على فشل مجلس الأمن، ويجب ألا تتحكم في العالم دولٌ تفشل في بسط العدل والإنصاف، وهو ما لمح إليه خادم الحرمين بقوله: «الدول مهما كانت لا تحكم العالم كله أبداً، بل يحكم العالم العقل والأخلاق، والإنصاف من المعتدي».

في الشأن السوري، لم تتزعزع مواقف دول الخليج منذ البداية، فقد ناصرت الشعب السوري ووقفت إلى جانبه علناً، وكان خطاب الملك عبدالله بن عبدالعزيز في رمضان الماضي أول رد فعل عربي رسمي، إذ طالب النظام السوري بإيقاف آلة القتل، والتوقف عن إراقة الدماء ومنع القوة المفرطة وتحكيم العقل قبل فوات الأوان، لكن «نظام الدم» تجاهل تلك الدعوات، واستمر في الدموية، ما دعا الرياض إلى استدعاء سفيرها في دمشق، فالحدث كما وصفه خادم الحرمين أكبر من أن تبرره الأسباب، وهو ما يحدث حتى الآن من النظام الغارق في نهج القتل والتعذيب والتدمير اعتقاداً منه أنه سينجو بجرائمه الشنيعة.

ولتأكيد صلابة الموقف السعودي والخليجي مما يجري في سورية، بادرت السعودية إلى سحب مراقبيها المشاركين في بعثة المراقبة العربية حتى لا تكون شاهد زور، خصوصاً بعدما اتضحت مساعي رئيس فريق المراقبين السوداني محمد الدابي وجنحه نحو مساعدة النظام لا رصد ممارساته وجرائمه، ما دعا دول الخليج إلى التجاوب مع الموقف السعودي وسحب مراقبيها، بسبب عدم التزام النظام السوري بتنفيذ قرارات الجامعة العربية. ثم أخيراً قررت دول مجلس التعاون الخليجي طرد سفراء النظام السوري من عواصمها، وينتظر أن تعترف بالمجلس الوطني كممثل للشعب السوري بعد أن أوصد النظام كل الأبواب أمام الحلول وفضل حمام الدم على حمامة السلام!

ظاهرة أخرى لافتة هي قدرة حركات الإسلام السياسي على التلاعب وتبرير صمتها أمام قتل المدنيين العزل، على رغم أن بعض قياداتها يقطن على بعد أمتار من مذابح «الشبيحة»، وسكاكين نظام الأسد غائرة في خاصرة الشعب السوري. «حماس» وبعض جماعات «الإخوان» تتبرم وتتجاهل القتل في سورية وتتلاعب بالألفاظ، ولم تنبس ببنت شفة استنكاراً وإدانة لجرائم الأسد ضد شعبه. عورات تلك الحركات المسيَّسة لم تعد تنطلي على وعي الشعوب، حتى وإن نافح عنها مناصروها ومؤيدوها. إسماعيل هنية وخالد مشعل يصمتان وكأنهما راضيان عن جرائم الأسد وشبيحَته. وأخيراً تجاهلَ هنية دعوات الشعوب العربية «المجروحة» وذهب إلى طهران ليضع يده في يد من يساعد نظام بشار الأسد بالمال والعتاد والرجال في «استرخاص» واضح للدماء السورية ونبشاً للجروح الغائرة في أفئدة الشعوب العربية.

الأكيد أن شفاعة روسيا والصين لنظام الأسد ب»الفيتو» وصمت بعض حركات الإسلام السياسي عن استنكار المذابح وتعليق المشانق للشعب السوري لن تشفع لبشار وعصابته بالبقاء، ولم يعد إعلان الهروب أو الرحيل إلا مسألة وقت وسيعلن العام 2012 سقوط ديكتاتور آخر كما سقط من قبله آخرون في 2011.

jameel@alhayat.com

=================

أخيرا.. «أصدقاء الشعب السوري»!

طارق الحميد

الشرق الاوسط

13-2-2012

بعد أحد عشر شهرا من العنف والقمع المنظم من قبل القوات الأسدية في سوريا بحق السوريين العزل تم الإعلان في القاهرة عن أن مشروع «أصدقاء الشعب السوري» سيرى النور أخيرا في تونس، وبحضور دول عربية، وغربية، وهو الأمر الذي يعني قطع كل الجسور مع النظام الأسدي.

أكتب المقال ولم يصدر البيان الختامي للاجتماع الوزاري العربي في القاهرة، وأيا كان محتواه، فإن الأهم هو ما صدر عن وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، الذي ألقى كلمة تلخص واقع الحال، خصوصا وهو يقول إن نظام بشار الأسد نظام لا تجدي معه المبادرات، وطالب بفتح قنوات الاتصال مع المعارضة السورية، وتقديم كل أنواع الدعم لها، وهذه ستكون بلا شك نقطة التحول في التعامل مع الأزمة السورية، بغض النظر عن أي قرارات عربية أخرى تصدر عن الجامعة العربية.

اليوم طالما أن هناك مؤتمرا سيعقد في تونس تحت عنوان «أصدقاء الشعب السوري»، فإن هذا يعني أن العرب قد قرروا عمليا نزع الاعتراف بالنظام الأسدي، وقرروا الوقوف مع الدم السوري البريء وقفة حقيقية، وبلا شك أن مجرد الإعلان ليس نهاية المطاف، بل هو بداية العمل الجاد من أجل إنقاذ الأبرياء السوريين.. فقبول الطلب التونسي، مثلا، لاستضافة مؤتمر «أصدقاء الشعب السوري» جاء ليمثل حلا وسطا بين الرغبة التركية والفرنسية لاستضافة نفس المؤتمر، كما أن تاريخ انعقاده في الرابع والعشرين من هذا الشهر يأتي بعد مؤتمر الصومال الذي سيعقد في لندن يوم 23، وهذا مما يساعد على حضور جميع الأطراف المعنية.

وعليه، فإن مدلولات خطاب الأمير سعود الفيصل أمس، ودعوة تونس لمؤتمر ل«أصدقاء الشعب السوري»، تعني أن لدى العرب طرقهم للتحرك من أجل حماية السوريين العزل، وإن حاول الروس حماية طاغية دمشق، فما حدث يعني أن العرب قد ركبوا الموجة العالية، وقرروا تحمل المسؤولية. واليوم على الروس، وحتى الصينيين، تحدي العالم العربي، والإسلامي، والمجتمع الدولي، إن أرادوا، لكنه سيكون تحديا في مسرح مفتوح، وليس في مجلس ضيق، مثل مجلس الأمن.. فما يحدث من جرائم في سوريا أمر لا يمكن التساهل معه، أو التسويف فيه، وأيا كانت الدوافع، أو المبررات، فالنظام الأسدي نظام فاقد للمصداقية وليس له مواثيق أو عهود، ولا يجيد هذا النظام إلا تزييف الحقائق، وضرب هذا بذاك، وبث أخبار مشوشة، وبطرق متذاكية، وأبسط مثال هنا، ومن مصادر من داخل أروقة الجامعة العربية، فإن العراق قد قال صراحة يوم أمس بأن كل ما تسمعونه من النظام الأسدي عن دعم عراقي لهم، أو تمويل، أو تسهيلات، ما هو إلا أمر غير صحيح، وأنها تسريبات من وسائل الإعلام الأسدية للتشويش على المشهد العربي!

ومن هنا، فإن الموقف السعودي، والدعوة لمؤتمر «أصدقاء الشعب السوري» في تونس، كلها تعني أن العجلة قد دارت لوضع حد للجرائم التي ترتكب بحق السوريين العزل، ولكن لن يكون الأمر سهلا بالطبع، وإنما هذا يعني أن العمل الجاد قد بدأ.

=========================

الأسد وإيران والعراق و«القاعدة» ضد السوريين

عبدالرحمن الراشد

الشرق الاوسط

13-2-2012

دخلت خط المواجهة في سوريا جماعات إجرامية، إضافة إلى قوات نظام الأسد وشبيحته، وميليشيات إيرانية وميلشيات حزب الله، والآن أعلن تنظيم القاعدة استغلال الأزمة. وهناك النظام العراقي الذي يقوم بتمويل النظام في دمشق وكسر الحصار عليه. وعلينا أن نتذكر أن «القاعدة» مرتبطة بالنظام السوري طوال السنوات السبع الماضية؛ حيث إن جميع إرهابييها الذين نشطوا في العراق والخليج كانوا يمرون بعلم وترتيب، وأحيانا بتدريب وتمويل سوريين. والآن إيران، التي تستضيف هي الأخرى قيادات «القاعدة» على أراضيها، قررت الزج بالتنظيم الإرهابي لتخويف العالم وتقول: إن «القاعدة» هي البديل لو سقط نظام الأسد. يعتقد النظامان السوري والإيراني أن ورقة «القاعدة» ستقلب المواقف وستمنح الأسد عمرا جديدا للبقاء في الحكم. السؤال ليس ماذا يفعل المعسكر الإيراني الأسدي، بل ماذا يفعل الآخرون؟

طبعا لكل موقف ثمن، فعندما فتحت السعودية في الصيف الماضي المواجهة الدبلوماسية بسحب سفيرها، وتحدث الملك عبد الله بن عبد العزيز بقوة ضد المذابح التي ترتكبها السلطات السورية بحق مواطنيها، في أعقاب ذلك باشرت دمشق تهدد بأنها سترد الصاع صاعين، وأنها ستحرك جماعات شيعية وأخرى معارضة في السعودية وبقية دول الخليج. وهو بالفعل ما حدث لاحقا بدعم من إيران. وفي هذا الشتاء، قبل أيام، لم يسكت خادم الحرمين الملك عبد الله على ما فعلته روسيا والصين بالتصويت لمنع قرار لمجلس الأمن يدين الجرائم ويقترح حلا لإنهاء المذبحة. دمشق احتفلت بصاحب «الفيتو»، وزير الخارجية الروسي عندما زار العاصمة، وفي اليوم نفسه نفذت حفلات دم رهيبة في حمص والزبداني وريف دمشق وغيرها.

وأمس تجاوز وزير الخارجية، الأمير سعود الفيصل، إلى مرحلة متقدمة، مؤكدا أن السكوت لم يعد خيارا، ودعا إلى دعم الشعب السوري بكافة أشكاله، بما قد يعنيه بدعم السوريين لحماية أنفسهم.

وهنا علينا أن ندرك أن الصراع اتسع ودخل مرحلة جديدة، ولم يعد ممكنا أن ننظر إلى ما يحدث في سوريا كحرب بين الجيش والشبيحة من جانب ضد متظاهرين ومنشقين من جانب آخر. ما يحدث في سوريا إبادة ومحاولة تغيير قسري للوضع على الأرض. وما يحدث في سوريا أيضا حرب إقليمية بدخول إيران وحزب الله والعراق و«القاعدة» إلى جانب نظام بشار الأسد. في المقابل لا يوجد أحد يساعد الإنسان السوري المحاصر أمنيا ومعيشيا. الأردن أقام مخيما لمن يستطيع الهرب. وتركيا، مع بضعة تصريحات تحذيرية، بنت مخيمات للاجئين الذين توقف خروجهم نتيجة زرع الجيش السوري المنطقة الحدودية بالألغام. ومع مرور الوقت تصعد سوريا وإيران وحزب الله نشاط المعارك ذات الصبغة الطائفية، من أجل تحويل انتفاضة السوريين إلى معركة طائفية بحيث تمنع أي تدخل دولي. وبسبب ذلك كله أصبح عشرون مليون سوري أعزل محاصرين اليوم من قبل خمس قوى محلية وإقليمية من دون سند دولي أو عربي.

في مرحلة الصراع الجديدة سياسيا ينشق العالم إلى فريقين بشأن سوريا. القلة من دول العالم مع نظام الأسد ومجازره، وغالبية ساحقة هي ضده، وهذا ما سيظهره التصويت المنتظر على المشروع العربي في الجمعية العامة. ولا بد أن نقول إن الجمعية العامة لم تعد حاسمة بسبب تسارع الأحداث، كما أن طرد رئيس المراقبين العرب، ضابط المخابرات السوداني السابق الدابي، ليس كافيا لإصلاح الأذى الذي سببه للشعب السوري، واعتمد عليه الروس حجة لاستخدام «الفيتو». هذا التحرك الدبلوماسي يواجه تحركا عسكريا وأمنيا من تحالف القوى الخمس: النظام السوري وإيران والعراق وحزب الله و«القاعدة».

السعودية، وبقية الدول التي تشعر بمسؤوليتها، تستطيع أن تقفز فوق العقبات التي تعطل حماية الشعب السوري، وفوق «الفيتو» الروسي - الصيني. بإمكانها الاعتراف الفوري ببديل وطني، وكذلك، كما قال الأمير سعود، تقديم جميع المساعدات للشعب السوري الأعزل ليدافع عن نفسه. هذه كلها باتت ضرورة لوقف الحرب التي تشن ضد الشعب السوري. إيران تقدم كل المساعدات العسكرية واللوجيستية والمالية للنظام السوري لقمع مواطنيه، والنظام العراقي يتحالف أيضا لدعم نظام الأسد ماليا واقتصاديا ونفطيا، ويعمل كرأس الحربة لإفشال العقوبات الاقتصادية. وروسيا تغطي على جرائم النظام دوليا. وبالتالي علينا أن ننظر إليه كهجوم إقليمي، لا كعمل فردي من حكومة ظالمة ضد مواطنيها فقط. ففي الوقت الذي ضيعته الجامعة العربية والمجتمع الدولي في البحث عن حلول وسط، بنى النظام السوري تحالفا عسكريا واسعا أصبح حقيقة على أرض المعركة، وصرنا أمام إبادة تمر على تنفيذها سنة كاملة، والشعب لا يملك وسيلة للرد على هذا الحلف الشرير سوى حرق أعلام إيران وروسيا والصين والدول المتحالفة مع النظام. لم يعد مقبولا أن تصبح أقصى معونة للمضطهدين بناء مخيمات ولا يستطيعون حتى الفرار إليها.

في رأيي لو تكاتفت الدول المعنية مبكرا لما وصلت الأمور إلى هذه المرحلة الرديئة سياسيا عربيا، ولو كان الشعب قويا بتسلحه لما تنمَّر الأسد وزاد من القتل والهزء من الجامعة والأمم المتحدة. ولو كان موقف الدول العربية داعما بالدواء والغذاء والسلاح لما تجرأت روسيا والصين على رفض الحل العربي السياسي.

إطالة زمن الأزمة يخدم أهداف دول مثل إيران، التي تريد تمزيق سوريا وحرقها من أجل إنقاذ الأسد، ليكون النظام الوحيد المتاح؛ لهذا فإن دعم الشعب السوري حق لهم وواجب علينا.

=========================

لماذا استخدمت روسيا والصين حق النقض ضد قرار الأمم المتحدة؟

عطاء الله مهاجراني

الشرق الاوسط

13-2-2012

استخدمت كل من روسيا، التي تعد من أقوى حلفاء سوريا في المناقشات الخاصة بقرار الأمم المتحدة، والصين حق النقض، وبررتا ذلك بأنه يعد تعديا على سيادة الدولة السورية. لقد كان قرارا خاطئا اتخذ في الوقت غير المناسب، فقد كان يوم السبت الموافق الرابع من فبراير (شباط) هو الأكثر دموية منذ اندلاع الاحتجاجات في سوريا في شهر مارس (آذار) من العام الماضي، حيث أكد المجلس الوطني السوري، الذي يسعى لأن يكون ممثلا للمعارضة، مقتل ما يزيد على 260 شخصا. وقتل أكثر من 500 خلال الأسبوع الماضي من بينهم أطفال ونساء، وقطعت عن حمص كل وسائل الاتصال ولم يسمح لأي صحافيين أو مراسلين بدخولها.

كيف ترتكب الصين وروسيا مثل هذا الخطأ؟ من الواضح أنهما قد منحا الأسد الضوء الأخضر للاستمرار في قتل شعبه باستخدامهما لحق النقض، حيث لم تمر بضع ساعات إلا وقصفت القوات السورية حمص. ويعني هذا أن روسيا والصين بعثتا برسالة قوية للأسد ونظامه مفادها أنه بإمكانه الاستمرار في مهمته وهي قتل وتعذيب السوريين وقصف منازلهم؛ يخربون بيوتهم بأيديهم.

أعتقد أن حق النقض استخدم لدعم الطرف المخطئ، ويماثل استخدام أميركا لحق النقض ضد الفلسطينيين. لقد استخدمت كل من روسيا والصين حق الفيتو في الرابع من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2011 ضد مشروع قرار أوروبي يدين بشدة الانتهاك المنهجي السافر الذي ترتكبه السلطات السورية لحقوق الإنسان، ويهدد باتخاذ إجراءات عقابية ضد سوريا.

على الجانب الآخر، دعمت الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا والدول العربية هذا المشروع، وانتقدت أكثر الدول موقف روسيا والصين، وأدان الرئيس أوباما ما وصفه ب«الاعتداء الذي لا يوصف من قبل النظام السوري على أهالي حمص» وأضاف: «لم يعد من حق الأسد قيادة سوريا، حيث فقد شرعيته أمام شعبه وأمام المجتمع الدولي». ويحذر وزير خارجية المملكة المتحدة الأسد من احتمال مواجهة حرب أهلية شاملة إذا ما أصر على البقاء في السلطة رغم الإخفاق في تمرير قرار الأمم المتحدة.

نحن إزاء سؤال مهم للغاية: هل تتبنى كل من روسيا والصين استراتيجية مشتركة لدعم الأسد؟ هل يعد استخدامهما حق النقض مؤشرا على هذا؟ بمعنى آخر، تستخدم أميركا حق النقض لصالح إسرائيل، وحتى هذه اللحظة استخدمت الولايات المتحدة حق النقض لمنع الفلسطينيين من الحصول على حقوقهم 60 مرة، مما يؤكد أنها استراتيجية أميركية طويلة الأمد. ماذا عن روسيا والصين؟ هل تتبنيان استراتيجية واضحة حول قضايا الشرق الأوسط بما فيها سوريا؟

في يونيو (حزيران) عام 2002 زار خاتمي، الذي كان رئيسا للجمهورية الإسلامية آنذاك، جمهورية الصين الشعبية. وخلال تلك الزيارة عقد الرئيس الصيني جيانغ زيمين معه محادثات. لقد أخبرنا بكل وضوح أن استراتيجية الصين تقوم على المصالح الاقتصادية، وقال: إنه ليس لديه وقت يضيعه في أفغانستان، لذا طلب من سكرتيرته أن تأخذ ملف أفغانستان من مكتبه وتعطيه إلى نائبه لتولي أمره. وركز على شخصيته كمهندس، وأقر أنه لا يفهم الفلسفة والأدب. لقد كان واضحا بالنسبة إلى أن جيانغ زيمين قارئ ذكي للفلسفة والأدب، لكن يبدو أنه كان يحاول التماشي مع استراتيجية الصين التي تولي الاقتصاد الأهمية الأولى والأخيرة.

واستنادا إلى خبرتي ودراساتي حول الصين، أعتقد أن فهم الاستراتيجية التي تتبناها الصين والمنطق وراء استخدام حق النقض لصالح سوريا معقد جدا. هل هذا تفسير جديد لمبدأ توماس هوبز الذي يقول بأن «الإنسان ذئب لأخيه الإنسان» مع علم الجميع مدى صعوبة الالتزام بالأخلاق والمبادئ وقواعد اللعبة السياسية في آن واحد. هل نحن على مشارف حرب باردة جديدة؟ يعتقد وزير الخارجية التركي، أحمد داود أوغلو، في احتمال نشوب حرب باردة جديدة، حيث قال في مؤتمر حول الأمن في ميونيخ: «للأسف استمر منطق الحرب الباردة في الأمم المتحدة في الرابع من فبراير. لم تستخدم كل من الصين وروسيا حق النقض استنادا إلى حقائق على أرض الواقع، بل كرد فعل تجاه الغرب. لا ينبغي أن يتم استخدام حق النقض من هذا المنظور».

عام 2002 سألت وزير الثقافة الصيني كيف يمكننا التعرف على الهوية الصينية؟ فابتسم وقال لي: إنه في البداية ينبغي أن تتعلم من الحجر، مشيرا إلى لعبة لديهم تسمى «ويي كوي». ويطلق الأميركيون على هذه اللعبة «انطلق». وتعد كلمة «انطلق» هي أنسب كلمة لتوضيح 361 قطعة حجر بيضاء وسوداء يجب أن تملأ في النهاية اللوح الذي يتكون من 19 خانة × 19 خانة. لقد وصف بذلك نهج الصين طويل المدى غير المباشر في اكتساب النفوذ. ويتكون الشطرنج من 64 قطعة، بينما تتكون اللعبة الصينية من 361 قطعة، مما يعني أنها «لعبة حصار». يجب أن تتحلى بالصبر والذكاء والهدوء وتقتنص الثواني من أجل الفوز في هذه اللعبة. هل حق النقض جزء من هذه اللعبة؟ يعرف عن هذه اللعبة أنها ثرية باستراتيجيتها رغم قواعدها البسيطة؟ إنها لعبة العمالقة، فعلى جانب توجد أميركا والغرب وجامعة الدول العربية الذين يسعون إلى تغيير النظام في سوريا أو على الأقل تنحي الأسد عن منصبه، بينما على الجانب الآخر توجد روسيا والصين وإيران الذين يدعمون نظام الأسد. أعتقد أنه من الصعب تبرير دعم تلك الدول للأسد، فمن يمكنه الموافقة على أفعال نظام يقصف شعبه؟ ويعد حي الخالدية في حمص مثالا واضحا على ذلك. يوم الأحد ذهب بشار الأسد وحكومته إلى أحد المساجد للاحتفال بالمولد النبوي الشريف، والأسبوع الماضي قتلت القوات السورية أكثر من 100 شخص من بينهم أطفال ونساء. لقد أوصانا رسولنا الكريم بالتعامل مع العدو على أساس العدل، حيث قال الله في كتابه: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ» (8) سورة المائدة. ليس سكان حمص وإدلب ودمشق وحلب وحماه وغيرها من المدن هم الأعداء، بل هم مسلمون يؤمنون بالله ورسوله.

ونظرا لأن السوريين مسلمون، فمن الواضح أن روسيا والصين وإيران يتخذون جانب المتجني. إنهم بارتكاب هذا الخطأ الاستراتيجي يمنحون الولايات المتحدة فرصة ذهبية ومناخا ملائما لتقديم نفسها كصديقة للشعب السوري.

=========================

المطلوب الخلاص من الأسد

حسين شبكشي

الشرق الاوسط

13-2-2012

أصوات كثيرة ومختلفة خرج كل منها بطريقته يحاول منح نظام بشار الأسد الوقت الإضافي ليواصل مجازره المروعة وقتله المستمر بحق شعبه، لعله ينجح في القضاء على الصورة العارمة التي انطلقت منذ أحد عشر شهرا ضد نظام حكمه، وهذه الأصوات شريكة في الجرم، وتتحمل مسؤولية تمديد الظلم الحاصل.

ولعل الخطاب الأخير للزعيم اللبناني حسن نصر الله، الذي قال فيه إنه لا شيء يحدث في مدينة حمص بسوريا، وإن كل ما حصل ما هو إلا فبركة إعلامية.. وطبعا ينفي ذلك الكم الهائل من المجازر والمذابح التي ترتكبها قوات بشار الأسد بحق سكان أحياء مدينة حمص التي تئن تحت وطأة القصف والصواريخ وأرتال الجثث والضحايا، التي بات من الصعب عدها أو إحصاؤها، وها هو موقف الأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي، ليضيف لسجله المتذبذب موقفا غريبا جدا؛ فهو الآن يقترح أن يكون وزير الخارجية الأردني الأسبق عبد الإله الخطيب مراقبا ومندوبا من جامعة الدول العربية على سوريا.

لا أعرف تحديدا ما هو المطلوب أن يفعله الخطيب بعد أحد عشر شهرا من القتل البارد المستمر بحق الشعب السوري الذي بات يعلم القاصي والداني أن النظام لم يصدق في وعود الإصلاح ولا في وعود وقف القتل، وأنه ليس لديه سوى الحل الأمني الدموي. وخرج مؤخرا المثقف السوري المثير للجدل، أدونيس، يعترض على الربيع العربي ويوجه سهام انتقاداته الحادة إلى المعارضة السورية، وأبى إلا أن يكون طائفيا وطاغية ويميل في صف طائفته وفي صف الطغيان والديكتاتوريين على حساب الحق والكرامة والحرية؛ لأنه، بعد أن بلغ من الكبر عتيا، كان لديه الفرصة أن يقف موقفا أبيا وشجاعا وأصيلا ومطابقا لأطروحاته التي اتضح الآن أنها لم تكن سوى لمجاراة طلبات السوق «اليسارية» و«الليبرالية»، لكن ساعة الجد وعندما كان وقت الاختبار لشعاراته وأطروحاته تخلى عن ذلك كله ليميل للطائفة وللطغيان.

حتمية الاعتراف بالمجلس الوطني السوري وبالجيش الحر باتت ضرورة ملحة لا تتحمل التأخير، ومطلب تأمين ممرات حيوية لأجل العمل الإغاثي وإنقاذ المتضررين من الشعب البريء أصبح غاية حيوية، وكذلك الأمر بالنسبة لإصدار قرار شجاع وفوري لحظر الطيران الجوي.

لو تحقق للنظام السوري حلمه ومبتغاه ونجح في تأجيج مشاعر الطوائف وقامت الحرب الأهلية، فستكون الطائفية في لبنان والعراق نزهة بريئة بالمقارنة بها في سوريا؛ لأن هناك طوائف وخليطا إثنيا شديد التعقيد في سوريا، وكل لديه حساب طويل جدا مع الطبقة الحاكمة ومطالب ملحة وضرورية، وسيكون هناك، على ما يبدو، رغبة ملحة في الانتقام وتصفية الحساب مما حدث سابقا منهم في حق الكثيرين. ومن السهل جدا توقع أن يكون هناك أثر جانبي لذلك وانتقاله إلى لبنان والعراق بشكل رئيسي، ومن الممكن أن تتأثر كذلك تركيا بشكل ما.

الجيش السوري الذي تتحرك منه بشكل أساسي بعض الألوية والفرق وخرج العتاد والدبابات والصواريخ بدلا من أن تحرر الجولان، خرجت لتدك الشعب والبلاد، لكن هناك انشقاقا في الثقة داخل هذه المؤسسة العسكرية؛ لأن عدد الذين انشقوا منها من الأفراد بلغ أربعين ألفا، وبات النظام خائفا جدا من إمكانية حدوث انقلاب عسكري؛ لذلك هو يسعى الآن لأن تكون المواجهة المقبلة هي مواجهة طائفية بين الطوائف وليست عسكرية فقط؛ لأنه مع ازدياد الانشقاقات المتواصل ستكون الغلبة لصالح المنشقين المنضمين للثورة؛ نظرا للمساندة العالمية المتزايدة لهم وإيمانهم بحقهم في الحرية والكرامة والعدالة.

لكن المجتمع العربي تحديدا، والعالمي عموما، لا يزال مطالبا بأن ينتقل من مرحلة الشعارات والتباكي على ما يحدث إلى القيام بما هو مطلوب عمليا دون تأخير، والكل بات يعلم ما هو مطلوب: الخلاص من نظام الأسد.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ