ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 07/07/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

إصدارات

 

 

    ـ القضية الكردية

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

في التطويروالتنوير

 

 

جســور

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


ميشال شماس: لقــاء مـع الرئيـس

محام من دمشق

مازال الحديث عن هموم المواطنين ومعاناتهم مع الفساد يحتل المساحة الأكبر فيما يكتب ويقال، حتى أصبح الحديث في هذا الأمر مكروراً ومملاً، بينما الفساد يسير مخترقاً كل الحواجز. حتى قيل أن الحديث والكتابة في تلك الأمور كمن ينفخ في قربة فارغة إلا من مضيعة للوقت وهدر للمال، عدا عن الخطر الكامن في كل سطر وكل جملة فيما يكتب أو يقال.. وانطلاقاً من ذلك تولدت في نفسي رغبة قوية بطلب لقاء رئيس الجمهورية، وقد عبرت عن تلك الرغبة أكثر من مرة سواء في كتاباتي أو عبر البريد.. لاقتناعي أن ثمة من يسهل أمر الفساد ويحميه ويضع حواجز بين الرئيس وبين أن تصل إليه معاناة المواطنين مع ذلك الفساد الذي تحول إلى خطر كبير على البلاد وبات يشكل منفذاً وتربة خصبة وبوابة العبور لاستمرار خطر التهديدات والتدخلات الخارجية الطامعة في خيرات بلادنا.

وفوجئت مساء أحد الأيام باتصال هاتفي من القصر الجمهوري علمت من خلاله أنه تم تحديد موعد المقابلة مع السيد الرئيس. ولم أنم تلك الليلة، وأنا أفكر فيما سأقوله غداً، ومع ذلك استيقظت مبكراًً، وبعد أن تناولت قهوة الصباح، أخذت أستجمع أفكاري وأرتبها، وسجلت على ورقة صغيرة العناوين الرئيسة التي سأطرحها في هذا اللقاء، وقلت في نفسي يجب أن استغل كل دقيقة وثانية، فهذه فرصة لن تتكرر. وصلت إلى القصر الجمهوري قبل الموعد بربع ساعة، دخلت إلى مكتب الاستعلامات الذي بدا مألوفاً لي، فقد كنت أتردد إلى هذا المكان مرتين في الشهر منذ العام 1988 وحتى نهاية 1991 عندما كنت مكلفاً من الحزب الشيوعي السوري بإيصال الرسائل والمطبوعات إلى السيد رئيس الجمهورية. وبعد أن عرفت عن نفسي، طلب مني أحد الأشخاص بتهذيب لافت أن أرافقه حتى دخلنا قاعة فسيحة، وبينما أتأمل جمال القاعة وإذ بسيادته يدخل من باب جانبي فألقيت التحية عليه وهنأته على الفوز بولاية دستورية جديدة. ثم دعاني إلى الجلوس بعد أن رحب بي، فشكرته ثانية على هذه الفرصة الثمينة، وقلت لسيادته: لا أ دري من أين وكيف أبدأ..؟ وعن أي أمر أحدثك يا سيدي؟ فأنا لم آتِ لكي أحدثكم عن خطر الجمعيات والمدارس الدينية، وعن خطورة استرضاء التيار الديني، ولم آت لأسأل سيادتكم متي سيصدر قانون الأحزاب، أو متى سيتم تعديل قانون الانتخابات والمطبوعات والإعلام ؟

بل أتيت لأحدثكم عن طموحي وطموح السوريين جميعاً في أن نرى الحق والعدل وسيادة القانون رائداً في بلادنا الحبيبة. فعندما يعلو الحق ويتحقق العدل ويسود القانون على الجميع حكاماً ومحكوماً، فإن من شأن ذلك أن يحصن البلاد ويزيدها قوة وصلابة ومنعة اتجاه أي خطر يتهددها، ومن شأن ذلك أيضاً أن يعزز الثقة بين الحكومة والمواطنين.وبما يمكن الحكومة من أداء دورها بسلاسة دون أية معوقات تذكر.

أتيت لأحدثكم عن الحكايا التي يتناقلها الناس عما يجري داخل قصور العدل وخارجها التي تنال من هيبة القضاء، الذي خسر الكثير في نظر المواطنين من دوره، حيث أصبح القضاء موضع اتهام بدل أن يكون هو القادر على اتهام الآخرين، وقد يكون ذلك دون وجه حق، وقد يكون على حق، وتغيرت نظرة الناس تجاه بعض القضاة إن لم يكن معظمهم، فالقاضي الذي كان يدخل مكاناً عاماً ويستقبله الناس بكل احترام، باتوا اليوم يتجاهلونه في غالب الأحيان، كل ذلك جاء نتيجة إحساس الناس المتنامي بطغيان الظلم وغياب العدل وعجز القضاء عن تأمين احترام حريات الناس وحقوقهم، نتيجة التدخل في شؤونه والمس باستقلاله، رغم أنه في الأصل يشكل الضمانة الحقيقية للدولة والسلطة وللإنسان..

أتيت لأحدثكم عن الفساد هذا الإخطبوط الذي أخذ يضرب في كل الاتجاهات، وإن أبرز مظاهر هذا الفساد الخطير هو ما نشاهده حالياً من انهيارات متكررة في الأبنية في مدينتي حلب ودمشق على وجه الخصوص، وتوسع الأحياء المخالفة التي تابعت مسيرتها المظفرة بالانتشار والتمدد في طول البلاد وعرضها على مرأى ومسمع المسؤولين المعنيين الذين يصرون على إبقاء المخططات التنظيمية نائمة في أدراج المحافظة إفساحاً في المجال أمام انتشار المخالفات. سيدي الرئيس.. إن رموز الفساد وحماته لا يهمهم على الإطلاق أرواح الناس وممتلكاتهم ولا حتى الوطن وما يتعرض له من أخطار، بل إن همهم الوحيد هو شفط ما تبقى من أموال في جيوب الناس بأية طريقة كانت. وهم لا يتورعون قي سبيل ذلك عن الغش خاصة في مواد البناء والأغذية، وأعطيك مثلاً سيدي الرئيس عن الشركات الخاصة التي تبيع المجبول البيتوني، حيث تتلاعب في مواصفات البيتون المجبول بأن تضيف مواد/ ملدنات/  تظهر المقاومة على غير حقيقتها. فمثلاً بيتون مجبول عيار/300كغ  بعد إضافة تلك الملدنات يظهر كأنه عيار /350كغ، وهكذا يجري الأمر في أغلب الشركات الخاصة المنتجة للمجبول البيتوني، ولا من حسيب أو رقيب.

وأتيت لأحدثكم عن موظفة صرفها رئيس الحكومة من الخدمة لمجرد أنها زوجة أحد الذين حكم عليه بالسجن خمس سنوات على خلفية نشاطه في مجال حقوق الإنسان . كما سبق له أن صرف موظفاً لمجرد أنه كتب مقالاً عن عنكبوت الفساد في وزارة المالية..الخ، خلافاً للمثل العربي القائل" قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق"، بينما نرى بعض الموظفين الكبار والصغار قد شيدوا في غمضة عين قصور وفيلات وشركات عائلية، وهربوا الأموال التي سرقوها من الشعب والدولة ووضعوها في حسابات سرية في البنوك الأجنبية، ولا أحد يسأل من أين لهم ذلك، مع أنه لدينا قانون الكسب غير المشروع رقم 64 لعام 1958 الذي فرض في مادته الأولى:(( على كل موظف أو مسؤول أو نائب أن يقدم عند تعيينه أو انتخابه  أوتركه الوظيفة إقراراً عن ذمته المالية وذمة زوجه وأولاده القصر،وفي كل الأحوال يجب أن يتضمن الإقرار بيان مصدر الثروة أو الزيادة فيها على حسب الأحوال)). إلا أن هذا القانون المعطل مازال ينتظر من ينفض عنه الغبار المتراكم عليه منذ خمسين عاماً.

كما أتيت لأنقل انزعاج المواطنين من شمول قوانين العفو لسارقي قوت الشعب والمال العام، ويتمنون على سيادتكم عدم التصديق على مراسيم العفو التي تقترحها الحكومة ويوافق عليها مجلس الشعب إذا كانت تتضمن العفو عن هؤلاء اللصوص بأي شكل من الأشكال إلا إذا أعادوا ما سرقوه مع التعويض إلى خزينة الدولة.

لقد كان لدي الكثير لأقوله، لكن وقت اللقاء انتهى، وسيادته كان مرتبطاً بمواعيد كثيرة. وفي نهاية حديثي أكدت أنني وجميع السوريين نطمح في أن يتم تحقيق الإصلاح والتغيير الذي ننشده جميعاً من الداخل السوري واستناداً إلى شعبنا العظيم بمشاركة مختلف قواه وفئاته بعيداً عن أي تهميش أو إقصاء، واستناداً إلى مفاهيم حقوق الإنسان التي كرستها المواثيق والعهود الدولية. بما يخدم مصلحة الوطن والمواطن أولاً وأخيراً. ثم شكرته بعمق على هذا الوقت الذي خصصه لي، وتمنيت له التوفيق في ولايته الرئاسية الجديدة لما فيه خير البلاد والعباد، بينما بدا سيادته مبتسماً ومتفهماً لما قلته، وعندما هم بالحديث رن جرس الهاتف، فأيقظني صوته، نظرت حولي بحيرة وتعجب، وإذ بي مازلت في بيتي، أيقنت عندها أن ذلك كان حلماً، ولكنه كان حلماً جميلاً.

إعلان دمشق

الاربعاء/4/تموز/2007النداء: www.damdec.org

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ